الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

(وفي كراهة طلب المشتري من بعض الطالبين الترك له نظر) من عدم (١) صدق الدخول في السوم من حيث الطلب منه ، ومن مساواته (٢) له في المعنى حيث أراد أن يحرمه مطلوبه ، والظاهر القطع بعدم التحريم على القول به في السّوم ، وإنما الشك في الكراهة ، (ولا كراهية في ترك الملتمس منه) ، لأنه (٣) قضاء حاجة لأخيه ، وربما استحبت إجابته لو كان مؤمنا ، ويحتمل الكراهة لو قلنا بكراهة طلبه ، لإعانته له على فعل المكروه ، وهذه الفروع من خواص الكتاب.

التاسع عشر ـ (ترك توكل حاضر لباد (٤) وهو الغريب الجالب للبلد وإن كان قرويا ، قال النبي (ص) : «لا يتوكل حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ، وحمل بعضهم النهي على التحريم وهو حسن لو صح الحديث ، وإلا فالكراهة أوجه ، للتسامح في دليلها ، وشرطه (٥) ابتداء الحضري به (٦) ، فلو التمسه منه الغريب فلا بأس به ، وجهل (٧) الغريب بسعر البلد ، فلو علم به لم يكره ، بل كانت مساعدته محض الخير ، ولو باع مع النهي انعقد وإن

______________________________________________________

(١) وجه عدم الكراهة.

(٢) أي مساواة الطلب للدخول في سوم الغير ، وهو وجه الكراهة.

(٣) أي الترك.

(٤) المراد بالبادي الغريب الجالب للبلد ، والمعنى أن يحمل الغريب متاعا إلى بلد فيأتيه البلدي ويقول : أنا أبيعه لك بأعلى مما تبيعه به ، قبل أن يعرف السعر لخبر عروة بن عبد الله عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث : لا يبيع حاضر لباد ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض) (١) وخبر جابر (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يبيع حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) (٢).

وظاهر النهي التحريم ولذا ذهب الشيخ وابنا إدريس والبراج والعلامة في المنتهى إلى الحرمة ، والمشهور على الكراهة لقصور الخبرين مسندا.

(٥) أي وشرط الحكم بالكراهة.

(٦) بأن يعرض البلدي التوكل على الغريب ، فلو التمس الغريب ذلك لم يكن به بأس.

(٧) عطف على (ابتداء الحضري).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٣.

٤٢١

قيل بتحريمه (١) ، ولا بأس بشراء البلدي له (٢) ، للأصل.

العشرون ـ (ترك التلقي للركبان) (٣) وهو الخروج إلى الركب القاصد إلى بلد للبيع عليهم ، أو الشراء منهم ، (وحدّه أربعة فراسخ) فما دون ، فلا يكره ما زاد ، لأنه سفر للتجارة ، وإنما يكره (إذا قصد الخروج لأجله) (٤) ، فلو اتفق مصادفة الركب في خروجه لغرض لم يكن به بأس (٥) ، (ومع جهل البائع ، أو المشتري القادم بالسعر) في البلد ، فلو علم به لم يكره ، كما يشعر به تعليله (ص) في قوله :

______________________________________________________

(١) وقلنا أن النهي يقتضي الفساد ، وذلك لأن النهي قد تعلق بخارج المعاملة.

(٢) للمتاع الذي جلبه الغريب.

(٣) وهو الخروج لتلقى القاصدين إلى بلد بتجارة فيشتري منهم ليبيعه في البلد ، ويدل عليه أخبار.

منها : خبر عروة بن عبد الله عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يتلقى أحدكم تجارة خارجا من المصر) (١) وخبر منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تلق ولا تشتر ما تلقى ولا تأكل منه) (٢) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام (عن تلقي الغنم ، فقال : لا تلق ولا تشتر ما تلقّى ، ولا تأكل من لحم ما تلقّى) (٣).

وظاهر الأخبار النهي عن تلقي الركبان للشراء منهم ، فتعميم الحكم كما عن الشارح للبيع عليهم لا وجه له ، ثم إن ظاهر النهي الحرمة ولذا ذهب إليها ابنا إدريس والبراج ونسب إلى الشيخ في الخلاف والمبسوط حيث عبّر بلفظ (لا يجوز) ، والمشهور على الكراهة لقصور الأخبار سندا.

ثم إن حد التلقي المكروه ما دون الأربعة فراسخ ، فلو زاد عن أربعة فراسخ فلا نهي لخبر منهال القصاب (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تلق ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن التلقّي ، قال : وما حدّ التلقي؟ قال : ما دون غدوة أو روحة ، قلت : وكم الغدوة والروحة؟ قال : أربعة فراسخ) (٤) وقال ابن أبي عمير الذي روى هذا الخبر عن عبد الرحمن بن الحجاج : وما فوق ذلك فليس بتلق ، ومرسل الصدوق (روي أن حد التلقي روحة ، فإذا صار إلى أربع فراسخ فهو جلب) (٥).

(٤) لأجل التلقي.

(٥) لانصراف الأخبار المتقدمة عنه.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٥ و ٢ و ٣ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٦.

٤٢٢

«لا يتلق أحدكم تجارة ، خارجا من المصر ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض» ، والاعتبار بعلم من يعامله خاصة (١).

(و) كذا ينبغي (ترك شراء ما يتلقى) ممن اشتراه من الركب بالشرائط (٢) ومن ترتبت يده على يده وإن ترامى ، لقول الصادق (ع) : «لا تلق ولا تشتر ما يتلقى ولا تأكل منه» ، وذهب جماعة إلى التحريم ، لظاهر النهي في هذه الأخبار. وعلى القولين يصح البيع (٣) ، (ولا خيار للبائع والمشتري إلا مع الغبن) (٤) فيتخير المغبون على الفور في الأقوى (٥) ، ولا كراهة في الشراء منه بعد وصوله إلى حدود البلد بحيث لا يصدق التلقي ، وإن كان جاهلا بسعره (٦) للأصل ، ولا في بيع نحو المأكول والعلف عليهم وإن تلقى (٧).

الحادي والعشرون ـ (ترك الحكرة) (٨) بالضم وهو جمع الطعام وحبسه يتربص

______________________________________________________

(١) أي إن الاعتبار على الجهل بسعر البلد لمن يعامله خاصة ، وإن علم بقية الركب بالسعر.

