الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

سواء طالبه (١) أم لم يطالب ، مع احتمال توقفه (٢) على مطالبته (٣) أيضا (٤) ولا يشكل بأن استحقاق المطالبة يتوقف على ثبوت الحق (٥) ، فلو توقف ثبوته (٦) عليه (٧) لدار ، لمنع (٨) توقفه (٩) على ثبوت الحق (١٠) ، بل على إمكان ثبوته (١١). وهو هنا كذلك (١٢).

وتظهر الفائدة (١٣) في عدم ثبوته (١٤) دينا في ذمته (١٥) قبل ذلك (١٦) ، فلا يقسط عليه (١٧) ماله (١٨) لو أفلس (١٩) ، ولا يجب (٢٠) الإيصاء به(٢١) ولا يعد (٢٢)

______________________________________________________

(١) أي طالب المالك الملتقط.

(٢) أي توقف الضمان.

(٣) أي مطالبة المالك.

(٤) كما يتوقف الضمان على ظهور المالك فهو متوقف على المطالبة.

(٥) مراده من استحقاق المطالبة نفس المطالبة ، ومراده من ثبوت الحق نفس الضمان الموجب لاستحقاق المالك للمطالبة ، فلو صرح بهما تصويرا للدور مع التصريح بأن الدور مندفع بتوسط إمكان المطالبة في إحدى المقدمتين دون الأخرى لكان أولى حذرا من التعقيد.

(٦) أي ثبوت الحق من الضمان ومن استحقاق المالك للمطالبة.

(٧) على استحقاق المطالبة الواردة في كلام الشارح ، وقد عرفت أن المراد منه نفس المطالبة.

(٨) تعليل لعدم الإشكال وهو دفع للدور.

(٩) أي توقف المطالبة المعبّر عنها باستحقاق المطالبة في كلامه.

(١٠) أي على الاستحقاق كما عرفت.

(١١) أي إمكان ثبوت الحق ، والمراد به إمكان استحقاق المطالبة.

(١٢) أي أن المطالبة هنا متوقفة على إمكان استحقاق المطالبة ، والذي توقف عليها نفس الاستحقاق فلا دور.

(١٣) أي الفائدة بين القول بكون الضمان عند الظهور والقول بكون الضمان عند المطالبة.

(١٤) أي عدم ثبوت المال الملقوط.

(١٥) أي ذمة الملتقط.

(١٦) أي قبل الظهور على القول الأول ، وقبل المطالبة على القول الثاني.

(١٧) على المالك.

(١٨) أي مال الملتقط.

(١٩) أي الملتقط.

(٢٠) على الملتقط.

(٢١) بالمال الملتقط.

(٢٢) أي الملتقط.

١٢١

مديونا ، ولا غارما بسببه (١) ، ولا يطالبه به (٢) في الآخرة لو لم يظهر (٣) في الدنيا إلى غير ذلك (٤) (وبين إبقائه (٥) في يده(أمانة) موضوعا (٦) في حرز أمثاله.

(ولا يضمن) (٧) ما لم يفرّط (٨) ، هذا (٩) إذا كان مما لا يضره البقاء كالجواهر (١٠) (ولو كان مما لا يبقى) كالطعام (١١) ...

______________________________________________________

(١) أي بسبب المال الملقوط.

(٢) أي لا يطالب المالك الملتقط بالمال الملقوط.

(٣) أي المالك وهذا على القول الأول ، وعلى القول الثاني لو لم يطالبه به في الدنيا.

(٤) أي غير ذلك من أحكام الدين فلا تترتب إلا بعد الظهور أو المطالبة على اختلاف القولين.

(٥) أي إبقاء المال الملقوط في يده أمانة للمالك في قبال التملك أو التصدق به وقد تقدم الدليل على هذا الشق فراجع ، وتقدم أن النصوص دالة على الضمان على تقدير الحفظ ، إلا أن الأصحاب أعرضوا عنها وحكموا بعدم الضمان لأنه محسن بعد انتفاء السبيل عن المحسن.

(٦) كالوديعة ، فما قلناه في الوديعة في مقام حفظها نقوله في اللقطة ، بعد كون كل منهما أمانة في يد غير المالك.

(٧) أي على تقدير الحفظ والأمانة.

(٨) أو يتعدى ، وضمانه للعدوان حينئذ ، وبه خرج عن كونه أمينا.

(٩) أي هذا الحكم من التملك أو الصدقة أو الحفظ بعد التعريف حولا.

(١٠) كالذهب والفضة.

(١١) البقول ونحوها فهو مخيّر بين أن يتملكها بالقيمة ويأكلها أو يبيعها ويأخذ ثمنها وبين أن يدفعها إلى الحاكم ليعمل فيها ما هو ألحظ للمالك بلا خلاف في ذلك بالجملة ويشهد له خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة ، كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، يقوّم ما فيها ثم يؤكل ، لأنه يفسد وليس له بقاء ، فإن جاء طالبها غرّموا له الثمن ، فقيل : يا أمير المؤمنين : لا يدري سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال عليه‌السلام : هم في سعة حتى يعلموا) (١) ، ومرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (وإن وجدت طعاما في مفازة فقوّمه على نفسك لصاحبه ثم كله) (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٩.

١٢٢

(قوّمه على نفسه (١) ، أو باعه وحفظ ثمنه ثم عرّفه (٢) ، (أو دفعه إلى الحاكم) إن وجده (٣) وإلا (٤) تعين عليه (٥) الأول (٦) فإن أخلّ به (٧) فتلف ، أو عاب ضمن (٨) ، ولو كان (٩) مما يتلف على تطاول الأوقات لا عاجلا كالثياب تعلق الحكم (١٠) بها عند خوف التلف.

(ولو افتقر إبقاؤه إلى علاج) كالرطب المفتقر إلى التجفيف (١١) (أصلحه)

______________________________________________________

ـ وبالتعليل بفساده وبأنه ليس له بقاء يتعدى في الحكم من مورد الخبر إلى كل لقطة يسرع إليها الفساد ولا تبقى إلى تمام الحول هذا من جهة ومن جهة أخرى فالحكم بالتقويم على نفسه مما لا خلاف فيه وهذا ما اقتصر عليه القدماء ، وعن الفاضل في التذكرة وتبعه المحقق الثاني والشهيدان وغيرهم أنه مخيّر بين التقويم على نفسه والتقويم على غيره بمعنى البيع على غيره لعدم خصوصية في التقويم على النفس ، ويضمن الثمن كما يضمن الثمن لو قوّمه على نفسه ، وأشكل عليه بأنه لا يجوز له بيعه على غيره مع وجود الحاكم لأنه مال الغير فلا بد من إذن الحاكم حينئذ ، وهو إشكال مردود ، لأنه قد جاز له أن يبيعه على نفسه بدون إذن الحاكم ولا خصوصية للبيع على نفسه كما فهم من النصوص ، ومن جهة ثالثة له اختيار الدفع إلى الحاكم لأنه ولي الغائب ، ولا يضمن ، لأن الدفع إلى الحاكم من قبيل الدفع إلى المالك فلا وجه للضمان.

