الزبدة الفقهيّة - ج ٥

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-36-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٠٠

إن كانت حالّة (١) ، أو لازمة للجاني كشبيه العمد جاز الرهن عليها مطلقا ، (وفي الخطأ) المحض (٢) لا يجوز الرهن عليها قبل الحلول ، لأن المستحق عليه غير معلوم ، إذ المعتبر من وجد منهم عند حلولها مستجمعا للشرائط بخلاف الدين المؤجل ، لاستقرار الحق والمستحق عليه.

ويجوز الرهن (عند الحلول على قسطه) وهو الثلث بعد حلول كل حول من الثلاثة.

(ومال الكتابة (٣) وإن كانت مشروطة على الأقرب) لأنها لازمة للمكاتب مطلقا (٤) على الأصح. والقول الآخر أن المشروطة جائزة من قبل المكاتب فيجوز له تعجيز نفسه ، فلا يصح الرهن على مالها ، لانتفاء فائدته إذ له (٥) إسقاطه (٦) متى شاء.

وهو على تقدير تسليمه (٧) غير مانع منه كالرهن على الثمن في مدة الخيار.

______________________________________________________

(١) أي بعد أن تستقر الدية فإن كانت حالة أو لازمة للجاني كشبيه العمد فهي وإن كانت مؤجلة إلى سنتين لكنها كأجل الدين فيصح الرهن عليها سواء كان قبل السنتين أم بعدها.

(٢) فالدية على العاقلة وهي مقسطة على ثلاث سنين ، ولكن لا يجوز الرهن على قسط كل حول إلا بعد حلوله ، لعدم تعين المستحق عليه من العاقلة قبل الحلول ، لأن الجامع لشرائط العقل عند تمام الحول هو الذي يعقل وإن كان فاقدا لها قبله.

(٣) يجوز الرهن على مال الكناية المطلقة بلا خلاف فيه كما في المسالك ، لأن الكناية المطلقة لازمة من الطرفين ، ومع لزومها يستقر الحق ويتعين المستحق عليه.

وأما الكتابة المشروطة فعلى المشهور أنه يصح الرهن لأنها لازمة من الطرفين ، وذهب الشيخ والقاضي والحلي إلى عدم جواز الرهن ، لأنها غير لازمة من قبل العبد فيجوز له تعجيز نفسه ، ومع جواز تعجيز نفسه وأن يرجع إلى الرق متى شاء تنتفي مالية الكتابة فالاستيثاق بالرهن لا فائدة فيه حينئذ ، وردّ بأن تعجيز العبد نفسه وإبطال مال الكناية لا يضر بالرهن كما لا يضر الرهن على الثمن في زمن الخيار.

(٤) سواء كانت الكتابة مطلقة أم مشروطة.

(٥) للمكاتب.

(٦) أي إسقاط مال الكتابة.

(٧) بكون المشروطة جائزة من قبل العبد.

٨١

وفي قول ثالث : أن المشروطة جائزة من الطرفين ، والمطلقة لازمة من طرف السيد (١) خاصة ، ويتوجه عدم صحة الرهن أيضا كالسابق.

(ومال الجعالة بعد الرد (٢) ، لثبوته في الذمة حينئذ(لا قبله) (٣) وإن شرع فيه (٤) لأنه لا يستحق شيئا منه (٥) إلا بتمامه (٦) وقيل : يجوز بعد الشروع ، لأنه يؤول إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار ، وهو ضعيف. والفرق واضح ، لأن البيع يكفي في لزومه إبقاؤه على حاله فتنقضي المدة ، والأصل عدم الفسخ عكس الجعالة.

(ولا بد من إمكان استيفاء الحق من الرهن (٧) لتحصل الفائدة المطلوبة من

______________________________________________________

(١) وهذا على خلاف ما قاله في المسالك من أن المطلقة لازمة من الطرفين ، إلا أن يكون القول المذكور لبعض العامة ولم أجد من نقله عن واحد من الأصحاب.

(٢) لو كان المالك قد جعل جعالة لمن ردّ ماله المفقود ، وقام البعض برده فيستحق الأجرة ، وهي دين ثابت في الذمة فيصح الرهن عليه.

أما قبل رد المفقود فهل يصح للمجعول له الرهن أولا ، هذا إذا كان قد شرع في العمل ، وأما قبل الشروع في العمل فلا يصح له أخذ الرهن لعدم استحقاق المجعول قبل العمل بلا خلاف فيه كما في الجواهر.

وأما إذا كان بعد الشروع فلا يصح الرهن لأنه لم يستحق الأجرة إلا بالرد ، والرد لم يتحقق وإن شرع في العمل كما عليه الأكثر ، وعن العلامة في التذكرة جواز الرهن لا لانتهاء الشروع في العمل إلى اللزوم بتحقق الرد ، ومعه يثبت الحق في ذمة الجاعل كالثمن في مدة الخيار.

وردّ بأن الشروع ما لم يتحقق الرد لا يوجب اشتغال ذمة الجاعل فعلى أي شي‌ء يقع الرهن ، وهذا بخلاف الرهن على الثمن في مدة الخيار ، فإنه ثابت من حين العقد وإن لم يكن مستقرا ، وقد أتى الشارح في المسالك بفارق آخر حيث قال : (والفرق بينها وبين البيع في زمن الخيار واضح ، لأن البيع متى أبقي على حاله انقضت مدة الخيار وثبت له اللزوم والأصل فيه عدم الفسخ ، عكس الجعالة فإن العمل فيها لو ترك على حاله لم يستحق بسببه شي‌ء والأصل عدم الإكمال) انتهى.

(٣) أي قبل الرد.

(٤) في العمل.

(٥) من مال الجعالة.

(٦) بتمام العمل.

(٧) فالحق الذي أخذ الرهن لأجله لا بدّ فيه من إمكان استيفائه من الرهن ، لأن فائدة الرهن

٨٢

التوثق به (فلا يصح الرهن على منفعة المؤجر عينه مدة معينة) ، لأن تلك المنفعة الخاصة لا يمكن استيفائها إلا من العين المخصوصة حتى لو تعذر الاستيفاء منها بموت ونحوه بطلت الإجازة ، (فلو آجره في الذمة جاز) كما لو استأجره على تحصيل خياطة ثوب بنفسه أو بغيره (١) ، لإمكان استيفاؤها حينئذ من الرهن ، فإن الواجب تحصيل المنفعة على أي وجه اتفق ، (وتصح زيادة الدين على الرهن (٢) فإذا استوفى الرهن بقي الباقي منه متعلقا بذمته ، (وزيادة الرهن على الدين (٣) وفائدته سعة الوثيقة ، ومنع الراهن من التصرف في المجموع فيكون باعثا على الوفاء ، ولإمكان تلف بعضه فيبقى الباقي حافظا للدين.

(وأما اللواحق فمسائل) :

الأولى ـ (إذا شرط الوكالة في الرهن (٤)

______________________________________________________

التوثق على دينه وحقه بحيث مع تعذر الوفاء يستوفي الحق من العين المرهونة.

