تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

السيد صالح الشهرستاني

تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

المؤلف:

السيد صالح الشهرستاني


المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٦
الجزء ١ الجزء ٢

محمد جواد مغنية ، نقلاً عن مقال منشور في عدد شباط ١٩٥٩ م من مجلة « الغد » المصرية ما نصه : « واندفعت زينب من خبائها نحو أخيها حاسرة الرأس ملتاعة وزعقت بكل قواها .. واحسيناه. ثم سقطت مغمى عليها من الحزن العميق ... ».

٩ ـ جاء في الصفحة «٦٣» من كتاب « مدينة الحسين » السلسلة الثانية المار ذكره ، نقلاً عن كتاب « الحدائق الوردية » ما عبارته : « بعث عمر بن سعد برأس الحسين مع خولى بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم في عشية عاشوراء الى عبيد الله بن زياد في الكوفة ... ».

وقال هذا المؤلف في مكان آخر من كتابه ما نصه : « وكان مع رأس الحسين رأس العباس. كما أمر عمر بن سعد بقطع رؤوس الباقين من أصحاب الحسين فقطعت وأرسلت الى الكوفة .. ».

* * *

٦١
٦٢

الفصل التاسع

بنو أسد تدفن أجساد الشهداء

ما عتمت عشية اليوم الثاني عشر من المحرم سنة ٦١ هـ ـ أي اليوم الثالث على استشهاد الامام وصحبه وآله ـ إلا وكانت قد عادت العشائر التي كانت تحيط بمنطقة القتال في كربلاء ، والتي كانت قد ضعنت موقتاً عنها بمناسبة القتال ، وهي عشائر بني عامر من قبائل بني أسد من سكان قريتي الغاضرية ونينوى ، وكانت أكثريتها تشايع آل بيت النبوة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوالي الحركة الحسينية ، فبادرت هذه العشائر فور عودتها الى التعرف على أجساد المستشهدين الزكية التي تركها ابن سعد في العراء تسفي عليها الرياح. ثم أخذ أفراد هذه العشائر يحفرون للأجساد الحفر اللازمة ، وقد دفنوا فيها أشلاءها الممزقة. وقد وصفت كتب التاريخ بايجاز حادث دفن هذه الأجساد على يد تلك العشائر. وانقل تالياً بعض المرويات عن ذلك الوصف :

١ـ جاء في الصفحة «٦٤» من كتاب « مدينة الحسين » المار ذكره ما نصه : « أجمع المؤرخون على أن قوماً من بني أسد (١) كانوا نزولاً في الغاضرية قدموا كربلاء بعد أن رحل ابن سعد فصلوا على الجثث الطاهرة ودفنوها .. ».

٢ ـ تقول رواية أخرى روتها كتب المقتل : إن نياحة الذين قاموا بدفن

__________________

(١) ينابيع المودة ٢ : ٣٥٠ ، ارشاد المفيد ٢ : ١١٤.

٦٣

أجساد الشهداء كانت عظيمة حين الدفن وبعده ، لا سيما بعض النسوة اللواتي كن يرافقن الرجال في ساحة المعركة وساعة الدفن. وهكذا لم تمرالايام والاسابيع والشهور والسنوات إلا وأصبحت تلك القبور مزارات تجرى عليها الخيرات ، وتتلى عليها المدائح ، وتقام حولها المناحات في السر والعلن ، وتتردد ذكرى هذه الفاجعة الاليمة التاريخية حول تلك القبور وفي البلدان الاسلامية بأقطارها المختلفة في جميع بقاع الأرض ، وتسير مواكب العزاء ، وينشد الرثاء ، وتمثل الواقعة ، وتجدد حوادث المجزرة الرهيبة.

