الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

كغيره (١) من أجزائه مطلقا (٢) ، وإن حلّت (٣) من الميتة غيره (٤) ، ومثله (٥) الكلب(فإن اضطر إلى استعمال شعر الخنزير استعمل ما لا دسم فيه ، وغسل يده) بعد الاستعمال ، ويزول عنه (٦) الدسم بأن يلقى (٧) في فخّار ، ويجعل في النار حتى

______________________________________________________

ـ به) (١) ، وقرينة الضرورة قوله : لا يستقيم عملنا ، وخبره الآخر (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك إنا نعمل بشعر الخنزير ، فربما نسي الرجل فصلّى وفي يده شي‌ء منه ، قال : لا ينبغي أن يصلي وفي يده شي‌ء منه ، وقال : خذوه فاغسلوه فما كان له دسم فلا تعملوا به ، وما لم يمكن له دسم فاعملوا به واغسلوا أيديكم منه) (٢) ، وخبر سليمان الإسكاف (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شعر الخنزير نخرز به ، قال : لا بأس به ، ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلي) (٣) وخبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : شعر الخنزير يجعل حبلا يستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ فقال : لا بأس به) (٤) ، وخبر ثالث لبرد الإسكاف (عن شعر الخنزير يعمل به؟ قال : خذ منه فاغسله بالماء حتى يذهب ثلثه ويبقى ثلثاه ، ثم اجعله في فخارة ليلة باردة ، فإن جمد فلا تعمل به ، وإن لم يجمد ليس عليه دسم فاعمل به ، واغسل يدك إذا مسسته عند كل صلاة) (٥).

وهذه الأخبار مطلقة إلا أنها محمولة على الضرورة جمعا بينها وبين الخبر الأول هذا من جهة ومن جهة أخرى فالجواز متوقف على ما لا دسم فيه ومنها تعرف ضعف ما ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف من جواز استعمال شعر الخنزير لغير ضرورة.

(١) أي كغير الشعر.

(٢) سواء كانت مما تحله الحياة أم لا.

(٣) أي تلك الأجزاء.

(٤) أي غير الخنزير ، والمعنى أنه يجوز استعمال الأجزاء التي لا تحلها الحياة من ميتة غير الخنزير ، لأنها طاهرة.

(٥) أي ومثل الخنزير.

(٦) عن شعر الخنزير.

(٧) أي شعر الخنزير.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٣ و ٤ من كتاب التجارة.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث من أبواب النجاسات حديث ٣ من كتاب الطهارة.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٢ من كتاب التجارة.

٣٦١

يذهب دسمه رواه برد الإسكاف عن الصادق عليه‌السلام.

وقيل : يجوز استعماله مطلقا (١) ، لإطلاق رواية سليمان الاسكاف ، لكن فيها (٢) أنه يغسل يده إذا أراد أن يصلي ، والاسكافان مجهولان ، فالقول بالجواز مع الضرورة حسن ، وبدونها (٣) ممتنع ، لإطلاق (٤) تحريم الخنزير الشامل (٥) لموضع النزاع وإنما يجب غسل يده (٦) مع مباشرته (٧) برطوبة (٨) كغيره (٩) من النجاسات.

(الحادية عشرة ـ لا يجوز) لأحد(أن يأكل من مال غيره (١٠) ممن يحترم ماله

______________________________________________________

(١) عند الضرورة وغيرها.

(٢) في رواية سليمان الإسكاف.

(٣) أي بدون الضرورة.

(٤) الإطلاق إنما هو لتحريم الميتة والنجس وقد تقدم سابقا ، ولا يوجد ما يدل على تحريم الخنزير بخصوصه وإن ادعى ابن إدريس تواتر الأخبار بذلك ، ولكن لا يوجد خبر واحد بالخصوص فلذا قال في المسالك : (حتى ادعى ابن إدريس تواتر الأخبار بتحريم استعماله ـ الخنزير ـ وهو عجيب لأنا لم نقف منها على شي‌ء) انتهى وقال في الجواهر : (وإلى ما عن السرائر من دعوى تواتر الأخبار به وإن كنا لم نظفر بخبر واحد كما اعترف به في كشف اللثام) انتهى.

(٥) على فرض ورود النهي عن الخنزير ، فالتحريم المنسوب إلى عين خارجية يراد منه أقرب المجازات إلى الحقيقة ، وأقرب المجازات هو تحريم جميع ضروب الانتفاع بالعين بما فيه استعمال شعر تلك العين.

(٦) أي يد المستعمل لشعر الخنزير.

(٧) أي مباشرة شعر الخنزير.

(٨) لتتحقق سريان النجاسة ، وفي هذا رد على الماتن حيث حكم بوجوب غسل يد المستعمل من دون التقييد بالرطوبة ، ولعل الماتن ترك القيد لوضوحه.

(٩) أي كغير شعر الخنزير.

(١٠) الأصل يقتضي تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه ، سواء كان التصرف أكلا أم لا لقوله تعالى : (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) (١) والنبوي (المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) (٢) ، والتوقيع الشريف عن مولانا ـ

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٢٩.

(٢) سنن ابن ماجه المجلد الثاني حديث : ٣٩٣٣ ص ١٢٩٨ طبع ١٣٧٣.

٣٦٢

وإن كان كافرا ، أو ناصبيا ، أو غيره من الفرق بغير إذنه ، لقبح التصرف (١) في مال الغير كذلك (٢) ، ولأنه (٣) أكل مال بالباطل (٤) ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله ، وعرضه» (إلا من بيوت من تضمنته الآية) وهي (٥) قوله تعالى : (وَلٰا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ

______________________________________________________

ـ الحجة عجل الله تعالى فرجه (لا يحلّ لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه) (١) ، وصحيح زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث : (لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه) (٢) ومثله كثير.

