الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

لأنه (١) من خطأ الحكّام في الأحكام وهو محله (٢) (وقضى علي عليه‌السلام في مجهضة خوّفها عمر) حيث أرسل إليها ليقيم عليها الحد : أن دية جنينها(على عاقلته) أي عاقلة عمر ، لا في بيت! المال(ولا تنافي بين الفتوى) بكون صدوره (٣) عن انفاذ

______________________________________________________

ـ هو المعروف ، وذهب ابن إدريس إلى أن قتله وأن كان خطأ إلا أن دية الخطأ على العاقلة أي عاقلة الحاكم محتجا برواية يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كانت امرأة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه ففزعت المرأة فأخذها الطلق فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهلّ الغلام ثم مات ، فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله ، فقال له بعض جلسائه : يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شي‌ء ، وقال بعضهم : وما هذا؟ قال : سلموا أبا الحسن عليه‌السلام فقال لهم أبو الحسن عليه‌السلام : لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم ، ولئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم ، ثم قال : عليك دية الصبي) (١) ورواه المفيد في الإرشاد مرسلا إلا أنه قال في الأخير : (فقال عليّ عليه‌السلام : الدية على عاقلتك لأن قتل الصبي خطأ تعلق بك ، فقال : أنت نصحتني من بينهم ، لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي ، ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام) (٢).

وأجيب عن الرواية بجوابين :

الأول : إنه لم يرسل إليها بعد ثبوت موجب الحد عليها ، وإنما أرسل إليها قبل ذلك ، فلذا كانت الدية على العاقلة وإلا فلو أرسل إليها بعد ثبوت موجب الحد فالدية من بيت المال.

الثاني : إن عمر لم يكن حاكما شرعيا بحسب الواقع فلذا كانت الدية على عاقلته ، وإلا لو كان حاكما فالدية من بيت المال وفي الأول نظر لأن جواز الإرسال خلف الغريم لا يتوقف على ثبوت الحد فإن مجرد الدعوى عليه كافية.

وفي الثاني أيضا : بأن عمر وإن لم يكن حاكما شرعيا بحسب الواقع إلا أن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن يتجاهر بذلك أمام الصحابة ولو تجاهر لم يقبلوا منه ، فالأولى في الجواب ما قاله الشارح في المسالك : (من أن الرواية لم ترد بطريق معتبر والرجوع إلى الأصول المقررة متعين ، وهي تقتضي كون الدية من بيت المال).

(١) أي إسقاط الجنين.

(٢) أي بيت المال محل خطأ الحكام.

(٣) أي صدور الإجهاض.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١ و ٢.

٣٤١

الحاكم بيت المال ، (والرواية) لان عمر لم يكن حاكما شرعيا وقد تسبب بالقتل خطأ فتمون الدية على عاقلته ، او لان عمر لم يرسل إليها بعد ثبوت ما ذكر عنها. ولعل هذا أولى بفعل علي عليه‌السلام لأنه ما كان في وقته يتجاهر بمعنى الأول (١) ، ولا كان يقبل ذلك منه خصوصا بعد فتوى جماعة من الصحابة بخلاف قوله عليه‌السلام ، ونسبته إياهم إلى الجهل ، أو الغش (٢) ، وتعليله (٣) بكونه قد قتله خطأ.

(ومن قتله الحد ، أو التعزير فهدر) (٤) بالسكون أي لا عوض لنفسه ، سواء

______________________________________________________

(١) من كون عمر ليس بحاكم شرعي.

(٢) وقد ورد في نفس الواقعة قوله عليه‌السلام : (إن كان القوم قد قاربوك لها فقد غشوك وإن كانوا قد ارتابوا فقد قصروا ، الدية على عاقلتك) (١).

(٣) عطف على قوله : (فتوى الصحابة) والمعنى : أن تعليله يكون القتل خطأ بعد فتوى الصحابة بأنه لا شي‌ء عليه ظاهر في أن أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يقبل منه لو تجاهر بعدم شرعية عمر.

(٤) أي لا دية له على المشهور ، سواء كان الحد أو للناس ، وعن الشيخ أنه مذهبنا لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له) (٢) ولفظ (أي) من صيغ العموم وكذلك اللام في الحد والقصاص تفيد العموم لكل حد من حدود الله وحدود الناس ، ومثله خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من قتله الحد فلا دية له) (٣).

وعن المفيد أن الإمام ضامن إذا كان الحد للناس لخبر الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من ضربناه حدا من حدود الناس فمات فلا دية له علينا ، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا) (٤).

وعن الشيخ في الاستبصار جعل الدية من بيت مال المسلمين إذا كان الحد للناس جمعا بين صحيح الحلبي الثاني للدية بمعنى نفيها من مال الإمام وبين خبر الثوري المثبت لها ، بمعنى إثباتها من بيت المال.

وعن الشيخ في المبسوط أن من قتله التعزير فديته من بيت مال المسلمين بخلاف الحد ـ

__________________

(١) جواهر الكلام ج ٤١ ص ٤٧٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٩ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٣.

٣٤٢

كان لله أم لآدمي ، لأنه فعل سائغ فلا يتعقبه الضمان ، ولحسنة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام أيما رجل قتله الحد ، أو القصاص فلا دية له ، و «أي» من صيغ العموم ، وكذا «الحد» عند بعض الأصوليين.

(وقيل) : يضمن(في بيت المال) وهذا القول مجمل قائلا (١) ، ومحلا (٢) ، ومضمونا فيه (٣) ، فإن المفيد قال : يضمن الإمام دية المحدود للناس ، لما روي أن عليا عليه‌السلام كان يقول : من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا ، ومن ضربناه حدا في شي‌ء من حقوق الناس فمات فإن ديته علينا (٤). وهذا القول يدل على أن الخلاف في حد الناس ، وأن الضّمان في بيت مال الإمام ، لا بيت مال المسلمين.

وفي الاستبصار : الدية في بيت المال جمعا بين الأحاديث ، ويظهر من المبسوط : أن الخلاف في التعزير وصرح به غيره. بناء على أن الحد مقدر والتعزير اجتهادي.

وفيه نظر ، لان التعزير ربما كان من امام معصوم لا يفعل بالاجهاد الذي يجوز فيه الخطا ، والحق ان الخلاف فيهما معا (٥) وان عدم الضمان مطلقا (٦) أوجه ، لضعف مستمسك الضمان (٧).

______________________________________________________

ـ لأن الحد محدود من قبل الشارع والحاكم محسن بامتثاله الأمر فلا دية عليه لو أدى الحد إلى القتل ، بخلاف التعزير فلو أدى إلى القتل لكانت زيادته الموجبة للقتل خطأ من الحاكم وخطأ الحكام في بيت المال.

