الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الرجم في الشيخ والشيخة لإطلاق نصوص الرجم منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم) (١) ، وهو محجوج بما دل على تقييدها بالجمع بين الجلد والرجم في الشيخ والشيخة كما في النصوص المتقدمة.

وأما في الشاب والشابة إذا كانا محصنين فقد وقع بينهم الخلاف فقد ذهب إلى الجمع بين الجلد والرجم فيها الشيخان والمرتضى والحلي وعامة المتأخرين كما في الجواهر ، وجعله المرتضى من منفردات الإمامية لأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم) (٢). وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم) (٣) ، وللجمع بين دلالة الآية بالجلد وبين نصوص رجم المحصن الشامل للشاب كخبر سماعة المتقدم.

وذهب الشيخ في النهاية وكتابي الحديث والاستبصار وبنو زهرة وسعيد وحمزة وجماعة من المتأخرين إلى رجم الشاب المحصن فقط دون الجلد لرواية عبد الله بن طلحة المتقدمة : (وإذا زنى النصف من الرجال رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن) (٤) ولخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يجلد ، وذكروا أن عليا رجم بالكوفة وجلد ، فأنكر ذلك أبو عبد الله عليه‌السلام وقال : ما نعرف هذا ، أي لم يحد رجلا حدين جلد ورجم في ذنب واحد) (٥). ولصحيحة عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الرجم حد الله الأكبر والجلد حد الله الأصغر ، فإذا زنى الرجل المحصن رجم ولم يجلد) (٦).

وأشكل بأن رواية عبد الله بن طلحة ضعيفة السند كما في المسالك وذلك لأن عبد الله بن طلحة مجهول وكذلك إبراهيم بن صالح الواقع في السند مع أن هذه الرواية هي التي يقع فيها الجمع بين الأخبار ، لأنها حددت حكم الشيخ وحكم المحصن وحكم غير المحصن وأشكل على رواية أبي العباس بأنه لا يصح الاعتماد عليها للنصوص الواردة في الشيخ وقد جمعت بين حدين في ذنب واحد.

ومع ذلك تبقى صحيحة عاصم بن حميد لا إشكال فيها من ناحية السند وهي صريحة في عدم جلد المحصن فتصلح دليلا للجمع بين الأخبار ومؤيدا لخبر عبد الله بن طلحة ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٠.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٨ و ١٤ و ١١ و ٥ و ١.

٢٤١

دليل الآية (١) ، والرواية (٢).

وقيل : إنما يجمع بينهما على المحصن إذا كان شيخا أو شيخة (٣) ، وغيرهما يقتصر فيه (٤) على الرجم (٥).

وربما قيل (٦) بالاقتصار على رجمه مطلقا (٧).

والأقوى ما اختاره المصنف ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (٨). وفي كلام علي عليه‌السلام (٩) حين جمع للمرأة بينهما ، جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومستند التفصيل (١٠) رواية (١١) تقصر عن ذلك (١٢) متنا (١٣) وسندا (١٤).

وحيث يجمع بينهما (١٥)

______________________________________________________

ـ فالأقوى أن المحصن لا يثبت في حقه إلّا الرجم فقط بحمل كل نصوص الجلد والرجم على الشيخ والشيخة.

(١) وهي قوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (١).

(٢) وهي موثق سماعة المتقدم.

(٣) بالاتفاق إلا من العماني.

(٤) في الغير.

(٥) كما هو الأقوى.

(٦) للعماني.

(٧) أي على رجم المحصن سواء كان شيخا وعجوزا أو لا.

(٨) أي على الجمع في المحصن وهي صحيح محمد بن مسلم وصحيح زرارة المتقدمان.

(٩) في مرسل البيهقي المتقدم.

(١٠) بين الشيخ والشيخة فالجمع بين الجلد والرجم وبين الشاب والشابة فالرجم فقط.

(١١) وهي رواية عبد الله بن طلحة.

(١٢) عن التفصيل.

(١٣) أي لم تذكر حكم الشاب المحصن كما صرح به في المسالك ، وفيه : إنه داخل في النصف من الرجال.

(١٤) قد تقدم ، غير أنك عرفت وجود صحيح عاصم بن حميد الدال على عدم جلد المحصن.

(١٥) قدم الجلد وجوبا لئلا يفوت الجلد في العكس بلا خلاف فيه ولأخبار منها : صحيح ـ

__________________

(١) النور الآية : ٢.

٢٤٢

(فيبدأ بالجلد) أولا وجوبا لتحقق فائدته (١) ولا يجب الصبر به (٢) حتى يبرأ جلده على الأقوى ، للأصل (٣) وإن كان التأخير أقوى في الزجر. وقد روي (٤) أن عليا عليه‌السلام جلد المرأة يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة.

وكذا القول في كل حدين اجتمعا ويفوت أحدهما بالآخر فإنه يبدأ بما يمكن معه الجمع ، ولو استويا تخير.

(ثم تدفن المرأة إلى صدرها ، والرجل إلى حقويه) (٥) ...

______________________________________________________

ـ زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أيما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل ، يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد ذلك) (١). وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل فقال : كان علي عليه‌السلام يقيم الحدود ثم يقتله ولا تخالف عليا) (٢). فما عن بعض العامة من الاكتفاء بالقتل لأنه يأتي على الجميع لا وجه له.

(١) فائدة الجمع فلا يفوت الجلد كما في العكس.

(٢) أي بالمحدود حتى يبرأ جلده ، قيل : نعم كما عن الشيخين وبني زهرة وحمزة والبراج تأكيدا في الزجر ، وقال ابن إدريس والمتأخرون لا يجب ، وإنما هو مستحب لأن القصد الإتلاف فلا فائدة في الانتظار مع ما ورد سابقا أنه لا نظرة في الحدود ، وبالأخير تمسك الأردبيلي في مجمع البرهان على عدم جواز التأخير ، وعن بعضهم أنه يقتل بعد يوم من جلده كما فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام ذلك في شراحة حيث جلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة.

(٣) أصالة عدم وجوب التأخير عند الشك فيه.

(٤) من طرق العامة فقط وقد تقدم.

