الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

وهو وطء الذكر. واشتقاقه من فعل قوم لوط(والسحق) (١) وهو دلك فرج المرأة بفرج أخرى(والقيادة) (٢) وسيأتي أنها الجمع بين فاعلي هذه الفواحش.

أما الأول(فمن أقر بإيقاب ذكر) (٣) أي إدخال شي‌ء من الذكر في دبره ولو

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من جامع غلاما جاء يوم القيامة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا ، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا ثم قال : إن الذكر يركب الذكر فيهتز العرش) (١) وفي خبره الآخر : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وإن الرجل ليؤتى من حقبه فيحبسه الله على جسر جهنم حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يؤمر به إلى جهنم فيعذب بطبقاتها طبقة طبقة حتى يرد إلى أسفلها ولا يخرج منها) (٢).

وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) (٣).

(١) وهو وطء المرأة مثلها ، وهو في أصحاب الرس كاللواط في قوم لوط وحرمته كذلك من الضروريات ففي خبر بشير النبال : (رأيت عند أبي عبد الله عليه‌السلام رجلا فقال له : ما تقول في اللواتي مع اللواتي فقال : لا أخبرك حتى تحلف لتحدثن بما أحدثك النساء قال : فحلف له فقال : هما في النار عليهما سبعون حلة من نار ، فوق تلك الحلل جلد جان غليظ من نار ، عليهما نطاقان من نار وتاجان من نار فوق تلك الحلل ، وخفان من نار وهما في النار) (٤).

(٢) وهي الجمع بين اثنين على الفاحشة ، والحرمة ضرورية ففي الخبر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ومن قاد بين امرأة ورجل حراما حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم وساءت مصيرا ولم يزل في سخط الله حتى يموت) (٥).

(٣) الإيقاب مطلق الإدخال ولو بعض الحشفة ، وعن الفاضل حدّه بغيبوبة الحشفة ولا دليل له فتحرم أخت الموقب وبنته وأمه على الموقب ، وأما بالنسبة للحد فاشترطوا مقدار الحشفة وقال في الرياض : (وظاهرهم الاتفاق على ذلك) ولعله لأن الحدود مبنية على التخفيف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٢.

٢٨١

مقدار الحشفة. وظاهرهم هنا الاتفاق على ذلك (١) وإن اكتفوا ببعضها (٢) في تحريم أمه وأخته وبنته في حالة كون المقر(مختارا) (٣) غير مكره على الإقرار(أربع مرات) (٤) ولو في مجلس واحد(أو شهد عليه أربعة رجال) (٥) عدول(بالمعاينة) للفعل كالزنا(وكان) الفاعل المقر ، أو المشهود عليه(حرا بالغا (٦) عاقلا (٧) قتل) (٨).

واعتبار بلوغه وعقله واضح ، إذ لا عبرة بإقرار الصبي والمجنون ، وكذا لا يقتلان ولو شهد عليهما به (٩) ، لعدم التكليف.

______________________________________________________

(١) أي بالنسبة للحد لا بدّ من غيبوبة الحشفة أو مقدارها.

(٢) ببعض الحشفة لتحقق معنى الإيقاب.

(٣) إذ لا أثر مع الإكراه.

(٤) وظاهرهم الاتفاق عليه للأخبار منها : خبر مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (بينما أمير المؤمنين عليه‌السلام في ملاء من أصحابه إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له : يا هذا امض إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك ، فلما كان من غد عاد إليه فقال له : يا أمير المؤمنين : إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له : اذهب إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الأولى ، فلما كان في الرابعة قال له : يا هذا إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيّهن شئت ، قال : وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت ، أو دهداه : (إهداء) من جبل مشدود اليدين والرجلين أو إحراق بالنار.

قال : يا أمير المؤمنين أيّهن أشدّ عليّ؟ قال : الإحراق بالنار ، قال : فإني قد اخترتها) (١).

(٥) بلا خلاف فيه ، ولا يوجد نصوص تدل على اعتبار أربعة شهود في اللواط والمساحقة ، غايته قد استفيد الحكم من أن اللواط لا يثبت إلّا بالإقرار أربعا كما تقدم في خبر مالك بن عطية وغيره فلا بد من أربعة شهود مثل الزنا.

(٦) لأن إقرار العبد غير نافذ لأنه إقرار في حق الغير فيتوقف على تصديق المولى ، هذا بخصوص الإقرار وأما الشهادة عليه فحكمه حكم الحر لإطلاق أدلة قتل اللوطي.

(٧) فمع عدمهما لا حد عليهما لرفع القلم عنهما.

(٨) سيأتي الدليل عليه بلا فرق بين المحصن وغيره وبين الحر وغيره.

(٩) باللواط.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب حد اللواط حديث ١.

٢٨٢

أما الحرية فإنما تعتبر في قبول الإقرار ، لأن إقرار العبد يتعلق بحق سيده فلا يسمع ، بخلاف الشهادة عليه فإنه لا فرق فيها بينه وبين الحر فيقتل حيث يقتل ، وكذا لو اطلع عليها الحاكم ، وبالجملة فحكمه حكم الحر ، إلا في الإقرار وإن كانت العبارة توهم خلاف ذلك (١).

ويقتل الفاعل(محصنا) كان(أو لا) (٢). وقتله(إما بالسيف ، أو الإحراق)

______________________________________________________

(١) إذ اشتراط الحرية في القتل يوهم أنه لا يقتل مطلقا حتى بالشهادة عليه مع أنه لا يقتل العبد في خصوص الإقرار ، لأنه ليس إقرارا في حق نفسه.

(٢) مع الإيقاب ، بلا خلاف فيه ، وفي المسالك : «مذهب الأصحاب أن حد اللائط الموقب القتل ليس إلّا».

ويتخير الإمام في جهة قتله إما بالسيف أو إلقاء من شاهق أو إحراقه بالنار وهذا ما دل عليه خبر مالك بن عطية المتقدم أو بالرجم أو بإلقاء جدار عليه ، أما الرجم فلخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) (١) وخبره الآخر : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء ويمكّن من نفسه ينكح كما تنكح المرأة فارجموه ولا تستحيوه) (٢).

