رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-090-0
الصفحات: ٤١٠

لزوم ستر الوجه أيضا ، لمخالفته ـ زيادة على ما مرّ ـ لإجماع العلماء ، كما عن المعتبر والذكرى والمختلف والتذكرة وغيرها (١) ، من دون أن يستثنوا أحدا ، ولعله لبعد دخول الوجه في إطلاق تلك الكتب. بل في السرائر حكى استثناء الثلاثة عن الجمل والعقود والخلاف (٢) ، وعبارة الأخير غير صريحة إلّا في استثناء الوجه خاصّة ، مدّعيا الإجماع عليه ، نعم روى نحو الصحيحين السابقين الدالين على كفاية الدرع والخمار (٣) وأفتى به صريحا ، وهما لا يستران الكفّين ولا القدمين ، كما صرّح به الأصحاب ، مستدلّين بهما لذلك على استثناء القدمين أيضا ، هذا.

وما مر من الأدلّة في كراهة النقاب للمرأة (٤) أقوى حجة على استثناء الوجه ، بل يستفاد منها كونه على الفضيلة.

(وفي) استثناء (القدمين تردّد) واختلاف بين الأصحاب :

فبين غير مستثن كالاقتصاد والكتب التي بعده (٥) ، صريحا في الأوّل ، وظاهرا فيها ، وربما نسب إلى الحلبي أيضا ، وفيه نظر ، بل ظاهر كلامه بالدلالة على الاستثناء أظهر (٦).

ومستند هذا القول ما مرّ من المعتبرين (٧) ، مضافا إلى الاحتياط في العبادة ،

__________________

والغنية.

(١) المعتبر ٢ : ١٠١ ، الذكرى : ١٣٩ ، المختلف : ٨٣ ، التذكرة ١ : ٩٢ ، وانظر جامع المقاصد ٢ : ٩٦ ، وروض الجنان : ٢١٧.

(٢) السرائر ١ : ٢٦٠ ، وهو في الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٧٦ ، والخلاف ١ : ٣٩٣.

(٣) راجع ص : ٣٧١ ـ ٣٧٣.

(٤) في ص : ٣٦٢.

(٥) راجع ص : ٣٧٤ ، وص ٣٧٥ الهامش (٥).

(٦) الكافي في الفقه : ١٣٩. وعبارته هكذا : أقلّ ما يجزى الحرّة البالغة درع سابغ إلى القدمين وخمار.

(٧) راجع ص ٣٧٤.

٣٨١

وكون جسدها عورة ، وخصوص الصحيح : عن المرأة ليس لها إلّا ملحفة واحدة كيف تصلّي؟ قال : « تلتفّ فيها وتغطّي رأسها وتصلّي ، فإن خرجت رجلها وليست تقدر على غير ذلك فلا بأس » (١).

وبين من استثنى وجعل (أشبهه الجواز) أي جواز الصلاة من غير سترهما ، وهم عامّة متأخّري أصحابنا ، وفاقا للمبسوط والحلي (٢) ، وادعى جماعة عليه الشهرة والأكثرية المطلقة إلى حدّ الاستفاضة (٣).

للنصوص المكتفية بالدرع [ والخمار ] بالتقريب الذي عرفته (٤) ، مع ضعف ما قابلها من الأدلّة المتقدّمة بما عرفته ، عدا الاحتياط والرواية الأخيرة.

ويمكن الجواب عنهما بعدم إفادة الأوّل سوى الاستحباب ، كما هو ظاهر الأصحاب ، سيّما مع ظهور ما مرّ من النصوص في عدم لزوم سترهما ، وبالجملة فيعارض بالأصل ، والنصوص المزبورة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي هي من المتأخرين إجماع في الحقيقة.

والرواية وإن كانت صحيحة لكنها غير صريحة في المخالفة ، بل ولا ظاهرة ، لأن المفهوم منها البأس ، وهو أعم من المنع والكراهة ، ولا شبهة فيها ، مع احتمال الرجل فيها ما فوق القدم أو مجموعهما. وعلى تقدير الظهور في المنع والقدم خاصّة يمكن حملها على الاستحباب ، جمعا بينها وبين النصوص المكتفية بالدرع [ والخمار ] الظاهرة في عدم لزوم سترهما بالتقريب المتقدم.

وما يقال عليه : من أن ذلك يتم لو علم من ثياب النساء في وقت خروج‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٤٤ / ١٠٨٣ ، الوسائل ٤ : ٤٠٥ أبواب لباس المصلي ب ٢٨ ح ٢.

(٢) المبسوط ١ : ٨٧ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٦٠.

(٣) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٩٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٧ ، والعلامة المجلسي في البحار ٨٠ : ١٧٩ ، وصاحب الحدائق ٧ : ٧.

(٤) راجع ص : ٣٧٤.