(٥) الحقو بفتح الحاء وهو الخصر ومشد الإزار ، أما في الرجل فقد ورد معتبرة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس بأحجار صغار ، ولا يدفن الرجل إذا رجم إلا إلى حقويه) (٣).

وأما في المرأة فإلى صدرها فهو الأشهر لما روى من طرق العامة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (حفر للغامدية إلى الصدر) (٤) ، وما قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام من أنه روي من دفن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

(٤) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٣٩.

٢٤٣

وظاهره كغيره (١) : إن ذلك على وجه الوجوب. وهو في أصل الدفن حسن للتأسي أما في كيفيته فالأخبار مطلقة ، ويمكن جعل ذلك (٢) على وجه

______________________________________________________

ـ شراحة إلى منكبها أو ثدييها ، مع أنه في معتبرة إسحاق المتقدمة أن الدفن إلى وسطها وفي خبر أبي مريم ـ وهو صحيح السند ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام في قضية المرأة التي أقرت أربعا بالزنا في عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ : (ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في الرحبة وخاط عليها ثوبا جديدا ، وأدخلها الحفيرة إلى الحقو وموضع الثديين) (١) ، كما في الوسائل والفقيه ، مع أنه في الجواهر : (إلى الحقو دون موضع الثديين) وهو الصحيح لأن الحقو دون الثديين لا في موضع الثديين كما احتمله بعضهم من أن موضع الثديين تحديد لموطن الحقو.

وعلى كل فالأخبار المعتبرة تدل على الحفر إلى وسطها المقارب للحقو فلا فرق بينها وبين الرجل أو أن الفرق كالفرق بين السرة والحقو ، والاختلاف في الروايات ليس بأشد من الاختلاف بين الفقهاء ، فالأشهر إلى الثديين كما عرفت ، وعن المقنع أن الرجم أن يحفر له حفيرة مقدار ما يقوم فيها بطوله إلى عنقه ، وعن الغنية والمقنعة التسوية بين الرجل والمرأة إلى الصدر ، وعن المراسم الحفر للرجل إلى صدره وللمرأة إلى وسطها ، وعن ابن حمزة نفي الحفر والدفن إذا ثبت الزنا بالإقرار لما روي من أن النبي حفر للعامرية ولم يحفر للجهنية (٢) ، ولما رواه أبو سعيد الخدري في قصة ماعز : (أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برجمه فانطلقنا به إلى بقيع الفرقد فما أوثقناه ولا حفرنا له حفيرة ورميناه بالعظام والمدر والخرق ثم اشتد واشتددنا حتى أتى الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت) (٣). إلا أنه معارض بخبر الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ : (وذلك أن ماعز بن مالك أقرّ عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفيرة) (٤).

ولذا مال الشهيد الثاني في المسالك إلى استحباب أصل الدفن لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حفر للعامرية ولم يحفر للجهنية كما تقدم واستحسن في الروضة وجوب أصل الدفن للتأسي وأما الكيفية فالمستحب إلى صدرها لأن الوارد إلى وسطها كما في معتبرة إسحاق.

(١) أي ظاهر المصنف كغيره من الفقهاء.

(٢) جعل الدفن إلى الثديين في المرأة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

(٢) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢١.

(٣) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٤٤

الاستحباب ، لتأدي الوظيفة المطلقة بما هو أعم (١). وروى سماعة عن الصادق عليه‌السلام قال : «تدفن المرأة إلى وسطها ، ولا يدفن الرجل إذا رجم إلا إلى حقويه» ونفى في المختلف البأس عن العمل بمضمونها.

وفي دخول الغايتين في المغيّا (٢) وجوبا واستحبابا نظر. أقربه العدم (٣) فيخرج الصدر والحقوان عن الدفن ، وينبغي على الوجوب إدخال جزء منهما (٤) من باب المقدمة(فإن فرّا) (٥) من الحفيرة بعد وضعهما فيها(أعيدا إن ثبت) الزنا(بالبينة (٦) ،

______________________________________________________

(١) من الدفن إلى الصدر أو غيره.

(٢) من دخول الصدر والحقو في ما يدفن من المرأة والرجل.

(٣) لعدم مفهوم الغاية.

(٤) من الصدر والحقو.

(٥) فإذا كان الزنا ثابتا بالبينة وجب إعادة المرجوم إلى الحفيرة لأنه محكوم بالإتلاف وإعادته مقدمة لإتلافه فتجب ، بلا خلاف فيه ، لأخبار سيأتي التعرض لبعضها ، وإذا كان الزنا ثابتا بالإقرار لم يعد إلى الحفيرة سواء أصابته الحجارة أو لا ـ كما عن المفيد والحلبي وسلار بل نسب إلى الشهرة ـ لأنه يتضمن الرجوع عن الإقرار أو هو رجوع عن الإقرار والرجوع عن الإقرار مسقط للرجم وللمرسل : (عن المرجوم يفرّ قال : إذا كان أقرّ على نفسه فلا يردّ وإن كان شهد عليه الشهود يردّ) (١).

وعن النهاية والوسيلة إن فرّ قبل إصابته بالحجارة أعيد وإلا فلا لخبر الحسين بن خالد : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : أخبرني عن المحصن إذا هرب من الحفيرة هل يردّ حتى يقام عليه الحد؟ فقال : يردّ ولا يردّ ، قلت : وكيف ذاك؟ فقال : إن كان هو المقرّ على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شي‌ء من الحجارة لم يردّ ، وإن كان إنما قامت عليه البينة وهو يجحد ثم هرب ردّ وهو صاغر حتى يقام عليه الحد ، وذلك أن ماعز بن مالك أقرّ عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفرة ، فرماه الزبير بن العوام بساق بعير فعقله فسقط فلحقه الناس فقتلوه ، ثم أخبروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال لهم : فهلا تركتموه إذا هرب يذهب ، فإنما هو الذي أقرّ على نفسه ، وقال لهم : أما لو كان علي حاضرا معكم لما ضللتم ، ووداه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت مال المسلمين) (٢) ، والتفصيل هو المتعين إذا كان الزنا ثابتا بإقراره.

(٦) أصابته الحجارة أو لا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٤ و ١.

