تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

٩ ـ ذخائر العقبى ـ لمحب الدين الطبري ، ت (٦١٥ أو ٦٩٤ هـ) :

١ ـ قال : عن جعفر بن سليمان قال : حدثتني خالتي أم سالم قالت : (لما قتل الحسين عليه السلام مطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر ، قالت : وبلغني إنّه كان بخراسان ، والشام والكوفة). قال : خَرّجه ابن بنت منيع.

٢ ـ وقال : وعن أم سلمة قالت : (لما قتل الحسين مطرنا دما).

٣ ـ وقال : وعن ابن لهيعة ، عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي عليه السلام بعث برأسه إلى يزيد ، فنزلوا أوّل مرحلة فجعلوا يشربون ويتحيّون بالرأس ، فبينما هم كذلك ؛ إذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد ، فكتبت سطراً بدم.

أترجوا أمّة قتلت حسيناً

شفاعة جدّهِ يوم الحسابِ

فهربوا وتركوا الرأس).

٤ ـ وقال : عن ابي نعيم ـ الحافظ في كتاب النبوة ـ عن نظرة الأزديّة إنّها قالت : (لما قتل الحسين بن علي ، أمطرت السماء دماً ، فأصبحنا وجبابنا (الآبار) ، وجرارنا مملوءة دماً) (٥٠٧).

١٠ ـ الصواعق المحرقة ـ لابن حجر الهيثمي ، ت (٩٧٣ هـ) :

١ ـ قال : «ومما ظهر يوم قتله من الآيات أيضاً ، أنّ السماء إسودّت إسوداداً عظيماً ، حتى رؤيت النجوم نهاراً ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط».

__________________

(٥٠٧) ـ الطبري ، أحمد بن عبد الله : ذخائر العقبى / ١٤٧.

٤٢١

٢ ـ وقال : (وإنّ السماء إحمرّت لقتله ، وإنكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النهار ، وظن الناس أنّ السماء قد قامت ، ولم يرفع حجر في الشام إلا رؤي تحته دم عبيط).

٣ ـ قال : (ونقل ابن الجوزي ، عن ابن سيرين : (أنّ الدنيا أظلمت ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء).

٤ ـ وقال : قال أبو سعيد : (ما رفع حجر من الدنيا إلا وتحته دم عبيط ، ولقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدّة حتى تقطعت).

٥ ـ وقال : وأخرج الثعلبي : (أنّ السماء بكت وبكاؤها حمرتها).

٦ ـ وقال : وإنّ ابن سيرين قال : (أخبرنا إنّ الحمرة التي مع الشفق لم تكن قبل).

٧ ـ وقال : وذكر ابن سعد : (إنّ هذه الحمرة لم تُرَ في السماء قبل قتله).

٨ ـ وقال : قال ابن الجوزي : (وحكمته أنّ غضبنا يؤثر حمرة الوجه ، والحق ننزّه عن الجسميّة فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق ، إظهاراً لعظم الجناية) (٥٠٨).

١١ ـ الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ، علي بن محمد ، ت (٦٣٠ هـ) :

١ ـ قال : (ومكث الناس شهرين أو ثلاثة ، كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع).

٢ ـ قال ابن عباس : (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الليلة التي قتل فيها الحسين بيده قارورة وهو يجمع فيها دماً. فقلت : يا رسول الله ما هذا؟ قال : هذه دماء الحسين

__________________

(٥٠٨) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : الصواعق المحرقة / ١٩٠ ـ ١٩٤.

٤٢٢

وأصحابه أرفعها إلى الله تعالى ، فاصبح ابن عباس ، فأعلم الناس بقتل الحسين وقصّ رؤياه ، فوجد قد قتل الحسين في ذلك اليوم).

٣ ـ وروي : (أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى أم سلمة تراباً من تربة الحسين حمله إليه جبرئيل ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة : إذا صار هذا التراب دماً ؛ فقد قتل ال حسين. فحفظت أم سلمة ذلك ، التراب في قارورة عندها ، فلما قتل الحسين ؛ صار التراب دماً ، فأعلمت الناس بقتله أيضاً) (٥٠٩).

١٢ ـ مجمع الزوائد ـ للحافظ أبي بكر الهيثمي ، ت (٩٧٣ هـ) :

١ ـ قال : عن دويد الجعفي ، عن أبيه قال : (لما قتل الحسين عليه السلام أنتهبت جزور من عسكره ، فلما طبخت إذا هي دم). رواه الطبراني ورجاله ثقات.

٢ ـ وقال : وعن الزهري قال : قال لي عبد الملك : (أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل عليه السلام؟ فقال : قلت : لم تُرفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط ، فقال لي عبد الملك : إني وإياك في هذا الحديث لقرينان). قال : رواه الطبراني ، ورجاله ثقات.

