الزبدة الفقهيّة - ج ٥

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-36-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٠٠

كتاب المساقاة

٣٦١
٣٦٢

(كتاب المساقاة (١)

(وهي لغة) مفاعلة من السقي (٢) ، واشتق منه (٢) ، دون باقي أعمالها (٤) ،

______________________________________________________

(١) لا خلاف في مشروعيتها ، لأنها معاملة عقلائية لم يردع عنها الشارع المقدس ، ولجملة من الأخبار.

منها : خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل يعطي الرجل أرضه ، وفيها رمان أو نخل أو فاكهة ، ويقول : اسق هذا من الماء وأعمره ولك نصف ما أخرج ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (١) ، ومثله غيره.

وأنكر مشروعيتها أبو حنيفة وزفر من علماء العامة للجهالة والضرر ، وهو قول ضعيف في قبال النصوص المتقدمة.

(٢) والمفاعلة تقتضي وقوع السقي من العامل وصاحب الأرض ، غير أن وقوع السقي من العامل حقيقة ومن صاحب الأرض باعتبار طلبه السقي عند إيقاع المعاملة ، فلا إشكال كما في المزارعة والمضاربة.

هذا وعلى العامل السقي وتهذيب الأشجار وتلقيحها وكل ما يصلحها فتسمية كل هذه الأعمال بالمساقاة ناشئة من أن السقي أظهر هذه الأعمال وأنفعها وأكثرها مئونة وأشدها مشقة ، فلذا أخص اشتقاق المعاملة من السقي فقط دون البقية.

(٣) أي واشتق اسم المساقاة من السقي.

(٤) أي أعمال المساقاة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب المزارعة والمساقاة حديث ٢.

٣٦٣

لأنه أنفعها ، وأظهرها في أصل الشرعية (١) ، وهو (٢) نخل الحجاز الذي يسقى من الآبار مع كثرة مئونته.

وشرعا (٣) (معاملة على الأصول بحصة من ثمرها) (٤). فخرجت بالأصول المزارعة ، وبالحصة الإجارة المتعلقة بها (٥) فإنها لا تقع بالحصة (٦) ، والمراد بالثمرة معناها المتعارف (٧) لتردده في المعاملة على ما يقصد ورقه وورده ، ولو لوحظ

______________________________________________________

(١) قال الشارح في المسالك : (المساقاة مفاعلة من السقي ، وخص الاشتقاق منه ـ أي السقي ـ دون باقي الأعمال التي تتوقف عليه المعاملة ، لأنه أظهرها وأنفعها في أصل الشرعية ، لوقوعه بالحجاز التي يسقى فيها النخل من الآبار ، ولأنه أكثر مئونة وأشد مشقة من غيره من الأعمال ، وعرفا ما ذكره المصنف) انتهى ، وما ذكره المحقق (فهي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرتها).

وعليه فالمراد بأصل الشرعية أن لفظ المساقاة قد وضع في زمن الشارع لهذا المعنى ، وهو المفاعلة من عمل العامل من سقي وتهذيب وإصلاح ومن عمل المالك لأمره بذلك ، وقد خصّ الاشتقاق من السقي لأن الوضع قد تم في الحجاز ، وأهل الحجاز أكثر حاجة إلى سقي نخلهم من الآبار دون بقية الأعمال ، وقد نقل لفظ المساقاة بحسب الحقيقة المتشرعية إلى أنها معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرتها ، وهذا النقل إلى المتشرعية هو المعبّر عنه بالعرف في المسالك ، وبالشرع في الروضة هنا.

(٢) أي الوضع في أصل الشرعية.

(٣) أي بحسب الحقيقة المتشرعية ، وقد عبّر عنه في المسالك بالوضع العرفي.

(٤) فالمعاملة جنس يتناول كل معاوضة ، وبقيد (على الأصول) تخرج المزارعة لأنها العاملة على الأرض ، وبقيد (بحصة من ثمرتها) تخرج إجارة الأرض المشجرة وإن صحت ، ولكن لا تصح بحصة من ثمرة الشجر نفسه ، بل لا بد من كون العوض معينا مضمونا في الذمة.

هذا وعرّفها الكثير (بأنها معاملة على الأصول الثابتة بحصة من ثمرها) ، وبقيد (الثابتة) تخرج الخضراوات والمغارسة ، وهي أن يقدم المالك الأرض للعامل على أن يغرسها ليكون الشجر بينهما بحسب الشرط القائم بينهما.

(٥) أي بالأصول الثابتة.

(٦) أي بالحصة من ثمر نفس الشجر بل بأجرة معينة معلومة مضمونة.

(٧) وهو ما يؤكل ، ولا يراد بالثمرة كل نماء للشجر مقصود عند الغارس وإن لم يؤكل ، كورق الحناء الذي يقصد عند غرس شجره مع أنه غير مأكول ، فلا يراد ذلك لأن المصنف قد تردد في صحة المساقاة على ما يقصد ورقه وورده.

٣٦٤

إدخاله (١) أريد بالثمرة نماء الشجر ، ليدخل فيه (٢) الورق المقصود والورد ، ولم يقيد الأصول بكونها ثابتة كما فعل غيره لأن ذلك (٣) شرط لها (٤) ، وذكره (٥) في التعريف غير لازم (٦) ، أو معيب (٧) ، ومن قيد به (٨) جعله وصفا للشجر مخصصا لموضع البحث ، لا شرطا.

(وهي لازمة (٩) من الطرفين) لا تنفسخ اختيارا ، إلا بالتقابل (١٠).

(وإيجابها (١١) ساقيتك ، أو عاملتك ، أو سلمت إليك ، أو ما أشبهه) من الألفاظ الدالة على إنشاء هذا العقد صريحا ، كقبلتك عمل كذا ، أو عقدت معك عقد المساقاة ونحوه من الألفاظ الواقعة بلفظ الماضي ، وزاد في التذكرة تعهد نخلي ، أو اعمل فيه (١٢). وإخراج هذا العقد عن نظائره من العقود اللازمة بوقوعه

______________________________________________________

(١) أي إدخال ما يقصد ورقه وورده في المساقاة كان المراد من الثمرة كل نماء للشجر مقصود عند الغارس وإن لم يؤكل.