وعليه فلو كان الحق الذي له لا يمكن استيفاؤه من الرهن فلا يصح هذا الرهن كما لو آجره نفسه شهرا معينا أو داره كذلك ، أو دابته المعينة لحمل معين ، ونحو ذلك ، فالمنفعة التي وقعت في عقد الإجارة أصبحت ملكا للذي استأجرها ولا يمكن طلب الرهن عليها لأنه لا يجوز استيفاء هذه المنفعة إلا من هذه العين المخصوصة بحيث لو تعذر الاستيفاء لموت أو نحوه بطلت الإجارة ولا يمكن الاستيفاء من عين أخرى فلذا يبطل الرهن عليها.

(١) أي غير نفسه بحيث كان الواجب هو تحصيل المنفعة على أي وجه اتفق ، ومن أي عين كانت ، فيصح الرهن عليها لإمكان استيفائها من الرهن ، ولو ببيعه واستئجار الغير بالثمن على تحصيل الفعل المستأجر عليه.

(٢) بحيث كان الرهن أقل من الدين ، لإطلاق قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، فيشمل عقد هذا الرهن.

(٣) بلا خلاف فيه كما في الجواهر لإطلاق قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢).

(٤) قد تقدم أن الرهن بحسب أصله لا يقتضي كون المرتهن وكيلا عن الراهن في البيع ، لأن العين المرهونة تبقى على ملك الراهن ، نعم مع الرهن يحق للمرتهن مطالبة الراهن ببيعها ، فإن أبى طلب من الحاكم بيعها ، فإن تعذر باعها المرتهن واستوفى دينه.

وقد تقدم أنه يجوز للمرتهن اشتراط الوكالة في البيع بأن يكون وكيلا عن الراهن في بيع

__________________

(١ و ٢) سورة المائدة ، الآية : ١.

٨٣

لم يملك عزله (١) على ما ذكره جماعة (٢) منهم العلامة ، لأن الرهن لازم من جهة

______________________________________________________

العين المرهونة ، ويجوز اشتراط الوكالة في البيع لوارث المرتهن أو لغيره بلا خلاف فيه لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

ولكن مع اشتراط الوكالة المذكورة في البيع للمرتهن ، هل يجوز للراهن فسخها بعد الرهن قولان ، فعلى المشهور لزوم الشرط الواقع في العقد اللازم فلا يملك الراهن فسخ الوكالة ، بل في الجواهر : (نسبة الخلاف فيه إلى أهل الخلاف ، فإني لم أجده إلا من الشهيد في اللمعة ، نعم عن المبسوط أنه حكي الخلاف في ذلك بلفظ القيل ، ويمكن أن يريد الشافعي) انتهى.

ودليل جواز الفسخ إما لأن الوكالة من العقود الجائزة ، ومن شأنها تسلط كل واحد منهما على الفسخ ، وإما لأن الشروط لا يجب الوفاء بها وإن كانت في عقد لازم بل غايته تسلط المشروط له على فسخ العقد المشروط فيه ، ويضعّف الأول بأن جواز الوكالة بحسب أصلها لا ينافي لزومها بسبب عارض كشرطها في عقد لازم ، وهو هنا كذلك ، ويضعّف الثاني بمنع عدم وجوب الوفاء بالشرط في العقد اللازم ، لأن عموم (المؤمنون عند شروطهم (٢) دال على لزوم الشروط ، بل قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٣) يوجب الوفاء بالعقد المشروط ، ولازمه الوفاء بالشرط.

هذا كله إذا شرط الوكالة في عقد لازم ، وأما لو شرط الوكالة في نفس عقد الرهن ، فقولان ، فعلى المشهور وجوب الوفاء بالشرط فلا يجوز للراهن فسخ الوكالة ، وقد ذهب الشهيد هنا إلى الجواز ، لعدم لزوم الشرط في العقد اللازم ففي الشرط الوارد في العقد الجائز من باب أولى ، ولو سلّم لزوم الشرط في العقد اللازم فالرهن ليس لازما.

وفيه : أما الأول لما عرفت من لزوم الشرط في العقد اللازم ، وأما الثاني فلأن الرهن لازم من طرف الراهن ، فما يلتزمه الراهن يكون لازما من قبله ، نعم لمّا كان عقد الرهن جائز (من طرف المرتهن كان ما يلزمه جائزا فيجوز له فسخ الوكالة كما هو واضح لأنها حقه ويجوز له ترك هذا الحق.

(١) أي لم يملك الراهن عزل المرتهن.

(٢) قد عرفت أنه المشهور ولم يخالف إلا الشهيد في اللمعة وبعض أهل العامة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٣) سورة المائدة ، الآية : ١.

٨٤

الراهن وهو الذي شرطها على نفسه (١) فيلزم من جهته.

(ويضعّف (٢) بأن المشروط في اللازم (٣) يؤثر جواز الفسخ لو أخل بالشرط ، لا وجوب الشرط) كما تقدم من أن المشروط في العقد اللازم يقلبه جائزا عند المصنف وجماعة ، فحينئذ (٤) إنما يفيد إخلال الراهن بالوكالة تسلط المرتهن على فسخ العقد (٥) ، وذلك (٦) لا يتم في عقد الرهن (٧) ، لأنه دفع ضرر (٨) بضرر أقوى (٩) ، وإنما تظهر الفائدة فيما لو كان الراهن قد شرطها (١٠) في العقد اللازم كبيع (فحينئذ لو فسخ) الراهن (الوكالة فسخ المرتهن البيع المشروط بالرهن) ، والوكالة (إن كان) هناك بيع مشروط فيه ذلك (١١) ، وإلا (١٢) فات الشرط على المرتهن بغير فائدة.

ويشكل (١٣) بما تقدم من وجوب الوفاء بالشرط ، عملا بمقتضى

______________________________________________________

(١) والمعنى أن الراهن هو الذي شرط الوكالة على نفسه ، وكذا فيما لو كان الشرط من طرف المرتهن وقبل الراهن.

(٢) هذا هو الدليل الثاني من أدلة الجواز الواردة فيما لو شرط الوكالة في عقد لازم.

(٣) أي العقد اللازم كالبيع.

(٤) أي حين انقلابه إلى الجائز.

(٥) الذي شرط فيه الوكالة ، كما لو شرطت في البيع.

(٦) أي تسلط المرتهن على فسخ العقد المشروط.

(٧) بحيث لو شرطت الوكالة في نفس عقد الرهن وقد أخلّ الراهن بالشرط فتسلط المرتهن على فسخ عقد الرهن غير متوجه عند العقلاء لأنه يزيده ضررا ، لأن الرهن من أجله ليتوثق على دينه فكيف يفسخه؟

(٨) وهو ضرر الإخلال بالشرط.

(٩) وهو ضرر فسخ عقد الرهن.

(١٠) أي شرط الوكالة.

(١١) وهو الرهن والوكالة.

(١٢) أي وإن لم يكن هناك بيع مشروط فيه الرهن والوكالة ، بل كان هناك رهن قد شرط فيه الوكالة ولم يعمل الراهن بالشرط ، فهو وإن أوجب للمرتهن التسلط على الفسخ لكنه لا يقدم عليه لأن دفع الفاسد بالأفسد فيكون قد فات الشرط على المرتهن وبقي الرهن فقط.

(١٣) أي قول الماتن من كون الشرط لا يجب الوفاء به ، غايته يوجب التسلط على الفسخ

٨٥

الأمر (١) ، خصوصا في ما يكون العقد المشروط (٢) فيه كافيا في تحققه (٣) كالوكالة على ما حققه ، المصنف من أنه يصير كجزء من الإيجاب والقبول يلزم حيث يلزمان.

