الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

وهي البرية (١) القفر (٢) والجمع المفاوز قاله ابن الأثير في النهاية.

ونقل الجوهري عن ابن الأعرابي أنها سميت بذلك (٣) تفاؤلا بالسلامة والفوز(والخربة) التي باد أهلها (٤) (أو مدفونا في أرض لا مالك لها) ظاهرا

______________________________________________________

ـ يعرّفها فإن وجد من يعرفها وإلا تمتّع بها) (١) ، بحمل الأخير على ما لو كان الموجود فيه أثر الإسلام ، ويؤيده أن أثر الإسلام يدل على سبق يد مسلم والأصل بقاء ملكه ، وهذا ما يقتضي التعريف فيما فيه أثر الإسلام لأنه مال ضائع من مسلم.

وردّ التأييد بأن مجرد وجود الأثر لا يدل على كونه من مسلم لجواز صدوره من غيره ، وردّ خبر محمد بن قيس بأنه ضعيف لأن راويه مشترك بين الثقة وغيره فلا يصلح لمعارضة ما تقدم من الصحيحين.

وفيه أن محمد بن قيس هو الثقة بقرينة رواية عاصم عنه وعليه فهو حجة يجب العمل به ، ولا بدّ من تقييد الصحيحين به ، وعليه فالمأخوذ من المفاوز والخربة سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا يجب تعريفه حولا ثم يتملكه الواجد إن شاء ، وهذا ما عليه جماعة من متأخري المتأخرين وعن صاحب الجواهر وجماعة حمل الصحيحين على ما لو كان المأخوذ لأهل الأزمان السالفة فلا يجب تعريفه لعدم وجود مالك له حتى يعرّفه بخلاف خبر محمد بن قيس فإنه ناظر إلى أن المأخوذ لأهل زمانه ولذا أمر بتعريفها.

هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فالأخبار المتقدمة واردة في الخربة ، ولا يوجد نص على المفاوز ، ولكنها ألحقت بالخربة بالأولوية ، لأن الخربة هي معمورة مسكونة في بعض الأزمنة إلا أنه قد هلك أهلها أو تركوها بخلاف المفاوز فإنها دائما بلا أهل ، ولهذا ألحقت بالخربة الأرض التي ليس لها مالك فالمدفون فيها كالمأخوذ من الخربة بعد كون المال لأهل الأعصار السالفة الذي لا يعقل لزوم التعريف فيه بعد القطع بعدم مالك له يعرّفه.

ومن جهة ثالثة المراد بأثر الإسلام أن يكون مكتوبا عليه اسم سلطان من سلاطين الإسلام ، أو الشهادة بالرسالة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(١) هي الصحراء وجمعها براري.

(٢) غير معمورة من أهلها.

(٣) أي أن البرية سميت بالمفازة.

(٤) أو جلى عنها أهلها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة حديث ٥.

١٤١

(يتملّك من غير تعريف) وإن كثر(إذا لم يكن عليه أثر الإسلام) من الشهادتين ، أو اسم سلطان من سلاطين الإسلام ونحوه (١) ، (وإلا) يكن كذلك بأن وجد عليه أثر الإسلام(وجب التعريف) ، لدلالة الأثر على سبق يد المسلم فتستصحب (٢).

وقيل (٣) : يملك مطلقا (٤) ، لعموم صحيحة محمد بن مسلم أن للواجد ما يوجد في الخربة ، ولأن أثر الإسلام قد يصدر عن غير المسلم وحملت الرواية (٥) على الاستحقاق بعد التعريف فيما عليه الأثر. وهو (٦) بعيد (٧) ، إلا أن الأول أشهر.

ويستفاد من تقييد الموجود في الأرض التي لا مالك لها بالمدفون (٨) عدم اشتراطه (٩) في الأولين (١٠) ، بل يملك ما يوجد فيهما (١١) مطلقا (١٢) ، عملا بإطلاق النص ، والفتوى ، أما غير المدفون في الأرض المذكورة (١٣) فهو لقطة (١٤).

______________________________________________________

(١) مما يدل على الإسلام.

(٢) أي اليد.

(٣) كما عن المحقق وجماعة.

(٤) سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا.

(٥) وهي صحيح محمد بن مسلم المتقدم ، وهذا الحمل المذكور هنا مناف لما قاله في المسالك من أن الصحيحة قد حملت على ما لا أثر له ويملك بدون تعريف ، إلا أن يكون مراده من الرواية هي خبر محمد بن قيس المعارض لصحيح محمد بن مسلم فلا إشكال حينئذ.

(٦) أي هذا الحمل الذي هو مناط القول الأول.

(٧) لأنه جمع بين المتعارضين جمعا تبرعيا ، أو لضعف خبر محمد بن قيس فلا يصلح للمعارضة ولا معنى للجمع.

(٨) متعلق بقوله : (من تقييد الموجود).

(٩) أي عدم اشتراط المدفون.

(١٠) أي المفازة والخربة.

(١١) في المفازة والخربة.

(١٢) سواء كان مدفونا أو ظاهرا على وجه الأرض.

(١٣) وهي التي لا مالك لها.

(١٤) لاحتمال أنه لأهل الزمان الحاضر فيكون مالا ضائعا منه فيجب التعريف حينئذ.

١٤٢

هذا (١) كله إذا كان في دار الإسلام ، أما في دار الحرب فلواجده مطلقا (٢).

