الزبدة الفقهيّة - ج ٧

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-60-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٧٢

(ويعتبر في المطلّق البلوغ (١)

______________________________________________________

ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء ، إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم) (١).

ومن هذه الأخبار الدالة على الإلزام فكل شي‌ء صحيح عندهم فاسد عندنا كالطلاق المعلّق والحلف به والطلاق في طهر المواقعة والحيض وبغير شاهدين ، يرتب عليه أحكام الصحيح عليهم من باب الإلزام ، بل يجوز لنا تناول كل ما هو دين عندهم ففي خبر عبد الله بن محرز (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه ، فقال : المال كله لابنته ، وليس للأخت من الأب والأم شي‌ء ، فقلت : فإنا قد احتجنا إلى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة ، قال : فخذ لها النصف ، خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضائهم وقضاياهم ، خذهم بحقك في أحكامهم وسنتهم ، كما يأخذون منكم فيه ، قال ابن أذينة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إن على ما جاء به ابن محرز لنورا) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الأحكام قال : تجوز على أهل كل ذي دين ما يستحلون) (٣).

(١) شروع في شروط المطلق ، وهي أربعة.

الأول : البلوغ بلا خلاف فيه في الجملة للأخبار.

منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل طلاق حائز الإطلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره) (٤) ، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس طلاق الصبي بشي‌ء) (٥)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران) (٦)، فلا عبرة بطلاق الصبي قبل التمييز ، بل وبعده قبل بلوغه عشرا ، وإنما الكلام في طلاق الصبي المميّز والبالغ عشر سنين فعن الشيخين المفيد والطوسي وأتباعهما بل قيل هو المشهور بين المتقدمين صحة طلاق الصبي البالغ عشرا لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين) (٧)، مؤيدا بما دل على جواز طلاق الصبي قبل أن يحتلم كموثق سماعة (سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، قال : إذا طلّق للسنة ووضع الصدقة في موضعها فلا بأس وهو جائز) (٨)، وموثق جميل عن أحدهما عليهما‌السلام (يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل وصدقته ووصيته وإن لم يحتلم) (٩).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأخوة والأجداد حديث ٢ و ٥.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ١ و ٤ و ٢ و ٧.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب كتاب الوقوف والصدقات حديث ٢.

٢١

فلا يصح طلاق الصبي وإن أذن له الولي (١) ، أو بلغ عشرا على أصح (٢) القولين(والعقل (٣) فلا يصح طلاق المجنون المطبق مطلقا (٤) ، ولا غيره (٥) حال جنونه(ويطلق الولي) وهو الأب والجد له (٦) مع اتصال جنونه بصغره (٧) ، والحاكم عند

______________________________________________________

وعن ابن إدريس ومشهور المتأخرين عدم صحة طلاق الصبي مطلقا ما لم يحتلم تمسكا بالأخبار المتقدمة المؤيدة بحديث رفع القلم (١) ، وبحديث الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم) (٢).

(١) لسلب عبارة الصبي شرعا ، وهذا القيد لدفع توهم صحة طلاق الصبي عند اذن الولي.

(٢) متعلق بقوله (أو بلغ عشرا).

(٣) الشرط الثاني المعتبر في المطلق العقل ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر السكوني المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره) (٣) ، وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن طلاق المعتوه الذاهب العقل ، أيجوز طلاقه؟ قال : لا ، وعن المرأة كذلك أيجوز بيعها وعتقها ، قال : لا) (٤) ، وخبر زكريا بن آدم عن الرضا عليه‌السلام (عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج بعد ، فقال : لا يجوز) (٥)ومثلها غيرها.

(٤) أي أبدا.

(٥) أي غير المطبق.

(٦) للأب.

(٧) قد ، عرفت عدم جواز طلاق الصبي والمجنون ، وعليه فلا يجوز للولي أن يطلق عن الصبي بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟

قال : إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم ، قلت : فهل يجوز طلاق الأب؟ قال عليه‌السلام : لا) (٦) ، ومثله موثق عبيد بن زرارة (٧) ، وخبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الله عليه‌السلام (عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، قلت : يجوز طلاق الأب؟ قال عليه‌السلام : لا) (١).

نعم للولي أن يطلق عن المجنون في الجملة كما هو المشهور بين الأصحاب لصحيح أبي خالد القماط (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل الأحمق الذاهب العقل أيجوز طلاق وليّه؟ قال عليه‌السلام : ولم لا يطلق ، قلت : لا يؤمن إن طلّق هو أن يقول غدا : لم أطلّق ، أو لا يحسن أن يطلق؟ قال عليه‌السلام : ما أرى وليّه إلا بمنزلة السلطان) (٢) وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في طلاق المعتوه قال عليه‌السلام : يطلق عن وليّه فإني أراه بمنزلة الإمام عليه) (٣) وخبر شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المعتوه الذي لا يحسن أن يطلق يطلّق عنه وليّه على السنة) (٤).

وهذه الأخبار وإن كانت واردة في المعتوه الذي هو ناقص العقل إلا أنها تشمل المجنون بطريق أولى.

وعن الشيخ في الخلاف والحلي المنع للنبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٥) ، والزوج هو الذي له ذلك دون غيره ، وفيه أن النبوي مع تسليم سنده لا ينافي ذلك ، لأن طلاق الولي كطلاقه كما يجوز طلاق الوكيل.

