الزبدة الفقهيّة - ج ٨

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-61-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٤٠٠

(ولا يشترط في الآخذ (١) باسم الفاعل شي‌ء من الشروط المعتبرة في آخذ

______________________________________________________

(١) شروع في شروط واجد الضالة ، هذا وقال الشارح في المسالك : (إن اللقطة فيها معنى الأمانة والولاية والاكتساب ، أما الأمانة والولاية ففي الابتداء ، فإن سبيل الملتقط سبيل الأمناء في مدة التعريف لا يضمن المال إلا بتفريط ، والشرع فوّض إليه حفظه ، كالولي يحفظ مال الصبي ، وأما الاكتساب ففي الانتهاء ، حيث إن له التملك بعد التعريف ، وأما المغلّب منهما ففيه وجهان : أحدهما معنى الأمانة والولاية ، لأنهما ناجزان والملك منتظر ، فيناط الحكم بالحاضر ويبنى الآخر على الأول ، والثاني معنى الاكتساب ، لأنه مآل الأمر ومقصوده فالنظر إليه أولى ، ولأن الملتقط مستقل بالالتقاط ، وآحاد الناس لا يستقلون بالأمانات إلا بائتمان المالك ويستقلون بالاكتساب.

فإذا اجتمع في الشخص أربع صفات : الإسلام والحرية والتكليف والعدالة فله أن يلتقط ويتملك إجماعا ، لأنه أهل الأمانة والولاية والاكتساب ، وإن تخلف بعضها بنى على اعتبار ما ذا ، وجاء فيه الوجهان.

إذا تقرر ذلك فالصبي والمجنون أهل للاكتساب وليسا من أهل الولاية ، وقد حكم الشيخ فيهما بالجواز معللا بأنه اكتساب ، وفيه ترجيح هذا الوجه ، وهو الوجه عملا بالعموم ، كما يصح منه الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد ، ولكن يتولى الولي التعريف حيث يتوقف الأمر عليه ، لأن التعريف أمانة وولاية ، وليسا من أهلهما ، وكذا يلزمه أخذها من يدهما لأن اليد من توابع الأمانة ، فإن تركها في يدهما ضمن الولي ، لأنه يجب عليه حفظ ما يتعلق بهما من المال وحقوقه ، وهذا من حقوقه ، فإذا عرفها اعتمد المصلحة لهما ، فإن رآها في التملك أملكهما وضمنهما إياها ، كما يجوز له أن يقترض عليهما ، لأنها في معنى الاقتراض ، وإن رأى إبقاءها أمانة فعل ـ إلى أن قال ـ والأكثر على ما اختاره الشيخ بل لم ينقل فيه خلاف) انتهى وأما العبد من دون إذن مولاه فالمشهور على جواز التقاطه ، لأن له أهلية الحفظ والائتمان دون الولاية ، وذهب ابن الجنيد إلى المنع لأن الغالب في اللقطة الاكتساب والتملك ولذا جوزوا التقاط الصبي والمجنون لأن لهما أهلية الاكتساب والتملك ، وهو غير قابل للتملك ويؤيده خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأل المحاربي عن المملوك يأخذ اللقطة فقال : ما للمملوك واللقطة ، لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يتعرض لها المملوك) (١) ، ومما تقدم تعرف عدم اشتراط الإسلام ولا العدالة في واجد الضالة ، لأن المدار فيها على أهلية الاكتساب والتملك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١٠١

اللقيط ، وغيرها (١) (إلا الأخذ) بالمصدر بمعنى أنه يجوز التقاطها في موضع الجواز للصغير ، والكبير ، والحر ، والعبد ، والمسلم ، والكافر ، للأصل (٢) (فتقرّ يد العبد) (٣) على الضالة مع بلوغه ، وعقله ، (و) يد(الولي على لقطة غير الكامل) (٤) من طفل ، ومجنون ، وسفيه كما يجب عليه (٥) حفظ ماله (٦) ، لأنه (٧) لا يؤمن على إتلافه (٨) ، فإن أهمل الولي ضمن ، ولو افتقر (٩) إلى تعريف تولاه الولي ثم يفعل (١٠) بعده (١١) الأولى (١٢) للملتقط من تملك وغيره.

(والإنفاق) (١٣) ...

______________________________________________________

ـ والكافر والفاسق من أهل الاكتساب والتملك ، فلذا لا يشترط في الآخذ شي‌ء من الشروط إلا أهلية الاكتساب والتملك فقط.

(١) إلا أهلية التملك والاكتساب.

(٢) من أصالة عدم الاشتراط إلا أهلية الاكتساب والتملك كما عرفت.

(٣) على المشهور وقد عرفت ما فيه.

(٤) فالتقاط غير الكامل صحيح غايته يحفظ وليه المال الملقوط.

(٥) على الولي.

(٦) أي مال غير الكامل.

(٧) أي غير الكامل.

(٨) أي إتلاف مال نفسه.

(٩) أي التقاط غير الكامل.

(١٠) أي الولي.

(١١) بعد التعريف.

(١٢) أي ما فيه المصلحة والغبطة.

(١٣) شروع في أحكام الضالة ، هذا واعلم أن الضالة الممتنعة لا يجوز أخذها ولو أخذها وأنفق عليها فلا يرجع بالنفقة على المالك لأنه تبرع بها لعدوانه ، ومنه تعرف أنه لو أخذ الضالة الممتنعة أو غيرها من العمران وأنفق عليها فلا يجوز له الرجوع بالنفقة على المالك ، لأنه متعد بالأخذ ، إذ الأخذ محرم ، ومع تعديه يكون متبرعا بالنفقة فلا يرجع ولا يبقى إلا الضالة غير الممتنعة كالشاة المأخوذة في الفلاة فأخذها جائز ، فلو أخذها فهو مخيّر بين تملكها وبين حفظها للمالك ، وعلى تقدير حفظها فتحتاج إلى النفقة ، فإن وجد الحاكم رفع أمره إليه ليعطيه من بيت المال المعدّ لمصالح المسلمين ، وهذا منها ، أو يأمره بالإنفاق ـ

١٠٢

على الضالة (١) (كما مر) في الإنفاق على اللقيط من أنه مع عدم بيت المال والحاكم ينفق (٢) ويرجع مع نيته (٣) على أصح القولين لوجوب حفظها ولا يتم (٤) إلا بالإنفاق ، والإيجاب (٥) إذن من الشارع فيه (٦) فيستحقه (٧) مع نيته (٨).

______________________________________________________

ـ مع الرجوع على المالك ، لأن الحاكم ولي الغائب فيكون إذن الحاكم بالإنفاق كإذن المالك.

