تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

الفيلسوف اليوناني «أشين» :

«الآن وقد هرمت فإنني أرى الأشياء على حقيقتها ، فتعلمت كثيراً ، ولم يبقَ شيء لم أتعلمه إلا أنني أرى نفسي جاهلاً ، يبحث لا أفهم كيفية ذَرّة واحدة لا قيمة لها» (٤٨٢).

إذن ، نستفيد مما تقدم من دعاة العلم والثقافة العصرية ، الذين يعبرون عن المعجزات والكرمات بأنّها خزعبلات وخرافات ، بناء منهم على أنّ أي ظاهرة غريبة على العقول يتم تفسيرها على أساس من دراسة وبحث علمي ، وعندما تفسر ويدرك سرُّها تنتفي في الحال معجزاتها ؛ ولهذا يقولون : إذا بزع نور العقل ؛ ولى زمن المعجزات!. وهذا الإدعاء غير صحيح لسوء فهم معنى المعجزة ، وقد برهنا على هذا العجز في وصولهم إلى سرّ المعجزة. وذلك من خلال إعترافات بعض علماء العلم الحديث في ذلك.

ثانياً ـ إعتراف علماء الغرب بوجود المعجزة :

يقول الدكتور ألكسيس كاريل (٤٨٣) في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) :

__________________

(٤٨٢) ـ المصدر السابق.

(٤٨٣) ـ جَرّاح وعالم أحياء فرنسي ، ولد بالقرب من ليون بفرنسا عام (١٨٧٣ م) ، وحصل على إجازة الطب من هذه المدينة ، كما حصل على إجازة في العلوم من ديّجون ، وبعد أن تعلم ومارس التدريس في ليون عدة أعوام ، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام (١٩٠٥) ، وتوظف في معهد روكفلر للأبحاث العلمية (جامعة روكفلر) بنيويورك ، وبقي قرابة ثلاثين عاماً حتى إعتزال وعاد إلى فرنسا في عام (١٩٢٩ م). وقد منح جائزة نوبل لأبحاثه الطبية الفَذّة عام (١٩١٢ م) ، تقديراً لجهوده في جراحة الأوعية الدموية ، وفي زراعة الأعضاء والأنسجة. وفي فترة الحرب العالمية الأولى عام (١٩١٤ م ـ ١٩١٨ م) ، طَوّر مع العالم الإنجليزي هنري داكين ، المحلول المطهر كاريل ـ داكين ، لعلاج الأصابات والجروح. وبعد إعتزاله في عام (١٩٣٩ م) إستمر في أبحاثه المتعلقة بـ(القلب الميكانيكي) ، الذي قيل : إن في امكانه وصل (الحياة) لأ عضاء الجسم التي تفصل عن القلب الحقيقي فترة غير محدودة. ومن بين مؤلفاته (الإنسان ذلك المجهول ، والدعاء). وقد مات في باريس في شهر نوفمبر من عام (١٩٤٤ م).

٤٠١

«ففي جميع البلاد والأزمان آمن الناس بوجود المعجزات وبشفاء المرض سريعاً في أماكن الحج وفي معابد معينة. بيد أنّ قوة العلم الدافعة إبان القرن التاسع عشر ، جعلت مثل هذا الإيمان يختفي تماماص .. ، ولقد كان المعترف به بصفة عامة أنّ مثل هذه المعجزات لم تحدث فحسب ، بل أيضا أنّها مستحيلة الحدوث ، فكما أنّ قوانين علم الحرارة الديناميكي تجعل الحركة مستمرة مستحيلة ، فإنّ القوانين السيكولوجية تعارض المعجزات. ذلك هو إذن موقف علماء النفس والأطباء .. ومع ذلك ، فبالنظر إلى الحقائق التي لوحظت خلال الخمسين عاماً الأخيرة ، فلن يكون في الإمكان الإصرار على هذا الموقف ، فإنّ أكثر حالات الشفاء الإعجازي أهمية هي التي سجلها المركز الطبي للورد .. ، أما فكرتنا الحالية عن تأثير الصلاة على الأمراض الباثولوجية ؛ فقائمة على ملاحظة المرضى الذين شفوا فوراً تقريباً من الأمراض المختلفة ، مثل : سل البريتون ، والخراجات الباردة ، وإلتهاب العظام والجروح العفنة ، وسِل الأنسجة والسرطان .. الخ. وتختلف عملية الشفاء قليلاً من شخص لآخر.

وغالباً ما يشعر المريض بألم حاد يعقبه على الفور إحساس مفاجئ بالشفاء .. ففي ثوان معدودة ، أو دقائق معدودة ، أو على الأكثر في ساعات معدودة تلتئم الجروح وتختفي الأعراض الباثولوجية (المرضية) ، ويسترد المريض شهيته. وقد تختفي الإضطرابات الوظيفية أحياناً قبل أن نصلح الجروح التشريحية. وقد تستمر التشوهات الهيكلية الناتجة من مرض بوت أو الغدد السرطانية ، يومين أو ثلاثة أيام بعد شفاء القروح الرئيسية .. ، وتتصف المعجزة الرئيسية بسرعة متناهية في عملية الإصلاح العضوي. وليس هناك شك في أنّ درجة إلتئام التناقص التشريحية أكثر بكثير من الدرجة العادية .. ، بيد أنّ الشرط

٤٠٢

الذي لا مَفرّ منه لحدوث الظاهرة هو : الصلاة .. إلا أنّه لا توجد ضرورة تدعو المريض نفسه للصلاة ، أو أن يكون على درجة من الإيمان الديني ، وإنما يكفي أن يصلي أحد الموجودين حوله .. ، إنّ لمثل هذه الحقائق مغزى عظيماً .. ، فإنّها تدل على حقيقة علاقات معينة ، ذات طبيعة ما زالت غير معروفة بين العمليات السيكولوجية والعضوية ، وتبرهن على الأهمية الواضحة للنشاط الروحي التي أهمل علماء الصحة والأطباء والمربون ورجال الإجتماع دراستها إهمالاً يكاد يكون تاماً .. إنّها تفتح للإنسان عالماً جديداً» (٤٨٤).