(٢) في نماء الشجر.

(٣) أي الثبات للأصول.

(٤) للمساقاة ، وليس من وظيفة التعريف ذكر الشروط.

(٥) أي الثبات.

(٦) إن ذكر الثبات بعنوان كونه شرطا.

(٧) إن ذكره بعنوان كونه جزءا.

(٨) أي ومن قيّد التعريف بالثبات فلم يذكره بعنوان الجزئية ليكون معيبا ، ولا بعنوان الشرطية ليكون غير لازم ، وإنما جعله وصفا للشجر ليخصص موضع البحث في المساقاة.

(٩) بلا خلاف فيه لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).

(١٠) وهو فسخ للعقد بالتراضي ، لعموم أدلة الإقالة وقد تقدمت في آخر كتاب البيع.

(١١) لما كانت المساقاة من العقود اللازمة كان لا بدّ في إيجابها وقبولها من اللفظ الماضي الصريح الدال على الإنشاء على المشهور ، وقد تقدم أنه لا دليل عليه بل يكفي كل دال يدل على الإنشاء سواء كان لفظا أو فعلا أو كتابة.

(١٢) وهما ليسا من صيغ الماضي ، وعلى مبناهم أنه لا يصح الإنشاء بغير الماضي.

__________________

(١) سورة المائدة الآية : ١.

٣٦٥

بصيغة الأمر من غير نص مخصّص مشكل.

وقد نوقش في أمر المزارعة (١) مع النص عليه (٢) ، فكيف هذا (٣).

(والقبول الرضا به) (٤) وظاهره الاكتفاء بالقبول الفعلي ، كما مر في المزارعة إذ الرضا يحصل بدون القول.

والأجود الاقتصار على اللفظ الدال عليه (٥) ، لأن الرضا أمر باطني لا يعلم إلا بالقول الكاشف عنه. وهو السر في اعتبار الألفاظ الصريحة الدالة على الرضا بالعقود ، مع أن المعتبر هو الرضا ، لكنه أمر باطني لا يعلم إلا (٦) به ، ويمكن أن يريد (٧) هنا ذلك (٨).

(وتصح) المساقاة (إذا بقي للعامل عمل تزيد به الثمرة) (٩) ، سواء (ظهرت)

______________________________________________________

(١) من جواز صحة إنشائها بلفظ الأمر.

(٢) وقد تقدم ، وتقدم أن النص دال على الإنشاء بصيغة المضارع على فرض صحة السند فراجع.

(٣) أي عقد المساقاة مع عدم النص فيه.

(٤) أي الرضا بالإيجاب على أن يكون القبول بلفظ الماضي ، لأنه من العقود اللازمة ، وظاهر كلام المصنف الاكتفاء بمطلق الرضا به وإن لم يكن الكاشف عنه لفظا ، وهو مشكل على مبناهم لعدم الدليل على خروج عقد المساقاة عن أحكام العقود اللازمة.

(٥) على الرضا.

(٦) أي بالقول ، وفيه : إنه يكفي ما عليه العرف من الاكتفاء بكل دال عليه ولو كان غير لفظي.

(٧) أي المصنف.

(٨) أي يريد بالرضا نفس اللفظ الدال عليه.

(٩) لا إشكال ولا خلاف في صحة المساقاة قبل ظهور الثمرة ، لتحقق موضوع المساقاة حيث يوجد عمل للعامل في إيجاد الثمرة.

كما أنه إذا ظهرت الثمرة واكتمل نضوجها بحيث لم تحتج إلى عمل تستزيد به كما أو كيفا فلا تصح المساقاة بلا خلاف فيه لعدم موضوع المساقاة حينئذ ، وإن احتاجت بعد نضوجها إلى عمل كالنقل والحفظ من السارق.

وقد وقع الخلاف في صحة المساقاة بعد ظهور الثمرة وقبل نضوجها بحيث يبقى للعامل

٣٦٦

قبل العقد (١) (أولا) (٢).

والمراد بما فيه مستزاد الثمرة نحو الحرث (٣) والسقي ، ورفع أغصان الكرم على الخشب (٤) ، وتأبير ثمرة النخل. واحترز به (٥) عن نحو الجذاذ (٦) ، والحفظ (٧) ، والنقل ، وقطع الحطب (٨) الذي يعمل به الدبس ، من الأعمال التي لا يستزاد بها الثمرة ، فإن المساقاة لا تصح بها (٩) إجماعا (١٠). نعم تصح الإجارة حينئذ (١١) على بقية الأعمال بجزء من الثمرة ، والجعالة ، والصلح (١٢) (ولا بدّ) في صحة المساقاة (من كون الشجر) الساقى عليه (نابتا) بالنون ، أو بالثاء (١٣) المثلثة ، ويخرج على الأول (١٤)

______________________________________________________

عمل تستزاد به ، كالسقي والحرث وتأبير شجر النخل ، فعلى المشهور على ما في الحدائق الصحة ، بدليلين :

الأول : أن الغرض من المساقاة تحصيل الثمرة ، وفي المقام بقاء شي‌ء من عمل العامل تستزاد به فتصح المساقاة تحصيلا لهذه

الفائدة.

الثاني : إن العقد هنا أبعد عن الغرر للوثوق بالثمرة فيكون العقد أولى عما لو كانت الثمرة معدومة كما في الفرض الأول.

(١) هذا هو الغرض الثالث.

(٢) أي لم تظهر قبل العقد وهو الفرض الأول.

(٣) تحت الشجر.

(٤) عن الأرض لتكتمل الثمرة وتنضج.

(٥) بمستزاد التمرة.

(٦) وهو القطع.

(٧) حفظها عن السارق.

(٨) أي إن قطع الحطب والنقل اللذان هما مقدمة لعمل دبس العنب والخرنوب لا تستزاد به الثمرة.

(٩) بهذه الأعمال التي لا تستزاد بها الثمرة.

(١٠) وهذا هو الفرض الثاني.

(١١) أي حين كون الأعمال مما لا تزيد الثمرة ، وتصح الإجارة لأن العوض هنا معلوم ، وهو جزء معلوم من الثمرة الحاصلة.