(١) لم يعرف قائله.

(٢) إن الضمان من بيت المال أو من مال الحاكم.

(٣) من أن الضمان في الحدود مطلقا أو في خصوص حدود الناس.

(٤) هذا خبر الحسن بن صالح المتقدم إلا أنه مروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وأما المروي عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين فهو مرسل الصدوق وقد أورد في الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٤.

(٥) في الحد والتعزير.

(٦) في الحد أو التعزير.

(٧) ومستند الضمان هو إما مرسل الصدوق وهو واضح الضعف لإرساله وإما خبر الحسن ـ

٣٤٣

(ولو بان فسوق الشهود) (١) بفعل يوجب القتل(بعد القتل ففي بيت المال) : مال المسلمين ، دية المقتول(لأنه من خطأ الحاكم) ولا ضمان على الحاكم ، ولا على عاقلته.

(الفصل الخامس ـ السرقة)

(ويتعلق الحكم) وهو هنا (٢) القطع(بسرقة البالغ (٣)

______________________________________________________

ـ بن صالح الثوري فلأن الثوري زيدي تبري متروك العمل بما يختص بروايته.

(١) بحيث أقام الحاكم الحد بالقتل تبعا لشهادة البينة ثم بان فسق الشهود ، فلا يضمن الحاكم ولا عاقلته ، والدية من بيت مال المسلمين ، بلا خلاف فيه إلا من الحلبي ، لأن قتله كان خطأ من الحاكم وخطأ الحاكم في بيت المال. وذهب الحلبي إلى أن الدية من ماله وهو واضح الضعف بعد كونه غير مقصر في تحقيق شرائط الشهادة.

(٢) في باب السرقة.

(٣) فلو سرق الطفل لا يحدّ وإنما يؤدب بما يراه الحاكم ، ولو تكررت سرقته إلى الخامسة فما فوق وفاقا للمشهور لحديث رفع القلم عن الصبي.

وعن الشيخ في النهاية وتبعه أبو الصلاح والعلاقة في المختلف إلى أنه يعفى عن الصبي أولا فإن عاد أدب فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى ، فإن عاد قطعت أنامله ، فإن عاد قطع كما يقطع البالغ استنادا إلى أخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصبي يسرق قال : يعفى عنه مرة ومرتين ويعزّر في الثالثة ، فإن عاد قطعت أطراف أصابعه ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا سرق الصبي عفي عنه ، فإن عاد عزّر ، فإن عاد قطع أطراف الأصابع ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك) (٢) ، وهذه الأخبار على كثرتها لا تدل على التفصيل الذي ذهب إليه الشيخ فضلا عن أن بعضها دل على عدم التعزير في المرة الأولى وبعضها دل على عدمه في الأولى والثانية وفي بعضها التخيير بين قطع الأنامل أو الحك حتى الإدماء في المرة الثانية كما في صحيح ابن سنان الآخر (٣) ، وفي بعضها قطع اليد مطلقا كالبالغ كما في خبر محمد بن مسلم (٤) ، وفي بعضها التعليق على مشيئة الله الظاهر في تخيير الحاكم كما في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١ و ٢ و ٧ و ١٠.

٣٤٤

العاقل (١) المختار (٢) (من الحرز (٣) بعد هتكه) وإزالته(بلا شبهة) (٤) موهمة للملك عارضة للسارق ، أو للحاكم (٥) ، كما لو ادعى السارق ملكه مع علمه (٦) باطنا بأنه ليس ملكه(ربع دينار) (٧) ذهب خالص مضروب بسكة المعاملة(أو) مقدار(قيمته)

______________________________________________________

ـ عن الصبي يسرق ما عليه؟ قال : إذا سرق وهو صغير عفي عنه ، فإن عاد قطعت أنامله ، وإن عاد قطع أسفل من ذلك أو ما شاء الله) (١) ، والحاصل من اختلاف الأخبار أن الحاكم يؤدبه بهذه الأمور أو بغيرها مما يراه مناسبا للمصلحة وهذا ما حملت الأخبار عند المشهور ، والأولى التقيد بما ورد من التعزير في هذه الأخبار خصوصا لمن بلغ سبع سنين ، وبقطع الأصابع لمن بلغ تسع سنين كما جاء في الأخبار.

(١) فلا يقطع المجنون بلا خلاف لحديث رفع القلم ولكن يؤدب بما يراه الحاكم ، وفي التحرير للعلامة نسبة التأديب إلى القيل مشعرا بالتردد ، ووجهه كما في المسالك (ولعله لعدم تميزه الموجب لارتداعه بالتأديب على المعاودة) ثم قال الشارح فيه : (ولكن هذا يختلف باختلاف المجانين فإن منهم من يردعه التأديب وهو الأكثر ، ومنهم من لا يشعر بذلك ؛ والجنون فنون ، وإناطة التأديب برأي الحاكم يحصل المطلوب).

هذا كله في الجنون المطبق ، وأما الأدواري فإن سرق حال جنونه فكذلك ، ولو سرق عند إفاقته ثم جنّ قبل قيام الحد فيحدّ للاستصحاب.

(٢) فلا يحد المكره على السرقة لحديث الرفع.

(٣) وهو الموضع الحصين ، وحرز كل شي‌ء بحسبه فبعض الأشياء حرزها أن توضع في بيت مقفل وبعضها في صندوق مقفل ، ولا تحديد للحرز في الشريعة وإنما هو راجع للعرف والعادة.

نعم اشتراط الحرز بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر السكوني عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لا يقطع إلا من ثقب ثقبا أو كسر قفلا) (٢)

(٤) من السارق ، أما لو اشتبه وظن أن المال ماله فهتك الحرز لا يقطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات ، بل لا يعدّ عند العرف سارقا.

(٥) ولو كانت شبهة الحاكم ناشئة من دعوى السارق أنه قد اشتبه عليه الأمر.

(٦) علم السارق.

(٧) لا قطع إلا في ربع دينار من الذهب الخالص المضروب عليه السكة أو ما بقيمته على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣.

٣٤٥

كذلك (١) (سرا) (٢) من غير شعور المالك به مع كون المال المسروق(من غير مال ولده) (٣)

______________________________________________________

ـ المشهور للأخبار منها : النبوي (لا قطع إلا في ربع دينار) (١).

وصحيح محمد بن مسلم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في كم يقطع السارق؟ قال : في ربع دينار ، قلت له : في درهمين؟ قال : في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ.