وأما إلقاء الجدار عليه فليس عليه نص خاص ولذا قال في الجواهر : «نعم لم أقف على الأخير ـ أي إلقاء الجدار ـ إلّا ما في كشف اللثام من أن فيه خبرا عن الرضا عليه‌السلام ، وهو وإن كان مرسلا إلّا أنه كضعف غيره منجبر بما عرفت».

نعم يوجد في المقنع للصدوق : (واعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن يحرق بالنار أو يهدم عليه حائط أو يضرب ضربة بالسيف) (٣) وفي فقه الرضا : (ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار أو يهدم عليه حائط أو يضرب ضربة بالسيف) (٤).

ويعارض هذه الطائفة طائفة أخرى تدل على أن اللواط كالزنا فالمحصن يقتل رجما وغير المحصن يجلد منها : رواية العلاء بن الفضيل : (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : حد اللوطي مثل حد الزاني ، وقال : إن كان قد أحصن رجم وإلّا جلد) (٥) ورواية حماد بن عثمان : (قلت لأبي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٢ و ٥.

(٣ و ٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٨ و ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٣.

٢٨٣

(بالنار ، أو الرجم) بالحجارة وإن لم يكن بصفة الزاني (١) المستحق للرجم(أو بإلقاء جدار عليه أو بإلقائه من شاهق) كجدار رفيع. يقتل مثله.

(ويجوز الجمع بين اثنين منها) (٢) أي من هذه الخمسة بحيث يكون(أحدهما الحريق) ، والآخر أحد الأربعة بأن يقتل بالسيف ، أو الرجم أو الرمي به (٣) ، أو عليه (٤) ثم يحرق زيادة في الردع.

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام : رجل أتى رجلا؟ قال : عليه إن كان محصنا القتل ، وإن لم يكن محصنا فعليه الجلد ، قلت : فما على المؤتى به؟ قال : عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن) (١).

والترجيح للطائفة الأولى لأن الثانية محمولة على ما إذا لم يوقب لخبر سليمان بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يفعل بالرجل ، قال : إن كان دون الثقب فالجلد ، وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ ، فقلت له : هو القتل ، قال : هو ذاك) (٢).

نعم هذا الحمل وهو القتل لمن أوقب مطلقا لا يعارضه إلا صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن كان ثقب وكان محصنا رجم) (٣) ومرسل ابن أبي عمير عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الذي يوقب أن عليه الرجم إن كان محصنا ، وعليه الجلد إن لم يكن محصنا) (٤) ، وهذان الخبران محمولان على التقية كما فعل الشيخ.

(١) أي وإن لم يكن رجم اللوطي كرجم الزاني من وضعه في حفرة إلى وسطه أو حقويه ، لأن رجم اللوطي لا يشترط فيه ذلك.

(٢) يجوز أن يجمع بين واحد من هذه المذكورات في قتل اللوطي وبين إحراقه بلا خلاف في ذلك كما في الجواهر لصحيح عبد الرحمن العرزمي في اللوطي الذي أتي به في زمن عمر : (فما تقول يا أبا الحسن؟ قال : اضرب عنقه فضرب عنقه ثم أراد أن يحمله فقال عليه‌السلام : مه إنه قد بقي من حدوده شي‌ء ، قال : أي شي‌ء بقي؟ قال : ادع بحطب فدعا عمر بحطب ، فأمر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فأحرق به) (٥).

(٣) أي الرمي باللوطي من شاهق.

(٤) أو إلقاء الجدار عليه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٤ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٧ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٤.

٢٨٤

(والمفعول به يقتل كذلك (١) إن كان بالغا عاقلا مختارا ، ويعزر الصبي) (٢) فاعلا ومفعولا.

(ويؤدب المجنون) كذلك (٣) ، والتأديب في معنى التعزير هنا وإن افترقا من حيث إن التعزير يتناول المكلف وغيره ، بخلاف التأديب (٤).

وقد تحرر من ذلك أن الفاعل والمفعول إن كانا بالغين قتلا حرين كانا أم عبدين أم بالتفريق. مسلمين كانا أم بالتفريق وإن كانا صبيين أو مجنونين ، أو بالتفريق أدّبا ، وإن كان أحدهما مكلفا والآخر غير مكلف قتل المكلف وأدب غيره.

(ولو أقر به دون الأربع لم يحد) كالإقرار بالزنا(وعزر) بالإقرار (٥) ولو مرة ، ويمكن اعتبار المرتين كما في موجب كل تعزير وسيأتي (٦) ، وكذا الزنا ولم يذكره ثم.

______________________________________________________

(١) ما يجري في الفاعل يجري في المفعول ، بلا خلاف ، وقد تقدم خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء ويمكن من نفسه ينكح كما تنكح النساء فارجموه ولا تستحيوه) (١).

(٢) ويدل عليه خبر أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتي أمير المؤمنين عليه‌السلام بامرأة وزوجها ، قد لاط زوجها بابنها من غيره وثقبه ، وشهد عليه بذلك الشهود ، فأمر به عليه‌السلام فضرب بالسيف حتى قتل ، وضرب الغلام دون الحد ، وقال : أما لو كنت مدركا لقتلتك لإمكانك إياه من نفسك بثقبك) (٢).

(٣) فاعلا أو مفعولا ، نعم عن الشيخين وجماعة من ثبوت الحد على المجنون دون المجنونة استنادا إلى وجوبه عليه في الزنا ، وقد عرفت أن الأصل ممنوع مع أن إعطاء حكم الزنا للوطي قياس لا نقول به.

(٤) فإنه مختص بالصبي.

(٥) لثبوت الفسق بذلك ، وقد ناقش سيد الرياض في ذلك حيث لم يعزّر أمير المؤمنين عليه‌السلام في الإقرارات الثلاثة قبل أن تتم أربعا على ما في خبر مالك بن عطية المتقدم.

(٦) في مسائل حد القذف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد اللواط حديث ١.

٢٨٥

(ولو شهد) عليه به(دون الأربعة) أو اختل بعض الشرائط (١) وإن كانوا أربعة(حدوا للفرية ويحكم الحاكم فيه (٢) بعلمه) كغيره من الحدود ، لأنه (٣) أقوى من البينة(ولا فرق) في الفاعل والمفعول(بين العبد والحر هنا) أي في حالة علم الحاكم ، وكذا لا فرق بينهما مع البينة كما مر ، وهذا منه مؤكد لما أفهمته عبارته سابقا من تساوي الإقرار والبينة في اعتبار الحرية (٤).