* * *

٦٤

الفصل العاشر

أهل الكوفة ينوحون على الحسين عليه‌السلام وأهله

قلت في الفصل الثامن : إن عمر بن سعد بارح أرض المعركة « كربلاء » قبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم ، ومعه سبايا سيد الشهداء عليهما‌السلام من النساء والأطفال ، وفي مقدمتهم الامام العليل علي بن الحسين زين العابدين و «٧٢» رأساً من رؤوس شهداء الطف ، سائراً بهم الى الكوفة حيث قصر أميره عبيدالله بن زياد. وفيما يلي وصف لما جرى على هذه السبايا منذ وصولها الى ضواحي الكوفة ، ومدة مكوثا وحتى خروجها منها قاصدة الشام ، وما لاقاه ركب هذه السبايا من أهل الكوفة من نياحة وعزاء ومناحة :

١ـ جاء في الصفحة « ١٤٥ » من كتاب « مقتل سيد الاوصياء ونجله سيد الشهداء » المار ذكره ما لفظه : « ثم أمر عمر بن سعد بأن تسير سبايا آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الكوفة. فلما دخلت السبايا الكوفة اجتمع الناس للنظر اليها ، فأشرفت امراة من أهل الكوفة على الأسارى وسألت النساء وقالت : من أي الاسارى أنتن؟ فاجبنها نحن أسارى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنزلت من شرفتها وجمعت لهن أزرا ومقانع وضج أهل الكوفة بالبكاء. فقال لهم الامام زين العابدين : « أتنوحون وتبكون من أجلنا ، فمن الذي قتلنا »؟

وفي هذه الأثناء خطبت زينب ، ثم فاطمة بنت سيد الشهداء ، ثم أم كلثوم

٦٥

بنت الامام علي عليه‌السلام ، ثم الامام زين العابدين. وبعد كل خطبة كان الناس يضجون بالبكاء والنحيب ، ونشرت النساء شعورهن ، وخمشن وجوهن ، ولطمن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال والاطفال والنساء ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم.

٢ـ قال الشيخ المفيد في « ارشاده » ما نصه « ولما وصل رأس الحسين من كربلاء الى الكوفة ووصل ابن سعد ـ لعنه الله ـ من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وِأهله ، جلس ابن زياد للناس في قصر الامارة فأذن للناس اذنا عاما وأمر باحضار الرأس فوضع بين يديه ، فجعل ينظر اليه ويتبسم وفي يده قضيب يضرب به ثناياه ، وكان الى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو شيخ كبير ، فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فوالله الذي لا اله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لا احصيه كثرة تقبلهما ، ثم انتحب باكياً. فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك ، أتبكي لفتح الله؟ والله لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك. فنهض زيد بن أرقم وهو يقول : أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة ، والله ليقتلن خياركم ، وليستعبدن شراركم ؛ فبعداً لمن يرضى بالذل والعار .. » (١).

ويستطرد المفيد في « إرشاده » بوصف مثول بقية الأسرى من آل الحسين عليه‌السلام بين يدي ابن زياد ، وقوله لزينب : قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك. فيقول المفيد : « فرقت زينب وبكت وقالت : لعمري لقد قتلت كهلي ... » (٢) الى آخر الحديث.

__________________

(١) ليس في المصدر « وهو يقول : ايها الناس ... بالذل والعار » ، وبدلها في المصدر « من بين يديه وصار الى منزله ».

(٢) ارشاد المفيد ٢ : ١١٤.

٦٦

وقد أستمر عويل ونحيب وبكاء ونواح أهل الكوفة من الرجال والنساء على مرأى من السبايا والاسارى ، وأسقط في ايدي أهل الكوفة من هول الفاجعة وذهلوا. وقد عمت هذه النوائح على سبايا الحسين عليه‌السلام الاوساط الكوفية طيلة ايام مكوثها فيها.

٣ ـ جاء في الجزء «١ : ١٣٥» من كتاب « المجالس السنية » السابق الذكر بعد ان يذكر المؤلف تفصيل الخطبة التي ألقتها فاطمة الصغرى بنت الامام الشهيد عليه‌السلام على الكوفيين ما نصه : « وقبيل انتهائها من الخطبة ارتفعت اصوات الكوفيين بالبكاء والنحيب وقالوا : حسبك يا بنت الطيبين فقد احرقت قلوبنا ، وأنضجت نحورنا ، وأضرمت اجوافنا ، فسكتت .. » (١).

٤ ـ وفي الجزء « ١ : ١٣٢ » منه ما نصه : « لما جيء بالسبايا من أهل البيت الى الكوفة ، خطبت أم كلثوم بنت علي عليه‌السلام في ذلك اليوم من وراء كلتّها ، رافعة صوتها بالبكاء » (٢).