٣٨٢

هذه الأخبار كانت على ما يدّعونه من عدم سترها الكفين والقدمين ، ولم لا يجوز أن دروعهن كانت مفضية إلى ستر أيديهنّ وأقدامهنّ ، كما هو مشاهد الآن في نساء أعراب الحجاز ، بل أكثر بلدان العرب.

فيمكن دفعه بأن ما ذكر من الاحتمال وإن كان ممكنا إلّا أن ورود الروايات عليه بعيد جدّا ، ولذا لم يحتمله أحد من الأصحاب فيها ، بل استدلّوا بها من دون تزلزل أصلا مع أنهم أكثر اطّلاعا وعلما بثياب نساء العرب في زمانهم وزمان صدور الروايات جدّاً.

والذي نشاهد من نساء العرب في زماننا هذا عدم ستر دروعهنّ لأقدامهنّ أصلا ولو كانت واسعة ذيلا ، بل لو زاد السعة إلى جرّ الأذيال على الأرض لم تستر الأقدام بجميعها ، بل يبدو منها شي‌ء ولو رؤوسها ، سيّما حالة المشي.

ومنه يظهر الجواب ولو سلم ورود تلك الروايات على ذلك الاحتمال ، لأنها تدل حينئذ أيضا على عدم لزوم ستر جزء من القدمين ، ولا قائل بالفرق في البين ، فتأمّل جدّاً.

هذا ، مع أن ورود الروايات على ذلك الاحتمال يستلزم الدلالة على لزوم ستر جميع الكفّين والقدمين ، وهو كمال الستر الواجب إجماعا ، مع أنّ في بعض الصحاح المتقدمة (١) كون القميص والدرع أدنى ما تستر به المرأة عورتها ، ولا يخفى التنافي بينهما.

ولو سلّم عدم المنافاة قلنا : يكفي في ردّ هذا الاحتمال ـ زيادة على ما مرّ ـ دلالة النصوص (٢) الآتية في بحث النكاح ـ تفسيرا ل‍ : « ما ظهر منها » في الآية الشريفة (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها) (٣) بأنه الوجه والكفّان ، وزيد‌

__________________

(١) في ص : ٣٧٤.

(٢) انظر الوسائل ٢٠ : ٢٠٠ أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٠٩.

(٣) النور : ٣١.

٣٨٣

في بعضها القدمان أيضا ، وظاهر الكليني القول به (١) ، وإن لم أقف على من عداه قائلا به ـ على خلافه ، وهو كون الوجه والكفّين والقدمين من مواضع الزينة الظاهرة ، ولم يتمّ ذلك إلّا على تقدير كون دروعهن يومئذ غير ساترة للمواضع المزبورة.

وبالجملة : فما عليه المتأخّرون كافّة في غاية القوّة ، سيّما مع إمكان إثباته بوجه آخر ، وهو عدم القائل بالفرق بين الكفّين والقدمين منعا وجوازا ـ كما يستفاد من تتبّع الفتاوى ـ عدا الماتن ، حيث فرّق بينهما ، فحكم بالاستثناء في الأوّلين قطعا ، وفي الأخيرين متردّدا ، ولكن أثر هذا التردّد هيّن بعد التصريح بعده بالجواز كما عليه الأصحاب. وحيث ثبت عدم القول بالفرق توجّه إلحاق القدمين بالكفّين في الاستثناء ، لثبوته فيهما بما قدّمناه من الإجماعات المحكية حدّ الاستفاضة ، فثبت الاستثناء في القدمين أيضا لما عرفت من عدم القائل بالفرق أصلا.

ثمَّ إن ظاهر العبارة ـ ككثير ، وصريح جماعة (٢) ـ عدم الفرق في القدمين بين ظاهرهما وباطنهما. ولعلّه الأقوى ، للأصل ، وعدم دليل على وجوب ستر باطنهما عدا : دعوى كون القدمين عورة ، خرج الظاهر بظواهر النصوص المكتفية بالدرع والخمار (٣) وكونه مجمعا عليه بين القائلين بالجواز ، ويبقى الباطن داخلا ، لكونه مستورا بالأرض حالة القيام ، وبالدرع حالة الجلوس والسجود ، وإنما ينكشف عن الدرع الظاهر في الحالة الاولى ، فلا يمكن إدخاله في ظاهر النصوص المزبورة جدّاً.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٢١.

(٢) منهم الشهيد الأول في الدروس ١ : ١٤٧ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٩٧ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٧.

(٣) المتقدمة في ص : ٣٧٤.

٣٨٤

كما لا يمكن دعوى الوفاق من القائلين بالجواز عليه أيضا ، لمكان الخلاف ومصير جمّ غفير إلى وجوب ستر الباطن لذلك.

وقد عرفت ما فيها.