(١٢) لعموم أدلتهما.

(١٣) أي ثابتا.

(١٤) وهو النابت.

٣٦٧

المساقاة على الودي (١) غير المغروس ، أو المغروس الذي لم يعلق بالأرض (٢) ، والمغارسة (٣) ، وبالثاني (٤) ذلك (٥) ، وما لا يبقى غالبا (٦) كالخضراوات. ويمكن خروجها (٧) بالشجر فيتحد المعنيان (٨) ، (ينتفع بثمرته مع بقاء عينه) (٩) بقاء يزيد عن سنة غالبا. واحترز به (١٠) عن نحو البطيخ (١١) والباذنجان والقطن (١٢) وقصب السكر (١٣) ، فإنها ليست كذلك ، وإن (١٤) تعددت اللقطات مع بقاء عينه ذلك الوقت (١٥) ، وبقي القطن أزيد من سنة ، لأنه خلاف الغالب.

______________________________________________________

(١) الودي بكسر الدال المهملة بعد الواو المفتوحة والياء المشددة أخيرا ، بوزن الفني ، وهو فسيل النخل قبل أن يغرس ، فهو ليس بنابت.

(٢) أي لم يستقل بعد بحيث لم تمض مدة معتدة على زرعه حتى تثبت أصوله وجذوره فلا يسمى نابتا.

(٣) وهي أن يدفع أحدهما أرضا للآخر ليغرسها الثاني على أن يكون الغرس بينهما ، فالمغارسة خارجة لأنها معاملة لإنبات الأصول وليست معاملة على الأصول النابتة.

(٤) أي بقيد الثابت.

(٥) من الودي والمغروس غير المستقل والمغارسة.

(٦) لأنه لا ساق له كالبطيخ والباذنجان أوله ساق ولا يبقى غالبا كقصب السكر.

(٧) أي خروج الخضراوات التي لا ساق لها ، وكذا ما لا ثبات لساقها ، فهي خارجة بالشجر بلا فرق بين وصف الشجر بالنابت أو الثابت ، هذا والقدر المتيقن من نصوص المساقاة هو المساقاة على الأشجار النابتة أو الثابتة ، وفي غيره لا دليل فيقتصر على القدر المتيقن لأن المساقاة على خلاف الأصل للجهالة والغرر.

(٨) أي أصله وساقه ، وهذا لازم الشرط المتقدم.

(٩) لأن السنة هي المقدار الغالب لنضوج الثمرة.

(١٠) أي بالشرط الثاني.

(١١) وهو مما لا ساق له أيضا وكذا الباذنجان.

(١٢) فيخرج لاضمحلال أصله بحسب العادة.

(١٣) لأن الانتفاع بأصله ولا ثمرة له بغير الأصل.

(١٤) وصلية.

(١٥) فلو قطف البطيخ والباذنجان على دفعات ففي الدفعة الأولى وإن بقيت عينه ذلك الوقت ، إلا أنه لا يبقى أكثر من سنة مع أنه لا ساق له.

٣٦٨

(وفيما له ورق) لا يقصد من عمله بالذات إلا ورقه (كالحناء (١) نظر) من أنه (٢) في معنى الثمرة فيكون مقصود المساقاة حاصلا به ، ومن أن (٣) هذه المعاملة على خلاف الأصل ، لاشتمالها على جهالة العوض فيقتصر بها على موضع الوفاق ، ومثله ما يقصد ورده ، وأما التوت فمنه ما يقصد ورقه (٤) وحكمه كالحناء ، ومنه ما يقصد ثمره (٥) ، ولا شبهة في إلحاقه بغيره من شجر الثمر ، والقول بالجواز في الجميع (٦) متجه.

(ويشترط تعيين المدة) (٧) بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، ولا حد لها في

______________________________________________________

(١) وكذا ما يقصد زهره من غرسه كالورد.

(٢) دليل لصحة المساقاة عليه ، ذهب العلامة وتبعه الشارح إلى الجواز ، لأن الورق المقصود كالثمرة من الشجرة بحسب المعنى ، فيكون مقصود المساقاة حاصلا به ، وعلى المشهور المنع لأن المساقاة على خلاف الأصل للجهالة والغرر فيقتصر فيها على محل الوفاق ، وهو ثمر الشجر ليس إلا.

(٣) دليل لعدم الصحة.

(٤) وهو شجر التوت الذكر.

(٥) وهو شجر التوت الأنثى ، وهو ملحق ببقية الأشجار التي تقصد ثمرتها ، بل هو منها.

(٦) ما قصد ورقه وما قصد ورده وشجر التوت بقسميه.

(٧) اشتراط المدة في المساقاة بلا خلاف فيه ، فلو ترك ذكر المدة لبطل العقد ، ويشترط في المدة شرطان.

الأول : تعيين المدة بما لا تحتمل الزيادة ولا النقصان ، وما يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم الحاج وإدراك الغلة وإن كانت الغلة هي المعامل عليها ، هذا على المشهور وقوفا فيما خالف الأصل على موضع اليقين ، وذهب ابن الجنيد إلى جواز تقدير المدة بإدراك الغلة المساقى عليها نظرا إلى ثبوت الإدراك عادة ، فهو كالمعلوم فيجوز بناء العقد عليه ، وقال عنه في المسالك (والأجود الأول وإن كان كلامه لا يخلو من وجه).

