تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

١
٢

٣
٤

إشراقة البحث

ـ الموضوع ودوافع إختياره

ـ أهميته

ـ تساؤلات البحث

ـ منهج واسلوب البحث

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

اَلحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى مُحَمَّد وآلهِ الطَّاهِرينَ ، وبعد.

الموضوع ودوافع إختياره :

واقعة كربلاء من الوقائع التي لا تضاهيها أي واقعة أخرى في تاريخ البشرية ، فقد أبرزت بطولات كربلاء شرف التضحية على نحو باهر وجليل ، حتى لنكاد نحسب أنّ الأقدار إنما أرادت ذلك اليوم بكل أهواله وتضحياته ، لتؤكد شرف التضحية في وعي البشرية كلها ، ولتضيء بمغزاه العظيم ضمير الحياة ، من أجل ذلك إختارت لها في يوم كربلاء نماذج رفيعة بالغة الرفعة ، وقضية عادلة بالغة العدالة ، إذن هي شرف الإنسان وشرف الحياة ، ومن ثَمّ فالناس يخطئون عندما يقفون أمام شكل التضحية وما يصاحبها من ألم وفاجعة ، ثم لا يتجاوزون هذا الشكل إلى جوهر التضحية حيث العظمة والجلال ، ومن شاء فلينظر فهؤلاء نفر من أكرم الخلق ، وأتقى الناس. تُمزّق أجسادهم بسيوف الباغين ، ثم تنحر رؤوسهم وتغرس في أسنة الرماح ، فهل إنتفض ذلك مثقال ذرة من شرف التضحية وعظمتها! إنّ الأجساد بمجرد إلقائها النفس الأخير يزايلها الإحساس بالألم ثم تنال الأرواح مكانها العالي عند الله بقدر بلائها وتضحياتها ، كما تنال مكانها العالي في ضمير التاريخ بقدر بذلها وعطائها.

٧

إنّ مظاهر الرقي البشري كثيرة ، ولكن شرف الإنسان وجدارته بالحياة لا يزالان وسيظلان منوطين بقدرته على التضحية النبيلة والجليلة من أجل الحق ، واللوحة التي رسمتها تضحيات الحسين عليه السلام وأهله وصحبه ؛ بَوّأت هذا الشرف وتلك الجدارة أعلى المنازل والذرى ، ولذا إستأثرت العناية والإهتمام في شتى النواحي والمجالات ، وحظيت بسهم وافر من التأليف والدراسة ، فكتبت الأشعار والمقالات ، وأفردت لها الدراسات الخاصة بها ، على مستوى البحث التأريخي ، والسياسي ، والعقائدي ، والأدبي.

حتى أحصى بعض الباحثين أنّها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب ، هذا عدا المخطوطات التي لم تزل مجهولة المكان ، خافية عن أعين أهل التتبع والتحقيق ، وعدا كثير من الكتب والمقالات التي هي تحت الطبع أو قيد التأليف ، فمهما كثرت فيها الدراسات وتنوعت ، ستبقى في الكثير من آفاقها تتسع للمزيد من البحث والدراسة والنظر مدى العصور ، ولذا نحن بحاجة إلى إستخراج الدروس والعبر بصياغة تتناسب مع لغة العصر ، حتى ينجذب لها شباب اليوم ليدركوا مواطن الضعف فيهم ، وارتفاع كثير من الغموض في هذه السيرة الحسينية على أرض كربلاء ، ومن بين تلك الصور التي تجذب عواطفهم ، وتملك قلوبهم وتعني بالوجهة التهذيبية النفسية لهذه الحادثة الجليلة ، باسلوب يجذب الطالب المتجدد ويفيده علمياً وخلقياً ، هو البحث القصصي بجميع صوره وأساليبه الفنية ، سواء على نطاق الحدق أو الرؤى أو الحوار ، فإنّها أساليب لها دور إقناعي عقائدي علمي ، وهو موضوع بحثنا.