هذا وعلى المشهور يشترط في طلاق الولي المصلحة والغبطة للمولّى عليه ، ثم الفرق بين جواز طلاق الولي عن المجنون دون الصبي هو أنه لو لم يجعل للولي الطلاق عن المجنون للزم تضرر المجنون وهو منفي في الشريعة ، بخلاف الطفل فنكاحه منوط بالمصلحة وعذره متوقع الزوال ، فلو كان عدم الطلاق ضروريا فيرجئ إلى حين البلاغ ليطلق بخلاف المجنون فلا يرجى زوال عذره حتى يطلق بنفسه ثم على المشهور من جواز طلاق الولي عن المجنون الفرق بين من بلغ وهو فاسد العقل وبين من جنّ بعد بلوغه ، غايته أن من بلغ وهو فاسد العقل فوليّه أبوه وجده ، وأما من جن بعد بلوغه فوليّه الحاكم الشرعي على ما حرر في كتاب الحجر ، ثم هذا كله في الجنون المطبق فلو كان الجنون يعتريه أدوارا لم يجز الطلاق منه حالة الدور ، لأن ترقب عقله أقرب من ترقب بلوغ الصبي ، ومع ذلك أطلق المحقق وجماعة من جواز طلاق الولي عن المجنون من دون

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

٢٣

عدمهما (١) ، أو مع عدمه (٢) (عن المجنون) المطبق مع المصلحة(لا عن الصبي) ، لأن له (٣) أمدا يرتقب ويزول نقصه فيه (٤) ، وكذا المجنون ذو الأدوار (٥).

ولو بلغ الصبي فاسد العقل طلق عنه الولي حينئذ (٦) ، واطلق جماعة من الأصحاب جواز طلاق الولي عن المجنون من غير فرق بين المطبق ، وغيره ، وفي بعض الأخبار دلالة عليه (٧). والتفصيل (٨) متوجه ، وبه قطع في القواعد (٩).

واعلم أن الأخبار غير صريحة في جوازه (١٠) من وليه (١١) ، ولكن فخر

______________________________________________________

تفصيل بين المطبق والأدواري.

(١) عدم الأب والجد.

(٢) أي عدم اتصال جنونه بصغره.

(٣) للصبي.

(٤) في ذلك الأمر ، فحجر الصبي له أمد يتوقع زواله بالبلوغ بخلاف المجنون فلا أمد له.

(٥) فله أمر يتوقع زواله غالبا في زمن صحوته.

(٦) حين بلوغه فاسد العقل.

(٧) على عدم الفرق بين المطبق وغيره ، وهي الأخبار المتقدمة ، ولكن قد عرفت أن محمولة على المطبق فقط عند المشهور.

(٨) بين المطبق وغيره ، بجواز طلاق الولي عن الأول دون الثاني.

(٩) بل عليه المشهور كما عرفت.

(١٠) أي جواز طلاق المجنون.

(١١) حاكما كان أم أبا أو جدا ، هذا وقال الشارح في المسالك عن قصور دلالة الأخبار على ذلك : (لأن السائل وصف الزوج بكونه ذاهب العقل ثم يقول له الإمام : ما له لا يطلق ، مع الإجماع على أن المجنون ليس له مباشرة الطلاق ولا أهلية التصرف ، ثم تعلل السائل عدم طلاقه بكونه منكر الطلاق أو لا يعرف حدوده ثم يجيبه بكون الولي بمنزلة السلطان) انتهى. فإشكال الشارح مبني على كون الروايات ناظرة إلى المجنون ، ومثله لا يصح له إيقاع الطلاق ولا السؤال عن السبب في عدم طلاقه كما وقع من المعصوم عليه‌السلام ، وفاته أن الروايات ناظرة إلى المعتوه الذي هو ناقص العقل ، ومثله تصح مباشرته للطلاق ولذا صح السؤال من المعصوم عن السبب في عدم طلاقه ، نعم إذا كان نقصان عقله إلى حد عدم العقل فهو من مراتب المجنون وقد حكم في الروايات بجواز طلاق وليه وهو محل الشاهد فيها ، فلذا أوردناه على المطلب.

٢٤

المحققين ادعى الاجماع على جوازه (١) فكان (٢) أقوى في حجيته منها (٣). والعجب أن الشيخ في الخلاف ادعى الإجماع على عدمه (٤).

(و) كذا(لا) يطلق الولي(عن السكران (٥) ، وكذا المغمى عليه ، وشارب المرقد كالنائم ، لأن عذرهم متوقع الزوال(والاختيار (٦) فلا يقع طلاق المكره) كما

______________________________________________________

(١) أي جواز طلاق المجنون من وليه.

(٢) أي الإجماع المذكور.

(٣) من الأخبار ، والعجب أن المشهور ذهب إلى الحكم استنادا إلى هذه الأخبار ، وإجماع الفخر إجماع مدركي لا حجية فيه ، فكيف يكون أقوى في الحجية منها.

(٤) أي عدم جواز طلاق المجنون من وليّه ، هذا وقال الشارح في المسالك : (والعجب هنا أن الشيخ فخر الدين ادعى في شرحه الإجماع على جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق ، مع دعوى الشيخ الإجماع على عدمه وموافقة ابن إدريس له ، والحق أن الإجماعين ممنوعان) انتهى.

(٥) قد عرفت اشتراط العقل في المطلق ، فلا يصح طلاق المجنون ، وكذا السكران ومن غلب على عقله بإغماء أو شرب وما شاكل ذلك ، لعدم القصد في الجميع مع أنه شرط في صحة الطلاق ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن طلاق السكران؟ فقال عليه‌السلام : لا يجوز ولا عتقه) (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (سألته عن طلاق السكران فقال : لا يجوز ولا كرامة) (٢)، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس طلاق السكران بشي‌ء) (٣) ، وخبر زكريا بن آدم عن الرضا عليه‌السلام (عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج؟ فقال عليه‌السلام : لا يجوز) (٤).

ولا يطلق الولي عن السكران كما لا يصح عن النائم والمغمى عليه ، لاشتراك الجميع في أن لهم أمدا يرتقب بخلاف المجنون المطيق ، بعد عموم النبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٥).

(٦) الشرط الثالث المعتبر في المطلّق الاختيار ، بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن طلاق المكره وعتقه ، فقال : ليس

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٧.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

٢٥

لا يقع شي‌ء من تصرفاته (١) عدا ما استثني (٢) ويتحقق الإكراه (٣)

______________________________________________________

طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق) (١) ، وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لو أن رجلا مسلما مرّ بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتى يتخوف على نفسه أن يعتق أو يطلق ففعل لم يكن عليه شي‌ء) (٢)، وخبر يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجوز طلاق في استكراه ـ إلى أن قال ـ وإنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه ولا إضرار) (٣)بالإضافة إلى حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. (٤) ، وعليه فلا يصح طلاق المكره ، والاختيار المقابل للإكراه هو صدور الفعل عن طيب نفس ورضا ، وليس المراد بالاختيار هو القصد الذي هو الشرط الرابع من شروط المطلق ، فما عن بعضهم من الاستدلال على اعتبار الاختيار بعدم القصد إلى الطلاق ليس في محله.