(١) وضمنه للمالك.

(٢) أي عرّف نفس الملقوط بلا فرق بين تقويمه على نفسه أو بيعه على الغير ، وبقاء التعريف لإطلاق دليله أو استصحابه ولا ينافيه التصرف المزبور فيه قبله ، وهو ظاهر الأصحاب كما في الجواهر ، وإن تم التعريف سنة فإن ظهر المالك دفع إليه القيمة وإلا يعمل فيها ما يعمل بالعين لو كانت باقية بين تملكها أو يتصدق بها عنه.

(٣) أي وجد الحاكم.

(٤) أي لم يجد الحاكم.

(٥) على الملتقط.

(٦) من التقويم على نفسه أو البيع على الغير مع حفظ الثمن.

(٧) أي بما لا يبقى بحيث لم يقومه ولم يبعه ولم يدفعه إلى الحاكم.

(٨) للتعدي.

(٩) أي الملقوط.

(١٠) أي الحكم المذكور من التقويم أو البيع أو الدفع إلى الحاكم لعموم العلة الواردة في خبر السكوني ممن كونه يفسد وليس له بقاء.

(١١) لو كان بقاء اللقطة متوقفا على علاج ، فإن تبرع أحد بإصلاحه فهو وإلا بيع بعضه وأنفق ـ

١٢٣

(الحاكم ببعضه) بأن يجعل بعضه عوضا عن إصلاح (١) الباقي ، أو يبيع بعضه وينفقه (٢) عليه (٣) وجوبا ، حذرا من تلف الجميع ، ويجب على الملتقط إعلامه (٤) بحاله (٥) إن لم يعلم ، ومع عدمه (٦) يتولاه (٧) بنفسه ، حذرا من الضرر بتركه (٨).

(ويكره التقاط) ما تكثر منفعته وتقل قيمته مثل(الإداوة (٩) بالكسر وهي

______________________________________________________

ـ على إصلاح الباقي ، وهل يتوقف على إذن الحاكم أم يجوز للملتقط ذلك من دون الرجوع إلى الحاكم قولان.

ذهب المحقق وقبله الشيخ وجماعة إلى الأول لأنه مال غائب ، والحاكم وليّه في حفظ ماله.

وذهب العلامة في التحرير والشهيد في الدروس وجماعة إلى الثاني ، لأن الملقوط أمانة شرعية بيد الملتقط فهو مأمور بحفظه ، فله الحفظ ولو ببيع بعضه من دون الرجوع إلى الحاكم.

(١) بمعنى أن يصلحه ببعضه.

(٢) أي ينفق ثمن البعض.

(٣) على الباقي.

(٤) أي إعلام الحاكم.

(٥) أي بحال الملقوط إذا كان مفتقرا إلى العلاج.

(٦) أي عدم الحاكم.

(٧) أي يتولى الإصلاح نفس الملتقط.

(٨) أي بترك الإصلاح.

(٩) الأصل في هذه المسألة خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النعلين والإدواة والسوط يجده الرجل في الطريق ، أينتفع به؟ قال عليه‌السلام : لا يمسّه) (١).

والإدواة بالكسر إناء صغير من جلد كالإبريق كما في الصحاح ، يستعمل للتطهير ولذا فسرت بالمطهرة في الكثير من كتب الفقه ، وظاهر النهي الحرمة ، وبها قال الحلبي وابن حمزة وهو ظاهر الصدوقين وسلار.

والمشهور على الكراهة جمعا بينه وبين صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بلقطة العصى والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه ، قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : ليس لهذا طالب) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢ و ١.

١٢٤

المطهرة به (١) أيضا(والنعل) غير الجلد ، لأن المطروح منه (٢) مجهولا ميتة ، أو يحمل على ظهور أمارات تدل على ذكاته فقد يظهر من المصنف في بعض كتبه التعويل عليها (٣) وذكره (٤) هنا مطلقا تبعا للرواية. ولعلها (٥) تدل على الثاني (٦) (والمخصرة (٧) بالكسر وهي كل ما اختصره الإنسان بيده فأمسكه من عصا ،

______________________________________________________

ـ هذا وقال الشارح في المسالك : (ولا يخفى أن الأغلب على النعل أن يكون من الجلد ، والإدواة بالكسر هي المطهرة وهي تكون من الجلد أيضا وكذا السوط ، وإطلاق الحكم بجواز التقاطها إما محمول على ما لا يكون منها من الجلد ، لأن المطروح منه مجهولا ميتة لأصالة عدم التذكية ، أو محمول على ظهور أمارات تدل على ذكاته ، فقد ذهب بعض الأصحاب إلى جواز التعويل عليها) انتهى.

وفيه : أن ما يوجد في أرض الإسلام وفيه أثر الاستعمال محكوم بكونه مذكى وعليه يدل خبر السفرة المتقدم. حيث جوّز المعصوم عليه‌السلام الأكل منها مع أن فيها اللحم ، وعلى كل فالجمع بين الخبرين يقتضي الحكم بجواز الالتقاط من دون كراهته ، بل صحيح حريز خاصة ظاهر في عدم الكراهة من ناحية التعليل بكونها ليس لها طالب ، إلا أن الأصحاب حكموا بالكراهة إما من جهة الاحتياط لمن حكم بالحرمة وإما من جهة كون المذكورات من الجلد ، والمجهول منه محكوم بكونه ميتة كما عليه الشارح في المسالك وجماعة.

هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فالحكم بكراهة هذه المذكورات الثلاثة ليس من باب بيان شدة الكراهة فيها فضلا عن الكراهة في أصل اللقطة كما فهمه البعض بل من باب بيان عدم حرمته.

(١) بالكسر أيضا.

(٢) من الجلد.

(٣) على الإمارات الدالة على التذكية وتقدم الكلام على أصالة عدم التذكية كما دل عليه خبر السفرة المتقدم.

(٤) أي ذكر المصنف النعل هنا من غير تقييد له بأنه من غير الجلد تبعا للرواية ، حيث ذكرته من دون تقييد.

(٥) أي الرواية.

