المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى

الشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي الكفعمي

المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى

المؤلف:

الشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي الكفعمي


المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مؤسسة قائم آل محمد (عج)
الطبعة: ١
الصفحات: ١٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

العالم بالشيء اللطيف ، كالبعوضة وخلقه إياها (٧٣) . وأنّه لا يدرك ولا يحدّ ، وفلان لطيف في أمره إذا كان متعمقاً متلطفاً لا يدرك أمره ، وليس معناه أنه تعالى صغر ودقّ .

وقال الهروي (٧٤) في الغريبين (٧٥) : اللطيف من أسمائه تعالى وهو الرفيق بعباده ، يقال : لطف له يلطف إذا رفق به ، ولطف الله بك أي : أوصل إليك مرادك برفق ، واللطيف منه ، فأما لطف يلطف فمعناه صغر ودقّ .

الخبير :

هو العالم بكنه الشيء المطلع على حقيقته ، والخبر : العلم ، ولي بكذا خبر أي : علم ، واختبرت كذا ، بلوته .

الحليم :

ذو الحلم والصفح والأناة ، وهو : الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يسارع إلى الانتقام مع غاية قدرته ، ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم ، إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة .

* * *

___________________________

=

رياض العلماء ٥ : ١١٩ ، الكنى والألقاب ١ : ٢١٢ ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٤ .

(٧٣) التوحيد : ١٩٤ حديث ٧ باختلاف .

(٧٤) أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي ، أخذ عن أبي زيد الأنصاري وأبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي محمد اليزيدي وغيرهم ، له عدّة مصنّفات ، منها : غريب القرآن ـ منتزع من عدّة كتب ، جاء فيه بالآثار وأسانيدها وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء ـ وغريب الحديث ، وهو منتزع أيضاً من عدة كتب مع ذكر الأسانيد ، وصنف المسند على حدته ، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته ، مات سنة ( ٢٢٣ هـ ) وقيل غير ذلك .

تاريخ بغداد ١٢ : ٤٠٣ ، معجم الاُدباء ١٦ : ٢٥٤ ، وفيات الأعيان ٤ : ٦٠ .

(٧٥) المراد من المغريبين : غريب القرآن مخطوط ، وغريب الحديث مطبوع ولم أجده فيه .

٤١
 &

العظيم :

قال الشهيد : هو الذي لا تحيط بكنهه العقول (٧٦) .

وقال البادرائي : هو ذو العظمة والجلال ، أي : عظيم الشأن جليل القدر ، دون العظم الذي هو من نعوت الأحسام .

وقيل : إنّه تعالى سمي العظيم ، لأنّه الخالق للخلق العظيم ، كما أنّ معنى اللطيف هو الخالق للخلق اللطيف .

العفوّ :

هو المحّاء للذنوب ، وهو فعول من العفو ، وهو : الصفح عن الذنب وترك مجازاة المسيء . وقيل : هو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته ومحته .

الغفور :

الذي تكثر منه المغفرة ، أي : يغفر الذنوب ويتجاوز عن العقوبة ، واشتقاقه من الغفر وهو الستر والتغطية ، وسمي المغفر به لستره الرأس .

وفي العفوّ مبالغة أعظم من الغفور ، لأن ستر الشيء قد يحصل مع بقاء أصله ، بخلاف المحو ، فإنه إزالة رأساً وجملة . ويقال : ما فيهم غفيرة ، أي : لا يغفرون ذنباً لأحد .

الشكور :

الذي يشكر اليسير من الطاعة ، ويثيب عليه الكثير من الثواب ، ويعطي الجزيل من النعمة ، ويرضى باليسير من الشكر ، قال تعالى : « إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ

___________________________

(٧٦) القواعد والفوائد : ٢ : ١٦٨ .

٤٢
 &

شَكُورٌ » (٧٧) وهما اسمان مبنيّان للمبالغة .

ولما كان تعالى مجازياً للمطيع على طاعته بجزيل ثوابه ، جعل مجازاته شكراً لهم على سبيل المجاز ، كما سمّيت المكافأة شكراً .

العليّ :

الذي لا رتبة فوق رتبته ، أو المنزّه عن صفات المخلوقين ، وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه بالقدرة عليهم (٧٨) .

الكبير :

ذو الكبرياء (٧٩) في كمال الذات والصفات ، وهو الموصوف بالجلال وكبر الشأن . ويقال : هو الذي كبر عن شبه المخلوقين ، وصغر دون جلاله كلّ كبير . وقيل : الكبير : السيد ، ويقال لكبير القوم سيدهم .

الحفيظ :

الحافظ لدوام الموجودات والمزيل تضاد العنصريات بحفظها عن الفساد ، فهو تعالى يحفظ السماوات والأرض وما بينهما ، ويحفظ عبده من المهالك

___________________________

(٧٧) فاطر ٣٥ : ٣٤ .