قلت له : أرأيت من سرق أقلّ من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق ، وهل هو عند الله سارق؟ قال : كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند الله سارق ، ولكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر ، ولو قطعت أيدي السرّاق فيما أقل هو من ربع دينار لألغيت عامة الناس مقطعين) (٢).

وذهب الصدوق إلى أن القطع بخمس الدينار فصاعدا لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أدنى ما يقطع فيه السارق خمس الدينار) (٣) ومثله صحيح الحلبي (٤).

وذهب ابن أبي عقيل إلى اعتبار الدينار لصحيح الثمالي (سأل أبا جعفر عليه‌السلام في كم يقطع السارق فجمع كفيه وقال : في عددها من الدراهم) (٥) وحمل ما قابل المشهور على التقية.

(١) من الذهب الخالص.

(٢) فلو هتك الحرز قهرا ظاهرا فهو غاصب وليس بسارق.

(٣) فلو سرق الوالد مال ولده فلا قطع بلا خلاف للخبر (أنت ومالك لأبيك) (٦) ولفحوى ما دل على عدم قتل الأب بالولد وعدم جلده لو قذفه كما في صحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قذف ابنه بالزنا قال : لو قتله ما قتل به وإن قذفه لم يجلد له) (٧).

وألحق أبو الصلاح الأم بالأب ونفى عنه العلامة في المختلف البأس ، لأنها أحد الأبوين ولاشتراكها في وجوب التعظيم بل هي أولى بالبر والاعظام ، وألحق بعض العامة كل من ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٥٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣ و ١٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٧٨ ـ من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد القذف حديث ١.

٣٤٦

أي ولد السارق(ولا) مال(سيده) (١) ، وكونه(غير مأكول في عام سنت) (٢) بالتاء الممدودة وهو الجدب والمجاعة ، يقال : أسنت القوم إذا أجدبوا فهذه عشرة قيود.

قد أشار إلى تفصيلها بقوله : (فلا قطع على الصبي والمجنون) إذا سرقا كذلك (٣) (بل التأديب) خاصة وإن تكررت منهما السرقة ، لاشتراط الحد بالتكليف.

وقيل (٤) : يعفى عن الصبي أول مرة ، فإن سرق ثانيا أدب ، فإن عاد ثالثا حكّت أنامله حتى تدمى ، فإن سرق رابعا قطعت أنامله ، فإن سرق خامسا قطع كما يقطع البالغ.

ومستند هذا القول أخبار كثيرة صحيحة وعليه الأكثر (٥) ، ولا بعد في تعيين

______________________________________________________

ـ تجب نفقته على الآخر بين الفروع والأصول ، وردّ كما في المسالك بقوله : (وتخصيص العموم بمثل هذه الأدلة لا يخفى ما فيه).

(١) بلا خلاف فيه للأخبار : منها صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا سرق عبد أو أجير من مال صاحبه فليس عليه قطع) (١).

(٢) أسنت القوم أجدبوا ، وأصله من السنة قلبوا الواو تاء ليفرقوا بينه وبين قولهم أسنى القوم إذا قاموا سنة في موضع ، وقال الفراء : إن الهاء أصلية إذا وجدوها ثالثة قلبوها تاء فيقال : أصابتهم السنت بالتاء ورجل سنت كثير الخير) عن الصحاح.

والمراد أنه لا قطع على من سرق مأكولا في عام المجاعة بلا خلاف ويدل عليه أخبار منها : مرسل زياد القندي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقطع السارق في سنة المحل في شي‌ء مما يؤكل مثل الخبز واللحم وأشباه ذلك) (٢).

وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقطع السارق في عام سنت ، يعني عام مجاعة) (٣) ومرسل عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يقطع السارق في أيام المجاعة) (٤).

(٣) بهذه القيود المذكورة.

(٤) للشيخ في النهاية وتبعه أبو الصلاح والعلامة في المختلف وقد تقدم.

(٥) وهو مخالف لما قاله في المسالك وغيره في غيره من (عدم ثبوت القطع على الصبي مطلقا وهو المشهور بين المتأخرين).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١ و ٢ و ٣.

٣٤٧

الشارع (١) نوعا خاصا من التأديب ، لكونه لطفا وإن شارك خطاب التكليف في بعض أفراده (٢).

ولو سرق المجنون حال إفاقته لم يسقط عنه الحد بعروض الجنون واحترزنا بالاختيار عما لو أكره على السرقة فإنه لا يقطع. وشمل إطلاق الشرطين (٣) الذكر والأنثى (٤) ، والحر والعبد (٥) إلّا على وجه يأتي ، والبصير والأعمى (٦) ، والمسلم والكافر ، لمسلم وكافر إذا كان ماله محترما(ولا) قطع(على من سرق من غير حرز) كالصحراء ، والطريق ، والرحا ، والحمام ، والمساجد ، ونحوها من المواضع المنتابة والمأذون في غشيانها مع عدم مراعاة المالك لماله(ولا من حرز) في الأصل(بعد أن هتكه غيره) (٧) بأن فتح قفله ، أو بابه ، أو نقب جداره فأخذ هو. فإنه لا قطع على أحدهما ، لأن المهتّك لم يسرق والسارق لم يأخذ من الحرز(ولو تشاركا في الهتك) بأن نقباه ولو بالتناوب عليه(فأخرج أحدهما المال قطع المخرج خاصّة) (٨) ، لصدق هتكه الحرز وسرقته منه ، دون من شاركه في الهتك. كما لو

______________________________________________________

(١) أي أن هذا التفصيل في حكم الصبي الذي هو مدلول الأخبار إنما هو نوع من أنواع التأديب ، والتأديب يشمل الصبي فلا إشكال حينئذ برفع الحد عنه لرفع القلم ، وتعيين الشارع لنوع من أنواع التأديب جائز لكون التأديب لطفا من الشارع على عباده.

(٢) أي وإن شارك هذا النوع من التأديب خطاب التكليف للبالغ في بعض الأفراد وهو القطع.

(٣) من البلوغ والعقل.

(٤) بلا خلاف فيه لعموم الأدلة.

(٥) لإطلاق الأدلة خلافا للحنفية حيث فصلوا بين الآبق وغيره من كون الآبق لو سرق لا يقطع.

(٦) لإطلاق الأدلة وكذا بالنسبة للمسلم والكافر.

