الزبدة الفقهيّة - ج ٩

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-62-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٧٠٧

(ولا بد) مع ذلك(من اتفاقهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد ، فلو اختلفوا) في أحدها بأن شهد بعضهم على وجه مخصوص والباقون على غيره ، أو شهد بعضهم بالزنا غدوة والآخرون عشية ، أو بعضهم في زاوية مخصوصة ، أو بيت والآخرون في غيره(حدوا للقذف) (١).

وظاهر كلام المصنف وغيره (٢) أنه لا بد من ذكر الثلاثة (٣) في الشهادة والاتفاق عليها ، فلو أطلقوا ، أو بعضهم حدوا ، وإن لم يتحقق الاختلاف. مع احتمال الاكتفاء بالإطلاق ، لإطلاق الأخبار السابقة وغيرها.

واشتراط عدم الاختلاف (٤) حيث يقيدون بأحد الثلاثة.

وكذا يشترط اجتماعهم حال إقامتها دفعة (٥) بمعنى أن لا يحصل بين

______________________________________________________

(١) لأن كل واحد من الفعل الواقع على أحد الوجوه غير الفعل الآخر ، فلم يقم على الفعل الواحد أربعة شهداء.

والكلام في وجوب تعرض الشهداء لهذه القيود ، فظاهر المحقق والعلّامة اشتراط ذلك فلا يكفي إطلاقهم الشهادة على الزنا بل لا بد من التصريح بالقيود الثلاثة من الزمان والمكان والفعل بحيث لو أطلق البعض وقيد الآخرون حدوا ، مع أن ظاهر كلمات المتقدمين كالنصوص خالية عن اشتراط التقييد بهذه القيود ، نعم لو تعرض الشهود لهذه القيود واختلفوا لحدوا حينئذ.

(٢) وهو المحقق والعلّامة.

(٣) الفعل الواحد والزمان والمكان.

(٤) عطف على الاكتفاء والمعنى لا يجب عليهم التقييد نعم لو تعرضوا لهذه القيود فيجب أن لا يختلفوا.

(٥) أي حال إقامة الشهادة وعليه فلو أقام البعض الشهادة في وقت عدم حضور الباقين على وجه لا يحصل به اتصال الشهادة عرفا ، حدوا للقذف ولا يرتقب إتمام البينة لأنه لا تأخير في حد ويدل عليه خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام : (في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال علي عليه‌السلام : أين الرابع؟ قالوا : الآن يجي‌ء فقال علي عليه‌السلام : حدوهم فليس في الحدود نظر ساعة) (١). وخبر عباد البصري : (سألت أبا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٨.

٢٢١

الشهادات تراخ عرفا ، لا بمعنى تلفظهم بها دفعة وإن كان جائزا.

(ولو أقام بعضهم الشهادة في غيبة الباقي حدوا ولم يرتقب الإتمام) لأنه لا تأخير في حد. وقد روي عن علي عليه‌السلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال علي عليه‌السلام : «أين الرابع فقالوا : الآن يجي‌ء فقال علي عليه‌السلام : حدّوهم فليس في الحدود نظر ساعة».

وهل يشترط حضورهم في مجلس الحكم دفعة قبل اجتماعهم على الإقامة (١) قولان (٢) اختار أولهما العلّامة في القواعد ، وثانيهما في التحرير. وهو الأجود ، لتحقق الشهادة المتفقة (٣) ، وعدم ظهور المنافي (٤). مع الشك في اشتراط الحضور (٥) دفعة ، والنص لا يدل على أزيد من اعتبار عدم تراخي الشهادات (٦).

ويتفرع عليهما (٧) ما لو تلاحقوا (٨) واتصلت شهادتهم بحيث لم يحصل

______________________________________________________

ـ جعفر عليه‌السلام عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا وقالوا : الآن يأتي بالرابع ، قال : يجلدون حد القذف ثمانين جلدة كل رجل منهم) (١).

(١) إقامة الشهادة.

(٢) قول باشتراط اجتماعهم في مجلس الحكم قبل الإدلاء بالشهادة وإليه ذهب العلّامة في القواعد ، وولده فخر المحققين في إيضاح الفوائد.

وقول بعدم اشتراط اجتماعهم قبل الإدلاء لعدم الدليل على ذلك وهو مذهب غيرهم.

(٣) أي المتفقة من الأربع في مجلس واحد بحيث لم يحصل تراخ بين الشهادات.

(٤) لأن المنافي هو عدم اجتماعهم حال الشهادة والمفروض حصوله ، فعدم حضورهم للمجلس دفعة قبل الشهادة لا دليل على كونه منافيا للشهادة.

(٥) والأصل عدمه.

(٦) فالنص دال على اشتراط الاجتماع حال الأداء لا على الاجتماع حال الحضور للمجلس.

(٧) على القولين من اشتراط حضورهم للمجلس فضلا عن اجتماعهم حال الشهادة ، ومن عدم اشتراط حضورهم للمجلس مع اشتراط اجتماعهم حال الأداء بحيث لا يحصل التراخي بين الشهادات.

(٨) بالحضور.

__________________

(١) المصدر السابق ١٢ و ٩.

٢٢٢

التأخير. فعلى الأول (١) يحدون هنا بطريق أولى (٢) ، وعلى الثاني (٣) يحتمل القبول وعدمه نظرا (٤) إلى فقد شرط الاجتماع حالة الإقامة دفعة (٥) ، وانتفاء العلة الموجبة (٦) للاجتماع وهي تأخير حد القاذف فإنه (٧) لم يتحقق هنا. وحيث يحد الشاهد أولا قبل حضور أصحابه إما مطلقا (٨) ، أو مع التراخي (٩).

(فإن جاء الآخرون) بعد ذلك(وشهدوا حدوا أيضا) لفقد شرط القبول في المتأخر كالسابق (١٠).

(ولا يقدح تقادم الزنا) (١١)

______________________________________________________

(١) من اشتراط حضورهم المجلس دفعة.

(٢) لأنهم لو اجتمعوا حال الشهادة يحدون إن لم يجتمعوا حال الحضور ، فمن باب أولى حدهم إذا لم يجتمعوا حال الشهادة.

