الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

نعم قال المصنف في الشرح (١) : إن القول الآخر (٢) في السباع لا نعرفه لأحد منا ، والقائلون بعدم وقوع الذكاة على المسوخ أكثرهم (٣) عللوه (٤) بنجاستها.

وحيث ثبت طهارتها (٥) في محله توجه القول بوقوع الذكاة عليها إن تمّ ما سبق (٦) ، ويستثنى من المسوخ الخنازير ، لنجاستها ، والضب ، والفأر ، والوزغ ، لأنها من الحشار ، وكذا ما في معناها (٧).

وروى (٨) الصدوق بإسناده إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أن المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفا : القردة. والخنازير. والخفاش. والذئب (٩) والدب. والفيل.

والدعموص (١٠). والجريث (١١). والعقرب. وسهيل. والزهرة والعنكبوت.

______________________________________________________

ـ أوردهما على وقوع التذكية على المسوخ فقد استشكل فيهما في المسالك بقوله (وتلك الروايات إنما دلت على حلها وأنتم لا تقولون به ، وحينئذ فالقول بعدم وقوع الذكاة عليها أظهر) انتهى.

(١) شرح الإرشاد.

(٢) من عدم وقوع التذكية.

(٣) بل الشيخ وابن حمزة وسلار فقط.

(٤) أي عللوا عدم وقوع الذكاة على المسوخ بنجاستها.

(٥) أي طهارة المسوخ.

(٦) من دلالة الروايات المتقدمة على حل تذكيتها.

(٧) أي ما في معنى الحشرات من المسوخ.

(٨) شروع في تعداد المسوخ ، واجمع خبر يدل على تعدادها ما رواه الصدوق في علل الشرائع بإسناده عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهما‌السلام (المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفا ، منهم القردة والخنازير والخفّاش والضبّ والفيل والدب والدعموص والجريث ـ الجريّ ـ والعقرب وسهيل والقنفذ والزهرة والعنكبوت) (١) وقال الصدوق : سهيل والزهرة دابتان من دواب البحر المطيف بالدنيا.

(٩) وفي الوسائل (والضبّ).

(١٠) بالضم دويبة سوداء تكون في الغدران.

(١١) وهو الجريّ.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١٢.

٢٦١

والقنفذ ، قال الصدوق رحمه‌الله : والزهرة وسهيل دابتان وليستا نجمين. ولكن سمي بهما النجمان كالحمل والثور. قال : والمسوخ جميعها لم تبق أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتت وهذه الحيوانات على صورها سميت مسوخا استعارة. وروي (١) عن الرضا عليه‌السلام زيادة الأرنب ، والفأرة ، والوزغ ، والزنبور ، وروي إضافة الطاوس (٢).

والمراد بالسباع : الحيوان المفترس (٣) كالأسد ، والنمر ، والفهد ، والثعلب ، والهر.

______________________________________________________

(١) كما في خبر محمد بن الحسن الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (الفيل مسخ كان ملكا زنّاء ، والذئب مسخ كان أعرابيا ديوثا ، والأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها ، والوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس ، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل ، اعتدوا في السبت ، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر ، والفأرة وهي الفويسقة ، والعقرب وكان نمّاما ، والدبّ والوزغ والزنبور كان لحّاما يسرق في الميزان) (٢) فالمجموع ثلاثة عشر ، وقد زيد فيه الوطواط والأرنب والفأرة والوزغ والزنبور ، والدب أو الذئب فجعل الزائد أربعة كما فعله الشارح هنا ليس في محله.

(٢) كما في خبر سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (الطاوس مسخ كان رجلا جميلا فكابر امرأة رجل مؤمن تحبه فوقع بها ثم راسلته بعد فمسخهما الله طاوسين أنثى وذكرا ، فلا تأكل لحمه ولا بيضه) (٢).

وقد روي إضافة الكلب كما في خبر سهل القرشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن لحم الكلب ، فقال : هو مسخ) (٣) وإضافة القملة والعنقاء كما في خبر الديلمي عن الإمام الرضا عليه‌السلام (٤) ، بل في خبر أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث : (فإن الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة أمة عصوا الأوصياء بعد الرسل ، فأخذ أربعمائة أمة منهم برّا ، وثلاثمائة بحرا ثم تلا هذه الآية : (فَجَعَلْنٰاهُمْ أَحٰادِيثَ وَمَزَّقْنٰاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)) (٥).

(٣) وظاهره الاقتصار على السباع من الوحوش فقط دون الطيور ، مع أن السباع أعم من سباع الطير والوحوش ، وقد عرفت أنه ما يتغذى باللحم ، وأنه كل ذي ناب أو مخلب.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ٧.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة حديث ٦ و ٤ و ١٥ و ٩.

٢٦٢

الفصل الثالث ـ في اللواحق وفيه مسائل

(الأولى ـ ذكاة السمك المأكول : إخراجه من الماء حيا (١) ، ...

______________________________________________________

(١) اتفق الأصحاب على أن السمك لا تحلّ ميتته قطعا ، واتفقوا على عدم حلّ ما مات في الماء ، واختلفوا فيما تحصل به ذكاته ، فالمشهور على أن ذكاته بإثبات اليد عليه خارج الماء على أن يموت خارجه ، وقد اختلفوا في التعبير عنه فعن بعضهم أن تذكيته بإخراجه من الماء حيا ، وعن آخر أخذه حيا خارج الماء ، والاختلاف في التعبير ناشئ من اختلاف تعبير النصوص ففي بعضها أن ذكاته أخذه كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إنما صيد الحيتان أخذها) (١) ومثله خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) ، وفي بعضها كفاية أخذه بعد خروجه من الماء كصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصلح أكلها؟ قال عليه‌السلام : إن أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها ، وإن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها) (٣) ، وفي بعض ثالث أن ذكاته إخراجه من الماء كما في خبر الاحتجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن زنديقا قال له : والسمك ميتة ، قال : إن السمك ذكاته إخراجه من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه ، وذلك أنه ليس له دم ، وكذلك الجراد) (٤) ، والجمع بينها يقتضي أنه لا يشترط إخراجه من الماء حيا ، ولا أخذه من الماء حيا ، بل المدار على أخذه بعد خروجه من الماء ولو كان الخروج بنفسه كما لو وثب ، وليس المدار في أخذه على الأخذ الفعلي بل يكفي كونه تحت يده خارج الماء على أن يموت خارجه.