ومع فقد الأمرين فيجب على الواجد الإنفاق على الضالة من ماله حفظا لنفسها المحترمة ، ويجوز له أن يرجع بالنفقة على المالك عند ظهوره مع نية الرجوع على المشهور ، للإذن في الالتقاط شرعا وهو يقتضي الرجوع ، وإلا لو أذن له بالالتقاط ومنعه من الرجوع بالنفقة بعد إيجاب النفقة عليه فيكون قد أضره وأحرجه ، والضرر والحرج منفيان في الشريعة ، هذا فضلا عن التأييد بصحيح أبي ولّاد المتقدم في الغصب : (جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال عليه‌السلام : لا ، لأنك غاصب) (١) ومقتضاه رجوع غير الغاصب بما أنفق ، وليس عدم رجوع الغاصب بما أنفق إلا لحرمة الأخذ ، وليس رجوع غيره إلا لجواز الأخذ ، ومقامنا من الثاني.

وعن ابن إدريس عدم جواز الرجوع بالنفقة على المالك ولو نوى الرجوع ، لوجوب حفظ الضالة على واجدها بعد أخذها ، المستلزم لوجوب الإنفاق عليه ، وما كان واجبا لا يجوز أخذ العوض عليه ، وبأنه إنفاق على مال الغير بغير إذنه فيكون متبرعا فكيف يرجع؟

وفيه أما الأول فمنع كلية أخذ العوض عن كل واجب ، بل الممنوع أخذ الأجرة والعوض عن الواجب العبادي فقط ، وأما الثاني فإذن الشارع قائم مقام إذن المالك فهو غير متبرع حينئذ.

(١) التي يجوز أخذها ، وأما غيرها فقد تقدم الكلام فيه.

(٢) أي الواجد.

(٣) أي نية الرجوع.

(٤) أي الحفظ الواجب.

(٥) أي إيجاب الحفظ.

(٦) في الإنفاق.

(٧) أي فيستحق الواجد الرجوع.

(٨) أي مع نية الرجوع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب الإجارة حديث ١.

١٠٣

وقيل : لا يرجع هنا (١) ، لأنه (٢) إنفاق على مال الغير بغير إذنه فيكون (٣) متبرعا. وقد ظهر ضعفه (٤) ، ولا يشترط الإشهاد على الأقوى ، للأصل (٥) (ولو انتفع) الآخذ بالظهر (٦) ، والدرّ (٧) ، والخدمة (٨) (قاصّ) (٩) المالك بالنفقة ، ورجع ذو الفضل بفضله.

وقيل : يكون الانتفاع بإزاء النفقة مطلقا (١٠). وظاهر الفتوى جواز الانتفاع لأجل الإنفاق (١١) ، سواء قاصّ أم جعله عوضا(ولا يضمن) الآخذ الضالة حيث يجوز له أخذها (١٢) (إلا بالتفريط) والمراد به (١٣) ما يشمل التعدي (١٤) (أو قصد)

______________________________________________________

(١) في الإنفاق على الضالة التي يجوز أخذها.

(٢) أي الإنفاق على الضالة.

(٣) أي الواجد المنفق.

(٤) لأن إذن الشارع قائم مقام إذن المالك ، وقد أذن الشارع بإيجابه الحفظ والإنفاق.

(٥) أي أصالة البراءة ، وقد خالف بعض العامة للنبوي ، وقد ذكر في بحث اللقيط فراجع.

(٦) أي بالركوب.

(٧) أي باللبن.

(٨) فلو كان للضالة نفع كالظهر واللبن والخدمة فهو للواجد المنفق في قبال نفقته عليها كما عن الشيخ في النهاية لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الظهر يركب والدرّ يشرب ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة إذا كان مرهونا) (١).

وفيه أنه ضعيف السند مع عدم الجابر له ، فلذا ذهب المشهور إلى أنه ينظر في النفقة وفي قيمة المنفعة ويتقاصان فلا يظلم أحدهما الآخر ، وهو ما يقتضيه العدل وحكم العقل.

(٩) ضمير الفاعل راجع للمنفق.

(١٠) بلا رجوع في الفضل والزيادة.

(١١) قال الشارح في المسالك : (ظاهر كلام الشيخ وغيره جواز الانتفاع بالظهر واللبن سواء قلنا بكونه بإزاء النفقة أم قلنا بالتقاص) انتهى ، ووجهه أن الانتفاع هنا حفظ لمنفعة مال الغير من التلف ، لأنه لو لم ينتفع بها الواجد لذهبت من دون عوض لها.

(١٢) لا تضمن الضالة ـ حيث يجوز أخذها ـ إذا أخذها بنية الحفظ لمالكها ، لأنها حينئذ أمانة شرعية عنده ، بعد إذن الشارع له بالأخذ ، نعم مع التفريط أو التعدي يضمن لعدوانه بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(١٣) أي بالتفريط الذي هو أمر عدمي بحسب معناه.

(١٤) الذي هو أمر وجودي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب الرهن حديث ٢.

١٠٤

(التملك (١) في موضع جوازه (٢) ، وبدونه (٣) ولو قبضها (٤) في غير موضع الجواز (٥) ضمن (٦) مطلقا (٧) ، للتصرف في مال الغير عدوانا (٨).

(الثالث في لقطة المال (٩)

غير الحيوان مطلقا (١٠) (وما كان منه (١١) في الحرم حرم أخذه (١٢) بنية

______________________________________________________

(١) حيث يجوز أخذ الضالة فلو أخذها بنية التملك فيضمن على الخلاف المتقدم ، وقد قوينا الضمان للأخبار الواردة في ذلك فراجع.

(٢) أي جواز قصد التملك كالضالة غير الممتنعة المأخوذة من الفلاة.

(٣) أي بدون التفريط ، وإلا فمع التفريط فيضمن من هذه الجهة وإن لم يقصد التملك. وهذا ما عليه سلطان العلماء ، وقد فسّر الآقا جمال قول الشارح (وبدونه) أي بدون قصد التملك فهو ضامن ، لأنه مال للغير فيندرج تحت عموم قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ، ولا يرفع اليد عنها إلا إذا كان محسنا وأمينا ، ولا يكون محسنا إلا إذا أخذها بنية الحفظ لمالكها ، والمفروض عدم نية الحفظ وإن لم يقصد نية التملك.

وكلا التفسيرين صحيح إلا أن الثاني أولى ، لأن إرجاع الضمير في قول الشارح إلى قصد التملك أقرب من إرجاعه إلى التفريط.

(٤) أي قبض الضالة.

(٥) وهي الضالة الممتنعة في الفلاة ، ومطلق الضالة في العمران.

(٦) تقدم الكلام فيه في موارده فلا نعيد.

(٧) سواء قصد التملك أم لا ، وسواء قصد نية الحفظ أم لا ، وسواء فرّط أم لا.

(٨) والعدوان ناشئ من حرمة الأخذ.