٢٤٥

(أو لم تصب الحجارة) بدنهما (١) (على قول) الشيخ وابن البراج ، والخلاف في الثاني خاصة (٢) ، والمشهور عدم اشتراط الإصابة (٣) ، للإطلاق (٤) ، ولأن فراره بمنزلة الرجوع عن الإقرار وهو أعلم بنفسه (٥) ، ولأن الحد مبني على التخفيف (٦).

وفي هذه الوجوه نظر.

ومستند التفصيل (٧) رواية الحسين بن خالد عن الكاظم عليه‌السلام وهو مجهول (٨) (وإلا) يكن ثبوته بالبينة ، بل بإقرارهما وإصابتهما الحجارة على ذلك القول(لم يعادا) اتفاقا. وفي رواية ماعز أنه لما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برجمه هرب من الحفيرة فرماه الزبير بساق بعير فلحقه القوم فقتلوه ، ثم أخبروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال : هلا تركتموه إذ هرب يذهب فإنما هو الذي أقر على نفسه ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما لو كان عليّ حاضرا لما ضللتم ، ووداه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت المال (٩).

______________________________________________________

(١) إذا كان الزنا ثابتا بإقراره.

(٢) أي فيما لم تصبه الحجارة وكان الزنا ثابتا بالإقرار.

(٣) فلا يردّ.

(٤) والرواية المطلقة هي مرسلة الصدوق : (سئل الصادق عليه‌السلام عن المرجوم يفرّ ، قال : إن كان أقرّ على نفسه فلا يردّ وإن كان شهد عليه الشهود يرد) (١). وهذه المرسلة لا تقاوم الأخبار المقيدة بين إصابة الحجارة وعدمها كخبر الحسين بن خالد المتقدم وخبر صفوان عن رجل عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : المرجوم يفرّ من الحفيرة فيطلب؟ قال : لا ، ولا يعرض له إن كان أصابه حجر واحد لم يطلب ، وإن هرب قبل أن تصيبه الحجارة ردّ حتى يصيبه ألم العذاب) (٢).

(٥) وهذا غير سديد إذ لعل هروبه خوفا من ألم الحد فلا يكون رجوعا بعد الإقرار.

(٦) وهو حدّ الزنا ولذا توقف على شهادة الأربع مع المعاينة وهذا أمر نادر ، إلا أنه أمر استحساني لا يصلح مدركا للحكم الشرعي.

(٧) بين عدم الرد إذا أصابته الحجارة والرد إذا لم تصبه الحجارة بناء على أن الزنا ثابت بالإقرار.

(٨) إلا أن خبره مؤيد بخبر أبي بصير المحمول على الزنا الثابت بالإقرار.

(٩) كما في رواية الحسين بن خالد المتقدمة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٤ و ٣.

٢٤٦

وظاهر الحكم بعدم إعادته سقوط الحد عنه فلا يجوز قتله حينئذ (١) بذلك الذنب ، فإن قتل عمدا اقتص من القاتل ، وخطأ الدية (٢). وفي الرواية إرشاد إليه (٣). ولعل إيداءه (٤) من بيت المال لوقوعه منهم خطأ مع كونه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حكّمهم فيه فيكون كخطإ الحاكم ، ولو فر غيره (٥) من المحدودين أعيد مطلقا (٦).

(و) حيث يثبت الزنا بالبينة(يبدأ) برجمه(الشهود) وجوبا (٧).

(وفي) رجم(المقر) يبدأ(الإمام عليه‌السلام) ويكفي في البداءة مسمى الضرب(وينبغي) على وجه الاستحباب(إعلام الناس) بوقت الرجم ليحضروا ، ويعتبروا ، وينزجر من يشاهده ممن أتى مثل ذلك ، أو يريده ، ولقوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ

______________________________________________________

(١) حين فراره من الحفرة بعد إصابة الحجارة له.

(٢) أي وإذا قتل خطأ فالدية.

(٣) إلى عدم جواز قتله بعد فراره ولذا قال : (لو كان علي حاضرا لما ضللتم) فيكون قتله ضلالا وهذا يدل على عدم جواز قتله.

(٤) أي دفع الدية من بيت المال مع أنه قد قتل خطأ فالدية على عاقلة القاتل لا من بيت المال ، وأجاب عنه الشارح بأنه لما حكّمهم رسول الله فيه برجمه فلما قتلوه ولم يعرفوا الحكم فيكون خطؤهم كخطإ الحاكم وخطأ الحاكم من بيت المال.

(٥) أي غير المرجوم وهو المجلود لثبوت الحد فلا بد من استيفائه ولخبر عيسى بن عبد الله : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الزاني يجلد فيهرب بعد أن أصابه بعض الحد ، أيجب عليه أن يخلا عنه ولا يردّ كما يجب للمحصن إذا رجم؟ قال : لا ، ولكن يردّ حتى يضرب الحد كاملا.

قلت : فما فرق بينه وبين المحصن وهو حدّ من حدود الله؟ قال : المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلّا إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه ، وهذا إنما يجلد فلا بد من أن يوفى الحد لأنه لا يقتل) (١).

(٦) سواء كان الحد ثابتا بالبينة أو الإقرار ، ويمكن تعليله لغير المحدود في الزنا فيشمل ما لو وجب قتله كاللوطي إلّا أن يعارضه التعليل في الخبر المتقدم.

(٧) ففي كشف اللثام نسبته إلى الأكثر ويدل عليه مرسل صفوان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أقرّ الزاني المحصن كان أول من يرجمه الإمام ثم الناس ، فإذا قامت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٤٧

عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ولا يجب للأصل (٢).

(وقيل) والقائل ابن إدريس والعلّامة وجماعة : (يجب حضور طائفة) عملا بظاهر الأمر. وهو الأقوى.

(و) اختلف في أقل عدد الطائفة (٣) التي يجب حضورها ، أو يستحب فقال

______________________________________________________

ـ عليه البينة كان أول من يرجمه البينة ثم الإمام ثم الناس) (١) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس بأحجار صغار) (٢) المحمول على ما لو أقرت بالزنا أربعا وعن بعض حمله على الاستحباب لعدم حضور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجم ماعز مع أنه قد أقرّ بالزنا ولم يثبت عليه بالبينة ، مع أنه قيل : لعل عدم حضوره لعذر فهي قضية في واقعة فلا بد من العمل بأخبار بدء الإمام بالرجم المنجبر سندها بعمل الأصحاب.

