الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

اختبار ، ولا وصف ، (بناء على الأصل (١) وهو الصحة (جاز) مع العلم به من غير هذه الجهة كالقوام ، واللون ، وغيرهما مما يختلف قيمته باختلافه ، وقيل : لا يصح بيعه إلا بالاعتبار ، أو الوصف كغيره ، للغرر ، والأظهر جواز البناء على الأصل ، إحالة على مقتضى الطبع ، فإنه أمر مضبوط عرفا لا يتغير غالبا إلا بعيب فيجوز الاعتماد عليه ، لارتفاع الغرر به ، كالاكتفاء (٢) برؤية ما يدل بعضه على باقيه غالبا ، كظاهر الصبرة ، وأنموذج المتماثل ، وينجبر النقص بالخيار ، (فإن خرج معيبا تخير المشتري بين الرد والأرش) إن لم يتصرف فيه تصرفا زائدا على اختباره ، (ويتعين الأرش لو تصرف فيه) كما في غيره من أنواع المبيع ، (وإن كان) المشتري المتصرف (أعمى) لتناول الأدلة له ، خلافا لسلار حيث خيّر الأعمى بين الرد والأرش وإن تصرف.

(وأبلغ في الجواز) من غير اعتباره (٣) (ما يفسد باختباره ، كالبطيخ والجوز)

______________________________________________________

(١) وهو أصل السلامة في الأشياء بحسب الطبع.

(٢) قال الشارح في المسالك : (فيجوز الاعتماد على مقتضى طبعه ، إذ ليس المراد بالأصل شرط العلم بالمبيع أن ترتفع الجهالة بكل وجه ، فإن رؤية ظاهر الصّبرة ونحوها كافية مع احتمال المخالفة ، وكذلك البيع بالوصف).

(٣) أي اعتبار الاختبار بالطعم أو الذوق أو الشم والمعنى : ما يؤدي اختباره إلى إفساده كالجوز والبطيخ والبيض فإنه يجوز بيعه وشراؤه من غير اختبار مع جهالة ما في بطنه للسيرة من غير فرق بين شرط السلامة أو البراءة من العيوب وعدمه ، وعن البعض اشتراط الصحة وعن الشيخ وجماعة اشتراط الصحة والبراءة من العيوب وهو ضعيف.

ثم إن تصرف فيه المشتري وظهر أنه على خلاف المعروف من طبعه يثبت له الأرش للعيب دون الرد لما عرفت من سقوط الرد عند إحداث حدث فيهن ، نعم إن لم يكن لمكسوره قيمة رجع المشتري بالثمن كله لعدم وجود عوض في مقابلة الثمن.

وهل يكون العقد حينئذ باطلا من أصله كما هو صريح الشيخ والحلي والعلامة في التذكرة وظاهر من تأخر عنهما لاشتراط كون المبيع متمولا ، وهو بحسب الواقع لا قيمة له كالحشرات فلا بد من بطلان البيع من أساسه.

أو ينفسخ البيع من حين تبين الفساد كما عن الشهيد في الدروس وجعل الأول احتمالا ونسبه إلى ظاهر كلام الجماعة ، لأنه كان مالا متقوما ظاهرا وقد تبين الفساد بالكسر فيكون الكسر هو المفسد ، وفيه : إن الكسر قد أبان الفساد الواقعي لا أنه أحدثه.

٤٠١

والبيض) ، لمكان الضرورة والحرج ، (فإن) اشتراه فظهر صحيحا فذاك ، وإن (ظهر فاسدا) بعد كسره (رجع بأرشه) ، وليس له الرد ، للتصرف إن كان له قيمة ، (ولو لم يكن لمكسوره قيمة) كالبيض الفاسد (رجع بالثمن أجمع) ، لبطلان البيع ، حيث لا يقابل الثمن مال.

(وهل يكون العقد مفسوخا من أصله) نظرا إلى عدم المالية من حين العقد فيقع باطلا ابتداء ، (أو يطرأ عليه الفسخ) بعد الكسر وظهور الفساد ، التفاتا إلى حصول شرط الصحة حين العقد ، وإنما تبين الفساد بالكسر ، فيكون هو المفسد (نظر) ورجحان الأول واضح ، لأن ظهور الفساد كشف عن عدم المالية في نفس الأمر حين البيع ، لا أحدث عدمها (١) حينه (٢) ، والصحة مبنية على الظاهر (٣) وفي الدروس جزم بالثاني وجعل الأول احتمالا ، وظاهر (٤) كلام الجماعة.

(و) تظهر (الفائدة (٥) في مئونة نقله عن الموضع) الذي اشتراه فيه إلى موضع

______________________________________________________

(١) عدم المالية.

(٢) حين الكسر.

(٣) أي والصحة الظاهرية لا تنافي الفساد الواقعي بحيث إذا بان الفساد الواقعي فتنتفي الصحة المذكورة ، من رأس.

(٤) أي جعل الأول احتمالا وجعله هو الظاهر من كلام الجماعة.

(٥) ثمرة الخلاف تظهر في ترتيب آثار الملكية للثمن ، فهي للمشتري على الأول لعدم خروج الثمن من ملك المشتري أصلا ، وهي للبائع على الثاني الذي هو قول الشهيد كما هو واضح ، ولم يتعرض الشهيدان لهذه الثمرة.

وتظهر في مئونة نقل المبيع من الموضع الذي اشتراه فيه إلى موضع اختباره ، فعلى الأول إنما هي على البائع لكونه ملكا له فنقله عليه ، وعلى الثاني إنما هي على المشتري لكون المبيع حينئذ ملكا للمشتري فيكون نقله عليه ، وهذا ما صرح به الشهيد الأول وارتضاه جماعة منهم الشيخ الأعظم.

وخالفهم المحقق الثاني في جامعه والشهيد الثاني من كون مئونة النقل على القولين على المشتري وليس له أن يرجع على البائع ، أما على القول الثاني فواضح وأما على الأول لأن المبيع ملكا للبائع بحسب الواقع ونفس الأمر وقد نقله المشتري بغير أمره ، ودعوى أن المشتري مغرور لجهله بفساد البيع فيرجع على من غرّه وهو البائع ليس في محلها ، لانتفاء ـ

٤٠٢

اختباره ، فعلى الأول على البائع ، وعلى الثاني على المشتري لوقوعه (١) في ملكه ، ويشكل بأنه وإن كان ملكا للبائع حينئذ (٢) لكن نقله بغير أمره (٣) ، فلا يتجه الرجوع عليه (٤) بالمئونة ، وكون (٥) المشتري هنا كجاهل استحقاق المبيع حيث يرجع بما غرم إنما يتجه مع الغرور ، وهو منفي (٦) هنا ، لاشتراكهما في الجهل ، ولو أريد بها (٧) مئونة نقله من موضع الكسر لو كان (٨) مملوكا وطلب مالكه (٩) نقله ، أو ما في حكمه (١٠) انعكس الحكم (١١) ، واتجه كونه على البائع مطلقا ، لبطلان البيع على التقديرين.

