الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

(الشرع قتله) لزناء ، أو لواط ، أو كفر(لم يقتل به) قاتله وإن كان بغير إذن الإمام ، لأنه مباح الدم في الجملة وإن توقفت المباشرة على إذن الحاكم فيأثم بدونه خاصة.

والظاهر عدم الفرق بين استيفائه (١) بنوع القتل الذي عينه الشارع كالرجم والسيف ، وغيره لاشتراك الجميع في الأمر المطلوب شرعا وهو إزهاق الروح.

(ولو قتل من وجب عليه قصاص غير الولي قتل به) لأنه محقون الدم بالنسبة إلى غيره (٢).

(القول في ما يثبت به القتل)

(وهو ثلاثة (٣) : الإقرار به ، والبينة عليه ، والقسامة) بفتح القاف وهي الأيمان يقسّم على أولياء الدم. قاله الجوهري.

(فالإقرار يكفي فيه المرة) (٤) ، لعموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» وهو

______________________________________________________

ـ مباح الدم شرعا كالمرتد والزاني واللائط ومن ثبت عليه الحد ، فإن قتله لا يوجب القصاص على القاتل وإن كان آثما لكونه بغير إذن الإمام ، فلا قود على القاتل لأن المقتول مباح الدم في الجملة.

(١) أي استيفاء القتل الذي أباحه الشارع.

(٢) أي غير ولي الدم ، فيكون قتله عدوانا موجبا للقصاص.

(٣) حصره بالثلاثة مما لا خلاف فيه ولا إشكال ، وسيأتي دليل كل واحد منها.

(٤) وفاقا للأكثر لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، ولخبر الحسن بن صالح : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وجد مقتولا ، فجاء رجلان إلى وليه ، فقال أحدهما : أنا قتلته عمدا ، وقال الآخر : أنا قتلته خطأ ، فقال : إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل ، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل) (٢) ، الظاهر منه قبول الإقرار مرة واحدة ، ومثله غيره من الأخبار.

وذهب الشيخ وابنا إدريس والبراج ويحيى بن سعيد والطبرسي إلى أنه يشترط فيه التعدد ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الإقرار حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١.

٥٠١

يتحقق بالمرة حيث لا دليل على اعتبار التعدد.

وقيل : تعتبر المرتان وهو ضعيف(ويشترط فيه أهلية المقر) (١) بالبلوغ والعقل(واختياره وحريته) فلا عبرة بإقرار الصبي والمجنون والمكره والعبد ما دام رقا ولو بعضه ، إلا أن يصدّقه مولاه فالأقرب القبول (٢) لأن سلب عبارته هنا إنما كان لحق المولى حيث كان له نصيب في نفسه فإذا وافقه زال المانع. مع وجود المقتضي وهو : قبول إقرار العقلاء على أنفسهم.

ووجه عدم القبول مطلقا (٣) : كونه مسلوب أهلية الإقرار كالصبي

______________________________________________________

ـ عملا بالاحتياط في الدماء ، ولأنه لا ينقص عن الإقرار بالسرقة الذي يشترط فيه التعدد ففيه أولى.

وردّ بأن الاحتياط معارض بالاحتياط بعدم بطلان دم امرئ مسلم ، وعن الثاني أنه قياس لا نقول به.

(١) أي ويشترط في المقر أهلية المقر من البلوغ لسلب عبارة الصبي شرعا لحديث رفع القلم ، ومن العقل لحديث رفع القلم ، ومن الاختيار لحديث الرفع ، وعليه فلا عبرة بإقرار الصبي وإن كان مراهقا ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والغافل والنائم والسكران.

ويشترط في المقر الحرية ، فلا عبرة بإقرار العبد لأنه إقرار في حق المولى مع أن الإقرار نافذ في حق نفسه ، ولخبر أبي محمد الوابشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن قوم ادعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقر العبد بها ، فقال : لا يجوز إقرار العبد على سيده) (١) ولا فرق في العبد بين القن وأم الولد والمدبر والمكاتب ، وإن انعتق بعضه ، نعم مع عتق البعض ينفذ إقراره بمقدار نصيبه من الحرية لكن لا يقاد منه ، بل تؤخذ الدية منه بحساب حريته.

(٢) لوجود المقتضى وعدم المانع ، أما الأول فهو ثبوت الإقرار ، وأما الثاني فلأن المانع هو كونه في حق الغير ، ومع تصديق المولى فيكون قد أذن السيد لعبده بالتصرف في نفسه.

(٣) سواء صدقه المولى أو لا ، وهو ليس قولا لأحد ، وإنما هو احتمال وقد وجّهه الشارح من كون العبد مسلوب العبارة كالصبي فإقراره كالعدم ، هذا فضلا عن أن تصديق المولى لا أثر له إذ ليس للمولى قطع العبد أو جرحه فكيف يكون تصديق المولى إقرارا في حق عبده الموجب لقطعه. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ٣.

٥٠٢

والمجنون ، لأن العبودية صفة مانعة منه كالصبا ، ولأن المولى ليس له تعلق بدم العبد ، وليس له جرحه ، ولا قطع شي‌ء من أعضائه فلا يقبل مطلقا.

ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر ، وأم الولد ، والمكاتب وإن انعتق بعضه كمطلق المبعض (١). نعم لو أقر بقتل يوجب عليه الدية لزمه منها بنسبة ما فيه من الحرية ، ولو أقر بالعمد (٢) ثم كمل عتقه اقتص منه لزوال المانع.

(ويقبل إقرار السفيه والمفلس بالعمد) (٣) ، لأن موجبه القود وإنما حجر عليهما في المال فيستوفى منهما القصاص في الحال.

(ولو أقرّا بالخطإ (٤) الموجب للمال على الجاني لم يقبل من السفيه) مطلقا (٥) (ويقبل من المفلس) لكن لا يشارك المقر له الغرماء على الأقوى وقد تقدم في بابه.

(ولو أقر واحد بقتله عمدا ، وآخر بقتله خطأ تخير الولي) (٦) في تصديق من

______________________________________________________

ـ وفي الدليلين ضعف لأنهما على خلاف ظاهر خبر الوابشي المتقدم من كون المنع من نفوذ إقرار العبد لكونه في حق سيده ، وهذا يقتضي أن إقراره يقتضي النفوذ لو لا المانع ، فإذا صدّقه المولى فيرتفع المانع فلا بدّ أن يؤثر المقتضي أثره.

