الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

الأصل في الكلمة ، لكن ينبغي أن يراد هنا ما دل على معناها(فلا ضمان) مع سماع المجني عليه ، لما روي من حكم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام فيه. وقال : قد أعذر من حذّر ، ولو لم يقل : حذار ، أو قالها في وقت لا يتمكن المرمي من الحذر ، أو لم يسمع فالدية على عاقلة الرامي.

(ولو وقع من علو على غيره) (١) قاصدا للوقوع عليه(ولم يقصد القتل فقتل)

______________________________________________________

ـ ولو قال الرامي حذار ، أو أي لفظ آخر يدل على التحذير حيث يسمع المرمى ويمكنه الحذر والعدول ولم يعدل فأصابه السهم فقتله فلا شي‌ء على العاقلة لخبر محمد بن الفضيل عن الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان صبيان في زمن عليّ عليه‌السلام يلعبون بأخطار لهم ، فرمى أحدهم بخطره فدقّ رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فأقام الرامي البينة ، بأنه قال : حذار ، فدرأ عنه القصاص وقال : قد أعذر من حذّر) (١).

والخبر وإن لم يصرح بنفي الدية إلا أن التحذير كما يرفع القصاص يرفع الدية لأنه معذور ، والمعذور لا شي‌ء عليه.

(١) فقتل الأسفل ، فإن قصد الواقع القتل أو قصد الوقوع وكان مما يقتل غالبا فهو عمد يقاد به ، وإن كان الوقوع مما لا يقتل غالبا وقد قصده ولم يقصد القتل فهو شبيه العمد ، وإن وقع مضطرا إلى الوقوع أو قصد الوقوع لغير ذلك فاتفق وقوعه عليه فقتل فهو خطأ محض فالدية على العاقلة.

وأما لو ألقته الريح أو زلق مما لا يسند إليه الفعل فهو غير مختار فلا ضمان عليه ولا على عاقلته بلا خلاف حيث لا يصدق نسبة القتل إليه ولو خطأ مضافا إلى النصوص منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام : (في الرجل يسقط على الرجل فيقتله ، فقال : لا شي‌ء عليه) (٢) ، وصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل وقع على رجل فقتله ، فقال : ليس عليه شي‌ء) (٣) بناء على أن الوقوع على النحو المفروض.

وذهب ابن إدريس في سرائره والعلّامة في تحريره إلى أن دية الأسفل من بيت المال لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، وأشكل عليه بأنه شبيه المقتول بالصاعقة أو بأي آفة سماوية ولا تكون ديته من بيت مال المسلمين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٢ و ١.

٥٦١

(فهو شبيه عمد) يلزمه الدية في ماله(إذا كان الوقوع لا يقتل غالبا) ، وإلا فهو عامد.(وإن وقع مضطرا) إلى الوقوع ، (أو قصد الوقوع على غيره) ، أو لغير ذلك(فعلى العاقلة) دية جنايته ، لأنه خطأ محض ، حيث لم يقصد الفعل الخاص المتعلق بالمجني عليه وإن قصد غيره.

(أما لو ألقته الريح ، أو زلق) فوقع بغير اختياره(فهدر جنايته) على غيره(ونفسه).

وقيل : تؤخذ دية المجني عليه من بيت المال(ولو دفع) الواقع من إنسان غيره (١) (ضمنه الدافع وما يجنيه) لكونه سببا في الجنايتين.

وقيل : دية الأسفل على الواقع ويرجع بها على الدافع ، لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام. والأول أشهر.

(وهنا مسائل)

(الأولى (٢) ـ من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله) بغير سؤاله ، (فهو ضامن)

______________________________________________________

(١) أي لو دفع الواقع دافع ، فوقع على أسفل فقتل الأسفل ، فإذا قصد الدافع القتل أو كان الدفع مما يقتل غالبا فعلى الدافع القود ، وإلّا فعلى الدافع دية الأسفل.

وذهب الشيخ في النهاية والتهذيب والاستبصار أن دية الأسفل على الواقع ، ويرجع بها على الدافع لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل دفع رجلا على رجل فقتله ، قال : فالدية على الذي وقع على الرجل لأولياء المقتول ، ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه ، قال : وإن أصاب المدفوع شي‌ء فهو على الدافع) (١) ، وباعتبار مخالفتها للقاعدة في التسبيب حيث إن القاعدة تقتضي كون الجناية على الدافع لا على الواقع لأن السبب أقوى من المباشر فلم يعمل بها المشهور.

(٢) من دعا غيره فأخرجه ليلا من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إلى البيت على المشهور ، وذهب ابن إدريس إلى أنه إذا كان غير متّهم فليس بضامن ، وإذا كان متهما لعداوة فإخراجه لوث يثبت القسامة إذا ادعى الأولياء القتل عليه ، وهو مردود لخبر عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو ضامن حتى يرجع إلى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ١.

٥٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ بيته) (١). ورواية عمرو بن أبي المقدام قال : (كنت شاهدا عند البيت الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر المنصور وهو يطوف ، ويقول : يا أمير المؤمنين ، إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ ، وو الله ما أدري ما صنعا به ، فقال لهما أبو جعفر : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلّمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال لهما : وافياني غدا صلاة العصر في هذا المكان ، فوافياه من الغد وحضرته ، فقال لجعفر بن محمد عليهما‌السلام وهو قابض على يده : يا جعفر ، اقض بينهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، اقض بينهم أنت.

فقال : بحقي عليك إلّا قضيت بينهم ، فخرج جعفر عليه‌السلام فطرح له مصلى من قصب فجلس عليه ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه ، فقال : ما تقول؟ فقال : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فو الله ما رجع إليّ ، وو الله ما أدري ما صنعا به؟

فقال : ما تقولون؟ فقالا : يا ابن رسول الله كلّمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال جعفر عليه‌السلام : يا غلام ، اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلّا أن يقيم البينة أنه قد ردّه إلى منزله.

يا غلام ، نحّ هذا واضرب عنقه ، فقال : يا بن رسول الله ، والله ما قتلته أنا ، ولكن أمسكته فجاء هذا فوجأه فقتله.

فقال : أنا ابن رسول الله ، يا غلام نحّ هذا واضرب عنق الآخر ، فقال : يا بن رسول الله والله ما عذبته ولكن قتلته بضربة واحدة ، فأمر أخاه فضرب عنقه ، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ، ووقّع على رأسه يحبس عمره ويضرب في كل سنة خمسين جلدة) (٢) وهذان الخبران نص على أنه ضامن له.

