الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

(المستلب) (١) وهو الذي يأخذه جهرا ويهرب مع كونه غير محارب(ولا المحتال (٢) على) أخذ(الأموال بالرسائل الكاذبة) ونحوها(بل يعزر كل واحد منهم بما يراه الحاكم) ، لأنه فعل محرم لم ينص الشارع على حده. وقد روى أبو بصير عن أحدهما عليه‌السلام «قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا أقطع في الدغارة المعلنة (٣) ـ

______________________________________________________

ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا أقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزر) (١) وفي خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل اختلس ثوبا من السوق ، فقالوا : قد سرق هذا الرجل ، فقال : لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع من يأخذ ثم يخفي) (٢).

(١) ويدل عليه خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس على الذي يستلب قطع) (٣) لأنه لم يأخذ المال سرا من حرز بل أخذه جهرا من دون تجريد السلاح وإلا فيكون محاربا.

(٢) ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أتى رجلا وقال : أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا ، فأعطاه وصدقه ، فقال له : إن رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا ، فقال : ما أرسلته إليك وما أتاني بشي‌ء ، فزعم الرسول أنه قد أرسله وقد دفعه إليه.

فقال عليه‌السلام : إذا وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطع يده ، وإن لم يجد بينة. فيمينه بالله ما أرسلته ويستوفي الآخر من الرسول المال.

قلت : أرأيت أن زعم أنه حمله على ذلك الحاجة ، فقال عليه‌السلام : يقطع لأنه سرق مال الرجل) (٤).

وحملها الشيخ على أن القطع لإفساده لا لسرقته ، وفيه : إن ظاهرها أن القطع للسرقة ، والمشهور حملوها على أنها قضية في واقعة ولم يأخذوا بها لأن المحتال لا يصدق عليه عنوان السارق شرعا ولا المحارب حتى يقطع ، نعم يعزر لأنه أتى بمجرم ، وعن بعض أنه يشهّر به لتتحذر الناس منه كما في المقنعة والنهاية والسرائر ، وحمل ذلك على ما لو رأى الحاكم مصلحة في ذلك.

(٣) أي الصريحة ، والدغارة لغة الرفع ، كأنه يدفعه عن ماله بالخلسة يأخذه للمال.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

٤٠١

وهي الخلسة ـ ولكن أعزره وفي حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قطع من أخذ المال بالرسائل الكاذبة وإن حملته عليه الحاجة» وحملها الشيخ في قطعه حدا ، لإفساده ، لا لأنه سارق ، مع أن الرواية صريحة في قطعه للسرقة(ولو بنّج غيره) (١) أي أطعمه البنج حتى ذهب عقله ، عبثا أو لغرض(أو سقى مرقدا وجنى) على المتناول بسببه(شيئا ضمن) ما جناه(وعزّر) على فعله المحرم ويستثنى من ذلك ما لو استعمله للدواء ، فإنه جائز حيث يتوقف عليه ، لمكان الضرر ، أو يكون قدرا لا يضر بالمزاج.

(الفصل السابع ـ في عقوبات متفرقة)

(فمنها ـ إتيان البهيمة) وهي ذات الأربع من حيوان البر والبحر (٢).

وقال الزجاج : هي ذات الروح التي لا تميّز سميت بذلك لذلك (٣) وعلى الأول فالحكم مختص بها فلا يتعلق الحكم بالطير والسمك ونحوهما (٤) وإن حرم الفعل (٥) ، وعلى الثاني (٦) يدخل. والأصل (٧) يقتضي الاقتصار على ما تحقق دخوله خاصة والعرف يشهد له (٨).

(إذا وطأ البالغ العاقل (٩) بهيمة عزّر (١٠) ...)

______________________________________________________

(١) وأخذ أمواله لا قطع عليه لعدم صدق المحارب أو السارق عليه ، ولكن يعزر بما يراه الحاكم لأنه فعل محرما من الكبائر.

(٢) فيخرج الطير والحشرات.

(٣) أي سميت بالبهيمة لإبهامها من جهة النطق والفهم والتمييز.

(٤) مما يدرج ويدبّ على اثنين كالدجاجة والبط والإوز.

(٥) بأن كان وطئها محرما ولكن لا يترتب عليه الأحكام التي ستذكر.

(٦) أي على تعريف الزجاج.

(٧) وهو هنا القدر المتيقن لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(٨) أي للمعنى الأول.

(٩) لأن التكليف منوط بهما لحديث رفع القلم.

(١٠) بلا إشكال كما في الجواهر ، ويدل عليه نصوص منها : خبر الفضيل وربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل يقع على البهيمة ، قال عليه‌السلام : ليس عليه حد ولكن يضرب

٤٠٢

(وأغرم ثمنها) (١) وهو قيمتها حين الوطء لمالكها إن لم تكن ملكا للفاعل

(وحرم أكلها إن كانت مأكولة) (٢) أي مقصودة بالأكل عادة كالنعم الثلاثة(ونسلها)

______________________________________________________

ـ تعزيرا) (١) وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (سئل عن راكب البهيمة فقال : لا رجم عليه ولا حد ولكن يعاقب عقوبة موجعة) (٢) لكن في رواية إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم موسى عليه‌السلام تقديره بخمسة وعشرين سوطا (٣) ، وحملت على أنها بيان لأحد أفراد التعزير إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك.

وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أتى بهيمة فأولج ، قال : عليه الحد) (٤) وخبره الآخر في الكافي (قال : عليه حد الزاني) (٥) ، وعن الشيخ في كتابيه بأن ما دل على التعزير محمول على ما دون الإيلاج وما دل على الحد محمول على الإيلاج ، وقد حملتا عند غيره على التقية.

وفي صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أتى بهيمة ، قال : يقتل) (٦) ومثله مرسل سليمان بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٧) ، وحملت على ما لو تكرر منه الفعل وتكرر التعزير فإنه يقتل في الثالثة.

(١) كما تدل عليه أخبار منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم موسى عليه‌السلام (في الرجل يأتي البهيمة ، قال : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها ، وضرب هو خمسة وعشرون سوطا ، ربع حد الزاني ، وإن لم تكن البهيمة له قوّمت وأخذ ثمنها منه ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب خمسة وعشرون سوطا ، فقلت : وما ذنب البهيمة؟ فقال : لا ذنب لها ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل هذا وأمر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل) (٨).