(١) أي تصرفات المكره ، كبيعه وشرائه وإجارته وهبته وبقية عقوده وإيقاعاته.

(٢) كإكراهه على بيع ماله من قبل الحاكم لأداء دينه ، أو للإنفاق على زوجته وأقاربه ونحو ذلك.

(٣) جرت عادة الفقهاء على ذكر الإكراه وشرح موضوعه في هذا المقام ، فلذا قال الشارح في المسالك : (وقد جرت عادة الفقهاء بذكر حدّ الإكراه في هذا المحل مع الاحتياج إليه فيما قبله من العقود وغيرها) ، وقال في الجواهر : (ولكن جرت عادة المصنفين من العامة والخاصة التعرض لموضوعه في المقام) انتهى.

هذا والمرجع في معنى الإكراه هو العرف والعفة بعد عدم وضع شرعي له ، والمعنى العرفي له هو حمل الغير ما يكرهه بتخويف مما يحذره ، ولكن هذا المعنى العرفي لا يتحقق إلا بأمور ثلاثة.

الأول : كون المكره قادرا على فعل ما توعد به.

الثاني : غلبة الظن أن يفعل ذلك مع امتناع المكره.

الثالث : أن يكون ما توعد به مضرا بالمكره في خاصة نفسه أو من يجري مجرى نفسه من أبيه وولده وغيرهما ، من قتل أو جرح أو ضرب شديد أو حبس أو شتم أو إهانة أو استخفاف.

والضرب والشتم والاستخفاف والإهانة تختلف باختلاف الناس وأحوالهم ، فربّ وجيه تنقّص فيه الكلمة الواحدة فضلا عن الضربة بخلاف المتبذل ، وليس كذلك الجرح والقتل

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ و ١٦ ـ من أبواب جهاد النفس.

٢٦

بتوعده (١) بما يكون مضرا (٢) به في نفسه ، أو من يجري مجراه (٣) بحسب حاله (٤) مع قدرة المتوعد (٥) على فعل ما توعّد به ، والعلم (٦) ، أو الظن أنه (٧) يفعله به (٨) لو لم يفعل (٩).

ولا فرق بين كون المتوعّد به قتلا ، وجرحا ، وأخذ مال (١٠) وإن قلّ ، وشتما ، وضربا ، وحبسا (١١) ويستوي في الثلاثة الأول (١٢) جميع الناس.

أما الثلاثة الأخيرة (١٣) فتختلف باختلاف الناس فقد يؤثر قليلها في الوجيه الذي ينقصه (١٤) ذلك (١٥) ،

______________________________________________________

اللذان يستوي فيهما جميع الناس من جهة الألم.

وكذلك يتحقق الإكراه بالتوعد بأخذ المال لكنه مختلف باختلاف حال الناس في اليسار وضده فمنهم من لا يضر بحاله أخذ عشرة دراهم ، ومنهم يضره أخذ درهم واحد ، وعن البعض منا تبعا لبعض العامة أن التوعد بأخذ المال ليس إكراها ، وهو كما ترى.

(١) أي توعد المكره هذا هو الأمر الثالث المتقدم.

(٢) أعم من الضرر النفسي والعرض والمالي.

(٣) من الأقارب.

(٤) جار ومجرور متعلق بقوله (مضرا به).

(٥) هذا هو الأمر الأول المتقدم.

(٦) مبتدأ خبره أن يفعله ، وهذا هو الأمر الثاني المتقدم.

(٧) أي أن المكره بالكسر.

(٨) أي يفعل المتوعد به بالمكره.

(٩) أي لو لم يفعل المكره الطلاق.

(١٠) رد على من لم يجعل الإكراه متحققا بأخذ المال.

(١١) وكذا الاستخفاف والإهانة.

(١٢) وهي القتل والجرح وأخذ المال ، ولكن في المسالك حصر الاستواء في القتل والجرح ، وأما أخذ المال فيختلف باختلاف الناس.

(١٣) من الشتم والضرب والحبس.

(١٤) من التنقيص بمعنى التعيب والقدح.

(١٥) وهو القليل من الأمور الثلاثة الأخيرة.

٢٧

وقد يحتمل بعض الناس شيئا منها (١) لا يؤثر في قدره ، والمرجع في ذلك (٢) إلى العرف ، ولو خيّره المكره بين الطلاق ، ودفع مال غير مستحق (٣) فهو اكراه ، بخلاف ما لو خيّره بينه (٤) ، وبين فعل يستحقه الآمر من مال ، وغيره (٥) ، وإن حتّم أحدهما (٦) عليه. كما لا إكراه (٧) لو ألزمه بالطلاق ففعله (٨) قاصدا إليه ، أو على طلاق معينة فطلق غيرها (٩) ، أو على طلقة فطلق أزيد (١٠).

ولو أكرهه على طلاق إحدى الزوجتين فطلق معينة (١١) فالأقوى أنه إكراه.

______________________________________________________

(١) من الثلاثة الأخيرة وإن كثر.

(٢) من التنقيص في الأمور الثلاثة الأخيرة.

(٣) أي غير واجب الدفع عليه ، وكذا لو خيره بين الطلاق وبين كل فعل غير واجب عليه ولا اختصاص لخصوص المال فهو إكراه كما هو المعنى العرفي للفظ الإكراه.

(٤) بين الطلاق.

(٥) وغير المال مما يستحقه المكره بالكسر كما لو قال : طلق زوجتك وإلا قتلتك قصاصا ، وكان القصاص مستحقا عليه للمكره ، أو خيّره بين الطلاق وبين حق واجب عليه كما لو خيّر الحربي بين الطلاق والإسلام ، أو خيّر المرتد كذلك فلا معنى للإكراه حينئذ.