هذا فإن عدم المخرج من منزله ولم يعرف له أثر فهو ضامن لديته بلا خلاف فيه ، لأن الأخبار قد دلت على ضمانه ، والثابت من الضمان ضمان ديته بعد الشك في ثبوت القود للشك في سببه وهو القتل.

وإن وجد مقتولا فإن ادعى المخرج قتله على غيره وأقام البينة فقد برئ بلا خلاف ولا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ١.

٥٦٣

(له إن وجد مقتولا ، بالدية على الأقرب) أما ضمانه في الجملة (١) ، فهو موضع وفاق ، ورواه عبد الله بن ميمون عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا دعا الرجل أخاه بالليل فهو ضامن له حتى يرجع إلى بيته ، ورواه عبد الله بن المقدام عنه عليه‌السلام في حديث طويل وفيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه رده إلى منزله.

وأما ضمانه بالدية (٢) فللشك في موجب القصاص فينتفي للشبهة والضمان المذكور في الأخبار يتحقق بضمان الدية ، لأنها بدل النفس.

وأما تخصيصه (٣) الضمان بما لو وجد مقتولا فلأصالة البراءة من الضمان دية ونفسا حتى يتحقق سببه وهو في غير حالة القتل مشكوك فيه.

______________________________________________________

ـ إشكال ، فإن عدم البينة فعن المفيد والفاضل في الإرشاد أن عليه القود ، وعن الغنية الإجماع على سقوط القود ، وفي النهاية نسبته إلى الراوية وفي السرائر إلى الروايات. ومن ذهب إلى سقوط القود قد وقع الخلاف بينهم فعن ابن إدريس في سرائره والعلّامة في المختلف أنه يثبت بالإخراج ليلا مع العداوة اللوث ، فلو حلف أولياء المقتول القسامة أنه قتله فيقتل به وإلّا فعليه أن يحلف القسامة حتى ترتفع عنه التهمة والآخرون حكموا بثبوت الدية فقط لأنه له ضامن كما سمعته من النصوص.

ولو وجد ميتا فعن ابن إدريس والشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة وابن حمزة في الوسيلة والمحقق في النافع والآبيّ في كشف الرموز أنه يضمن الدية لإطلاق النصوص بالضمان ، مضافا إلى قاعدة عدم بطلان دم امرئ مسلم ، وعن العلّامة في التحرير والمختلف والمحقق في الشرائع وجماعة أنه لا يضمن الدية ضرورة أن الضمان من أجل احتمال القتل وهو منتف هنا ، ولذا لو أقام بينة على أن القاتل غيره لم يضمنه إجماعا مع أن القدر المتيقن من النصوص هو الضمان عند القتل ، فيكون غيره لا ضمان فيه لأصالة البراءة.

(١) أعم من القصاص والدية.

(٢) عند عدم الأثر وهو القدر المتيقن من الضمان على كل حال الوارد في النصوص.

(٣) أي تخصيص المصنف الضمان بالدية فيما لو وجد مقتولا مستلزما لعدم الضمان دية ونفسا فيما لو لم يعرف له أثر لعدم العلم بسبب الضمان وهو القتل ، وفيه : قد عرفت عدم الخلاف في وجوب ضمان الدية فيما لم يعرف له أثر ، نعم جعل الضمان بالدية فيما لو وجد مقتولا هو قول في المسألة فراجع.

٥٦٤

(ولو وجد ميتا ففي الضمان نظر) من إطلاق الأخبار وفتوى الأصحاب (١) ضمانه الشامل لحالة الموت ، بل للشك فيه (٢). ومن أصالة البراءة (٣) ، والاقتصار في الحكم المخالف للأصل على موضع اليقين وهو القتل ، ولأنه مع الموت لم يوجد أثر القتل ، ولا لوث ، ولا تهمة ، وعلى تقديرها (٤) فحكمه حكم اللوث ، لا أنه يوجب الضمان مطلقا (٥) ، وإلى الضمان ذهب الأكثر ، بل حكموا به مع اشتباه حاله.

ثم اختلفوا في أن ضمانه مطلقا (٦) هل هو بالقود ، أو بالدية. فذهب الشيخ وجماعة إلى ضمانه بالقود إن وجد مقتولا ، إلا أن يقيم البينة على قتل غيره له ، والدية إن لم يعلم قتله.

واختلف كلام المحقق فحكم في الشرائع بضمانه بالدية إن وجد مقتولا وعدم الضمان لو وجد ميتا. وفي النافع بضمانه بالدية فيهما (٧) ، وكذلك العلّامة (٨) فحكم في التحرير بضمان الدية مع فقده ، أو قتله حيث لا يقيم البينة على غيره ، وبعدمها لو وجد ميتا. وفي المختلف بالدية مع فقده ، وبالقود إن وجد مقتولا مع التهمة والقسامة ، إلّا أن يقيم البينة على غيره ، وبالدية إن وجد ميتا مع دعواه موته حتف أنفه ، ووجود اللوث ، وقسامة الوارث ، وتوقف في القواعد والإرشاد في الضمان مع الموت.

والأجود في هذه المسألة : الاقتصار بالضمان على موضع الوفاق (٩) لضعف

______________________________________________________

(١) دليل الضمان بالدية ، حيث إن الفتاوى لم تفصّل بين ما إذا وجد ميتا أو مقتولا.

(٢) وذلك عند عدم الأثر فيشك في سبب الضمان وهو القتل.

(٣) دليل عدم الضمان.

(٤) أي تقدير التهمة. فحكمها حكم اللوث من ثبوت الضمان بعد القسامة ، لا أن الضمان يثبت مطلقا ولو قبل القسامة.

(٥) ولو قبل القسامة.

(٦) سواء وجد ميتا أو مقتولا أو عدم أثره ، هذا وأراد الشارح استعراض أقوال الفقهاء في المسألة.

(٧) في الموت والقتل.

(٨) أي وكذلك اختلف كلام العلّامة.

(٩) وهو ما لو وجد مقتولا.