(٣) من اشتراط عدم التراخي بين الشهادات ، فالتردد ناشئ من اشتراط حضورهم حال الشهادة وإن لم يحصل التراخي أم يكفي عدم حصول التراخي. وإن كان النص دالا على عدم التراخي بين الشهادات فلو تلاحقوا حضورا ولم يحصل التراخي فتقبل شهادتهم لأنه لا تأخير في الحد حينئذ.

(٤) دليل لعدم قبول الشهادة.

(٥) ولا دليل على اعتباره كما عرفت.

(٦) دليل لقبول الشهادة ، و «انتفاء العلة» معطوف على «فقد شرط» ، والمعنى : ونظرا إلى انتفاء العلة ، والحاصل أن العلة الموجبة لاجتماع الشهود حال أداء الشهادة هي التأخير في الحد ، ولم يحصل هنا تأخير لعدم التراخي في الشهادات كما هو المفروض ، وبعبارة أخرى فلو حضر ثلاثة وشهدوا بالزنا فقد ثبت قذفهم له فيحدّون ولا ينتظر حضور الرابع ليرتفع القذف عنهم لأنه لا تأخير في الحد ، ومع عدم حصول التراخي فلا تأخير في حد القذف.

(٧) فإن التأخير.

(٨) مع التراخي أولا بناء على اشتراط الاجتماع حال الأداء.

(٩) فحضروا بعد مدة.

(١٠) فالمتأخر يحدّ بنفس مناط حد السابق لفقد شرط القبول ، وهو توالي الشهادات أو اجتماعهم حال الأداء.

(١١) بحيث أنه زنا قبل سنة أو أكثر ، وهذا لا يضر في صحة الشهادة لإطلاق الأخبار السابقة.

٢٢٣

المشهود به(في صحة الشهادة) للأصل (١) وما روي (٢) في بعض الأخبار من أنه متى زاد عن ستة أشهر لا يسمع شاذ.

(ولا يسقط) الحد ، ولا الشهادة(بتصديق الزاني الشهود ولا بتكذيبهم) أما مع التصديق فظاهر (٣) وأما مع التكذيب (٤) فلأن تكذيب المشهود عليه لو أثر لزم تعطيل الأحكام(والتوبة قبل قيام البينة) (٥) على الزاني(تسقط الحد) عنه جلدا كان أم رجما (٦)

______________________________________________________

(١) أصالة البقاء.

(٢) وهو مرسل جميل بن دراج عن رجل عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى ، فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح ، فقال : إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد ، قال ابن أبي عمير : فإن كان أمرا قريبا لم تقم؟ قال : لو كان خمسة أشهر أو أقل وقد ظهر منه أمر جميل لم تقم عليه الحدود) (١). كما هو موجود في كتب الفقه ، والموجود في الوسائل من قول ابن أبي عمير : (فإن كان امرأ غريبا) ، والأول أصح لتطابق الجواب فيه مع السؤال. وعلى كل فهو موافق لقول بعض العامة فمحمول على التقية كما عن الشارح في المسالك.

(٣) لأنه يؤكد شهادتهم فكيف تسقط خلافا لأبي حنيفة حيث أنه بالتصديق يكون قد أقرّ ومع الإقرار الواحد لا يثبت عليه الحد حتى يصير أربعا ، وفيه : إن إعمال أدلة الإقرار هنا تعطيل لأدلة الشهادة.

(٤) بلا خلاف حتى من أبي حنيفة كما في الجواهر ، لإطلاق الأدلة ، ولأنه لو سقط الحد والشهادة بالتكذيب للزم تعطيل الأحكام.

(٥) تسقط الحد بلا خلاف ، لمرسل جميل المتقدم : (في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح ، قال : إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد) (٢) ، ولأن التوبة تسقط عقوبة الآخرة فإسقاطها لعقوبة الدنيا أولى.

(٦) بلا خلاف فيه ، فقول الشهيد الثاني هنا على المشهور المشعر بوقوع الخلاف فيه ليس في محله ، لأن الخلاف في وقوع التوبة بعد قيام البينة لا قبلها ، هذا من جهة ومن جهة أخرى قد عرفت أن المستند هو مرسل جميل وهذا ما اعترف به الشارح في المسالك ، فما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٣.

٢٢٤

على المشهور ، لاشتراكهما في المقتضي (١) للإسقاط ، (لا) إذا تاب(بعدها) فإنه لا يسقط على المشهور (٢) ، للأصل.

وقيل : يتخير الإمام في العفو عنه والإقامة. ولو كانت التوبة قبل الإقرار فأولى بالسقوط (٣) ، وبعده يتخير الإمام في إقامته ، وسيأتي.

(ويسقط) الحد(بدعوى الجهالة (٤) بالتحريم ، (أو الشبهة) (٥) بأن قال : ظننت أنها حلت بإجارتها نفسها ، أو تحليلها ، أو نحو ذلك (٦) (مع إمكانهما) أي

______________________________________________________

ـ علقه هنا على هذا الحكم بقوله : «لم نقف على مستند هذه الأحكام لكنها مشهورة» ليس في محله ، وحاول البعض رفع التناقض بين قوله بأن مراده من المستند هو المستند المعتبر ومرسل جميل ليس منه.

(١) وهو التوبة.

(٢) للأصل من ثبوت الحد حين قيام البينة والشك في السقوط حال التوبة فيستصحب ، ويؤيده خبر أبي بصير ـ وهو مرسل ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ، ثم هرب قبل أن يضرب ، قال : إن تاب فما عليه شي‌ء وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد ، وإن علم مكانه بعث إليه) (١) بناء على أن المراد به أن إقامة الحد عليه أمر محتم ولذا لو سقط في يد الإمام أو علم مكانه أقام عليه الحد ، ولكن لو لم يقم عليه الحد وتاب بينه وبين الله فما عليه شي‌ء في الآخرة.

وذهب المفيد وأبو الصلاح الحلبي إلى تخيير الإمام بين إقامة الحد وبين العفو كما لو تاب بعد الإقرار ، بعد حمل خبر أبي بصير المتقدم على أنه لو تاب بعد قيام البينة كما هو الظاهر من تطابق الجواب مع السؤال فلا شي‌ء عليه ، وإن وقع في يد الإمام ولم تصدر منه توبة أقام عليه الحد ، وهذا الخبر بهذا الحمل هو الدليل لهما إلّا أن الخبر يحتم سقوط الحد بعد التوبة فدعواهما بالتخيير بين الحد وعدمه لا معنى له ولذا قال الشارح في المسالك : «ولم نقف على المستند».