وهذا لا يفرق فيه بين فرق المسلمين وإن كانوا أهل بدعة ، بل ولا يفرق فيه بين من يحترم ماله وإن كانوا كفارا كأهل الذمة والمعاهدين على احترام مالهم ، ولكن لا يشمل الحربي والناصبي ممن لم يحترم ماله كعدم احترام دمه وقد تقدم البحث في مال الناصبي في كتاب الخمس وفي مال الحربي في كتاب الجهاد هذا من جهة ومن جهة أخرى يستثنى من عموم حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه أمران : الأول : الأكل من بيوت من تضمنته الآية الآتية ، الثاني : الأكل مما يمرّ به الإنسان ، وسيأتي البحث فيهما.

(١) إشارة إلى أن العقل حاكم بهذا القبح.

(٢) أي بغير إذنه.

(٣) أي التصرف في مال الغير بغير إذنه.

(٤) وأكل المال بالباطل منهي عنه بقوله تعالى : (وَلٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ)(٣).

(٥) أي الآية وهي قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمىٰ حَرَجٌ ، وَلٰا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلٰا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ، وَلٰا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَخْوٰالِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ خٰالٰاتِكُمْ ، أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ ، أَوْ صَدِيقِكُمْ ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتٰاتاً) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ٣.

(٣) سورة النساء ، الآية : ٢٩.

(٤) سورة النور ، الآية : ٦١.

٣٦٣

أَخْوٰالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خٰالٰاتِكُمْ أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) (١) ، فيجوز الأكل من بيوت المذكورين مع حضورهم ، وغيبتهم (٢) (إلا مع علم الكراهة (٣) ولو بالقرائن الحالية بحيث تثمر (٤) الظنّ الغالب بالكراهة ، فإن ذلك (٥) كاف في هذا ونظائره ، ويطلق عليه العلم كثيرا.

ولا فرق بين ما يخشى (٦) فساده في هذه البيوت ، وغيره (٧) ، ولا بين

______________________________________________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦١.

(٢) لإطلاق الآية المتقدمة.

(٣) يجوز الأكل من بيوت المذكورين بشرط عدم العلم بالكراهة ، بلا خلاف فيه مع أن الآية مطلقة تشمل صورة العلم بالكراهة لكن لا بدّ من تقييد الآية اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن ، ويكفي معرفة الكراهة ولو بالقرائن الحالية المفيدة للظن الغالب بها ، لأنه علم عادي.

(٤) أي القرائن الحالية.

(٥) أي الظن الغالب كاف في معرفة الكراهة ونحوها ، لأنه علم عادي ولذا يطلق عليه العلم كثيرا.

(٦) كالمرق.

(٧) كالتمر ، هذا واعلم أن المشهور على عدم الفرق بين ما يخشى فساده في هذه البيوت وغيره عملا بإطلاق الآية ، وعن بعضهم وهو غير معروف كما في الرياض وهو الصدوق في المقنع كما في كشف اللثام والجواهر تقييد جواز الأكل بما يخشى فساده فقط ، ومستنده غير واضح ، مع أن النصوص صريحة في رده كخبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : أو صديقكم ، فقال : هؤلاء الذين سمّى الله عزوجل في هذه الآية تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم ، وكذلك تأكل المرأة بغير إذن زوجها ، وأما ما خلا ذلك من الطعام فلا) (١) ولا ريب أن التمر مما لا يخشى فساده.

نعم ليس له دليل إلا الفقه الرضوي (ولا بأس للرجل أن يأكل من بيت أبيه وأخيه وأخته وأمه وصديقه مما لا يخشى عليه الفساد من يومه بغير إذنه مثل البقول والفاكهة وأشباه ذلك) (٢) ، وهو مما لم تثبت حجيته نعم قيل إنه مصنفات والد الصدوق الذي لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب المائدة حديث ٢.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المائدة حديث ١.

٣٦٤

دخوله بإذنه (١) ، وعدمه. عملا بإطلاق الآية ، خلافا لابن إدريس فيهما (٢).

ويجب الاقتصار على مجرد الأكل (٣) ، فلا يجوز الحمل ، ولا إطعام الغير ، ولا الإفساد بشهادة الحال ، ولا يتعدى الحكم (٤) إلى غير البيوت من أموالهم ،

______________________________________________________

ـ يفتي إلا بمتون الأخبار ، فيكون من المراسيل ولكن لا جابر له ، لأن المشهور على خلافه.

(١) أي ولا فرق بين دخول الآكل بإذن صاحب البيت وعدمه كما عن الأكثر لإطلاق الآية المتقدمة ، وعن الحلي في السرائر تقييد جواز الأكل بكون الدخول بإذن صاحب البيت وأنه يحرم الأكل مع الدخول بدون الاذن ، ومال إليه الفاضل المقداد في التنقيح ، لأن النهي عن الدخول بغير الاذن مستلزم للنهي عن الأكل ، لأن النهي عن اللازم نهي عن ملزومه ، ولأن الأكل المذكور على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقن ، وهو الاذن بالدخول ، ولأن الاذن بالدخول قرينة على الاذن بالأكل وحيث لا إذن فلا قرينة فلا يجوز.

ويردّ الأول منع التلازم بين النهي عن اللازم والنهي عن ملزومه إذ لا مانع من كون الدخول حراما ولكن بعد ما يدخل يجوز له الأكل ، ويردّ الثاني إطلاق الآية الشامل لصورة عدم الاذن ، وهو الموجب للخروج عن الأصل ، ومع إطلاق الدليل لا وجه للاقتصار على المتيقن ، ويردّ الثالث بأن جواز الأكل غير مقيد بإحراز الاذن بالدخول لإطلاق الآية المتقدمة.

(٢) في الفرعين من خشية الفساد وعدمه ومن الدخول بإذنه وعدمه ، حيث جوّز الأكل بما يخشى فساده وبما إذا كان مع الاذن بالدخول.

(٣) الحلية مختصة بالأكل فلا يجوز أن يحمل شيئا من البيوت ولا يجوز له أن يطعم الغير منها أو يتصدق به ، ولا يجوز له أن يفسد شيئا منها ، حيث خصّت الآية الحلية بالأكل فيقتصر عليه ، والباقي على الأصل من عدم جواز التصرف بمال الغير بغير إذنه ، ولخبر زرارة سألت أحدهما عليهما‌السلام عن الآية فقال : (ليس عليكم جناح فيما أطعمت أو أكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسد) (١).