(١) وإن كان تبعضه ليس بالمكاتبة ، كما لو كان مشتركا بين اثنين وأعتق أحدهما نصيبه منه.

(٢) أي لو أقر المبعّض بالعمد ثم كمل عتقه بعد إقراره ، فينفذ إقراره في حقه لوجود المقتضى من الإقرار ، وعدم المانع لارتفاع حق الغير فيه بارتفاع العتق.

(٣) أي يقبل إقرار المحجور عليه بالقتل العمدي ، لأن المحجور عليه ممنوع من التصرف المالي وموجب العمد هو القتل وهو ليس ممنوعا من التصرف في نفسه ، فتشمله عمومات أدلة القصاص ، ويستوفى منه القصاص من غير انتظار لفك حجره ، سواء كان حجره لسفه أو فلس.

(٤) الشبيه بالعمد الموجب لثبوت الدية عليه لا على العاقلة ، فيثبت المال في ذمته بإقراره بالقتل إذا كان الحجر لفلس لأن الحجر إنما هو تحفظا على حق الغرماء ، وأما إذا كان الحجر لسفيه فلا ينفذ إقراره لأن الحجر إنما هو للمنع من التصرف المالي مطلقا لأنه غير صالح للتصرف.

ثم إذا أقرّ المفلس وثبتت الدية في ذمته فهل يشارك ولي الدم الغرماء في مال المفلس أو لا ، وقع الخلاف بينهم وقد تقدم في باب الحجر.

(٥) لا في ماله ولا في ذمته.

(٦) في تصديق أحدهما ، بلا خلاف فيه إلا من ابن زهرة ، لأن إقرار كل منهما سبب في ـ

٥٠٣

شاء منهما وإلزامه بموجب جنايته. لأن كل واحد من الإقرارين سبب مستقل في إيجاب مقتضاه على المقر به ، ولما لم يمكن الجمع تخير الولي وإن جهل الحال كغيره (١) وليس له على الآخر سبيل.

(ولو أقر بقتله عمدا (٢) فأقر آخر ببراءة المقر) مما أقر به من قتله(وأنه هو)

______________________________________________________

ـ إيجاب مقتضاه على المقرّ به ، ولا يمكن الجمع بين الأمرين فلا بد أن يتخير إن جهل الحال وليس له على الآخر سبيل ، ولخبر الحسن بن صالح المتقدم ، وذهب ابن زهرة إلى أن الولي بالخيار بين قتل المقرب بالعمد وبين أخذ الدية منهما نصفين ، وهو ضعيف لأنه اجتهاد في قبال النص ، وذهب بعض العامة إلى قتلهما معا ، أو أخذ الدية منهما وهو واضح الفساد إذ لا دليل عليه.

(١) من موارد التخيير.

(٢) فأقر آخر أنه هو الذي قتله ، ورجع الأول عن إقراره ، درئ عنهما القصاص والدية ، وودي المقتول من بيت المال ، كما هو المشهور ، بل عن كشف الرموز لا أعرف مخالفا ، استنادا إلى رواية علي بن إبراهيم عن أبيه قال : أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (أتي أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل وجد في خربة ، وبيده سكين ملطخ بالدم وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما تقول؟

قال : أنا قتلته ، قال : فاذهبوا به فأقيدوه به ، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال : لا تعجلوا ، وردوه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فردوه.

فقال : والله يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه ، أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين متلطخ بالدم والرجل متشحط في دمه ، وأنا قائم عليه وخفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذني البول فدخلت الخربة ، فوجدت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا ، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني.

فقال عليه‌السلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن ، وقولوا له : ما الحكم فيهما؟

فذهبوا إلى الحسن عليه‌السلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليه‌السلام : قولوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام : إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيى هذا ، وقد قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) ، يخلّى عنهما وتخرج دية المذبوح من بيت المال) (١) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١.

٥٠٤

(القاتل ورجع الأول) عن إقراره(ودي المقتول من بيت المال) إن كان موجودا(ودرئ) أي رفع(عنهما القصاص كما قضى به الحسن في حياة أبيه علي عليه‌السلام) معللا «بأن الثاني إن كان ذبح ذاك فقد أحيا هذا وقد قال الله(عزوجل) : (وَمَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) (١) ، وقد عمل بالرواية أكثر الأصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للأصل والأقوى تخيير الولي في تصديق أيهما شاء والاستيفاء منه كما سبق.

وعلى المشهور لو لم يكن بيت مال كهذا الزمان أشكل درء القصاص (٢) عنهما ، وإذهاب حق المقر له ، مع أن مقتضى التعليل ذلك.

ولو لم يرجع الأول عن إقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا (٣) والمختار التخيير مطلقا (٤).

(وأما البينة ـ فعدلان ذكران) (٥). ولا عبرة بشهادة النساء (٦) ، منفردات ولا

______________________________________________________

ـ وناقش فيها الشارح في المسالك من أنها مرسلة مخالفة للأصل من ثبوت الحق على أحدهما ، وأن الحق لا يعدوهما فكيف يسقط عنهما القصاص ، وبعد عدم العمل بالرواية فهذا الفرع مندرج تحت ما لو أقر شخصان في أن كلّا منهما قد قتله فيتخير الولي في الاستيفاء.

وفيه : إن الرواية عليها عمل الأصحاب كما في التنقيح وغاية المرام ، وعن السرائر نسبتها إلى رواية أصحابنا فهي منجبرة بذلك فلا بد من العمل بها.

(١) المائدة الآية : ٣٢.

(٢) فبعد عدم القصاص وعدم الدية من المقرين ، فكذلك لا دية له من بيت المال لعدمه وفي هذا إبطال لدم المسلم وهو مخالف للكثير من النصوص من عدم إبطاله.

وردّ بأن ظاهر التعليل في الخبر : (إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيى هذا) يوجب عدم القصاص وإن عدم بيت المال وعليه فتوى المشهور.

(٣) من سقوط القصاص وأن الدية من بيت المال ، وفتاوى الأصحاب تقييد الحكم برجوع الأول عن إقراره اقتصارا على ما خالف الأصل على المتيقن.

(٤) سواء رجع الأول أو لا ، وسواء وجد بيت المال أو لا ، بناء على مبناه من عدم الأخذ بالرواية المتقدمة فلا بد من الحكم بكون الولي بالخيار في الاستيفاء.