وعن المحقق في نكت النهاية كفاية خروجه من الماء حيا وموته خارجها سواء أخرجه مخرج أم لا ، وسواء كان قبل موته تحت اليد أم لا لخبر سلمة بن أبي حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا أدركتها وهي تضطرب وتضرب بيديها وتحرّك بذنبها وتطرف بعينها فهي ذكاتها) (٥) ، وخبر زرارة (قلت : سمكة ارتفعت فوقعت على الجدد فاضطربت حتى ماتت ، آكلها؟ فقال : نعم) (٦) وخبره الآخر (قلت : السمك يثب من الماء فيقع على الشط فيضطرب حتى يموت ، فقال : كلها) (٧) ، وخبر سلمة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٩ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الذبائح حديث ٨.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ٥ و ٤.

٢٦٣

بل إثبات (١) اليد عليه خارج الماء حيا وإن لم يخرجه (٢) منه كما نبه عليه (٣) بقوله : (ولو وثب (٤) فأخرجه حيا ، أو صار خارج الماء) بنفسه (٥) (فأخذه حيا حلّ ولا يكفي في حلّة نظره) (٦) قد خرج من الماء حيا ثم مات على أصح (٧) القولين ، لقول أبي عبد الله عليه‌السلام في حسنة (٨) الحلبي «إنما صيد الحيتان أخذه» ، وهي (٩) للحصر ، وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام «قال : سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد (١٠) من النهر فماتت هل يصلح أكلها؟ فقال : إن أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها ، وإن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها».

وقيل : يكفي في حلّه خروجه من الماء ، وموته خارجه (١١) ، وإنما يحرم بموته (١٢) في الماء ، لرواية سلمة بن أبي حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أن عليا صلوات الله عليه كان يقول في صيد السمك : إذا أدركها الرجل وهي تضطرب ، وتضرب بيديها ، ويتحرك ذنبها ، وتطرف بعينها فهي ذكاته» ، وروى زرارة «قال :

______________________________________________________

ـ ضعيف به ، لأنه ضعيف أو مجهول ، وخبرا زرارة مقطوعان مع أن قطع زرارة لا يضره لأن مثله لا يروي إلا عن المعصوم عليه‌السلام ، على أن خبره الثاني مرسل إذ هو عن الشيخ في التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن رجل عن زرارة ، نعم يمكن حملها على ما لو أخذها بعد خروجها وقبل موتها جمعا بينها وبين صحيح علي بن جعفر المتقدم.

(١) عدول عن تعبير الماتن لأنه قاصر عن إفادة مدعى المشهور.

(٢) أي لم يخرج السمك من الماء.

(٣) على أن المدار على إثبات اليد على السمك خارج الماء حيا ثم يموت خارجه.

(٤) بمعنى طفر منه.

(٥) كما لو انحسر الماء عنه.

(٦) كما سيأتي في صيد المجوسي.

(٧) قيد لقوله (ولا يكفي) ، وهو قول المشهور لأن المعتبر عندهم إثبات اليد عليه خارج الماء.

(٨) بل هي صحيحة بإبراهيم بن هاشم.

(٩) أي كلمة (إنما) للحصر ، فيفيد انحصار التذكية بأخذه المفسّر بإثبات اليد عليه جمعا بين الأخبار.

(١٠) بالضم شاطئ النهر كما في القاموس المحيط.

(١١) وإن لم يخرجه مخرج ولم تثبت عليه يد قبل موته.

(١٢) بسبب موته.

٢٦٤

قلت : السمكة تثب من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتى تموت فقال : كلها» ، ولحلّه (١) بصيد المجوسي مع مشاهدة المسلم كذلك (٢) ، وصيده (٣) لا اعتبار به وإنما الاعتبار بنظر المسلم (٤).

ويضعّف (٥) بأن سلمة مجهول ، أو ضعيف ، ورواية زرارة مقطوعة مرسلة. والقياس على صيد المجوسي فاسد ، لجواز كون سبب الحلّ أخذ المسلم (٦) ، أو نظره (٧) مع كونه (٨) تحت يد (٩) إذ لا يدل الحكم (١٠) على أزيد من ذلك (١١) ،

______________________________________________________

(١) أي ولحل السمك بسبب صيد المجوسي ، وهو دليل ثالث بعد الخبرين السابقين وحاصله أن النصوص دالة على جلّ ما صاده المجوسي من السمك إذا كان المسلم قد رآه بأنه يخرجه حيا ، مع أن صيد المجوسي لا عبرة به ولا عبرة بنظر المسلم فيكون المدار على موته خارج الماء ، وهذه النصوص.

منها : صحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ؟ فقال : لا بأس ، وعن صيد المجوس للسمك؟ فقال : ما كنت لآكله حتى أنظر إليه) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مجوسي يصيد السمك أيؤكل منه؟ فقال : ما كنت لآكله حتى أنظر إليه) (٢).

وفي هذا الاستدلال نظر إذ النصوص على قول المشهور أولى ، لأن الصيد لا يكون إلا بالأخذ المفسّر بوضع اليد ، على أن الجمع بينها وبين ما تقدم يقتضي حلية صيد المجوسي للسمك باعتبار وضع اليد عليه ، نعم لا يقبل قول المجوسي لو شهد بأنه أخرجه حيا من الماء ولذا اعتبر نظر المسلم بالخروج.

(٢) أي تضطرب خارج الماء حتى تموت.

(٣) أي صيد المجوسي.

(٤) بل ولا اعتبار لنظره فيكون المدار على موته خارج الماء.

(٥) أي للقيل المذكور بأن المدار على الموت خارج الماء.

(٦) بل أخذ المجوسي إذ لا يشترط في المخرج الإسلام كما سيأتي.

(٧) أي نظر المسلم.

(٨) أي كون السمك.

(٩) ولو كانت يد مجوسي.

(١٠) الحكم بحلية صيد المجوسي مع مشاهدة المسلم لخروجه حيا من الماء.

(١١) من كون السمك تحت يد المسلم أو نظره مع كون السمك تحت مطلق اليد ، هذا وقد ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ١ و ٢.

٢٦٥

وأصالة عدم التذكية مع ما سلف (١) تقتضي العدم (٢).