إذن ، بعد الإعتراف من هذه الشخصية البارزة في الأوساط العلمية الأوربية ، التي أثبتت وجود المعجزات والكرامات ، لا داعي لما يقوله منكري المعجزات والكرامات. بل يمكن القول : بأنّ وقوع هذه المعجزات والكرامات ضروري كي يتوجه البشر إلى عظمة الخالق عَزّ وجَلّ ، وما يفيضه عليهم من العم والسعادات الدنيوية والأخروية. لكن مما يؤسف له ، أنّ الإنسان بدل أن يتوجه إلى الخالق سبحانه وتعالى بالحمد والشكر على ما توصل إليه من إنجازات علمية ، تجعله يلتزم بالقيم الإنسانية ، إنغمس في الحياة المادية ، فأوقعه في مهالكها وشرورها ، فحطم شرفه وسعادته بذلك.

يقول ألكسيس كاريل : «إنّ الحضارة لم تفلح حتى في خلق بيئة مناسبة للنشاط العقلي وترجع القيمة العقلية والروحية المنخفضة لأغلب بني الإنسان إلى حد كبير ، للنقائض الموجودة في جَوّهم السيكولوجي ؛ إذ أنّ تفوق المادة ومبادئ دين الصناعة حطمت الثقافة والجمال والأخلاق» (٤٨٥).

__________________

(٤٨٤) ـ كاريل ، ألكسيس : الإنسان ذلك المجهول / ١٥٩ ـ ١٦١.

(٤٨٥) ـ نفس المصدر / ١٦٣.

٤٠٣

إلى أن قال : «وتدهورت الطبقات المثقفة لإنتشار الصحف إنتشاراً واسع المدى ، كذا الأدب الرخيص والراديو ودور السينما. ومن ثم فإنّ إزدياد الطبقة الغبية آخذ في الإزدياد أكثر فأكثر ، بالرغم من كمال المناهج التي تدرس في المدارس والكليات والجامعات. ومن العجيب أنّ بلادة الذهن توجد غالباً حيثما تتقدم المعرفة العلمية» (٤٨٦).

وبعد هذا الباين إتضح لنا جواب هذا السؤال ، وتبين لنا أنّ القصص الدينية التي أهمها المعجزات ، هي أكبر برهان على إثبات الرسالات والمعتقدات الدينية ، التي جاءت لنشر ال علم وكل ما هو مفيد لسعادة الإنسان.

السؤال الثاني : هل ما نسبه الشيعة الإمامية من القصص والكرامات ، التي لها إرتباط بالحسين عليه السلام ، وتربته الطاهرة لها واقع ، أم أنّها اسطورة وخرافة ، الهدف منها دعم معتقدهم؟

يتضح جواب هذا السؤال بعد بيان العناوين الآتية :

الأول ـ الإمامة :

قبل الحدث عن الكرامة التي هي صلب موضوع السؤال ، لا بد من الحديث عن الإمامة التي يرجع إليها موضوع هذا السؤال ؛ إذ الكرامات هي إحدى الصفات التي تبرز شخص الإمام أمام عامة الناس ، وخصوصاً المعاندين والمشككين منهم في هذا الأمر. وقد عَرّفوا الإمامة بأنها :

رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ، نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فنستفيد من هذا التعريف ، أنّ الإمامة تشكل ركناً هاماً باعتبارها إمتداداً للنبوة ، فكما أنّ النبوة عهد إلهي يصطفي له الباري عَزّ وجَلّ من يشاء من

__________________

(٤٨٦) ـ المصدر السابق ١٦٣.

٤٠٤

عباده ؛ باعتباره خالق البشر ومحيط بأسرارهم ومصالحهم الحقيقة ، فكذلك الإمامة التي هي إمتداد لها. وهذا هو معتقد الإمامية ، إذ تنفرد عن بقية المذاهب الإسلامية ؛ بأنّ الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا به ، وأنّها بمثابة روح الشريعة والقلب النابض فيها ، وأنّ حذفه أو تهميشه سيجعل من الدين جثة هامدة لا حياة فيها ، وإلى هذا يشير النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف : (من مات ولم يعرف إمام زمانه ؛ مات ميتة جاهلية). وهذا الحديث معروف مشهور بين علماء المسلمين ، فعلى هذا إتضح لنا أنّ الجهل بالإمامة ، هو إبتعاد عن الدين ، بل هو جاهلية لا تعرف الدين ، ولذا لا بد أن يلي أمر الدين بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ، شخص لائق تتجسد فيه كل مقومات النبوة باستثناء الوحي ، كما أشار إلى ذلك سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف : (أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنّه لا نبي بعدي). وهذا حديث مشهور لا ينكره إلا جاهل معاند.