______________________________________________________

ـ الغرر هنا ، لأن الغرر لا يتحقق إلا مع علم البائع بالفساد وجهل المشتري به مع أنهما جاهلان معا بالفساد.

وفيه : أن المبيع بحسب الواقع وإن كان ملكا للبائع إلا أنه بحسب الظاهر ملك للمشتري ويجب على البائع تسليمه وليس له الامتناع عن نقله فيكون نقل المشتري له نقلا بأمر البائع وإذنه ، وتظهر الثمرة في أمر ثالث على ما قيل وسنرجئه إلى حين تعرض الشارح له.

(١) تعليل للحكمين معا.

(٢) أي حين القول ببطلان البيع من رأس ،

(٣) أي بغير أمر البائع وقد عرفت ما فيه.

(٤) على البائع.

(٥) عرّض لكون المشتري مغرورا فلا بد أن يرجع على من غرّه وقد تقدم شرحه.

(٦) دفع لتوهم مغرورية المشتري وقد تقدم أيضا.

(٧) أي بمئونة النقل.

(٨) أي لو كان موضع الكسر.

(٩) أي مالك موضع الكسر.

(١٠) أي ما في حكم المملوك كالمساجد والمشاهد.

(١١) أي الحكم السابق على مبنى الشارح ، وهو كون المئونة على المشتري مطلقا ، وهنا ينعكس الحكم وتكون المئونة على البائع مطلقا على التقديرين سواء قلنا أن البيع باطل من رأسه أو منفسخ من حين ظهور الفساد ، وذلك لخروجه عن ملك المشتري ، وفيه : إنه خروج عن محل النزاع كما هو واضح إذ النزاع في مئونة نقله من موضع البيع إلى موضع الكسر ، لا نقله من مكان الكسر إلى مكان آخر.

٤٠٣

واحتمال كونه (١) على المشتري لكونه (٢) من فعله ، وزوال المالية عنهما (٣) مشترك أيضا بين الوجهين (٤) ، وكيف كان (٥) فبناء حكمها (٦) على الوجهين (٧) ليس بواضح.

وربما قيل بظهور الفائدة أيضا في ما لو تبرأ البائع من عيبه فيتجه كون تلفه من المشتري على الثاني (٨) دون الأول (٩). ويشكل صحة الشرط على تقدير فساد الجميع (١٠) ، لمنافاته لمقتضى العقد ، إذ لا شي‌ء في مقابلة الثمن فيكون أكل مال بالباطل ، وفيما (١١) لو رضي به المشتري بعد الكسر ، وفيه أيضا نظر ، لأن الرضا بعد الحكم بالبطلان لا أثر له.

______________________________________________________

(١) أي كون النقل.

(٢) أي لكون المكسور من فعله ، وهو تعليل لكون النقل على المشتري مطلقا ، وعليه فالأمر مردد بين حكمين مطلقين بلا وضوح جهة للفرق والتفصيل ، فما ذهب إليه الماتن من التفصيل في مئونة النقل على القولين سواء أريد بمئونة النقل مئونة نقله من موضع البيع إلى موضع الاختبار ، أو أريد بها مئونة نقله من موضع الكسر المملوك ليس في محله.

(٣) عن البائع والمشتري بعد الكسر.

(٤) أي سواء قلنا ببطلان البيع من رأس أو من حين ظهور الفساد ، وعليه فزوال المالية لا يصلح وجها لتفصيل الماتن.

(٥) أي سواء أريد بالمئونة مئونة النقل إلى موضع الكسر ، أو ثمن موضع الكسر.

(٦) أي حكم مئونة النقل.

(٧) من بطلان البيع من رأس أو من حين ظهور الفساد.

(٨) وهو انفساخ العقد من حين ظهور الفساد.

(٩) وهو بطلان البيع من رأس ، وهذا التفريع واضح ، لأنه مع بطلان البيع من رأس لا محل لشرط البتري ، لأن الشرط بحاجة إلى وجود بيع وهو مفقود.

(١٠) وهو عند كون المكسور لا قيمة له كما هو المفروض ، والمعنى : أنه لو قلنا بأن البيع ينفسخ من حين ظهور الفساد وقد اشترط البائع التبري من العيوب فيكون تلفه على المشتري ولكن يشكل صحة الشرط المذكور فيما لو كان المكسور لا قيمة له فيتبين أن الثمن لا شي‌ء في قباله ، فيكون أكله أكلا للمال بالباطل.

(١١) أي وتظهر الفائدة فيما لو رضي المشتري بالمبيع بعد الكسر ، فيصح الرضا على الثاني دون الأول ، لأنه على الأول لا بيع من رأس ، وفيه : إنه بعد الحكم ببطلان البيع ولو من حين الكسر فالرضا اللاحق لا أثر له.

٤٠٤

(العاشرة ـ يجوز بيع المسك في فأره)

بالهمز جمع فأرة به أيضا (١) ، كالفأرة في غيره (٢) ، وهي (٣) الجلدة المشتملة على المسك (٤) (وإن لم تفتق) بناء على أصل السلامة ، فإن ظهر بعد فتقه معيبا تخير (وفتقه بأن يدخل فيه خيط) بإبرة ، ثم (يخرج ويشم أحوط) لترتفع الجهالة رأسا.

(الحادية عشرة ـ لا يجوز بيع سمك الآجام مع ضميمة القصب (٥) ، أو غيره) للجهالة ، ولو في بعض المبيع ، (ولا اللبن في الضرع) بفتح الضاد وهو

______________________________________________________

(١) أي بالهمز أيضا.

(٢) أي إن الفأرة بغير هذا المعنى تكون بالهمزة مفردة وجمعا.

(٣) أي الفأرة.

