تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٢

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

معنى ، وفي باقي الأئمة قريبة من التواتر ، وكيفية رجوعهم ، هل هو على الترتيب أو غيره؟ فكل علمها إلى الله سبحانه ، وإلى أوليائه عليهم السلام» (٤٢٨).

وبعد ذكر هذه الروايات ، لعل البعض لا يصدق بما جاء فيها ويقول : إنّ هذه من مبالغات الشيعة في مصرع الحسين عليه السلام ، ومن الشواحد على ذلك ما يلي :

رأي ابن كثير في روايات حادثة كربلاء :

قال : «وللشيعة والرافضة في صفه مصرع الحسين كذب كثير وأخبار باطلة ، وفيما ذكرنا كفاية. وفي بعض ما أوردنا نظر ، ولولا أنّ ابن جرير وغيره من الحفاظ والأئمة ذكروه ما سقته ، وأكثره من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى ، وكان شيعياً وهو ضعيف عند الأئمة ، ولكنّه أخباري حافظ ، وعنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره ، ولهذا يترامى عليه كثير من المصنفين في هذا الشأن ممن بعده. والله أعلم» (٤٢٩).

مناقشة ابن كثير :

مما يؤسف له أنّ مثل هذا الحافظ الذي له أهميته في كتابة التاريخ ، يغلب عليه التعصب والهوى ؛ فإنّ كل من قرأ هذا النص الذي ذكرناه عنه يلاحظ عليه ما يلي :

أولاً ـ الإفتراء على الشيعة بأنها تنقل الكذب الكثير والأخبار الباطلة ، فهذه دعوى لا تغتفر في إتهام طائفة من أكابر الطوائف الإسلامية؟!

ثانياً ـ التشكيك فيما نقله من الأخبار مع إعترافه بنقل الحفاظ والأئمة بذلك ، فبالنتيجة يطعن في علمائه حيث أنّهم ينقلون ما ذكره الشيعة والرافضة من الكذب كما زعم؟!

__________________

(٤٢٨) ـ شبّر ، السيد عبد الله : حق اليقين في معرفة أصول الدين ، ج ٢ / ٥٥.

(٤٢٩) ـ ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل بن عمر : استشهاد الحسين / ١٣٠.

٢٢١

ثالثاً ـ الطعن في رواية أبي مخنف لوط بن يحيى باعتبار تشيعه ، وباعتبار ضعفه عند الأئمة ، ثم يذكر أنّه أخبارياً حافظاً ، وأنّ الأئمة أخذوا عنه ، فانظر ـ أيها القارئ الكريم ـ كيف أنّ التعصب والهوى أبعده عن الحقيقة ؛ حيث تورط بتضعيف وتكذيب الشيعة ، وأثبت بعد ذلك أنّ علماءه يأخذون عنهم ، ولا ذنب للشيعة إلا أنهم والوا علياً وولده عليهما السلام ، ولكن هذا التضعيف لا قيمة له في البحث العلمي ، بل هو خلاف العقل والإنصاف. ولو تتبعنا من هو على شاكلته ؛ للاحظنا أنّ منهجهم من قديم الزمان إلى اليوم ، تضعيف الشيعة ورميهم بالكذب ، ومن الشواهد على ذلك ما يلي :

إمام الشافعية يشير إلى هذا المنهج :

إذا في مجلسٍ نذكُرْ علياً

وسِبطيْهِ وفاطمةَ الزّكية

يُقالُ تجاوزوا يا قومُ هذا

فهذا منْ حديثِ الرّافضية

برئتُ إلى المُهيمنِ من أناسٍ

يرون الرّفضَ حُبَّ الفاطميَّة (٤٣٠)

وقال أيضاً :

قالوا تَرَفّضْتُ قلت : كَلّا

ما الرّفْضُ ديني ولا إعتقادي

لَكنّ توليتُ غير شكٍّ

وخيرَ إمامٍ وخيرَ هادي

إن كان حبُّ الوليِّ رفضاً

فإنّ رفضي إلى العبادِ (٤٣١)

وهكذا نلاحظ إمام الشافعية من خلال أشعاره يستاء من هذه الظاهرة ، التي نهجتها بعض الجماعات ، والفئات التي عاصرها.

__________________

(٤٣٠) ـ عكاوي ، د. رحاب : ديوان الإمام الشافعي / ١٠٢.

(٤٣١) ـ نفس المصدر / ٤٩.

