تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

١ ـ نسبها :

قال السيد محسن الأمين (قده في كتابه (الأعيان) : «الرباب بنت إمرئ القيس ، بن عدي ، بن أوس ، بن جابر ، بن كعب ، بن عليم ، بن هبل ، بن عبد الله ، بن كنانة ، بن بكر ، بن عوف ، بن عذرة ، بن زيد اللات ، بن رفيدة ، بن ثور ، بن كلب ... ، ما ذكرناه في نسبها هو المذكور في طبقات ابن سعد الكبير ، ج ٨ ص ٣٤٨ ، وفي غيره ما يخالف ذلك كثيراً.

ففي نسمة السحر : الرباب بنت إمرئ القيس ، بن عدي ، بن أوس ، بن جابر ، بن كعب ، بن حليم ، بن خباب ، بن كلب الكلبية.

وفي الأغاني : بنت إمرئ القيس ، بن جابر ، بن كعب ، بن علي ، بن وبرة ، بن ثعلبة ، بن عمران ، بن الحاف ، بن قضاعة.

(وأمها) : هند الهنود بنت الربيع ، بن مسعود ، بن مصاد ، بن حصين ، بن كعب المذكور.

وفي الأغاني : أمها هند بنت الربيع ، بن مسعود ، بن مروان ، بن حصين ، بن كعب ، بن عليم ، بن كليب. وأمها ميسون بنت عمر بن ثعلبة ، بن حصين ، بن ضمضم. وأمها الرباب بنت أوس بن حارثة ابن الأم الطائي» (٤٠٢).

٢ ـ قصة زواجها من الإمام الحسين (عليه السلام) :

ذكر أبو الفرج الإصفهاني ، في كتابه (الأغاني) : «.. عوف بن خارجة المري قال : والله إني لعند عمر بن الخطاب (ره) في خلافته ، إذ أقبل رجل

__________________

(٤٠٢) ـ الأمين ، السيد محسن : أعيان الشيعة ، ج ٦ / ٤٤٩.

٣٢١

أفحج أجلى أمعر يتخطى رقاب الناس حتى قام بين يديه عمر فحيّاه بتحية الخلافة. فقال له عمر : ممن أنت؟ قال : أنا أمرؤ نصراني ، أنا امرؤ القيس ابن عدي الكلبي. قال : فعرفه عمر فقال له رجل : هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهلية يوم فلج. قال : فما تريد؟ قال. أريد الإسلام. فعرضه عليه عمر (ره) فقبله ، ثم دعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة ، فأدبر الشيخ واللواء يهتز على رأسه. قال عوف : فوالله ما رأيت رجلاً لم يصلِّ لله ركعة قط أمر على جماعة من المسلمين قبله ، ونهض علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومعه إبناه : حسن وحسين (عليهم السلام) ، حتى أدركه وأخذ بثيابه ، فقال له : يا عم ، أنا علي بن أبي طالب ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصهره ، وهذان إبناي من ابنته ، وقد رغبنا في صهرك ، فأنكحنا فقال : قد أنكحتك يا علي ، المحياة بنت امرئ القيس ، وانكحتك يا حسن ، سلمى بنت المرئ القيس ، وانكحتك يا حسين ، الرباب بنت امرئ القيس» (٤٠٣).

٣ ـ مناقشة هذه القصة :

وبعد عرض هذه القصة والتأمل فيها ؛ إتضح لنا أنّها أسْطُورَة ، وذلك من عدة أمور أهمها التالي :

أولاً ـ إنّ قوله : «ونهض علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، ومعه إبناه : حسن وحسين (عليهما السلام) ، حتى أدركه وأخذ بثيابه .. الخ». هذا التصرف لا يتناسب مع مقام أمير المؤمنين عليه السلام وخُلقه التي أخذها عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حيث يُعبِّر عن نفسه ـ كما في الخطبة القَاسِعَة ـ : «ولقد كنت أتّبِعُه إتّباع الفصيل ، أثَرَ أمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه

__________________

(٤٠٣) ـ ابو الفرج الإصفهاني ، علي بن الحسين : الأغاني ، ج ١٤ / ١٥٩.

٣٢٢

علماً ، ويأمرني بالإقتداء به ..» (٤٠٤) لمثل هذا الرجل العظيم الذي لم يسجد لصنم ، وولد في جوف الكعبة ، وظهرت مناقبه ومقاماته في القرآن الكريم ، وعلى لسان النبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم ، ينسب إليه هذا التصرف؟!.