مع إمكان المناقشة في دعوى عدم دخوله في النصوص المخرجة للظاهر ، بناء على انكشاف الباطن عن الدرع الذي ينكشف عنه الظاهر حالة المشي جدّا ، ولعلّه لذا جعل القدمان بقول مطلق من مواضع الزينة الظاهرة في بعض الروايات (١).

ولكن الأحوط ستره ، بل ستر الظاهر ، بل الكفّين أيضا ، مع تفاوت مراتبه شدّة وضعفاً.

وأما ستر الشعر والعنق فظني كونه مجمعا عليه ، وإن تأمّل فيه نادر (٢) ، لشذوذه ، ومخالفته لإطلاق النصوص والفتاوى بكون بدن المرأة جملتها عورة ، وقد مرّ دعوى جماعة الإجماع عليه من العلماء كافة من غير استثناء لهما بالمرة وإن استثنوا غيرهما كما عرفته (٣). والمراد من البدن ما يعمّ الشعر ، لتصريحهم بلزوم نحو الخمار الساتر للشعر جدّا ، ولو كان مرادهم بالجسد ما يقابل الشعر لما كان لأمرهم بلزوم الخمار وجه ، لستر الشعر جلد الرأس جدّا ، فكان فيه غنى عن الخمار الساتر قطعاً.

ومع ذلك النصوص مستفيضة ـ كادت تبلغ التواتر ، بل لعلّها متواترة ـ بلزوم سترهما عن الأجنبي ، بل في الصلاة أيضا ، كما مرّ في أخبار الخمار (٤) ، فإن خمر نساء العرب اللواتي هنّ موردها تسترهما قطعا ، وليس الأمر بسترهما‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٢١ / ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠١ أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٠٩ ح ٢.

(٢) انظر المدارك ٣ : ١٨٩ ، والكفاية : ١٦.

(٣) راجع ص : ٣٧٣.

(٤) في ص : ٣٧٤.

٣٨٥

عن الأجنبي إلّا لكونهما من العورة المأمور بسترها في الصلاة بإجماع العلماء كافّة ، كما عرفت نقله من جماعة حدّ الاستفاضة.

مضافا إلى التأييد ببعض المعتبرة : « صلّت فاطمة عليها‌السلام في درع وخمار ، وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها » (١). بل ربما استدل به على ذلك.

وأما الاستدلال به على عدم لزوم ستر العنق (٢) فضعيف في الغاية ، لقصور السند ، وعدم المقاومة لما مرّ من الأدلّة ، مع احتمال ضعف في الدلالة بوروده مورد الضرورة ، بل قيل : بأنها ظاهرة (٣) ، ولا يخلو عن مناقشة.

بل يمكن أن يقال : إن المراد بقوله : « ليس عليها أكثر » إلى آخره ، بيان عدم وجوب نحو الإزار زيادة عن الخمار والدرع ، وإلّا لالتفّت بها صلوات الله عليها ، وليس فيه أنه ما كان على رأسها من الخمار إلّا قدر قليل تستر به الشعر الذي فوق الأذنين خاصة ، بل ظاهر قوله : « وارت شعرها » كون خمارها عليها‌السلام كالخمر المتعارفة أو دونها بحيث يستر الشعر المنسدل على الكتفين والعنق غالبا ، وليس فيه أنها عليها‌السلام جمعت الشعر كله تحت ذلك الخمار ، وحينئذ يكون الخمار المزبور ساترا للعنق أيضا ، لاستلزام ستر الشعر المنسدل عليه ستره قطعا ، فتأمّل جدّاً.

(والأمة والصبية) غير البالغة (تجتزيان بستر الجسد) خاصة ، ولا يجب عليهما ستر الرأس إجماعا من العلماء كافة إلّا الحسن البصري ، كما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٧ / ٧٨٥ ، الوسائل ٤ : ٤٠٥ أبواب لباس المصلي ب ٢٨ ح ١ وفيهما : وخمارها على رأسها.

(٢) كما في المدارك ٣ : ١٩٠.

(٣) كما في الحدائق ٧ : ١٤.

٣٨٦

حكاه الشيخ في الخلاف والفاضلان والشهيدان والمحقق الثاني (١).

والصحاح به مع ذلك مستفيضة ، مضافا إلى غيرها من المعتبرة (٢) ، لكن أكثرها مختصّة بالأمة.

وأما الصبيّة فقد استدل على عدم الوجوب في حقها جماعة (٣) بأنه تكليف وليست من أهله.

وبالموثق : « لا بأس بالمرأة المسلمة الحرّة أن تصلّي وهي مكشوفة الرأس » (٤) بحمله على الصغيرة.

وفيهما نظر ، لضعف الأوّل بابتنائه على كون المراد بالوجوب الشرعي لا الشرطي ، ويحتمل الثاني وهي من أهله ، ويكون حال الستر في حقها كاشتراط الوضوء وغيره في صلاتها.

والثاني : بظهوره في البالغة ، كما يحكى القول بمضمونه عن الإسكافي (٥) ؛ نظرا إلى تضمنه لفظ المرأة التي لا تطلق حقيقة إلّا على البالغة.