(ولو كان للأرض) التي وجد مدفونا فيها(مالك (٣) عرّفه فإن عرفه) أي ادعى أنه (٤) له دفعه إليه من غير بينة ، ولا وصف(وإلا) يدعيه(فهو للواجد) مع انتفاء أثر الإسلام ، وإلا فلقطة كما سبق (٥) ولو وجده في الأرض المملوكة غير مدفون فهو لقطة (٦) ، إلا أنه (٧) يجب تقديم تعريف المالك فإن ادعاه فهو له كما سلف (٨) ، وإلا عرّفه (٩).

______________________________________________________

(١) أي ما تقدم من الحكم في المأخوذ من المفاوز والخربة والمدفون في أرض لا مالك لها.

(٢) سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، وسواء كان مدفونا أم لا ، والمأخوذ من دار الحرب لواجده لعدم احترام مال الكافر فضلا عن دمه ، وقد صرح به غير واحد.

(٣) أي مالك معروف ، والأصل فيه إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن رجل نزل في بعض بيوت مكة ، فوجد فيه نحوا من سبعين درهما مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة ، كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يسأل عنها أهل المنزل لعلّهم يعرفوها ، قلت : فإن لم يعرفوها ، قال : يتصدق بها) (١) فضلا عن الصحيحين السابقين (٢) حيث قال عليه‌السلام (إن كانت معمورة فيها أهلها فهي لهم) ، ومقتضى الأخبار المتقدمة الدفع للمالك من غير بينة ولا وصف ، وهذه الأخبار مطلقة تشمل ما لو كان عليه أثر الإسلام أم لا ، ومن قيد هناك بعدم الأثر قيّد هنا أيضا لاشتراكهما في المقتضى لأنه مع أثر الإسلام الدال على سبق يد المسلم يكون المأخوذ لقطة يجب تعريفها.

وفيه أن ما تقدم ظاهر في كون المأخوذ لأهل الأزمنة السابقة فلذا لا يجب تعريفه وهنا ظاهر في كونه لمالك معروف بحسب الظاهر فإن ادعاه فهو لدلالة يده على ملكية الأرض وما عليها وما فيها سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا.

(٤) أن المدفون.

(٥) في الفرع السابق وقد عرفت ضعفه.

(٦) لأنه مال ضائع ومن الممكن أن يكون لأهل زمان الواجد.

(٧) أن الشأن والواقع.

(٨) في المدفون بلا فرق بينهما.

(٩) على ما يعرف اللفظ ويجري عليه أحكامها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة حديث ١ و ٢.

١٤٣

(وكذا لو وجده في جوف دابة عرفه مالكها (١) كما سبق (٢) لسبق يده (٣) ، وظهور كونه (٤) من ماله (٥) دخل في علفها ، لبعد (٦) وجوده في الصحراء واعتلافه (٧) ، فإن عرفه المالك ، وإلا فهو للواجد ، لصحيحة عبد الله بن جعفر قال : كتبت إلى الرجل اسأله عن رجل اشترى جزورا ، أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم ، أو دنانير أو جوهرة لمن تكون؟ فقال : فوقّع عليه‌السلام عرّفها البائع فإن لم يكن يعرفها فالشي‌ء لك ، رزقك الله إياه ، وظاهر الفتوى ، والنص عدم الفرق بين وجود أثر الإسلام عليه ، وعدمه.

والأقوى الفرق اختصاص الحكم بما لا أثر عليه ، وإلا (٨) فهو لقطة جمعا بين الأدلة (٩) ، ولدلالة أثر الإسلام على يد المسلم سابقا (١٠) (أما ما يوجد في)

______________________________________________________

(١) والأصل فيه صحيح عبد الله بن جعفر (كتبت إلى الرجل عليه‌السلام : أسأله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرّة ، فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة ، لمن يكون ذلك؟

فوقّع عليه‌السلام : عرّفها البائع فإن لم يكن يعرفها فالشي‌ء لك ، رزقك الله إياه) (١).

وإطلاقه يشمل بين ما كان عليه أثر الإسلام أو لا ، فما عن المختلف والروضة هنا من تقييده بما لو لم يكن عليه أثر الإسلام ، وأما لو كان عليه الأثر فهو لقطة ، لأن الأثر دال على سبق يد المسلم فتستصحب مع أن كل مال لمسلم وهو ضائع يجب تعريفه ، وفيه أن وجود الأثر أعم من سبق يد المسلم لإمكان سبق يد الذمي الموجود في بلاد الإسلام ، ولأن يد المالك السابق أقوى دلالة من الأثر المذكور.

(٢) أي كما سبق في المدفون في الأرض المملوكة.

(٣) يد المالك.

(٤) أي كون الموجود في جوف الدابة.

(٥) أي من مال المالك.

(٦) تعليل للظهور.

(٧) واعتلاف الموجود في داخلها ، فهو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله.

(٨) وإن كان عليه أثر الإسلام.

(٩) أدلة اللقطة وخبر عبد الله بن جعفر ، بحمل الثاني على ما لا أثر للإسلام فيه.

(١٠) قبل اعتلافه فيجري عليه حكم اللقطة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٤٤

(جوف السمكة فللواجد (١) ، لأنها (٢) إنما ملكت بالحيازة ، والمحيز إنما قصد تملكها خاصة ، لعدم علمه بما في بطنها فلم يتوجه قصده إليه (٣) ، بناء على أن المباحات إنما تملك بالنية والحيازة معا ، (إلا أن تكون) السمكة(محصورة في ماء (٤) تعلف) ون كالدابة ، لعين ما ذكر (٥). ومنه (٦) يظهر أن المراد بالدابة : الأهلية كما يظهر من الرواية (٧) ، فلو كانت وحشية لا تعتلف من مال المالك فكالسمكة ، وهذا كله إذا لم يكن أثر الإسلام عليه ، وإلا فلقطة كما مر (٨) ، احتمال عموم الحكم (٩) له (١٠) فيهما (١١) لاطلاق النص (١٢) والفتوى.