(٩) وهي المال الصامت الضائع ولا يد لأحد عليه ويسمى باللقطة ، وهو المتبادر منها لغة وعرفا.

(١٠) سواء كان آدميا أم غيره.

(١١) من المال.

(١٢) قال الشارح في المسالك : (اختلف الأصحاب في لقطة الحرم على أقوال منتشرة حتى من الرجل في كتاب واحد) انتهى ، وما هذا شأنه فلا بد من ملاحظة الأدلة الواردة فيه من دون النظر إلى كلام الفقهاء ، وعلى كل فقد استدل للحرمة بقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّٰا جَعَلْنٰا حَرَماً آمِناً) (١) ومقتضاه أن يكون الإنسان آمنا على نفسه وماله ، وهو ينافي جواز ـ

__________________

(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٧.

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أخذه على تقدير ضياعه وبجملة من النصوص :

منها : صحيح الفضيل بن يسار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يجد اللقطة في الحرم قال : لا يمسّها ، وأما أنت فلا بأس ، لأنك تعرّفها) (١) ، وخبره الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن لقطة الحرم فقال : لا تمسّ أبدا حتى يجي‌ء صاحبها فيأخذها ، قلت : فإن كان مالا كثيرا؟ قال : فإن لم يأخذها إلا مثلك فيعرّفها) (٢) ، وخبر علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه ، قال : بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه ، قلت : قد أبتلي بذلك ، قال : يعرّفه ، قلت : فإنه قد عرّفه فلم يجد له باغيا ، فقال : يرجع إلى بلده فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين فإن جاء طالبه فهو له ضامن) (٣) ، ومرسل إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن الماضي ـ أي العسكري ـ عليه‌السلام (لقطة الحرم لا تمسّ بيد ولا رجل ، ولو أن الناس تركوها لجاء صاحبها فأخذها) (٤) ، وخبر يعقوب بن شعيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن اللقطة ونحن يومئذ بمنى فقال : أما بأرضنا هذه فلا يصلح ، وأما عندكم فإن صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كل مجمع ، ثم هي كسبيل ماله) (٥).

هذا والآية المتقدمة لا تدل على المنع من الأخذ ، لأن المراد من الآمن إما الآمن في الدنيا أو الآخرة وعلى كل فلا ينافي جواز الالتقاط مع البناء على التعريف ، وأما الأخبار فبعد ضعف سند بعضها بالشهرة فهي محمولة على الكراهة لجملة من القرائن فيها كقوله عليه‌السلام في خبر يعقوب بن شعيب المتقدم (أما بأرضنا هذه فلا يصلح) ، وقوله عليه‌السلام في خبر علي بن أبي حمزة المتقدم (ما كان ينبغي له أن يأخذه) وقوله عليه‌السلام في صحيح الفضيل المتقدم (وأما أنت فلا بأس لأنك تعرفها) هذا والأقوال في المسألة بين قائل بالحرمة مطلقا من غير فرق بين الدرهم والأزيد ، وبين نية التعريف وعدمها وبنية التملك وعدمها ، وبين قائل بالكراهة كذلك ، وبين قائل بالتفصيل بين الأقل من الدرهم فيجوز بدون كراهة وبين غيره فيكره أو يحرم ، وبعض من قال بالحرمة خصه بالملتقط الفاسق دون العادل ، هذا والمشهور على عدم جواز التقاطها بنية ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٥ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللقطة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

١٠٦

التملك مطلقا قليلا (١) كان أم كثيرا ، لقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّٰا جَعَلْنٰا حَرَماً آمِناً) (٢) ، (وللأخبار) الدالة على النهي عنه (٣) مطلقا (٤) ، وفي بعضها عن الكاظم عليه‌السلام ، «لقطة الحرم لا تمسّ بيد ، ولا رجل ولو أن الناس تركوها لجاء صاحبها وأخذها». وذهب بعضهم إلى الكراهة مطلقا (٥) استضعافا لدليل التحريم ، أما في الآية فمن حيث الدلالة (٦) ، وأما في الخبر فمن جهة السند (٧). واختاره (٨) المصنف في الدروس وهو أقوى.

(و) على التحريم(لو أخذه حفظه لربه (٩) ، وإن تلف بغير تفريط لم)

______________________________________________________

ـ التملك للنبوي (لا تحلّ لقطتها ـ أي مكة زادها الله شرفا ـ إلا لمنشد) (١) أي معرّف ، وفي نبوي آخر (لا يحلّ ساقطها إلا لمنشد) (٢) بلا فرق بين القليل والكثير والدرهم وما زاد عنه ، وعن أبي الصلاح الحلبي جواز التملك للقليل والكثير منها بعد التعريف استضعافا للنبويين لأنهما من مرويات العامة بعد الاعتماد على الأخبار المتقدمة الدالة على جواز الالتقاط ، وعن المحقق في الشرائع لم يجوّز الالتقاط بنية التملك للكثير للنبويين ، وأما القليل فيجوز للأخبار المتقدمة الدالة على جواز الالتقاط.

(١) تفسير للإطلاق.

(٢) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٧.

(٣) عن أخذ لقطة الحرم.

(٤) قليلا كان أو كثيرا.

(٥) قليلا كان أو كثيرا.

(٦) لأن كونه آمنا في الدنيا أو الآخرة ، لا ينافي جواز التقاط اللقطة بنية التعريف.

(٧) في الغالب ، وإلا فقد عرفت أن خبر الفضيل بن يسار الأول صحيح ، والموجب لحملها على الكراهة اشتمالها على قرائن تفيد ذلك فراجع.

(٨) أي الحكم بالكراهة.

(٩) أي لمالكه ، هذا واعلم أنه على تقدير الأخذ سواء قلنا بحرمته أو كراهته ، فيجب عليه التعريف سنة ثم هو بالخيار بين إبقائها في يده أمانة وبين التصدق بها عن المالك ، وعلى تقدير ظهور المالك فهل يضمن أو لا ، فالمشهور على الضمان لدلالة خبر ابن أبي حمزة المتقدم عن العبد الصالح عليه‌السلام (سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه ، قال : بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه ، فقلت: قد ابتلي بذلك ، قال : يعرّفه ، قلت : ـ

__________________

(١ و ٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٩٩.

١٠٧

(يضمن) ، لأنه (١) يصير بعد الأخذ أمانة شرعية.

ويشكل ذلك (٢) على القول بالتحريم ، لنهى الشارع عن أخذها فكيف يصير أمانة منه (٣) ، والمناسب للقول بالتحريم ثبوت الضمان مطلقا (٤) (وليس له تملكه) (٥) قبل التعريف ، ولا بعده(بل يتصدق به بعد التعريف) حولا عن مالكه ،

______________________________________________________

ـ فإنه قد عرّفه فلم يجد له باغيا ، فقال : يرجع إلى بلده فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين ، فإن جاء طالبه فهو له ضامن) (١) ، ولأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه خصوصا على القول بتحريم الالتقاط.