٢٢٢

الدكتور عبد العزيز نور ولي نهج منهج ابن كثير :

وهو من المعاصرين قم بدراسة عنوانها (أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري) ، ومن النتائج التي توصل إليها ما يلي :

ـ «نجد في الروايات الشيعية التاريخية ، بعض الأمور التي وافقت الروايات الصحيحة ، ولكن مثلهم مثل الكهان ، الذين يأخذون من مسترقي السمع من الشياطين الخبر الصادق ، ويخلطون معه مائة كذبة.

ـ غلاة الشيعة يستغلون بعض الحقائق ليصوغوها بما يوافق هواهم.

ـ يستغل غلاة الشيعة مواطن الإختصار في الروايات الصحيحة ، والتي تكون مجالاً للدس فيها ، فيستغلونها لخدمة عقيدتهم ومذهبهم.

ـ الكم الهائل للروايات الشيعية التي تضمنتها المصادر السنية.

ـ رغم كثرة الروايات التاريخية الشيعية في المصادر التاريخية المعتمدة عند أهل السنة ، إلا أنّ تلك الروايات ؛ كانت أهون بكثير من الروايات التي تناقلتها المصادر الشيعية البحتة.

ـ إعتماد المصادر التاريخية على الروايات الشيعية في حوادث مختلفة من التاريخ ، ولعلّ من أهم الأسباب لهذا الإعتماد الكبير عليها ، عدم الروايات المقابلة التي تعطي التسلسل التاريخي كما تُصوّره الرواية الشيعية.

ـ هذا التشويه والتزييف للتاريخ الإسلامي من قِبَل الشيعة ، تأثر به كُتاب التاريخ قديماً وحديثاً ، فنجد في الروايات المنقولة من طرق ضعيفة ، رغم أنّ رجالها ليسوا شيعة ولكنهم ينقلون ما يوافق روايات الشيعة ، فلا يستبعد تأثرهم بروايات الشيعة.

٢٢٣

ـ ضرورة مراجعة كثير من الأخبار المشهورة في التاريخ للتأكد من صحتها ، فليس كل ما هو مشهور صحيحاً.

ـ عدم تجاهل جانب التشيع في غير الغالين فيه ، فرغم غلوهم إلا أنهم ينقلون ما يوافق تشيعهم» (٤٣٢).

أقول : إنّ صاحب العقل المتجرد من الهوى والعصبية ، يلاحظ أنّ هذا الباحث أقحم نفسه في ميدان علمي لم يستخدم فيه لغة العلم ، بل نراه يتخبط ، فتارة يذهب إلى اعتماد أهل السنة على كثير من المرويات الشيعية ، وتارة أخرى يذهب إلى أنّ الشيعة يستغلون هذه الروايات ، في تصحيح عقيدتهم ومذهبهم.

نعم ، هذا حال تاريخنا الإسلامي وما فيه من الأغاليط ، يشعر بها كل من يقف على أحداثه دارساً ومتأملاً ، وقد ساهم في صنع هذه الأغاليط جماعات من الروات ؛ أعماهم التعصب حتى أفقدهم التوازن الفكري ، غدت حقائق التاريخ على أيديهم سلعة تعرض في (سوق من يزيد أو يريد) ، فهي تظهر حيناً وتختفي حسب الطلب ، ويكثر الوضع إذا إحتدم النزاع بين طائفة وطائفة ، ويقل الوضع حين يخف النزاع ، والوضع تناول كل شيء : الحوادث والحديث والتفسير والأدب وتراجم الرجال ، والتمييز بين المصنوع والمطبوع ، يحتاج إلى حنكة تاريخية وبصيرة نافذة.

٤ ـ تقديس التربة والتبرك بها :

لعلّ من الأشياء التي تُلفت أنظار الآخرين تجاه الشيعة الإمامية ، تلك العلاقة الوثيقة التي تربطهم بكربلاء منذ أزمنة بعيدة ، وإلى يومنا هذا ، اثيرت

__________________

(٤٣٢) ـ نور ولي ، الدكتور عبد العزيز محمد : أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري / ٤١٣ ـ ٤١٤.