ثم قال المؤلف ـ بعد أن ذكر خطبتها ما عبارته : « فضج الناس بالبكاء والنحيب ، ونشر النساء شعورهن ، ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن ، ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم ... ».

ثم يستطرد الكتاب مشيراً الى خطبة الامام زين العابدين مخاطباً الناس يقول : « فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية ، وقال بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون ».

٥ ـ روى ابن طاووس الحسيني في كتابه « اللهوف في قتلى الطفوف » هذه

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٦٧.

(٢) في المصدر زيادة ( والله ).

٦٧

الرواية : « إنه لما جيء بسبايا أهل البيت الى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون. قال بشر (١) بن خزيم الاسدي : ونظرت الى زينب بنت علي عليه‌السلام يومئذ فلم أر خفرة أنطق منها ، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ، ثم قالت : الحمد لله ، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. أما بعد ، يا أهل الكوفة (٢) فلا رقأت الدمعة ولا قطعت (٣) الرنة ... » الى آخر الخطبة.

ويستطرد ابن طاووس بعد نقل الخطبة كلها ويقول نقلاً عن بشر : « فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً الى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول : بأبي أنتم وأمي ، كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى ... » (٤).

٦ ـ جاء في كتاب « الصواعق المحرقة » لابن حجر قوله : « ومن الصحابة الذين بكوا الحسين أنس بن مالك ، فانه لما حمل رأس الحسين لابن زياد في الكوفة ، جعله في طست ، وجعل يضرب ثناياه بقضيب ويدخله في أنفه ويقول : ما رأيت مثل هذا حسناً ، إنه كان لحسن الثغر. وكان عنده أنس فبكى وقال : كان أشبههم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٥).

وروى هذا الحادث الترمذي (٦) ، وكذا كتاب « تذكرة الخواص » (٧) لسبط

__________________

(١) في المصدر ( بشير ).

(٢) في المصدر زيادة ( يا اهل الختل والغدر اتبكون ).

(٣) في المصدر ( ولا هدأت ).

(٤) اللهوف في قتلى الطفوف : ٦٣.

(٥) الصواعق المحرقة : ١١٨.

(٦) صحيح الترمذي ٥ : ٦٥٩ | ٣٧٧٨.

٦٨

ابن الجوزي ، كذا البخاري (٨) عن ابن سيرين.

٧ ـ جاء في الصفحتين « ١٣٧ و ١٣٨» من كتاب « نهضة الحسين » عند وصفه وصول السبايا والأسرى الى الكوفة ما نصه : « وأهل الكوفة في عبرة وعبرة من هذا المشهد الغريب ، يضجون ويعجون مما جرى على آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيهم من يناول الأطفال بعض الخبز والتمر رأفة ورحمة. فحري بالحرة الهاشمية ـ زينب سليلة الرسول ـ أن تصرخ بهم وتقول : إن الصدقة محرمة علينا أهل البيت. ونساء الأزقة والسطوح باكيات على هؤلاء.

قال خزيمة الاسدي : دخلت الكوفة فصادفت منصرف علي بن الحسين بالذرية من كربلاء الى ابن زياد فرأيت نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبن متهتكات الجيوب ، وسمعت علي بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل قد نحل من شدة المرض : يا أهل الكوفة ، أتبكون علينا فمن قتلنا غيركم؟ ».

ويستطرد كاتب « نهضة الحسين » نقلاً عن خزيمة قوله : « فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيار يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ... ».

٨ ـ وذكرت الدكتورة بنت الشاطئ ـ وهي عائشة بنت عبد الرحمن ـ في الصفحة «٧٣٤» من « موسوعة آل النبي » ما نصه : « ودخل الموكب الكوفة. ووقفت الجموع محتشدة تشهد نساء البيت النبوي في طريقهن الى عبيد الله بن زياد ، وسمعت آهة من هنا ، وشهقة من هناك ، وكلمة من هنالك ، رثاء وعزاء. ورؤيت نساء الكوفة قياماً يندبن مخرقات الجيوب ، وبكى الباكون الكريمات المستذلات. فلم تطق زينب على ذلك صبراً ، لم تطق أن ترى أهل الكوفة يبكون الحسين وآله وهم ضحاياهم ، ويرثون للأميرات من بنات الرسول وما انتهك

__________________

(٧) تذكرة الخواص : ٢٣١.