(٤) أي الحكم بجواز الأكل ، فلا يجوز الأكل من أموال المذكورين في الآية من غير بيوتهم ، كالأكل من مالهم الموجود في الدكان والبستان ، للأصل من حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ، خرجنا عنه بالأكل من البيوت للنص ، والباقي على الأصل ، ومقامنا منه ، بلا خلاف في ذلك كله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب المائدة حديث ٤.

٣٦٥

اقتصارا فيما خالف الأصل على مورده (١) ، ولا إلى تناول غير المأكول (٢) ، إلا أن يدل عليه (٣) الأكل (٤) بمفهوم الموافقة (٥) ، كالشرب من مائه ، والوضوء به ، أو يدل (٦) عليه (٧) بالالتزام (٨) كالكون بها (٩) حالته (١٠).

وهل يجوز دخولها لغيره (١١) ، أو الكون بها بعده (١٢) وقبله؟ نظر من تحريم (١٣) التصرف في مال الغير إلا ما استثني (١٤). ومن دلالة (١٥) القرائن (١٦) على تجويز مثل ذلك من المنافع التي لا يذهب من المال بسببها شي‌ء حيث جاز اتلافه (١٧) بما ذكر (١٨).

______________________________________________________

(١) أي مورد ما خالف الأصل ، وهو الأكل من البيوت للآية المتقدمة.

(٢) الآية مختصة بالأكل من بيوت المذكورين ، والأصحاب عمّموا الحكم إلى الشرب من البيوت والوضوء من مائها ، ونحو ذلك مما يدل عليه الاذن بالأكل بمفهوم الموافقة ، وكذا عمموا الحكم للدخول إلى البيوت والكون بها حالة الأكل لما يدل عليه الاذن بالأكل بالالتزام ، إذ الأكل من البيت متوقف على دخوله واللبث فيه حالة الأكل.

(٣) على غير المأكول.

(٤) أي الاذن بالأكل.

(٥) أي بالأولوية.

(٦) ضمير الفاعل راجع إلى الاذن بالأكل.

(٧) أي على غير المأكول.

(٨) أي بالدلالة الالتزامية.

(٩) أي بالبيوت.

(١٠) أي حالة الأكل ، وكذا الدخول للبيوت من أجل الأكل.

(١١) أي لغير الأكل.

(١٢) أي بعد الأكل.

(١٣) دليل عدم الجواز.

(١٤) والمذكور هنا خارج عما استثني فيبقى على الأصل.

(١٥) دليل الجواز.

(١٦) أي الحالية والمقالية ومن الثانية جواز الأكل ، وهو يستدعي تلف المأكول.

(١٧) أي إتلاف الداخل.

(١٨) أي بالأكل للآية المتقدمة.

٣٦٦

والمراد ببيوتكم (١) : ما يملكه الآكل (٢) ، لأنه (٣) حقيقة فيه (٤).

ويمكن أن تكون النكتة فيه (٥) مع ظهور إباحته (٦) الإشارة إلى مساواة ما ذكر (٧) له (٨) في الإباحة ، والتنبيه على أن الأقارب المذكورين والصديق ينبغي جعلهم كالنفس في أن يحب لهم ما يحب لها ، ويكره لهم ما يكره لها كما جعل بيوتهم كبيته.

وقيل : هو بيت الأزواج والعيال.

وقيل : بيت الأولاد ، لأنهم لم يذكروا في الأقارب ، مع أنهم (٩) أولى منهم (١٠) بالمودة والموافقة ، ولأن ولد الرجل بعضه ، وحكمه حكم نفسه وهو

______________________________________________________

(١) أي لفظ (بيوتكم) الوارد في الآية حيث قال تعالى : (وَلٰا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) (١).

(٢) أي البيت الذي يملكه الأكل ، ولعل النكتة في ذكر بيوت الأكلين مع ظهور الحلية هي بيان حلية ما يوجد فيها وإن لم يعرف مالكه ، وقيل : إن النكتة للتنبيه على مساواة بيوت الأكلين إلى ما ذكر من البيوت في الآية ، وأنه ينبغي جعل المذكورين كالنفس فيحب لهم ما يحب لها ويكره لهم ما يكره لها كما جعل بيوتهم كبيته.

وقيل : إن المراد ببيوت أنفسهم هي بيوت الأولاد والعيال ، وقيل : هي بيوت الأولاد لأنهم لم يذكروا في الأقارب مع أولويتهم منهم ، ولأن الولد بعض الرجل وحكمه حكم نفسه ، وهو وماله لأبيه فجاز نسبة بيته إليه.

(٣) أي البيت المضاف إلى الشخص.

(٤) في البيت الذي يملكه.

(٥) أي في ذكر (بيوتكم) مع أن الحلية ظاهرة لا تحتاج إلى دليل.

(٦) أي إباحة الأكل منه.

(٧) أي ما ذكر من الأقارب والصديق في الآية.

(٨) أي لنفس الآكل.

(٩) أي الأولاد.

(١٠) من الأقارب.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦١.

٣٦٧

وماله لأبيه (١) فجاز نسبة بيته إليه. وفي الحديث «أن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه» (٢).

والمراد بما ملكتم مفاتحه (٣) ما يكون عليها وكيلا ، أو قيّما بحفظها ، وأطلق على ذلك ملك المفاتيح ، لكونها (٤) في يده وحفظه ، روي ذلك ابن أبي عمير مرسلا عن الصادق عليه‌السلام.

وقيل : هو بيت المملوك ، والمعنيّ في قوله : أو صديقكم بيوت صديقكم على حذف المضاف ، والصديق يكون واحدا وجمعا ، فلذلك جمع البيوت.

ومثله الخليط (٥) ، والمرجع في الصديق إلى العرف (٦) ، لعدم تحديده شرعا ،

______________________________________________________

(١) كما في الحديث النبوي (أنت ومالك لأبيك) (١).

(٢) سنن ابن ماجه المجلد الثاني ص ٧٢٣ ، حديث : ٢١٣٧.