٥٦٥

أدلته (١) فإن في سند الخبرين من لا تثبت عدالته (٢) ، والمشترك بين الضعيف والثقة (٣) ، وأصالة البراءة تدل على عدم الضمان في موضع الشك (٤) مع مخالفة حكم المسألة للأصل (٥) من ضمان الحر (٦) بإثبات اليد عليه ، واللازم من ذلك (٧): ضمانه بالدية إن وجد مقتولا ولا لوث هناك (٨) ، وإلّا (٩) فبموجب ما أقسم عليه الولي من عمد ، أو خطأ ومع عدم قسامته يقسم المخرج ، وعدم ضمانه (١٠) إن وجد ميتا ، للشك مع احتمال موته حتف أنفه ، ومن يعتمد الأخبار يلزمه الحكم بضمانه مطلقا (١١) إلى أن يرجع لدلالتها على ذلك ،

ثم يحتمل كونه (١٢) القود مطلقا ، لظاهر الرواية ، والدية (١٣) لما مر ، والتفصيل (١٤) ولا فرق في الداعي بين الذكر والأنثى ، والكبير والصغير ، والحر

______________________________________________________

(١) أي أدلة الضمان.

(٢) وهو عمرو بن أبي المقدام ، أنظر الخلاصة فقد نقل تضعيفه عن بعضهم.

(٣) كجعفر بن محمد في خبر ابن ميمون ، ومحمد بن الفضيل في خبر عمرو بن أبي المقدام.

(٤) عند عدم الأثر له.

(٥) إذ الأصل أن الحر لا يضمن بوضع اليد عليه لأنه ليس بمال بخلاف العبد.

(٦) من باب إضافة المصدر إلى مفعوله.

(٧) أي اللازم من الاقتصار في الضمان على موضع الوفاق.

(٨) بحيث لم تكن أمارة تفيد الظن بأنه القاتل.

(٩) فإن كان هناك لوث فإن ادعى ولي المقتول القتل وحلف القسامة فيثبت القتل ومع عدم حلف الولي فيحلف المنكر القسامة.

(١٠) عطف على قوله : ضمانه بالدية إن وجد مقتولا ، وعدم الضمان هنا للشك في تحقق سبب الضمان ، وهو القتل إذ يحتمل أنه مات حتف أنفه.

(١١) سواء وجد مقتولا أو ميتا أو عدم الأثر.

(١٢) أي يحتمل أن الضمان المنصوص في الأخبار المطلقة هو القود مطلقا سواء وجد ميتا أو مقتولا أو عدم الأثر مع احتمال أن يكون الضمان هو الدية مطلقا في الجميع مع احتمال أن يكون الضمان على التفصيل فإن وجد مقتولا فالقود وإن وجد ميتا أو معدوم الأثر فالدية.

(١٣) عطف على القود والمعنى : ويحتمل كونه الدية في الجميع لإطلاق الأخبار.

(١٤) عطف على القود والمعنى : ويحتمل كونه ضمانا على التفصيل المتقدم من القود عند القتل ومن الدية عند الموت وعدم الأثر.

٥٦٦

والعبد ، للعموم (١) ، أو الإطلاق (٢) ولا بين أن يعلم سبب الدعاء وعدمه ، ولا بين أن يقتل بسبب الدعاء وعدمه ، ولا في المنزل بين البيت وغيره ، ويختص الحكم بالليل (٣) فلا يضمن المخرج نهارا ، وغاية الضمان وصوله إلى منزله (٤) وإن خرج بعد ذلك ، ولو ناداه وعرض عليه الخروج مخيرا له من غير دعاء (٥) ففي إلحاقه بالإخراج نظر. وأصالة البراءة تقتضي العدم مع أن الإخراج والدعاء لا يتحقق بمثل ذلك (٦).

(ولو كان إخراجه بالتماسه (٧) الدعاء فلا ضمان) ، لزوال التهمة ، وأصالة البراءة. ويحتمل الضمان ، لعموم النص (٨) والفتوى ، وتوقف المصنف في الشرح هنا ، وجعل السقوط احتمالا ، وللتوقف مجال حيث يعمل بالنص (٩) ، وإلا فعدم الضمان أقوى(١٠).

نعم لا ينسحب الحكم لو دعا غيره فخرج هو قطعا ، لعدم تناول النص والفتوى له(١١) ...

______________________________________________________

(١) كما في خبر عمرو بن أبي المقدام.

(٢) كما في خبر عبد الله بن ميمون.

(٣) وعليه فتوى الأصحاب ، لأن ضمان الحر على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين.

(٤) وبعد الوصول فيرتفع الضمان عن المخرج.

(٥) أي بدون طلب الخروج.

(٦) من النداء والتخيير وهو استقراب للعدم.

(٧) أي بالتماس المخرج فلا ضمان ، لزوال التهمة ولأصالة البراءة وهو أشبه بالخروج منه بالإخراج الوارد في النصوص.

(٨) لأنه يصدق عليه إخراج من الغير له وإن كان بالتماسه.

(٩) لأن الوارد في خبر ابن ميمون المتقدم : (إذا دعا الرجل أخاه) وهو منصرف عن الإخراج بالتماس المخرج.

(١٠) وحيث لا يعمل بالنص لأنه ضعيف سندا ، فالحكم بالضمان على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقن وهو ما لو وجد مقتولا وكان الإخراج بالليل وكان بدعاء المخرج ، أما مع التماس المخرج فيرجع إلى الحكم بعدم ضمان الحر.

(١١) لأنه خروج حقيقة وليس إخراجا.

٥٦٧

ولو تعدد الداعي (١) اشتركوا في الضمان حيث يثبت قصاصا ودية كما لو اشتركوا في الجناية ، ولو كان المدعو جماعة ضمن الداعي مطلقا (٢) كل واحد منهم باستقلاله على الوجه الذي فصّل.

(الثانية ـ لو انقلبت الظئر) (٣) بكسر الظاء المشالة فالهمز ساكنا : المرضعة غير ولدها(فقتلت الولد) بانقلابها نائمة(ضمنته في مالها إن كان) فعلها المظاءرة وقع(للفخر) به(وإن كان للحاجة).

______________________________________________________

(١) اشتركوا في الضمان لاشتراكهم في الإخراج.

(٢) سواء كان الداعي واحدا أو متعددا.

(٣) أي لو انقلبت المرضعة على غير ولدها الذي ترضعه فقتل ، فقد ذهب الشيخ والصدوق والعلّامة في الإرشاد إلى أنها إن طلبت الرضاع للمفاخرة فديته من مالها ، وإن طلبت الرضاع للضرورة من حاجة أو فقر فديته على عاقلتها ، ومستندهم خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أيّما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإن عليها الدية كاملة من مالها خاصة إن كانت إنما ظئرت طلبا للعز والفخر ، وإن كانت إنما ظئرت من الفقر فإن الضمان على عاقلتها) (١) ومثله خبر عبد الرحمن بن سالم الوارد في المتن (٢) وخبر الحسين بن خالد (٣).