(ولو ادعى العبد الإكراه) من مولاه عليه(درئ عنه الحد) (٥) دون المولى ، لقيام القرينة على ذلك (٦) ، ولأنه شبهة محتملة فيدرأ الحد بها (٧) ، ولو ادعى الإكراه من غير مولاه فالظاهر أنه كغيره (٨) وإن كانت العبارة تتناوله (٩) بإطلاقها(ولا فرق) في ذلك كله (١٠) (بين المسلم والكافر) ، لشمول الأدلة (١١) لهما

(وإن لم يكن) الفعل(إيقابا كالتفخيذ أو) (١٢) جعل الذكر(بين الأليين) بفتح الهمزة ،

______________________________________________________

(١) كفسق أحد الشهود أو اختلاف شهادتهم.

(٢) في اللواط.

(٣) لأن العلم.

(٤) وقد عرفت أن الإقرار نافذ في حق الحر دون العبد.

(٥) إذ لا تكليف مع الإكراه.

(٦) من كون العبد محلا للإكراه من سيده.

(٧) بدعوى الإكراه.

(٨) ممن يعترف باللواط ويدعي الإكراه ، فلا تقبل دعواه بخلاف الزنا فلو ادعت المرأة الإكراه قبل منها لأنها محل لذلك وللأخبار وقد تقدم خبر أبي عبيدة فراجع.

(٩) تتناول ما لو ادعى العبد الإكراه من غير سيده.

(١٠) من قتل اللوطي فاعلا أو مفعولا مع الإيقاب.

(١١) أدلة قتل اللوطي.

(١٢) يجلد إن لم يكن محصنا ويرجم إن كان محصنا كما عن الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط والقاضي أبو الصلاح وجماعة جمعا بين الأخبار المتقدمة في ما لو أوقب فراجع.

وعن الانتصار والغنية بل قيل إنه المشهور أنه يجلد سواء كان محصنا أو لا لخبر سليمان بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كان دون الثقب فالحد وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف) (١). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد اللواط حديث ٢.

٢٨٦

والياءين المثناتين من تحت من دون تاء بينهما(فحده مائة جلدة) للفاعل والمفعول مع البلوغ والعقل والاختيار كما مر(حرا كان) كل منهما ، (أو عبدا ، مسلما أو كافرا محصنا أو غيره) على الأشهر ، لرواية سليمان بن هلال عن الصادق عليه‌السلام قال : «إن كان دون الثقب فالحد ، وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف».

والظاهر أن المراد بالحد الجلد.

(وقيل يرجم المحصن) ، ويجلد غيره جمعا بين رواية العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : حد اللوطي مثل حد الزاني. وقال : إن كان قد أحصن رجم ، وإلّا جلد وقريب منها رواية حماد بن عثمان ، وبين ما روي من قتل اللائط مطلقا (١).

وقيل : يقتل مطلقا (٢) ، لما ذكر ، والأخبار من الطرفين غير نقية السند ، والمتيقن المشهور ، والأصل عدم أمر الآخر.

(ولو تكرر منه الفعل) الذي لا يوجب القتل ابتداء (٣) (مرتين مع تكرار الحد) عليه بأن حدّ لكل مرة(قتل في الثالثة) (٤) ، لأنه كبيرة وأصحاب الكبائر

______________________________________________________

ـ وذهب الصدوقان وابن الجنيد إلى وجوب القتل إن لم يوقب وإما الإيقاب فهو الكفر لخبر حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن اللواط ، فقال : بين الفخذين وسأله عن الموقب ، فقال : ذلك الكفر بما أنزله الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١).

(١) سواء كان محصنا أو لا ، وهذه الأخبار قد تقدمت سابقا.

(٢) وإن لم يوقب كما عن الصدوقين وابن الجنيد.

(٣) كالتفخيذ.

(٤) كما عن ابن إدريس لصحيح يونس عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام : (أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة).

وذهب المشهور إلى أنه يقتل في الرابعة لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الزاني إذا زنا يجلد ثلاثا ويقتل في الرابعة) وهي وإن كانت واردة في الزنا إلّا أنه لا فرق بين الزنا واللواط خصوصا ما ورد سابقا أن حكم اللواط كحكم الزنا ، وعليه فهذه الرواية خاصة ومستند ابن إدريس عام ولا بد من تقديم الخاص ، وللاحتياط في الدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٢.

٢٨٧

مطلقا (١) إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة ، لرواية يونس عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : «أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة».

(والأحوط) وهو الذي اختاره المصنف في الشرح قتله(في الرابعة) لرواية أبي بصير قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الزاني إذا جلد ثلاثا يقتل في الرابعة» ، ولأن الحد مبني على التخفيف ، وللاحتياط في الدماء ، وترجّح هذه الرواية بذلك (٢) ، وبأنها خاصة ، وتلك عامة. فيجمع بينهما بتخصيص العام بما عد الخاص. وهو الأجود ، ولم لم يسبق حده مرتين لم يجب سوى الجلد مائة (٣).(ولو تاب قبل قيام البينة سقط الحد عنه قتلا) كان الحد(أو رجما أو جلدا) على ما فصّل (٤).

(ولو تاب بعده لم يسقط الحد ، وكذا) لو تاب(مع الإقرار ولكن يتخير الإمام في المقر) قبل التوبة(وبين العفو والاستيفاء) كالزنا (٥).

(ويعزر من قبّل غلاما بشهوة) (٦) بما يراه الحاكم ، لأنه من جملة المعاصي ،

______________________________________________________

(١) سواء كانت الكبيرة لواطا أو لا.

(٢) بكون الحد مبنيا على التخفيف وبالاحتياط.

(٣) لأن النص الدال على قتله قيّد القتل بما إذا حد سابقا ، فمع عدم الجلد سابقا يشك في قتله فالأصل عدمه.

(٤) في الزنا.

(٥) فقد تقدم مرسل البرقي : (إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو ، وإذا أقرّ الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام إن شاء عفا وإن شاء قطع) (١).

(٦) بلا خلاف ، لكون التقبيل بشهوة من المحرمات التي فيها التعزير بحسب ما يراه الحاكم.

