الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

(ولو أوصى بعتق رقبة بثمن معين وجب) (١) تحصيلها به مع الإمكان(ولو تعذر إلا بأقل اشتري وعتق ودفع إليه ما بقي) من المال المعين على المشهور بين الأصحاب.

وربما قيل : إنه إجماع. ومستنده رواية سماعة عن الصادق عليه‌السلام : ولو لم ير جد إلا بأزيد توقع المكنة ، فإن يئس من أحد الأمرين (٢) ففي وجوب شراء بعض رقبته (٣) ، فإن تعذر صرف في وجوه البر (٤) ، أو بطلان الوصية ابتداء (٥) ، أو مع تعذر بعض الرقبة أوجه أوجهها الأول. ويقوى (٦) لو كان التعذر طارئا على زمن الوصية ، أو على الموت لخروج القدر عن ملك الورثة فلا يعود إليهم (٧).

(الفصل الثالث في الأحكام)

(تصح الوصية للذمي (٨).

______________________________________________________

(١) لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين فلم يجد به ، لم يجب الشراء بالزائد ، حتى لو بذل له الوارث للنهي عن تبديل الوصية. ولو وجد الرقبة بالأقل اشتراها وأعتقها ودفع إليها ما بقي ، ولا يجوز صرف الباقي في وجوه البر ، لأنه أقرب إلى الموصي ، ولموثق سماعة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أوصى أن يعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم ، فاشترى الوصي بأقل من خمسمائة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟

قال : تدفع إلى النسمة من قبل أن تعتق ثم تعتق من الميت) (١).

(٢) وهو الشراء بالثمن المعين أو الأقل.

(٣) لأنه أقرب إلى مراد الموصي.

(٤) لأن متعلق الوصية قد خرج عن ملك المورث بالموت فلا يعود إليه ولا يدخل في ملك الوارث للوصية ووجوه البر مصرف لكل مال لا مالك له.

(٥) لتعذر الموصى به ولا دليل على وجوب غيره ونفى عنه في التذكرة الباس.

(٦) أي الوجه الأول.

(٧) فلا بدّ من صرفه إما بشراء بعض رقبته أو في وجوه البر ، والأول أقرب لمراد الموصي فيتعين.

(٨) تصح الوصية للذمي الملتزم بشرائط الذمة لإطلاق أدلة الوصية ، ولقوله تعالى : (لٰا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧٧ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١.

٦١

(وإن كان أجنبيا) ، للأصل (١) ، والآية والرواية ، (بخلاف الحربي (٢) وإن كان رحما) ،

______________________________________________________

يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) بالمودة (١) ، والوصية برّ والذمي الملتزم بشرائط الذمة غير مقاتل للمسلمين ، وللأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أوصى بماله في سبيل الله ، فقال عليه‌السلام : أعطه لمن أوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا ، إن الله تعالى يقول : فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه) (٢) ، ومثله صحيحه الآخر عن أحدهما عليه‌السلام (٣) ، وصحيح الريان بن شبيب عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (قلت له : إن أختي أوصت بوصية لقوم نصارى وأردت أن أصرف ذلك إلى قوم من أصحابنا مسلمين ، فقال عليه‌السلام : أمض الوصية على ما أوصت به ، قال الله تعالى : فمن بدله بعد ما سمعه) (٤) وعن القاضي عدم الجواز لقوله تعالى : (لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ) (٥) ، والوصية تستلزم المودة وهي محرمة بالنسبة إلى الكافر سواء كان من الأرحام أم لا.

ويضعّف بمعارضته بقوله تعالى : (لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ ...) (٦) ، وبما تقدم من الأخبار ، والاستدلال منقوض بجواز هبته وإطعامه مع أنها موادة ، على أننا نمنع كون مطلق الوصية له موادة ، لأن الظاهر أن المراد منها هي موادة المحادّ لله من حيث هو محادّ لله بقرينة جواز صلته لآية البر والمودة وعن ثالث التفصيل بصحة الوصية للذمي إن كان رحما للموصي وبطلانها إن كان أجنبيا ، لما ورد من الحث على صلة الرحم (٧) ، وهو متناول للذمي ، وفيه : إنه غير مناف لما دل على صلة غيره فالقول بالجواز هو الأقوى.

(١) أي إطلاق أدلة الوصية.

(٢) فلا تجوز الوصية له لقوله تعالى : (لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إلى ـ

__________________

(١) سورة الممتحنة ، الآية : ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الوصايا حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الوصايا حديث ١.

(٤) الوسائل ـ من أبواب الوصايا.

(٥) سورة المجادلة ، الآية : ٢٢.

(٦) سورة الممتحنة ، الآية : ٨.

(٧) أصول الكافي ج ٢ ص ١٥٠ طبعة طهران.

٦٢

لا لاستلزامها (١) الموادة المنهي عنها لهم ، لمنع الاستلزام (٢) ، بل (٣) لأن صحة الوصية تقتضي ترتيب أثرها ، الذي من جملته وجوب الوفاء بها ، وترتب العقاب على تبديلها ومنعها ، وصحتها تقتضي كونها مالا للحربي ، وماله في‌ء للمسلم في الحقيقة ولا يجب دفعه إليه ، وهو (٤) ينافي صحتها بذلك المعنى (٥) ، بخلاف الذمي.

وهذا المعنى (٦) من الطرفين (٧) يشترك فيه الرحم وغيره (٨). ويمكن أن تمنع

______________________________________________________

ـ قوله تعالى ـ (إِنَّمٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ قٰاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ) (١) ، والحربي من أبرز مصاديق الآية ، وأشكل الشارح على هذا الاستدلال في المسالك بقوله : (وفيه نظر لأن الحربي قد لا يكون مقاتلا بالفعل بل ممتنعا من التزام شرائط الذمة فلا يدخل في الآية) انتهى ، بل ما تقدم من الأخبار بإعطاء من أوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا شامل للحربي بإطلاقه ، ولذا ذهب بعضهم إلى جواز الوصية للحربي أيضا.

(١) أي الوصية.

(٢) لأن المراد من الموادة هي الموادة للمحادّ لله من حيث هو محادّ لله ، وليس النزاع في ذلك بل النزاع في جواز الوصية للحربي بما هو ذو روح وعبد من عباد الله جلّ وعلا.

(٣) الدليل الثاني على عدم صحة الوصية للحربي ، فلو صحت الوصية لوجب ترتيب آثارها ، ومن جملتها وجوب الوفاء بها ودفع الموصى به إلى الموصى له ، ولو وجب الدفع إلى الحربي لوقع التنافي بينه وبين ما وقع عليه اتفاقهم من أن مال الحربي غير معصوم ويجوز أخذه لأن ماله في‌ء للمسلمين ، ولازمه عدم وجوب الدفع إليه وهو معنى بطلان الوصية ، وفيه ما قاله الشارح في المسالك : (لأن معنى صحتها ثبوت الملك له إذا قبله ، فتصير حينئذ ملكا من أملاكه ، ويلزمه حكمه ، ومن حكمه جواز أخذ المسلم له) انتهى.