وذهب أكثر المتأخرين إلى أن الدية على العاقلة مطلقا حيث إن سند الأخبار مشتمل على ضعف وجهالة يمنع من العمل بها بالإضافة إلى مخالفتها للقواعد حيث إن فعل النائم خطأ محض حيث لم يقصد القتل ولم يقصد إيقاع الفعل بالمقتول ، وطلب الفخر والعز لا يخرج الفعل عن وصفه بالخطإ الموجب للدية على العاقلة.

وذهب المفيد وسلّار وابنا زهرة وإدريس إلى أن الدية من مالها مطلقا ، لأن إضجاعها الصبي إلى جانبها شبيه العمد ، وهو ضعيف إذ جعل الصبي إلى جانبها ليس فيه قصد القتل ولا هو بالفعل القاتل غالبا ، ومن هنا تعرف حكم الأم لو انقلبت على ولدها فالدية على عاقلتها ، بل حتى لو كان إرضاع الأم له طلبا للفخر والعز ضرورة خروجها عن نصوص الظئر فتبقى على قاعدة الخطأ المحض.

وعن الشهيد إلحاق الأم بالظئر وهو ضعيف لعدم الدليل على ذلك بل الدليل على عدمه.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١ ، وقد أوردت الأخبار الثلاثة تحت هذا الرقم.

٥٦٨

والضرورة إلى الأجرة والبر (١) (فهو) أي الضمان لديته(على عاقلتها).

ومستند التفصيل رواية عبد الرحمن بن سالم عن الباقر عليه‌السلام قال : أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإنما عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز والفخر ، وإن كانت إنما ظائرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها ، وفي سند الرواية ضعف ، أو جهالة (٢) تمنع من العمل بها وإن كانت مشهورة ، مع مخالفتها للأصول من أن قتل النائم خطأ على العاقلة أو في ماله على ما تقدم.

والأقوى أن ديته على العاقلة مطلقا (٣) (ولو أعادت الولد فأنكره أهله صدقت) (٤) ، لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، ولأنها أمينة(إلا مع كذبها) يقينا (٥) (فيلزمها الدية حتى تحضره أو من يحتمله) لأنها لا تدّعي موته وقد تسلمته فيكون في ضمانها ، ولو ادعت الموت فلا ضمان (٦) ، وحيث تحضر من يحتمله يقبل وإن كذبت سابقا ، لأنها أمينة لم يعلم كذبها ثانيا.

(الثالثة ـ لو ركبت جارية أخرى (٧) فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة) أي

______________________________________________________

(١) أي بر صاحب الولد بها.

(٢) علّق الشارح بقوله : «رواها في التهذيب بطريقين : أحدهما فيه محمد بن أسلم وهو ضعيف غال والآخر فيه جماعة مجهولون».

(٣) سواء كانت المظاءرة للفخر أو للحاجة.

(٤) بلا خلاف لصحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده ، فغابت بالولد سنين ثم جاءت بالولد وزعمت أمه أنها لا تعرفه وزعم أهلها أنهم لا يعرفونه ، قال عليه‌السلام : ليس لهم ذلك فليقبلوه فإنما الظئر مأمونة) (١).

(٥) إما لقصور سنّ من أحضرته عن الولد وإما لزيادته سنا ، وإما لغير ذلك فيلزمها الدية حتى تحضره أو تحضر من يحتمل أنه الولد ، وعليها الدية مع عدم الإحضار للشك في سبب القصاص.

(٦) لأنها مأمونة بنص الخبر المتقدم.

(٧) لو ركبت جارية أخرى فنخست ثالثة المركوبة ، فقمصت فوقعت الراكبة فماتت ، فقد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ٢.

٥٦٩

نفرت ورفعت يديها وطرحتها(فصرعت الراكبة فماتت فالمروي) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام بطريق ضعيف(وجوب ديتها على الناخسة والقامصة نصفين) وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة. وضعف سندها يمنعه.

(وقيل) وقائله المفيد ونسبه إلى الرواية وتبعه جماعة منهم المحقق والعلّامة في أحد قوليهما : (عليهما) أي الناخسة والقامصة(الثلثان) ويسقط ثلث الدية ، لركوبها عبثا ، وكون القتل مستندا إلى فعل الثلاثة ، وخرّج ابن إدريس ثالثا وهو وجوب الدية بأجمعها على الناخسة إن كانت ملجئة للمركوبة إلى القموص ، وإلا فعلى القامصة.

______________________________________________________

ـ روى أبو جميلة عن سعد الإسكاف عن الأصبغ قال : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في جارية ركبت أخرى فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت أن ديتها نصفان على الناخسة والمنخوسة) (١).

وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة ، إلا أن أبا جميلة هو المفضل بن صالح كان يضع الحديث كما في الخلاصة ، وسعد الإسكاف ضعيف في الحديث كما في رجال النجاشي هذا فضلا عن أن متن الخبر مخالف للقواعد حيث المتجه هو الضمان على الناخسة لأن الموت مستند إلى فعلها ، ودعوى انجبارها بعمل المشهور غير مسموعة لأن العامل بها هو الشيخ وأتباعه.

وعن المفيد في المقنعة وابن زهرة في الغنية والمحقق والعلّامة في المختلف على الناخسة والقامصة ثلثا الدية ، ويسقط الثلث لركوبها عبثا ، ونسب ذلك إلى قضاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ففي الإرشاد للمفيد قال : (إن عليا عليه‌السلام رفع إليه خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعبا ، فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فقفزت لقرصها فوقعت الراكبة فاندق عنقها فهلكت ، فقضى على القارصة بثلث وعلى القامصة بثلثها ، وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة عبثا القامصة ، فبلغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمضاه) (٢).

وذهب ابن إدريس على مبناه من عدم العمل بالخبر الواحد خصوصا إذا كان مخالفا للقواعد المقررة كما هو في موردنا إلى أن الناخسة إذا كانت ملجئة للقامصة فتمام الدية على الناخسة ، وإلّا فتمام الدية على القامصة ، لأنه مع الإلجاء فيسند الفعل إلى الناخسة ومع عدمه فيسند إلى القامصة ، واختاره العلامة في الإرشاد والآبي في كشف رموزه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ٢.

٥٧٠

أما الأول فلأن فعل المكره مستند إلى مكرهه فيكون توسط المكره كالآلة فيتعلق الحكم بالمكره.

