النظام العائلي

الدكتور زهير الاعرجي

النظام العائلي

المؤلف:

الدكتور زهير الاعرجي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٤

ويفهم من كلامهم ان النكاح المنقطع كان مباحاً وان النهي عنه وقع في آخر الامر. وقالوا بان « عدة احاديث صحيحة صريحة قد وردت بالنهي عن المتعة بعد الاذن بها » (١).

فـ « حكي عن ابن عباس : انها جائزة ، وعليه اكثر اصحابه : عطاء ، وطاووس ، وبه قال ابن جريح وحكي ذلك عن ابي سعيد الخدري ، وجابر واليه ذهب الشيعة لانه قد ثبت ان النبي (ص) اذن فيها ، وروي ان عمر قال : ( متعتان على عهد رسول الله (ص) ، أفانهي عنهما واعاقب عليهما؟ متعة النساء ، ومتعة الحج ) ، ولانه عقد على منفعة فيكون مؤقتاً كالاجارة ... وقال الشافعي : لا اعلم شيئاً احله الله ثم حرمه ، ثم احله ثم حرمه الاّ المتعة. فحمل الامر على ظاهره ، وان النبي(ص) حرمها يوم خيبر ، ثم اباحها في حجة الوداع ثلاثة ايام ، ثم حرمها » (٢). و « لم يختلف اهل النقل ان المتعة قد كانت مباحة في بعض الاوقات اباحها رسول الله (ص) » (٣).

الاّ ان فقهاء الامامية استدلوا بعدم النسخ بروايات عديدة عن اهل البيت (ع) ، منها : ان الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل : ( هل نسخ اية المتعة شيء؟ قال : لا ، ولو لا ما نهى عنها عمر ما زنى الاّ شقي ) (٤). وان الرخصة الثابتة الواردة عن الرسول (ص) والمتفق عليها بين الجميع ، لم يثبت الغاؤها او تحريمها بعد ذلك بخبر صحيح. فلم يبق سوى نهي الخليفة الثاني وهو بمجرده ليس بحجة. على ضوء ذلك فقد اجمع علماء الامامية على ان

__________________

١ ـ فتح الباري لابن حجر : ج ١١ ص ٧٠.

٢ ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ١٧٨ ـ ١٧٩.

٣ ـ احكام القرآن للجصاص : ج ٢ ص ١٧٨.

٤ ـ الوسائل : ج ١٤ ص ٤٤٠.

١٠١

حقيقة الزواج المنقطع والدائم واحدة ، وان لفظ الزواج موضوع لمعنى واحد ذي شقين ؛ هما المنقطع والدائم.

واجمعوا ايضاً على ان الزواج الدائم والمنقطع يشتركان في خلو الموانع ، وصيغة العقد ، ونشر الحرمة ، وحقوق الولد ولحوقه بالاب ، وقيمة المهر ، والعدة بعد الدخول ، والشروط السائغة في العقد.

فلا يجوز العقد ـ دائماً او منقطعاً ـ على المتزوجة او المعتدة من طلاق او وفاة ، او المحرمة بالنسب او المصاهرة او الرضاع ، او المشركة. فيجب ـ شرعا ـ ان تكون المرأة المعقود عليها خالية من هذه الموانع. وينبغي ايضاً ان تكون عاقلة بالغة ، رشيدة.

ولا يصح الزواج بالمراضاة فحسب ، بل لابد من العقد اللفظي الذي يدل بكل صراحة على القصد. فـ « صيغة زواج المتعة ، اللفظ الذي وضعه الشرع للايجاب كزوجتك وانكحتك ومتعتك ، ايها حصل وقع الايجاب به ، ولا ينعقد بغيرها ، كلفظ التمليك والهبة والاجارة ، ويقع القبول باللفظ الدال على الانشاء كقوله : قبلت النكاح » (١).

وينشر الزواج الدائم والمنقطع الحرمة بالمصاهرة ، فلا يجمع بين الاختين ، وتحرم على الزوج بنت الزوجة واُمها ، وتحرم زوجة الاب على الابن ، وزوجة الابن على الاب مؤبداً ، كما ذكرنا ذلك سابقاً في المحرمات.

اما الولد فانه يلحق بالزوج بمجرد الجماع حتى ولو عزل. وللولد سائر الحقوق المادية والادبية من حيث الارث والنفقة. ففي الحديث « ان الامام جعفر بن محمد (ع) سُئِل عن المرأة المتمتع بها ان حبلت؟ قال : هو ولده » (٢).

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ١٥٤.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٩١.