٣ ـ وقال : عن محمد بن سيرين قال : (لم تكن في السماء حمرة حتى قتل الحسين) (٥١٠).

١٣ ـ مستدرك الصحيحين ـ للحاكم النيسابوري ، ت (٤٠٥ هـ) :

١ ـ قال : بسنده عن عمّار بن عمّار ، عن ابن عباس ، قال : (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم نصف النهار ، أشعث وأغبر معه قارورة فيها دم ، فقلت : يا نبي الله ، ما هذا؟

__________________

(٥٠٩) ـ ابن الأثير ، علي بن محمد : الكامل في التاريخ ، ج ٤ / ٩٠ ـ ٩٣.

(٥١٠) ـ الهيثمي ، علي بن أبي بكر : مجمع الزوائد ج ٩ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

٤٢٣

قال : هذا دم الحسين وأصحابه ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم. قال : فأحصي ذلك اليوم ، فوجدوه قتل قبل ذلك بيوم ، قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم) (٥١١).

١٤ ـ ينابيع المودّة ـ للحافظ الحنفي القندوزي ، ت (١٢٩٤ هـ) :

١ ـ قال : وفي جواهر العقدين : أخرج البيهقي ، عن الزهري قال : (دخلت على عبد الملك بن مروان فقال لي : يا ابن شهاب ، أتعلم ما كان في بيت المقدس ، صباح قتل علي بن أبي طالب؟ قلت : نعم. قال : هَلمّ ، فقمنا حتى أتينا خلف العقبة وخلينا عن الناس ، فقال لي : لم يُرفَع حجر من بيت المقدس إلا وجد تحته دم. فقال : لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك ، فلا يسمعنّ هذا منك هذا أحد. قال : فما حدّثت به حتى توفي) (٥١٢).

ثانياً ـ في كتب الشيعة الإمامية :

هناك الكثير من المصادر الشيعية التي تعرضت لأخبار وقصص الدم ، المرتبطة بمقتل وشهادة سيد الشهداء عليه السلام ، منذ شهادته إلى عصرنا الحاضر ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ أمالي الصدوق ـ للشيخ محمد بن علي بابويه القمي ، ت (٣٨١ هـ) :

١ ـ بإسناده عن المفضل بن عمر ، عن الصادق (جعفر بن محمد) ، عن أبيه ، عن جده عليه السلام ، (أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، دخل يوماً إلى الحسن عليه السلام ، فلما نظر إليه ؛ بكى فقال له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال : أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسن عليه السلام : إنّ الذي يؤتى إلى سمّ

__________________

(٥١١) ـ النيسابوري ، محمد بن عبد الله : مستدرك الصحيحين ، ج ٤ / ٣٩٧.

(٥١٢) ـ القندوزي ، سليمان بن ابراهيم : ينابيع المودة ، ج ٢ / ١٥٤.

٤٢٤

يُدس إليّ فأقتل به ، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يزدلف إليك ثلاثون الف رجل ، يَدّعون أنهم من أمّة جدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وينتحلون دين الإسلام ، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ، وإنتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وإنتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببني أميّة اللعنة ، وتمطر السماء رماداً ودماً ، ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار) (٥١٣).

٢ ـ في حديث ابن عباس مع أمير المؤمنين عليه السلام حينما خرج إلى صفين ، ونزل نينوى بشط الفرات ، ذكر حديث مرور عيسى بن مريم عليها السلام مع الحواريين بهذه البقعة الطاهرة ، ورأى الظباء مجتمعة فبكى وأخبر الحواريين عن سبب بكائه ، قائلاً : (فهذه الظباء تكلمني وتقول : إنّها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنّها آمنة في هذه الأرض ، ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران فشمها وقال : هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها ، اللهم فابقها أبداً حتى يشمها أبوه ، فيكون له عزاء وسلوة) قال : فبقيت إلى يوم الناس هذا وقد إصفرّت لطول زمنها ، وهذه أرض كرب وبلاء ، ثم قال بأعلى صوته : يا رب عيسى بن مريم لا تبارك في قتلته والمعين عليه والخاذل له ، ثم بكى بكاءً طويل وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشى عليه طويلاً ، ثم أفاق فأخذ البعر فصَرّه في ردائه ، وأمرني أن أصرّها كذلك.

ثم قال : يا ابن عباس ، إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً ، ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم إنّ أبا عبد الله قد قتل بها ودفن. قال ابن عباس : فوالله لقد كنت

__________________

(٥١٣) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي بابويه القمي : أمالي الصدوق / ١٠١ (مجلس ٢٤ ـ حديث ٣).