(٢) الموجبة للنهي عنه.

(٣) لتعلق النهي بخارج المعاملة.

(٤) كما هو المشهور ، وعن ابن إدريس ثبوت الخيار لصاحب السلعة مطلقا للنبوي (لا تلقوا الجلب ، فمن تلقاه واشترى منه ، فإذا أتى السوق فهو بالخيار) (١) ، والنبوي الآخر (أنه نهى عن تلقي الركبان ، وقال : من تلقاها فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق) (٢) وفي ثالث (فإن تلقي متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق) (٣) ، وهي قاصرة السند عن تخصيص قاعدة اللزوم في المعاوضات فضلا عن أن ثبوت الخيار حين دخول السوق إشعار بأن الخيار عند تحقق الغبن وإلا لبثت له الخيار من حين البيع.

(٥) وقيل : إنه على التراضي وسيأتي الكلام فيه في باب الخيارات.

(٦) بسعر البلد.

(٧) قد عرفت اختصاص النهي بالشراء منهم لا بالبيع عليهم.

(٨) وهو حبس الطعام والتربص به انتظارا لغلو السعر مع حاجة الناس ، وقد ورد النهي عنه بالأخبار.

منها : صحيح إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام (لا يحتكر الطعام ـ

__________________

(١) كنز العمال ج ٢ ص ٣٠٦ حديث ٤٣٠٦.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٣ و ٤.

٤٢٣

به الغلاء ، والأقوى تحريمه مع حاجة الناس إليه ، لصحة الخبر (١) بالنهي عنه عن النبي (ص) : «وأنه لا يحتكر الطعام إلا خاطئ وأنه ملعون» (٢).

وإنما تثبت الحكرة (في) سبعة أشياء (٣) (الحنطة والشعير والتمر والزبيب)

______________________________________________________

ـ إلا خاطئ) (١) ، وقد أرسله الصدوق عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ٢ د وصحيح أبي الفضل سالم الحناط (قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ما عملك؟ قلت : حنّاط وربما قدمت على نفاق ، وربما قدمت على كساد فحبست ، قال : فما يقول من قبلك فيه؟ قلت : يقولون : محتكر ، فقال : يبيعه أحد غيرك؟ قلت : ما أبيع أنا من ألف جزء جزءا قال : لا بأس ، إنما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام ، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله ، فمرّ عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا حكيم بني حزام ، إياك أن تحتكر) (٢) ، وما ورد في النهج عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتابه إلى مالك الأشتر : (فامنع من الاحتكار ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منع منه ، وليكن البيع بيعا سمحا بجوازين عدل واسعا لا يحجف بالفريقين من البائع والمبتاع ، فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل وعاقب من غير إسراف : (٣) والعقاب دليل على على الحرمة فضلا عن ظهور النهي فيها ، ولذا ذهب المشهور إلى الحرمة ، وعن الشيخ في المبسوط والمفيد في المقنعة والمحقق في الشرائع والعلامة في المختلف وجماعة الكراهة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به هل يصلح ذلك؟ فقال : إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به ، وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام وتبرك الناس ليس لهم طعام) (٤) ، وفيه : إن الكراهة في لسانهم عليهم‌السلام أعم من الحرمة وغيرها.

ومقتضى الأخبار المتقدمة وغيرها حرمة احتكار الطعام مع عدم وجود باذل له مع حاجة الناس إليه.

(١) وهو خبر إسماعيل بن أبي زياد.

(٢) وهذا خبر ثان ، وهو خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الجالب مرزوق والمحتكر ملعون) (٥).

(٣) المشهور على أن الحكرة تثبت في خمسة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن لخبر أبي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١٢ و ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٣.

٤٢٤

(والسمن والزيت والملح) ، وإنما يكره إذا وجد باذل غيره يكتفي به الناس ، (ولو لم يوجد غيره وجب البيع) مع الحاجة (١) ، ولا يتقيد بثلاثة أيام في الغلاء ، وأربعين

______________________________________________________

ـ البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام (إن عليا عليه‌السلام كان ينهي عن الحكرة في الأمصار فقال : ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن) (١) ، وخبر غيّاث بن إبراهيم برواية الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن) (٢) ، نعم برواية الصدوق قال (والزبيب والسمن والزيت) بزيادة الزيت ، ولذا زاده الصدوق في المقنع والعلامة في التحرير فضلا عن خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الحكرة في ستة أشياء في الحنطة والشعير والتمر والزيت والسمن والزبيب) (٣) وعن المبسوط والوسيلة والتذكرة ونهاية الأحكام والدروس والمسالك وزيادة الملح ولعله لشدة الحاجة ـ كما في الجواهر ـ إلا لم نجده في شي‌ء من النصوص الواردة إلينا.

هذا والأقوى جعل مورد الاحتكار هو الطعام كما هو مقتضى الأخبار السابقة وفيها الصحيح وغيره ، لا خصوص هذه المذكورات لأن هذه الأخبار الحاصرة بالأمور الخمسة أو الستة محمولة على حصر الطعام فيها في زمن المعصوم عليه‌السلام أو بلده.

(١) حد الحكرة هو الحبس مع حاجة الناس للتعليل في صحيح الحلبي المتقدم (ويترك الناس ليس لهم طعام) ، وعن الشيخ وجماعة حد الحكرة ثلاثة أيام في الشدة والغلاء وأربعين يوما في الرخاء والرخصة لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الحكرة في الخصب أربعون يوما ، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام ، فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون) (٤) ، وخبر أبي مريم عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما رجل اشترى طعاما فكسبه أربعين صباحا يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع) (٥) وهي محمولة على عدم تحقق الحاجة إلا بهذين الحدين كما هو الغالب.

وإذا حرم الاحتكار عند حاجة المسلمين فيجب عليه البيع ولو امتنع فيجبر على البيع من قبل الحاكم بلا خلاف فيه بين الأصحاب ولكن لا يسعّر له كما هو المشهور لخبر ابن حمزة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بالمحتكرين ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٧٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٤ و ١٠.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٦.