٢٢٤

حولها الأسئلة التي يراد بها الوصول إلى الهدف من تقديسها والتبرك بها ، فما هو الهدف الذي دعاهم إلى ذلك؟

يتضح الجواب على هذا السؤال بعد بيان الآتي :

ـ معنى التبرك :

«التبرك : مأخوذ من البَرَكَة وهي : ثبوت الخير الإلهي في الشيء. ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يُحس على وجه لا يحصى ولا يحصر ؛ قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة ، هو مبارك وفيه بركة» (٤٣٣).

وقد وصف نفسه عَزَ وجَلّ بذلك كما في قوله تعالى : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنينن / ١٤] ، كل ذلك تنبيهاً على إختصاصه تعالى بالخيرات ؛ أي ثبت الخير عنده وفي خزائنه ، واتسعت رحمته وكثرت نعمته. كما وصف مخلوقاته بذلك في كثير من الآيات ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ قوله تعالى : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ) [مريم / ٣١] ؛ أي موضع الخيرات الإلهية. وفي الحديث عن إمامنا الصادق عليه السلام : (في قول الله عَزَ وجَلّ : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ) قال : نَفّاعاً) (٤٣٤).

٢ ـ قوله تعالى : (ربِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا) [المؤمنون / ٢٩] ؛ أي حيث يوجد الخير الإلهي.

__________________

(٤٣٣) ـ الإصفهاني ، أبو القاسم الحسين بن محمد : المفردات في غريب القرآن ، ج ١ / ٥٦.

(٤٣٤) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي ابن الحسين : معاني الأخبار : ٢١٣.

٢٢٥

٣ ـ قوله تعالى : (وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) [الأنعام / ٩٢]. قال الشيخ الطبرسي قده : «وإنما سمّاه مباركاً ؛ لأنّه ممدوح مستعد به ، فكلّ من تمسك به نال الفوز» (٤٣٥).

ـ معنى التقديس :

قال السيد السبزواري (قده) : «والتقديس : بمعنى التنزيه ـ كما عن جمع من اللغويين والمفسرين ـ والتطهير المعنوي عن النقائص. ويمكن التفريق بينهما ، بجعل الأول بالنسبة على الذات الأقدس ، فهو تعالى منزّه عن كل نقص ، والثاني بالنسبة إلى الفعل ففعله منزّه عن كل نقص ، لكونه صادراً عن الحكمة البالغة» (٤٣٦). هذا بالنسبة للباري عَزّ وجَلّ ، كما وصف نفسه في قوله تعالى : (لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) [الحشر / ٢٤]. أما بالنسبة لخلقه ، فقد جاء في القرآن ذلك كما يلي :

١ ـ قوله تعالى : (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) [النازعات / ١٦].

٢ ـ قوله تعالى : (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) [المائدة / ٢٢].

قال السيد السبزواري (قده) : «ومادة (قدس) تدل على التنزّه والطهر ، يقال : تقدّس الله ؛ أي تنزّه .. والأرض المقدسة : هي الأرض المطهّرة من رجس الشرك ، والتي يمكن إقامة الدين فها ، ولعلّ هذا هو معنى البركة التي وصف عَزّ وجَلّ الأرض التي وعدهم بها. قال تعالى : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ

__________________

(٤٣٥) ـ الطبرسي ، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن : مجمع البيان في تفسير القرآن ، ج ٣ ـ ٤ / ٤١٦.

(٤٣٦) ـ السبزواري ، السيد عبد الأعلى الموسوي : مواهب الرحمن في تفسير القرآن ، ج ١ / ١٧٠.

٢٢٦

الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا) [الأعراف / ١٣٧]. فإنّ البركة هي : الخير الكثير ، وأعلاه مرتبة ؛ هو إقامة الدين ، وبسط الحق والعدل ، ورفع قذارة الشرك ، وبذلك يمكن الجمع بين كلمات المفسرين في المراد من المقدّسة في المقام. واختلفوا في تعيين الأرض المقدسة ، فقيل : هي الشام ، وقيل : هي الطور وما حوله ، وقيل : أريحاء ، وقال بعضهم : دمشق وفسطين ، وقال آخر : الأردن ، وقيل : غير ذلك.

والحقّ أن يقال : إنه لم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة الشريفة تحديد هذه الأرض الموعودة ، وإلا أنّ توصيفها بالبركة ـ كما قال تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الاسراء / ١] ، ـ يقرب أنه المسجد الأقصى وما حوله ، فيستفاد أنّ هذه الأرض المقدّسة ؛ هي هذه المنطقة بالخصوص ، ولعلّ ما ورد في بعض الروايات من أنها الشام ، هو اقرب الإجتماعات ، فإن أرض الشام موصوفة بالبركة عبر العصور ومرّ التاريخ ، وهي تشمل المسجد الأقصى وما حوله» (٤٣٧).