(٣) قيل : بيت العبد ، لأن ماله ملك للسيد ، وقيل : من له عليه ولاية وقيل بيت الولد ، لأنه لم يذكر صريحا في الآية ، وملكه لمفاتحه مبالغة في ولاية الأب ، وقيل : ما يجده الإنسان في داره ولم يعلم به ، وفي مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : أو ما ملكتم مفاتحه ، قال : الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله ، فيأكل بغير إذنه) (٢) ، وفي مرفوع علي بن إبراهيم في تفسيره قال : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخى بين أصحابه فكان بعد ذلك إذا بعث أحدا من أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين ويقول : خذ ما شئت وكل ما شئت ، وكانوا يمتنعون من ذلك ، حتى ربما فسد الطعام في البيت فأنزل الله : ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ، يعني حضر أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه) (٣) ومن هذين الخبرين يستفاد أن المراد بما ملكتم مفاتحه ليس معناه الحقيقي بل كل من ملكتم مفاتحه على نحو يدل على الاذن في التصرف ، سواء في ذلك بيت الموكل أو العبد أو الولد أو المولى عليه أو غيرهم.

(٤) أي المفاتيح.

(٥) أي ومثل الصديق الخليط في صدقه على الواحد والجمع.

(٦) وظاهرهم الاتفاق عليه لعدم تحديده من قبل الشارع ، بل يومئ إلى ذلك صحيح الحلبي ـ

__________________

(١) سنن ابن ماجه مجلد ٢ ص ٧٦٩ حديث ٢٢٩١ طبع سنة ١٣٧٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب آداب المائدة حديث ٥ و ٨.

٣٦٨

وفي صحيحة الحلبي «قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قلت : ما يعني بقوله : أو صديقكم قال : هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه» ، وعنه عليه‌السلام ، «من عظم حرمة الصديق أن جعل له من الانس والتفقد والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن» ، والمتبادر من المذكورين (١) كونهم كذلك بالنسب وفي إلحاق من كان منهم كذلك بالرضاع وجه ، من حيث أن الرضاع لحمة كلحمة النسب ، ولمساواته له (٢) في كثير من الأحكام ، ووجه العدم كون المتبادر (٣) النسبي منهم (٤) ، ولم أقف فيه (٥) على شي‌ء نفيا وإثباتا ، والاحتياط التمسك بأصالة الحرمة (٦) في موضع الشك (٧) ، والحق بعض

______________________________________________________

ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : ما يعني بقوله : أو صديقكم؟ قال : هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه) (١).

فالسؤال عن المراد من الصديق مع أن الجواب بجواز الأكل من بيته ، فلم يكن جوابا عما سئل وهذا إيكال منه إلى العرف في مقام معرفة الصديق الوارد في السؤال.

(١) أي المذكورين في الآية ، وهم الآباء والأمهات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، فيقتصر على المذكورين بالنسب دون الرضاع لقاعدة الاقتصار على المتيقن فيما خالف الأصل بعد انسياق خصوص النسب من الآية.

(٢) أي ولمساواة الرضاع للنسب.

(٣) من الآية.

(٤) أي من المذكورين بالإضافة إلى قاعدة الاقتصار على المتيقن فيما خالف الأصل.

(٥) في شمول المذكورين للرضاع أو اقتصارهم على النسب.

(٦) أي حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه.

(٧) هذا والمراد بالآباء خصوص الآباء الحقيقيين دون الأجداد لقاعدة الاقتصار ، ويحتمل الشمول للأجداد بقرينة الجمع في الآباء ، ولأن الجد أدخل في القرب من العم والخال ، وكذا القول في الأمهات بالنسبة إلى الجدات ، والمراد بالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات الأعم من كونهم للأبوين أو لأحدهما كما هو الواضح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب المائدة حديث ١.

٣٦٩

الأصحاب (١) الشريك في الشجر ، والزرع ، والمباطخ (٢) فإن له (٣) الأكل من المشترك (٤) بدون إذن شريكه مع عدم علم الكراهة محتجا بقوله تعالى : (إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ) (٥).

وفيه (٦) نظر ، لمنع تحقق التراضي مطلقا (٧) وجعلها (٨) صفة للتجارة (٩) يقتضي (١٠) جواز الأكل من كل تجارة وقع فيها التراضي بينهما. وهو (١١) معلوم البطلان.

وألحق المصنف وغيره الشرب من القناة المملوكة ، والدالية (١٢) ،

______________________________________________________

(١) وهو ابن فهد في المهذب.

(٢) أرض البطيخ.

(٣) للشريك.

(٤) أي المال المشترك بينهما في الشجر والزرع والمباطخ.

(٥) سورة النساء ، الآية : ٢٩ ، ووجه الاستدلال أن التراضي الواقع بين الشركاء في هذه التجارة ـ أعني الشركة ـ يشمل التراضي على الأكل فلذا جاز للشريك الأكل من مال شريكه بغير إذنه.

وفيه : منع شمول التراضي الحاصل بين الشركاء في هذه التجارة ، بحيث يشمل الأكل بل هو مختص بالتراضي بأصل التجارة أعني الشركة هذا من جهة ومن جهة أخرى فعن تراض صفة للتجارة وعلى ما ذكر في الاستدلال فيقتضي جواز الأكل من كل تجارة وقعت بالتراضي ، ولا داعي للتخصيص بالشركة ، ومن المعلوم بطلان التالي فالمقدم مثله في البطلان.

(٦) أي وفي الاستدلال بالآية.

(٧) حتى يشمل الأكل ،. بل يختص بالتراضي بأصل التجارة التي هي الشركة هنا.

(٨) أي جعل جملة (عن تراض).

(٩) كما ذكره المفسرون ، لا أن تكون خبرا بعد خبر ليكون.

(١٠) أي هذا الجعل المذكور يقتضي جواز الأكل من كل تجارة وقعت عن تراض بناء على استدلال المستدل ، ولا داعي للتخصيص بالشركة.

(١١) جواز الأكل من كل تجارة عن تراض.