(٦) أي أحدهما غير المعيّن عليه ، وإلا مع حتم أحدهما عليه فهو المكره به خاصة.

(٧) لا خلاف ولا إشكال في أنه لو حصل ما يرفع به ظهور الكراهة ، أو حصل ما يظهر به الاختيار صح الطلاق ، ولكن هناك موارد قد التبس فيها الأمر من حصول الاختيار وارتفاع الكراهة.

فمنها : ما لو أكره عن الطلاق فطلق ناويا ، فعن التحرير والمسالك والروضة هنا وقوع الطلاق وعدم الإكراه ، أما وقوع الطلاق فلحصول اللفظ والقصد ، وأما عدم الإكراه إذ هو غير مكره على النية وإن أكره على التلفظ ، وقيل : إنه يقع باطلا لتحقق الإكراه ، إذ لو لا الإكراه لما فعله ، ولأن الإكراه أسقط أثر اللفظ ومجرد النية لا أثر لها.

(٨) أي فعل الطلاق قاصدا إليه وناويا.

(٩) ومن جملة الموارد التي يتضح فيها ظهور الاختيار ما لو أكرهه على طلاق واحدة معينة فطلق غيرها ، فلا شبهة هنا في وقوع الطلاق وعدم تحقق الإكراه ، لأن الواقع منه مباين لما أكرهه عليه من كل وجه.

(١٠) فلو أكرهه على طلقة واحدة فطلق ثلاثا فإنه يشعر برغبته وأشاع صدره للطلاق ، فلا إكراه حينئذ ويقع الجميع واحدة.

(١١) فلو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه لا على التعيين فطلق واحدة بعينها فقيل : يقع

٢٨

إذ لا يتحقق فعل مقتضى أمره (١) بدون إحداهما (٢) ، وكذا القول في غيره (٣) من العقود والايقاع (٤) ، ولا يشترط التورية (٥) بأن ينوي غيرها (٦) وإن أمكنت (٧).(والقصد (٨) ،

______________________________________________________

الطلاق ، لأنه مختار في تعيينها ، ولأنه لما عدل عن الإبهام إلى التعيين فقد زاد ما أكره عليه ، لأن المكره عليه هو طلاق إحداهما وهو أمر كلي وليس الأمر بالأمر الكلي أمرا بالجزئي المعين بل هو أمر بالقدر المشترك بين الجزئيات.

وقد احتمل قويا في المسالك عدم وقوع الطلاق وأن الإكراه متحقق ، لأن متعلق الإكراه وإن كان كليا لكنه يتأدى بفرده ، وطلاق الواحدة من زوجاته أحد أفراده ، نعم لو كان الإكراه على الإبهام بأن أكرهه على قول : إحدى زوجاتي طالق مثلا ، فعدل إلى التعيين فهو ليس بإكراه ويصح الطلاق.

(١) أي أمر المكره عليه.

(٢) أي إحدى الزوجتين.

(٣) غير الطلاق.

(٤) فما يقع عن إكراه لا أثر له كالطلاق الواقع عن إكراه.

(٥) لا يعتبر في الحكم ببطلان طلاق المكره التورية ، وإن كان يحسنها ، لأن المقتضي لعدم وقوع الطلاق هو الإكراه وهو متحقق بلا فرق بين إمكان التورية وعدمها كما ذهب إليه الشارح في المسالك وجماعة ، والحق لا يصدق عنوان الإكراه مع قدرته على التورية تحقيقا لمعنى الإكراه ، لأنه مع قدرته على التورية ولم يفعل لا يصدق عنوان الإكراه.

(٦) بأن يتلفظ باسم زوجته لو أكره على طلاقها ويريد غيرها المسماة باسمها.

(٧) أي التورية.

(٨) الشرط الرابع من شروط المطلق القصد بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق) (١) ، وخبر اليسع عن أبي جعفر عليه‌السلام (لو أن رجلا طلّق على سنة وعلى طهر من غير جماع وأشهد ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا) (٢).

هذا والمطلّق بحسب قصده للفظ والمعنى على أحوال أربعة ، أن يكون اللفظ صادرا من غير قصد ، كاللفظ الصادر من النائم أو الغالط ، وأن يكون اللفظ مقصودا منه دون معناه كما لو قال : أنت طالق على وزن أنت قائم ، وأن يكون اللفظ مقصودا وكذا المعنى

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ١.

٢٩

(فلا عبرة بعبارة الساهي ، والنائم ، والغالط (١).

والفرق بين الأول والأخير : أن الأول لا قصد له مطلقا (٢) والثاني (٣) له قصد إلى غير من طلقها فغلط وتلفظ بها (٤).

ومثله (٥) ما لو ظن زوجته أجنبية بأن كانت في ظلمة ، أو أنكحها له وليه ، أو وكيله ولم يعلم (٦) ، ويصدّق في ظنه ظاهرا (٧) وفي عدم القصد لو ادعاه (٨) العدة الرجعية ، ولا يقبل في غيرها (٩) ، إلا مع اتصال الدعوى بالصيغة (١٠) ،

______________________________________________________

بالإرادة الاستعمالية دون الجدية كالهازل ، وأن يكون اللفظ مقصودا وكذا المعنى بالإرادة الاستعمالية والجدية ، لا إشكال في صحة الطلاق في الرابع لأنه مقصود ، كما لا إشكال في عدم صحة الطلاق في غيره لأن الطلاق كبقية الإيقاع والعقود من الأمور القصدية ، ومع عدم القصد للفظ أو المعنى لا يتحقق عنوان الإيقاع أو العقد.

(١) وكذا الهازل.

(٢) لا للفظ ولا للمعنى ، وكذا النائم.

(٣) أي الأخير.

(٤) فهو غير قاصد للفظ.

(٥) ومثل الغالط.

(٦) أي ولم يعلم الزوج إنكاحها له.