(ولا يشترط في مخرجه الإسلام (٣) على الأظهر(لكن يشترط حضور مسلم عنده يشاهده) قد أخرج حيا ومات خارج الماء(في حلّ أكله) ، للأخبار الكثيرة الدالة عليه. منها صحيحة الحلبي قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صيد الحيتان وإن لم يسمّ فقال : لا بأس به وسألته عن صيد المجوس السمك آكله؟ فقال : ما كنت لآكله حتى أنظر إليه». وفي رواية أخرى له (٤) عنه (٥) عليه‌السلام «أنه سئل عن صيد المجوس للحيتان حين يضربون عليها بالشباك ، ويسمّون بالشرك (٦) فقال : لا بأس بصيدهم إنما صيد الحيتان أخذها» (٧) ، ومطلق الثاني (٨) محمول على

______________________________________________________

ـ عرفت أن الحكم دال على أن السمك تحت اليد حيّا خارج الماء وهذا كاف في الحلية ، واشتراط نظر المسلم لمعرفة خروجه حيا من الماء إذ لا يقبل إخبار المجوسي بذلك.

(١) من دليل القول الأول.

(٢) أي عدم حلية السمك لو مات خارج الماء ولم يكن تحت يد.

(٣) على المشهور لإطلاق النصوص السابقة وخصوص نصوص صيد المجوسي المتقدمة ، وعن المفيد تحريم ما أخرجه الكافر ، وعن ابن زهرة أنه أحوط وعن الشيخ في الاستبصار الحل إذا أخذه المسلم منه حيا لخبر عيسى بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن صيد المجوس قال : لا بأس إذا أعطوه حيا ، والسمك أيضا ، وإلا فلا تجيز شهادتهم إلا أن تشهده) (١).

وهو محمول على إحراز خروجه حيا ، مع عدم تصديق المجوسي لو أخبر بذلك فلا بد من أخذه من المجوسي حيا أو رؤيته لإخراجه له من الماء حيا ، وذيل الخبر شاهد بهذا الحمل.

(٤) للحلبي.

(٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٦) بكسر الشين ، أي بما يقتضي الشرك من جهة اعتقادهم الفاسد.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ حديث ٩.

(٨) أي الخبر الثاني للحلبي مطلق من حيثية حل صيد المجوسي بالأخذ ولو لم يشاهده مسلم بأنه أخرجه حيا من الماء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٣.

٢٦٦

مشاهدة المسلم له (١) جمعا (٢) ، ويظهر من الشيخ في الاستبصار المنع منه (٣) إلا أن يأخذه (٤) المسلم منه (٥) حيا ، لأنه (٦) حمل الأخبار (٧) على ذلك (٨) ، ومن المفيد (٩) وابن زهرة المنع من صيد غير المسلم له (١٠) مطلقا (١١) إما لاشتراط الإسلام في التذكية. وهذا (١٢) منه (١٣) ، أو لما في بعض الأخبار (١٤) من اشتراط أخذ المسلم له (١٥) منهم (١٦) حيا فيكون إخراجهم له (١٧) بمنزلة وثوبه (١٨) من الماء بنفسه إذا أخذه المسلم.

والمذهب هو الأول (١٩) ، والقول في اعتبار استقرار الحياة بعد إخراجه (٢٠)

______________________________________________________

(١) للأخذ حيا من الماء.

(٢) أي جمعا بينه وبين ما تقدم من صحيحه الأول.

(٣) من صيد الكافر.

(٤) يأخذ الصيد.

(٥) من الكافر.

(٦) أي الشيخ.

(٧) أي أخبار صيد المجوسي ، وقد تقدمت.

(٨) أي على أخذ المسلم الصيد منه حيا ، وفيه أنه ذهب إلى ذلك لخبر عيسى بن عبد الله كما صرح بذلك في المسالك.

(٩) أي ويظهر من المفيد.

(١٠) للسمك.

(١١) شاهده المسلم أو لا ، وسواء أخذه المسلم منه حيا أم لا.

(١٢) أي صيد السمك.

(١٣) من باب اشتراط الإسلام في التذكية.

(١٤) وهو خبر عيسى بن عبد الله.

(١٥) للسمك.

(١٦) من الكفار.

(١٧) أي إخراج الكفار للسمك.

(١٨) وثوب السمك.

(١٩) أي عدم اشتراط الإسلام في المخرج ، نعم يشترط مشاهدة المسلم لإخراجه حيا من الماء.

(٢٠) أي بعد إخراج السمك من الماء.

٢٦٧

كما سبق (١) ، والمصنف فى الدروس مع ميله إلى عدم اعتباره (٢) ثمّ (٣) جزم باشتراطه هنا (٤).

(ويجوز أكله حيا (٥) ، لكونه مذكى بإخراجه (٦) من غير اعتبار موته بعد

______________________________________________________

(١) أي كما سبق في الذباحة ، فعلى قول المشهور أنه يعتبر الاستقرار ، وعلى قول الغير أنه تكفي الحركة بعد الذبح الدالة على أصل حياته.

(٢) أي إلى عدم اعتبار استقرار الحياة في الذباحة قد جزم باعتبار استقرار الحياة في تذكية السمك.

(٣) في باب الذباحة.

(٤) في تذكية السمك.

(٥) ذهب الأكثر إلى الجواز ، وعن الشيخ في المبسوط لا يجوز لدخول موته في تذكيته ، لأنه يشترط إثبات اليد عليه خارج الماء مع موته خارجه ، ويدل خبر الاحتجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن زنديقا قال له : والسمك ميتة ، قال : إن السمك ذكاته إخراجه من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه ، وذلك أنه ليس له دم) (١) ، وخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في الخز (إن الله تعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها) (٢) ، ويؤيده أنه لو أخذ وأعيد إلى الماء فمات لم يحلّ وهذا دال على أن موته خارج الماء بعد أخذه مؤثر في تذكيته ، وعليه فلا يجوز أكله حيا بعد أخذه للأخبار.

منها : صحيح عبد الرحمن (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السم يصاد ثم يجعل في شي‌ء ثم يعاد إلى الماء فيموت فيه ، فقال : لا تأكله ، لأنه مات في الذي فيه حياته) (٣) وصحيح الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء فماتت أتؤكل؟ قال : لا) (٤) ومثله غيره واستدل للمشهور بالأخبار المتقدمة الدالة على حصر تذكيته بالأخذ فقط ، نعم غايته تقيّد هذه الأخبار بأخبار العود إلى الماء حيا ثم الموت فيه.

وفيه : أن مقتضى الجمع بين نصوص حصر التذكية بالأخذ وبين نصوص أخبار العود إلى الماء وبين خبر الاحتجاج وخبر ابن أبي يعفور هو ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط.

(٦) بإخراج السمك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الذبائح حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ١.