(٧٨) في هامش ( ر ) : « والفرق بين العلي والرفيع : أن العلي قد يكون بمعنى الاقتدار وبمعنى علوّ المكان ، والرفيع من رفع المكان لا غير ، ولذلك لا يوصف سبحانه بأنه رفيع القدر والشأن ، ذكر ذلك الكفعمي : إبراهيم بن علي الجبعي عفى الله تعالى عنه ، في كتابه جُنّة الأمان الواقية وجَنّة الإيمان الباقية . منه رحمه الله » .

اُنظر : جنة الأمان الواقية ـ المصباح ـ : ٣٢٤ ، وفيه : « . . . والرفيع من رفع المكان لا غير ، ولذلك لا يوصف تعالى به ، بلى يوصف بأنه رفيع القدر والشأن » وما في نسخة ( ر ) هو الصحيح .

(٧٩) في هامش ( ر ) : « الكبرياء : العظمة والسلطان ، والكبرياء أيضاً : الملك ، لأنّه أكبر ما يطلب من اُمور الدنيا ، والأصل أن الكبرياء : استحقاق صفة الكبر في أعلى المراتب ، والملوك موصوفون بالكبر ، قاله المطرزي . منه رحمه الله » .

=

٤٣
 &

والمعاطب .

قال بعضهم : الحفيظ وضع للمبالغة ، فتفسيره بالحافظ فيه هظم لذلك الاسم .

المقيت :

المقتدر ، وأقات على الشيء : اقتدر عليه .

قال :

وذي ضغن كففت النفس عنه

وكنت على مساءته مقيتا

والمقيت : معطي القوت ، والمقيت : الحافظ للشيء والشاهد عليه ، والمقيت : الموقوف على الشيء .

قال :

إليَّ الفضل أم عليَّ إذا

حوسبت إني على الحساب مقيتُ

أي : إنّي على الحساب موقوف ، والمعاني الأربع الاُول كلّها صادقة عليه تعالى ، بخلاف الخامس .

الحسيب :

الكافي ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم ، من قولهم أحْسَبَني أي : أعطاني ما كفاني ، وحسبك درهم أي : كفاك ، ومنه : « حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ » (٨٠) أي : هو كافيك .

والحسيب : المحاسب أيضاً ، ومنه قوله تعالى : « كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا » (٨١) أي : محاسباً . والحسيب أيضاً : المحصي والعالم .

___________________________

=

اُنظر : المغرب ٢ : ١٤٠ ، وفيه : « . . . وكبرياء الله : عظمته » ولم ترد العبارة بأكملها .

(٨٠) الأنفال ٨ : ٦٤ .

(٨١) الاسراء ١٧ : ١٤ .

٤٤
 &

الجليل :

الموصوف بصفات الجلال ، من الغنى والملك والقدرة والعلم والتقدّس عن النقائص ، فهو : الجليل الذي يصغر دونه كلّ جليل ، ويتضع معه كل رفيع .

الكريم :

في اللغة : الكثير الخير ، والعرب تسمّي الشيء الذي يدوم نفعه ويسهل تناوله كريماً ، ومن كرمه تعالى : أنه يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق ، ويغفر الذنب ويعفو عن المسيء .

وقيل : الكريم الجواد المفضل ، يقال : رجل كريم أي : جواد . وقيل : هو العزيز ، كقولهم : فلان أكرم من فلان ، أي : اعزّ منه ، وقوله تعالى : « إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ » (٨٢) أي : عزيز .

الرقيب :

الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء ، ومنه قوله تعالى : « مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ » (٨٣) معناه أي : حافظ ، والعتيد : المهيّأ الحاضر .

وقال الشهيد : الرقيب : الحفيظ العليم (٨٤) .

المجيب :

هو الذي يجيب المضطرّ ويغيث الملهوف إذا دعياه .

* * *

___________________________

(٨٢) الواقعة ٥٦ : ٧٧ .

(٨٣) ق ٥٠ : ١٨ .

(٨٤) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩ .

٤٥
 &

القريب :

هو المجيب ، ومنه : « أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ » (٨٥) أي : قربت من دعائه ، وقد يكون بمعنى العالم بوساوس القلوب لا حجاب بينها وبينه تعالى ولا مسافة ، ومنه : « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » (٨٦) .

الواسع :

الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده ، ووسع رزقه جميع خلقه ، والسعة في كلام العرب : الغنى ، ومنه : « لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ » (٨٧) وقيل : هو المحيط بعلم كلّ شيء ، ومنه : « وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا » (٨٨) .

وفي كتاب منتهى السّؤول : الواسع مشتق من السعة ، والسعة تضاف تارة إلى العلم إذا اتسع وأحاط بالمعلومات الكثيرة ، وتضاف اُخرى إلى الإحسان وبسط النعم ، وكيف ما قدّر وعلى أي شيء نزّل ، فالواسع المطلق هو الله تعالى ، لأنّه إن نظر إلى علمه فلا ساحل لبحره ، بل تنفد البحار لو كانت مداداً لكلماته ، وإن نظر إلى إحسانه ونعمه فلا نهاية لها ، وكل نعمة تكون من غيره وإن عظمت فهي متناهية ، فهو أحقّ بإطلاق اسم السعة عليه .