(٦) أي على ظهور أمارات تدل على ذكاته لو كان من الجلد.

(٧) كمكنسة ما يتوكأ عليه ، هذا وقال الجوهري في الصحاح : (المخصرة السوط وكل ما اختصره الإنسان بيده فأمسكه من عصا ونحوها ، اختصره أي أخذه).

١٢٥

ونحوها قاله الجوهري والكلام فيها إذا كانت جلدا (١) كما هو الغالب كما سبق (٢) (والعصا (٣) وهي على ما ذكره الجوهري (٤) أخص من المخصرة ، وعلى المتعارف (٥) غيرها(والشظاظ) بالكسر خشبة محدّدة للطرف تدخل في عروة الجوالقين (٦) ليجمع بينهما عند حملهما على البعير. والجمع أشظّة (٧) (والحبل والوتد) بكسر وسطه (٨) (والعقال) بالكسر وهو حبل يشد به قائمة البعير.

وقيل : يحرم بعض هذه (٩) للنهي عن مسه.

(ويكره أخذ اللقطة (١٠) ...

______________________________________________________

(١) هذا في السوط وأما في العصا فلا ، ومن هنا تعرف أن اختصار كلام الجوهري كما فعله الشارح من الاختصار المخلّ ، وعلى كل فكونها من الجلد يكره التقاطها لأن الجلد المجهول محكوم بالميتة لأصالة عدم التذكية ، هذا وقد عرفت أن الكراهة في السوط كالكراهة في سابقيه من جهة الاحتياط لمن قال بالحرمة.

(٢) في النعل.

(٣) والأصل فيها وفي المذكورات بعدها صحيح حريز المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بلقطة العصى والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه ، قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : ليس لهذا طالب) (١) ، وهو ظاهر في عدم الكراهة فضلا عن عدم الشدة فيها ، وعليه فما عليه المشهور من الكراهة أو شدة الكراهة فيها ليس في محله ، هذا من جهة ومن جهة أخرى ذهب الحلبي إلى حرمة التقاط الشظاظ وهو مما لا دليل عليه ولذا قال في الجواهر : (لم نجد له ما يدل عليه).

(٤) في كلامه المتقدم سابقا.

(٥) أي والعصا على المتعارف غير المخصرة ، لأن المتعارف إطلاق المخصرة على السوط.

(٦) بالتثنية وضم الجيم ومفرده جوالق وهو وعاء.

(٧) على وزن أشعة.

(٨) أي بكسر تاء الوتد.

(٩) وهو الإدواة والنعل والسوط على ما تقدم.

(١٠) يكره أخذ اللقطة للأخبار :

منها : مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (أفضل ما يستعمله الإنسان في اللقطة إذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٢٦

مطلقا (١) وإن تأكدت في السابق (٢) لما روي عن علي عليه‌السلام «إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن وهي من حريق النار» (٣) وعن الصادق عليه‌السلام (٤) ، لا يأكل الضالة إلا الضالون» وحرّمها بعضهم (٥) لذلك (٦) ، وحمل النهي (٧) على أخذها بنية عدم التعريف ، وقد روي في الخبر الثاني زيادة إذا لم يعرفوها (٨) (خصوصا من الفاسق (٩)

______________________________________________________

ـ وجدها أن لا يأخذها ، ولا يتعرض لها ، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن اللقطة قال : لا ترفعها ، فإن ابتليت بها فعرّفها سنة) (٢) ، وخبر وهب عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام (لا يأكل الضالّة إلا الضالون) (٣) ، وخبر مسعدة عن الصادق عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال : إياكم واللقطة ، فإنها ضالة المؤلف ، وهي حريق من حريق جهنم) (٤).

ومقتضى هذه الأخبار كراهة اللقطة في مورد جواز أخذها ، وإلا فقد تقدم استحباب التقاط الضالة على تقدير خوف التلف.

(١) من غير تقييد لها في مورد.

(٢) من المذكورات الإدواة وما بعدها ، وقد تقدم أن أدلتها لا تدل على كراهتها فلا يبقى فيها إلا كراهة أصل الالتقاط.

(٣) كما في خبر مسعدة المتقدم ، ولكن فيه كما في الوسائل : وهي حريق من حريق جهنم.

(٤) كما في خبر وهب المتقدم.

(٥) وهو الشيخان في المقنعة والنهاية في خصوص الحيوان.

(٦) أي للنهي الوارد عنها كما في الأخبار المتقدمة.

(٧) ردّ على القائل بالحرمة.

(٨) كما في خبر جرّاح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الضّوال لا يأكلها إلا الضّالون إذا لم يعرفوها) (٥).

(٩) الذي لا يأمن على نفسه من القيام بحدود اللقطة ، نعم إذا علم الخيانة حرم عليه الأخذ ، لأن الأخذ حينئذ وسيلة إلى الحرام فيحرم ، كما عن العلامة في القواعد والفخر في الإيضاح والشهيد في الدروس ، وعن العلامة في التحرير والتذكرة الكراهة الشديدة ، وهو ضعيف بما سمعت.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٩ و ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللقطة حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللقطة حديث ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٤.

١٢٧

(والمعسر (١) ، لأن الأول (٢) ليس أهلا (٣) لحفظ مال الغير بغير إذنه ، والثاني (٤) يضر بحال المالك إذا ظهر (٥) وقد تملك ، وإنما جاز (٦) مع ذلك (٧) ، لأن اللقطة في معنى الاكتساب (٨) ، لا استئمان محض.

هذا (٩) إذا لم يعلم خيانته ، وإلا (١٠) وجب على الحاكم انتزاعها منه (١١) حيث لا يجوز له التملك (١٢) ، أو ضم مشرف إليه (١٣) من باب الحسبة (١٤) ، ولا

______________________________________________________

(١) قد ذكر غير واحد أنه يكره التقاط المعسر ، لأن عسره قد يكون سببا في عدم وصولها إلى مالكها لو ظهر لأنه قد يتعسر عليه قيمتها لإعساره ، وعن بعضهم أنه تتأكد الكراهة فيه وإن لم يكن فاسقا.

وبناء على التسامح في أدلة السنن والمكروهات فالأمر سهل وإلا فقد ورد في صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن اللقطة يجدها الفقير هو فيها بمنزلة الغني؟ قال : نعم) (١).

(٢) وهو الفاسق.

(٣) لاحتمال خيانته.

(٤) وهو المعسر.

(٥) أي إذا ظهر المالك وقد تملك المعسر فيعسر عليه قيمتها بسبب إعساره.

(٦) أي أخذ اللقطة.