(٤) يجوز بيع المسك في فأرة على المشهور بين الأصحاب ، بل نفي الخلاف فيه كما من بعضهم على ما في الجواهر وهو مقتضى عمومات حلية البيع والسيرة السالمين عن المعارضة ، وقد يستدل لعدم الجواز بوجهين : من أنه دم ولا يجوز بيع الدم لأنه نجس ، ومن أنه مجهول ولا يجوز بيع المجهول ، وفيه : أما كونه دما بالأصالة فهو لا يقتضي نجاسته بعد الاستحالة ، وأما كونه مجهولا من ناحية أوصافه فهو لا يوجب كون غرريا لأصل السلامة فيه بحيث لو ظهر على عكس المعروف من طبعه تخير المشتري بين الرد والأرش.

والأحوط فتقه قبل الشراء لمعرفة أوصافه حتى ترتفع الجهالة بأوصافه ، والفتق كما ذكره جماعة هو إدخال خيط بإبرة فيه ثم إخراجه وشمه.

(٥) والمراد به السمك الذي ليس بمشاهد ولا محصور كما يظهر من إضافته إلى الآجام ، والآجام جمع آجمة بالتحريك وهي غاية القصب كما في المسالك.

والمشهور على عدم الجواز لجهالة السمك وإن ضم إليه القصب أو غيره ، لأن ضم المعلوم إلى المجهول لا يصيّره معلوما ومثله اللبن في الضرع ولو ضم إليه لبنا محلوبا ، وكذا الجلود والأصواف والأدبار والشعر على الأنعام ولو ضم إليها غيرها ، وذهب الشيخ في النهاية وابنا حمزة والبراج إلى الجواز للأخبار.

منها : مرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كانت أجمة ليس فيها قصب ، أخرج شي‌ء من السمك فيباع وما في الأجمة) (١) وظاهره المفروغية من الجواز مع القصب ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب عقد البيع حديث ٢.

٤٠٥

الثدي لكل ذات خف (١) ، أو ظلف (٢) (كذلك (٣) أي وإن ضم إليه شيئا ، ولو لبنا محلوبا ، لأن ضميمة المعلوم إلى المجهول تصيّر المعلوم مجهولا ، أما عدم الجواز بدون الضميمة فموضع وفاق ، وأما معها فالمشهور أنه كذلك (٤) ، وقيل : يصح استنادا إلى رواية ضعيفة (٥) ، وبالغ الشيخ فجوّز ضميمة ما في الضرع إلى ما

______________________________________________________

ـ وموثق معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يشتري الآجام إذا كانت فيها قصب) (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في شراء الأجمة ليس فيها قصب إنما هي ماء ، فقال : تصيد كذا من سمك تقول : اشتري منك هذا السمك وما في هذه الأجمة بكذا وكذا) (٢) ، وموثق سماعة (سألته عن اللبن يشترى وهو في الضرع فقال : لا ، إلا أن يحلب منه سكرجة فيقول : اشتر مني هذا اللبن الذي في الأسكرجة وما في ضروعها بثمن مسمّى ، فإن لم يكن في الضرع شي‌ء كان ما في الأسكرجة) (٣) ،. وخبر إبراهيم الكرخي (قلت لأبي عبد الله ك : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما ، فقال : لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف) (٤) ، إلى غير ذلك من الأخبار من غير تفصيل بين كونهما مقصودين بالأصالة أو أحدهما ، هذا ونسب الشارح في المسالك إلى المتأخرين التفصيل بين ما إذا كان المعلوم مقصودا بالبيع كالقصب مع جعل السمك تابعا له فيصح البيع ، وبين ما لو كانا مقصودين أو قصد السمك الذي هو مجهول مع جعل القصب تابعا فلا يصح ، ثم قواه صاحب المسالك.

وفيه : إنه على خلاف إطلاق الأخبار المتقدمة خصوصا مع اشتمال بعضها على التعليل بأنه إذا لم يحصل المجهول فيكون الثمن في قبال المعلوم ، ومثله مثل بيع غير المقدور على تسليمه مع الضميمة فإنه جائز بالاتفاق كما تقدم.

(١) الخف للابل بمنزلة الحافر لغيرها.

(٢) الظلف لما اجترّ من الحيوانات كالبقرة والشاة وهو بمنزلة الحافر للفرس والخف للابل.

(٣) أي مع الضميمة إلى معلوم.

(٤) أنه لا يجوز.

(٥) بل بعضها صحيح وبعضها موثق.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب عقد البيع حديث و ٥ و ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب عقد البيع حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب عقد البيع حديث ١.

٤٠٦

يتجدد مدة معلومة ، والوجه المنع. نعم لو وقع ذلك (١) بلفظ الصلح اتجه الجواز ، وفصّل آخرون فحكموا بالصحة مع كون المقصود بالذات المعلوم ، وكون المجهول تابعا والبطلان مع العكس وتساويهما (٢) في القصد الذاتي وهو حسن ، وكذا القول في كل مجهول ضم إلى معلوم.

(ولا الجلود والأصواف والأشعار على الأنعام) وإن ضم إليها غيره أيضا ، لجهالة مقداره ، مع كون غير الجلود موزونا فلا يباع جزافا ، (إلا أن يكون الصوف وشبهه مستجزا ، أو شرط جزّه فالأقرب الصحة) ، لأن المبيع حينئذ مشاهد ، والوزن غير معتبر مع كونه (٣) على ظهرها وإن استجزت (٤) ، كالثمرة على الشجرة وإن استجزت.

وينبغي على هذا (٥) عدم اعتبار اشتراط جزّه ، لأن ذلك لا مدخل له في الصحة ، بل غايته مع تأخيره أن يمتزج بمال البائع ، وهو لا يقتضي بطلان البيع كما لو امتزجت لقطة الخضر بغيرها ، فيرجع إلى الصلح ولو شرط تأخيره (٦) مدة معلومة ، وتبعية (٧) المتجدد بني على القاعدة السالفة ، فإن كان المقصود بالذات هو الموجود صح ، وإلا فلا.

(الثانية عشرة ـ يجوز بيع دود القز (٨) ، لأنه حيوان طاهر ينتفع به) منفعة مقصودة محللة ، (ونفس القز (٩) وإن كان الدود فيه ، لأنه كالنوى في التمر) فلا يمنع من بيعه ، وربما احتمل المنع ، لأنه إن كان حيا عرضة

______________________________________________________

(١) أي بيع المجهول مع الضميمة إلى المعلوم.