(١٢) أي الناعورة التي تدار بالماء.

٣٧٠

والدولاب (١) ، والوضوء ، والغسل عملا بشاهد الحال (٢). وهو حسن إلا أن يغلب على الظن الكراهة.

(الثانية عشرة ـ إذا انقلب الخمر خلًّا حلّ (٣) ، لزوال المعنى المحرّم (٤) ، وللنص(سواء كان) انقلابه(بعلاج ، أو من قبل نفسه) وسواء كانت عين المعالج به باقية فيه (٥) أم لا ، لإطلاق النص والفتوى (٦) بجواز علاجه بغيره ، وبطهره (٧)

______________________________________________________

(١) أي الناعورة التي تدار بالآلة.

(٢) أي حال المالك إذ لا يكره شرب الناس من مائه والوضوء والغسل منه ، هذا ويبقى الأمر الثاني المستثنى من حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ، وهو الأكل مما يمرّ به الإنسان من ثمر النخل والزرع والشجر كما هو المشهور بشروطه من عدم قصد المرور بالثمرة وعدم حمل شي‌ء منها ، وعدم الإكثار بحيث لا يظهر له أثر بيّن ، وعدم العلم بالكراهة وأن تكون الثمرة مسوّرة ، وقد تقدم الكلام في ذلك كله مفصلا في فصل بيع الثمار من كتاب التجارة.

(٣) انقلاب الخمر خلا موجب لطهارته وحلية شربه بلا خلاف فيه ، سواء كان بنفسه أو بعلاج للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الخمر العتيقة تجعل خلا ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (١) ، وموثق عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل إذا باع عصيرا فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا ، فقال عليه‌السلام : إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس به) (٢) ، وصحيح ابن المهتدي (كتبت إلى الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك ، العصير يصير خمرا فيصبّ عليه الخلّ وشي‌ء يغيّره حتى يصير خلا ، قال عليه‌السلام : لا بأس به) (٣) ومثله غيره.

ومقتضى الأخبار طهارة الخمر وحلّيته إذا تحول خلا سواء كان بنفسه أم بعلاج ، وإذا كان بعلاج فلا فرق فيه بين ما استهلك بالخمر أم بقي على حاله.

(٤) وهو زوال اسم الخمر.

(٥) في الخمر.

(٦) أي وإطلاق الفتوى.

(٧) أي وبطهر الخمر إذا تحول خلا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١ و ٥ و ٨.

٣٧١

يطهر ما فيه من الأعيان وآلته (١) ، لكن يكره علاجه بغيره (٢) ، للنهي عنه في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام. ولا أعلم لأصحابنا خلافا في ذلك (٣) في الجملة ، وإن اختلفوا في بعض أفراده (٤). ولو لا ذلك (٥) لأمكن استفادة عدم طهارته (٦) بالعلاج من بعض النصوص (٧) كما يقوله بعض العامة ، وإنما تطهر النجاسة الخمرية ، فلو كان (٨) نجسا بغيرها (٩) ولو (١٠) بعلاجه بنجس كمباشرة الكافر له لم يطهر بالحلّيّة (١١) ، وكذا (١٢) لو ألقي في الخل خمرا حتى استهلكه الخل ، أو بالعكس (١٣) على الأشهر.

______________________________________________________

(١) أي آلة الخمر ، والمقصود ظرفه الذي كان فيه.

(٢) أي بغير الخمر فيما لو كان الانقلاب بالعلاج لما في خبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخمر تجعل خلا ، قال : لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها) (١) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام (سئل عن الخمر يجعل فيها الخلّ ، فقال : لا ، إلّا ما جاء من قبل نفسه) (٢) ، والنهي محمول على الكراهة جمعا بين الأخبار.

(٣) أي في طهارة الخمر بالعلاج.

(٤) وهو اشتراط ذهاب عين المعالج به قبل أن تصير الخمر خلا ، ولم يعرف قائله.

(٥) أي ولو لا إجماع الأصحاب.

(٦) أي طهارة الخمر.

(٧) وهو خبر أبي بصير المتقدم ، وفيه أنه محمول على الكراهة جمعا.

(٨) أي الخمر.

(٩) أي بغير النجاسة الخمرية.

(١٠) أي ولو كان نجاسة الخمر بسبب علاجه بنجس ما.

(١١) لاستصحاب النجاسة ولا دليل على الطهارة بعد اختصاص أخبار الحلية عند الانقلاب بنجاسة الخمر لا غير.

(١٢) أي لا يطهر.

(١٣) بأن ألقي في الخمر شي‌ء من الخل فاستهلك في الخمر على المشهور في الصورتين ، أما في الصورة الأولى أعني إلقاء الخمر في الخل فاستهلك ، لنجاسة الخل الملقى فيه الخمر من دون دليل على طهارته ، وليس له حالة ينقلب إليها ليطهر بها ، وأما في الصورة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ٤ و ٧.

٣٧٢

(الثالثة عشرة ـ لا يحرم شرب الرّبوبات وإن شم منها ريح المسكر (١) كرب التفاح) ، وربّ السفرجل ، والاترج ، والسكنجبين(وشبهه لعدم اسكاره) قليله وكثيرة ، (وأصالة حله) وقد روى الشيخ وغيره عن جعفر ابن أحمد المكفوف قال : «كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن الأول عليه‌السلام أسأله عن السكنجبين ، والجلاب ، ورب التوت ، ورب التفاح ورب الرمان فكتب حلال».

(الرابعة عشرة ـ يجوز عند الاضطرار تناول المحرم (٢) من الميتة والخمر

______________________________________________________

ـ الثانية أعني القاء الخل في الخمر فاستهلك لنجاسة الخمر في عدم انقلابه إلى حالة حتى يطهر بها.

وعن الشيخ في النهاية أنه لو ألقي في الخل شي‌ء من الخمر فاستهلك فإنه يحلّ ، ومال إليه العلامة في المختلف وهو المنقول عن ابن الجنيد ، وضعفه ظاهر مما تقدم.