٤٢٥

في الرخص ، وما روي من التحديد بذلك محمول على حصول الحاجة في ذلك الوقت ، لأنه مظنّها (ويسعّر) عليه حيث يجب عليه البيع (إن أجحف) في الثمن لما فيه من الإضرار المنفي ، (وإلا فلا) ، ولا يجوز التسعير في الرخص مع عدم الحاجة قطعا ، والأقوى أنه مع الإجحاف حيث يؤمر به (١) لا يسعّر عليه أيضا ، بل يؤمر بالنزول عن المجحف (٢) ، وإن كان في معنى التسعير ، إلا أنه لا يحصر في قدر خاص (٣).

______________________________________________________

ـ فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر الأبصار إليها ، فقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو قوّمت عليهم فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى عرف الغضب في وجهه فقال : أنا أقوّم عليهم ، إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء) (١) ، ومرسل الصدوق (قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو سعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما كنت لألقى الله ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا ، فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض ، وإذا استنصحتم فانصحوا) (٢) ، وقيل يسعّر عليه كما عن المفيد وهو واضح الضعف ، نعم إذا سعر سعرا فيه إجحاف بالعامة فلا يبعد رده وإجباره على الأقل منه من دون تحديد كما عن ابن حمزة والفاضل في المختلف والشارح وجماعة لنفي الضرر ، ولأنه لو لا ذلك لانتفت فائدة الإجبار ، وعن جماعة عدم جواز رده بل يترك له الخيار مطلقا لخبر عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في (تجار قدموا أرضا فاشتركوا في البيع على أن لا يبيعوا بيعهم إلا بما أحبّوا ، قال : لا بأس بذلك) (٣) ، وخبر حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (نفد الطعام على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتاه المسلمون فقالوا : يا رسول الله قد نفد الطعام ، ولم يبق منه شي‌ء إلا عند فلان ، فمره ببيعه ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا فلان ، إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شي‌ء عندك ، فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه) (٤) ، والثاني محمول على عدم الإجحاف جمعا بينه وبين قاعدة نفي الضرر ، والأول محمول على عدم وجود الحكرة فيما أرادوا بيعه.

(١) بالبيع.

(٢) أي السعر المجحف.

(٣) بل يؤمر بالأقل منه ، وبهذا يجمع بين الأخبار الناهية عن التسعير وبين دليل نفي الضرر.

__________________

(١) (١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤٢٦

الثاني والعشرون ـ (ترك الربا في المعدود على الأقوى) (١) ، للأخبار الصحيحة الدالة على اختصاصه بالمكيل والموزون ، وقيل : يحرم فيه أيضا ، استنادا إلى رواية ظاهرة في الكراهة ، (وكذا في النسيئة) في الربوي ، (مع اختلاف الجنس) كالتمر بالزبيب (٢) ، وإنما كره فيه ، للأخبار الدالة على النهي عنه ، إلا أنها في الكراهة أظهر ، لقوله (ص) : «إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم» ، وقيل : بتحريمه ، لظاهر النهي السابق.

______________________________________________________

(١) ذهب المشهور إلى حصر الربا المعاوضي في المكيل والموزون مع اتحاد الجنس للأخبار الكثيرة.

منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن) (١) ، وصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن) (٢) ، وصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٣) ، وعن المفيد وسلّار وأبي علي من أن أن المعدود كالموزون والمكيل لصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثوبين الرديين بالثوب المرتفع ، والبعير بالبعيرين والدابة بالدابتين ، فقال : كره ذلك عليّ عليه‌السلام فنحن نكرهه إلا أن يختلف الصنفان) (٤) ، وفيه : لا تصلح لمقاومة ما تقدم من الحصر في المكيل وزنا على أنها لا تأبى عن الحمل على الكراهة.

(٢) والمعنى بيع المكيل أو الموزون بالآخر مع اختلاف المتجانسين نسيئة فعن القديمين والمفيد وسلّار وابن البراج والشيخ في أحد قوليه المنع لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نظرة فلا يصلح) (٤) ، ومثله خبر زياد بن أبي غياث عنه عليه‌السلام إلا أنه في آخره (فأما نسيئة فلا يصلح) (٥) ، وعن المشهور الحمل على الكراهة جمعا بينها وبين إطلاق أخبار.

منها : النبوي (إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الربا حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الربا حديث ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الربا حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الربا حديث ١٤.

(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الربا حديث ٤.

٤٢٧

الثالث والعشرون ـ (ترك نسبة الربح والوضيعة (١) إلى رأس المال (٢) بأن يقول : بعتك بمائة وربح المائة عشرة ، أو وضيعتها (٣) ، للنهي عنه ، ولأنه بصورة الربا ، وقيل : يحرم عملا بظاهر النهي ، وترك نسبته (٤) كذلك (٥) أن يقول : بعتك بكذا وربح كذا ، أو وضيعته.

الرابع والعشرون ـ (ترك بيع ما لا يقبض مما يكال ، أو يوزن (٦) ، للنهي عنه

______________________________________________________

(١) أي النقصان.

(٢) بأن ينسب الربح إلى أصل المال فيقول : بعتك المتاع بمائة ، وربح المائة عشرة ، أو ربح كل عشرة درهم ، أو يقول : بعتك المتاع المائة ووضيعة المائة عشرة في المواضعة ، وقد ذهب الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة وسلار في المراسم والقاضي إلى عدم الجواز لخبر جراح المدائنيّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام (إني أكره البيع بده يازده ودوازده ، ولكن أبيعه بكذا وكذا) (١) ، وخبر حنان بن سدير (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له جعفر بن حنان : ما تقول في العينة في رجل يبايع رجلا فيقول : أبايعك بده دوازده ، وبده يازده ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هذا فاسد ولكن يقول : اربح عليك في جميع الدراهم كذا وكذا ، ويساومه على هذا فليس به بأس) (٢) ومثلها غيرها.

للأخبار.

ولكن المشهور حملوها على الكراهة جمعا بينها وبين صحيح العلاء (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يبيع البيع فيقول : أبيعك بده دوازده ، أو ده يازده ، فقال : لا بأس إنما هذه المراوضة ، فإذا جمع البيع جعله جملة واحدة) (٣) وذيله صريح في أن يكون البيع من دون النسبة بأن يقول : بعتك هذا المتاع بأحد عشر وهو عليّ بعشرة فهو من أدلة المنع لا الجواز ، نعم استدل للمشهور بإطلاق خبر علي بن سعيد (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل يبتاع ثوبا فيطلب مني مرابحة ، ترى ببيع المرابحة بأسا إذا صدق في المرابحة وسمّى ربحا دانقين أو نصف درهم؟ فقال : لا بأس) (٤).