نستفيد منه أنّ لأمير المؤمنين عليه السلام كل ما كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من رتبة وعمل ومقام وحكم وسيادة ، عدا ما أخرجه الإستثناء من النبوة ، كما كان هارون من موسى عليه السلام ، بل هو نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في آية المباهلة (وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ) [آل عمران / ٦١]. وخلاصة القول : إنّ الإمام بمنزلة المرآة التي تنعكس فيها كل حقايق الإسلام ، وقد بلغ من الصفاء والطهر درجة ، مدحه وأثنى عليه العدو والصديق.

الثاني ـ الكرامة :

إنّ الله عَزّ وجَلّ قد وَفّرَ كل ما هو ضروري لحاجات الإنسان الفردية والإجتماعية ، لتي تؤدي إلى سعادته الدنيوية والأخروية ، ولا يضمن توجيه

٤٠٥

الإنسان إلى كل ذلك إلا الشخص الذي تنعكس من خلاله فيوضات السماء ، ويكون حلقة الوصل بين عالمي الغيب والشهادة ، المصان المسدد من وحي السماء ، فلا مانع من ظهور الكرامة على يديه ، تأييداً أو إبرازاً لمقامه ومنصبه المرتبط بعالم الغيب. وبعد هذا الإيضاح توصلنا إلى تعريف الكرامة ، وهي :

«أن يظهر الله تعالى على يدي ولي من الأولياء شيئاً يخالف العادة» (٤٨٧).

وسميت بالكرامة ؛ لأنّها مشتقة من كَرُمَ. والتكريم والتعظيم والتنزيه والتشريف ، كل هذه الألفاظ يشتركن في مدلول واحد ، وهو أنّ الله تعالى يُكرِّم العبد الصالح بما يُظهره على يده ، أو عند قبره بما يخرق به العادة ، وما يسهله من الأمور الصعبة وإن لم تكن خارقة للعادة : كشفاء المرض وتعجيل البرء ، وإعطاء الأماني وما شاكل ذلك ، حتى تصل إلى حد الإعجاز ، فكل هذه الكرامات التي يكرم الله تعالى بها الأولياء والبررة الأتقياء ، وكل مقدور لله فهو ممكن.

إذن ، فالكرامة كالمعجزة في الشكل والصورة والتأثير على الطبيعة ، فما هو الفرق بينهما؟

يمكن التفريق بينهما بما يلي :

١ ـ أنّ المعجزة أمر خارق للعادة يقترن بإدعاء النبوة ، بخلاف الكرامة ، فإنّها ليست مقرونة بهذا الإدعاء ، أي أنّ المعجزة والكرامة كلاهما أمر إلهي ، لكنّه إن صدر من عبد صالح من دون إدعاء يقال له : كرامة. وإن كان مقترناً للإدعاء يقال له : معجزة. إذن ، فالمعجزة في حالة الإدعاء للنبوة أو الإمامة ـ باعتبارهما دليل إلهي لإتمام الحجة على الناس ، وإثبات مقامهما

__________________

(٤٨٧) ـ إعداد مجمع البحوث الإسلامية : شرح المصطلحات الكلامية / ٢٨٦.

٤٠٦

من باب اللطف ـ ، مقترناً بالتحدي لمن خالف ذلك مما يؤدي إلى عجز المخالف عن المكابرة.

٢ ـ إنّ المعجزة لا بد أن تقع وقت الطلب ، ولا يمكن تأخيرها ؛ حتى لا يلزم كذب المرسل إلى هداية الخلق من قبل الله تعالى. بخلاف الكرامة ، فإنّه يجوز إظهارها تفضلاً وإكراماً للولي وتشريفاً لا لزوم فيها ولا تحتمة ، وفائدتها صيانة ا لولي عن التعدي عليه وهتك حرمته ، وبظهور الكرامة لديه لا يمتهن ولا يحتقر ، بل يعظم ويحترم.

٣ ـ أطلق بعض العلماء إسم المعجزة على كل الخوارق للعادة ، التي صدرت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة عليهم السلام سواء صدرت في مقام التحدي أو في غير مقام التحدي. إلا أنّ البعض الآخر قسم الكرامة إلى قسمين :

أولهما ـ الكرامة الثابتة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام ، وأنّها بيده وإختياره ، فإنّ أراد حصولها ؛ حصلت بإذن الله تعالى ، وإن لم يرد لم تحصل.

ثانيهما ـ الكرامة الثابتة لأولياء الحق من العبّاد والزهّاد الصالحين والشهداء والعلماء والأتقياء الورعين. فغالباً لا تكون باختيارهم ، فإنّ دعوتهم لشخص أو عليه ، قد تستجاب وقد لا تستجاب ، وكذلك ما يطلبونه لأنفسهم ، وأن ظهور الكرامة على يد أحدهم ، دليل على فضله وكونه مقرباً عند الله عَزّ وجَلّ.

الثالث ـ نهضة الحسين (عليه السلام) في نظر الآخرين :

إنّ نهضة الحسين عليه السلام ذات طابع روحاني مقدس يُهيمن على النفوس البشرية بشتى مللها ودياناتها ، وقد تفاعل معها منذ حدوثها بعض علماء اليهود والنصارى ، وقتلوا في مجلس يزيد (لع) ، بل استشهد فيها بعض من لا يعتقد

٤٠٧

بالحسين عليه السلام ، أمثال : وهب الكلبي ، فقد كان نصرانياً قبل دخوله في أنصار الحسين عليه السلام ، وكذلك زهير بن القين ، فقد كان عثمانياً ، كما هو مذكور في السيرة الحسينية ، وما زالت محوراً للدراسة والبحوث إلى يومنا هذا.

