الزبدة الفقهيّة - ج ٦

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-59-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٤٨

بموت ، أو فسخ ، أو طلاق بائن ، أو انقضت عدتها (١) حلت الأخرى ، (لا عينا (٢) ، والعمة والخالة) وإن علتا(يجمع بينها ، وبين ابنة أخيها ، أو أختها) وإن نزلتا (٣) (برضاء العمة والخالة ، لا بدونه) (٤) بإجماع أصحابنا ، وأخبارنا متظافرة به (٥).

______________________________________________________

ـ ويشهد له خبر علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (وسألته عن رجل كانت له امرأة فهلكت ، أيتزوج أختها؟ قال عليه‌السلام : من ساعته إن أحبّ) (١).

ويلحق بالموت ما إذا فسخ نكاح الأخت لعيب يوجبه أو ظهر فساد نكاحها ، لعدم صدق الجمع حينئذ.

(١) في الرجعية.

(٢) كعمة أم الزوجة وخالتها وكذا عمة أب الزوجة وخالته.

(٣) أي ابنة الأخت وابنة الأخ.

(٤) أي بدون الرضا فلا يجوز الجمع بين الزوجة وبين بنت أخيها أو بنت أختها إلا برضاها ، على المشهور في ذلك شهرة عظيمة ، وعن القديمين العماني والإسكافي الجواز مطلقا مع الاذن وعدمه ، وعن الصدوق المنع مطلقا ، هذا والنصوص الواردة في المقام على طوائف : الطائفة الأولى : ما دل على المنع مطلقا ، كصحيح الحذاء (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة) (٢) ، وخبر مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تتزوج المرأة على خالتها ، وتزوج الخالة على ابنة أختها) (٣) ، وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يحلّ للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها) (٤) ومثلها غيرها ، وهذه هي مستند قول الصدوق.

الطائفة الثانية : ما دل على الجواز مطلقا كخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن امرأة تزوج على عمتها وخالتها ، قال : لا بأس) (٥) ، وهي مستند قول القديمين.

الطائفة الثالثة : ما دل على المنع بدون الاذن وعلى الجواز معه ، كموثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تزوج ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على العمة ولا على الخالة إلا بإذنهما ، وتزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما) (٦) ، وخبر الحذاء (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها إلا بإذن العمة والخالة) (٧) ومثلها غيرها ، وهذه الطائفة تقتضي الجمع بين الأولتين بالاذن وعدمه ، وهي مستند قول المشهور.

(٥) أي بالجواز مع الرضا ، وعدم الجواز عند عدمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب العدد حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٨ و ٩ و ٧ و ٣ و ١ و ٢.

٢٦١

ثم إن تقدم عقد العمة والخالة توقف العقد الثاني (١) على إذنهما (٢) ، فإن بادر (٣) بدونه (٤).

______________________________________________________

(١) أي العقد على ابنة أخت الزوجة أو بنت أخيها.

(٢) أي اذن العمة أو الخالة.

(٣) أي الزوج إلى العقد الثاني المذكور.

(٤) أي بدون إذنهما ففيه أقوال :

الأول : بطلان العقد الثاني من غير أن يتأثر عقد الأولى ، وهو مذهب المحقق في الشرائع والنافع ، أما بقاء عقد الأولى فهو على حاله في اللزوم لانعقاده فيستصحب إذ لم يقع بعده ما يوجب تأثره وإنما المنهي عنه هو الثاني فيكون البحث عنه ، وأما بطلان عقد الثانية للنهي عنه في الأخبار السابقة ، والنهي يقتضي الفساد ، وللتصريح ببطلانه في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (ولا تزوج بنت الأخ والأخت على العمة والخالة إلا برضاء منهما ، فمن فعل ذلك فنكاحه باطل) (١).

وفيه : ضعف سند الخبر مع كون النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد.

القول الثاني : تزلزل العقد الثاني خاصة بحيث يقع موقوفا على رضا العمة أو الخالة مع كون عقدهما الأول لازما ، واختاره العلامة في جملة من كتبه وكثير من المتأخرين وهو الذي قوّاه الشارح هنا وفي المسالك ، أما لزوم العقد الأول فقد تقدم دليله ، وأما تزلزل العقد الثاني من غير أن يكون باطلا ، لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، لأن المتنازع فيه إذا تعقبه رضا من يعتبر رضاه اندرج في هذا العموم ، ووجب الحكم بصحته ، فقبل الرضا لا يكون فاسدا وإلا لم ينقلب صحيحا ، ولا نعني بالموقوف إلا ذلك ، ولأنه عقد صدر من أهله بدون رضا من يعتبر رضاه فكان كالفضولي ، والفضولي لا يقع فاسدا بل موقوفا.

القول الثالث : تزلزل العقدين السابق والطارئ ، وهو مذهب المفيد والشيخ وأتباعهما ، لوقوع العقدين صحيحين ، أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلأنه صدر من أهله ووقع في محله جامعا لشرائطه ، ولا يؤثر تجدد البطلان بفسخ العمة أو الخالة في صحة الأهليّة ، كغيره من العقود الموقوفة على رضا الغير.

ثم إذا وقع العقدان صحيحين ، ونسبتهما إلى العمة أو الخالة على السواء ، ولما كان الجمع بين العقدين موقوفا على رضاهما تخيرا في رفع الجمع من فسخ عقدهما أو فسخ عقد الداخلة. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٣.

٢٦٢

ففي بطلانه (١) ، أو وقوفه (٢) على رضاهما فإن فسختاه بطل ، أو تخييرهما (٣) فيه (٤) وفي عقدهما (٥) أوجه (٦) ، أوسطها (٧) الأوسط ، وإن تقدم عقد (٨) بنت الأخ

______________________________________________________

ـ وفيه : إن فسخ العقد السابق بعد لزومه قد منع منه مانع شرعي وهو اللزوم فينحصر رفع الجمع بفسخ الثاني أو إمضائه.

القول الرابع : بطلان العقد الثاني من رأس ، وتزلزل العقد الأول ، وللعمة أو الخالة أن تفسخ عقد نفسها ، وهو اختيار ابن إدريس ، واحتج على بطلان العقد الثاني بالنهي الدال على الفساد ، وأما تزلزل العقد الأول فلم يتعرض لدليله كما في المسالك ، وفيه إن النهي في المعاملات غير دال على الفساد.

(١) أي بطلان العقد الثاني كما هو مقتضى القول الأول المتقدم.