الثاني : أن تكون المدة مما تحصل فيها الثمرة غالبا ، وإن قلت هذه المدة ، إذا ساقاه في آخر العمل بحيث يبقى منه وقت يسير ، فيه مستزاد للثمرة كالشهر ، وهذا الشرط الثاني واضح إذ لو شرطت مدة لا تحصل فيها الثمرة غالبا لانتفى موضوع المساقاة ولما حصلت للعامل حصته من الثمرة لعدم وجود ثمرة في البين. ومما تقدم تعرف لأبدية ضبط المدة من دون حد لها من جانب الزيادة كما لا حد لها من جانب القلة ، نعم هي مشروطة

٣٦٩

جانب الزيادة ، وفي جانب النقصان أن يغلب فيها حصول الثمرة ، (ويلزم العامل مع الإطلاق) أي إطلاق المساقاة بأن قال : ساقيتك على البستان الفلاني سنة بنصف حاصله فقبل (كل عمل (١) يتكرر كل سنة) مما فيه صلاح الثمرة ، أو زيادتها كالحرث (٢) ، والحفر حيث يحتاج إليه ، وما يتوقف عليه (٣) من الآلات ، والعوامل ، وتهذيب الجريد (٤) بقطع ما يحتاج إلى قطعه منه ، ومثله أغصان الشجر المضر بقاؤها

______________________________________________________

بكون الثمرة تحصل فيها غالبا ، وخالف الشافعي من العامة وشرط في جانب الزيادة أن لا تزيد عن الثلاثين سنة ، وهو تحكم ـ كما في المسالك ـ إذ لا دليل عليه.

(١) بما أن الأعمال التي تحتاجها الأرض كثيرة وبعضها على المالك ، وبعضها على العامل حاول الفقهاء تحديد ما على كل منهما ، فكل عمل له الدخل في إيجاد الثمرة وفعليتها وجودتها فهو على العامل ، وكل عمل لا تستزاد به الثمرة فهو على المالك ، وعبّر عن الأول بالعمل المتكرر كل سنة لأن الأعمال التي فيها صلاح الثمرة متكررة كل سنة لتكرر الثمرة.

وعليه فالمتكرر كل سنة هو السقي وحرث الأرض وحفرها المحتاج إليه السقي ، وما يتوقف عليه السقي من الآلات والعوامل ، من البقر وخشبة الحرث والسكة ، وما يتوقف عليه السقي من الحفر وإصلاح الحفر التي يقف فيها الماء عند وصوله إلى أصول الشجر ، وإزالة الحشيش المضرّ بالأصول من ناحية بقاء الثمرة ونموها ، وإزالة الجريد وهو قطع الجزء اليابس من الشجر الذي يضر بقاؤه بالثمرة ، ومقدمات السقي كالدلو والرش وإصلاح طريق الماء وفتح رأس الساقية وسدها عند عند الفراغ على ما تقتضيه الحاجة ، ووضع الحشيش ونحوه فوق العناقيد صونا لها من الشمس المضرة بها ، ورفعها عن الأرض حيث يضرّ بها ذلك ، واللقاط وهو التقاط التمرة بحسب نوعها ووقتها ، فما يؤخذ للزبيب يجب قطعه عند حلاوته في الوقت الصالح له ، وما يعمل دبسا فكذلك ، وما يؤخذ للأكل فعند انتهاء نضوجه وهكذا ، وإصلاح موضع التشميس إذا افتقرت الثمرة إلى تشميسها على الأرض فيجب إصلاح موضع تشميسها ونقلها إليه وتقليبها فيه ، وهكذا من بقية الأعمال إلى حين القسمة.

وأما ما على المالك فهو العمل الذي لا يتكرر كل سنة في الأرض كإصلاح الجدار وبنائه ووضع الشوك في حدود الأرض وهكذا.

(٢) الحرث وإن كان فيه إصلاح للأرض إلا أن فيه إصلاحا للثمرة.

(٣) أي كل من الحرث والحفر.

(٤) والتهذيب هو قطع ما يحتاج إلى قطعه من الجريد ، وهي أغصان النخل ، كالجزء اليابس.

٣٧٠

بالثمرة ، أو الأصل (١) ، (ومنه زيادة الكرم) (٢) ، والسقي ، ومقدماته (٣) المتكررة كالدلو ، والرشا (٤) وإصلاح طريق الماء ، واستقائه (٥) ، وإدارة الدولاب ، وفتح رأس الساقية ، وسدها عند الفراغ ، وتعديل الثمرة بإزالة ما يضرها من الأغصان (٦) والورق ليصل إليها الهواء ، وما يحتاج إليه من الشمس ، وليتيسر قطعها عند الإدراك ، ووضع الحشيش ونحوه فوق العناقيد صونا لها عن الشمس المضرة بها ، ورفعها عن الأرض حيث تضرها ، ولقاطها بمجرى العادة بحسب نوعها ، فما يؤخذ للزبيب يقطع في الوقت الصالح له وما يعمل دبسا فكذلك ، وهكذا ، وإصلاح موضع التشميس ، ونقل الثمرة إليه ، وتقليبها ، ووضعها على الوجه المعتبر ، وغير ذلك من الأعمال (٧).

(ولو شرط بعضه (٨) على المالك صح) بعد أن يكون مضبوطا (لا جميعه) ، لأن الحصة لا يستحقها العامل إلا بالعمل فلا بد أن يبقى عليه منه شي‌ء فيه

______________________________________________________

(١) لأنه إذا أضرّ بالأصل فيضر بالثمرة أيضا.

(٢) أي ومن العمل الذي يتكرر كل سنة زيادة الكرم ، وهو المسمى بتعريش الكرم ، وهو قطع أغصانه المضرة بالثمرة.

(٣) أي مقدمات السقي.

(٤) وهو الحبل.

(٥) أي استقاء الماء ، وفي أكثر النسخ (الاستنقاء) وهو تنقية الماء من الحمأة ونحوها ، والحمأة هي الطين كما في المصباح.

(٦) إزالة الأغصان هنا بعد ظهور الثمرة ، وما تقدم من تهذيب الجريد وقطع أغصان الأشجار إنما هو قبل الظهور فلا تكرار في العبارة فافهم.

(٧) قال في الجواهر : (وأما ما ذكروه من الضابطين فلا أثر له في شي‌ء من الأدلة ، فالمتجه حينئذ الرجوع في مثل ذلك إلى المتعارف في إطلاق عقد المساقاة مما يجب على العامل والمالك) انتهى.

(٨) أي بعض العمل الذي يتكرر كل سنة ، فلو شرط على المالك صح الشرط ، إن بقي للعامل شي‌ء من العمل مما له زيادة في نمو الثمرة وكمالها ، وإلا فلو كان الباقي المترتب على العامل لا دخل له في نمو الثمرة أو شرط جميع العمل على المالك لبطلت المساقاة ، لأن العامل لا يستحق شيئا من الحصة إلا بالعمل فيها فإذا رفعه عن نفسه بالشرط فلا شي‌ء له حينئذ.