ولما كان الرهن لازما من جهة الراهن فالشرط من قبله كذلك (٤) خصوصا هنا (٥) ، فإن فسخ (٦) المشروط فيه وهو الرهن إذا لم يكن في بيع لا

______________________________________________________

مشكل بما تقدم في كتاب البيع عند خيار الاشتراط من وجوب الوفاء بالشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ولقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢) على ما تقدم بيانه هنا أيضا.

(١) في قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٣).

(٢) قد تقدم في كتاب البيع أن الشرط على قسمين : شرط فعل وشرط نتيجة ، فالأول كأن يقول : بعتك الكتاب بشرط أن توكلني بكذا ، ولازمه أن مجرد البيع لا يجعل البائع وكيلا وإنما على المشتري أن يجري الوكالة فيما بعد حتى يصير وكيلا ، والثاني كأن يقول : بعتك الكتاب بشرط وكالتي عنك بكذا ، ولازمه أن مجرد عقد البيع يوجب الوكالة من دون إجراء التوكيل.

وقد تقدم أن المصنف قد فصل بين شرط الفعل وشرط النتيجة ، نفي شرط الفعل لا يجب العمل على طبقه غايته عند الإخلال يلزم تسلط المشروط له على الفسخ ، وفي شرط النتيجة يجب العمل على طبقه لأنه يصير جزءا من الإيجاب والقبول.

وعلى كل فالشرط هنا بالوكالة في بيع الرهن عن الراهن لو كان شرط نتيجة فيجب أن يلتزم الراهن به ولا يجوز له الفسخ بناء على قول المصنف المتقدم ، مع أن المصنف هنا لم يفصل في عدم وجوب الوفاء بالشرط هنا في الرهن بين شرط الفعل وشرط النتيجة.

(٣) أي تحقق الشرط وهو شرط النتيجة.

(٤) أي لازم.

(٥) أي في شرط النتيجة.

(٦) والمعنى أنه لو شرط الوكالة في الرهن على نحو شرط النتيجة ، فلا يعقل أن يقدم المرتهن على فسخ عقد الرهن ، وهو العقد المشروط فيه الوكالة على نحو شرط النتيجة لأنه يزيد ضررا ، وكذا الراهن لا يؤثّر فسخه للوكالة لأنها وإن كانت جائزة بحسب أصلها إلا أنها

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢ و ٣) سورة المائدة ، الآية : ١.

٨٦

يتوجه (١) ، لأنه يزيد ضررا فلا يؤثّر فسخه (٢) لها (٣) وإن كانت جائزة بحسب أصلها ، لأنها قد صارت لازمة بشرطها (٤) في اللازم (٥) على ذلك الوجه (٦).

(الثانية (٧) ـ يجوز للمرتهن ابتياعه (٨) من نفسه إذا كان وكيلا في البيع ، ويتولى طرفي العقد ، لأن الغرض بيعه بثمن المثل وهو (٦) حاصل ، وخصوصية المشتري ملغاة حيث لم يتعرض لها. وربما قيل بالمنع ، لأن ظاهر الوكالة لا يتناوله ، وكذا يجوز بيعه على ولده بطريق أولى (١٠). وقيل : لا (وهو (١١) مقدم به

______________________________________________________

قد صارت لازمة عليه ، لأن الوكالة قد شرطت على نحو شرط النتيجة في عقد لازم بالنسبة إليه ، لأن الرهن لازم بالنسبة للراهن.

(١) أي لا يتوجه الفسخ بمعنى لا يقدم عليه هذا إذا كان الفسخ من المرتهن.

(٢) من باب التفعيل والفسخ هنا من الراهن.

(٣) للوكالة.

(٤) وهو شرط النتيجة.

(٥) وهو عقد الرهن بالنسبة للراهن.

(٦) أي شرط النتيجة.

(٧) لو كان المرتهن وكيلا عن الراهن ببيع العين المرهونة ، وقد باعها على الغير فالبيع صحيح ، لوجود المقتضي لأنه وكيل في البيع ، مع عدم المانع بلا خلاف فيه. ولكن هل يصح للمرتهن بيع العين المرهونة على نفسه ، ويتولى طرفي العقد ، فعلى المشهور الجواز ، لأن الوكالة مطلقة ولم يخصها الراهن بأنه وكيل عنه في البيع لغير نفسه ، وعن المحقق الثاني العدم ، لأن الوكالة المذكورة ظاهرة في بيع الرهن على غيره من غير تعرض له ، فلا يجوز البيع على نفسه إلا بالاذن أو وجود قرينة تدل عليه ، وردّ بأن هذا لا شاهد له ، لأن الوكالة مطلقة.

(٨) أي ابتياع الرهن.

(٩) أي البيع بثمن المثل.

(١٠) كان النزاع في المسألة السابقة من حيثية أن الوكالة هل تشمل البيع لنفسه أو لا ، والنزاع هنا أنه مع غض البصر عن الوكالة فهل يجوز للمرتهن أن يبيع الرهن على نفسه أو ولده من حيثية بيع مال الغير ليستوفي دينه من الثمن ، ذهب ابن الجنيد إلى المنع لتطرق التهمة إلى البائع الوكيل ، بأنه قد يتساهل في حق الراهن إذا كان البيع للمرتهن أو ولده.

والمشهور على الجواز لإطلاق أدلة الوكالة ، واحتمال التهمة يوجب الكراهة في الحكم لا المنع.

(١١) أي المرتهن أحق بالرهن من سائر غرماء الراهن ، سواء كان الراهن حيا وقد حجّر عليه

٨٧

على الغرماء) حيا كان الراهن أم ميتا ، مفلّسا كان أم لا ، لسبق تعلق حقه ، (ولو أعوز) الرهن ولم يف بالدين (ضرب بالباقي (١) مع الغرماء على نسبته.

(الثالثة ـ لا يجوز لأحدهما التصرف فيه (٢) بانتفاع ، ولا نقل ملك ، ولا

______________________________________________________

للتفليس ، أم كان ميتا وقد حلت عليه ديونه وكانت تركته أقصر من دينه ، بلا خلاف في الأول ، وفي الثاني كذلك إلا من الصدوق ، ودليل المشهور هو سبق تعلق حق المرتهن بالعين ، ولأن معنى الرهن هو ما تقدم ، ودليل الصدوق خبران ، الأول : خبر عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أفلس وعليه الدين لقوم ، وعند بعضهم رهون ، وليس عند بعضهم ، فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الدين ، فقال عليه‌السلام : يقسّم جميع ما خلّف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص) (١) ، والثاني : مكاتبة سليمان بن حفص إلى أبي الحسن عليه‌السلام (في رجل مات وعليه الدين ولم يخلّف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم ، فلا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن ، أيأخذه بماله أو هو وسائر الديان فيه شركاء ، فكتب : جميع الديان في ذلك سواء ، يتوزعونه بينهم بالحصص) (٢) ، والأول ضعيف بعبد الله بن الحكم ، والثاني مشتمل على سليمان بن حفص وهو لم يمدح ولم يذم ، وهما مهجوران عند الأصحاب لمخالفتهما للقواعد على ما تقدم.

(١) لأن الباقي دين وليس له رهن ، فهو كبقية الغرماء والدّيان بالنسبة إليه.