ثانياً ـ إنّ قوله (أنكحتك يا علي ، ابنتي المحياة .. اله). إنّ هذا التصرف فيه مخالفة للشريعة الإسلامية ، حيث فيها إهمال رأي البنات في الرضا وعدمه ، وكذلك لم يتم تعيين المهر؟!

ثالثاً ـ لماذا هذه العجلة والسرعة من أمير المؤمنين عليه السلام وخوفه من فوات هذا (الكنز الثمين) ، الموجود عند هذا الرجل النصراني ، الحديث عهد بالإسلام؟!

إنّ الذي يُعبِّر عن نفسه بقوله : (سلوني قبل أن تفقدوني ، ألا تسألون من عنده علم المنايا والبلايا والأنساب) (٤٠٥).

لا يخاف من فوات بنات هذا الرجل ، لو لم يبادر إليه بهذه السرعة؟!

رابعاً ـ إنّ تزويج الإمام الحسين عليه السلام من الرباب كان في عهد وخلافة عمر بن الخطاب ، ولا أقل من التقدير بآخر أيامه ـ أي في سنة ٢٥ هـ ، فترتب على ذلك بقاء الرباب حائلاً هذه المدة التي تتجاوز العشرين سنة ، وإذا فرضنا الزواج في أوائل خلافته ، فتكون المدة أطول وبعدها لا حجة ولا دليل قاطع يأخذ بنا إلى الإيمان بصحة هذه القصة.

__________________

(٤٠٤) ـ عبده ، محمد : شرح نهج البلاغة ، ج ٢ / ١٥٧.

(٤٠٥) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٠ / ١٣٩.

٣٢٣

٤ ـ أولادها :

ولدت الرباب من سيد الشهداء عليه السلام ، سكينة وعبد الله الرضيع ، وقد تقدم الحديث عن السيدة سكينة عليها السلام وبقي الحديث عن الرضيع.

عبد الله الرضيع (عليه السلام) :

المستفاد من مراجعة كتب السيرة الحسينية ، إمكان تقسيم النصوص المتعرِّضة إلى قصة مقتله إلى ثلاث مجموعات كالتالي :

الأولى ـ النصوص المصرّحة باسمه :

ويمكن حصرها في ثلاثة أسماء كالتالي :

أ ـ عبد الله الرضيع :

ذكر الشيخ المفيد (قده) في كتابه (الإرشاد) : «ثم جلس الحسين (عليه السلام) أمام الفسطاط ، فأتى بابنه عبد الله ابن الحسين ـ وهو طفل ـ فأجلسه في حجره ، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه ، فتلقى الحسين (عليه السلام) دمه ، فلما ملأ كفّه صَبّه في الأرض ، ثم قال : ربِّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء ، فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين. ثم حمله حتى وضعه مع قتلى أهله» (٤٠٦).

وذكر السيد المقرّم (ره) في كتابه «مقتل الحسين» : «ودعا بولده الرضيع يودعه ، فأتته زينب بابنه عبد الله ـ وأمّه الرباب ـ فأجلسه في حجره يقبله ويقول : بُعْدَاً لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفى خصمهم. ثم أتى به نحو

__________________

(٤٠٦) ـ المفيد ، الشيخ محمد بن محمد النعمان : الإرشاد ، ج ٢ / ١٠٨.

٣٢٤

القوم يطلب له الماء ، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم ، فذبحه فتلقى الحسين الدم بكفه ورمى به نحو السماء.

قال ابو جعفر الباقر عليه السلام : (فلم تسقط منه قطرة). وفيه يقول حجة آل محمد (عَجّل الله فرجه) : (السلام على عبد الله الرضيع ، المرمي الصريع ، المتشحط دما ، والمصعد بدمه إلى السماء ، المذبوح في حجر أبيه ، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه).

ثم قال الحسين عليه السلام : هَوّن ما نزل بيّ أنّه بعين الله تعالى ، اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ، إلهي إن كنت حبست عنا النصر ، فاجعله لما هو خير منه ، وانتقم لنا من الظالمين ، واجعل ما حَلّ بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل ، اللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد (صلى الله عليه وآله) ، وسمع (عليه السلام) قائلاً يقول : دَعْهُ يا حسين ، فإنّ له مرضعاً في الجنّة. ثم نزل (عليه السلام) عن فرسه ، وحفر له بجفن سيفه ودفنه مرملاً بدمه ، وصلى عليه ، ويقال : وضعه مع قتلى أهل بيته» (٤٠٧).