الغني :

هو الذي استغنى عن الخلق وهم إليه محتاجون ، فلا تعلق له لغيره لا في ذاته ولا في شيء من صفاته ، بل يكون منزّهاً عن العلاقة مع الغير ، فمن تعلقت

___________________________

(٨٥) البقرة ٢ : ١٨٦ .

(٨٦) ق ٥٠ : ١٦ .

(٨٧) الطلاق ٦٥ : ٧ .

(٨٨) طه ٢٠ : ٩٨ .

٤٦
 &

ذاته أو صفاته بأمر خارج عن ذاته يتوقف في وجوده أو كماله عليه ، فهو محتاج إلى ذلك الأمر ، ولا يتصور ذلك في الله تعالى .

المغني :

الذي جبر مفاقر الخلق وأغناهم عمن سواه بواسع الرزق .

الحكيم (٨٩) :

هو المحكم خلق الأشياء ، والإحكام هو : اتقان التدبير وحسن التصوير والتقدير . وقيل : الحكيم العادل ، والحكمة لغة : العلم ، ومنه : « يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ » (٩٠) والحكيم أيضاً : الذي لا يفعل قبيحاً ولا يخلّ بواجب ، والذي يضع الأشياء مواضعها .

الودود :

الذي يودّ عباده ، أي : يرضى عنهم ويقبل أعمالهم ، مأخوذ من الودّ وهو المحبة . أو يكون بمعنى : أن يودّهم إلى خلقه ، ومنه : « سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا » (٩١) أي : محبته في قلوب العباد . أو يكون فعول هذا بمعنى مفعول ، كمهيب بمعنى مهيوب ، يريد : أنه مودود في قلوب أوليائه بما ساق إليهم من المعارف وأظهر لهم من الألطاف .

___________________________

(٨٩) في هامش ( ر ) : « الحكيم يحتمل أمرين ، الأول : أنه تعالى بمعنى العالم [ لأن العالم ] بالشيء يسمّى حكيماً ، فعلى هذا يكون من صفات الذات ، مثل العالم ، ويوصف بهما فيما لم يزل . الثاني : أن معناه المحكم لأفعاله ، ويكون فعيل بمعنى مفعل ، وعلى هذا يكون من صفات الأفعال ، ومعناه : أن أفعاله سبحانه كلّها حكمة وصواب ، ولا يوصف بذلك فيما لم يزل ، وعن ابن عباس : العليم الذي كمل في علمه ، و [ الحكيم ] الذي كمل في حكمته ، قاله الطبرسي في مجمعه . منه رحمه الله » .

اُنظر : مجمع البيان ١ : ٧٨ ، باختلاف وزيادة أدخلنا بعضها في المتن بين معقوفتين .

(٩٠) البقرة ٢ : ٢٦٩ .

(٩١) مريم ١٩ : ٩٦ .

٤٧
 &

المجيد الماجد :

بمعنى ، والمجد : الكرم ، قاله الجوهري (٩٢) . والمجيد : الواسع الكرم ، ورجل ماجد إذا كان سخياً واسع العطاء .

وقيل : هو الكريم العزيز ، ومنه قوله تعالى : « بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ » (٩٣) أي : كريم عزيز .

وقيل : معنى مجيد أي : ممجد ، أي : مجّده خلقه وعظموه ، قاله ابن فهد في عدته (٩٤) .

وقال الهروي في قوله تعالى : « ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ » (٩٥) والمجد في كلامهم : الشرف الواسع ، ورجل ماجد : مفضال كثير الخير ، ومجدت الإبل : إذا وقعت في مرعى كثير واسع .

وقال الشهيد : المجيد هو الشريف ذاته الجميل فعاله ، قال : والماجد مبالغة في المجد (٩٦) .

الباعث :

محيي الخلق في النشأة الاُخرى وباعثهم للحساب .

الشهيد :

الذي لا يغيب عنه شيء ، وقد يكون الشهيد بمعنى العليم ، ومنه : « شَهِدَ

___________________________

(٩٢) الصحاح ٢ : ٥٣٦ ، مجد .

(٩٣) البروج ٨٥ : ٢١ .

(٩٤) عدّة الداعي : ٣٠٩ .

(٩٥) ق ٥٠ : ١ .

(٩٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٩ .

٤٨
 &

اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ » (٩٧) أي : علم .

الحقّ :

هو المتحقّق وجوده وكونه ، وكل شيء تحقق وجوده وكونه فهو حقّ ، ومنه : « الْحَاقَّةُ‏ مَا الْحَاقَّةُ » (٩٨) أي : الكائنة حقّاً لا شك في كونها ، وقولهم : الجنة حقّ أي : كائنة ، وكذلك النار .

الوكيل :

هو الكافي ، أو الموكول إليه جميع الاُمور .

وقيل : هو الكفيل بأرزاق العباد والقائم بمصالحهم ، ومنه : « حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » (٩٩) أي : نعم الكفيل باُمورنا القائم بها . وقد يكون بمعنى المعتمد والملجأ ، والتوكّل : الاعتماد والالتجاء .