وحمله على الصغيرة وإن أمكن ـ جمعا بينه وبين الأدلّة المتقدّمة على وجوب ستر الرأس على الحرة البالغة ، لرجحانها عليه من وجوه عديدة ، وبها يضعف مذهب الإسكافي ـ إلّا أن الجمع غير منحصر في ذلك ، لاحتماله الحمل على‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٩٦ ، المحقق في المعتبر ٢ : ١٠٣ ، العلامة في المنتهى ١ : ٢٣٧ ، الشهيد الأول في الذكرى : ١٤٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٧ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٩٨.

(٢) الوسائل ٤ : ٤٠٩ أبواب لباس المصلي ب ٢٩.

(٣) منهم : الشيخ في التهذيب ٢ : ٢١٨ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٩٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٨٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢١٨ / ٨٥٧ ، الاستبصار ١ : ٣٨٩ / ١٤٨١ ، الوسائل ٤ : ٤١٠ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ٥.

(٥) نقله عنه في المختلف : ٨٣.

٣٨٧

الضرورة ، أو التخلّي عن الإزار والملحفة. أو على أن المراد أنه لا بأس بها أن تكون بين يدي المصلي مكشوفة الرأس ويكون صيغة « تصلّي » خطابا لا غيبة.

والأجود الاستدلال عليه بالأصل ، وعدم دليل على اشتراط الستر في حقها ، لظهور ما دلّ على اشتراط الستر في ستر ما هو عورة خاصة ، وكون رأس الصبية قبل البلوغ عورة غير معلوم من الشريعة.

هذا ، مضافا إلى الإجماع المحكيّة (١) ، وفي الخبر : « على الجارية إذا حاضت الصيام والخمار ، إلّا أن تكون مملوكة فإنه ليس عليه خمار إلّا أن تحبّ أن تختمر ، وعليها الصيام » (٢).

ولا فرق في الأمة بين المملوكة ، والمدبّرة ، والمكاتبة المشروطة ، والمطلقة التي لم تؤدّ شيئا من المكاتبة ، وأمّ الولد مطلقا ولو كان ولدها حيّا وسيّدها باقيا ، كما يقتضيه إطلاق العبارة وغيرها وأكثر النصوص ، وبه صرّح جماعة ، ومنهم الشيخ في الخلاف ، لكن في أمّ الولد خاصّة ، مدّعيا عليه إجماع الإماميّة (٣) ، وهو الحجة بعد الإطلاقات.

مضافا إلى الصحيح : « ليس على الأمة قناع في الصلاة ، ولا على المدبّرة ، ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها قناع في الصلاة ، وهي مملوكة حتى تؤدّي جميع مكاتبتها » إلى أن قال : وسألته عن الأمة إذا ولدت عليها الخمار؟

قال : « لو كان عليها لكان عليها إذا حاضت ، وليس عليها التقنّع في الصلاة » (٤).

وأما الصحيح : الأمة تغطّي رأسها؟ فقال : « لا ، ولا على أمّ الولد أن‌

__________________

(١) المتقدمة في ص : ٣٨١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٨١ / ٨٥١ ، الوسائل ٤ : ٤٠٩ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ٣.

(٣) الخلاف ١ : ٣٩٧.

(٤) الفقيه ١ : ٢٤٤ / ١٠٨٥ ، ١٠٨٦ ، علل الشرائع : ٣٤٦ / ٣ ، الوسائل ٤ : ٤١١ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ٧.

٣٨٨

تغطّي رأسها إذا لم يكن لها ولد » (١).

فمع قصوره عنه المقاومة لما سبق من وجوه ، دلالته بعموم المفهوم القابل للتخصيص بما بعد وفاة المولى مع كون ولدها حيا. ويحتمل مع ذلك الحمل على التقيّة ، فقد حكاه في الخلاف عن مالك وأحمد (٢).

ويلحق العنق بالرأس هنا في عدم وجوب الستر ، كما صرّح به جماعة (٣) ، لأنه الظاهر من نفي وجوب الخمار عليهن ، قيل : ولعسر ستره من دون الرأس (٤).

أقول : ويدلّ عليه صريح الخبر المروي في قرب الإسناد : عن الأمة هل يصلح لها أن تصلّي في قميص واحد؟ قال : « لا بأس » (٥).

(وستر الرأس مع ذلك أفضل) كما عليه الفاضلان هنا وفي المعتبر والتحرير والمنتهى ، وحكي عن صريح ابني زهرة وحمزة والجامع وشرح الكتاب والتذكرة وظاهر المهذب والمراسم (٦). قيل : لأنه أنسب بالخفر والحياء ، وهو مطلوب من الإماء كالحرائر (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢١٨ / ٨٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣٩٠ / ١٤٨٣ ، الوسائل ٤ : ٤١٠ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ٤.