______________________________________________________

(١) ونسبه غير واحد إلى إطلاق الأصحاب ، لأن الأصل في السمكة أن تكون مباحة بالأصل ومملوكة بالحيازة ، ولما كان ملك المباح متوقفا على الحيازة والنية لم يتوجه ملك الصياد لما في جوفها من مال لعدم علمه به فكيف يقصد تملكه ، فيكون لواجده نعم لو كانت السمكة مملوكة كالموجودة في ماء محصور مملوك فحكمها حكم الدابة ، كما أن الدابة لو كانت مباحة بالأصل كالغزال فحكمها حكم السمكة ، هذا كله من جهة ومن جهة أخرى مقتضى إطلاق الدليل عدم الفرق بين ما كان عليه أثر الإسلام وغيره ، وبعضهم خصه بما إذا لم يكن عليه أثر الإسلام ، وإلا فهو لقطة ، لأن الأثر يدل على سبق يد المسلم وقد عرفت ضعفه.

(٢) أي السمكة.

(٣) إلى ما في جوفها.

(٤) محصور مملوك.

(٥) أي ما ذكر في الدابة.

(٦) أي ومن حكم السمكة التي تملك بالحيازة.

(٧) وهي خبر عبد الله بن جعفر المتقدم ، حيث ذكرت الجزور والبقرة وكلاهما من الدواب الأهلية.

(٨) في الدابة وغيرها من الفروع المتقدمة.

(٩) أنه للواجد.

(١٠) للموجود في جوف السمكة.

(١١) فيما عليه أثر الإسلام وعدمه.

(١٢) وهو جملة من الأخبار :

منها : خبر أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (إن رجلا عابدا من بني إسرائيل ـ

١٤٥

(والموجود في صندوقه ، أو داره) (١) ، أو غيرهما (٢) من أملاكه(مع مشاركة الغير له) في التصرف فيهما (٣) محصورا (٤) ، أو غير محصور على ما يقتضيه إطلاقهم (٥) (لقطة) أما مع عدم الحصر فظاهر ، لأنه (٦) بمشاركة غيره لا يد له

______________________________________________________

ـ كان محارفا (١) فأخذ غزلا فاشترى به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم ، فجاء سائل فدقّ الباب ، فقال له الرجل : ادخل فقال له : خذ أحد الكيسين ، فأخذ أحدهما وانطلق ، فلم يكن بأسرع من أن دقّ السائل الباب فقال له الرجل : ادخل ، فدخل فوضع الكيس في مكانه ، ثم قال : كل هنيئا مريئا ، أنا ملك من ملائكة ربك ، إنما أراد ربك أن يبلوك ، فوجدك شاكرا ثم ذهب) (٢).

(١) من وجد في داره أو صندوقه مالا لا يعرفه ، فإن كان يدخل الدار غيره ويتصرف في الصندوق سواه فهو لقطة وإلا فهو له ، بلا خلاف فيه بين من تعرض له ، والأصل فيه صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رجل وجد في بيته دينارا ، قال : يدخل منزله غيره؟ قلت : نعم كثير ، قال عليه‌السلام : هذا لقطة ، قلت : فرجل وجد في صندوقه دينارا ، قال عليه‌السلام : يدخل أحد يده في صندوقه غيره ، أو يضع فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : هو له) (٣) فالحكم بأنه له مؤيد بالظاهر من عدم مشاركة الغير له ، فإنه قد يعرض له النسيان ، ثم هذا الحكم بكونه له مع عدم القطع بانتفائه عنه وإلا فهو لقطة.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالحكم بكونه لقطة مع مشاركة الغير يقتضي عدم الفرق بين كون الغير محصورا في عدد أو غير محصور ، وقد احتمل الشارح في المسالك بأنه مع حصر الغير المشارك فيجب البدأة بتعريفه لانحصار اليد ، فإن عرفه دفعه إليه وإلا وجب تعريفه تمام الحول كاللقطة.

(٢) كالخان والدكان.

(٣) في الصندوق والدار.

(٤) حال من الغير.

(٥) إطلاق الفقهاء وكذا إطلاق النص المتقدم.

(٦) أي لأن الواجد.

__________________

(١) المحارف الذي يقتر عليه في رزقه كما في الصحاح.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٤٦

بخصوصه فيكون (١) لقطة ، وأما مع انحصار المشارك فلأن المفروض أنه (٢) لا يعرفه (٣) فلا يكون له (٤) بدون التعريف (٥).

ويحتمل قويا كونه له (٦) مع تعريف المنحصر (٧) ، لأنه (٨) بعدم اعتراف المشارك يصير (٩) كما لا مشارك فيه(ولا معها) أي مع المشاركة (١٠) (حلّ) للمالك الواجد ، لأنه (١١) من توابع ملكه المحكوم له (١٢) به.

هذا (١٣) إذا لم يقطع بانتفائه عنه إلا (١٤) أشكل الحكم بكونه له ، بل ينبغي أن يكون لقطة ، إلا أن كلامهم هنا (١٥) مطلق كما ذكره المصنف (١٦) ، ولا فرق

______________________________________________________

(١) أي الموجود.

(٢) أن الواجد.

(٣) أي لا يعرف الموجود المذكور.

(٤) أي فلا يكون الموجود للواجد بدون التعريف.

(٥) أي التعريف سنة.

(٦) أي كون الموجود للواجد.