فقد ظهرت في هذا العصر عِدّة كتب ومقالات وبحوث ودراسات ، هدفها إعادة كتابة التاريخ الإسلامي من جديد ، ومن بين تلك الدراسات واقعة كرباء وما تحويه من شعائر حسينية. إلا أنّ الواقع هو تحريف التاريخ الإسلامي ، وهذا واضح للباحث والقارئ المنصف ، حينما يتأمل في خطوات هذه الدراسات ؛ إذ يلاحظ مبدأ التشكيك والرفض ، ونزع لباس الحقيقة والموضوعية عنها ، بجمع الأكاذيب والإفتراءات التي قيلت وكتبت فيها ، والهدف من كل ذلك هو تشوييها وتحريفها عن واقعها ، ورسم صورة سوداء وغريبة في مخيلة القارئ ، بحيث تجعله يستعد نفسياً وعقلياً لتقبل تلك التشكيكات والطعون ، بعيداً عن البحث النزيه ، والحقيقة أنّ هذه الأفكار تدور في حلقة مفرغة لا تتعداها ، لا تفهم إلا لغة السب والشتم والقذف من دون دليل أو برهان ، لكل من يعتقد بقداسة وشعائر هذه النهضة الحسينية ، إلا أنّ هذا لا يُغيِّر من الواقع شيئاً ؛ إذ يوجد كثير من العقلاء الأحرار من المسلمين وغيرهم ، ممن وقف أمام هذه النهضة الحسينية وقفة إجلال وإكبار ، نذكر منهم ما يلي :

٤٠٨

١ ـ الشيخ عبد الله العلايلي (٤٨٨) :

درس الشيخ عبد الله العلايلي التاريخ يثقافة واعية ، وتجرّد وموضوعية وجرأة ، بعيداً عن التعصب الأعمى ، والنزعات المذهبية ، تعاطى مع قضية الحسين عليه السلام بحيادية وتجرد عن الميول والهوى ، قرأ حياة الحسين عليه السلام وحياة يزيد. قرأ سيرة بني هاشم ، وسيرة بني أمية ، وبعد دراسة السيرتين أحصى أعمال الهاشميين ، وإذا بها تدور في حقل الفضائل ، متناهية في حبّ الخير وفعله. وأحصى أعمال الأمويين ؛ فوجدها تدور في حقل الشرّ والحقد ، والإنتقام. والدسائس ، والدهاء. والمكر والقتل. عرض أعمال الهاشميين وتركها تشرق بفضائلها. وعرض أعمال الأمويين تتلفّح بعتمة الشرّ ..

كان منصفاً لم يحاول تجميل خبائث الأمويين ، وتصرفاتهم مثلما فعل كثير من المؤرخين الذين وقعوا في فتنة الأمويين ، فبدّلوا سيئاتهم إلى حسنات ، ودافعوا عن شرورهم ومفاسدهم ، أو ممن كتب بروح عدائية لآل البيت عليهم السلام أمثال : أبي بكر بن العربي ، المتوفي ام (٥٤٣ هـ) ، وعبد الرحمن بن خلدون المتوفي (٨٠٨ هـ) ، صاحب المقدمة التي تضمنت أسساً لكتابة التاريخ ، وما إستطاع أن يعمل بها عند ما كتب عن الحسين عليه السلام ، بل أظهر نصبه وتخبطه في ذلك ، فقد سار هؤلاء على منهاج يزيد ، وابن زياد ، وعمر بن سعد ، إلا أنّهم

__________________

(٤٨٨) ـ علم من أعلام المسلمين اللبنانيين ؛ فهو لغوي ، عريق مجدد ، وأديب مبدع : شعراً ونثراً. وفقيه ومصلح إجتماعي سياسي. ولد في بيروت سنة (١٩٢٤ م) ، الموافق لسنة (١٣٣٥ هـ) ، وتلقى علومه الإبتدائية في مدارس جمعية المقاصد ، ثم تابع تحصيله العلمي في الأزهر الشريف بالقاهرة من عام (١٩٢١ م حتى عام ١٩٢٧ م). ومما ينبغي الإشارة به ، أن الشيخ العلايلي أظهر إهتماماً كبيراً بالدرس والإتجاه بكله إلى العلم ، وإنتفع بتجارب نخبة من الأعلام ، حتى تسنى له أن يصل إلى هذه المكانة من النشاط الثقافي المنقطع النظير ، حتى حاز هذه المنزلة في العالم العربي والاسلامي. وافاه الأجل المحتوم ، مساء الثلاثاء في ٣ كانون الأول سنة (١٩٩٦ م).