وقيّد التقبيل بالشهوة ليخرج ما لو كان التقبيل برأفة أو صداقة دنيوية أو عادة عرفية فلا حرج فيه ولا إثم بل قد روي استحباب تقبيل القادم من مكة بلا خلاف ، وهذا لا فرق فيه بين الرجل والمرأة في الفاعل ولا بين الصغير والصغيرة في المفعول به ، نعم في خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في محرم قبّل غلاما بشهوة قال : يضرب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٣.

٢٨٨

بل الكبائر المتوعد عليه بخصوصه بالنار ، فقد روي «أن من قبّل غلاما بشهوة لعنته ملائكة السماء ، وملائكة الأرضين ، وملائكة الرحمة ، وملائكة الغضب وأعدّ له جهنم وساءت مصيرا» (١) وفي حديث آخر «من قبّل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (٢).

(وكذا) يعزر(الذكران المجتمعان تحت إزار واحد مجردين وليس بينهما رحم) أي قرابة(من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين) على المشهور (٣).

______________________________________________________

ـ مائة) (١). وحمل تغليظه على الإحرام فيكون فيه جهتان للتعزير ولذا ساوى الحد ، وإلا فالتعزير لا بد أن يكون أقلّ من الحد.

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٣.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٤.

(٣) ذهب إليه الشيخ وابن إدريس والمحقق وأكثر المتأخرين جمعا بين خبر سليمان بن هلال : (سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ، قال : ذوا رحم؟ فقال : لا ، قال : أمن ضرورة؟ قال : لا ، قال : يضربان ثلاثين سوطا) (٢) ، وبين خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجلين يوجدان في لحاف واحد فقال : يجلدان غير سوط واحد) (٣) والأخبار لم تشترط التجرد من الثياب فاشتراط كما في فتاوى الأصحاب ليس في محله ، نعم لو كان القيد أنهما ناما تحت لحاف واحد بريبة جلدا كان أولى.

وكذلك التقييد بعدم الرحمية بينهما لأن الغالب من غير الأرحام يكون نومهم بريبة إذا اجتمعوا تحت لحاف واحد ، وعليه فلو كانا أخوين وكان نومهما بريبة فلا بد من ثبوت الحكم عليهما بتنقيح المناط.

وذهب الصدوق وابن الجنيد إلى الجلد مائة تمام الحد لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (حد الجلد أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يجلدان إذا وجدا في لحاف واحد الحد ، والمرأتان تجلدان إذا وجدتا في لحاف واحد) (٤) ، وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان علي عليه‌السلام إذا أخذ الرجلين في لحاف ضربهما الحد ، وإذا أخذ المرأتين في لحاف ضربهما الحد) (٥) ومثلها غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١٨.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١٨ و ١ و ٦.

٢٨٩

أما تحديده في جانب الزيادة فلأنه ليس بفعل يوجب الحد كملا. فلا يبلغ به ، ولقول الصادق عليه‌السلام في المرأتين تنامان في ثوب واحد فقال : تضربان فقلت : حدا؟ قال : لا وكذا قال في الرجلين (١) ، وفي رواية ابن سنان (٢) عنه عليه‌السلام : «يجلدان حدا غير سوط واحد».

وأما في جانب النقيصة فلرواية سليمان بن هلال عنه قال : يضربان ثلاثين سوطا.

وطريق الجمع الرجوع فيما بين الحدين إلى رأي الحاكم ، والتقييد بنفي الرحم بينهما ذكره المصنف كغيره. تبعا للرواية (٣).

ويشكل بأن مطلق الرحم لا يوجب تجويز ذلك (٤) ، فالأولى ترك القيد ، أو التقييد بكون الفعل محرّما.

(والسّحق يثبت بشهادة أربعة رجال) عدول ، لا بشهادة النساء منفردات ، ولا منضمات(أو الإقرار أربعا) من البالغة الرشيدة الحرة المختارة كالزنا (٥) (وحدّه مائة جلدة (٦) حرة كانت كل واحدة منهما أو أمة. مسلمة أو كافرة. محصنة أو)

______________________________________________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١٦.

(٢) قد تقدمت في الشرح سابقا.

(٣) مع أنه عليه أن يقيد بغير الضرورة كما في الرواية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فعدم الرحمية لإثبات أن النوم لريبة فالاولى الاقتصار عليه.

(٤) أي نومهما تحت لحاف واحد.

(٥) وقد تقدم أن إثباته كإثبات اللواط فراجع ، نعم لا تقبل شهادتهن منفردات لما ورد من عدم قبول شهادتهن في الحدود إلّا ما خرج مثل خبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تجوز شهادة النساء في الحد ولا في القود) (١).

(٦) كما عليه الأكثر لموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (السحاقة تجلد) (٢) وظاهر الحد مائة لأنه في قبال الرجم ، وللمرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (السحق في النساء كاللواط في الرجال ولكن فيه جلد مائة ، لأنه ليس فيه إيلاج) (٣) ، وعن الشيخ في النهاية والقاضي وأبو الصلاح وابن حمزة أنها ترجم مع الإحصان وتجلد مع عدمه لصحيح ابن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢٩.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد السحق والقيادة حديث ٢ و ٣.

٢٩٠

(غير محصنة. فاعلة أو مفعولة) ولا ينتصف هنا في حق الأمة (١). ويقبل دعواها إكراه مولاتها كالعبد (٢) ، كل ذلك (٣) مع بلوغها وعقلها ، فلو ساحقت المجنونة ، أو الصغيرة أدّبتا خاصة ، ولو ساحقتهما بالغة حدّث دونهما.

وقيل : ترجم مع الإحصان ، لقول الصادق عليه‌السلام (٤) : «حدها حد الزاني» وردّ بأنه أعم من الرجم فيحمل على الجلد جمعا.

(وتقتل) المساحقة(في الرابعة (٥) لو تكرر الحد ثلاثا). وظاهرهم هنا عدم الخلاف وأن حكمنا بقتل الزاني واللائط في الثالثة كما اتفق في عبارة المصنف.

(ولو تابت قبل البينة سقط الحد) لا إذا تابت بعدها(ويتخير الإمام لو تابت بعد الإقرار) كالزنا واللواط.

______________________________________________________

ـ أبي حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال : حدها حد الزاني ، فقالت المرأة : ما ذكر الله ذلك في القرآن؟ فقال عليه‌السلام : بلى ، قالت : أين؟ قال : هنّ أصحاب الرس) (١) ، وحد الزاني مشترك بين الجلد والرجم والتفريق بينهما بالإحصان وعدمه.