(٤) أي عدم وجوب الدفع إليه.

(٥) من ترتيب آثار الوصية على تقدير الصحة ، ومن جملة الآثار وجوب الدفع إليه.

(٦) من ترتيب الآثار على الوصية على تقدير الصحة ، ومن جملة الآثار وجوب الدفع إلى الموصى له ، مع أنه لا يجب الدفع إلى الحربي لأن ماله في‌ء للمسلمين ، ومن إطلاق الآية والرواية الواردتين في الذمي.

(٧) من الذمي والحربي إثباتا ونفيا.

(٨) فالتفصيل بين الرحم وغيره كما تقدم ليس في محله.

__________________

(١) سورة الممتحنة ، الآيتان : ٨ ، ٩.

٦٣

المنافاة (١) ، فإن منع الحربي منها (٢) من حيث إنها ماله (٣) غير مناف للوفاء بالوصية من حيث إنها وصية ، بل منعه من تلك الحيثية (٤) مترتب على صحة الوصية وعدم تبديلها (٥) ، وفي المسألة أقوال أخر.

(وكذا المرتد) عطف على الحربي ، فلا تصلح الوصية له ، لأنه بحكم الكافر المنهي عن موادته.

ويشكل بما مر (٦). نعم يتم ذلك في الفطري ، بناء على أنه لا يملك الكسب المتجدد (٧) ، وأما الملّي ، والمرأة مطلقا (٨) فلا مانع من صحة الوصية له (٩) ، وهو خيرة المصنف في الدروس.

(ولو أوصى في سبيل الله فلكل قربة) (١٠) ، لأن السبيل هو الطريق ، والمراد

______________________________________________________

(١) بين القول بصحة الوصية القاضية بوجوب الدفع إلى الحربي ، وبين كون مال الحربي فيئا للمسلمين.

(٢) من الوصية.

(٣) بعد القبول.

(٤) أي من حيث إنها ماله.

(٥) قال الشارح في المسالك : (وتظهر الفائدة في جواز استيلاء الوصي على العين الموصي بها للحربي فيختص بها دون الورثة ، وكذا لو استولى عليها بعض الورثة دون بعض ، حيث لم يكن في أيديهم ابتداء ، ولو حكمنا بالبطلان لم يتأتّ هذا ، بل يكون الموصى به من جملة التركة لا يختص بأحد من الورّاث) انتهى.

(٦) من أن الموادّة المنهي عنها لا تستلزم بطلان الوصية له من حيث أنه ذو روح وعبد من عباد الله جل وعلا.

(٧) لوجوب قتله وسيأتي البحث فيه في محله.

(٨) سواء كان ارتدادها عن فطرة أو ملّة.

(٩) لعدم المانع من كسبه المتجدد لعدم وجوب قتله.

(١٠) لو أوصى في سبيل الله صرف إلى ما فيه أجر ، لأن السبيل هو الطريق والمراد بسبيل الله الطريق إلى رضوانه أو ثوابه لاستحالة التحيز عليه ، وهذا شامل لكل ما يتقرب به إلى الله فيحمل اللفظ عليه.

وعن الشيخ اختصاصه بالغزاة ، وعند تعذر الجهاد يصرف في أبواب البر من معونة الفقراء والمساكين وابن السبيل وصلة آل الرسول عليهم‌السلام ، وفيه منع واضح إذ لا دليل عليه.

٦٤

هنا ما كان طريقا إلى ثوابه فيتناول كل قربة جريا له على عمومه.

وقيل : يختص الغزاة ، (ولو قال : أعطوا فلانا كذا ، ولم يبين ما يصنع به ، دفع إليه يصنع به ما شاء) (١) لأن الوصية بمنزلة التمليك فتقتضي تسلط الموصى له تسلط المالك ، ولو عين له المصرف تعين.

(وتستحب الوصية لذوي القرابة ، وارثا كان أم غيره) (٢) لقوله تعالى :

______________________________________________________

(١) لأن الوصية تمليك للموصى له ، والتمليك يقتضي تسليط الموصى له على المال كتسلط غيره من الملّاك على أموالهم ، نعم لو عين مصرفا بحيث قال : اعطوه ليصرفه في الجهة الفلانية تعين عليه صرفه فيها للنهي عن تبديل الوصية ، قال تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (١) ، ولو صرفه في غير الجهة المعيّنة ضمن ولزمه إقامة بدله وصرفه في الوجه المعين.

(٢) تجوز الوصية للوارث كما تجوز للأجنبي لإطلاق أدلة الوصية ، ولقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢) ، ولا بدّ أن يكون الوالدان وارثين ، إلا أن يكونا ممنوعين من الإرث للكفر ونحوه لكن اللفظ أعم فيشمل موضع النزاع ، والأقربين أيضا يشمل الوارث على بعض الوجوه ، وللأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (الوصية للوارث لا بأس بها) (٣) ، وموثقه الآخر عنه عليه‌السلام (عن الوصية للوارث ، فقال عليه‌السلام : تجوز ثم تلا هذه الآية إن ترك خيرا ...) (٤) ، وصحيح أبي ولّاد الحناط عن أبي عليه‌السلام (عن الميت يوصي للوارث بشي‌ء؟ قال عليه‌السلام : نعم ، أو قال : جائز له) (٥) ، ومثلها غيرها.

وذهب أكثر الجمهور إلى عدم جوازها للوارث وهو واضح الفساد بعد ما سمعت من الأدلة ، ولذا ما ورد من طرقنا وهو دال على أن الوصية لا تجوز للوارث محمول على التقية.

هذا بل الآية تدل على استحباب الوصية لذوي القرابة وارثا كان أم غيره ، لأن معنى (كتب) الوارد وفي الآية هو الفرض وهو بمعنى الحث والترغيب وهو يدل على الاستحباب فضلا عن الجواز.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨١.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٨٠.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوصايا حديث ٤ و ٢ و ١.

٦٥

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (١) ، ولأن فيه صلة الرحم ، وأقل مراتبه (٢) الاستحباب ، (ولو أوصى للأقرب) أي أقرب الناس إليه نسبا(نزّل على مراتب الإرث) (٣) لأن كل مرتبة أقرب إليه من التي بعدها ، لكن يتساوى المستحق هنا ، لاستواء نسبتهم إلى سبب الاستحقاق وهو الوصية ، والأصل عدم التفاضل فللذكر مثل حظّ الأنثى ، وللمتقرب بالأب مثل المتقرب بالأم ، ولا يتقدم ابن العم من الأبوين على العم للأب وإن قدم في الميراث (٤) ، ويتساوى الأخ من الأم والأخ من الأبوين ، وفي تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب وجه قوي ، لأن تقدمه عليه في الميراث يقتضي كونه أقرب شرعا ، والرجوع إلى مراتب الإرث يرشد إليه (٥) ولا يرد مثله في ابن العم للأبوين ، لاعترافهم بأن العم أقرب منه (٦) ، ولهذا جعلوه مستثنى بالإجماع ، ويحتمل تقديمه (٧) هنا لكونه أولى بالميراث.