(١) لا خلاف في عدم تحريم شي‌ء من الربوبات والأشربة كالسكنجبين والجلّاب ونحوها وإن شمّ منها رائحة المسكر كربّ الرمان والتفاح والسفرجل والتوت ، لأن الأصل الحلية ولا يعدل عنه وإن أشبهت المسكر في الرائحة ما لم تشاركه في خاصيّة الإسكار ، نعم إذا أسكرت فتحرم لحرمة كل مسكر ، ولخبر جعفر بن أحمد المكفوف (كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن الأول عليه‌السلام ـ اسأله عن السكنجبين والجلّاب وربّ التوت ، وربّ التفاح ، وربّ السفرجل ، وربّ الرمان ، فكتب : حلال) (١).

(٢) يجوز للمضطر تناول المحرم بلا خلاف فيه في الجملة لقوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجٰانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) والمخمّصة المجاعة ، والمتجانف المائل ، وقوله تعالى : (إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمٰا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّٰهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَلٰا عٰادٍ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ) (٣) وقوله تعالى : (وَمٰا لَكُمْ أَلّٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلّٰا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (٤) ولخبر المفضل بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أخبرني ـ جعلني الله فداك ـ لم حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، قال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى ـ إلى أن قال ـ ولكنه خلق الخلق فعلم ما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٣.

(٣) سورة النحل ، الآية : ١١٥.

(٤) سورة الأنعام ، الآية : ١١٩.

٣٧٣

وغيرهما(عند خوف التلف (١) بدون التناول(أو) حدوث(المرض) أو زيادته(أو الضعف المؤدي إلى التخلف عن الرفقة مع ظهور إمارة العطب) على تقدير التخلف.

ومقتضى هذا الإطلاق (٢) عدم الفرق بين الخمر وغيره من المحرمات في جواز تناولها (٣) عند الاضطرار ، وهو (٤) في غير الخمر موضع وفاق ، أما فيها (٥)

______________________________________________________

ـ تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحلّه لهم وأباحه تفضلا منه عليهم به لمصلحتهم ، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرّم عليهم ثم أباحه للمضطر وأحلّه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك) (١) وخبر محمد بن أحمد بن يحيى (قال الصادق عليه‌السلام : فمن أضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر) (٢) وخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام (المضطر يأكل الميتة وكل محرم إذا اضطر إليه) (٣) ومثله غيره.

(١) أي خوف تلف النفس ، هذا وخصّ المضطر بخوف تلف النفس كما عن الشيخ في النهاية والقاضي والحلي والعلامة في المختلف ، لأنه المتيقن من الرخصة ، ولخبر المفضل المتقدم (ثم أباحه للمضطر وأحلّه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك) (٤) وعن المشهور تعميم المضطر لمن خاف تلف نفسه أو خاف المرض الشاق عليه تحمله ، أو خاف زيادة المرض أو خاف بطئه ، أو خاف الضعف المؤدي إلى التلف أو المرض لصدق الاضطرار عرفا على الجميع بعد ضعف الخبر المتقدم وعدم دلالته على حصر الاضطرار بخوف التلف.

ثم لا فرق في ذلك كله بين السفر والحضر إذ المدار على صدق الاضطرار.

(٢) أي إطلاق جواز تناول المحرّم عند الاضطرار.

(٣) أي تناول المحرمات.

(٤) أي جواز التناول.

(٥) أي في الخمر ، فعن الشيخ في المبسوط والخلاف عدم جواز تناول الخمر للمضطر لخبر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٣.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المضطر لا يشرب الخمر ، لأنها لا تزيده إلا شرا ، ولأنه إن شربها قتلته فلا يشرب منها قطرة) (١) ، وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام (والمضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن دواء يعجن بالخمر ، لا يجوز أن يعجن به ، إنما هو اضطرار ، فقال عليه‌السلام : لا والله ، لا يحلّ للمسلم أن ينظر إليه فكيف يتداوى به ، وإنما هو بمنزلة شحم الخنزير الذي يقع في كذا وكذا لا يكمل إلا به ، فلا شفى الله أحدا شفاه خمر أو لحم خنزير) (٣).

والمشهور على جواز تناول الخمر عند الاضطرار لخبر المفضل بن عمرو المتقدم (أخبرني ـ جعلني الله فداك ـ لم حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، قال عليه‌السلام : ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به) (٤) ، وخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله عن الرجل أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا؟ قال عليه‌السلام : يشرب منه قوته) (٥) ، ومرسل الصدوق قال : (جاء الحديث هكذا ، وشرب الخمر جائز في الضرورة) (٦) وخبر الدعائم (وإذا أضطر إلى الخمر شرب حتى يروى ، وليس له أن يعود إلى ذلك حتى يضطر إليه) (٧) ، والأقوى الثاني لأن حفظ النفس واجب وتركه محرم ، وهو أغلظ تحريما من الخمر وغيره ، فإذا تعارض التحريمان وجب ترجيح الأخف وترك الأقوى ، هذا كله للمضطر إذا خاف التلف ، وأما بقية أقسام المضطر فلا يجوز له تناول الخمر للتداوي لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن دواء عجن بالخمر ، فقال : لا والله ما أحبّ أن أنظر إليه فكيف أتداوى به ، فإنه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير ، وترون أناسا يتداوون به) (٨) ، وصحيحه الآخر (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن دواء يعجن بالخمر ، لا يجوز أن يعجن به ، إنما هو اضطرار ، فقال : لا والله لا يحلّ للمسلم أن ينظر إليه فكيف يتداوى به) (٩) الخبر ، وخبر أبي بصير (دخلت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ أبواب الأشربة المحرمة حديث ١٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١٢ و ١٠.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من الأشربة المحرمة حديث ١ و ٤.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٤.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ٤.

٣٧٥

فقد قيل بالمنع مطلقا (١) وبالجواز (٢) مع عدم قيام غيرها مقامها (٣).