(١) النور الآية : ٢ ، ولما روي من فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنه نادى عند إرادة قيام الحد على الرجل المقر فقال : (يا معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحد ولا يعرفنّ أحدكم صاحبه) (٣) ولما أراد إقامة الحد على المرأة المقرة أمر قنبر بالنداء فيهم بالصلاة جامعة ثم صعد المنبر فقال : (يا أيها الناس إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد لله ، فعزم عليكم أمير المؤمنين لمّا خرجتم وأنتم متنكرون) (٤).

(٢) أي أصالة عدم وجوب الإعلام عند الشك فيه ، وفيه : إن ظاهر الآية الوجوب ، نعم على نحو الكفائي ، وهذا ما عليه الحلي وجماعة منهم العلّامة ، والذي ذهب إلى الاستحباب جماعة منهم الشيخ في المبسوط ، وفي الخلاف نفي الخلاف عنه.

(٣) ففي القواعد والنافع والنهاية والجامع ومجمع البيان والتبيان بل حكي عن ابن عباس أن أقل العدد واحد لشمول لفظ الطائفة له كما عن الفراء بناء على أن المراد من الطائفة القطعة بدليل قوله تعالى : (وَإِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) ـ إلى أن قال ـ (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (٥) فعبر عن كل طائفة بالأخ الذي هو الواحد ، ولخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (في قول الله عزوجل ـ (وَلٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ) ـ قال : في إقامة الحدود ، وفي قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٣ و ١.

(٥) الحجرات الآيتان : ٩ ـ ١٠.

٢٤٨

العلّامة والشيخ في النهاية : (أقلها واحد) ، لأنه أقل الطائفة لغة فيحمل الأمر المطلق على أقلّه لأصالة البراءة من الزائد.

(وقيل) والقائل ابن إدريس : أقلها(ثلاثة) لدلالة العرف عليه فيما إذا قيل : جئنا في طائفة من الناس ، ولظاهر قوله تعالى : (فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) (١) فإن أقل الجمع فيما دل عليه الضمير ثلاثة وليتحقق بهم الإنذار (٢).

(وقيل) والقائل الشيخ في الخلاف : (عشرة). ووجهه غير واضح. والأجود الرجوع إلى العرف ، ولعل دلالته على الثلاثة فصاعدا أقوى.

(وينبغي كون الحجارة صغارا (٣) ، لئلا يسرع تلفه) بالكبار وليكن مما يطلق

______________________________________________________

ـ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ قال : الطائفة واحد) (١).

وقيل : إن الطائفة اثنان كما عن عكرمة لقوله تعالى : (فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ) (٢) ووجه الاستدلال : إن أقل الفرقة ثلاثة فالنافر منهم إما اثنان أو واحد.

وعن الشافعي أنها أربعة لمناسبتها لما اعتبر في الشهادة.

وقيل : إنها عشرة كما عن الشيخ في الخلاف محتجبا بالاحتياط.

وقيل : إنها ثلاثة كما عن قتادة وابن إدريس وغيرهما للعرف ولقوله تعالى : (فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا) (٣) والواو للجمع ، وأقله ثلاثة.

(١) التوبة الآية : ١٢٣.

(٢) أي بالثلاثة بناء على أن الإنذار متضمن القطع ولا قطع في أخبار الاثنين أو الواحد ، وفيه : إن الإنذار متضمن تخويفا سواء أفاد قول المنذر قطعا أو ظنا.

(٣) لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس بأحجار صغار) (٤) ، ولأن رميه بحجر كبير كالصخرة يجهز عليه ويقتله فلا يسمى رجما عند العرف ، ولذا علل الفقهاء عدم رميه بالكبار لئلا يسرع إليه التلف.

هذا مع أن المراد من الصغار هي المعتدلة لا الصغار جدا لئلا يعذب بطول الضرب مع بقاء الحياة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

(٢ و ٣) التوبة الآية : ١٢٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

٢٤٩

عليه اسم الحجر. فلا يقتصر على الحصى ، لئلا يطول تعذيبه أيضا.

(وقيل : لا يرجم من لله في قبله حدّ) ، للنهي عنه (١). وهل هو للتحريم ، أو الكراهة؟ وجهان؟ من أصالة عدم التحريم (٢) ، ودلالة ظاهر النهي عليه (٣). وظاهر العبارة كون القول المحكي على وجه التحريم ، لحكايته (٤) قولا مؤذنا

______________________________________________________

(١) في خبر ميثم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في المرأة المقرة بالزنا فقال عليه‌السلام قبل الرجم وبعد اجتماع الناس : (أيها الناس إن الله عهد إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهدا ، عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد ، فمن كان لله عليه مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد ، قال : فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام) (١) وفي خبر ابن أبي عمير عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أوتي أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام لأصحابه : أغدوا غدا عليّ متلثمين ، فقال لهم : من فعل مثل فعله فلا يرجمه ولينصرف قال : فانصرف بعضهم وبقي بعضهم فرجمه من بقي منهم) (٢) وفي مرفوعة ابن خالد : (فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف ولا يقيم حدود الله من في عنقه حد) (٣). وفي خبر الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (نشدت الله رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحق أن يأخذ لله به ، فإنه لا يأخذ لله بحق من يطلبه الله بمثله) (٤) وظاهر النهي التحريم.

وذهب المشهور إلى الكراهة بل في غاية المرام دعوى الاتفاق عليه لأنه لو حمل النهي على التحريم لتعذر إيجاد شخص ليس لله عليه حد.

وردّ عليهم ابن إدريس في السرائر بقوله : «وهو غير متعذر لأنه يتوب فيما بينه وبين الله تعالى ثم يرميه» ، ويؤيد الإشكال ما ورد في خبر ميثم المتقدم لما نادى أمير المؤمنين عليه‌السلام بذلك : (فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام) ، وبه يضعّف تعليل ابن إدريس لإمكان أن يتوب من حضر عند نداء أمير المؤمنين عليه‌السلام إلّا أن يقال : لا يعلمون بهذا الحكم فلذا تفرقوا.