٨

ولعلّ أهم الدوافع التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع ما يلي :

١ ـ وجود فئة متسامحة في نقل القصص والقضايا المتعلقة بالحسين عليه السلام وتربته الطاهرة ، من دون دراسة وتمحيص.

٢ ـ وجود فئة أخرى مبالغة في رفض نقل تلك القصص ، مُركِّزة في ذلك على البحث العقلي المحض ، ومهملة الجوانب العلمية الأخرى.

٣ ـ وجود فئة ثالثة من طبقة الشباب والناشئة ، في حالة من الغموض والحيرة تجاه تلك الأمور.

أهميته :

إنّ القصص لون من ألوان الأدب لاقى إقبالاً من الناس ، بحيث تهواه نفوسهم وتصغي إليه أسماعهم ، كما إعتاد الكثير منهم على قراءة القصة للمتعة والتسلية ؛ لأنّ أكثر القصص لا تمثل الحقيقة ، وإنّما هي لون من ألوان التأليف والتلفيق والخيال ، ومن هذا اللون كثير من القصص الشعبية المرويّة عن الأوائل ـ وخاصة الفرس والروم ـ ولا زال له وجود إلى يومنا هذا ، فقد إبتدع الكُتّاب في هذا العصر نوعاً يسمى بالخيال العلمي ، يتخيل فيه الكاتب ما يمكن أن يصل إليه البشر مستقبلاً ، ويُصَوِّر حال الناس في ذلك الوقت.

كما يقوم البعض بترجمة القصص غير الواقعية من المجلّات الأجنبية ، والغريب في الأمر أنّ تلك القصص الخيالية يقرأها الجميع بحالة من الشوق والتلذذ ، وهذا يدل على صحة ما ذكر من أنّ طبع الإنسان مَيّال إلى سماع القصص ، ويمكن توجيه هذه الغريزة إلى الطريق الصحيح ، كي تصحوا القلوب من الغفلة والضياع ، وذلك عن طريق الرجوع إلى ما ذكره القرآن الكريم من

٩

القصص التي اُستخدمت كاسلوب من أساليب الإعلام ، وخاطب العقل والشعور جميعاً ، وفتح أمام قلب الإنسان وعقله أبواب الإدراك واليقين.

وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث إتخذ من القصة إسلوباً مهماً من أساليب الدعوة ، تحملها قيم الإسلام ومعانيه ، وتربية الرعيل الإسلامي الأول ، ويوجههم من خلالها إلى إستلهام هذا الدين عقيدة في الفكر والتصور ، وطريقة في السلوك وواقع الحياة ، مما جعله يستعمل القصة في حديثه إلى المسلمين على نطاق واسع وفي شتى الموضوعات ، وسار على نهجه أهل بيته عليهم السلام. والذي توصلنا إليه ، أنّ القصص القرآنية والحديثية تمثل الصورة الواقعية والعملية التي ترسم التعاليم الإسلامية ، وكثيرون من الناس يرون الحق من خلال الواقع العملي أكثر مما يعرفونه من خلال التعاليم المجردة ؛ لذا فإنّ المستقيم من البشر قد يؤثر مسلكه في الناس مما تؤثر أقواله فيهم ، وهذا ما دعى المسلمين أنّ يتأثروا بما يروى في فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ، ومن بين تلك الأمور التي أكّد عليها هو وأهل بيته قضية إستشهاد الحسين عليه السلام على تراب كربلاء ، مما دعى محبيهم والمتعلقين بهم أن يهتموا بكتابة القصص الكثيرة المتعلقة بالحسين عليه السلام وتربته الطاهرة ، وبهذا ظهر لنا أهمية موضوع البحث.

تساؤلات البحث :

لعلّ من أهم التساؤلات التي ينبغي طرحها ما يلي :

١ ـ نقرأ ونسمع الكثير من القصص الدينية التي يدعي علماء الإسلام أنّ لها فوائد في حياة الإنسان ، فهل هذه الدعوى صحيحة من الناحية العلمية أم لا؟.