وأما الثاني فلاستناد القتل إلى القامصة وحدها حيث فعلت ذلك مختارة. وهذا هو الأقوى.

ولا يشكل بما أورده المصنف في الشرح (١) من أن الإكراه على القتل لا يسقط الضمان (٢) ، وإن القمص في الحالة الثانية ربما كان يقتل غالبا فيجب القصاص (٣) ، لأن الإكراه (٤) الذي لا يسقط الضمان : ما كان معه قصد المكره إلى الفعل ، وبالإلحاء يسقط ذلك فيكون كالآلة. ومن ثمّ وجب القصاص على الدافع ، دون الواقع حيث يبلغ الإلجاء. والقمص لا يستلزم الوقوع (٥) بحسب ذاته فضلا عن كونه مما يقتل غالبا فيكون من باب الأسباب (٦) ، لا الجنايات نعم لو فرض استلزامه له (٧) قطعا وقصدته (٨) توجه القصاص إلا أنه خلاف الظاهر (٩).

(الرابعة (١٠) ـ روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في لص جمع)

______________________________________________________

(١) شرح الإرشاد.

(٢) لأن المكره يبقى له اختياره ، ومع الاختيار يسند إليه الفعل.

(٣) فلم الحكم بالدية.

(٤) رد للأول ، وهو أن المراد بالإكراه ما أوصل إلى حد الإلجاء وهو ما يرفع القصد ويصير المكره كالآلة.

(٥) رد للثاني ، والمراد واضح منه.

(٦) فغاية ما يوجب ضمان الدية كالأسباب في تلف الأموال ولا يوجب القود.

(٧) أي استلزام القمص للوقوع والسقوط.

(٨) أي وقصدت القامصة الوقوع وكان مما يقتل غالبا.

(٩) أي استلزام القمص للوقوع وكونه مما يقتل غالبا أو أن قصد القامصة هو الوقوع.

(١٠) روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ كما في الكافي والتهذيب ، وفي الفقيه عن يونس عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام والثاني صحيح ـ (سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسه فواقعها ، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه ، فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج ـ

٥٧١

(ثيابا ، وطأ امرأة ، وقتل ولدها فقتلته) المرأة : (أنه هدر) أي دمه باطل لا عوض له(وفي ماله أربعة آلاف درهم) عوضا عن البضع(ويضمن مواليه) وورثته(دية الغلام) الذي قتله.

______________________________________________________

ـ حملت عليه بالفأس فقتلته ، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد.

فقال عليه‌السلام : اقض في هذا كما وصفت لك ، فقال : يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام ، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم بمكابرتها على فرجها ، إنه زان وهو في ماله غرامة ، وليس عليها في قتلها إياه شي‌ء لأنه سارق) (١) وزاد في الكافي : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود) (٢).

وهذه الرواية بحسب شهادة غير واحد لم يعمل بها أحد من الأصحاب لمخالفتها للأصول.

أولا : إن قتل العمد يوجب القود ، والقود على السارق وقد فات بقتله فلم تضمن عاقلته دية الصبي ، وردّ هذا الإشكال بأن الواجب في قتل العمد هو القود مع إمكانه ، فإذا فات فتثبت الدية ، وأما إذا قلنا بأن الواجب في قتل العمد أحد أمرين إما القود وإما الدية كما ذهب إليه البعض كما تقدم فمع فوات محل القود تثبت الدية لا محالة ، ويؤيده خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : دخل رجل على امرأة وهي حبلى فوقع عليها فقتل ما في بطنها فوثبت عليه فقتلته ، قال : ذهب دم اللص هدرا وكانت دية ولدها على المعقلة) (٣).

ثانيا : الواجب في الوطء مكرها مهر المثل ، فلم حكم بأربعة آلاف درهم خصوصا أن الإشكال يسند على قول من ذهب أن مهر المثل لا يتجاوز مهر السنة وهو مائتا درهم ، وأجيب بأنه يحتمل أن يكون مهر المثل لهذه المرأة هذا المقدار المذكور في الخبر ، مع منع كون مهر المثل لا يتجاوز مهر السنة على أنه لو سلّم فإنما هو فيما إذا وقع في ضمن عقد ، لا في الجناية التي يغلب عليها جانب المالية.

ثالثا : السارق يجب قطع يده فقط لا قتله ، حتى يكون دمه هدرا ، وأجيب بأن دمه هدر لأنه محارب والمرأة قتلته دفاعا عن مالها.

رابعا : قتلها له بعد قتل ابنها يكون قصاصا فتسقط دية الغلام ، فكيف تثبت على العاقلة ، وأجيب بأنها قتلته دفاعا ، نعم لو قتلته قودا بابنها فلا شي‌ء على أوليائه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العاقلة حديث ٣.

٥٧٢

ووجه الأول : أنه محارب يقتل إذا لم يندفع إلّا به وبحمل المقدّر من الدراهم على أنه مهر أمثالها. بناء على أنه لا يتقدّر بالسنة لأنه جناية يغلب فيها جانب المالية ، كما يضمن الغاصب قيمة العبد المغصوب (١) وإن تجاوزت دية الحر.

ووجه ضمان دية الغلام مع أنه مقتول عمدا : فوات محل القصاص ، وقد تقدم (٢). وبهذا التنزيل لا تنافي الرواية الأصول ، لكن لا يتعين ما قدّر فيها (٣) من عوض البضع ، ولو فرض قتل المرأة له قصاصا عن ولدها سقط غرم الأولياء أو أسقطنا الحق (٤) ، لفوات محل القصاص فلا دية ، وإن قتلته دفاعا (٥) ، أو قتلته لا لذلك (٦) قيدت به.

(وعنه عليه‌السلام) بالطريق السابق (٧) (في صديق عروس قتله الزوج) لما وجده

______________________________________________________

(١) لأن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال ولا تكون قيمة العبد ردا إلى دية الحر.

(٢) في آخر كتاب القصاص.

(٣) من أربعة آلاف درهم ، لأنه محمول على أنه مهر أمثال المرأة المذكورة في الخبر فقط.

(٤) عطف على قوله : ولو فرض ، والمعنى لو قتلته دفاعا وأسقطنا الدية عن اللص لفوات محل القصاص فلا دية على الأولياء ، كما لو قتلته قصاصا.

(٥) إن وصلية متعلقة بما قبلها.

(٦) أي لا للدفاع ولا للقصاص فيكون قتله عدوانا فتقاد به.