(٧) أي مع كون الفاسق ليس أهلا للحفظ ، ومع كون المعسر يضرّ بحال المالك.

(٨) قد تقدم أن اللقطة فيها معنى الائتمان ابتداء وفيها معنى الاكتساب عند التملك بعد التعريف حولا ، وتقدم ترجيح جانب الاكتساب فيها فلذا جاز التقاط الصبي والمجنون والمفلس والسفيه ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فظاهر التعليل أنه مختص بالفاسق فقط دون المعسر.

(٩) أي كراهة أخذ اللقطة من الفاسق.

(١٠) وإن علم خيانة الفاسق.

(١١) من الفاسق الخائف ، لأنه يحرم عليه الأخذ ، لأن الأخذ حينئذ وسيلة إلى الحرام فيحرم.

(١٢) المراد منه الأخذ المفضي إلى التملك.

(١٣) إلى الفاسق.

(١٤) أي من باب دفع المنكر احتسابا للأجر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٢٨

يجب ذلك (١) في غيره (٢) (ومع اجتماعهما) أي الفسق والإعسار المدلول عليهما بالمشتق منهما (٣) (تزيد الكراهة) لزيادة سببها (٤).

(وليشهد) الملتقط(عليها) عند أخذها عدلين(مستحبا (٥) تنزيها لنفسه عن الطمع فيها ، ومنعا لوارثه من التصرف لو مات ، وغرمائه لو فلس(ويعرّف الشهود بعض الأوصاف (٦) كالعدة (٧) ، والوعاء (٨) ، والعفاص (٩) ، والوكاء (١٠) ، لا جميعها (١١) حذرا من شياع خبرها فيطلع عليها من لا يستحقها فيدعيها ويذكر الوصف.

______________________________________________________

(١) من الانتزاع أو ضم المشرف.

(٢) غير الخائن.

(٣) حيث قال الماتن : (خصوصا من الفاسق والمعسر).

(٤) أي سبب الكراهة.

(٥) بلا خلاف فيه ، وعن أبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه أنه يجب لما روي من طرقهم (من التقط لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل) (١) ، ولضعف سنده حمل على الاستحباب.

واستدل للاستحباب لما في الإشهاد عليها من صيانة نفسه عن الطمع فيها ، وحفظها من ورثته لو مات ومن غرمائه إذا أفلس.

(٦) أي بعض أوصاف اللقطة ، وفي كيفية الاشهاد قولان ، الأشهر أن يشهد على أصلها دون صفاتها أو يذكر بعضها من غير استقصاء لئلا يشيع خبرها فيدعيها من لا يستحقها فيأخذها إذا ذكر صفاتها ، والثاني : أن يشهد على جميع صفاتها حتى يخلص من احتمال تملك الوارث لو مات ، والأنسب هو الأول بعد عدم النص على ذلك كله.

(٧) ففي الصحاح : (العدة بالضم ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح ، وبمعنى الاستعداد أيضا ، وبالكسر الجماعة وبمعنى العدد أيضا).

(٨) ومعناه معروف.

(٩) ففي القاموس : (ككتاب ، الوعاء فيه النفقة ، جلدا أو خرقة ، وغلاف القارورة ، والجلد يغطى به رأسها).

(١٠) ففي القاموس : (الوكاء ككساء ، رباط القربة وغيرها) ، وفي النهاية : (الوكاء الخيط الذي يشدّ به الصرة والكيس وغيرهما).

(١١) أي جميع الأوصاف.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٨٧.

١٢٩

(والملتقط) للمال(من له أهلية الاكتساب (١) وإن كان غير مكلف أو مملوكا(و) لكن يجب(أن يحفظ الولي ما التقطه الصبي) كما يجب عليه (٢) حفظ ماله ، ولا يمكّنه منه ، لأنه لا يؤمن عليه ، (وكذا المجنون) فإن افتقر إلى تعريف عرّفه (٣) ثم فعل لهما (٤) ما هو الأغبط لهما من التملك ، والصدقة ، والإبقاء أمانة.

(ويجب تعريفها) أي اللقطة البالغة درهما فصاعدا(حولا) كاملا وقد تقدم ، وإنما أعاده ليرتب عليه قوله : (ولو متفرقا (٥) وما بعده (٦) ومعنى جوازه (٧) متفرقا

______________________________________________________

(١) قد تقدم في لقطة الحيوان أن في اللقطة معنى الأمانة والولاية في الابتداء بالنسبة إلى حفظها وتعريفها ، وفيها معنى الاكتساب بالنسبة إلى تملكها ، وقد تقدم ترجيح جانب الاكتساب فيجوز التقاط الصبي والمجنون ، لأن لهما أهلية الاكتساب ، وليس لهما أهلية الحفظ والتعريف فيتولاه الولي ، وإذا مضى الحول فيختار لهما ما فيه الغبطة من التملك وغيره.

وكذا يصح التقاط الكافر والفاسق لأن لهما أهلية الاكتساب ، والمشهور على جواز التقاط العبد لأن له أهلية الحفظ والائتمان دون الولاية ، وذهب ابن الجنيد إلى المنع ، لأن الغالب في اللقطة جانب الاكتساب ويؤيده خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله المحاربي عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال : ما للمملوك واللقطة ، لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يتعرض لها المملوك) (١).

(٢) أي على الولي حفظ مال الصبي.

(٣) أي الولي.

(٤) أي فعل الولي للصبي والمجنون.

(٥) أي ولو كان التعريف متفرقا في الحول.

(٦) أي ما بعد هذا القول من كلام الماتن.

(٧) أي جواز التعريف ، قد تقدم أنه لا بد من الرجوع إلى العرف في التعريف حولا ، وتقدم أن المدار في التعريف على وجه لا ينسى بحيث يكون الثاني تكرارا لما مضى ، وتقدم أنه لا داعي لاستيعاب التعريف في تمام الحول ولا في كل شهر ، بل يكفي التعريف في كل أسبوع مرة ، بل تركه إلى العرف أولى ، ومنه تعرف ضعف ما عليه المشهور من تكرار التعريف في كل يوم إلى أسبوع ثم في كل أسبوع مرة إلى آخر الشهر ، ثم في كل شهر مرة إلى آخر الحول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٣٠

أنه لا يعتبر وقوع التعريف كل يوم من أيام الحول ، بل المعتبر ظهور أن التعريف التالي تكرار لما سبق ، لا للقطة جديدة فيكفي (١) التعريف في الابتداء كل يوم مرة ، أو مرتين (٢) ، ثم في كل أسبوع (٣) ، ثم في كل شهر (٤) مراعيا لما ذكرناه (٥) ، ولا يختص تكراره (٦) أياما بأسبوع (٧) وأسبوعا ببقية الشهر (٨) ، وشهرا ببقية الحول ، وإن كان ذلك (٩) مجزيا ، بل المعتبر أن لا ينسى كون التالي تكرارا لما مضى ، لأن الشارع لم يقدره (١٠) بقدر ، فيعتبر فيه (١١) ما ذكر (١٢) ، لدلالة العرف عليه.

