رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-090-0
الصفحات: ٤١٠

يديه على حائط لبن فيتيمم » (١) لعدم صدق التراب على نحو اللبن ، ولا قائل بالفرق ، فتأمل.

لكن الأحوط المنع عنه حال الاختيار ، وأمّا حال الاضطرار فجائز إجماعا كما عن المختلف (٢) ، وفي الروضة : ولا قائل بالمنع منه مطلقا (٣) ، ولعلّهما فهما من إطلاق المنع في كلام من تقدم (٤) التقييد بحال الاختيار.

لكن المستفاد من قوله (وبالجواز قال الشيخان) وقوع الخلاف حال الاضطرار أيضا ، لتخصيصهما الجواز به في المقنعة والنهاية (٥) ، فلو لا الخلاف لما كان لنسبته إليهما خاصة وجه ، لكنه لا ينافي دعوى الإجماع كوجود القائل بإطلاق المنع عندنا (٦).

قيل : ومن جوازه بالحجر يستفاد جوازه بالخزف بطريق أولى ، لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب ، كما لم يخرج الحجر مع أنه أقوى استمساكا منه (٧).

وهو حسن إن صحّ عدم الخروج. ولم يحتج إلى الأولوية ، لكفاية صدق الاسم الذي هو المستند عنده في الحجر ، ولكنه محل شك موجب للشك في صحة التيمم به. وهو الأجود في الاستدلال للمنع عنه ممّا في المعتبر من‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٨ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ / ٤٧٧ ، الوسائل ٣ : ١١١ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١ ح ٥.

(٢) المختلف : ٤٨.

(٣) الروضة ١ : ١٥٤.

(٤) راجع ص ٩ الهامش ٢.

(٥) المقنعة : ٦٠ ، النهاية : ٤٩.

(٦) بناء على عدم القدح في تحقق الإجماع خروج معلوم النسب. منه رحمه الله.

(٧) قال به الشهيد الثاني في الروضة ١ : ١٥٤.

٢١

دعوى خروجه عن الاسم (١) ، إذ هو محل شك. وعرفت أن استصحاب الجواز معارض بمثله في فساد العبادة فتبقى الذمة مشغولة بها ، للأوامر السليمة عمّا يصلح للمعارضة.

(ومع فقد الصعيد) مطلقا حتى الحجر على مذهب الأكثر كما عن التحرير والتذكرة (٢) ، وهو ظاهر جماعة (٣). أو التراب خاصة وإن وجد الحجر كما في ظاهر القواعد والشرائع (٤) ، والمحكي عن ظاهر المبسوط والمقنعة والمنتهى ونهاية الإحكام (٥) ، وصريح المراسم والجامع (٦). ومقتضاه جواز الغبار مع الحجر دون التراب. والأول أنسب بما يرونه من تعميم الصعيد لهما وعدم اشتراط الأول بفقد الثاني :

(تيمم بغبار) متصاعد من الأرض على (الثوب واللّبد وعرف الدابة) مخيّرا على الأشهر بين الثلاثة.

خلافا للنهاية فقدّم الأخيرين ـ مخيّرا بينهما ـ على الأول (٧). وللحلّي فعكس فقدّم الأول عليهما (٨). ولا مستند لهما سوى ما عن المنتهى للأول من كثرة وجود أجزاء التراب غالبا فيهما دون الثوب (٩).

وظاهر النصوص مع الأوّل ، وهي المستند في أصل الحكم بعد الإجماع‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٧٥.

(٢) التحرير ١ : ٢٢ ، التذكرة ١ : ٦٢.

(٣) منهم الشهيد في البيان : ٨٥ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٨٣ ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٢٣ ، وصاحب المدارك ٢ : ٢٠٦.

(٤) القواعد ١ : ٢٣ ، الشرائع ١ : ٤٨.

(٥) المبسوط ١ : ٣٢ ، المقنعة : ٥٩ ، المنتهى ١ : ١٤٢ ، نهاية الإحكام ١ : ١٩٩.

(٦) المراسم : ٥٣ ، الجامع للشرائع : ٤٧.

(٧) النهاية : ٤٩.

(٨) كما في السرائر ١ : ١٣٨.

(٩) المنتهى ١ : ١٤٢.

٢٢

المحكي عن المعتبر والتذكرة (١) ، ففي الصحيح : عن المواقف إن لم يكن على وضوء ولا يقدر على النزول كيف يصنع؟ قال : « يتيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته ، فإنّ فيها غبارا » (٢).

وفيه : « فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شي‌ء مغبر » (٣).

ويستفاد منه ومن ظاهر الأكثر اعتبار اجتماع غبار يتيمم به في الثلاثة ونحوها ، فيقيّد الأوّل به وبأصرح منه صحيح أيضا : « إذا كنت في حالة لا تقدر إلّا على الطين فتيمّم به ، فإنّ الله تعالى أولى بالعذر إذا لم يكن معك تراب جاف ولا لبد تقدر على أن تنفضه وتتيمّم به » (٤).

ثمَّ ظاهر المتن كالأكثر والمحكي عن صريح نهاية الإحكام والسرائر (٥) اشتراط التيمم بالغبار بعدم التمكن من الأرض ، وعن التذكرة الإجماع عليه (٦).