وذكر السيد هاشم البحراني (قده) في كتابه «مدينة المعاجز» : «روى أبو حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول : لما كان اليوم الذي استشهد فيه أبي عليه السلام ، جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم ـ إلى أن قال ـ : (فقال له القاسم بن الحسن : وأنا فيمن يقتل؟ فأشفق عليه فقال له : يا بني كيف الموت عندك؟ قال : يا عم أحلى من العسل. فقال : أي والله فداك عمك ، إنّك لأحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلو بلاء عظيماً ، وابني عبد الله. فقال : يا عم ، ويصلون إلى النساء حتى يتقل عبد الله وهو

__________________

(٤٠٧) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

٣٢٥

رضيع! فقال : فداك عمك ، يقتل عبد الله إذا جفت روحي عطشاً ، وصرت إلى خيمنا فطلبت ماء ولبناً فلا أجد قط ، فأقول : ناولوني إبني لأشرب من فيه فيأتوني به ، فيضعونه على يدي فأحمله لأدنيه من فمي ، فيرميه فاسق (لعنه الله) بسهم ، فينحره وهو يناغي فيفيض دمه في كفي ، فأرفعه إلى السماء وأقول : اللهم صبراً واحتساباً فيك» (٤٠٨).

٢ ـ علي الأصغر :

ومن النصوص المصرحة بهذا الإسم ، ما يلي :

ذكر ابن أعثم الكوفي ، في كتابه (الفتوح) : «وله ابن آخر يقال له : علي في الرضاع ، فتقدم إلى باب الخيمة فقال : ناولوني ذلك الطفل حتى أودِّعه ، فناولوه الصبي فجعل يقبله وهو يقول : يا بني ، ويل لهؤلاء القوم ، إذا كان غداً خصمهم جَدّك محمد! قال : وإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في لبّة الصبي فقتله. فنزل الحسين عن فرسه ، وحفر له بطرف السيف ورَمّله بدمه وصلى عليه ودفنه» (٤٠٩).

ونَصّ ابن شهر آشوب في كتابه (المناقب) على علي الأصغر بقوله : «فبقى الحسين وحيداً وفي حجره علي الأصغر ، فرمي إليه بسهم فأصاب حلقه ، فجعل الحسين عليه السلام يأخذ الدم من نحره فيرميه إلى السماء فما يرجع منه شيء ، ويقول : لا يكون أهون عليك من فصيل» (٤١٠).

__________________

(٤٠٨) ـ البحراني ، السيد هاشم : مدينة المعاجر ، ج ٣ / ٣٧.

(٤٠٩) ـ ابن أعثم ، ابو محمد احمد الكوفي : الفتوح ، ج ٥ / ٣٧.

(٤١٠) ـ ابن شهر آشوب ، الحافظ محمد بن علي : مناقب آل ابي طالب ، ج ٤ / ١٠٩.

٣٢٦

وذكر السيد ابن طاووس في كتابه (الإقبال) في زيارة للحسين عليه السلام يوم عاشوراء «.. صلى الله عليك وعليهم ، وعلى ولدك عليّ الأصغر ، الذي فجعت به» (٤١١).

٣ ـ عبيد الله :

وجاء في تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام : «وعبيد الله بن الحسين عليه السلام وأمه الرباب بنت إمرئ القيس .. ، قتله حرملة بن كاهل الأسدي الوالبي ، وكان ولد للحسين عليه السلام في الحرب فأتى به وهو قاعد ، وأخذه في حجره ولَبّاه بريقه وسَمّاه عبد الله ، فبينما هو كذلك ؛ إذ رماه حرمله بن الكاهل بسهم فنحره ، فأخذ الحسين عليه السلام دمه فجمعه ورمى به نحو السماء ، فما وقعت منه قطرة إلى الأرض) ..» (٤١٢).

الثانية ـ النصوص غير المصرّحة باسمه :

ذكر الدينوري في كتابه الأخبار الطوال» : «فدعا بصبي له صغير فأجلسه في حجره ، فرماه رجل من بني أسد ـ وهو في حجر الحسين عليه السلام ـ بمشقص ، فقتله» (٤١٣).

وذكر ابن الجوزي في كتابه «تذكرة الخواص» : «عن هشام بن محمد ، قال : فإلتفت الحسين ، فإذا بطفل له يبكي عطشاً ، فأخذه على يده وقال : يا قوم إنّ لم ترحموني ، فارحموا هذا الطفل ، فرماه رجل منهم بسهم فذبحه.