وليس المراد بجوازه متفرقا أن الحول يجوز تلفيقه (١٣) لو فرض ترك التعريف في بعضه (١٤) ، بل يعتبر اجتماعه (١٥) في حول واحد ، لأنه (١٦) المفهوم منه (١٧) شرعا عند الإطلاق خلافا لظاهر التذكرة حيث اكتفى به (١٨). وبما ذكرناه من

______________________________________________________

(١) ولا يتعين.

(٢) من دون تتمة أيام الأسبوع الأول.

(٣) من دون تتمة أسابيع الشهر الأول.

(٤) إلى آخر الحول.

(٥) من ظهور أن التعريف تكرار لما سبق لا لتعريف لقطة جديدة.

(٦) أي تكرار التعريف.

(٧) خصوصا الأول في مقام الرد على المشهور.

(٨) الأول في مقام الرد على المشهور.

(٩) وهو التكرار في كل يوم إلى آخر الأسبوع الأول إلى آخر ما ذكره المشهور.

(١٠) أي لم يقدر التعريف حولا.

(١١) في التعريف حولا.

(١٢) في كلام الشارح كما يدل العرف على تعريف المشهور أيضا.

(١٣) بناء على عود الضمير في قول الماتن (ولو متفرقا) إلى الحول ، وعليه فيلفق الحول من أيام السنين المتعددة.

(١٤) أي بعض الحول الواحد.

(١٥) أي اجتماع التعريف حولا.

(١٦) أي اجتماع التعريف في حول واحد.

(١٧) من التعريف حولا.

(١٨) بتلفيق الحول من أيام السنين المتعددة.

١٣١

تفسير التفرق صرح في القواعد. ووجوب التعريف ثابت(سواء نوى) الملتقط(التملك أو لا) في أصح القولين (١) ، لإطلاق الأمر به (٢) الشامل للقسمين (٣) ، خلافا للشيخ حيث شرط في وجوبه (٤) نية التملك ، فلو نوى الحفظ لم يجب.

ويشكل باستلزامه (٥) خفاء اللقطة ، وبأن التملك (٦) غير واجب فكيف تجب

______________________________________________________

(١) النصوص قد دلت على وجوب التعريف حولا على ما تقدم.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (واللقطة يجدها الرجل ويأخذها؟ قال عليه‌السلام : يعرّفها سنة ، فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله) (١) وخبر كثير (سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن اللقطة فقال عليه‌السلام : يعرّفها فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإلا حبسها حولا) (٢) ومثلها غيرها.

ومقتضى الأخبار وجوب التعريف بلا فرق بين إرادة التملك وعدمه وهذا ما عليه الأكثر ، وعن الشيخ في مبسوطه أن التعريف واجب إذا نوى التملك ، وإلا فلا ، لأنه مع عدم نية التملك يكون مجهول المالك فيحفظه له أمانة أو يدفعه إلى الحاكم.

وفيه : أولا : أن الأخبار المتقدمة عليه حجة عليه.

وثانيا : عدم وجوب التعريف في مقام الحفظ مستلزم للكتمان المفوّت للمال على مالكه ، فيلزم خفاء اللقطة بالإضافة إلى أنه على تقدير الحفظ فهو مال الغير مأمور بدفعه إليه ، وهو متوقف على تعريفه وسيلة إلى معرفة المالك ، فيجب التعريف من باب المقدمة.

وثالثا : إيجاب التعريف إذا أراد نية التملك لا يتم ، إلا إذا كان التملك واجبا ليثبت الوجوب في مقدمته التي هي التعريف ، مع أن التملك غير واجب فلا تجب مقدمته كما في المسالك.

وفي الأخير ضعف ظاهر إذ وجوب التعريف وجوب شرطي ، بحيث إذا انتفى شرطه من نية التملك ينتفي ، وليس المراد أن التعريف قد وجب لأنه وسيلة للتملك. والأخبار حجة عليه.

(٢) بالتعريف.

(٣) نوى التملك أو لا.

(٤) أي وجوب التعريف.

(٥) أي باستلزام عدم التعريف عند نية الحفظ ، وهو إشكال على الشق الثاني من كلام الشيخ.

(٦) إشكال على الشق الأول من كلام الشيخ.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١ و ٢.

١٣٢

وسيلته (١) وكأنه أراد به (٢) الشرط.

(وهي أمانة) في يد الملتقط(في الحول وبعده (٣) فلا يضمنها لو تلفت بغير تفريط(ما لم ينو التملك فيضمن) بالنية وأن كان (٤) قبل الحول ، ثم لا تعود أمانة لو عاد إلى نيتها (٥) استصحابا لما ثبت (٦) ، ولم تفد نيته الملك في غير وقتها (٧) ، لكن لو مضى الحول مع قيامه بالتعريف وتملكها حينئذ (٨) بني بقاء الضمان ، وعدمه على ما سلف (٩) من تنجيز الضمان ، أو توقفه على مطالبة المالك.

______________________________________________________

(١) وهي التعريف.

(٢) أي بنية التملك وأنها شرط في وجوب التعريف.

(٣) من أحكام اللقطة كونها أمانة شرعية في يد الملتقط مدة الحول ما لم يفرّط أو يتعدّ ، بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وعليه فتلفها في الحول من المالك ، وكونها أمانة بيده في مدة الحول لأنه محسن إلى المالك بحفظ ماله وحراسته ولا سبيل على المحسن. نعم مع التعدي أو التفريط يضمن للعدوان ، ومن التعدي أن ينوي التملك قبل التعريف مع أنه مأمور بنية التملك تخييرا بعد التعريف ، ومن التعدي ترك التعريف مطلقا ، ومع التعدي يكون ضامنا لأنه غاصب لوضع يده على مال الغير بغير إذن المالك ولا الشارع ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنه مأمور شرعا بالتعريف وبنية التملك بعده وقد أخلّ بهما أو بأحدهما.

وعليه فلو كان ضامنا بتعديه لنيته التملك قبل تمام الحول فلو بدا له وتراجع عن نيته وقد نوى الحفظ لصاحبها أو دفعها إلى الحاكم فلا يرتفع عنه حكم الضمان للاستصحاب.