(٨) صحيح البخاري ٥ : ٣٢ باب مناقب الحسن والحسين عليهما‌السلام.

٦٩

حرمتهن سواهم ».

ثم تستطرد بنت الشاطئ فتقول : « حتى استقرت عينا زينب على أولئك الباكين فأشارت اليهم أن اسكتوا ، فطأطأوا رؤوسهم ، خزياً وندماً على حين مضت هي تقول ... » الخ.

ثم تنقل هذه المؤلفة الباحثة فقرات من خطبة زينب في الكوفة وتقول : « قال من سمعها : فلم أر والله خفرة أنطق منها ، كأنما تفرغ عن لسان أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب. فلا والله ما أتمت حديثها حتى ضج الناس بالبكاء ، وذهلوا وسقط ما في أيديهم من هول المحنة الدهماء ... ».

٧٠

الفصل الحادي عشر

الشام ومناحتها على الحسين عليه‌السلام وأهله

وقد سارع عبيد الله بن زياد بالكتابة الى يزيد بن معاوية في الشام يعلمه بمصرع الامام الشهيد عليه‌السلام ووصول سباياه ورؤوس القتلى الى الكوفة ، فأجابه يزيد بالاسراع في إيفاد الأسرى من السبايا مع الرؤوس اليه ، فبادر ابن زياد حالاً بارسال ركب الأسرى والسبايا والرؤوس الى الشام. فبعث الرؤوس مع زجر بن قيس ، وأرسل السبايا أثر الرؤوس مع مخفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن.

ولم يكد هذا الركب الحزين يصل الى العاصمة الأموية إلا وعمت النياحات أو ساطها عليه ، كما كانت قد عمت الأوساط الكوفية وسائر المدن والنواحي والقصبات التي مر بها هذا الركب المفجع. ولقد تناقلت الروايات وصف هذه المناحات في الشام فانقل منها بعض ما يلي :

١ ـ جاء في الجزء «١ : ١٤٣» من كتاب « المجالس السنية » السالف الذكر ما نصه : « إنه عند ما أدخل ثقل الحسين عليه‌السلام وسباياه ونساؤه على يزيد بن معاوية في الشام ، وهو بين حاشيته وأعيانها ووجهائها ، وهم مقزنون في الحبال ، والامام زين العابدين عليه‌السلام مغلول. قال الامام عليه‌السلام مخاطباً يزيد : أنشدك الله ما ظنك برسول الله لو رآنا على هذه الصفة؟ فلم يبق في القوم أحد إلا وبكى. فأمر يزيد بالحبال فقطعت ، وأمر بفك الغل عن الامام زين العابدين عليه‌السلام.

ثم وضع رأس الحسين عليه‌السلام بين يدي يزيد الذي أجلس النساء خلفه لئلا

٧١

ينظرن اليه ، فجعلت فاطمة وسكينة بنتا الامام الحسين عليه‌السلام يتطاولان لينظرا الرأس ، وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس. فلما رأين الرأس صحن ، فصاحت نساء يزيد ، وولولت بنات معاوية ، فقالت فاطمة : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد؟ فبكى الناس ، وبكى أهل داره حتى علت الأصوات. وأما زينب فأنها لما رأت الرأس أهوت الى جيبها فشقته ، ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب : ياحسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يا ابن مكة ومنى ، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، يا ابن بنت المصطفى ... قال الراوي فأبكت والله كل من كان حاضراً في المجلس ويزيد ساكت ، ثم جعلت امرأة من بني هاشم كات في دار يزيد تندب الحسين وتنادي : يا حبيبا ، يا سيد أهل بيتنا ، يا ابن محمداه ، يا ربيع الأرامل واليتامى ، يا قتيل أولاد الأدعياء ، فأبكت كل من سمعها. وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين عليه‌السلام ، وهي أم سكينة بنت الحسين وأم عبد الله الرضيع المقتول بكربلاء ، فأخذت الرباب الرأس ووضعته في حجرها وقبلته ... ثم أقيمت المناحة ثلاث أيام وصالا ... ».