٤٢٥

احفظها أشدّ من حفظي لبعض ما إفترض الله عَزّ وجَلّ عليّ ، وأنا لا أحلها من طرف كمي ، فبينما أنا نائم في البيت إذ إنتبهت ، فإذا هي تسيل دماً عبيطاً ، وكان كمي قد إمتلأ دماً عبيطاً ، فجلست وأنا باكٍ : قد قتل والله الحسين ، والله ما كذبني عليُ قط في حديث حدثني ، ولا أخبرني بشيء قط أنّه يكون إلا كان كذلك ؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره ، ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنّها ضباب لا يستبين منها أثر عين ، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باكٍ فقلت : قد قتل والله الحسين ، وسمعت صوتاً من ناحية البيت وهو يقول :

اصبروا آل الرسول

قتل الفرخ النحول

نزل الروح الأمين

ببكاء وعويل

ثم بكى بأعلى صوته وبكيت ، فأثبت عندي تلك الساعة ، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء لعشر مضين منه ، فوجدت قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه ، فقالوا : والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو فكنا نرى إنّه الخضر عليه السلام) (٥١٤).

٣ ـ بإسناده عن جبلة المكية قالت : سمعت ميثم التمار يقول : (والله لتقتلن هذه الأمة ابن نبيها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره ، أعلم ذلك بعهد عهده إلى مولاي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، ولقد أخبرني أنّه

__________________

(٥١٤) ـ المصدر السابق / ٤٧٩ ـ ٤٨٠ (مجلس ٨٧ ـ حديث ٥).

٤٢٦

يبكي عليه كل شيء حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جو السماء ، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنوا الإنس والجن ، وجميع ملائكة السماوات ، ورضوان ، ومالك ، وحملة ، العرش ، وتمطر السماء دماً ورماداً.

ثم قال : وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليه السلام ، كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام يوم بركة؟ فبكى ميثم ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام ، وإنما تاب الله على آدم عليه السلام في ذي الحجة ، ويزعمون أنّه اليوم الذي قبل الله توبة داود ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة ، ويزعمون أنّه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة ، ويزعمون أنّه اليوم الذي إستوت فيه سفينة نوح على الجودي ، وإنما إستوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، ويزعمون أنّه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنّما كان ذلك في شهر ربيع الأول. ثم قال ميثم : يا جبلة ، إعلمي أنّ الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة ، يا جبلة ، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنّها دم عبيط فاعلمي أنّ سيدك الحسين قد قتل. قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، فصحت حينئذ وبكيت وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي عليه السلام) (٥١٥).

__________________

(٥١٥) ـ المصدر السابق / ١١٠ ـ ١١١ (مجلس ٢٧ ـ حديث ١).

٤٢٧

٢ ـ بحار الأنوار ـ للشيخ محمد باقر المجلسي ، ت (١١١١ هـ) :

١ ـ بإسناده عن أم سلمة (رض) أنّها قالت : (خرج رسول الله من عندنا ذات ليلة فغاب عنّا طويلاً ، ثم جاءنا وهو أشعث أغبر ، ويده مضمومة فقالت له : يا رسول الله ، مالي أراك شعثاً مغبراً؟ فقال : أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له : كربلاء فرأيت فيه مصرع الحسين إبني وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل ألقط دماءهم فها هو في يدي وبسطها إليّ فقال : خذيها فاحفظي بها فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها. فلما خرج الحسين عليه السلام من مكة متوجهاً نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة وأشمها ، وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه. فلما كان (في) اليوم العاشر من المحرم ، وهو اليوم الذي قتل فيه عليه السلام أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ، ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط ، فصحت في بيتي وبكيت وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت) (٥١٦).

٢ ـ بإسناده عن عبد الرحمن بن محمد ، ابن عمر بن أبي سلمة ، عن جده ، عن أم سلمة قالت : (جاء جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إنّ أمتك تقتله ـ يعني الحسين ـ بعدك. ثم قال : ألا أريك من تربته؟ قالت : فجاء بحصيات فجعلهنَّ رسول الله في قارورة ، فلما كان ليلة قتل الحسين ؛ قالت أم سلمة : سمعت قائلاً :

__________________

(٥١٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٤ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

٤٢٨

أيها القاتلون جهلاً حسيناً

أبشروا بالعذاب والتنكيل

قد لعنتم على لسان داود

وموسى وصاحب الإنجيل

قالت : فبكيت ففتحت القارورة ، فإذا قد حدث فيها دم) (٥١٧).

