الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

أنه يلحق به باقراره (١) ، أو العلم بوطئه (٢) ، وإمكان لحوقه به ، وإن لم يقرّ به وجعلوا الفرق بين الفراش وغيره : إن الفراش (٣) يلحق به الولد وإن لم يعلم وطؤه ، مع إمكانه (٤) إلا مع النفي (٥) واللعان ، وغيره (٦) من الأمة والمتمتع بها يلحق به الولد إلا مع النفي (٧) ، وحملوا (٨) عدم لحوقه إلا بالاقرار على اللحوق اللازم ، لأنه بدون الاقرار ينتفي بنفيه من غير لعان ، ولو أقر به استقر ولم يكن له نفيه بعده (٩) وهذا هو الظاهر.

وقد سبق في أحكام الأولاد ما ينبّه عليه ، ولو لا هذا المعنى (١٠) لنا فى ما ذكروه هنا (١١) ما (١٢) ، حكموا به فيما سبق من لحوقه به بشرطه (١٣)

القول في كيفية اللعان وأحكامه

(يجب كونه (١٤)

______________________________________________________

يمكن كون منه ، وأنه لو وطأها غيره ألحق به دون تغير من غير تقييد بإقراره به ، فجعل مستند ذلك الوطي الواقع من المولى ، وأقامه مقام الإقرار به من غير أن يعلم بكونه واطئا) انتهى.

(١) بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(٢) تنزيلا للوطء منزلة الإقرار بالولد.

(٣) كما في الزوجة الدائمة.

(٤) أي إمكان لحوق الولد به.

(٥) نفي الولد.

(٦) غير الفراش.

(٧) ولو نفاه ينتفي بغير لعان.

(٨) بناء على عدم الفراش في الأمة القاضي بكون الولد منه إلا مع النفي فيعارض مع ما قالوه هنا أن الأمة غير فراش بالوطء ولا يلحق الولد به إلا مع الإقرار ، ولرفع هذا التعارض يحمل كلامهم الثاني بعدم اللحوق إلا بالإقرار على عدم اللحوق اللازم بمعنى لو نفاه ينتفي بغير لعان ، أما لو أقر به فلا يسمع نفيه فيما بعد.

(٩) بعد الإقرار.

(١٠) من أن عدم اللحوق به إلا بالإقرار المحمول على عدم اللحوق اللازم إلا بالإقرار.

(١١) من أن ولد المملوكة لا يلحق بمالكها إلا بإقراره بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(١٢) في محل نصب مفعول به لقوله (لنافى).

(١٣) من لحوق ولد المملوكة بمالكها بشرط إمكان كونه منه من غير اعتبار الإقرار به.

(١٤) كون اللعان.

٢٨١

(عند الحاكم (١) وهو هنا الإمام عليه‌السلام(أو من نصبه) للحكم (٢) ، أو اللعان بخصوصه(ويجوز التحكيم فيه) من الزوجين(للعالم المجتهد) وإن كان الإمام ومن نصبه موجودين ، كما يجوز التحكيم في غيره (٣) من الأحكام (٤).

______________________________________________________

(١) لا يصح اللعان إلا عند الحاكم أو منصوبه لذلك ، بلا خلاف فيه لأنه قد ادعى الشيخ في المبسوط الإجماع عليه ، لأن اللعان شهادة أو يمين ولا يسجل بهما إلا الحاكم ، ولأن الحد يقيمه الحاكم فلذا ما يدرؤه ، وللأخبار.

منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة) (١) الخبر ، وصحيح البزنطي سأل الرضا عليه‌السلام (كيف الملاعنة؟ فقال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره) (٢) الخبر ، ومثلهما غيرها.

والمراد بالحاكم هو الإمام المعصوم عليه‌السلام ، والمراد بمنصوبه من نصبه للحكم عموما أو لخصوص اللعان ، نعم يشترط في منصوبه للعان ما يشترط في غيره ممن نصبه الإمام للحكم بين الناس من الاجتهاد ، لأن اللعان من ضروب الحكم ، لأنه مفتقر إلى سماع الشهادة أو اليمين مع الحكم بالحد أو رفعه مع الحكم بنفي الولد وغير ذلك ، هذا كله في حال الحضور ، وأما في حال الغيبة فمنصوبه هو الفقيه الجامع لشرائط الفتوى لأنه منصوب من قبل الإمام عليه‌السلام على العموم كما تقدم في كتاب القضاء ، فيتولى اللعان كما يتولى غيره من شئون القضاء ولا يتوقف على رضا المتلاعنين.

(٢) عموما.

(٣) غير اللعان.

(٤) قد عرفت أن اللعان لا يصح إلا عند المعصوم عليه‌السلام أو نائبه العام أو الخاص ، وعليه ففي حال الحضور هل يجوز للزوجين تحكيم مجتهد جامع للشرائط ولكن لم ينصبه المعصوم عليه‌السلام أو لا.

فعن الشيخ في الخلاف ولعان المبسوط أنه يصح ، لأنه جامع للشرائط ، وعن الشيخ في قضاء المبسوط أنه لا يصح ، لأن الحكم هنا لا يختص بالزوجين المتراضيين ، بل يتعلق بالولد أيضا ، فلا يؤثر رضاهما في حقه إلا أن يكون بالغا ويرضى بحكمه خصوصا ، ويشترط رضاهما بالحكم بعد الحكم أيضا حتى يصير نافذا. هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فقد عبّر المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد عنه بالرجل العامي ، وقال في

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤ و ٥.

٢٨٢

وربما أطلق بعض الأصحاب على المحكّم هنا كونه عاميا نظرا (١) إلى أنه غير منصوب بخصوصه ، فعاميته إضافية (٢) ، لا أن المسألة (٣) خلافية (٤) ، بل الاجماع على اشتراط اجتهاد الحاكم مطلقا (٥) ، نعم منع بعض الأصحاب من التحكيم هنا (٦) لأن أحكام اللعان لا تختص بالمتلاعنين فإن نفي الولد يتعلق بحقه (٧) ، ومن ثمّ لو تصادقا (٨) على نفيه لم ينتف بدون اللعان ، خصوصا عند من يشترط تراضيهما بحكمه (٩) بعده (١٠).

والأشهر الأول (١١).