(٢) أي وقوف العقد الثاني على رضا العمة أو الخالة مع لزوم العقد الأول كما هو مقتضى القول الثاني المتقدم.

(٣) أي تخيير العمة أو الخالة بالفسخ.

(٤) في العقد الثاني.

(٥) وهو العقد الأول كما هو مقتضى القول الثالث.

(٦) بل أقوال وقد ترك التعرض للقول الرابع.

(٧) أي الأعدل.

(٨) المشهور أنه يجوز العقد على عمة الزوجة وخالتها ولو كرهت الزوجة ، للأخبار التي تقدم بعضها.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تنكح ابنة الأخت على خالتها ، وتنكح الخالة على ابنة أختها ، ولا تنكح ابنة الأخ على عمتها وتنكح العمة على ابنة أخيها) (١) ، وعن الصدوق المنع مع الرضا وعدمه كالعكس فيما لو تزوج بنت الأخ أو الأخت بعد زواج العمة أو الخالة حيث ذهب إلى المنع مطلقا أيضا ، ويستدل له بخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يحلّ للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها) (٢) ، وفيه : إنه مطلّق يقيّد إطلاقه بالنصوص المتقدمة.

هذا والمشهور بين الأصحاب عدم الفرق بين علم العمة والخالة بالحال أو جهلهما به ، وعن الشارح هنا وفي المسالك اشتراط علم الداخلة ـ وهي العمة والخالة هنا ـ بكون ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٧.

٢٦٣

والأخت وعلمت العمة والخالة بالحال فرضاهما بعقدهما رضا بالجمع ، وإلا (١) ففي تخييرهما (٢) في فسخ عقد أنفسهما ، أو فيه (٣) وفي عقد السابقة ، أو بطلان عقدهما أوجه ، أوجهها الأول.

وهل يلحق الجمع بينهما (٤).

______________________________________________________

ـ المدخول عليها ـ وهي بنت الأخ أو بنت الأخت ـ بكونها زوجة له وإلا لم يصح ، وعن القواعد الأقرب أن للعمة والخالة فسخ عقدهما لو جهلتا ، ونسبه في المستند إلى المشهور ، واستدل لاشتراط العلم بخبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تزوج الخالة والعمة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما) (١) ، وفيه : إن الخبر مروي في الوسائل بدون النهي هكذا : (تزوج الخالة والعمة على بنت الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما) ، ولذا قال في الجواهر : (وفيه إن الذي عثرنا عليه في الأصول من خبر ابن مسلم : تتزوج الخالة إلى آخره من دون نهي ، نعم رواه في المسالك كذلك ، والظاهر أنه وهم منه) انتهى ، وعلى تقدير النهي فالخبر يدل على اشتراط إذن بنت الأخت وبنت الأخ في زواج العمة أو الخالة وأين هذا من المدعى من اشتراط علم العمة أو الخالة بكون المدخول بها زوجة.

(١) أي وإن لم تعلم العمة أو الخالة بالحال ، قال في المسالك : (ثم على تقدير جهلها بالحال هل يقع العقد باطلا أم يتوقف عقد الداخلة على رضاها ، أم عقدها وعقد المدخول عليها أوجه ، أوجهها الوسط ، لأن جواز عقد الداخلة مشروط برضاها ، فلا وجه لإبطاله بدونه ، وعقد السابقة قد حكم بصحته ولزومه قبل العقد الثاني فيستصحب) انتهى.

وهذه الاحتمالات مبنية على اشتراط علم العمة أو الخالة بكون المدخول بها زوجة ، وقد عرفت ضعف المبنى فلا داعي للتكلم في هذا البناء بعد دلالة الأخبار على صحة العقدين ولزومهما وإن كرهت الزوجة.

(٢) أي العمة أو الخالة.

(٣) أي في عقد أنفسهما.

(٤) أي بين الزوجة وبنت أخيها أو أختها ، بحيث يدخل الثانية على الأولى ، فلو وطأ الأمة بملك اليمين فهل يجوز له أن يطأ ابنة أخيها بملك اليمين أم يتوقف على رضا العمة أو الخالة إلحاقا لملك اليمين بالعقد ، فظاهر النصوص والفتاوى ـ كما في الجواهر ـ أن الحكم بعدم الجمع إلا مع رضا العمة أو الخالة مختص بالعقد فلا يحرم الجمع بينهما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٥.

٢٦٤

بالوطء في ملك اليمين بذلك (١) وجهان. وكذا لو ملك إحداهما وعقد على الأخرى ، ويمكن شمول العبارة (٢) لاتحاد الحكم في الجميع (٣).

(وحكم) وطء(الشبهة ، والزنا (٤) السابق على العقد حكم الصحيح في)

______________________________________________________

ـ بالوطء بالملك للتعبير بالتزويج والنكاح في أكثر النصوص وقد تقدم بعضها ، وهو حقيقة في العقد ، ولأن المملوكة ليست أهلا للإذن ، ولا للسلطنة على النكاح.

ومنه تعرف ما لو كانت العمة والخالة أمتين وأدخل عليهما بنت الأخ أو الأخت حرتين ، بل هنا أولى بالجواز ، وكذا لو انعكس الفرض.

(١) أي بالعقد.

(٢) أي عبارة المصنف حيث لم يخصها بالتزويج والنكاح الظاهرين في العقد ، فتكون العبارة شاملة للجميع ، ولكن قد عرفت أن اختصاص الحكم بالعقد مما لا خلاف فيه كما يظهر من الجواهر وغيره.

(٣) لأن عدم دخول بنت الأخ والأخت على العمة والخالة من باب التعظيم كما في خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تزويج المرأة على عمتها وخالتها إجلالا للعمة والخالة ، فإذا أذنت في ذلك فلا بأس) (١) ، والتعظيم موجود سواء كان الوطء بالعقد أم بملك اليمين ، وفيه : إن نفس الخبر مشتمل على التزويج وهو ظاهر في العقد فيقتصر عليه.

(٤) أما الزنا فإن كان طارئا على الوطء الصحيح بعقد أو ملك لم ينشر الحرمة سواء في ذلك الزنا بالعمة أو الخالة أو غيرهما للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل زنا بأم امرأته أو بنتها أو بأختها ، فقال عليه‌السلام : لا يحرّم ذلك عليه امرأته ، ثم قال : ما حرّم حرام حلالا قط) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل تزوج جارية فدخل بها ثم ابتلي بها ففجر بأمها ، أتحرم عليه امرأته ، فقال : لا إنه لا يحرّم الحلال الحرام) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن الرجل يفجر بامرأة أيتزوج بابنتها؟ قال : لا ، ولكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها أو أختها لم تحرم عليه امرأته ، إن الحرام لا يفسد الحلال) (٤) ، وعن الإسكافي إذا كان الزنا بعد العقد وقبل الدخول فينشر الحرمة ، ونسب ذلك إلى ظاهر الاستبصار ومال إليه صاحب الحدائق لخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١٠.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٣ و ٢ و ١.