وظاهر العبارة ومصرح الدروس جواز استعمالها (٤) للضرورة مطلقا (٥) حتى

______________________________________________________

ـ أم خالد العبدية على أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده فقالت : جعلت فداك إنه يعتريني قراقر في بطني ، وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق ، وقد عرفت كراهتك له ، وأحببت أن أسألك عن ذلك ، فقال لها : وما يمنعك من شربه؟ قالت : قد قلّدتك ديني فألقى الله عزوجل حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد أمرني ونهاني ، فقال : يا أبا محمد ألا تسمع هذه المسائل ، لا فلا تذوقي منه قطرة ، فإنما تندمين إذا بلغت نفسك إلى هاهنا ، وأومأ بيده إلى حنجرته يقولها ثلاثا : أفهمت؟ قالت : نعم) (١).

وعن القاضي ابن البراج الجواز ، وكذا عن الشهيد في الدروس وتبعهما صاحب الجواهر لقوله تعالى : (وَإِثْمُهُمٰا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمٰا) (٢) وهو ظاهر في حصول نفع بالخمر.

نعم نقل عن الشيخ وجماعة بل ونسب إلى الأكثر كما في المسالك جواز التداوي بالخمر عند الضرورة للعين لخبر هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل اشتكى عينيه فنعت له بكحل يعجن بالخمر فقال : هو خبيث بمنزلة الميتة ، فإن كان مضطرا فليكتحل به) (٣).

وعن ابن إدريس المنع لحرمة الانتفاع بالخمر مطلقا حتى في صورة التداوي كما تقدم ولخصوص مرسل مروك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من اكتحل بميل من مسكر كحّله الله بميل من نار) (٤) ، وخبر معاوية بن عمار (سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخمر يكتحل منها فقال عليه‌السلام : ما جعل الله في محرّم شفاء) (٥) ، والأقوى الأول لحمل هذين الخبرين على صورة الاختيار لا الاضطرار.

(١) حتى في صورة الانحصار عند خوف التلف كما عليه الشيخ في المبسوط والخلاف.

(٢) أي وقد قيل بالجواز.

(٣) أي في صورة الانحصار فيحل تناول الخمر عند خوف التلف كما عليه المشهور.

(٤) أي استعمال الخمر.

(٥) سواء كانت الضرورة حفظ النفس أو غيره ، وعليه فيجوز التداوي بالخمر لرفع المرض وهو قول ابن البراج أيضا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ٢.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٠.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ٥ و ٢ و ١.

٣٧٦

للدواء كالترياق (١) والاكتحال (٢) ، لعموم الآية (٣) الدالة على جواز تناول المضطر إليه (٤) ، والأخبار كثيرة في المنع من استعمالها مطلقا (٥) حتى الاكتحال ، وفي «بعضها إن الله تعالى لم يجعل في شي‌ء مما حرّم دواء ولا شفاء» (٦) ، «وإن من اكتحل بميل من مسكر كحّله الله بميل من نار» (٧) والمصنف حملها على الاختيار (٨) ، والعلامة على طلب الصحة (٩) ، لا طلب السلامة من التلف (١٠) ، وعلى ما سيأتي (١١) من وجوب الاقتصار على حفظ الرمق هما (١٢) متساويان (١٣) ،

______________________________________________________

(١) ففي الترياق ورد خبر عبد الرحمن بن الحجاج (إن رجلا سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن الترياق فقال : ليس به بأس ، قال : يا ابن رسول الله إنه يجعل فيه لحوم الأفاعي ، فقال : لا تقذّره علينا) (١).

(٢) كما عليه الأكثر في تداوي العين بالخمر.

(٣) وهي قوله تعالى : (إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمٰا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّٰهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَلٰا عٰادٍ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ) (٢) ، وفيه أن صدر الآية لم يذكر الخمر فيكون ذيل هذه الآية مختصا بغير الخمر عند الضرورة.

(٤) أي إلى الخمر.

(٥) حتى للتداوي عند الاضطرار.

(٦) كما في صحيح ابن أذينة (كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر أسكرجة من نبيذ ، ليس يريد به اللذة ، إنما يريد به الدواء ، فقال : لا ولا جرعة ، ثم قال : إن الله عزوجل لم يجعل في شي‌ء مما حرّم دواء ولا شفاء) (٣).

(٧) كما في مرسل مروك المتقدم.

(٨) وعليه فيجوز تناول الخمر عند الاضطرار.

(٩) وعليه فلا يجوز تناولها للتداوي عند الاضطرار ، بل هو حمل الأكثر كما تقدم.

(١٠) أي تلف النفس حيث ذهب المشهور إلى جواز تناول الخمر لحفظ النفس عند خوف التلف.

(١١) من قول المصنف (وإنما يجوز ما يحفظ الرمق).

(١٢) أي حمل المصنف وحمل العلامة.

(١٣) أي سواء حملنا الأخبار المانعة من استعمال الخمر على الاختيار كما فعل المصنف أو على طلب الصحة كما فعل العلامة فيجوز تناول الخمر عند خوف التلف بما يحفظ الرمق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣٦ ـ من أبواب الأطعمة المباحة حديث ٨.

(٢) سورة النحل ، الآية : ١١٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.

٣٧٧

ولو قام غيرها مقامها (١) وإن (٢) كان محرما قدّم عليها لإطلاق النهي الكثير عنها في الأخبار.

(ولا يرخّص الباغي (٣) وهو الخارج على الإمام العادل عليه‌السلام).

______________________________________________________

(١) أي لو قام البول مقام الخمر مع أن كليهما مما يحرم شربه ، وقد توقف حفظ النفس على شرب أحدهما قدم البول عليها وإن كان نجسا ، لأنه أخف حرمة منها وعدم الحد عليه ، ولأنه لا يسلب العقل والإيمان ولا يؤدي إلى شر كالخمر ، بالإضافة إلى كثرة الأخبار الواردة عن الخمر وهي مطلقة.

(٢) أي الغير.

(٣) قد عرفت جواز تناول المضطر للمحرّم ويستثنى منه الباغي والعادي ، فلا يجوز لهما تناول المحرّم وإن اضطرا بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَلٰا عٰادٍ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ) (١) ، نعم اختلف في تفسيرهما ، فعن المحقق وجماعة أن الباغي هو الخارج على الإمام العادل لمرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ، قال : الباغي الذي يخرج على الإمام ، والعادي الذي يقطع الطريق لا تحلّ له الميتة) (٢).