وفيه : إن حد الزاني أعم من الرجم والجلد فيحمل على الجلد جمعا بينها وبين موثق زرارة والمرسل. هذا ما أشكل عليه ،

إلّا أنه سيأتي أن حكم المحصنة هو الرجم في مسألة ما لو ساحقت المحصنة بكرا من نصوص صحيحة السند فلا بد من العمل بها حينئذ.

(١) أي الحد في باب المساحقة لعموم الدليل المتقدم الشامل لكل ما ذكر.

(٢) لأن المساحقة كاللواط فكل ما ثبت هناك يثبت هنا.

(٣) من جلدها مائة بالإقرار أو الشهادة.

(٤) في صحيح ابن أبي حمزة وهشام وحفص المتقدم.

(٥) على الخلاف المتقدم في باب اللواط كما صرح به غير واحد كما في الجواهر ، فجعل الشارح المسألة هنا غير خلافية ليس في محله خصوصا بعد تصريحه في المسالك بأن الكلام في هذه المسألة كالكلام في نظائرها هذا من جهة ومن جهة أخرى العجب من المصنف أنه حكم بالقتل هنا في الرابعة وفي الزنا واللواط في الثالثة مع أن الجميع من واد واحد.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد السحق والقيادة حديث ٤.

٢٩١

(وتعزر الأجنبيتان إذا تجردتا تحت إزار) بما لا يبلغ الحد (١) (فإن عزرتا مع تكرار الفعل مرتين حدتا في الثالثة) (٢) فإن عادتا عزرتا مرتين ثم حدتا في الثالثة(وعلى هذا) أبدا.

وقيل : تقتلان في الثالثة.

وقيل : في الرابعة. والمستند ضعيف وقد تقدم وجه التقييد بالأجنبيتين.

(ولو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر (٣) فالولد للرجل) لأنه مخلوق

______________________________________________________

(١) من ثلاثين إلى تسعة وتسعين على المشهور ، ومن تمام الحد عند غيره كما تقدم في باب اللواط.

(٢) حدا كاملا أي جلد مائة وعليه مشهور المتأخرين ، وذهب ابن إدريس إلى القتل في الثالثة لأن النوم تحت لحاف واحد كبيرة وأصحاب الكبائر يقتل فاعلها في الثالثة كما تقدم.

وذهب الشيخ في النهاية وابن البراج والعلامة في المختلف إلى قتلهما بالرابعة لرواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا ينبغي لامرأتين تنامان في لحاف واحد إلا وبينهما حاجز ، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك ، فإن وجدتا في الثالثة حدتا ، فإن وجدتا في الرابعة قتلتا) (١) ، ولضعف المستند وللاحتياط في التهجم على الدماء لم يذهب المشهور إلى القتل في الرابعة وإنما التعزير في كل مرة والجلد في كل ثالثة.

(٣) ذهب الشيخ وأتباعه أنه على المرأة الرجم وعلى الصبية الجلد بعد الوضع ، ويلحق الولد بالرجل وتلزم المرأة بالمهر للبكر لصحيح ابن مسلم : (سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام يقولان : بينما الحسن بن علي في مجلس أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ أقبل قوم فقالوا : يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنين ، قال : وما حاجتكم؟ قالوا : أردنا أن مسأله عن مسألة ، قال : وما هي تخبرونا بها؟ قالوا : امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر فساحقتها فوقعت النطفة فيها فحملت ، فما تقول في هذا؟

فقال الحسن : معضلة وأبو الحسن لها ، وأقول : فإن أصبت فمن الله ومن أمير المؤمنين وإن أخطأت فمن نفسي ، فأرجو أن لا أخطئ إن شاء الله ، يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة لأن الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ، ثم ترجم المرأة لأنها محصنة وينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويرد الولد إلى أبيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحدّ ، فانصرف القوم من عند الحسن عليه‌السلام فلقوا أمير ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢٥.

٢٩٢

من مائه ، ولا موجب لانتفائه عنه ، فلا يقدح كونها (١) ليست فراشا له ، ولا يلحق بالزوجة قطعا ، ولا بالبكر على الأقوى (٢) (وتحدان) المرأتان حد السحق (٣) ، لعدم الفرق فيه بين المحصنة وغيرها (٤) (ويلزمها) أي الموطوءة (٥) ضمان(مهر المثل للبكر)

______________________________________________________

ـ المؤمنين عليه‌السلام فقال : ما قلتم لأبي محمد وما قال لكم؟ فأخبروه ، فقال : لو أنني المسئول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني) (١) ومثله غيره.

وناقش ابن إدريس :

أولا : بأن الأصحاب لا يرجمون المساحقة فكيف حكم برجم المساحقة في الخبر.

وثانيا : بأن الولد غير مولود على فراش الرجل لأن الجارية ليست زوجة ولا ملكا له فكيف يلحق به.

وثالثا : إلزام المهر على الفاعلة ليس في محله لأن البكر ليست مكرهة بل مطاوعة ولذا تجلد ولا مهر لبغي فكيف يكون لها مهر. وبعضهم وافقه على إشكال الرجم ترجيحا لما دل على الجلد ، وأما الإشكالان الأخيران فمردودان أما الولد فيلحق بالرجل لأنه من نطفته فيلحق به شرعا وعرفا وهذا أصل خرج منه ماء الزاني للنص فيبقى الباقي.

وأما المهر لأن المرأة سبب في إذهاب عذرة البكر ، ودية العذرة مهر نسائها فقياسها على الزانية في سقوط دية العذرة ليس في محله لأن الزانية أذنت في الافتضاض وأما البكر فلم تأذن ، هذا فضلا عن أن النص السابق حائز على شرائط العمل به لأنه صحيح ويوافقه غيره من الأخبار فلا بد من العمل به ، ولعل رجمها إما لخصوصية في هذه المسألة وإما لأن حكم المحصنة إذا ساحقت هو الرجم وهو الظاهر كما عليه الشيخ وجماعة ويؤيده صحيح ابن أبي حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد الله المتقدم سابقا فراجع.

(١) كون البكر.