(ولو أوصى بمثل نصيب ابنه فالنصف إن كان له ابن واحد (٨) ، والثلث إن)

______________________________________________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٠.

(٢) إما أقل مراتب صلة الرحم ، أو أقل مراتب الأمر الواقع في الآية المستفاد من قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ).

(٣) إذا أوصى للأقرب نزّل على مراتب الارث بالنسب بمعنى تقديم المرتبة الأولى على الثانية ، والثانية على الثالثة لأن كل مرتبة أقرب إليه من التي بعدها ، فلا يعطى الأبعد مع وجود الأقرب ، والتنزيل على مراتب الارث من حيث المرتبة لا في كيفية الاستحقاق ، لأن الوصية يتساوى فيها الذكر والأنثى ، والمتقرب بالأب والمتقرب بالأم وإن كان إخوة.

(٤) فتقديم ابن العم لدليل خاص في الارث وسيأتي بحثه في بابه.

(٥) إلى تقديم الأخ من الأبوين ، ووجهه أن التنزيل المذكور يقتضي مراعاة مراتب الارث فالطبقة الأولى مقدمه على الثانية وهكذا ، إلا أن الأقربية التي أوجبت التنزيل المذكور يقتضي تقديم الأخ من الأبوين لأنه أقرب من الأخ من الأب.

وفيه : لو سلم ذلك لاقتضى تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأم ، مع أنه قد سلم بتساويهما عرفا.

(٦) أي أقرب من ابن العم من الأبوين عرفا.

(٧) أي تقديم ابن العم من الأبوين على العم للأب في الوصية.

(٨) إذا أوصى لأجنبي بمثل نصيب ابنه ، وليس له إلا واحد ، فتكون الوصية بالنصف ، لأنه ـ

٦٦

(كان له ابنان ، وعلى هذا).

والضابط أنه يجعل كأحد الورّاث ويزاد في عددهم ، ولا فرق بين أن يوصي له بمثل نصيب معين ، وغيره ، ثمّ إن زاد نصيبه على الثلث توقف الزائد عليه (١) على الإجازة ، فلو كان له ابن وبنت وأوصى لأجنبي بمثل نصيب البنت فللموصى له ربع التركة (٢) ، وإن أوصى له بمثل نصيب الابن فقد أوصى له

______________________________________________________

ـ أضاف إلى الوارث الواحد آخرا بالوصية ، وللموصى له كما عرفت النصف ، وهو أزيد من الثلث فإن أجاز الوارث فهو ، وإلا كان له الثلث والباقي للولد ، ولو أوصى للأجنبي بمثل نصيب ابنه وله ولدان كانت الوصية بالثلث ، لأنه قد أضاف إليهما ثالثا بالوصية ، ولو كان له ثلاثة كانت الوصية بالربع وهكذا ، والضابط أن الموصى له يضاف إلى الوارث ، ويجعل كأحدهم إن كانوا متساويين ، وإن كانوا مختلفين بالسهام جعل الموصى له مثل أضعفهم سهما لصدق الموصى به عليه ، ولأصالة البراءة عن الزائد إلا أن يصرح الموصي بأن نصيبه مثل أعظمهم سهما فيعمل بمقتضى الوصية حينئذ إن لم تزد على الثلث ، وإلا توقفت على إجازة الوارث بلا خلاف فيه بيننا.

نعم عن بعض العامة أن الموصى له يخرج من أصل التركة ثم يقسم الباقي على الورثة فلو أوصى له بمثل نصيب أحدهم وليس له إلا ولد واحد فالوصية بجميع المال ، لأن جميع المال هو نصيب ولده في هذا الفرض ، ولو أوصى له وعنده ابنان فالوصية بالنصف والنصف الآخر بين الولدين الوارثين ، وكان للأجنبي النصف لأنه هو نصيب ولده في هذا الفرض ، ولو أوصى له وكان له ثلاثة فالوصية بالثلث ، والباقي بين الورثة الثلاثة بالسوية وهكذا ، ومال إليه العلامة في التحرير وجعله قريبا من الصواب.

وأجيب عن هذا القول بأن التماثل يقتضي شيئين ، والوارث لا يستحق شيئا إلا بعد الوصية النافذة ، وعليه فالموصى له يكون نصيبه كنصيب الوارث بعد الوصية ، لا كنصيبه قبل الوصية ، مع أن الوصية في الأول بالجميع والوارث لا نصيب له ، وفي الثاني بالنصف ولكل وارث ربع ، وفي الثالث بالثلث ولكل وارث تسعان وهو أقل من الثلث بتسع ، وفي الجميع لم يكن نصيب الموصى له كنصيب الوارث وهو على خلاف مدلول الوصية مع أن النهي قد تعلق بتغييرها وتبديلها.

(١) على الثلث.

(٢) وثلاثة أرباعها بين الذكر والأنثى على قاعدة أن له ضعف ما للأنثى ، فالذكر له ربعان والأنثى لها ربع ، وأما الموصى له فله الربع لأنه بمنزلة البنت بحسب الفرض فكأن الميت له ذكر وابنتان ، والمسألة من أربعة.

٦٧

بخمسي التركة (١) فيتوقف الزائد عن الثلث وهو ثلث خمس (٢) على اجازتهما (٣) ، فإن أجازا فالمسألة من خمسة لأن الموصى له بمنزلة ابن آخر ، وسهام الابنين مع البنت خمسة وإن ردّا فمن تسعة (٤) ، لأن للموصى له ثلث التركة ، وما يبقى لهما (٥) أثلاثا (٦) فتضرب ثلاثة في ثلاثة ، وإن أجاز أحدهما وردّ الآخر ضربت مسألة الإجازة في مسألة الرد (٧) ، فمن أجاز ضربت نصيبه من مسألة الإجازة في مسألة الرد (٨) ومن رد ضربت نصيبه من مسألة الرد في مسألة الإجازة (٩) ، فلها مع اجازتها تسعة من خمسة وأربعين ، وله (١٠) عشرون ، وللموصى له ستة عشر (١١) ، هي ثلث الفريضة وثلث الباقي من النصيب على تقدير الإجازة (١٢) ،

______________________________________________________

(١) لأن الموصى له كالذكر ، فتحسب التركة على أساس وجود ذكرين وبنت ، والمسألة من خمسة ، فالموصى له خمسان ، والذكر خمسان أيضا ، والخمس الباقي للبنت.

(٢) المسألة من خمسة ، والخمسة لا تنقسم بغير كسر على الثلث ، فنضرب أحدهما بالآخر ، والحاصل خمسة عشر وثلثها خمسة ، وخمساها ستة والفرق بين الخمسين والثلث حينئذ واحد ، وهو ثلث خمس التركة.

(٣) أي إجازة الابن والبنت لانحصار الورثة بهما.

(٤) أي فالمسألة من تسعة.

(٥) للابن والبنت.

(٦) لقاعدة للأنثى نصف الذكر ، أو للذكر ضعف ما للأنثى.

(٧) فمسألة الإجازة من خمسة ، ومسألة الرد من تسعة ، والحاصل خمسة وأربعون ، وعليه فالمسألة عند الاختلاف في الإجازة من خمسة وأربعين.