(٢) الخلاف ١ : ٣٩٨.

(٣) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٩٨ ، وصاحب المدارك ٣ : ١٩٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٨٨ ، وصاحب الحدائق ٧ : ١٩.

(٤) قال به صاحب المدارك ٣ : ١٩٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٨٨.

(٥) قرب الإسناد : ٢٢٤ / ٨٧٦ ، الوسائل ٤ : ٤١٢ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ١٠.

(٦) المعتبر ٢ : ١٠٣ ، التحرير ١ : ٣١ ، المنتهى ١ : ٢٣٧ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٨٩ ، الجامع للشرائع : ٦٥ ، شرح الكتاب ، هو أحد شروح النافع ، ولا نعلم أيّ شرح أراد منه ، التذكرة ١ : ٩٣ ، المهذّب ١ : ٨٤ ، المراسم : ٦٤.

(٧) كما قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٨٨.

٣٨٩

ولا بأس به على القول بالمسامحة في السنن وأدلّتها ، ويشكل على غيره ، لقصور التعليل عن إفادة الحكم الشرعي على هذا التقدير ، مع عدم نص فيه (١) كما اعترف به الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتحرير وغيرهما (٢). ولذا اختار جماعة العدم (٣) ، بل وفي الدروس روى استحبابه وأشار بها إلى ما رواه في الذكرى (٤) ، وروي عن المحاسن والعلل للصدوق رحمه‌الله أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في المملوكة تقنّع رأسها إذا صلّت؟ قال : « لا ، قد كان أبي عليه‌السلام إذا رأى الخادمة تصلّي مقنّعة ضربها لتعرف الحرة من المملوكة » (٥).

أقول : وظاهره التحريم كما هو ظاهر الصدوق (٦). ولكنه ضعيف ، لضعف السند بالجهالة ، مع احتمال الحمل على التقية كما يشعر به نسبته ضربهن إلى أبيه عليه‌السلام ، ويعضده نقل ذلك عن عمر أنه ضرب أمة لآل أنس رآها مقنّعة وقال : اكشفي ولا تشبّهي بالحرائر (٧).

ومنه يظهر ضعف القول باستحباب الكشف أيضا ، لظهور الخبر في الوجوب مع عدم قابليّته للحمل على الندب بطريق الجمع ، لمكان الضرب الذي لا يفعل بتارك المستحب ، فلم يبق محمل له غير التقية ، كما يستفاد مما‌

__________________

(١) في « ح » زيادة : بخصوصه.

(٢) المعتبر ٢ : ١٠٣ ، المنتهى ١ : ٢٣٧ ، التحرير ١ : ٣١ ، وانظر المدارك ٣ : ١٩٩ ، وكشف اللثام ١ : ١٨٨.

(٣) كالشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٧ ، وصاحب المدارك ٣ : ١٩٩ ، وانظر الذكرى : ١٤٠.

(٤) الدروس ١ : ١٤٧ ، الذكرى : ١٤٠ ، الوسائل ٤ : ٤١٢ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ١١.

(٥) المحاسن : ٣١٨ / ٤٥ ، علل الشرائع : ٣٤٥ / ٢ ، الوسائل ٤ : ٤١١ أبواب لباس المصلي ب ٢٩ ح ٩.

(٦) علل الشرائع : ٣٤٥ ب ٥٤.

(٧) انظر المغني والشرح الكبير ١ : ٦٧٤.

٣٩٠

مر.

مضافا إلى المروي في الذكرى : عن الأمة تقنّع رأسها؟ فقال : « إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل ، سمعت أبي يقول : كنّ يضربن فيقال لهن : لا تشبّهن بالحرائر » (١).

وظاهره التسوية كباقي النصوص النافية لوجوب التقنّع عنهن. ويمكن حملها على التسوية في الإجزاء ، فلا ينافي فضيلة الستر ، كما هو المشهور بين الطائفة.

(الثالثة : يجوز الاستتار في الصلاة بكل ما يستر به العورة كالحشيش وورق الشجر والطين) بلا خلاف فيه بيننا في الجملة ، وإن اختلف في جواز الستر بالحشيش وما بعده مطلقا ، كما في ظاهر العبارة وغيرها ، أو بشرط فقد الثوب وإلّا فتعين. ولا دليل على شي‌ء منهما يعتدّ به ، ولا ريب أن الثاني أحوط ، وأحوط منه عدم الستر بالطين إلّا مع فقد سابقيه ، بل قيل بتعينه (٢).

(ولو لم يجد) المصلي (ساترا) مطلقا لم يسقط عنه الصلاة إجماعا كما في المنتهى والذكرى وغيرهما (٣) ، بل (صلّى عاريا قائما موميا) للركوع والسجود ، جاعلا الإيماء فيه أخفض منه في الأوّل.