(٢) دليل الكراهة.

(٣) دليل الحرمة.

(٤) دفع وهم ، وحاصل الوهم أنه يمكن أن يكون ما حكاه المصنف محمولا على الكراهة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٣ و ٤.

٢٥٠

بتمريضه. إذ لا يتجه توقفه في الكراهة. وهل يختص الحكم بالحد الذي أقيم على المحدود ، أو مطلق الحد؟ إطلاق العبارة وغيرها يدل على الثاني. وحسنة زرارة عن أحدهما عليه‌السلام قال : أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام لأصحابه : اغدوا غدا عليّ متلثمين فغدوا عليه متلثمين فقال لهم : من فعل مثل فعله فلا يرجم فلينصرف (١) ، تدل على الأول ، وفي خبر آخر عنه (٢) عليه‌السلام في رجم امرأة أنه نادى بأعلى صوته : يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى عهد إلى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليّ بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان لله عليه حد مثل ما عليها فلا يقيم عليها الحد (٣) وصدر هذا الخبر يدل بإطلاقه على الثاني (٤) وآخره يحتملهما (٥) وهو على الأول أدل ، لأن ظاهر المماثلة اتحادهما صنفا (٦). مع احتمال إرادة ما هو أعم. فإن مطلق الحدود متماثلة في أصل العقوبة.

وهل يفرق بين ما حصلت التوبة منها (٧) ، وغيره؟ (٨) ظاهر الأخبار والفتوى ذلك ، لأن ما تاب عنه فاعله سقط حق الله منه. بناء على وجوب قبول التوبة فلم يبق لله عليه حد.

ويظهر من الخبر الثاني (٩) عدم الفرق ، لأنه قال في آخره : فانصرف الناس

______________________________________________________

ـ فالعبارة تحتمل ذلك ، والدفع أن حكايته بلفظ قيل المشعر بتمريضه دليل على أنه قول للتحريم وإلّا فلو كان للكراهة فلا معنى للتوقف.

(١) قد تقدم الخبر في الشرح.

(٢) وهو خبر ميثم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد تقدم.

(٣) فيدل على الأول.

(٤) حيث قال : (لا يقيم الحد من لله عليه حد) إلا أنه إطلاق بدوي حيث فسر الحد بمثل ما عليها.

(٥) حيث قال : (فمن كان لله عليه حد مثل ما عليها) فالتماثل إن كان بالشخص فيدل على الأول وهو الأظهر وإن كان بالنوع فيدل على الثاني.

(٦) وهو التماثل بالشخص ، هذا فضلا ، وهو المتعين وعليه يحمل الإطلاق في مرفوعة ابن خالد المتقدمة : (فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف ، ولا يقيم حدود الله من في عنقه حد).

(٧) من الفاحشة.

(٨) أي غير التائب ، والضمير راجع إلى الموصول في : (ما حصلت) والمراد منه التائب.

(٩) وهو خبر ميثم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢٥١

ما خلا أمير المؤمنين والحسنين عليه‌السلام ، ومن البعيد جدا أن يكون جميع أصحابه لم يتوبوا من ذنوبهم ذلك الوقت (١) ، إلا أن في طريق الخبر ضعفا (٢) (وإذا فرغ من رجمه) لموته(دفن (٣) إن كان قد صلّى عليه بعد غسله وتكفينه حيا) ، أو ميتا ، أو بالتفريق(وإلا) يكن ذلك(جهّز) بالغسل والتكفين والصلاة(ثم دفن). والذي دلت عليه الأخبار والفتوى أنه يؤمر حيا بالاغتسال والتكفين ثم يجتزى به بعده ، أما الصلاة فبعد الموت ، ولو لم يغتسل غسّل بعد الرجم ، وكفّن وصلّى عليه ، والعبارة قد توهم خلاف ذلك (٤) ، أو تقصر عن المقصود منها.

______________________________________________________

(١) وفيه : إن احتمال عدم علمهم بأن التوبة قبل الثبوت عند الحاكم توجب سقوط الحد ليس ببعيد فلذا انصرفوا ، فيكون الخبر ظاهرا في الأول لا الثاني ، نعم الخبر الأول المتقدم في الروضة وهو قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر زرارة : (من فعل مثل فعله فلا يرجم فلينصرف) ظاهر في أنه لا فرق بين التائب وغيره.

(٢) ففيه علي بن أبي حمزة البطائني وهو كذاب متهم ملعون كما في الخلاصة عن ابن فضال.

(٣) بعد الصلاة عليه لعدم جواز إهماله ففي النبوي : (لما أمر برجم الجهنية فرجمت صلّى عليها ، فقال له عمر : تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها لله) (١) ، وكذا ورد في أخبارنا ما يدل على صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام على المرجومة بعد رجمها غير أن الاكتفاء بالصلاة على المرجوم لأنه قد وقع منه الغسل والتحنيط والتكفين في حال الحياة لخبر كردويه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المرجوم والمرجومة يغتسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ويصلى عليهما ، والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه) (٢) ، وإن لم يكن قد فعل ذلك بنفسه فإنه يغسل ويحنط ويكفن ويصلى عليه بعد الرجم كما يفعل بغيره من موتى المسلمين لخبر أبي مريم عن أبي جعفر عليه‌السلام عند ما رجم أمير المؤمنين المرأة التي أقرت على نفسها بالزنا : (فقالوا له : قد ماتت كيف نصنع بها؟ قال : فادفعوها إلى أوليائها ومروهم أن يصنعوا بها كما يصنعون بموتاهم) (٣).

(٤) ظاهرهما أن الصلاة عليه حال الحياة.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب غسل الميت حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

٢٥٢

(وثالثها الجلد خاصة) مائة سوط(وهو حد البالغ المحصن إذا زنى بصبية) (١) لم تبلغ التسع ، (أو مجنونة) وإن كانت بالغة شابا كان الزاني أم شيخا(وحدّ المرأة (٢) إذا زنى بها طفل) لم يبلغ(ولو زنى بها المجنون) البالغ (٣) (فعليها الحد)

______________________________________________________

(١) أو مجنونة فعليه الجلد لا الرجم كما عن الشيخ في النهاية ويحيى بن سعيد في جامعه قياسا على المرأة إذا زنى بها الصبي فلا ترجم وإن كانت محصنة كما في صحيح أبي بصير وسيأتي ، ولذا علل حكم الجلد هنا بنقص اللذة في الصبية كعلة حكم الجلد في زنا المرأة بالصبي المنتزعة من صحيح أبي بصير.