وعن المحقق وجماعة عدم الضمان بل نسب إلى المشهور أيضا. للإذن في الصدقة شرعا فلا يتعقبه الضمان ، وفيه أنه على القول بالتحريم يجب أن تكون مضمونة عليه للعدوان بأخذها ، ومنه تعرف أنه ضامن لو تلفت بغير تفريط تحت يد الملتقط ، ولكن الأصحاب أطلقوا القول بكونها أمانة بيده قال في المسالك : (ولكن أطلق القول بكونها أمانة من حرّم الالتقاط ومن جوزه) انتهى ، ومقتضى أمانتها عدم الضمان على تقدير التلف من دون تفريط.

وفيه ما قد عرفته أن يده يد عادية لعدم الاذن بالالتقاط على تقدير حرمته ، فالضمان أقوى.

(١) أي لأن ما أخذ من الحرم.

(٢) أي عدم الضمان.

(٣) من الشارع ، وفيه عدم التنافي بين حرمة أخذها ابتداء لأنها لقطة من الحرم وبين كونها أمانة شرعية بعد الأخذ لوجوب حفظها لمالكها ، هذا وكان على الشارح في مقام الاستشكال على عدم الضمان القول بأن يده يد عادية لحرمة الأخذ فيضمن على تقدير التلف بتفريط أو غيره.

(٤) بتفريط أو غيره.

(٥) أي تملك ما أخذ من الحرم ، هذا والحكم في لقطة الحرم على تقدير أخذها سواء قلنا بحرمة الالتقاط أم بكراهته هو تعريفها حولا فإن جاء صاحبها دفعها إليه لخبر علي بن أبي حمزة المتقدم (قلت : قد ابتلي بذلك قال : يعرّفه) (١) وخبر إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اللقطة لقطتان : لقطة الحرم وتعرّف سنة فإن وجدت صاحبها وإلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٣.

١٠٨

سواء قلّ أم كثر ، لرواية علي بن حمزة (١) عن الكاظم عليه‌السلام قال : سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال : «بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه ، قال : قلت قد ابتلى بذلك قال «يعرّفه» قلت : فإنه قد عرّفه فلم يجد له باغيا فقال : «يرجع إلى بلده فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين فإن جاء طالبه فهو له ضامن».

وقد دلّ الحديث بإطلاقه على عدم الفرق بين القليل ، والكثير في وجوب تعريفه مطلقا (٢) ، وعلى تحريم الأخذ (٣) ، وكذلك (٤) على ضمان المتصدق لو كره

______________________________________________________

ـ تصدقت بها ، ولقطة غيرها تعرّف سنة فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك) (١) ، وخبر محمد بن رجاء (كتبت إلى الطيب عليه‌السلام : إني كنت في المسجد الحرام فوجدت دينارا فأهويت لأخذه فإذا أنا بآخر ، فنحّيت الحصا فإذا أنا بثالث فأخذتها فعرّفتها فلم يعرفها أحد ، فما ترى في ذلك؟ فكتب : فهمت ما ذكرت من أمر الدنانير ، فإن كنت محتاجا فتصدق بثلثها ، وإن كنت غنيا فتصدق بالكل) (٢).

ولا يعارضها مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (وإن وجدت في الحرم دينارا مطلّسا فهو لك لا تعرفه) والمطلّس هو الذي لا نقش فيه ، ولا يصلح للمعارضة لضعف سنده بالإرسال.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمقتضى الأخبار المتقدمة وجوب التصدق بلقطة الحرم بعد التعريف على تقدير عدم ظهور المالك وهو ظاهر المقنع والمقنعة والنهاية والمراسم ، إلا أن المشهور على التمييز بين التصدق بها وبين إبقائها أمانة شرعية في يده جمعا بين الأخبار المتقدمة وبين أصالة بقاء الملك على مالكه. وعلى كل فلا يجوز تملكها بعد التعريف على المشهور للأخبار المتقدمة ، وخالف في ذلك أبو الصلاح الحلبي فجوّز التملك ، القليل منها أو الكثير ، وذهب المحقق وجماعة إلى جواز التملك في القليل دون الكثير ، وقد تقدم الكلام فيه فراجع.

(١) وفي الوسائل ابن أبي حمزة.

(٢) بلا فرق بين القليل والكثير.

(٣) أي والحديث قد دل على تحريم الأخذ ، وقد عرفت أنه ظاهر بالكراهة لقوله عليه‌السلام (ما كان ينبغي له).

(٤) أي ويدل الحديث على ضمان.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٤ و ٧.

١٠٩

المالك ، لكن ضعف سنده يمنع ذلك كله.

والأقوى ما اختاره المصنف في الدروس من جواز تملك ما نقص عن الدرهم (١) ، ووجوب تعريف ما زاد كغيره (٢).

(وفي الضمان) لو تصدق به (٣) بعد التعريف وظهر المالك فلم يرض بالصدقة(خلاف) (٤) منشؤه من دلالة (٥) الخبر السالف (٦) على الضمان ، وعموم (٧) قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «على اليد ما أخذت حتى تؤدي (٨)» ومن إتلافه (٩) مال الغير بغير إذنه ، ومن كونه (١٠) أمانة قد دفعها بإذن الشارع فلا يتعقبه الضمان ، ولأصالة (١١) البراءة. والقول بضمان ما يجب تعريفه (١٢) أقوى (١٣) (ولو أخذه بنية الإنشاد) والتعريف(لم يحرم (١٤) وإن كان كثيرا ، لأنه محسن ، والأخبار الدالة على التحريم مطلقة (١٥) ، وعمل بها الأكثر مطلقا ، ولو تمت لم يكن التفصيل (١٦) جيدا (١٧).

______________________________________________________

(١) من دون تعريف.

(٢) أي كغير المأخوذ من الحرم.

(٣) بالمأخوذ من الحرم.

(٤) قد تقدم في شرحنا الكلام فيه.

(٥) دليل الضمان.

(٦) وهو خبر علي بن أبي حمزة.

(٧) دليل ثان على الضمان.

(٨) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٥.

(٩) دليل ثالث على الضمان.

(١٠) دليل عدم الضمان.

(١١) دليل ثان على عدم الضمان.

(١٢) وهو ما زاد عن الدرهم.

(١٣) بل الأقوى ضمان مطلق لقطة الحرم على تقدير عدم جواز الالتقاط للعدوان ، وعلى تقدير القول بالكراهة فالضمان لخبر علي بن أبي حمزة المتقدم.

(١٤) بل ظاهر دليل الشارح الآتي أنه بلا كراهة.

(١٥) أي غير مقيدة بنية التملك أو الإنشاء.