١٠

٢ ـ هل ما نسبه الشيعة الإمامية من القصص والكرامات التي لها تَعلّق بالحسين عليه السلام وتربته الطاهرة لها واقع ، أم أنّها اسطورة وخرافة ، الهدف منها دعم معتقدهم؟.

٣ ـ يتسائل بعض شبابنا قائلاً : نسمع ونقرأ قصصاً مفادها ، أنّ السماء إحمرّت وأمطرت دماً عبيطاً ، وأنّ التربة التي اُودعت عند أم سلمة (رض) ، تحَوّلت إلى دم عبيط ، وأنّ بعض الأشجار في اليوم العاشر من المحرّم في كل عام يسيل منها الدم.

وجاء في زيارة الإمام الصادق عليه السلام لجده سيد الشهداء عليه السلام : (أشهد أنّ دمك سكن في الخلد ، واقشعرّت له أظلة العرش) (١) ، فهل هذا صحيح أم لا؟ ولماذا التركيز على الدم؟.

منهج واسلوب البحث :

إنّ اسلوب القصة لها وقع وتأثير على النفوس البشرية ، وهي متعددة الدروس ، متنوعة المضامين ، هدفها خلق الشخصية الإسلامية الملتزمة ، التي تلتمس منار الهدى والصلاح في طريقها ، ولذا كُتِبَت الأبحاث حول القصّة ـ خصوصاً القرآنية والنبوية ـ ولعلّ من أروع ما كتب بطريقة علمية مستوعبة ما يلي :

١ ـ القصص في الحديث النبوي دراسة فنية وموضوعية (لمحمد بن حسن الزير).

٢ ـ قصص أهل البيت العجيبة (لعلي عاشور).

وهناك الكثير من الأبحاث التي قامت بدراسة القصّة في شتى جوانبها.

__________________

(١) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب : الكافي ، ج ٤ / ٥٧٦.

١١

أما بالنسبة إلى ما يتعلق بالحسين وتربته من القصص ، فالموجود منها في الكتب والمذكرات والمجلات فكثير ـ سواء المروي عن أهل البيت عليهم السلام ، أو العلماء ، أو عامة الناس ـ إلا أنّها متناثرة في بطون الكتب ، تحتاج إلى كتاب مستقل يجمع شتاتها ، ثم دراستها وبحثها ، حيث إنّ عرض ودراسة القصة تُؤصِّل منهجاً إسلامياً فيها ، وتعطي فرصة كبيرة في ظهورها بشكل مقبول لدى الطبقة المثقفة والناشئة ، وهذا ما نسعى إليه ، لعلنا نوفق لذلك.

وخطة البحث التي رسمت ؛ هي دراسة هذه القصص بتوثيقها حتى تكون مورداً للإطمئنان لدى المؤمن في كل مكان وزمان ، وسيكون منهجنا المتبع هو التالي :

أولاً : بحوث تمهيدية حول القصة بشكل عام.

ثانياً : التركيز على القصة القرآنية والنبوية ، لتكون مثالاً ومؤيداً للقصة الحسينية.

ثالثاً : التعرض لأهم الآراء المتعلقة بالموضوع.

رابعاً : سيكون محور البحث مُرَكِّزاً على العناوين التالية :

الأول ـ القصص الواقعية.

الثاني ـ الرؤى.

الثالث ـ الحوار.

وفي الختام سيكون أجوبة التساؤلات التي ذكرت في بداية البحث.

والله من وراء القصد ، وهو ولي التوفيق والتسديد ...