(٧) أي يصدق المطلق لو ادعى أن ظنه قائم على أن زوجته أجنبية فلذا طلقها ، أو أن ظنه قائم على عدم إنكاح وليه لها.

(٨) أي ادعى عدم القصد بحيث أوقع الطلاق ثم قال : لم أقصد الطلاق قبل منه ظاهرا ودين بنيته باطنا ، وإن تأخر تفسيره ما لم تخرج من العدة ، لأنه إخبار عن نيته ولا يمكن الاطلاع عليها إلا من قبله ، فكان قوله مقبولا كنظائره من الأمور التي لا تعلم إلا من المخبّر على المشهور بلا فرق بين كون الزوجة في العدة الرجعية وغيرها وعن الشارح وجماعة أن الحكم كذلك ما دامت المرأة في العدة الرجعية لأن للزوج الرجعة ، ودعواه عدم القصد يقوم مقام الرجعة حينئذ كما لو أنكر الطلاق ، بخلاف ما لو كانت المرأة في العدة البائنة فليس للزوج الرجوع وإن كان عدم القصد يقوم مقام الرجعة.

(٩) غير العدة الرجعية من العدة البائنة.

(١٠) أي مع اتصال دعواه عدم القصد بصيغة الطلاق ، فتكون الدعوى قرينة متصلة لا توجب انعقاد الطلاق ، فلذا لا يصح سواء كانت المرأة في الرجعية أو البائنة.

٣٠

واطلق جماعة من الأصحاب قبول قوله في العدة من غير تفصيل (١).

(ويجوز توكيل الزوجة في طلاق نفسها (٢) ، وغيرها) كما يجوز

______________________________________________________

(١) بين الرجعية والبائنة ، ولا بين اتصال الدعوى بالصيغة وعدم الاتصال كما هو المشهور.

(٢) المشهور على عدم اعتبار المباشرة وأن الوكالة جائزة في الطلاق لصحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يجعل أمر امرأته إلى رجل فقال : اشهدوا إني قد جعلت أمر فلانة إلى فلان فيطلّقها أيجوز ذلك؟ فقال عليه‌السلام : نعم) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين فطلّق أحدهما وأبى الآخر ، فأبى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يجبيز ذلك حتى يجتمعا جميعا على طلاق) (٢) ومثلها غيرها.

وعن الشيخ وابني البراج وحمزة جواز الوكالة عن الغائب دون الحاضر جمعا بين ما تقدم وبين خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجوز الوكالة في الطلاق) (٣)بحمل هذه على الحاضر دون تلك فهي محمولة على الغائب ، وفيه أنه جمع تبرعي لا شاهد له من الأخبار مع إعراض المشهور عنه بعد ضعف سنده.

ومنه تعرف ضعف ما ذهب إليه الحسن بن سماعة من اعتبار المباشرة مطلقا لنفس خبر زرارة المتقدم ، وتوقف فيه الكليني.

وعلى المشهور فهل يجوز أن يوكلها في طلاق نفسها كما هو المشهور أيضا ، لأنه فعل يقبل النيابة والمحل قابل فجاز كما لو وكل غيرها من النساء أو توكلت هي في طلاق غيرها ، وعن الشيخ في المبسوط عدم الجواز ، لأن القابل لا يكون فاعلا ، ولظاهر قوله عليه‌السلام (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٤) بدعوى أنه يقتضي عدم جواز التوكيل مطلقا وخرج من غير المرأة بدليل من خارج فتبقى هي على أصل المنع.

ولا يخفى ضعف دليليه ، أما الأول فالمغايرة بين القابل والفاعل في توكيل المرأة طلاق نفسها حاصل ، إذ يكفي في التغاير الاعتبار ، وهما مختلفان بالحيثية فالمرأة فاعل بالوكالة وقابل بالأصالة ، والخبر مع ضعف سنده لا يفيد الحصر ، وعلى تقدير التسليم بالحصر فما أخرج غيرها من الوكلاء عنه يخرجها لتناوله لها ، ومنه تعرف ضعف توقف المحقق السبزواري والمحدث الكاشاني والبحراني في ذلك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

٣١

توليها (١) غيره (٢) من العقود (٣) ، لأنها (٤) كاملة فلا وجه لسلب عبارتها فيه (٥) ، ولا يقدح كونها بمنزلة موجبة وقابلة على تقدير طلاق نفسها ، لأن المغايرة الاعتبارية كافية. وهو (٦) مما يقبل النيابة (٧) فلا خصوصية للنائب ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» لا ينافيه (٨) ، لأن يدها مستفادة من يده (٩) ، مع أن دلالته (١٠) على الحصر (١١). ضعيفة (١٢).

(ويعتبر في المطلّقة الزوجية (١٣)

______________________________________________________

(١) تولي الزوجة.

(٢) أي غير الطلاق.

(٣) الإيقاعات أيضا.

(٤) أي الزوجة.

(٥) في الطلاق بخلاف الصبي والمجنون فإنهما مسلوبا العبارة فلا تصح وكالتهما لا فيه ولا في غيره من العقود والإيقاعات.

(٦) أي الطلاق.

(٧) لأن صحته غير متوقفة على مباشرة الزوج له.

(٨) أي لا ينافي في قبول الطلاق للنيابة.

(٩) أي يد الزوج.

(١٠) أي دلالة النبوي.

(١١) أي حصر الطلاق بيد الزوج.

(١٢) لأن الجملة الاسمية والابتداء لا يفيدان الحصر وليسا من أدواته ، بخلاف تقديم ما حقه التأخير أو أدوات الحصر كإنما والاستثناء بعد النفي ونحوهما.