(٢) فتحريم لحمها مما يدل عليه خبر مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن البهيمة التي تنكح فقال : حرام لحمها وكذلك لبنها) (٩) ، وفي خبر إسحاق بن عمار المتقدم (ولم ينتفع بها) (١٠) وحسنة سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام (ويغرّم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه وتذبح وتحرق إن كانت مما يؤكل لحمه ، وإن كانت مما يركب

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٥ و ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٨ و ٨ و ٦ و ٧.

(٨) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١.

(٩) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(١٠) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١.

٤٠٣

المتجدد بعد الوطء ، لا الموجود حالته (١) وإن كان حملا على الأقوى (٢).

وفي حكمه (٣) ما يتجدد من الشعر ، والصوف ، واللبن ، والبيض(ووجب ذبحها وإحراقها) ، لا لكونه عقوبة لها ، بل إما لحكمة خفية ، أو مبالغة في إخفائها لتجتنب إذ يحتمل اشتباه لحمها بغيره لو لا الإحراق فيحل على بعض الوجوه (٤).

(وإن كانت غير مأكولة) أصلا (٥) ، أو عادة (٦) والغرض الأهم غيره كالفيل ، والخيل ، والبغال ، والحمير(لم تذبح) (٧) وإن حرم لحمها على الأقوى (٨) (بل تخرج من بلد الواقعة) إلى غيره قريبا كان أم بعيدا (٩) ...

______________________________________________________

ـ ظهره غرّم قيمتها وجلد دون الحد ، وأخرجها من المدينة التي فعل بها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعيّر بها صاحبها) (١) وهي شاملة لحرمة لبنها وصوفها ووبرها وبيضها بل ونسلها الأعم من الموجود حال الوطء أو المتجدد ، وذبحها وإحراقها إما تعبدا من الشارع وإما للردع عن هذا الفعل الشنيع وإما من أجل أن لا يعيّر صاحبها بها كلما شوهدت ، وهذا الحكم ثابت في البهيمة سواء كان الواطئ كبيرا أو صغيرا مختارا أو مكرها عاقلا أو مجنونا وإن كان التعزير مختصا بالمكلف فقط.

(١) أي حال الوطء فإنه نسل قبل الوطء فلا يحرم.

(٢) ولعله أخرجه عن عموم التحريم لأنه قد انعقد قبل الوطء فهو كالنسل المتولد منها قبل الوطء ، إلا أنك عرفت أن الحمل يحرم لأن الانتفاع به انتفاع بها وهي موطوءة فيندرج تحت عموم التحريم.

(٣) أي حكم النسل المتجدد.

(٤) أي فيحل لحمها ، وذلك لو لا الإحراق لبقيت ، ولو بقيت فقد تشتبه بالمحلّلة المذبوحة ، ومع الاشتباه فقد تحل عند ما تصير الشبهة غير محصورة ، أو لو لم تحرق فقد يغفل المالك أو ينسى ويتناول لحمها.

(٥) كالهرة.

(٦) بحيث كان المقصود ركوبها كالخيل.

(٧) بل تخرج إلى بلد آخر كما في النصوص المتقدمة ، وعن بعض العامة أنها تذبح.

(٨) قيد لعدم الذبح ، في قبال من قال بذبحها من العامة.

(٩) لإطلاق النص ، وعن بعض ولم يعرف أنه يشترط بعد البلد بحيث لا يظهر للواطى‌ء فيه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٤.

٤٠٤

على الفور (١).

وقيل : يشترط بعد البلد بحيث لا يظهر فيه خبرها عادة ، وظاهر التعليل يدل عليه ، ولو عادت بعد الإخراج إلى بلد الفعل لم يجب إخراجها (٢) ، لتحقق الامتثال(وتباع) بعد إخراجها ، أو قبله (٣) إن لم يناف الفورية إما تعبدا (٤) ، أو لئلا يعير فاعلها بها ، أو مالكها (٥).

(وفي الصدقة به) (٦) أي بالثمن الذي بيعت به ، المدلول عليه (٧) بالبيع ، عن المالك إن كان هو الفاعل ، وإلا عن الفاعل(أو إعادته على الغارم) (٨) وهو المالك (٩)، ...

______________________________________________________

ـ خبرها عادة ويدل عليه تعليل خبر سدير المتقدم ، وفيه : إن التعليل اقتضى عدم معرفته بما فعل في بلد البيع ، وقد يتحقق في البلد القريب فاشتراط بعده لا معنى له حينئذ.

(١) لأن المنصرف من النصوص فورية الأمور المذكورة من تغريم وبيع وإحراق ، وإن لم نقل بدلالة الأمر على الفورية.

(٢) لتحقق الإجزاء بالإخراج الأول ، وفيه : إن الأمر بالإخراج ليس أمرا بالإخراج مرة واحدة ، بل بجنس الإخراج كيلا يعيّر الفاعل ، فلا بد من الإخراج مرة ثانية لو عادت وهكذا.

(٣) أي قبل الإخراج على شخص من بلد آخر موجود في بلد الفعل ، إن لم يناف البيع فورية الإخراج.

(٤) أي إخراجها وبيعها في بلد آخر إما للتعبد بالنص الوارد في ذلك.

(٥) بأن يعيّر بأنها موطوءة ، وظاهر حسنة سدير المتقدمة أن التعيير للمالك فراجع.

(٦) أي بالثمن الذي بيعت به ، فذهب الشيخ وابن حمزة بوجوب التصدق بثمنها على الفقراء والمساكين سواء كان الواطئ مالكا بها أو لا ، وعلّل بأنه عقوبة عن الجناية فلا يناسبها عود الثمن إلى المالك ، لأن المالك قد أخذ القيمة من الواطئ فالثمن لا مالك له فلا بد من التصدق به ، وذهب غيرهما إلى عود الثمن على الغارم لأنه دفع ثمنها إلى المالك مع أن العقوبة عن الجناية هو التعزير وليس التصدق بالثمن ، وذهب ابن إدريس إلى عود الثمن على المالك لاستصحاب بقاء ملكه ، وفيه : إنه قد خرجت البهيمة عن ملكه بالتغريم فكيف يعود الثمن عليه.

(٧) على الثمن.

(٨) وهو الواطئ كما عرفت.

(٩) بناء على قول ابن إدريس اعتمادا على أن الغارم هو الخاسر ، والمالك قد خسر البهيمة ـ

٤٠٥

لكونه غارما للبهيمة ، أو الفاعل (١) ، لكونه غارما للثمن(وجهان) ، بل قولان ووجه الأول (٢) كون ذلك عقوبة على الجناية فلو أعيد إليه (٣) الثمن لم تحصل العقوبة ، ولتكون الصدقة مكفرة لذنبه.