(٣) لأن البينة توجب رده إلى حفيرته لو هرب منها بخلاف الإقرار فلا يجب رده ، فإذا كانت التوبة تسقط الحد قبل البينة حينئذ فهي تسقطه قبل الإقرار من باب أولى.

(٤) لأنه قريب العهد في الإسلام وقد تقدم الخبر في ذلك.

(٥) أي بدعوى الشبهة فلا حد لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(٦) كالصلح والهبة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٤.

٢٢٥

الجهالة والشبهة(في حقه) فلو كان ممن لا يحتمل جهله بمثل ذلك لم يسمع(وإذا ثبت الزنا على الوجه المذكور (١) وجب الحد) على الزاني(وهو أقسام ثمانية).

(أحدها : القتل بالسيف) ونحوه (٢) (وهو للزاني بالمحرم) النسبي من النساء(كالأم والأخت) والعمة والخالة وبنت الأخ والأخت أما غيره من المحارم بالمصاهرة (٣) كبنت الزوجة وأمها فكغيرهن من الأجانب على ما يظهر من

______________________________________________________

(١) بالبينة أو الإقرار.

(٢) كالسكين ، والقتل يثبت فيمن زنا بذات محرم للنسب كالأم والبنت والأخت وشبهها ، بلا خلاف فيه ، ولأخبار منها : صحيح بكير بن أعين عن أحدهما عليهما‌السلام : (من زنى بذات محرم حتى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت ، وإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت ، قال : فمن يضربهما وليس لهما خصم؟ قال : ذلك إلى الإمام إذا رفعا إليه) (١). وصحيح جميل بن دراج : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أين يضرب الذي يأتي ذات محرم بالسيف ، أين هذه الضربة؟ قال عليه‌السلام : يضرب عنقه أو قال : تضرب رقبته) (٢).

ومرسل عبد الله بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل وقع على أخته قال : يضرب ضربة بالسيف ، قلت : فإنه يخلص ، قال : يحبس أبدا حتى يموت) (٣).

وخبر عامر بن السمط عن علي بن الحسين عليهما‌السلام : (في الرجل يقع على أخته قال : يضرب ضربة بالسيف بلغت منه ما بلغت ، فإن عاش خلد في السجن حتى يموت) (٤).

ولقد أجاد صاحب الرياض بقوله : إن (ظاهر أكثر النصوص المزبورة الاكتفاء بالضربة الواحدة مطلقا أو في الرقبة وهي لا تستلزم القتل في صريح بعضها ، أي المشتمل على التخليد في الحبس مع فرض عدم إتيانها عليه).

ومناقشة الجواهر له بأن الإجماع قد قام على القتل مؤيّدا بصحيح جميل بن دراج الظاهر في القتل بقرينة قوله : (يضرب عنقه أو رقبته) مضافا إلى النبوي : (من وقع على ذات محرم فاقتلوه) ٥ غير مسموعة ، أما النبوي فقد ورد من طرق العامة ، وأما صحيح جميل فهو ظاهر بالضربة الواحدة لا في القتل ، وأما الإجماع فلم يثبت إذ لعلهم اعتمدوا على هذه النصوص بدعوى أنها ظاهرة في القتل.

(٣) وقع الخلاف في إلحاق المحرمة بالسبب بالمحرم النسبي ، وكذا المحرم بالرضاع ، ففي ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١ و ٣ و ٤ و ١٠.

(٥) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٣٧.

٢٢٦

الفتاوى ، والأخبار خالية من تخصيص النسبي ، بل الحكم فيها معلق على ذات المحرم مطلقا (١).

أما من حرمت بالملاعنة والطلاق (٢) وأخت الموقب وبنته وأمه فلا وإن حرمن مؤبدا(٣).

وفي إلحاق المحرم بالرضاع بالنسب وجه مأخذه إلحاقه في كثير من الأحكام للخبر (٤) ، لكن لم نقف على قائل به (٥)

______________________________________________________

ـ كشف اللثام قصر الحكم على المحرم النسبي لأنه المتيقن من النصوص فالمنصرف من المحرم هو النسبي فقط وإن كان يطلق على غيره لكن لا يتبادر ذلك الغير منه عند إطلاقه.

وذهب المحقق وابن إدريس وحمزة وزهرة إلى إلحاق زوجة الأب بالمحرم النسبي ، وفي المبسوط والخلاف والجامع لابن سعيد إلحاق الرضاع بالنسب دون السبب إلا امرأة الأب ، مع أنه لو بنينا على الإلحاق لوجب تعميم الحكم إلى كل من يحرم نكاحه بسبب أو نسب أو رضاع فالاقتصار على زوجة الأب من السببي تحكم ، وكذا على الرضاع دون السبب.

(١) لكن المنصرف منه خصوص النسبي ، لا أقل من كونه قدرا متيقنا فيقتصر عليه لأن التهجم على الدماء مشكل من دون دليل.

(٢) أي التاسع الموجب للحرمة المؤبدة.

(٣) ووجهه انصراف الأدلة عما حرمت تأديبا كما في هذه الأمثلة.

(٤) الأخبار كثيرة منها : صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) (١).

وفيه : أن ظاهره التنزيل من ناحية حرمة النكاح فقط ، لا في كل ما رتب على الأنساب كوجوب نفقة الوالدين وحرمة عقوقهما ونحو ذلك ، فإنها لم تثبت للأبوين الرضاعيين.

(٥) وقد عرفت أنه قول للشيخ وليحيى بن سعيد ولذا قال في الرياض : «ومن هنا يظهر ضعف إلحاق المحرم بالرضاع بالنسب مع عدم ظهور قائل به عدا الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن عم الماتن ـ أي يحيى بن سعيد فإنه ابن عم المحقق صاحب النافع ـ وهما شاذان ، ولذا لم يمل إلى مختارهما أحد من المتأخرين عدا شيخنا في الروضة مع ظنه عدم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ١.

٢٢٧

والأخبار تتناوله (١).

وفي إلحاق زوجة الأب والابن وموطوءة الأب بالملك بالمحرم النسبي قولان ؛ من دخولهن في ذات المحرم ، وأصالة العدم.