(٧) روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ كما في الكافي والتهذيب ، وفي الفقيه روى يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وهو طريق صحيح ـ : (قلت له : رجل تزوج امرأة فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة ، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق ، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق ، فقال عليه‌السلام : تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج) (١).

والحجلة بفتح الجيم ، وهو بيت يزيّن بالثياب والأسرة والستور قاله الجوهري ، ولم يعمل بها أحد من الأصحاب لضعف سندها الأول ، مع أنك عرفت أن سندها الثاني صحيح ، ومخالفتها للقواعد لأن من دخل ليفجر بامرأة فدمه هدر فلا موجب لتضمين المرأة دية الصديق ، ولذا استقرب المحقق أن دم الصديق هدر وجزم به المحقق الكركي وفخر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٣.

٥٧٣

عندها في الحجلة ليلة العرس(فقتلت) المرأة(الزوج) أنها(تقتل به) أي بالزوج(وتضمن دية الصديق) بناء على أنها سبب تلفه ، لغرورها إياه.

(والأقرب أنه) أي الصديق(هدر إن علم) بالحال ، لأن للزوج قتل من يجد في داره للزنا فسقط القود عن الزوج.

ويشكل بأن دخوله أعم من قصد الزنا ولو سلّم منعنا الحكم بجواز قتل مريده مطلقا (١) ، والحكم المذكور (٢) في الرواية مع ضعف سندها (٣) في واقعة مخالفا للأصول (٤). فلا يتعدى (٥) فلعله علم بموجب ذلك (٦).

______________________________________________________

ـ المحققين والحلبي ، وفي نكت النهاية للمحقق أن ضمانها لدم الصديق لأنها غرّته بإدخالها إلى حجلتها ، ولعله لا يعلم بأنها متزوجة ، ولذا قوّى الشهيد الأول أن دمه هدر إن علم بحالها بأنها متزوجة.

وأشكل الشارح في المسالك بأن دخوله لحجلتها أعم من قصد الزنا فلا يدل الدخول على أنه قد همّ بالزنا ليصدق عليه أنه دخله للفجور ليكون دمه هدرا ، ولو سلّم فلا يجوز قتل من همّ بالزنا إلا إذا كان متلبسا بالفعل.

وعن العلامة في التحرير أن ضمانها لدية الصديق لأنها أخرجته من منزله ليلا ، وفيه : إن الرواية لا تدل على ذلك مع أنه لو أخرجته نهارا أو أعلمته بالحال بأنها متزوجة فيجب أن لا تضمن مع أن الرواية على ضمانها مطلقا.

(١) سواء تلبس بالفعل أو لا ، وفيه : إنه مخالف لنصوص إهدار من دخل دار غيره للفجور ، فإنها مطلقة تشمل من لم يتلبس بالفعل ما دام قد دخل وهو قاصد للزنا ، منها : خبر الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام : (في رجل دخل دار رجل للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار ، أيقتل أم لا؟ قال : اعلم من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شي‌ء) (١).

(٢) مبتدأ وخبره (في واقعة).

(٣) قد عرفت أن لها سندا صحيحا.

(٤) لأن دم الصديق إما هدر وإما تضمين الزوج له ، فضمانه على الزوجة يكون مخالفا لهذه الأصول.

(٥) فلا يتجاوز بالحكم عن نفس الواقعة المسئول عنها الإمام عليه‌السلام.

(٦) أي لعل الإمام علم بموجب الدية على الزوجة ولذا حكم به.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٢.

٥٧٤

(وروى محمد بن قيس) (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قضى أمير

______________________________________________________

(١) روى عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في أربعة شربوا مسكرا فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا ، فقتل اثنان وجرح اثنان ، فأمر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة ، وقضى بدية المقتولين على المجروحين ، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية ، فإن مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شي‌ء) (١).

بل روى الشيخ في التهذيب بسند متصل إلى عبد الله بن الحكم : (سألته عن أربعة نفر كانوا يشربون في بيت فقتل اثنان وجرح اثنان ، قال : يضرب المجروحان حد الخمر ، ويغرمان قيمة المقتولين وتقوّم جراحتهما فيردّ عليهما مما أديا من الدية) (٢).

وعلى كل فالرواية الأولى قد رواها محمد بن قيس وهو الثقة برواية عاصم بن حميد عنه ، فلا معنى للإشكال من هذه الناحية فضلا عن أنه قد عمل بمضمونها الكثير من الأصحاب وهو جابر لضعف سندها ، إلا أنه قد أشكل على الرواية من ناحية المتن بأمور : أولا : إن الاجتماع المذكور والاقتتال لا يقتضي أن يكون القاتل هو المجروح حتى تكون دية القتيل عليه.

ثانيا : لا يستلزم أن تكون الجراحة من المقتولين ، إذ لعل أحد المجروحين قد جرح الآخر.

ثالثا : ما عن الشهيد في شرح الإرشاد أنه إذا حكم بأن المجروحين قاتلان فلم لا يقادان بالقتيلين ، وأجيب بأن القتل قد وقع حالة السكر فلا يكون العمد موجبا للقصاص بل هو شبيه العمد الموجب للدية فقط.

رابعا : ما عن الشهيد أيضا في شرح الإرشاد أنه إذا كانت الجراحة من القتيلين. فلو فرض أن المجروحين قد ماتا فيما بعد ، فلم لا تؤخذ دية القتيل لهما من أولياء المقتولين ، وأجيب بأن الموت فيما بعد لم يعلم استناده عن الجرح حتى يضمن المقتولين ذلك ، والمتيقن ضمان دية الجرح فقط.

خامسا : الجرح إذا كان عمدا فإنه يوجب القصاص لا الدية ، وأجيب بأن الانتقال إلى الدية لفوات محل القصاص لأنه بحسب الفرض قد صدر الجرح من اللذين قتلا.

ولهذه الإشكالات أو بعضها استقرب الشارح في المسالك أن تكون الواقعة تستوجب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١.

(٢) التهذيب ج ١٠ ص ١٥٣ ـ ١٥٤.

٥٧٥

المؤمنين عليه‌السلام(في أربعة سكارى فجرح اثنان) منهم(وقتل اثنان) ولم يعلم القاتل والجارح : (يضمنهما الجارحان بعد وضع جراحاتهما) من الدية.