(٥) بلا خلاف لعموم أدلة البينة وقد تقدم البحث فيه في باب الشهادات.

(٦) أما منفردات فلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر محمد بن الفضيل عن الإمام ـ

٥٠٥

منضمات ، ولا بالواحد مع اليمين (١) ، لأن متعلقهما المال (٢) وإن عفى المستحق على مال (٣). وقيل : بالشاهد والمرأتين الدية وهو شاذ.

(ولتكن الشهادة صافية عن الاحتمال (٤) ، فلو قال : جرحه ، لم يكف حتى يقول : مات من جرحه) ، لأن الجرح لا يستلزم الموت مطلقا (٥).

(ولو قال : أسأل دمه ، تثبت الدامية خاصة) ، لأنها المتيقن من إطلاق

______________________________________________________

ـ الرضا عليه‌السلام : (لا يجوز شهادتهن في الطلاق ولا في الدم) (١).

أما لو كن منضمات مع الرجال كرجل وامرأتين فذهب الشيخ وابن إدريس إلى عدم القبول عملا بالقاعدة المشهورة من كون شهادتهن لا تقبل إلا بالمال أو فيما لا يجوز النظر إليه للرجال.

وذهب الشيخ في المبسوط والمحقق إلى قبول شهادتهن كذلك ويترتب عليه القود ، وذهب الشيخ في النهاية وابن الجنيد وأبو الصلاح والقاضي والفاضل في المختلف إلى أنه يثبت ذلك ولكن تجب به الدية دون القود.

وهذا الخلاف ناشئ من اختلاف الأخبار فبعضها يدل على قبول شهادتهن في الدم كصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ قال : في القتل وحده ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) (٢) وبعضها يدل على عدم القبول في الدم كصحيح محمد بن الفضيل المتقدم ، وقد تقدم البحث في باب الشهادات فراجع.

(١) كما هو المشهور بل عن الرياض الاتفاق عليه ، وتقدم دليله في باب الشهادات.

(٢) أي متعلق شهادة النساء منضمات وشهادة الواحد مع اليمين.

(٣) أي عفا ولي الدم عن القصاص فعفا على مال وهو الدية ، ومع ذلك لا يثبت بشهادة ما ذكر ، لأن المال هنا عرضي وإنما المشهود به هو القتل وموجبه القصاص.

(٤) يعتبر في الشهادة على الجناية وغيرها أن تكون مفسّرة ومصرّحة بالغرض ، فإذا كانت على القتل فشرطها أن تضيف الهلاك إلى فعل المشهود عليه ، لأن الشهادة هنا على القتل ، وكل شهادة ليست بهذا الشرط فلا تكون شهادة على القتل كما هو واضح.

(٥) قليلا كان أو كثيرا وضعيفا كان أو قويا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

٥٠٦

اللفظ ، ثم يبقى الكلام في تعيين الدامية فإن استيفاءها مشروط بتعيين محلها فلا يصح بدونه.

(ولا بد من توافقهما على الوصف الواحد) (١) الموجب لاتحاد الفعل(فلو اختلفا زمانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله غدوة ، والآخر عشيّة(أو مكانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله في الدار ، والآخر في السوق(أو آلة) بأن شهد أحدهما أنه قتله بالسكين والآخر بالسيف(بطلت الشهادة) لأنها شهادة على فعلين ، ولم يقم على كل واحد إلا شاهد واحد ولا يثبت بذلك لوث (٢) على الأقوى للتكاذب. نعم لو شهد أحدهما بإقراره والآخر بالمشاهدة لم يثبت (٣) وكان لوثا ، لإمكان صدقهما ، وتحقق الظن به.

(وأما القسامة (٤) ...

______________________________________________________

(١) لا خلاف ولا إشكال في أنه يشترط في شهادة الشاهدين تواردها على الوصف الواحد في القتل وغيره ، فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة والآخر عشية ، أو بالسكين والآخر بالسيف ، أو بالقتل في مكان والآخر في غيره ، لم تقبل شهادتهما لأنه لم يثبت على فعل واحد شهادة اثنين.

(٢) اللوث ـ كما سيأتي ـ فيما لو ادعى ولي الدم على قوم بأنهم قتلوه وكان معه أمارة على الظن بصدقه كالشاهد الواحد وشهادة النساء ونحو ذلك مما سيأتي تفصيله.

وعليه فمع اختلاف الشاهدين في الوصف إلا أنهما متفقان في أصل القتل فهل هذا يوجب صدق المدعي فيما لو ادعى القتل على قوم فيكون لوثا كما ذهب إليه الشيخ في المبسوط.

أو أنه لا يحصل بذلك صدق المدعي لأنهما متكاذبان في الوصف فيتساقطان ولا يحصل الظن بشهادتهما على أصل القتل فلا يتحقق لوث وهذا ما ذهب إليه غيره ، بالإضافة إلى أن اللوث متحقق بشهادة الواحد مع عدم المعارض ، والمعارض هنا موجود.

(٣) أي القتل ، وكان لوثا لتوريث ذلك الظن بصدق المدعى.

(٤) القسامة لغة للأولياء الذين يحلفون على دعوى الدم ، وفي لسان الفقهاء للأيمان ، وفي الصحاح القسامة هي الأيمان تقسّم على الأولياء في الدم ، وهي على التقديرين اسم أقيم مقام المصدر فيقال : أقسم إقساما وقسامة ، كما يقال : أكرم إكراما وكرامة ، ولا اختصاص لها بأيمان الدماء لغة لكن الفقهاء خصّوها بها.

وصورتها : أن يوجد قتيل في موضع لا يعرف من قتله ولا تقوم بينه ، ويدّعي الولي على ـ

٥٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أحد أو جماعة وتقترن الواقعة بما يشعر بصدق المدعي في دعواه ويقال له اللوث فيحلف على ما يدعيه ويحكم له على ما سيأتي تفصيله ، والأصل في القسامة أخبار كثيرة منها : خبر العجلي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القسامة ، فقال : الحقوق كلها البيّنة على المدعي واليمين على المدعى عليه إلا في الدم خاصة ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلا ، فقالت الأنصار : إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمته ، فقالوا : يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فوداه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عنده ، وقال : إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فيكفّ عن قتله ، وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ، وإلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون) (١).

والقسامة خالفت غيرها من أيمان الدعاوي بأمور :

منها : كون اليمين ابتداء على المدعي مع أن اليمين في غيرها على المنكر.