__________________

(٤١١) ـ ابن طاووس ، السيد رضي الدين الحسني الحسيني : إقبال الأعمال / ٤٧.

(٤١٢) ـ الطبسي ، الشيخ مجمد جعفر : مع الركب الحسيني ، ج ٤ / ٤٠٨.

(٤١٣) ـ الدينوري ، احمد بن داود : الأخبار الطوال / ٢٥٨.

٣٢٧

فجعل الحسين يبكي ويقول : اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا. فنودي من الهواء : دَعْهُ يا حسين ، فإنّ له مرضعاً في الجنّة» (٤١٤).

«وروي : أنّ زينب عليها السلام ، وهي التي أخرجت الصبي وقالت : يا أخي ، هذا ولدك له ثلاث أيام ، ما ذاق الماء ، فأخذه على يده وقال : يا قوم قد قتلتم شيعتي وأهل بيتي ، وقد بقي هذا الطفل يتلظى عطشاناً ، فاسقوه شربة من الماء ، فبينما هو يخاطبهم ، إذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه» (٤١٥).

الثالثة ـ النصوص المصرِّحة بعمره :

ويمكن حصرها فيما يلي :

١ ـ ثلاث سنوات :

ذكر الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) : «فوقعت نبلة في ولد له ابن ثلاث سنين» (٤١٦) ، إنطباق هذا على الرضيع بعيد جداً ؛ لأنّه لا يقال لطفل رضيعاً إذا لم يكمل السنتين ، ولعلّ هذا العنوان ـ أي ابن ثلاث سنين ـ على ابن له آخر ، فقد ذكر الشيخ الحائري (ره) : «وممن قتل من أولاده ، ذلك الغلام الذي قتل عند باب الخيمة بعد شهادة علي الأكبر عليه السلام ، كما ذكره صاحب الناسخ ونحن عنه نقلنا» (٤١٧).

__________________

(٤١٤) ـ ابن الجوزي ، يوسف بن فرغلي : تذكرة الخواص / ٢٢٧.

(٤١٥) ـ الطبسي ، الشيخ محمد جعفر : مع الركب الحسيني ، ج ٤ / ٤٠٧ «حاشية».

(٤١٦) ـ الذهبي ، محمد بن أحمد : سير أعلام النبلاء ، ج ٣ / ٣٠٢.

(٤١٧) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ١ / ٤٢٨.

٣٢٨

٢ ـ ظهر يوم العاشر :

ذكر اليعقوبي في كتابه «تاريخ اليعقوبي» : «فإنّه لواقف على فرسه ، إذ اُتي بمولود قد ولد له في تلك الساعة ، فأذّن في أذنه ، وجعل يحنّكه ، إذ أتاه سهم ، فوقع في حلق الصبيّ فذبحه ، في تلك الساعة ، فأذّن في أذنه ، وجعل يلطخه بدمه ويقول : والله لأنت أكرم على الله من الناقة ، ولمحمد أكرم على الله من صالح! ثم أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه» (٤١٨).

وذكر الشيخ الحائري (ره) في كتابه (معالي السبطين) : «وممن قتل من أولاد الحسين عليه السلام ـ كما حكي عن الحدائق الوردية ـ ، أنّه ولد بالطف في يوم عاشوراء للحسين عليه السلام ، ابن في وقت صلاة الظهر عند المحاربة ، فاُتي به إلى الحسين عليه السلام وهو قاعد بباب الخيمة ، فأخذه في حجره وأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ولَبّاه بريقه ، وقَبّله وسَمّاه ، إذ رماه عبد الله بن عقبة الغنوي بسهم في نحره ، فذبح في حجر الحسين عليه السلام ، وجعل عليه السلام يأخذ دمه ويرمي به إلى السماء.

قال الباقر عليه السلام : (لو وقعت منه على الأرض قطرة ؛ لنزل العذاب) وإلى هذه المصيبة أشار السيد في قصيدته :

ومنعطفاً أهوى لتقبيل طفله

فقبل منه قبله السهم منحرا

لقد ولدا في ساعة هو والردى

ومن قبله في نحره السهم كبرا» (٤١٩)

__________________

(٤١٨) ـ اليعقوبي ، احمد بن ابي يعقوب : تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ / ٢٤٥.

(٤١٩) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ١ / ٤٢٨.