٣ ـ من معجزاته صلوات الله عليه أنّه لما اردا العراق قالت له أم سلمة : (لا تخرج إلى العراق فقد سمعت رسول الله يقول : يقتل ابني الحسين بأرض العراق ، وعندي تربة دفعها إليّ في قارورة ، فقال : إني والله مقتول ومصرع أصحابي ، ثم مسح بيده على وجهها ، ففسح الله عن بصرها حتى رأيا ذلك كله وأخذ تربة فأعطاها من تلك التربة أيضاً في قارورة أخرى ، وقال عليه السلام : إذا فاضت دماً ؛ فاعلمي أني قتلت. فقالت أم سلمة : فلما كان يوم عاشوراء ؛ نظرت إلى القارورتين بعد الظهر ، فإذا هما قد فاضتا دماً ، فصاحت. ولم يقلب في ذلك اليوم حجر ولا مدر إلا وجد تحته دم عبيط) (٥١٨).

٤ ـ وبإسناده عن ابي بصير ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : (بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي فأشخصه إلى الشام ، فلما دخل عليه قال له : يا أبا جعفر ، أشخصك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ، ولا أعلم في الأرض خلقاً ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلا واحد.

فقال أبي : ليسألني أمير المؤمنين ، عمّا أحبّ ، فإن علمت أجبت ذلك ، وإن لم أعلم قلت : لا أدري ، وكان الصدق أولى بي. فقال هشام : أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن ابي طالب ، بما إستدل به الغائب عن المصر

__________________

(٥١٧) ـ المصدر السابق ، ج ٤٤ / ٢٤١.

(٥١٨) ـ نفس المصدر ، ج ٤٥ / ٨٩.

٤٢٩

الذي قتل فه على قتله؟ وما العلامة فيه للناس ، فإن علمت ذلك وأحببت فأخبرني ، هل كان تلك العلامة لغير علي عليه السلام فيه على قتله؟ فقال له أبي : يا أمير المؤمنين إنّه لما كان تلك الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين علي بن الب طالب عليهما السلام ، لم يرفع حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر ، وكذلك كانت الليلة ا لتي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك الليل ، التي رفع فيها عيسى ابن مريم ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها شمعون بن حمّون الصّفا ، وكذلك كانت الليلة قتل فيها علي بن ابي طالب عليهما السلام ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها الحسين بن علي (عليهما السلام). قال : فتربّد وجه هشام حتى إنتقع لونه) (٥١٩).

٥ ـ وبإسناده عن علي بن مُسهر ، عن جدّته قالت : (كنت أيام الحسين جارية شابّة ؛ فكانت السماء أياماً علقة) (٥٢٠).

٦ ـ وبإسناده عن أم سرق العبديّة ، عن نرظة الأزدية قالت : (لما أنّ قتل الحسين عليه السلام ؛ مطرت السماء فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دماً) (٥٢١).

٣ ـ عوالم العلوم ـ للشيخ عبد الله البحراني الإصفهاني ، ت (القرن ١٢) :

بإسناده : عن عبد الله بن عمر الخزاعيّ ، عن هند بنت الجون قالت : (نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخيمة خالتها أم معبد ومعه أصحاب له ، فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس ، فقال في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد ، وكان يوم

__________________

(٥١٩) ـ المصدر السابق ، ج ٤٥ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٥٢٠) ـ نفس المصدر / ٢١٦.

(٥٢١) ـ نفس المصدر / ٢١٦.

٤٣٠

قائظ شديد حَرّه. فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل يديه فأنقاهما ثم مضمض فاه ـ ومجّه على عَوْسَجَة كانت إلى جنب خيمة خالتها ـ ، ثلاث مرات ، وإستنشق ثلاثاً ، وغسل وجهه وذراعيه ، ثم مسح برأسه ورجليه وقال : لهذه العَوْسَجَة شأن ، ثم فعل من كان معه من أصحابه مثل ذلك ، ثم قام فصلى ركعتين ، فعجبت وفتيات الحيّ من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلياً قبله. فلما كان من الغد أصبحنا وقد علت العوسجة حتى صارت كأعظم دوحة عارية وأبهى ، وخضد الله شوكها ، وساخت عروقها ، وكثرت أفنانها ، وإخضرّ ساقها وورقها ، فأثمرت بعد ذلك ، وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الوَرْس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد ، والله ما أكل منها جائع إلا وشبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا برأ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا إستغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا سمنت ودَرّ لبنها ، ورأينا النما والبركة في أموالنا منذ يوم نزل. وأخضبت بلادنا وأمرعت ، فكنّا نسمي تلك الشجرة (المباركة) ، وكان يأتينا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها ، ويتزودون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب ، فلم نزل كذلك ، وعلى ذلك أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمارها ، واصفر ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا له ، فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا هو قد قبض ذلك اليوم ، فكانت بعد ذلك تثمر ثمراً دون ذلك في العظم والطعم والرائحة ، فأقامت على ذلك ثلاثين سنة ، فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تَشَوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نظارة عيدانها ، وتساقط جميع ثمارها ، فما كان إلا يسيراً حتى وافى مقتل أمير المؤمنين ، علي بن أبي طالب عليه السلام فما أثمرت بعد ذلك لا

٤٣١

قليلاً ولا كثيراً ، وإنقطع ثمرها ، ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.