القويّ :

القادر ، من قوي على الشيء إذا قدر عليه ، أو الذي لا يستولي عليه العجز والضعف في حال من الأحوال ، وقد يكون معناه : التامّ القوة .

المتين :

هو الشديد القوة الذي لا يعتريه وهن ، ولا يمسّه لغوب ، ولا يلحقه في أفعاله مشقة .

* * *

___________________________

(٩٧) آل عمران ٣ : ١٨ .

(٩٨) الحاقة ٦٩ : ١ ـ ٢ .

(٩٩) آل عمران ٣ : ١٧٣ .

٤٩
 &

الوليّ :

هو المستأثر بنصر عباده المؤمنين ، ومنه : « اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ » (١٠٠) أي : لا ناصر لهم . أو يكون بمعنى : المتولّي للأمر القائم به (١٠١) .

المولى :

قد قيل فيه ما مرّ من المعنيين المتقدمين في الولي . أو يكون بمعنى الأولى ، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلم : ألست أولى منكم بأنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه (١٠٢) . أي : من كنت أولى منه بنفسه فعلي أولى منه بنفسه ، وقوله تعالى : « مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ » (١٠٣) أي : أولى بكم .

الحميد :

هو المحمود الذي استحقّ الحمد بفعاله في السرّاء والضرّاء والشدّة والرخاء .

___________________________

(١٠٠) محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ٤٧ : ١١ .

(١٠١) في هامش ( ر ) : « ووليّ الطفل : هو الذي يتولّى إصلاح شأنه ( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [ ٣ : ٦٨ ] ) لأنّه المتولّي لإصلاح شؤونهم في الدارين ، وفي الحديث : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها ، وروي وليّها ، قال الفراء : المولى والولي واحد ، وقوله : ( أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [ ١٢ : ١٠١ ] ) أي : المتولّي أمري والقائم به ، والولي والوالي والمولى والمتولّي : الناصر ، و ( أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ [ ٤ : ٧٦ ] ) أنصاره ، وقوله : ( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ [ ٥ : ٥١ و ٩ : ٢٣ ] ) أي : من يتبعهم وينصرهم . منه رحمه الله » .

(١٠٢) هذا الحديث من الأحاديث المتواترة عند المسلمين كافة . اُنظر ترجمة الإمام علي ـ عليه السلام ـ من تاريخ دمشق ٢ : ٥ ، والبحار ٣٧ : ١٠٨ ، وإحقاق الحق ٤ : ٣٦ ، وكتاب الغدير للعلّامة الأميني وغيرها .

(١٠٣) الحديد ٥٧ : ١٥ .

٥٠
 &

المحصي :

الذي أحصى كلّ شيء بعلمه ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة .

المبدئ المعيد :

فالمبدئ الذي أبدأ الأشياء اختراعاً وأوجدها .

والمعيد الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات ، ثم يعيدهم بعد الممات إلى الحياة ، لقوله تعالى : « وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » (١٠٤) ولقوله : « هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ » (١٠٥) .

المحيي المميت :

فالمحيي هو : الذي يحيي النطفة الميتة فيخرج منها النسمة الحية ، ويحيي الأجسام بإعادة الأرواح إليها للبعث .

والمميت : هو الذي يميت الأحياء ، تمدّح سبحانه بالإماتة كما تمدّح بالإحياء ، ليعلم أنّ الإحياء والإماتة من قبله .

الحيّ :

هو الذي لم يزل موجوداً وبالحياة موصوفاً ، لم يحدث له الموت بعد الحياة ولا العكس ، قاله البادرائي .

وفي منتهى السؤول : أنه الفعّال المدرك ، حتّى أن ما لا فعل له ولا إدراك فهو ميّت ، وأقل درجات الإدراك أن يشعر المدرك نفسه ، فالحيّ الكامل هو الذي تندرج جميع المدركات تحت إدراكه ، حتى لا يشذّ عن علمه مدرك ولا

___________________________

(١٠٤) البقرة ٢ : ٢٨ .

(١٠٥) البروج ٨٥ : ١٣ .

٥١
 &

عن فعله مخلوق ، وكلّ ذلك لله تعالى ، فالحيّ المطلق هو الله تعالى .

القيّوم :

هو القائم الدائم بلا زوال بذاته ، وبه قيام كلّ موجود في إيجاده وتدبيره وحفظه ، ومنه قوله : « أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ » (١٠٦) أي : يقوم بأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم . وقيل : هو القيم على كل شيء بالرعاية له .

ومثله : القيّام ، وهما من فيعول وفيعال ، من قمت بالشيء إذا توليته بنفسك وأصلحته ودبرته ، وقالوا : ما فيها ديّور ولا ديّار (١٠٧) .

وفي الصحاح : أن عمر (١٠٨) قرأ : الحي القيّام ، قال وهو لغة (١٠٩) .

الواجد :

أي : الغني ، مأخوذ من الجدّ ، وهو : الغنى والحظ في الرزق ، ومنه قولهم في الدعاء : ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد ، أي : من كان ذا غنى وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة ، إنّما ينفعه الطاعة والإيمان ، بدليل : « يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ » (١١٠) .