١٠٢

اما المهر فيصح بكل ما يقع عليه التراضي عملاً بالآية الكريمة : ( ... واَتيتُم اِحداهُنَّ قِنطاراً فَلا تَأخُذُوا مِنهُ شَيئاً ) (١). واذا طلق زوجته او وهب لها المدة قبل الدخول يثبت لها نصف المهر المسمى.

واجمع الفقهاء ايضاً على ان الزواج الدائم والمنقطع يفترقان في ذكر الاجل ، وتحديد المهر ، والعدة ، والتوارث ، والنفقة.

فلابد في الزواج المنقطع من ذكر الاجل في متن العقد ، ودليله الرواية الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) : ( واذا سمي الاجل فهو متعة ، وان لم يسم فهو نكاح ثابت ) (٢). وكذلك يجب تحديد المهر في العقد المنقطع لانه ركن من اركان العقد للنص الشريف : ( لا تكون متعة الا بأمرين : اجل مسمى ، واجر مسمى ) (٣).

وتعتد الزوجة المطلقة اذا دخل الزوج بها ، سواء كان الزواج دائمياً او منقطعاً. فالدائمة عدتها ثلاث حيضات ، او ثلاثة اشهر ، وان كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل. والمنقطعة عدتها بعد انقضاء الاجل حيضتان او خمسة واربعين يوماً ، وان كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل. وعدة الوفاة ، مع عدم الحمل ، اربعة اشهر وعشرة ايام للدائمة والمنقطعة سواء دخل الزوج ام لم يدخل. اما مع الحمل ، فالعدة بأبعد الاجلين.

واختلف الفقهاء في توارث الزوجين في المنقطع ، فذهب جماعة الى عدم التوارث الا مع الشرط ، لقوله (ع) : ( ان اشترطا الميراث فهما على

__________________

١ ـ النساء : ١٩.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٤.

٣ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٨٩.

١٠٣

شرطهما ) (١) ، لان عقد الزواج لا يقتضي بطبيعته التوارث ولا العدم ، واذا حصل الشرط وجب حينئذٍ العمل به.

اما النفقة فهي واجبة في الدائم ، ولكنها لا تجب في المنقطع الا مع الشرط.

وبالجملة فان حقوق الزوجة الدائمة والمنقطعة ثابتة الا ما خرج بالدليل. و « حكم الزواج المنقطع كالدائم في جميع ما سلف من الاحكام شرطاً وولاية وتحريماً بنوعيه [ العيني كالاخت والام ، والجمعي كالجمع بين الاختين ] الاّ ما استثني » (٢). وقد ورد في الحديث عن الامام الصادق (ع) عندما سئل عن المتعة ، فقال : ( حلال فلا تتزوج الا عفيفة ، ان الله عز وجل يقول : ( وَالَّذينَ هُم لِفُرُوجِهِم حافِظُونَ ) (٣) ) (٤). وفي حديث آخر : ( لا ينبغي لك ان تتزوج الاّ بمأمونة او مسلمة ، فان الله عز وجل يقول : ( الزَاني لا يَنكحُ اِلاّ زانِية اَو مُشرِكَة وَالزّانِيَة لا يَنكِحُها اِلاّ زانٍ اَو مُشرِك وَحُرِّم ذلِكَ عَلى المُؤمِنينَ ) (٥) ) (٦).

ولاشك ان الزواج المؤقت يمثل في الظروف الاستثنائية خطوة اولية نحو الزواج الدائم ، لان الانشداد الذي يحصل بين الزوجين خلال فترة العقد الاستثنائي لايمكن فصمه بسهولة. ويعضد هذا القول ما ورد في رواية ابي بصير عن الامام ابي جعفر (ع) انه كان يقرأ ( فَمااستَمتَعتُم بِهِ مِنُهنَّ

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٩٠.

٢ ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ٢٨٤.

٣ ـ المؤمنون : ٥.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ١٨٧.

٥ ـ النور : ٣.

٦ ـ الكافي : ج ٢ ص ٤٤.

١٠٤

فاَتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ فَريضَة وَلا جُناحَ عَلَيكُم فيما تَراضَيتُم بِهِ مِنَ بَعدِ الفَريضَة ) (١). فقال : ( هو ان يتزوجها الى اجل ثم يحدث [ الله ] شيئاً بعد الاجل ) (٢).

ملحق : في النكاح المنقطع للشهيد الثاني

«لاخلاف بين فقهاء الامامية في شرعيته مستمراً الى الآن ، او لا خلاف بين المسلمين في اصل شرعيته وان اختلفوا بعد ذلك في نسخه. والقرآن الكريم مصرّح به في قوله تعالى : ( فَما استَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فاَتوهُنَّ اُجُورَهُنَّ ) (٣) اتفق جمهور المفسرين على ان المراد به نكاح المتعة ، واجمع اهل البيت عليهم‌السلام على ذلك وروي عن جماعة من الصحابة منهم ابي بن كعب ، وابن عباس ، وابن مسعود انهم قرأوا ( فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى ) (٤).