٢٦٨

ذلك (١) ، بخلاف غيره من الحيوان فإن تذكيته مشروطة بموته بالذبح ، أو النحر ، أو ما في حكمهما (٢).

وقيل : لا يباح أكله حتى يموت كباقي ما يذكى ، ومن ثمّ لو رجع إلى الماء بعد إخراجه فمات فيه (٣) لم يحل ، فلو كان مجرد إخراجه كافيا لما حرم بعده (٤).

ويمكن (٥) خروج هذا الفرد (٦) بالنص عليه (٧) ، وقد علل فيه (٨) بأنه مات فيما فيه حياته. فيبقى (٩) ما دل على أن ذكاته إخراجه ، خاليا عن المعارض (١٠).

(ولو اشتبه الميت) منه (١١) (بالحي في الشبكة وغيرها (١٢) حرم الجميع) على

______________________________________________________

(١) بعد إخراجه.

(٢) من الرمي والصيد بالكلب.

(٣) في الماء.

(٤) بعد إخراجه.

(٥) رد للقيل المذكور.

(٦) من أنه رجع إلى الماء بعد إخراجه منه فمات فيه لم يحلّ.

(٧) على هذا الفرد.

(٨) أي في النص الدال على حرمة السمك لو عاد إلى الماء بعد إخراجه منه وقد مات فيه.

(٩) أي يبقى من النصوص.

(١٠) وفيه أنه معارض بخبر الاحتجاج وخبر ابن أبي يعفور.

(١١) من السمك.

(١٢) غير الشبكة ثم علم أن الميت قد مات قبل الإخراج ، ثم اشتبه بالحي ، فعن الشيخ في النهاية والقاضي حل الجميع مع الاشتباه واستحسنه المحقق في الشرائع لأنه مروي ، كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع إلى بيته وتركها منصوبة ، فأتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فيموتنّ ، فقال : ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها) (١) وصحيح الحلبي (سألته عن الحظيرة من القصب تجعل في الماء للحيتان فيدخل فيها الحيتان فيموت بعضها فيها؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس به ، إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها) (٢) وخبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سمعت أبي عليه‌السلام يقول : إذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة فما أصاب فيها من حيّ ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ٣.

٢٦٩

الأظهر ، لوجوب اجتناب الميت المحصور الموقوف على اجتناب الجميع ولعموم قول (١) الصادق عليه‌السلام : ما مات في الماء فلا تأكله فإنه مات فيما كان فيه حياته.

وقيل : يحل الجميع إذا كان (٢) في الشبكة ، أو الحظيرة مع عدم تمييز الميت ، لصحيحة الحلبي وغيرها الدالة على حله مطلقا (٣) بحمله (٤) على الاشتباه جمعا (٥).

______________________________________________________

ـ أو ميت فهو حلال) (١) وهي وإن كانت مطلقة تشمل صورتي اشتباه الميت وتمييزه عن الحي ولكن لا بد من حملها على صورة الاشتباه جمعا بينها وبين ما سيأتي من صحيح الأنصاري ، وعن الأكثر أنه يحرم الجميع ، لأن ما مات في داخل الماء قبل إخراجه حرام وقد اشتبه بغيره الذي مات خارج الماء بعد إخراجه ، والمجموع محصور والعقل حاكم بوجوب الاجتناب عن جميع أطراف الشبهة المحصورة كما حرر في محله من علم الأصول ، ويؤيده صحيح عبد المؤمن الأنصاري (أمرت رجلا أن يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل صاد سمكا وهنّ أحياء ثم أخرجهن بعد ما مات بعضهن؟ فقال عليه‌السلام : ما مات فلا تأكله ، فإنه مات فيما كان فيه حياته) (٢) ، وقد حملت الأخبار المتقدمة على احتمال موتها خارج الماء وأن الأصل بقاء الحياة إلى أن فارقت الماء وهذا ما يقتضي الإباحة.

وفيه أنه حمل عليل يأباه ظاهرها المتقدم ، نعم عمل بها ابن الجنيد في مورد آخر وهو من مات في داخل الشبكة في الماء فيحل باعتبار أن الشبكة بمنزلة اليد ولذا علّل في صحيح الحلبي المتقدم (إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها).

ولكن المشهور لم يعملوا بها حتى من هذه الحيثية وليس لهم إلا نصوص مطلقة دالة على لا بديّة الأخذ والإخراج وقد تقدمت.

(١) كما في صحيح الأنصاري المتقدم.

(٢) أي الميت.

(٣) سواء كان متميزا أم لا.

(٤) بحمل حل الميت.

(٥) أي جمعا بين صحيح الأنصاري فيحمل على صورة التمييز وبين هذه الأخبار فتحمل على صورة الاشتباه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

٢٧٠

وقيل (١) : يحل الميت في الشبكة ، والحظيرة وإن تميز ، للتعليل في النص بأنهما (٢) لما عملا للاصطياد جرى ما فيهما مجرى المقبوض باليد.

(الثانية ـ ذكاة الجراد أخذه حيا (٣) باليد ، أو الآلة(ولو كان الآخذ له كافرا) إذا شاهده (٤) المسلم كالسمك. وقول ابن زهرة هنا (٥) كقوله في السمك.

(إذا استقل بالطيران (٦) ...

______________________________________________________

(١) والقائل ابن الجنيد.

(٢) أي الشبكة والحظيرة.

(٣) ذكاة الجراد أخذه حيا للأخبار :

منها : خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن الجراد يصيده فيموت بعد أن يصيده ، أيؤكل؟ قال : لا بأس) (١) ، وخبره الآخر عنه عليه‌السلام (سألته عن الجراد يصيبه ميتا في الماء أو في الصحراء أيؤكل؟ قال : لا تأكله) (٢) ، والمروي عن كتاب علي بن جعفر (عما أصاب المجوس من الجراد والسمك أيحلّ أكله؟ قال : صيده ذكاته لا بأس به) (٣) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على لابدية الأخذ حيا في ذكاته ، والدالة على اتحاد حكم الجراد مع السمك ، صرح بذلك غير واحد حتى في عدم اعتبار التسمية والاستقبال ، وعدم اعتبار الإسلام في آخذه ولم ينقل الخلاف هنا عن أحد حتى المفيد ، نعم احتاط به ابن زهرة خاصة ، نعم لو أخذه الكافر حيا لم يقبل قوله في ذلك بل لا بدّ من العلم بمشاهدته كما تقدم في السمك.

(٤) أي شاهد أخذ الكافر للجراد حيا.

(٥) في الجراد.