وفيه نظر ، لأن العقوبة بذلك (٤) غير متحققة ، بل الظاهر خلافها (٥) لتعليل بيعها في الأخبار في بلد لا تعرف فيه كي لا يعير بها ، وعقوبة الفاعل حاصلة بالتعزير ، وتكفير الذنب متوقف على التوبة وهي كافة (٦).

ووجه الثاني (٧) أصالة بقاء الملك على مالكه (٨) ، والبراءة من وجوب الصدقة. والأخبار خالية عن تعيين ما يصنع به ، وكذا عبارة جماعة من الأصحاب.

ثم إن كان الفاعل هو المالك فالأصل في محله ، وإن كان غيره فالظاهر أن تغريمه القيمة يوجب ملكه لها ، وإلا (٩) لبقي الملك بغير مالك ، أو جمع للمالك بين العوض والمعوض وهو غير جائز.

وفي بعض الروايات «ثمنها» (١٠) كما عبر المصنف وهو عوض المثمن

______________________________________________________

ـ بالوطء ، وقد عرفت صفقه.

(١) وهو المتعين.

(٢) أي التصدق.

(٣) إلى الواطئ ، باعتبار أنه أصبح مالكا للبهيمة بالتغريم.

(٤) بالتصدق.

(٥) خلاف الصدقة بالثمن.

(٦) أي التوبة.

(٧) أي عود الثمن على الغارم.

(٨) ولازمه عود الثمن عليه.

(٩) وإن لم يكن التغريم موجبا لتملك الواطئ للزم أحد أمرين ، إما بقاء البهيمة على ملك المالك الأول ولازمه الجمع بين البهيمة والغرامة وهو جمع بين العوض والمعوض وهذا باطل عقلا ، وإما خروجها عن ملك الأول وعدم دخولها في ملك الواطئ ولازمه بقاء الملك من دون مالك وهو باطل أيضا.

(١٠) كما في رواية إسحاق بن عمار المتقدمة (وإن لم تكن البهيمة له قوّمت وأخذ ثمنها منه ـ

٤٠٦

المقتضي لثبوت معاوضة ، وهو السر في تخصيص المصنف لهذه العبارة.

وفي بعض الروايات «قيمتها» (١) وهي أيضا عوض وهذا (٢) هو الأجود.

ثم إن كان بمقدار ما غرمه للمالك (٣) أو أنقص فالحكم واضح (٤) ولو كان

______________________________________________________

ـ ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار) (١) والتعبير بالثمن يدل على تملك الفاعل الواطئ ، إذ لا يكون الثمن إلا في البيع ، غايته بيع قهري على المالك والواطئ.

(١) كما في حسنة سدير المتقدمة (يجلد دون الحد ويغرّم قيمة البهيمة لصاحبها) (٢).

(٢) أي وعود الثمن على الفاعل هو الأجود دون التصدق به.

(٣) أي تارة يكون الثمن مساويا للغرامة وأخرى يكون ناقصا عنها وثالثة يكون زائدا عليها.

فعلى القول بالتصدق أو أن الثمن للمالك فلا إشكال ، وكذا لا إشكال لو كان الثمن للفاعل وكان مساويا لأنه بمقدار ما دفع رجع إليه ، وكذا لا إشكال لو كان الثمن ناقصا عن الغرامة لأن التفاوت يتحمله لما أقدم عليه من فعله الشنيع ، وإنما الكلام فيما لو كان الثمن زائدا عنها ، فيرجع إليه بمقدار غرامته ، وأما الزائد فهل للغارم أو المالك أو التصدق به وجوه ثلاثة؟

دليل الوجه الأول أن الفاعل قد تملك البهيمة بالغرامة ، ومقتضى ذلك أن يعود ثمنها إليه بالغا ما بلغ ، ولذا كان الثمن ناقصا عنها فيتحمل النقصان ومن كان عليه الغرم فله الغنم.

ودليل الوجه الثاني أنه لو كان الزائد للفاعل لتحقق له ربح ، إذا انتقلت إليه البهيمة بالغرامة بسبب الوطء وانتقلت عنه بأزيد من الغرامة عند البيع ، ولا يليق الربح بحاله لفعلته الشنيعة وردّ : بأن عدم اللياقة كلام استحساني وإلا فمقتضى القواعد عود الربح إليه لأنه المالك.

ودليل الوجه الثالث أن البهيمة ليست في ملك المالك والفاعل ولذا لا يشترط إذنهما في البيع ، فالزائد عن الغرامة من دون مالك فلا بد من التصدق به ، غايته ما يساوي الغرامة من الثمن يعود إلى الفاعل بسبب الغرامة ليس إلا.

وردّ : بأن الملك بلا مالك غير معقول فهو باطل ، وعدم اشتراط إذنهما في البيع ليس دليلا على عدم ملكية أحدهما وذلك لأنه لا يعتبر إذن المالك مع وجود إذن الشارع.

(٤) لعدم وجود الزيادة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١ و ٤.

٤٠٧

أزيد فمقتضى المعاوضة أن الزيادة له (١) لاستلزامها (٢) انتقال الملك إلى الغارم كما يكون النقصان عليه ، ويحتمل دفعها (٣) إلى المالك ، لأن الحيوان ملكه وإنما أعطي عوضه للحيلولة (٤) فإذا زادت قيمته كانت له لعدم تحقق الناقل للملك ، ولأن إثبات الزيادة (٥) للفاعل إكرام ونفع لا يليقان بحاله.

وفي المسألة احتمال ثالث وهو الصدقة بالزائد عما غرم وإن لم نوجبها (٦) في الأصل ، لانتقالها (٧) عن ملك المالك بأخذ العوض ، وعدم انتقالها إلى ملك الفاعل ، لعدم وجود سبب الانتقال (٨) ، ورد ما غرم إليه (٩) لا يقتضي ملك الزيادة. فتتعين الصدقة.

ويدل على عدم ملكهما (١٠) عدم اعتبار إذنهما في البيع.

ويضعف باستلزامه (١١) بقاء الملك بلا مالك ، وأصالة عدم انتقاله بعد تحققه في الجملة وإن لم يتعين (١٢) ، وعدم استئذانهما بحكم الشارع لا ينافي الملك كما

______________________________________________________

(١) للفاعل الواطئ.

(٢) أي لاستلزام المعارضة عند التغريم.

(٣) دفع الزيادة.