فأقامت على ذلك برهة طويلة ، ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد إنبعثت من ساقها دماً عبيطاً جارياً. وورقها ذابة تقطر دماً كماء اللحم ، فقلنا : إنّه قد حدث عظيمة ، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية ، فلما أظلم الليل علينا ؛ سمعنا بكاءً وعويلاً من تحتها ، وجلبة شديدة ورَجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :

أيا ابن النبي ويا ابن الوصي

ويا بقية ساداتنا الأكرمينا

ثم كثرت الونات والأصوات ، فلم نفهم كثيراً مما كانوا يقولون ، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين عليه السلام ويبست الشجرة وجَفّت ، فسرتها الرايح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت وإندرس أثرها» (٥٢٢).

٤ ـ قبس من كرامات الإمام الحسين (عليه السلام) ـ للدكتور الشيخ عبد الرسول الغفار (معاصر) :

١ ـ «يقول الأستاذ الحاج عبد الغني البستاني ـ مدير القسم العربي في إذاعة قم حالياً ـ لما مرضت العائلة وكانت أيام محرّم الحرام من عام ١٤٠٩ هـ ، إشتريت كميّة من البطيخ من بائع الجملة (ميدان بار) وكانت الكميّة أكثر من خمسة عشر بطيخة ، ربّما يصل مجموع وزنها أكثر من خمس وعشرين كيلو غراماً. وزمان الشراء على وجه التقريب كان اليوم الثامن من المحرّم ، أمّا الكميّة ؛ فكانت أكثر من حاجة اليوم ؛ وذلك لئلا يخلو البيت من هذه

__________________

(٥٢٢) ـ البحراني ، الشيخ عبد الله بن نور الله : عوالم العلوم ، ج ١٧ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧.

٤٣٢

الفاكهة لإحتمال زيارة بعض الضيوف في الأيام القليلة المقبلة له. وقد تناولنا منه مقداراً. ولكن في يوم العاشر عندما فتحنا أحد البطيخات ، وإذا فيها قطعة حمراء كأنّه دم متخثر ومساحته يقرب من حجم الدرهم المتعارف. وكان للحدث أثر كبير في نفسي ونفس العائلة ، وشعرنا بالدهشة والتحيّر ، وإنتابتنا هَزّة دَبّت في كل أعضائنا. يقول الحاج : وذلك بسبب إطلاعنا على بعض الروايات التي تحَذِّر من إدّخار الطعام في يوم عاشوراء ، وأنّه غفلنا عن هذا التحذير لأسباب معيّنة» (٥٢٣).

٢ ـ قال : «الفصل الثامن (شجرة زر آباد) ، والدم المشاهد منها» : خصص المؤلف هذا الفصل لبحث كثير من القضايا المرتبطة بهذه الشجرة ، بعد أن قام برحلة إلى تلك البقعة وسَجّل ما رآه هناك ، وذلك عام (١٤٢١ هـ) ، نقتطف منه ما يلي :

يطلق على هذه الشجرة (چنار خونبار) ، وشهرة هذه الشجرة لا تقل عن شهرة المرقد الذي بجوارها والمنسوب إلى السيد (علي أصغر) ، من أحفاد الإمام الكاظم عليه السلام ، وفي زمان الشاه حسين الصفوي إشتهر بين الناس موضوع هذه الشجرة ، وما فيها من معجزة كبيرة وأمر عجيب ، وإسترعت هذه الشجرة إنتباه الشاه حسين الصفوي ، فأرسل هيئة علمائية للتحقيق فيها ، من بينهم الميرزا قوام الدين محمد بن مهدي الحسيني السيفي القزويني ، المتوفي عام ١١٥٠ هـ. وقد إعتنى الباحثون بهذه الشجرة وأشار الدكتور الشيخ الغفاري إلى (٢٦ مصدراً) تَعرّض لهذه الشجرة ، كما ذكر بعض العلماء والباحثين الذين زاروا تلك البقعة ، وسجلوا ما رأوا وسمعوا ، نذكر منهم ما يلي :

__________________

(٥٢٣) ـ الغفار ، الدكتور الشيخ عبد الرسول : قبس من كرامات الإمام الحسين (ع) / ١٨٧ ـ ١٨٨.

٤٣٣

١ ـ زارها سماحة المرجع الراحل السيد الميلاني (قده) سنة (١٣٤١ هجرية شمسي) (٥٢٤) ، قاصداً من مشهد المقدسة حيث محل إقامته ، وقد إستغرب الناس مجيئه إلى هذا المكان في مناسبة العشر من المحرم ، إذ مئات الألوف تقصد مشهد الإمام الرضا عليه السلام لعقد مجالس العزاء بجوار الإمام الرضا عليه السلام!.