(٦) ما لا يستقل بالطيران من الجراد يسمى الدبا بفتح الدال مقصورا ، وهذا لا يصح أكله بعد أخذه ، لأن المعتبر امتناعه بطيرانه ليكون أخذه صيدا له بلا خلاف فيه لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن الدبا من الجراد ، قال : لا حتى يستقل بالطيران) (٤) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الذي يشبه الجراد ـ وهو الذي يسمى بالدبا ليس له جناح يطير به إلا أنه يقفز قفزا ـ أيحلّ أكله؟ قال : لا يؤكل ذلك ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٢ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبائح حديث ٨.

(٤) ـ الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ١.

٢٧١

وإلا (١) لم يحل ، وحيث اعتبر في تذكيته (٢) أخذه حيا.(فلو أحرقه قبل أخذه حرم (٣) ، وكذا لو مات في الصحراء (٤) ، أو في الماء قبل أخذه وإن أدركه بنظره ، ويباح أكله حيا (٥) وبما فيه (٦) كالسمك(ولا يحل الدبا) بفتح الدال مقصورا وهو الجراد قبل أن يطير وإن ظهر جناحه جمع دباة بالفتح أيضا (٧).

(الثالثة ـ ذكاة الجنين ذكاة أمه (٨) ...

______________________________________________________

ـ لأنه مسخ) (١).

(١) أي وإن لم يستقل بالطيران وهو الدبا.

(٢) أي تذكية الجراد.

(٣) لخبر عمار بن موسى (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن السمك يشوى وهو حي قال : نعم لا بأس به ، وسئل عن الجراد إذا كان في قراح فيحرق ذلك القراح فيحترق ذلك الجراد وينضج بتلك النار هل يؤكل؟ قال : لا) (٢) ، وهو محمول على ما لو كان شويه قبل أخذه جمعا بينه وبين خبره الآخر عنه عليه‌السلام (سألته عن الجراد يشوى وهو حيّ قال : نعم لا بأس به) (٣) والثاني محمول على ما لو كان شويه بعد صيده وأخذه.

(٤) قبل أخذه كما نصّ عليه خبر علي بن جعفر المتقدم ، وكذا نصّ على الفرع الآتي من موته في الماء قبل أخذه.

(٥) لأن ذكاته منحصرة بأخذه على ما هو المستفاد من النصوص المتقدمة ، ولا تشترط موته في تذكيته ولم ينقل في ذلك خلاف من أحد.

(٦) من دون تحريم شي‌ء منه.

(٧) كما أن مفرده بفتح الدال فجمعه بفتحها أيضا.

(٨) الأصل فيه الأخبار الكثيرة.

منها : صحيح يعقوب بن شعيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحوار تذكى أمه أيؤكل بذكاتها؟ فقال : إذا كان تماما ونبت عليه الشعر فكل) (٤) وصحيح محمد بن مسلم (سألت أحدهما عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ) ، قال : الجنين في بطن أمه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمه فذلك الذي عنى الله عزوجل) (٥) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا ذبحت الذبيحة فوجدت في بطنها ولدا تاما فكل ، وإن لم يكن تاما فلا تأكل) (٦) وصحيح ابن مسكان عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الذبيحة تذبح وفي بطنها ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) ـ الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبائح حديث ٧ و ٥ و ٥.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ١ و ٣ و ٤.

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ولد ، قال : إن كان تاما فكله ، فإن ذكاته ذكاة أمه ، وإن لم يكن تاما فلا تأكله) (١) وموثق سماعة (سألته عن الشاة يذبحها وفي بطنها ولد قد أشعر ، قال : فذكاته ذكاة أمه) (٢).

فذكاته ذكاة أمه بالتبع ، إذ يكفي في حله تذكيتها ـ بناء على أن الذكاة فيهما مرفوعة بجعل الأول مبتدأ والثاني خبرا ، والمبتدأ منحصر في خبره ـ فلا يفتقر إلى ذكاة تخصه.

وعن بعض العامة إعراب الذكاة الثانية منصوبة على المصدر بنزع الخافض ، والمعنى ذكاته كذكاة أمه فحذف الجار ونصب المجرور مفعولا ، وعليه فيجب تذكية الجنين بفري أعضائه الأربعة كما يجب تذكية أمه كذلك.

وفيه أنه على قراءة النصب من الممكن أن يكون المعنى فذكاته في ذكاة أمه ، وحذف الجار ونصب المجرور مفعولا ، والحاصل أن ذكاته داخلة في ذكاتها فلا يحتاج إلى ذكاة تخصه ، هذا فضلا عن أن النصوص المتقدمة صريحة في حله بسبب ذكاتها فقط كما في صحاح يعقوب والحلبي وابن مسكان المتقدمة. إذا تقرر ذلك فيشترط حله بذكاة أمه أن يكون تام الخلقة كما في صحاح يعقوب والحلبي وابن مسكان المتقدمة كما صرح بذلك جماعة من المتأخرين ، وعن الشيخ في النهاية وابن حمزة اعتبار أن يشعر ويوبر كما في صحيح محمد بن مسلم المتقدم ، وعن المفيد وسلّار اعتبار الإشعار

خاصة كما في صحيح يعقوب وموثق سماعة المتقدمين ، واختلافهم ناشئ من اختلاف النصوص المتقدمة ، إلا أن في بعض النصوص اعتبار الأمرين من تمام الخلقة والأشعار كما في صحيح يعقوب المتقدم ، وفي البعض الآخر اعتبار الإشعار والإيبار كما في صحيح ابن مسلم المتقدم ، والظاهر ـ كما قيل ـ تلازم ذلك كله وعليه فلا نزاع من هذه الجهة.

ثم إن مقتضى النصوص المتقدمة من اعتبار تمام الخلقة عدم الفرق بين أن تلجه الروح وعدمه كما عليه المتأخرون ، وعن الشيخ والقاضي وابن حمزة وسلّار أنه إذا كان تاما ولم تلجه الروح فذكاته ذكاة أمه وحملوا النصوص المتقدمة على ذلك ، وإلا فلو كان تاما وقد ولجته الروح فلا بدّ من تذكيته فلو خرج ميتا بعد ولوج الروح فيه كان ميتة لعموم ما دل على اشتراط تذكية الحيّ ، وهو حيّ بعد ولوج الروح فيه.

وفيه أنه معارض بإطلاق النصوص المتقدمة وبخصوص موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الشاة تذبح فيموت ولدها في بطنها قال : كله ، فإنه حلال ، لأن ذكاته ذكاة أمه ، فإن خرج وهو حيّ فاذبحه وكل ، فإن مات قبل أن تذبحه فلا تأكله ، وكذلك ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ٦ و ٢.