أو يكون مأخوذاً من الجدة ، وهي : السعة في المال والمقدرة ، ورجل واجد أي : غني بين الوجد والجدة ، وافتقر بعد وجد ، ووجد بعد فقر ، وقوله تعالى : « أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ » (١١١) أي : سعتكم ومقدرتكم .

___________________________

(١٠٦) الرعد ١٣ : ٣٣ .

(١٠٧) اُنظر : عدة الداعي : ٣٠٨ .

(١٠٨) أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ، روى عن النبي وعن أبي بكر واُبي بن كعب ، روى عنه أولاده وغيرهم ، قتل سنة ( ٢٣ هـ ) .

طبقات الفقهاء ١٩ ، اسد الغابة ٤ : ٥٢ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٤٣٨ .

(١٠٩) الصحاح ٥ : ٢٠١٨ ، قوم . وقال الزمخشري في الكشّاف ١ : ٣٨٤ : « وقرئ القيام والقيم » .

(١١٠) الشعراء ٢٦ : ٨٨ .

(١١١) الطلاق ٦٥ : ٦ .

٥٢
 &

وقد يكون الواجد : هو الذي لا يعوزه شيء ، والذي لا يحول بينه وبين مراده حائل من الوجود .

الواحد الأحد :

هما دالان على معنى الوحدانية وعدم التجزي .

قيل : والأحد والواحد بمعنى واحد ، وهو : الفرد الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء .

وقيل : الفرق بينهما من وجوه :

أ : أنّ الواحد يدخل الحساب ، ويجوز أن يجعل له ثانياً ، لأنه لا يستوعب جنسه ، بخلاف الأحد ، ألا ترى أنك لو قلت : فلان لا يقاومه واحد من الناس ، جاز أن يقاومه اثنان ، ولو قلت : لا يقاومه أحد ، لم يجز أن يقاومه أكثر ، فهو أبلغ ، قاله الطبرسي (١١٢) .

قلت : لأنّ أحداً نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة ، قال تعالى : « لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ » (١١٣) ولم يقل كواحدة ، لما ذكرناه .

ب : قال الأزهري (١١٤) : الفرق بينهما أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد ، والواحد اسم لمفتتح العدد .

ج : قال الشهيد : الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الذات ، والأحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الصفات (١١٥) .

___________________________

(١١٢) مجمع البيان ٥ : ٥٦٤ باختلاف .

(١١٣) الأحزاب ٣٣ : ٣٢ .

(١١٤) أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهري الهروي ، أحد الأئمة في اللغة والأدب ، روى عن أبي الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري عن ثعلب وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : تفسير أسماء الله عزّ وجلّ ، والظاهر أن الكفعمي نقل قول الأزهري من هذا الكتاب ، مات سنة ( ٣٧٠ هـ ) .

وفيات الأعيان ٤ : ٣٣٤ ، معجم الاُدباء ١٧ : ١٦٤ ، أعلام الزركلي ٥ : ٣١١ .

(١١٥) القواعد والفوائد ٢ : ١٧١ ، وفيه : « . . . وقيل الفرق بينهما : أن الواحد هو المنفرد بالذات لا يشابهه

=

٥٣
 &

د : قال صاحب العدة : إن الواحد أعم مورداً ، لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا يطلق الأحد إلّا على من يعقل (١١٦) .

الصمد :

السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ، أي : يقصد ، وأصل الصمد : القصد .

قال :

ما كنتُ أحسبُ أنّ بيتاً طاهراً

لله في أكنافِ مَكّةَ يَصْمِدُ

وقيل : هو الباقي بعد فناء الخلق .

وعن الحسين عليه السلام : الصمد الذي انتهى إليه السؤدد ، والدائم ، والذي لا جوف له ، والذي لا يأكل ولا يشرب ولا ينام (١١٧) .

قال وهب (١١٨) : بعث أهل البصرة إلى الحسين عليه السلام يسألونه عن الصمد ، فقال : إنّ الله قد فسّره ، فقال : « لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ » (١١٩) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ، ولا لطيف كالنفس ، ولا تنبعث منه البدورات كالنوم والغمّ والرجاء والرغبة والشبع والخوف وأضدادها ، وكذا هو لا يخرج من كثيف كالحيوان والنبات ، ولا لطيف كالبصر وسائر الآلات (١٢٠) .

___________________________

=

أحد ، والأحد المتفرد بصفاته الذاتية ، بحيث لا يشاركه فيها أحد » .

(١١٦) عدّة الداعي : ٣٠٠ .

(١١٧) التوحيد : ٩٠ حديث ٣ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ ، باختلاف .

(١١٨) أبو البختري وهب بن وهب بن عبد الله القرشي ، من الضعفاء ، يروي عن أبي عبد الله عليه السلام ، له عدّة كتب ، منها : الألوية والرايات ، وكتاب مولد أمير المؤمنين ، وكتاب صفات النبي وغيرها .

تنقيح المقال ٣ : ٢٨١ ، معجم رجال الحديث ١٩ : ٢١١ .

(١١٩) الإخلاص ١١٢ : ٣ ـ ٤ .