هذا (١٢) كله في حال حضور الإمام عليه‌السلام ، لما تقدم في باب القضاء : من أن قاضي التحكيم لا يتحقق إلا مع حضوره ، أما مع غيبته فيتولى ذلك الفقيه المجتهد ، لأنه (١٣) منصوب من قبل الإمام عموما (١٤)

______________________________________________________

المسالك : (والمراد بالرجل العامي الذي يتراضى به الزوجان الفقيه المجتهد حال حضور الإمام لكنه غير منصوب من قبله ، وسماه عاميا بالإضافة إلى المنصوب فإنه خاص بالنسبة إليه) انتهى.

(١) علة للإطلاق المذكور.

(٢) بالنسبة إلى المنصوب فإنه خاص.

(٣) أي مسألة تحكيم رجل برضا الزوجين.

(٤) أي خلافية في اجتهاد المحكّم وعدمه.

(٥) سواء كان منصوبا أم لا.

(٦) في اللعان.

(٧) بحق الولد ، فلا يؤثر رضاهما في نفيه.

(٨) أي الزوجان.

(٩) بحكم قاضي التحكيم.

(١٠) بعد الحكم.

(١١) وهو صحة التحكيم ولزومه حكمه من غير رضا الولد وعدم اشتراط رضاهما بالحكم بعده.

(١٢) من جواز التحكيم وعدمه.

(١٣) أي الفقيه المجتهد.

(١٤) وقد تقدم الدليل في كتاب القضاء.

٢٨٣

كما يتولى غيره (١) من الأحكام ولا يتوقف على تراضيهما (٢) بعده (٣) بحكمه لاختصاص ذلك (٤) على القول به (٥) بقاضي التحكيم (٦).

والأقوى عدم اعتباره (٧) مطلقا (٨).

وإذا حضرا بين يدي الحاكم فليهدأ (٩) الرجل بعد تلقين الحاكم له الشهادة(فيشهد الرجل (١٠) أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين فيما رماها به) متلفظا بما

______________________________________________________

(١) غير اللعان.

(٢) تراضي الزوجين.

(٣) بعد اللعان.

(٤) من اشتراط تراضيهما بعده.

(٥) بالتراضي بعده.

(٦) وهو مختص بحال الحضور.

(٧) أي عدم اعتبار التراضي بحكم قاضي التحكيم هنا وفي غيره من أفراد القضاء.

(٨) في اللعان وغيره.

(٩) كما سيأتي بيان دليله.

(١٠) صورة اللعان أن يشهد الرجل بالله أربع مرات أنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا أو في أن الولد ليس من مائة فيقول : أشهد بالله أني لمن الصادقين في ذلك ، ثم يقول في الخامسة : عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها من الزنا أو نفي الولد.

وتقول المرأة أربع مرات أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ، ثم تقول في الخامسة : إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا ، ولا تحتاج إلى ذكر الولد ، لأن لعانها لا يؤثر فيه ولكن لو تعرضت له لم يضر فتقول : وهذا الولد ولده ليستوي اللعان ويتقابلا ، بلا خلاف في ذلك كله ويدل عليه الكتاب العزيز وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ وَالْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) (١).

والأخبار.

__________________

(١) سورة النور ، الآيتان : ٦ ـ ٩.

٢٨٤

رمى به فيقول له (١) : قل أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، فيتبعه فيه (٢) ، لأن (٣) اللعان يمين فلا يعتدّ بها قبل استحلاف الحاكم وإن كان فيها (٤) شائبة الشهادة ، أو شهادة (٥) فهي لا تؤدى إلا بإذنه (٦) أيضا ، وإن (٧) نفى الولد زاد (٨)

______________________________________________________

منها : خبر ابن الحجاج قال : (إن عباد البصري سأل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة فقال : إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانصرف الرجل وكان الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ، فنزل الوحي من عند الله عزوجل بالحكم فيها ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم ، فقال له : انطلق فائتني بامرأتك فإن الله عزوجل قد أنزل الحكم فيك وفيها ، فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به فشهد ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمسك ووعظه ثم قال : اتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال : اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد فأمر به فنحّي.

ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به فشهدت ثم قال لها : أمسكي فوعظها ثم قال لها : اتقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها : اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به فشهدت ففرّق بينهما وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما) (١).

(١) أي فيقول الحاكم للرجل.

(٢) أي فيتبع الرجل الحاكم فيما قال.

(٣) تعليل لكون لعان الرجل بعد تلقين الحاكم.

(٤) في اليمين.

(٥) أو لأن اللعان شهادة.

(٦) بإذن الحاكم.

(٧) شرطية.

(٨) أي زاد الرجل في شهاداته.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

٢٨٥

«وأن هذا الولد من زنا وليس مني» كذا عبر في التحرير ، وزاد (١) أنه (٢) لو اقتصر على أحدهما (٣) لم يجز ، ويشكل فيما لو كان اللعان لنفي الولد خاصة من غير قذف فإنه لا يلزم إسناده (٤) إلى الزنا (٥) ، لجواز الشبهة فينبغي أن يكتفي بقوله : إنه لمن الصادقين في نفي الولد المعيّن(ثم يقول) بعد شهادته أربعا : كذلك (٦) (أن لعنة الله عليه) جاعلا المجرور بعلى ياء المتكلم (٧) (إن كان من الكاذبين) فيما رماها به من الزنا أو نفي الولد كما ذكر في الشهادات.

(ثم تشهد المرأة) بعد فراغه من الشهادة واللعنة(أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به) فنقول : اشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا(ثم تقول : أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) فيه (٨) مقتصرة على ذلك (٩) فيهما (١٠).

(ولا بد من التلفظ بالشهادة على الوجه المذكور (١١)

______________________________________________________

(١) أي العلامة في التحرير.

(٢) أي الرجل.

(٣) من كون الولد من الزنا أو أنه ليس منه.

(٤) إسناد الولد.

(٥) ولذا عدّ الأصحاب نفي الولد سببا مستقلا عن القذف.

(٦) أي متابعا قول الحاكم.

(٧) أي يأتي الملاعن بدل قول الحاكم عليه : بلفظ (عليّ).

(٨) فيما رماها به.

(٩) أي على ما ذكرنا من الرمي بالزنا.