(١٦) بين نية التملك فيحرم الأخذ ، وبين نية الإنشاء فيجوز.

(١٧) بل التفضيل جيد ، لأن هذه الأخبار محمولة على الكراهة كما عرفت فيكره الأخذ بنية الإنشاء ، وأما مع نية التملك فمحرم لأن النصوص قد صرحت بالتصدق فقط.

١١٠

(ويجب تعريفه (١) حولا على كل حال) قليلا كان أم كثيرا أخذه بنية الإنشاد أم لا ، لإطلاق الخبر السالف (٢) وقد عرفت ما فيه (٣) (وما كان في غير الحرم يحل منه) ما كان من الفضة(دون الدرهم) أو ما كانت قيمته دونه (٤) لو كان من غيرها (٥) (من غير تعريف (٦) ، ولكن لو ظهر مالكه وعينه باقية وجب

______________________________________________________

(١) أي تعريف ما أخذ من الحرم.

(٢) وهو خبر علي بن أبي حمزة ، وغيره وقد تقدم.

(٣) أي ما فيه من ضعف السند.

(٤) أي دون الدرهم.

(٥) من غير الفضة.

(٦) لقطة غير الحرم إن كانت دون الدرهم جاز تملكها بلا تعريف بلا خلاف فيه لمرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (أفضل ما يستعمله الإنسان في اللقطة إذا وجدها أن لا يأخذها ولا يتعرض لها ، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه ، وإن كانت اللقطة دون درهم فهي لك فلا تعرّفها ، وإن وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه) (١) ، ومرسل محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن اللقطة؟ قال : تعرّف سنة قليلا كان أو كثيرا ، قال : وما كان دون الدرهم فلا يعرّف) (٢).

وهذه الأخبار كما تدل على عدم تعريف ما دون الدرهم تدل على أنه لواجده لظاهر اللام المفيدة للتمليك في قوله عليه‌السلام (فهو لك) ، ولازم التمليك عدم الضمان فلا يغرّم الواجد للمالك على تقدير التلف ، ولا يردّ العين مع بقائها وهذا ما عليه المشهور.

وعن العلامة في القواعد والفخر في الإيضاح والمقداد في التنقيح وسيد الرياض الضمان لضعف سند المرسل بعد عدم ظهوره في التمليك لخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه ، فإذا جاء طالبه رده إليه) (٣) فهو قد حكم بالضمان برد العين إلى مالكها بعد حكمه بأنها للواجد ، وهذا دليل على أن اللام غير مفيدة للتمليك بل للاستحقاق.

ثم هل يختص الحكم بما دون الدرهم كما هو ظاهر الخبرين المتقدمين ، وهذا ما عليه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢.

١١١

رده (١) عليه على الأشهر ، وفي وجوب عوضه مع تلفه قولان : مأخذهما : أنه (٢) تصرف شرعي فلا يتعقبه ضمان. وظهور (٣) الاستحقاق.

(وما عداه) وهو ما كان بقدر الدرهم (٤) أو أزيد منه عينا (٥) ، أو قيمة (٦) (يتخير الواجد فيه بعد تعريفه (٧) ...)

______________________________________________________

ـ المشهور فالدرهم يجب تعريفه كالزائد ، أم يشمل الحكم الدرهم ، فالدرهم كدون الدرهم لا يجب تعريفه كما عن سلّار وابن حمزة وابن البراج ، وقال في الجواهر : (ولم نقف لهم على دليل ، وإن قال في النافع : فيه روايتان ، إلا أنا لم نتحقق الرواية الدالة على عدم تعريفه) انتهى.

(١) أي ردّ ما دون الدرهم.

(٢) أي إتلافه بعد تملكه ، وهو دليل عدم الضمان.

(٣) دليل الضمان ، لأنه أتلف مال الغير بغير إذنه فيضمنه ، وإذن الشارع له بالالتقاط والانتفاع لا ينافي الضمان.

(٤) قد عرفت الخلاف فيه.

(٥) إذا كان من جنس الفضة.

(٦) إذا كان من غير الفضة.

(٧) إذا زادت اللقطة عما دون الدرهم فيجب تعريفها حولا بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (واللقطة يجدها الرجل ويأخذها ، قال عليه‌السلام : يعرّفها سنة فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله) (١) ، وخبر الحسين بن كثير عن أبيه (سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن اللقطة؟ فقال : يعرّفها ، فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإلا حبسها حولا) (٢) ، وغيرها كثير.

نعم ورد في خبر أبان بن تغلب قال : (أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فقال لي : أين أصبت ذلك؟ فقلت له : كنت منصرفا إلى منزلي فأصبتها ، فقال عليه‌السلام : صر إلى المكان الذي أصبت فيه فعرّفه ، فإن جاء طالبه بعد ثلاثة أيام فأعطه وإلا فتصدق به) (٣) إلا أنه مطروح لعدم صلاحيته لمعارضة ما تقدم.

هذا ولا يشترط التوالي في التعريف سنة ، وللتوالي المحكوم بعدم وجوبه تفسيران :

الأول : استيعاب وقت الحول بالتعريف ، ولا خلاف ولا إشكال في عدم وجوبه لصدق ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١ و ٢ و ٧.

١١٢

(حولا) (١) عقيب (٢) الالتقاط مع الإمكان متتابعا بحيث (٣) يعلم السامع أن التالي تكرار لمتلوه (٤) ، وليكن (٥) في موضع الالتقاط مع الإمكان أن كان بلدا ، ولو كان

______________________________________________________

ـ التعريف سنة على غيره.

الثاني : أن يعرّفها كل شهر ، وهذا لا إشكال ولا خلاف في عدم وجوبه إذ يجوز أن يعرّف شهرين ويترك شهرين كما صرح بذلك غير واحد كما في الجواهر ، بل الضابط في تعريف السنة هو الرجوع إلى العرف ، كما هو الشأن في كل عنوان قد أخذ موضوعا للحكم ولم يبينه الشارع ، إلا أن المشهور على ما قيل هو الابتداء بالتعريف في كل يوم إلى سبعة أيام ، ثم في بقية الشهر في كل أسبوع مرة ، ثم في كل شهر مرة إلى آخر الحول.

ولكن التقيد بهذا التفسير مشكل بعد قول الشارح في المسالك : (وقد اعتبر العلماء فيه أن يقع على وجه لا ينسى أن الثاني تكرار لما مضى ، ويتحقق ذلك بالتعريف في الابتداء في كل يوم مرة أو مرتين ثم في كل أسبوع ، ثم في كل شهر) انتهى. فإذا كان المدار في التعريف أن يقع على وجه لا ينسى فيكفي التعريف في كل أسبوع مرة ، والأولى منه إيكال الأمر إلى العرف ، وهذا ما فعله الشارح في الروضة هنا هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب الابتداء بالتعريف حين الالتقاط مع الإمكان لقوله عليه‌السلام في خبر محمد بن مسلم (سألته عن اللقطة قال : لا ترفعوها فإن ابتليت فعرّفها سنة) (١) والفاء قاضية بالفورية مضافا إلى اقتضاء العرف للاتصال فيما عيّن ابتداؤه ، خلافا لبعض الشافعية فلم يوجب الابتداء بالتعريف حين الالتقاط ، وهو ضعيف بما سمعت.