وهو الحجّة فيه كالصحيح : « إذا كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ، فإنّ ذلك توسيع من الله عزّ وجلّ ، وإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شي‌ء مغبر » الخبر (٧).

وعلّله في المنتهى بأن الصعيد هو التراب الساكن الثابت. وهو كما ترى.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٧٦ ، التذكرة ١ : ٦٢.

(٢) التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٥٧ / ٥٤١ ، الوسائل ٣ : ٣٥٣ أبواب التيمم ب ٩ ح ١.

(٣) التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٣ : ٦٧ / ١ ، التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٣ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٧ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩ ح ٧.

(٥) نهاية الإحكام ١ : ٢٠٠ ، السرائر ١ : ١٣٧.

(٦) التذكرة ١ : ٦٢.

(٧) التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩

٢٣

واحتمل فيه العدم مقوّيا له ، معلّلا بأن الغبار تراب فإذا نفض أحد هذه الأشياء عاد إلى أصله فصار ترابا مطلقا (١).

وهو حسن ـ وفاقا له وللمرتضى في الجمل (٢) ـ إن خرج منها تراب صالح مستوعب لمحالّ المسح وإلّا فالعدم أقوى ، لا لعدم تسميته صعيدا ، بل لعدم امتثال المأمور به على وجهه. ولعلّ اختياره في كلام الأكثر منوط بعدم خروج مثل ذلك كما هو الغالب ، والأحوط مراعاة الأكثر.

(ومع فقده) أي الغبار (تيمّم بالوحل) اتفاقا كما عن المعتبر وظاهر التذكرة والمنتهى (٣). وهو الحجة فيه ، كالمستفيضة منها الصحيح : « وإن كان في حال لا يجد إلّا الطين فلا بأس أن يتيمم منه » (٤).

وفي الموثق نحوه في الحصر (٥) المستفاد منه ـ كظاهر الأصحاب المدّعى عليه الوفاق (٦) ـ الترتيب واشتراط فقد ما سبق عليه في التيمم به.

فالقول بتقديمه على الغبار مطلقا ـ كما عن المهذّب (٧) ، وبه صرّح بعض متأخري الأصحاب (٨) ـ ليس في محلّه وإن دلّ عليه الخبر (٩) ، لضعفه. نعم :

__________________

ح ٤.

(١) المنتهى ١ : ١٤٢.

(٢) جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٢٦.

(٣) المعتبر ١ : ٣٧٧ ، التذكرة ١ : ٦٢ ، المنتهى ١ : ١٤٢.

(٤) التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩ ح ٤.

(٥) التهذيب ١ : ١٨٩ / ٥٤٥ ، الاستبصار ١ : ١٥٨ / ٥٤٥ ، الوسائل ٣ : ٣٥٣ أبواب التيمم ب ٩ ح ٢.

(٦) انظر المعتبر ١ : ٣٧٧ ، وكشف اللثام ١ : ١٤٥.

(٧) المهذّب ١ : ٣٢.

(٨) انظر الحدائق ٤ : ٣٠٤.

(٩) التهذيب ١ : ١٩٠ / ٥٤٧ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٤٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩

٢٤

حسن لو أمكن تجفيفه بحيث يصير ترابا ، ولكنه ليس محل خلاف.

والأصح في الكيفية ما عن السرائر من أنه كالتيمم بالأرض (١).

خلافا لجماعة كالشيخين في المقنعة والنهاية ، فاعتبروا بعد ضرب اليدين مسح إحداهما بالأخرى وفرك طينهما بحيث لا يبقى فيهما نداوة (٢) ، وعلّله في المعتبر بعد أن استوجهه بظاهر الأخبار (٣). وهو ممنوع ، كيف لا؟! ولا ذكر لما ذكر فيها ، مع احتماله الإخلال بالموالاة.

ولآخرين كالوسيلة والتحرير ، فاعتبروا التجفيف ثمَّ النفض والتيمم به (٤).

وعن التذكرة ونهاية الإحكام أنه الوجه إن لم يخف فوات الوقت ، فإن خاف عمل على الأوّل أي مذهب الشيخين (٥).

قلت : وقد يفوت الوقت بالأوّل ، فتعيّن المسحان من غير فرك.

ومع فقد الوحل سقط فرض الصلاة وإن وجد الثلج الذي لا يتمكن معه على التوضؤ والاغتسال ولو بأقل جريان مطلقا (٦) ، وفاقا للأكثر ، لعدم صدق الوضوء والاغتسال بمسحه على محلّهما بحيث يحصل شبههما ، كعدم صدق التيمم المعتبر فيه الأرض بمسحه على محلّه ، فظهر ضعف القول بالأوّل كما عن الشيخ (٧) ، وبالثاني كما عن المرتضى (٨).

__________________

ح ٥.

(١) السرائر ١ : ١٣٨.

(٢) المقنعة : ٥٩ ، النهاية : ٤٩.

(٣) المعتبر ١ : ٣٧٧.

(٤) الوسيلة : ٧١ ، التحرير ١ : ٢٢.

(٥) التذكرة ١ : ٦٢ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٠٠.

(٦) أي سواء أمكن مسح محل الطهارة بنداوته وحصول شبه الوضوء والغسل أم لا ، أمكن به التيمم أم لا. منه رحمه الله.

(٧) انظر المبسوط ١ : ٣١.