كيفما كان تقدم أحد وجهاء القرية آنذاك ، واسمه (أحمد اقبالي) بالسؤال إلى السيد الميلاني ومفاد سؤاله هو : إنّ الناس في أيام المحرم ـ وبالذات تاسوعاء وعاشوراء ـ يذهبون إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام في خراسان ، وأنت يا سيدنا نراك قد جئت إلى إمام زاده علي أصغر في زر آباد؟!

فرد عليه السيد الميلاني قائلاً : إنّ القصّة هنا .. إنّه أمر مُهم جداً ، إنّه الإمام زاده (السيد علي أصغر) وإنّه شجرة چنار ، إنّه شجرة الدم ..!! وفي أثناء حديث السيد الميلاني ، سأل السيد عن قصة الطيور التي تأتي مساء يوم التاسع والعاشر من المحرم؟ فأجاب أحمد اقبالي السيد : إنّه صحيح ، نشاهد ذلك في كل عام.

٢ ـ وزارها السيد عبد الصاحب اللنگرودي (دام ظله). وقال : «دخلنا قرية زر آباد في يوم عاشوراء وفي لحظات إستشهاد أبا عبد الله الحسين عليه السلام ، سمعنا صوتاً من تلك الشجرة ، ثم سالت من بعض أغصانها مادّة سائلة حمراء كالدم ، وإني إلتقطت من تلك المادّة بواسطة قطعة من القطن بضعاً منها تيمّناً وشفاء ووضعتها في قنينة صغيرة وأتيت بها معي إلى قم.

يجب أنّ أنوّه أني سألت مسؤول تلك البقعة فخر الأقارن والأماثل وسليل الأطياب السيّد (الحسيني) عن سبب تقطير تلك الشجرة بالدم حين إستشهاد

__________________

(٥٢٤) ـ أي عام ١٣٨٣ هـ. ق.

٤٣٤

الإمام الحسين عليه السلام؟ فذكر لي ما سمعه ممّن عاصرهم ، وفي الأثناء ذكر الحسيني : أنّ هذه الشجرة التي تقطر دماً هي فرع من شجرة أصلية كانت سابقاً ، وقبل سنين طويلة جفّت تلك الشجرة ويبست ؛ لذا قُلِعَت. وقد ذكر كل من أجدادنا إلى أولاده وأحفاده : أنّ هناك أحداً من آبائنا كان قد رآى تلك الشجرة الأصلية في عصره ، وهي في طريقها إلى الجفاف ، وقد تَمّ جفافها بعد مدّة ، ولكن نبتت في أطرافها براعم ، وصارت تلك البراعم بعد مدة أشجاراً ، وهذه الأشجار التي تشاهدونها الآن هي نفس تلك البراعم ، قد إستقامت وأصبحت أشجاراً غليظة ، وهي تمتلك نفس ميزات تلك الشجرة الأصلية ، حيث يتدفق منها في كل يوم عاشوراء من كل عام ، وفي لحظات إستشهاد الحسين عليه السلام دماً. وأضاف : إني إقتلعت تلك الشجرة الجافة وأردت أن أستخدمها حطباً بطبخ الغداء في يوم عاشوراء حيث كنّا في كل عام نصنع الغذاء لعزاء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، لكني رأيت أنّ ذلك الحطب لا يشتعل أبداً ، ولهذا وضعت ذلك الحطب في تلك الزاوية ـ وأشار السيد (الحسيني) بيده إلى الزاوية ـ ، وحفظته هناك ، وإنّ أهالي زر آباد كانوا يأخذون قطعة قطعة من ذلك الحطب يُمناً وتبركاً ودفعا للبلايا وللإستشفاء ، وما تبقى منه فهو موجود في ذلك المكان ، وكل ما جَفّ من تلك الأشجا غصناً وضعناه هناك ، لأنّ ذلك الحطب لا يشتعل أبداً. هذا بعض ما ذكره لنا آية الله اللنگرودي (دام ظله).

٣ ـ «نُقل أنّ الدكتور الجراح آقاي كريمي ـ طبيب مختص بالجراحة ـ قد ذهل وأقام في القرية ثلاثة أيام ، وقد شاهد الكرامات الأخرى لهذه البقعة منها الأسماء الخمسة المكتوبة على أوراق هذه الشجرة».