(٤) دفع دخل ، أما الدخل فهو : إذا كانت البهيمة في ملك المالك الأول فلم أوجبتم الغرامة على الفاعل ، والدفع : إن الغرامة لأنه حال بين المالك وملكه بسبب الوطء ، لأنه أفسدها عليه فلا يصح أن تبقى في ملكه ، وفيه : إن الحيلولة إن فسرت بوجوب بيع البهيمة فقط فلا معنى للتغريم ، وإن فسرت ببيعها على الفاعل فما زاد على الغرامة يجب أن يرجع إلى الفاعل لأنه مالكها.

(٥) دليل ثان لكون الزيادة للمالك ، وقد عرفت ما فيه.

(٦) أي لم نوجب الصدقة في أصل الثمن.

(٧) لانتقال البهيمة عن ملك المالك.

(٨) إذ ما يتوهم أنه السبب هو الغرامة ، وهي للحيلولة ليس إلا.

(٩) أي إلى الفاعل لا يقتضي رد ما زاد.

(١٠) المالك والفاعل.

(١١) أي باستلزام هذا الاحتمال من الصدقة كون البهيمة عند البيع بلا مالك.

(١٢) أي أن ملك البهيمة متحقق إما للمالك وإما للغارم والأصل عدم الانتقال وإن كنا لم نعرف المالك الفعلي.

٤٠٨

في كثير من موارد المعاوضات الإجبارية. وعلى تقدير انتقالها إلى الفاعل ففي وقت الانتقال وجهان (١).

أحدهما : أنه بمجرد الفعل ، لأنه السبب التام في الغرم فيكون هو الناقل ، ولاعتبار قيمتها عنده.

والثاني : كون وقت دفع العوض ليتحقق به المعاوضة الإجبارية.

وتظهر الفائدة فيما لو تلفت قبل دفع العوض (٢) ، فعلى الأول يكون من مال الفاعل ، وعلى الثاني من مال المالك.

وفيما جني عليها قبله (٣). فالأرض للفاعل على الأول ، وللمالك على الثاني.

وأما مئونتها بعد دفع العوض إلى زمن البيع في غير البلد وأرشها ونماؤها فللفاعل إن قلنا بملكه بدفع العوض (٤) ، وكذا تلفها قبل البيع فإنه عليه (٥) على كل حال.

واحترز بالبالغ العاقل عن الطفل والمجنون فلا يتعلق بهما (٦) جميع هذه

______________________________________________________

(١) هل وقت الوطء أو وقت الغرامة ، ودليل الأول أن الوطء هو السبب التام في الغرامة ، فيكون الوطء هو السبب في الانتقال ، فيكون الانتقال من حين الوطء ، ولأن الغرامة لا بدّ من اعتبار قيمتها وقت الوطء كما هو ظاهر الأخبار المتقدمة وهذا دليل على أن الانتقال وقت الوطء ولذا لوحظت قيمتها حال الوطء. ودليل الثاني أن الغرامة ثمن كما أن البهيمة مثمن فلا يتحقق دخول المثمن في ملك المشتري إلا عند خروج الثمن من ملكه للتعارض بينهما.

(٢) فعلى الأول فهي من مال الفاعل وعليه دفع الغرامة ، وعلى الثاني فهي من مال المالك وبعد تلفها فلا وجود لها فلا غرامة عليه.

(٣) أي قبل دفع العوض فلها نفس الحكم السابق.

(٤) أو من حين الوطء ، نعم على القول بالتصدق فيكون الجميع كالأصل يتصدق به ، وعلى القول بأنها للمالك فيرجع فيه إلى المالك.

(٥) أي من ينفق على البهيمة فهو على الفاعل ، إذا قلنا بملكه أو بالتصدق وأما إذا قلنا ببقائها على ملك المالك فالمئونة على المالك لا على الفاعل ، ومنه تعرف الضعف في إطلاق الشارح حيث قال : على كل حال.

(٦) بالطفل والمجنون.

٤٠٩

الأحكام (١) وإن تعلق بهما بعضها (٢).

أما التحريم (٣) فالظاهر تعلقه بمطلق الذكر (٤) كما سلف (٥).

وأما الحد فينتفي عن غير المكلف وإن أدّب ، ويلزم من تحريمها : وجوب إتلافها ، لئلا تشتبه كما هو الحكمة فيه (٦) فيستوي فيه الجميع أيضا (٧).

وبقي بيع ما لا يقصد لحمه وإخراجه (٨) وهو منفي في فعل الصغير (٩) ، لأن الحكم معلق في النصوص على فعل الرجل ، وظاهر الفتوى يوافقه.

وأما المجنون فإن الرجل يتناوله (١٠) ، والتقييد بالبالغ العاقل يخرجه. ولعل اقتران الحكم في النصوص المعبر فيها بالرجل بالحدّ قرينة إرادة المكلف فيخرج المجنون ، وهذا أجود. وقوفا فيما خالف الأصل على موضع اليقين. أما وطء

______________________________________________________

(١) بما فيها التعزير.

(٢) كالتغريم على وليهما والذبح والإحراق أو البيع.

(٣) تحريم البهيمة.

(٤) وإن كان الواطئ صغيرا أو مجنونا.

(٥) في باب الأطعمة.

(٦) في الإحراق.

(٧) من وطئ الصغير والمجنون والبالغ والعاقل.

(٨) إلى بلد آخر.

(٩) لأن البيع في بلد آخر من أجل عدم التعيير وهو غير ثابت في وطء الصغير ، وفيه : إن التعيير ليس من جهة بلوغ الواطئ بل من جهة كون البهيمة موطوءة وهذا لا فرق فيه بين وطء الصغير والكبير ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إن قلت : إن النصوص علقت الحكم بالبيع والإخراج على الرجل فيخرج الصغير وهذا ما أورده الشارح قلت : إن لفظ الرجل قد ورد في السؤال والمورد لا يخصص الوارد.

(١٠) أي فإن لفظ الرجل الوارد في النصوص والفتاوى يتناول المجنون ، إلا أن العقل حاكم بعدم التكليف عليه فلا بد من تقييده ، وهذا متعين بالنسبة للحد وأما بالنسبة لبقية الأحكام من البيع والإحراق والذبح فلا كما عرفت سابقا ومنه تعرف ضعف ما أتى به الشارح من جعل العاقل البالغ هو مورد اليقين فلا بد من الاقتصار على مورد اليقين في جميع أحكام وطء البهيمة.