وفيه : إن الأدلة الدالة على ثبوت الرجم مع الإحصان مطلقة تشمل المحصن فيما إذا زنا بالصبية أو المجنونة ، وتقييدها بزنا المحصن بالصبية والمجنونة قياسا على زنا المرأة بالصبي ليس في محله لأنه من القياس المحرم ، هذا فضلا عن خصوص موثق ابن بكير عن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن جارية لم تبلغ وجدت مع رجل يفجر بها قال : تضرب الجارية دون الحد ويقام على الرجل الحد) (١) فهو لم يصرح بالجلد مع أنه في مقام البيان وحد المحصن هو الرجم ، ولذا ذهب أبو الصلاح وابن زهرة والحلي وغيرهم إلى وجوب الرجم عليه لأنه محصن.

(٢) أي الجلد خاصة حد المرأة المحصنة إذا زنى بها الصبي غير البالغ لصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة قال : يجلد الغلام دون الحد وتجلد المرأة الحد كاملا ، قيل له : فإن كانت محصنة قال : لا ترجم لأن الذي نكحها ليس بمدرك فلو كان مدركا لرجمت) (٢).

وخالف جماعة منهم ابن إدريس وابن زهرة وأبو الصلاح فأثبتوا الرجم لأنها محصنة ، وفيه : إنه اجتهاد في قبال النص.

(٣) لأن المجنون الصغير يصدق عليه لفظ الطفل فيندرج في السابق ، والحكم برجمها أو الرجم والجلد على الخلاف السابق إذا كانت محصنة عند الأكثر لإطلاق أدلة المحصن ، وخالف يحيى بن سعيد فساوى بين المجنون والصغير من أنها لا ترجم حينئذ وقال عنه في الجواهر : «وهو مع شذوذه غير واضح الوجه».

وأما المجنون فقد اختلف في حكمه فعن الشيخين وجماعة وجوب الحد عليه فإن كان محصنا رجم لخبر أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زنى المجنون أو المعتوه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٥٣

(تاما) وهو الرجم بعد الجلد إن كانت محصنة لتعليق الحكم برجمها في النصوص على وطء البالغ مطلقا (١) فيشمل المجنون ، ولأن الزنا بالنسبة إليها تام ، بخلاف زنا العاقل بالمجنونة. فإن المشهور (٢) عدم إيجابه (٣) الرجم ، للنصّ (٤) ، وأصالة البراءة.

وربما قيل بالمساواة (٥) ، اطراحا للرواية (٦) ، واستنادا إلى العموم ولا يجب الحد على المجنونة إجماعا.

(والأقرب عدم ثبوته (٧) على المجنون) ، لانتفاء التكليف الذي هو مناط العقوبة الشديدة على المحرّم ، وللأصل (٨). ولا فرق فيه بين المطبق وغيره إذا وقع الفعل منه حالته (٩). وهذا هو الأشهر.

______________________________________________________

ـ جلد الحد وإن كان محصنا رجم قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟ فقال : المرأة إنما تؤتى ، والرجل يأتي وإنما يزني إذا عقل كيف يأتي اللذة وأن المرأة إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها) (١). وظاهر الرواية أن زناه حال تعقله فيحمل جنونه على الأدواري ولذا ذهب الشيخ وابن إدريس وعليه المتأخرون إلى عدم الحد على المجنون لسقوط التكليف عنه.

(١) مجنونا أو لا.

(٢) قال في الجواهر : «لم نتحققه» نعم هو منقول عن الشيخ وابن سعيد وقد تقدم.

(٣) عدم إيجاب زنا البالغ بالمجنونة.

(٤) أي النص الوارد في المرأة إذا زنى بها الصبي وهو صحيح أبي بصير المتقدم ، فقاسوا عليه زنا البالغ بالصبية والمجنونة بدعوى نقصان اللذة في الجميع.

(٥) بين المجنونة والعاقلة لو زنى بهما البالغ المحصن فإنه يرجم.

(٦) وهي صحيح أبي بصير ، والمعرض عنها هو ابن إدريس وابن زهرة وأبو الصلاح حتى حكموا برجم المرأة إذا زنى بها الصغير مع أن هذا هو مورد الرواية التي حكمت على المرأة بالجلد دون الرجم وإن كانت محصنة.

(٧) عدم ثبوت الحد.

(٨) أي البراءة.

(٩) حال الجنون.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.

٢٥٤

وذهب الشيخان وتبعهما ابن البراج إلى ثبوت الحد عليه كالعاقل من رجم وجلد ، لرواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد ، وإن كان محصنا رجم.

قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة ، والمعتوه والمعتوهة؟

فقال : المرأة إنما تؤتى ، والرجل يأتي ، وإنما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذة ، وإن المرأة إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها. وهذه الرواية مع عدم سلامة سندها (١) مشعرة بكون المجنون حالة الفعل عاقلا. إما لكون الجنون يعتريه أدوارا ، أو لغيره (٢) كما يدل عليه التعليل فلا يدل على مطلوبهم.

(ويجلد) الزاني(أشد الجلد) لقوله تعالى : (وَلٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ) (٣) ، وروي ضربه متوسطا (٤).

(ويفرّق) الضرب(على جسده (٥) ، ويتّقى رأسه ووجهه. وفرجه) وقبله

______________________________________________________

(١) لاشتماله على إبراهيم بن الفضل وهو مجهول الحال حيث لم يمدح ولم يذم.

(٢) كأن يكون جنونه خفيفا لا يذهب العقل الذي يناط التكليف بوجوده.

(٣) النور الآية : ٢ ، على المشهور ولأخبار منها : موثق إسحاق بن عمار : (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال : أشد الجلد ، قلت : فمن فوق ثيابه؟ قال : بل تخلع ثيابه ، قلت : فالمفتري؟ قال : يضرب بين الضربين جسده كله فوق ثيابه) (١) وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (حد الزاني كأشد ما يكون من الحدود) (٢).