(٢) عطف على العكس.

(٣) قيد لعدم اعتبار الوزن.

(٤) فيما بعد.

(٥) من كون المبيع مشاهدا مع عدم اعتبار وزنه حال كونه على الظهر.

(٦) عن وقت البيع.

(٧) عطف على (تأخيره) فيكون من باب بيع المجهول المنضم إلى المعلوم كما هو واضح.

(٨) بلا إشكال لأنه حيوان طاهر وله منفعة مقصودة محلّلة ، بل قد عرفت جواز بيع الدم وهو نجس ، وجواز بيع الكلب وهو حيوان نجس العين إذا كان له منفعة مقصودة محلّلة.

(٩) بلا إشكال فيه لعمومات حلية البيع بعد عدم المانع.

٤٠٧

للفساد (١) ، وإن كان ميتا دخل في عموم النهي عن بيع الميتة (٢) ، وهو ضعيف ، لأن عرضة الفساد لا يقتضي المنع ، والدود لا يقصد بالبيع حتى يمنع ميته ، وإلى جوابه أشار المصنف بقوله : لأنه كالنوى ، وقد يقال : أن في النوى منفعة مقصودة كعلف الدواب ، بخلاف الدود الميت (٣) ، وكيف كان لا يمنع من صحة البيع (٤).

(الثالثة عشرة ـ إذا كان المبيع في ظرف جاز بيعه) مع وزنه (٥) معه (٦) (وأسقط ما جرت العادة به للظرف) (٧) سواء كان ما جرت به زائدا عن وزن الظرف قطعا ، أم ناقصا (٨) ، ولو لم تطّرد العادة لم يجز

______________________________________________________

(١) مرفوع على أنه خبر (إن) والمعنى : لأنه عرضة للفساد إن كان حيا ، وفيه : إنه يلزم منه المنع في كثير من البيوعات ، لأن غالب المبيعات عرضة للفساد.

(٢) وفيه أيضا أنه داخل بالتبع فلا يضر.

(٣) فإنه لا يصلح لشي‌ء.

(٤) لأنه ليس بمقصود في بيع القز بل هو تابع.

(٥) أي وزن المبيع ، لأنه لا يجوز بيعه جزافا إذا كان موزونا.

(٦) مع الظرف.

(٧) وهذا الإسقاط هو المسمى بالإندار ، وهذا الإسقاط للظرف من الوزن مشروط بما يحتمل أنه مساو للظرف ، فلو أراد الإسقاط بأكثر من وزن الظرف قطعا أو بالأقل فلا يجوز إلا مع التراضي ويدل عليه موثق حنان (كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له معمّر الزيات : إنا نشتري الزيت في زقاقه ، ويحسب لنا فيه نقصان لمكان الزقاق ، فقال : إن كان يزيد وينقص فلا بأس ، وإن كان يزيد ولا ينقص فلا تقربه) (١) ، وخبر علي بن أبي حمزة (سمعت معمر الزيات يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : جعلت فداك إني رجل أبيع الزيت ـ إلى أن قال ـ قلت : فإنه يطرح لظروف السمن والزيت لكل ظرف كذا وكذا رطلا ، فربما زاد وربما نقص ، فقال : إذا كان ذلك عن تراض منكم فلا بأس) (٢) ، وخبر علي بن جعفر بن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام (سألت عن الرجل يشتري المتاع وزنا في الناسية والجوالق فيقول : ادفع للناسية رطلا أو أقل أو أكثر من ذلك ، أيحلّ ذلك البيع؟ قال : إذا لم يعلم وزن الناسية والجوالق فلا بأس إذا تراضيا) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب عقد البيع حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب عقد البيع حديث ١ و ٣.

٤٠٨

إسقاط ما يزيد (١) ، إلا مع التراضي. ولا فرق بين إسقاطه بغير ثمن أصلا ، وبثمن مغاير للمظروف (٢) ، (ولو باعه مع الظرف) من غير وضع جاعلا مجموع الظرف والمظروف مبيعا واحدا بوزن واحد (فالأقرب الجواز) (٣) ، لحصول معرفة الجملة الرافعة للجهالة ، ولا يقدح الجهل بمقدار كل منهما منفردا ، لأن المبيع هو الجملة ، لا كل فرد بخصوصه. وقيل : لا يصح حتى يعلم مقدار كل منهما ، لأنهما في قوة مبيعين ، وهو ضعيف.

(القول في الآداب : وهي أربعة وعشرون)

الأول ـ (التفقه فيما يتولاه) من التكسب ، ليعرف صحيح العقد من فاسده ، ويسلم من الربا (٤) ، (و) لا يشترط معرفة الأحكام بالاستدلال كما يقتضيه ظاهر الأمر بالتفقه ، بل (يكفي التقليد) ، لأن المراد به هنا معرفتها على وجه يصح ، وقد

______________________________________________________

ـ نعم إذا كان الإسقاط بالأقل أو بالأكثر قطعا بحسب العادة وعلم المتبايعين بذلك فيجوز لأنه مع رضا المتبايعين يجوز تضييع المال لأحدهما.

(٨) قطعا وبشرط علم المتبايعين حتى يتحقق رضاهما.

(١) وكذا ما ينقص.

(٢) أي بثمن مغاير لثمن المظروف.

(٣) بلا خلاف فيه بيننا لعمومات حلية البيع السالمة عن معارضة دليل الغرر عرفا ، والعلم بالمجموع كاف عن معرفة وزن أبعاض المبيع ، ونسب في التذكرة إلى بعض العامة المنع لاشتراط معرفة وزن كل واحد من الظرف والمظروف ، ولأن الظرف لا يباع وزنا مع كون وزن المظروف غير معروف ، وفيه : أنه لا يشترط معرفة وزن كل من الظرف والمظروف بعد كون الجميع مبيعا واحدا فيشترط معرفة المجموع وهو معلوم بحسب الفرض ، وكون الظرف لا يباع وزنا إنما هو جار في بيعه منفردا وأما مع ضميمة ما فيه من المظروف فالعادة جارية على بيعه كذلك فلا إشكال.

(٤) للأخبار.

منها : خبر الأصبغ بن نباتة (سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول على المنبر : يا معشر التجار الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا ، شوبوا إيمانكم بالصدق ، التاجر فاجر ، والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق) (١) وخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤٠٩

قال علي (ع) : «من أتجر بغير علم فقد ارتطم في الربا ، ثم ارتطم».