(١٠) في الشهادة واللعان ولا تحتاج إلى إثبات الولد لأن إثبات الولد لا يؤثر في لعانها ، نعم لو قالت : وهذا الولد ولده ليستوي اللعان فلا بأس.

(١١) هذا واللعان مشتمل على واجب ومندوب ، أما الواجب فخمسة أمور : الأمر الأول : التلفظ بالشهادة واللعن على الوجه المذكور بلا خلاف فيه ، لأن الأصل عدم ترتيب أثر اللعان على غير موضع النص ، وعليه فلو أبدل صيغة الشهادة بغيرها كقوله : شهدت بالله أو أنا شاهد ، أو أحلف بالله أو أقسم ، وكذا لو بدّل لفظ الجلالة كقوله : أشهد بالرحمن أو الخالق ونحوها ، وكذا لو بدّل كلمة الصدق والكذب الواردة في اللعان بمرادفها ، أو حذف لام التأكيد كقوله : إني من الصادقين أو حذف حرف الجر فقال : إني لبعض

٢٨٦

فلو أبدلها (١) بمعناها كأقسم ، أو احلف ، أو شهدت ، أو أبدل الجلالة بغيرها من أسمائه تعالى أو ابدل اللعن ، والغضب ، والصدق ، والكذب بمرادفها (٢) ، أو حذف لام التأكيد (٣) ، أو علقه (٤) على غير «من» كقوله إني لصادق ، ونحو ذلك من التعبيرات لم يصح.

(وأن يكون الرجل قائما (٥) عند ايراده) الشهادة واللعن وإن كانت المرأة حينئذ (٦) جالسة ، (وكذا) تكون(المرأة) قائمة عند ايرادها الشهادة والغضب وإن

______________________________________________________

الصادقين ، أو أبدل اللعن بالإبعاد أو الطرد ، وأبدل لفظ الغضب بالسخط.

فلا يصح في الجميع لأنه خلاف المنقول شرعا ، ومنه تعرف ضعف ما عن بعض العامة من جواز تغيير لفظ (أشهد) بما يفيدها ، وجواز إبدال اللعن بالغصب وبالعكس.

(١) أي أبدل الشهادة.

(٢) مرادف اللعن الإبعاد والطرد ، ومرادف الغضب السخط ومرادف الصدق موافقة الواقع ومرادف الكذب مخالفة الواقع.

(٣) من شهادته إني لمن الصادقين.

(٤) علّق اللعان.

(٥) الأمر الثاني الواجب في اللعان قيام كل منهما عند إيراده الشهادة واللعن ، كما عليه الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع وابن إدريس في سرائره والصدوق في ظاهر المقنع لمرسل الفقيه (وفي خبر آخر ثم يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين ـ إلى أن قال ـ ثم تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به) (١) ، ولما روته العامة عن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أنه أمر عويمرا بالقيام فلما تمت شهادته أمر امرأته بالقيام) (٢).

وعن الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية والمفيد أنهما يكونان قائمين بين يدي الحاكم عند تلفظ كل منهما ، لصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه ، ويبدأ بالرجل ثم المرأة) (٣).

(٦) حين إيراد الرجل الشهادة واللعن.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٣.

(٢) الدر المنثور ج ٥ ص ٢٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.

٢٨٧

كان الرجل حينئذ جالسا.

(وقيل : يكونان معا قائمين في الإيرادين).

ومنشأ القولين اختلاف الروايات ، وأشهرها وأصحها ما دلّ على الثاني.

(وأن يتقدم الرجل أولا (١) فلو تقدمت المرأة لم يصح عملا بالمنقول من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وظاهر الآية ، ولأن لعانها لإسقاط الحدّ الذي وجب عليها بلعان الزوج(وأن يميز الزوجة من غيرها تمييزا يمنع المشاركة (٢) إمّا بأن يذكر اسمها ويرفع نسبها بما يميزها ، أو يصفها بما يميزها عن غيرها ، أو يشير إليها إن كانت حاضرة.

(وأن يكون الايراد) بجميع ما ذكر(باللفظ العربي الصحيح (٣) إلا مع)

______________________________________________________

(١) الأمر الثالث الواجب في اللعان أن يبدأ الرجل أولا بالشهادة ثم باللعن على الترتيب المذكور ثم المرأة مقدّمة للشهادة على الغضب ، فلو بدأت المرأة باللعان فلا شي‌ء وكان لاغيا لأنه على خلاف الثابت من آية اللعان ومن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في الأخبار المتقدمة ، ولأن لعانها لإسقاط الحد عنها كما هو مقتضى قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ) (١) ، والحد قد ثبت بلعان الزوج فلا بد من تقديم لعانه على لعانها ، فما عن بعض العامة من جواز التقديم ليس في محله ، كما أنه ليس في محله ما عن بعض آخر منهم من جواز تقديم اللعن على الشهادة ، كل ذلك لأنه خلاف المنقول شرعا.

(٢) الأمر الرابع الواجب في اللعان أن يعينها بما يزيل الاحتمال ، كذكر اسمها أو اسم أبيها مع صفاتها المميزة لها عن غيرها ، أو يشير إليها مع حضورها ، لأن اللعان منها فلا بد من تعيينها ، وكذا يجب عليها تعيين الرجل بما سمعت.

(٣) الأمر الخامس الواجب في اللعان أن يكون النطق باللفظ العربي ، لأن النص ورد به فلا عدول عنه عند القدرة ، نعم يجوز العدول عند عدم القدرة ، غايته يأتي بالممكن له باللفظ العربي وإلا لا عن بأي لسان شاء لحصول الفرض من الشهادة واللعن.

ثم إن كان الحاكم يحسن تلك اللغة فلا حاجة إلى المترجم وإلا افتقر إلى اثنين ، ولا يكفي الواحد لأنها شهادة ، ولا يحتاج إلى الأزيد من اثنين لأنها شهادة على اللفظ وعن بعض

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.

٢٨٨

(التعذّر) فيجتزى بمقدورهما (١) منه (٢) ، فإن تعذر تلفظهما بالعربية أصلا أجزأ غيرها من اللغات من غير ترجيح(فيفتقر الحاكم إلى مترجمين عدلين) يلقيان عليهما الصيغة بما يحسنانه من اللغة(إن لم يعرف) الحاكم(تلك اللغة) ، وإلا باشرها بنفسه ولا يكفي أقل من عدلين حيث يفتقر إلى الترجمة ، ولا يحتاج إلى الأزيد.