(٨) فلو أجاز الابن فتضرب اثنين بتسعة فالحاصل ثمانية عشر ويعطى للابن ، فالاثنان هما نصيبه من مسألة الإجازة والتسعة هي مسألة الرد.

ولو أجازت البنت لضربت الواحد بتسعة فالحاصل تسعة وتعطي للبنت فالواحد هو نصيبها من مسألة الإجازة والتسعة هي مسألة الرد.

(٩) فلو ردّ الابن فتضرب أربعة بخمسة فالحاصل عشرون فتعطى للابن ، والأربعة هي نصيبه من مسألة الرد ، والخمسة هي مسألة الإجازة ولو ردت البنت فتضرب اثنين بخمسة فالحاصل عشرة فتعطى للبنت ، والاثنان هما نصيب البنت في مسألة الرد والخمسة هي مسألة الإجازة.

(١٠) أي للابن على تقدير الرد لأنهما مختلفان.

(١١) وهي الباقي من الخمسة والأربعين التي هي مسألة الاختلاف.

(١٢) أي والستة عشر هي ثلث الفريضة الذي هو خمسة عشر ، وثلث الباقي أي ثلث المقدار ـ

٦٨

وله مع اجازته (١) ثمانية عشر ولها عشرة وللموصى له سبعة عشر ، وعلى هذا القياس.

(ولو قال : أعطوه مثل سهم أحد ورّاثي أعطي مثل سهم الأقل) (٢) لصدق الاسم به ، ولأصالة البراءة من الزائد ، فلو ترك ابنا وبنتا فله (٣) الربع ، ولو ترك ابنا وأربع زوجات فله سهم من ثلاثة وثلاثين (٤) ، (ولو أوصى بضعف نصيب ولده فمثلاه) (٥) على المشهور بين الفقهاء ، وأهل اللغة.

______________________________________________________

ـ الذي لو كان الابن والبنت قد أجاز الأخذة ، ولكن لمّا لم يجز الابن فيأخذ الموصى له ثلث الباقي ، ولذا ستعرف عند إجازة الابن فقط فللموصى له ثلث الفريضة وثلثا هذا الباقي والمجموع هو سبعة عشر.

(١) أي للابن.

(٢) قد تقدم الكلام فيه.

(٣) أي الموصى له ، لأنه بمنزلة البنت.

(٤) لأن ثمن التركة لزوجاته مهما بلغ عددهن ، وهذا الثمن فنقسم على أربعة على تقدير عدم الوصية ، فلا بد من عدد ينقسم أثمانا وثمنه ينقسم على أربعة وما هو إلا اثنان وثلاثون ، ونصيب الزوجة واحد من اثنين وثلاثين فلا بد من جعل الموصى له كالزوجة له واحد أيضا فتكون المسألة من ثلاثة وثلاثين والموصى له واحد وكل زوجة من زوجاته الأربعة لها واحد والباقي وهو ثمانية وعشرون للابن وعن الشيخ أنه جعل المسألة من اثنين وثلاثين لكل زوجة واحد ، وجعل نصيب الموصى له واحدا كنصيب الزوجة وجعله من نصيب الولد ، فيأخذ الولد سبعة وعشرون.

وفيه : لا معنى لإدخال النقص الحاصل من نصيب الموصى له على حصة الولد فقط بل لا بد من إدخاله على حصص جميع الورثة.

(٥) إذا أوصى للأجنبي بضعف نصيب ولده ، كان له مثلاه ، لأن ضعف الشي‌ء مثلاه كما هو الأشهر بين الفقهاء ، بل عن الخلاف حكايته عن عامة الفقهاء والعلماء ، نعم عن الصحاح والجمهرة وأبي عبيد القاسم بن سلام أن الضعف هو المثل ، وعن الأزهري الضعف هو المثل فما فوقه وليس بمقصور على مثليه فأقله واحد وأكثره غير محصور ، والعرف شاهد على أن الضعف هو المثل مضاعفا فيكون له مثلين ، ويشهد له قوله تعالى : (إِذاً لَأَذَقْنٰاكَ ضِعْفَ الْحَيٰاةِ وَضِعْفَ الْمَمٰاتِ) (١) ، أي عذاب الدنيا والآخرة مضاعفا.

__________________

(١) سورة الإسراء ، الآية : ٧٥.

٦٩

وقيل : مثله. وهو قول بعض أهل اللغة. والأصح الأول(وبضعفيه (١) ثلاثة أمثاله) ، لأن ضعف الشي‌ء ضم مثله إليه ، فإذا قال : ضعفيه فكأنه ضم مثليه إليه.

وقيل : أربعة أمثاله ، لأن الضعف مثلان كما سبق فإذا ثنّى كان أربعة.

ومثله القول في ضعف الضعف (٢).

(ولو أوصى بثلثه للفقراء (٣) جاز صرف كل ثلث إلى فقراء بلد المال) الذي

______________________________________________________

(١) لو أوصى للأجنبي بضعفي نصيب ولده كان له ثلاثة أمثاله ، لأن ضعفي الشي‌ء هو ومثلاه ، وقد حكي التصريح به عن بعض أهل اللغة لأن الضعف هو ضم مثل الشي‌ء إليه ، والضعفان هو تضعيف هذا الضم مرة أخرى ، وعن الشيخ في المبسوط يكون له أربعة أمثاله ، لأن كل ضعف مثلان.

(٢) لو أوصى للأجنبي بضعف ضعف نصيب ولده فيجري فيه الكلام المتقدم ، فعن الشيخ يكون له أربعة أمثاله لأن الضعف مثلان ، وعن غيره يكون له ثلاثة أمثاله لأن الضعف هو ضم مثل الشي‌ء إليه ، وضعف الضعف أي يضعّف هذا الضم مرة أخرى فيكون المجموع ثلاثة.

(٣) لو أوصى بثلثه للفقراء وله أمواله متفرقة في بلاد شتى جاز صرف كل ما في بلد إلى فقرائه ، لحصول الغرض من الوصية مع عدم وجود مانع منه.

ويجوز صرف الجميع في فقراء بلد الموصي كذلك لحصول الغرض من الوصية ، نعم قيده الشارح في المسالك بما إذا لم يستلزم تغريرا بالمال بسبب نقله ، ولا تأخيرا لإخراج الوصية مع إمكان التعجيل ، وإلا أشكل الجواز لذلك.

وفيه : أنه لا إشكال وإن اثم أو ضمن لأن الكلام في أصل جواز الصرف فيهم ، على أنه يمكن فرض غرض صحيح لجواز النقل كأولوية المستحق ووجود الحاكم وغير ذلك مما تقدم في جواز نقل الزكاة من بلد إلى آخر.

نعم لو فرض عدم المستحق في بلد المال وعدم الخطر في النقل جاز بلا إشكال حينئذ ، كما أنه لا إشكال في جواز إخراج قدر ثلث التركة من المال الذي في بلد الموصي إلى فقرائه مع ترك الأموال المتفرقة للورثة مع رضاهم بذلك ، لأن المعتبر إخراج ثلث المال بالقيمة ، لا الإخراج من كل شي‌ء ثلثه ، وإن كان إطلاق الثلث في الوصية يقتضي الإشاعة إلا أن يتعلق غرض الموصي بشي‌ء من الأعيان أو الجميع فيجب إتباع مراده حينئذ.