(٨) حكاه عنه العلامة في المختلف : ٤٩.

٢٥

وليس في الصحيح : عن رجل أجنب في سفر ولم يجد إلّا الثلج والماء الجامد ، فقال : « هو بمنزلة الضرورة يتيمم » الخبر (١).

دلالة عليه ، لاحتماله التيمم بالتراب ، تنزيلا لكلام السائل بإرادته من السؤال عدم وجدانه من الماء إلّا الثلج ، لا عدم وجدانه ما يتطهّر به مطلقا (٢).

كما لا دلالة لأخبار الاغتسال به إذا بل الجسد (٣) على الأوّل ، لاحتماله البلل الذي يحصل معه أقل الجريان ، ومعه يندفع الاستدلال. نعم : هو الأحوط إن أمكن وإلّا فمختار المرتضى ، ويتم الاحتياط بالقضاء إن أوجبناه بفقد الطهور مطلقا. والله أعلم.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٧ / ١ ، التهذيب ١ : ١٩١ / ٥٥٣ ، الاستبصار : ١٥٨ / ٥٤٤ ، الوسائل ٣ : ٣٩١ أبواب التيمم ب ٢٨ ح ٢.

(٢) أي حتى الطهارة الاضطرارية.

(٣) الوسائل ٣ : ٣٥٧ أبواب التيمم ب ١٠ ح ٣ ، ٤.

٢٦

(الثالث :) (في) بيان (كيفيته و) يتعلق بها أنه (لا يصح قبل دخول الوقت ، ويصح مع تضيّقه) إجماعا في المقامين ، ونصوصا ، فحوى في الأوّل ونصّا في الثاني.

(وفي صحته مع السعة قولان).

أحدهما : الجواز إمّا مطلقا ، كما عن الصدوق والمنتهى والتحرير والإرشاد والبيان وظاهر الجعفي والبزنطي (١) ، وهو مختار جمع من المتأخرين (٢). أو مع عدم رجاء زوال العذر ، كما عن الإسكافي والمعتبر وظاهر العماني (٣) ، وإليه مصير الفاضل في جملة من كتبه (٤) ، وكثير من المتأخرين (٥).

وثانيهما وهو الذي جعله الماتن (أحوطهما) : لزوم (التأخير) إلى آخر الوقت مطلقا ، وهو المشهور بين القدماء ، بل عليه الإجماع عن الانتصار والناصرية والطوسي والقاضي في شرح جمل السيّد والغنية والسرائر (٦). ولا دليل عليه سواه ، وسوى إطلاق الرضوي : « وليس للمتيمّم أن يتيمّم إلّا في آخر الوقت ، أو : إلى أن يتخوف خروج وقت الصلاة » (٧).

__________________

(١) نقله عن الصدوق في المعتبر ١ : ٣٨٢ ، المنتهى ١ : ١٤٥ ، التحرير ١ : ٢٢ ، الإرشاد ١ : ٢٣٤ ، البيان : ٨٦ ، نقله عن الجعفي والبزنطي في الذكرى : ١٠٦.

(٢) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ٢٢٣ ، والسبزواري في كفاية الأحكام : ٩ ، والكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٦٣.

(٣) نقله عن الإسكافي والعماني في المختلف : ٥٤ ، المعتبر ١ : ٣٨٣.

(٤) راجع القواعد ١ : ٢٣ ، التذكرة ١ : ٦٤ ، المختلف : ٥٤.

(٥) منهم الشهيد في الروضة ١ : ١٦٠ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٥٠٠.

(٦) الانتصار : ٣١ ، الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٩ ، حكاه عن الطوسي في المدارك ٢ : ٢٠٩ ، شرح جمل العلم والعمل : ٦١ ولم يصرح فيه بالإجماع ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، السرائر ١ : ١٤٠.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ بتفاوت يسير ، المستدرك ٢ : ٥٤٧ أبواب التيمم ب ١٧ ح ١.

٢٧

ونحوه الخبر : « واعلم أنه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم إلّا في آخر الوقت » (١).

وفي الجميع نظر :

لوهن الأوّل بمصير أكثر المتأخرين إلى الخلاف وإن اختلفوا في إطلاق الجواز.

والثاني بمصير الصدوق المعتمد عليه في الغالب إلى خلافه. وهو وهن عظيم فيه ، إذ العمدة في اعتباره في الأحكام إنما هو بعمله به وتوغل اعتماده عليه حتى يجعل عبارته في الغالب عين عبارته.

وقصور الثالث عن الدلالة على اللزوم لو لم نقل بدلالته على العدم.

ومع ذلك فالجميع معارض بالأخبار الكثيرة التي (كادت) (٢) تبلغ التواتر ، الظاهرة في الجواز المطلق ، من حيث الدلالة على أن من تيمّم وصلّى ثمَّ وجد الماء لا إعادة عليه. وهي ما بين مطلقة بل عامة بترك الاستفصال في ذلك ، وخاصة فيه مصرّحة بعدمها في الوقت.

فمن الأوّل الصحاح المستفيضة منها : عن رجل أجنب فتيمّم بالصعيد وصلّى ثمَّ وجد الماء ، فقال : « لا يعيد إنّ ربّ الماء ربّ الصعيد (٣).

والتعليل هنا وفي غيره يؤكد الإطلاق.