٣٢٩

٢ ـ ستة أشهر :

ذكر الشيخ الحائري (ره) في كتابه «معالي السبطين» : «وقال أبو مخنف ـ بعد ذكر شهادة علي الأكبر ـ : ثم أقبل الحسين عليه السلام إلى أم كلثوم وقال لها : يا أختاه ، أوصيكِ بولدي الصغير خيراً ؛ فإنّه طفل صغير ، وله من العمر ستة أشهر. فقالت : يا أخي ، إنّ هذا الطفل له ثلاثة أيام ما شرب الماء ، فاطلب له شربة من الماء ، فأخذ الطفل وتوجه نحو القوم ، وقال : يا قوم ، قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري ، وما بقي غير هذا الطفل ، وهو يتلظى عطشاً من غير ذنب أتاه إليكم ، فاسقوه شربة من الماء» (٤٢٠).

تعقيب على النصوص المتقدمة :

وبعد عرض هذه النصوص ؛ نخرج بالنتيجة التالية :

١ ـ إنّ للحسين عليه السلام رضيعين : أحدهما (عبد الله الرضيع) ، وعمره ستة أشهر ، قتل في معركة حينما ذهب به أبوه إلى القوم ، طالباً منهم أن يسقوه ماءً ، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم ، فذبحه من الأذن إلى الأذن. وأمه الرباب ، وهو أخ سكينة عليها السلام لأمه.

٢ ـ إنّ الرضيع الآخر ؛ هو علي الأصغر ، الذي وُلِدَ به وقت صلاة الظهر عند المحاربة ، وقتل عند باب الخيمة ، وهو في حجر أبيه ، رماه عبد الله بن عقبة الغنوي بسهم في نحره فذبحه ، وأمه أم إسحاق بنت طلحة ، وأخ رقية ، كما تقدم البحث فيه في رؤيا السيدة رقية.

__________________

(٤٢٠) ـ المصدر السابق ، ج ١ / ٤٢٤.

٣٣٠

٣ ـ إنّ ما ذكر في كتاب (مع الركب الحسيني) : من أنّ إسم الرضيع عبيد الله ؛ فهو غير صحيح ؛ وذلك لوجهين :

أولاً ـ نلاحظ الإضطراب في نقل العبارة بين قوله : «وعبيد الله بن الحسين عليه السلام ، وأمه الرباب بنت امرئ القيس» ، وقوله : «وأخذه في حجره ، ولَبّاه وسَمّاه عبد الله عليه السلام». فكيف نجمع بين ذلك؟

ثانياً ـ لعل النسخة التي إعتمد عليها فيها تصحيف ؛ أي بدل (عبد الله) عبيد الله ، وهذا يرجع إلى غلط النسّاخ ، وهذا كثيراً ما ينبه عليه المحققون وعلماء الرجال في معرفة الأشخاص. ولكن النص الذي ذكروه ، هو ما تقدم عن الشيخ الحائري في كتابه (مالي السبطين) عن الحدائق الوردية : «.. فأخذه في حجره وأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ولَبّاه بريقه ، وقَبّله وسَمّاه ؛ إذ رماه عبد الله بن عقبة الغنوي».

٥ ـ علاقتها بالإمام الحسين (عليه السلام) :

الرباب من خيار النساء وأفضلهن ، ومما يدل على صحة ذلك ، ما روي عن الحسين عليه السلام في حبها قوله :

لعمرك إنني لأحب داراً

تكون بها سكينة والرباب

أحبهما وأبذل كل مالي

وليس لعاتب عندي عتاب

فلستُ لهم وإن غابوا مضيعاً

حياتي أو يغيبني التراب (٤٢١)

__________________

(٤٢١) ـ كحّالة ، عمر رضا : أعلام النساء ، ج ١ / ٤٣٩.

٣٣١

وذكر ابو الفرج الإصفهاني في كتابه (الأغاني) : «عن مالك بن أعين قال : سمعت سكينة بنت الحسين (عليهما السلام) تقول : عاتب عمي الحسن أبي في أمي فقال :

لعمرك إنني لأحب داراً

تكون بها سكينة والرباب

أحبهما وأبذل كل مالي

وليس لعاتب عندي عتاب» (٤٢٢)

مناقشة رواية أبي الفرج الإصفهاني :

من تصفح سيرة الحسنين عليهما السلام ؛ لاحظ شيئين مهمين هما كالتالي :

الأول ـ وجود الأكاذيب والأساطير ، للحط من مقام السبطين عليهما السلام ، ومن الشواهد على ذلك ما ذكره ابو الفرج الإصفهاني في الرواية من العتاب!