(٣) أي وضيعة المائة عشرة.

(٤) نسبة الربح.

(٥) إلى رأس المال.

(٦) ذهب العماني إلى عدم جواز بيع المكيل والموزون قبل قبضه وتبعه عليه الشارح في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ٢ و ٣ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ١.

٤٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المسالك والروضة والمحدث البحراني للأخبار.

منها : صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن تولّيه ، فإذا لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه) المروي في الفقيه (١) والتهذيب (٢) ، وخبر علي بن جعفر المروي في قرب الإسناد عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل اشترى بيعا كيلا أو موزونا هل يصلح بيعه مرابحة؟ قال : لا بأس ، فإن سمّى كيلا أو وزنا فلا يصلح بيعه حتى تكيله أو تزنه) (٣) ، وصحيح معاوية بن وهب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه ، فقال : ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن تولّيه الذي قام عليه) (٤).

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف وابن زهرة في الغنية والعلامة في التذكرة والإرشاد بل والصدوق والقاضي إلى أن ذلك إذا كان المبيع طعاما لجملة من الأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكال ، قال : لا يصلح له ذلك) (٥) ، وخبر علي بن جعفر (سأل أخاه موسى بن جعفر عليه‌السلام عن الرجل يشتري الطعام أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ فقال : إذا ربح لم يصلح حتى يقبض ، وإن كان يولّيه فلا بأس ، وسألته عن الرجل يشتري الطعام أيحلّ له أن يولّي منه قبل أن يقبضه؟ قال : إذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس ، فإن ربح فلا بيع حتى يقبضه) (٦) ومثلها غيرها.

وذهب المشهور إلى الكراهة جمعا بين ما تقدم وبين أخبار.

منها : خبر جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يشتري الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه ، قال : لا بأس) (٧) وخبر ابن حجاج الكرخي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اشتري الطعام إلى أجل مسمى فيطلبه التجار منّي بعد ما اشتريته قبل أن أقبضه ، قال : لا بأس أن تبيع إلى أجل اشتريت ، وليس لك أن تدفع قبل أن تقبض) (٨) ويشهد للكراهة خبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى طعاما ثم باعه قبل أن يكيله ، قال : لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه إلا أن يولّيه كما اشتراه إذا لم يربح فيه أو يضع) (٩). ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ١ و ١٣ و ٢٢.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ١١ و ٥ و ٩ و ٦ و ١٩.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام العقود حديث ١٦.

٤٢٩

في أخبار صحيحة حملت على الكراهة ، جمعا بينها ، وبين ما دل على الجواز والأقوى التحريم ، وفاقا للشيخ رحمه‌الله في المبسوط مدعيا الإجماع ، والعلامة رحمه‌الله في التذكرة والإرشاد ، لضعف روايات الجواز المقتضية لحمل النهي في الأخبار الصحيحة على غير ظاهره (١).

(الفصل الثالث : في بيع الحيوان)

وهو قسمان أناسيّ وغيره ، ولما كان البحث عن البيع موقوفا على الملك ، وكان تملك الأول موقوفا على شرائط نبّه عليها أولا ، ثم عقبه بأحكام البيع.

والثاني وإن كان كذلك إلا أن لذكر ما يقبل الملك منه محلا آخر (٢) بحسب ما اصطلحوا عليه ، فقال : (والأناسي تملك بالسبي مع الكفر الأصلي) (٣) ، وكونهم غير ذمة ، واحترز

______________________________________________________

ـ والشارح لم يعمل بأخبار الجواز لضعفها ففي الأول علي بن حديد وهو ضعيف ، وابن حجاج الكرخي في الثاني مجهول ولذا قال (لأن أخبار المنع صحيحة متظافرة ، وخبرا التسويغ في طريق أولهما علي بن حديد وهو ضعيف والآخر مجهول فالقول بالمنع أوضح ، وهو خيرة العلامة في التذكرة والإرشاد والشيخ في المبسوط ، بل ادعى عليه الإجماع وجماعة من الأصحاب).

وفيه : إن أخبار الجواز منجبرة بعمل المشهور مع اعتضادها بخبر أبي بصير المتقدم وغيره.

(١) ظاهرة الحرمة ، ويحمل على الكراهة جمعا بينه وبين أخبار الجواز.

(٢) وهو كتاب الصيد والذباحة.

(٣) الكفر الأصلي سبب لجواز استرقاق الكافر المسمى بالمحارب لأنه خارج عن طاعة الله ورسوله بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح رفاعة النخاس (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام إن الروم يغزون على الصقالبة والروم ، فيسرقون أولادهم من الجواري والغلمان ، فيعمدون إلى الغلمان فيخصونهم ، ثم يبعثون بهم إلى بغداد إلى التجار ، فما ترى في شرائهم ، ونحن نعلم أنهم قد سرقوا ، وإنما أغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال : لا بأس بشرائهم إنما أخرجوهم من الشرك إلى دار الإسلام) (١) وخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام (في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

٤٣٠

بالأصلي عن الارتداد ، فلا يجوز السبي وإن كان المرتد بحكم الكافر في جملة من الأحكام ، (و) حيث يملكون بالسبي (يسري الرق في أعقابهم) (١) وإن أسلموا (بعد) الأسر ، (ما لم يعرض لهم سبب محرّر) من عتق ، أو كتابة ، أو تنكيل ، أو رحم على وجه (٢).

(والملقوط في دار الحرب رقّ إذا لم يكن فيها مسلم) صالح لتولده منه (٣) ،

______________________________________________________

ـ شراء الروميات فقال : اشترهن وبعهن) (١) ، وخبر زكريا بن آدم (سألت الرضا عليه‌السلام عن قوم من العدو ـ إلى أن قال ـ وسألته عن سبي الديلم يسرق بعضهم من بعض ويغير المسلمون عليهم بلا إمام أيحلّ شراؤهم؟ قال : إذا أقروا لهم بالعبودية فلا بأس بشرائهم) (٢) ، وخبر عبد الله اللحام (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتخذها ، قال : لا بأس) (٣).