(٧) فلو أخذ المال بعد ما هتك الغير الحرز فلا حد عليهما ، وإن جاءا معا بقصد التعاون بلا خلاف فيه ضرورة عدم صدق اسم السارق على من هتك الحرز وعدم صدق الآخذ من الحرز على من أخذ المال ، نعم يجب على الآخذ رد المال وعلى من هتك الحرز إصلاح ما أفسد ، وعن بعض العامة أنه يجب القطع على من أخذ لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى إسقاط الحد ، وهو واضح الفساد بناء على أصولنا لعدم حجية الاستحسان.

(٨) لأنه السارق دون الآخر بلا خلاف فيه ولا إشكال.

٣٤٨

انفرد به (١) (ولو أخرجاه (٢) معا قطعا) إذا بلغ نصيب كل واحد نصابا ، وإلا فمن بلغ نصيبه النصاب (٣) وإن بلغ المجموع نصابي فصاعدا على الأقوى.

وقيل : يكفي بلوغ المجموع نصابا في قطع الجميع ، لتحقق سرقة النصاب وقد صدر عن الجميع فيثبت عليهم القطع. وهو ضعيف ولو اشتركا في الهتك ثم أخرج أحدهما المال إلى قرب الباب فأدخل الآخر يده وأخرجه قطع (٤) ، دون الأول ، وبالعكس لو أخرجه الأول إلى خارجه فأمره فحمله الآخر (٥).

ولو وضعه في وسط النقب ، أو الباب فأخذه الآخر ففي قطعهما أو عدمه عنهما وجهان (٦) : أجودهما الثاني ، لانتفاء الإخراج من الحرز فيهما.

______________________________________________________

(١) بالهتك.

(٢) بعد ما تشاركا في الهتك قطعا لصدق السارق عليهما بلا خلاف فيه.

(٣) وهذا يتضمن صورا :

الأولى : لم يبلغ مقدار الإخراج عند كل واحد حد النصاب ولكن يبلغ المجموع حد النصاب.

الثانية : لم يبلغ مقدار المجموع حد النصاب فضلا عن نصيب كل واحد ، ففي الصورة الأولى ذهب الشارح في المسالك وسيد الرياض إلى عدم القطع على كليهما لعدم تحقق سرقة ما بلغ النصاب لكل واحد ، ولهذا لا قطع في الصورة الثانية ، وعن الشيخ في النهاية والاقتصاد والصدوق في المقنع وبني زهرة وحمزة وسعيد القطع عليهما في الصورة الأولى التي بلغ المجموع حد النصاب لإرادة الجنس من السارق في النصوص لا خصوص الشخص ، نعم لا قطع في الصورة الثانية.

الثالثة : لم يكن نصيب كل واحد ، بل كان نصيب أحدهما النصاب فما زاد والآخر دونه وإن بلغ المجموع نصابين فما زاد ، فعلى قول المسالك والرياض فالقطع على من بلغ نصيبه حد النصاب دون الآخر ، وعلى قول الشيخ وأتباعه القطع أيضا لأن المجموع بلغ نصابين فضلا عن النصاب الواحد.

(٤) فالقطع على من أخرج المال إلى خارج الباب لصدق اسم إخراج المال من حرزه عليه دون الآخر خلافا لأبي حنيفة من عدم القطع عليهما بدعوى عدم صدق الإخراج من الحرز عليهما وهو ضعيف ضرورة صدق الإخراج على أحدهما.

(٥) فالقطع على المخرج لا الحامل

(٦) عن الشيخ في المبسوط وتبعه عليه أبو الصلاح لا قطع على أحدهما ، لأن كل واحد ـ

٣٤٩

ووجه الأول تحققه منهما بالشركة كتحقق الهتك بها (١) (ولا مع توهم الملك) (٢) أو الحل (٣) فظهر غير ملك وغير حلال كما لو توهمه ماله فظهر غيره ، أو سرق من مال المديون الباذل بقدر (٤) ماله معتقدا إباحة الاستقلال بالمقاصة.

وكذا لو توهم ملكه للحرز (٥) أو كونهما (٦) أو أحدهما لابنه.

(ولو سرق من المال المشترك ما يظنه قدر نصيبه) (٧) وجواز مباشرته القسمة

______________________________________________________

ـ منهما لم يخرجه من كمال الحرز وتمامه ، وعن ابن إدريس قال : (إن الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن القطع على الآخذ الخارج لأنه نقب وهتك الحرز وأخرج المال منه ـ إلى أن قال ـ فمن أسقط القطع عنه فقد أسقط حدا من حدود الله بغير دليل بل بالقياس والاستحسان ـ إلى أن قال ـ ولا ينبغي أن تعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقها وصقلها وتوريقها وهو قوله ما أخرجه عن كمال الحرز ، أي شي‌ء هذه المغالطة؟ بل الحق أن يقال : أخرجه من الحرز أو من غير الحرز ، ولا عبارة عند التحقيق سوى ذلك ، وما لنا حاجة إلى المغالطات بعبارات كمال الحرز) انتهى كلامه.

وذهب جماعة إلى القطع عليهما لأن الإخراج تم بتعاونهما فهو كما لو أخرجاه دفعة ، ولأنه يصير ذريعة إلى إسقاط الحد.

(١) بالشركة.

(٢) فلا قطع مع الشبهة وقد تقدم.

(٣) فلا قطع مع اعتقاد الحلية.

(٤) متعلق بسرق ، أي سرق قدر حاله من المديون الباذل مقاصة متوهما الحل ، فهنا لا قطع مع اعتقاد الحلية ، نعم تجوز المقاصة للمديون الممتنع بشرط إذن الحاكم الشرعي.

(٥) فأراد أخذ ماله فهتك الحرز وأخرج مال الغير منه فلا قطع عليه ، لأن هتكه للحرز باعتقاد أنه تصرف في ماله ، نعم يضمن مال الغير الموجود فيه.

(٦) الحرز والمال.

(٧) بتوهم أن له ذلك بدون إذن الشريك ، فإنه شبهة فلا قطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات ، حتى لو فرض زيادة نصيبه عن نصاب السرقة ، بلا فرق بين كون المال المشترك قابلا للقسمة وهو مثلي كالحبوب أو غير قابل وهو قيمي كالثياب ، وذهب العلامة في القواعد إن هذا يتم في ما هو قابل للقسمة ليمكن فرض تعاطيه القسمة بنفسه من دون إذن الشريك فتكون شبهة تدرأ الحد ، أما لو كان المال غير قابل للقسمة فيما هو قيمي قطع لأنه لا يجري فيه تحقق الشبهة لأن إذن الشريك فيه واضح ـ

٣٥٠

بنفسه(فزاد نصابا فلا قطع) للشبهة كتوهم الملك فظهر عدمه فيه (١) أجمع ، بل هنا أولى (٢). ولو علم عدم جواز تولي القسمة كذلك (٣) قطع (٤) أن بلغ نصيب الشريك نصابا ، ولا فرق بين قبوله (٥) القسمة وعدمه على الأقوى.