٢٧٣

هذا لفظ الحديث النبوي (١) وعن أهل البيت عليه‌السلام مثله.

والصحيح رواية (٢) وفتوى (٣) أن ذكاة الثانية مرفوعة خبرا عن الأولى ، فتنحصر ذكاته (٤) في ذكاتها (٥) ، لوجوب انحصار المبتدأ في خبره فإنه (٦) أما مساو ، أو أعم وكلاهما يقتضي الحصر (٧) ، والمراد بالذكاة هنا (٨) السبب المحلل للحيوان كذكاة السمك والجراد (٩). وامتناع (١٠) ذكّيت الجنين ـ إن صح (١١) ـ

______________________________________________________

ـ البقر والابل) (١) ووجه الاستدلال أن الموت في البطن ظاهر في ولوج الروح فيه.

(١) سنن البيهقي ج ٩ ص ٣٣٥ ، ومستدرك الوسائل ـ الباب ـ ١٦ حديث ٢.

(٢) من حيث قراءة اللفظ مرفوعا.

(٣) من حيث حكمهم بناء على قراءة اللفظ مرفوعا.

(٤) أي ذكاة الجنين.

(٥) أي ذكاة أمه.

(٦) أي الخبر.

(٧) أي حصر المبتدأ به.

(٨) أي في لفظ الذكاة الوارد في الحديث النبوي ، وهو دفع إشكال ، حاصل الإشكال : كيف يمكن أن تكون ذكاته ذكاتها ، مع اختلاف الذكاتين ، فذكاة أمه فرى الأعضاء الأربعة منها وذكاة الجنين هي التبعية لذكاة أمه.

والدفع أن المراد بالذكاة هنا هو ما يحصل به حل الحيوان ، وعليه فحلّ الجنين يحصل بحلّ الأم وينحصر فيه.

(٩) مع أن ذكاتهما بالأخذ وليس بفرى الأعضاء الأربعة ، وعليه فكما صح إطلاق لفظ الذكاة في السمك والجراد على الأخذ ، وصح إطلاق لفظ الذكاة في الحيوان الحيّ على قطع الأعضاء الأربعة كذلك يصح إطلاق لفظ الذكاة في الجنين على التبعية باعتبار أن لفظ الذكاة ، يراد منه السبب المحلّل للحيوان.

(١٠) جواب عن سؤال مقدّر ، والسؤال أنه لا يصح القول بأنه ذكّى الجنين ، لأن الذكاة قد وقعت على أمه فقط.

والجواب : أنه ممنوع إذ يصح القول أنه ذكّى الجنين بالتبعية عند ما ذكّى أمه بقطع أعضائها الأربعة ، هذا فضلا لو سلم الامتناع فهو محمول على أن التذكية بمعنى قطع الأعضاء الأربعة فقط ، وهو بهذا المعنى لم يقع إلا على الأم فكذا لم يصح إسناده إلى الجنين.

(١١) وإلا فهو غير صحيح ، بعد حمل الذكاة على التبعية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الذبائح حديث ٨.

٢٧٤

فهو (١) محمول على المعنى الظاهري ، وهو (٢) فري الأعضاء المخصوصة (٣) ، أو يقال (٤) : إن إضافة المصادر (٥) تخالف إضافة الأفعال (٦) للاكتفاء فيها (٧) بأدنى ملابسة (٨) ، ولهذا (٩) صح ، لله على النّاس حجّ البيت ، وصوم رمضان ، ولم يصح حجّ البيت ، وصام رمضان بجعلهما (١٠) فاعلين.

وربما أعربها (١١) بعضهم (١٢) بالنصب (١٣) على المصدر (١٤) ، أي ذكاته كذكاة أمه فحذف الجار ونصب مفعولا ، وحينئذ (١٥) فتجب تذكيته كتذكية أمه.

______________________________________________________

(١) أي القول الممتنع من إضافة الذكاة إلى الجنين.

(٢) أي المعنى الظاهري.

(٣) وبهذا المعنى منحصر في تذكية الحيوان الحيّ ، فلذا امتنع إسناده إلى الجنين.

(٤) هو من إفادات الماتن في قواعده على ما قيل.

(٥) كذكاة الجنين الوارد في الحديث النبوي.

(٦) كذكيت الجنين الوارد في الأشكال المتقدم.

(٧) في المصادر.

(٨) ولو كانت الملابسة هي التبعية كما في ذكاة الجنين ، بخلاف إضافة الأفعال إلى فاعليها أو مفعوليها فلا بدّ أن تكون الإضافة حقيقية بمعنى صدور الفعل من الفاعل الذي أسند إليه الفعل ، ووقوعه على المفعول الذي أسند إليه الفعل ، في هذه الإضافة المذكورة.

(٩) ولكفاية أدنى الملابسة في صحة إضافة المصادر.

(١٠) أي بجعل البيت ورمضان ، هذا وفيه : أن إضافة الحج إلى البيت والصوم إلى رمضان إنما هي إضافة المصدر إلى مفعوله ، وكما صح إضافة المصادر إليهما على هذا الوجه كذلك يصح إضافة الفعل إليهما كذلك ، فيقال : حج البيت وصام رمضان بجعلهما مفعولين ، وكما لا يصح إضافة الأفعال إليهما بجعلهما فاعلين فكذا لا يصح إضافة المصادر إليهما بجعلهما فاعلين فلا يصح أن يقال : حج البيت وصوم رمضان ، وعليه فما ذكره هنا لا يصلح شاهدا على مخالفة إضافة المصادر لإضافة الأفعال أصلا.

(١١) أي الذكاة الثانية المضافة إلى أمه.

(١٢) بعض العامة.

(١٣) على تقدير نزع الخافض.

(١٤) أي ذكاته كذكاة أمه ، وقد حذف الجار ونصب المجرور مفعولا مطلقا.

(١٥) وحين نصب (الذكاة) الثانية.