(٢) قال الشارح في المسالك : «إلحاقه بها وجهان من حيث إنه ولدته من غير زنا فيلحق بها ، ومن انتفاء سبب الإلحاق وهو العقد الصحيح أو الشبهة لأنه بحكم الزنا ولهذا يجب عليها الحد وهو أقوى».

(٣) وهو الجلد على مبنى الشارح.

(٤) وقد عرفت الفرق فضلا عن دلالة الصحيحة عليه فترجم المحصنة وتجلد البكر.

(٥) أي زوجة الرجل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد السحق والقيادة حديث ١.

٢٩٣

لأنها سبب في إذهاب عذرتها ، وديتها مهر نسائها ، وليست كالزانية المطاوعة ، لأن الزانية أذنت في الافتضاض ، بخلاف هذه.

وقيل : ترجم الموطوءة استنادا إلى رواية ضعيفة السند (١) مخالفة لما دل على عدم رجم المساحقة مطلقا (٢) من الأخبار الصحيحة (٣).

وابن إدريس نفى الأحكام الثلاثة.

أما الرجم فلما ذكرناه ، وأما إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادته على فراشه والولد للفراش ، وأما المهر فلأن البكر بغي بالمطاوعة فلا مهر لها. وقد عرفت جوابه.

(والقيادة : الجمع بين فاعلي الفاحشة) من الزنا واللواط والسحق(وتثبت بالإقرار مرتين (٤) من الكامل) بالبلوغ والعقل والحرية(المختار) غير المكره ، ولو أقر مرة واحدة عزر(أو بشهادة شاهدين (٥) ذكرين عدلين(والحد) للقيادة(خمس وسبعون جلدة (٦) حرا كان) القائد(أو عبدا. مسلما) كان(أو كافرا.)

______________________________________________________

(١) وقد عرفت أنها صحيحة السند بالإضافة إلى تصريحه بالصحة في المسالك ، فضلا عن موافقتها لعدة أخبار وقد عقد لها صاحب الوسائل بابا فراجع ، وهذا ما يوجب الاطمئنان بصدورها.

(٢) سواء كانت محصنة أو لا.

(٣) وقد عرفت أن التي حكمت بجلد المساحقة هي موثق زرارة والمرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، بل الصحيح قد دل على رجم المحصنة.

(٤) فلا نص خاص في ذلك ، فيجب أن يكتفي بالإقرار مرة ، ولكن ظاهرهم الاتفاق على المرتين هنا وقال سيد الرياض : «ومستندهم غير واضح» ، نعم عن المراسم والمختلف أن كل ما فيه بينة شاهدين من الحدود فالإقرار فيه مرتان ، وفيه : إن تم الإجماع فهو وإلّا فعموم نفوذ الإقرار يوجب الاكتفاء بالواحد.

وعن التحرير أنه لو أقرّ مرة عزر لما مرّ في نظائره من أنه فعل محرّم من الكبائر ، وكل ما كان من الكبائر يوجب إقراره أكثر من مرة الحد فلا بدّ أن يعزّر في المرة الأولى ، وكما ترى أرسله من دون دليل قد استند عليه.

(٥) بلا خلاف فيه لعموم أدلة البينة ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات أو منضمات لما مرّ من عدم قبول شهادتهن في الحد كما في خبر غياث بن إبراهيم المتقدم.

(٦) ثلاثة أرباع حد الزاني بلا خلاف فيه لخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام :

٢٩٤

(رجلا) كان(أو امرأة).

(وقيل) والقائل الشيخ : يضاف إلى جلده أن(يحلق رأسه ويشهّر) في البلد(وينفى) عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة نفيه(بأول مرة) ، لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ووافقه المفيد على ذلك ، إلا أنه جعل النفي في الثانية(ولا جزّ على المرأة ، ولا شهرة ، ولا نفي) (١) للأصل ، ومنافاة النفي لما يجب مراعاته من ستر المرأة.

(ولا كفالة في حد) (٢) بأن يكفل لمن ثبت عليه الحد إلى وقت متأخر عن

______________________________________________________

ـ (سأله عن القواد فقال عليه‌السلام : يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة وسبعين سوطا وينفى من المصر الذي هو فيه) (١) وهو عام يشمل الرجل والمرأة والمسلم والكافر والحر والعبد.

إلّا أنهم اختلفوا في ثبوت آخر مع الجلد ، فعن الشيخ في النهاية أثبت مع الجلد حلق الرأس وشهرته في البلد والنفي من بلده إلى غيره ، وعن المفيد يجلد في المرة الأولى ويحلق رأسه ويشهّر فإن عاد ثانية جلد ونفي وتبعه أبو الصلاح وسلّار ، وزاد أبو الصلاح فإن عاد ثالثة جلد وإن عاد رابعة استتيب فإن تاب قبلت توبته وجلد وإن أبى التوبة قتل ، وإن تاب في الرابعة ثم أحدث بعد التوبة خامسة قتل على كل حال.

والرواية لم تذكر مع الجلد إلّا النفي ، وادعى الإجماع كما في الانتصار والغنية على الحلق والتشهير ، وهذا هو مستند قول الشيخ.

ولا يوجد ما يدل على قول المفيد ، نعم ما ذكره أبو الصلاح يؤيده ما قاله ابن زهرة في الغنية : «وروي أنه إن عاد ثالثة جلد فإن عاد رابعة عرضت عليه التوبة فإن أبى قل ، وإن أجاب قبلت توبته وجلد فإن عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير أن يستتاب» إلا أن المشهور بين المتأخرين اقتصروا على الضرب لأن في طريقها محمد بن سليمان وهو مشترك بين الثقة وغيره فيقتصر في مقام العمل بها على القدر المتيقن وهو الجلد ، وأما غيره من النفي والتشهير والحلق فمشكوك فالأصل البراءة بعد ضعف ما رواه ابن زهرة.

(١) نفي الثلاثة عن المرأة موطن اتفاق كما في الجواهر ، لأن الخبر محمول على الرجل ففي المرأة فالأصل العدم مضافا إلى أن النفي والشهرة يخالف صون المرأة ووجوب الحفاظ عليها حتى لا تقع في طريق الفاحشة.

(٢) الكفالة هي تأخير الحد بطلب من شخص مع كفالته بإحضاره ، وهي منفية سواء كان ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب حد السحق والقيادة حديث ١.