(٧) أي المشارك المنحصر ، بحيث مع الحصر يعرّفه للمشارك فإن عرفه فهو له وإلا فهو للواجد لانحصار اليد بينهما ، فإذا انتفت يد المشارك كما هو مقتضى عدم معرفته فلا تبقى إلا يد الواجد فيكون له كما لو لم يكن معه مشارك فهو له بالاتفاق.

وقد استحسنه سيد الرياض إلا أن الحكم بكونه للواجد بعد عدم معرفة المشارك المنحصر على خلاف ما احتمله في المسالك بأنه لقطة حينئذ ، ولهذا التناقض ولغيره قال صاحب الجواهر : (فإن المسألة في غاية الغموض وكلامهم فيها غير محرر) انتهى.

(٨) أي الموجود.

(٩) أي الموجود.

(١٠) بحيث لم يشاركه الغير في التصرف فالموجود له كما هو النص المتقدم ، المؤيد بظاهر يده على الدار ، وهو دال على ملكه لما فيها وإن لم يقطع بملكه له لاحتمال النسيان.

(١١) أي الموجود.

(١٢) للواجد.

(١٣) وهو الحكم بكونه للواجد مع عدم المشاركة.

(١٤) فإن قطع بانتفائه عنه.

(١٥) في كونه للواجد مع عدم المشاركة.

(١٦) إلا أن كلامهم منزّل على صورة عدم القطع بالانتفاء ، ولم يعمموا الحكم لهذه الصورة.

١٤٧

في وجوب تعريف المشارك هنا (١) بين ما نقص عن الدرهم ، وما زاد ، لاشتراكهم في اليد بسبب التصرف ولا يفتقر مدعيه منهم (٢) إلى البينة ، ولا الوصف ، لأنه مال لا يدعيه أحد ، ولو جهلوا جميعا (٣) أمره فلم يعترفوا به ، ولم ينفوه ، فإن كان الاشتراك في التصرف خاصة فهو للمالك منهم (٤) ، وإن لم يكن فيهم مالك فهو للمالك (٥) ، وإن كان الاشتراك في الملك والتصرف فهم فيه سواء (٦).

(ولا يكفي التعريف حولا في التملك) لما يجب تعريفه(بل لا بدّ) بعد الحول(من النية) للتملك (٧) ...

______________________________________________________

(١) في المشارك المنحصر.

(٢) من المشاركين المنحصرين.

(٣) أي جميع المشاركين المنحصرين.

(٤) من المشاركين المنحصرين ، لقوة يده باليد والتصرف.

(٥) أي المالك الواجد.

(٦) في صورة جهلهم فلم يعترفوا به ولم ينفوه ، وهو للجميع بعد عدم الترجيح لأحدهم.

(٧) قد تقدم أنه لا خلاف بينهم في عدم جواز التملك قبل تمام الحول ، لأن التعريف شرط في جواز التملك ، وإنما الخلاف في التملك بعد الحول ، فقيل : يحصل الملك قهريا بمجرد مضي الحول كما عليه ابن ادريس مدعيا عليه إجماع الفرقة وإخبارهم ، وفي الدروس نسبته إلى المقنعة والنهاية والصدوقين ، بل نسبه إلى الأشهر.

والمراد بالأخبار هو كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (واللقطة يجدها الرجل ويأخذها قال : يعرّفها سنة فإن لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله) (١) بدعوى أن قوله (وإلا فهي كسبيل ماله) أن الفاء للتعقيب بحيث تترتب أحكام الملكية عقيب التعريف ، وظاهره أنه ترتب قهري.

ويرده أن النصوص الدالة على جواز الحفظ للمالك وقد تقدمت دالة على أن مضي الحول والتعريف ليس سببا مستقلا للملك القهري ، وإلا لما أمكن حفظ اللقطة للمالك بعد التعريف حولا ، وأما صحيح الحلبي المتقدم فينافيه صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن اللقطة قال : لا ترفعها فإن ابتليت بها فعرّفها سنة ، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك) (٢) ولو كان الحول سببا في التملك القهري لما كان ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١٠.

١٤٨

وإنما يحدث التعريف حولا تخير (١) الملتقط بين التملك بالنية ، وبين الصدقة به (٢) بين ابقائه في يده أمانة لمالكه.

هذا هو المشهور (٣) من حكم المسألة ، وفيها قولان آخران على طرفي النقيض(٤).

أحدهما : دخوله (٥) في الملك قهرا من غير احتياج إلى أمر زائد على التعريف (٦) ، لظاهر قول الصادق عليه‌السلام : فإن جاء لها طالب ، وإلا فهي كسبيل ماله. والفاء عقيب ، وهو قول ابن إدريس (٧) ورد بأن كونها (٨) كسبيل ماله لا يقتضي حصول الملك حقيقة (٩).

والثاني (١٠) : افتقار ملكه إلى اللفظ الدال عليه (١١) بأن يقول : اخترت تملكها

______________________________________________________

ـ هناك معنى للأمر بالتملك هنا.

ولذا ذهب المشهور منهم الشيخ في المبسوط إلى أنه لا بد من نية التملك بعد الحول حتى يتحقق التملك.

وعن الشيخ في الخلاف أنه لا بد من التلفظ بأن يقول : اخترت ملكها ووافقه عليه أبو الصلاح الحلبي والعلامة في التذكرة وهو مما لا دليل عليه فضلا عن دلالة صحيح ابن مسلم المتقدم على خلافه.

(١) مفعول به لقوله (يحدث التعريف).

(٢) بالملقوط.

(٣) وهو قول الشيخ في المبسوط.

(٤) بين إفراط وتفريط.

(٥) دخول الملقوط.