ومقتضى الأخبار جواز الاسترقاق بغير الحرب من سرقة أو شراء ، وجواز الاسترقاق سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام ، وسواء كان المسترق مسلما أو كافرا نعم بشرط أن لا يكون الكافر معتصما بذمة أو عهد ويشهد له خبر زكريا بن آدم (سألت الرضا عليه‌السلام عن قوم من العدو إلى أن قال ـ وسألته عن أهل الذمة أصابهم جوع فأتاه رجل بولد ، فقال : هذا لك أطعمه وهو لك عبد ، فقال : لا تبتع حرا فإنه لا يصلح لك ولا من أهل الذمة) (٤).

وقيدنا الكفر الأصلي لإخراج المرتد ، لانصراف النصوص السابقة عنه ، ولإخراج المنتحل للإسلام المتحض به عن الاسترقاق للانصراف أيضا.

(١) لأنهم نماء الملك الذي قد فرض حصوله ما لم يحصل سبب محرّر من عتق أو كتابة أو تنكيل أو غيره على ما سيأتي بيانه في كتاب العتق.

(٢) فإن القرابة لا تفيد العتق على جميع الوجوه ، بل تختص في عدم ملك الولد للعمودين من الأبوين وإن علوا ، ومن الأولاد وإن نزلوا.

(٣) بلا خلاف فيه ، إلحاقا له بأصل الدار الذي وجد فيه ، كما أنه لا يملك إذا كان فيها مسلم يمكن تولده منه بلا خلاف فيه لأصالة الحرية.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

٤٣١

بخلاف) لقيط (دار الإسلام) (١) فإنه حر ظاهرا ، (إلا أن يبلغ) ويرشد على الأقوى ، (ويقرّ على نفسه بالرق) ، فيقبل منه على أصح القولين (٢) ، لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز. وقيل : لا يقبل ، لسبق الحكم بحريته شرعا فلا يتعقبها الرق بذلك. وكذا القول في لقيط دار الحرب إذا كان فيها مسلم. وكل مقر بالرقّية بعد بلوغه ورشده (٣) وجهالة نسبه مسلما كان ، أم كافرا ، لمسلم أقر ، أم

______________________________________________________

(١) لا يملك لقيط دار الإسلام بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر زرارة عن أبي عبد الله (اللقيط لا يشترى ولا يباع) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن اللقيط ، فقال : حر لا يباع ولا يوهب) (٢).

(٢) من حكم بحريته ظاهرا لكونه ملقوطا في دار الإسلام ثم أقر بالرق بعد بلوغه ففي قبول إقراره قولان : العدم لسبق الحكم بحريته شرعا فلا يتعقبها الرق كما عن ابن إدريس ناسبا له إلى محصلي الأصحاب والآخر حد القبول لعموم النبوي (إقرار العقلاء أنفسهم جائز) (٣).

وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : الناس كلهم أحرار إلا من أقرّ على نفسه بالعبودية وهو مدرك من عبد أو أمة ، ومن شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا) (٤).

وقال الشارح في المسالك : (ولا يخفي أن ذلك في غير معروف النسب وإلا لم يقبل قطعا ، وكذا القول في كل من أقرّ على نفسه بالرقية مع بلوغه وجهل نسبه ، سواء كان مسلما أم كافرا ، وسواء كان المقر له مسلما أم كافرا وإن بيع عليه قهرا.

(٣) قال الشارح في المسالك : (وهل يعتبر مع ذلك رشده ، يظهر من المصنف ـ أي المحقق في الشرائع ـ عدمه ، لعدم اشتراطه ، واختلف كلام غيره ، فمنهم من اشترطه ، ومنهم لم يشترطه من غير تعرض لعدمه ، وفي التذكرة في هذا الباب اشتراطه ، وفي باب اللقطة اكتفى بالبلوغ والعقل ، ووجه اشتراطه واضح لأن غير الرشيد لا يعتبر قوله في المال ، وهو نفسه مال ، ووجه العدم أن إقراره بالرقية ليس إقرارا بنفس المال وإن ترتب عليه ، كما يسمع إقراره بما يوجب القصاص وإن أمكن رجوعه إلى المال بوجه ، ويشكل فيما لو كان بيده مال فإن إقراره على نفسه بالرقية يقتضي كون المال للمقر له ، إلا أن يقال ثبوته تبعا لثبوت الرقية ، لا لأنه إقرار بالمال ، والأقوى اعتبار الرشد) انتهى.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب اللقطة حديث ١ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كتاب الإقرار حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ١.

٤٣٢

لكافر ، وإن بيع على الكافر لو كان المقر مسلما ، (والمسبي حال الغيبة (١) يجوز تملكه ولا خمس فيه) للإمام (ع) ، ولا لفريقه (٢) ، وإن كان حقه (٣) أن يكون للإمام (ع) خاصة ، لكونه مغنوما بغير إذنه (٤) إلا أنهم (ع) أذنوا لنا في تملكه كذلك (٥) (رخصة) منهم لنا (٦) ، وأما غيرنا فتقرّ ، يده عليه ، ويحكم له بظاهر الملك ، للشبهة (٧) كتملك الخراج (٨) والمقاسمة ، فلا يؤخذ منه بغير رضاه مطلقا (٩).

(ولا يستقر للرجل ملك الأصول) وهم الأبوان وآباؤهما وإن علوا (والفروع) وهم الأولاد ذكورا وإناثا وإن سفلن ، والإناث المحرمات كالعمة والخالة والأخت (١٠) ، ......................

______________________________________________________

(١) إذا كان السبي بحرب ، وكانت الحرب بغير إذن الإمام عليه‌السلام.

(٢) وهو بنو هاشم.

(٣) أي حق المسبي.

(٤) فيكون للإمام خاصة كما تقدم في باب الخمس.

(٥) من دون الخمس.

(٦) لأخبار التحليل وقد تقدم عرضها في باب الخمس.

(٧) أي شبهة اعتقادهم بالملكية.

(٨) مع أن الخراج والمقاسمة للإمام عليه‌السلام.

(٩) أي لا غلبة ولا قهرا ولا غيلة ولا سرقة.

(١٠) وبنات الأخ وبنات الأخت بلا خلاف في ذلك كله ، واقتصار البعض على ذكر البعض ليس خلافا في المقام قطعا كما في الجواهر للأخبار.

منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر الأول عليه‌السلام (إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو خالته أو عمته عتقوا ، ويملك ابن أخيه وعمه وخاله ، ويملك أخاه وعمه وخاله من الرضاعة) (١) ، وصحيح عبيد بن زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يملك الرجل من ذوي قرابته ، قال : لا يملك والده ولا والدته ولا أخته ولا ابنة أخيه ولا ابنة أخته ولا عمته ولا خالته ، ويملك ما سوى ذلك من الرجال من ذوي قرابته ، ولا يملك أمه من الرضاعة) (٢) ، وصحيح أبي بصير وأبي العباس وعبيد كلهم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ١ و ٥.

٤٣٣

(نسبا) إجماعا ، (ورضاعا) على أصح القولين (١) ، للخبر الصحيح (٢) معللا فيه بأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ولأن الرضاع لحمة كلحمة النسب (٣).

______________________________________________________

ـ ملك الرجل والديه أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه أو بنت أخته ، وذكر أهل هذه الآية من النساء عتقوا جميعا ، ويملك عمه وابن أخيه وابن أخته والخال ، ولا يملك أمه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته ، إذا أمكن عتقي ، وقال : ما يحرم من النسب فإنه يحرم من الرضاع ، وقال : يملك الذكور ما خلا والدا أو ولدا ، ولا يملك من النساء ذات رحم محرم ، قلت : يجري في الرضاع مثل ذلك؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك) (١).

(١) بل هو المشهور لصحيح أبي بصير وأبي العباس وعبيد المتقدم ، ولخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) (٢) ، وصحيح الحلبي وابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في امرأة أرضعت ابن جاريتها فقال : تعتقه) (٣) ومثلها غيرها.

وعن القديمين والمفيد والديلمي وابن إدريس أنه يملك هؤلاء من الرضاع ، لخبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر إلا ما كان من قبل الرضاع) (٤) وصحيح الحلبي عنه عليه‌السلام (في بيع الأم من الرضاع؟ قال : لا بأس بذلك إذا احتاج) (٥) ، وهما لا يصلحان لمعارضة ما تقدم لأنه أكثر وأشهر.

(٢) وهو صحيح ابن سنان ـ كما في المسالك ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن امرأة ترضع غلاما لها من مملوكة حتى تعظمه ، يحلّ لها بيعه؟ قال : لا ، حرم عليها ثمنه ، أليس قد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، أليس قد صار ابنها؟ فذهبت أكتبه فقال : ليس مثل هذا يكتب) (٦).

(٣) قال في المسالك في هذا المقام (وبقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الرضاع لحمة كلحمة النسب) ، وقال المحقق الثاني في جامعه في هذا المقام من بيع الحيوان : ولظاهر قوله : الرضاع لحمة كلحمة النسب) ، ولم أعثر على هذه الرواية من كتبنا ، نعم ورد في الوسائل (الولاء لحمة كلحمة النسب) (٧).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١ و ٢ و ٣.

(٤ و ٥) التهذيب ج ٨ حديث ١١٨ ـ ١١٩ ـ ص ٢٤٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٢ و ٦.

٤٣٤

(ولا) يستقر (للمرأة ملك العمودين) (١) الآباء وإن علوا ، والأولاد وإن سفلوا ، ويستقر على غيرهما وإن حرم نكاحه كالأخ والعم والخال وإن استحب لها اعتاق المحرم ، وفي إلحاق الخنثى هنا (٢) بالرجل ، أو المرأة نظر ، من الشك (٣) في الذكورية التي هي سبب عتق غير العمودين فيوجب الشك في عتقهم ، والتمسك (٤) بأصالة بقاء الملك ، ومن إمكانها (٥) فيعتقون ، لبنائه (٦) على التغليب ، وكذا الإشكال لو كان (٧) مملوكا ، وإلحاقه بالأنثى في الأول (٨) ، وبالذكر في الثاني (٩) لا يخلو من قوة ، تمسكا بالأصل (١٠) فيهما.

والمراد بعدم استقرار ملك من ذكر أنه يملك ابتداء بوجود سبب الملك آنا قليلا لا يقبل غير العتق ، ثم يعتقون ، إذ لو لا الملك لما حصل العتق (١١). ومن

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المرأة ما تملك من قرابتها ، فقال : كل أحد إلا خمسة : أبوها وأمها وابنها وابنتها وزوجها) (١) وعدم تملكها لزوجها من ناحية بقاء العلقة الزوجية إلا إذا ملكته بما هي زوجه يبطل العقد وتحرم عليه ما دام بعدها كما سيأتي في باب النكاح ، ولازم هذا الحصر جواز تملكها لمن يحرم نكاحه كالأخ والعم والخال.

(٢) في صورة المالكية.

(٣) دليل عدم انعتاق ما يملكه الخنثى من النساء المحارم.

(٤) دليل ثان لعدم الانعتاق.

(٥) دليل الانعتاق ، والضمير راجع إلى الذكورية ، والمعنى : أن الذكورية ممكنة في الخنثى فانعتاق ما يملكه من النساء المحارم ممكن.

(٦) لبناء العتق.

(٧) أي الخنثى بحيث لو ملكه من ينعتق عليه لو كان أنثى ، كما لو ملكه الرجل ودار أمر الخنثى بين كونه عما للمالك أو عمة ، فالشك في أنوثته موجبا للشك في انعتاقه مع التمسك بأصالة بقاء الملك ، ومن إمكان الأنوثية في المملوك فيعتق لبناء العتق على التغليب ، ولا يخفى ضعف الثاني في الموردين.

(٨) في المالكية.

(٩) في المملوكية.

(١٠) وهو أصالة بقاء الملك.

(١١) إذ لا عتق أي في ملك كما سيأتي في بابه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب العتق حديث ١.

٤٣٥

عبّر من الأصحاب بأنهما (١) لا يملكان ذلك (٢) تجوز في إطلاقه (٣) على المستقر (٤) ، ولا فرق في ذلك (٥) كله بين الملك القهري والاختياري (٦) ، ولا بين الكل والبعض (٧) ، فيقوّم عليه باقيه إن كان مختارا (٨) على الأقوى ، وقرابة الشبهة بحكم الصحيح ، بخلاف قرابة الزنا على الأقوى ، لأن الحكم الشرعي يتبع الشرع لا اللغة (٩) ، ويفهم من إطلاقه ـ كغيره ـ الرجل والمرأة : أن الصبي والصبية لا يعتق عليهم ذلك (١٠) لو ملكوه إلى أن يبلغوا ، والأخبار مطلقة في الرجل والمرأة كذلك (١١) ويعضده أصالة البراءة ، وإن كان خطاب الوضع غير مقصور على المكلف (١٢).