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الله عليه‌السلام (إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبدا ، وإن كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك ولم يدخل بها فقد بطل تزويجه ، وإن هو تزوج ابنتها ودخل بها ثم فجر بأمها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بأمها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها ، وهو قوله : لا يفسد الحرام الحلال ، إذا كان هكذا) (١) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل تكون عنده الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد ، أو الرجل يزني بالمرأة هل يجوز لأبيه أن يتزوجها؟ قال : لا إنما ذلك إذا تزوجها فوطأها ثم زنا بها ابنه لم يضرّه ، لأن الحرام لا يفسد الحلال ، وكذلك الجارية) (٢) وقد أعرض الأصحاب عنهما فلا مجال للعمل بهما وإن كانا من الموثق.

هذا وقد اختلفوا في ما إذا تقدم الزنا على العقد فهل ينشر الحرمة كما هو المحكي عن الشيخ في النهاية والخلاف والقاضي وبني البراج وحمزة وزهرة وسعيد والعلامة في التذكرة والمختلف وولده في الإيضاح والشهيد هنا في اللمعة والشارح هنا وفي المسالك وغيرهم ، بل نسب إلى الأكثر للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم المتقدم عن أحدهما عليهما‌السلام (سئل عن الرجل يفجر بامرأة أيتزوج ابنتها؟ قال : لا) (٣) وصحيحه الآخر عن أحدهما عليه‌السلام (عن الرجل يفجر بالمرأة أيتزوج ابنتها؟ قال : لا ، ولكن إن كان عنده امرأة ثم فجر بابنتها أو أختها لم تحرم عليه التي عنده) (٤) وصحيح العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل باشر امرأة ، وقبّل غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها ، فقال : إن لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس ، وإن كان أفضى فلا يتزوج ابنتها) (٥) ، وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل كان بينه وبين امرأة فجور هل يتزوج ابنتها؟ فقال عليه‌السلام : إن كان من قبلة أو شبهها فليتزوج ابنتها وليتزوجها هي إن شاء) (٦) وفي خبره الآخر مثله إلا أنه قال (فليتزوج ابنتها إن شاء ، وإن كان جماعا فلا يتزوج ابنتها وليتزوجها) (٧).

أولا ينشر كما عن المفيد والمرتضى والعلامة في الإرشاد وابن إدريس والآبي في كشفه ، وفي الرياض : ظاهر التذكرة كون القول به مشهورا بين الأصحاب ، للأخبار. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١ و ٧.

(٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢ و ٣ و ٤.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ منها : صحيح سعيد بن يسار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل فجر بامرأة ، يتزوج ابنتها؟ قال عليه‌السلام : نعم ـ يا سعيد ـ إن الحرام لا يفسد الحلال) (١) ، وصحيح هشام بن المثنى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأتي المرأة حراما أيتزوجها؟ قال : نعم وأمها وبنتها) (٢) ، وموثق حنان بن سدير (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا ، هل تحل له ابنتها؟ قال : نعم إن الحرام لا يحرّم الحلال) (٣) ومثلها غيرها من النصوص ، ولكن أخبار التحريم أوضح وأصرح فلا بدّ من تقييد أخبار الجواز بما إذا فجر بها بما دون الزنا.

ثم من حكم بعدم التحريم بالزنا المتقدم على العقد استثنى من الزنا بالعمة والخالة فإنه تحرم ابنتهما على تقدير سبق الزنا على العقد لصحيح محمد بن مسلم (سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام ـ وأنا جالس ـ عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع يتزوج ابنتها؟ قال : لا ، قلت : إنه لم يكن أفضى إليها ، إنما كان شي‌ء دون شي‌ء ، فقال عليه‌السلام : لا يصدّق ولا كرامة) (٤) ، ولموثق أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله محمد بن مسلم ـ وأنا جالس ـ عن رجل نال من خالته وهو شاب ثم ارتدع أيتزوج ابنتها؟ قال : لا ، قال : إنه لم يكن أفضى إليها إنما كان شي‌ء دون ذلك ، قال : كذب) (٥).

وهاتان الروايتان واردتان في الخالة ولكنهم ألحقوا العمة بها ، وقال في المسالك : (وما وقفت على وجهه) ، ثم إن الظاهر أن الخبرين حاكيين عن واقعة واحدة غير أنّ السائل لم يصرح بوقوع الوطء أولا ثم صرح بعدمه ثانيا وقد كذّبه الإمام عليه‌السلام في ذلك ، وهذا غير لائق بمقامه وهو قرينة الفساد ، فلذا توقف الحلي والعلامة في المختلف في الحكم ، وفيه : إنه يمكن أن يكون التكذيب الصادر من المعصوم عليه عليه‌السلام عن علم منه بالواقع ولا زالوا يخبرون بمثل ذلك ، وأما إلحاق العمة بالخالة فقد قال في الجواهر : (لعدم القول بالفصل ، بل عن السرائر روي أن من فجر بعمته أو خالته لم يحلّ ابنتاهما أبدا ، فيمكن أن يكون رواية لم تصل إلينا) انتهى.

ثم على القول بالتحريم فتحرم أم الموطوءة بالزنا عليه وكذا ابنتها كما يحرم عليه ذلك فيما لو وطأ بالعقد الصحيح ، وهذا دال على أن الزنا السابق على العقد ملحق بالمصاهرة من ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٦ و ٧ و ١١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١ والوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.

٢٦٧

(المصاهرة) فتحرم الموطوءة بهما على أبيه وابنه ، وعليه أمها وبنتها إلى غير ذلك من أحكام المصاهرة ، ولو تأخر الوطء فيهما عن العقد ، أو الملك لم تحرم المعقود عليها ، أو المملوكة. هذا هو الأصح فيهما (١) ، وبه (٢) يجمع بين الأخبار الدالة على المنع مطلقا (٣) وعلى عدمه (٤) كذلك (٥).

(وتكره ملموسة (٦).