(٦) على التعريف حولا.

(٧) وقول الشيخ في النهاية.

(٨) كون اللقطة.

(٩) لجواز أن يكون التشبيه من جهة أخرى كإباحة وغيرها ولذا قال : كسبيل ماله ، ولم يقل : كماله.

(١٠) من القولين الآخرين.

(١١) على الملك.

١٤٩

وهو قول أبي الصلاح وغيره (١) ، لأنه معه (٢) مجمع على ملكه. وغيره (٣) لا دليل عليه.

والأقوى الأول ، لقوله عليه‌السلام : «وإلا فاجعلها في عرض مالك». وصيغة افعل للوجوب ، ولا أقل من أن يكون للاباحة (٤) فيستدعي (٥) أن يكون المأمور به مقدورا (٦) بعد التعريف ، وعدم مجي‌ء المالك ، ولم يذكر (٧) اللفظ ، فدل الأول (٨) على انتفاء الأول (٩) ، والثاني (١٠) على انتفاء الثاني (١١) ، وبه (١٢) يجمع بينه (١٣) ، بين قوله عليه‌السلام : كسبيل ماله (١٤) ، وإلا (١٥) لكان ظاهره (١٦) الملك القهري ، لا كما رد (١٧) سابقا (١٨). والأقوال الثلاثة للشيخ (١٩).

______________________________________________________

(١) وهو العلامة في التذكرة والشيخ في الخلاف.

(٢) أي لأن الملقوط مع اللفظ.

(٣) أي غير اللفظ.

(٤) لأن وارد في مقام توهم الخطر.

(٥) أي الأمر.

(٦) فلو كان التملك قهريا لما كان مقدورا.

(٧) أي قوله عليه‌السلام لم يدل على اعتبار التملك باللفظ.

(٨) وهو كون المأمور مقدورا.

(٩) أي الأول من القولين المذكورين ، وهو الملك القهري.

(١٠) وهو عدم ذكر اللفظ في الخبر.

(١١) وهو الثاني من القولين المذكورين ، وهو اعتبار اللفظ.

(١٢) أي وبحمل قوله عليه‌السلام (وإلا فاجعلها في عرض مالك) على كون المأمور مقدورا.

(١٣) بين قوله عليه‌السلام الوارد في صحيح محمد بن مسلم.

(١٤) كما في صحيح الحلبي ، بحمل الخبرين على التملك بنيته.

(١٥) لو لا الجمع المذكور.

(١٦) أي ظاهر صحيح الحلبي.

(١٧) أي ردّ صحيح الحلبي.

(١٨) من أن الشبيه لا يقتضي حصول الملك حقيقة.

(١٩) فالتملك مع النية للشيخ في المبسوط ، والتملك القهري له في النهاية ، ومع اللقط له في الخلاف.

١٥٠

كتاب احياء الموات

١٥١
١٥٢

(كتاب احياء الموات (١)

(وهو) أي الموات من الأرض(ما لا ينتفع به) منها (٢) (لعطلته أو)

______________________________________________________

(١) بفتح الميم وضمها ، والدليل على مشروعية الإحياء أخبار كثيرة :

منها : صحيح الفضلاء عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحيا أرضا مواتا فهي له) (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحيا مواتا فهو له) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحق بها وهي لهم.) (٣).

والمرجع في الإحياء إلى العرف لعدم التنصيص عليه شرعا ، والمراد من الموات هو الذي لا ينتفع به لعطلته بحيث يعد مواتا عرفا ، وعطلته إما لانقطاع الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه أو لاستئجامه أو غير ذلك من موانع الانتفاع ، ولكن لا يكفي مطلق استيلاء الماء عليها أو انقطاعه عنها لأن ذلك يتفق في الأرض العامرة ، بل لا بد من صدق عنوان الموات عليها عرفا.

وإلى هذا المعنى العرفي يرجع تعريف الموات على ما في الصحاح والمصباح أنه الأرض التي لا مالك لها ولا ينتفع بها أحد ، ويرجع تعريف النهاية الأثيرية بأنها الأرض التي لم تزرع ولم تعمر ولا جرى عليها ملك أحد.

نعم في التذكرة خصّ الموات بالأرض الخراب التي باد أهلها واندرس رسمها ، وهو تخصيص بلا موجب لأن الموات هو العطلة سواء كان لها مالك سابقا أم لم يكن وسواء بقيت أثار رسوم العمارة وآثار الأنهار فيها أم لا وسواء كانت عامرة ثم ماتت أم كانت مواتا من رأس ، بعد صدق العطلة على الجميع عرفا.

(٢) من الأرض.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٥ و ٦ و ٣.

١٥٣

(لاستيجامه (١) أو لعدم الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه) ولو جعل هذه الأقسام أفرادا لعطلته ، لأنها (٢) أعم منها (٣) كان أجود ، ولا فرق بين أن يكون قد سبق لها إحياء ثم ماتت ، وبين موتها ابتداء على ما يقتضيه الاطلاق (٤) ، وهذا (٥) يتم مع إبادة أهله (٦) بحيث لا يعرفون ولا بعضهم فلو عرف المحيي لم يصح إحياؤها (٧) على مع صرح به المصنف في الدروس وسيأتي إن شاء الله تعالى ما فيه.

ولا يعتبر في تحقق موتها العارض ذهاب رسم العمارة رأسا ، بل ضابطه (٨) العطلة وإن بقيت آثار الأنهار ، ونحوها ، لصدقه (٩) عرفا معها (١٠) خلافا لظاهر التذكرة (١١) ، ولا يلحق ذلك (١٢) بالتحجير (١٣) حيث إنه (١٤) لو وقع ابتداء كان تحجيرا ، لأن شرطه (١٥) بقاء اليد ، وقصد العمارة. وهما منتفيان هنا (١٦) ، بل

______________________________________________________

(١) وهي الأرض ذات القصب الكثير.