وأيضاً ما ذكره ابن عساكر في قضية المهاجرة والمخاصمة بين السبطين عليهما السلام ؛ حيث يروي عن المدائني قوله : «جرى بين الحسن بن علي عليهما السلام وأخيه الحسين عليه السلام كلام حى تهاجرا ، فلما أتى على الحسن ثلاثة أيام تأثم من هجر أخيه ، فأقبل إلى الحسين ـ وهو جالس ـ فأكبّ على رأسه فقبله ، فلما جلس الحسن ، قال له الحسين عليه السلام : إن الذي منعني من إبتدائك ، والقيام إليك ، أنّك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أنّ أنازلك ما أنت أحق به» (٤٢٣).

الثاني ـ كثرة ما ورد في فضلهما وعلو شأنهما ، وما يثبت عصمتهما كما في آية الطهارة ؛ وهي قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب / ٣٣]. ومودتهما ومحبتهما في قوله تعالى : (قُل لَّا

__________________

(٤٢٢) ـ ابو الفرج الاصفهاني ، علي ابن الحسين : الأغاني ، ج ١٤ / ١٥٧.

(٤٢٣) ـ ابن عساكر ، علي بن الحسن : تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (ع) / ١٥٢ ـ حديث ١٩٧).

٣٣٢

أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) [الشورى / ٢٣]. كما أنّه لما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المباهلة مع نصارى نجران ذهب بهما ، كما في قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران / ٦١]. وبعد هذا ، هل يقبل مسلم غيور على الدين ومقدساته ، تلك الأساطير التي ما يُراد من وضعها واختلاقها ، إلا القدح في عصمتها والنيل من تلك المكانة التي حَثَّ ودعا إليها القرآن الكريم؟!

هل يقبل غيور أن يقرأ أو يسمع أنهما يتعاتبان لأجل إمرأة ، ويعرف كل منهما فضل الآخر؟!

إذن ، فالرواية مكذوبة. وأما الأبيات المنسوبة إليه عليه السلام ؛ فهي تبين مدى حبه لزوجته الرباب وابنته سكينة عليهما السلام فقط. ولعلّ الذين وضعوا هذه الرواية إستغلوا هذا الشطر (وليس لعاتب عندي عتاب) في نبز الإمام الحسن عليه السلام!

ومما يدل على حب الرباب لزوجها الحسين عليه السلام ما يلي :

إنّها من النساء اللاتي جاء بها الحسين عليه السلام مع حرمه إلى الطف ، وحُملت معهن إلى الكوفة والشام ، ورجعت مع الحرم إلى المدينة ، فأقامت فيها لا تهدأ ليلاً ولا نهار ، من البكاء على الحسين عليه السلام. ومن المواقف المشجية لها في الكوفة ، حينما رأت الرأس ، طلبته من ابن زياد ، فلما رأته أخذته ووضعته في حجرها وقبلته وقالت :

واحيناً فلا نسيت حسيناً

أفصدته أسنة الأعداء

عادروه بكربلاء صريعاً

لا سقى الله جانبي كربلاء (٤٢٤)

__________________

(٤٢٤) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : السيدة سكينة / ١٣٧.

٣٣٣

وكان من رثاء الرباب لسيد الشهداء عليه السلام :

إنّ الذي كان نوراً يُستضاء به

بكربلاء قتيل غير مدفون

سبط النبي جزاك الله صالحة

عَنّا وجنبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلاً صعباً ألوذ به

وكنت تصحبنا بالرحم والدين

من لليتامى ومن للسائلين ومن

يغني ويأوي إليه كل مسكين

والله لا أبتغي صهراً بصهركم

حتى اُغيّب بين الرمل والطين

ولما رجعت من الشام ؛ أقامت المأتم على الحسين ، وبكت النساء معها حتى جفت دموعهن ، ورثته بقولها :

تنعى ليوث البأس من فتيانها

وغيوثها إنّ عمت البؤساء

تبكيهم بدم فقل بالمهجة الحرى

تسيل العبرة الحمراء

ناحت فلما غضضت من صوتها

بزفيرها أنفاسها الصعداء

حنت ولكن الحنين بكى وقد

ناحت ولكن نوحها إيماء

ولما أعلمتها بعض جواريها ، بأنّ السّويق يسيل الدمعة ؛ أمرت أن يضع السّويق ، وقالت : إنما نريد أن نقوى على البكاء» (٤٢٥).

وكيف كان ، ففي تلك السنة التي عاشت فيها ، خطبها الأشراف فأبت ، «وقالت : ما كنت لأتخذ حماً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» (٤٢٦).

__________________

(٤٢٥) ـ المصدر السابق / ١٣٧.