٤٣٥

وبعد هذا العرض الموجز من البحث حول هذه الشجرة ، نختمه بما ذكره الدكتور الشيخ الغفاري حول هذه الشجرة ، حيث قال : «بحثنا هذا والمعزز بالصور ، كما نحتفظ بكاسيت فيديو قمنا بتسجيله وضبطه خلال سفرتنا التأريخية للقرية ؛ إذ يُشاهد في هذا التسجيل الوثائقي ، قطرات الدم التي تقذفها الشجرة في منتصف ليلة العاشر من المحرم ، ويستمر هذا القذف إلى ما قبل طلوع الفجر. علماً إنّ هذه الشجرة ليست من الأشجار التي يرشح منها عصارة أو سائل ؛ أو صمغ ، أو ما شاكل .. ، فهي من فصيلة الأشجار المعمّرة ، كالصفصاف ، والكالبتوز .. ، ويُقدِّر الخبراء الزراعيون عمر هذه الشجرة بين (٢٥٠ ـ ٣٠٠ عام) ..

٥ ـ قصص الراوندي ـ للشيخ سعد بن هبة الله الراوندي ، ت (٥٧٣ هـ) :

١ ـ عن جابر بن عبد الله ، عن ابي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : (لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) [مريم / ٧].

قال : (يحيى بن زكريا لم يكن له سميّ قبله ، والحسين بن عليّ لم يكن له سميّ قبله ، وبكت السماء عليهما أربعين صباحاً ، وكذلك بكت الشمس عليهما ، وبكاؤهما أن تطلع حمراء وتغيب حمراء. وقيل : أي بكى أهل السماء وهم الملائكة) (٥٢٥).

٢ ـ عن ابي عبد الله عليه السلام : «أنّ الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) بكى لقتله السماء والأرض واحمرتا ، ولم تبكيا على أحد قط ، إلا على يحيى بن زكريا (عليهما السلام)» (٥٢٦).

__________________

(٥٢٥) ـ الراوندي ، الشيخ سعيد بن هبة الله : قصص الأنبياء / ٢٢٠.

(٥٢٦) ـ نفس المصدر.

٤٣٦

٦ ـ القطرة من بحار مناقب النبي والعترة ـ لسيد أحمد تلكستنبط ، ت (١٤٠٦ هـ) :

«عن كتاب السيد الجليل الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح ، سبط المجلسي (قده) ما هذا لفظه :

فائدة : من وقائع نَيّف وتسعين ، أنّه وجدت حصاة في سبيل وادٍ من بلدة تستر ، منقوش عليها هذه الكلمات بخط أحمر ، فأرسلها حاكم البلدة إلى حضرة السلطان سليمان ، وأرسلها السلطان إلى جدي العلامة ـ يعن المجلسي ـ ، وقد رآها أكثر الحذّاق من الحكاكين والصناعة وأصحاب الصناعات وأهل الفطانة. وبالجملة شاهدها أكثر الناس وتأملوا في نقشها ، فلم يجدوها إلا مجبولة على تلك الحال ، بحيث لم يكن لتصنّع الصانعين فيها مجال.

والكلمات المكتوبة عليها هذه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، قتل الإمام الشهيد المظلوم الحسين ، بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، وكتب بدمه بإذن الله وحوله على كل أرض وحصاة (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء / ٢٢٧].

قال : ثم أمر السلطان بنصبها على الفضّة وتزيينها ببعض الزينة ليعلقها على عضده. ويواطئ هذا الخبر ، ما نقل شيخنا البهائي : أنّه وجد في أرض كربلاء درّ أحمر مكتوب عليه هذين البيتين :

أنا درّ من السماء نثروني

يوم تزويج والد السبطين

كنت أصفى من اللجين بياضاً

صبغتني دماء نحر الحسين»(٥٢٧)

__________________

(٥٢٧) المستنبط ، السيد احمد : القطرة من بحار مناقب النبي والعترة ، ج ١ / ٢٩٣.

٤٣٧

«وروى الشيخ جعفر النقدي في (الأنوار العلوية) / ٣٧ ، عن الشيخ محمد بن حسين البهائي ، عن أبيه : أنّه رأى في مسجد الكوفة درّة حمراء مكتوب عليها :

أنا درّ من السماء نثروني

يوم تزويج والد السبطين

كنت مثل اللجين أبيض لكن

أحمرتني دماء نحر الحسين» (٥٢٨)

وقد إعتنى الأدباء والشعراء بهذين البيتين كالتالي :

١ ـ خال صاحب (رياض المدح والرثاء) :

لابن طه لبست ثوب شجون

لشجوني بين الملأ جهلوني

قلت للناظرين أن تنكروني

(أنا درّ من السماء نثروني

يوم تزويج والد السبطين)

أنا من رزؤه سقيت حياضاً

كل يوم تزيدني إجهاضاً

حلل الوجد ألبستني إعتياضاً

(كنت أبهى من اللجين بياضاً

صبغتني دماء نحر الحسين) (٥٢٩)

٢ ـ لبعضهم في تخميس البيتين السابقين :

أيها السايل المسايل دوني

كل ذي جوهر عزيز ثمين

ما أنا ذا من الثرى أخرجوني

(أنا درّ من السماء نثروني

يوم تزويج والد السبطين)

كنت من جوهر ولا أعراضاً

موضعي في السما وليس إنخفاضاً

إنما حمرتي أتتني إعتراضاً

(كنت أصفى من اللجين بياضاً

صبغتني دما نحر الحسين) (٥٣٠)

__________________

(٥٢٨) ـ البحراني ، السيد محمد صالح : النمارق الفاخرة إلى طرائق الآخرة ، ج ٢ / ١١٧.