وفي الرواية مع اشتراك محمد بن قيس (١) الذي يروي عن الباقر عليه‌السلام بين الثقة وغيره : عدم استلزام الاجتماع المذكور والاقتتال : كون القاتل هو المجروح (٢) ، وبالعكس (٣) فيختص حكمها بواقعتها ، لجواز علمه عليه‌السلام بما أوجبه. نعم يمكن الحكم بكون ذلك (٤) لوثا يثبت الفعل بالقسامة من عمد أو خطأ وقتل وجرح.

______________________________________________________

ـ لوثا على المجروحين ، فإن ادعى عليهما وليّ القتيلين العمد أو الخطأ فمع القسامة يثبت القتل عليهما ، وإلا لحلف المجروحين القسامة لرفع التهمة عنهما خصوصا أن الرواية السابقة معارضة برواية السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فسجنهم ، فمات منهم رجلان وبقي رجلان ، فقال أهل المقتولين : يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا ، فقال علي عليه‌السلام للقوم : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن تقيدهما ، قال عليه‌السلام : فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه؟ قالوا : لا ندري.

فقال عليه‌السلام : بل اجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ، وآخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين) (١) وذكر إسماعيل بن الحجاج بن أرطاة عن سماك بن حرب عن عبد الله بن أبي الجعد قوله : (كنت أنا رابعهم فقضى عليّ عليه‌السلام هذا القضية فينا) (٢).

واستقرب هذا الحكم بجعل الدية على عاقلة الأربعة جماعة من الأصحاب لأنه لا يبطل دم امرئ مسلم من دون ترجيح لأحد على آخر ، وفيه : إن الفعل قد وقع حالة السكر فهو من شبيه العمد فالدية على الفاعل لا على العاقلة وبهذا تعرف أن الحكم في الرواية الأخيرة أيضا مخالف للأصول المقررة في تشخيص العمد والخطأ.

(١) وقد عرفت أنه الثقة برواية عاصم بن حميد عنه.

(٢) هذا هو الإشكال الأول المتقدم.

(٣) أي كون الجراحة من المقتولين وهذا هو الإشكال الثاني.

(٤) من الاجتماع المذكور والاقتتال.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٠ ، الفقيه ج ٤ ص ١١٨.

(٢) التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٠.

٥٧٦

وأما ما استشكله المصنف في الشرح على الرواية من أنه إذا حكم بأن المجروحين قاتلان (١) فلم لا يستعدى منهما ، وأن إطلاق الحكم بأخذ دية الجرح ، وإهدار الدية لو ماتا (٢) لا يتم أيضا وكذا الحكم بوجوب الدية في جراحتهما (٣) ، لأن موجب العمد القصاص. فيمكن دفعه : بكون القتل وقع منهما حالة السكر فلا يوجب إلّا الدية على أصح القولين (٤). وفرض الجرح (٥) غير قاتل كما هو ظاهر الرواية ، ووجوب دية الجرح (٦) لوقوعه أيضا من السكران كالقتل أو لفوات محل القصاص.

والحق الاقتصار على الحكم باللوث وإثبات ما يوجبه فيهما(وعن أبي جعفر الباقر (٧) عن علي عليه‌السلام في ستة غلمان بالفرات فغرق) منهم(واحد) وبقي

______________________________________________________

(١) هذا هو الإشكال الثالث.

(٢) هذا هو الإشكال الرابع.

(٣) هذا هو الإشكال الخامس.

(٤) لكونه شبيه العمد وهو دفع للإشكال الأول.

(٥) رد للإشكال الثاني.

(٦) رد للإشكال الثالث ، وأما الإشكالان الأخيران فقد عرفت ردهما.

(٧) روى محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ـ كما في التهذيب ـ (رفع إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ستة غلمان كانوا في الفرات ، فغرق واحد منهم فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنهما غرّقاه ، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرّقوه ، فقضى علي عليه‌السلام بالدية ، ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على الثلاثة) (١). ورواه في الكافي وفي موضع من التهذيب عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) ، ورواه في الفقيه مرسلا وكذا المفيد في إرشاده ومقنعته ، وكذا في النهاية والغنية ، والسند الأول صحيح برواية عاصم بن حميد عنه. فالتشكيك بالسند ليس في محله ، والقول بأنها متروكة كذلك ليس في محله لأن الصدوق والشيخ أورداها في الفقيه والنهاية وهما ملتزمان بصحة ما فيهما من الأخبار ، نعم عن المحقق في نكت النهاية والعلّامة في التحرير أنها قضية في واقعة لمخالفتها للقواعد من حيث قبول شهادة المشهود عليه على الشاهد ، ومن حيث قبول ـ

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٠.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٢٨٤ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٣٩.

٥٧٧

خمسة(فشهد اثنان) منهم(على ثلاثة) أنهم غرّقوه ، (وبالعكس) شهد الثلاثة على الاثنين أنهم غرّقوه فحكم(أن الدية أخماس) على كل واحد منهم خمس(بنسبة الشهادة) وهي أيضا مع ضعف سندها(قضية في واقعة) مخالفة لأصول المذهب فلا يتعدى (١) ، والموافق لها (٢) من الحكم : أن شهادة السابقين إن كانت مع استدعاء الولي وعدالتهم قبلت ثم لا تقبل شهادة الآخرين ، للتهمة ، وإن كانت الدعوى على الجميع ، أو حصلت التهمة عليهم (٣) لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا (٤) ويكون ذلك لوثا يمكن إثباته بالقسامة.

واعلم أن عادة الأصحاب جرت بحكاية هذه الأحكام هنا بلفظ الرواية نظرا إلى مخالفتها للأصل ، واحتياجها ، أو بعضها في ردها إليه (٥) إلى التأويل ، أو التقييد ، أو للتنبيه على مأخذ الحكم المخالف للأصل وقد يزيد بعضهم التنبيه على ضعف المستند تحقيقا لعذر اطراحها.

(الخامسة (٦) ـ يضمن معلم السباحة) المتعلم(الصغير) غير البالغ لو جنى

______________________________________________________

ـ شهادة الصبيان مع أن شهادتهم لا تقبل ، ولذا ذهب البعض إلى أن الواقعة تقتضي لوثا وتجري أحكام القسامة.

(١) الحكم.

(٢) للأصول.

(٣) أي تهمة القتل على الخمسة لوجود عداوة بينهم وبين الغريق.

(٤) سابقا كان في الإدلاء بالشهادة أو لا.

(٥) إلى الأصل.

(٦) لو سلّم الوليّ ولده لمعلم السباحة فغرق الولد بالتفريط ضمنه المعلم في ماله ، لأنه تلف بسببه ، ولم يقصد القتل فيكون شبيه العمد.