______________________________________________________

ـ ناحية نشر الحرمة وعليه فتحرم الموطوءة بالزنا على أبيه وابنه وهكذا.

بقي الكلام في وطء الشبهة ، فهل هو ملحق بالنكاح والمصاهرة فينشر الحرمة مطلقا كما اختاره جماعة على ما في القواعد ، أو أنه ملحق بالزنا على تقدير سبقه على العقد مع القول بعدم نشره الحرمة كما هو أحد القولين في المسألة فلا ينشر الحرمة مطلقا ولو كان سابقا على العقد كما ذهب إليه الحلي والمحقق في الشرائع والنافع والعلامة في الإرشاد والشيخ الأعظم ، أو أنه ينشر الحرمة إن كان سابقا على التزويج وإن كان طارئا فلا كما نسب إلى الأكثر.

وقد استدل للنشر مطلقا أو في صورة السبق بكونه أولى من الزنا المحرّم ، لأنه وطء محترم شرعا فيكون إلحاقه بالوطء الصحيح في ثبوت الحرمة أولى من الزنا ، ولأن معظم أحكام الوطء الصحيح لاحقة بوطء الشبهة كالنسب والمهر وما شاكل ، وفي الثاني ضعف لأنه استقراء مبني على الظن وهو غير حجة فلم يبق إلا الأول وهو لا يدل على أكثر من التفصيل الذي هو القول الثالث.

(١) في صورة تقدم الزنا والشبهة على العقد وتأخرهما.

(٢) وبهذا التفصيل بين السابق على العقد والطارئ.

(٣) سواء تقدم الزنا على العقد أم تأخر.

(٤) أي عدم المنع.

(٥) أي مطلقا.

(٦) إذا ملك الرجل أمة ولمسها أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره النظر إليه كالنظر إلى غير الوجه والكفين ، فهل تحرم بذلك على أبيه وابنه فيه خلاف على أقوال :

القول الأول : عدم التحريم مطلقا لكنه يكره ، وهو اختيار المحقق في الشرائع وتلميذه العلامة في غير المختلف وابن إدريس ، لأصالة الحل المستفادة من قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ) (١) ، ولموثق علي بن يقطين عن العبد الصالح عليه‌السلام (عن الرجل ـ

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٢٣.

٢٦٨

(الابن ومنظورته) على وجه (١) لا تحلّ (٢) لغير مالك الوطء بعقد ، أو ملك (٣) (على)

______________________________________________________

ـ يقبّل الجارية ، يباشرها من غير جماع داخل أو خارج ، أتحل لابنه أو لأبيه؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٢).

القول الثاني : التحريم مطلقا ، وهو المشهور بين الأصحاب للأخبار.

منها : صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن الرجل تكون له الجارية فيقبّلها هل تحلّ لولده؟ فقال : بشهوة؟ قلت : نعم ، قال : ما ترك شيئا إذا قبّلها بشهوة ، ثم قال ابتداء منه : إن جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه) (٣) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل تكون عند الجارية يجرّدها وينظر إلى جسدها نظر شهوة هل تحلّ لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحلّ لابنه؟قال عليه‌السلام : إذا نظر إليها بشهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحلّ لابنه ، وإن فعل ذلك الابن لم تحلّ للأب) (٢) ومثلها غيرها.

القول الثالث : إن النظر واللمس يحرّمان منظورة الأب وملموسته على ابنه ، دون العكس ، وهو قول المفيد وتبعه الشهيد هنا في اللمعة لصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا جرّد الرجل الجارية ودفع يده عليها فلا تحلّ لابنه) (٢)، والمشهور هو المنصور لكون أخبار التحريم أكثر عددا وأصح مسندا ، على أن صحيح محمد بن مسلم الذي هو مستند القول الثالث لا يدل على اختصاص التحريم بالابن بالنسبة لملموسة أبيه ومنظورته ، فهو دال على هذا التحريم من دون حصر ، وهذا لا ينافي استفادة التحريم للأب من أخبار أخرى وعليه فيسقط القول الثالث ، وأخبار الحل لا تقاوم أخبار التحريم ، لأن الثانية أكثر وأصح سندا ، هذا وقال في المسالك : (ومما يؤيد تحريمها عليهما بفعل ذلك بشهوة أن القصد المجرد يحرّم الزوجة على الأب والابن ، حيث كان المقصود الأغلب من التزويج إرادة الوطء ، ولما كان شراء الأمة أعم من قصد الوطء والخدمة ، لم تحرم بمجرد الشراء ، فإذا فعل معها مقدمات الجماع كان ذلك أقوى في تحريمها عليهما من العقد المجرد) ، انتهى.

(١) قيد للمس والنظر.

(٢) أي الأمة.

(٣) قد عرفت أن النزاع في مالك الرقبة ، لا في مالك البضع ، لأن الروايات المتقدمة قد ـ

__________________

(٢) الوسائل الباب ـ ٧٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١.

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٦ و ٤.

٢٦٩

(الأب ، وبالعكس) وهو منظورة الأب وملموسته(تحرم) على ابنه. أما الأول فلأن فيه جمعا بين الأخبار التي دل بعضها على التحريم ، كصحيحة محمد بن بزيع وغيرها ، وبعضها على الإباحة كموثقة علي بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام بنفي البأس عن ذلك ، بحمل النهي على الكراهة.

وأما الثاني وهو تحريم منظورة الأب وملموسته على الابن فلصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا جرّد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل لابنه» ، ومفهومها (١) الحل لأبيه ، فإن عمل بالمفهوم ، وإلا (٢) فبدلالة الأصل (٣) ، ولما سبق (٤).

وفيه (٥) نظر ، لأن صحيحة ابن بزيع دلت على التحريم فيهما (٦) ، ورواية على بن يقطين دلت على نفيه (٧) فيهما (٨) ، فإن وجب الجمع بينهما بالكراهة فالحكم في صحيحة (٩) محمد بن مسلم كذلك (١٠). وهذا (١١) هو الذي اختاره المصنف في

______________________________________________________

ـ وردت في الأمة إذا حصل لها ذلك من مالكها ، غايته أنه ينظر إليها أو يلمسها على نحو لا يجوز إلا لمالك بضعها.

هذا والبحث في اللمس مطلقا والنظر بشهوة لغير الوجه والكفين ، أما النظر للوجه والكفين بغير شهوة فلا إشكال ولا خلاف في عدم نشر الحرمة به ، بل قد يقال ـ كما في الجواهر ـ بعدم النشر بالنظر إليهما بشهوة لظهور النصوص فيما لا يشمله كما اعترف به في المسالك ، بل ولا يشمل النظر إلى ما يبدو عادة من الجارية وإن تلذذ بذلك.