______________________________________________________

(١) أي الرجل والمرأة.

(٢) أي العمودين ، وكذا من يحرم نكاحه من النساء بالنسبة للرجل.

(٣) أي إطلاق الملك.

(٤) وملكية العمودين ملك غير مستقر لتعقبه بالعتق فلذا عبّر البعض بعدم الملكية.

(٥) أي في عدم استقرار ملك الرجل للعمودين ومن حرم نكاحه من النساء ، وفي عدم استقرار ملك المرأة للعمودين.

(٦) لإطلاق الأدلة السابقة.

(٧) لإطلاق الأدلة السابقة.

(٨) وبشرط إيساره أيضا ، لا إذا كان الملك قهريا كالارث على ما سيأتي تفصيله في باب العتق.

(٩) فولد الزنا وإن كان من مائة ويتبعه لغة لكن الشارع قد نفاه عنه ولم يذهب إلى العكس أحدق ولكنه احتمال قد يتوهم.

(١٠) العمودان والنساء المحارم بالنسبة للرجل.

(١١) أي كقول الفقهاء.

(١٢) وفيه : إن النصوص السابقة المتضمنة للفظ (الرجل والمرأة) لم تكن بصدد اشتراط بلوغ المالك ليخرج الصبي ، بل إنما كان ذكر (الرجل والمرأة) باعتبار أن المالك غالبا ما يكون رجلا أو امرأة ، وإلا فنصوص أم الولد كافية في انعتاق العمودين على المسالك وإن كان صغيرا ، وهي كثيرة.

للأخبار.

منها : صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيّما رجل ترك سرية لها ولده أو في بطنها ، أو لا ولد لها ، فإن كان أعتقها ربها عتقت وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب الله ، وكتاب الله أحق ، فإن كان لها ولد وترك ـ

٤٣٦

(ولا تمنع الزوجية من الشراء (١) فتبطل) الزوجية ويقع الملك ، فإن كان المشتري الزوج استباحها بالملك ، وإن كانت الزوجة حرم عليها وطء مملوكها مطلقا (٢) ، وهو موضع وفاق ، وعلّل ذلك (٣) بأن التفصيل في حلّ الوطء يقطع الاشتراك بين الأسباب ، وباستلزامه (٤) اجتماع علتين على معلول واحد ، ويضعف بأن علل الشرع معرّفات وملك البعض كالكل ، لأن البضع لا يتبعّض.

(والحمل يدخل) في بيع الحامل (مع الشرط) (٥) أي شرط دخوله لا بدونه

______________________________________________________

ـ مالا جعلت في نصيب ولدها) (١) ، ولذا ادعى الإجماع على عدم الفرق كاشف الغطاء في شرحه على القواعد على ما في الجواهر

(١) يجوز أن يملك أحد الزوجين صاحبه بالشراء أو الاتهاب أو غيرهما ، ويستقر الملك وتبطل الزوجية ، فإن كان المالك هو الزوجة حرم عليه وطئ مملوكها للأخبار.

منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في امرأة لها زوج مملوك فمات مولاه فورثته ، قال : ليس بينهما نكاح) (٢) وخبر سعيد بن يسار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل نكاحه؟ قال : نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شي‌ء) (٣) ومثلها غيرها. وإن كان المالك هو الزوج فيستبيحها بالملك لا بالزوجية ، ويشهد له قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (٤) والتفصيل قاطع للشركة.

علل أيضا بأن بقاء الزوجية مع حدوث الملك يستلزم اجتماع علتين على معلول واحد شخصي وهو ممتنع وردّ بأن علل الشرع معرفات.

وعلى كل لا فرق في الملك بين الكل والبعض إذا البضع لا يتبعض ولا فرق بين الدائم والمنقطع والتحليل لاتحاد المدرك.

(٢) لا تزويجا ولا ملكا.

(٣) أي بطلان الزوجية.

(٤) أي وباستلزام بقاء الزوجية مع حدوث الملك.

(٥) إذا وقع البيع على الحامل سواء كان إنسانا أو حيوانا فالولد للبائع على المشهور إذا لم يكن عرف بالتبعية إلا أن يشترطه المشتري فهو له بلا خلاف فيه عملا بالشرط. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٤ و ٢.

(٤) سورة المؤمنون ، الآيتين : ٥ و ٦.

٤٣٧

في أصح القولين ، للمغايرة كالثمرة ، والقائل بدخوله مطلقا (١) ينظر إلى أنه كالجزء من الأم ، وفرّع عليه عدم جواز استثنائه كما لا يجوز استثناء الجزء المعين (٢) من الحيوان. وعلى المختار لا تمنع جهالته من دخوله مع الشرط ، لأنه تابع ، سواء قال : بعتكها وحملها ، أم قال : وشرطت لك حملها ، ولو لم يكن معلوما (٣) وأريد ادخاله فالعبارة الثانية ونحوها لا غير ، ولو لم يشترطه واحتمل وجوده عند العقد وعدمه (٤) فهو للمشتري ، لأصالة عدم تقدمه (٥) ، فلو اختلفا في وقت العقد (٦) قدّم قول البائع مع اليمين ، وعدم البينة للأصل ، والبيض تابع مطلقا (٧) ، ـ لا كالحمل ـ كسائر الأجزاء (٨) وما يحتويه البطن.

(ولو شرط فسقط قبل القبض رجع) المشتري من الثمن (بنسبته) (٩) لفوات

______________________________________________________

ـ وعن الشيخ في المبسوط والقاضي في المهذب والجواهر أنه للمشتري مع الإطلاق بدعوى أنه جزء من الحامل فيدخل ، بل لا يصح استثناؤه كما لا يصح استثناء الجلد والرأس ، كما وهو ضعيف لعدم تعلق البيع بالحامل بما هو حامل بل تعلق بالحيوان بما هو هو والحمل ليس جزءا منه بخلاف الرأس والجلد.