٤١٠

الخنثى فلا يتعلق به حكم (١) وهو وارد (٢) على تعبير المصنف ـ فيما سبق ـ الحكم بالتحريم على وطء الإنسان. ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى (٣) ، ولا بين وطء القبل والدبر (٤).

ولو انعكس الحكم بأن كان الآدمي هو الموطوء فلا تحريم للفاعل (٥) ولا غيره من الأحكام ، للأصل (٦).

وحيث يحكم بتحريم موطوء الطفل والمجنون يلزمهما قيمته (٧) لأنه (٨) بمنزلة الإتلاف ، وحكمه غير مختص بالمكلف فإن كان لهما مال ، وإلا أتبعا به بعد اليسار.

ولو كان المقصود منه الظهر (٩) فلا شي‌ء عليهما (١٠) ، إلا أن يوجب نقص

______________________________________________________

(١) لاحتمال عدم كونه ذكرا وأن ما أدخله كان لحمة زائدة ، مع القطع بأن وطء الأنثى للبهيمة لا حكم له لأن الأحكام السابقة مختصة بالذكر.

(٢) أي وطء الخنثى يكون إشكالا واردا على عبارة المصنف في كتاب الأطعمة عند ما رتب الأحكام المذكورة على موطوء الإنسان ، وهو يشمل موطوء الخنثى ، وأيضا يرد على عبارة المصنف هنا ، حيث جعل المصنف الأحكام مترتبة على وطء البالغ العاقل وهو شامل للخنثى.

(٣) أي لا فرق في البهيمة الموطوءة بين الذكر والأنثى لإطلاق النصوص وتوقف البعض كما في الجواهر ، واحتمل اختصاص الحكم بالأنثى لدعوى انصراف الأخبار وفيه : إن لفظ البهيمة أعم من الذكر والأنثى فلا معنى لهذا الانصراف.

(٤) لصدق إتيان البهيمة عليهما.

(٥) أي لا يحرم أكل لحم البهيمة الواطئ.

(٦) من البراءة في التعزير على المفعول الآدمي ، ومن استصحاب حلية لحمها ولبنها وما تنتجه ، ومن أصالة عدم وجوب ذبحها وعدم إحراقها وعدم إخراجها وعدم بيعها ، لأن الأحكام السابقة ثابتة في النصوص إذا كانت البهيمة موطوءة لا واطئة.

(٧) أي يلزم الطفل والمجنون قيمة الموطوء.

(٨) لأن الوطء.

(٩) أي من الموطوء.

(١٠) لعدم وجوب إخراج الموطوء وبيعه لأن هذه الأحكام منوطة بكون الواطئ بالغا عاقلا ، وقد عرفت ضعفه سابقا.

٤١١

القيمة. لتحريم لحمه ، أو لغيره (١) فيلزمهما الأرش.

ولو كان الواطئ بالغا (٢) وبيع في غير البلد لغير العالم بالحال (٣) فعلم أحتمل قويا جواز الفسخ (٤) مع استلزامه نقص القيمة بالنسبة إلى العالم ، لأنه حينئذ عيب.

(والتعزير) الثابت على الفاعل(موكول إلى نظر الإمام عليه‌السلام) أو من قام مقامه (٥) كما في كل تعزير لا تقدير له شرعا. وقد ورد مطلقا (٦) في كثير من الأخبار (٧).

(وقيل) والقائل الشيخ (٨) : إن قدره(خمسة وعشرون سوطا) لحسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٩) ، ورواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه‌السلام ، والحسن بن خالد عن الرضا عليه‌السلام.

(وقيل) : يحدّ(كمال الحد) (١٠) مائة جلدة حد الزاني ، لصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أتى بهيمة فأولج قال : «عليه الحد» ، وفي أخرى «حد الزاني» (١١).

______________________________________________________

(١) أو لنفرة الناس عن الموطوء فإنه موجب لنقصان القيمة.

(٢) لأن غير البالغ لا يجب بيع موطوءة على مبناه.

(٣) لأنه مع علمه بالحال فيكون قد أقدم مع علمه فلا يكون مغبونا.

(٤) لكون الوطء عيبا فيها ، وهذا ما يستلزم نقصان القيمة بالنسبة للعالم فيكون عيبا موجبا للفسخ.

(٥) كالحاكم الشرعي.

(٦) أي ورد التعزير من دون تقييد.

(٧) وقد تقدم بعضها فراجع.

(٨) بشرط عدم الإيلاج.

(٩) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١ ، وقد أوردها مع رواية إسحاق بن عمار ورواية الحسين بن خالد تحت رقم واحد.

(١٠) هو للشيخ بشرط الإيلاج.

(١١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٨.

٤١٢

(وقيل : القتل) (١) لصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أتى بهيمة قال : يقتل (٢).

وجمع الشيخ في الاستبصار بين هذه الأخبار بحمل التعزير على ما إذا كان الفعل دون الإيلاج ، والحد إذا أولج حد الزاني وهو الرجم أو القتل إن كان محصنا ، والجلد إذا لم يكن محصنا ، وبحمل أخبار القتل على ما إذا تكرر منه الفعل ثلاثا مع تخلل التعزير لما روي (٣) من قتل أصحاب الكبائر مطلقا إذا أقيم عليهم الحد مرتين والتعزير يطلق عليه الحد (٤). ولكن يبقى على الثاني (٥) خبر الحد منافيا للتعزير بما دونه.

(ويثبت) هذا الفعل(بشهادة عدلين (٦) ، وبالإقرار مرة) (٧) في جميع الأحكام

______________________________________________________

(١) ليس قولا لأحد ، نعم وردت الرواية به وقد حملت على ما لو تكرر منه الفعل وقد تقدم ذلك مشروحا فراجع.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٦.

(٣) في خبر يونس ، الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١.

(٤) إن قلت : إن خبر يونس اشترط القتل بعد تكرار الحد مرتين ، ولم يثبت هنا حد بل تعزير قلت : إن الحد يطلق على التعزير فلا إشكال.

(٥) أي على الحمل الثاني من حمل خبر القتل على ما لو تكرر الفعل منه ثلاثا مع تخلل التعزير ، وذلك فحمل لفظ الحد الوارد في خبر القتل على التعزير مع أن التعزير دون الحد فهو مناف لكمال الحد الوارد في خبر أبي بصير ، هذا وقد عرفت أن خبري أبي بصير محمولان على التقية فلا إشكال.

(٦) لعموم أدلة البينة ، وعن ظاهر المبسوط اشتراط أربعة رجال أو ثلاثة مع امرأتين ، وقال في الجواهر «وهو على تقديره لا دليل له سوى القياس على الزنا الذي ليس من مذهبنا».

