الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

 

______________________________________________________

ـ شُهَدٰاءَ) (١) وقوله تعالى : (لَوْ لٰا جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ) (٢) وقوله تعالى فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) (٣) ، والأخبار كثيرة على ثبوت الزنا بأربعة شهداء سيأتي التعرض لبعضها في كتاب الحدود ، لكن لا نص على ثبوت اللواط والمساحقة بأربعة شهداء كما اعترف بذلك صاحب الجواهر ، نعم قد ورد في اللواط ثبوته بالاقرار أربعا كما في صحيح مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (بينما أمير المؤمنين عليه‌السلام في ملاء من أصحابه ، إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له : يا هذا امض إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك ، فلما كان من الغد عاد إليه ، فقال له : يا أمير المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له : اذهب إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته ، الأولى ، فلما كان في الرابعة قال له : يا هذا ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت ، قال : وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت ، أو إهداب ـ إهداء ـ من جبل مشدود اليدين والرجلين ، أو إحراق بالنار) (٤) إلى أخر الخبر ، وبما أن الاقرار بمنزلة الشاهد فيثبت أن المعتبر من الشهود أربعة.

وقد ورد في المساحقة أنها كاللواط في الرجال كما في مرسل الطبرسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال) (٥) ، فما يجري في اللواط يجري في المساحقة من الأحكام.

ثم يثبت الزنا من بين هذه الثلاثة بثلاثة رجال وامرأتين وهذا موجب للرجم ويثبت بشهادة رجلين وأربع نساء ولكن لا يثبت به إلا الجلد لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن شهادة النساء في الرجم ، فقال : إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ، وإذا كان رجلان وأربع نسوة لم تجز في الرجم) (٦) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (سئل عن رجل محض فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان وجب عليه الرجم ، وإن شهد عليه رجلان وأربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا يرجم ولكن يضرب حد الزاني) (٧) ـ

__________________

(١) سورة النور ، آية : ٤.

(٢) سورة النور ، آية : ١٣.

(٣) سورة النساء آية : ١٥.

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب اللواط حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد السحق والقيادة حديث ٣.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٣ و ١٠.

١٨١

(ويكفي في) الزنا (الموجب للرجم ثلاثة رجال وامرأتان ، وللجلد رجلان وأربع نسوة) ولو أفرد هذين (١) عن القسم الأول (٢) وجعل الزنا قسما برأسه كما فعل في الدروس (٣) كان أنسب ، لاختلاف حاله (٤) بالنظر إلى الأول (٥) ، فإن الأولين (٦) لا يثبتان إلا بأربعة رجال والزنا يثبت بهم وبمن ذكر.

(ومنها) ما يثبت (برجلين) خاصة (وهي الرّدة والقذف والشرب) شرب الخمر

______________________________________________________

ـ وعدم جواز شهادتهم في الرجم لا مطلقا ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة ، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان» (١).

وعن الصدوقين والعلامة وأبي الصلاح من عدم الحد بشهادة رجلين وأربع نساء ، لأنه لو ثبت الزنا به لثبت الرجم دون الضرب ، وهو كالاجتهاد في قبال صحيحه الثاني المتقدم.

وعن الشيخ في الخلاف ثبوت الحد من الضرب دون الرجم بشهادة رجل واحد وست نساء وهو مما لا دليل عليه ، وعن الاسكافي إلحاق اللواط والسحق بالزنا في ثبوتهما بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين وبشهادة رجلين وأربع نسوة وهو أيضا ضعيف لعدم الدليل عليه.

(١) أي اللواط والسحق.

(٢) وهو الزنا.

(٣) حيث قال : (وتنقسم الحقوق بالنسبة إلى الشهود أقساما ، أحدها : ما لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال وهو اللواط والسحق ، وثانيها : ما لا يثبت إلا بأربعة أو ثلاثة وامرأتين وهو الزنا الموجب للرجم ، فإن شهد رجلان وأربع نساء يثبت الجلد لا الرجم ، فإن شهد رجل وست نساء أو انفردت النساء فلا ثبوت ، وفي الخلاف يثبت الجلد برجل وست نساء ، وظاهر ابن الجنيد مساواة اللواط والسحق للزنا في شهادة النساء ، ومنع بعض الأصحاب من قبول رجلين وأربع نساء في الجلد ، واختاره الفاضل ، وظاهر رواية الحلبي ثبوته) انتهى.

(٤) أي حال الزنا.

(٥) وهو ما يثبت بأربعة رجال.

(٦) وهما اللواط والسحق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.