(٢) أي في الرهن ، أما بالنسبة إلى الراهن ، فلا يجوز له التصرف بالرهن ببيع أو وقف أو نحوهما مما يوجب زوال الملك ، ولا بإجارة ولا سكنى ولا غيرها مما يوجب نقصه ، لفوات الرهن في الأول ودخول النقص في الثاني ، بلا خلاف في ذلك كله.

وأما التصرف من الراهن بالعين بما لا يوجب زواله الملك ولا دخول النقص فممنوع على الأشهر لإطلاق النبوي المشهور (الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف) (٣) ، وعن العلامة في التذكرة احتمال وتبعه بعض المتأخرين جواز التصرف للأصل ، وعموم قاعدة التسلط لأرباب الأموال على أموالهم المستفادة من النبوي (الناس مسلطون على أموالهم) (٤) ، ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل رهن جارية عند قوم ، يحلّ له أن يطأها ، قال عليه‌السلام : إن الذين ارتهنوها يحيلون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الرهن حديث ١ و ٢.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الرهن حديث ٦.

(٤) البحار ج ٢ ص ٢٧٢.

٨٨

غيرهما إذا لم يكن المرتهن وكيلا ، وإلا جاز له التصرف بالبيع والاستيفاء خاصة كما مر ، (ولو كان له نفع (١) كالدابة ، والدار (أوجر) (٢) باتفاقهما ، وإلا آجره الحاكم.

وفي كون الأجرة رهنا كالأصل قولان كما في النماء المتجدد مطلقا (٣).

(ولو احتاج إلى مئونة (٤) كما إذا كان حيوانا (فعلى الراهن) مئونته لأنه المالك ،

______________________________________________________

قدر عليها خاليا ، قال عليه‌السلام : نعم لا أرى هذا عليه حراما) (١) ومثله صحيح محمد بن مسلم (٢).

إلا أن المشهور قد أعرض عنهما وهما موافقان للعامة فيحملان على التقية.

وأما بالنسبة للمرتهن فلا يجوز له التصرف مطلقا لحرمة التصرف في مال الغير.

(١) كل ما يحصل من الرهن من فوائد متصلة أو منفصلة فهي للراهن بلا خلاف ولا إشكال ، لأن النماء يتبع الأصل.

ولكن هل هذه النماءات تتبع العين في الرهن أو لا ، فإن كانت متصلة لا تقبل الانفصال بأي وجه كالسمن والطول دخلت إجماعا كما في المسالك والجواهر ، وإن كانت منفصلة كالثمرة والولد أو يقبل الانفصال كالشعر والثمرة ففي دخولها قولان ، فعن المشهور أنه رهن وعليه الإجماع كما عن الغنية وهو الحجة بعد التبعية من كون الفرع تابعا للأصل ، وعن الشيخ والمحقق والعلامة في جملة من كتبه العدم ، إذ التبعية في الملكية غير مستلزمة للتبعية في الرهينة كما لا يخفى ، والإجماع موهون لمصير هؤلاء إلى الخلاف.

(٢) لئلا يذهب نفعه هباء.

(٣) سواء كان منفصلا أم قابلا للانفصال ، ولا يريد بالإطلاق شموله للمتصل على درجة لا يمكن فصله لأنه داخل في الرهينة بلا خلاف.

(٤) لو احتاج الرهن إلى مئونة كالحيوان والعبد المرهونين فنفقته على الراهن ، لأنه ماله وله نماؤه فعليه نفقته ، ولذا لو تصرف المرتهن بالعين كالانتفاع بالركوب واللبن فتلزمه الأجرة فيما له أجرة المثل كالركوب ، أو القيمة إن كان يضمن بقيمته كاللبن.

فلو ثبت على المرتهن ما انتفع به وقد انفق على الرهن والنفقة على الراهن يتقاصا مع اجتماع الشرائط من التساوي في النوع والصفة بحيث يكون ما أنفقه المرتهن على العين في قبال ما استفاده وانتفع به منها ، على المشهور كما في المسالك.

وعن الشيخ في النهاية والحلبي وابني حمزة وسعيد أن النفقة على الراهن ولكن لو أنفق

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كتاب الرهن حديث ٢ و ١.

٨٩

فإن كان في يد المرتهن وبذلها الراهن أو أمره بها ، أنفق ورجع بما غرم ، وإلا استأذنه ، فإن امتنع (١) ، أو تعذر استئذانه لغيبة أو نحوها ، رفع أمره إلى الحاكم ، فإن تعذر أنفق (٢) هو بنية الرجوع ، وأشهد عليه ليثبت استحقاقه بغير يمين ورجع (٣) ، فإن لم يشهد فالأقوى قبول قوله في قدر المعروف منه (٤) بيمينه ، ورجوعه به.

______________________________________________________

عليها المرتهن فيجوز له ركوبها أو الانتفاع بلبنها استنادا إلى صحيح أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير رهنا بما له ، أله أن يركبه ، فقال عليه‌السلام : إن كان يعلفه فله أن يركبه وإن كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه) (١) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الظهر يركب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب نفقته ، والدرّ يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته) (٢).

والمشهور قد حملوا الروايتين على جواز الانتفاع في قبال النفقة على ما لو كان ذلك بإذن الراهن ، ومع عدم الاذن فقد عرفت أن القاعدة تقتضي كون النماء للراهن وعليه النفقة ، لأن الرهن ملكه ، فإذا اتفق عليه فهو ، وإلا فإذا أمر الراهن المرتهن بالإنفاق يرجع المرتهن بما أنفق على الراهن ، وإلا استأذن المرتهن الراهن بالإنفاق ثم يرجع عليه ، لأن الإنفاق لم يكن تبرعا ، وإذا امتنع الراهن عن الإنفاق أو الأمر به أو الاذن به أو كان غائبا ، استأذن المرتهن الحاكم لأنه ولي الممتنع والغائب في نحو ذلك ، فإن تعذر الحاكم فقد ذهب بعضهم إلى وجوب الإشهاد من قبل المرتهن على ما أنفق ليثبت له بالشهادة استحقاقه للذي أنفقه ، وبعضهم ذهب إلى عدم وجوب الإشهاد لأن المرتهن أمين ، وهو مصدق بما يقول وغير متهم ، فما يقوله في النفقة فهو صادق ، إلا أن يكون متهما فعليه اليمين فقط لأنه منكر لموافقة قوله ظاهر الشريعة من حيث كونه أمينا.

هذا كله إذا أنفق بنية الرجوع ، وأما لو أنفق تبرعا فلا رجوع له كما هو واضح ، واستحسن الشهيد في الدروس قولا ثالثا بجواز الانتفاع بما يخاف فوته على المالك عند تعذر استنابته أو استئذان الحاكم.

(١) أي الراهن.

(٢) لأنه يجب عليه الإنفاق من باب وجوب حفظ العين عليه.

(٣) أي رجع المرتهن بما أنفقه على الراهن بالشهادة.

(٤) من الإنفاق.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الرهن حديث ١ و ٢.

٩٠

(ولو انتفع المرتهن به (١) بإذنه (٢) على وجه العوض ، أو بدونه (٣) مع الإثم (لزمه الأجرة) ، أو عوض المأخوذ كاللبن ، (وتقاصّا) ورجع ذو الفضل بفضله. وقيل : تكون النفقة في مقابلة الركوب واللبن مطلقا (٤) ، استنادا إلى رواية حملت على الإذن في التصرف والإنفاق مع تساوي الحقين ، ورجّح في الدروس جواز الانتفاع بما يخاف فوته على المالك عند تعذر استئذانه ، واستئذان الحاكم. وهو حسن.