(٧) ذهب ابنا حمزة وإدريس والعلامة في المختلف إلى اشتراط الإقرار مرتين ، لأن كل حد يثبت بشهادتين لا بد فيه من الإقرار مرتين.

وفيه : إن الأصل في الإقرار ثبوته مرة واحدة لعموم إقرار العقلاء وعلى أنفسهم جائز ، إلا ما خرج بنص خاص ، وهو منفي هنا ، ولذا ذهب المشهور إلى إثباته بمرة واحدة.

ثم إن كان الفاعل المقرّ قد فعل ذلك في بهيمة له ، فتثبت جميع الأحكام من التعزير والذبح والحرق أو البيع والإخراج لأن الإقرار ثابت في حق نفسه وماله وإن كانت البهيمة لغيره فالتعزير يثبت بإقراره لأنه في حق نفسه ، وأما بقيمة الأحكام فهي تتعلق ـ

٤١٣

(وإن كانت الدابة له) لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز خرج منه ما افتقر إلى التعدد بنص خاص فيبقى غيره ، (وإلا) تكن الدابة له(ف) الثابت بالإقرار مطلقا (١) (التعزير) خاصة دون غيره من الأحكام المذكورة لأنه إقرار في حق الغير فلا يسمع(إلا أن يصدقه المالك) فتثبت باقي الأحكام ، لزوال المانع من نفوذه حينئذ. هذا بحسب الظاهر.

أما في نفس الأمر (٢) فإن كانت له ، هل يجب عليه فعل ما ذكر من الذبح والإحراق؟ الظاهر ذلك ، لقوله عليه‌السلام في الرواية السابقة (٣) : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها.

______________________________________________________

ـ بالبهيمة وهي مال الغير فلا تثبت هذه الأحكام في حال الغير إلا إذا صدقه الغير ، وبالتصديق ينفذ.

(١) مرة كان أو أكثر.

(٢) فلا يخلو الأمر إما أن تكون البهيمة له وإما لغيره ، فإن كانت له وكانت البهيمة مما يؤكل لحمها عادة فيجب عليه ذبحها وإحراقها لظاهر النصوص منها رواية إسحاق المتقدمة عن الكاظم عليه‌السلام (في الرجل يأتي البهيمة فقال عليه‌السلام : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها) (١) ، وهي عامة سواء اعترف عند الحاكم أو لا ، وسواء قامت عليه البينة أو لا وإن كانت البهيمة مما يراد ظهرها عادة أو أصلا فهل يجب عليه بيعها وإخراجها إلى بلد آخر وجهان :

وجه العدم للأصل ، ولأن النصوص قد دلت على بيعها وإخراجها إذا كانت الدابة لغيره حتى لا يعيّر بذلك صاحبها ، والمفروض عدم إفشاء الأمر مع كون الدابة له لا لغيره ووجه الثبوت ، لأن البيع والإخراج ثابت للبهيمة الموطوءة وهنا قد تحقق الوطء ، والتعليل السابق الموجود في حسنة سدير معارض بالتعليل الوارد في خبر إسحاق بن عمار من أجل أن لا يجتزئ بها وينقطع النسل فيكون التعليل تعبديا ففي خبر إسحاق بن عمار (قلت : وما ذنب البهيمة؟ فقال عليه‌السلام : لا ذنب لها ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل هذا وأمر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل) (٢).

(٣) وهي رواية إسحاق بن عمار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١

٤١٤

ولو لم تكن مأكولة ففي وجوب بيعها خارج البلد وجهان. أجودهما العدم ، للأصل ، وعدم دلالة النصوص عليه ، وللتعليل بأن بيعها خارجه ليخفى خبرها.

وهو مخفي هنا.

ولو كانت لغيره (١) فهل يثبت عليه الغرم ويجب عليه التوصل إلى إتلاف المأكولة بإذن المالك ولو بالشراء منه : الظاهر العدم. نعم لو صارت ملكه بوجه من الوجوه وجب عليه إتلاف المأكولة ، لتحريمها في نفس الأمر.

وفي وجوب كونه (٢) بالذبح ثم الإحراق وجه قوى (٣) ، ولو لم تنتقل إلى ملكه لكن ذبحها المالك ، أو غيره لم يحل للفاعل الأكل من لحمها لعلمه بتحريمه.

وكذا القول في نسلها ، ولبنها ، ونحوه.

(ومنها (٤)

______________________________________________________

(١) هذا هو الشق الثاني ، فإن كانت البهيمة مما يراد لحمها فهل يجب على الفاعل في نفس الأمر إتلافها بالذبح والإحراق ويجب التوصل إلى ذلك ولو بالشراء من المالك وجهان بل قولان :

لأن النصوص قد صرحت بوجوب ذبحها وإحراقها إذا علم منه الفعل الشنيع وهو هنا منتف وهذا ما استظهره الشارح ، والحق هو القول الآخر من وجوب ذبحها وإحراقها لأن النصوص حرّمت لحم الموطوءة مطلقا كما في خبر مسمع المتقدم سابقا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن البهيمة التي تنكح فقال : حرام لحمها وكذلك لبنها) (١)، وإذا حرم لحمها حرم الانتفاع بها فيجب إتلافها ولو توقف على شرائها من المالك بالإضافة إلى التعليل التعبدي الوارد في رواية إسحاق المتقدمة (فقال عليه‌السلام : لا ذنب لها ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل هذا وأصر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل) (٢)

ولو كانت مما يراد ظهرها فلا يجب على الفاعل إخراجها وبيعها في بلد ولو بالشراء من المالك لعدم العلم بفعله الشنيع فلا يعيّر بذلك مالكها.

(٢) كون الإتلاف.

(٣) لدلالة النصوص عليه.

(٤) أي ومن العقوبات المتفرقة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١.

٤١٥

(وطء الأموات) (١) زنا ولواطا(وحكمه حكم الأحياء) في الحد ، والشرائط(و) يزيد هنا أنه(تغلظ عليه العقوبة) بما يراه الحاكم(إلا أن تكون) الموطوءة(زوجته) (٢) ، أو أمته المحللة له(فيعزر) خاصة ، لتحريم وطئها ، ولا يحد لعدم الزنا إذ لم تخرج بالموت عن الزوجية ومن ثم جاز له تغسيلها.