ومن الثاني الأخبار المستفيضة ، كالموثقين ، في أحدهما : عن رجل تيمّم وصلّى ثمَّ بلغ الماء قبل أن يخرج الوقت ، فقال : « ليس عليه إعادة‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٦٦ / ٥٧٥ ، الوسائل ٣ : ٣٨٢ أبواب التيمم ب ٢١ ح ٣.

(٢) ليست في « ش ».

(٣) التهذيب ١ : ١٩٧ / ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ١٦١ / ٥٥٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧٠ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٥.

٢٨

الصلاة » (١).

ونحوهما الخبر : في رجل تيمّم وصلّى ، ثمَّ أصاب الماء وهو في وقت ، قال : « قد مضت صلاته وليتطهّر » (٢).

وقريب منها الصحيح : وإن أصاب الماء وقد صلّى بتيمّم وهو في وقت ، قال : « تمّت صلاته ولا إعادة عليه » (٣).

وحمله على كون الصلاة في الوقت دون إصابة الماء بعيد غير جار فيما تقدّمه ، كحملها على صورة حصول العلم أو الظن بالضيق.

ولا ينافيها الأمر بالإعادة في الصورة المزبورة في الصحيح : عن رجل تيمم وصلّى فأصاب بعد صلاته ماء ، أيتوضأ ويعيد الصلاة أم تجزيه صلاته؟

قال : « إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضأ وأعاد ، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه » (٤).

لاحتماله الاستحباب كما صرّح به الأصحاب. ويفصح عنه نفي الإعادة فيه في خارج الوقت ، وظاهر الموثق : في رجل تيمم وصلّى ثمَّ أصاب الماء ، قال : « أما أنا فإني كنت فاعلا ، إني كنت أتوضأ وأعيد » (٥).

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٩٥ / ٥٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٦٠ / ٥٥٥ ، الوسائل ٣ : ٣٦٩ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١١.

الموثق الثاني : التهذيب ١ : ٢٠٢ / ٥٨٧ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧٢ ، الوسائل ٣ : ٣٧١ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٧.

(٢) التهذيب ١ : ١٩٥ / ٥٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٦٠ / ٥٥٣ ، الوسائل ٣ : ٣٧٠ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٤.

(٣) التهذيب ١ : ١٩٤ / ٥٦٢ ، الاستبصار ١ : ١٦٠ / ٥٥٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٩.

(٤) التهذيب ١ : ١٩٣ / ٥٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٥١ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٨.

(٥) التهذيب ١ : ١٩٣ / ٥٥٨ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٥٠ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب

٢٩

مع أنه لا قائل بإطلاقه ، وهو أمارة أخرى على استحبابه. ومنه يظهر قوة القول الأوّل.

مضافاً إلى إطلاق إيجابه سبحانه التيمم عند إرادة القيام إلى الصلاة عند فقد الماء ، فلا يتقيد بضيق الوقت.

المؤيد بإطلاقات الكتاب والسنّة الدالّة على دخول الوقت بالزوال ونحوه وتيمم العاجز عن استعمال الماء والصلاة بعده من دون تقييد.

وباستلزام التأخير المطلق العسر والحرج المنفيين عقلا وشرعا ، سيّما في الأوقات التي لا تعلم أواخرها إلّا بالترصيد. وتكليف العوام بتحصيله كاد أن يلحق بالتكليف بالمحال ، وخصوصا لذوي الأعراض والأمراض الشاقّ عليهم التأخير إلى الضيق.

مع كون الأمر به على بعض الوجوه لغوا محضا مفوّتا لكثير من المستحبات المؤكدة الملحق بعضها بالوجوب كفعل العبادة في وقتها الاختياري ، بل ومضيّعا لخصوص العبادة ، فقد وجدنا كثيرا أداء التأخير إلى الضيق إلى التضييع ولو اضطرارا من غير اختيار بنوم وشبهه.

والمعتضد بالصحيح : في إمام قوم أصابته جنابة وليس معه ماء يكفيه للغسل ، أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ قال : « لا ، ولكن يتيمم الجنب (١) ويصلي بهم ، إنّ الله تعالى قد جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا » (٢).

لعدم إيجابه عليه‌السلام على الإمام والمأمومين تأخيرهم الصلاة إلى ضيق الوقت مع غلبة وقوعها جماعة في أوّله ، ويبعد غاية البعد تأخير المأمومين‌

__________________

١٤ ح ١٠.

(١) في النسخ : « الجنب الإمام ».

(٢) الكافي ٣ : ٦٦ / ٣ ، الفقيه ١ : ٦٠ / ٢٢٣ ، التهذيب ١ : ٤٠٤ / ١٢٦٤ ، الوسائل ٣ : ٣٨٦ أبواب التيمم ب ٢٤ ح ٢.

٣٠

إلى آخر الوقت لدرك فضيلة الجماعة مع خصوص هذا الإمام المتيمم مع وجود إمام متوضئ ، مع كونه في غاية شدة الكراهة وكمال المرجوحية بالاتفاق والمعتبرة ، سيما على القول بتنويع الوقت بالاختياري والاضطراري ، وحمله على اتفاق وقوع التأخير للمأمومين سيّما وجميعهم إلى ذلك الوقت بعيد جدا.