وقوله (إذا أمن المطّلع) ـ يعني الناظر المحترم ـ شرط لقوله : قائما ، بدلالة قوله (ومع وجوده) أي المطّلع (يصلّي جالسا موميا للركوع والسجود) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامة من تأخّر إلّا من ندر (٤).

للمرسل كالصحيح : في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة ، قال :

__________________

(١) تقدّم مصدره في ص ٣٨٥ الهامش (٤).

(٢) قرّبه الشهيد في الذكرى : ١٤١.

(٣) المنتهى ١ : ٢٣٨ ، الذكرى : ١٤١ ، وانظر المدارك ٣ : ١٩٤.

(٤) انظر المدارك ٣ : ١٩٥.

٣٩١

« يصلّي عريانا قائما إن لم يره أحد ، فإن رآه أحد صلّى جالسا » (١). ونحوه غيره (٢).

وبه يجمع بين النصوص الآمرة بالقيام مطلقا ، كالصحيح : « وإن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم » (٣).

والصحيح : « وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائما » (٤).

والآمرة بالجلوس كذلك كالصحيح : « يصلّي إيماء ، وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها ، وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ، ثمَّ يجلسان فيومئان إيماء ، ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما ، تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما » (٥).

والصحيح : عن قوم صلّوا جماعة وهم عراة قال : « يتقدّمهم الإمام بركبتيه ويصلّي بهم جلوسا وهو جالس » (٦) ونحوه الموثق (٧).

بحمل الأوّلة على صورة الأمن من المطّلع والأخيرة على غيرها ، مع ظهور الأخيرين منها فيه جدّاً.

خلافا للمرتضى ، فأطلق الأمر بالجلوس في المصباح والجمل ، كالصدوق في الفقيه والمقنع ، والشيخين في المقنعة والتهذيب فيما حكي‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٦ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ١٦٨ / ٧٩٣ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٥ ، الوسائل ٤ : ٤٤٨ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٦ / ٧٨٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ / ١٥١٩ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٤.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٦ / ١٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ / ١٥١٢ ، الوسائل ٤ : ٤٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٦.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٣ ، الوسائل ٤ : ٤٥٠ أبواب لباس المصلي ب ٥١ ح ١.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٤ ، الوسائل ٤ : ٤٥١ أبواب لباس المصلي ب ٥١ ح ٢.

٣٩٢

عنهم (١) ، أخذا بالأخبار الأخيرة.

وفيه ما عرفته ، مضافا إلى مخالفته الأصول الدالة على وجوب القيام ، السليمة عن المعارض في صورة الأمن من المطّلع.

وللحلّي ، فعكس (٢) ، وأخذ بالأخبار الأوّلة ، والأصول المزبورة.

وفي الأخبار : ما عرفته ، وفي الأصول : إنها معارضة في صورة عدم الأمن من المطّلع بما دلّ من الأصول الأخر على لزوم الستر عن الناظر المحترم ، وبعد التعارض لا بدّ من الترجيح ، وهو مع الأخيرة ، للشهرة المرجّحة ، مضافا إلى الأخبار الأخيرة والرواية المفصّلة. مع أنه شاذّ لم ينقل خلافه جماعة ، بل ادّعى في الخلاف على خلافه ـ وهو لزوم الجلوس مع عدم الأمن من الناظر ـ إجماع الإمامية (٣).

وللمعتبر وبعض من تأخر (٤) ، مخيّرا بين الأمرين ، لتعارض الأخبار من الطرفين ، وعدم مرجّح لأحد المتعارضين ، مع ضعف المفصّلة.

وفيه نظر ، لانجبار الضعف بما مرّ ، مضافا إلى عمل الأكثر ، مع أنها مروية في المحاسن بطريق صحيح (٥) ، وإن قيل فيه أيضا شائبة الإرسال (٦).

واعلم : أن النصوص الآمرة بالإيماء للركوع والسجود في كل من حالتي القيام والجلوس زيادة على ما مر كثيرة ، مع التصريح في جملة منها بكونه‌

__________________

(١) حكاه عن المصباح في المعتبر ٢ : ١٠٤ ، جمل العلم والعمل « رسائل السيد المرتضى ٣ : » ٤٩ ، الفقيه ١ : ٢٩٦ ، المقنع ٣٦ ، المقنعة : ٢١٦ ، التهذيب ٣ : ١٧٨ ، وحكاه عن الجميع في كشف اللثام ١ : ١٨٩.

(٢) السرائر ١ : ٢٦٠.

(٣) الخلاف ١ : ٤٠٠.

(٤) المعتبر ٢ : ١٠٥ ، وانظر المدارك ٣ : ١٩٥.

(٥) المحاسن : ٣٧٢ / ١٣٥ ، الوسائل ٤ : ٤٥٠ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ٧.

(٦) كشف اللثام ١ : ١٨٩.