(وفي السرقة) أي سرقة بعض الغانمين(من مال الغنيمة) (٦) حيث يكون له نصيب منها(نظر) منشأه اختلاف الروايات. فروى محمد بن قيس عن

______________________________________________________

ـ وفيه : إنه نقاش في الصغرى وإنما الكلام فيما لو فرض توهم جواز القسمة فلا حد عليه.

(١) أي ظهر عدم ملكه في المال المأخوذ بأجمعه.

(٢) أي التوهم الدارئ للحد أولى هنا لتحقق ملكه بالجملة في المال المشترك دون تحقق الملك في الفرع السابق.

(٣) بنفسه بدون إذن الشريك.

(٤) إن كان قد أخذ من مال الشريك ما يوازي نصاب السرقة لعموم الأدلة مع عدم الشبهة الدارئة.

(٥) قبول المال المشترك للقسمة وعدمه وهذا رد على العلامة في القواعد.

(٦) وقع الخلاف بينهم فذهب المفيد وسلّار وفخر الدين والمقداد إلى عدم القطع لخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال : في رجل أخذ بيضة من الغنم ، فقالوا : قد سرق اقطعه ، فقال : إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك) (١) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أربعة لا قطع عليهم : المختلس والغلول ومن سرق من المغنم وسرقة الأجير فإنها خيانة) (٢).

وذهب الإسكافي والشيخ والقاضي والعلامة بل في المسالك نسبته إلى الأكثر إلى أنه يقطع لو أخذ أكثر من نصيبه بما يوازي نصاب السرقة لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل سرق من المغنم أيّ شي‌ء الذي يجب عليه أيقطع؟ قال : ينظر كم نصيبه ، فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزّر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار قطع) (٣) ، والعمل بهذه الصحيحة أولى لصحتها ولأنها مفصلة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٤.

٣٥١

الباقر عليه‌السلام عن علي عليه‌السلام في رجل أخذ بيضة من المغنم فقال : إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك. وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام أن أمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) قطع في البيضة التي سرقها رجل من المغنم (١) ، وروى عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام أنه قال : ينظركم الذي نصيبه؟ فإذا كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزّر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان الذي أخذ مثل الذي له فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أخذ فضلا بقدر ربع دينار قطع ، وهذه الرواية أوضح سندا من الأوليين (٢) ، وأوفق بالأصول. فإن الأقوى أن الغانم يملك نصيبه بالحيازة (٣) فيكون شريكا ويلحقه ما تقدم من حكم الشريك في توهمه حلّ ذلك ، وعدمه وتقييد القطع بكون الزائد بقدر النصاب. فلو قلنا بأن القسمة كاشفة عن ملكه بالحيازة فكذلك ، ولو قلنا بأن الملك لا يحصل إلا بالقسمة (٤) اتجه القطع مطلقا (٥) مع بلوغ المجموع نصابا ، والرواية الثانية (٦) تصلح شاهدا له. وفي إلحاق ما للسارق فيه حق كبيت المال (٧) ، ومال الزكاة ، والخمس نظر ، واستقرب

______________________________________________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣ ، وقد جعلها الشارح من الأدلة على عدم وجوب القطع ليس في محله ، بل هي من أدلة وجوب القطع إذا كان قد أخذ أكثر من نصيبه بمقدار نصاب السرقة.

(٢) أما خبر محمد بن قيس ففي سنده سهل بن زياد والأمر فيه واضح ومحمد بن قيس مشترك بين الثقة وغيره ، إلا أنه الثقة برواية عاصم بن حميد ، وأما خبر عبد الرحمن فهو صحيح السند فضلا عن أنه من أدلة القطع ، من أدلة عدم القطع.

(٣) واقعا وتكون القسمة كاشفة عن مقدار ما يملكه بالحيازة ، وعلى هذا فتتوافق الرواية مع القاعدة.

(٤) بالحيازة فتكون القسمة مملكة لا كاشفة عن التمليك.

(٥) من غير التفصيل السابق بأن مآخذه إن ساوى نصيبه فلا شي‌ء عليه وإن زاد على نصيبه وكان الزائد بمقدار نصاب السرقة قطع ، نعم بشرط كون المأخوذ على هذا القول بمقدار نصاب السرقة.

(٦) أي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله من كون القسمة مملكة لا كاشفة عن التمليك ، لأن أمير المؤمنين عليه‌السلام قطعه بمجرد أخذه البيضة من دون اعتبار زيادة قيمتها عن نصيبه ، وفيه : إن الرواية مجملة من هذه الناحية كما أنها مجملة من كونه من الغانمين أولا.

(٧) ففي القواعد الجزم بالقطع إن زاد على نصيبه بقدر النصاب وإلا فلا قطع وقد سبقه إلى ذلك الشيخ في الخلاف مدعيا الإجماع على ذلك. ـ

٣٥٢

العلامة عدم القطع(ولا فيما نقص عن ربع دينار ، ذهبا خالصا مسكوكا) بسكة المعاملة عينا ، أو قيمة على الأصح.

وفي المسألة أقوال نادرة : اعتبار دينار (١). وخمسة (٢) ودرهمين (٣) والأخبار الصحيحة دلت على الأول ولا فرق فيه (٤) بين عين الذهب ، وغيره (٥).

فلو بلغ العين ربع دينار وزنا غير مضروب ولم تبلغ قيمته قيمة المضروب فلا قطع (٦) ، ولو انعكس بأن كان سدس دينار مصوغ قيمته ربع دينار قطع على

______________________________________________________

ـ ثم استغرب العلامة في القواعد عدم القطع لعدم تعين شي‌ء منها لمالك بعينه ، ولا تقدير لنصيب أحد من الشركاء ولا أقل من الشبهة ، ويؤيده خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن عليا عليه‌السلام أتي برجل سرق من بيت المال ، فقال : لا تقطعه فإن له فيه نصيبا) (١) ويعارضه خبر علي بن أبي رافع عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (في عقد لؤلؤ استعارته ابنته من خازن بيت المال عارية مضمونة ، فقال : لو كانت أخذت العقد على عير عارية مضمونة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة) (٢) وحملها في كشف اللثام على ما لو كانت ابنته عليه‌السلام ليس لها نصيب في بيت المال.

(١) كما عن العماني وقد تقدم.

(٢) كما عن الصدوق وقد تقدم.