(١) وهو مفهوم اللقب.

(٢) أي وإن لم يعمل بالمفهوم لضعفه ، وعلى فرض ثبوته فهو غير صالح لمعارضة أخبار التحريم.

(٣) أي أصالة الحل لقوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ).

(٤) من موثق علي بن يقطين الدال على الإباحة.

(٥) أي في هذا التفصيل من الماتن.

(٦) في ملموسة الأب وملموسة الابن.

(٧) أي نفي التحريم.

(٨) في ملموسة الأب وملموسة الابن.

(٩) الدالة على تحريم ملموسة الأب فقط.

(١٠) أي تحمل على الكراهة جمعا بينها وبين موثق علي بن يقطين.

(١١) أي القول بعدم التحريم في الملموستين ، وإن كان على كراهة.

٢٧٠

شرح الارشاد وجماعة ، أو يعمل بالأولى (١) ترجيحا للصحيح على الموثق حيث يتعارضان (٢) ، أو مطلقا (٣) وتكون صحيحة محمد بن مسلم مؤيدة (٤) لأحد الطرفين (٥). وهو الأظهر ، فتحرم فيهما (٦) ، فالتفصيل غير متوجه.

وقيدنا النظر واللمس بكونهما لا يحلان لغيره ، للاحتراز عن نظر مثل الوجه والكفين بغير شهوة (٧) فإنه لا يحرّم اتفاقا ، وأما اللمس فظاهر الأصحاب وصرح به جماعة منهم تحريمه فيهما (٨) مطلقا فيتعلق به (٩) الحكم (١٠) مطلقا (١١).

نعم يشترط كونهما (١٢) بشهوة كما ورد في الأخبار (١٣) وصرح به

______________________________________________________

(١) وهي صحيحة محمد بن بزيع الدالة على التحريم فيهما.

(٢) كما في المقام حيث الصحيح دال على التحريم والموثق على الإباحة.

(٣) أي وإن لم يتعارضا ولكن كان موضوع أحدهما خاصا ، كما في المقام بالنسبة لصحيح محمد بن بزيع الدال على التحريم فيهما ولصحيح محمد بن مسلم الدال على التحريم في ملموسة الأب ومنظورته.

(٤) أي مؤيدة لصحيح محمد بن بزيع الدال على التحريم فيهما ، غايته أنها مؤيدة لأحد طرفي الحكم وهو حرمة ملموسة الأب على ابنه.

(٥) من الحكم.

(٦) في ملموسة الأب وملموسة الابن.

(٧) بل قد عرفت أنه لا تحريم مع الشهوة أيضا.

(٨) في الملموستين.

(٩) أي باللمس.

(١٠) من التحريم.

(١١) أي في الوجه والكفين أو غيرهما ، لأن اللمس محرم على غير المالك مطلقا بخلاف النظر إلى الوجه والكفين ، فإنه محرم على غير المالك إذا كان بشهوة.

(١٢) أي النظر واللمس الموجبين للحرمة.

(١٣) الأخبار قيدت النظر بالشهوة ، وأما تقييد اللمس بالشهوة ففيه إن صحيح محمد بن مسلم المتقدم مطلق حيث قال (إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحلّ لابنه) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٤.

٢٧١

الأصحاب (١) ، فلا عبرة بالنظر المتفق ، ولمس الطبيب ، ونحوهما وإن كانت العبارة (٢) مطلقة (٣). هذا حكم المنظورة والملموسة بالنسبة إليهما.

وهل يتعدى التحريم إلى أمهما وابنتهما في حق الفاعل قولان (٤) : مأخذهما أصالة الحل (٥) ، واشتراط (٦) تحريم البنت بالدخول بالأم في الآية (٧) ، ولا قائل

______________________________________________________

(١) قال في الجواهر : (نعم لا يبعد القول بالنشر ـ أي نشر الحرمة ـ بالتجريد واللمس لباطن الجسد ، ووضع البطن على البطن وإن لم يكن ذلك عن شهوة وتلذذ) انتهى.

(٢) أي عبارة المصنف.

(٣) حيث لم يقيد اللمس والنظر بالشهوة.

(٤) فعلى تقدير القول بتحريم الملموستين على الأب والابن بما ذكر فهل تحرم أم الملموسة وإن علت وبناتها وإن نزلن على المولى قولان ، أحدهما التحريم ، وإليه ذهب ابن الجنيد والشيخ في الخلاف ، للنبوي (من كشف قناع امرأة حرم عليه أمها وابنتها) (١) والنبوي الآخر (لا ينظر الله تعالى إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن رجل تزوج بامرأة فنظر إلى رأسها أو إلى بعض جسدها ، أيتزوج ابنتها؟ قال عليه‌السلام : لا ، إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها) (٣).

القول الثاني : الجواز على كراهة ما لم يطأ البنت ، فإن وطء البنت فتحرم أمها وبنتها ولو لم تكن أمة ، لصحيح العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل باشر امرأة وقبّل غير أنه لم يفض إليها ، ثم تزوج ابنتها ، قال عليه‌السلام : إن لم يكن أفضى إليها فلا بأس ، وإن كان أفضى فلا يتزوج ابنتها) (٤) ، وهو أولى بعد حمل الأخبار السابقة على الكراهة.

(٥) المستفادة من قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ) (٥).

(٦) دليل ثان لعدم التحريم.

(٧) وهي قوله تعالى : (وَرَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)(٦).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٣.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.

(٥) سورة النساء ، الآية : ٢٤.

(٦) سورة النساء ، الآية : ٢٣.

٢٧٢

بالفرق (١) وصحيحة (٢) محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام الدالة على التحريم.

ويمكن الجمع بحمل النهي على الكراهة. وهو أولى.

واعلم أن الحكم مختص بنظر المملوكة على ذلك الوجه (٣). وما ذكرناه من الروايات دال عليها (٤).

وأما الحرة فإن كانت زوجة حرمت على الأب والابن بمجرد العقد (٥) ، وإن كانت أجنبية ففي تحريمها قولان (٦) ، ويظهر من العبارة الجزم به (٧) ، لأنه (٨) فرضها (٩) مطلقة (١٠) ، والأدلة لا تساعد عليه (١١).