٣٧١

مستزاد الثمرة وإن قل ، (وتعيين الحصة بالجزء المشاع) (١) كالنصف ، والثلث ، (لا المعين) (٢) كمائة رطل ، والباقي للآخر ، أو بينهما (٣).

(ويجوز اختلاف الحصة في الأنواع) (٤) كالنصف من العنب ، والثلث من الرطب ، أو النوع الفلاني (إذا علماها) (٥) أي الأنواع ، حذرا من وقوع أقل الجزءين لأكثر الجنسين مع الجهل بهما فيحصل الغرر.

(ويكره أن يشترط رب المال على العامل) مع الحصة (ذهبا ، أو فضة (٦) ،

______________________________________________________

(١) لا خلاف أنه لا بدّ من كون حصة العامل مشاعة ، سواء تساوت الحصتان أم لا ، لأن المساقاة على خلاف الأصل فيقتصر فيها على مورد اليقين ، وهو الحصة الشاعة كالمزارعة.

(٢) كمائة رطل لأحدهما والباقي من الحاصل للآخر ، لعدم تحقق الإشاعة في مجموع النماء.

(٣) أي كون الباقي بينهما ، وكذلك تبطل لعدم تتحقق الإشاعة في مجموع النماء أيضا.

(٤) بحيث كان البستان مزروعا بالنخل والعنب ، ووقع العقد على نصف الحاصل من النخل وربع الحاصل من العنب ، فيصح بلا خلاف فيه ، لتحقق الإشاعة في مجموع النماء.

ولكن بشرط أن يعلم كل من المالك والعامل بمقدار كل نوع ، كأن يعلم مقدار موضع النخل كعشرين ذراعا مثلا ، ومقدار موضع العنب كثلاثين ذراعا ، وهذا الاشتراط حتى لا يكون أقل الجزءين ـ وهو الربع بالنسبة إلى النصف ـ قد وقع لأكثر الجنسين من النخل والعنب مع جهل العامل ، فإنه إذا كان جاهلا لزم الغرر ، ولو كان عالما فيصح مع علمه لإقدامه على ما هو المعلوم لديه.

(٥) أي على مواطن ومحالّ الجنسين كأن يعلم موطن النخل ومقدار الأرض المزروعة فيه ، وكذا العنب.

(٦) صح الشرط بلا خلاف ولا إشكال ، لعدم منافاة الشرط لمقتضى العقد وبعد تحقق الإشاعة في مجموع النماء ، ومضى مثله في المزارعة ، فيلزم الوفاء به لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، وخالف فيه بعض العامة فمنع من الشرط وأبطل العقد ، هذا وإنما الكلام في موردين :

الأول : هذا الشرط وإن كان صحيحا إلا أنه مكروه للمالك بلا خلاف فيه ، ولا دليل على الكراهة كما اعترف بذلك غير واحد ، ولعل مثل عدم الخلاف فيه كاف في ثبوت

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٧٢

ولا يكره غيرهما ، للأصل.(فلو شرط) أحدهما (١) (وجب) ما شرطه (بشرط سلامة الثمرة) فلو تلفت أجمع ، أو لم تخرج لم يلزم (٢) ، لأنه (٣) حينئذ (٤) أكل مال بالباطل ، فإن العامل لم يحصل له عوض ما عمل ، فكيف يخسر مع عمله الفائت شيئا آخر ، ولو تلف البعض فالأقوى عدم سقوط شي‌ء عملا بالشرط (٥) ، كما لا يسقط من العمل شي‌ء بتلف بعض الثمرة (٦).

(وكلما فسد العقد فالثمرة للمالك) ، لأنها تابعة لأصلها (٧) ، (وعليه أجرة)

______________________________________________________

الكراهة كما في الجواهر ، وفيه : إن قاعدة التسامح جارية في السنن والمستحبات لا في المكروهات.

هذا والكراهة مخصوصة بما إذا اشترط ذهبا أو فضة ، أما لو شرط غيرهما بالإضافة إلى الحصة فلا كراهة لعدم الدليل.

المورد الثاني : يجب الوفاء بالشرط على العامل بشرط سلامة الثمرة ، وقد مضى مثله في المزارعة ، على ما هو المشهور بين الأصحاب ، وعليه فإن تلفت الثمرة بآفة سماوية أو لم تخرج الثمرة فيسقط الشرط عن العامل ، لأنه لو لا السقوط لكان أكل المالك للمشروط أكلا للمال بالباطل ، لأن الشرط أصبح جزءا من العوض بحيث تكون الحصة مع الشرط للمالك في قبال حصة العامل ، ويمتنع أن يستحق أحد الشريكين عوضه أو بعضه دون أن يستحق الشريك الآخر شيئا من عوضه ، مع أن المفروض أن العامل لا شي‌ء له من الحصة لتلف المجموع أو عدم خروج الثمرة.

ولو تلف البعض فيحتمل أن يسقط من الشرط بنسبة التالف لأن الشرط أصبح شريكا ثالثا في البين على ما تقدم بيانه في المزارعة ، ويحتمل عدم السقوط عملا بمقتضى الشرط.

هذا واعلم أنه كما يصح الشرط من رب المال على العامل كذلك يصح العكس ، ولا كراهة في العكس لعدم الدليل عليها مع عدم دعوى الإجماع.

(١) من الذهب والفضة.

(٢) أي الشرط.

(٣) أي لزوم الشرط.

(٤) حين تلف المجموع أو عدم الخروج.

(٥) مع أنه في المزارعة قد جعل عدم السقوط احتمالا.

(٦) أي كما على العامل جميع العمل ولو تلف بعض الثمرة ، فكذلك عليه جميع ما التزمه بالشرط ولو تلف بعض الثمرة.

(٧) لأنها نماء الأصل فهي ملك لمالك الأصل ولم يحصل ما يوجب نقلها عنه لفساد العقد ،

٣٧٣

(مثل العامل) ، لأنه لم يتبرع بعمله ، ولم يحصل له العوض المشروط فيرجع إلى الأجرة.