ولا يخفى أن إلحاقهن بالمحرم ، دون غيرهن من المحارم بالمصاهرة تحكّم (٢).

نعم يمكن أن يقال : دلت النصوص على ثبوت الحكم في ذات المحرم مطلقا فيتناولهن (٣) وخروج غيرهن (٤) بدليل آخر كالإجماع (٥) لا ينفي الحكم فيهن مع ثبوت الخلاف (٦) لكن يبقى الكلام في تحقق الإجماع في غيرهن.

(و) كذا يثبت الحد بالقتل(للذمي إذا زنى بمسلمة) (٧) مطاوعة أو مكرهة (٨) عاقدا عليها أم لا (٩). نعم لو اعتقده (١٠) حلالا بذلك (١١) لجهله بحكم الإسلام احتمل قبول عذره ، لأن الحد يدرأ بالشبهة (١٢) ، ...

______________________________________________________

ـ القائل به فقد جعله وجها».

(١) قد عرفت العدم.

(٢) بل لو بنينا على عموم الأخبار لكل محرم لشمل المحرم النسبي والسببي مطلقا.

(٣) أي يتناول زوجة الأب والابن وموطوءة الأب بالملك.

(٤) كأم الزوجة وبنتها من ذوات المصاهرة.

(٥) فهو غير موجود ، وإنما الموجود هو انصراف الأخبار عن السببي مطلقا.

(٦) في زوجة الأب والابن وموطوءة الأب بالملك.

(٧) بلا خلاف فيه ولأخبار منها : موثق حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سئل عن يهودي فجر بمسلمة فقال : يقتل) (١) ، نعم تخصيصه بالذمي نصرانيا أو حربيا ليس في محله ، بل يعمم إلى مطلق الكافر ولو كان حربيا ـ كما في الرياض ـ لشمول النص له ، ولأولوية غير الذمي من الذمي بالحكم لو فجر.

(٨) لإطلاق النص.

(٩) فوجود العقد كعدمه لأنه لا يصح عقده عليها.

(١٠) أي اعتقد الوطء.

(١١) بالعقد عليها.

(١٢) وهو مشتبه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٢٨

وعدمه (١) للعموم ، ولا يسقط عنه القتل بإسلامه (٢).

(والزاني مكرها للمرأة) (٣) والحكم في الأخبار والفتوى معلق على المرأة وهي كما سلف لا تتناول الصغيرة. ففي إلحاقها (٤) بها هنا نظر من فقد النص ، وأصالة

______________________________________________________

(١) أي ويحتمل عدم القبول ، لعموم الخبر ، وفيه : إن الخبر عام بمن فجر بمسلمة وهو ظاهر بمن أقدم على الفاحشة مع علمه بذلك فلا عموم له حتى يشمل المشتبه.

(٢) لأنه بعد ثبوت الحد لو أسلم نشك في السقوط فيستصحب ، ولخصوص خبر جعفر بن رزق : (قدم إلى المتوكل نصراني فجر بامرأة مسلمة ، وأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانه شركه وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام وسؤاله عن ذلك ، فلما قدم الكتاب كتب أبو الحسن عليه‌السلام : يضرب حتى يموت ، فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك ، وقالوا : يا أمير المؤمنين سله عن هذا ، فإنه شي‌ء لم ينطق به كتاب ولم تجي‌ء به السنّة.

فكتب : إن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا : لم تجي‌ء به سنّة ولم ينطق به كتاب ، فبيّن لنا بما أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب عليه‌السلام : (بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ فَلَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا قٰالُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنٰا بِمٰا كُنّٰا بِهِ مُشْرِكِينَفَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰاسُنَّتَ اللّٰهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبٰادِهِ وَخَسِرَ هُنٰالِكَ الْكٰافِرُونَ) (١).

قال : فأمر به المتوكل فضرب حتى مات) (٢) ، وذهب الفاضل الهندي في كشف اللثام إلى سقوط الحد عنه لو أسلم استضعافا للرواية ، ولأن الإسلام يجب ما قبله ، وللاحتياط في الدماء ، ويسقط عنه الجلد أيضا للأصل.

وفيه : إنه اجتهاد في قبال هذا النص المنجبر بعمل الأصحاب والمؤيد بالاستصحاب.

(٣) على الزنا ، فيقتل بلا خلاف ، للأخبار منها : صحيح بريد العجلي : (سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن رجل اغتصب امرأة فرجها ، قال : يقتل محصنا كان أو غير محصن) (٣) وصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل غصب امرأة نفسها قال : يقتل) (٤).

(٤) إلحاق الصغيرة بالمرأة.

__________________

(١) غافر الآيتان : ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١ و ٤.

٢٢٩

العدم (١) ، ومن أن الفعل أفحش والتحريم فيها أقوى (٢).

(ولا يعتبر الإحصان هنا) في المواضع الثلاثة (٣) ، لإطلاق النصوص بقتله ، وكذا لا فرق بين الشيخ والشاب ، ولا بين المسلم والكافر ، والحر والعبد ، ولا تلحق به المرأة لو أكرهته (٤) ، للأصل مع احتماله (٥).

(ويجمع له) أي للزاني في هذه الصور (٦) (بين الجلد ، ثم القتل على الأقوى) جمعا بين الأدلة (٧) ، فإن الآية دلت على جلد مطلق الزاني ، والروايات دلت على

______________________________________________________

(١) دليل لعدم ثبوت القتل لعدم النص إذ النص مختص بالمرأة ولأصالة عدم ثبوت القتل عند الشك فيه.

(٢) دليل الثبوت للأولوية ، وفيه : إنه من القياس المحرم ، ولو ادعى أن لفظ المرأة قد ورد في لسان السائل مع أن ظاهر الخبر أن القتل قد ثبت للاغتصاب بما هو هو لكانت دعوى غير بعيدة.

(٣) من الزنا بذات محرم ، ومن زنا الذمي بالمسلمة ، ومن الزنا بالمرأة كارها لها ، فيثبت القتل سواء كان محصنا أو لا ، بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، على أنه في المكرهة قد نص على التعميم لغير المحصن بالإضافة إلى إطلاق النصوص السابقة الواردة في المواضع الثلاثة ، وكذلك لا فرق ـ للإطلاق ـ بين كونه شيخا أو شابا وبين كونه حرا أو عبدا ، وبين كونه مسلما أو كافرا.