ودعوى نسخه ، اي نسخ جوازه من الجمهور لم تثبت ، لتناقض رواياتهم بنسخه ، فانهم رووا عن علي عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، ورووا عن ربيع بن سبرة عن ابيه انه قال : شكونا العزبة في حجة الوداع فقال : « استمتعوا من هذه

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ تفسير العياشي : ج ١ ص ٢٣٤.

٣ ـ النساء : ٢٤.

٤ ـ شرح مسلم للنووي : ج ٩ ص ١٧٩.

١٠٥

النساء » فتزوجت امرأة ثم غدوت على رسول الله (ص) وهو قائم بين الركن والباب وهو يقول : ( اني كنت قد اذنت لكم في الاستمتاع الا وان الله قد حرمها الى يوم القيامة ) (١).

ومن المعلوم ضرورة من مذهب علي واولاده عليهم الصلاة والسلام حلها وانكار تحريمها بالغاية ، فالرواية عن علي عليه‌السلام بخلافه باطلة. ثم اللازم من الروايتين ان تكون قد نسخت مرتين ، لان اباحتها في حجة الوداع اولاًناسخة لتحريمها يوم خيبر ولا قائل به. ومع ذلك يتوجه الى خبر سبرة الطعن في سنده ، واختلاف الفاظه ومعارضته لغيره. ورووا عن جماعة من الصحابة منهم جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس ، وابن مسعود ، وسلمة بن الاكوع ، وعمران بن حصين ، وانس بن مالك انها لم تنسخ. وفي صحيح مسلم باسناده الى عطاء قال : ( قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله فسأله القوم عن اشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وابي بكر وعمر ) (٢). وهو صريح في بقاء شرعيتها بعد موت النبي (ص) من غير نسخ. وتحريم بعض الصحابة ، وهو عمر ، اياه تشريع من عنده مردود عليه ، لانه ان كان بطريق الاجتهاد فهو باطل في مقابلة النص اجماعاً ، وان كان بطريق الرواية فكيف خفي ذلك على الصحابة اجمع في بقية زمن النبي وجميع خلافة ابي بكر وبعض خلافة المُحَرِّم [ وهو عمر ] ، ثم يدل على ان تحريمه من عنده لا بطريق الرواية ، قوله ، في الرواية المشهورة عنه بين الفريقين : ( متعتان كانتا في عهد رسول الله (ص) حلالاً انا انهى عنهما

__________________

١ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٣٢.

٢ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٣٤.

١٠٦

واعاقب عليهما ) (١) ولو كان النبي (ص) قد نهى عنهما في وقت من الاوقات لكان اسناده اليه (ص) اولى وادخل ي الزجر. وروى شعبة عن الحكم بن عتيبة ـ هو من اكابر القوم ـ قال : سألته عن هذه الآية : ( فما استمتعتم به منهن ) أمنسوخة هي؟ قال : ( لا) ثم قال الحكم : قال علي بن ابي طالب (ع) : لو لا عمر نهى عن المتعة ما زنى الاشقي. وفي صحيح الترمذي ان رجلاً من اهل الشام سأل بن عمر عن متعة النساء فقال : ( هي حلال ، فقال : ان اباك قد نهى عنها ، فقال ابن عمر : أرايت ان كان ابي قد نهى عنها وقد سنّها رسول الله (ص) أتترك السنة وتتبع قول ابي ) (٢).

واما الاخبار بشرعيتها من طريق اهل البيت (ع) فبالغة ، او كادت ان تبلغ حد التواتر لكثرتها » (٣).

__________________

١ ـ احكام القرآن للجصاص : ج ٢ ص ١٨٤.

٢ ـ صحيح الترمذي : ج ٣ ص ١٨٤.

٣ ـ شرح اللمعة الدمشقية : ج ٥ ص ٢٤٥.

١٠٧

العيوب الموجبة للخيار

بين فسخ العقد وامضائه

ومن اجل بناء اسرة فاضلة ، وتشكيل زواج ناجح ومستقر ، فلابد من معالجة العيوب التي يكتشفها الزوجان بعد اجراء العقد. ولما كان الاصل في الزواج استقرار العائلة بما فيها من زوجين ومن فروع واصول ، كان لابد ايضاً من معالجة المشاكل الجسدية الخطيرة ، معالجة حاسمة وفورية ، مع ضمان حقوق الزوج والزوجة بشكل تام. فالعيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه ، هي العيوب التي يكتشفها احد الزوجين في الآخر بعد اتمام العقد مثل الاضطراب العقلي ( الجنون ) ، والخصاء ، والجب ، والعنن بالنسبة للرجل فيثبت الخيار للمرأة. والاضطراب العقلي والبرص ، والجذام ، والعمى ، والعرج ، والقرن ، والعفل ، والافضاء ، والرتق بالنسبة للمرأة فيثبت الخيار للرجل. ويثبت خيار الفسخ على الفور ، باتفاق الفقهاء. فاذا لم يبادر الزوج او الزوجة الى الفسخ لزم العقد. ولا يعتبر اذن الحاكم الشرعي في الفسخ ، لان الادلة التي دلت على جواز الفسخ مطلقة وغير مقيدة باذن الحاكم.