ومنها : تعدد الحالفين مع أن الأمر في غيرها وحدة الحالف.

ومنها : جواز حلف الإنسان لإثبات حق غيره في إثبات الدعوى ، أو حلفه لنفي الدعوى عن غيره عند حلف الخمسين لصالح المدعى عليه.

ولو لم تجتمع شروط القسامة فالحكم فيها كغيرها من الدعاوى كيفا وكما ، عملا بالعموم الوارد في الأخبار الكثيرة من أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

ثم لما كانت القسامة منوطة بقرينة تفيد صدق المدعى ، فهذه القرينة تسمى باللوث ، وقد ذكروا طرقا لهذه القرينة :

منها : أن يوجد قتيل في قبيلة أو قرية صغيرة أو محلة منفصلة عن البلد فهو لوث في حقهم ، بحيث لو ادعى الولي على بعضهم كان له أن يقسم ويثبت القتل حينئذ على المدعى عليه.

ومنها : لو وجد قتيل في مكان كان معه جماعة قبل القتل ثم تفرقوا عنه.

ومنها : لو وجد قتيل وبجانبه رجل معه سلاح متلطخ بالدم فهو لوث ، ولو كان بقربه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٣.

٥٠٨

ـ (فتثبت مع اللوث ، ومع عدمه (١) : يحلف المنكر يمينا واحدة) على نفي الفعل(فإن نكل) عن اليمين(حلف المدعي يمينا واحدة) بناء على عدم القضاء بالنكول(ويثبت الحق) على المنكر بيمين المدعي(ولو قضينا بالنكول قضي عليه) به بمجرده.

(واللوث أمارة يظن بها صدق المدعي) فيما ادعاه من القتل(كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دمه) أما لو لم يوجد القتيل مهرق الدم لم يكن وجود الدم مع ذي السلاح لوثا(أو وجد) القتيل(في دار قوم أو قريتهم) حيث لا يطرقها غيرهم(أو بين قريتين) لا يطرقهما غير أهلهما(وقربهما) إليه(سواء) ولو كان إلى إحداهما أقرب اختصت باللوث (٢). ولو طرق القرية غير أهلها (٣) اعتبر في ثبوت اللوث مع ذلك ثبوت العداوة بينهم وبينه(وكشهادة العدل)

______________________________________________________

ـ سبع لم يوجب ذلك لوثا في حقه.

ومنها : لو رأينا شخصا من بعيد يحرك يده كما يفعل من يضرب بالسيف أو السكين ، ثم وجدنا في نفس الموضع قتيلا ، فهو لوث في حق ذلك الرجل.

ومنها : ما إذا شهد عدل واحد فهو لوث في حق المشهود عليه ، وإن لم تكن بشهادة الواحد بينة.

ومنها : ما لو شهد الصبيان أو النساء مما لا تقبل شهادتهم إما مطلقا أو في الدم ، ولكن أفاد خبرهم الظن ، فالمشهور على عدم كونه لوثا ، لأنه غير معتبر شرعا ، وبعضهم ذهب إلى أنه لوث ما دام قد أفاد ظنا بصدق المدعي.

(١) عدم اللوث فلا تأتى القسامة ويفعل في هذه الواقعة كما يفعل في بقية الوقائع.

(٢) لحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يوجد قتيلا في القرية أو بين القريتين ، قال : يقاس ما بينهما فأيهما كانت أقرب ضمنت) (١) ومثلها غيرها من الأخبار.

(٣) فعن النهاية والمراسم أن اللوث يثبت عليهم إن كانت عداوة بينه وبينهم ، وعن بعض أنه إذا وجد القتيل ليلا لا نهارا يثبت اللوث عليهم ، وفيه : إن المدار على حصول الظن بصدق المدعي ، وقرائن الأحوال تختلف أشد الاختلاف فالمدار على حصول الظن.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٤.

٥٠٩

الواحد بقتل المدعى عليه به (١) (ولا الصبي ولا الفاسق) والكافر (٢) وإن مأمونا في مذهبه.

(أما جماعة النساء والفسّاق فتفيد اللوث مع الظن) بصدقهم ويفهم منه : إن جماعة الصبيان لا يثبت بهم اللوث ، وهو كذلك ، إلا أن يبلغوا حد التواتر ، وكذا الكفار والمشهور حينئذ ثبوته بهم ، ويشكل بأن التواتر يثبت القتل لأنه أقوى من البينة واللوث يكفي فيه الظن ، وهو قد يحصل بدون تواترهم.

(ومن وجد قتيلا في جامع عظيم (٣) أو شارع) يطرقه غير منحصر(أو في فلاة أو في زحام على قنطرة ، أو جسر ، أو بئر أو مصنع (٤) غير مختص بمنحصر)

______________________________________________________

(١) أي يشهد بالقتل على من ادعى عليه القتل.

(٢) ذهب جماعة إلى عدم ثبوت اللوث بشهادتهم معللين بعدم اعتبار إخبارهم شرعا ، وعن كشف اللثام زيادة المرأة وإن كانت ثقة ، والمحقق وجماعة قد حكموا بأن شهادة الصبيان لا الصبي الواحد ، والكفار لا تثبت لوثا ما لم تبلغ حد التواتر ، وأما الفساق والنساء فيثبت اللوث بشهادتهم مع ارتفاع التواطؤ على الكذب ، وأشكل على الجميع بأن اللوث يدور مدار الظن وهو قد يتحقق بواحد من هذه الأمور بالإضافة إلى أنه لو اشترط في قبول إخبار الفساق والنساء العلم بارتفاع التواطؤ عن الكذب ، فهو شرط التواتر ، والتواتر يفيد العلم ، وحجية العلم أقوى من حجية البينة فيجب الحكم بثبوت القتل لا بثبوت اللوث.

(٣) أو على قنطرة ، أو جسر ، أو في موطن زحام ، فديته على بيت مال المسلمين ، ما لم يحصل لوث على معيّن بلا خلاف ، ويدل عليه أخبار منها : خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال) (١).

وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن وجد قتيل بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال ، فإن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) (٢).

(٤) مجمع ماء المطر في البراري.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٣.

٥١٠

(فديته على بيت المال).

(وقدرها) أي قدر القسامة(خمسون يمينا بالله تعالى في العمد) إجماعا (١) (والخطأ) على الأشهر (٢).