(٤) فلا تقتل المرأة لو أكرهت الرجل على الزنا بها لعدم تناول النصوص لها ، لأنها مختصة بالرجل ، بالإضافة إلى أصالة عدم القتل لو فعلت للشك فيه.

(٥) احتمال قتلها لو أكرهته بدعوى أن القتل قد ثبت على الإكراه ولا خصوصية لإكراه الرجل فيعم إكراه المرأة ، وفيه :

أولا : لو كان القتل على مطلق الإكراه لوجب الحكم بقتل الرجل إذا اغتصب الصغيرة مع أن الشارح قد حكم بالعدم.

وثانيا : إن إسقاط خصوصية الرجل ليس في محله لأن الخبر ولو من ناحية تطابق الجواب مع السؤال ظاهر في إكراه الرجل فلا يمكن إسقاط خصوصية الرجولية كما لا يمكن إسقاط خصوصية الإكراه فلا معنى لهذا الاحتمال.

(٦) الثلاث.

(٧) كما ذهب إليه الشهيدان فقوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (١). ظاهر في جلد كل زان سواء كان زانيا بذات محرم أو كان مكرها للمرأة أو ـ

__________________

(١) النور الآية : ١٢.

٢٣٠

قتل من ذكر ، ولا منافاة بينهما فيجب الجمع.

وقال ابن إدريس : إن هؤلاء (١) إن كانوا محصنين جلدوا ، ثم رجموا ، وإن كانوا غير محصنين جلدوا ثم قتلوا بغير الرجم جمعا بين الأدلة.

وفي تحقق الجمع بذلك (٢) مطلقا (٣) نظر ، لأن النصوص دلت على قتله بالسيف. والرجم يغايره (٤) ، إلا أن يقال : إن الرجم أعظم عقوبة (٥) والفعل هنا في الثلاثة أفحش ، فإذا ثبت الأقوى (٦) للزاني المحصن بغير من ذكره (٧) ففيه (٨)

______________________________________________________

ـ كان ذميا وقد زنى بمسلمة أو لا فلا بد من الأخذ بإطلاقه بالإضافة إلى الروايات السابقة التي أوجبت القتل على الزاني في هذه المواضع الثلاثة فالجمع بينهما يقتضي ثبوت الجلد والقتل عليه.

وفيه : أن الروايات كانت بصدد بيان الحكم الواقعي لمن زنى في هذه المواضع الثلاثة ولم تذكر الجلد ، فلو كان الجلد حكما واقعيا أيضا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح ، فلا بد من الأخذ بالروايات المتعرضة للزاني بهذه الخصوصيات الثلاثة دون الآية لأنها مطلقة وسترى موردها فيما بعد ، وهذا ما ذهب إليه المشهور.

وذهب ابن إدريس إلى قتله تبعا لهذه الروايات وإلى جلده تبعا للآية ، وإلى رجمه إذا كان محصنا لما دل على الرجم في المحصن وعليه ففي غير المحصن يجلد ثم يقتل وفي المحصن يجلد ثم يرجم ، وبالرجم نكون قد امتثلنا الأمر بالقتل والأمر بالرجم.

وفيه : بالإضافة إلى أن النصوص السابقة في هذه المواضع الثلاثة قد اقتصرت على القتل وهي في مقام بيان الحكم الواقعي ، فلا يصح الاكتفاء بالرجم عن القتل للتغاير بينهما مفهوما ومصداقا.

(١) أي الزناة في المواضع الثلاثة.

(٢) بما قاله ابن إدريس.

(٣) من جميع الوجوه ، حيث إن الجمع في بعض وجوهه موافق لقول الشارح من الجمع بين الجلد والقتل.

(٤) ففي المحصن لم نجمع بين جلد مطلق الزاني وقتل الزاني في هذه المواضع الثلاثة.

(٥) من القتل.

(٦) وهو الرجم.

(٧) والذي ذكره هو الزنا في المواضع الثلاثة.

(٨) أي ففي الرجم للزاني في هذه المواضع الثلاثة.

٢٣١

أولى (١) مع صدق أصل القتل به (٢) وما اختاره المصنف أوضح في الجمع (٣).

(وثانيها (٤) : الرجم (٥) ويجب على المحصن) بفتح الصاد (٦) (إذا زنا ببالغة عاقلة) حرة كانت أم أمة. مسلمة أم كافرة (٧) (والإحصان (٨) إصابة البالغ العاقل الحر فرجا) أي قبلا(مملوكا له بالعقد الدائم أو الرق) متمكنا بعد ذلك منه بحيث(يغدو عليه ويروح) أي يتمكن منه أول النهار وآخره(إصابة معلومة) بحيث غابت الحشفة ، أو قدرها في القبل(فلو أنكر) من يملك الفرج على الوجه المذكور

______________________________________________________

(١) وهذه الأولوية استحسانية فلا يصح جعلها مدركا للحكم الشرعي ، مع أن ابن إدريس اقتصر على الرجم لأنه محقق لمعنى القتل لا لأنه أشدّ.

(٢) بالرجم.

(٣) بل ما ذكره المشهور هو الواضح والمتعين.

(٤) ثاني أقسام الحد.

(٥) يثبت على المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة ، وكذا على المرأة إذا زنى بها بالغ عاقل بلا خلاف للأخبار منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الرجم حد الله الأكبر والجلد حد الله الأصغر ، فإذا زنى الرجل المحصن رجم ولم يجلد) (١). وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة ، فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم) (٢).

(٦) لأنه محصن بزوجه ، ويجوز الكسر لأنه أحصن نفسه بالزواج من الغير.

(٧) كل ذلك لإطلاق الأخبار السابقة.

(٨) قال الشارح في المسالك : «الإحصان والتحصين في اللغة المنع ، قال الله تعالى : (لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) وقال : (فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) ، وورد في الشرع بمعنى الإسلام وبمعنى البلوغ والعقل ، وكل منهما قد قيل في تفسير قوله تعالى : (فَإِذٰا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ) ، وبمعنى الحرية ومنه قوله تعالى : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ) يعني الحرائر ، وبمعنى التزوج ومنه قوله تعالى : (وَالْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ) يعني المنكوحات ، وبمعنى العفة عن الزنا ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ) وبمعنى الإصابة في النكاح ومنه قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ) ، ويقال : أحصنت المرأة عفت ، وأحصنها زوجها هي محصنة ، وأحصن الرجل تزوج».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١ و ٣.