(٣) لخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل سرق من بستان غدقا قيمته درهمان ، قال : يقطع به) (٣) ، وقال في الجواهر لم نتحقق القائل به ، بعد ما حمل الخبر على مدعى الصدوق من خمس الدينار لأن الدينار عشرة دراهم ، وعليه فليس هو قولا في قبال قول الصدوق.

(٤) في المسروق.

(٥) مما يبلغ قيمته ربع دينار ، بلا خلاف فيه ، لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقطع يد السارق إلا في شي‌ء تبلغ قيمته مجنا وهو ربع دينار) (٤).

(٦) لأن الدينار لغة وعرفا حقيقة في المسكوك من الذهب ، فإذا تبلغ قيمة المسروق ربع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٢.

٣٥٣

الأقوى (١). وكذا لا فرق بين علمه بقيمته ، أو شخصه ، وعدمه (٢) ، فلو ظن المسروق فلسا فظهر دينارا ، أو سرق ثوبا قيمته أقل من النصاب فظهر مشتملا على ما يبلغه ولو معه (٣) قطع على الأقوى (٤) ، لتحقق الشرط ، ولا يقدح عدم القصد إليه (٥) لتحققه (٦) في السرقة إجمالا. وهو كاف ولشهادة الحال بأنه لو علمه لقصده (٧). وشمل إطلاق العبارة (٨) إخراج النصاب دفعة : ومتعددا. وهو كذلك

______________________________________________________

ـ دينار فلا قطع وإن بلغ قيمته ربع دينار ذهبي غير مسكوك خلافا للشيخ في الخلاف والمبسوط فلم يعتبر السكة والضرب بحمل الدينار على الذهب فقط ، وهو شاذ كما في الجواهر والرياض.

(١) لصدق سرقة ربع دينار مسكوك ، وعلى قول الشيخ المتقدم فلا قطع لأن المسروق سدس دينار وليس بربع.

(٢) فلو علم السارق أنه شخص المسروق هو ربع دينار أو علم أن قيمته تبلغ ربع دينار قطع بلا كلام

أما لو سرق ربع دينار بظن أنه فلس فيقطع لتحقق شرط القطع وهو سرقة ربع دينار.

وكذا لو سرق ثوبا ظنا منه أنه يساوي فلسا فتبين أنه يساوي النصاب فيقطع لتحقق شرط القطع.

(٣) بأن سرق الثوب وقد تبين أنه مشتمل على شي‌ء لو انضم إلى الثوب لبلغ المجموع النصاب ، وأما السابق بأن سرق الثوب فتبين أنه مشتمل على ما يبلغ النصاب من دون ضم الثوب.

(٤) لم يحك الخلاف عن أحد.

(٥) أي عدم القصد إلى سرقة النصاب.

(٦) لتحقق شرط القطع وهو سرقة النصاب ، لأنه لا يشترط في القطع القصد إلى سرقة النصاب.

(٧) وفيه : إنه لا يحاسب على النية.

(٨) أي عبارة المصنف في أول الفصل بقوله : (ويتعلق الحكم بسرقة البالغ العاقل من الحرز بعد هتكه بلا شبهة ربع دينار أو قيمته) وهو يشمل ما لو سرق ربع دينار دفعة أو دفعات بالإطلاق.

وقد اختلفت أقوال الفقهاء في اشتراط اتحاد إخراج النصاب وعدمه ، فذهب أبو الصلاح إلى الاشتراط مطلقا ، لأنه لما هتك الحرز أولا وأخرج دون النصاب فلا يجب عليه القطع لفقد الشرط ، فلما عاد ثانيا لم يخرج من حرز فلا قطع وإن بلغ الثاني نصابا فضلا عن ـ

٣٥٤

إلا مع تراخي الدفعات. بحيث لا يعد سرقة واحدة ، أو اطلاع المالك بينهما فينفصل ما بعده ، وسيأتي حكايته لهذا المفهوم (١) قولا مؤذنا بعدم اختياره(ويعتبر اتحاد الحرر (٢) فلو أخرج النصاب من حرزين لم يقطع(إلا أن يشملهما ثالث) فيكونان في حكم الواحد.

وقيل : لا عبرة بذلك (٣) ، للعموم(ولا في الهاتك) للحرز(قهرا) أي هتكا ظاهرا ، لأنه لا يعد سارقا بل غاصبا (٤) ، أو مستلبا.

______________________________________________________

ـ كونه مكملا للنصاب.

وذهب القاضي ابن البراج إلى عدم الاشتراط مطلقا ورجحه المحقق لصدق إخراج النصاب في الدفعات ، مع أصالة عدم اشتراط اتحاد الإخراج فيتناوله عموم الأدلة الدالة على قطع سارق النصاب.

وتردد الشيخ بين القولين وكذا ابن إدريس ، واختلفت آراء العلامة ففي القواعد فصّل بين قصر الزمان بين الإخراجين وعدمه ، فجعل الأول بمنزلة المتحد دون الثاني ، وفي المختلف فصّل بأمر آخر فحكم بالقطع مع التعدد إن هتك الحرز ولم يشتهر بين الناس هتكه ، أما إذا هتك الحرز في المرة الأولى واشتهر بين الناس فلا قطع في المتعدد الذي يبلغ قيمة المسروق فيه نصاب السرقة لخروجه عن كونه حرزا بالاشتهار.

وفصّل في التحرير بتفصيل ثالث من وجوب القطع على سرقة النصاب بالإخراج المتعدد إن لم يتخلل بينها اطلاع المالك ولم يطل الزمان بحيث يسمى سرقة واحدة ، وأما إذا تخلل بينها اطلاع المالك فلا قطع وإن بلغ المجموع النصاب لعدم اتحاد السرقة بنظر العرف ، والشارح أخذ بالأخير من تفصيلات العلامة

(١) وهو إخراج النصاب دفعة أو دفعات كما ذهب إليه القاضي فيحكيه قولا مؤذنا بعدم اختياره.

(٢) لأنه مع التعدد في الحرز تصدق سرقتان ، فلو كانت كل سرقة أقل من ربع دينار فلا قطع وإن بلغ المجموع النصاب ، نعم لو كان الحرزان في داخل حرز ثالث بحيث يسمى الإخراج منهما سرقة واحدة فعليه القطع إن بلغ المجموع النصاب.

(٣) باتحاد الحرز ولم يعرف قائله ، ومستنده عموم أدلة قطع السارق سواء اتحد الحرز أو لا.