٣٩٣

بالرأس ، وجعله للسجود أخفض منه للركوع (١) ، وبه صرح أكثر الأصحاب من غير خلاف يعرف ، إلّا من ابن زهرة ، فنصّ على أن الإيماء إذا صلّى جالسا ، فإن صلّى قائما ركع وسجد (٢).

ونحوه عن الفاضل في النهاية ، لكن متردّدا في الأخيرة مستقربا الإيماء فيه أيضا (٣).

قيل : ووجه فرقهما بين الحالتين الأمن حال القيام (٤) ، فلا وجه لترك الركوع والسجود ، بخلاف حالة الجلوس لعدم الأمن فيها.

وفيه ـ بعد تسليمه ـ أنه اجتهاد في مقابلة النص المعتبر.

والديلمي ، فلم يذكره أصلا (٥). وكذا الشيخ وابن حمزة والقاضي ، فلم يذكروه أيضا إلّا في صلاة العراة جماعة ، فأوجبوا الإيماء على الإمام خاصّة (٦) ، قيل : وعليه الإصباح والجامع (٧).

للموثق : « يتقدّمهم إمامهم يجلس ويجلسون خلفه ، فيومئ بالركوع والسجود ، وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم » (٨).

ورجّحه الفاضلان في المعتبر والمنتهى ، والشهيد في الدروس (٩) ، لقوّة الموثّق. قال في المنتهى : لا يقال : إنه قد ثبت أن العاري مع وجود غيره يصلّي‌

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٤٤٨ أبواب لباس المصلي ب ٥٠.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦١.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ٣٦٨.

(٤) كشف اللثام ١ : ١٩٠.

(٥) المراسم : ٧٧ ، ٨٧.

(٦) الشيخ في النهاية : ١٣٠ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٠٧ ، القاضي في المهذّب ١ : ١١٦.

(٧) حكي عنهما في كشف اللثام ١ : ١٩٠ ، وانظر الجامع للشرائع : ٩١.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٤ ، الوسائل ٤ : ٤٥١ أبواب لباس المصلي ب ٥١ ح ٢.

(٩) المعتبر ٢ : ١٠٧ ، المنتهى ١ : ٢٤٠ ، الدروس : ١ : ١٤٩.

٣٩٤

بالإيماء ، لأنّا نقول : إنما ثبت ذلك فيما إذا خاف من المطّلع ، وهو مفقود هاهنا ، إذ كل واحد منهم مع سمت صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي الركوع والسجود.

وفي الذكرى : أن الظاهر اختصاص الحكم بأمنهم المطّلع ، وإلّا فالإيماء لا غير ، واطّلاع بعضهم على بعض غير ضائر ، لأنهم في حيّز التستّر باعتبار التضامّ واستواء الصفّ ، قال : ولكن يشكل بأن المطّلع هنا إن صدق وجب الإيماء وإلّا وجب القيام. ويجاب : بأن التلاصق في الجلوس أسقط اعتبار القيام (١) ، فكأنّ المطّلع موجود حالة القيام وغير معتدّ به حال الجلوس (٢).

وأوجب المفيد والمرتضى والحلي (٣) الإيماء على الجميع ، كما يقتضيه إطلاق العبارة وكثير ، بل ادّعى الأخير عليه الإجماع ، لعموم أدلّته وكثرتها ، ومنها الصحيحة الاولى من الأخبار الأخيرة (٤) ، فإنها ظاهرة في المنع عن الركوع والسجود مطلقا ، وإن اختص ظاهر موردها بصلاة المنفرد ، لعموم التعليل فيها بقوله : « فيبدو ما خلفهما » وهو ظاهر في أن علّة المنع إنما هو بدوّ الخلف ، ولا يختلف فيه الحال في الجماعة والانفراد ، وهي أصح من الموثقة (٥) ، معتضدة بإطلاق غيرها أيضا ، مع إطلاق كثير من الفتاوى وصريح جملة منها ، فالعمل بها أقوى.

قال في الذكرى ـ معترضا على الموثقة ـ : إنه يلزم من العمل بها أحد‌

__________________

(١) في المصدر : الاطّلاع.

(٢) الذكرى : ١٤٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ٢١٦ ، المرتضى في جمل العلم والعمل « رسائل السيد المرتضى ٣ : » ٤٩ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٦٠.

(٤) المتقدمة في ص : ٣٨٧.

(٥) المتقدمة في ص : ٣٨٩.

٣٩٥

الأمرين ، إما اختصاص المأمومين بعدم الإيماء مع الأمن ، أو عمومه لكل عار أمن ، ولا سبيل إلى الثاني ، والأوّل بعيد (١).

قلت : مع احتمال ركوعهم وسجودهم بوجوههم فيها ركوعهم وسجودهم على الوجه الذي لهم ، وهو الإيماء ، ولذا نقل عن نهاية الإحكام أنها متأوّلة (٢).

وفي التحرير والمختلف والتذكرة (٣) التردد ، ولا وجه له لما عرفته.