أمين بن الحاج حبيب آل درويش

الإثنين ٣ / ٣ / ١٤٢٤ هـ

١٢

بحوث تمهيدية

أولاً ـ تعريق القصة

ثانياً ـ أقسام القصة

ثالثاً ـ أهمية القصة

١٣
١٤

تعريف القِصّة

١ ـ التعريف الوصفي

أ ـ اللغوي

ب ـ الإصطلاحي

٢ ـ التعريف التركيبي

١٥
١٦

١ ـ التعريف الوصفي :

لا بد لكل موضوع من المواضيع عنوان يبرزه يُسَمّى بالتعريف ، والتعاريف تختلف حسب واضعيها ، ولعل أهم التعاريف المستخدمة ، هي الوصفية (اللفظية) ، ويمكن حصرها فيما يلي :

أ ـ اللغوي :

القِصَصَ بكسر القاف : جَمْعٌ واحدة قِصَّة. والقِصّة في لغة العرب : الأخبار المروية ، والأنباء المحكية ، وقد سَمّى القرآن الكريم ما ذكره من أنباء الغابرين قصصاً ، قال تعالى : (كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ) [طه / ٩٩] ، وقال تعالى : (ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ) [هود / ١٠٠]. والعرب تجعل كل خبر قِصّة ، إلا أنّ المتأمل فيما تعارف عليه أهل الأدب أنّ القِصّة لون خاص من الأخبار ذو طبيعة خاصة ، وعلى ذلك فكل قِصّة خبر ، وليس كل خبر قِصّة ، فعلى سبيل المثال : ما ذكره القرآن الكريم من خلق السموات والأرض والملائكة ونحو ذلك أخبار وليست بقصص ، وأما أخبار الرسل مع أقوامهم ونحو ذلك ، فهي قصص وأخبار.

وبعد هذا التمهيد يمكن حصر ما ذكره اللغويون في تعريف القِصّة فيما يلي :

١ ـ القَصّ : تتبع الأثر ، يقال : قصصت أثره ، والقَصَصَ : الأثر ، قال تعالى : (فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا) [الكهف / ٦٤] (٢).

__________________

(٢) ـ الراغب الإصفهاني ، الحسين بن محمد : المفردات في غريب القرآن ، ج ٢ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣.

١٧

٢ ـ «القِصّة : الخبر وهو القصَصَ. وقصّ عليَّ خبره يقصُّه قصّاً وقَصَصَاً : أورده» (٣).

٣ ـ «القِصّة : الأمر والحديث ، واقتصصت الحديث : رويته على وجهه ، وقَصّ عليه الخبر قصصا.

وفي الحديث الرؤيا : لا تقصها إلا على وَادٍّ. يقال : قصصت الرؤيا على فلان إذا أخبرته بها» (٤).

٤ ـ «القَصّ : البيان ، قال تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف / ٣] ؛ أي نبين لك أحسن البيان» (٥).

هذه أهم المعاني التي ذكرها اللغويون للفظة (القِصّة).

ب ـ الإصطلاحي :

«القِصّة : فنّ حكاية الحوادث والأعمال بأسلوب لغوي ينتهي إلى غرض مقصود» (٦).

٢ ـ التعريف التركيبي :

يمكن تعريف القِصّة من خلال ما تحويه من عناصر فنية من : الشخصية ، والحدث ، والحوار ، والزمان والمكان ، وهذه العناصر تتحقق في نَصّ القِصّة في صورة فنية من التداخل والتشابك ، بحيث لا يمكن فصل بعضها عن بعض ، وبخاصة عنصري الحدث والشخصية ؛ إذ أنّ الحدث هو فعل الشخصية ، كما أنّ

__________________

(٣) ـ ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٧ / ٧٤.

(٤) ـ نفس المصدر.

(٥) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٤ / ٧٦.

(٦) ـ الأشقر ، الدكتور عمر سليمان : صحيح القصص النبوي / ١٢.

١٨

الشخصية لا تثبت وجودها إلا من خلال ما تقوم به من أحداث ، أو ما تؤديه من أقوال ، وهذا التداخل له دور في بناء القصة ، كما يجعل بعضها ذا تأثير واضح في بعضها الآخر ؛ أي أنّ الحدث مؤثر في الشخصية ، وأنّ الحوار له دوره في بلورة الشخصية أمامنا ، كما يقوم بكشف الكثير من جوانبها وتعميق الحدث وتطويره.