(الرابعة ـ يجوز للمرتهن الاستقلال بالاستيفاء (٥) إذا لم يكن وكيلا (لو خاف جحود الوارث) ، ولا بينة له على الحق (إذ القول قول الوارث مع يمينه في عدم الدين ، وعدم الرهن) لو ادعى المرتهن الدين والرهن. والمرجع في الخوف (٦) إلى

______________________________________________________

(١) بالرهن.

(٢) بإذن الراهن.

(٣) بدون الاثم.

(٤) سواء ساوت النفقة الانتفاع المذكور أم لا.

(٥) قد تقدم أن الرهن لا يقتضي الوكالة للمرتهن في البيع ، وأما إذا كان وكيلا فيجوز له البيع بحسب وكالته وهذا واضح ، أما لو كان المرتهن غير وكيل في البيع إما لعدم وكالته ابتداء وإما لبطلانها بموت الراهن الموكل فيجوز للمرتهن أن يستوفي دينه مما في يده إن علم أو ظن أو خاف جحود الوارث للدين أو الرهن ، ولم تكن عند المرتهن بيّنة مقبولة على إثبات الدين أو الرهن بلا خلاف فيه بينهم كما في الجواهر والرياض لأدلة نفي الحرج والضرر ، ومكاتبة المروزي لأبي الحسن عليه‌السلام (في رجل مات وله ورثة ، فجاء رجل فادعى عليه مالا وأن عنده رهنا ، فكتب عليه‌السلام : إن كان له على الميت مالا ولا بيّنة له فليأخذ ماله مما في يده ، ويردّ الباقي على ورثته ، ومتى أقرّ بما عنده أخذ به ـ أي الإقرار ـ وطولب بالبينة على دعواه وأوفي حقه بعد اليمين ، ومتى لم يقم البينة والورثة ينكرون فله عليهم يمين علم يحلفون بالله ما يعلمون أن له على ميتهم حقا) (١).

(٦) قال الشارح في المسالك : (والمراد الخوف المستند إلى القرائن المثمرة للظن الغالب) انتهى ، وفي القواعد اشترط العلم بالجحود ، ويردّ بإطلاق المكاتبة المتقدمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الرهن حديث ١.

٩١

القرائن الموجبة للظن الغالب بجحوده ، وكذا يجوز له ذلك (١) لو خاف جحود الراهن ولم يكن وكيلا ، ولو كان له بينة مقبولة عند الحاكم لم يجز له (٢) الاستقلال (٣) بدون إذنه ، ولا يلحق بخوف الجحود احتياجه إلى اليمين لو اعترف (٤) ، لعدم التضرر باليمين الصادق وإن كان تركه تعظيما لله أولى.

(الخامسة ـ لو باع أحدهما) بدون الإذن (توقف على إجازة الآخر (٥) ، فإن كان البائع الراهن بإذن المرتهن ، أو إجازته بطل الرهن من العين والثمن (٦) ، إلا

______________________________________________________

(١) أي يجوز للمرتهن استيفاء دينه في يده إن خاف جحود الراهن ولم يكن وكيلا بالبيع ، لأنه مع وكالته يصح بدون مانع ، ومع عدم الوكالة يصح لإسقاط خصوصية جحود الوارث ، لأن الحكم في المكاتبة امتناع الاستيفاء بسبب الجحود.

(٢) أي للمرتهن.

(٣) لا يجوز للمرتهن الاستيفاء مستقلا لحرمة التصرف في مال الغير ، بل عليه إعلامهم بالدين والرهن ، فإن أنكروا أثبت حقه بالبينة ، ويستأذن الحاكم حينئذ بالبيع إن امتنع الراهن أو ورثته ، والمكاتبة صريحة في كون الاستيفاء مستقلا عند عدم وجود البينة ، فمع وجودها فلا يجوز.

(٤) لو اعترف المرتهن بالرهن بعد اعتراف الراهن أو وارثه بالدين ، ولكن اختلفا في كونه رهنا أو وديعة فثبوت الرهن حينئذ متوقف على يمين المرتهن ، وعليه فلو توقف إثبات الرهن على يمين المرتهن هل يجوز له الاستبداد بالبيع دفعا لليمين ، وهذا احتمال لم ينسب إلى أحد ، بل هو مدفوع للأصل بعدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه ، وخرجنا عنه سابقا بمقدار دلالة المكاتبة ، وهو جحود الوارث مع عدم البينة ، ولذا يجب عليه اليمين لإثبات الرهن هنا ولا يجوز له الاستبداد لعدم الضرر عليه باليمين.

(٥) قد تقدم أنه لو باع الراهن فلا يجوز له ذلك ، لأنه ممنوع من التصرف بالعين المرهونة بما فيه زوال العين عن ملكه ، لأنه إبطال للرهن ، نعم لو أجاز له المرتهن بالبيع صح لوجود المقتضي لأنه ملكه ، مع عدم المانع ، لارتفاع حق الرهانة من العين بإذن المرتهن.

وأما المرتهن فلا يجوز له التصرف في مال الغير ، نعم مع إذن الغير فلو باع المرتهن صح البيع حينئذ.

(٦) إذا باع الراهن العين مع إذن المرتهن قبل حلول الأجل أو بعده بطل الرهن بلا خلاف ولا إشكال ، ولا يجب جعل الثمن رهنا إذا لم يشترطه كذلك بلا خلاف فيه إلا من الشيخ.

أما بطلان الرهن بالعين فلأن حق المرتهن كان متعلقا بها فلما أذن بالبيع بطل حقه

٩٢

أن يشترط كون الثمن رهنا ، سواء كان الدين حالا أم مؤجلا فيلزم الشرط ، وإن كان البائع المرتهن كذلك (١) بقي الثمن رهنا وليس له التصرف فيه إذا كان حقه مؤجلا إلى أن يحل.

ثم إن وافقه جنسا ووصفا صح ، وإلا كان كالرهن.

(وكذا عتق الراهن) (٢) يتوقف على إجازة المرتهن فيبطل بردّه (٣) ويلزم

______________________________________________________

بالرهن ، وثبوت الرهن في عوضه بحاجة إلى دليل وهو مفقود ، نعم مع الشرط يجب الوفاء به.

وخالف الشيخ وذهب إلى أن الاذن إن كان بعد حلول الأجل يكون الثمن رهنا ، لأن عقد الرهن يقتضي البيع عند حلول الأجل وصرف الثمن في الدين ، فلو أذن بالبيع بعد الحلول فينصرف إلى ما يقتضيه العقد المذكور وهذا يقتضي كون الثمن رهنا.

(١) أي مع إذن الراهن أو إجازته ، فإن باع المرتهن قبل حلول الأجل فيكون الثمن رهنا بلا خلاف فيه على ما قيل ، والفرق بينه وبين سابقه من جهة ظهور إذن المرتهن في الصورة السابقة في إسقاط حقه بخلافه هنا ، فغاية ما قد صدر من المرتهن البيع ، وهو لا يدل على إسقاط حقه من الرهن.