أدلة التبرك والتقديس

ويمكن الإستدلال على ذلك بثلاثة أدلة وهي كالتالي :

الأول ـ القرآن الكريم :

قال تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) [طه / ١٢]. ذكر المفسرون أن السبب الذي لأجله أمر بخلع النعلين فيه قولان :

__________________

(٤٣٧) ـ المصدر السابق ، ج ١١ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

٢٢٧

الأول ـ أنه أمر بذلك على وجه الخضوع والتواضع ؛ لأنّ التحفي في مثل ذلك أعظم تواضعاً وخضوعاً.

الثاني ـ ليباشر الوادي بقدميه متبركاً به. وهذا يدل على احترام البقعة ، وتعظيم لها وتشريف لقدسها.

الثاني ـ السنة النبوية :

«عن المناسك للكرماني : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما رمى جمرة العقبة رجع إلى منزله بمنى ، ثم دعا بالحلاق فأعطاه شقه الأيمن فحلقه ، ثم دفعه إلى أبي طلحة ليفرقه بين الناس ، ثم أعطاه شقه الأيسر فحلقه ، ثم دفعه إلى أبي طلحة ليفرقه بين الناس ، قيل وأصاب خالد بن الوليد شعرات من شعرات ناصيته صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الشفا كانت شعرات من شعره عليه السلام في قلنسوة خالد ، فلم يشهد بها قتالاً إلا رزق النصر انتهى من تاريخ الخميس» ويؤيد ما ذكره الكرماني الأحاديث التالية :

١ ـ عن أنس بن مالك : (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أتى منى فأتى الجمرة فرماها ، ثمّ أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق : خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثمّ الأيسر ، ثمّ جعل يعطيه الناس) (٤٣٨).

٢ ـ عن أنس بن مالك : (لما رمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجمرة ونحر نسكه وحلق ، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه. ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ، ثم ناوله الشق الأيسر ، فقال : إحلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال : اقسمه بين الناس) (٤٣٩).

__________________

(٤٣٨) ـ القشيري ، مسلم ابن الحجاج : صحيح مسلم ، ج ٣ / ٩٤٧.

(٤٣٩) ـ نفس المصدر.

٢٢٨

٣ ـ (لما نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الهدي ، دعا الحلاق وحضر المسلمون يطلبون من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأعطى الحلاق شق رأسه الأيمن. ثم أعطاه أبا طلحة الأنصاري ، وكَلّمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه ، فكان يجعلها في مقدمة قلنسوته ، فلا يلقى جمعاً إلا فضه) (٤٤٠).

وبعد هذا ، هل يحتمل مسلم مؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّ التبرك غير صحيح وخلاف الأحكام الشرعية ، بعد أن حث عليه النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما ذكرنا في الروايات؟!

كلا إنّ في التبرك حقيقة التوحيد وخالص الإيمان ؛ إذ أنّ المسلمين يعتقدون بأنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ؛ هو خيرته من خلقه ، والمقرب عنده والمطاع في ملكوته ، وهو عبده ورسوله ، ومبارك من عنده وبإرادته. ومن أراد التوسع ؛ فليراجع الكتب المتخصصة في هذا المجال ، كوفاء الوفاء للسمهودي ، وتبرك الصحابة لمحمد طاهر الكردي ، والتبرك للعلامة الحجة الشيخ علي الأحمدي.

الثالث ـ سِيرَة المسلمين :

قال العلامة محمد طاهر بن عبد القادر : «ولا شك أنّ آثار رسول الله صلى الله عليه وآله ، صفوة خلق الله وأفضل النبيين ، أثبت وجوداً ، وأشهر ذكراً ، وأظهر بركة ، فهي أولى بذلك ـ يعني التبرك ـ وأحرى ، وقد شهدها الجم الغفير من أصحابه ، واجمعوا على التبرك بها ، والاهتمام بجمعها ، وهم الهداة المهديون ، والقدوة الصالحون فتبركوا بشعراته وبفضل وضوئه ، وبعرقه ، وبثيابه وآنيته ، وبمس جسده الشريف بغير ذلك ، مما عرف من آثاره الشريفة التي صحت به الأخبار. فلا جرم إن كان التبرك بها سنة الصحابة رضي الله

__________________

(٤٤٠) ـ الواقدي ، محمد بن عمر : المغازي ، ج ٣ / ١١٠٨ ـ ١١٠٩.