الثاني ـ (التسوية بين المعاملين في الإنصاف) (١) فلا يفرّق بين المماكس وغيره ، ولا بين الشريف والحقير. نعم لو فاوت بينهم بسبب فضيلة ودين فلا بأس ، لكن يكره للآخذ قبول ذلك ، ولقد كان السلف يوكّلون في الشراء من لا يعرف هربا من ذلك.

الثالث ـ (إقالة النادم) (٢) قال الصادق عليه‌السلام : «أيّما عبد مسلم أقال مسلما في بيع أقال الله عثرته يوم القيامة» وهو مطلق في النادم وغيره ، إلا أن ترتب

______________________________________________________

ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام : من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم) (١) ومرسل الصدوق (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : لا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع) (٢) ومرسل المفيد عن الصادق عليه‌السلام (من أراد التجارة فليتفقه في دينه ، ليعلم بذلك ما يحلّ له مما يحرم عليه ، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتّجر تورط بالشبهات) (٣) ، والمراد بالتفقه معرفة الأحكام الشرعيّة المتعلقة بما يتولاه من التكسب قبل الشروع لئلا يقع في الكثير مما يوجب فساد العقد أو يقع في الربا ، والأخبار مطلقة تدل على التفقه ولو من التقليد.

(١) فلا يفرق بين المماكس وغيره بزيادة السعر على الأول أو نقصه ، ولا بين الشريف والحقير لخبري عامر بن جذاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال في رجل عنده بيع فسعّره سعرا معلوما ، فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر ، ومن ماكسه وأبي أن يبتاع منه زاده ، قال : لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس ، فأما أن يفعله بمن أبي عليه وكايسه ، ويمنعه من لم يفعل ذلك فلا يعجبني إلا أن يبيعه بيعا واحدا) (٤).

نعم لا بأس كما قيل بالمراعاة بنقصان الثمن للمرجح الشرعي كالإيمان وزيادته والعلم والورع والفقر مما يحسّنه العقل والشرح ، مع أنه قيل ـ كما في الجواهر ـ يكره للمبذول له قبول ذلك ولذا يحكى عن السلف أنهم كانوا يوكلون في الشراء من لا يعرف هربا من ذلك.

(٢) للأخبار.

منها : خبر الجعفري عن بعض أهل بيته (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأذن لحكيم بن حزام في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤١٠

الغاية (١) مشعر به (٢) ، وإنما يفتقر إلى الإقالة (إذا تفرقا من المجلس ، أو شرطا عدم الخيار) فلو كان للمشتري (٣) خيار فسخ به (٤) ولم يكن محتاجا إليها (٥) (وهل تشرع الإقالة في زمن الخيار ، الأقرب نعم) لشمول الأدلة (٦) له (٧) ، خصوصا الحديث السابق فإنه لم يتقيد بتوقف المطلوب (٨) عليها (٩) ، (ولا يكاد يتحقق الفائدة) في الإقالة حينئذ (١٠) (إلا إذا قلنا هي بيع (١١) ، فيترتب عليها أحكام البيع من الشفعة وغيرها ، بخلاف الفسخ.

______________________________________________________

ـ تجارته حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر ، وأخذ الحق وافيا أو غير واف) (١) ، وخبر هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما عبد أقال مسلما في بيع أقاله الله عثرته يوم القيامة) (٢) ، وهو مطلق يشمل النادم وغيره ، نعم في مرسل المغير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما مسلم أقال مسلما بيع ندامة أقاله الله عزوجل عثرته يوم القيامة) (٣).

(١) وهي إقالة الله عزوجل عثرته يوم القيامة ، فإن العاصي يكون نادما في ذلك اليوم لا محالة.

(٢) بالندم.

(٣) الأخبار المتقدمة ظاهرة في إقالة المشتري ، ولكن يستحب إقالة البائع أيضا للإطلاق في خبر سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أربعة ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة : من أقال نادما ، أو أغاث لهفانا ، أو أعتق نسمة ، أو زوّج عزبا) (٤).

(٤) بالخيار.

(٥) إلى الإقالة.

(٦) أدلة مشروعية الإقالة.

(٧) لزمن الخيار.

(٨) وهو فسخ العقد.

(٩) على الإقالة.

(١٠) أي حين ثبوت الخيار.

(١١) كما هو رأي بعض العامة في الإقالة ، وإلا فعندنا من دون خلاف أنها فسخ لا بيع ، فلا فائدة في ثبوت الإقالة في زمن الخيار لأنه قادر على الفسخ بخياره.

نعم على القول بأنها بيع فيترتب عليها أحكامه من الشفعة وزيادة الثمن والتأجيل والتعجيل والخيارات وغيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٤ و ٥.

٤١١

أو قلنا : (بأن الإقالة (١) من ذي الخيار إسقاط للخيار) ، لدلالتها على الالتزام بالبيع ، وإسقاط الخيار لا يختص بلفظ ، بل يحصل بكل ما دل عليه ، من قول ، وفعل وتظهر الفائدة حينئذ (٢) فيما لو تبين بطلان الإقالة (٣) فليس له الفسخ بالخيار.

(ويحتمل سقوط خياره بنفس طلبها مع علمه بالحكم) (٤) لما ذكرناه من الوجه ، ومن ثم قيل بسقوط الخيار لمن قال : لصاحبه اختر وهو مروي (٥) أيضا ، والأقوى عدم السقوط في الحالين (٦) ، لعدم دلالته (٧) على الالتزام (٨) حتى بالالتزام (٩) ، ويجوز أن يكون مطلوبه من الإقالة (١٠) تحصيل الثواب بها (١١) فلا ينافي إمكان فسخه بسبب آخر (١٢) وهو (١٣) من أتم الفوائد.

الرابع ـ (عدم تزيين المتاع) (١٤) ليرغب فيه الجاهل مع عدم غاية أخرى

______________________________________________________

(١) أي طلب الإقالة.

(٢) أي حين طلب الإقالة.

(٣) فيما لو طلبها من غير البائع أو المشتري اشتباها بعنوان أنه صاحبه.

(٤) بأن طلب الإقالة إسقاط لخياره بالالتزام.