هذا إذا لم يكن (١) عالما بالفساد (٢) ، ولم يكن الفساد بشرط عدم الحصة للعامل (٣) ، وإلا فلا شي‌ء له ، لدخوله (٤) على ذلك.

(ولو شرط عقد مساقاة في عقد مساقاة (٥) فالأقرب الصحة) ، لوجود المقتضي (٦) ، وانتفاء المانع ، أما الأول فهو اشتراط عقد سائغ في عقد سائغ لازم فيدخل (٧) في عموم «المؤمنون عند شروطهم» وأما الثاني (٨) فلأن المانع لا يتخيل

______________________________________________________

وعلى المالك أجرة المثل للعامل ، لأنه غير متبرع بعمله ولم يحصل له العوض المشروط من الحصة فيرجع إلى الأجرة بلا خلاف في ذلك.

(١) أي العامل.

(٢) وإلا فلو كان عالما بالفساد وقد أقدم فهو متبرع بالعمل فلا يستحق شيئا.

(٣) بحيث يقع العقد مع شرط جميع الثمرة للمالك ، ومع الشرط المذكور فيكون العامل قد أقدم على التبرع بعمله فلا شي‌ء له وإن كان جاهلا بفساد العقد.

(٤) أي العامل ، والمعنى لإقدامه على كون الجميع للمالك فهو متبرع بالعمل.

(٥) بأن قال المالك : ساقيتك على هذا البستان بكذا على أن أساقيك على البستان الآخر بكذا ، فعن الشيخ في المبسوط المنع محتجا بأنه كالبيعين في بيع وهو منهي عنه ، وبأنه لا لزوم لهذا الشرط ، والمراد بالشرط هو المساقاة الثانية ، لأنه بمنزلة الوعد ولا يجب الوفاء به.

وفيه : أن التنظير ليس في محله ، لأن المقام نظير ما لو باع شيئا بكذا بشرط أن يبيعه شيئا آخر بكذا ، وهذا ليس منهيّا عنه في البيع ، وإنما المنهي عنه في البيع هو بيع المتاع حالا بكذا ومؤجلا بكذا ، والبيع على تقدير بثمن ، وعلى تقدير آخر بثمن لا ربط له في المقام كما هو واضح ، وبأن هذا الشرط ـ أعني المساقاة الثانية ـ وإن كان وعدا إلا أنه شرط فيجب الوفاء به لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

(٦) أي المقتضي للصحة.

(٧) أي اشتراط عقد سائغ.

(٨) أي انتفاء المانع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٧٤

إلا كونه (١) لم يرض أن يعطيه (٢) من هذه الحصة (٣) إلا بأن يرضى منه (٤) من الآخر بالحصة الأخرى. ومثل هذا (٥) لا يصلح للمنع كغيره من الشروط السائغة الواقعة في العقود ، والقول بالمنع للشيخ رحمه‌الله استنادا إلى وجه ضعيف ، يظهر ضعفه مما ذكر في وجه الصحة.

(ولو تنازعا في خيانة العامل حلف العامل) (٦) ، لأنه أمين فيقبل قوله بيمينه في عدمها ، ولأصالة عدمها (٧).

(وليس للعامل أن يساقي غيره) (٨) ، لأن في المساقاة تسليطا على أصول (٩) الغير وعملها (١٠) ، والناس يختلفون في ذلك اختلافا كثيرا ، فليس لمن رضي المالك

______________________________________________________

(١) أي كون المالك.

(٢) أي يعطى المالك العامل.

(٣) من البستان الأول في المساقاة الأولى.

(٤) أي بأن يرضى العامل من المالك من البستان الآخر بالحصة الأخرى في المساقاة الثانية.

(٥) أي المانع المتخيل.

(٦) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأن العامل أمين ، حيث هو نائب عن المالك في حفظ مال المالك مع كون يده على المال بإذن المالك والأمين مصدّق ، فضلا عن كون المالك يدعي الخيانة والعامل ينكرها والقول قول المنكر مع يمينه لأصالة عدم الخيانة.

(٧) عدم الخيانة.

(٨) على المشهور ، لأن المساقاة عقد على الأصول المملوكة للمالك ، والعامل لا يملك سوى الحصة من الثمرة بعد الظهور ، والمالك لم يأذن ولم يسلّط إلا العامل فلا يجوز للعامل أن يسلّط غيره بعقد ثان على أصول المالك حينئذ ، ولأن عقد المساقاة هو سقي الأصول ونحوه مما هو مقصود بالذات ، فلا يجوز للعامل الذي أريد مباشرته للسقي ونحوه بحسب مقتضى العقد أن يعامل غيره عليه بغير إذن المالك لاختلاف الناس في العمل وتفاوت الأغراض فيه ، فرض المالك بعمل العامل في الأصول لا يدل على رضاه بتسليط العامل غيره على الأصول.

وعن ظاهر الإسكافي احتمالا كما في الجواهر أنه يجوز ولو بدون إذن المالك كما في الإجارة والمزارعة ، وقد قوّاه بعض المتأخرين.

(٩) هذا هو الدليل الأول.

(١٠) وهو السقي ونحوه وهو الدليل الثاني.

٣٧٥

بعلمه (١) وأمانته (٢) أن يولّي (٣) من لم يرضه المالك له (٤) ، بخلاف المزارعة (٥) ، فإن عمل الأرض غير مقصود ، وحصة المالك محفوظة على التقديرين (٦).

وأما الفرق (٧) بأن النماء تابع للأصل وهو (٨) من مالك الأصول في المساقاة ، ومن الزارع في المزارعة فلمالك الأصل (٩) تسليط من شاء دون غيره (١٠) فإنما يتم (١١) مع كون البذر من العامل. والمسألة (١٢) مفروضة في كلامهم أعم منه (١٣) ، ومع ذلك (١٤) فإن العقد اللازم يوجب الحصة المخصوصة لكل منهما ،

______________________________________________________

(١) وهو السقي وهو ناظر إلى الدليل الثاني.

(٢) عند التسليط على الأصول وهو ناظر إلى الدليل الأول.

(٣) وهو العامل.

(٤) للتسليط والعمل.