٧٠

هو فيه ، وهو الأفضل ليسلم من خطر النقل ، وفي حكمه (١) ، احتسابه على غائب مع قبض وكيله في البلد ، (ولو صرف الجميع في فقراء بلد الموصي) ، أو غيره(جاز) ، لحصول الغرض من الوصية وهو صرفه إلى الفقراء.

واستشكل المصنف جواز ذلك (٢) في بعض الصور (٣) بأنه إن نقل المال (٤) من البلاد المتفرقة إلى بلد الإخراج كان فيه تغرير في المال ، وتأخير للإخراج ، وإن أخرج قدر الثلث (٥) من بعض الأموال ففيه خروج عن الوصية ، إذ مقتضاها الإشاعة (٦). والأوسط منها (٧) متوجه ، فإن تأخير (٨) إخراج الوصية مع القدرة عليه (٩) غير جائز ، إلا أن يفرض عدم وجوبه ، إما لعدم المستحق في ذلك الوقت الذي نقل فيه ، أو تعيين الموصي الإخراج في وقت مترقب بحيث يمكن نقله إلى غير البلد قبل حضوره (١٠) ، ونحو ذلك.

وينبغي جوازه (١١) أيضا لغرض صحيح ككثرة الصلحاء ، وشدة الفقر ، ووجود من يرجع إليه (١٢) في أحكام ذلك (١٣) ، كما يجوز نقل الزكاة للغرض ،

______________________________________________________

(١) أي وفي حكم الصرف في بلد المال الاحتساب على غائب.

(٢) أي صرف الجميع في بلد واحد والمال في بلاد شتى.

(٣) وهي ما لو كان في النقل تغرير في المال أو تأخير في إخراج الوصية وإلا فلا إشكال.

(٤) وهو الثلث.

(٥) أي ثلث مجموع التركة.

(٦) ولازمها إخراج ثلث كل مال في بلده.

(٧) من هذه الإشكالات ، والأوسط هو تأخير الإخراج ، والإشكالات هي التغرير وتأخير الإخراج وإخراج ثلث المجموع من بعض مال التركة.

(٨) تعليل لتوجه الأوسط.

(٩) على الإخراج.

(١٠) أي حضور الوقت الذي عينه الموصي.

(١١) أي جواز نقل الثلث إلى بلد الموصي.

(١٢) وهو الحاكم.

(١٣) أي أحكام صرف الوصية.

٧١

وأما التغرير (١) فغير لازم في جميع أفراد النقل (٢) ، وأما إخراج الثلث (٣) من بعض الأموال فالظاهر أنه لا مانع منه ، إذ ليس الغرض الإخراج من جميع أعيان التركة ، بل المراد إخراج ثلثها بالقيمة ، إلا أن يتعلق غرض الموصي بذلك (٤) ، أو تتفاوت فيه مصلحة الفقراء.

والمعتبر صرفه إلى الموجدين في البلد ، ولا يجب تتبع الغائب (٥) ، ويجب الدفع إلى ثلاثة فصاعدا (٦) ، لا في كل بلد ، بل المجموع.

(ولو أوصي له بأبيه (٧) فقبل وهو (٨) مريض ثم مات) الموصى له(عتق) أبوه

______________________________________________________

(١) وهو الأول من اللوازم الثلاثة.

(٢) فلا بد من الاقتصار على موارد الخطر في مقام عدم جواز النقل ، على أنه قد يكون في إبقائه في بلد المال تغرير فيه إذا كان هناك خطر في البقاء فيجب النقل.

(٣) أي إخراج ثلث المجموع وهو الثالث من اللوازم الثلاثة.

(٤) أي بالإخراج من جميع أعيان التركة.

(٥) وكيف كان مما تقدم من جواز النقل وعدمه فلا بد من دفع الثلث إلى الموجودين في البلد ولا يجب تتبع من غاب ، لأن الفقراء غير منحصرين فلا يجب الاستيعاب ولا تتبع من ليس بالبلد لعدم انحصارهم.

(٦) فيجب أن يعطى ثلاثة فصاعدا عملا بمقتضى اللفظ ، لأن الفقراء جمع وأقله ثلاثة ، نعم من يقول إن أقله اثنان اكتفى بهما ، هذا والمدار على الثلاثة في ثلث مجموع التركة ، وليس في كل بلد ، عملا بظاهر لفظ الوصية أيضا.

(٧) لو أوصى لرجل بأب الموصى له ، وقبل الوصية وهو مريض مرض الموت ، عتق عليه من أصل المال بلا خلاف فيه ، وإن كان منجزات المريض من الثلث ، لأن المعتبر من الثلث ما يخرجه المريض عن ملكه بنفسه اختيارا كما لو باشر عتقه فيكون فيه ضرر بالوارث فيخرج من الثلث حينئذ.

ومقامنا ليس كذلك ، لأن الموصى له لم يخرجه عن ملكه حتى يكون من التنجيز ، بل بالقبول ملكه ولكن الله هو الذي أخرجه عن ملكه حين ملكه بالقبول ، فقد انعتق عليه تبعا لملكه بغير اختياره.

نعم عن بعض العامة أن الخروج من الثلث كما لو أعتقه اختيارا ، وعن العلامة في التحرير أنه قوّاه لأن اختيار السبب وهو القبول اختيار للمسبب وهو الانعتاق عليه حين ملكه.

(٨) أي الموصى له.

٧٢

(من صلب ماله) ، لأنه لم يتلف على الورثة (١) شيئا مما هو محسوب مالا له وإنما يعتبر (٢) من الثلث ما يخرجه عن ملكه كذلك (٣) ، وإنما ملكه هنا بالقبول (٤) وانعتق عليه قهرا تبعا لملكه.

ومثله (٥) ما لو ملكه بالإرث ، أو بالاتهاب (٦) على الأقوى (٧) ، أما لو ملكه بالشراء فإنه ينعتق من الثلث على الأقوى (٨) ، لاستناد العتق إلى حصول الملك الناشئ عن الشراء. وهو (٩) ملكه في مقابلة عوض ، فهو بشرائه ما لا يبقى في ملكه مضيع للثمن على الوارث ، كما لو اشتري ما يقطع بتلفه. ويحتمل اعتباره (١٠) من الأصل ، لأنه مال متقوم بثمن مثله ، إذ الفرض ذلك ، والعتق أمر قهري طرأ بسبب القرابة. وضعفه واضح ، لأن بذل الثمن في مقابلة ما قطع بزوال ماليته محض التضييع على الوارث.

______________________________________________________

(١) أي ورثة نفس الموصى له.

(٢) أي ويعتبر منجز المريض من الثلث ما لو أتلف على الورثة شيئا باختياره.

(٣) أي باختياره.