وأما لو غرق الولد من غير تفريط من المعلم فعن جماعة منهم المحقق على ما هو ظاهر الشرائع أنه لا يضمن لأن القتل لا يسند إلى المعلم إلا مع التفريط والمفروض عدمه.

وذهبت جماعة منهم العلّامة في الإرشاد إلى الضمان مطلقا ، فرّط المعلم أو لا ، لما ورد من ضمان الطبيب الحاذق وضمان الصانع وإن اجتهد وكان حاذقا وإن لم يفرّطا وعن العلّامة في التحرير التوقف عند عدم التفريط إذ لا يسند القتل إلى المعلم حتى يضمن ، ومن إطلاق ضمان الطبيب والصانع وإن لم يفرّط.

٥٧٨

عليه بها(في ماله) ، لأنه شبيه عمد ، سواء فرّط أم لا على ما يقتضيه إطلاق العبارة. ويؤيده ما روي من ضمان الصانع وإن اجتهد.

وفي القواعد علّل الضمان بالتفريط. ومقتضاه أنه لو لم يفرط فلا ضمان ، وتوقف في التحرير في الضمان على تقدير عدمه. هذا إذا كان قد دفعه إليه وليه ومن بحكمه (١) ، وإلا ضمن الصغير مطلقا قطعا (٢) ، وفي حكمه المجنون.

(بخلاف البالغ الرشيد) (٣) فإنه لا يضمنه وإن فرّط ، لأنه في يد نفسه.

(ولو بنى مسجدا في الطريق (٤) ضمن) للعدوان بوضعه فيما لا يصح الانتفاع فيه بما ينافي الاستطراق ، (إلا أن يكون) الطريق(واسعا) زائدا عن القدر المحتاج إليه ، للاستطراق كزاوية في الطريق ، أو كونه زائدا عن المقدار شرعا.

واعلم أن الطريق مؤنث سماعي فكان ينبغي إلحاق التاء في خبره(ويأذن الإمام له) في عمارته فلا ضمان حينئذ. وهذا يدل على عدم جواز إحياء الزائد من الطريق عن المقدر بدون إذن الإمام ، وفي الدروس أطلق جواز إحياء الزائد وغرسه والبناء فيه ، وكذا أطلق في التحرير جواز وضع المسجد في القدر الزائد. وهو حسن مع عدم الحاجة إليه (٥) بحسب العادة في تلك الطريق ، وإلا فالمنع أحسن.

______________________________________________________

(١) كالوصي.

(٢) سواء فرّط أو لا ، لعدم جواز التصرف في الصغير بدون إذن الولي.

(٣) باعتبار كونه عاقلا فهو في يد نفسه فلا يضمن المعلم وإن فرّط ، وعن البعض أنه يضمن مع التفريط ، لأن البالغ في الماء ليس في يده بل في يد المعلم بخلاف الحر في غير الماء فهو بيد نفسه ويختار ما يشاء.

(٤) قال الشيخ في المبسوط : إن كان واسعا بإذن الإمام عليه‌السلام لم يضمن ما يتلف بسببه ، وكذا إذا لم يأذن وبناه للمصلحة العامة ، وأما إذا بناه لنفسه ضمن.

وعن جماعة منهم المحقق في الشرائع استبعاد أن يأذن الإمام في بناء المسجد في الطريق وردّ عليهم أن هذا الاستبعاد في محله لو كان المسجد يضرّ بالمارة مع أنه يجوز إحياء الزائد عن الطريق وحريمه المقدّر شرعا سواء كان ذلك لمصلحة عامة أو خاصة.

وعليه فلو بناه في الزائد عن الطريق وحريمه في أرض الموات فلا يكون متعديا فلا ضمان عليه ، نعم لو بنى في المكان الضيق من الطريق لكان عدوانا يستعقبه الضمان.

(٥) أي مع عدم الحاجة إلى الزائد عن حريم الطريق وهو خمسة أذرع أو سبعة.

٥٧٩

(ويضمن واضع الحجر (١) في ملك غيره) مطلقا (٢) إذا حصل بسببه جناية(أو طريق مباح) عبثا ، أو لمصلحة نفسه ، أو ليتضرر به المارة. أما لو وضعه لمصلحة عامة كوضعه في الطين ليطأ الناس عليه أو سقّف به ساقية فيها ونحوه فلا ضمان ، لأنه محسن. وبه قطع في التحرير.

(السادسة (٣) ـ لو وقع حائطه (٤) المائل بعد علمه بميله) إلى الطريق ، أو ملك الغير(وتمكنه من إصلاحه) بعد العلم وقبل الوقوع(أو بناه مائلا إلى الطريق)

______________________________________________________

(١) لو وضع رجل حجرا في ملكه فعثر به آخر فلا يضمن دية العاثر كما صرح بذلك غير واحد ، ولو كان في ملك غيره أو في طريق مسلوك فيضمن دية العاثر لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الشي‌ء يوضع على الطريق فتمرّ الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره فقال عليه‌السلام : كل شي‌ء مضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه) (١) وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من أضرّ بشي‌ء في طريق المسلمين فهو له ضامن) (٢). وهذه الأخبار دالة على أنه لو وضعه للضرر فهو ضامن ، وأما لو وضعه لمصلحتهم فلا ضمان عليه لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل ، ومنه تعرف لو وضعه في ملك الغير مع إذنه فلا ضمان.

(٢) عبثا كان أو لمصلحة.

(٣) لا يضمن صاحب الحائط المبني في ملك صاحب الجدار ، إذا وقع وتلف إنسان أو غيره بسبب وقوعه ، لكونه مسلطا على ماله بعد عدم التفريط منه. ولو بناه في مكان مباح ملاصقا للشارع ، فإن كان مستويا فسقط من غير ميل ولا استهدام فلا ضمان لأنه تصرف فيما يجوز به شرعا ، ولو بناه في ملكه مائلا فسقط فلا ضمان لأن له التصرف في ملكه كيف شاء.

ولو بناه في ملكه أو في المباح وكان مائلا إلى الشارع يثبت الضمان إذ هو تصرف في الشارع بما لا يجوز لكل مسلم أن يتصرف فيه.

ولو بناه في ملكه أو في المباح مستويا ثم مال إلى الشارع وسقط فيضمن إذا تمكن من الإزالة ولم يزله ، وأما لو وقع قبل التمكن فلا ضمان لعدم التعدي.

(٤) سواء كان في ملكه أو في مباح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من ابواب موجبات الضمان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ٢.

٥٨٠