(وتجب البدأة) من الرجل(بالشهادة ، ثم اللعن) كما ذكر(وفي المرأة بالشهادة ثم الغضب (٣) وكما يجب الترتيب المذكور تجب الموالاة بين كلماتهما ، فلو تراخى بما يعدّ فصلا ، أو تكلم بخلاله بغيره بطل (٤).

(ويستحب (٥) أن يجلس الحاكم مستدبرا القبلة) ليكون وجههما إليها.

(وأن يقف الرجل عن يمينه ، والمرأة عن يمين الرجل وأن يحضر) من الناس

______________________________________________________

العامة أنه لا بد من أربع شهود لأنها شهادة على الزنا ، وضعفه ظاهر إذ هي شهادة على تلفظه باللعان وكذا تلفظها.

(١) مقدور الزوجين.

(٢) من اللعان بالعربية.

(٣) قد تقدم بحث هذا الترتيب مع دليله.

(٤) لأنه على خلاف المنقول ، فيقتصر في اللعان على المنقول شرعا الذي هو بدون فصل وخال عن غيره.

(٥) شروع في مستحبات اللعان وسننه وهي أمور :

الأول : أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ليكون وجهه إليهما كجلوسه لغيره من مواضع الحكم ، والثاني من سنته أن يكون الرجل عن يمينه والمرأة مع وليدها عن يمين الرجل لما رواه البزنطي عن الرضا عليه‌السلام فقال له : (أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه ، والمرأة والصبي عن يساره) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه ، ويبدأ بالرجل ثم المرأة) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٤.

٢٨٩

(من يستمع اللعان) (١) ولو أربعة عدد شهود الزنا(وأن يعظه الحاكم قبل كلمة اللعنة (٢) ويخوّفه الله تعالى ويقول له : إن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا ، ويقرأ عليه (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَأَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) الآية (٣) ، وأنّ لعنه لنفسه يوجب اللعنة إن كان كاذبا ونحو ذلك(ويعظها قبل كلمة الغضب) بنحو ذلك (٤).

(وأن يغلّظ بالقول (٥)

______________________________________________________

(١) الثالث من السنن أن يحضر جماعة من أعيان البلد وصلحائه ، فإن ذلك أعظم للأمر ، وليعرف الناس ما يجري عليهما من التفريق المؤبد أو حكم القذف أو ثبوت الزنا ، ولما روي (من أنه حضر اللعان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمرو وابن سهل بن سعد) (١) ، وأقل ما تتأدى الوظيفة بأربعة نفر ، لأن الزنا يثبت بهذا العدد فيحضرون لإثباته وقال في الجواهر : (وإن كان لم أقف له على دليل إلا أن الأمر سهل في المندوبات والآداب والوظائف) انتهى.

(٢) ومن السنن أن يعظ الحاكم الرجل ويخوّفه بعد الشهادات وقبل ذكر اللعن ، وكذا المرأة قبل ذكر الغضب ، وتخويفهما بأن يذكر أن عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا ، ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (أن عباد البصري سأل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة فقال : إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إلى أن قال ـ وقال للزوج : أشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين فيما رميتها به فشهد ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمسك ووعظه ثم قال : اتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال : أشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فشهد فأمر به فنحّى ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به فشهدت ثم قال لها : امسكي فوعظها ثم قال لها : اتّقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها : اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به فشهدت) (٢).

(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٧٧.

(٤) بنحو ما وعظ الرجل.

(٥) تغليظ اللعان بالقول والمكان والزمان جائز بالمعنى الأخص ، وصرح بعضهم كما في المسالك باستحباب التغليظ ، واستظهر الشارح في المسالك استحباب التغليظ بالمكان

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٩٤ و ٣٩٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

٢٩٠

وهو (١) تكرار الشهادات أربع مرات (٢) ، وهو (٣) واجب. لكنه أطلق الاستحباب نظرا إلى التغليظ بمجموع الأمور الثلاثة (٤) من حيث هو مجموع ، وبما قررناه (٥) صرح في التحرير.

وأما حمله (٦) على زيادة لفظ في الشهادة ، أو الغضب على نحو ما يذكر في اليمين المطلقة (٧) ، كأشهد بالله الغالب الطالب المهلك ، ونحو ذلك ، فإنه (٨) وإن كان ممكنا أو نصّ عليه ، إلّا أنه يشكل باخلاله (٩) بالموالاة المعتبرة في اللفظ المنصوص (١٠) مع عدم الإذن في تخلل المذكور (١١) بالخصوص (١٢).

(والمكان (١٣)

______________________________________________________

والزمان ، وأما التغليظ بالقول فإن فسّر بأنه تكرار الشهادات أربع مرات كما فسره به العلامة في التحرير فلا ريب في وجوبه بل هو ركن في اللعان ، وإن فسر التغليظ بالقول بذكر ما يناسب من أسماء الله تعالى المؤذنة بالانتقام فهو مستحب كما ثبت استحبابه في يمين الدعاوى.

وأما التغليظ بالمكان والزمان فسيأتي.

(١) التغليظ بالقول.

(٢) كما عن العلامة في التحرير.

(٣) تكرار الشهادات.

(٤) بالقول والمكان والزمان.

(٥) من أن الاستحباب بلحاظ المجموع.

(٦) أي حمل التغليظ بالقول.

(٧) وهي يمين الدعاوى فيذكر فيها ما يناسب من أسماء الله بالانتقام.

(٨) أي التغليظ بالقول المفسّر بالزيادة من أسماء الله الدالة على الانتقام.

(٩) أي بإخلال التغليظ المفسر بالزيادة من أسماء الله تعالى.

(١٠) وهو لفظ اللعان.

(١١) من الزيادة بأسماء الله الدالة على الانتقام.

(١٢) والعجب من الشارح حيث حكم هنا بالإخلال وهو القائل في المسالك : (ولا يخلّ بالموالاة لأنه من متعلقاته) انتهى.