(٥٢٩) ـ القديحي ، الشيخ حسين : رياض المدح والرثاء / ٢١٢.

(٥٣٠) ـ نفس المصدر / ٢٢١ ـ ٢٢٢.

٤٣٨

٣ ـ لبعضهم في تشطير هذين البيتين :

(أنا درّ من السماء نثروني)

للثرى لا لخفض قدر وهون

إنّما اختارني الإله نثاراً

(يوم تزويج والد السبطين)

(كنت أصفى من ا للجين بياضاً)

يرجع الطرف خاسئاً من دوني

وبياضي أشد شيء ولكن

(صبغتني دماء نحر الحسين) (٥٣١)

٧ ـ كامل الزيارات ـ للشيخ جعفر بن محمد بن قولويه القمي ، ت (٣٦٨ هـ) :

١ ـ بإسناده عن محمد بن سلمة ، عمن حدّثه قال : (لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام ، أمطرت السماء تراباً أحمر (٥٣٢).

٢ ـ وبإسناده عن عمرو بن ثبيت ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : (إنّ السماء لم تبك منذ وضعت ، إلا على يحيى بن زكريا ، والحسين بن علي عليهما السلام. قلت : أي شيء كان بكاؤها؟

قال : كانت إذا إستقبلت بثوب ؛ وقع على الثوب شبه أثر البراغيث من الدم) (٥٣٣).

٣ ـ وبإسناده عن الحسن بن زياد ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : (كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا ، وقاتل الحسين عليه السلام ولد زنا ، ولم تبكِ السماء على أحد إلا عليهما. قال : قلت : وكيف تبكي؟ قال : تطلع الشمس في حمرة ، وتغيب في حمرة) (٥٣٤).

__________________

(٥٣١) ـ المصدر السابق / ٢٢٢.

(٥٣٢) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ١٨٣ (الباب ٢٨ ـ حديث ١٣).

(٥٣٣) ـ نفس المصدر / ١٨٤ (الباب ٢٨ ـ حديث ١٤).

(٥٣٤) ـ نفس المصدر / ١٨٥ (باب ٢٨ ـ حديث ١٨).

٤٣٩

٨ ـ كرامات الحسين ـ للدكتور الشيخ عبد الرسول الغفار (معاصر) :

١ ـ قال : «نقل لنا سماحة السيد محمد صالح ـ أبو مقداد الحكيم ـ ، عن السيد محمد علي الحكيم ـ والد آية الله السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله ـ ، قال : إنّ اليوم الأول من شهر محرم كان مشكوكاً في رؤيته ، لهذا فقد كان السيد محسن الحكيم (قده) متأثراً جداً ، إذ ربما ليلة العاشر هذه ليست الليلة الصحيحة ، بل قد تكون هي ليلة تاسوعاء. وعلى هذا البناء لم يذهب السيد إلى كربلاء. وكان السيد في بيت حاج مهدي عجينة في الكوفة ، وعدة من الوجهاء والأخيار أيضاً كانوا مجتمعين هناك ، ومن بين أولئك السيد محمد علي الحكيم ، وكان ولده السيد محمد تقي صغيراً ـ أي حدود ٨ سنوات ـ ، والجميع كانوا جالسين ، وإذا يشاهدون في الأثناء قطرة دم قد سقطت في الغرفة ، وقد تخيلوا أنّها من محمد تقي. وبعد الفحص وجدوا أنّ هناك قطرة دم معلقة في سقف الغرفة ، لذا مما دفعهم إلى أن يصعدوا إلى أعلى السطح ، وإذا بهم يشاهدون قطرات عديدة من الدم ، موزّعة على سطح الدار.

عند ذلك يتوجّه سماحة المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم إلى كربلاء ، لزيارة الإمام الحسين ويقطع أنّها ليلة عاشوراء. ويعقِّب السيد : أنّ سماحة المرجع الحكيم لما وصل كربلاء بمعيّة جملة من حفدته وأهل بيته ؛ وجدوا أيضاً عدة قطرات من الدم على سطح داره في كربلاء» (٥٣٥).

__________________

(٥٣٥) ـ الغفار ، الدكتور الشيخ عبد الرسول : كرامات الإمام الحسين (ع) ، ج ٣ / ١٠٥.

٤٤٠