(مسائل عشرون)

(الأولى : لو تزوج الأم وابنتها في عقد واحد بطلا) (١٢) للنهي عن العقد

______________________________________________________

(١) أي بين الزوجة الحرة والأمة حتى يقال إن الدخول شرط لتحريم بنت الزوجة دون بنت الأمة ، بل الدخول شرط لتحريم بنتهما ، ومع عدم الدخول لا تحرم البنت وإن لامس أو نظر إلى الأم ، وإذا ثبت عدم حرمة بنت الملموسة فكذا أمها لعدم القول بالفصل ، هذا وكان الأولى له الاستدلال بصحيح العيص ويستغني عن هذين الدليلين.

(٢) دليل التحريم.

(٣) من كونه لا يحل لغير المالك.

(٤) على المملوكة.

(٥) كما تقدم ، ولا حاجة إلى النظر واللمس.

(٦) قال في المسالك : (من أن النظر المحرم إلى الأجنبية واللمس به هل ينشر الحرمة فتحرم به الأم وإن علت والبنت وإن نزلت أم لا ، هكذا نقله فخر الدين في شرحه ، ولم نقف على القائل بالتحريم ، وعلى القول به لا تحرم المنظورة والملموسة على الفاعل ، وإنما نقل الخلاف في أمها وبنتها ، وكيف كان فهو قول ضعيف جدا لا دليل عليه) انتهى.

(٧) أي بالتحريم.

(٨) أي المصنف.

(٩) أي جعلها ، وضمير المفعول راجع للعبارة.

(١٠) حيث لم يخصها بالأمة.

(١١) على التحريم.

(١٢) بلا خلاف فيه ففي خبر مسعدة بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجمع بين الأم ـ

٢٧٣

الجامع بينهما (١) ، واستحالة الترجيح ، لاتحاد نسبته إليهما ، (ولو جمع بين الأختين فكذلك) (٢) ، لاشتراكهما في ذلك (٣).

(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة منهم العلامة في المختلف : (يتخير) واحدة منهما ، لمرسلة جميل بن دراج عن أحدهما عليه‌السلام في رجل تزوج أختين في عقد واحد ، قال : «هو بالخيار أن يمسك أيتهما شاء ، ويخلي سبيل الأخرى». وهي مع ارسالها غير صريحة في ذلك (٤) ، لإمكان إمساك إحداهما بعقد جديد.

ومثله (٥) ما لو جمع بين خمس في عقد (٦) ، أو بين اثنتين وعنده ثلاث (٧) ، أو بالعكس (٨) ، ونحوه (٩) ،

______________________________________________________

ـ والابنة ، ولا بين الأختين) (١).

(١) بين الأم وابنتها ، بل العقد على كل واحدة منهما محرّم للعقد على الأخرى ، ونسبة العقد إلى كل منهما بالسوية ولا يمكن الحكم بصحة فيهما لمحذور الجمع ، ولا في احداهما المعينة لأنه ترجيح بلا مرجح فيلزم الحكم بالبطلان فيهما.

(٢) أي البطلان لما تقدم من الدليل ، ومع ذلك فقد روي أنه يتخير في أيهما شاء ، ففي مرسلة جميل بن دراج عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام (أنه قال في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة ، قال : هو بالخيار يمسك أيتهما شاء ويخلّى سبيل الأخرى) (٢).

وقد عمل بها الشيخ وأتباعه ، وقد رواها في الكافي والتهذيب بسند مشتمل على علي بن السندي وهو مجهول مع كونها مرسلة ، وإن أوردها الصدوق في الفقيه بسند صحيح إلا أن دلالتها على المدعى غير ظاهرة لإمكان حملها على إمساك أيتهما شاء بعقد جديد ويخلّي الأخرى للبطلان.

(٣) وهو ما تقدم من الدليل عند جمع الأم وبنتها في عقد واحد.

(٤) أي التخيير المعتمد على العقد الواقع عليهما.

(٥) أي مثل الجمع بين الأختين بعقد واحد.

(٦) فمقتضى الدليل هو الحكم ببطلان العقد في الخمس ، وكذا ما بعده

(٧) ومقتضى الدليل هو بطلان العقد في الاثنتين.

(٨) بأن كان عنده اثنتان وجمع بين ثلاث في عقد واحد.

(٩) كما لو جمع بين أربع وعنده واحدة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.

٢٧٤

ويجوز الجمع بين الأختين في الملك (١) ، وكذا بين الأم وابنتها فيه (٢). وإنما يحرم الجمع بينهما في النكاح وتوابعه (٣) من الاستمتاع.

(ولو وطء إحدى الأختين المملوكتين حرمت الأخرى حتى تخرج الأولى عن ملكه) (٤) ببيع ، أو هبة ، أو غيرهما (٥).

وهل يكفي (٦) مطلق العقد الناقل للملك أم يشترط لزومه فلا يكفي البيع بخيار ، والهبة التي يجوز الرجوع فيها وجهان : من اطلاق (٧) النص اشتراط خروج الأولى عن ملكه ، وهو (٨) حاصل بمطلقه (٩) ، ومن أنها (١٠) مع تسلطه (١١) على

______________________________________________________

(١) المجرد عن الوطء لإطلاق قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ) (١) بعد كون النهي عن الجمع بين الأختين في قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) (٢) مختصا بالعقد لسياق الآية.

(٢) في الملك.

(٣) من النظر واللمس المحرّمين للأمة على المولى ، والمحرّمين لأمها وبنتها عليه أيضا.

(٤) إذا ملك أختين دفعة أو على التعاقب صح التملك بلا خلاف فيه ، وله نكاح أيتهما شاء ، فإذا وطئ إحداهما حرم عليه وطئ الأخرى حتى تخرج الأولى عن ملكه بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر عبد الله بن سنان (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا كانت عنده الرجل الأختان المملوكتان فنكح إحداهما ، ثم بدا له في الثانية فنكحها فليس ينبغي له أن ينكح الأخرى حتى تخرج الأولى عن ملكه ، يهبها أو يبيعها ، فإن وهبها لولده يجزيه) (٣).

(٥) من نواقل الملك.

(٦) في نقل الأولى عن ملكه حتى تحل له الثانية.

(٧) دليل لكفاية مطلق العقد الناقل ، حيث ورد في الخبر المتقدم (فليس ينبغي له أن ينكح الأخرى حتى تخرج الأولى عن ملكه) وهو ظاهر في اشتراط مطلق الخروج وهو متحقق بمطلق الناقل.

(٨) أي الخروج.