٢٢٩

عنهم واقتفى آثارهم في ذلك من نهج نهجهم من التابعين والصالحين. وقد وقع التبرك ببعض آثاره صلى الله عليه وآله وسلم في عهده وأقره ولم ينكر عليه ، فدلّ ذلك دلالة قاطعة على مشروعيته ، ولو لم يكن مشروعاً لنهى عنه وحذّر منه. وكما تدل الأخبار الصحيحة ، وإجماع الصحابة على مشروعيته تدل على قوة إيمان الصحابة وشدة محبتهم ومولاتهم ومتابعتهم للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله على حد قول الشاعر :

أمر على الدِّيار ديار ليلى

أقبّل ذا الجدار وذا الجدار

وما حب الديار شغفن قلبي

ولكن حب من سكن الديار (٤٤١)

وقال العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي (ره) : «التأمل التام في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، يمثل لنا عقيدتهم في النبي صلى الله عليه وآله وفي آثاره ، كما أنّ كتب التاريخ والسيرة والحديث تمثل لنا كيف كانوا يعاشرون الرسول صلى الله عليه وآله ، ويقدسونه ويتبركون به في كل شؤونه ؛ إذ من المسلم المقطوع به من أفعال الصحابة الكاشفة عن عقيدتهم في الرسول ، أنّ كل مولود يولد لهم ـ منذ قدومه صلى الله عليه وآله المدينة الطيبة ـ كانوا يأتون به إليه فيحنكه ويمسح رأسه ويتفل في فيه ويباركه .. يرون أنّه بذلك قد أصبح مباركاً ، وكانوا يتباهون بذلك ويفتخرون به ... هذا عمل الصحابة ، وأما رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ فكان يقرهم عليه ، ولا ينكر عليهم ذلك. ويعمل به فلو كان التبرك شركاً ؛ لما جرت عليه سيرة الصحابة الذين هم دعاة الدين ورعاته ، ولما اقرهم عليه الرسول العظيم صلى الله عليه وآله ، وبعد هذا

__________________

(٤٤١) ـ عبد القادر ، الشيخ محمد طاهر : تبرك الصحابة / ٥.

٢٣٠

فلا يبقى ريب لأي متدبر منصف في ذلك ، بل يدرك المتأمل أنّ ذلك كان من شؤون الإيمان وعلائمه ، ومظاهر اليقين ومناهجه» (٤٤٢).

نعم هذه سيرة المسلمين جرت على ذلك ، بل يقدسون ويتبركون بكل شيء له صلة بالدين والعقيدة ، كالعلماء والصلحاء ، ومن الشواهد على ذلك ما يلي :

١ ـ الشيخ الإمام السبكي ، وضع حر وجهه على باسط دار الحديث التي مستها قدم النواوي ؛ لينال بركة قدمه ، وينوّه بمزيد عظمته كما أشار إلى ذلك بقوله :

وفي دار الحديث لطيف معنى

على بسط لها أصبو وآوي

لعلِّي أن أنال بحرِّ وجهي

مكاناً مَسّه قدم النواوي (٤٤٣)

٢ ـ «وعاد الشيخ أبو إسحاق إلى بغداد في أقل من أربعة أشهر ، وناظر إمام الحرمين هناك ، فلما أراد الإنصراف من نيسابور ؛ خرج إمام الحرمين للوداع وأخذ بركابه حتى ركب أبو إسحاق ، فظهر له في خراسان منزلة عظيمة. وكانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته فيتبركون به» (٤٤٤).

٣ ـ «ولما مات ابن تيمية ؛ كان تشييه حافلاً حتى ضاقت الطريق لجنازته ، وانتهى إليها الناس من كل فج عميق ، واشتد الزحام ، وألقوا على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك ... وكسرت أعواد سريره ؛ لكثرة تعلق الناس به ، وشربوا ماء غسله للتيمن به ، لما اشرب في قلوبهم من حبه ، واشتروا

__________________

(٤٤٢) ـ الأحمدي ، الشيخ علي : التبرك / ١٣ ، ١٨.