١٨٢

وما في معناه (١) ، (وحد السرقة) (٢) احترز به عن نفس السرقة فإنها (٣) تثبت بهما ،

______________________________________________________

(١) أي معنى الخمر من المسكرات كالنبيذ والفقاع.

(٢) وضابط هذا هو بقية حق الله ما عدا الزنا واللواط والسحاق ، فإنه يثبت بشاهدين عدلين لاطلاق ما دل على قبولهما كقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (١) ، ولورود النصوص الكثيرة الخاصة في بعضها كخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان ، وشهد له ألف بالبراءة يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف ، لأنه دين مكتوم) (٢) وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام (سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الساحر فقال : إذا جاء رجلان عدلان فيشهدان عليه فقد حلّ دمه) (٣) ثم لا فرق في حقوق الله بين أن تكون حدودا كحد السرقة وشرب الخمر والردة وبين أن تكون مالية كالخمس والزكاة والكفارات والنذور ، وبل قيل إنه يعم ما يشتمل على الحقين من حق الله وحق الآدمي كالبلوغ والعدة والولاء والجرح والتعديل والعفو عن القصاص والإسلام.

وقد وردت الروايات بعدم قبول شهادة النساء في الحدود التي هي حق الله تعالى.

منها : صحيح جميل بن دراج ومحمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود ، قال : في القتل وحده ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) (٤) وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود ، إلا في الديون ، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه) (٥) وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في القود) (٦) ومثله خبر موسى بن إسماعيل بن جعفر (٧).

ومقتضى هذه الأخبار عدم جواز شهادة النساء منفردات أو منضمات إلى الرجال في الحدود ، ولا يعارضها إلا ذيل خبر عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال) (٨) ، وهو شاذ لا عامل به منا فلا يصلح لمعارضة ما تقدم فضلا عن أن الكليني قد أورد الخبر مجردا عن هذا الذيل (٩) والكليني اضبط من الشيخ إذ هو الذي أورد الخبر المتضمن لهذا الذيل.

(٣) أي نفس السرقة فيثبت نفس المال بشهادة عدلين بلا خلاف فيه ، ويثبت بشاهد وامرأتين ـ

__________________

(١) سورة الطلاق ، آية : ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٤٢.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢٩ و ٣٠ و ٢١ و ١٤.

١٨٣

وبشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين بالنسبة إلى ثبوت المال خاصة ، (والزكاة والخمس والنذر والكفارة) وهذه الأربعة ألحقها المصنف بحقوق الله تعالى وإن كان للآدمي فيها حظ بل هو المقصود منها ، لعدم (١) تعين المستحق على الخصوص. وضابط هذا القسم (٢) على ما ذكره بعض الأصحاب ما كان من حقوق الآدمي (٣) ليس مالا ، ولا

______________________________________________________

ـ وبشاهد ويمين بناء على أن الأخير جار في حقوق الآدمي المالية ، وقد عرفت في بحث القضاء اختصاصه بالدين فقط.

(١) تعليل لإلحاق الأربعة بحق الله تعالى.

(٢) ظاهر كلامه أن المراد بالقسم هو حق الله تعالى غير الزنا واللواط والسحق ، ولكن كلامه الآتي من كونه ليس مالا ولا المقصود منه المال يدل على أن مراده هو القسم الأول من حقوق الآدمي ، وهذا الخلط الواقع من الشارح قد أشار إليه الشيخ أحمد التوني في حاشيته.

(٣) اعلم أن أكثر الأصحاب قد قسموا حقوق الآدمي إلى ثلاثة أقسام :

الأول : ما لا يثبت إلا بشاهدين كالطلاق والخلع والوكالة والوصية إليه والنسب ورؤية الاهلة وفي العتق والنكاح والقصاص خلاف بينهم ، وضابط هذا القسم عندهم على ما في الدروس من كونه من حقوق الآدمي وهو ليس مالا ولا المقصود منه المال.

الثاني : ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين كالديون والقرض والغصب وعقود المعاوضات كالبيع والصرف والسلم والصلح والإجارة والمساقاة والرهن والوصية له والجنابة التي توجب الدية ، وفي الوقف خلاف ، وضابط هذا القسم عندهم ما كان حق الآدمي ماليا أو المقصود منه المال.

الثالث : ما يثبت بالرجال والنساء منضمات أو منفردات كالولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة ، وفي الرضاع خلاف ، وضابط هذا القسم عندهم ما يعسر اطلاع الرجال عليه غالبا.