٢٧٥

وفيه مع التعسف (١) مخالفة لرواية الرفع ، دون العكس (٢) ، لإمكان (٣) كون الجار المحذوف «في» (٤) أي داخلة في ذكاة أمه جمعا بين الروايتين (٥) ، مع أنه (٦) الموافق لرواية أهل البيت عليه‌السلام ، وهم أدرى بما في البيت ، وهو (٧) في أخبارهم كثير صريح فيه (٨) ومنه قول الصادق عليه‌السلام (٩) «وقد سئل عن الحوار (١٠) تذكّى أمه أيؤكل بذكاتها؟ فقال : إذا كان تاما ونبت عليه الشعر فكل» ، وعن الباقر عليه‌السلام (١١) «أنه قال : في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد قال : إن كان تاما فكله فإن ذكاته ذكاة أمه وإن لم يكن تاما فلا تأكله» وإنما يجوز أكله بذكاتها(إذا تمت خلقته) ، وتكاملت (١٢) أعضاؤه ، وأشعر (١٣) ، أو أوبر كما دلت عليه الأخبار(سواء ولجته الروح أو لا (١٤) ، وسواء أخرج ميتا (١٥) أو) أخرج(حيا غير مستقر الحياة (١٦) ، لأن غير مستقرها بمنزلة الميت ، ولإطلاق النصوص (١٧) بحلّه تاما

______________________________________________________

(١) العسف هو الأخذ على غير الطريق وكذا التعسف ، ووجه التعسف أن اللفظ بحاجة إلى تقدير خبر وتقدير حذف الجار ، والأصل عدم التقدير.

(٢) أي دون قراءة الرفع فإنها لا تحتاج إلى تقدير ، وعليه فلا تعسف.

(٣) تعليل لمخالفة رواية الرفع إذا قدّر الجارّ المحذوف كاف التشبيه ، وأما إذا قدّر لفظ (في) فلا يخالف النصب رواية الرفع.

(٤) أو تقديره بالباء ، والمعنى وذكاته حاصلة بذكاة أمه وهذا أظهر.

(٥) رواية الرفع ورواية النصب.

(٦) أي الرفع.

(٧) أي الرفع.

(٨) في الاكتفاء بذكاة أمه.

(٩) كما في صحيح يعقوب بن شعيب المتقدم.

(١٠) بالضم وقد تكسر ولد الناقة ساعة تضعه ، أو إلى أن يفصل عن أمه كما عن القاموس.

(١١) كما في صحيح ابن مسكان المتقدم.

(١٢) تفسير لتمامية الخلقة.

(١٣) إما باعتبار التلازم بين تمام الخلقة وبينه وإما باعتبار لابدية الأمرين معا كما هو مقتضى الجمع بين الأخبار المتقدمة.

(١٤) كما عليه المتأخرون ، وقد تقدم البحث فيه.

(١٥) بلا خلاف فيه.

(١٦) على المشهور ، بل الخلاف فيه مبني على الخلاف المتقدم في اعتبار استقرار الحياة في الحيوان الحيّ المذكى أو يكفي مطلق الحركة.

(١٧) أي النصوص المتقدمة بأن ذكاته ذكاة أمه.

٢٧٦

(ولو كانت) حياته (١) (مستقرة ذكي (٢) ، لأنه حيوان حي فيتوقف حلّه على التذكية ، عملا بعموم النصوص الدالة عليها (٣) إلا ما أخرجه الدليل الخاص (٤).

وينبغي في غير المستقر ذلك (٥) ، لما تقدم من عدم اعتبارها (٦) في حل المذبوح.

هذا (٧) إذا اتسع الزمان لتذكيته. أما لو ضاق عنها ففي حلّه وجهان (٨) ، من إطلاق (٩) الأصحاب وجوب تذكية ما خرج مستقر الحياة. ومن (١٠) تنزيله (١١) منزلة غير مستقرها (١٢) لقصور زمان حياته ، ودخوله (١٣) في عموم الأخبار الدالة على حله (١٤) بتذكية أمه إن لم يدخل مطلق الحي (١٥).

______________________________________________________

(١) عند خروجه حيا.

(٢) كما يذكى الحيوان الحيّ.

(٣) على تذكية الحيوان الحيّ.

(٤) من الصيد والرمي.

(٥) أي هذا الدليل من عموم النصوص الدالة على تذكية الحيوان الحيّ يجري في غير مستقر الحياة.

(٦) من عدم اعتبار الحياة المستقرة في تذكية الحيوان ، بل يكفي مطلق الحركة أو خروج الدم.

(٧) أي اعتبار التذكية في مستقر الحياة.

(٨) فعن الشيخ في المبسوط أنه يحلّ بذكاة أمه ، لتنزيله منزلة غير مستقر الحياة ، وعن المحقق في الشرائع أنه يحرم لعموم النصوص الدالة على تذكية الحيوان الحي ، وهو حيّ فلا بد من تذكيته ومع حصر عدم اتساع الزمان لها فيحرم.

(٩) دليل عدم الحل.

(١٠) دليل الحلّ.

(١١) أي تنزيل المولود الذي استقرت حياته ولم يتسع الزمان لتذكيته.

(١٢) أي مستقر الحياة.

(١٣) دليل ثان على الحل ، أي دخول الذي لم يتسع الزمان لتذكيته.

(١٤) أي حل الجنين.

(١٥) أي مطلق المولود الحي سواء اتسع الزمان لتذكيته أم لا ، وسواء كان غير مستقر الحياة أم لا ، وفيه أنه مع خروجه من بطن أمه يخرج عن اسم الجنين فلا يندرج تحت هذه النصوص ، بل المحكّم حينئذ هي النصوص الدالة على تذكية الحيوان الحي.

٢٧٧

ولو لم تتم خلقته (١) فهو حرام واشترط جماعة (٢) مع تمام خلقته أن لا تلجه الروح ، وإلا (٣) افتقر إلى تذكيته مطلقا (٤) والأخبار مطلقة والفرض (٥) بعيد ، لأن الروح لا تنفك عن تمام الخلقة عادة.

وهل تجب المبادرة إلى إخراجه (٦) بعد موت المذبوح (٧) أم يكفي إخراجه المعتاد بعد كشط جلده (٨) عادة ، إطلاق الأخبار والفتوى يقتضي العدم (٩).

والأول (١٠) أولى.

(الرابعة ـ ما يثبت في آلة الصياد (١١) من الصيود المقصودة بالصيد يملكه

______________________________________________________

(١) أي خلقة الجنين ، لاشتراط تمامية الخلقة في حله كما هو نص الأخبار المتقدمة ، وقد تقدم البحث فيه.

(٢) كما عن الشيخ والقاضي وابن حمزة وسلّار.

(٣) أي وإن ولجته الروح.

(٤) مستقر الحياة أو لا ، اتسع الزمان لتذكيته أو لا.

(٥) من فرض تمامية الخلقة مع عدم ولوج الروح.

(٦) أي إخراج الجنين.

(٧) أي أمه.