(٤٤٣) ـ الفاكهي ، الشيخ عبد القادر : حسن التوسل (المطبوع بهامش كتاب) ـ الإتحاف يحب الأشراف / ٦٠.

(٤٤٤) ـ ابن خلطان ، أحمد بن محمد بن أبي بكر : وفيات الأعيان ، ج ٢ / ١٢٢.

٢٣١

ما زاد من سدره فقسموه بينهم. ويقال : أنّ الخيط الذي كان عليه الزيبق وعُلِّق على جسده لدفع القمل ، اشتروه بمأة وخمسين درهم» (٤٤٥).

مما تقدم إتضح لنا ، أنّ العادة المألوفة بين المسلمين ، هي التبرك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآثاره في زمانه ، ولم يكن إستنكار منه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ، ثم تطور ذلك إلى التقديس والتبرك والإستشفاء بتربة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتربة الحرم والشهداء ، حتى بتربة صهيب الرومي ، وكانت معروفة عند المسلمين في صدر الإسلام. بل تطور الأمر إلى التبرك بموضع أقدام الرجال ، من وضع حَرّ الوجه وتمريغ الجبين على تراب وطئته ، طلباً لليمن والبركة ، إذن فلا غرابة في تقديس الشيعة لتربة الحسين عليه السلام ، التي هي أطيب وأزكى وأطهر تربة ، لما حوته من أجساد أبناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، الذين هم روحه ونفسه ، وبضعة منه ، ولحمه ودمه ، أيشك في ذلك أحد؟!.

دواعي التبرك والتقديس :

مما سبق يتضح لنا أنّ هناك دواعي للتبرك والتقديس ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ إهتمام الباري عَزّ وجَلّ بهذه التربة الطاهرة ، حيث أرسل رسلاً من الملائكة فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبضة منها ، فمن أجل ذلك يحترمها ويأخذها الشيعي ، للتبرك والإستشفاء بها ، والسجود عليها.

٢ ـ إنّ هذه التربة الشريفة ، التي أهداها الجليل عَزّ وجَلّ إلى نبيه الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، هدية غالية ، لجديرة بأن تُحترم وتُكَرّم إتباعاً لسنة الله تعالى.

٣ ـ إنّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، لما تسلمها من جبريل عليه السلام ، قبّلها وأعطاها لأم سلمة (رض) ـ كما ورد في الروايات ـ فالشيعة يقبلونها عملاً بسنة

__________________

(٤٤٥) ـ ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل بن عمر : البداية والنهاية ، ج ١٤ / ١٣٦ ـ ١٣٨.

٢٣٢

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أنهم يحفظونها ، تأسياً برسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث جعلها في قارورة وأعطاها أم سلمة. كما أنّ الإمام الصادق عليه السلام كان يضعها في خريطة ديباج صفراء ، لا يفتحها إلا وقت الصلاة للسجود عليها.

٤ ـ إنّ الشيعة يشمونها كما شَمّها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كأغلى العطور والرياحين العطرة ؛ لأنّ شَمّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لها قبل أن يهراق دم الحسين عليه السلام ، إنما هو لعطور معنوية ، وعلاقات ربانية ، وعناية إلهية بالنسبة إليها.

ويقبلونها ؛ لأنّه صلى الله عليه وآله وسلم قَبّلها ، ويسكبون عليها الدموع كما سكب دمعه ، إقتفاء لأثره ، وإتباعاً لسننه كما قال تعالى : (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب / ٢١].

٥ ـ ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام من الإهتمام بهذه التربة الطاهرة ، والتبرك بها في تحنيك الأطفال ، وتقبيلها ، ووضعها على العين ، وإمرارها على سائر الجسد ، والإستشفاء والتداوي بها (٤٤٦).

٥ ـ خصائص التربة الحسينية :

المستفاد من الروايات المتقدمة ، أنّ لهذه التربة الشريفة عدة خصائص ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ أنّها مقدّسة مباركة يجعلها الله أفضل أرض في الجنة ، وأفضل منزل ومسكن يسكن فيها أولياءه.

٢ ـ أنّ الله خلقها قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام ، وقدّسها وبارك عليها.

__________________

(٤٤٦) ـ استفدت ذلك من العلامة الحجة الشيخ علي الأحمدي ، في كتابه «السجود على الأرض» ـ المؤلف.

٢٣٣

٣ ـ عَبّرت عنها الروايات بترعة من ترع الجنة ، وروضة من رياض الجنة ، وأنّها من بطحاء الجنة.