وقيل : خمسة وعشرون لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام والأول أحوط وأنسب بمراعاة النفس ، [ولو تعدد المدعى عليه (٣) فعلى كل واحد خمسون على الأقوى].

يحلفها المدعي (٤) مع اللوث إن لم يكن له قوم(فإن كان للمدعي قوم)

______________________________________________________

(١) ويدل عليه الأخبار وقد تقدم بعضها ، وخالف ابن حمزة فاعتبر خمسة وعشرين في العمد إذا كان هناك شاهد واحد ، وقال في الجواهر عنه : «وهو مع ندرته غير واضح الوجه عدا ما قيل من أنه مبني على أن الخمسين بمنزلة شاهدين وهو اعتبار ضعيف لا تساعده الأدلة».

(٢) سواء كان خطأ محضا أو شبيها بالعمد ، للاحتياط في الدماء ، وعن جماعة منهم الشيخ والقاضي وابن حمزة والفاضل بل قيل إنه المشهور أن عليه خمسة وعشرين يمينا لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في القسامة خمسون رجلا في العمد وفي الخطأ خمسة وعشرين رجلا) (١). ومثله غيره ، وهو المتعين.

(٣) فلو حلف المدعى وقومه كفاه خمسين يمينا من غير خلاف ، للنصوص السابقة ، وإن توجهت اليمين على المدعى عليهم ففي اشتراط كل واحد منهم العدد المعتبر أو الاكتفاء بحلف الجميع للعدد المعتبر قولان ، أولهما للشيخ في المبسوط وثانيهما له في النهاية ، واحتج الشيخ للثاني بإجماع الفرقة وأخبارها وأصالة براءة الذمة عن الزائد واستدل له : بأن المدعى به جناية واحدة لاتحاد موضوعها وقد قرّر الشارع عليها خمسين يمينا فتقسط الخمسين عليهم ، والأصح الأول لأن الدعوى واقعة على كل واحد منهم بالدم ومن حكم الدعوى بالدم حلف المنكر خمسين ، ومعنى كلام الشارح في المتن : ولو تعدد المدعى عليه فعلى كل واحد من المدعى عليهم خمسون على الأقوى.

(٤) لو ادعى الولي القتل على شخص مع اللوث فإن حلف هو وقومه ، وهم أقاربه سواء كانوا دارئين أو لا ، فهو لإطلاق النصوص ، ولو عدم القوم أو امتنعوا أو امتنع البعض ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١.

٥١١

والمراد بهم هنا أقاربه وإن لم يكونوا وارثين(حلف كل) واحد(منهم يمينا) إن كانوا خمسين.

(ولو زادوا) عنها(اقتصر على) حلف(خمسين والمدعي من جملتهم) ويتخيرون في تعيين الحالف منهم.

(ولو نقصوا عن الخمسين كررت عليهم) أو على بعضهم حسبما يقتضيه العدد إلى أن يبلغ الخمسين ، وكذا لو امتنع بعضهم كررت على الباذل متساويا ومتفاوتا وكذا لو امتنع البعض من تكرير اليمين(وتثبت القسامة في الأعضاء (١)

______________________________________________________

ـ لعدم علمه بالحال حلف المدعى لوحده ، أو مع من يوجد من قومه العدد المعتبر.

وإذا كان قومه أقل من العدد المعتبر في القسامة كررت عليهم الأيمان بالسوية أو بالتفريق أو بالتخيير بينهم ، كما لو زاد عددهم عن العدد المعتبر فلهم الخيار في تعيين الحالف للعدد المعتبر.

وقال في الجواهر عن هذا التفصيل وقد أجاد فيما قاله : «وإن لم يستفد صريحا من أخبار القسامة إلا أنه لا خلاف أجده فيه بل عليه الإجماع كما في الغنية ، بل يمكن استفادته أيضا من التأمل في النصوص فإنه وإن ذكر في بعضها (١) الأمر بأن يقسم خمسون رجلا ، إلا أن في آخر (٢) : فليتموا قسامة خمسين رجلا» انتهى كلامه.

(١) تثبت القسامة مع اللوث في الأعضاء وهو موطن وفاق بينهم ، وإنما الكلام في عددها ، فعن ابن إدريس وسلّار بل هو مذهب الأكثر ، إن كان دية العضو تبلغ دية كاملة كما لو كان العضو واحدا في البدن كاللسان والأنف أو قطعت كلتا اليدين أو الرجلين فخمسون يمينا ، ولو قطع إصبعا فخمس أيمان وهكذا.

وقال الشيخ وجماعة : إن العضو الذي فيه الدية فقسامته ست أيمان كما لو قطع كلتا اليدين ، فلو قطع بعض الأصابع أو يدا واحدة فبحسابه من ست اعتمادا على رواية ظريف بن ناصح عن عبد الله بن أيوب عن أبي عمرو المتطبّب قال : (عرضت على أبي عبد الله عليه‌السلام ما أفتى به أمير المؤمنين عليه‌السلام في الديات ـ إلى أن قال ـ والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر ، وما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر) (٣) الحديث. والعمل بها متعين لروايتها بعدة أسانيد ، وبعضها صحيح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٣ (ولكن فيه : فأقيموا قسامة خمسين رجلا).

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٢.

٥١٢

(بالنسبة) أي بنسبتها إلى النفس في الدية فما فيه منها الدية فقسامته خمسون كالنفس ، وما فيه النصف فنصفها وهكذا.

وقيل : قسامة الأعضاء الموجبة للدية ست أيمان وما نقص عنها فبالنسبة.

والأقوى الأول.

(ولو لم يكن له قسامة) أي قوم يقسمون ـ فإن القسامة تطلق على الأيمان وعلى المقسم ـ وعدم القسامة إما لعدم القوم أو وجودهم مع عدم علمهم بالواقعة فإن الحلف لا يصح إلا مع علمهم بالحال أو لامتناعهم عنها تشهيا فإن ذلك غير واجب عليهم مطلقا (١) (أو امتنع) المدعي(من اليمين) وإن بذلها قومه أو بعضهم(أحلف المنكر وقومه خمسين يمينا) (٢) ببراءته(فإن امتنع) المنكر من الحلف أو بعضه (٣) (ألزم الدعوى) (٤) وإن بذلها قومه ، بناء على القضاء بالنكول ، أو

______________________________________________________

(١) مع العلم وعدمه ما لم يوجب تضييع الحق.

(٢) بلا خلاف فيه ولو كانوا أقل كررت عليهم على نحو ما سمعته في المدعى لإطلاق النصوص المتقدمة.