ويتباين الفسخ عن الطلاق في عدة مواضع. فيصبح الفسخ من غير شهود ، ولا يتطلب طهر المرأة ، وليس لها من المهر شيء قبل الدخول الاّ في حالة العنن ، ولا يعتبر الفسخ من التطليقات الثلاث. اما الطلاق فلا يصح الا بشاهدين ، وان تكون المرأة في طهر لم يواقعها فيه ، وتحتسب من التطليقات

١٠٨

الثلاث ، ولها نصف المهر قبل الدخول.

والاضطراب العقلي او الجنون من العيوب المشتركة بين الرجل والمرأة ، فاذا تبين لها الجنون بعد العقد فلها الفسخ للرواية المروية عن الامام (ع) عندما سُئل عن امرأة يكون لها زوج قد اصيب في عقله بعد ان تزوجها؟ فقال : ( لها ان تنزع نفسها منه ان شاءت ) (١). ورواية اخرى بشأن الزوجة : ( انما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ) (٢). والمشهور بين الفقهاء ان للمرأة حق الفسخ اذا علمت ان زوجها اصيب بالجنون قبل العقد او بعده ، اما الرجل فيحق له الفسخ اذا علم ان زوجته اصيبت بجنون سابق على العقد دون اللاحق. بمعنى ان الزوجة اذا اصابها الجنون بعد اجراء العقد والدخول لفترة ، فلا يحق للزوج اجراء الفسخ ، بل يحق له طلاقها. و « هذا هو المشهور شهرة عظيمة كادت ان تكون اجماعاً ، لاستصحاب اللزوم الذي هو مقتضى الاصل في العقود ، وامكانية انجبار الضرر بالطلاق منه » (٣). واذا تم الفسخ بعد الدخول فلها المهر وعليها العدة ، واذا تم قبل الدخول فلا مهر ولا عدة للمرأة. واذا رضي احدهما بالعيب قولاً او فعلاً فلا يجوز له ان يعدل ويفسخ بعد ذلك.

اما الخصاء فهو سل الانثيين او رضهما ، والخصي يولج ويبالغ ولكنه لا ينزل. والجب هو قطع ذكر الرجل بشكل تام. وفي كلا الحالتين يكون الخيار للمرأة الجاهلة بحاله في فسخ الزواج او امضائه. وانما اُلحِقَ الجب

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ١٢٦.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٣٢.

٣ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ٣٢٠.

١٠٩

بالخصاء لانه اقوى عيباً من الخصاء ، لقدرة الخصي على الجماع اجمالاً. وقيل ان الخصاء والجب اذا حصلا بعد العقد يثبت الخيار للمرأة ايضاً لصحيحة ابي بصير ، قال : ( سألت ابا عبد الله (ع) عن امرأة ابتلي زوجها ، فلا يقدر على جماع ، أتفارقه؟ قال : نعم ، ان شاءت ) (١).

والعنن عيب تتسلط المرأة بسببه على الفسخ لا فرق ان كان قبل عقد والزواج او بعده. وهو مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الايلاج ، بمعنى انه داء يعجز معه الرجل عن الجماع اطلاقاً. الا ان المشهور بين الفقهاء انه لا خيار لها لقوله (ع) : ( ان عليا (ع) كان يقول : اذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها وقعة واحدة ، ثم اعرض عنها فليس لها الخيار ، لتصبر فقد ابتليت ) (٢). ولكن الشيخ المفيد وجماعة ذهبوا الى « ان لها الفسخ ايضاً ، للاشتراك في الضرر الحاصل باليأس من الوطء ، واطلاق الروايات بثبوت الخيار للمرأة من غير تفصيل » (٣). واذا ثبت العنن فان صبرت عالمة بالعنن وبان لها الخيار فلا خلاف في عدم الخيار لها بعد ذلك اذا ارادته ، لانه حق يسقط بالاسقاط ، و « لقول الامام (ع) : متى اقامت المرأة مع زوجها بعدما علمت انه عنين ، ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا » (٤). واذا لم تصبر على العنن رفعت امرها الى الحاكم الشرعي ، الذي ينبغي ان يؤجله بدوره سنة كاملة من حين المرافعة ، وعليها ان تسكن مع الزوج خلال فصول السنة لاحتمال تأثير المناخ من حرارة او برودة على العنن. واذا

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٣٠.