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) قد تقدم الكلام فيه أيضا.

(٣) تفسير للتتابع.

(٤) وهذا إيكال التتابع إلى العرف ، ولم يفسره بأن يعرفه في كل يوم مرة إلى أسبوع ثم في كل أسبوع إلى تمام الشهر ثم في كل شهر إلى آخر الحول كما عليه المشهور.

(٥) أي التعريف هذا وقد بحث في مكان التعريف وزمانه والمعرّف وكيفية التعريف.

أما مكانه فالتعريف في موضع الالتقاط على نحو الوجوب لخبر أبان بن تغلب المتقدم (أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك؟ فقال : أين أصبته؟ قال : قلت له : كنت منصرفا إلى منزلي فأصبتها فقال : صر إلى المكان الذي أصبت فيه ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٣.

١١٣

برية عرف من يجده فيها ثم أكمله (١) إذا حضر في بلده (٢) ، ولو أراد السفر قبل

______________________________________________________

ـ فعرّفه) (١) ، ولازمه أنه لا يجوز أن يسافر بها فيعرفها في بلد آخر ، بل لا بدّ من تمام الحول في موضع الالتقاط فلو أراد السفر فوّض التعريف إلى غيره كما عن التذكرة للعلامة وصاحب الجواهر ، ومنه تعرف ضعف ما ذهب إليه العلامة في القواعد وتبعه المحقق الثاني في جامعه والشارح في مسالكه وروضته هنا من أنه لو التقطه في بلد الغربة جاز أن يسافر بها إلى بلده بعد التعريف في بلد اللقطة ثم يكمل الحول في بلده ، لعدم الدليل عليه بل الدليل على إتمام الحول في التعريف في موضع الالتقاط ولو بالاستنابة كما لا يجوز أن يسافر بها من بلده إلى غيره إذا كان بلده هو موضع الالتقاط هذا كله إذا كان قد وجدها في بلد ما ، وأما لو وجدها في صحراء أو برية عرّف من يجده فيها وأتمه في أقرب البلدان إليها فالأقرب إلا أن يكون شاهد الحال على خصوص بعضها فليقتصر عليه.

وأما زمانه فلا فرق في الحول بين الليل والنهار ، وفي القواعد حصره بالنهار فقط وكذا في المبسوط لأنه المتبادر من الأخبار ، وهو ممنوع.

نعم لا بد أن يكون التعريف في وقت اجتماع الناس وبروزهم ، لأن الغرض من التعريف رجاء الظفر بالمالك ، فلذا لا يصح التعريف في كل وقت ولا في كل مكان ولا في كل حال ، لأن الأزمنة والأمكنة تختلف اختلافا كثيرا فليكن عند اجتماع الناس في المكان والزمان المأذون فيهما ، ويؤيده جملة من الأخبار :

منها : خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (فإنه ينبغي أن يعرّفها سنة في مجمع) (٢) ، وخبر سعيد بن عمرو الجعفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اتق الله عزوجل وعرّفه في المشاهد) (٣) ، وأما كيفية التعريف بأن يقول من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب أو ما شاكل ذلك من الألفاظ الدالة على جنس اللقطة ، ولو أوغل في الإبهام كان أحوط لئلا يشيع أمرها لو ذكر جميع أو غالب أوصافها فيدعيها من لا يستحقها ، نعم لا يكفيه في مقام التعريف بأن يقول : عندي لقطة ويقتصر عليها ، لعدم الفائدة في هذا القول.

(١) أي أكمل التعريف.

(٢) أي بلد الملتقط ، وفيه : إنه قد عرفت لابدية التعريف في أقرب البلدان إليها لا في بلد الملتقط.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١١٤

التعريف في بلد الالتقاط (١) أو إكماله (٢) فإن أمكنه الاستنابة فهي (٣) أولى (٤) ، وإلا (٥) عرفه في بلده (٦) بحيث يشتهر خبره ، ثم يكمله (٧) في غيره (٨) ، ولو أخره (٩) عن وقت الالتقاط اختيارا أثم (١٠) واعتبر الحول من حين الشروع (١١) ، ويترتب عليه (١٢) أحكامه (١٣) مطلقا (١٤) على الأقوى (١٥) ويجوز التعريف(بنفسه (١٦) ، وبغيره) ، لحصول الغرض بهما ، لكن يشترط في النائب العدالة أو

______________________________________________________

(١) إذا كان بلد الغربة بالنسبة للملتقط.

(٢) عطف على قوله (التعريف) والمعنى لو أراد السفر قبل إكمال التعريف.

(٣) أي الاستنابة.

(٤) بل متعينة لما عرفته من لابدية التعريف تمام الحول في موضع الالتقاط.

(٥) أي وإن لم يمكنه الاستنابة.

(٦) أي بلد الالتقاط الذي هو بلد الغربة.

(٧) أي يكمل التعريف.

(٨) أي غير بلد الالتقاط.

(٩) أي أخّر التعريف.

(١٠) لوجوب المبادرة إلى التعريف عقيب الالتقاط ، وقد تقدم الكلام فيه.

(١١) أي الشروع في التعريف.

(١٢) على التعريف.

(١٣) من صحة تملك اللقطة بعد تعريفها سنة أو حفظها أمانة أو التصدق بها.

(١٤) سواء اتصل التعريف بالالتقاط أم لا.

(١٥) وعلّله الشارح في المسالك : (لتعليق الحكم بالتمليك في النصوص على التعريف حولا ، الصادق بالواقع بعد الالتقاط على الفور بعده ، وقيل : لا يصح تملكها إلا مع المبادرة إلى التعريف في الحول الأول لقوله عليه‌السلام في صحيحة محمد بن مسلم : فإن ابتليت بها فعرّفها سنة ، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك ، والفاء تدل على التعقيب بغير مهلة ، فيكون جعلها ـ أي اللقطة ـ في جملة ماله موقوفا على التعريف الواقع بعد ابتلائه بها بغير فصل) انتهى موضع الحاجة من كلامه.

والأقوى الثاني لأن التملك على خلاف الأصل فإذا فرض كون الثابت من التملك هو حال الفورية يبقى غيره على مقتضى أصالة عدم التملك.