٤ ـ في رواية الإمام زين العابدين عليه السلام : (أنّه إذا زلزلت الأرض زلزالها وسيّرها ؛ رفعت كربلاء كما هي بتربتها النورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة ، وأنها لتزهر بين رياض الجنة ، كما يزهر الكوكب الدري ، يغشى أبصارها أهل الجنة ...).

٥ ـ إنّها حرم الله ؛ لما تضمنته من جسد سيد الشهداء وأهل بيته عليهم السلام ، وأنّ التربة المحيطة بقبر الحسين عليه السلام متفاوتة الفضيلة ، من عشرين ذراعاً إلى خمسة فراسخ ، وقد إختارها الله تعالى لمدفنه يوم دحى الأرض.

٦ ـ إنّ هذه التربة قد حملها كل ملك زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهداها إليه. ففي الرواية : (أنّ كل ملك أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان معه شيء من تربة كربلاء ، وكل نبي زار كربلاء ، فقد قبض منها وشمها ومسّ جلده ترابها ؛ فهي مقام كل الأنبياء إلى يوم القيامة) (٤٤٧).

٧ ـ قد دفن فيها قبل الحسين عليه السلام مائتا نبي ، ومائتا وصي ، ومائتا سبط كلهم شهداء ، كما في بعض الروايات (٤٤٨).

٨ ـ زيارة الأنبياء والأوصياء لمكان إستشهاده في كربلاء قبل أن يقتل ، ومن لم يزرها فقد أسري به إليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (اسري به في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلاء ، فأديت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل ألقط دماءهم فها هي في يدي ،

__________________

(٤٤٧) ـ المصدر السابق ، ج ٩٨ / ١١٦.

(٤٤٨) ـ المفيد ، الشيخ محمد بن محمد النعمان : الإرشاد ، ج ٢ / ١٣٠.

٢٣٤

وبسطها إليّ فقال : خذيها واحتفظي بها ، فأخذتها فإذا هي شبة تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وسددت رأسها) (٤٤٩).

٩ ـ أنّ الحور العين تستهدي التربة الشريفة من الملائكة النازلين إلى الأرض للتبرك بها.

١٠ ـ إنّ الدفن فيها موجب لدفع العذاب ، والدخول في الجنة بغير حساب.

١١ ـ إنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع.

١٢ ـ إنّ الله تعالى جعلها شفاء من كل داء.

١٣ ـ إنّ التسبيح والإستغفار بالسبحة المصنوعة منها ، موجب لمضاعفة الثواب ، وإنّ إدارتها من دون تسبيح يوجب ثواب التسبيح.

١٤ ـ إنّها حرز وأمان من المخاوف إذا حملها الإنسان بهذه النية.

١٥ ـ ورد في الحديث : (حنكوا أولادكم بتربة قبر الحسين عليه السلام فإنّها أمان).

١٦ ـ إنّ وضعها في المتاع موجب للبركة ، كما في بعض الروايات (٤٥٠).

١٧ ـ إنّ هذه التربة قد إنقلبت دماً أينما كانت منذ انصباب دم الحسين عليه السلام ، بل تتحول في اليوم العاشر من المحرم في كل سنة.

١٨ ـ إنّ شَمّها موجب لإراقة الدموع ، وقد تحقق ذلك قبل مدفنه أيضاً بالنسبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ، وعبروا عنها بريح كرب وبلاء.

١٩ ـ إنّها طيبة الرائحة تفوح كالمسك ، كما ورد في الروايات السابقة ، كما تفوح من قبره رائحة التفاح المهدى له من الجنة ، يجدها المخلص من شيعته ومواليه ، خصوصاً وقت السحر ، كما ورد في بعض الروايات (٤٥١).

__________________

(٤٤٩) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٤ / ٢٣٦.

(٤٥٠) ـ نفس المصدر ، ج ٩٨ / ١٢٤.

(٤٥١) ـ نفس المصدر ، ج ٤٣ / ٢٩٠.

٢٣٥

٢٠ ـ ورد إستحباب خلط الحنوط بتربتها الشريفة.

٢١ ـ ورد في الروايات أنّ لونها حمراء أو بيضاء.

٢٢ ـ إنّها من الأماكن التي يحب الله أن يعبد فيها ، كما جاء في حديث الإمام الهادي عليه السلام.