وإذا تقرر أن الثمن رهن لم يجز للمرتهن التصرف فيه إلا بعد حلول الأجل لعدم استحقاق المرتهن للرهن إلا بعد الأجل وإن كان قد صدر من الراهن الاذن بالبيع ، لأن الاذن بالبيع لا يقتضي الاذن في تعجيل الاستيفاء.

أما لو باع المرتهن بعد حلول الأجل ، فالثمن لا يكون رهنا ، ولكن المرتهن يجوز له التصرف بالثمن في قضاء دينه ، وهذا ما أطلقه جماعة ، ولكن الشارح قيّده في المسالك بقوله : (وهو مبني على كون الحق ـ أي الدين ـ موافقا للثمن جنسا ووصفا فلو تخالفا لم يجز التصرف فيه إلا بإذن الراهن ، كما لا يجوز له التصرف في نفس الرهن لافتقاره إلى معاوضة أخرى) انتهى ، والمراد بالمعاوضة الأخرى هي جعل ما في يد المرتهن في قبال ماله من الدين بالصلح أو البيع أو نحو ذلك.

(٢) فعتق الراهن للرهن لو كان عبدا صحيح مع إجازة المرتهن ، لعموم أدلة العتق السليمة عن المعارض ، والمانع هنا حق المرتهن وقد زال بإجازته.

وعن الشيخ في المبسوط ابن حمزة في الوسيلة وابن زهرة في الغنية والشهيد في الدروس عدم الجواز إذا أعتق ثم أجاز ، لأن العتق من الإيقاعات فلا يكون موقوفا على شي‌ء متأخر حتى أجازه المرتهن ، لاعتبار التنجيز في الإيقاعات.

(٣) بناء على صحة العتق مع تعقب إجازة المرتهن ، فإن لم يجز بطل العتق لوجود المانع وهو تعلق حق المرتهن بالعين.

٩٣

بإجازته (١) ، أو سكوته (٢) إلى أن فك الرهن بأحد أسبابه. وقيل : يقع العتق باطلا بدون الإذن السابق ، نظرا إلى كونه (٣) لا يقع موقوفا ، (لا) إذا اعتق (المرتهن) (٤) فإن العتق يقع باطلا قطعا متى لم يسبق الإذن ، إذ لا عتق إلا في ملك ، ولو سبق (٥) وكان العتق عن الراهن (٦) ، أو مطلقا (٧) صح ، ولو كان عن المرتهن (٨) صح أيضا ، وينتقل ملكه إلى المعتق قبل إيقاع الصيغة المقترنة بالإذن كغيره من المأذونين فيه.

(ولو وطأها الراهن) (٩) بإذن المرتهن ، أو بدونه وإن فعل محرما (صارت مستولدة مع الإحبال) ، لأنها لم تخرج عن ملكه بالرهن وإن منع من التصرف فيها (وقد سبق) في شرائط المبيع (جواز بيعها حينئذ (١٠) ، لسبق حق المرتهن على

______________________________________________________

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) فيما لو سكت إلى أن يفك الرهن بإعطاء الدين فيكشف عن عدم تعلق حق المرتهن بالعين واقعا فلا مانع حينئذ من العتق.

(٣) أي العتق.

(٤) فإذا لم يأذن الراهن قبل العتق ، فالعتق باطل ، لأنه لا عتق إلا في ملك ، ومع عدم الاذن يقع العتق من المرتهن كالعتق من الفضولي لا تصححه الإجازة فيما بعد.

(٥) أي سبق الاذن العتق فيصح العتق لزوال المانع من كونه غير مالك.

(٦) فلا إشكال لأن المرتهن وكيل في إجراء الصيغة.

(٧) بحيث كان العتق قربه لله من دون أن يعينه عن شخص فلا إشكال ، لأن المرتهن وكيل أيضا في إجراء الصيغة.

(٨) فيأتي إشكال وهو : أن المرتهن غير مالك وأذن الراهن له لا يصيّره مالكا مع أنه لا عتق إلا في ملك فلا بدّ من الحكم بعدم صحة العتق لو كان من المرتهن ولو أذن الراهن.

والجواب بأن المأذون والمأمور بعتق عبده عن غيره يصح عتقه وينتقل إلى ملك الآمر قبل إيقاع الصيغة انا ما كما سيأتي تفصيله في باب العتق إن شاء الله تعالى.

(٩) لو وطئها بإذن المرتهن أو بدونه فأحبلها صارت أم ولده شرعا ، بلا خلاف فيه ، بل في التذكرة نسبه إلى مذهبنا ، وكذا لا خلاف في أنه لا يبطل الرهن بالإحبال للاستصحاب ، لاحتمال موت الولد فيجوز بيعها حينئذ في وفاء الدين.

(١٠) أي حين وطئها من قبل الراهن مع عدم إذن المرتهن ، هذا والأقوال في المسألة أربعة :

الأول : جواز بيعها وإن كان الولد حيا ، في استيفاء الدين لإطلاق الأوامر ببيع الرهن في الدين ، مع سبق حق المرتهن على الاستيلاد وكما عن الشيخ والحلي والفاضل والمحقق الثاني وجماعة.

٩٤

الاستيلاد المانع منه.

وقيل : يمنع مطلقا (١) ، للنهي عن بيع أمهات الأولاد المتناول بإطلاقه هذا الفرد ، وفصّل ثالث بإعسار الراهن فتباع ، ويساره فتلزمه القيمة تكون رهنا ، جمعا بين الحقين. وللمصنف في بعض تحقيقاته تفصيل رابع وهو بيعها مع وطئه بغير إذن المرتهن ، ومنعه مع وقوعه بإذنه (٢).

وكيف كان (٣) فلا تخرج عن الرهن بالوطء ، ولا بالحبل ، بل يمتنع البيع ما دام الولد حيا ، لأنه مانع طارئ ، فإن مات بيعت للرهن لزوال المانع ، (ولو وطأها المرتهن فهو زان) ، لأنه وطأ أمة الغير بغير إذنه.

(فإن أكرهها (٤) فعليه العشر إن كانت بكرا ، وإلا) تكن بكرا (فنصفه) ،

______________________________________________________

الثاني : المنع من بيعها ، للنهي على بيع أم الولد ، وتشبثها بالحرية مع بناء العتق على التغليب كما عن الفاضل في التذكرة ، وحكى الشهيد حكايته عن الشيخ.

الثالث : التفصيل بإعسار الراهن فتباع ، ويساره فيلزمه القيمة من غيرها وتدفع القيمة رهنا جمعا بين حق أم الولد في الحرية وبين حق المرتهن ، كما عن الشيخ في الخلاف وابن زهرة والفاضل في التذكرة.

رابعها : ما عن الشهيد في بعض حواشيه من جواز بيعها إن وطئها الراهن من دون إذن المرتهن ، ولا يجوز البيع مع الوطي بالاذن.

(١) سواء كان الوطي بإذن المرتهن أم لا ، مع الإعسار واليسار.

(٢) أي ومنع البيع مع وقوع الوطي بإذن المرتهن.

(٣) أي كيف كان القول من هذه الأقوال الأربعة فهي تبقى رهنا كما تقدم.