ويمكن دراسة هذه العناصر بصورة مختصرة ، كي تتضح لنا تركيبة القصة الفنية.

أولاً ـ الراوي في القصة :

قبل الدخول في الحديث عن العناصر لتركيبة القصة ، ينبغي أن نذكر العلاقة التي بين الراوي والعمل القصصي ؛ إذ يوجد تقارب لا ينكر بين الراوي وعمله ، منشؤها علاقات مختلفة منها ما يلي :

١ ـ علاقته بحدث القصة وشخصياتها ، فقد يكون أحد شخصياتها المشاركين في صنع أحداثها ، فيكون الراوي متحدثاً عن نفسه في القصة ، وكأنّما يكتب مذكرات ويَقصّ بعض تجاربه التي مرت به.

٢ ـ علاقته بمجتمعه ، سواء كان ذلك المجتمع في داخل القصة ـ باعتباره أحد شخصياتها ـ أو كان المجتمع خارج القصة الذي توجه إليه.

ثانياً ـ الشخصية :

يمكن التركيز على الشخصية من حيث التَعرّف على أنواعها ـ وخصوصاً التعرف على ذات الشخصية من حيث ذاتها وطيبعتها بشرية أو غير بشرية ـ إذ نجد كثيراً من الشخصيات التي حفلت بها القصة القرآنية والنبوية وما يرتبط بهما من هذا النوع ، والذي يهمنا دراسته هي الأنواع التالية :

١٩

١ ـ البشر :

وتتمثل الشخصيات البشرية في الأنبياء والأولياء والعلماء وعامة الناس.

أمّا الأنبياء ؛ فقد حظيت باهتمام كبير ، والغالب في شخصيات الأنبياء أنّها تذكر بأسمائها ، ولا شك أنّ ذكر ال إسم أكثر قرباً وارتباطاً بها ، مما يعطيها نوعاً من الواقعية في اعتبار السامع ؛ إذ أنّهم خلق مكرمون لهم قيمتهم الكبيرة عند الباري عَزّ وجَلّ ، وكذلك بالنسبة للأولياء والعلماء.

وأمّا بالنسبة إلى بقية البشر ـ سواء كانوا رجالاً أو نساء ـ ؛ فهذه الشخصيات تُصوّر الإنسان بما فطر عليه من طباع ، وما جبل عليه من غرائز مختلفة تنكشف من وقت لآخر في أحداث القصة ، وتعكس ما تنطوي عليه النفس الإنسانية من خير أو شر. ففي النفس إستعداد للتأثر بما يلقى إليها من القول والفعل ، لكنْ هذا الإستعداد موقت في الغالب ، ولذلك يلزمه التكرار ، فالموعظة المؤثرة تفتح طريقها إلى النفس مباشرة عن طريق الوجدان وتهزّه هَزّاً عنيفاً ، وتثير كوامنه لحظة من الوقت ، ولكنّها إذا تركت تترسب من جديد ؛ لذلك لا تكفي الموعظة وحدها في تربية النفوس ، إذا لم يكن بجانبها القدرة والوسط الذي يسمح بتقليد القدوة ويشجع على الأسوة بها ، وحين توجد القدوة الصحيحة ؛ فإنّ الموعظة تكون مُؤثِّرة في النفس ، وتكون من أعظم الدوافع في تربية النفس.

٢ ـ الملائكة :

خَلْقٌ من نور ، وهم جواهر مقدسة تسيرها الإرادة العليا على وجه التسخير المطلق ، وهم معصومون عن طلب الشهوة. وبعد هذا نقول إنّ من شخصيات القصة البارزة الملاركة ، حيث تحفل بها القصص القرآنية والنبوية ،

٢٠