٢٣ ـ إستجابة الدعاء تحت قبة سيد الشهداء عليه السلام ، وهي من الأمور التي عَوّضه الله بها عن قتله.

٢٤ ـ يستحب وضعها مع الميت ، أمام وجه في القبر لرفع عذاب القبر.

هذه بعض خصائص التربة الحسينية ، وقد ذكر قسماً منها المحقق الشيخ جعفر التستري (قده) في كتابه القيم (الخصائص الحسينية).

٢٣٦

٦ ـ المجاورة في كربلاء والأماكن المقدسة

تمهيد

١ ـ تعريف المجاورة

٢ ـ أقسام المجاورة

٣ ـ آداب المجاورة

٤ ـ أهداف المجاورة

٢٣٧
٢٣٨

تمهيد :

إقتضت الحكمة الإلهية ، أن تكون الأرض مجمعاً للخلائق ، ومحلاً لعبادته ؛ إذ فيها الأنبياء والأوصياء والملائكة ، فعلى هذا لها إرتباط بالقوى العلوية ، ومظاهر عالم الغيب ، وترتب على هذا ، أنّ لبعض البقاع مناسبة خاصة لجهة من جهات الغيب ، فكما أنّ ما بين القبر الشريف والمنبر روضة من رياض الجنة ، كذلك هناك بقاع بخلاف ذلك ، وبعد هذا يمكن تقسيم هذه البقاع إلى التالي :

أ ـ المؤتَفِكَات :

«قال البيضاوي : المؤتفكة : القرى التي إئتفكت بأهلها ؛ أي إنقلبت. وقال في النهاية ـ في حديث أنس ـ : البصرة إحدى المؤتفكات ؛ يعن أنّها غرقت مرتين فشبّه غرقها بانقلابها» (٤٥٢). وبعد هذ التعريف ، تبين لنا أنّ هذه مواضع خسف ، وأنها من المواضع المغضوب عليها ، والتي ذكرها الفقهاء في الأماكن التي يكره الصلاة فيها ، وقد ذكرها السيد بحر العلوم (قده) في منظومته الفقهية :

وفي خصوص أربع مقررة

وهن ضجنان ووادي الشقرة

يتم في البيداء والصلاصل

وقد يزداد خامس ببابل (٤٥٣)

ويمكن إيضاح ما ذكره السيد بحر العلوم (قده) بما يلي :

__________________

(٤٥٢) ـ القمي ، الشيخ عباس : سفينة البحار ، ج ١ / ١٠٠.

(٤٥٣) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدُرّة النجفية / ٩٨.

٢٣٩

أولاً ـ في الروايات :

نَصّت بعض الروايات على كراهة الصلاة في هذه الأماكن ، نذكر منها التالي :

١ ـ عن معاوية بن عَمّار ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : (الصلاة تكره في ثلاثة مواضع من الطريق : البيداء ـ وهي ذات الجيش ـ ، وذاب الصلاصل ، وضجناان) (٤٥٤).

٢ ـ محمد بن علي بن الحسين قال : (وروي أنّه لا يُصلّي في البيداء ، ولا ذات الصلاصل ، ولا وادي الشقرة ، ولا وادي ضجنان) (٤٥٥).

ثانياً ـ التعريف بهذه الأماكن :

١ ـ ضَجْنَان :

ذكر الباحثون في تعريفها ما يلي :

أ ـ «قيل : جبيل على بريد من مكة ، وهناك الغَمِيم في أسفله مسجد صلّى فيه رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلّم ، وله ذكر في المغازي ، وقال الواقدي : بين ضَجْنَان ومكة خمسة وعشرون ميلاً ، وهي لأسلم وهذيل وغاضرة.

وقال أبو عبيد البكري : بفتح أوله وإسكان ثانيه على وزن فعلان : جبل بناحية مكة على طريق المدينة. قال ابن عباس : بعث رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، أبا بكر بسورة براءة ، فلما بلغ أبو بكر ضجنان ، سمع بغام ناقة علي ... ثم يقول البكري : ويدلك أنّ بين ضجنان وقُدَيد ليلة ، قول مَعْبد

__________________

(٤٥٤) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٥ / ١٥٥ (باب ٢٣ من أبواب مكان المصلى ـ حديث ٢).

(٤٥٥) ـ نفس المصدر / ١٥٦ (باب ٢٣ من أبواب مكان المصلي ـ حديث ٥).

٢٤٠