(٤) الاستلاب هو الاختلاس ، ففي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس على الذي يستلب قطع) (١) ومثله غيره.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

٣٥٥

(وكذا المستأمن) بالإيداع ، والإعارة ، والضيافة ، وغيرها (١) (لو خان لم يقطع) ، لعدم تحقق الهتك(ولا من سرق من مال ولده) (٢) وإن نزل (٣) ، (وبالعكس) (٤) وهو ما لو سرق الولد مال والده وإن علا(أو سرقت الأم) مال ولدها(يقطع) كل منهما ، لعموم الآية خرج منه الوالد فيبقى الباقي. وقال أبو الصلاح(رحمه‌الله) : لا تقطع الأم بسرقة مال ولدها كالأب ، لأنها أحد الوالدين ، ولاشتراكهما في وجوب الإعظام. ونفى عنه في المختلف البأس ، والأصح المشهور والجد للأم كالأم (٥).

(وكذا) لا يقطع(من سرق المأكول المذكور) في عام المجاعة(وإن استوفى) باقي(الشرائط) لقول الصادق عليه‌السلام (٦) «لا يقطع السارق في عام سنت : ، يعني في عام مجاعة ، وفي خبر آخر (٧) كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يقطع السارق في أيام المجاعة. وعن الصادق عليه‌السلام (٨) قال : لا يقطع السارق في سنة المحل في كل شي‌ء يؤكل مثل الخبز ، واللحم ، وأشباه ذلك والمطلق في الأولين مقيد بهذا الخبر ، وفي الطريق ضعف وإرسال (٩) لكن العمل به (١٠) مشهور ولا راد له.

______________________________________________________

(١) كالإجارة ، لعدم تحقق الحرز بالنسبة إليهم ، ففي خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أربعة لا قطع عليهم : المختلس والغلول ومن سرق من الغنيمة وسرقة الأجير فإنها خيانة) (١) ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقطع الأجير والضيف إذا سرقا لأنهما مؤتمنان) (٢).

(٢) وقد تقدم.

(٣) الولد كالحفيد.

(٤) الواو استئنافية.

(٥) يقطع لو سرق من مال ولدها للعموم مع عدم شمول المخصص له.

(٦) في خبر السكوني وقد تقدم.

(٧) وهو مرسل عاصم بن حميد وقد تقدم.

(٨) وهو مرسل زياد القندي وقد تقدم.

(٩) في خبر السكوني ضعف لأنه عامي ، والأخيران مرسلان.

(١٠) بالحكم من عدم القطع في سنة المجاعة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٢ و ٥.

٣٥٦

وأطلق المصنف وغيره الحكم كذلك من غير تقييد بكون السارق مضطرا إليه ، وعدمه تبعا لإطلاق النص (١) ، وربما قيده بعضهم بكونه مضطرا وإلا قطع إذ لا دخل للمجاعة مع غنى السارق ولا بأس به. نعم لو اشتبه حاله اتجه عدم القطع أيضا عملا بالعموم (٢) وبهذا يندفع ما قيل : إن المضطر يجوز له أخذه قهرا في عام المجاعة وغيره ، لأن المشتبه حاله لا يدخل في الحكم (٣) مع أنّا نمنع من جواز أخذ المضطر له قهرا مطلقا (٤) ، بل مع عدم إمكان إرضاء مالكه بعوضه كما سبق وهنا الثابت الحكم بكونه لا قطع إذا كان مضطرا مطلقا (٥) وإن حرم عليه

______________________________________________________

(١) حيث لم يقيد الحكم في الأخبار بكونه مضطرا إليه ، وعن الشيخ في المبسوط التفصيل بين المضطر وغيره فأوجب القطع على غير المضطر ، وتبعه عليه بعض المتأخرين كصاحب الجواهر وغيره وذلك لأن تقييد السنة بالمجاعة يفيد الاضطرار عند السارق وإلا فإذا لم يكن مضطرا فالسنة كغيرها بالنسبة إليه وأشكل على ذلك بأن التقييد سنين المجاعة بالمضطر ليس في محله ، لأن المضطر يجوز له أخذ مال الغير ولو سرقة إن توقف رفع الاضطرار عليه بلا فرق بين عام المجاعة وغيره فلا معنى لحمل نصوص المجاعة على المضطر فقط.

ورده الشارح بأن لو لا نصوص المجاعة لكان المشتبه حاله أنه مضطر تقطع يده لعموم دليل القطع ، خرج منه المضطر عقلا فيبقى تحته الباقي بما فيه المشتبه ، أما مع نصوص المجاعة المقيّدة بالاضطرار يخرج منها القادر والباقي يبقى تحتها بما فيه المشتبه ، فلذا كان للنصوص سنوات المجاعة فائدة غير فائدة المضطر فافهم.

(٢) أي بعموم نصوص سنوات المجاعة.

(٣) أي حكم جواز الأخذ قهرا.

(٤) أي أمكن تحصيل رضا المالك أولا ، وهذا جواب ثان من الشارح وحاصله : أن المضطر يجوز له الأخذ قهرا بشرط عدم إمكان إرضاء المالك ، أما مع إمكان الإرضاء فيشترط الرضا كما تقدم في باب الأطعمة والأشربة

وعليه فهناك فرق بين نصوص المجاعة المحمولة على الاضطرار وبين حكم المضطر ، ومع التغاير لا يستغنى أحدهما عن الآخر ، لأن نصوص المجاعة تدل على عدم القطع لمن سرق مال الغير ولو أمكن تحصيل رضا ذلك الغير ، وحكم المضطر قهرا مشروط بعدم تحصيل رضا المالك.

(٥) مع إمكان تحصيل الرضا وعدمه.

٣٥٧

أخذه (١) ، فالفرق واضح. والمراد بالمأكول هنا (٢) مطلق المأكول بالقوة أو فعلا (٣) كما ينبه عليه المثال في الخبر(وكذا) لا يقطع(العبد) (٤) لو سرق مال سيده وإن انتفت عنه الشبهة ، بل يؤدب ، أما لو سرق مال غيره فكالحر(ولو كان العبد من الغنيمة فسرق منها لم يقطع) (٥) ، لأن فيه (٦) زيادة إضرار (٧). نعم يؤدب بما يحسم جرأته.

(وهنا مسائل الأولى ـ لا فرق بين إخراج) السارق (٨) (المتاع بنفسه أو بسببه مثل)

______________________________________________________

(١) إذا أمكن تحصيل رضا المالك.

(٢) في السرقة الحاصلة في عام المجاعة.

(٣) بالقوة ما كان محتاجا إلى صناعة وإصلاح حتى يؤكل ويدل عليه لفظ اللحم الوارد في مرسل زياد القندي المتقدم (مثل الخبز واللحم وأشباه ذلك) وهو شامل للمطبوخ وغيره ، ولذا قال الشارح كما ينبه عليه المثال في الخبر.