وكانت هذه أول مناحة عامة على الحسين عليه‌السلام وأهله وآله وصحبه تقام في الشام ، إذ إن الروايات تفيد بأن يزيد أمر بأن تقام للسبيا والأسرى دار تتصل بداره ، وكان هؤلاء مدة مقامهم في أيامهم الحزينة بالشام ينوحون على الحسين في سرهم وعلنهم.

هذا ولم تكن بنات آل البيت والهاشميات وحدهن الباكيات بل واستهن نساء بني أمية بدموعهن ، فلم تبق أموية إلا وأخذت تبكي وتنوح على الحسين عليه‌السلام وسباياه.

٢ ـ جاء في كتاب « أعلام النساء في عالمي العرب والاسلام » لمؤلفه عمر كحالة ، عند بحثه عن مجلس يزيد في الشام وحضور السبايا فيه. قوله : « ثم أخرجهن فأدخلهن دار يزيد بن معاوية ، فلم تبق امرأة من آل يزيد إلا أتتهن

٧٢

وأقمن على الحسين المناحة ثلاثاً ... » (١).

٣ ـ وصف السيد عبد العزيز سيد الأهل في مؤلفه : « زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام » كيفية وصول الامام عليه‌السلام ومعه السبايا الى الشام وصعود الامام المنبر ليخطب في الناس ، ثم يقول : « وجعل علي بن الحسين يخطب ويفتخر بأهل بيته ويسميهم باسمائهم فرداً فرداً ، ويذكر فضائلهم وأياديهم على الملة والناس ، وما زال يقول ويطنب حتى بكى الناس وانتحبوا ، وتحركوا أو كادوا. فكان أيضاً أول انتحاب ... ».

٤ ـ جاء في « موسوعة آل النبي » المار ذكرها عند ترجمة الرباب بنت امرئ القيس بن عدي زوجة الامام الحسين التي توفيت سنة ٦٢ هـ ، والتي كانت ضمن أسرى ركب سبايا الحسين الى الكوفة وفي الشام والمدينة : « إنها ـ أي الرباب ـ قد أنشدت هذين البيتين عندما أخذت رأس الحسين وقبلته ووضعته في حجرها :

واحسينا فلا نسيت حسيناً

أقصدته أسنة الأعداء

غادروه بكربلاء صريعاً

لا سقى الله جانبي كربلاء

وكانت هذه السيدة الجليلة لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً من البكاء على الحسين ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد سنة كاملة ... ».

٥ ـ وفي الجزء «١ : ١٤١» من « المجالس السنية » عند وصفه كيفية وصول السبايا الى درج باب المسجد الجامع ، في الشام ، قال المؤلف ما عبارته : « جاء شيخ وأخذ يشتم النساء والسبايا ، جابهه الامام زين العابدين بتعريف السبايا وبذكر بعض آيات القرآن الكريم ، وقال له : نحن هم الذين أشار اليهم القرآن ، فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه الى السماء وقال : اللهم أني أبرأ اليك من عدو آل محمد. ثم قال : هل لي من توبة؟ فقال له الامام : نعم إن تبت تاب عليك الله ،

__________________

(١) أعلام النساء ٢ : ٩٧.

٧٣

وأنت معنا ، فقال : إني تائب. فبلغ يزيد ذلك فأمر به فقتل ... ».

٦ ـ في الجزء «١ : ١٤٩» من « المجالس السنية » عند وصف صعود الامام زين العابدين المنبر في الشام وإلقائه خطبة موجزة جاء ما نصه : « فلم يزل يقول الامام : أنا ، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذن فقطع عليه الكلام .. ».

٧ ـ جاء في الصفحة «٧٤٦» من « موسوعة آل النبي » في وصف مثول السبايا بين يدي يزيد ما نصه : « فهم يزيد أن يتلو الآية : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) [ الشورى : ٣٠ ] .. لكنه ما لبث أن سكت ، فقد كان صراخ النسوة يسمع من بعيد ، فاجعا مؤثراً ، عالي الرنين. ولم تكن بنات بني هاشم وحدهن الباكيات بل واستهن نساء بني أمية بدموعهن. فلم تبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين ، وأقيمت المناحة ثلاثة أيام وصالاً ثم أمر يزيد فجهزن للسفر لى المدينة في صحبة حارس أمين ، معه خيل وأعوان ».