وعلى المشهور لو شرطه المشتري يدخل وإن كان مجهولا لأنه تابع للمعلوم ، ولا فرق في الاشتراط بين قول البائع : بعتكها وحملها ، أو شرطت لك حملها ونحوه ، ولو لم يكن الحمل متحققا عند البيع وأراد الاشتراط على تقدير تحققه واقعا فالعبارة الثانية.

(١) وإن لم يشترط.

(٢) كالرأس والجلد.

(٣) أي متحققا عند البيع وأراد إدخاله على تقدير تحققه.

(٤) بأن ولدته في وقت يحتمل وجوده عند البيع.

(٥) أي عدم تقدم الحمل على العقد.

(٦) مع العلم بزمن تحقق الحمل ، والبائع يدعي البيع بعد هذا الزمن ليكون الحمل له ، والمشتري يدعي البيع قبله ليكون الحمل له ، فيقدم قول البائع مع اليمين عند عدم البينة لأصالة عدم تأخر العقد عن الحمل.

(٧) سواء شرط دخوله أم لا ، لأن البيض كسائر أجزاء الحيوان.

(٨) أي كما أن الأجزاء وما يحتويه البطن يدخل في المبيع وإن لم يشترط المشتري ذلك كذلك البيض.

(٩) أي بنسبة الحمل من الثمن ، وطريق ذلك أن تقوّم الأمة حاملا ومجهضا لا حائلا ويرجع بنسبة التفاوت من الثمن.

٤٣٨

بعض المبيع (بأن يقوّم حاملا ومجهضا) أي مسقطا لا حائلا للاختلاف (١) ، ومطابقة الأول (٢) للواقع ، ويرجع بنسبة التفاوت بين القيمتين من الثمن.

(ويجوز ابتياع جزء مشاع من الحيوان) كالنصف والثلث (٣) ، (لا معين) كالرأس والجلد (٤) ، ...

______________________________________________________

(١) بين الجهض والحائل ، إذ الإجهاض في الأمة عيب ربما نقّص القيمة.

(٢) أي كونهما مجهضا.

(٣) بلا خلاف ولا إشكال كما في الجواهر لوجود مقتضى الصحة مع عدم المانع فتشمله عمومات صحة البيع وحليته والوفاء بالعقود ، نعم قال في الجواهر : (أما المذبوح فقد جزم بعض مشايخنا بعدم جواز بيع البعض المشاع منه ، وأولى منه المسلوخ ، وهو مبني على أنه بالذبح يكون موزونا وفيه بحث).

(٤) وقع الخلاف فيه على أقوال :

الأول : القول بالصحة مطلقا كما عن السيد في الانتصار وابن الجنيد.

الثاني : البطلان مطلقا للجهالة ، ولم يعرف قائله.

الثالث : البطلان إلا في المذبوح فالصحة كما عن العلامة في القواعد والتذكرة ، وفي المختلف زيادة ما يقصد به الذبح وهو الذي قواه الشارح في المسالك والروضة.

الرابع : الصحة مطلقا ، غايته فيما لا يقصد به الذبح يكون شريكا بنسبة القيمة بحيث يقوّم ثمن الجزء المعين إلى تمام قيمة الحيوان فلو كانت النسبة ربعا مثلا فهو شريك بهذه النسبة.

الخامس : الصحة وهو شريك بنسبة القيمة مطلقا فيما أريد الذبح وغيره وهو قول ابن سعيد.

والعمدة في المسألة خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اختصم إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلان ، اشترى أحدهما من الآخر بعيرا ، واستثنى البيع ـ البائع ـ في الرأس أو الجلد ثم بدا للمشتري أن يبيعه ، فقال للمشتري : هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد) (١) ، وخبر هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم وأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضى أن البعير برأ فبلغ ثمانية دنانير فقال عليه‌السلام : لصاحب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢.

٤٣٩

ولا يكون شريكا بنسبة قيمته (١) على الأصح ، لضعف مستند الحكم بالشركة ، وتحقق الجهالة ، وعدم القصد إلى الإشاعة فيبطل البيع بذلك (٢) ، إلا أن يكون مذبوحا ، أو يراد ذبحه ، فيقوى صحة الشرط.

(ويجوز النظر إلى وجه المملوكة إذا أراد شراءها ، وإلى محاسنها) وهي مواضع الزينة كالكفين ، والرجلين ، والشعر وإن لم يأذن المولى (٣) ، ولا تجوز الزيادة عن

______________________________________________________

ـ الدرهمين خمس ما بلغ ، فإن قال أريد الرأس والجلد فليس له ذلك ، هذا الضرار ، وقد أعطي حقه إذا أعطي الخمس) (١).

وإطلاق الخبرين بدل على القول الخامس ، إلا أن المستند ضعيف والجهالة متحققة والشركة المشاعة غير مقصودة فالقول بالبطلان مطلقا ، أو في غير ما يراد ذبحه أو يكون مذبوحا متجه تبعا للقواعد المقررة ، وأما الاستثناء فصحيح لإمكان تسليمه إلى المشتري.

(١) قيمة الجزء المعين.

(٢) أي بالجهالة وعدم القصد إلى الإشاعة.

(٣) لإطلاق الأخبار.

منها : خبر حبيب بن المعلّى الخثعمي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني اعترضت جواري المدينة فأفديت ، فقال : أما لمن يريد الشراء فليس به بأس ، وأما لمن لا يريد أن يشتري فإني أكرهه) (٢) وخبر عمران الجعفري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا أحبّ للرجل أن يقلب إلا جارية يريد شراءها) : (٣) ، وخبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ، ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه) (٤).

ومقتضى الإطلاق جواز النظر إلى محاسنها من دون إذن المولى ، ومقتضاه أن الجواز المذكور مختص بمن يريد الشراء ، والخبر الأخير صريح في النظر إلى المحاسن وهي الوجه والكفان والشعر والساقان ولذا ورد في خبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن عليهم‌السلام (أنه كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر إليها) (٥).

وعن العلامة في التذكرة جواز النظر إلى ما دون العورة ومال إليه في الحدائق ، لإطلاق الأخبار أو خصوص خبر أبي بصير المتقدم ، وفيه : إنها صريحة في جواز النظر إلى محاسنها المكشوفة ، نعم يزاد عليها الساق لخبر الحسين بن علوان.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢ و ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١ و ٤.

٤٤٠