(١٣) المراد بالتغليظ بالمكان أن يجري اللعان في أشرف المواضع في البلد ، كبين الركن والمقام إن كانوا في مكة وهو المسمى بالحطيم ، وفي الروضة وهي ما بين قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنبره إن كان في المدينة ، وفي المسجد الأقصى عند الصخرة إن كانوا في بيت المقدس ، وفي

٢٩١

بان يلاعن (١) بينهما في موضع شريف(كبين الركن) الذي فيه الحجر الأسود ، (والمقام) مقام إبراهيم على نبينا وآله وعليه‌السلام وهو المسمى بالحطيم(بمكة ، وفي الروضة) وهي ما بين القبر الشريف والمنبر(بالمدينة ، وتحت الصخرة في المسجد الأقصى ، وفي المساجد بالأمصار) غير ما ذكر (٢) عند المنبر(أو المشاهد الشريفة) للأئمة والأنبياء عليهما لسلام ان اتفق (٣) ، ولو كانت المرأة حائضا فباب المسجد (٤) فيخرج الحاكم إليها ، أو يبعث نائبا (٥) ، أو كانا ذميين فببيعة أو كنيسة (٦) أو مجوسيين فبيت نار ، لا بيت صنم لوثني إذ لا حرمة له ، واعتقادهم غير مرعي (٧).

______________________________________________________

المسجد الجامع عند المنبر إن كانوا في سائر البلدان ، وفي المشاهد المشرفة إن كانوا في بلادها.

(١) أي الحاكم.

(٢) من مكة والمدينة وبيت المقدس.

(٣) أي اتفق وجود المشاهد المشرفة.

(٤) يجوز اللعان في المساجد والجوامع إذا لم تكن المرأة حائضا ، وإلا فمع حيضها فالأنسب أن يكون لعانها عند باب المسجد لأنها أنسب بالتغليظ.

(٥) فيستوفى منها الشهادة ولا يشترط فيه الاجتهاد ، لأنه ليس هو الحاكم.

(٦) لو كان الزوجان من أهل الذمة فالتغليظ عليهم في المكان بأن يكون لعانهما في المواضع التي يعظمونها كالكنيسة للنصارى والبيعة لليهود ، وقال في المسالك : (وهل يلاعن بين المجوس في بيت النار وجهان ، من أنه ليس له حرمة وشرف بخلاف البيعة والكنيسة ، ومن أن المقصود تعظيم الواقعة وزجر الكاذب عن القذف ، واليمين في الموضع الذي يعظمه الحالف أغلظ ، ويجوز أن يراعى اعتقادهم بشبهة الكتاب كما روي في قبول الجزية ، وأما بيت الأصنام فلا عبرة به في لعان الوثنيين مطلقا ، لأنه لا أصل له في الحرمة عند الله تعالى بخلاف السابق ، واعتقادهم غير مراعى بمجرده فيلاعن بينهم في مجلس الحكم) انتهى ، نعم توقف بعض الشافعية في بيت الصنم لمكان التعظيم عندهم.

(٧) هذا ولم يذكر الشهيدان التغليظ بالزمان ، وهو إيقاعه في وقت شريف كيوم الجمعة ، وبعد العصر منه بالخصوص فإن اليمين الكاذبة حينئذ أغلظ عقوبة ، وقد فسر بما بعد العصر قوله تعالى : (تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ) (١) كما في الخبر (٢).

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١٠٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب الوصايا حديث ٦.

٢٩٢

(وإذا لا عن الرجل سقط عنه الحد (١) ووجب على المرأة (٢) ، لأن لعانه حجة كالبينة(فإذا أقرت بالزنا ، أو) لم تقر ولكن(نكلت) عن اللعان(وجب عليها) الحد(وإن لا عنت سقط عنها).

(ويتعلق بلعانهما) معا(أحكام أربعة) في الجملة (٣) ، لا في كل لعان (٤) (سقوط الحدين عنهما (٥) ، وزوال الفراش (٦) وهذان ثابتان في كل لعان (٧) (ونفي الولد عن الرجل) ، لا عن المرأة إن كان اللعان لنفيه (٨) (والتحريم المؤبد (٩) وهو

______________________________________________________

(١) أي سقط عنه حد القذف بلا خلاف ولا إشكال ، نعم لا يتعين اللعان على الزوج بعد القذف بل إذا امتنع حدّ كالأجنبي إذا قذف ولم يقم البينة ، وعن أبي حنيفة أن قذف الزوج لا يوجب الحد ولكن يوجب اللعان ، ومع امتناعه يحبس حتى يلاعن ، وحينئذ فاللعان عقوبة حده دون الحد ، وضعفه ظاهر.

(٢) أي وبلعان الرجل يثبت حد الزنا على المرأة ، لأن لعانه بمنزلة إقامة البينة ، ويسقط هذا الحد لعانها كما هو ظاهر قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) (١) ، بلا خلاف في ذلك ولا إشكال وعن أبي حنيفة أن المرأة لا تحدّ بلعانه بل تحبس حتى تلاعن ، وهو مناف لظاهر الآية المتقدمة.

(٣) في المجموع.

(٤) إذ اللعان تارة لنفي حد القذف وأخرى لنفي الولد ، فكل منهما مختص بحكمه.

(٥) عن الزوجين ، فيسقط حد القذف عن الرجل وحد الزنا عن المرأة كما تقدم.

(٦) أي الخروج عن الزوجية فتبطل الزوجية والتوارث.

(٧) سواء كان للقذف أم لنفي الولد.

(٨) لنفي الولد بحيث إن الولد بعد اللعان لا يدعى لأبيه ، ولكن لا يرمى بأنه ابن زنا ، ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة يلاعنها زوجها ويفرّق بينهما إلى من ينسب ولدها؟ قال : إلى أمه) (٢).

(٩) أي تحرم عليه أبدا ففي خبر ابن الحجاج المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام المتضمن لوقوع اللعان بين رجل وزوجته في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه قال لهما بعد لعانهما : (لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما) (٣) ، نعم عن بعض العامة أنه لو أكذب نفسه كان له أن يجدد نكاحها ، وعن

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب اللعان حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

٢٩٣

ثابت مطلقا (١) كالأولين (٢) ، ولا ينتفى عنه (٣) الحد إلا بمجموع لعانه (٤) ، وكذا المرأة ، ولا تثبت الأحكام أجمع (٥) إلا بمجموع لعانهما.