ولو لا الأخبار الآمرة بالتأخير إلى الضيق مع رجاء الزوال ـ كما هو ظاهر موردها ـ المعتضدة بالكثرة والشهرة بين قدماء الطائفة في الجملة ، المدّعى عليها الإجماعات المستفيضة ، المؤيدة بلزوم الاحتياط معها في العبادة التوقيفية ، لكان المصير إلى التوسعة متعينا بالضرورة.

فمنها الصحيح : « إذا لم تجد ماء وأردت التيمم فأخّر التيمم إلى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض » (١).

وليس فيه ـ كمضاهيه ـ الدلالة على اعتبار الضيق مطلقا ، لإشعار التعليل بصورة الرجاء لا مطلقا. فالقول بالتفصيل قوي جدّاً.

ومع ذلك فالمصير إلى إطلاق الجواز غير بعيد ، لقوة الظن المستفاد من أدلته ، واحتمال الأمر بالتأخير في الأخبار الاستحباب ، لكثرة استعماله فيه ، مع التعبير عنه فيما تقدّم (٢) بلفظة « لا ينبغي » الظاهرة في الكراهة الصالحة لصرفها عن ظاهرها ، فالظهور المستفاد منها ضعيف بالإضافة إلى الظنون المستفادة من أدلة التوسعة.

ولكن المسارعة إلى طرح الإجماعات المنقولة المستفيضة المؤيدة بالشهرة العظيمة وظواهر الأخبار المزبورة بالمرّة جرأة عظيمة ، سيّما في مثل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧٣ ، الوسائل ٣ : ٣٨٤ أبواب التيمم ب ٢٢ ح ١.

(٢) راجع ص : ٢٣.

٣١

العبادة التوقيفية اللازم فيها تحصيل البراءة اليقينية ، فلا يترك التأخير مع رجاء الزوال البتة ، بل مطلقا ، وإن كان القول بإطلاق التوسعة لا يخلو عن قوة.

(وهل يجب استيعاب الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان ، أشهرهما اختصاص المسح بالجبهة) المكتنف بها الجبينان.

ففي الموثق : عن التيمم ، فضرب بيديه الأرض ، ثمَّ رفعهما فنفضهما ، ثمَّ مسح بهما جبهته وكفّيه مرّة واحدة (١).

وهو وإن روى في الكافي ـ الذي هو أضبط ـ بذكر الجبين بدل الجبهة إلّا أنه بالشهرة بين الأصحاب أرجح. مضافا إلى اعتضاده بالمحكي عن العماني (٢) من تواتر الأخبار بمسح الجبهة والكفّين في تعليم عمّار (٣).

وبالرضوي : « تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة تمسح بهما وجهك موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف » إلى آخره (٤).

وبالإجماعات المنقولة على نفي وجوب مسح الزائد من القصاص إلى طرف الأنف المعبّر عنه بالجبهة عن الناصرية والانتصار والغنية (٥).

هذا مع ما في النسخة الأخرى من الشذوذ والمرجوحية إن حمل الجبين فيها على ما اكتنف الجبهة خاصة ، بناء على ظهورها ـ لورودها في العبادة ـ في كونه الواجب خاصة دون الجبهة ، ولا قائل به ، بل على وجوب مسحها الإجماع‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦١ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ٣.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٥٠.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ٣٥٨ أبواب التيمم ب ١١ الأحاديث ٢ ، ٤ ، ٨ ، ٩.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ ، المستدرك ٢ : ٥٣٥ أبواب التيمم ب ٩ ح ١.

(٥) الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨ ، الانتصار : ٣٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

٣٢

عن الانتصار (١) ، وصرّح بالوفاق في الذكرى (٢) ، وصرّح به الصدوق في الأمالي (٣) ، وحكي عنه ذلك صريحا (٤) وإن اختص عبارته في الفقيه بالجبين وادعى عليه في الأمالي الإجماع (٥).

فلا بدّ من طرح تلك النسخة كالأخبار المضاهية لها ، كالصحيح : « ثمَّ مسح جبينه بأصابعه » (٦) ونحوه آخران (٧).

أو تأويلها إمّا بحملها على ما يعمّ الجبهة. أو تخصيصها بها كما هو الأقوى ، للشهرة ، والإجماعات المنقولة ، وشيوع التعبير عن الجبهة بالجبين خاصة في المعتبرة كالموثق : « لا صلاة لمن لا يصيب أنفه ما يصيب جبينه » (٨) ونحوه الحسن (٩). فيصلح حينئذ اتخاذ أخبار الجبين مستندا للجبهة.

ولعلّ دعوى الماتن كغيره أشهرية روايتها منوط بفهمهم من أخبار الجبين‌

__________________

(١) الانتصار : ٣٢.

(٢) الذكرى : ١٠٨.

(٣) الموجود في الأمالي هكذا : .. فيمسح بهما وجهه .. وقد روي أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه ويمسح على ظهر كفيه ، وعليه مضى مشايخنا. الأمالي : ٥١٥.

(٤) حكي في كشف اللثام ١ : ١٤٧ عن الأمالي : والمسح من القصاص إلى طرف الأنف الأسفل.

ولكنّا لم نعثر عليه فيه.

(٥) الفقيه ١ : ٥٧.

(٦) الفقيه ١ : ٥٧ / ٢١٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٨.