(٤) علق الشارح كما في الطبعة الحجرية بقوله : (وهنا لم يخرجه المريض كذلك ، وإنما أخرجه الله تعالى عن ملكه بالقبول ، وانعتق عليه تبعا لملكه بغير اختياره فلم يكن مفوّتا بغير اختياره ، وإنما جاء الفوات من قبل الله تعالى).

(٥) أي أنه يخرج من الأصل لا من الثلث.

(٦) وكان ملكه في المرض هذا من جهة ومن جهة أخرى يشترط في الهبة أن لا تكون معوّضة وإلا فهو ينعتق عليه من الثلث كما لو ملكه بالشراء.

(٧) وفي قباله احتمال وليس قولا لأحد ، وهو أنه ينعتق عليه من الثلث لتحقق الملك في المرض فيكون من جملة أمواله وانعتاقه يفوّت عليهم المالية ، وفيه : إنه لم يتلف على الورثة لأن العتق قهري ، ولم يبذل في إزائه شيئا من أمواله حتى يقال أنه فوّت على الورثة شيئا ماليا.

(٨) لأن تملكه له بالشراء تملك له باختياره.

(٩) أي الشراء.

(١٠) كما هو المحكي عن العلامة في القواعد ، لأنه يحجر عليه في التبرعات ولا تنفذ من الأصل بل من الثلث ، والشراء هنا ليس تبرعا فلا يكون محجورا عليه ، مع أن العتق قد حصل بغير اختياره فلا يعتبر إخراجه من الثلث.

٧٣

(ولو قال : أعطوا زيدا والفقراء فلزيد النصف) (١) لأن الوصية لفريقين فلا ينظر إلى آحادهما كما لو أوصى لشخصين ، أو قبيلتين.

(وقيل : الربع) ، لأن أقل الفقراء ثلاثة من حيث الجمع وإن كان جمع كثرة ، لما تقدم من دلالة العرف واللغة على اتحاد الجمعين (٢) ، فإذا شرّك بين زيد ، وبينهم بالعطف كان كأحدهم.

ويضعف بأن التشريك بين زيد والفقراء ، لا بينه وبين آحادهم فيكون زيد فريقا ، والفقراء فريقا آخر.

وفي المسألة وجه ثالث وهو أن يكون زيد كواحد منهم ، لأنهم وإن كانوا جمعا يصدق بالثلاثة ، لكنه يقع على ما زاد (٣) ولا يتعين (٤) الدفع إلى ثلاثة ، بل

______________________________________________________

(١) إذا قال : اعطوا زيدا والفقراء كذا ، كان لزيد النصف من الوصية كما لو أوصى لفريقين مختلفي العدد فلا ينظر إلى آحادهما ، وقيل له الربع لأن أقل الفقراء ثلاثة وقد شرك بينهم وبين زيد بالعطف فيكون كأحدهم ، وفيه : إن التشريك بينه وبين الفقراء وليس التشريك بينه وبين آحادهم ، فهو حينئذ فريق والجمع فريق آخر ، ثم لو سلم أن التشريك بينه وبين آحادهم فليس له الربع ضرورة عدم انحصار الجمع في ثلاثة إذ قد يكونوا أكثر من ذلك ، وكون الثلاثة أقل الجمع لا يوجب المصير إليها مع وجود اللفظ الشامل لها ولغيرها.

هذا ويحكى عن بعض العامة قول ثالث وهو أن يكون زيد كأحد الفقراء ، فإن كان أفراد الفقراء أربعة زيد عليهم زيد وقسمت الوصية على خمسة وهكذا.

وعن بعض منهم قول رابع أنه يعطى أقل ما يتموّل به ولا يجوز حرمانه وإن كان غنيا ، وعن خامس أنه إن كان فقيرا فهو كأحدهم وتخصيصه للاهتمام به ، وإن كان غنيا فله النصف ، وعن سادس إن كان غنيا فله الربع وإلا فالثلث لدخوله فيهم ، وعن سابع أن الوصية في حق زيد باطلة لجهالة من أضيف إليه ، وهذه الأوجه كلها ضعيفة ما عدا الأولين وقد تقدم تضعيف الثاني وتقوية الأول.

ثم هذا كله إذا أطلق لفظ زيد ، وكذا لو وصفه بوصف الجماعة فقال : لزيد الفقير والفقراء كذا وكذا ، أو وصفه بغير صفة الجماعة كما لو قال : لزيد الكاتب والفقراء.

وعلى كل حال فلا بد من الصرف إلى ثلاثة من الفقراء مراعاة لصيغة الجمع.

(٢) جمع الكثرة وجمع القلة.

(٣) من أربعة أو خمسة وهكذا.

(٤) أي يتعين الزائد عن الثلاثة.

٧٤

يجوز إلى ما زاد ، أو يتعين حيث يوجد في البلد ومقتضى التشريك أن يكون كواحد منهم. وهو أمتن من السابق ، وإن كان الأصح الأول

(ولو جمع بين) عطية(منجزة) في المرض (١) كهبة ، ووقف ، وإبراء ، (ومؤخرة) (٢) إلى بعد الموت(قدمت المنجزة) (٣) من الثلث وإن تأخرت في اللفظ ، فإن بقي من الثلث شي‌ء بدء بالأول فالأول من المؤخرة كما مرّ ، ولا فرق في المؤخرة (٤) بين أن يكون فيها واجب (٥) يخرج من الثلث ، وغيره (٦). نعم لو كان مما يخرج من الأصل (٧) قدم مطلقا (٨).

واعلم أن المنجزة تشارك الوصية في الخروج من الثلث في أجود القولين (٩) ،

______________________________________________________

(١) أي مرض الموت.

(٢) وهي الوصية.

(٣) قد تقدم الكلام فيها عند البحث فيما لو أوصى بأمور متعددة.

(٤) من حيث تقديم المنجزة عليها.

(٥) وهو الواجب البدني.

(٦) وهو ما ليس فيه واجب بدني.

(٧) كالواجب المالي كالحج.

(٨) سواء تأخر في الذكر أم تقدم.

(٩) ذهب الأكثر على أن تصرفات المريض المنجزة المتبرع بها في مرض الموت من الثلث للأخبار.

منها : صحيح علي بن يقطين (سألت أبا الحسن عليه‌السلام : ما للرجل من ماله عند موته ، قال : الثلث والثلث كثير) (١) ، وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يموت ماله من ماله ، فقال : ثلث ماله) (٢) وخبر علي بن عقبة عنه عليه‌السلام (في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا ليس له غيره فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك ، كيف القضاء فيه ، قال عليه‌السلام : ما يعتق منه إلا ثلثه ، وساير ذلك الورثة أحق بذلك ، ولهم ما بقي) (٣) ، وما روته العامة (أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له في مرضه ، لا مال له غيرهم ، فاستدعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجزأهم ثلاثة أجزاء ، وأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ٨ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كتاب الوصايا حديث ٤.