(٢) أي العطلة.

(٣) من هذه الأقسام.

(٤) إطلاق الموات عليها عرفا.

(٥) أي تعميم الموات للتي كانت محياة ثم ماتت.

(٦) أي مع إبادة مالكه.

(٧) بحيث ماتت بعد إحيائها وما زال المحيي موجودا فهل يجوز إحياؤها للغير أم لا خلاف سيأتي بحثه إنشاء الله تعالى.

(٨) ضابط الموات.

(٩) أي صدق الموات.

(١٠) مع الآثار الباقية.

(١١) حيث اعتبر اندراس الرسم في تحقيق الموات ، وأيضا اعتبر إبادة أهلها على تقدير إحيائها السابق وقد عرفت ما فيه.

(١٢) أي بقاء الآثار.

(١٣) قد يحتمل إلحاق بقاء الآثار بالتحجير ، فكما أن التحجير يمنع الإحياء فكذلك بقاء الآثار ، ولذا قال صاحب الجواهر : (واحتمال منع بقاء الآثار عن الأحياء كالتحجير مدفوع بالنص والفتوى بعد حرمة القياس على التحجير المقارن لقصد العمارة) انتهى.

(١٤) أي إن التحجير.

(١٥) شرط التحجير.

(١٦) أي في الأرض الموات بعد إحيائها مع بقاء الآثار.

١٥٤

التحجير مخصوص بابتداء الإحياء ، لأنه (١) بمعنى الشروع فيه (٢) حيث لا يبلغه (٣) ، فكأنه قد حجّر على غيره بأثره (٤) أن يتصرف (٥) فيما حجّره بإحياء (٦) ، وغيره (٧).

(و) حكم الموات أن(يتملكه من أحياه (٨) إذا قصد تملكه(مع غيبة)

______________________________________________________

(١) أي التحجير.

(٢) في الإحياء.

(٣) أي لا يبلغ التحجير الأحياء.

(٤) أي بأثر التحجير.

(٥) أي يتصرف الغير ، وهو متعلق بقوله : (قد حجّر على غيره).

(٦) متعلق بقوله : (أن يتصرف).

(٧) كالتحجير.

(٨) اعلم أن الموات هو للإمام عليه‌السلام بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : صحيح الكابلي عن أبي جعفر عليه‌السلام (وجدنا في كتاب علي عليه‌السلام أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ، أنا وأهل بيتي الذي أورثنا الله تعالى الأرض ، ونحن المتقون ، والأرض كلها لنا فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها ويؤد خراجها إلى الإمام عليه‌السلام من أهل بيتي) (١) الخبر ، ومثله غيره مما قد تقدم في بحث الأنفال.

نعم يشترط إذن الإمام عليه‌السلام في الإحياء بلا خلاف فيه للنبوي (ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه) (٢).

وهل يشترط في المحيي الإسلام كما هو ظاهر الشرائع وصريح التذكرة وقد ادعى الإجماع ، وتابعه المحقق الثاني في جامعه ، والبحث ليس في تملك الكافر بالإحياء بعد إذن المعصوم له ، إذ لو أذن له بالتملك فلا بدّ من حصول الملك بإحيائه ، وإنما البحث في جواز إذنه عليه‌السلام من ناحية أهلية الكافر للتملك أم لا ، وعن جماعة منهم الشيخ في المبسوط والخلاف والحلي في السرائر وابن البراج في مهذبه عدم اعتبار الإسلام ، والحق عدم الجدوى في هذا النزاع إذ المعصوم عليه‌السلام لعدم الإشكال في عصمته فلا يأذن إلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٢.

(٢) كنوز الحقائق المطبوع على هامش الجامع الصغير ج ٢ ص ٧٧ ـ ٧٨.

١٥٥

(الإمام عليه‌السلام) سواء في ذلك (١) المسلم ، والكافر ، لعموم «من أحيا أرضا ميتة فهي له» ، ولا يقدح في ذلك (٢) كونها (٣) للإمام عليه‌السلام على تقدير ظهوره لأن ذلك (٤) لا يقصر (٥) عن حقه (٦) من غيرها (٧) كالخمس ، والمغنوم بغير إذنه (٨) ،

______________________________________________________

ـ عند صحة تملك الكافر هذا كله في زمن الحضور ، وأما زمن الغيبة فلا يشترط الاذن كما هو صريح جامع المقاصد والمسالك وإلا لامتنع الإحياء ، وعليه فيملكه من أحياه مسلما كان أو كافرا لعموم النبوي (من أحيا أرضا مواتا فهي له) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحق بها ، وهي لهم) (٢) وعن الشهيد في بعض حواشيه أنه يحرم انتزاع الأرض المحياة من يد الكافر ويدل عليه أن المخالف والكافر يملكان في زمن الغيبة حقهم من الغنيمة ، ولا يجوز انتزاعه من يد المخالف والكافر إلا برضاه ، وكذا القول في حقهم عليه‌السلام من الخمس عند من لا يرى إخراجه.

وفي المسالك : (قيل يختص جواز الأحياء بالمسلم لخصوص قوله : موتان الأرض لله ولرسوله هي لكم مني أيها المسلمون (٣) ، وفي كتاب علي عليه‌السلام : فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام (٤) ، الحديث ، لكن هذا ظاهر في حال ظهوره ولا نزاع فيه) انتهى.