٨ ـ في الصفحة «١٤٧» من كتاب « نهضة الحسين » عند الحديث عن اختتام مثول السبايا والأسرى بين يدي يزيد يقول مؤلفه الجليل ما لفظه : « هنا ، وفي هذه الساعة انطفأت جذوة الانتقام التي كان لهيباً يستعر في صدر يزيد من قبل. وهنا خاتمة المصائب. هنا أذن يزيد لأهل البيت النبوي بإقامة العزاء لفقد سيدهم ليالي وأياماً ، وعلت من بيوت يزيد ونسوته أصوات البكاء والعويل كحمامات الدوح يتجاوبن مع النوادب من آل الرسول على سيد شباب أهل الجنة ».

٩ ـ جاء في الصفحة «١٣٣» من كتاب « المجالس الحسينية » لمؤلفه الشيخ مغنية ، نقلاً عن كتاب « نفس المهموم » ما نصه : « إن هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين عليه‌السلام فطلقها وتزوجت يزيد. وحين دخل السبايا على يزيد في الشام حسرت هند عن رأسها وشقت الثياب ودخلت على يزيد في مجلسه تندب وتصيح ، وقالت : يا يزد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب؟ ... ».

٧٤

١٠ ـ جاء في الصفحة «١٤٢» من « المجالس السنية » ما عبارته : « روي أن بعض فضلاء التابعين وهو خالد بن معدان لما شاهد رأس الحسين عليه‌السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلما وجدوه بعد أن فقدوه وسألوه عن سبب ذلك فقال : ألا ترون ما نزل بنا؟ ثم أنشأ يقول :

جاءوا برأسك يابن بنت محمد

مترملاً بدمائه ترميلا

وكانما بك يابن بنت محمد

قتلوا جهاراً عامدين رسولا

قتلوك عطشاناً ولما يرقبوا

في قتلك التأويل والتنزيلا

ويكبرون بأن قتلت وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا (١)

١١ ـ ورد في الصفحة «١٥٣» من كتاب « إقناع اللائم » ما عبارته :

« وفي العقد الفريد (٢) عن المدائني بسنده عن الحسن البصري قال : قتل مع الحسين ستة عشر من أهل بيته والله ما كان على الأرض يومئذ أهل بيت يشبهون بهم ، وحمل أهل الشام بنات رسول الله سبايا على ظهور الابل ، فلما أدخلوا على يزيد قالت فاطمة بنت الحسين : يا يزيد ، أبنات رسول الله سبايا؟ قال : بل حرائر كرام ، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت. قالت : فدخلت اليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا متلدمة تبكي. وقالت بنت عقيل بن أبي طالب ترثي الحسين ومن أصيب معه :

عيني ابكي بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

ستة كلهم لصلب علي

قد اصيبوا وخمسة لعقيل

١٢ ـ جاء في الصفحة «٣٥٦» من تاريخ الطبري المجلد الرابع ، عند ذكره وضع رأس الحسين بين يدي يزيد في الشام ما نصه : « وقيل (٣) : إن هنداً بنت

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٧٦.

(٢) العقد الفريد ٥ : ١٣٢.

(٣) في المصدر هكذا : ( قال : فسمعت دور الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز

٧٥

عبد الله بن عامر زوجة يزيد سمعت بما يدور في مجلس زوجها فتقنعت بثوبها وخرجت ، فقالت : يا أمير المؤمنين أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟ قال : نعم ، فأعولي عليه وحدي (١) عجل عليه ابن زياد فقتله ، قتله الله ... ».

١٣ ـ جاء في الصفحة «٢١١» من « إقناع اللائم » عند بحثه عن أفراح عاشوراء لدى بعض الفرق وخاصة في الشام قوله : « والصحيح أن الذين سنوها هم بنو أمية كلهم وأتباعهم من زمن يزيد لا خصوص الحجاج. ولما دخل سهل بن سعد الصحابي الشام رآهم قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون ، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول. فقال في نفسه : ترى لاهل الشام عيداً لا نعرفه؟ ثم علم أن ذلك بسبب دخول رأس الحسين عليه‌السلام ، فعجب لذلك ».