(ويثبت) هذا الفعل(بأربعة) شهود ذكور (٣) (على الأقوى) كالزنا واللواط ،

______________________________________________________

(١) إن وطء الميتة من بنات آدم كوطء الحية في تعلق الإثم والحد واعتبار الإحصان وعدمه بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر عبد الله بن محمد الجعفي (كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ونكحها ، فإن الناس قد اختلفوا علينا في هذا ، فطائفة قالوا : اقتلوه ، وطائفة قالوا : أحرقوه ، فكتب إليه : إن حرمة الميت كحرمة الحي ، حدّه أن تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب ويقام عليه الحد في الزنا ، إن أحصن رجم وإن لم يكن أحصن جلد مائة) (١)ومنه تعرف أن اللواط بالميت كاللواط بالحي لعموم قوله : (إن حرمة الميت كحرمة الحي) ، نعم الجناية في الميت أفحش ، ولذا تغلظ عليه العقوبة زيادة عن الحد بما يراه الحاكم من المصلحة بلا خلاف في التغليظ لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الذي يأتي المرأة وهي ميتة ، وزره أعظم من ذلك الذي يأتيها وهي حية) (٢).

(٢) فيقتصر على التأديب له بما يراه الحاكم لأنه أقدم على فعل محرم ، وأما سقوط الحد فهو مما لا خلاف فيه لبقاء العلقة الزوجية ولذا جاز له تغسيلها.

(٣) ذهب الشيخان وابنا حمزة وسعيد إلى أنه يثبت بشاهدين وعن المختلف اختياره لعموم أدلة البينة ، ولأنه شهادة على فعل واحد وهو زنا الحي بالميتة ، بخلاف الزنا بالحيّة فهو شهادة على اثنين فيحتاج إلى تعدد البينة ولذا احتيج الزنا بالحية إلى أربعة شهود ويدل عليه خبر إسماعيل بن أبي حنيفة عن أبي حنيفة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان والزنا لا يجوز فيه إلا أربعة شهود ، والقتل أشدّ من الزنا فقال عليه‌السلام : لأن القتل فعل واحد والزنا فعلان ، فمن ثمّ لا يجوز إلا أربعة شهود ، على الرجل شاهدان وعلى المرأة شاهدان) (٣).

ولأنه فعل واحد تجوز فيه شهادة اثنين فقد اقتصر على شهادة الاثنين في وطء البهيمة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١.

٤١٦

لأنه زنا ولواط في الجملة (١) ، بل أفحش فيتناوله عموم أدلة توقف ثبوته على الأربعة.

وقيل : يثبت بشهادة عدلين ، لأنه شهادة على فعل واحد يوجب حدا واحدا كوطء البهيمة ، بخلاف الزنا واللواط بالحي فإنه يوجب حدين فاعتبر فيه الأربعة ، لأنها شهادة على اثنين.

وفيه نظر ، لانتقاضه بالوطء الإكراهي والزنا بالمجنونة فإنه كذلك (٢) مع اشتراط الأربعة إجماعا. والمتحقق اعتبار الأربعة من غير تعليل (٣) ، بل في كثير من النصوص ما ينافي تعليله (٤) ، وإن توقف الزنا (٥) على الأربعة ، والقتل على الاثنين مع أنه أعظم ، دليل على بطلان القياس. والإقرار فرع الشهادة (٦). فحيث اعتبرنا

______________________________________________________

ـ لأنه فعل واحد.

وذهب المشهور ، بل قيل لا خلاف فيه بين المتأخرين إلى أنه يعتبر فيه أربعة شهود لأنه زنا فيتناوله عموم أدلته ، وأما خبر إسماعيل المتقدم فبالإضافة إلى ضعف سنده يحتمل حمل التعليل على الحكمة ولا يجب اطرادها ، على أنه لو حمل التعليل المطرد فهو منقوض بالشهادة على الزنا بالمكرهة وعلى الزنا بالنائمة والمجنونة فهو فعل واحد لا يوجب إلا حدا واحدا فيجب فيه الاقتصار حينئذ على شهادة اثنين مع أنهم اعتبروا الأربعة ، هذا وإذا ثبت لا بدية الأربعة فيكفي فيه ثلاثة رجال وامرأتين لما مرّ في الزنا.

(١) ليس قيدا لإخراج شي‌ء بل هو إشارة إلى أن غالب الزنا واللواط في الأحياء.

(٢) أي أن الزنا بالمكرهة والمجنونة فعل واحد يوجب حدا واحدا.

(٣) أي أن الأخبار اشترطت الأربعة في الزنا من دون تعليله بأنه فعلان.

(٤) لأن الكثير من النصوص أوجبت شهادة الأربع على فعل الزاني بما هو فعل واحد لا بما هو فعلان منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجب الرجم حتى يشهد الشهود الأربع أنهم قد رأوه يجامعها) (١).

(٥) عطف على قوله : (بل في كثير من النصوص ما ينافي تعليله) والمعنى : إن ثبوت الأربعة في الزنا والاثنين في القتل مع أن القتل أعظم دليل على بطلان القياس ومنه تعرف بطلان قياس الزنا بالميتة على وطء البهيمة مع أن الزنا بالميتة أعظم.

(٦) بلا خلاف فيه فمن اعتبر أربعة شهود فلا بد أن يعتبر الإقرار أربعا ، ومن اقتصر على شاهدين فلا بد من الاكتفاء بالاقرار مرتين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

٤١٧

الأربعة يثبت بها (١) (أو إقراره أربع مرات) بشرائطها السابقة (٢). ومن اكتفى بالشاهدين اكتفى بالإقرار مرتين. وحيث ألحقنا الميت بالحي فما يثبت بشهادة النساء في الزنا بالحية يثبت هنا على الأقوى (٣) ، للعموم (٤) مع احتمال العدم (٥) لقيام الشبهة الدارئة للحد ، وما تقدم (٦).

(ومنها ـ الاستمناء) (٧) وهو استدعاء إخراج المني(باليد) (٨) أي يد المستمني

______________________________________________________

(١) أي يثبت الإقرار بالأربعة.

(٢) من كون المقر كاملا ببلوغه وعقله وحريته واختياره.

(٣) كامرأتين وثلاثة رجال كما هو محل الوفاق في الزنا ، أو أربعة نساء ورجلين كما هو خلاف هناك.

(٤) أي عموم أدلة الزنا الشامل للزنا بالميتة.

(٥) استشكل بذلك العلامة في القواعد ، ولعله من أجل ابتناء الحدود على التخفيف فلا تقبل شهادتهن إلا على موطن النص وهو الزنا بالحية ، وأما الزنا بالميتة فيبقى قولهن مردودا لعدم قبول قولهن في الحدود.