٧٥

وأن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت (١) ، وأنه يقدم الأسبق (٢) منها فالأسبق لو قصر الثلث عنها (٣) ، وتفارقها (٤) في تقديمها عليها (٥) ، ولزومها (٦) من قبل المعطي ، وقبولها (٧) كغيرها من العقود (٨) ، وشروطها شروطه (٩) ، وأنه لو برئ من مرضه

______________________________________________________

ـ وأرق أربعة) (١) وخبر أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يكون لامرأته عليه دين فتبرؤه منه في مرضها ، قال : بل تهبه له فتجوز هبتها له ويحسب ذلك من ثلثها إن كانت تركته شيئا) (٢) ، وعن المفيد والشيخ في النهاية وابن البراج وابن إدريس أنها تخرج من الأصل لعموم النبوي (الناس مسلطون على أموالهم) (٣) ، وخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح ، وإن أوصى به كله فهو جائز) (٤) ، ومثله غيره والترجيح للأول لأنه أكثر عددا وأصح سندا.

(١) أي يعتبر ثلث التركة في زمن الوفاة ولا يعتبر الثلث حين صدور المنجز كما هو ظاهر النصوص المتقدمة.

(٢) لما تقدم من تقديم الأسبق في الوصايا بحيث لو استوعب الأسبق الثلث ، لكان المريض فيما بعد قد تصرف في مال قد تعلق به حق الغير فيبطل إلا مع إجازة الوارث.

(٣) عن المنجزة.

(٤) أي تفارق المنجزة الوصية.

(٥) وقد تقدم.

(٦) أي لزوم المنجزة كلزومها لو صدرت من الصحيح ، وهذا بخلاف الوصية فإنه يجوز للموصي العدول عنها كما سيأتي.

(٧) أي قبول المنجزة.

(٨) بل هي كل فعل تبرعي كالهبة والوقف والإبراء فيجري في المنجزة ما يجري في هذه المذكورات.

(٩) أي وشروط المنجزة شروط العقد ، وقد علّق الشارح كما في الطبعة الحجرية بقوله : (المنجزة شروطها الشروط المعتبرة فيها ـ أي العقود ـ كما لو صدرت حال الصحة مع العلم بالعوض في المحاباة ، والتنجيز في البيع وغيره من العقود ، بخلاف الوصية ، فإنها متعلقة بالموت ، وعدم الضرر ليست شرطا في ضمنها).

__________________

(١) سنن النسائي ج ٤ ص ٥٢ باب الجنائز.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١١.

(٣)

(٤)

٧٦

لزمت (١) من الأصل ، بخلاف الوصية (٢).

(ويصح) للموصي(الرجوع في الوصية) (٣) ما دام حيّا(قولا ، مثل رجعت ، أو نقضت ، أو أبطلت) ، أو فسخت ، أو هذا لوارثي أو ميراثي ، أو حرام على الموصى له ، (أو لا تفعلوا كذا) ، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة عليه ، (أو فعلا ، مثل بيع العين الموصى بها) وإن لم يقبضها ، (أو رهنها) مع الاقباض قطعا ، وبدونه على الأقوى (٤).

______________________________________________________

(١) ولا تتوقف على إذن الورثة وإن زادت على الثلث ، بل وإن مات بعد ذلك بمرض آخر أو بغير مرض بلا خلاف فيه لعموم قاعدة تسلط الناس على أموالهم ولم يخرج عنه إلا بمقدار دلالة الدليل ، وهو فيما لو تبرع بشي‌ء وقد مات في نفس المرض.

(٢) فإنها من الثلث مطلقا.

(٣) يجوز رجوع الموصي في الوصية متى شاء في صحة أو مرض بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : موثق بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لصاحب الوصية أن يرجع فيها ويحدث في وصيته ما دام حيا) (١) ، وصحيح ابن مسكان عنه عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن المدبّر من الثلث ، وأن للرجل أن ينقض وصيته فيزيد فيها وينقص منها ما لم يمت) (٢) وصحيح محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام (للرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض) (٣).

هذا ويتحقق الرجوع من الموصي بالتصريح به لفظا بلا خلاف فيه نحو : رجعت أو نقضت أو فسخت أو لا تعطوه ما أوصيت به له ، وكذا مما يدل على الرجوع ظاهرا كأن يقول : هذا ـ ويشير إلى الموصى به ـ لوارثي ، أو هذا حرام على الموصى له.

ويتحقق الرجوع بفعل ينافي الوصية ، كما لو باع ما أوصى به أو أعتقه أو أوصى ببيعه أو هبته أو رهنه ، وهذا الفعل ينافي الوصية لإيجابه انتفاء محلها ، وترتفع الوصية عند فوات موضوعها.

(٤) لما دل على أن الرهن يقتضي تسليط المرتهن على بيع الرهن عند تعذر استيفاء الدين وهو مناف لتمليك الرهن بالوصية لغير المرتهن ، وعمم حكم الرهن مع القبض وبدونه في قبال من جعل الرهن لازما على الراهن عند الإقباض فقط ، والأصح كما حرر في محله لزوم عقد الرهن على الراهن ولو مع عدم الإقباض.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الوصايا حديث ٤ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الوصايا حديث ١.

٧٧

ومثله (١) ما لو وهبها (٢) ، أو أوصى بها لغير من أوصى بها له أولا (٣) ،

والأقوى أن مجرد العرض (٤) على البيع والتوكيل فيه (٥) وإيجابه وإيجاب العقود الجائزة المذكورة (٦) كاف في الفسخ ، لدلالته عليه (٧) ، لا تزويج العبد والأمة ، وإجارتهما ، وختانهما ، وتعليمهما ، ووطء الأمة بدون الإحبال (٨) ، (أو) فعل (٩) ما يبطل الاسم ويدل على الرجوع مثل(طحن الطعام ، أو عجن الدقيق) أو غزل القطن أو نسج مغزوله(أو خلطه بالأجود) (١٠) بحيث لا يتميز ، وإنما قيد

______________________________________________________

(١) أي مثل الرهن.

(٢) لأن الهبة دالة على تمليك العين لغير الموصى له وهذا إبطال للوصية ، وإن قلنا إن لزوم عقد الرهن على الراهن ولو مع عدم الإقباض.

(٣) كانت الوصية الثانية ناسخة ورجوعا عن الأولى كما تقدم.

(٤) قال الشارح في المسالك عن الفعل الدال على الرجوع عن الوصية : (وهو فعل ما يدل على إرادة الرجوع وإن لم يكن صريحا ، ويتحقق بفعل مقدمات الأمور التي لو تحققت لناقضت الوصية كالعرض على البيع مريدا له ، فإنه قرينة دالة على إرادة الرجوع عن الوصية ، ومثله العرض على الهبة فضلا عن الشروع فيها قبل إكمال ما يوجب لزومها ، وفي معناه العرض على العقد الموجب لنقل الملك ، أو المنع من التصرف كالقرض والصلح والرهن ، ولو دلت القرينة في هذه المواضع على عدم إرادة الرجوع بذلك بل كان الفرص أمرا آخر عوّل عليها) انتهى.

(٥) في البيع.

(٦) من الهبة والوصية.

(٧) أي لدلالة الإيجاب على الفسخ.