(١٢٠) التوحيد ٩١ حديث ٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ ـ ٥٦٦ ، باختلاف .

٥٤
 &

ابن الحنفية (١٢١) : الصمد هو القائم بنفسه الغني عن غيره (١٢٢) .

زين العابدين عليه السلام : هو الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء (١٢٣) .

زيد بن علي (١٢٤) : هو الذي « إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » (١٢٥) وهو الذي أبدع الأشياء أمثالاً وأضداداً وباينها (١٢٦) .

وعن الصادق عليه السلام قال : قدم على أبي الباقر عليه السلام وفد من فلسطين (١٢٧) بمسائل منها الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، هو خمسة أحرف :

الألف : دليل على إنّيّته ، وذلك قوله تعالى : « شهد الله أنّه لا إلٰه إلّا

___________________________

(١٢١) أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب ، والحنفية لقب اُمّه خولة بنت جعفر ، كان كثير العلم والورع ، شديد القوة ، وحديث منازعته في الإمامة مع علي بن الحسين عليه السلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجر له مشهور ، بل في بعضها : وقوعه على قدمي السّجاد عليه السلام بعد شهادة الحجر له ولم ينازعه بعد ذلك بوجه ، توفي سنة ( ٨٠ هـ ) وقيل ( ٨١ هـ ) .

الطبقات الكبرى ٥ : ٩١ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٦٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١١٥ .

(١٢٢) التوحيد : ٩٠ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ .

(١٢٣) التوحيد : ٩٠ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ .

(١٢٤) أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، من أصحاب السجاد والباقر ، اتفق علماء الإسلام على جلالته وثقته وورعه وعلمه وفضله ، وقد روي في ذلك أخبار كثيرة ، حتى عقد ابن بابويه في العيون باباً لذلك ، وأنّ خروجه ـ طلباً بثارات الحسين ـ كان بإذن الإمام عليه السلام ، واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة ولم يكن يريدها لمعرفته باستحقاق أخيه لها ، استشهد مظلوماً سنة ( ١٢٠ هـ ) وقيل : ( ١٢١ هـ ) ولمّا بلغ خبر استشهاده أبا عبد الله عليه السلام حزن له حزناً شديداً عظيماً حتى بان عليه .

تنقيح المقال ٣ : ٤٦٧ ، معجم رجال الحديث ٧ : ٣٤٥ .

(١٢٥) يس ٣٦ : ٨٢ .

(١٢٦) التوحيد : ٩٠ حديث ٤ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ .

(١٢٧) بالكسر ثم الفتح وسكون السين ، آخر كور الشام من ناحية مصر ، قصبتها البيت المقدّس ، ومن مشهور مدنها عسقلان والرملة وغزة .

معجم البلدان ٤ : ٢٧٤ .

٥٥
 &

هُوَ » (١٢٨) .

واللام : تنبيه على إلهيّته . وهما مدغمان لا يظهران ولا يسمعان ، بل يكتبان ، فإدغامهما دليل لطفه ، والله تعالى لا يقع في وصف لسان ولا يقرع الأذان ، فإذا فكّر العبد في إنّيّة الباري تعالى تحيّر ولم يخطر له شيء يتصوّر ، مثل لام الصمد لم تقع في حاسة ، وإذا نظر في نفسه لم يرها ، فإذا فكّر في أنّه الخالق للأشياء ظهر له ما خفي ، كنظره إلى اللام المكتوبة .

والصاد : دليل صدقه في كلامه ، وأمره بالصدق لعباده .

والميم : دليل ملكه الذي لا يحول ، وأنه ملك لا يزول .

والدال : دليل دوامه المتعالي عن الزوال (١٢٩) .

القدير القادر :

بمعنى ، غير أن القدير مبالغة في القادر (١٣٠) ، وهو الموجد للشيء اختياراً من غير عجز ولا فتور .

___________________________

(١٢٨) آل عمران ٣ : ١٨ .

(١٢٩) التوحيد ٩٠ ـ ٩٢ حديث ٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٦ ، باختلاف .

(١٣٠) في هامش ( ر ) : « والقدير [ الذي ] قدرته لا تتناهي ، فهو أبلغ من القادر ، ولهذا لا يوصف به غير الله تعالى ، والقدرة هي التمكن من إيجاد الشيء ، وقيل : قدرة الإنسان : هيئة يتمكن بها من الفعل ، وقدرة الله تعالى : عبارة عن نفي العجز عنه ، والقادر : هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك ، والقدير : الفعّال لما يشاء على ما يشاء ، واشتقاق القدرة من القدر ، لأنّ القادر يوقع الفعل على مقدار ما تقتضيه مشيّته ، وفيه دليل على أن مقدور العبد مقدور لله تعالى ، لأنه شيء وكلّ شيء مقدور له تعالى ، قاله البيضاوي في تفسيره . وقال الطبرسي ـ قدّس الله سرّه ـ في كتابه مجمع البيان في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير [ ٢ : ٢٠ ] ) إنّه عام ، فهو قادر على الأشياء كلّها على ثلاثة أوجه : على المعدومات بأن يوجدها ، وعلى الموجودات بأن ينفيها ، وعلى مقدور غيره بأن يقدر عليه ويمنع منه ، وقيل : هو خاص في مقدوراته دون مقدور غيره ، فإن مقدوراً واحداً بين قادرين لا يمكن ، لأنّه يؤدّي إلى أن يكون الشيء الواحد موجوداً معدوماً في حالة واحدة ، ولفظة كلّ قد تستعمل في غير العموم ، نحو قوله تعالى : ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [ ٤٦ :٢٥ ] ) يعني : تهلك كلّ شيء مرّت به من الناس والدواب والأنعام ، لا من غيرهم . منه رحمه الله » .