(١) في التملك بالأحياء.

(٢) في التسوية.

(٣) كون الموات.

(٤) في المسالك : (لا يزيد) وهو الأنسب بالمعنى ولذا أشكل عليه بذلك غير واحد من المحشين.

(٥) من تملك الكافر للموات بإحيائه.

(٦) حق الإمام عليه‌السلام.

(٧) غير الموات.

(٨) قيد للمغنوم ، إذ المغنوم بغير إذنه عليه‌السلام هو للإمام بتمامه على ما تقدم في باب الخمس.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٥ و ٤.

(٣) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٤٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٢.

١٥٦

فإنه (١) بيد الكافر والمخالف على وجه الملك حال الغيبة ، ولا يجوز انتزاعه منه فهنا (٢) أولى (٣) ، (وإلا) يكن الإمام عليه‌السلام غائبا(افتقر) الإحياء(إلى إذنه) إجماعا ، ثم إن كان مسلما ملكها بإذنه ، وفي ملك الكافر مع الإذن قولان ، ولا إشكال فيه (٤) لو حصل (٥) ، إنما الإشكال في جواز إذنه له (٦) نظرا إلى أن الكافر هل له أهلية ذلك (٧) أم لا. والنزاع قليل الجدوى (٨).

(ولا يجوز إحياء العامر (٩) وتوابعه (١٠) كالطريق) المفضي إليه (١١) (والشرب) بكسر الشين ـ واصله الحظ (١٢) من الماء. ومنه (١٣) قوله تعالى : (لَهٰا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (١٤) ، والمراد هنا (١٥) النهر وشبهه (١٦) المعد لمصالح العامر ، وكذا

______________________________________________________

(١) أي فإن حق الإمام عليه‌السلام من الخمس والمغنوم بغير إذنه.

(٢) أي في الموات.

(٣) وجه الأولوية أن حقوق الخمس والغنائم بغير إذنه أقوى وأظهر من حقه في الموات ، ولعدم تحمل الكافر في تملكه للخمس للمئونة بخلاف تملكه للموات فإنه متحمل لمئونة الأحياء.

(٤) في الملك.

(٥) الاذن.

(٦) في جواز إذن الإمام عليه‌السلام للكافر.

(٧) أهلية التملك.

(٨) لأن المعصوم يفعل ما يراه حلالا عليه فلا يأذن إلا إذا كان الكافر يملك ، نعم للنزاع فائدة عند العامة لجواز الخطأ على أئمتهم وسلاطينهم.

(٩) العامرة ملك لمالكها التي هي بيده مسلما كان أو كافرا ، وإن جاز أخذ مال الحربي قهرا إلا أنه لا ينافي الملك كباقي أمواله ، وعليه فلا يجوز التصرف في العامرة إلا بإذن صاحبها ولذا لا يجوز بالإحياء للغير.

(١٠) أي توابع العامر وهو ما به صلاح العامر كالطريق والشرب والقناة ، فإن ذلك من العامر الذي هو ملك لمالكه.

(١١) إلى العامر.

(١٢) أي النصيب.

(١٣) أي ومن النصيب من الماء.

(١٤) سورة الشعراء ، الآية : ١٥٥.

(١٥) أي المراد من الشرب الذي هو من توابع العامر.

(١٦) كالقناة.

١٥٧

غيرهما (١) مرافق (٢) العامر وحريمه(ولا) إحياء(المفتوحة عنوة (٣) بفتح العين أي قهرا (٤) وغلبة على أهلها ، كأرض الشام ، والعراق وغالب بلاد الإسلام(إذ عامرها) حال الفتح(للمسلمين) قاطبة بمعنى أن حاصلها يصرف في مصالحهم لا تصرّفهم فيها كيف اتفق كما سيأتي(وغامرها) بالمعجمة وهو خلاف العامر بالمهملة ، قال الجوهري : وإنما قيل له : غامر ، لأن الماء يبلغه فيغمره. وهو فالع بمعنى مفعول كقولهم سر كاتم ، وماء دافق (٥) ، وإنما بني على فاعل ليقابل به العامر.

وقيل : الغامر من الأرض ما لم يزرع مما يحتمل (٦) الزراعة ، وما لا يبلغه الماء من موات الأرض لا يقال له غامر ، نظرا إلى الوصف المتقدم (٧) ، والمراد هنا (٨) أن مواتها مطلقا (٩) (للإمام عليه‌السلام) فلا يصح إحياؤه بغير إذنه مع حضوره ، أما مع غيبته فيملكها المحيي (١٠) ، ويرجع الآن في المحيى منها والميّت في تلك الحال (١١)

______________________________________________________

(١) غير الطريق والشرب من المراح الذي هو مأوى الإبل والغنم.

(٢) مرافق الدار مصابّ الماء والمطبخ ونحوه.

(٣) الأرض المفتوحة عنوة إما عامرة حال الفتح وإما غامرة ، فالعامرة هي للمسلمين قاطبة بلا خلاف فيه على معنى أنها لمجموعهم ولو من يتولد منهم فلا يملك أحد منهم بالخصوص رقبتها على ما تقدم بحثه في كتاب المكاسب والجهاد ، ولذا لا يصح بيعها ولا رهنها ولا هبتها ولا غير ذلك مما يتوقف صحته على الملك ، ولو ماتت العامرة لا يصح إحياؤها على وجه يترتب الملك للمحيي ، لأن المالك لها معروف هو المسلمون قاطبة.

وأما الغامر منها وقت الفتح فهو للإمام عليه‌السلام بلا خلاف فيه ، وهذا لا يصح تملكه بالإحياء إلا بإذن منه عليه‌السلام كما هو الأصل في حرمة التصرف في مال الغير إلا بإذنه.