٢٩٥

وقت ثبوته(ولا تأخير فيه) (١) ، بل يستوفى متى ثبت ، ومن ثم حدّ شهود الزنا قبل كمالهم في مجلس الشهادة (٢) وإن كان الانتظار يوجب كمال العدد(إلا مع العذر) المانع من إقامته (٣) في ذلك الوقت(أو توجه ضرر به) (٤) فتشرع الكفالة والتأخير إلى وقت القدرة(ولا شفاعة في إسقاطه) (٥) ،

______________________________________________________

ـ الحد للزنا أو لغيره بلا خلاف فيه لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كفالة في حد) (١).

(١) في الحد ، فلا يؤخر ولو ساعة بعد ثبوت موجبه ، ففي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (ليس في الحدود نظر ساعة) (٢) وفي مرسل الصدوق عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (إذا كان في الحد لعلّ أو عسى فالحد معطّل) (٣).

(٢) كما في خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال علي عليه‌السلام : أين الرابع؟ قالوا : الآن يجي‌ء ، فقال علي عليه‌السلام : حدّوهم فليس في الحدود نظر ساعة) (٤).

(٣) كما لو كان في شدة البرد أو شدة الحر أو في أرض العدو ، فقد وردت الأخبار بالنهي عن إقامته في هذه الموارد الثلاثة ، ففي مرسل داود : (مررت مع أبي عبد الله عليه‌السلام بالمدينة في يوم بارد وإذا رجل يضرب بالسياط ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : سبحان الله في مثل هذا الوقت يضرب؟ قلت له : وللضرب حدّ ، قال : نعم إذا كان في البرد ضرب في حر النهار ، وإذا كان في الحر ضرب في برد النهار) (٥) وفي خبر إسحاق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تقام الحدود بأرض العدو مخافة أن تحمله الحمية فيلحق بالعدو) (٦).

(٤) بالحد على المحدود كما لو كان مريضا أو امرأة حامل.

(٥) بلا خلاف فيه لأخبار منها : خبر المثنى الحنّاط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأسامة بن زيد : لا يشفع في حد) (٧) وخبر محمد بن قيس عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٢.

٢٩٦

لأنه حق الله ، أو مشترك (١) ولا شفاعة في إسقاط حق الله تعالى. قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كفالة في حد وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لا يشفعن أحد في حدّ» وقال عليه‌السلام : ليس في الحدود نظرة ساعة.

(الفصل الثالث ـ في القذف) (٢)

(وهو الرمي بالزنا ، أو اللواط (٣) مثل قوله : زنيت) بالفتح(أو لطت ، أو)

______________________________________________________

ـ جعفر عليه‌السلام : (كان لأم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمة فسرقت من قوم ، فأتى بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكلمته أم سلمة فيها فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أم سلمة هذا حدّ من حدود الله لا يضيع ، فقطعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يشفعنّ أحد في حد إذا بلغ الإمام فإنه لا يملكه ، واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم) (٢).

(١) بين حق الله وحق الناس كحد القذف.

(٢) وهو لغة الرمي ، وكأن الساب الذي يسبّ الآخر بالفعل الشنيع من الزنا أو اللواط يكون قد رماه بالكلمة المؤذية.

وهو من الكبائر بل من السبع الموبقات ففي صحيح مسعدة بن صدقة : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام : الكبائر القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله وقتل النفس التي حرم الله وعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الربا بعد البينة والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف) (٣).

(٣) والرمي بهما موطن وفاق ، وأما الرمي بالسحق فذهب بعضهم كابن الجنيد والمحقق إلى تحققه بالرمي به ، لأن السحق كالزنا من ثبوت الحد فيه واعتبار شهادة الأربع والإقرار كذلك ، وذهب العلّامة وابن إدريس إلى العدم للأصل ، ولحصر الفرية في ثلاثة وجوه ـ ليس الرمي بالسحق منها ـ في حسنة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الفرية ثلاث ـ يعني ثلاث وجوه ـ : رمي الرجل بالزنا ، وإذا قال إن أمه زانية ، وإذا ادعي لغير أبيه ، فذلك فيه حدّ ثمانون) (٤).

وفيه : إن الحصر إضافي إذ لم يذكر الرمي باللواط مع أنه وفاقي.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد القذف حديث ٢.

٢٩٧

(أنت زان أو لائط وشبهه) من الألفاظ الدالة على القذف(مع الصراحة (١) والمعرفة) (٢) أي معرفة القاذف(بموضوع اللفظ بأي لغة كان) وإن لم يعرف المواجه معناه ، ولو كان القائل جاهلا بمدلوله فإن عرف أنه يفيد فائدة يكرهها المواجه عزر (٣) ، وإلا فلا(أو قال لولده الذي أقر به (٤). لست ولدي) أو لست لأبيك ، أو زنت بك أمك ، ولو لم يكن قد أقرّ به لكنه لاحق به شرعا بدون الإقرار فكذلك ، لكن له دفع الحد باللعان ، بخلاف المقرّ به فإنه لا ينتفي مطلقا (٥) (ولو قال لآخر) غير ولده : (زنا بك أبوك ، أو يا ابن الزاني حدّ للأب) خاصة (٦) ، لأنه قذف له دون المواجه ، لأنه لم ينسب إليه فعلا لكن يعزر له كما سيأتي ، لتأذيه به.

(ولو قال : زنت بك أمك أو يا ابن الزانية حد للأم ، ولو قال : يا ابن الزانيين فلهما ، ولو قال : ولدت من الزنا (٧) فالظاهر القذف للأبوين) ، لأن تولده

______________________________________________________

(١) أي تكون الألفاظ ظاهرة في نسبة الزنا أو اللواط إلى المواجه.

(٢) أي معرفة القاذف بما دفع له اللفظ لغة أو عرفا ، وإن لم يعرف المخاطب ، وجهل المخاطب لا يضر ، كما أن جهل المتكلم بما وضع له اللفظ لا يحقق مفهوم الرمي والقذف بالفعل الشنيع من الزنا ونحوه.

(٣) لإقدامه على الفعل المحرم وإن لم يعرف ماهيته.

(٤) أو حكم له به شرعا ، فقال له : لست ولدي ، فيجب عليه الحد بلا خلاف ، لأنه قذف لأمه صراحة ، وفي خبر السكوني عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (من أقرّ بولد ثم نفاه وجب الحد وألزم الولد) (١).

(٥) سواء لاعن القاذف أو لا.