(٤) قد تقدم في باب بيع الحيوان أنه لو ظهرت الأمة مستحقة أغرم المشتري الواطئ العشر إن كانت بكرا ، ونصفه إن كانت ثيبا ، وقد تقدم أنه هو المشهور لصحيح الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة فوجدها أمة قد دلست نفسها ، فقال : إن كان الذي زوّجه إياها من غير مواليها فالنكاح فاسد ، قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه ، فقال عليه‌السلام : إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه ، وإن لم يجد شيئا فلا شي‌ء له عليها ، وإن كان الذي زوّجه إياها ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عليه عشر قيمتها إن كانت بكرا ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها ، وتعتدّ منه عدة الأمة) ، ومثله غيره.

٩٥

للرواية ، والشهرة.(وقيل : مهر المثل) ، لأنه عوض الوطء شرعا. وللمصنف في بعض حواشيه قول بتخير المالك بين الأمرين (١) ، ويجب مع ذلك (٢) أرش البكارة (٣) ، ولا يدخل (٤) في المهر (٥) ، ولا العشر ، لأنه حق جناية ، وعوض جزء فائت ، والمهر على التقديرين (٦) عوض الوطء.

ولا يشكل بأن البكارة إذا أخذ أرشها صارت ثيبا فينبغي أن يجب مهر الثيب ، لأنه قد صدق وطؤها بكرا وفوّت منها جزء فيجب عوض كل منهما (٧) ، لأن أحدهما عوض جزء ، والآخر ، عوض منفعة.

(وإن طاوعته فلا شي‌ء (٨) ، لأنها بغي ولا مهر لبغي.

______________________________________________________

وذهب الشيخ في المبسوط وابن إدريس أنه يجب عليه مهر أمثالها ، لأنه القاعدة الكلية في عوض البضع ، مثل قيمة المثل في غيره.

هذا في وطئ المشتري للأمة ثم بانت أنها مستحقة للغير ، ومسألتنا هنا في وطئ المرتهن من مصاديق المسألة المتقدمة ، إذ لا خصوصية للمرتهن ، بل المرتهن قد وطئ أمة الغير وظاهر الصحيح المتقدم أن العشر ونصف العشر لكل من وطئ أمة الغير.

(١) أي بين العشر ونصفه وبين مهر المثل.

(٢) أي مع العشر ونصفه ، أو مهر المثل.

(٣) قد تقدم في كتاب البيع في مسألة وطئ المشتري للأمة المستحقة هذا النزاع ، وأنه على قولين ، أحدهما التداخل بمعنى لا يجب أرش البكارة ، لأن الظاهر مما تقدم من الخبر أن العشر هو تمام ما يلزم الوطي للجارية البكر ، والثاني عدم التداخل ، بمعنى يجب أرش البكارة مع مهر المثل أو العشر ، لأن العشر أو مهر المثل عوض الوطي ، وأرش البكارة عوض جناية ، لأنه قد فوّت جزءا من الأمة.

ولكن الثاني ضعيف ، لأن نصف العشر هو عوض الوطي كما هو الظاهر من الخبر ، وما زاد عن النصف إلى تمام العشر هو بإزاء البكارة فيكون تمام العشر هو ما يلزم على الواطئ للجارية البكر.

(٤) أي أرش البكارة.

(٥) أي مهر المثل على القول الثاني ولا في العشر على القول الأول.

(٦) أي البكارة والثيبوبة.

(٧) من الوطي ومن الجزء الفائت.

(٨) على المشهور أن الواطئ عليه العشر أو نصفه سواء طاوعته أم لا ، وعن الشهيد في

٩٦

وفيه أن الأمة لا تستحق المهر ، ولا تملكه فلا ينافي (١) ثبوته لسيدها مع كون التصرف في ملكه بغير إذنه (وَلٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ*). والقول بثبوته عليه (٢) مطلقا (٣) أقوى ، مضافا إلى أرش البكارة كما مر (٤) ، وقد تقدم مثله (٥).

(السادسة ـ الرهن لازم من جهة الراهن (٦) حتى يخرج عن الحق) بأدائه ولو

______________________________________________________

الدروس وجماعة أنها مع المطاوعة لا شي‌ء على الواطئ ، لأنها مع المطاوعة بغي ولا مهر لبغي ، وردّ بأن المهر لسيدها وهو حق له ، وتصرفها وإن كان فيه اثم لكن لا يمنع من حق سيدها لقوله تعالى : (وَلٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ) (١).

وأما المهر المنفي في (لا مهر لبغي) هو مخصوص في مهر الحرة ، لأن المهر يطلق شرعا على عوض بضع الحرة حتى سميت بسببه مهيرة ، ولأن اللام في قوله (البغي) ظاهر في الاستحقاق ، والأمة لا تستحق مهرا بل هو لسيدها.

(١) أي ما ورد من (لا مهر لبغي) لا ينافي ثبوت المهر لسيدها.

(٢) على المرتهن الواطئ.

(٣) مع المطاوعة وعدمها.

(٤) هنا.

(٥) في كتاب البيع في باب بيع الحيوان.

(٦) قد تقدم لزوم الرهن من جهة الراهن وجوازه من جهة المرتهن وأنه لا خلاف في ذلك ، وعليه فللزومه من جهة الراهن فليس له انتزاعه إلا بأداء الحق ، وأداء الحق هو إقباض الدين سواء كان من الراهن أم من متبرع غيره ، وفي حكمه لو ضمن الغير الدين عن الراهن وقبل المرتهن ، وكذا الحوالة فيما لو أحال الراهن المرتهن على غيره بالدين مع قبول المرتهن ، وفي الجميع يسقط حق المرتهن في العين لانتفاء الدين له على الراهن ، بلا خلاف في شي‌ء من ذلك ولا إشكال.

وليس للراهن انتزاع الرهن أيضا إلا بإبراء المرتهن الراهن من الدين أو إسقاط حقه من الرهانة ، والإبراء المذكور موجب براءة ذمة الراهن من الدين فلا موضوع للرهن حينئذ ، وأما الإسقاط المذكور فهو بمعنى فسخه لعقد الرهن وهو جائز لأن الرهن جائز من قبل المرتهن.

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية : ١٦٤.

٩٧

من متبرع غيره. وفي حكمه (١) ضمان الغير له (٢) مع قبول المرتهن (٣) ، والحوالة (٤) به (٥) ، وإبراء المرتهن (٦) له منه (٧). وفي حكمه (٨) الإقالة (٩) المسقطة للثمن المرهون به ، أو للمثمن (١٠) المسلم فيه المرهون به.

والضابط براءة ذمة الراهن من جميع الدين ، ولو خرج من بعضه (١١) ففي

______________________________________________________

(١) أي حكم الأداء.

(٢) للدين عن الراهن.

(٣) لاشتراط رضا المضمون له.

(٤) عطف على الضمان ، والمعنى أن كلا من الضمان والحوالة في حكم الخروج عن الحق وفي حكم الأداء.

(٥) بالدين.

(٦) عطف على الأداء.

(٧) أي للراهن من الدين.

(٨) أي حكم الإبراء.

(٩) فالإقالة هنا هي فسخ البيع فلا يثبت للبائع ثمن في ذمة المشتري حتى يأخذ عليه رهنا ، فالإقالة تسقط الثمن المرهون به الرهن.

(١٠) فالإقالة هنا فسخ البيع فلا يثبت للمشتري مثمن مسلم فيه وهو الذي دفع ثمنه حالا ، فالإقالة تسقط المثمن الذي رهن به الرهن.