وقد تقدم أنه يضمن لو نوى التملك بعد الحول وتمام التعريف ، وكذا يضمن لو تصدق بها ، نعم لا يضمن لو نوى حفظها لمالكها على ما حرر بيانه سابقا.

(٤) أي نية التملك قبل الحول أو بعده ، أما بعده فللنص وأما قبله فلأنه متعد.

(٥) أي نية الأمانة ، وذلك فيما لو نوى التملك في مدة الحول فإنه ضامن لعدوانه فلو عاد إلى نية الأمانة فيبقى الضمان من باب الاستصحاب.

(٦) من الضمان.

(٧) إذ وقتها بعد الحول وهو قد نوى في أثناء الحول ، فهذه النية في غير وقتها غير كافية في التملك ، إذ المعتبر نية التملك بعد الحول ، فضلا عن أن نية التملك في غير وقتها موجبة للضمان ، لأنها من جملة مصاديق التعدي.

(٨) حين مضي الحول بعد التعريف.

(٩) من قول الشارح (والأقوى أن ضمانها لا يحصل بمجرد التملك أو الصدقة بل بظهور المالك سواء طالبه أم لم يطالب) انتهى.

١٣٣

(ولو التقط العبد (١) عرّف بنفسه (٢) ، أو بنائبه (٣) كالحر(فلو أتلفها) قبل التعريف ، أو بعده(ضمّن بعد عتقه) ويساره كما يضمن غيرها (٤) من أموال الغير التي يتصرف فيها (٥) من غير إذنه (٦) (ولا يجب على المالك (٧) انتزاعها منه (٨) قبل

______________________________________________________

ـ وعليه فعلى قول الأكثر أن الضمان بمجرد نية التملك فيضمن لأنه قد نوى ، وعلى قول الشارح من أنه متوقف على ظهور المالك وعلى قول الشيخ أنه متوقف على مطالبته فلا يضمن هنا حتى يظهر المالك أو يطالب.

هذا كله مبني على كون اللقطة مضمونة على الملتقط أثناء الحول بأن أخذها لقصد التعريف فعرّفها سنة ثم نوى التملك ، ولكن ينافيه ظاهر عبارة الشارح (بني بقاء الضمان وعدمه) حيث إنه ظاهر في كونها مضمونة عليه في أثناء الحول لتعديه من جهة نية التملك في أثنائه.

وعلى هذا التقدير فهي مضمونة عليه على كل حال سواء قلنا بأن الضمان متوقف على نية التملك أو ظهور المالك أو مطالبته فيما لو أحدث نية التملك بعد التعريف حولا من دون تعد ولا تفريط في السابق ، وعليه فعبارته لا تخلو من إشكال.

(١) قد تقدم أن المشهور على جواز التقاط العبد ، فلو التقط بغير إذن المولى فعرّفها سنة لم يجز له التملك بناء على أنه لا يملك شيئا.

ولو أتلفها على هذا التقدير أو تقدير عدم جواز التقاطه تعلق الضمان برقبته ، ويتبع به بعد العتق واليسار كالقرض الفاسد بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(٢) بناء على جواز الالتقاط.

(٣) لأن التعريف الواجب غير مشروط بمباشرة معيّن كما تقدم في الحر.

(٤) غير اللقطة.

(٥) أي التي يتصرف العبد في أموال الغير.

(٦) أي إذن الغير.

(٧) أي مالك العبد.

(٨) من العبد ، هذا واعلم أنه بناء على جواز التقاط العبد ولم يأذن المولى فلو التقطها العبد لا يجب على المولى انتزاعها منه إذا كان العبد أمينا بلا خلاف ولا إشكال فيبقيها في يده إلى أن يعرّفها ثم يفعل بها أحد الأمور الثلاثة ، نعم له أن ينتزعها ويتولى المولى التفريق وباقي الأحكام.

وأما إذا لم يكن العبد أمينا ففي وجوب انتزاعها منه قولان ، ففي المبسوط أنه يجب الانتزاع ولو لم يفعل يضمن المولى لتفريطه بالإهمال لأن يد العبد كيد سيده ومع عدم ـ

١٣٤

التعريف وبعده(وإن لم يكن) العبد(أمينا) لأصالة البراءة من وجوب حفظ مال الغير ، مع عدم قبضه (١) خصوصا مع وجود يد متصرفة (٢).

وقيل : يضمن (٣) بتركها في يد غير الأمين ، لتعديه (٤) ، وهو ممنوع.

نعم لو كان العبد غير مميز فقد قال المصنف في الدروس : إن المتجه ضمان السيد نظرا إلى أن العبد حينئذ (٥) بمنزلة البهيمة المملوكة يضمن مالكها ما تفسده من مال الغير مع إمكان حفظها (٦).

وفيه نظر ، للفرق بصلاحية ذمة العبد لتعلق مال الغير بها (٧) دون الدابة ، والأصل براءة ذمة السيد من وجوب انتزاع مال غيره وحفظه (٨).

نعم لو أذن له (٩) في الالتقاط اتجه الضمان مع عدم تمييزه ، أو عدم أمانته (١٠) إذا قصّر (١١) في الانتزاع قطعا ، ومع عدم التقصير على احتمال من حيث إن يد العبد يد المولى (١٢).

______________________________________________________

ـ أمانته فلو تركها المولى يكون مفرّطا في مال الغير الذي صار بمنزلة ما هو في يده ، ويكون مثله مثل ما لو وجدها فسلّمها إلى الفاسق.

وعن العلامة والشهيدين والمحقق الثاني عدم الضمان ، لأن للعبد ذمة والحال أنه لم يأذن له في الالتقاط مع أصالة براءة ذمة المولى.

(١) أي عدم قبض المولى.

(٢) وهي يد العبد ، وهي متصرفة لأن للعبد ذمة.

(٣) أي المولى.

(٤) أي تعدي المولى بسبب الإهمال.

(٥) حين كونه غير مميز.

(٦) حفظ البهيمة المملوكة.

(٧) بذمة العبد.

(٨) أي من وجوب حفظه.

(٩) أي أذن المولى للعبد.

(١٠) أي أمانة العبد.

(١١) أي قصّر المولى.

(١٢) وهو وجه الضمان عند عدم التقصير كما هو دليل الشيخ في المبسوط.

١٣٥

(ويجوز للمولى التملك (١) بتعريف العبد) مع علم المولى به (٢) ، أو كون العبد ثقة ليقبل خبره (٣) ، وللمولى انتزاعها منه (٤) قبل التعريف وبعده ، ولو تملكها العبد بعد التعريف صح (٥) على القول بملكه ، وكذا يجوز لمولاه (٦) مطلقا.