(٦) لأن القذف حقيقة للأب دون الولد ، وإن كان الولد هو المخاطب بالكلام ، نعم يعزّر القاذف لأنه قد أذّى المخاطب بتوجيه قذف أبيه إليه بلا خلاف فيه.

(٧) ففي وجوب الحد قولان :

الأول : ثبوت الحد ـ وهو الأشهر ـ لتصريحه بالقذف لكن وقع الاشتباه في متعلق القذف الذي هو مستحق الحد ولذا ذهب الشيخان والقاضي والمحقق في النكت أنه للأم ، لاختصاصها بالولادة ، وقد عدّى القاذف الولادة إلى الزنا بحرف الجر ، ومقتضاه نسبة الأم إلى الزنا فيكون قد خصّ الأم بالقذف ، وذهبت جماعة إلى أن القذف للأبوين لأن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب حد القذف حديث ١.

٢٩٨

إنما يتحقق بهما وقد نسبه (١) إلى الزنا فيقوم بهما (٢) ويثبت الحد لهما ، ولأنه الظاهر عرفا.

وفي مقابلة الظاهر كونه قذفا للأم خاصة ، لاختصاصها بالولادة ظاهرا.

ويضعف بأن نسبته (٣) إليهما واحدة ، والاحتمال قائم فيهما (٤) بالشبهة فلا يختص أحدهما به (٥).

وربما قيل بانتفائه لهما (٦) ، لقيام الاحتمال بالنسبة إلى كل واحد وهو دارئ للحد إذ هو شبهة.

والأقوى الأول إلا أن يدعي (٧) الإكراه ، أو الشبهة في أحد الجانبين فينتفي حده.

(ومن نسب الزنا إلى غير المواجَه) كالأمثلة السابقة(فالحد للمنسوب إليه ويعزر للمواجه أن تضمن شتمه وأذاه) كما هو الظاهر في الجميع.

______________________________________________________

ـ الولادة لا تتم إلا بهما فنسبة الولادة إلى الزنا هي نسبة الوالدين إليه ، وهو أحد قولي العلّامة.

القول الثاني : إنه لا يثبت لأحد الأبوين ولا للمخاطب حدّ على القاذف ، أما المخاطب وهو الولد فلم ينسب الفعل إليه ، وإما الأبوان فلأن اللفظ المذكور يحتمل أن يحمل على نسبة الزنا للأم لأن الأب مشتبه أو مكره ، ويحتمل أن يحمل على نسبة الزنا للأب لأن الأم كذلك ، ويحتمل أن يحمل على نسبة الزنا للوالدين ، فإذا تعدد الاحتمال لم يعلم كونه قذفا صريحا لأحدهما ، وحد القذف متوقف على مطالبة المقذوف ، ومع عدم تعينه فلا يثبت الحد ، وفيه : إن الحد لا يخرج عن الأبوين فلو اجتمعا وطالبا بالحد فوجب أن يثبت لأن المستحق للحد لا يعدوهما فلا يمكن إسقاط الحد حينئذ.

(١) نسب التولد.

(٢) أي التولد قائم بالأبوين.

(٣) نسبة التولد.

(٤) في الأبوين.

(٥) باحتمال الشبهة بل يعمهما.

(٦) بانتفاء القذف للأبوين.

(٧) القاذف.

٢٩٩

(ولو قال لامرأة : زنيت بك (١) احتمل الإكراه فلا يكون قذفا لها) لأن المكره غير زان ، ومجرد الاحتمال كاف في سقوط الحد ، سواء ادعاه القاذف أم لا ، لأنه شبهة يدرأ بها الحد.

(ولا يثبت الزنا في حقه إلّا بإقرار أربع مرات) كما سبق (٢).

ويحتمل كونه قذفا ، لدلالة الظاهر عليه ، ولأن الزنا فعل واحد يقع بين اثنين ، ونسبة أحدهما إليه بالفاعلية ، والآخر بالمفعولية.

وفيه أن اختلاف النسبة يوجب التغاير والمتحقق منه كونه هو الزاني.

والأقوى أنه قذف لها ، لما ذكر (٣) ، ولرواية محمد بن مسلم عن الباقر (٤)

______________________________________________________

(١) سواء كانت امرأته أو لا ، ففي كونه قذفا لها قولان :

الأول : أنه قذف لها لأن الزنا فعل واحد يقع من اثنين ونسبته إلى أحدهما بالفاعلية وإلى الآخر بالمفعولية ، فإذا اعترف بنسبة الفاعلية إليه فيكون قد اعترف بنسبة المفعولية إليها ، وهذا ما ذهب إليه المفيد والشيخ في النهاية والمبسوط وأتباعه.

الثاني : عدم كونه قذفا لأن نسبة الفاعلية إليها لا تستدعي نسبة مفعولية الزنا إليها ، لاحتمال أن تكون مكرهة وإليه ذهب ابن إدريس والمحقق والعلّامة وجماعة.

وأشكل على القول الثاني بأن لفظ : (زنيت بك) ظاهر في القذف واحتمال الإكراه لا معنى له بدليل ما لو قال شخص عن آخر : «إنه منكوح في دبره» فإنه قذف يوجب الحد بالإجماع مع احتمال الإكراه.

والإشكال مردود لأن الإكراه في النساء عادة بخلاف الإكراه في الرجال فهو نادر أو معدوم ، والأقوى أنه ليس بقذف لاحتمال الإكراه ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في رجل قال لامرأته : يا زانية ، أنا زنيت بك ، قال عليه‌السلام : عليه حد واحد لقذفه إياها ، وأما قوله : أنا زنيت بك فلا حد عليه إلا أن يشهد على نفسه أربع مرات عند الإمام) (١).

(٢) في باب الزنا واللواط وصريح صحيح ابن مسلم المتقدم دال عليه.

(٣) من دلالة الظاهر عليه عرفا ، وفيه : قد تقدم ضعفه.

(٤) وهي الصحيح المتقدم بدعوى أن صورها قد أوجب الحد عليه لأنه قال لها : أنا زنيت بك ، وفيه : إن الحد في الصور لأنه قال لها : يا زانية ، وأما قوله : «أنا زنيت بك» مجردا كما هو مفروض المسألة هنا فقد صرح ذيل الخبر بعدم الحد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب حد القذف حديث ١.

٣٠٠