(٣) أو بعض الحلف ، وهو المقدار الواقع عليه عند التوزيع فيما لو كان قومه الحالفون أقل من خمسين.

(٤) على الأشهر إما بناء على القضاء بمجرد النكول ، وقد تقدم الخلاف في ذلك في باب القضاء ، وإما في خصوص القسامة وإن لم نقل به في بقية الموارد للأخبار منها : صحيح بريد العجلي المتقدم : (وإلا حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ، وإلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذ لم يقسم المدّعون) (١).

وخبر علي بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم حلفوا جميعا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ، فإن أبوا أن يحلفوا أغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم) (٢).

وقال الشيخ في المبسوط للمنكر رد اليمين على المدعي كما في غير المقام لعموم أدلة جواز رد اليمين على المدعي ، وعليه فلو جوزنا ذلك فهل تردّ القسامة أم يكتفى بيمين واحدة ، وظاهر عبارته أنه ترد القسامة وهو واضح الضعف لعدم الدليل عليه بعد دلالة النصوص على الحكم بتغريم الدية بمجرد النكول.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ٣ و ٥.

٥١٣

بخصوص هذه المادة من حيث إن أصل اليمين هنا (١) على المدعي وإنما انتقل إلى المنكر بنكوله (٢) فلا تعود إليه كما لا تعود من المدعي إلى المنكر بعد ردها عليه (٣).

(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط : (له ردّ اليمين على المدعي) كغيره من المنكرين(فيكفي) حينئذ اليمين(الواحدة) كغيره (٤) وهو ضعيف لما ذكر.

(ويستحب للحاكم العظة) للحالف(قبل الأيمان) كغيره (٥) بل هنا أولى (٦) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة وإلا خلى سبيله (٧) وعمل بمضمونها الشيخ. والرواية ضعيفة ، والحبس تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها ، فعدم جوازه أجود.

(الفصل الثاني ـ في قصاص الطرف) (٨)

والمراد به ما دون النفس وإن لم يتعلق بالأطراف المشهورة

______________________________________________________

(١) في القسامة.

(٢) بنكول المدعي فلا تعود إليه.

(٣) أي بعد رد اليمين من المنكر على المدعي في غير القسامة.

(٤) أي غير القتل.

(٥) أي غير القتل أيضا.

(٦) لكونه قتلا.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١ ، وأصل المسألة لو اتهم رجل بالدم والتمس الولي من الحاكم حبسه حتى يحضر بينة ، ففي إجابته تردد ، فعن الشيخ وجماعة نعم ، استنادا إلى رواية السكوني المتقدمة ، وعن غيرهم العدم ، لأن السند ضعيف بالسكوني لأنه عامي ، والحبس تعجيل عقوبة لا مقتضى له.

(٨) المراد بالطرف ما دون النفس ، وهو أعم من الأطراف المشهورة كاليد والرجل والأذن والأنف كالجرح في البطن أو الظهر ونحوهما ، وهو مما لا خلاف فيه ويدل عليه بالإضافة إلى النصوص المستفيضة التي سيأتي بعضها قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ) (١) وهو شامل لقصاص الطرف ، وقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصٰاصٌ) (٢).

__________________

(١) البقرة الآية : ١٧٩.

(٢) المائدة الآية : ٤٥.

٥١٤

(وموجبه) (١) بكسر الجيم أي سببه(إتلاف العضو) وما في حكمه (٢) (بالمتلف غالبا) وإن لم يقصد الإتلاف(أو بغيره) أي غير المتلف غالبا(مع القصد إلى الإتلاف) كالجناية على النفس.

(وشروطه (٣) : شروط قصاص النفس) من التساوي في الإسلام والحرية أو كون المقتص منه أخفض وانتقاء الأبوة إلى آخر ما فصّل سابقا ، (ويزيد هنا) على شروط النفس اشتراط(التساوي) أي تساوي العضوين المقتص به ومنه(في السلامة) أو عدمها أو كون المقتص منه أخفض(فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء) (٤) وهي الفاسدة(ولو بذلها) (٥) أي بذل اليد الصحيحة(الجاني) ، لأن بذله لا يسوغ قطع ما منع الشارع من قطعه ، كما لو بذل قطعها بغير قصاص.

______________________________________________________

(١) أي سببه ، والمراد منه سبب قصاص الطرف ، وهو ما سمعته في قصاص النفس إما بإتلاف العضو بما يتلفه عادة سواء قصد الإتلاف أو لا ، وإما إتلاف العضو بما لا يتلفه عادة مع قصد الإتلاف ، ضرورة عدم الفرق بين النفس والطرف ، لأن المدار على صدق العمد ، ومناطه واحد في كليهما.

(٢) إما أن يراد به ما في حكم إتلاف العضو كشكل اليد فإنه في حكم قطع اليد وإما أن يراد به ما في حكم العضو كالبطن والظهر فإنهما في حكم اليد من ناحية القصاص.

(٣) أي شروط القصاص ، وهي كشروط قصاص النفس من اعتبار التساوي في الدين والحرية وانتفاء الأبوة ، واشتراط البلوغ والعقل وكونه محقون الدم ، بلا خلاف فيه ، لإطلاق الكثير من الأخبار المتقدمة في قصاص النفس ، ويزاد في قصاص الأطراف التساوي في السلامة والتساوي في المحل مع وجوده ، والتساوي بالمساحة في الشجاج طولا وعرضا.

(٤) بلا خلاف فيه لخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل قطع يد رجل شلاء قال : عليه ثلث الدية) (١).

(٥) فلا يصح قطعها في قبال الشلاء كما عن العلامة والشهيدين ، لأنه كما لا يصح قتل المسلم بالذمي والحر بالعبد وإن رضي الجاني فكذلك هنا. وعن العلامة في القواعد والشيخ في المبسوط والفاضل الهندي أنه يصح قطعها مع البذل للأصل ، ولا يضمن القاطع التفاوت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب ديات الأعضاء حديث ١.

٥١٥

(وتقطع) اليد(الشلاء بالصحيحة) (١) ، لأنها دون حق المستوفى(إلا إذا خيف) من قطعها (٢) (السراية) إلى النفس ، لعدم انحسامها(فتثبت الدية) حينئذ.