وعن الشيخ في النهاية وابني البراج وإدريس أنه باغي الصيد لهوا لخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن الآية قال : (الباغي باغي الصيد والعادي السارق ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما ، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين ، وليس لهما أن يقصّرا في الصلاة) (٣) ، وخبر عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي الرضا عليه‌السلام في حديث عن الآية قال : (العادي السارق والباغي الذي يبغي الصيد بطرا ولهوا ، لا ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر) (٤).

وعن الحسن وقتادة ومجاهد أن الباغي هو الذي يبغي الميتة ويتلذذ بها ، وعن الزجاج أنه المفرّط المتجاوز للحد الذي أحل له ، وعن ابن عباس أنه غير المضطر. وأما العادي فهو قاطع الطريق كما في مرسل البزنطي المتقدم وإليه ذهب المحقق وجماعة ، وعن الشيخ في النهاية وابني البراج وإدريس أنه السارق لخبري حماد والحسين المتقدمين ، وعن الحسن ـ

__________________

(١) سورة النحل ، الآية : ١١٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٥ و ٢ و ١.

٣٧٨

(وقيل (١) : الذي يبغي الميتة) أي يرغب في أكلها ، والأول أظهر ، لأنه (٢) معناه (٣) شرعا(ولا العادي وهو قاطع الطريق).

(وقيل (٤) : الذي يعدو شبعه) أي يتجاوزه ، والأول هو الأشهر ، والمروي (٥) لكن بطريق ضعيف مرسل.

ويمكن ترجيحه (٦) على الثاني (٧) بأن تخصيص آية الاضطرار (٨) على خلاف الأصل (٩) ، فيقتصر فيه (١٠) على موضع اليقين ، وقاطع الطريق عاد في المعصية في الجملة فتختص به (١١).

______________________________________________________

ـ وقتادة ومجاهد هو الذي يعدو شبعه ، وعن ابن عباس أنه الذي يعدو سدّ الرمق وعن الزجاج أنه المقصّر عن الذي أحلّ له.

والترجيح لمرسل البزنطي فهو وإن كان مرسلا وفي طريقه سهل بن زياد وهو عامي ، إلا أن تفسيرها للباغي مناسب لمعناه المشهور شرعا ، وأما تفسيرها للعادي بقاطع الطريق فلا ينافي تفسيره بالسارق كما في غيره من الأخبار ، لأن قاطع الطريق إنما يقطعه ليسرق أموال الناس ويأخذها منهم قهرا.

(١) كما عن الحسن وقتادة ومجاهد.

(٢) أي الأول وهو الخارج على الإمام العادل عليه‌السلام.

(٣) أي معنى الباغي.

(٤) كما عن الحسن وقتادة ومجاهد.

(٥) وهو الذي دل على أن الباغي هو الخارج ، وعلى أن العادي هو قاطع الطريق ، وهو مرسل البزنطي وضعيف بسهل.

(٦) أي ترجيح قاطع الطريق في تفسير العادي.

(٧) أي الذي يعدو شبعه.

(٨) وهي قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَلٰا عٰادٍ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ) (١).

(٩) إذ الأصل عدم الاثم عند الاضطرار خرجنا عنه في الباغي والعادي لآية الاضطرار.

(١٠) في تخصيص آية الاضطرار للأصل.

(١١) أي فتختص آية الاضطرار بقاطع الطريق الذي هو عاد في الجملة ، لأنه القدر المتيقن من التخصيص.

__________________

(١) سورة النحل ، الآية : ١١٥.

٣٧٩

ونقل الطبرسي أنه (١) باغي اللذة ، وعادي سد الجوعة ، أو عاد بالمعصية (٢) أو باغ في الإفراط وعاد في التقصير (٣).

(وإنما يجوز) من تناول المحرم(ما يحفظ الرمق (٤) وهو (٥) بقية الروح والمراد وجوب الاقتصار على حفظ النفس من التلف ، ولا يجوز التجاوز إلى الشبع مع الغنى عنه (٦) ، ولو احتاج إليه (٧) للمشي ، أو العدوّ ، أو إلى التزود منه (٨) لوقت آخر جاز وهو حينئذ من جملة ما يسد الرمق.

وعلى هذا (٩) فيختص خوف المرض السابق (١٠) بما يؤدي إلى التلف ولو

______________________________________________________

(١) أي أن الباغي هو باغي اللذة والعادي عادي سد الجوعة.

(٢) أي أن العادي هو عاد بالمعصية.

(٣) وهو المنقول عن الزجاج.

(٤) المأذون للمضطر عند خوف التلف أن يحفظ الرمق من المحرّمات ، بلا خلاف فيه ، فالتجاوز حرام ، لأن القصد هو حفظ النفس ومع حفظ الرمق تم المطلوب وارتفع الاضطرار فلا مجوّز بعده ، ولذا قالوا : إن الضرورات تقدّر بقدرها ، ولخبر المفضل بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثم أباحه للمضطر وأحلّه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك) (١).

ومنه تعرف ضعف ما عن بعض العامة أنه يجوز له الشبع ، نعم لو دعت الضرورة إلى الشبع كما لو احتاج إلى المشي أو العدو المتوقفين على الشبع لجاز ، لأن الدليل المسوّغ لأكل المحرم يتناول هذا المفروض.

(٥) أي الرمق.

(٦) عن الشبع.

(٧) إلى الشبع.

(٨) من المحرّم بحيث لو لم يتزود منه الآن لخاف الهلاك في وقت آخر.

(٩) أي جواز التزود من الحرام في الوقت السابق للوقت اللاحق.

(١٠) صفة للخوف وليس للمرض والمعنى فالخوف السابق من المرض اللاحق الموجب للتلف هو من جملة مصاديق الاضطرار فلا يكون مطلق المرض من مصاديق الاضطرار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

٣٨٠