(٨) أي جلد المذبوح ، وكشط جلده نزعه.

(٩) أي عدم وجوب المبادرة.

(١٠) أي المبادرة إلى إخراجه أولى ، لأنه أحوط.

(١١) لا خلاف ولا إشكال في أن ما يثبت في آلة الصائد على وجه يخرج الصيد عن كونه ممتنعا يملكه ناصبها للاصطياد ، إذا كانت الآلة مما يعتاد الاصطياد بها كالحبالة والشبكة والفخ ، لصدق الأخذ والحيازة ونحوها مما هو سبب مملّك في مثله من المباح للأخبار :

منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة ، فجاء رجل فأخذه ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : للعين ما رأت ولليد ما أخذت) (١) ، وخبره الآخر عنه عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الطائر إذا ملك جناحيه فهو صيد ، وهو حلال لمن أخذه) (٢) ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على تحقق ملك المباح بأخذه وصيده ، ولا ريب في تحقق ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الصيد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الصيد حديث ٣.

٢٧٨

لتحقق الحيازة والنية (١) هذا (٢) إذا نصبها (٣) بقصد الصيد كما هو الظاهر ليتحقق قصد التملك. وحيث(يملكه) يبقى ملكه عليه(ولو انفلت بعد ذلك (٤) لثبوت ملكه فلا يزول بتعذر قبضه ، كإباق (٥) العبد ، وشرود الدابة ، ولو كان انفلاته (٦) باختياره (٧) ناويا قطع ملكه عنه (٨) ، ففي خروجه عن ملكه قولان (٩) ، من الشك (١٠) في كون

______________________________________________________

ـ الأخذ بالاستيلاء عليه والدخول تحت قبضته ويده ولو بالآلة التي اعتيد الاصطياد بها ، إذ ليس المراد خصوص الأخذ باليد الحسية قطعا.

(١) أي نية التملك.

(٢) أي الحكم بالتملك.

(٣) أي نصب الآلة بشرط كونها مما يعتاد الاصطياد بها.

(٤) أي بعد تحقق الحيازة والأخذ ، فلو ثبت ملكه بالصيد لا يخرج عن ملكه بانفلاته بعد إثباته ، لأصالة بقاء الملك ، ولا يلزم من تعذر الوصول إلى المال المملوك أو تعسره خروجه عن الملك ، بلا فرق بين أن يلتحق بالوحوش في الصحراء بعد انفلاته ويبعد في البنيان وبين أن يدور في البلد وحوله ، كما لا يخرج عن الملك العبد الآبق والدابة الأنسية إذا توحشت.

(٥) تنظير لبقاء الملك ولو تعذر قبضه ..

(٦) أي انفلات الصيد.

(٧) أي باختيار الصائد.

(٨) عن الصيد.

(٩) فعن الأكثر منهم المحقق عدم الخروج عن ملكه ، لأن ملكة ثابت ، وزواله يتوقف على أسباب شرعية ، والإعراض عن الملك لم يثبت أنه من الأسباب الناقلة عنه.

وعن الشيخ في المبسوط أنه يخرج عن ملكه بالإعراض ، لأن سبب الملك هنا هو اليد ، وإذا زالت زال الملك ، وفيه أنه لا يلزم من كون اليد سببا للملك كون زوالها سببا في عدم الملك ، لأن المرجع في الأسباب إلى نصّ الشارع ، والشارع قد جعل اليد سببا للملك ولم يثبت أنه قد جعل زوالها سببا في زواله.

وقد استدل له كما في الشرائع بأن نية قطع الملك عن الصيد مخرج عن الملك كما لو وقع منه شي‌ء حقير فأهمله ، وفيه أن إهمال الحقير إنما يفيد إباحته للغير ، وإباحته للغير متوقف على بقاء ملك المبيح فكيف يجعل دليلا على زوال الملك ، بل لو سلم زوال الملك في الحقير فلا يلزم مثله في الخطير من الصيد المتضمن للمالية المعتدّ بها غالبا.

(١٠) دليل عدم خروجه عن ملكه.

٢٧٩

ذلك (١) مخرجا عن الملك مع تحققه (٢) فيستصحب ومن (٣) كونه (٤) بمنزلة الشي‌ء الحقير من ماله إذا رماه مهملا له.

ويضعّف بمنع خروج الحقير عن ملكه بذلك (٥) وإن كان ذلك إباحة لتناول غيره. فيجوز الرجوع فيه (٦) ما دام باقيا.

وربما قيل بتحريم أخذ الصيد المذكور (٧) مطلقا (٨) وإن (٩) جاز أخذ اليسير من المال (١٠) ، لعدم (١١) الإذن شرعا في إتلاف المال مطلقا (١٢) إلا أن تكون قيمته يسيرة (١٣).

(ولا يملك ما عشّش (١٤) في داره ، أو وقع في موحلته (١٥) ، أو وثب إلى)

______________________________________________________

(١) من نية قطع الملك.

(٢) أي تحقق الملك سابقا قبل هذه النية فيستصحب.

(٣) دليل لخروجه عن الملك.

(٤) أي كون الصيد إذا نوى قطع ملكه عنه.

(٥) أي بالإعراض عنه ، غايته أنه يفيد إباحة التناول للغير.

(٦) في الحقير الذي أهمله وأعرض عنه.

(٧) وهو الذي انفلت باختياره ناويا قطع ملكه عنه.

(٨) أي سواء قلنا بزوال الملك في الحقير بسبب الأعراض عنه أم لا.

(٩) تفسير للإطلاق.

(١٠) بعد الإعراض عنه من قبل مالكه ، لأن الأعراض موجب لزوال الملك فيصح للغير تملكه حينئذ.

(١١) تعليل للحكم من تحريم أخذ الصيد المذكور ، والحاصل أن الشارع لم يأذن في إتلاف المال مطلقا سواء الصيد وغيره فلا يثمر قطع النية إزالة الملك حتى يجوز للغير أخذه ، إلا في اليسير الذي أعرض عنه صاحبه وقد أفاد إباحة تناول الغير له ، فيجوز إتلافه بالأعراض عنه.

(١٢) صيدا كان أو غيره.

(١٣) فيجوز إتلافه بالأعراض عنه ، ولكن قد عرفت أن الأعراض لا يوجب إزالة الملك بل إباحة تناول الغير له.

(١٤) العش بالضم موضع الطائر يجمعه من دقاق الحطب في أفنان الشجر ، وعشش الطائر أتخذ عشا.

(١٥) أي أرض موحلة.

٢٨٠