(٥) ففي الغوالي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (البيعان بالخيار ما لم يفترقا ، أو يقول أحدهما لصاحبه : اختر) (١) ، ولذا نسب للشيخ سقوط الخيار لمن خيّر صاحبه بذلك ، مع أن النسبة للشيخ غير ثابتة لأن المحكي عن مبسوطه خلافه خلاف ذلك كما في مفتاح الكرامة ، على أن ذيل الخبر غير وارد من طرقنا بل هو من طرق العامة مع عدم جابر له ، فالأقوى عدم السقوط.

(٦) حال طلب الإقالة وحال قول أحدهما للآخر : اختر.

(٧) أي لعدم دلالة اللفظ الصادر في الحالين.

(٨) أي الالتزام بسقوط الخيار.

(٩) أي بالدلالة الالتزامية.

(١٠) أي من طلب الإقالة.

(١١) وفيه : إن الثواب للمقيل لا للنادم الذي طلب الإقالة.

(١٢) وهو الخيار الثابت له.

(١٣) أي تحصيل الثواب.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخيار حديث ٣.

٤١٢

للزينة ، أما تزيينه لغاية أخرى كما لو كانت الزينة مطلوبة عادة فلا بأس.

الخامس ـ (ذكر العيب) الموجود في متاعه (إن كان) فيه عيب ظاهرا كان ، أم خفيا ، للخبر (١). ولأن ذلك من تمام الإيمان والنصيحة.

السادس ـ (ترك الحلف على البيع والشراء) قال (ص) : «ويل للتاجر من لا والله وبلى والله» (٢) ، وقال (ص) (٣) : «من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتري ولا يبيع : الربا ، والحلف ، وكتمان العيب ، والمدح إذا باع ، والذم إذا اشترى» وقال الكاظم (ع) (٤) : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم أحدهم رجل اتخذ الله عزوجل بضاعة لا يشتري إلا بيمين ، ولا يبيع إلا بيمين» ، وموضع الأدب الحلف صادقا ، أما الكاذب فعليه لعنة الله.

السابع ـ (المسامحة فيهما (٥) ، وخصوصا في شراء آلات الطاعات) (٦) فإن

______________________________________________________

(١٤) بحيث يكون التزيين لإظهار محاسنه وصفاته الموجودة فيه ليرغب فيه جاهله ، وقد اعترف بعضهم بعدم العثور في الأخبار على ما يدل على كراهة التزيين المذكور أو ما يدل على استحباب الترك ، نعم لو كان التزيين لإظهار صفة غير موجودة فيه فهو من الغش المحرم وقد تقدم.

(١) وهو خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترينّ ولا يبيعنّ : الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى) (١) ، وقيده جماعة منهم الشهيد في الدروس بالعيب الظاهر ، لأن كتمان العيب الخفي من الغش وهو محرم ، هذا والخبر مطلق يشمل الظاهر والخفي ، وإن كان الحكم باستحباب ذكر العيب مختص بالعيب الظاهر ، لأن ذكر الخفي واجب.

(٢) وهو مرسل الصدوق (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ويل لتجار أمتي من لا والله بلى والله ، وويل لصناع أمتي من اليوم وغدا) (٢).

(٣) وهو خبر السكوني المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) ، وفيه (الحمد إذا باع) كما في الوسائل ، (المدح إذا باع).

(٤) وهو خبر درست بن أبي المنصور عن إبراهيم بن عبد الحميد (٤).

__________________

(١ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التجارة حديث ٢.

(٢ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٥ و ٢.

٤١٣

ذلك موجب للبركة والزيادة ، وكذا يستحب في القضاء والاقتضاء للخبر (١).

الثامن ـ (تكبير المشتري ثلاثا (٢) ، وتشهده الشهادتين بعد الشراء) (٣) وليقل بعدهما : اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك ، فاجعل لي فيه فضلا ، اللهم إني

______________________________________________________

(١) في البيع والشراء للأخبار.

منها : خبر الحسين بن يزيد الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (جاءت زينب العطارة إلى نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إلى أن قال ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا بعت فاحسني ولا تغشي ـ تعنتي خ ل ـ فإنه اتقى لله وأبقى للمال) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : السماحة من الرباح ، قال ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها) (٢) ، وخبر إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله من أبيه عليه‌السلام : أوصى الله تعالى إلى بعض أنبيائه عليهم‌السلام : للكريم فكارم وللسمح فسامح وعند الشكس فالتو) (٣).

(٦) ففي خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان علي بن الحسين عليه‌السلام يقول لقهرمانه : إذا أردت أن تشتري لي من حوائج الحج شيئا فاشتر ولا تماكس) (٤) ، وفي مرفوع يحيى بن محمد بن عيسى عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تماكس في أربعة أشياء : في الأضحية والكفن وثمن النسمة والكراء إلى مكة) (٥) ومثله غيره ، وهذه الأخبار ظاهرة في بعض الطاعات ، فالتعميم كما قاله الشارح ليس عليه دليل من الأخبار.

(١) ففي خبر حنان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بارك الله سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء) (٦) وفي خبر جابر (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غفر الله لرجل كان قبلكم ، كان سهلا إذا باع ، سهلا إذا اشترى ، سهلا إذا قضى ، سهلا إذا استقضى) (٧).

(٢) كما في خبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام (إذا اشتريت متاعا فكبّر الله ثلاثا ثم قل : اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك ، فاجعل لي فيه خيرا ، اللهم إني اشتريته التمس فيه من فضلك ، فصل على محمد وآل محمد ، واجعل لي فيه فضلا ، اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا) (٨).

(٣) لا يوجد خبر يدل على استحباب الشهادتين بعد الشراء لأن ما ورد في الأخبار يدل على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٣.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٣.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤١٤

اشتريته ألتمس فيه رزقا (١) ، فاجعل لي فيه رزقا» (٢).

التاسع ـ (أن يقبض ناقصا ، ويدفع راجحا (٣) ، نقصانا ورجحانا لا يؤدي إلى الجهالة) بأن يزيد كثيرا بحيث يجهل مقداره (٤) تقريبا ، ولو تنازعا في تحصيل الفضيلة قدم من بيده الميزان والمكيال ، لأنه الفاعل المأمور بذلك (٥) ، زيادة على كونه معطيا وآخذا (٦).