٢٣٢

(وطء زوجته (١) صدّق) بغير يمين(وإن كان له منها ولد لأن الولد قد يخلق من استرسال المني) بغير وطء. فهذه قيود ثمانية :

أحدها : الإصابة أي الوطء قبلا (٢) على وجه يوجب الغسل فلا يكفي مجرد العقد ، ولا الخلوة التامة ، ولا إصابة الدبر ، ولا ما بين الفخذين ، ولا في القبل على وجه لا يوجب الغسل (٣) ، ولا يشترط الإنزال (٤) ولا سلامة الخصيتين (٥) فيتحقق (٦) من الخصي ونحوه (٧) ، لا من المجبوب (٨) وإن ساحق.

وثانيها : أن يكون الواطئ بالغا (٩) فلو أولج الصبي حتى غيّب مقدار الحشفة لم يكن محصنا وإن كان مراهقا.

وثالثها : أن يكون عاقلا (١٠). فلو وطأ مجنونا وإن عقد عاقلا لم يتحقق

______________________________________________________

(١) لعارض يمنعه من الوطء.

(٢) للأخبار منها : صحيح رفاعة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله أيرجم؟ قال عليه‌السلام : لا) (١) وصحيح محمد بن مسلم : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يزني ولم يدخل بأهله أيحصن؟ قال : لا ، ولا بالأمة) (٢) ، وظاهر الأخبار أن الدخول هو الدخول في القبل على نحو يوجب الغسل.

(٣) كل ذلك لخروجه عن ظاهر الأخبار السابقة.

(٤) لتحقق الإدخال بغيبوبة الحشفة فقط.

(٥) لتحقق الإدخال منه.

(٦) الإدخال.

(٧) وهو الذي سحقت خصيتاه أو لم يكن له خصية من أول الولادة.

(٨) أي مقطوع الذكر ، ووطؤه مساحقة فلا يتحقق منه إدخال الحشفة لعدمها.

(٩) فلو زنى غير البالغ وإن كان قد وطئ زوجته فلا حد عليه لرفع القلم عنه ولخصوص أخبار منها : خبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يحدّ الصبي إذا وقع على المرأة ويحدّ الرجل إذا وقع على الصبية) (٣).

(١٠) ذهب جماعة منهم الشيخان إلى ثبوت الرجم على المجنون المحصن لو زنى لخبر أبان بن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١ و ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

٢٣٣

الإحصان ويتحقق بوطئه عاقلا وإن تجدد جنونه.

ورابعها : الحرية (١) فلو وطئ العبد زوجته حرة ، أو أمة لم يكن محصنا وإن عتق ما لم يطأ بعده (٢) ، ولا فرق بين القن والمدبر والمكاتب بقسميه ، والمبعض (٣).

وخامسها : أن يكون الوطء بفرج فلا يكفي الدبر ، ولا التفخيذ ، ونحوه كما سلف. وفي دلالة الفرج والإصابة (٤) على ذلك (٥) نظر ، لما تقدم من أن الفرج يطلق لغة على ما يشمل الدبر وقد أطلقه عليه (٦) فتخصيصه (٧) هنا مع الإطلاق وإن دل عليه العرف (٨) ليس بجيد.

وفي بعض نسخ الكتاب زيادة قوله قبلا بعد قوله فرجا (٩) وهو تقييد لما

______________________________________________________

ـ تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد وإن كان محصنا رجم) (١) ، وحملت الرواية على ما لو كان جنونه أدواريا وقد صدر منه الزنا حال تعقله بدليل ذيله حيث قال عليه‌السلام : (والرجل يأتي وإنما يزني إذا عقل كيف يأتي اللذة).

(١) بلا خلاف فيه وتدل عليه أخبار منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في العبد يتزوج الحرة ثم يعتق فيصيب فاحشة ، فقال : لا رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق) (٢) ، وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في العبيد إذا زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة وإن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا ولا يرجم ولا ينفى) (٣).

(٢) بعد العتق.

(٣) لإطلاق الأخبار السابقة.

(٤) الواردين في تعريف المصنف للإحصان.

(٥) على الوطء قبلا.

(٦) أي أطلق المصنف الفرج على ما يشمل الدبر سابقا عند تعريف الزنا.

(٧) أي فتخصيص المصنف للفرج على القبل هنا.

(٨) حيث أن الفرج عرفا مختص بالقبل.

(٩) في تعريف الإحصان.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

٢٣٤

أطلق منه (١). ومعه (٢) يوافق ما سلف.

وسادسها : كونه مملوكا له (٣) بالعقد الدائم ، أو ملك اليمين فلا يتحقق

______________________________________________________

(١) من الفرج.

(٢) مع التقييد.

(٣) أي كون الفرج مملوكا للواطى‌ء ، فلو وطئ بشبهة أو زنى فلا يتحقق الإحصان وهو اتفاقي كما في كشف اللثام ويدل عليه صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : ما المحصن يرحمك الله؟ قال : من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو المحصن) (١) ومثله غيره ، نعم التقييد بالعقد الدائم ليخرج ما لو ملكه بالعقد المنقطع فإنه لا يحقق الإحصان لأخبار منها : موثق إسحاق بن عمار : (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الرجل إذا هو زنى وعنده السرية والأمة يطؤها تحصنه الأمة؟ فقال : نعم إنما ذاك لأن عنده ما يغنيه عن الزنا ، قلت : فإن كان عنده أمة زعم أنه يطأها ، فقال : لا يصدق ، قلت : فإن كان عنده امرأة متعة تحصنه ، قال : لا ، إنما هي على الشي‌ء الدائم) (٢).

ومرسل أبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يتردد في المتعة أتحصنه؟ قال : لا إنما ذلك على الشي‌ء الدائم عنده) (٣) ، كما أن الإحصان يتحقق بوطء الأمة كما هو المشهور ويدل عليه أخبار منها : موثق إسحاق بن عمار المتقدم وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : (سألته عن الحر تحته المملوكة هل عليه الرجم إذا زنى؟ قال : نعم) (٤).