١٤ ـ وللسيد الرضي في هذه الأعياد هذا البيت الذي أورده كتاب « اقناع اللائم » أيضاً :

كانت مآتم بالعراق تعدها

أموية بالشام من أعيادها

وكذلك لابن منير الدين الطرابلسي في رائيته المشهورة هذه الأبيات في تلك الأعياد :

وحلقت في عشر المحر

م ما استطال من الشعر

ونويت صوم نهاره

وصيام أيام أخر

ولبست فيه أجمل ثو

ب للملابس يدخر

وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء الى السحر

وغدوت مكتحلا أصا

فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطر

يق أقص شارب من عبر

* * *

__________________

وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت ).

(١) في المصدر زيادة ( على ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصريحة قريش ).

٧٦

الفصل الثاني عشر

نوح السبايا والصحابة يوم أربعين استشهاد الحسين عليه‌السلام

لقد تأكد بالروايات المتواترة أن السبايا والاسرى عرجوا بعد خروجهم من الشام على مجزرة كربلاء في اليوم العشرين من شهر صفر ، هو اليوم المصادف لمرور أربعين يوماً على مقتل الامام الحسين عليه‌السلام ومصرع آله وأصحابه ، وأقامت المناحات على الشهداء حول مصرعهم ومدفنهم بكربلا غير أن هناك خلافاً بين المؤرخين حول ان حضور ركب الاسرى والسبايا على قبول الشهداء في كربلاء هل كان في السنة نفسها ـ أي سنة ٦١ هـ ـ أو في السنة التي تلتها ، ـ أي سنة ٦٢ هـ ـ ومعظم الروايات صريحة وكثير من الأدلة ناطقة بأن ذلك قد تم في العشرين من شهر صفر سنة ٦١ هـ وهي السنة التي صرع فيها الحسين وآله بكربلاء.

هذا بالاضافة الى أن بعض الصحابة من شيعة آل علي عليه‌السلام كانوا قد توافدوا أيضاً على ساحة المعركة في ذلك اليوم ، وأقاموا العزاء والنوح فيه على تلك القبور. وصادف أن التقى ركب السبايا والأسرى بوفود الصحابة في هذه الساحة الحزينة العزلاء ، فاقام الفريقان فيها مناحة على ضحايا البغي والظلم لم يسبق لها مثيل في ذلك العصر.

وانقل فيما يلي ماتوفر لدي من هذه الروايات.

١ ـ جاء في الصفحة «٧٤٧» من « موسوعة آل النبي » عند وصف الرحلة من الشام الى المدينة ، وإلحاح دليل قافلة الأسرى والسبايا على قضاء حوائجهم

٧٧

ما نصه :

« قالت زينب للدليل مرة : لو عرجت بنا على كربلاء فأجاب الدليل محزوناً : أفعل ، ومضى بهم حتى أشرفوا على الساحة المشؤومة ، وكان قد مضى على المذبحة يومئذ أربعون يوماً ، وما تزال الأرض ملطخة ببقع من دماء الشهداء وبقية من أشلاء غضة ، عفا عنها وحش الفلاة وناحت النوائح ، وأقمن هناك ثلاثة أيام ، لم تهدأ لهن لوعة ، ولم ترفأ لهن دمعة. ثم أخذ الركب المتهك طريقه الى مدينة الرسول ... ».

٢ ـ ورد في رواية أخرى تنقلها أسناد الرواية المعتبرة مفادها : ان يزيد أمر برد السبايا والأسارى من الشام الى المدينة المنورة في الحجاز ، مصطحبين بالرؤوس ، تحت إشراف جماعة من العرفاء ، يرأسهم النعمان بن بشير الأنصاري ، فلما بلغ الركب أرض العراق في طريقه الى مدينة الرسول قالت زينب للدليل : مر بنا على طريق كربلاء ، ومضى بهم حتى أشرفوا على ساحة القتل المشؤومة وكان جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي الجليل ، وجماعة من بني هاشم ، ورجال من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وردوا العراق لزيارة قبر الحسين عليه‌السلام. فيقول في ذلك علي بن طاووس في كتابه « اللهوف » : « إن الأسارى لما وصلوا الى موضع مصرع الامام الحسين ، وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه‌السلام. فتوافدوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع عليهم أهل ذلك السواد وأقاموا على ذلك أياماً » (١).