(٦) من عدم قبول شهادتين في الحدود إلا ما خرج بالنص وهذا ليس منه.

(٧) فهو محرم فعليه التعزير للأخبار منها : خبر أحمد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله عن الخضخضة ، فقال عليه‌السلام : إثم عظيم قد نهى الله عنه في كتابه وفاعله كناكح نفسه ، ولو علمنا بمن يفعله ما أكلت معه ، فقال : بيّن لي يا بن رسول الله من كتاب الله فيه ، فقال : قول الله (فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ) الآية ، وهو مما وراء ذلك ، فقال الرجل : أي أكبر الزنا أو هي؟ فقال : هو ذنب عظيم) (١).

وهذا التعزير كغيره منوط بنظر الإمام ، وفي خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام أتي برجل عبث بذكره فضرب يده حتى أحمرت ثم زوجه من بيت المال) (٢).

ومثله رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ٣ ، وهما محمولان على أن هذا ما قد رآه الإمام رادعا لهما ، وأما التزويج فهو ليس بلازم على الإمام وإنما هو تدبير استصلاحي يتبع فيه نظر الحاكم.

(٨) بل هو استدعاء إخراج المني بيده أو بشي‌ء من أعضائه أو أعضاء غيره سوى الزوجة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٤ و ١ و ٢.

٤١٨

(وهو) حرام(يوجب التعزير) بما يراه الحاكم لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَإِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ) ـ إلى قوله ـ (فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ) (١) وهذا الفعل مما وراء ذلك ، وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه لعن الناكح كفه (٢). وفي معنى اليد إخراجه بغيرها من جوارحه. وغيرها (٣) مما عدا الزوجة ، والمملوكة. وفي تحريمه بيد زوجته ومملوكته المحللة له وجهان (٤) من وجود المقتضي للتحريم وهو إخراج المني ، وتضييعه بغير الجماع. وبه قطع العلامة في التذكرة. ومن منع كون ذلك هو المقتضي ، وعدم تناول الآية (٥) والخبر (٦) له ، إذ لم يخص حفظ الفرج في الزوجة ، وملك اليمين بالجماع (٧) فيتناول محل النزاع.

وفي تعدي التحريم (٨) إلى غير أيديهما من بدنهما غير الجماع احتمال.

وأولى بالجواز هنا لو قيل به ثم لأنه ضرب من الاستمتاع(وروي) بسند ضعيف

______________________________________________________

ـ والأمة المحلّلة له.

(١) المؤمنون الآية : ٥ ـ ٦ ـ ٧.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب النكاح الدائم حديث ٢.

(٣) أي غير أعضائه.

(٤) بل قولان ، الحرمة وإليه ذهب العلامة في التذكرة لتضييع الماء بغير الجماع ولذا حرم الإنزال بيده لما فيه من التضييع ، والجواز لدلالة الآية عليه لقوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ) (١) فلا يجب حفظ الفرج عن الزوجة بأي وجه من وجوه الاستمتاع وهذا منه ، وليس تضييع المني حراما وإلا لحرم الإنزال بالتفخيذ في الزوجة والأمة.

(٥) فقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ) لا يشمله لاندراجه تحت الاستثناء وهو قوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ).

(٦) المتقدم في المتن إذ لا يصدق عليه أنه ناكح نفسه.

(٧) بل يجوز مطلق الاستمتاع للزوجة بالفرج ، وهذا منه.

(٨) أي إذا قلنا بتحريم الاستمناء بيد الزوجة فلا بد أن نقول بتحريم الاستمناء ببقية أعضاء بدنها ما عدا الفرج لما في ذلك من تضييع المني كما هو دليل العلامة المتقدم ، وقد عرفت ضعفه.

__________________

(١) المؤمنون الآية : ٧.

٤١٩

عن أبي جعفر (١) وأبي عبد الله (٢) (عما) (أن عليا عليه‌السلام ضرب يده) أي يد رجل استمنى بيده ، وفي الأخرى عبث بذكره إلى أن أنزل(حتى أحمرت) يده من الضرب(وزوجه من بيت المال) وهو مع ما في سنده حكم في واقعه مخصوصة بما رآه ، لا أن ذلك (٣) تعزيره مطلقا.

(ويثبت) ذلك(بشهادة عدلين (٤) والإقرار مرة) واحدة (٥) ، لعموم الخبر إلا ما أخرجه الدليل من اعتبار العدد وهو هنا منفي. وقال ابن إدريس يثبت بالإقرار مرتين وظاهره أنه لا يثبت بدونه فإن أراد ذلك فهو ضعيف ، لما ذكرناه.

(ومنها ـ الارتداد ، وهو الكفر بعد الإسلام أعاذنا الله مما يوبق الأديان) (٦) والكفر يكون بنية ، وبقول كفر ، وفعل مكفّر فالأول العزم على الكفر (٧) ولو في وقت مترقب. وفي حكمه (٨) التردد فيه (٩). والثاني (١٠) كنفي الصانع لفظا ، أو الرسل ، وتكذيب رسول (١١) ، وتحليل محرم بالإجماع (١٢) كالزنا ، وعكسه (١٣)

______________________________________________________

(١) كما في رواية زرارة المتقدمة ، وفي السند ابن فضال وهو واقفي.

(٢) كما في رواية طلحة بن زيد المتقدمة ، وفي السند محمد بن سنان وأمره معلوم فقد نسب إلى الغلو وطلحة بن زيد عامي.

(٣) وهو الضرب حتى الاحمرار.

(٤) لعموم أدلة البينة وهو مما لا خلاف فيه.

(٥) لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، خرج منه ما يعتبر فيه التعدد للنص الخاص وهو مفقود هنا.

وذهب ابن إدريس إلى اشتراط التعدد في الإقرار وهو ضعيف كما في المسالك.

(٦) أي يفسدها.

(٧) فهو موجب للكفر لأنه مخالف لاعتقاد الأصول.

(٨) حكم العزم.

(٩) أي التردد في الكفر.

(١٠) وهو الكفر بالقول.

(١١) جعله منكرا ليدل على العموم.

(١٢) وقد تقدم أن المناط هو تحليل محرم معلوم عنده ، فالمناط على ثبوته بالعلم لا على ثبوته بالإجماع.

(١٣) وهو تحريم حلال ثبتت حليته بالعلم عنده أو عند الجميع كالنكاح.

٤٢٠