(١٣) شروع في شروط المطلقة وهي خمسة ، الأول الزوجية ، وهو مما لا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (أنه سئل عن الرجل قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق ، فقال عليه‌السلام : لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، وإن اشتريت فلانا فهو حر ، وإن اشتريت هذا الثوب فهو في المساكين ، فقال : ليس بشي‌ء ، لا يطلق إلا ما يملك ، ولا يعتق إلا ما

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

٣٢

فلا يقع بالأجنبية وإن علقه (١) على النكاح ، ولا بالأمة (٢) ، (والدوام (٣) فلا يقع بالمتمتع بها ، (والطهر (٤) من الحيض ، والنفاس إذا كانت المطلّقة مدخولا بها)

______________________________________________________

يملك ، ولا يصدّق إلا ما يملك) (١) ، وخبر النضر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يتم بعد إدراك) (٢)ومثلها غيرها ومنهما تعرف عدم الصحة لو علّق الطلاق على التزويج بأن قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، بلا فرق بين تعيين الزوجة كما في المثال وعدم التعيين كما لو قال : إن تزوجت فزوجتي طالق بلا خلاف في ذلك ردا على من خالف من العامة في تعليق الطلاق على التزويج.

(١) أي الطلاق.

(٢) فلو أوقع الطلاق على الموطوءة بالملك فلا حكم له ، وبقيت محلّلة بأصل الملك بلا خلاف فيه بعد حصر سبب الحلّ بالعقد أو الملك في قوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ) (٣) ، وحصر الطلاق بعد النكاح فينحصر رفع سبب الحل الناشئ من الملك برفعه ، إما بالبيع أو العتق أو الهبة ونحو ذلك من وجوه النقل.

(٣) الشرط الثاني من شروط المطلقة دوام العقد ، فلا يقع الطلاق بالمتمتع بها ، بلا خلاف فيه ، بل تبين المتمتع بها بانقضاء المدة أو بهبتها المدة للأخبار.

منها : صحيح عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث في المتعة (فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق) (٤) ، وخبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (والمتعة ليس فيها طلاق) (٥) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في المتعة ليست من الأربع ، لأنها لا تطلق ولا ترث وإنما هي مستأجرة) (٦) ، ومنه تعرف ضعف ما في الجواهر من قوله : (وإن لم يحضرني من النصوص ما يدل على عدم وقوع الطلاق بالمستمتع بها) انتهى.

(٤) الشرط الثالث من شروط المطلقة خلوها من الحيض والنفاس إذا كان الزوج حاضرا وقد دخل بها ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال :

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ٤.

(٣) سورة المعارج ، الآية : ٣١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المتعة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المتعة حديث ٤.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الطلاق لغير السنة باطل) (١) ، وصحيح عمر بن أذينة عن زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمّر بن يحيى كلهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (إذا طلق الرجل في دم النفاس أو طلّقها بعد ما يمسّها فليس طلاقه إياها بطلاق) (٢) ، وصحيح عمر بن أذينة عن بكير بن أعين وغيره عن أبي جعفر عليه‌السلام (كل طلاق لغير العدة فليس بطلاق ، أن يطلقها وهي حائض أو في دم نفاسها أو بعد ما يغشاها قبل أن تحيض فليس طلاقه بطلاق) (٣).

واشتراط الخلو من الحيض والنفاس غير معتبر في موارد وهي : الحامل وغير المدخول بها وما كان زوجها غائبا ، أما الحامل وغير المدخول بها فلا يشترط الخلو من الحيض والنفاس بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بطلاق خمس على كل حال : الغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والحبلى ، والتي قد يئست من المحيض) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (خمس يطلقهنّ أزواجهن متى شاءوا : الحامل المستبين حملها ، والجارية التي لم تحض ، والمرأة التي قد قعدت من المحيض ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم يدخل بها) (٥)، وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (خمس يطلقن على كل حال : الحامل والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تبلغ المحيض) (٦).

وأما الصغيرة واليائسة فاشتراط الخلو لا معنى له ، لأنهما من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، حيث لا حيض ولا نفاس عندهما حتى يشترط خلوهما وأما ما لو كان زوجها غائبا فلا يشترط خلوها من الحيض والنفاس بلا خلاف فيه للأخبار التي قد تقدم بعضها.

نعم وقع الخلاف بينهم في قدر الغيبة الموجب لجواز الطلاق في الحيض ، فعن جماعة كالمفيد ووالد الصدوق والعماني والديلمي والحلبي أنه يجوز مطلقا من دون تقدير للمدة تمسكا بالأخبار المتقدمة المطلقة ، وبصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ٥ و ٩.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥.

٣٤

(حائلا (١) حاضرا زوجها معها) فلو اختلت أحد الشروط الثلاثة (٢) بأن كانت غير مدخول بها ، أو حاملا إن قلنا بجواز حيضها (٣) ، أو زوجها غائب عنها ، صح طلاقها وإن كانت حائضا ، أو نفساء ، لكن ليس مطلق الغيبة كافيا في صحة طلاقها ، بل الغيبة على وجه مخصوص.

وقد اختلف في حد الغيبة المجوّزة له (٤) على أقوال أجودها (٥) مضي مدة

______________________________________________________

الرجل يطلق امرأته وهو غائب؟ قال عليه‌السلام : يجوز طلاقه على كل حال وتعتد امرأته من يوم طلقها) (١).

وعن الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة تقديرها بشهر لموثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا) (٢)، وخبر ابن سماعة (سألت محمد بن أبي حمزة متى يطلق الغائب؟ فقال : حدثني إسحاق بن عمار أو روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أو أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا مضى له شهر) (٣).

وعن الإسكافي والعلامة في المختلف تقديرها بثلاثة أشهر لصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر) (٤)، وموثق إسحاق بن عمار (قلت لأبي إبراهيم : الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ستة أشهر ، قلت : حد دون ذا ، قال : ثلاثة أشهر) (٥).

وعن الشيخ في الاستبصار والحلي والعلامة في أكثر كتبه والمحقق وهو المشهور بين المتأخرين أنه يقدّر انتقالها من طهر وطئها فيه إلى طهر آخر ، وعليه يحمل اختلاف الأخبار ، لأن عادات النساء في الحيض مختلفة بالنسبة إلى الشهر والثلاثة والأربعة والأزيد ، فالميزان على العلم بانتقالها من طهر إلى آخر ، وبه يتم الجمع بين الأخبار.

(١) أي غير حامل.

(٢) من الدخول وبعد كونها حائلا ومن حضور زوجها معها.