(ولا تدفع) اللقطة إلى مدعيها وجوبا (٧) (إلا بالبينة (٨) العادلة أو الشاهد

______________________________________________________

(١) في صورة التقاط العبد وقد عرفها حولا فيجوز للمولى التملك إن شاء ويكون الضمان عليه ، لأن كل ما للعبد لو كان حرا فهو لسيده.

(٢) بتعريف العبد.

(٣) أو الاعتماد على قول من يعتمد على خبره لو شهد بتعريف العبد.

(٤) من العبد سواء كان الالتقاط بإذنه أم لا.

(٥) أي صح التملك.

(٦) أي وكذا يجوز للمولى تملك اللقطة بعد التعريف ، بدل تملك العبد سواء قلنا إن العبد يملك أم لا. كما عليه سلطان العلماء ، وكما عليه البعض الآخر أنه يجوز للعبد تملك اللقطة بعد التعريف لمولاه سواء قلنا إن العبد يملك أم لا.

(٧) قيد للمنفي لا للنفي.

(٨) لا يجب أن تدفع اللقطة إلى من يدعيها إلا إذا حصل العلم بأنه المالك فيجب على الملتقط العالم حينئذ.

ومع عدم العلم فلا يجب الدفع إلا بالبينة أو الشاهد واليمين ، لأنهما قائمان مقام العلم شرعا ، فلا تكفي شهادة العادل في وجوب الدفع بلا خلاف في ذلك كله ، فإذا فقدت البينة وادعى وصفا ولو كان خفيا بحيث لا يطلع عليه إلا المالك غالبا فلا يجب الدفع ، وكذا لو ظن صدقه لا يجب الدفع لعدم اعتبار الوصف ولا الظن ، وكذا مع الوصف والظن معا لعدم اعتبارهما شرعا.

نعم لو ادعى وصفا مع حصول الظن بصدقه فالمشهور على جواز الدفع إليه للنبوي (فإن جاء ناعتها فعرف عفاصها ووكائها وعددها فادفعها إليه) (١) ومثله غيره ، وهو محمول على الرخصة لوروده في مقام توهم الخطر.

والعفاص هو الوعاء الذي فيه النفقة جلدا أو خرقة ، والوكاء هو الخيط الذي يشدّ به المال.

وعن الحلي عدم جواز الدفع بالوصف مطلقا لوجوب حفظها حتى تصل إلى مالكها ، ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٨٥.

١٣٦

واليمين(لا بالأوصاف وإن خفيت) بحيث يغلب الظن بصدقه ، لعدم (١) اطلاع غير المالك عليها غالبا كوصف وزنها ، ونقدها ووكائها ، لقيام الاحتمال (٢).

(نعم يجوز الدفع بها) (٣) وظاهره كغيره (٤) جواز الدفع بمطلق الوصف (٥) ، لأن الحكم ليس منحصرا في الأوصاف الخفية وإنما ذكرت (٦) مبالغة ، وفي الدروس شرط في جواز الدفع إليه (٧) ظنّ صدقه لإطنابه (٨) في الوصف ، أو رجحان عدالته ، وهو (٩) الوجه ، لأن مناط أكثر الشرعيات الظن (١٠) ، ولتعذر إقامة البينة غالبا ، فلولاه (١١) لزم عدم وصولها إلى مالكها كذلك (١٢).

وفي بعض الأخبار (١٣) إرشاد إليه ، ومنع ابن إدريس من دفعها بدون البينة ، لاشتغال الذمة بحفظها ، وعدم ثبوت كون الوصف حجة.

والأشهر الأول وعليه (١٤).

______________________________________________________

ـ والواصف ليس مالكا شرعا ولا الظن حجة شرعية ، وفيه أنه اجتهاد في قبال النص ، إلا أن الذي يخفف الخطب أنه لا يعمل بخبر الواحد إذا كان صحيح السند ، فما بالك بالنبوي المنجبر بعمل الأصحاب.

(١) تعليل لغلبة الظن.

(٢) أي احتمال أنها ليست له بعد عدم كون الظن حجة بذاته.

(٣) بالأوصاف.

(٤) أي ظاهر كلام الماتن كظاهر كلام غيره من الفقهاء.

(٥) خفي أم لا.

(٦) أي الأوصاف الخفية.

(٧) إلى المدعي الواصف.

(٨) تعليل لحصول ظن الصدق من أوصافه.

(٩) أي اشتراط ظن الصدق مع الوصف.

(١٠) ويلحق هذا به من باب الإلحاق بالأعم الأغلب.

(١١) أي لو لا الظن بالصدق.

(١٢) أي لتعذر إقامة البينة.

(١٣) كالنبوي المتقدم وغيره.

(١٤) على الأول الأشهر.

١٣٧

(فلو أقام غيره) أي غير الواصف(بها بينة) بعد دفعها إليه (١) (استعيدت منه (٢) ، لأن البينة حجة شرعية بالملك ، والدفع بالوصف إنما كان رخصة وبناء على الظاهر (٣) (فإن تعذر) انتزاعها (٤) من الواصف(ضمن الدافع (٥) لذي البينة مثلها ، أو قيمتها(ورجع) الغارم(على القابض (٦) بما غرمه ، لأن التلف في يده (٧) ولأنه (٨) عاد إلا أن يعترف الدافع له (٩) بالملك فلا يرجع عليه (١٠) لو رجع عليه (١١) لاعترافه (١٢) بكون الأخذ منه (١٣) ظلما ، وللمالك الرجوع على الواصف

______________________________________________________

(١) إلى الواصف.

(٢) لو أخذها الواصف بالوصف ثم قام آخر وأتى بالبينة ، انتزعت من الواصف وأعطيت لصاحب البينة بلا خلاف ولا إشكال ، لأن البينة حجة شرعية توجب لزوم الدفع والوصف يفيد الجواز فلا يعارض البينة ، وعليه فإن كانت تالفة بيد الواصف كان لصاحب البينة العوض وهو بالخيار بين الرجوع على الواصف وعلى الدافع ، أما على الأول فواضح لعموم قاعدة (على اليد) ، وأما على الثاني لأنه مفوّت لحقه بدفعه إلى غير أهله.

هذا وإن رجع صاحب البينة على الواصف ، لم يرجع الواصف على الملتقط ، لأن التلف وقع في يده ، ولأن صاحب البينة ظالم بزعم الواصف فلا يرجع الواصف على غير ظالمه.