(٤) وهو مرسل حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يفرّق الحد على الجسد كله ويتّقى الفرج والوجه ويضرب بين الضربين) (٣) مع أنه يمكن حمله على المحدود بغير الزنا بقرينة خبر إسحاق بن عمار المتقدم.

(٥) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة ويضرب على كل عضو ويترك الرأس والمذاكير) (٤) كما في الكافي ، وفي الفقيه : (ويترك الوجه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٥٥

ودبره ، لرواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «يتّقى الوجه والمذاكير» (١) (وروي عنه عليه‌السلام قال : «يفرّق الحد على الجسد ويتّقى الفرج والوجه» (٢).) وقد تقدم استعمال الفرج فيهما ، وأما اتقاء الرأس فلأنه مخوف على النفس والعين (٣) ، والغرض من الجلد ليس هو إتلافه ، واقتصر جماعة (٤) على الوجه والفرج تبعا ، للنص (٥).

(وليكن الرجل قائما (٦) مجردا) (٧) مستور العورة(والمرأة قاعدة قد ربطت)

______________________________________________________

ـ والمذاكير) ولخبر محمد بن سنان عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب إليه : (وعلة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به ، فجعل الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو أعظم الجنايات) (١).

(١) كما في الفقيه ، وفي الكافي ويترك الرأس والمذاكير ، والمذاكير جمع الذكر وهو العضو المخصوص ، جمع على

غير قياس فرقا بينه وبين الذكور الذي هو جمع الذكر الذي هو الفحل.

(٢) كما في مرسل حريز المتقدم.

(٣) ولرواية زرارة على ما في الكافي.

(٤) منهم الشيخ في المبسوط والخلاف.

(٥) لرواية زرارة في الفقيه ولمرسل حريز.

(٦) لصحيح زرارة المتقدم : (يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة).

(٧) ما عدا عورته ، وعن غاية المرام أنه المشهور لخبر إسحاق بن عمار المتقدم : (قلت : فمن فوق ثيابه؟ قال : بل تخلع ثيابه) وفي خبره الآخر : (بل يجرد) (٢) ، وقيل كما عن الشيخ وجماعة أنه يجلد على الحال التي وجد عليها ، إن كان عاريا فعاريا وإن كان كاسيا فكاسيا ، وقيد ابن إدريس الثوب إن كان كاسيا بغير المانع من إيصال شي‌ء من الضرب ، وأما المانع كالفروة والجبة المحشوة فينزع ويترك بقميص أو قميصين لخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (لا يجرد في حد ولا يشنح ـ يعني يمدّ ـ وقال : ويضرب الزاني على الحال التي وجد عليها ، إن وجد عريانا ضرب عريانا ، وإن وجد وعليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٧.

٢٥٦

(ثيابها عليها) (١) لئلا يبدو جسدها فإنه عورة ، بخلاف الرجل وروي ضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها. إن وجد عريانا ضرب عريانا ، وإن وجد وعليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه ، سواء في ذلك الذكر والأنثى ، وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة.

والأجود الأول (٢). لما ذكرناه من أن بدنها عورة ، بخلافه (٣). والرواية (٤) ضعيفة السند.

(ورابعها الجلد والجز) للرأس(والتغريب (٥) ، ويجب) الثلاثة(على الزاني)

______________________________________________________

(١) لخبر أبي مريم عن أبي جعفر عليه‌السلام عند ما أراد أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يرجم المرأة المقرة : (فحفر لها حفيرة في الرحبة وخاط عليها ثوبا جديدا) (١) ، وإن كان واردا في المرجومة لكن يدل على وجوب ستر بدنها لأنه عورة ، وذهب الصدوق في المقنع إلى أنها تضرب مجردة إن وجدت مجردة ، وأشكل عليه في المختلف بأن بدنها عورة لا يجوز تجريدها كعورة الرجل على أن خبر طلحة بن زيد الدال على ضرب الزاني بحسب حالته عند الزنا ظاهر في الرجل فقط ، وقد نسب قول المقنع إلى الشيخ وجماعة وقال في الجواهر : «وإن كنا لم نتحققه ولكن على كل حال هو واضح الضعف».

(٢) من تجريد الرجل وستر المرأة عند الجلد.

(٣) بخلاف الرجل.

(٤) والدالة على جلد الزاني بحسب الحالة التي وجد عليها ، وهي خبر طلحة بن زيد إلا أنه عامي المذهب كما في النجاشي ، وفي الفهرست أن كتابه معتمد.

(٥) هذه الثلاثة ثابتة على البكر بالاتفاق كما في المسالك للنبوي : (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة وقضى للمحصن الرجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها) (٣) هذا بالنسبة للجلد والتغريب ، وأما الجز فقد ورد في صحيحة حنان : (سأل رجل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا أسمع عن البكر يفجر ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

(٢) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.

٢٥٧

(الذكر الحر غير المحصن وإن لم يملك) أي يتزوج من غير أن يدخل ، لإطلاق الحكم (١) على البكر. وهو شامل للقسمين ، بل هو على غير المتزوج (٢) أظهر ، ولإطلاق قول الصادق عليه‌السلام في رواية عبد الله بن طلحة : «وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد وحلق رأسه ونفي سنة من مصره». وهو عام فلا يتخصص ، وإلا لزم تأخير البيان.

______________________________________________________

ـ وقد تزوج ففجر قبل أن يدخل بأهله؟ فقال : يضرب مائة ويجز شعره وينفى من المصر حولا ويفرق بينه وبين أهله) (١) وفي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : (سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها فزنى ، ما عليه؟ قال : يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى سنة) (٢).

ولكن وقع الخلاف في تفسير البكر فقيل : هو من أملك أي عقد دواما على امرأة ولم يدخل بها ذهب إلى ذلك الشيخ في النهاية وابنا زهرة وسعيد والكيدري وسلّار والعلّامة في التحرير وذلك لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الذي لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى ، والذي قد أملك ولم يدخل بها يجلد مائة وينفى سنة) (٣) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة وقضى للمحصن الرجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها) (٤) وقد تقدم صحيح الحلبي القريب منه ، وأيضا أخبار الجز السابقة صريحة في أن الجز والتغريب في المملك الذي لم يدخل.