٢ ـ الاستبصار : ج ٣ ص ٢٥٠.

٣ ـ المسالك ـ كتاب النكاح.

٤ ـ الجواهر : ج ٣٠ ص ٣٢٥.

١١٠

واقعها خلال السنة فلا خيار لها ، واذا لم يواقعها يحق لها الفسخ بالاجماع والنص.

والعيوب الموجبة للفسخ المتعلقة بالمرأة هي : البرص والجذام وهما من الامراض المعدية ، والعمى ، والعرج. فاذا كانت المرأة مصابة بهذه العيوب وكان الرجل جاهلاً بها قبل العقد ، حق له حينئذٍ الفسخ. اما القرن والعفل وهي زوائد لحمية في الفرج ، والافضاء وهو اختلاط المسلكين ، والرتق وهو انسداد الفرج ، فانها تؤدي الى تعسر الجماع ، ولذلك فقد الحقها الفقهاء بالعيوب ايضاً. فقد ورد في الرواية ان الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا! قال : ( هذه لاتحبل ، وينقبض زوجها من مجامعتها ، وترد على اهلها. قال السائل : فان كان دخل بها؟ قال : ان كان علم قبل ان يجامعها ثم جامعها فقد رضي بها ، وان لم يعلم الا بعد ما جامعها فان شاء امسكها ، وان شاء سرّحها الى اهلها ، ولها ما اخذت منه [ أي من المهر ] بما استحل من فرجها ) (١).

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٣٠.

١١١

الخيار بالتدليس

والتدليس هو التمويه باخفاء نقص او عيب موجود ، او ادّعاء كمال غير موجود اصلاً ، قبل العقد. فقد يكون النقص او العيب ، جسديا كالعمى في العينين او في عين واحدة مثلاً ، وادعاء الكمال كادعاء المكانة الاجتماعية والشرف او البكر والشباب. وقد يكون الزوج هو المدلس ، وقد تكون الزوجة هي المدلسة. فاذا كان الامر كذلك ، جاز الفسخ بسبب التدليس.

ويحصل خيار فسخ الزواج في حالات اخرى لتخلف الشروط ؛ ومنها : ان تكون صفة عدم النقص او الكمال من شروط العقد ، مثل قول المرأة : زوجتك نفسي بشرط ان تكون سليماً من الامراض السارية. او قول الرجل : تزوجتك بشرط ان تكوني باكراً. ومنها : ان يكون عدم النقص والكمال وصفاً لا شرطاً ، كقوله : زوجتك موكلتي فلانة بنت فلان البكر. ومنها : ان يكون العقد مبنياً على اساس عدم النقص ، كأن يذكر الكمال وعدم النقص في حديثه عن الزواج. وفي هذه الحالات يحصل الخيار لتخلف الشروط لا للتدليس.

واذا حصل الفسخ فانه يجب ان يكون فورياً ، لان سكوت الزوج بعد العلم لا يبيح له الفسخ بعد ذلك. وقد اختلف الفقهاء في ثبوت الخيار للزوجة المخدوعة بالتدليس. فقال بعضهم ان لها حق الفسخ واستدلوا على ذلك برواية محمد بن مسلم التي تجيز للمرأة الفسخ اذا تزوجت برجل بناءً على انه حر فبان لها انه مملوك ( قال سألت الامام ابا عبد الله (ع) عن امرأة حرة تزوجت مملوكاً على انه حر ، فعلمت بعد انه مملوك؟ فقال : هي املك بنفسها

١١٢

ان شاءت قرت [ اقامت ] معه ، وان شاءت فلا ، فان كان دخل بها فلها الصداق ، وان لم يدخل بها فليس لها شيء ، فان هو دخل بها بعد ما علمت انه مملوك وأقرت بذلك فهو املك لها ) (١).

واذا حصل التدليس على الزوج من قبل طرف ثالث ، فلا يفسخ العقد وانما يؤخذ المهر من الذي زوّجها ، حيث « يرجع الزوج بالمهر على المدلس ان كان ، والاّ فلا رجوع ، ولو كانت هي المدلسة رجع عليها الاّ بأقل ما يمكن ان يكون مهراً ، وهو اقل متمول على المشهور » (٢). وقد ورد في بعض الروايات ان الامام جعفر بن محمد (ع) سُئِل عن رجل ولّته امرأة امرها ، او ذات قرابة ، او جارة لها ، لا يعلم دخيلة امرها ، فوجدها قد دلست عيباً هو بها؟ قال (ع) : ( يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شيء ) (٣). وفي رواية اخرى : ( في كتاب علي (ع) من زوّج امرأة فيها عيب دلسه ، ولم يبين ذلك لزوجها ، فانه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل اليها على الذي زوّجها ولم يبين ) (٤). اي يكون المهر على الذي زوّجها ولم يبين.