(١١) أي خرج الراهن من بعض الدين قال في المسالك : (وبقي في المسألة أمر آخر ، وهو ما لو أقبضه البعض ، أو أبرأه هو منه ، فهل يكون حكمه حكم ما لو أقبض الجميع أو أبرأ منه ، يحتمل ذلك لأن الرهن إنما وقع في مقابلة مجموع الدين من حيث هو مجموع ، وقد ارتفع بعضه فيرتفع المجموع ضرورة ارتفاعه بارتفاع بعض أجزاءه ، فعلى هذا يبطل الرهن لسقوط جزء ما من الدين وإن قلّ.

ويحتمل بقاؤه أجمع ما بقي من الدين جزء ، نظرا إلى أن الغالب من تعلق الأغراض باستيفاء الدين عن آخره من الرهن ، وهذا هو الذي قوّاه في الدروس ، وادعى في المبسوط أنه إجماع ، والأول مختار القواعد ، نعم لو شرط كونه رهنا على المجموع على كل جزء منه فلا إشكال في الأول ، كما أنه لو شرط كونه رهنا على كل جزء منه فلا إشكال في بقاءه ما بقي جزء ـ إلى أن قال ـ وبقي في المسألة عند الإطلاق احتمال ثالث ، وهو مقابلة أجزاء الرهن بأجزاء الدين وتقسيطه عليها كما هو مقتضى كل معاوضة ، فإذا برئ من بعض الدين ينفك من الرهن بحسابه ، فمن النصف النصف ومن الثلث الثلث

٩٨

خروج الرهن أجمع ، أو بقائه كذلك ، أو بالنسبة أوجه.

ويظهر من العبارة بقاؤه أجمع ، وبه صرح في الدروس ، ولو شرط كونه رهنا على المجموع خاصة تعين الأول ، كما أنه لو جعله رهنا على كل جزء منه فالثاني. وحيث يحكم بخروجه عن الرهانة (١) (فيبقى أمانة في يد المرتهن) مالكية لا يجب تسليمه إلا مع المطالبة ، لأنه مقبوض بإذنه (٢) وقد كان وثيقة وأمانة ، فإذا انتفى الأول (٣) بقي الثاني (٤) ، ولو كان الخروج من الحق (٥) بإبراء المرتهن (٦)

______________________________________________________

وهكذا ، وهذا الاحتمال متوجه ، لأن إطلاق المقابلة بين الأمرين في المعاملة يقتضي ذلك) انتهى.

(١) أي إذا فك الرهن على العين بشي‌ء مما تقدم تبقى العين تحت يد المرتهن أمانة مالكية لا شرعية ومن لوازمها عدم وجوب التسليم إلى المالك إلا مع المطالبة بخلاف لوازم الأمانة الشرعية فيجب التسليم إلى المالك مطلقا ، والفرق بين الأمانتين هو أن العين تارة تكون تحت يد الغير بإذن المالك فهي المالكية وأخرى تحت يد الغير بإذن الشارع فهي الشرعية كما لو أطار الريح ثوبا إلى دار الغير ، فالثوب تحت يد مالك الدار بإذن الشارع ويجب الرد إلى مالكه مطلقا حيث إن المالك لم يرض بكونه في يده وإنما لعارض قد وقع في يده ، بخلاف المالكية كالوديعة فهي تحت يد الغير بإذن المالك ولا يجب التسليم إلا مع المطالبة لاستصحاب عدم الوجوب.

(٢) تعليل لكونه أمانة مالكية فالمالك أقبض العين للمرتهن فكانت وثيقة من حيث الرهن وأمانة مالكية من حيث الاذن ، وإذا انتفت الوثيقة من حيث الرهن تبقى الأمانة من حيث الاذن.

(٣) الوثيقة.

(٤) الأمانة.

(٥) أي من الدين.

(٦) قد تقدم أنه بعد فكّ الرهن بأحد أسبابه يبقى الرهن أمانة تحت يد المرتهن ، وخالف بعض العامة فقال الشارح في المسالك : (حيث ذهب إلى أنه إذا أقضاه يكون مضمونا ، وإذا أبرأه ثم تلف الرهن في يده لا يضمنه استحسانا ، وهو تحكم ، بل ينبغي العكس ، فإنه مع القضاء يكون المالك عالما بانفكاك ماله ، فإذا لم يطالب به فقد رضي ببقائه أمانة ، وأما الإبراء فقد لا يعلم به الراهن فلا يكون تاركا لماله باختياره) انتهى ، والأخير هو ما مال إليه العلامة في التذكرة ، وهو ما أورده الشارح هنا.

٩٩

من غير علم الراهن وجب عليه إعلامه به (١) ، أو رد الرهن ، بخلاف ما إذا علم (٢).

(ولو شرط كونه مبيعا عند الأجل بطلا (٣) الرهن والبيع ، لأن الرهن لا يؤقت ، والبيع لا يعلّق ، (و) لو قبضه كذلك (٤) (ضمنه بعد الأجل) ، لأنه حينئذ بيع فاسد ، وصحيحه مضمون ، ففاسده كذلك ، (لا قبله) ، لأنه حينئذ رهن فاسد ، وصحيحه غير مضمون ففاسده كذلك ، قاعدة مطردة. ولا فرق في ذلك (٥) بين علمهما (٦) بالفساد ، وجهلهما ، والتفريق.

______________________________________________________

(١) أي وجب على المرتهن أعلام الراهن بالإبراء أو رد الرهن.

(٢) أي علم الراهن بفك الرهن فلا يجب على المرتهن والرهن حينئذ.

(٣) أي لو شرط المرتهن في عقد الرهن على الراهن أنه إذا لم يؤد الحق عند حلول الأجل فيكون الرهن مبيعا للمرتهن على نحو شرط النتيجة بطل الرهن والبيع.

أما الرهن فلأنه لا يوقّت مع أن جعله مبيعا عند حلول الأجل توقيت له وتعليق ، ولأن الرهن مشروط بالبيع والشرط فاسد ، وكل شرط فاسد يكون مفسدا للمشروط وأما البيع فللتعليق ، لأن البيع قد جعل معلّق على عدم تأدية الحق ، ومع التعليق لا يقصد فيه النقل والانتقال جزما ، ومع عدم القصد لا يقع صحيحا ، أو لأن البيع بحاجة إلى سبب من صيغة ونحوها والشرط هنا أوجب وقوع البيع من دون سببه وهو على خلاف المشروع في العقود فلا يكون الشرط سائغا.

(٤) أي بعد بطلان الرهن والبيع ، فلو قبض المرتهن العين على هذا الوجه يضمنها بعد الأجل لا قبل حلوله ، لأنه قبل الحلول هو رهن فاسد وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ، والعين في الرهن الصحيح غير مضمونة فكذا في الرهن الفاسد.

نعم بعد الأجل قد قبضها بعنوان أنها بيع وهو بيع فاسد ، وهي مضمونة حينئذ ، لأن ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده والعين في البيع الصحيح مضمونة فكذا في البيع الفاسد.

(٥) أي في ضمان العين بعد الأجل لا قبله.

(٦) أي علم الراهن والمرتهن ، فلا فرق بين كونهما عالمين بفساد الرهن والبيع أو جاهلين أو مختلفين ، وقال في المسالك : (إن الأصحاب وغيرهم اطلقوا القول في هذه القاعدة لم يخالف فيها أحد) انتهى.

١٠٠