______________________________________________________

ـ استحباب الشهادتين عند جلوس التاجر مجلسه كما في خبر حنان عن أبيه قال أبو جعفر عليه‌السلام في حديث : (فإذا جلس مجلسه فقال حين يجلس : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ـ إلى أن قال ـ فإذا قال ذلك قال له الملك الموكل به : أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر حظا منك) (١) ، وقد ورد استحباب الشهادتين عند دخول السوق كما في خبر أبي عبيدة قال الصادق عليه‌السلام : (من قال في السوق : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله كتب الله له ألف حسنة) (٢) وخبر سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه‌السلام (من دخل السوق فنظر إلى حلوها ومرها وحامضها فليقل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، اللهم إني أسألك من فضلك وأستجيرك من الظلم والعزم والمأثم) (٣) ، إلا أن يكون ذكر الشهادتين بعد الشراء من باب التبرك واليمن وهذا كاف في أدلة السنن.

(١) والصحيح (من رزقك).

(٢) كما في خبر محمد بن مسلم المتقدم ، على أنه لم ينقل تمام الدعاء الوارد فيه فراجع.

(٣) للأخبار.

منها : مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان) (٤).

وخبر حماد بن بشير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان) (٥).

(٤) أي مقدار الزائد ، وفيه : إن العوضين معلومين على كل حال ، ولا يشترط معرفة مقدار الموهوب فقيد الشارح مما لا دليل عليه.

(٥) بتحصيل الفضيلة أي ، وهو المأمور بذلك كما في خبر حماد بن بشير المتقدم.

(٦) وهذا مشترك بينه وبين المشتري فلا يصلح لترجيح البائع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٣.

٤١٥

العاشر ـ (أن لا يمدح أحدهما سلعته ، و [لا] يذم سلعة صاحبه) (١) للخبر المتقدم وغيره ، (ولو ذم سلعة نفسه بما لا يشمل على الكذب فلا بأس).

الحادي عشر ـ (ترك الربح على المؤمنين) (٢) قال الصادق عليه‌السلام : «ربح المؤمن على المؤمن حرام (٣) ، إلا أن يشتري بأكثر من مائة درهم فأربح عليه قوت يومك ، أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم وأرفقوا بهم» ، (إلا مع الحاجة فيأخذ منهم نفقة يوم) له ولعياله ، (موزعة على المعاملين) في ذلك اليوم مع انضباطهم ، وإلا ترك الربح على المعاملين بعد تحصيل فوت يومه ، كل ذلك مع شرائهم للقوت ، أما للتجارة فلا بأس به مع الرفق كما دل عليه الخبر.

الثاني عشر ـ (ترك الربح على الموعود بالإحسان) بأن يقول له : هلم أحسن إليك فيجعل إحسانه الموعود به ترك الربح عليه قال الصادق عليه‌السلام (٤) : «إذا قال الرجل للرجل هلم أحسن بيعك يحرم عليه الربح» ، والمراد به الكراهة المؤكدة (٥).

______________________________________________________

(١) لخبر السكوني المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترينّ ولا يبيعنّ : الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى) (١) ، ومرفوع أحمد بن محمد بن عيسى (كان أبو أمامة صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أربع من كنّ فيه طاب مكسبه : إذا اشترى لم يعب ، وإذا باع لم يحمد ولا يدلّس ، وفيما بين ذلك لا يحلف) (٢).

(٢) إلا لتحصيل قوت يومه موزعا على سائر المعاملين له من المؤمنين في ذلك اليوم للضرورة ، وإلا إذا كان الشراء بأكثر من مائة درهم أو الشراء للتجارة فلا كراهة في الربح لخبر سليمان بن صالح وأبي شبل جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ربح المؤمن على المؤمن ربا ، إلا أن يشتري بأكثر من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك ، أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم وارفقوا بهم) (٣).

(٣) وفي الخبر (ربا).

(٤) كما في خبر علي بن عبد الرحيم عن رجل (٤).

(٥) للأصل وفتوى الأصحاب بعد ضعف الخبر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤١٦

الثالث عشر ـ (ترك السبق إلى السوق والتأخر فيه) ، بل يبادر إلى قضاء حاجته ويخرج منه ، لأنه مأوى الشياطين (١) ، كما أن المسجد مأوى الملائكة فيكون على العكس ، ولا فرق في ذلك بين التاجر وغيره ، ولا بين أهل السوق عادة ، وغيرهم (٢).

الرابع عشر ـ (ترك معاملة الأدنين) وهم الذين يحاسبون على الشي‌ء الأدون ، أو من لا يسرّه الإحسان ، ولا تسوءه الإساءة ، أو من لا يبالي بما قال ولا ما قيل فيه (٣) ، (والمحارفين) بفتح الراء وهم الذين لا يبارك لهم في كسبهم ، قال الجوهري : رجل محارف بفتح الراء أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك مبارك ، وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه ، كأنه ميل برزقه عنه (٤) ،

______________________________________________________

(١) ففي مرسل الصدوق (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : جاء أمر أبي من بني عامر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأله عن شر بقاع الأرض وخير بقاع الأرض ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شر بقاع الأرض الأسواق ، وهي ميدان إبليس يغدو برايته ويضع كرسيّه ويبتّ ذريته ، فبين مطفف في قفيز أو سارق في ذراع أو كاذب في سلعة ، فيقول : عليكم برجل مات أبوه وأبوكم حيّ ، فلا يزال مع ذلك أول داخل وآخر خارج ، ثم قال : وخير البقاع المساجد ، وأحبهم إلى الله أولهم دخولا وآخرهم خروجا منهم) (١) ، وخبر جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيل : أيّ البقاع أحبّ إلى الله تعالى؟ قال : المساجد ، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآخرهم خروجا منها ، قال : فأيّ البقاع أبغض إلى الله تعالى؟ قال : الأسواق وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها وآخرهم خروجا منها) (٢).

(٢) لإطلاق الأخبار.

(٣) وفي الفقيه نسبة التفاسير الثلاثة إلى الأخبار كما في مفتاح الكرامة ثم قال : (وربما فسر الأوفون بمن لا مروّة له) ، والعمدة مرسل الصدوق (قال عليه‌السلام : إياك ومخالطة السفلة ، فإن السفلة لا تؤل إلى خير) (٣) بناء على أن السفلة هم الأوفون.