وحيث يقطع الشلاء يقتصر عليها ، ولا يضم إليها أرش التفاوت.(وتقطع اليمين باليمين (٣) لا باليسرى ، ولا بالعكس) كما لا تقطع السبابة بالوسطى

______________________________________________________

(١) لعموم أدلة القصاص ، وليس للمقتص أن يطلب الفرق بينهما ، لأن الصحيحة والشلاء متساويتان في الجرم والمحل ، والاختلاف في الصفة لا يقابل بالمال كالرجولية والأنوثية فلو قتلت المرأة بالرجل فلا شي‌ء حينئذ لوليه على وليها.

(٢) بحيث يحكم أهل الخبرة بأن الشلاء لا تنحسم لو قطعت ، لبقاء أفواه عروقها منفتحة ، أو احتملوا ذلك احتمالا راجحا ، فيعدل حينئذ عن القصاص إلى الدية تفصيا من خطر السراية إلى النفس ، لأن النفس أهم من الطرف بلا خلاف في ذلك كله.

(٣) هذا هو الشرط الثاني وهو التساوي في المحل مع وجوده ، فتقطع اليمين باليمين ، ولا تقطع اليمين باليسرى كما لا تقطع اليسرى باليمين مع وجود ما ذكرنا عند الجاني ، بلا خلاف فيه ، نعم لو لم تكن للجاني يمين وقد جنى على يمين الغير تقطع يساره ، ولو لم تكن له لا يمين ولا يسار قطعت رجله اليمنى ، ومع عدمها تقطع رجله اليسرى استنادا إلى رواية حبيب السجستاني المتقدمة وقد وصفها الأكثر بالصحيحة قال : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين ، فقال : يا حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا ، وتقطع يساره للذي قطعت يمينه أخيرا ، لأنه إنما قطع يد الرجل الآخر ويمينه قصاص للرجل الأول.

قال : فقلت إن عليا عليه‌السلام إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، فقال : إنما كان يفعل ذلك في ما يجب من حقوق الله تعالى ، فأما ـ يا حبيب ـ حقوق المسلمين فإنه تؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يدان ، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد.

فقلت له : أما توجب عليه الدية وتترك له رجله؟

فقال : إنما تجب عليه الدية إذا قطع يد رجل ، وليس للقاطع يدان ولا رجلان ، فثمّ تجب عليه الدية ، لأنه ليس له جارحة يقاص منها) (١) ، وقد تقدم الكلام في صحتها.

والحاصل : لابدية التساوي في المحل المسمى بالتماثل فالعين اليمنى باليمنى ، والسبابة بالسبابة وكذا في بقية الأصابع وبقية الأطراف إلا ما خرج بالدليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب قصاص الطرف حديث ٢.

٥١٦

ونحوها ، ولا بالعكس.

(فإن لم تكن له) أي لقاطع اليمين(يمين فاليسرى فإن لم تكن له يسرى فالرجل) اليمنى فإن فقدت فاليسرى(على الرواية) التي رواها حبيب السجستاني عن الباقر عليه‌السلام.

وإنما أسند الحكم إليها (١) ، لمخالفته (٢) للأصل من حيث عدم المماثلة بين الأطراف خصوصا بين الرجل واليد ، إلا أن الأصحاب تلقوها بالقبول ، وكثير منهم لم يتوقف في حكمها هنا. وما ذكرناه من ترتيب الرجلين مشهور ، والرواية خالية عنه ، بل مطلقة في قطع الرجل لليد حيث لا يكون للجاني يد.

وعلى الرواية لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه ورجلاه للأول فالأول ، ثم تؤخذ الدية للمتخلف ولا يتعدى هذا الحكم إلى غير اليدين مما له يمين ويسار كالعينين والأذنين وقوفا فيما خالف الأصل على موضع اليقين.

وهو الأخذ بالمماثل ، وكذا ما ينقسم إلى أعلى وأسفل كالجفنين والشفتين ، لا يؤخذ الأعلى بالأسفل ، ولا بالعكس.

(ويثبت) القصاص(في الحارصة) من الشجاج(والباضعة والسمحاق والموضحة) (٣) وسيأتي تفسيرها(ويراعى) في الاستيفاء(الشجة) العادية(طولا وعرضا) (٤) فيستوفى بقدرها في البعدين(ولا يعتبر قدر النزول مع صدق الاسم)

______________________________________________________

(١) إلى الرواية.

(٢) لمخالفة الحكم المذكور.

(٣) الحارصة ما تقشر الجلد ، والشجاج جمع شجة وهي في الرأس ، والباضعة ما بضعت اللحم ، والسمحاق هي التي نفذت إلى أول العظم ، والموضحة هي التي نفذت إلى العظم وأوضحته.

(٤) هذا هو الشرط الثالث ، وهو التساوي بالمساحة في الشجاج طولا وعرضا ، بلا خلاف فيه ، ويدل عليه عموم أدلة القصاص كقوله تعالى : (فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ) (١) وقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) (٢).

__________________

(١) النحل الآية : ١٢٦.

(٢) البقرة الآية : ١٩٤.

٥١٧

أي اسم الشجة المخصوصة من حارصة وباضعة وغيرها ، لتفاوت الأعضاء بالسمن والهزال. ولا عبرة باستلزام مراعاة الطول والعرض استيعاب رأس الجاني لصغره (١) دون المجني عليه ، وبالعكس. نعم لا يكمل الزائد عنه من القفا ولا من الجبهة ، لخروجهما عن موضع الاستيفاء ، بل يقتصر على ما يحتمله العضو ويؤخذ للزائد بنسبة المتخلف إلى أصل الجرح من الدية ، فيستوفى بقدر ما يحتمله الرأس من الشجة وينسب الباقي إلى الجميع ، ويؤخذ للفائت بنسبته ، فإن كان الباقي ثلثا فله ثلث دية تلك الشجة وهكذا.

(ولا يثبت) القصاص(في الهاشمة) (٢) للعظم(والمنقّلة) له(ولا في كسر العظام لتحقق التغرير) (٣) بنفس المقتص منه ، ولعدم إمكان استيفاء نحو الهاشمة والمنقلة من غير زيادة ولا نقصان.

(ويجوز) القصاص(قبل الاندمال) (٤) أي اندمال جناية الجاني لثبوت أصل

______________________________________________________

ـ نعم لا يعتبر في الشجاج العمق ، بل غاية ما يعتبر اسم الشجة ، لتفاوت الرءوس في السمنة والهزال وغلظ الجلد ورقته على وجه لو اعتبر النزول والعمق لانتفى القصاص ، ولذا لم يعتبر كما لم يعتبر الصغر والكبر في الأطراف العادية ، ولذا قال الشيخ في المبسوط : «العمق في الشجاج كالمساحة في الأطراف».