(و) على هذا(لو اكذب نفسه في أثناء اللعان (٦) وجب عليه حد القذف) ولم يثبت شي‌ء من الأحكام (٧) ، (و) لو اكذب نفسه(بعد لعانه) وقبل لعانها ففي

______________________________________________________

بعض آخر منهم القول ببقائهما على الزوجية ، والأخبار المتقدمة حجة عليهم.

نعم قيل بردّ هذه الأحكام الأربعة إلى ثلاثة ، لأن زوال الفراش يدخل في التحريم المؤبد ، وهو قول ضعيف لأن التحريم المؤبد قد يجامع الفراش كما في المفضاة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالفرقة تحصل ظاهرا وباطنا سواء كان الزوج صادقا أم الزوجة بعد لعانهما خلافا لأبي حنيفة فحكم بعدم حصول الفرقة باطنا مع صدقها وهو ظاهر الضعف لمخالفته للأخبار المتقدمة.

(١) في اللعانين ، والمعنى أن التحريم المؤبد ثابت سواء كان اللعان للقذف أم لنفي الولد.

(٢) من سقوط الحد عنهما وزوال الفراش فإنهما ثابتان لكل لعان.

(٣) عن الرجل.

(٤) من الشهادات واللعن.

(٥) وهي الأحكام الأربعة المتقدمة.

(٦) أو نكل عن اللعان أو نكل عن جزء منه ولو كلمة ثبت عليه الحد ، ولكن لا تثبت الأحكام الأربعة المتقدمة ، لأنها مترتبة على إتمام اللعانين ، وبدونه لا يثبت شي‌ء منها ، ويشهد له صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الرجل يقذف امرأته؟ قال عليه‌السلام : يلاعنها ثم يفرّق بينهما فلا تحلّ له أبدا ، فإن أقرّ على نفسه قبل الملاعنة جلد حدا وهي امرأته) (١) وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن رجل لا عن امرأته فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة؟ فقال عليه‌السلام : إن نكل عن الخامسة فهي امرأته وجلد ، وإن نكلت المرأة عن ذلك إذا كان اليمين عليها فعليها مثل ذلك) (٢) ومثلها غيرها وكذا الحكم لو أكذبت المرأة نفسها في أثناء اللعان أو نكلت عنه أو عن جزء منه ثبت عليها الحد ولا تثبت

الأحكام الأربعة المتقدمة.

ثم إن الحد هنا هو الرجم لأنها محصنة ولكن بشرط أن يكون اللعان لقذفها بالزنا ، أما لو نفى الولد ولم يقذفها وجوّز الرجل كون الولد لشبهة لم يلزم عليها الحد ، لعدم موجبه.

(٧) أي الأحكام الأربعة المتقدمة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٣.

٢٩٤

وجوب الحد عليه(قولان) (١) منشؤهما. من سقوط (٢) الحد عنه بلعانه ، ولم يتجدد منه (٣) قذف بعده (٤) ، فلا وجه لوجوبه (٥) ومن أنه (٦) قد أكد القذف السابق (٧) باللعان ، لتكراره (٨)

______________________________________________________

(١) إذا كذب الرجل نفسه بعد لعانه أو بعد لعانهما فقد ذهب الشيخ في النهاية والتهذيب والمحقق في الشرائع والعلامة في أحد قوليه إلى سقوط الحد عنه لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل لا عن امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه قال : يردّ إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن) (١) ، وصحيحه الآخر (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لا عن امرأته وهي حبلى قد استبان حملها وأنكر ما في بطنها ، فلما وضعت ادّعاه وأقرّ به وزعم أنه منه فقال : يردّ إليه ولده ويرثه ولا يجلد ، لأن اللعان قد مضى) (٢) ، ويؤيده أن الحد قد سقط بلعانه ، ولم يوجد سبب آخر للحدّ إلا تكذيبه نفسه وهو تنزيه لها فلا موجب للحد حينئذ.

وعن الشيخ في المبسوط والمفيد في المقنعة والعلامة في القواعد والشارح في المسالك عدم السقوط لخبر محمد بن فضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن رجل لا عن امرأته وانتفى من ولدها ثم أكذب نفسه هل يردّ عليه ولده؟ فقال : إذا أكذب نفسه جلد الحدّ ، وردّ عليه ابنه ولا ترجع إليه امرأته أبدا) (٣)مؤيدا أنه باللعان أكد القذف لتكراره ، ومؤيدا أيضا بأن الحد قد ثبت عليه بالقذف قبل اللعان فيستصحب إلى أن يعلم المزيل ولا يعلم زواله بلعان ظهر كذبه ، لأن النصوص السابقة الدالة على سقوط الحد باللعان ، إنما هي دالة على سقوطه باللعان الذي هو صادق فيه أو مع اشتباه الحال لا مع كذبه كما هو مفروض في المقام.

وبعد هذا كله فلا بد من ترجيح القول الأول لصحة سند بعض رواياته ، وهو صحيح الحلبي المتقدم.

(٢) دليل لعدم وجوب الحد على الرجل فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه.

(٣) من الرجل.

(٤) بعد اللعان.

(٥) أي لوجوب الحد.

(٦) دليل لوجوب الحد على الرجل فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه.

(٧) أي السابق على اللعان.

(٨) أي لتكرار الرجل القذف في اللعان.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٤ و ٦.

٢٩٥

إياه فيه ، والسقوط (١) إنما يكون مع علم صدقه (٢) ، أو اشتباه حاله ، واعترافه بكذبه (٣) ينفيهما (٤) ، فيكون لعانه قذفا محضا فكيف يكون مسقطا.

(وكذا) القولان (٥) لو اكذب نفسه(بعد لعانهما (٦) لعين ما ذكر في الجانبين(٧).

والأقوى ثبوته (٨) فيهما (٩) لما ذكر (١٠) ، ولرواية محمد بن الفضيل عن الكاظم عليه‌السلام أنه سأله عن رجل لا عن امرأته وانتفى من ولدها ثم اكذب نفسه هل يرد عليه ولده. قال : «إذا اكذب نفسه جلد الحد وردّ عليه ابنه ، ولا ترجع إليه امرأته أبدا» لكن لو كان رجوعه (١١) بعد لعانهما (١٢)

______________________________________________________

(١) أي سقوط الحد.

(٢) أي صدق الرجل في لعانه.