(٤) لخبر الوليد بن صبيح عن أبيه (قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تشتر من محارف فإن صفقته لا بركة فيها) (٤).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤١٧

(والمؤفين) أي ذوي الآفة والنقص في أبدانهم ، للنهي عنه في الأخبار (١) ، معلّلا بأنهم أظلم شي‌ء ، (والأكراد) (٢) للحديث عن الصادق عليه‌السلام ، معللا بأنهم حيّ من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء ، ونهى فيه أيضا عن مخالطتهم (وأهل الذمة) (٣) للنهي عنه ، ولا يتعدى إلى غيرهم من أصناف الكفار للأصل ، والفارق (٤) ، (وذوي الشبهة في المال) كالظلمة لسريان شبههم إلى ماله (٥).

الخامس عشر ـ (ترك التعرض للكيل ، أو الوزن إذا لم يحسن) (٦) حذرا من

______________________________________________________

(١) كما في خبر ميسر بن عبد العزيز (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تعامل ذا عاهة فإنهم أظلم شي‌ء) (١) ومثله غيره.

(٢) لما في خبر أبي الربيع الشامي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : إن عندنا قوما من الأكراد وأنهم لا يزالون يجيئون بالبيع فتخالطهم وتبايعهم ، فقال : يا أبا الربيع لا تخالطوهم ، فإن الأكراد حيّ من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء فلا تخالطوهم) (٢).

(٣) قيل بعدم وجود نص على كراهة البيع والشراء منهم بالخصوص ، نعم ما ورد هو مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (لا تستعن بمجوسي ولو على أخذ قوائم شاتك وأنت تريد ذبحها) (٣) ، وهو مختص بالمجوسي ولا يدل على اختصاص الكراهة بالبيع والشراء ، وقد ورد في خبر ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ، ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة) (٤) ، وفي خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي إلا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها المسلم) (٥) ، وهما غير ظاهرين في اختصاص المنع بالبيع والشراء كما هو المقصود.

(٤) الفارق هو النص المتقدم.

(٥) أي مال من يتعامل معهم فلذا حكم بالكراهة.

(٦) لمرسل مثنى الخياط عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل من نيته الوفاء وهو إذا كال ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الشركة حديث ١ و ٢.

٤١٨

الزيادة والنقصان المؤديين إلى المحرّم ، وقيل : يحرم حينئذ ، للنهي عنه في الأخبار المقتضي للتحريم ، وحمل على الكراهة.

السادس عشر ـ (ترك الزيادة في السلعة وقت النداء) عليها من الدلال ، بل يصبر حتى يسكت ثم يزيد إن أراد ، لقول علي (ع) (١) : «إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد ، وإنما يحرم الزيادة النداء ، ويحلها السكوت».

السابع عشر ـ (ترك السوم) وهو الاشتغال بالتجارة (ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) لنهي النبي (ص) عنه (٢) ، ولأنه وقت الدعاء ، ومسألة الله تعالى ، لا وقت تجارة ، وفي الخبر (٣) أن الدعاء فيه أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد.

______________________________________________________

ـ لم يحسن أن يكيل ، قال : فما يقول الذين حوله؟ قلت : يقولون لا يوفي ، قال : هذا ممن لا ينبغي له أن يكيل) (١) ، نعم إذا أدى إلى الزيادة والنقصان فيحرم ، فإطلاق الحرمة كما عن البعض ليس في محله.

(١) كما في خبر أمية بن عمرو عن الشعيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

(٢) كما في مرفوع علي بن أسباط (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) (٣).

(٣) وهو خبر الصدوق في الخصال مسندا عن علي عليه‌السلام (من كان له إلى ربه حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات ، ساعة في يوم الجمعة ، وساعة تزول الشمس وحين تهب الرياح وتفتح أبواب السماء وتنزل الرحمة ويصوّت الطير ، وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر ، فإنه ملكان يناديان : هل من تائب يتاب عليه؟ هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من طالب حاجة فيقضى له؟ فأجيبوا داعي الله واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فإنه سرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض ، وهي الساعة التي يقسّم الله فيها الرزق بين عباده ، توكلوا على الله عند ركعتي الفجر إذا صليتموها ، ففيها تعطوا الرغائب) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الدعاء حديث ١.

٤١٩

الثامن عشر ـ (ترك دخول المؤمن في سوم أخيه) (١) المؤمن (بيعا وشراء) بأن يطلب (٢) ابتياع الذي يريد أن يشتريه ، ويبذل زيادة عنه ليقدّمه البائع ، أو يبذل (٣) للمشتري متاعا غير ما اتفق هو والبائع عليه ، لقول النبي (ص) : «لا يسوم الرجل على سوم أخيه» وهو خبر معناه النهي ، ومن ثم قيل : بالتحريم ، لأنه الأصل في النهي ، وإنما يكره ، أو يحرم (بعد التراضي ، أو قربه) فلو ظهر (٤) له ما يدل على عدمه فلا كراهة ولا تحريم.

(ولو كان السوم بين اثنين (٥) سواء دخل أحدهما على النهي ، أم لا بأن ابتدءا فيه معا قبل محل النهي (لم يجعل نفسه بدلا من أحدهما) لصدق الدخول في السوم ، (ولا كراهة فيما يكون في الدلالة) ، لأنها موضوعة عرفا لطلب الزيادة ما دام الدلال يطلبها ، فإذا حصل الاتفاق بين الدلال والغريم تعلقت الكراهة ، لأنه (٦) لا يكون حينئذ في الدلالة وإن كان (٧) بيد الدلال.

______________________________________________________

(١) لخبر الحسين بن زيد عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم) (١) ، وخبر الدعائم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أنه نهى أن يساوم الرجل على سوم أخيه) (٢) ، والنهي ظاهر في التحريم فلذا ذهب الشيخ في المبسوط وجماعة إلى الحرمة.

وذهب المحقق وجماعة وهو المشهور إلى الكراهة لضعف السند ، وهذا والمراد بالدخول في سوم أخيه الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري ، أو بذل مبيع للمشتري غير ما بذله البائع ، إذا كان ذلك بعد تراضيهما أو قربه ، أما لو ظهر منهما أو من أحدهما عدم الرضا كما لو انصرف أحدهما فلا كراهة ، ثم هذا كله إذا لم يكن البيع مبنيا على المزايدة ، أما لو كان كذلك فلا كراهة في الزيادة عند زيادة الآخرين.

(٢) هذا بيان الدخول في سوم أخيه المشتري.

(٣) هذا بيان الدخول في سوم أخيه البائع.

(٤) للداخل.

(٥) أي بين مشتريين على مبيع واحد.

(٦) لأن الدخول.

(٧) أي المبيع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ٣.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١.

٤٢٠