(٣) أي حيض الحامل على ما حرر في كتاب الحيض.

(٤) للطلاق وإن تبني أنها في الحيض.

(٥) وهو المشهور.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٧ و ٨.

٣٥

يعلم أو يظن انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى غيره (١). ويختلف ذلك (٢) باختلاف عادتها ، فمن ثمّ اختلف الأخبار في تقديرها (٣) ، واختلف بسببها (٤) الأقوال ، فإذا حصل الظن (٥) بذلك (٦) جاز طلاقها وإن اتفق كونها حائضا حال الطلاق ، إذا لم يعلم بحيضها حينئذ (٧) ولو بخبر من يعتمد على خبره (٨) شرعا ، وإلا (٩) بطل وفي حكم علمه بحيضها علمه بكونها في طهر المواقعة (١٠) على الأقوى.

______________________________________________________

(١) أي إلى طهر آخر.

(٢) أي انتقالها من طهر إلى آخر.

(٣) أي تقدير الغيبة.

(٤) أي بسبب الأخبار المختلفة.

(٥) وكذا العلم بطريق أولى.

(٦) أي بانتقالها من طهر وطئها فيه إلى طهر آخر.

(٧) حين الطلاق ، هذا وعلى القول بوجوب التربص للغائب مدة حتى يطلق زوجته ، فلو تربص المدة ثم طلق وتبين دافعا أنها في طهر غير طهر المواقعة فلا إشكال في صحة الطلاق لاجتماع شرائطه المعتبرة في صحته واقعا وظاهرا ، ولو طلق ثم تبين كونها حائضا حال الطلاق فلا خلاف ولا إشكال في صحة الطلاق لاجتماع شرائطه المعتبرة في صحته ظاهرا إذ قد أمر بالتربص وفعل ، ويشهد له خبر أبي بصير (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يطلّق امرأته وهو غائب ، فيعلم أنه يوم طلقها كانت طامثا ، قال عليه‌السلام : يجوز) (١).

(٨) كالعدلين.

(٩) بأن كان عالما بحيضها حين الطلاق فيبطل الطلاق ، لأن الأخبار الدالة على جواز طلاق الغائب من دون اشتراط خلوها من الحيض والنفاس ظاهرة في جهله بحال الزوجة ، وأما مع علمه فهو كالحاضر فيشترط طلاقه بخلوها حينئذ.

(١٠) قال في المسالك : (لو طلقها بعد انقضاء المدة المعتبرة ولكن اتفق له مخبر يجوز الاعتماد عليه شرعا بأنها حائض بسبب تغير عادتها ، ففي صحة الطلاق حينئذ وجهان : أجودهما العدم ، وكذا لو أخبره ببقائها في طهر المواقعة ، أو بكونها حائضا حيضا آخر بعد الطهر المعتبر في صحة الطلاق ، لاشتراك الجميع في المقتضي للبطلان ، وصحة طلاقه غائبا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٦.

٣٦

وفي المسألة (١) بحث عريض قد حققناه في رسالة مفردة من أراد تحقيق الحال فليقف عليها.

وفي حكم الغائب من لا يمكنه معرفة حالها (٢) لحبس ونحوه مع حضوره (٣) ، كما أن الغائب (٤) الذي يمكنه معرفة حالها ، أو قبل انقضاء المدة المعتبرة (٥) ، في حكم الحاضر.

ويتحقق ظن انقضاء نفاسها (٦)

______________________________________________________

مشروطة بعدم الظن بحصول المانع) انتهى والمانع هو وجودها في حيض أو في طهر المواقعة.

(١) وهي طلاق الغائب.

(٢) حال الزوجة وأنها حائض أو في طهر.

(٣) أي مع حضور الزوج ، هذا واعلم أنه لو كان حاضرا ولكن لا يمكنه الوصول إلى الزوجة واستعلام حالها لحبس ونحوه فالمشهور بين الأصحاب على أنه بمنزلة الغائب فيما مر من الحكم والأقوال ، ويشهد له صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أصلها ، وهي في منزل أهلها وقد أراد أن يطلقها وليس إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، فقال عليه‌السلام : هذا مثل الغائب عن أهله ، يطلق بالأهلة والشهور) (١).

وأنكر ابن إدريس إلحاق غير الغائب به محتجا بأصالة بقاء الزوجية ، وبأن حمله عليه قياس ، وهو ضعيف مع النص الصحيح الصريح على الإلحاق الرافع للأصل ، وغير المحوج إلى القياس.

(٤) أي لو كان غائبا عنها ولكن يمكنه استعلام حالها فإنه يكون بحكم الحاضر بلا خلاف فيه ، لظهور أخبار الغائب في ما لا يمكن استعلام حالها ، وغيره كالحاضر الذي لا يصح طلاقه إلا بالشروط المعتبرة في الصحة.

(٥) التي جعلت حدا للغيبة المجوّزة للطلاق.

(٦) قد تقدم جواز طلاق الحامل ، وتقدم جواز طلاق الغائب وإن كانت زوجته حائضا ، والنفاس كالحيض فلو فارقها ولم يحتمل وضعها ونفاسها فيجوز الطلاق على كل حال لأنها حامل ، ولو احتمل وضعها ونفاسها فلا بد من مضي مدة يقع فيها الوضع وأكثر

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

٣٧

بمضي زمان تلد فيه (١) عادة وأكثر (٢) النفاس بعدها (٣) ، أو عادتها (٤) فيه (٥). ولو لم يعلم ذلك كلّه ولم يظنه تربص ثلاثة أشهر كالمسترابة (٦).

______________________________________________________

النفاس حتى تطهر ليصح طلاقها حينئذ.

(١) في الزمان الماضي.

(٢) عطف على الزمان ، والمعنى : يمضي زمان وأكثر النفاس.

(٣) أي بعد الولادة بناء على عدم استمرار الدم فوق العشرة.

(٤) عطف على أكثر النفاس ، والمعنى بمضي زمان وعادتها في النفاس إذا استمر الدم فوق العشرة بحسب حالها.