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٤٦.

٢ ـ اللمعة الدمشقية : ج ٥ ص ٣٩٥.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٩.

٤ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٣٤.

١١٣

الصداق

وحتى يتكامل الضمان الحقوقي المدني للزوجة مع الضمان المالي ، فقد اعتبر الصداق جزءاً من الصفقة الحقوقية التي تستلمها الزوجة عند العقد فالنفقة الواجبة والصداق وحقوق الأمومة والأرث ونحوها تشكل الاركان الرئيسية لتلك الصفقة. اذن ، فالصداق هو الضمان المالي الذي شرعه الاسلام لمصلحة المرأة ، وصيانتها في حالتي استقرار الزواج او فشله. ويعتبر من حقوق الزوجة نصّاً واجماعاً ، لقوله تعالى : ( فاَتوا النِّساءَ صَدُقاتهنّ نِحلَة ... ) (١) ، الا انه لا يعتبر شرطاً في صحة عقد الزواج ولا يعتبر ركناً من اركانه. وهو على انواع ثلاثة : المهر المسمى ، ومهر المثل ، والتفويض.

والمهر الذي تراضى عليه الزوجان وسمياه في متن العقد هو ( المهر المسمى ) الذي لا حدّ لأقلّه ولا حدّ لأكثره ، للنص المجيد : ( وَاِن اَرَدتُم استِبدالَ زَوجٍ مَكانَ زَوجٍ وَآتَيتُم اِحداهُنَّ قِنطاراً فَلا تَأخُذُوا مِنهُ شَيئا ) (٢) ، والرواية المروية عن الامام ابي جعفر (ع) : ( الصداق كل شيء تراضى عليه الناس قلّ او كثر ) (٣). والمندوب شرعاً ان لا يزيد عن مهر السنّة وهو خمسمائة درهم فضة.

ويشترط في المهر ان يكون حلالاً ، ومتقوماً بمال عرفاً وشرعاً ، فلا يصح تسمية ما لا يصح تملكه كالخمرة ونحوها. واذا سمى لها ما لا يصح

__________________

١ ـ النساء : ٤.

٢ ـ النساء : ١٩.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٩ ص ٢١.

١١٤

تملكه ، فالمشهور بطلان المهر وصحة العقد ، وثبوت مهر المثل لها مع الدخول ويشترط في المهر ايضاً ان يكون معلوماً على الصعيد العرفي بشكل من الاشكال كالذهب والفضة ، ويتعين على الزوج اقل ما يتمول. بل « هو كلما يصح ان يملكه المسلم عيناً كان او منفعة لعقار او حيوان او انسان ، للاصل وللروايات المعتبرة المستفيضة في تحديد الصداق بما تراضيا عليه » (١). والاصل ان عقد الزواج لا يقصد منه المعاوضة التي لا بد فيها من العلم الرافع للغرر.

و « كل ما جاز ثمناً في البيع او اجرة في الاجارة من العين والدين والحال والمؤجل والقليل والكثير ، ومنافع الحر والعبد وغيرهما ، جاز ان يكون صداقاً. وقد روى الدارقطني باسناده قال : قال رسول الله (ص) : انكحوا الايامى وادوا العلائق ، قيل : ما العلائق يا رسول الله؟ قال : ما تراضى عليه الاهلون ، ولو قضيباً من اراك. ورواه الجورجاني. وبهذا قال مالك والشافعي ، وقال ابو حنيفة : منافع الحر لا تكون صداقاً ، لانها ليست مالاً ، انما قال الله تعالى : ( ان تبتغوا باموالكم ). ولنا قول الله تعالى : ( اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج ) والحديث الذي ذكرناه ، ولانها منفعة يجوز العوض عنها في الاجارة ، فجازت صداقاً كمنفعة العبد ، وقولهم : ليست مالاً ، ممنوع فانها تجوز المعاوضة عنها وبها ان لم تكن مالاً فقد اجريت مجرى المال في هذا ، فكذلك في النكاح » (٢).

واذا أهمل العاقد ذكر المهر ، ولم يشترط عدمه ثبت للمرأة « مهر

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣.

٢ ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ١٣٩.