٤٠٩

أسفوا ، لأنّهم لم يكونوا على عهده ليشركوا في دمه ، فشاركوا في قتل مبدئه وشعائر نهضته. نعم إنّها الجرأة التي حملت الشيخ العلايلي على الخوض في هذا الموضوع ، لكشف المغالطات التاريخية التي سيطرت على قضية الحسين عليه السلام ، تعاطى مع هذه النهضة في كتبه الثلاثة التي أدرجها تحت عنوان الإمام الحسين عليه السلام : (ـ تاريخ الإمام الحسين ـ نقد وتحليل ، وأيام الحسين ، وسمو المعنى في سمو الذات ، أو أشعة من حياة الحسين). بحيث شغل فكره في سيرة الحسين عليه السلام وأخباره ، ويمكن التركيز على نقاط مهمة في حياة وسيرة الحسين عليه السلام نذكر منها التالي :

الأولى ـ طفولة الحسين (عليه السلام) :

قال الشيخ العلايلي (ره) : «جاء في أخبار الحسين أنّه كان صورة إحتبكت ظلالها من أشكال جده العظيم ، فأفاض النبي عليه شُعَاعة غامرة من حبه وأشياء نفسه لِيَتمَّ له أيضا من وراء الصورة معناها ، فتكون حقيقته ، من بعدُ كما كانت من قبلُ ، إنسانية إرتقت إلى نبوّة (أنا منْ حُسَيْن).

ونبوّة هبطت إل ىإنسانية (حُسَيْنٌ مني) فسلام عليه يوم ولد ..

والحسين الطفل حَلّ في بيئة النبوة التي هي الإنسانية العليا في المظهر البشري ، فكان بذلك أسمى رجل ؛ لأنّه أسمى طفل في أسمى بيئة. فسلام عليه يوم ولد ...» (٤٨٩).

وقال أيضاً : «إرتحل الحسين عليه السلام ظهر جده العظيم وهو ساجد في الصلاة ، وجاء في الحديث إنّ أقرب ما يكون المرء من ربه وهو ساجد.

__________________

(٤٨٩) ـ العلايلي ، الشيخ عبد الله : الإمام الحسين / ٢٩٠ ـ ٢٩١.

٤١٠

ومع هذا أنّ النبوة الساجدة كانت معراجاً روحياً لهذا الطفل الذي إستودع في النبي أسراره العظمى وإنسانيته العليا. فسلام عليه يوم ولد» (٤٩٠).

الثانية ـ شخصية الحسين (عليه السلام) :

«ونحن إذا قدمنا حسيناً بين العظماء ، فإنا لا نقدم فيها عظيماً فحسب ، وإنما نقدم فيه عظيماً دونه كل عظيم ، وشخصية أسمى من كل شخصية ، ورجلاً فوق الرجال مجتمعين.

فرجل كيفما سموت به من أي جهاته إنتهى بك إلى عظيم ، فهو ملتقى عظمات ومجمع أفذاذ ؛ فإنّ من ينبثق من عظمة النبوة (محمد) ، وعظمة الرجولة (علي) ، وعظمة الفضيلة (فاطمة) ، يكون امثولة عظمة الإنسان ، وآية الآيات البينات ، فلم تكون ذكراه ذكرى رجل بل ذكرى الإنسانية الخالدة ، ولم تكن أخباره أخبار بطل بل خير البطولة الفذّة.

ومن ثم كان جديراً بنا أن نستوحيه على الدوام ، كمصدر إلهامي إنبثق وهاجاً قوياً ، وإمتد بأنواره أجيالاً وأجيالاً. ولا يزال يسطع كذلك حتى ينتظم اللانهايات وينفذ إلى ماوراء الأرض والسموات ، وهل لنور الله حد يقف عنده أو مَعْلم ينتهي إليه (ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره).

على أنّ السبط الشهيد عليه السلام من وجه آخر ، تمت به روعة القداسة التي إبتدأت بجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فإنّ القداسة جلالها ، ولكن روعة القداسة لن تكون إلا بالدم على جوانبها.

نحيى الطهارة في بيتها

إطار الطهارة قُدسٌ ودم

__________________

(٤٩٠) ـ المصدر السابق / ٢٩٣.

٤١١

فلتسمع الأجيال ولتستيقظ الإنسانية ، على صوت الرّجاف الذي ينبعث من أعماق الرّجم ومن وراء القبور ، حياً جيّاشاً ينفذ إلى الأعماق فتستعر له الضمائر ، وينثال إلى مواطن الشعور فيحيا به الوجدان ، وعلى نبرات مثل هذا الصوت فقط ، يتأتى للإنسانية أن تغسل آثامها وتخلص من أدرانها وتتطهر من أرجاسها ، حتى تعود إنسانية كما أرادتها الشرائع واحتفلت بها الأديان. وحتى تكون إنسانية عمادها المثل العليا والفضائل الصالحة والخير المطلق وإحقاق الحق ، فإنّ لهذه الخصال وحدها ضَحّى الحسين عليه السلام» (٤٩١).

هذه بعض المقتطفات التي ذكرها الشيخ العلايلي (ره) من دراسته لشخصية الحسين عليه السلام ونهضته المباركة.

٢ ـ الأديب الكبير بولس سلامه (٤٩٢).

لقد أبرز مرئياته ودراسته حول الحسين عليه السلام ونهضته المباركة ، من خلال مقدمته لملحمته (عيد الغدير) ، مع العلم بأنه مسيحي العقيدة ؛ إلا أنّ حرية

__________________

(٤٩١) ـ المصدر السابق / ٩٠ ـ ٩١.