(٤٢٦) ـ ابو الفرج الاصفهاني ، علي بن الحسين : الأغاني ، ج ١٤ / ١٥٨.

٣٣٤

٦ ـ وفاتها ومدفنها :

يقول ابن كثير : «توفيت الرباب بنت أنيف ، إمرأة الحسين بن علي عليهما السلام ، في سنة (٦٢ هـ) ، وكانت حاضرة أهل العراق ؛ إذ هم يعدون في السبت ، أو الجمعة ، على زوجها الحسين بن علي ، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» (٤٢٧). ودفنت في المدينة المنورة.

٧ ـ رؤياها :

ذكر الفاضل الشيخ علي المحسن القطيفي (ره) في كتابه (الدمعة القطيفية) : «وعن سكينة بنت الحسين قالت : بتنا ليلة الحادية عشر من المحرم ، والله ما رقدت لنا عين ، ولا جَفّت لنا عبرة ، وقد أضرّ بنا التعب وسهر الليل ، فلمّا أن وصل الفجر ؛ غفت عينا الرباب هنيئة ، ثم انتبهت وتَوجّهت نحو المعركة وتحسرت وانسكبت مدامعها ، وقالت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فقالت لها زينب : ما الذي دهاك وأزعجك في نومك؟ إنّي أعلم أنّ الرزايا لا تفارقنا يقظة ونوماً. فبكت رباب وقالت : لو يشترى الموت اشتريته. فقالت زينب لها : ولم يا رباب؟ فقالت رباب : إعلمي يا ابنة الصّفوة ، اني رأيت في منامي أمّك فاطمة الزهراء ، وبين يديها ولدي عبد الله الرضيع يبكي ، وهي تعالجه لتسكته فلم يسكت ، فحانت منه إلتفاتة قرآني ، فجعل يطلبني ، فمددت يدي وقلت لأمّك فاطمة : ناوليني ولدي ، فَقَرّبته مني فأخذته وناولته ثديي ، فقالت لي أمّك : يا رباب أترضعينه ولم تسئلي عَمّا به ، مدي يدك إلى

__________________

(٤٢٧) ـ ابن كثير ، ابو الفدا اسماعيل : البداية والنهاية ، ج ٨ / ٢١٧.

٣٣٥

وريده؟ فمددت يدي إلى نحره فإذا هو مذبوح من الأذن إلى الأذن ، فلما أحَسّ بذلك صرخ وترك الرضاع ، فانفجعت فاطمة ونادت : وا ولداه.

قالت رباب : فذكرت ما جرى وكنت قد نسيت ذلك ، فأخذته من أمك وهي تبكي ، فانتبهت فنظرت إلى الثدي الذي ناولته إياه قد دَرّ لبنه ، وأنا الآن أريد ولدي يا زينب ، فلما سمعن النساء كلامها ؛ تصارخن في وجهها وجعلن يبكين على حالها ، وهي تبكي على ولدها ، فقالت لها زينب : دونك ولدك ، فها هو مقتول مطروح ، فقامت وهي تعثر في مشيتها ، حتى أتت إلى المعركة فرأت ولدها مطروحاً والسهم قد ذبحه من الأذن إلى الأذن ، فانحنت عليه وجعلت تقبله في فمه ووجنته ، وهي تنادي : يا بني ، قم إلى الثدي الذي رضعت منه هذه الساعة ، فها هو قد دَرّ لبنه ، فلم يجبها ، فنادت : وا ولداه ، وا مهجة قلبي ، وا قرة عيناه» (٤٢٨).

__________________

(٤٢٨) ـ القطيفي ، الشيخ علي المحسن : الدمعة القطيفية ، ج ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨.

٣٣٦

ثانياً ـ العلماء والفضلاء

١ ـ الأميرزا محمد مهدي الشيرازي

٢ ـ السيد علي الطباطبائي

٣ ـ السيد محمد الفلفل القطيفي

٤ ـ الشيخ محمد كمونة

٥ ـ الوحيد البهبهاني

٦ ـ الشيخ جعفر التستري

٧ ـ الشيخ يوسف البحراني

٨ ـ الشيخ ضياء الدين النعماني

٩ ـ بعض العلماء

٣٣٧
٣٣٨

١ ـ الأميرزا محمد مهدي الشيرازي (٤٢٩) :