(٣) بكذب اللعان.

(٤) أي ينفي الصدق واشتباه الحال.

(٥) من سقوط الحد وعدم سقوطه.

(٦) لعان الزوجين.

(٧) أي جانبي السقوط وعدمه في الفرع المتقدم.

(٨) ثبوت الحد.

(٩) في الفرعين السابقين فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه أو بعد لعانهما.

(١٠) أي لما ذكر سابقا من دليل عدم السقوط.

(١١) أي تكذيب نفسه ورجوعه عن القذف.

(١٢) هذا واعلم أن الأحكام الأربعة المتقدمة من سقوط الحدين وزوال الفراش والتحريم المؤبد ونفي الولد لا تثبت إلا بعد لعانهما فلو أكذب نفسه بعد لعانه فلا يثبت شي‌ء منها ، غايته أن قذفه موجب للحد فهل لعانه الذي أكذب نفسه فيه موجب للسقوط أو لا وقد تقدم الكلام فيه.

وعلى فرض تحقق لعانهما فتثبت الأحكام الأربعة المتقدمة ولكن لو أكذب نفسه بعد لعانهما ، فهل يعود الحد أو لا قد تقدم الكلام فيه ، ولكن لا يعود الفراش ولا يرتفع التحريم بلا خلاف ولا إشكال ، وقد ورد ما يدل عليه في ذيل خبر محمد بن فضيل ، ولكن بعد ما أكذب نفسه بعد لعانهما فقد اعترف بالولد فيؤخذ بمقتضى إقراره ، ولكن فيما عليه لا فيما له ، لإقراره أولا بالانتفاء منه ، فلذا يرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من

٢٩٦

(لا يعود الحل (١) ، للرواية (٢) ، وللحكم بالتحريم شرعا (٣) ، واعترافه لا يصلح لإزالته(ولا يرث (٤) الولد) لما ذكر (٥) (وإن ورثه الولد) ، لأن (٦) اعترافه (٧) اقرار في حق نفسه بإرثه منه (٨) ، ودعوى ولادته (٩) قد انتفت شرعا (١٠) فيثبت اقراره على نفسه ولا تثبت دعواه على غيره (١١) ، وكذا لا يرث الولد أقرباء الأب ولا يرثونه إلا مع تصديقهم على نسبه في قول ، لأن الإقرار (١٢) لا يتعدى المقر.

(ولو اكذبت) المرأة(نفسها بعد لعانها (١٣) فكذلك) لا يعود الفراش ولا

______________________________________________________

يتقرب بالأب وترثه الأم ومن يتقرب بها على ما حرر في كتاب الإرث.

(١) أي لا يعود الفراش ، ولا ترجع امرأته إليه.

(٢) أي رواية محمد بن الفضيل.

(٣) بعد لعانهما فيستصحب إلى أن يثبت المزيل ، وتكذيبه نفسه ليس مزيلا لعدم الدليل عليه.

(٤) أي لا يرث الرجل الولد.

(٥) للحكم بعدم إرثه من الولد شرعا بعد لعانهما فيستصحب.

(٦) تعليل لإرث الولد منه.

(٧) أي اعتراف الرجل بالولد بعد لعانهما.

(٨) أي بإرث الولد منه ، فيؤخذ بمقتضى إقرار فيما هو عليه ، لا فيما هو له.

(٩) أي ودعوى الرجل ولادة الولد منه.

(١٠) بعد لعانهما.

(١١) بأن الولد منه حتى يرث الرجل ولده.

(١٢) تعليل لعدم إرث الولد من أقارب الرجل.

(١٣) لما كان لعانها بعد لعانه فلو أكذبت نفسها بعد لعانها فهي أكذبت نفسها بعد لعانهما ، فلا ترتفع الأحكام الأربعة المتقدمة التي ثبتت بعد لعانهما ، هذا ولا يجب عليها الحد حينئذ بدعوى أن تكذيب نفسها إقرار بالزنا ، لأن حد الزنا لا يثبت على المقرّ إلا أن يقرّ به أربع مرات بلا خلاف في ذلك.

نعم لو أقرت به أربع مرات بعد لعانهما فهل يثبت الحد كما هو الأشهر لعموم ما دل على وجوب الحد على من أقرّ أربعا وهو مكلف حرّ مختار ، أو لا يثبت الحد كما هو قول الشيخ في النهاية وابن إدريس وابن سعيد ، لأنها أقرت بزنا سقط حده باللعان لقوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) (١) ومقتضى إطلاقه عدم عود الحد وإن أقرت بموجبه بعد ذلك أربع مرات.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.

٢٩٧

يزول التحريم(ولا حد عليها) بمجرد اكذابها نفسها ، لأنه (١) اقرار بالزنا وهو (٢) لا يثبت(إلا أن تقر أربعا) كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فإذا أقرت أربعا حدّت(على خلاف) في ذلك (٣) منشؤه ما ذكرناه ، من أن الاقرار (٤) بالزنا أربعا من الكامل الحر المختار يثبت حده (٥). ومن (٦) سقوطه (٧) بلعانهما لقوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) الآية فلا يعود (٨) (ولو قذفها) الزوج(برجل) معيّن(وجب عليه (٩) حدان) أحدهما لها. والآخر للرجل ، لأنه (١٠) قذف لاثنين(وله (١١) إسقاط حدها باللعان) ، دون حد الرجل.

(ولو أقام بينة) بذلك (١٢) (سقط الحدان) كما يسقط حد كل قذف بإقامة

______________________________________________________

(١) أي إكذابها نفسها.

(٢) أي الإقرار بالزنا مرة لا يثبت الحد.

(٣) في الحد عند إقرارها أربعا.

(٤) دليل لثبوت الحد بإقرارها أربعا.

(٥) أي حد الزنا.

(٦) دليل لعدم ثبوت الحد بإقرارها أربعا.

(٧) أي سقوط حد الزنا.

(٨) أي فلا يعود حد الزنا ولو أقرت به أربعا بعد ذلك للإطلاق.