١١٥

المثل » مع الدخول. ومهر المثل ، هو ما تعارف عليه الناس من صداق النساء ، كما ورد جواب الامام جعفر بن محمد (ع) عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ، ثم دخل بها؟ قال : « صداق نسائها » (١). و « المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها والسن والبكارة والعقل واليسار والعفة والادب واضدادها. وبالجملة ما يختلف به الغرض والرغبة اختلافاً بيناً » (٢).

واذا طلقها قبل الدخول ، وفي حالة عدم الاشارة الى المهر في العقد ، فليس لها مهر لانه لم يذكر في العقد ، ولكن لها هدية يقدمها الرجل للمرأة بناسب مع وضعه المالي ، سماها القرآن « المتعة » لقوله تعالى : ( لاجُناحَ عَلَيكُم اِن طَلَّقُتم النِّساءَ ما لَم تَمَسُّوهُنَّ اَو تَفرضُوا لَهُنَّ فَريضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلى المُوسِع قِدَرُه وَعَلى المُقتِرِ قَدَرُه مَتاعاً بِالمَعُروفِ حَقّاً عَلى المُحسِنين ) (٣). ويشرح هذا النص الشريف حديث للامام جعفر بن محمد (ع) : ( اذا طلق الرجل امرأته قبل ان يدخل بها فلها نصف المهر ، وان لم يكن لها عدة ، تتزوج ان شاءت من ساعتها ) (٤).

واجمع الفقهاء على انه اذا تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه ، ولم يسمّ لها مهراً فلا تستحق مهر المثل ، بل يكون لها مهر السنّة ، للرواية المروية عن الامام (ع) عندما سُئِل عن رجل يتزوج امرأة ، ولم يسم لها مهراً ، وكان

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٢.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٥٢.

٣ ـ البقرة : ٢٣٦.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٦٥.

١١٦

الكلام : اتزوجك على كتاب الله وسنة نبيه « ص » ، فمات عنها ، او اراد ان يجخل بها ، فما لها من المهر؟ قال : ( مهر السنة ) (١).

ويثت مهر المثل في حالات منها ، اولاً : اذا تبين فساد العقد لسبب من اسباب التحريم ولم يكن قد سمى لها مهراً في متن العقد. ثانياً : اذا جرى العقد على ما لا يملك شرعاً. ثالثاً : اذا اكره امرأة على الزنا ، يثبت لها مهر المثل ، ويقتل الغاصب كما فصلّنا ذلك في كتاب ( الانحراف الاجتماعي واساليب العلاج في الاسلام ).

اما « مهر التفويض » ، فهو على قسمين : الاول : تفويض المهر ، وهو اجراء العقد وتفويض تعيين المهر للزوج او الزوجة. الثاني : تفويض البضع ، وهو اجراء العقد من غير ذكر المهر ، ولها مهر المثل مع الدخول.

وفي تفويض المهر ، اذا ترك التعيين الى الزوج فللزوجة القبول بحكمه مهما كان مبلغ المهر ، وان كان التعيين لها فعليها ان لا تتجاوز مهر السنة. وكيف لم تجز حكمها عليه ، وأجزت حكمه عليها؟ قال الامام (ع) : « لانه حكّمها ، فلم يكن لها ان تجاوز ما سن رسول الله (ص) ، وتزوج عليه نساءه ، فرددتها الى السنة ، ولانها هي حكّمته ، وجعلت الأمر اليه في المهر ، ورضيت بحكمه في ذلك ، فعليها ان تقبل حكمه قليلاً كان او كثيراً » (٢).

واذا اشترطت الزوجة على زوجها شيئاً زائداً يدفعه لابيها اضافة الى المهر ، ورضي هو بالشرط ، كان عليه ان يفي بذلك لان المؤمنين عند شروطهم ما لم تحلل حراماً ، او تحرم حلالاً. وهذا الشرط لا ينافي مقتضى

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٢٧.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ص ٢١

١١٧

العقد ، ولايخالف النصوص الشرعية. اما اذا عين مبلغ المهر ثم عين لابيها مبلغا آخر ، صح المهر وسقط ما سماه لابيها ، « بلا خلاف ، بل عن الغنية الاجماع عليه ، والاصل في ذلك صحيح الوشا عن الامام الرضا (ع) : لو ان رجلاً تزوج امرأة ، وجعل مهرها عشرين الفا ، وجعل لابيها عشرة الاف كان المهر جائزاً ، والذي جعله لابيها فاسداً » (١). ولا يجوز للاب ان يأخذ صداق ابنته لاغراضه الشخصية للروايات الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) ومنها رواية عن الرجل يزوج ابنته ، أله ان يأكل صداقها؟ قال الامام (ع) : ( لا ليس له ذلك ) (٢).