وذهب الشيخ وابن إدريس وفخر المحققين في الإيضاح إلى أن المراد بالبكر غير المحصن وإن لم يكن مملكا لإطلاق بعض الأخبار مثل خبر عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ونفي سنة من مصره) (٥) وفي خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم والبكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة) (٦) ، وهو محمول على المملك جمعا بين الأخبار.

(١) من الجلد والنفي.

(٢) أي البكر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٧ و ٨.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٧ و ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١١ و ٩.

٢٥٨

(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة : (يختص التغريب بمن أملك) ولم يدخل ، لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة ولا ينفى ، والذي قد أملك ولم يدخل بها يجلد مائة وينفى» ، ورواية محمد بن قيس عنه عليه‌السلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في البكر ، والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما. وهما اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها».

وهاتان الروايتان مع سلامة سندهما يشتملان على نفي المرأة وهو (١) خلاف الإجماع على ما ادعاه الشيخ. كيف وفي طريق الأولى (٢) موسى بن بكير ، وفي الثانية محمد بن قيس وهو مشترك بين الثقة وغيره (٣) ، حيث يروي عن الباقر عليه‌السلام. فالقول الأول أجود (٤) وإن كان الثاني أحوط من حيث بناء الحد على التخفيف.

(والجز حلق الرأس) أجمع (٥) ، دون غيره كاللحية ، سواء في ذلك المربّى

______________________________________________________

(١) أي نفي المرأة ، فقد ذهب المشهور على عدم نفيها وادعى الشيخ الإجماع على اختصاص النفي بالرجل ، ولأن الشهوة غالبة فيهن والغالب أنهن ينزجن من الأقارب والمعارف ، فلو غربت إلى غير مصرها لخرجت عن أيدي الحفاظ لها من الرجال وقلّ حياؤها لبعدها عن معارفها وربما اشتدّ فقرها فيصير المجموع سببا لانفتاح باب الفاحشة عليها ، ولقد أجاد الشارح في المسالك حيث قال : «فإن تم الإجماع فهو الحجة ، وإلّا فمقتضى النص ثبوته عليهما ـ أي ثبوت النفي على الرجل والمرأة ـ لأنه شامل لهما فراجع ، وهو مختار ابن أبي عقيل وابن الجنيد ـ إلى أن قال ـ وهذا التعليل لا يقابل النص».

(٢) أي رواية زرارة وفي سندها موسى بن بكر وهو واقفي كما عن النجاشي.

(٣) هذا واعلم أنه الثقة برواية عاصم بن حميد كما وقع هنا في الخبر ولذا قال الكاظمي في مشتركاته : (وأنه أبو عبد الله البجلي برواية عاصم بن حميد عنه) وأبو عبد الله البجلي ثقة عين كوفي كما في النجاشي.

بل نقل الكاظمي في مشتركاته عن بعض المحققين قوله : (الذي ينبغي تحقيقه أن محمد بن قيس إن كان راويا عن أبي جعفر عليه‌السلام فالظاهر أنه الثقة إن كان الناقل عنه عاصم بن حميد).

(٤) أي ثبوت الثلاثة في مطلق البكر ، وقد عرفت أن الجودة في تقييد المطلقات بخصوص المملك.

(٥) كما في صحيح علي بن جعفر المتقدم حيث قال : (ويحلق رأسه) ، وعن المقنعة والمراسم والوسيلة تخصيص الجز بشعر الناصية ، لأصالة البراءة عن الزائد ، وفيه : إنه لا معنى ـ

٢٥٩

وغيره وإن انتفت الفائدة في غيره ظاهرا (١).

(والتغريب نفيه عن مصره) (٢) بل مطلق وطنه(إلى آخر) قريبا كان أم بعيدا بحسب ما يراه الإمام عليه‌السلام مع صدق اسم الغربة ، فإن كان غريبا غرّب إلى بلد آخر غير وطنه والبلد الذي غرّب منه(عاما) هلاليا ، فإن رجع إلى ما غرّب منه قبل إكماله أعيد حتى يكمل بانيا على ما سبق (٣) وإن طال الفصل.

(ولا جزّ على المرأة ، ولا تغريب) (٤) ، بل تجلد مائة لا غير ، لأصالة البراءة ، وادعى الشيخ عليه الإجماع وكأنه لم يعتدّ بخلاف ابن أبي عقيل حيث أثبت التغريب عليها ، للأخبار السابقة ، والمشهور أولى بحال المرأة وصيانتها. ومنعها من الإتيان بمثل ما فعلت.

(وخامسها خمسون جلدة (٥) ، وهي حدّ المملوك والمملوكة) البالغين

______________________________________________________

ـ لهذا الأصل مع وجود الخبر ، نعم جز الرأس الوارد في الخبر وإن كان يعم اللحية لأنها من الرأس إلا أن المنصرف هو خصوص شعر الهامة دون اللحية.

(١) لعدم التشهير بحلقه.

(٢) كما في صحيح الحلبي وصحيح حنان المتقدمين ، والمصر هو الوطن الذي يسكنه ولذا ورد في بعض الأخبار المتقدمة : (يفرق بينه وبين أهله سنة) ، وعن المبسوط أنه المصر الذي زنى فيه ، وهذا لا دليل عليه.

(٣) حتى يتحقق نفيه عن مصره عاما كما جاء في الخبر.

(٤) أما التغريب فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الجز فهو مختص بالرجل بلا خلاف بينهم لظاهر الأخبار المتقدمة فيبقى أصل البراءة فيها سالما عن المعارض.

(٥) وهي حد المملوك محصنا كان أو غير محصن ، شيخا أو شابا ، بكرا مملكا أو غير مملك ، ذكرا أو أنثى ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : حسنة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في العبيد إذا زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة وإن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا ، ولا يرجم ولا ينفى) (١) ، وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقد سئل عن المكاتب وقد زنى قال : (هو حق الله يطرح عنه من الحد خمسين جلدة ويضرب خمسين) (٢) وصحيحة الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زنى العبد والأمة وهما محصنان فليس عليهما الرجم ، إنما ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥ و ١.

٢٦٠