(٥) حيث تقدم جواز أن يزارع العامل غيره ، لأن العامل قد تملك منافع الأرض والثمرة في قبال حصة منها للمالك إذا كان البذر من العامل ، فالمقصود من المزارعة أن تكون للمالك الحصة في قبال منافع الأرض للعامل سواء عمل فيها بنفسه أم لا ، ولذا جاز له مزارعة الغير.

(٦) من عمل العامل بنفسه أو لا.

(٧) بين المزارعة والمساقاة.

(٨) أي الأصل.

(٩) في المزارعة وهو العامل.

(١٠) وهو العامل في المساقاة.

(١١) هذا الفارق.

(١٢) أي مسألة جواز أن يزارع العامل غيره.

(١٣) من كون البذر من العامل ، ولذا قيدنا في الشرح المسألة بهذا القيد فراجع.

(١٤) أي ومع كون مفروض مسألة مزارعة العامل للغير أعم ، فلا بد من إيجاد فارق آخر بين المزارعة والمساقاة يجوّز للعامل أن يزارع غيره وهو : أن العامل قد تملك الحصة بالعقد ، وإذا تملكها فيجوز له أن ينقلها من شاء وإن لم يكن البذر منه ، ولا ينافيه عدم وجود الحصة وقت المزارعة الثانية فتكون باطلة ، لأن المعاملة حينئذ ليست على نفس الحصة ليعتبر وجودها ، بل على العمل والعوامل والبذر في قبال تملكه لشي‌ء من الحصة المترقب ظهورها ، فيجوز له أن ينقل هذا التسلط للغير في قبال العمل والعوامل والبذر من ذلك الغير.

وفيه : إن هذا جار في المساقاة أيضا فهو ليس بفارق.

٣٧٦

فله نقلها إلى من شاء ، وإن لم يكن البذر.

وكونها غير موجودة حين المزارعة الثانية غير مانع ، لأن المعاملة ليست على نفس الحصة ، بل على الأرض ، والعمل ، والعوامل ، والبذر بالحصة ، فمن استحق بالعقد اللازم شيئا تسلط على نقله مع انتفاء المانع.

(والخراج على المالك) (١) ، لأنه (٢) موضوع على الأرض والشجر (٣) فيكون على مالكهما ، (إلا مع الشرط) (٤) بأن يكون على العامل ، أو بعضه فيصح مع ضبط المشروط (٥) ، (وتملك الفائدة بظهور الثمرة) (٦) عملا بالشرط ، فإن العقد اقتضى أن يكون بينهما فمتى تحققت (٧) ملكت كذلك (٨).

(وتجب الزكاة على من بلغ نصيبه النصاب) (٩) من المالك والعامل ، لوجود

______________________________________________________

(١) الخراج ما يأخذه السلطان عن الأراضي المفتوحة عنوة ، وهي تملك تبعا لتملك الآثار فيها ، والآثار كالشجر ، فالخراج على مالك الشجر وليس على العامل ، لأنه يستحق الحصة بسبب عمله لا بسبب شجره.

(٢) أي الخراج.

(٣) فقد يوضع الخراج على الأرض وقد يوضع على الشجر المغروس فيها.

(٤) فيصح لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

(٥) فإن كان المشروط جميع الخراج فلا بد من العلم بمقداره بحسب العادة ، وإن كان بعضه فلا بد من العلم بمقدار البعض كمائة من ألف ، أو كنصف الخراج بعد العلم بمقداره عادة ، وقد مضى مثله في المزارعة.

(٦) المراد بالفائدة نماء الأصول الذي هو الثمرة ، وعليه فتملك بالظهور بين العامل والمالك على النسبة المشترطة بلا خلاف فيه منا ، وخالف بعض الشافعية وقالوا : إن العامل لا يملك حصته إلا بعد القسمة ، وردّ : بأن الشرط تمليك الحصة من الثمرة ، والثمرة صادقة حين ظهورها فيجب أن يتحقق الملك حينئذ.

(٧) أي الثمرة.

(٨) أي بينهما.

(٩) لتحقق شرط وجوب الزكاة ، فالزكاة تجب على الزرع والثمرة حين بدو صلاحهما ، وكل من المالك والعامل قد ملك الثمرة من حين صدق الاسم قبل بدو الصلاح فتجب الزكاة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

٣٧٧

شرط الوجوب وهو تعلق الوجوب بها (١) على ملكه (ولو كانت المساقاة بعد تعلق (٢) الزكاة وجوزناها (٣) بأن بقي من العمل ما فيه مستزاد الثمرة حيث جوزناها مع ذلك (٤) (فالزكاة على المالك) ، لتعلق الوجوب بها على ملكه (٥).

(وأثبت السيد) أبو المكارم حمزة (بن زهرة الزكاة على المالك في المزارعة (٦) والمساقاة ، دون العامل) مطلقا (٧) ، محتجا بأن حصته (٨) كالأجرة. وهو ضعيف ، لأن الأجرة إذا كانت ثمرة (٩) ، أو زرعا (١٠) قبل تعلق الوجوب (١١) وجبت الزكاة

______________________________________________________

حينئذ على من بلغ نصيبه النصاب.

وخالف ابن زهرة في الغنية فأوجب الزكاة على من كان البذر منه وهو المالك هنا محتجا بأن الحصة للآخر كالأجرة ، وقال الشارح في المسالك : (وضعفه ظاهر ، لأن الحصة قد ملكت هنا بعقد المعاوضة في وقت يصلح لتعلق الزكاة بها لا بطريق الأجرة ، ثم لو سلم كونها بالأجرة فمطلق الأجرة لا يمنع من وجوب الزكاة ، بل إذا تعلق الملك بها بعد الوجوب ـ بحيث تعلق ملكها بالأجرة بعد بدو صلاحها ـ إذ لو استأجره بزرع قبل بدو صلاحها ، أو آجر المالك الزرع كذلك لوجبت الزكاة على مالك الأجرة كما لو اشترى الزرع كذلك ـ أي قبل بدو صلاحها ـ ، نعم لو كان يذهب إلى أن الحصة لا يملكها من لا بذر له بالظهور ، بل بعد بدو صلاح الثمرة ونحوه أمكن ترتب الحكم ، لكنه خلاف إجماع الأصحاب ، ومع ذلك لا يتم تعليله بالأجرة ، بل بتأخر ملكه عن الوجوب) انتهى.