(٩) أي بمطلق الناقل.

(١٠) دليل لاشتراط اللزوم في العقد الناقل ، والضمير في (أنها) راجع إلى الأولى.

(١١) أي تسلط المولى الواطئ.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٢٤.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١.

٢٧٥

فسخه (١) بحكم المملوكة.

ويضعّف (٢) بأن غاية التحريم (٣) إذا علقت على مطلق الخروج لم يشترط معها (٤) أمر آخر ، لئلا يلزم جعل ما جعله الشارع غاية ليس بغاية (٥) ، وقدرته (٦) على ردها (٧) إلى ملكه لا تصلح للمنع (٨) ، لأنه (٩) بعد الإخراج اللازم متمكن منه (١٠) دائما على بعض الوجوه بالشراء ، والاتهاب ، وغيرهما من العقود ، فالاكتفاء بمطلق الناقل (١١) أجود.

وفي الاكتفاء بفعل ما يقتضي تحريمها عليه (١٢) كالتزويج (١٣) والرهن والكتابة وجهان : منشؤهما حصول الغرض (١٤) وهو (١٥) تحريم الوطء. وانتفاء

______________________________________________________

(١) أي فسخ الناقل.

(٢) أي الوجه الثاني ، وضعفه أنه معارض بإطلاق النص.

(٣) أي غاية تحريم الثانية كما ورد في الخبر هي خروج الأولى الموطوءة.

(٤) مع هذه الغاية.

(٥) ولو عبّر بأنه معارض بإطلاق النص لكان أخصر وأوضح.

(٦) أي قدرة المولى الواطئ.

(٧) أي رد الأولى بعد إخراجها.

(٨) لأنه مع اللزوم في الناقل هو قادر على التمكن من ردها إلى ملكه ولو بالشراء ونحوه ، فاشتراط اللزوم في الناقل لا يحقق عدم التمكن من ردها ، فالاكتفاء بمطلق الناقل تبعا لإطلاق الخبر هو الأولى.

(٩) أي المولى الواطئ.

(١٠) أي من ردها إلى ملكه.

(١١) وإن لم يكن لازما.

(١٢) أي تحريم الأولى على الفاعل الواطئ وإن لم تخرج عن ملكه.

(١٣) أي تزويجها من الغير بعقد.

(١٤) دليل الاكتفاء.

(١٥) أي الغرض من إخراج الأولى حتى تحل الثانية هو تحريم وطء الأولى عليه ، وهذا التحريم كما يتحقق بالإخراج عن الملك على ما في الخبر يتحقق في هذه الأمور ، وفيه : إنه استحسان محض بعد كون النص قد ورد بالإخراج.

٢٧٦

النقل (١) الذي هو مورد النص ، وهو (٢) الأقوى.

ولا فرق في تحريم الثانية بين وطي الأولى في القبل والدبر (٣) ،.

وفي مقدماته (٤) من اللمس والقبلة والنظر بشهوة نظر (٥) من قيامها مقام الوطء (٦) كما سلف ، وعدم صدق الوطء بها (٧) (فلو وطء الثانية (٨) فعل حراما) مع علمه بالتحريم ، (ولم تحرم الأولى) ، لأن الحرام لا يحرّم الحلال ، والتحريم إنما تعلق بوطء الثانية فيستصحب (٩) ، ولأصالة الإباحة (١٠).

وعلى هذا فمتى أخرج إحداهما عن ملكه حلت الأخرى ، سواء أخرجها للعود إليها أم لا ، وإن لم يخرج إحداهما فالثانية محرمة دون الأولى.

وقيل (١١):

______________________________________________________

(١) دليل عدم الاكتفاء.

(٢) أي الثاني.

(٣) لإطلاق لفظ نكاح الأولى الوارد في الأخبار المتقدمة.

(٤) أي مقدمات الوطء ، وهو خبر مقدم.

(٥) مبتدأ مؤخر.

(٦) في التحريم فتلحق به.

(٧) أي بالمقدمات فلا تلحق بالوطء بعد كون النص قد حرّم الثانية إذا وطئ الأولى.

(٨) أي لو وطأ إحداهما حرمت عليه الأخرى ، ولا تحل له الثانية حتى يخرج الأولى عن ملكه ، فلو وطء الثانية قبل إخراج الأولى فقد فعل حراما ، ولكن إذا وطأ الثانية والحال هذه والحال هذه ففي تحريم الأولى أو الثانية أو تحريمها معا أقوال :

الأول : للشيخ في المبسوط والمحقق وابن إدريس وأكثر المتأخرين ، أن الأولى تبقى على الحل لأصالة بقاء الحل فيها ولأن الحرام لا يفسد الحلال ، والثانية تبقى على الحرمة لأصالة بقاء الحرمة فيها ، نعم متى ما أخرج الأولى عن ملكه حلّت له الثانية حينئذ لانتفاء المانع من الجمع بين الأختين.

وبقية الأقوال سيأتي التعرض لها عند تعرض الشارح.

(٩) أي التحريم في الثانية.

(١٠) في الأولى.

(١١) وهو الشيخ في النهاية وابنا البراج وسعيد والعلامة في المختلف وولده والشهيد في شرح ـ

٢٧٧

متى وطء الثانية عالما بالتحريم حرمت عليه الأولى أيضا (١) إلى أن تموت الثانية ، أو يخرجها عن ملكه ، لا لغرض العود إلى الأولى فإن اتفق إخراجها لا لذلك (٢) حلت له الأولى ، وإن أخرجها ليرجع إلى الأولى فالتحريم باق ، وإن وطء الثانية جاهلا بالتحريم لم تحرم عليه الأولى.

ومستند هذا التفصيل روايات بعضها صريح فيه (٣) وخالية عن المعارض ، فالقول به متعين ، وبه (٤) ينتفي ما عللوه في الأول (٥).

______________________________________________________

ـ الإرشاد والمحقق الثاني في جامعه ، وتفصيله : إن كان وطء الثانية للجهالة بالموضوع أو الحكم لم تحرم الأولى عليه ، وإن كان الوطء المذكور مع العلم حرمت الأولى حتى تخرج الثانية عن ملكه ، لا للعود إلى الأولى ، بل لو أخرج الثانية للعود إلى الأولى فلا تحل الأول حينئذ ، ومستند هذا التفصيل أخبار ففي صحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجل عنده اختان مملوكتان فوطئ إحداهما ثم وطئ الأخرى فقال : إذا وطئ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى ، قلت : أرأيت إن باعها؟ فقال : إن كان إنما يبيعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شي‌ء فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الأولى فلا) (١) ، وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (سألته عن رجل ملك أختين أيطؤهما جميعا؟ فقال : يطأ إحداهما فإذا وطء الثانية حرمت عليه الأولى التي وطأ حتى تموت الثانية أو يفارقها ، وليس له أن يبيع الثانية من أجل الأولى ليرجع إليها ، إلا أن يبيع لحاجة أو يتصدق بها أو تموت) (٢) ومثلها غيرها.