(٤) العنوة بفتح العين وسكون النون الخضوع والذلة ، يقال : عنى إذا خضع والمراد بالأرض المفتوحة عنوة ما ملكت بالقهر والغلبة.

(٥) أي سر مكتوم وماء مدفوق.

(٦) أي يصلح.

(٧) لأن الغامر هو الذي يغمره الماء ، فإذا لم يبلغه الماء فلا يكون غامرا.

(٨) في الأرض المفتوحة عنوة.

(٩) سواء كان بالمعنى الأول أو الثاني أم لا.

(١٠) بدون إذنه سواء كان كافرا أم مسلما على ما تقدم بيانه.

(١١) أي حال الفتح.

١٥٨

إلى القرائن ، ومنها (١) ضرب الخراج والمقاسمة (٢) ، فإن انتفت (٣) فالأصل يقتضي عدم العمارة فيحكم لمن بيده منها شي‌ء بالملك (٤) لو ادعاه ، (وكذا (٥) كل ما) أي موات من الأرض(لم يجز عليه ملك المسلم (٦) فإنه للإمام عليه‌السلام فلا يصح احياؤه إلا بإذنه مع حضوره ويباح في غيبته (٧) ، ومثله (٨) ما جرى عليه ملكه (٩) ثم باد أهله (١٠).

(ولو جرى عليه ملك مسلم) معروف(فهو له ولوارثه بعده (١١) كغيره من

______________________________________________________

(١) أي من القرائن.

(٢) فالخراج ما يوضع على الأرض والمقاسمة ما يوضع على النماء ، وهما دليل على أن الأرض عامرة وهي ملك للمسلمين.

(٣) أي القرائن.

(٤) أي يحكم بالملك لمن بيده منها شي‌ء لو ادعاه ، وهو مالك بسبب الإحياء ، وإلا لو سكت فلا يحكم له ، لأن تملكه أمر حادث والأصل عدمه.

(٥) لا يصح إحياؤه.

(٦) فهي ملك للإمام عليه‌السلام بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : مرسل حماد بن عيسى عن العبد الصالح عليه‌السلام في حديث : (للإمام صفو المال ـ إلى أن قال ـ وكل أرض ميتة لا رب لها وله صوافي الملوك) (١) الخبر ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الأنفال فقال : ـ إلى أن قال ـ وكل أرض لا رب لها) (٢).

(٧) لمن أحياه مسلما كان أو كافرا.

(٨) مثل الموات التي لا مالك لها.

(٩) ملك المسلم.

(١٠) فهو للإمام عليه‌السلام بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : مرسل حماد المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وله بعد الخمس الأنفال ، والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها) ١ الخبر.

(١١) بلا خلاف فيه ولا إشكال وإن ترك الانتفاع بها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الأنفال حديث ٤ و ٢٠.

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الأنفال حديث ٤.

١٥٩

الأملاك(ولا ينتقل عنه بصيرورته مواتا (١) ...

______________________________________________________

(١) فلو خربت الأرض المذكورة ، فإن كان تملكه إياها بغير الإحياء فهي باقية على ملكه بغير خلاف ، لأصالة بقاء الملك مع عدم سبب يوجب الإزالة ، وإن كان تملكه بالإحياء ثم تركها حتى عادت مواتا فهي باقية على ملكه أو ملك وارثه ، كما عن الشيخ والمحقق والعلامة في التحرير والشهيد في الدروس والمحقق الثاني في جامعه لعموم قوله عليه‌السلام في صحيح الفضلاء (من أحيا أرضا مواتا لهي له) (١) ، وخبر سليمان بن خالد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأتي الخربة فيستخرجها ويجري أنهارها ويعمرها ويزرعها ما ذا عليه؟ قال : الصدقة ، قلت : فإن كان يعرف صاحبها؟ قال : فليؤد إليه حقه) (٢).

المؤيد بأصالة بقاء الملك على ما كان عليه.

وذهب البعض منهم العلامة في بعض فتاواه ومال إليه في التذكرة إلى صحة إحيائها وكون الثاني أحق بها من الأول لعموم قوله عليه‌السلام المتقدم (من أحيا أرضا مواتا فهي له) (٣) ، ولخصوص صحيح أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه‌السلام (وجدنا في كتاب علي عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها ، فإن تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها) (٤) الخبر ، وصحيح معاوية بن وهب (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أيّما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمّرها ، فإن عليها فيها الصدقة ، فإن كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثم جاء بعد يطلبها ، فإن الأرض لله ولمن عمرها) (٥).

مؤيدا بأن هذه الأرض أصلها مباح فإذا تركها عادت إلى ما كانت عليه من الإباحة ، ولأن العلة في تملك هذه الأرض الإحياء فإذا زالت العلة زال المعلول وهو الملك ، فإذا أحياها الثاني فقد أوجد سبب الملك فيثبت الملك له نعم إن القائلين بعدم خروجها عن ملك الأول اختلفوا فذهب بعضهم إلى عدم جواز إحيائها ولا التصرف فيها إلا بإذن الأول كغيرها من أملاكه ، وذهب الشيخ في المبسوط والمحقق في جهاد الشرائع إلى جواز إحيائها وصيرورة الثاني أحق بها لكن لا يملكها بذلك بل عليه أن يؤدي أجرتها إلى الأول ، وذهب الشهيد في الدروس إلى وجوب استئذان المحيي للمالك فإن امتنع فالحاكم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٥.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب إحياء الموات حديث ٢ و ١.

١٦٠