اُنظر : أنوا ر التنزيل وأسرار التأويل ١ : ٣٠ ـ ٣١ باختلاف ، مجمع البيان ١ : ٥٩ باختلاف .

٥٦
 &

وفي منتهى السَّؤول : القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، وليس من شرطه أن يشاء (١٣١) ، لأنّ الله قادر على إقامة القيامة الآن ، لأنّه لو شاء أقامها وإن كان لا يقيمها الآن ، لأنّه لم يشأ إقامتها الآن ، لما جرى في سابق علمه من تقدير أجلها ووقتها ، فذلك لا يقدح في القدرة ، والقادر المطلق هو الذي يخترع كلّ موجود اختراعاً يتفرد به ، ويستغني فيه عن معاونة غيره ، وهو الله تعالى .

المقتدر :

هو التام القدرة الذي لا يطاق الامتناع عن مراده ولا الخروج عن إصداره وإيراده .

وقال الشهيد : المقتدر أبلغ من القادر لاقتضائه الإطلاق ، ولا يوصف بالقدرة المطلقة غير الله تعالى (١٣٢) .

المقدّم المؤخّر :

هو المنزّل الأشياء منازلها ، ومرتّبها في التكوين والتصوير والأزمنة على ما تقتضيه الحكمة ، فيقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء .

الأول الآخر :

فالأول هو : الذي لا شيء قبله ، الكائن قبل وجود الأشياء .

والآخر : الباقي بعد فناء الخلق بلا انتهاء ، كما أنه الأول بلا ابتداء ، وليس معنى الآخر ما له الانتهاء ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء .

* * *

___________________________

(١٣١) في هامش ( ر ) : « أي : ليس القدرة مشروطة بأن يشاء ، حتى إذا لم يكن يشاء لم يكن قادراً ، بل هو جلّت عظمته قادر مطلقاً من غير اعتبار المشيّة وعدمها . منه رحمه الله » .

(١٣٢) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٢ .

٥٧
 &

الظاهر الباطن :

فالظاهر أي : بحججه الظاهرة وبراهينه الباهرة الدالة على ثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته ، فلا موجود إلّا وهو يشهد بوجوده ، ولا مخترع إلّا وهو يعرب عن توحيده .

وفي كلّ شيء له آية

تدلّ على أنّه واحــدُ

وقد يكون الظاهر بمعنى : العالي ، ومنه قوله صلى الله عليه وآله : أنت الظاهر فليس فوقك شيء .

وقد يكون بمعنى : الغالب ، ومنه قوله تعالى : « فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ » (١٣٣) .

والباطن : المتحجب عن إدراك الأبصار وتلوث الخواطر والأفكار ، وقد يكون بمعنى : البطون وهو الخبر ، وبطنت الأمر عرفت باطنه ، وبطانة الرجل : وليجته الذين يطلعهم على سرّه .

والمعنى : أنه عالم بسرائر القلوب والمطلع على ما بطن من الغيوب .

الضارّ النافع :

أي : يملك الضر والنفع ، فيضرّ من يشاء وينفع من يشاء .

وقال الشهيد : معناهما أنه تعالى خالق (١٣٤) ما يضرّ وينفع (١٣٥) .

المقسط :

هو العادل في حكمه الذي لا يجور ، والسقط بالكسر : العدل ، ومنه قوله

___________________________

(١٣٣) الصف ٦١ : ١٤ .

(١٣٤) في المصدر : أي خالق .

(١٣٥) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٣ .

٥٨
 &

تعالى : « قَائِمًا بِالْقِسْطِ » (١٣٦) وقوله : « ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ » (١٣٧) أي : أعدل .

وأقسط : إذا عدل ، وقسط بغير ألف : إذا جار ، ومنه : « وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا » (١٣٨) .

الجامع :

الذي يجمع الخلائق ليوم القيامة ، أو الجامع للمتباينات والمؤلف بين المتضادات ، أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء ، ويقال : الجامع الذي قد جمع الفضائل وحوى المكارم والمآثر .

البرّ :

بفتح الباء ، وهو : العطوف على العباد ، الذي عمّ برّه جميع خلقه : ببرّه المحسن بتضعيف الثواب ، والمسيء بالعفو عن العقاب وبقبول التوبة . وقد يكون بمعنى الصادق ، ومنه : برّ في يمينه ، أي : صدق .

وبكسر الباء ، قال الهروي : هو الاتساع والأحسان والزيادة ، ومنه سمّيت البريّة لاتساعها ، وقوله : « لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ » (١٣٩) البر : الجنّة .