(٤٩٢) ـ بولس يوسف سلامة ، أديب لبناني ، واسع المعرفة ، من الرعيل الأول من أدباء العرب ، ولد في قرية (بتدين اللقش) ، قضاء جزين (لبنان الجنوبي) ، سنة (١٩٠٢ م) ، درس في مدرسة قريته ، ثم دخل مدرسة الأخوة المريمين في صيدا سنة (١٩١٣ م) ، لم تكتمل السنة المدرسية حتى وقعت الحرب العالمية الأولى ، فانقطع عن الدرس حتى سنة (١٩١٨ م) ، ثم دخل مدرسة الحكمة ، ثم مدرسة الفرير في صيدا وجونيه ، فكان مجموع سني الدراسة في هذه الفترة ثلاث سنوات ، ثم دخل بعدها مدرسة الحقوق الفرنسية في بيروت ، ونال شهادة (الليسانس) ، وقد تدرج في المحاماة زهاء سنتين ، ثم انخرط في سلك القضاء مدة خمس عشرة سنة. وقد نظم بين سنة (١٩٤٦ م) ، وسنة (١٩٤٨ م) ، أروع مطولاته التي طبعت في كراريس على حده ، وهي : علي والحسين ، وفلسطين وأخواتها ، والأمير بشير. أما آياته ؛ فهي ملحمة (عيد الغدير) ، أو ملحمة عربية تنطوي على ثلاثة آلاف وخمسمائة بيت من الشعر الرفيع ، وتناول أهم نواحي التاريخ الإسلامي. أصيب بناسور في العمود الفقري منذ سنة (١٩٣٦ م) ، وبقي على فراش المرض منذ سنة (١٩٤٢ م) ، حتى وافاه الأجل عام (١٩٧٩ م).

٤١٢

الفكر المبتني على الإنصاف ، هو الذي دعاه إلى ذلك. ويمكن تلخيص هذه الدراسة من خلال التالي :

أولاً ـ إختيار الشخصية :

وقد أشار إلى ذلك بقوله : «ولا يخفى أنّ في ذلك نشراً لناحية عظمى من التاريخ العربي ، وأنّ العروبة المستيقظة اليوم في صدور أبنائها من المغرب الأقصى إلى آخر جزيرة العرب ، لأحوج ما تكون إلى التمثل بأبطالها الغابرين ، وهم أكثر ، على أنّه لم يجتمع لواحد منهم ما اجتمع لعلي من البطولة والعلم والصلاح ، ولم يقم في وجه الظالمين أشجع من الحسين ، فقد عاش الأب للحق وجَرّد سيفه للذياد عنه منذ يوم بدر ، واستشهد الابن في سبيل الحرية يوم كربلاء ، ولا غرو فالأول ربيب محمد ، والثاني فلذة منه» (٤٩٣).

ثانياً ـ مبررات الإختيار :

وقد برر وبرهن على إختيار الشخصية من خلال ما يلي :

١ ـ «ولما عزمت على النظم إنصرفت إلى درس المراجع التأريخية ولكنني قطعاً للظن والشبهات ـ قلما إعتمدت مؤرخي الشيعة بل الثقات من أهل السنة ـ الذين عصمهم الله من فتنة الأمويين ـ ، وتقيدت بالتاريخ جهد الإستطاعة ، فلو تقيدت أكثر مما فعلت ؛ لكنت كاتب عدل يخضع التاريخ للقوافي» (٤٩٤).

«ورب قارئ حسبني متحاملاً على بني أمية ، ويعلم الله أني لم أقل فيهم إلا ما أجمعت عليه السير النبوية ، ومؤرخو الإسلام : كأبي الفداء ، والمسعودي ، والطبري ، وابن الأثير ، وابن خلكان.

__________________

(٤٩٣) ـ سلامة ، بولس : عيد الغدير / ٨.

(٤٩٤) ـ نفس المصدر.

٤١٣

وما أقره الأدباء المعاصرون ، وقد أشرت إلى مراجع في الهوامش ؛ ليكون الكلام على بينة ، ولا ريب أنّ الأمويين شادوا في الشرق والغرب حضارة لها مكانتها الشامخة في عين من ينظر إلى الدنيا ولكنني قمت بالمقاييس الروحية ، وإنّ قصور العالم جميعاً لا تعادل في كفة الفضيلة جناح بعوضة.

فإنّ سقراط الفيلسوف الخيّر الذي كان يمشي حافياً في أسواق أثينا لأجلّ قدراً في ميزان القيم الروحية من الإسكندر على عرشه ، ومن كسرى انوشروان في ايوانه» (٤٩٥).

٢ ـ ورُبّ معترض قال : «ما بال هذا المسيحي يتصدى لملحمة إسلامية بحتة؟

أجلّ إنني مسيحي ولكن التاريخ مشاع للعالمين. أجلّ إني مسيحي ينظر من أفق رحب لا من كوة ضيقة ، فيرى في غاندي الوثني قديساً ، مسيحي يرى (الخلق كلهم عيال الله) ، ويرى أن (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) ..» (٤٩٦) ..

٣ ـ «بقي لك بعد هذا أن تحسبني شيعياً ، فإذا كان التشيع تنقصاً لأشخاص ، أو بغضاً لفئات ، أو تهوراً في المزالق الخطرة فلست كذلك ، أما إذا كان التشيع حباً لعلي وأهل البيت الطيبين الأكرمين ، وثورة على الظلم وتوجعاً لما حَلّ بالحسين وما نزل بأولاده من النكبات في مطاوي التاريخ ، فإنني شيعي» (٤٩٧) ..