(٨) فهذه المذكورات لا تدل على الرجوع عن الوصية ، نعم مع الإحبال الموجب لصدق أم الولد بحيث لا يجوز بيعها ولا نقلها عن ملكه لتشبثها بالحرية من نصيب ولدها ، فيكون دالا على الرجوع وإن لم ينو الرجوع بالإحبال.

(٩) أي ويتحقق الرجوع بالتصرف المبطل للاسم وهو التصرف في الموصى به على نحو أخرجه عن مسماه كما لو أوصى بحنطة فطحنها ، أو دقيق معجنه وخبره أو بدار فهدمها وهكذا ، فعن غير واحد أنه يتحقق الرجوع نظرا إلى أن الموصى به هو المسمى باسم خاص ، ومع التغيير ينعدم موضوع الوصية فلا بد أن ترتفع.

(١٠) قد تقدم أن التصرف الموجب لبطلان الاسم رجوع عن الوصية ، ولكن هل الخلط كخلط الزيت بمثله موجب لهذا التصرف المبطل أو لا ، قال الشارح في المسالك : (ولو خلط ـ

٧٨

بالأجود لإفادته الزيادة في الموصى به ، بخلاف المساوي والأردى‌ء ، وفي الدروس لم يفرق بين خلطه بالأجود وغيره في كونه رجوعا ، وفي التحرير لم يفرق كذلك في عدمه (١). والأنسب عدم الفرق (٢) ، وتوقف كونه رجوعا على القرائن الخارجة فإن لم يحكم بكونه رجوعا يكون (٣) مع خلطه بالأجود شريكا بنسبة القيمتين (٤).

(الفصل الرابع في الوصاية) (٥)

بكسر الواو وفتحها وهي استنابة الموصي غيره بعد موته في التصرف فيما

______________________________________________________

ـ الزيت بمماثله جنسا فإن كان الغير أجود فظاهرهم القطع بكونه رجوعا لاشتمال حصته على زيادة ولم يحصل منه الرضا ببذلها مع عدم إمكان فصلها ، وإن خلطه بمساو أو أردإ فمفهوم كلام المصنف ـ أي المحقق في الشرائع ـ أنه لا يكون رجوعا لبقاء المال وعدم اشتماله على وصف مانع ، وهو ظاهر مع المساواة ، ومع الأردى‌ء يكون القدر الناقص من الوصف بمنزلة إتلاف الموصى له فيبقى الباقي على الأصل ، وأطلق جماعة كون الخلط موجبا للرجوع وهو حسن مع انضمام قرينة تدل عليه) انتهى.

(١) أي عدم كونه رجوعا.

(٢) أي في الجميع فالخلط إما رجوع وإما عدمه في الجميع.

(٣) أي الموصي.

(٤) فقيمة الموصى به قبل الخلط أقل من قيمته بعد الخلط ، فله من الموصى به النسبة بين القيمتين.

(٥) بكسر الواو وفتحها وهي الولاية على طفل أو مجنون أو قضاء الديون واستيفائها ورد الودائع واسترجاعها وتفريق الحقوق الواجبة عليه والمتبرع بها ، والولاية على الطفل والمجنون هو ولاية على أموالهم للنظر فيها والتصرف فيها بما فيه مصلحتهم.

ولا فرق بين الوصية والوصاية إلا أن الوصية مما يعتبر فيها القبول وأما الوصاية فلا يعتبر فيها القبول بل يبطلها الرد على وجه يبلغ الموصي كما سيأتي التعرض له ، وعليه فالوصاية ليست من العقود ، ومنه تعرف ضعف ما عن العلامة في القواعد وثاني المحققين والشهيدين أنها من العقود ، بل في الحدائق الظاهر اتفاقهم عليه ، ووجه الضعف أن العقد متقوم بالإيجاب والقبول مع أن المشهور قد ذهب إلى أن المعتبر في لزوم الوصاية عدم الرد الذي يبلغ الموصي ، وهو أعم من القبول ، بل يتحقق بالرد مع عدم القبول وهو مناف لدعوى كونها عقدا. ـ

٧٩

كان له التصرف فيه ، من إخراج حق ، أو استيفائه ، أو ولاية على طفل ، أو مجنون يملك (١) الولاية عليه بالأصالة (٢) ، أو بالعرض (٣) (وإنما تصح الوصية على الأطفال بالولاية من الأب والجد له) وإن علا(أو الوصي) لأحدهما(المأذون له (٤) من أحدهما) في الإيصاء لغيره ، فلو نهاه عنه (٥) لم تصح إجماعا ، ولو أطلق (٦)

______________________________________________________

ـ ثم إنه لا تصح الوصية بالولاية على الأطفال إلا من الأب أو الجد للأب خاصة أو من الوصي الذي قد نص في وصايته على جواز الوصية لغيره المعنى أو المطلق ، وأما الحاكم فلا تصح الوصاية منه على الأطفال بعد موته ، لأن له الولاية على الأطفال والمجانين بما هو حاكم وقاض ، وهذا يقتضي ولاية نفسه حال الحياة ، ولا دليل على أن له الولاية بعد الوفاة عليهم حتى تجوز وصايته ، ولذا قال الشارح في المسالك : (لما كانت الولاية على الغير من الأحكام المخالفة للأصل ، إذ الأصل عدم جواز تصرف الإنسان في مال غيره بغير إذنه أو ما في معناه ، وجب الاقتصار في نصب الولي على الأطفال على محل النص أو الوفاق ، وهو نصب الأب والجد له ، فلا يجوز للحاكم وإن كان وليا عليهم أن ينصّب بعده عليهم وليا ، لأن ولايته مقصورة عليه حيا وإذا مات ارتفع حكمه ، وإن جاز أن يوكل حيّا عليهم لأن له الولاية حينئذ) انتهى.

ولا ولاية للأم عليهم فلا تصح وصايتها عليهم لشخص بلا خلاف فيه إلا من الإسكافي. ودليل المشهور الأصل الذي ذكره الشارح بعد عدم الدليل ، وقد صرح أكثر من واحد بعدم العثور على ما يصلح دليلا لابن الجنيد.

(١) أي يملك الموصي.

(٢) كالأب والجد.

(٣) وهو الموصي الذي أذن له بالوصاية.

(٤) أي للأب.

(٥) أي فلو نهى أحدهما الوصي عن الإيصاء بعد موته.

(٦) إذا أذن الموصي للموصي أن يوصي على ما أوصاه به من أطفال أو حقوق جاز بلا خلاف فيه لوجود الاذن ، ولا خلاف في عدم الجواز مع النهي ، وإنما الخلاف فيما إذا أطلق ولم يأذن له ولكن لم يمنعه ، فعن الأكثر المنع للأصل ، ولأن المتبادر من استنابة الوصي هو التصرف مباشرة بنفسه ، وأما تفويض التصرف إلى غيره بعد الموت فلا دليل عليه.

وعن الشيخ وابن الجنيد وابن البراج جواز الإيصاء له ، لمكاتبة الصّفار في الصحيح إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام (رجل كان وصيّ رجل فمات وأوصى إلى رجل ، هل يلزم الوصي وصية الرجل الذي كان هذا وصيّه ، فكتب : يلزمه بحقه إن كان له قبله ـ

٨٠