(٥) في النفاس.

(٦) هي من سنّ من تحيض ولا تحيض لخلقة أو عارض فيشترط في صحة طلاقها مضي ثلاثة أشهر من حين المواقعة بلا خلاف فيه لصحيح إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن المسترابة من الحيض كيف تطلّق؟ قال : تطلق بالشهور) (١) ، ومرسل العطار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المرأة يستراب بها ومثلها تحمل ومثلها لا تحمل ولا تحيض ، وقد واقعها زوجها كيف يطلقها إذا أراد طلاقها؟ قال عليه‌السلام : ليمسك عنها زوجها ثلاثة أشهر ثم يطلقها) (٢).

وفي المسالك وتبعه بعض من تأخر عنه أنه لا يلحق باسترابة من تعتاد الحيض في كل مدة تزيد عن ثلاثة أشهر ، فإن تلك لا استرابة فيها ، بل هي من أقسام ذوات الحيض يجب استبراؤها بحيضة وإن توقف على ستة أشهر أو أزيد.

وعلى كل قال الشارح في المسالك (وأطلق عليها اسم الاسترابة تبعا للنص وإلا فقد يحصل مع انقطاع حيضها في هذا السن استرابة بالحمل وقد لا يحصل) انتهى ، ولما عمم المسترابة لمسترابة الحيض والحمل فلذا جعل من لم يعلم انقضاء نفاسها ووضعها ولم يظنه كالمسترابة في الحيض من ناحية الحكم.

ثم لم يذكر الشهيدان الشرط الرابع من شروط المطلقة وهو أن تكون مستبرئة ، بمعنى أن يقع طلاقها في طهر لم يطأها فيه بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (إذا طلق الرجل في دم النفاس أو

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ١٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

٣٨

(والتعيين (١) أي تعيين المطلّقة لفظا ، أو نية ، فلو طلق إحدى زوجتيه لا

______________________________________________________

طلقها بعد ما يمسها فليس طلاقه إياها بطلاق) (١) ، وصحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين ، فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشهادة عدلين) (٢) ومثلها غيرها. نعم تستثنى اليائس والصغيرة والحامل وغير المدخول بها من هذا الشرط للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بطلاق خمس على كل حال : الغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي لم يدخل بها ، والحبلى ، والتي قد يئست من المحيض) (٣) وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (خمس يطلقن على كل حال : الحامل ، والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تبلغ المحيض) (٤)ومثلها غيرها.

(١) الشرط الخامس من شروط المطلقة ، على المشهور ، لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بطلاق ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين) وهو ظاهر في اعتبار التعيين ، وخبر محمد بن أحمد بن مطهر (كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام : إني تزوجت أربعة نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ، ثم إني أردت طلاق إحداهن وتزويج امرأة أخرى؟ فكتب عليه‌السلام : انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا أن فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة) (٥)وهو نص في التعيين.

وعن الشيخ في المبسوط وابن البراج والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والشهيد في شرحه عدم اعتبار التعيين ، فلو كان له زوجتان فقال : إحدى زوجتي طالق ولم ينو طلاق واحدة معينة صح ، وتستخرج بالقرعة كما عليه المحقق في الشرائع ، لأنها لكل أمر مشكل ، أو يرجع في التعيين إليه كما عليه العلامة في القواعد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث ٣.

٣٩

بعينها بطل(على الأقوى) لأصالة بقاء النكاح فلا يزول إلا بسبب محقق السبيبة (١) ، ولأن الطلاق أمر معين فلا بد له من محل معين ، وحيث لا محلّ فلا طلاق ، ولأن الأحكام من قبيل الأعراض فلا بد لها من محل تقوم به ، ولأن توابع الطلاق من العدة وغيرها لا بدّ لها من محل معين.

وقيل : لا يشترط (٢) وتستخرج المطلقة بالقرعة أو يعين (٣) من شاء ، لعموم مشروعية الطلاق ، ومحلّ المبهم (٤) جاز أن يكون مبهما ، ولأن إحداهما زوجة وكل زوجة يصح طلاقها ، وقواه المصنف في الشرح ، ويتفرع على ذلك (٥) العدة.

فقيل : ابتداؤها من حين الايقاع (٦).

وقيل : من حين التعيين (٧) ، ويتفرع عليه (٨) أيضا فروع كثيرة (٩) ليس هذا (١٠) موضع ذكرها.

______________________________________________________

والقول بعدم التعيين محجوج بالأخبار المتقدمة ، واستدل على الأول أيضا بأن الطلاق أمر معيّن فلا بدّ له من محل معين ، وحيث لا محل فلا طلاق ، وبأن الأحكام من قبيل الأعراض فلا بد لها من محل تقوم به ، وأن الطلاق لدفع قيد النكاح ، والنكاح لم يقع في الخارج إلا على شخص بعينها ، فلا بد أن يكون الطلاق كذلك ، وبأن الطلاق له توابع من العدة ونحوها ، ولا بدّ للتوابع من محل معين فكذا المتبوع وهو الطلاق ، وهذه أمور استحسانية أو عقلية ظنية لا داعي لها بعد وجود الأخبار.

(١) وهو الطلاق مع التعيين.

(٢) أي التعيين.

(٣) أي المطلّق.

(٤) المبهم هو الطلاق ومحله الزوجة وهو أشبه بالمصادرة.

(٥) أي جواز الطلاق من غير تعيين.

(٦) أي إيقاع صيغة الطلاق ، وهو قول للشيخ ، لأن الطلاق يقع من وقت اللفظ لأنه جزم بالطلاق فلا يجوز تأخيره ، نعم محله غير معين فيؤمر بالتعيين.

(٧) كما رجحه العلامة في القواعد والتحرير ، لأن الطلاق لا يؤثر إلا في المحل المعين.

(٨) أي جواز الطلاق من غير تعيين.

(٩) منها حرمة زوجاته جمع إلى أن يعين واحدة منها.

(١٠) لأن الكتاب مبني على الاختصار ، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع المسالك ، ولكن

٤٠