(٧) الأول :

مستطرفات السرائر : ٢٦ / ٤ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٩.

الثاني :

التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٤ ، الاستبصار ١ : ١٧١ / ٥٩٤ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٦.

(٨) التهذيب ٢ : ٢٩٨ / ١٢٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٧ / ١٢٢٣ ، الوسائل ٦ : ٣٤٤ أبواب السجود ب ٤ ح ٤.

(٩) الكافي ٣ : ٣٣٣ / ٢ ، الوسائل ٦ : ٣٤٥ أبواب السجود ب ٤ ح ٧.

٣٣

الجبهة ، إذ هي الأخبار المشهورة دون الموثقة المزبورة المتزلزلة بحسب النسخة.

فانحصر الأخبار المقابلة لأشهر الروايتين في الدالّة على مسح الوجه الظاهرة في الاستيعاب ، وهي كثيرة تبلغ اثنى عشر حديثا أكثرها بحسب السند معتبرة.

لكنها ما بين شاذة ، لتضمنها الوجه والكفين لا الذراعين ، ولا قائل به ، إذ القول بالاستيعاب يشملهما كالقول بالعدم ولا ثالث يفرق. أو محمولة على التقية ، لتضمنها الذراعين.

ومع ذلك فهي غير مقاومة لما تقدّم من الأدلة ، وخصوص الآية والصحيح المفسّر باءها بالتبعيضية (١).

فتطرح أو تؤول بما يؤول إلى الأول بحمل الوجه فيها على الجبهة. ولا بعد فيه ، لشيوع التعبير عنه في المعتبرة في بحث السجود ، كالصحيح : « إني أحب أن أضع وجهي موضع قدمي » (٢).

والصحيح : « خرّ وجهك على الأرض من غير أن ترفعه » (٣).

فالقول باستيعابه ـ كما عن والد الصدوق (٤) ـ ضعيف جدّاً. كضعف إلحاق الجبينين بالجبهة كما عنه (٥). إلّا أنه أحوط ، لدعواه الإجماع عليه في‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠ / ٤ ، الفقيه ١ : ٥٦ / ٢١٢ ، التهذيب ١ : ٦١ / ١٦٨ ، علل الشرائع : ٢٧٩ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٦٤ أبواب التيمم ب ١٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٨٥ / ٣١٦ ، الوسائل ٦ : ٣٥٧ أبواب السجود ب ١٠ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٢ / ١٢٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٣٠ / ١٢٣٩ ، الوسائل ٦ : ٣٥٣ أبواب السجود ب ٨ ح ٢.

(٤) نقله عنه في المختلف : ٥٠.

(٥) نقله عن الفقيه في المدارك ٢ : ٢١٩ ، ولكن ظاهر عبارة الفقيه اختصاص المسح بالجبينين والحاجبين لا إلحاقهما بالجبهة. انظر الفقيه ١ : ٥٧.

٣٤

الأمالي (١) ، مع ظهور الأخبار المتقدمة فيه ، وإن عورضا بأقوى منهما ، إلّا أن الاحتياط مهما تيسّر أولى.

وألحق الصدوق الحاجبين (٢). ولا دليل عليه إلّا ما يتوقف عليه منهما مسح تمام الجبينين من باب المتقدمة إن قلنا بلزوم مسحهما.

نعم : في الرضوي : « وقد روي أنه يمسح الرجل على جبينيه وحاجبيه » (٣).

ولكنه مرسل غير مكافئ لما تقدّم من الأخبار البيانية المقتصرة على الجبهة أو الجبينين خاصة ، ولكنه أحوط.

(و) أشهر الروايتين أيضا اختصاص المسح (بظاهر الكفين) من الزندين إلى رؤوس الأصابع. وهو الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

منها الصحيح : وضع كفّيه على الأرض ، ثمَّ مسح وجهه وكفّيه ، ولم يمسح الذراعين بشي‌ء (٤).

والموثق : ثمَّ مسح بهما جبهته وكفّيه مرّة واحدة (٥).

والرضوي : « ثمَّ تضرب بهما اخرى فتمسح بها اليمنى إلى حدّ الزند ، تمسح باليسرى اليمنى وباليمنى اليسرى » (٦).

وبها يقيّد ما أطلق فيه اليدان كالصحيحين (٧) ، وعليها عمل أكثر‌

__________________

(١) الأمالي : ٥١٥.

(٢) الفقيه ١ : ٥٧.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٠ ، المستدرك ٢ : ٥٣٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ٢٠٨ / ٦٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ٥.

(٥) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ٣.

(٦) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ ، المستدرك ٢ : ٥٣٥ أبواب التيمم ب ٩ ح ١ بتفاوت يسير.

(٧) التهذيب ١ : ٢١٠ / ٦١٠ و٦١١ ، الاستبصار ١ : ١٧٢ / ٥٩٨ و٥٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٦١ أبواب التيمم ب ١٢ ح ١ و٤.

٣٥

الأصحاب ، بل عليه الإجماع عن الناصرية والأمالي والغنية (١). فالروايات بمسح الذراعين (٢) مع قلّتها وقصور سند بعضها مطرحة أو محمولة على التقية ، فالقول به ـ كما عن والد الصدوق (٣) ـ ضعيف. كضعف القول ببعض الكف من أصول الأصابع (٤) ، لضعف مستنده بالإضافة إلى ما تقدم كالمرسل كالصحيح : « فامسح على كفّيك من حيث موضع القطع ، وقال (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا(٥)) (٦) مع احتماله موضع القطع عند العامة إشارة بالمعرّف باللام إلى المعهود الخارجي.