وهذه الأخبار محمولة على صورة العلم جمعا بينها وبين خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : الرجل يشتري الأختين فيطأ إحداهما ثم يطأ الأخرى بجهالة قال : إذا وطأ الأخيرة بجهالة لم تحرم عليه الأولى ، وإن وطأ الأخيرة وهو يعلم أنهما عليه حرام حرمتا عليه جميعا) (٣). ولكن مع الأعراض عن ذيلها لمعارضته لما تقدم.

(١) كما حرمت الثانية بسبب وطء الأولى.

(٢) أي لا للعود.

(٣) في التفصيل.

(٤) أي بالتفصيل.

(٥) أي القول الأول من أن الحرام لا يحرم الحلال ولأصالة الإباحة ، لأنه مع وجود الروايات ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٩ و ١٠ و ٥.

٢٧٨

ولو ملك أما وبنتها ووطء إحداهما حرمت الأخرى مؤبدا (١) ، فإن وطء المحرّمة عالما حدّ (٢) ، ولم تحرم الأولى (٣) وإن كان جاهلا ، قيل (٤) : حرمت الأولى أيضا مؤبدا.

ويشكل (٥) بأنه (٦) حينئذ لا يخرج عن وطء الشبهة ، أو الزنا وكلاهما لا يحرم لاحقا كما مرّ (٧) ، وخروج الأخت عن الحكم (٨) للنص ، وإلا كان اللازم

______________________________________________________

ـ لا يتم التعليل المذكور ولا يجري الاستصحاب ، هذا وهناك قول ثالث وهو أن الدخول بالثانية يحرّم الأولى مطلقا سواء كان عالما أم جاهلا حتى تخرج الثانية عن ملكه بخلاف الثانية فإنها غير محرمة عليه وهذا القول عكس القول الأول ، وقد اعترف الشارح في المسالك بعدم معرفة قائله ويحتج له بخبر معاوية بن عمار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل كانت عنده جاريتان أختان فوطأ إحداهما ثم بدا له في الأخرى ، قال عليه‌السلام : يعتزل هذه ويطأ الأخرى ، قلت : فإنه تنبعث نفسه للأولى ، قال : لا يقربها حتى تخرج تلك عن ملكه) (١) ، وفيه : إنه معارض بما سمعت ، هذا وقال في المسالك ولقد أجاد : (واعلم أن هذه الأخبار على كثرتها قد اشتركت في الحكم بتحريم الأولى مع علم الواطئ بالتحريم فالقول ببقائها على الحل ـ كما هو مقتضى القول الأول ـ واطّراح جملة هذه الأخبار وإن ضعف طريقها مشكل ، واشتركت أيضا في أن إخراج الثانية لا بنية العود إلى الأولى يحلّها وهذا أيضا لا شبهة فيه ، وبقي ما لو أخرج الأول عن ملكه مطلقا فإنه يحلّل الثانية قطعا لزوال المقتضي للتحريم وهو الجمع ، وبقي الإشكال في حل أيتهما كان مع بقائهما على ملكه وينبغي التوقف فيه إلى أن يظهر المرجح وطريق الاحتياط لا يخفى) انتهى.

(١) لما تقدم من حرمة أم الموطوءة وبنتها سواء كان الوطء بعقد أم ملك.

(٢) لأنه زان.

(٣) لأن الحرام لا يحرّم الحلال.

(٤) لم أعثر على قائله.

(٥) أي القول الثاني من تحريم الأولى.

(٦) أي وطء الثانية

(٧) من أن الحرام لا يفسد الحلال.

(٨) وأن وطء الثانية عالما يحرّم الأولى كما يحرم الثانية على ما هو مقتضى القول الثاني المتقدم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.

٢٧٩

منه (١) عدم تحريم الأولى مطلقا (٢) كما اختاره هنا.

(الثانية : لا يجوز أن يتزوج أمة على حرة إلا بإذنها) (٣) وهو موضع وفاق ، (فلو فعل) بدون إذنها (٤).

______________________________________________________

ـ في الفرع السابق.

(١) أي من وطء الثانية.

(٢) سواء كان عالما أم جاهلا.

(٣) كما هو المعروف بين الأصحاب ، نعم عن الشيخ أنه حكي عن قوم من أصحابنا عدم الجواز وإن أذنت ، وهو غير معروف القائل ، وواضح الضعف لصحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع (سألت أبا الحسن عليه‌السلام : هل للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة؟ قال عليه‌السلام : نعم إذا رضيت الحرة ، قلت : فإن أذنت الحرة يتمتع منها؟ قال عليه‌السلام : نعم) (١) ، ومورد المتعة إلا أنه لا قائل بالفرق بينها وبين الدوام كما في الرياض.

(٤) أي إذن الحرة ، ففي بطلان العقد على الأمة أو وقوعه موقوفا على رضا الحرة كعقد الفضولي ، أو تخيير الحرة في فسخ عقدها أيضا أقوال :

الأول : البطلان وهو اختيار المحقق وابن إدريس وهو ظاهر المبسوط والتبيان للشيخ للأخبار الناهية عن ذلك.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ، ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل) (٤) ، وخبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن نكاح الأمة ، فقال : تتزوج الحرة على الأمة ، ولا تتزوج الأمة على الحرة ، ونكاح الأمة على الحرة باطل) (٣)، وخبر حذيفة بن منصور (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج أمة على حرة لم يستأذنها؟ قال : يفرّق بينهما ، قلت : عليه أدب؟ قال : نعم اثنا عشر سوطا ونصف ، ثمن حد الزاني ، وهو صاغر) (٤) ، وهذه الأخبار شاملة لرضا الحرة بعد العقد وعدمه.

القول الثاني : وقوعه موقوفا على رضا الحرة كالعقد الفضولي ، فلو أجازت بعد العقد صح ، من غير أن يقع باطلا من رأس ، وهو اختيار الماتن وجماعة لإطلاق صحيح ابن بزيع المتقدم ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المتعة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.

٢٨٠