وإطلاق النص والفتوى يقتضي جواز الصلاة عاريا ولو أول الوقت مطلقا ، كما عليه الأكثر.

خلافا لجماعة ، فأوجبوا التأخير ، إما مطلقا ، كما عليه جملة منهم (٤) ، أو بشرط رجاء حصول الساتر وإلّا فيجوز التقديم (٥).

وهو أحوط ، بل لا يترك مهما أمكن ، ففي الخبر المروي عن قرب الإسناد : « من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلّي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثيابا ، فإن لم يجد صلّى عاريا جالسا يومئ إيماء ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ، فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثمَّ صلّوا كذلك فرادى » (٦).

وضعف السند والدلالة مجبور بموافقة الأصل والقاعدة الدالّين على اشتراط الستر في الصلاة بقول مطلق ، فيجب تأخيرها لتحصيله ولو من باب المقدمة.

__________________

(١) الذكرى : ١٤٢.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٣٧١.

(٣) التحرير ١ : ٣٢ ، المختلف : ٨٤ ، انظر التذكرة ١ : ٩٤.

(٤) كالسيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٤٩ ، والدّيلمي في المراسم : ٧٦.

(٥) كما ذهب إليه المحقق في المعتبر ٢ : ١٠٨ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٣٩ ، واستحسنه في المدارك ٣ : ١٩٦.

(٦) قرب الإسناد : ١٤٢ / ٥١١ ، الوسائل ٤ : ٤٥١ أبواب لباس المصلي ب ٥٢ ح ١.

٣٩٦

وكذا لا يقدح تضمّنه لما لا يقول به أحد : من تعيّن الصلاة فرادى ، مع أن استحباب الجماعة لهم أيضا متفق عليه ظاهرا ، إلّا من الصدوق في الفقيه في باب صلاة الخوف والمطاردة ، فأفتى بمضمون الرواية (١) ، وبالإجماع صرّح في الذكرى (٢).

فإنّ خروج جزء الحديث عن الحجية لا يوجب خروجه عنها طرّا ، وإن هو حينئذ إلّا كالعامّ المخصّص حجّة في الباقي. مع عدم صراحته في المنع عن الجماعة بعد احتمال اختصاصه بما إذا لم يريدوها ، أو إذا لم يكن لهم من يصلح أن يكون إماما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٩٦.

(٢) الذكرى : ١٤٢.

٣٩٧
٣٩٨

فهرس الجزء الثاني

الطهارة الترابيّة

مسوّغات التيمّم :

عدم وجدان الماء............................................................ ٧

عدم الوصلة إلى الماء........................................................ ٨

حصول مانع من استعمال الماء................................................ ٩

وجوب شراء الماء......................................................... ١٠

عدم وجوب شراء الماء إذا أضرّ في الحال..................................... ١١

جواز التيمّم عند خوف العطش............................................. ١٢

وجوب التيمم على من كان عنده من الماء قدر إزالة الخبث.................... ١٢

وجوب التيمّم بدلّا عن الغسل على من كان عنده من الماء قدر الوضوء.......... ١٣

وجوب تيمّم الميت إذا لم يوجد الماء لغسله................................... ١٣

ما يتيمّم به :

حكم التيمّم بغير التراب................................................... ١٤

٣٩٩

عدم جواز التيمم بغير الأرض.............................................. ١٧

عدم جواز التيمم بالمعادن.................................................. ١٨

جواز التيمم بأرض النورة والجصّ.......................................... ١٨

كراهة التيمّم بأرض السبخة والرمل........................................ ١٩

حكم التيمم بالحجر....................................................... ٢٠

حكم التيمم بالخزف...................................................... ٢١

التيمم بالغبار مع فقد الصعيد............................................... ٢٢

التيمم بالوحل مع فقد الغبار............................................... ٢٤

سقوط فرض الصلاة مع فقد الوحل......................................... ٢٥

كيفيّة التيمّم

عدم صحّة التيمم قبل دخول الوقت........................................ ٢٧

حكم التيمم في سعة الوقت................................................ ٢٧

أدلّة القائلين بوجوب تأخير التيمم إلى آخر الوقت والجواب عنها............... ٢٧

أختصاص المسح بالجبهة................................................... ٣٢

اختصاص المسح بظاهر الكفين............................................. ٣٥

الأقوال في عدد الضربات.................................................. ٣٦

دليل القول بالتفصيل بين البدل من الوضوء والغسل........................... ٣٧

تقوية القول بوحدة الضرب مطلقاً.......................................... ٣٩

وجوب النيّة.............................................................. ٤٢

وجوب الترتيب.......................................................... ٤٣

اعتبار معيّة اليدين في الضرب.............................................. ٤٣

اعتبار المسح بباطن اليدين.................................................. ٤٤

بيان كيفية الترتيب....................................................... ٤٤

٤٠٠