(٩) على الزوج ، هذا واعلم أنه إذا قذف امرأته برجل على وجه قد نسبهما إلى الزنا بأن قال : زنيت بفلان ، كان عليه حدان لأنه قذف لهما ، ولكن له إسقاط حد الزوجة باللعان ولا يسقط حد الرجل ، بلا فرق بين أن يذكر الرجل في شهادات اللعان وعدمه ، بأن قال : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان ، وعدمه لأن اللعان بالنسبة إلى إسقاط حد القذف المختص بالزوجة فيبقى حكم قذف الرجل باقيا على أصله من الثبوت خلافا لبعض العامة حيث أسقط حد الرجل مع ذكره في لعان الزوج لزوجته ، بدعوى أن اللعان حجة في ذلك الزنا في طرف المرأة فكذا في طرف الرجل ، لأن الواقعة واحدة ، وضعفه ظاهر مما تقدم ، نعم لو أقام بينة سقط الحدان معا ، لأن البينة حجة مطلقا بخلاف اللعان فإنه حجة لإسقاط حد القذف بالنسبة للزوجة فقط.

(١٠) أي قذفها برجل معيّن.

(١١) للزوج.

(١٢) بزناها برجل معيّن.

٢٩٨

البينة بالفعل المقذوف به ، وكذا يسقط الحد لو عفى مستحقّه (١) ، أو صدّق (٢) على الفعل ، لكن إن كانت هي المصدقة (٣) ، وهناك نسب لم ينتف بتصديقها (٤) ، لأنه (٥) اقرار في حق الغير (٦).

وهل له (٧) أن يلاعن لنفيه (٨) قولان. من (٩) عموم ثبوته (١٠) لنفي الولد ، وكونه (١١) غير متصور هنا (١٢) ، إذ لا يمكن للزوجة أن تشهد بالله إنه لمن الكاذبين بعد تصديقها إياه (١٣). نعم لو صادقته على أصل الزنا ، دون كون الولد منه (١٤) توجه اللعان منها (١٥) ،

______________________________________________________

(١) أي مستحق الحد كما حرر في باب الحدود.

(٢) أي صدّق المقذوف.

(٣) إذا قذفها فأقرت قبل اللعان لزمها الحد إن أقرت أربعا ، ولا حدّ على الزوج لتصديقها ، ولكن لو كان هناك نسب لم ينتف إلا باللعان ، ويجوز للزوج أن يلاعن لنفيه ، لأن تصادق الزوجين على الزنا لا ينفي النسب ، إذ النسب ثابت بالفراش وهي فراش للزوج ، وهذا ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط.

وعن المحقق والعلامة في القواعد التردد في اللعان لنفي الولد ، لأن اللعان هنا غير مقصور ، لأن الزوجة لا يمكنها أن تقول : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين في نفي الولد عنه مع تصديقها لزوجها على أنها زنت وأن الولد من الزنا ، فإن ذلك هو مفروض المسألة.

نعم يتجه اللعان على تصديقها له على الزنا دون تولد الولد منه.

(٤) أي تصديق الزوجة فيما ادعاه الزوج من الزنا.

(٥) أي تصديقها على زناها القاضي في نفي الولد عن الزوج.

(٦) أي في حق الولد.

(٧) للزوج.

(٨) نفي الولد بعد تصديقها على أنها زنت ، وأن الولد من الزنا.

(٩) دليل لجواز لعان الزوج على نفي الولد.

(١٠) ثبوت اللعان.

(١١) أي كون اللعان وهو دليل على عدم جواز لعان الزوج لنفيه.

(١٢) في صورة تصديقها على أنها زنت وأن الولد من الزنا.

(١٣) أي بعد تصديقها للزوج فيما قذفها به من أن الولد ليس منه لأنها قد زنت برجل معين.

(١٤) من الزنا.

(١٥) من الزوجة.

٢٩٩

لإمكان شهادتها بكذبه (١) في نفيه وإن ثبت زناها.

(ولو قذفها فماتت قبل اللعان سقط اللعان (٢) ،

______________________________________________________

(١) أي بكذب الزوج في نفي الولد عنه ، فيكون فائدة لعانها مجرد تكذيبه في نفيه.

(٢) قد تقدم أنه بلعانه يسقط حد القذف منه ويثبت حد الزنا عليها ، وتقدم أنه بلعانهما يسقط الحدان وينفى الولد عن الرجل ويزول الفراش ويثبت التحريم المؤبد.

وعليه فلو ماتت قبل لعانه لم يسقط حد القذف عنه ، وعليه الحد للوارث بناء على أن حد القذف يورّث لعموم أدلة الإرث ، من غير احتياج إلى لعان الوارث ، ولكن لعان الرجل لا ينفي الميراث لبقاء علقة الزواج بينهما فيرثها بعد لعانه ، ولا ينتفي الولد عنه ، لأن زوال الفراش ونفي الولد مترتبان على التلاعن من الجانبين ، وهو لم يحصل بسبب موتها.

وعن الشيخ في النهاية والقاضي ابن البراج وابن حمزة أنه إذا قام رجل من أهلها فلا عنه أيضا سقط الحد عن الرجل وسقط إرثه لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قذف امرأته وهي في قرية من القرى ، فقال السلطان : ما لي بهذا علم ، عليكم بالكوفة ، فجاءت إلى القاضي لتلاعن فماتت قبل أن يتلاعنا فقالوا هؤلاء لا ميراث لك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له ، وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها) (١) وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام (في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفّيت قال : يخيّر واحدة من اثنتين ، يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب فيقام عليك الحد ومعطى الميراث ، وإن شئت أقررت فلا عنت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك) (٢) والخبران ضعيفان ، الأول بالإرسال والثاني برجال الزيدية في سنده مع عدم الجابر لهما ، مع أن الأصل أن لا يقوم غير الزوجة مقامها في اللعان ، ولأن الأصل في الميراث ثبوته بالموت فلا يزول بلعان الرجل وحده ، بالإضافة إلى أن لعان الوارث متعذر غالبا ، لتعذر القطع من الوارث على نفي فعل غيره ، مع عدم كفاية لعانه على نفي العلم إذ يشترط اللعان على نفي الفعل فضلا عن أن الاجتزاء بأي وارث كان مع التعدد ترجيح بلا مرجح.

نعم بعض ما تقدم من الأدلة ضعيف ، لأنه يمكن اطلاع الوارث على عدم فعل الغير حيث يكون الفعل محصورا بأن يدعي عليها أنها زنت في ساعة كذا بفلان ، وقد كان

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب اللعان حديث ٢.

٣٠٠