__________________

(٤٩٥) ـ المصدر السابق / ٩ ـ ١٠.

(٤٩٦) ـ نفس المصدر.

(٤٩٧) ـ نفس المصدر / ١٢.

٤١٤

هذه بعض النماذج من الأقلام الحرّة من غير الشيعة ـ سواء كانوا مسلمين أو غيرهم ـ ، وهذا دليل واضح على مظلومية سيد الشهداء عليه السلام الذي جذب إليه القلوب ؛ فهذا المسلم ، والمسيحي ، والمجوسي ، والبوذي ، يقف بخضوع إعظاماً للحسين عليه السلام ونهضته المباركة ، ولم نرَ شخصية لقيت هذا الإهتمام والعناية من جميع الفئات الفكرية المختلفة جيلاً بعد جيل ، كالحسين عليه السلام. ومن الشواهد على ذلك ما قاله الكاتب الفرنسي (الدكتور جوزف) : «ومن جملة الأمور التي صارت سبباً في ترقي هذه الفرقة وشهرتها في كل مكان ، هو غزادة أنفسهم بالرأي الحسن ؛ بمعنى أنّ هذه الطائفة بواسطة مجلس المآتم واللطم والدوران وحمل الأعلام في مأتم الحسين ، جلبت إليها قلوب باقي الفرق ، بالجاه والإعتبار ، والقوة والشوكة». ويختم الكاتب كلامه بقوله : «لهذا نرى أنّه في كل مكان ولو كانت جماعة من الشيعة قليلة ، يظهر عددها في الأنظار بقدر ما هي عليه مرتين ، وشوكتها وقدرتها بقدر ما هي عليه عشرات المرات ، وأكثر أسباب معروفية هؤلاء القوم وترقيهم هي هذه النكبة. ومصنفوا أوربا الذين كتبوا تفصيل مقاتلة الحسين وأصحابه وقتلهم ، مع أنّه ليس لهم عقيدة بهم قط ، أذعنوا بظلم قاتليهم وتعدّيهم ، وعدم رحمتهم ، ويذكرون أسماء قاتليهم بالإشمئزاز ، وهذه الأمور طبيعية لا يقف أمامها شيء ، وهذه النكبة من المؤيدات الطبيعية لفرقة الشيعة» (٤٩٨).

السؤال الثالث : يتساءل بعض شبابنا قائلاً : نسمع ونقرأ قصصاً مفادها ، أنّ السماء إحمرّت وأمطرت دماً عبيطاً ، وأنّ التربة التي أودعت عند أم سلمة (رض) تحوّلت إلى دم عبيط ، وأنّ بعض الأشجار

__________________

(٤٩٨) ـ الشهرستاني ، السيد صالح : تاريخ النياحة ، ج ٢ / ٣٥ ـ ٣٦.

٤١٥

في اليوم العاشر من المحرم في كل عام يسيل منها الدم ، وجاء في زيارة الإمام الصادق عليه السلام لجده سيد الشهداء عليه السلام : (أشهد أنّ دمك سكن في الخلد ، واقشعرّت له أظلة العرش) ، فهل كل ذلك صحيح أم لا؟ ولماذا التركيز على الدم؟

يتضح جواب هذا السؤال بعد دراسة العنوانين التاليين :

الأول ـ صحة هذه القصص والروايات :

قصص وروايات الدم المرتبطة بشهادة الحسين عليه السلام ، هي من الواضحات في كتب المسلمين كالتالي :

أولاً ـ في كتب السنة والجماعة :

ذكرت روايات الدم في كثير من مصادر العامة نتقصر منها على التالي :

١ ـ أسد الغابة ـ لإبن الأثير الجزري ، ت (٥٥٥ هـ أو ٦٣٠ هـ) :

بإسناده عن ابن عباس قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم نصف النهار ، وهو قائم أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الدم؟

ثال : هذا دم الحسين ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فوجد قد قتل في ذلك) (٤٩٩).

٢ ـ أنساب الأشراف ـ لأبي جعفر البلاذري ، ت (٢٧٩ هـ) :

١ ـ قال البلاذري : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن عباد بن العوام ، عن أبي حصين ، قال : (لما قتل الحسين مكثوا شهرين أو ثلاثة أشهر ، وكأنما يلطخ الحيطان بالدم ، من حين صلاة الغداة ، إلى طلوع الشمس).

__________________

(٤٩٩) ـ ابن الأثير ، علي بن محمد : أسد الغابة ، ج ٢ / ٣٠.

٤١٦

٢ ـ وقال : حدثني عمر بن شبه ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حَمّاد بن سلمة ، عن سالم القاص قال : (مطرنا أيّام قتل الحسين دما).

٣ ـ وقال : حدثني عمر بن شبة ، عن عفان ، عن حمادة عن هشام ، عن محمد بن سيرين قال : «لم نرّ هذه الحمرة في آفاق السماء حتى قتل الحسين».

٤ ـ وقال : وحدثت عن ابي عاصم النبيل ، عن بن جريح ، عن ابن شهاب قال : «ما رُفع حجر بالشام يوم قتل الحسين إلا عن دم» (٥٠٠).

٣ ـ تاريخ الخلفاء ـ للحافظ أبي بكر السيوطي ، ت (٩١١ هـ) :

١ ـ قال السيوطي : «ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضاً ، وكان قتله يوم عاشوراء ، وكسفت ذلك اليوم ، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ، ولم تكن ترى فيها قبله».