قال الجوهري : والبرّ بالكسر خلاف العقوق ، وبررت والدي بالكسر أي : اطعته ، ومن كسر باء البرّ في اسمه تعالى فقد وهم (١٤٠) .

قال الحريري (١٤١) في كتابه درة الغواص : وقولهم برّ والدك وشمّ يدك

___________________________

(١٣٦) آل عمران ٣ : ١٨ .

(١٣٧) البقرة ٢ : ٢٨٢ .

(١٣٨) الجنّ ٧٢ : ١٥ .

(١٣٩) آل عمران ٣ : ٩٢ .

(١٤٠) الصحاح ٢ : ٥٨٨ برر ، باختلاف .

(١٤١) أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، قرأ الأدب على أبي القاسم الفضل بن

=

٥٩
 &

وهمٌ ، والصواب فتح الباء والشين (١٤٢) ، لأنهما مفتوحان في قولك : يبرّ ويشمّ ، وعقد هذا الباب : أن حركة أول فعل الأمر من [ جنس ] (١٤٣) حركة ثاني الفعل المضارع إذا كان متحركاً ، فتفتح الباء في قولك : برّ أباك ، لانفتاحها في قولك : يبرّ ، وتضمّ الميم في قولك : مدّ الحبل ، لانضمامها في قولك : يمدّ ، وتكسر الخاء في قولك : خف في العمل ، لانكسارها في قولك : يخف (١٤٤) (١٤٥) .

* * *

___________________________

=

محمد القصباني ، له عدّة مصنّفات ، منها : درّة الغواصّ في أوهام الخواصّ ، وهو عبارة عن ذكر الأوهام التي وقعت لبعض الأعلام مع ذكر ما هو الصواب لها ، مات سنة ( ٥١٦ هـ ) .

المنتظم ٩ : ٢٤١ ، معجم الاُدباء ١٦ : ٢٦١ ، وفيات الأعيان ٤ : ٦٣ ، النجوم الزاهرة ٥ : ٢٢٥ .

(١٤٢) في المصدر : « ويقولون للمأمور بالبرّ والشمّ : بِرّ والدك بكسر الباء ، وشُمّ يدك بضمّ الشين ، والصواب أن يفتحهما جميعاً » .

(١٤٣) زيادة من المصدر .

(١٤٤) درّة الغواصّ في أوهام الخواصّ : ٢٢ .

(١٤٥) في هامش ( ر ) : « قلت : الفعل المضاعف الذي ماضيه فعل ـ نحو : ردّ وشدّ وعفّ وكلّ ـ إن كان متعدياً مضارعه يأتي على يفعل بالضم نحو يرّد ويشدّ ، وإن كان غير متعدّ فمضارعه يأتي على يفعل بالكسر نحو يعفّ ويكلّ . وما جاء على فعل ـ سواء كان متعدياً أو غير متعدّ ، فالمتعدي نحو شممته وعضضته ، وغير المتعدي نحو ظللت وبللت ـ فالمضارع منها يفعل بالفتح ، نحو : يشمّ ويعضّ ويلجّ ويظلّ ويبلّ ، وربما قالوا يبل بالكسر ، جعلوه من قبيل حسب يحسب ، ولا يأتي من هذا فعل بالضم ، قال سيبويه : لأنهم يستثقلون فعل والتضعيف . وقد يشتبه فعل يفعل هنا ، ألا ترى أنك تقول : حرّ يومنا وحرّ المملوك ، فلفظهما سواء ، وتقول في مستقبل حرّ يومنا : يحر بالفتح حراراً . وتقول : قرّ بالمكان يقر بالكسر قراراً ، وإن عنيت به قرة العين عند السرور بالشيء قلت : قرّ به عيناً يَقرّ ـ بالفتح ـ قرّة . وأما الألفاظ المشتركة من يفعل بالضم ويفعل بالكسر ، فمنها : جدّ إن عنيت به القطع كان متعديا ، فتقول : جدّ الشيء يجدّه جداً فهو جادّ والأمر منه جُد بالضم ، وإن عنيت به جدّ في الأمر إذا اجتهد كان لازماً ، فتقول : جدّ يجدّ بالكسر والأمر منه جِد بالكسر . ومنها : فرّ إن عنيت به الكشف عن سنّ الدابة كان متعدياً ، فتقول : فرّ عن الدابة يفرّ بالضم فراً ، وفرّ عن الغلام إذا نظر إلى ما عنده من العلم وإن عنيت به الهرب والفرار كان لازماً ، فتقول : فرّ مني زيد يفرّ بالكسر فراراً . ومنها : صرّ إن عنيت به الشدّ كان متعدياً ، فتقول : صرّ الصرة يصرها بالضم صراً والصرة مصرور ، وإن عنيت به الصوت كان لازماً ، فتقول : صرّ الجندب أو الباب يصرّ صريراً والأمر صر بالكسر والنهي لا تصر ، ملخص من كتاب شرح الملوكي ، وكتاب عبد الواحد بن زكريا . منه رحمه الله » .

٦٠