وعن بعضهم الاقتصار على المأكول فعلا للانسباق من الخبر ولأن الخبز ظاهر في المأكول فعلا ، وهو ضعيف لما تقدم من قرينة ذكر اللحم.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) بلا خلاف لأخبار منها : صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجلين سرقا من مال الله ، أحدهما عبد حال الله ، والآخر من عرض الناس ، فقال : أما هذا فمن مال الله ليس عليه شي‌ء ، مال الله أكل بقصة بعضه بعضا ، وأما الآخر فقدمه وقطع يده) (١).

وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : عبدي إذا سرقني لم أقطعه ، وعبدي إذا سرق غيري قطعته ، وعبد الإمارة إذا سرق لم أقطعه لأنه في‌ء) (٢).

(٦) في قطع يد عبد الغنيمة.

(٧) على الغانمين فالضرر داخل عليهم بالسرقة من الغنيمة ، ويزاد بقطع يد عبد الغنيمة.

(٨) من شروط القطع في السرقة أن يخرج السارق النصاب من حرزه بعد هتكه ، والإخراج يتم إما بالمباشرة بأن يخرجه بنفسه وإما بالتسبيب كأن يربطه بحبل ويشده إلى الخارج أو يضعه على دابة في داخل الحرز ويسوقها أو يقودها إلى خارجه ، بل وكذا إذا سارت بنفسها حتى خرجت أو على جناح طير من شأنه العود إلى السارق ، ففي الجميع يتحقق ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٤ و ٢.

٣٥٨

(أن يشده بحبل) ثم يجر به من خارج الحرز(أو يضعه على دابة) في الحرز ويخرجها به(أو يأمر غير مميز) من صبي ، أو مجنون(بإخراجه) فإن القطع يتوجه على الآمر ، لا على الصبي والمجنون لضعف المباشر في جنب السبب لأنهما كالآلة له.

(الثانية ـ يقطع الضيف والأجير) (١) إذا سرقا مال المضيف والمستأجر(مع الإحراز من دونه) أي دون كل منهما على الأشهر.

وقيل : لا يقطعان مطلقا (٢) استنادا إلى أخبار ظاهرة في كون المال غير محرز

______________________________________________________

ـ الإخراج المنسوب إلى السارق.

وكذا لو أمر صبيا غير مميز أو مجنونا كذلك بالإخراج فأخرجه فالقطع على الآمر لا على المخرج لأن الصبي والمجنون هنا كالآلة ، نعم لو كان الصبي مميزا فلا قطع على الآمر لأن الصبي هنا ليس كالآلة.

(١) أما الأجير فإذا أحرز المال دونه وسرق فهو كغيره من السارقين ، يقطع على المشهور بين الأصحاب للآية ولعموم الأخبار وذهب الشيخ في النهاية إلى عدم القطع استنادا إلى رواية سليمان بن خالد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يستأجر أجيرا يسرق من بيته ، هل تقطع يده فقال : هذا مؤتمن ليس بسارق ، هذا خائن) (١) ومثله غيره وقد حملت هذه الأخبار عند المشهور ما لو كان المستأجر قد استأمنه على المال ولم يحرز المال دونه كما وقع بذلك التصريح في رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه فقال : هو مؤتمن (٢).

وأما الضيف فالقول بعدم قطعه مطلقا أحرز المال دونه أو لا للشيخ في النهاية وجماعة منهم ابن الجنيد والصدوق وابن إدريس ومستندهم موثق سماعة (الأجير والضيف امينان ليس يقع عليهما حد السرقة) (٣) وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (الضيف إذا سرق لم يقطع ، وإذا أضاف الضيف ضيفا فسرق ، قطع ضيف الضيف) (٤).

وأيضا قد حمل المشهور هذه الأخبار على ما لو لم يحرز المال دونه فلا قطع ويكون مؤتمنا حينئذ ، أما لو أحرز المال دونه فليس بمؤتمن ولا بد من قطعه.

(٢) أحرز المال من دونهما أو لا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

٣٥٩

عنهما (١). فالتفصيل حسن.

نعم لو أضاف الضيف ضيفا بغير إذن صاحب المنزل فسرق الثاني قطع ، لأنه (٢) بمنزلة الخارج (٣) (وكذا) يقطع(الزوجان) (٤) أي كل منهما بسرقة مال الآخر(مع الإحراز) عنه ، وإلا فلا.

(ولو ادعى السارق الهبة ، أو الإذن له) (٥) من المالك في الأخذ(أو الملك حلف المالك (٦) ولا قطع) ، لتحقق الشبهة بذلك (٧) على الحاكم وإن انتفت عن السارق في نفس الأمر.

(الثالثة ـ الحرز) (٨) لا تحديد له شرعا فيرجع فيه إلى العرف وضابطه(ما)

______________________________________________________

(١) بدليل التعليل بأنهما مؤتمنان.

(٢) ضيف الضيف.

(٣) لأنه دخل من دون إذن المالك.

(٤) إذا سرق أحدهما من مال الآخر بقدر النصاب ، وكان الآخر قد أحرز المال دونه ، فيقطع السارق منهما بلا خلاف لعموم الأدلة ، نعم مع عدم الإحراز فلا قطع لعدم تحقق شرطه ، وكذا لا بأس بسرقة الزوجة مقدار النفقة إذا منعها منها كما يرشد إليه خبر هند حين قالت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني وولدي إلا ما آخذ منه سرا وهو لا يعلم ، فهل عليّ فيه شي‌ء؟ فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (١)

(٥) بحيث قال صاحب المنزل : سرقت هذا المتاع فقال المخرج للمتاع : وهبته لي ، أو أذنت لي في إخراجه ، سقط الحد للشبهة ، ولحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل أخذوه وقد حمل كارة من الثياب ، فقال : صاحب البيت أعطانيها ، فقال عليه‌السلام :يدرأ عنه القطع ، إلا أن تقوم عليه البينة ، فإن قامت عليه البينة قطع) (٢).

(٦) لأنه المنكر للهبة أو الإذن أو دعوى الملك من قبل السارق.

(٧) بما ادعاه السارق.

(٨) لا شبهة في اعتبار الحرز في ثبوت قطع يد السارق ، وإنما الكلام في حقيقة الحرز ، فالشارع اعتبر الحرز ولم يبين له حدا بطريق معتبر يعتمد عليه ، لأن ما ورد في تحديد ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٤٦٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.

٣٦٠