جاء في كتاب «تحفة المجاور» : «سمعت عن جناب الأميرزا محمد مهدي الشهرستاني (ره) ـ وهو العالم الكبير المشهور ، الذي تولى الصلاة على بحر العلوم ، أعلى الله مقامه ، وأنّه أخبر بذلك ـ قال : تشرفت بمجاورة قبر ابي عبد الله الحسين عليه السلام في عنفوان الشباب ، وكان رجل كثير الصلاح من أهل (خواتون آباد) ، يسمى حاجي حسنعلي ، مجاوراً في النجف الأشرف ، ويقول : هو أحسن من كربلاء ؛ ومجاورة كربلاء تُورِّث قَسَاوَة القلب. فرأيت ليلة في المنام ، أنّي في رِوَاق حرم أمير المؤمنين عليه السلام من جهة الرأس تجاه الشباك الذي يرى منه الضريح المقَدّس ، والحاج المزبور أيضاً هناك ، وهو على عادته مشغول بانكار مجاورة كربلا ، فرأيت أنّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام أيضاً في هذا المكان ، فسئل عنه الحاج حسنعلي وقال : إنّ جنابك مقيم في هذا المكان والناس يسيرون إلى سامراء لزيارتكم؟ فقال صلوات الله عليه : أنا فيه أيضاً .. فقال ذلك الرجل : إن تأذن لي أذهب وأفتح الباب واكنس ، فأذن له ثم قال الحجة عليها لسلام إبتداءً : لا يذهب بأحد من كربلاء إلى جهنم ، ثم أشار عليه السلام إلى ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وقال : بحق أمير المؤمنين لا يقودون أحداً من كربلاء إلى جهنم. فوقع في خاطري أنّ قسم المعصوم لإنكار الحاج حسنعلي مجاورة كربلاء. ثم قال عليه السلام : بشرط أن يبيت فيه ليلة. وفهمت من كلامه عليه السلام أنّ مقصوده من بيتوتته ؛ هي القيام بعبادتها ؛ فقلت : إنّا ننام في الليالي إلى طلوع الشمس.

__________________

(٤٢٩) ـ هو السيد الأجل العالم الرباني ، المجاور للمشهد الحسيني على مُشَرِّفِه السلام ، يروي عن صاحب الحدائق ، ويروي عنه صاحب المستند ، توفي سنة ١٢١٦ هـ.

٣٣٩

فقال عليه السلام : وإن نام إلى طلوع الشمس ، وكان تلك الرؤيا سبباً لإختياري كربلاء للمجاورة» (٤٣٠).

٢ ـ السيد علي الطباطبائي (٤٣١) :

جاء في كتاب «تحفة المجاور» : «عن السيد الجليل ، والعالم المحقق النبيل ، شيخ الفقهاء المبرزين الأمير سيد علي صاحب الرياض ـ أعلى الله مقامه ـ ، قال : كنت أتعاهد في أيام التحصيل زيارة القبور التي كانت في خارج بلد كربلاء ، في حول خيمگاه في عصر الخميس ، فرأيت ليلة في المنام كأني ذهبت إلى تلك المقابر ، فرأيت البلد خالياً عن العمارات والبيوت ، وفي مكان الجميع قبور وقد إرتفعت مكانها ، فصرت متفكراً مستوحشاً فسمعت هاتفاً يقول بلسان الفارسي : (خوشا حال كسيكه در اين ارض مقدس مدفون گردد ؛ اگر چه با هزاران گناه باشد از هول قيامت بسلامت در رود ، هيهات هيهات كه كسى در آنجا مدفون نشود واز هول قيامت بسلامت در رود) ؛ أي هنيئاً لمن دفن في هذه الأرض المقدسة ؛ فإنّه يخلص من أهوال القيامة ، وإن كان عليه ألوف من المعاصي ، وهيهات هيهات أن يدفن في غيرها ويخلص من أهوال القيامة» (٤٣٢).

__________________

(٤٣٠) ـ النوري ، الميرزا حسين : دار السلام ، ج ٢ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٤٣١) ـ السيد علي بن السيد محمد علي ، بن السيد ابي المعالي الصغير ، بن ابي المعالي الكبير الطباطبائي ، المولود سنة (١١٦١ هـ) في الكاظمية في العراق ، والمتوفي سنة (١٢٣١ هـ) ، وهو ابن أخت العلامة الوحيد البهبهاني وصهره على ابنته ، عالم فقيه جليل القدر ، شيخ في الفقه وأصوله ، من أشهر كتبه «رياض المسائل في بيان الأحاكم بالدلائل». حتى عرف بصاحب (الرياض).

(٤٣٢) ـ النوري ، الميرزا حسين : دار السلام ، ج ٢ / ١٤٩.

٣٤٠