وذهب القديمان والصدوق والديلمي إلى عدم تحقق الإحصان بملك اليمين لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وكما لا تحصنه الأمة واليهودية والنصرانية إن زنى بحرة ، فكذلك لا يكون عليه حد المحصن إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرة) (٥) ومثله غيره ، والترجيح للطائفة الأولى لموافقتها للأخبار العامة الدالة على تحقق الإحصان إذا كان عنده فرج يغدو عليه ويروح وهو شامل للأمة مثل صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت : وما المحصن رحمك الله؟ قال : من كان له فرج ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٩.

٢٣٥

بوطء الزنا ، ولا الشبهة وإن كانت (١) بعقد فاسد (٢) ، ولا المتعة.

وفي إلحاق التحليل بملك اليمين وجه (٣) ، لدخوله فيه من حيث الحل ، وإلا (٤) لبطل الحصر المستفاد من الآية (٥) ولم أقف فيه هنا على شي‌ء (٦).

وسابعها : كونه متمكنا منه غدوا ورواحا (٧). فلو كان بعيدا عنه لا يتمكن

______________________________________________________

ـ يغدو عليه ويروح فهو محصن) (١).

(١) الشبهة.

(٢) بمعنى اعتقد أنه صحيح وهو فاسد واقعا فهو لا يحصن.

(٣) لدخول التحليل في ملك اليمين فكل منهما ينكح بالملك ، غايته أحدهما يملك الرقبة والآخر يملك منفعة البضع.

(٤) لو لم يدخل التحليل في ملك اليمين.

(٥) وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ) (٢) ، فقد حصرت الحل باثنين مع أن الوطء يجوز بأربعة بالدائم والمنقطع وملك اليمين والتحليل ، فيستفاد كما أن الدائم والمنقطع يدخلان في الزوجية كذلك ملك اليمين والتحليل يدخلان في الملك ، وهذا كاشف عن دخول التحليل في ملك اليمين ، غايته خرج عدم تحقق الإحصان بالمتعة بدليل خارجي فيبقى الباقي تحت عموم الآية.

وفيه : إن الآية عامة في أن الاستغناء يتم في هذه الأربعة لا الإحصان ، مع أن الأخبار قد قيدت الإحصان بالدائم وبملك اليمين على خلاف في الثاني ، فالأصل في التحليل عدم الإحصان الموجب لسقوط الرجم.

(٦) من كلمات الفقهاء.

(٧) أي كون المحصن متمكنا من الفرج غدوا ورواحا ، وهو كناية عن تمكنه من الوطء متى شاء ويدل عليه صحيح إسماعيل بن جابر المتقدم : (قلت : وما المحصن رحمك الله؟ قال : من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو محصن) (٣). وخبر أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرجل الذي له امرأة بالبصرة ففجر بالكوفة أن يدرأ عنه الرجم ويضرب حد الزاني ، وقضى في رجل محبوس في السجن وله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٤.

(٢) المؤمنون الآيتان : ٤ ـ ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٤.

٢٣٦

منه فيهما (١) وإن تمكن في أحدهما دون الآخر (٢) ، أو فيما بينهما (٣) ، أو محبوسا لا يتمكن من الوصول إليه (٤) لم يكن محصنا وإن كان قد دخل قبل ذلك. ولا فرق في البعيد بين كونه دون مسافة القصر وأزيد (٥).

وثامنها : كون الإصابة معلومة (٦) ، ويتحقق العلم بإقراره بها أو بالبينة ، لا بالخلوة ، ولا الولد ، لأنهما أعم كما ذكر (٧).

______________________________________________________

ـ امرأة حرّة في بيته في المصر وهو لا يصل إليها فزنى في السجن ، قال : عليه الحد ـ وفي نسخة يجلد الجلد ـ ويدرأ عنه الرجم) (١). ومثله غيره.

(١) أي لا يتمكن من الفرج في الغدو والرواح.

(٢) أي تمكن في الغدو دون الرواح أو بالعكس وهما أول النهار وآخره.

(٣) بين أول النهار وآخره ، هذا كله بناء على حمل الغدو والرواح في الخبر على المعنى الحقيقي مع أنك عرفت أنه كناية عن التمكن من الوطء وعدم التمكن من الوطء ساعة من نهار لا يضرّ ، والعجب من الشارح حيث حمله على المعنى الحقيقي هنا جازما به مع أنه أبداه احتمالا في المسالك حيث قال : «ويحتمل اعتبار حقيقته بمعنى التمكن منه أول النهار وآخره».

(٤) إلى الفرج.

(٥) اتفقوا على أن المراد من البعيد هو الذي لا يتمكن من الوصول إلى الفرج من دون تحديد مسافة البعد سواء قصرت عن مسافة القصر أو زادت.

نعم قد ورد تحديد البعد بمسافة السفر في أخبار منها : خبر عمر بن يزيد : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن الغائب عن أهله يزني ، هل يرجم إذا كان له زوجة وهو غائب عنها؟ قال : لا يرجم الغائب عن أهله ولا المملك الذي لم يبن بأهله ، ولا صاحب المتعة ، قلت : ففي أي حد سفره لا يكون محصنا؟ قال : إذا قصّر وأفطر فليس بمحصن) (٢). وهي مهجورة عند الأصحاب كما في الجواهر بعد كون المناط في السفر على عدم التمكن من الفرج متى شاء.

(٦) أي قطعية بمعنى أن وطأه للفرج الحلال معلوم ، ويعلم بإقراره أو بقيام البينة عليه.

(٧) أما الخلوة فهي أعم من الوطء كما هو واضح وأما الولد فلاحتمال أنه من استرسال المني المنصب على فم الفرج كما تقدم سابقا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

٢٣٧

واعلم أن الإصابة أعم مما يعتبر منها (١) ، وكذا الفرج (٢) كما ذكر. فلو قال : تغيب قدر حشفة (٣) البالغ .. إلخ في قبل (٤) مملوك له ... إلخ كان أوضح. وشمل إطلاق إصابة الفرج ما لو كانت صغيرة وكبيرة عاقلة ومجنونة وليس كذلك (٥) ، بل يعتبر بلوغ الموطوءة كالواطئ ولا يتحقق فيهما بدونه (٦).