(وفي عدد الضربات) في بدل كلّ من الوضوء والغسل هل هو واحد فيهما ، كما عن العماني والإسكافي والمفيد في العزّية والمرتضى في الجمل وشرح الرسالة وظاهر الناصرية (٧) ، والصدوق في ظاهر المقنع والهداية (٨) ، وهو ظاهر الكليني ـ لاقتصاره بذكر أخبار المرّة ـ والقاضي (٩) ، وصريح المعتبر‌

__________________

(١) الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، وأما الأمالي ففيه : ثمَّ يضرب بيده اليسرى الأرض فيمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع ، ثمَّ يضرب بيمينه الأرض فيمسح بها يساره من المرفق إلى أطراف الأصابع. وقد روى أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه ويمسح على ظهر كفيه ، وعليه مضى مشايخنا. الأمالي : ٥١٥.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٦١ ، ٣٦٥ أبواب التيمم ب ١٢ ح ٢ ، وب ١٣ ح ٣.

(٣) نقله عنه في المختلف : ٥٠.

(٤) نقله في السرائر ١ : ١٣٧ عن بعض الأصحاب.

(٥) مريم : ٦٤.

(٦) الكافي ٣ : ٦٢ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٥٩٩ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٦٥ أبواب التيمم ب ١٣ ح ٢.

(٧) نقله عن العماني والإسكافي والمفيد في المختلف : ٥٠ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٢٦ ، حكاه عن شرح الرسالة في المعتبر ١ : ٣٨٨ ، الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨.

(٨) المقنع : ٩ ، الهداية : ١٨.

(٩) الكليني في الكافي ٣ : ٦١ ، القاضي في المهذّب ١ : ٤٧.

٣٦

والذكرى والمدارك (١) ، ونسبه في السرائر إلى قوم من أصحابنا (٢) ، وإليه مال جدّي وخالي المجلسيان (٣) ـ رحمهما الله ـ وذهب إليه كثير من المتأخرين ومتأخريهم (٤) ، وحكته العامة عن علي عليه‌السلام وعمّار وابن عباس وجمع من التابعين (٥).

أو متعدّد فيهما ، كما عن أركان المفيد ووالد الصدوق (٦) ، والمحكي من عبارته اعتبار الثلاث مرة للوجه ومرة لليمنى واخرى لليسرى.

أو التفصيل ، فالأوّل في الأوّل والثاني في الثاني ، كما ذهب إليه الأكثر.

(أقوال أجودها) الأخير (للوضوء ضربة وللغسل ضربتان) جمعا بين النصوص المستفيضة الظاهرة في إطلاق المرّة لورودها في بيان العبادة ، والظاهرة في إطلاق المرّتين.

ولا شاهد له إلّا ما يتوهم من الصحيح : « هو ضرب واحد للوضوء ، والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثمَّ تنفضهما نفضة للوجه ومرّة لليدين » الخبر (٧).

بناء على كون الواو للاستيناف المقتضي جعل ما بعدها مبتدأ وجملة « تضرب » خبرا له. وهو مع مخالفته الظاهر لا دليل عليه بعد احتماله العطف‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٨٩ ، الذكرى : ١٠٨ ، المدارك ٢ : ٢٣٢.

(٢) السرائر ١ : ١٣٧.

(٣) انظر روضة المتقين ١ : ٢٧٥ ، وبحار الأنوار ٧٨ : ١٥٩.

(٤) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٣١ ، صاحب المدارك ٢ : ٢٣٢ ، السبزواري في كفاية الأحكام : ٩ ، الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٦٢.

(٥) انظر المغني والشرح الكبير ١ : ٢٧٨.

(٦) نقله عنهما الشهيد في الذكرى : ١٠٨.

(٧) التهذيب ١ : ٢١٠ / ٦١١ ، الاستبصار ١ : ١٧٢ / ٥٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٦١ أبواب التيمم ب ١٢ ح ٤.

٣٧

المقتضي للتسوية بين الوضوء والغسل المنافية لما ذكروه.

مضافا إلى رجحانه بملاحظة الموثق : عن التيمم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال : « نعم » (١).

ونحوه الرضوي : « وصفة التيمم للوضوء والجنابة وسائر أبواب الغسل واحد ، وهو أن تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة تمسح بهما وجهك موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف ، ثمَّ تضرب بهما اخرى فتمسح بها اليمنى إلى حدّ الزند ، وروى من أصول الأصابع تمسح باليسرى اليمنى وباليمنى اليسرى » (٢).

وحمله على التقية بناء على مصيرهم إلى التسوية (٣) غير ممكن ، لاشتماله على الجبهة والكفين ، فيبعد في الموثق أيضا.

فحينئذ لا دليل على التفصيل ، بل هو قائم على خلافه. نعم : ادعى عليه الإجماع في الأمالي فقال : من دين الإمامية الإقرار بأن من لم يجد الماء ـ إلى قوله ـ : ضرب على الأرض ضربة للوضوء ويمسح بها وجهه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى ، وإلى الأسفل أولى ، ثمَّ يمسح ظهر يده اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع ، ثمَّ يمسح اليسرى كذلك ، ويضرب بدل غسل الجنابة ضربتين ضربة يمسح بها وجهه واخرى ظهر كفيه (٤).