(١) أي لو كانت مساحة الجناية مقدارا معينا من الطول والعرض إلا أنها استوعبت رأس المجني عليه ، فيجب القصاص بحسب مساحة الجناية من رأس الجاني وإن لم تستوعب رأسه ، لأن المساحة هي موطن القصاص وليس كل الرأس لاحتمال تفاوتهما صغرا وكبرا.

وعليه فلو كانت المساحة في رأس المجني عليه بمقدار ثلثي رأسه إلا أنها بمقدار رأس الجاني مساحة فلا بد من القصاص ، ولو كانت المساحة من الجناية أكبر من رأس الجاني فيقتص منه بمقدار رأسه ولا ينزل إلى الوجه أو الرقبة لإتمام المساحة لأنهما عضوان وراء الرأس ، وما تبقى من الجناية لم يستوف تؤخذ ديته بالنسبة إلى أصل الجرح.

(٢) الهاشمة هي توجب كسر العظم في الرأس أو في غيره كما عن بعض ، والمنقّلة هي التي تؤدي إلى نقل العظام عن مواضعها ، فلا يثبت فيها القصاص لأنها توجب عادة زيادة الاستيفاء أو إتلاف عضو آخر ، فينتقل إلى الدية.

(٣) أي جعله عرضة للهلاك خصوصا في عظام الرأس.

(٤) أي قبل اندمال جرح المجنى عليه مع احتمال سرايته إلى إتلاف النفس ، وإليه ذهب ـ

٥١٨

الاستحقاق(وإن كان الصبر) إلى الاندمال(أولى) حذرا من السراية الموجبة لتغير الحكم.

وقيل : لا يجوز ، لجواز السراية الموجبة للدخول (١).

(ولا قصاص إلا بالحديد) (٢) لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا قود إلا بحديد» ، (فيقاس الجرح) طولا وعرضا بخيط وشبهه(ويعلّم طرفاه) في موضع الاقتصاص(ثم يشق من إحدى العلامتين إلى الأخرى) ولا تجوز الزيادة فإن اتفقت عمدا اقتص من المستوفى (٣) ، أو خطأ فالدية (٤) ويرجع إلى قوله فيهما (٥) بيمينه ، أو لاضطراب المستوفى منه (٦) ، فلا شي‌ء لاستنادها إلى تفريطه ، وينبغي ربطه على خشبة ونحوها لئلا يضطرب حالة الاستيفاء.

______________________________________________________

ـ الشيخ في الخلاف عملا بعموم أدلة القصاص ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز القصاص قبل الاندمال لموثق إسحاق بن عمار عن جعفر عليه‌السلام : (إن عليا كان يقول : لا يقضى في شي‌ء من الجراحات حتى تبرأ) (١) وهو المتعين وإن كان المشهور قد ذهب إلى الأول.

(١) أي لدخول قصاص الطرف في قصاص النفس فيلزم زيادة الاستيفاء ، بالإضافة إلى خبر إسحاق المتقدم.

(٢) بحديد حاد غير مسموم ، ولا كالّ كالسكين والسيف ونحوهما ، لخبر الجعفريات : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا قود إلا بالسيف) (٢) ومثله خبر دعائم الإسلام (٣).

(٣) لأنه متعد بالزيادة.

(٤) سواء كان خطأ محضا أو شبيه العمد ، ولو زاد المستوفي فادعى الجاني أن الزيادة عمدا وأنكر المستوفي فالقول قوله مع يمينه.

(٥) في العمد والخطأ.

(٦) بحيث كانت الزيادة بسبب هذا الاضطراب ، فلا شي‌ء على المستوفي لاستناد التفريط إلى المستوفى منه ، ولو ادعى المستوفي الاضطراب وأنكره المستوفى منه فالقول قول الأخير مع يمينه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ٢.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ١ و ٣.

٥١٩

(ويؤخر قصاص الطرف) من الحر والبرد(إلى اعتدال النهار) حذرا من السراية (١).

(ويثبت القصاص في العين) (٢) للآية(ولو كان الجاني بعين واحدة والمجني عليه باثنتين قلعت عين الجاني وإن استلزم عماه) (٣) ، فإن الحق أعماه ، ولإطلاق قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (٤) ولا ردّ (٥).

(ولو انعكس (٦) بأن قلع عينه) أي عين ذي العين الواحدة(صحيح العينين)

______________________________________________________

(١) أي السراية إلى إتلاف النفس ، بخلاف قصاص النفس فإنه لا يؤخر ما دام المطلوب إزهاق نفسه.

(٢) بلا خلاف لقوله تعالى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (١).

(٣) بلا خلاف لقوله تعالى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (٢) ، وللأخبار منها : خبر محمد بن قيس : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أعور فقأ عين صحيح ، قال : تفقأ عينه ، قلت : يبقى أعمى ، قال : الحق أعماه) (٣) ، وفي حكم الأعور من ذهبت عينه بجناية أوجبت قودا.

(٤) المائدة الآية : ٤٥.

(٥) من المستوفي على الأعور بسبب العمى لإطلاق النصوص.

(٦) بأن فقأ الصحيح عين الأعور ، سواء كانت عين الأعور تالفة حلقة أو بآفة من الله تعالى ، فلا خلاف بين الأصحاب في ثبوت الدية عليه كاملة ـ أعني دية النفس ـ لأن عين الأعور جميع بصره ، وإذهاب البصر يوجب الدية إذا وقع التراضي بينهما على الدية.

وأما إذا أراد الأعور الاقتصاص من الصحيح فيقتص منه بعين في قبال عينه ، ولكن هل له مع ذلك نصف الدية كما ذهب إليه الشيخ في النهاية والعلامة وابنا سعيد والبراج والطبرسي والصهرشتي وأبي الصلاح وغيرهم ، لأن الصحيح أذهب جميع بصره واستوفى منه نصف البصر فيبقى عليه دية النصف ، ولرواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت : أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ، ويعفى عن عين صاحبه) (٤) ، وخبر عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل صحيح ـ

__________________

(١ و ٢) المائدة الآية : ٤٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب قصاص الطرف حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب قصاص الطرف حديث ١.

٥٢٠