ويجوز تأجيل المهر او تعجيله كلاً او بعضاً ، لاجل معين ظاهر كسنة مثلاً ، او لاجل معين غير ظاهر ولكنه واقع ، كأحد الاجلين : الموت او الطلاق. واذا كان المهر المسمى معجلاً ثم رضيت الزوجة بتأجيله الى أمد قيل يجوز لها العدول اذا لم يؤخذ الرضا بالتأجيل شرطاً. فاذا « اجّل الحال فلا يلزم ، كما في المبسوط والخلاف والسرائر والشرائع والنافع والتذكرة والتبصرة والتحرير والارشاد والدروس والميسية والمسالك والكفاية ، وفي هذا الكتاب انه المشهور بين الفقهاء ... اذ ليس ذلك بعقد يجب الوفاء ، بل وعد يستحب الوفاء به ، ولا فرق بين ان يكون مهراً او غيره » (٣).

والمشهور ان المرأة تملك صداقها بالعقد وان لم يدخل ، وتفصيل ذلك انها تملك نصف المهر قبل الدخول ، ويثبت لها المهر كاملاً بعد الدخول ،

__________________

١ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٢٧.

٢ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢١٧.

٣ ـ مفتاح الكرامة : ج ٥ ص ٥٥.

١١٨

للنص الشريف عن ائمة اهل البيت (ع) : ( لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج ) (١) ، و « هذه الرواية يراد بها نفي احتمال ثبوت المهر كاملاً بالخلوة ، وهو غير بعيد لان سياقها يدل على ذلك » (٢). و « يستحب للرجل أن لا يدخل بامرأته حتى يقدم لها مهرها. فان لم يفعل ، قدم لها شيئاً من ذلك ، او من غيره من الهدية ليستبيح به فرجها ، ويجعل الباقي ديناً عليه » (٣).

ومتى قبضت المهر فلا يحق لها الامتناع ، لان الامتناع يعد نشوزاً تسقط نفقتها معه. واذا عجز الزوج عن المهر فلا يسقط حقها في النفقة ، ولا في الامتناع عنه قبل الدخول : لان العجز عن الحق لا يسقطه ، بل يوجب العذر وانتظار الميسرة.

وذهب اكثر الفقهاء ان اختلاف الرجل بزوجته مع عدم الدخول ، لا اثر له على الصداق ، لقوله تعالى : ( لا جُناحَ عَلَيكُم اِن طَلَّقتُم النِّساءَ ما لَم تَمَسُّوهُنَّ ) (٤) ، والمراد بالمس هنا ، الوطء باجماع المفسرين. والرواية المروية عن الامام (ع) حجة ايضاً ، عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة ، فاغلق باباً او ارخى ستراً ،، ولمس وقبّل ، ثم طلقها ، أيوجب عليه الصداق؟ قال : ( لا يوجب الصداق ، الا الوقاع ) (٥). وفي رواية اخرى : ( اذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل ) (٦). فالاصل الذي يترتب عليه دفع المهر ، ومراعاة

__________________

١ ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٤٣.

٢ ـ الجواهر : ج ٣١ ص ١٠٨.

٣ ـ النهاية : ص ٤٧٠.

٤ ـ البقرة : ٢٣٦.

٥ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٤.

٦ ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٤

١١٩

العدة هو الدخول وليس مجرد الاختلاء.

واذا تنازع الزوجان على متاع البيت ، قبل الطلاق أو بعده ، قال اكثر علماء الامامية ان ما يصلح للرجال من الالبسة ونحوها فهو للزوج مع يمينه ، وما يصلح للنساء كحليهن وملابسهن فهو للزوجة مع يمينها ، وما يصلح للاثنين كالاواني والفرش فهو بينهما ، « يحلف كل واحد منهما لصاحبه ويكون بينهما نصفين » (١). وقيل ايضاً بتسلط اليد ، فان كان لاحد الزوجين يد غالبة على ذلك المتاع كان صاحب اليد منكراً ، والآخر مدعياً ، فاذا تنازعا في حلية استعملتها الزوجة كان القول قولها مع اليمين ، لتسلط يدها عليه ، لا لأنها مختصة بالنساء.

وبالاجمال ، فان صداق الزوجة هو جزء لا يتجزأ من حقوقها المالية ، التي تعتبر ضماناً لاستقلالها المالي في حالات الطلاق ، او وفاة الزوج ، او حتى في الحالات الطبيعية مع وجود الزوج. ولاشك ان هذا الاستقلال المالي يحفظ للزوجة شخصيتها وكيانها ، على عكس الزوجة في النظام الغربي التي لا تستلم شيئاً من المال خلال اجراء العقد ، مما تضطر الى العمل خارج البيت لانشاء كيانها المالي المستقل.

__________________

١ ـ المبسوط : ج ٨ ص ٣١٠.

١٢٠