انتهى. وهو ظاهر التبيان ومجمع البيان (٥).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٥٨ / ٢١٥ ، التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٧ ، الوسائل ٣ : ٣٦٢ أبواب التيمم ب ١٢ ح ٦.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٨ ، المستدرك ٢ : ٥٣٥ أبواب التيمم ب ٩ ح ١.

(٣) راجع بداية المجتهد ١ : ٧٠ ، المغني لابن قدامة ١ : ٢٧٨.

(٤) قد نقلنا عبارة الأمالي من نسخته المطبوعة عندنا ، في ص ٣١ الهامش (١) ، وهي تخالف ما نقله الشارح ( ره ) من وجوه. انظر الأمالي : ٥١٥.

(٥) التبيان ٣ : ٢٠٨ ، مجمع البيان ٢ : ٥٢.

٣٨

فيصلح هذه الإجماعات المنقولة وجها للجمع. ولكن كلام الأخيرين ليس نصّا في دعوى الإجماع ، سيّما مع نقلهما القول بالضربتين من قوم من أصحابنا. والأوّل وإن كان أظهر منهما دلالة عليهما ، إلّا أن ظاهره دعوى الإجماع على كون الضربة الاولى في الجنابة للوجه الظاهر في المجموع ، مضافا إلى تخصيصه الجبهة بالوضوء خاصة فيوهن لذلك. وبعد تسليمه فهو كسابقيه موهون بمصير معظم الأصحاب ومنهم هو في كتابيه ووالده وشيخه الكليني وغيرهم ـ كما عرفت ـ إلى خلافه.

ولقد كتبنا رسالة مبسوطة في تزييف هذا القول وتعيين الأول ، لظواهر الأخبار البيانية المسلّم دلالتها عند المشهور على المرة ولو في الجملة ، ولذا استدلوا بها للاكتفاء بها في الوضوء خاصة ، وصحاحها واردة في بيان التيمم بدلا من الجنابة ، ومعه لا يصح الحمل على الوضوء ، منهما الصحيح في بيان وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله التيمم لعمّار : « أفلا صنعت كذا » ثمَّ أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ، ثمَّ مسح جبينيه بأصابعه ، وكفّيه إحداهما بالأخرى ، ثمَّ لم يعد ذلك (١).

وفي التتمة إشعار بل ظهور بكون المبيّن الملحوظ بيانه اتحاد الضرب أو تعدده ، وظاهره كونها من كلام الإمام عليه‌السلام ، فنقله عليه‌السلام عدم الإعادة في نقل بيان العبادة ظاهر في عدم لزومها.

وقريب منه الموثق لزرارة عنه عليه‌السلام : عن التيمم ، فضرب بيديه الأرض ثمَّ رفعهما فنفضهما ، ثمَّ مسح على جبهته وكفّيه مرّة واحدة (٢) ونحوه‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٥٧ / ٢١٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٨.

(٢) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ٣.

٣٩

خبر آخر (١).

وحمل المرة على المسح خاصة دون الضربة بعيد ، إذ ليس تعدّده محل توهّم أو مناقشة من عامة أو خاصة ، فنقله خال عن الفائدة بالمرّة. بل الظاهر رجوعها إلى الضربة ، لفائدة بيان تخطئة ما عليه أكثر العامة من نفي الضربة الواحدة.

فاندفع ما يورد على هذه الأخبار من الإجمال المنافي للاستدلال ، لاحتمال ورودها بيانا لكيفية المسح وأنه ليس يجب على جميع الأعضاء ـ كما توهّمه عمّار ـ بل على المواضع الخاصة ، لا لبيان العدد.

لمخالفته الظاهر ، مع عدم قبول ذلك الصحيح المتقدم كالخبرين بعده.

مضافا إلى أنّ الراوي له وللموثق ـ كغيره ـ زرارة الذي هو أفقه من أكثر رواه أصحابنا ، وهو أجلّ شأنا عن سؤاله عن نفس الكيفية لأجل توهّمه ما توهّمه عمّار ، بل الظاهر سؤاله عن عدد الضربات التي صارت مطرحا بين العامة والخاصة ، ولذا أجابه عليه‌السلام في الحديث المتقدم بما يتعلق به. ولعلّه الظاهر من سؤال غيرهم من الرواة ، حيث رأوا العامة اتفقوا على تعدد الضربات مطلقا ، فسألوا أئمتهم صلوات الله عليهم استكشافا لذلك ، فأجابوهم عليهم‌السلام بما ظاهره الوحدة مطلقا.

وبما ذكرنا ظهر وضوح دلالتها عليها. ويؤيده اشتهار نقل ذلك بين العامة عن علي عليه‌السلام وابن عباس وعمّار الموافقين للشيعة في أغلب الأحكام ، ويؤيد النقل مصير أكثرهم إلى الخلاف واعتبارهم الضربتين مطلقا.

ومن هنا ينقدح الجواب عمّا دلّ على اعتبارهما كذلك من الصحاح ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٤ ، الاستبصار ١ : ١٧١ / ٥٩٤ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٦.

٤٠