وإن رجع صاحب البينة على الملتقط ، رجع الثاني على الواصف ، لأنه مغرور وهو يرجع على من غرّه ، إلا أن يقرّ الملتقط للواصف بالملك فلا رجوع له حينئذ لاعترافه بكذب البينة أو خطائها ، وإلزاما له باعترافه.

(٣) وقد تبين خلافه.

(٤) بالتلف.

(٥) أي الملتقط.

(٦) الذي هو الواصف ، ويرجع لقاعدة (المغرور يرجع على من غرّه).

(٧) في يد القابض الواصف.

(٨) أي لأن القابض الواصف متعد بتغريره.

(٩) للقابض الواصف.

(١٠) فلا يرجع الدافع الملتقط على القابض الواصف.

(١١) أي لو رجع صاحب البينة على الدافع الملتقط.

(١٢) أي اعتراف الدافع الملتقط ، وهو تعليل لعدم رجوع الدافع على القابض عند اعترافه بأنه المالك.

(١٣) من القابض الواصف.

١٣٨

القابض ابتداء فلا يرجع (١) على الملتقط ، سواء تلفت في يده أم لا (٢).

ولو كان دفعها إلى الأول بالبينة ثم أقام آخر بينة حكم الرجوع (٣) بأرجح البينتين عدالة ، وعددا فإن تساويا أقرع ، وكذا لو أقاماها ابتداء (٤) ، فلو خرجت القرعة للثاني انتزعها (٥) من الأول ، وإن تلفت فبدلها مثلا ، أو قيمة ولا شي‌ء على الملتقط إن كان دفعها بحكم الحاكم وإلا ضمن (٦).

ولو كان الملتقط قد دفع بدلها (٧) لتلفها (٨) ثم ثبتت للثاني (٩)

______________________________________________________

(١) أي لا يرجع القابض الواصف.

(٢) لزعمه بأن اللقطة ماله وقد أخذت من يده ظلما بزعمه.

(٣) لو أقام أحدهم بينة فدفعت إليه ثم أقام آخر البينة بها أيضا ، فكلاهما خارج فلا يد ولا أصل لأحدهما حتى تقدم بينة صاحبه ، ومع تعارض بينات الخارجين فإن كانت إحداهما أعدل قدمت ، وإن تساويا عدالة وكانت إحداهما أزيد قدمت أيضا.

وإن تساويا عدالة وعددا أقرع بينهما لانتفاء المرجح لأحدهما ، وحلف الخارج اسمه بالقرعة ، فإن امتنع من اليمين حلف الآخر ، فإن امتنعا قسمت نصفين بينهما ، وهذه هي قاعدة تعارض الخارجين.

وعن المحقق في ظاهر الشرائع الاكتفاء بالقرعة في الحكم لمن خرجت باسمه من دون ضم اليمين ، وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب القضاء.

وعلى كل فلو خرجت القرعة باسم الثاني وقد دفعها الملتقط للأول عند قيام بينته فإن كانت باقية أخذها الثاني ، وإن كانت تالفة فإن كان الملتقط قد دفعها إلى الأول بحكم الحاكم تعين رجوع الثاني على الأول دون الملتقط ، لبراءته منها بعد حكم الحاكم بالدفع.

وإن كان الملتقط قد دفعها إلى الأول باجتهاده تخيّر الثاني في تضمين من شاء من الملتقط والأول ، أما الأول فلاستقرار تلفها في يده ، وأما الملتقط فلتفريطه حيث دفعها بنظره مع أن الحكم بالبينة من وظائف الحاكم.

(٤) من غير تقدم أو تأخر.

(٥) أي انتزع الثاني اللقطة.

(٦) وإن لم يدفعها بحكم الحاكم بل باجتهاده.

(٧) أي دفع بدل اللقطة للأول الذي أقام بنية أولا ، وكان دفع البدل لتلفها أو لظهوره بعد تمام الحول وبعد تملك الملتقط.

(٨) تعليل لدفع البدل.

(٩) لكونه أعدل بينة أو أكثر عددا ، أو خرجت القرعة باسمه ، فهنا يرجع الثاني على الملتقط ـ

١٣٩

رجع (١) على الملتقط ، لأن المدفوع إلى الأول ليس عين ماله (٢) ، ويرجع الملتقط على الأول بما أداه (٣) إن لم يعترف له (٤) بالملك ، لا من حيث البينة (٥) ، أما لو اعترف لأجلها لم يضر ، لبنائه (٦) على الظاهر (٧) وقد تبين خلافه.

(والموجود في المفازة (٨) ...

______________________________________________________

ـ على كل حال سواء كان ما دفعه الملتقط إلى الأول من العوض باقيا أم لا ، وسواء كان قد دفعها إلى الأول بالوصف أم البينة ، لأن المدفوع ليس عين حق المالك ، وإنما هو ثابت في ذمته لا يتعين إلا بالدفع إلى المالك ، وقد ظهر أن المالك هو الثاني ، وظهر أن ما دفعه إلى الأول كان من مال الملتقط فيرجع به عليه إلا أن يعترف له بالملك فلا يرجع عليه لاعترافه بالظلم من الثاني.

(١) أي الثاني.

(٢) أي ليس عين مال الثاني حتى يرجع الثاني على الأول.

(٣) أي بما أداه الملتقط للأول.

(٤) إذا لم يعترف الملتقط للأول.

(٥) أي بينة الأول ، والمعنى فإذا اعترف الملتقط للأول بأنه المالك فلا يرجع عليه ، بشرط أن لا يكون اعترافه بالملك من ناحية بينة الأول ، لأن بينة الأول قد ظهر فسادها لسبب ترجيح بينة الثاني.

(٦) أي بناء الاعتراف.

(٧) أي الظاهر من حال بينة الأول وقد ظهر فسادها بسبب بينة الثاني.

(٨) ما يوجد في مفازة أو خربة قد هلك أهلها فهو لواجده ينتفع به بلا تعريف بلا خلاف فيه في الجملة والمستند فيه صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الدار يوجد فيها الورق فقال عليه‌السلام : إن كانت معمورة ، فيها أهلها ، فهي لهم ، وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به) (١) ومثله صحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (٢) والحكم بأنه لأهل الدار إن كانت معمورة باعتبار أن اليد على الدار إمارة ملكية الدار وما فيها ، ومقتضى الخبرين أنه للواجد من دون تعريف سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، وهذا ما ذهب إليه المحقق في الشرائع وجماعة ، وعن جماعة من المتأخرين تقييده بما إذا لم يكن عليه أثر الإسلام وإلا كانت لقطة جمعا بين ما ذكر وبين خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى عليّ عليه‌السلام في رجل وجد ورقا في خربة : أن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة حديث ١ و ٢.

١٤٠