(١٦) أي بنفس الملتقط ، هذا واعلم أن الغرض من التعريف الواجب هو إظهار اللقطة وإشاعة خبرها ليظهر مالكها فلا يتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معين فيجوز أن يتولى الملتقط ـ

١١٥

الاطلاع (١) على تعريفه (٢) المعتبر (٣) شرعا إذ لا يقبل إخبار الفاسق(بين (٤) الصدقة)

______________________________________________________

ـ بنفسه التعريف ، وتجوز النيابة فيه والاستعانة به والاستئجار عليه بلا خلاف ولا إشكال.

هذا فإن تبرع الملتقط بالتعريف أو بذل مئونته فذاك وإلا ففي وجوب الأجرة من ماله لأنه مكلف ، أو من مال المالك لأنه لمصلحته ، أو الفرق بين التقاطها بنية التملك فالأجرة من مال الملتقط أو بنية الحفظ فالأجرة على المالك أوجه ثلاثة ، استجود الشارح في المسالك الأول ، ووجهه واضح لأن التعريف واجب عليه فتكون مئونته عليه حينئذ.

هذا وقد اشترط العدالة في النائب كل من المحقق الثاني في جامعه والشارح في المسالك والروضة هنا حتى يقبل إخباره ، لأنه لا يقبل إخبار الفاسق.

(١) من قبل الملتقط.

(٢) أي تعريف النائب.

(٣) صفة للتعريف.

(٤) متعلق بقول الماتن : (يتخير الواجد فيه بعد تعريفه حولا) ، هذا واعلم أن ما زاد عما دون الدرهم إذا أخذه من غير الحرم فالواجد فيه بالخيار بعد تعريفه عاما بين تملكه أو التصدق به أو حفظه أمانة لصاحبه على المشهور شهرة عظيمة للأخبار الكثيرة ، منها ما يدل على جواز التملك كخبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (فإنه ينبغي أن يعرّفها سنة في مجمع ، فإن جاء طالبها دفعها إليه ، وإلا كانت في ماله ، فإن مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه ، فإن لم يجي‌ء لها طالب كانت في أموالهم ، هي لهم ، فإن جاء طالبها بعد دفعوها إليه) (١) ، وخبر داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال في اللقطة : يعرّفها سنة ثم هي كسائر ماله) (٢) ، وخبر حنان بن سدير (سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام ـ وأنا اسمع ـ عن اللقطة؟ فقال : تعرّفها سنة فإن وجدت صاحبها وإلا فأنت أحق بها وقال : هي كسبيل مالك) (٣) وغيره كثير.

ومنها ما يدل على الصدقة باللقطة كخبر حفص بن غياث (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا ، واللص مسلم ، هل يردّ عليه؟ فقال : لا يردّه ، فإن أمكنه أن يردّه على أصحابه فعل وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرّفها حولا ، فإذا أصاب صاحبها ردّها عليه وإلا تصدق بها ، فإن جاء طالبها بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم) (٤) ، وخبر الحسين بن كثير عن أبيه (سأل رجل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١١ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

١١٦

(به) على مستحق (١) الزكاة لحاجته (٢) ، وإن اتحد (٣) وكثرت(والتملك بنيته (٤).

______________________________________________________

ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام عن اللقطة؟ فقال : يعرّفها ، فإن جاء صاحبها دفعها إليه ، وإلا حبسها حولا فإن لم يجي‌ء صاحبها أو من يطلبها تصدق بها ، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده وكان الأجر له ، وإن كره ذلك احتسبها والأجر له) (١) ، وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل يصيب اللقطة فيعرّفها سنة ثم يتصدق بها فيأتي صاحبها ، ما حال الذي تصدق بها؟ ولمن الأجر؟ هل عليه أن يردّ على صاحبها أو قيمتها؟ قال عليه‌السلام : هو ضامن لها والأجر له ، إلا أن يرضى صاحبها فيدعها والأجر له) (٢) ومثله غيره.

ومنها ما يدل على حفظه للمالك كصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل يصيب اللقطة دراهم أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال : يعرّفها سنة ، فإن لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله حتى يجي‌ء طالبها فيعطيها إياه ، وإن مات أوصى بها فإن أصابها شي‌ء فهو ضامن) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن اللقطة قال : لا ترفعها ، فإن ابتليت بها فعرّفها سنة ، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك ، يجري عليها ما يجري على مالك ، حتى يجي‌ء لها طالب ، فإن لم يجي‌ء لها طالب فأوص بها في وصيتك) (٤) هذا والمراد بجعلها في عرض ماله هو حفظها في ماله من غير عزل لها عنه ، والجمع بين هذه الطوائف الثلاثة يقتضي التخيير بين التملك والصدقة والحفظ ، ومنه تعرف ضعف ما عن سيد الرياض من أن الحفظ للمالك لا نص عليه هذا من جهة ومن جهة أخرى فالنصوص المتقدمة دالة على الضمان عند التملك أو الصدقة ، وهذا مما لا خلاف فيه ، بل النصوص المتقدمة دالة على الضمان عند الحفظ إلا أنه على خلاف قاعدة الأمانة والملتقط محسن إلى المالك بحفظ ماله وحراسته فلا يتعلق عليه ضمان لانتفاء السبيل عن المحسن ولذا تسالموا على عدم الضمان عند الحفظ إلا مع التعدي والتفريط للعدوان.

(١) مصرف الصدقة هنا مصرف الصدقة الواجبة لأنه هو المتيقن من نصوص التصدق باللقطة.

(٢) تعليل لاستحقاقه الزكاة.

(٣) أي المستحق وكثرت اللقطة.

(٤) أي بنية التملك ، لا خلاف بينهم في عدم جواز التملك ولو نواه قبل تمام الحول ، لأن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١٤ و ١٣ و ١٠.

١١٧

(ويضمن) لو ظهر المالك(فيهما (١) في الثاني (٢) مطلقا (٣) ، وفي الأول (٤) إذا لم يرض (٥) بالصدقة ، ولو وجد (٦) العين باقية. ففي تعيين رجوعه بها لو

______________________________________________________

ـ التعريف حولا شرط في جواز التملك ، وإنما الخلاف في التملك بعد الحول فقيل يحصل الملك قهريا بمجرد مضي الحول كما عن ابن إدريس مدعيا عليه إجماع الفرقة وأخبارهم وفي الدروس نسبته إلى المقنعة والنهاية والصدوقين بل هو الأشهر.

ويرده النصوص الدالة على جواز الحفظ للمالك فلو كان مضي الحول هو السبب التام للملك لما أمكن حفظ اللقطة للمالك ، وهذا هو المشهور فجعل المشهور على العكس ليس في محله.