(١) أي لتعلق وجوب الزكاة بالثمرة وهي على ملك مالكها فتجب عليه الزكاة.

(٢) أي بعد بدو الصلاح.

(٣) أي المساقاة ، لأنه يبقى للعامل عمل تستزاد به الثمرة.

(٤) مع بقاء عمل للعامل يزيد في الثمرة.

(٥) حين بدو صلاحها كانت الثمرة على ملك المالك.

(٦) إن كان البذر من صاحب الأرض.

(٧) سواء تملك العامل حصته قبل بدو الصلاح أو بعده.

(٨) أي العامل.

(٩) كما في المساقاة.

(١٠) كما في المزارعة.

(١١) وهو قبل بدو الصلاح ، فتجب الزكاة على الأجير كما لو اشتراها.

٣٧٨

على الأجير ، كما لو ملكها كذلك (١) بأي وجه كان ، وان أراد كالأجرة بعد ذلك (٢) فليس محل النزاع ، إلا أن يذهب إلى أن الحصة لا يملكها العامل بالظهور ، بل بعد بدو الصلاح ، وتعلق (٣) الزكاة لكنه (٤) خلاف الإجماع ، ومعه (٥) لا يتم التعليل (٦) بالأجرة بل بتأخر ملكه (٧) عن الوجوب (٨).

(والمغارسة باطلة) (٩) وهي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرسها على أن الغرس

______________________________________________________

(١) قبل تعلق الوجوب.

(٢) أي بعد تعلق الوجوب ، فليس هو محل النزاع ، لأن محله فيما إذا تملكها حين الظهور وقبل بدو الصلاح.

(٣) عطف على (بدو الصلاح).

(٤) عدم تملك العامل حصته عند الظهور.

(٥) أي ومع تملك العامل حصته بعد بدو الصلاح وبعد تعلق الزكاة.

(٦) بنفي الزكاة عن العامل.

(٧) ملك العامل للثمرة

(٨) أي وجوب الزكاة.

(٩) المغارسة معاملة خاصة على الأرض بأن يدفع مالكها الأرض إلى رجل ليغرسها على أن يكون الغرس بينهما ، وهي باطلة ـ كما في المسالك وغيره ـ عندنا وعند أكثر العامة ، لأن عقود المعاوضات موقوفة على إذن الشارع ، وهو منفي هنا.

وفيه : إن الشارع ممضي في المعاملات فلذا ذهب جماعة من المتأخرين إلى الصحة بعد صدق عنوان العقد عليها فتندرج تحت عموم قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).

نعم على القول بالبطلان فلا فرق بين كون الغرس من المالك أو العامل أو منهما ، وعلى البطلان فالغرس لصاحبه فإن كان من صاحب الأرض ، فعليه أجرة مثل عمل العامل ، لأن العامل لم يعمل متبرعا بل بالحصة ولم تسلم له ، وإن كان الغرس من العامل فعليه أجرة مثل الأرض عن مدة شغله لها ، ولصاحب الأرض قلعه ، لأنه غير مستحق للبقاء فيها ، ولو قلعه المالك حال كون الغرس للعامل فيضمن أرشه ، لأنه غرس بإذن المالك وليس هو عرق ظالم حتى لا يكون له حق ، وقد تقدم أن الأرش هو التفاوت في القيمة بين كونه قائما ومقلوعا.

__________________

(١) سورة المائدة الآية : ١

٣٧٩

بينهما ، (ولصاحب الأرض قلعه (١) ، وله الأجرة) عن الأرض ، (لطول بقائه) (٢) فيها ، (ولو نقص (٣) بالقلع ضمن (٤) أرشه) وهو تفاوت ما بين قيمته مقلوعا ، وباقيا في الأرض بالأجرة ، ولو كان الغرس من مالك الأرض ، وقد شرط على العامل غرسه وعمله بالحصة فهو لمالكه (٥) ، وعليه (٦) أجرة الغارس ، وما عمل فيه (٧) من الأعمال.

(و) على تقدير كونه من العامل (لو طلب كل منهما ما لصاحبه) فطلب الغارس الأرض بالأجرة على أن يبقى الغرس فيها ، أو أن تكون ملكه (بعوض) ، أو طلب صاحب الأرض الغرس بقيمته (لم يجب على الآخر إجابته) ، لأن كلا منهما مسلط على ماله (٨).

وحيث يقلعه الغارس (٩) يجب عليه طمّ الحفر ، وأرش الأرض لو نقصت به (١٠) ، وقلع العروق المتخلفة عن المقلوع في الأرض. ولم يفرق المصنف كالأكثر في إطلاق كلامه بين العالم بالفساد والجاهل (١١) ، في استحقاق

______________________________________________________

ولو قلعه العامل حال كون الغرس له فإن أضرّ بالأرض فيجب عليه طم الحفر التي حدثت ، وأرش الأرض لو نقصت أو تعيبت بالقلع ، وقلع العروق المتبقية وهكذا.

(١) إذا كان الغرس للعامل.

(٢) بقاء الغرس.

(٣) أي الغرس.

(٤) أي المالك.

(٥) أعني صاحب الأرض.

(٦) على المالك.

(٧) وما عمل العامل في الغرس.

(٨) فلا يجبر على بيعه ولا على نقله بلا خلاف فيه.

(٩) وكان الغرس منه.

(١٠) بالقلع.

(١١) قال في المسالك : (ولم يفرّق الأصحاب في إطلاق كلامهم بين العالم بالبطلان والجاهل ، بل تعليلهم مؤذن بالتعميم ، ولا يبعد الفرق بينهما ، وأن لا أرش لصاحب الأرض مع علمه ، ولا أرش لصاحب الغرس مع علمه ، أما الأول فللإذن في التصرف فيها بالحصة مع علمه بعدم استحقاقه ، وأما الثاني فلظلمه بالغرس مع علمه بعدم استحقاقه) انتهى.

٣٨٠