٣ ـ أما قصة الصحابي الاشهر جابر بن عبد الله الأنصاري فتتلخص في أنه بعد أن علم بمقتل الامام الشهيد ـ وكان قد كف بصره ـ توجه من المدينة نحو

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٨٦.

٧٨

أرض كربلاء ، وعندما وصل الى قرية الغاضرية على شاطئ نهر الفرات ، اغتسل في شريعتها ، وتقمص بأطهر ثيابه ، وتطيب بسعد كان مع صاحبه عطاء ، ثم سعى نحو القبر الشريف حافي القدمين ، وعليه علامات الحزن والكآبة ، حتى وقف على الرمس الكريم ، ووقع مغشياً عليه. وعند إفاقته من غشوته سمعه عطاء يقول : « السلام عليكم يا آل الله ... » الخ.

٤ ـ جاء في الجزء «١ : ١٥١» من « المجالس السنية » ما عبارته : « لما رجع أهل البيت من الشام الى المدينة قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلاء ، فلما وصلوا الى موضع المصرع وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم (١) ورجالاً من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين ، فتوافوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا المآتم ، واجتمع عليهم أهل ذاك السواد ، وأقاموا على ذلك أياماً.

وعن الأعمش عن عطيه العوفي قال : « خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي‌الله‌عنه زائراً قبر الحسين ، فلما وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ، ثم اتزر بإزار وارتدى بآخر ، ثم فتح صرة فيها سعد فنشرها على بدنه ، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله تعالى حتى إذا دنا من القبر قال : ألمسنيه ياعطية ، فألمسته إياه فخر على القبر مغشياً عليه. فرششت عليه شيئاً من الماء ، فلما أفاق قال : يا حسين ـ ثلاثاً ـ. قال : حبيب لا يجيب حبيبه. ثم قال : وأنى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك ، وفرق بين بدنك ورأسك. أشهد أنك ابن خير النبيين ، وابن سيد المؤمنين ، وابن حليف التقوى وسليل الهدى ، وخامس آل الكسا ، وابن سيد النقبا ، وابن فاطمة سيدة النسا. ومالك لا تكون هكذا ». الى آخر كلامه.

__________________

(١) ينابيع المودة ٢ : ٣٥٣.

٧٩

ثم يستطرد الكتاب حيث يقول : « ومضى عبد جابر ليرى منهم القادمون من ناحية الشام فما كان بأسرع من أن يرجع وهو يقول : يا جابر قم واستقبل حرم رسول الله ، هذا زين العابدين قد جاء بعماته وأخواته. فقام جابر حافي الأقدام مكشوف الرأس الى أن دنا من زين العابدين ، فقال الامام عليه‌السلام : أنت جابر؟ قال : نعم يا ابن رسول الله. قال : يا جابر ها هنا والله قتلت رجالنا ، وذبحت أطفالنا ، وسبيت نساؤنا ، وحرقت خيامنا ... ».

٥ ـ جاء في الصفحة «٣٦١» من كتاب « المدخل الى موسوعة العتبات المقدسة » لجامعه جعفر الخليلي عند ترجمة حال جابر بن عبد الله الانصاري الصحابي الجليل ما نصه : « وهو ـ أي جابر ـ أول من زار الامام الحسين في كربلاء بعد أربعين يوماً من وفاته. وزيارته هذه من الزيارات المشهورة ».

٦ ـ أقول : ومنذ ذلك التاريخ ، ويوم «٢٠» صفر من كل عام أصبح يوماً مشهوداً في التاريخ الاسلامي. كما أنه صار من أعظم أيام الزيارات لقبر الحسين عليه‌السلام وشهداء الطف في كربلاء ، إذ تحتشد فيه مئات الألوف من المسلمين في مدينة كربلاء ، ويقيمون فيه المناحات الحزينة عند قبر الامام ، ويسيرون المواكب العظيمة التي تمثل ركب الامام الشهيد عليه‌السلام وتعيد ذكراه المقرحة.

هذا ويحدثنا التاريخ بأن ركب السبايا والأسرى ترك أرض كربلاء بعد بقائه فيها مدة ثلاثة أيام أو أربعة ميمّمين شطر مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحجاز.

* * *

٨٠