ويكفي في التملك قصده كما هو المشهور وعن الشيخ أنه لا بد من التلفظ بأن يقول : قد اخترت ملكها ووافقه عليه أبو الصلاح الحلبي والعلامة في التذكرة ، وهو مما لا دليل عليه ، وعن بعض العامة يشترط مع التملك التصرف أيضا وهو ضعيف لعدم الدليل عليه.

(١) في التصدق به والتملك.

(٢) أي التملك.

(٣) سواء رضي المالك أم لا.

(٤) أي التصدق به.

(٥) أي المالك.

(٦) أي المالك ، هذا واعلم أنه لو نوى الواجد التملك بعد الحول فظهر المالك وكانت العين قائمة فهل يجب على الملتقط رد العين كما هو ظاهر النصوص السابقة مثل خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ينبغي له أن يعرفها سنة في مجمع ، فإن جاء طالبها دفعها إليه وإلا كانت في ماله ، فإن مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه ، فإن لم يجي‌ء لها طالب كانت في أموالهم ، هي لهم إن جاء طالبها بعد دفعوها إليه) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (من وجد شيئا فهو له ، فليتمتع به حتى يأتيه طالبه ، فإذا جاء طالبه رده إليه) (٢) ، وهي ظاهرة في وجوب رد العين على تقدير بقائها وإليه ذهب الكركي وهو ظاهر المبسوط والسرائر والمقنعة والوسيلة.

إلا أن المشهور على أنه ليس للمالك الانتزاع ، لأن الملتقط قد ملكها بالتملك فيجب في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللقطة حديث ٢.

١١٨

طلبها (١) ، أو تخير الملتقط بين دفعها ، ودفع البدل مثلا ، أو قيمة قولان.

ويظهر من الأخبار الأول ، واستقرب المصنف في الدروس الثاني (٢) ، ولو عابت (٣) ضمن أرشها ، ويجب قبوله معها (٤) على الأول. وكذا (٥) على الثاني (٦) على الأقوى (٧) ، والزيادة المتصلة للمالك ، والمنفصلة للملتقط (٨) أما الزوائد قبل نية التملك فتابعة للعين.

والأقوى أن ضمانها (٩) لا يحصل بمجرد التملك ، أو الصدقة ، بل بظهور

______________________________________________________

ـ ذمته عوضها مثلا أو قيمة ولا يتعين عليه دفع العين ، نعم لو اختار دفعها يجب على المالك القبول لأنها عين حقه ، وعليه فقد قدموا أصالة اللزوم في التملك على هذه الأخبار ، مع أن الأخبار صريحة في رد العين وصريحة في أن الملتقط له التملك فالجمع بينهما يقتضي أن ملك الملتقط ملك متزلزل يزول بظهور المالك ويستقر بعدمه.

(١) أي تعيين رجوع المالك بنفس العين لو طلبها.

(٢) وهو المشهور.

(٣) أي عابت اللقطة تحت يد الملتقط بعد تملكها وقد ظهر المالك ففي تعين ردها على المالك مع الأرش أو تخيير الملتقط بين ردها مع الأرش ودفع البدل مثلا أو قيمة الوجهان السابقان.

(٤) أي ويجب على المالك قبول الأرش مع العين المعيبة على القول الأول من تعيين رجوع المالك على العين.

(٥) أي وكذا يجب على المالك القبول بالأرش مع العين المعيبة لو دفعها الملتقط ولم يدفع البدل من مثل أو قيمة.

(٦) من تخيير الملتقط بين دفع العين ودفع البدل مثلا أو قيمة.

(٧) ويحتمل أنه لا يلزم المالك بقبول الأرش مع العين المعيبة ، بل هو مخير بين ذلك وبين البدل ، لأنه وجدها متغيرة فليست عين ماله محضا كما علله في المسالك ، وإليه ذهب الفخر كما في الجواهر.

(٨) اعلم أن جميع الزوائد قبل نية التملك هي تابعة للعين ، وأما الزوائد بعد نية التملك ، فما يكون منفصلا فهو للملتقط لو ظهر المالك ورجع على عينه ، لأن النماء المنفصل هو نماء ملك الملتقط قبل رجوع المالك ، فلو رجع المالك فلا يجوز له إلا أن يرجع على أصل عينه دون نمائها المنفصل ، بخلاف النماء المتصل الذي هو جزء من العين فلو رجع المالك لكان النماء المتصل له كما كانت أصل العين له حينئذ.

(٩) أي ضمان اللقطة.

١١٩

المالك (١) ، ...

______________________________________________________

(١) لا شك في ثبوت الضمان على الملتقط بالتملك في الجملة ، ولكن الشك في وقت الضمان وسببه ، فالأكثر على أن الضمان يحصل بنية التملك وإن لم يظهر المالك فتكون اللقطة دينا في ذمة الملتقط ، لعموم قاعدة على اليد ، ولأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه.

وعن الشيخ في المبسوط وجماعة منهم العلامة في التحرير أن الضمان يثبت عند مطالبة المالك بعد ظهوره لظاهر النصوص :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (يعرفها سنة فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام في حديث : (فإن ابتليت فعرّفها سنة ، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك ، يجري عليها ما يجري على مالك ، إلى أن يجي‌ء لها طالب) (٢) ، وخبر حنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (خيّره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها) (٣) ، ومثلها غيرها.

وهذا النصوص قد دلت على أن اللقطة للمالك إذا كان طالبا هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فلو كان الملتقط ضامنا من حين نية التملك لما كان لتخييره وجه في الخبر الأخير.

وردّ هذا القول بأن المطالبة متوقفة على سبق الاستحقاق ضرورة عدم صحة المطالبة بدون الاستحقاق ، فلو كان استحقاق المالك عند ضمان الملتقط متوقفا على المطالبة لدار دورا صريحا لازما ورده الشارح في المسالك تابعا فيه المحقق الثاني في جامعه بأننا نمنع توقف المطالبة على الاستحقاق ، بل هي متوقفة على إمكانه ، وعليه فالمطالبة متوقفة على إمكان الاستحقاق وهو حاصل هنا ، لأن المالك يمكن له الاستحقاق ، لأنه ماله سابقا قبل تملك الملتقط ، والذي توقف على المطالبة هو نفس الاستحقاق وعليه فلا دور ، ورده في الجواهر بقوله : (لا حاصل له) لأن إمكان الاستحقاق عام يشمل المالك وغيره إذ كل إنسان له إمكان الاستحقاق لأنه أهل لذلك.

هذا وقال الشارح في المسالك : (والظاهر من الأخبار أن الضمان يحصل بظهور المالك وإن لم يطالب) انتهى ، وبهذا يكون قولا ثالثا وهذا ما قواه في الروضة هنا ، وهو الأقوى لأن الأخبار دالة على ثبوت الضمان عند المطالبة لو لا محذور الدور ، فلتحمل على ظهور المالك حذرا منه.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة حديث ١ و ٣ و ٥.

١٢٠