(وبذلك) المذكور كله(تصير المرأة محصنة) أيضا. ومقتضى ذلك صيرورة الأمة والصغيرة محصنة ، لتحقق إصابة البالغ ... إلخ فرجا مملوكا. وليس كذلك ، بل يعتبر فيها (٧) البلوغ والعقل والحرية كالرجل ، وفي الواطئ البلوغ دون العقل. فالمحصنة حينئذ : المصابة حرة (٨) بالغة عاقلة من زوج بالغ دائم في القبل بما يوجب الغسل إصابة معلومة ، فلو أنكرت ذات الولد منه (٩) وطأه لم يثبت إحصانها (١٠) وإن ادعاه (١١) ويثبت في حقه (١٢).

______________________________________________________

(١) أي أن لفظ الإصابة الوارد في تعريف المصنف بما له من المعنى أعم مما يعتبر من لفظ الإصابة ، وذلك لأن الإصابة ظاهرة في الوطء الطبيعي المتحقق فيه إدخال العضو بتمامه مع أن المراد منها إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها.

(٢) فإنه لغة أعم من القبل والدبر مع أن المراد من لفظ الفرج الوارد في التعريف هو خصوص القبل.

(٣) بدل الإصابة.

(٤) بدل الفرج.

(٥) بالنسبة للصغيرة إذ الإحصان في الواطئ لا يتحقق إلا مع بلوغ الموطوءة.

(٦) أي لا يتحقق الإحصان في الواطئ والموطوءة بدون البلوغ.

(٧) في المرأة المحصنة.

(٨) ففي صحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل أيحصن المملوكة؟ قال : لا يحصن الحر المملوكة ، ولا يحصن المملوك الحرة) (١).

(٩) من أبيه.

(١٠) لاحتمال كون الولد من المني المنصب على فم الفرج.

(١١) أي وإن ادعى أبو الولد الوطء.

(١٢) أي ويثبت الإحصان في حق الوالد المدعي للوطء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٧.

٢٣٨

كعكسه (١). وأما التمكن من الوطء فإنما يعتبر في حقه خاصة فلا بد من مراعاته (٢) في تعريفها أيضا (٣).

ويمكن أن يريد بقوله : وبذلك تصير المرأة محصنة : أن الشروط المعتبرة فيه (٤) تعتبر فيها بحيث تجعل بدله بنوع من التكلف فتخرج الصغيرة والمجنونة والأمة وإن دخل حينئذ ما دخل في تعريفه (٥).

(ولا يشترط في الإحصان الإسلام) (٦) فيثبت في حق الكافر والكافرة مطلقا (٧) إذا حصلت الشرائط. فلو وطئ الذمي زوجته الدائمة تحقق الإحصان. وكذا لو وطئ المسلم زوجته الذمية حيث تكون دائمة (٨).

(ولا عدم الطلاق) (٩) فلو زنى المطلّق ، أو تزوجت المطلّقة عالمة بالتحريم ،

______________________________________________________

(١) كأن تدعي هي الوطء فيثبت إحصانها ، دونه فلا يثبت الإحصان في حقه.

(٢) مراعاة التمكن من الوطء.

(٣) المرأة المحصنة ، غايته إذا كان الزوج متمكنا منها قادرا على وطئها متى شاء فهذا يحقق إحصانه وإحصانها ففي صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن امرأة تزوجت برجل ولها زوج ، فقال : إن كان زوجها مقيما معها في المصر الذي هي فيه تصل إليه ويصل إليها فإن عليها ما على الزاني المحصن الرجم) (١).

(٤) في المحصن.

(٥) فقد دخل في تعريف المحصن ما لو وطئ الصغيرة فيدخل في تعريفها ما لو وطئها الصغير ولا بدّ من إخراجه.

(٦) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (واليهودي يحصن النصرانية والنصراني يحصن اليهودية) (٢).

(٧) وإن كان من غير ملتها ، أو كانا ذميين أو أحدهما.

(٨) بناء على تجويز ذلك شرعا.

(٩) فالمطلقة رجعيا لا تخرج عن الإحصان وكذا المطلق كذلك لأن الرجعية بحكم الزوجة وهو متمكن منها متى شاء ، بلا خلاف في ذلك للأخبار منها : صحيح يزيد الكناسي : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٨.

٢٣٩

أو زنت رجمت(إذا كانت العدة رجعية) ، لأنها في حكم الزوجة وإن لم تتمكن هي من الرجعة كما لا يعتبر تمكنها من الوطء(بخلاف البائن) ، لانقطاع العصمة به (١) فلا بد في تحقق الإحصان بعده (٢) من وطء جديد (٣) سواء تجدد الدوام بعقد جديد أم برجوعه في الطلاق حيث رجعت في البذل.

وكذا يعتبر وطء المملوك بعد عتقه (٤) وإن كان مكاتبا (٥).

(والأقرب الجمع بين الجلد والرجم في المحصن (٦) وإن كان شابا) جمعا بين

______________________________________________________

ـ (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة تزوجت في عدتها قال : إن كانت تزوجت في عدة طلاق لزوجها عليها الرجعة فإن عليها الرجم ، وإن كانت تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها الرجعة فإن عليها حد الزاني غير المحصن) (١).

(١) بالطلاق البائن.

(٢) بعد الطلاق البائن.

(٣) منه إليها فهي بحكم الزوجة الجديدة سواء كان الوطء الجديد بعقد جديد أو رجع بالطلاق بعد ما رجعت بالبذل.

(٤) بلا خلاف ويدل عليه صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في العبد يتزوج الحرة ثم يعتق فيصيب فاحشة ، قال : لا رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق) (٢).

(٥) للإطلاق.

(٦) رجم المحصن لا خلاف فيه وإنما الخلاف في ضم الجلد إليه ، ففي الشيخ والشيخة لم ينقل الخلاف إلا من العماني على الجمع بين الجلد والرجم ، لأخبار منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم ، والبكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة من مصره) (٣). وهي محمولة على ما لو كانا محصنين بدليل رواية عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا زنى النصف من الرجال رجم ، ولم يجلد إذا كان قد أحصن وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ونفي سنة من مصره) (٤).

وفي المرسل عن علي عليه‌السلام : (أنه جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال : حددتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٥). والعماني اقتصر على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٥.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٩ و ١١ و ٣.

٢٤٠