٢ ـ وقال : «إنّه لم يقلب حجر البيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط ، وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً ، ونحروا ناقة في عسكرهم ، فكانوا يرون في لحمها مثل النيران ، وطبخوها فصارت مثل العلقم ، وتكلم رجل في الحسين بكلمة ؛ فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره».

٣ ـ وقال : أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنصف النهار أشعث أغبر ، وبيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما هذا؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذٍ) (٥٠١).

__________________

(٥٠٠) ـ البلاذري ، أحمد بن يحيى : أنساب الأشراف / ترجمة الإمام الحسين (ع).

(٥٠١) ـ السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر : تاريخ الخلفاء / ٢٠٧ ـ ٢١٠.

٤١٧

٤ ـ تاريخ ابن عساكر ـ للحافظ علي بن الحسن الدمشقي ، ت (٥٧١ هـ) :

١ ـ ابن عساكر ، باسناده عن خلاد صاحب السمسم ـ قال : (حدثتني أمي قالت : كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإنّ الشمس تطلع محمرّة على الحيطان والجدران بالغداة والعَشيّ. قالت : وكانوا لا يرفعون جدراً إلا وجدوا تحته دماً).

٢ ـ وباسناده عن الأسود بن قيس قال : (إِحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم).

قالت : فحدثت بذلك شريكاً فقال لي : ما أنت من الأسود؟ قلت : هو جدي أبو أمي.

قال : أما والله إن كان لصدوق الحديث ، عظيم الأمانة ، مكرماً للضيف.

٣ ـ وبإسناده عن أم شرف العبدية قالت : حدثتني نصرة الأزدية ، قالت : (لما قتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً ، فأصبحت وكل شيء ملآن دماً).

٤ ـ وبإسناده عن حَمّاد بن زيد ، عن هشام ، عن محمد قال : (تعلم هذه الحمرة في الأفق ممّ هو؟

فقال : من يوم قتل الحسين بن علي).

٥ ـ وبإسناده عن يحيى بن السري ، عن روح بن عبادة ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين قال : (لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي).

٤١٨

٦ ـ وبإسناده عن مروان ـ مولى هند بنت المهلب ـ يقول : (قال أبو غالب : قال : حدثني بَوّاب عبيد الله بن زياد ، أنّه لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه ، رأيت حيطان دار الإمارة تتسايل دماً) (٥٠٢).

٥ ـ تاريخ اليعقوبي ـ لأحمد بن إسحاق اليعقوبي ، ت (٢٨٤ هـ) :

قال : «.. وكان أول صارخة صرخت في المدينة أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كان دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إنّ جبرئيل أعلمني إنّ أمتي تقتل الحسين وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أنّ الحسين قد قتل. وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ؛ جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دماً ، صاحت : وا حسيناه ، وا ابن رسول الله ، وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى إرتفعت المدينة بالرجّة التي ما سُمِعَ بمثلها قط» (٥٠٣).

٦ ـ تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني ، ت (٨٥٢ هـ) :

١ ـ وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن معمر قال : (أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك ، فقال الوليد : أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري : بلغني أنّه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط).

٢ ـ وقال ابن حجر في حاشية التهذيب : (لما قتل الحسين ، إسودت السماء نهاراً ، ووجد تحت أحجار بيت المقدس دم عبيط يوم قتله) (٥٠٤).

__________________

(٥٠٢) ـ ابن عساكر ، علي بن الحسن : تاريخ ابن عساكر / ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ترجمة الإمام الحسين (ع).

(٥٠٣) ـ اليعقوبي ، احمد بن إسحاق : تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ / ٢٤٦.

(٥٠٤) ـ ابن حجر ، احمد بن علي : تهذيب التهذيب ، ج ٢ / ٣٥٢.

٤١٩

٧ ـ جامع كرامات الأولياء ـ ليوسف بن إسماعيل النبهاني ، ت (١٣٥٠ هـ) :

قال : «وحكى إنّ شخصاً حضر قتله عليه السلام فقط فعمي ، سئل عن سبب عماه فقال : إنّه رأى النبي وعشرة من قاتلي الحسين مذبوحين بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ثم لعنه وسَبّه بتكثيره سوادهم ، ثم أكحله بمرود من دم الحسين ، فأصبح أعمى» (٥٠٥).

٨ ـ الخصائص الكبرى ـ للحافظ أبي بكر السيوطي ، ت (٩١١ هـ) :

١ ـ قال : وأخرج أبو نعيم ، عن أم سلمة قالت : (كان الحسن والحسين يلعبان ببيتي ، فنزل جبريل فقال : يا محمد ، إنّ أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، وأومأ إلى الحسين وأتاه بتربة فشَمّها ، ثم قال : ريح كرب وبلاء ، وقال : يا أم سلمة ، إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد تقل فجعلتها في قارورة).

٢ ـ قال : وأخرج أحمد ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم ذات يوم نصف النهار أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم ، فقلت : ما هذا؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فأحصى ذلك الوقت فوجد قد تقل ذلك اليوم).

٣ ـ وأخرج البيهقي ، وابو نعيم عن الزهري قال : بلغني أنّه يوم قتل الحسين لم يقلب حجر من أحجار بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط) (٥٠٦).

٤٢٠