أما ضابط القسم الثالث فهو منصوص وسيأتي التعرض له ، وأما ضابط القسم الثاني فهو متصيّد من صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق الله عزوجل أو رؤية الهلال فلا) (١) ، هذا وقد عرفت في باب القضاء أنه محمول على الدين فقط. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٢.

١٨٤

المقصود منه المال ، وهذا الضابط (١) لا يدخل تلك الحقوق الأربعة فيه (٢).

(و) منه (٣) (الإسلام والبلوغ والولاء والتعديل والجرح والعفو عن القصاص (٤) والطلاق والخلع) وإن تضمن المال ، لكنه ليس نفس حقيقته (والوكالة)

______________________________________________________

ـ وأما ضابط القسم الأول فلا دليل عليه من نص ولذا قال في الجواهر : (ولكن لم أقف في النصوص على ما يفيده ، بل فيها ما ينافيه) وهذا الأكثر قد قسّم حق الله إلى قسمين :

الأول : الزنا واللواط والسحق ما يثبت بأربعة رجال.

الثاني : ما عدا ذلك مما يثبت بشهادة عدلين ولا يثبت بالنساء منفردات ولا منضمات ولا بشاهد ويمين ، إلا أن المصنف هنا قد قسم الحقوق بتقسيم آخر بالنسبة إلى الشهود ، فتارة ما يثبت بأربعة كالزنا وأخرى ما يثبت برجلين كبقية حقوق الله والقسم الأول من حقوق الآدمي ، وثالثة ما يثبت برجلين أو رجل وامرأتين أو رجل ويمين وهو القسم الثاني من حقوق الآدمي ، ورابعة ما يثبت بالرجال والنساء منفردات أو منضمات وهو القسم الثالث ، من حقوق الآدمي المتقدم ، وخامسة ما يثبت بالنساء سواء ضممن للرجال أو لليمين وهو الديون والأموال ، وفيه : إن الخامس ليس قسما على حدا بل هو مندرج تحت القسم الثاني من حقوق الآدمي المتقدم فلا داعي لجعله قسما مستقلا هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك خلط بين بعض حقوق الله وبعض حقوق الناس وذلك عند التكلم فيما يثبت بشهادة عدلين ، ومن جهة ثالثة تعرف السرّ في إدراج ضابطة القسم الأول من حقوق الآدمي عند التكلم في حقوق الله في كلام الشارح.

(١) أي ضابط القسم الأول من حقوق الآدمي.

(٢) في حق الله تعالى ، بل تبقى هذه الأربعة مندرجة تحته ، هذا ولعل من أدرجها في حق الله لما قاله الشارح من عدم تعين المستحق لها ، ومن أدرجها تحت القسم الأول من حق الآدمي لعدم الحد فيها.

(٣) أي من القسم الأول من حقوق الآدمي على تقسيم الأكثر.

(٤) أما ثبوت هذه المذكورات بشهادة العدلين فهو مما لا خلاف فيه لعموم أدلة اعتبار شهادتهما كقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (١) ، ولا تثبت هذه المذكورات بشهادة النساء منضمات أو منفردات بلا خلاف فيه لما سيأتي من كون شهادة النساء ثابتة في موارد خاصة ـ كما سيأتي ـ وهذه ليست منها ، وأما عدم ثبوتها بالشاهد واليمين فلما تقدم في باب القضاء من اختصاصه بالدين فقط على ما هو الأقوى.

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ٢.

١٨٥

(والوصية إليه) احترز به عن الوصية له بمال فإنه من القسم الثالث (والنسب والهلال (١) ، وبهذا يظهر أن الهلال من حق الآدمي ، فيثبت فيه الشهادة على الشهادة كما سيأتي.

______________________________________________________

(١) وهذه المذكورات من الطلاق والخلع والوكالة والوصية إليه والنسب والهلال فهي تثبت بشهادة العدلين بلا خلاف فيه لعموم اعتبار دليلها المتقدم ، وأما عدم ثبوتها بشهادة النساء منفردات فلا خلاف فيه ظاهرا ، وأما ثبوتها بشهادة النساء منضمات إلى الرجال ففيه خلاف ، فعلى المشهور عدم القبول للأخبار.

منها : خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (أنه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في نكاح ولا طلاق ولا في حدود إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه) (١) ، وصحيح العلاء عن أحدهما عليهما‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، وسألته هل تجوز شهادتهن وحدهن؟ قال : نعم في العذرة والنفساء) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم (لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق) (٣) ، وذيل خبر داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إلى أن قال ـ وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الانكار ، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين فقلت : فإنّي ذكر الله تعالى قوله : فرجل وامرأتان ، فقال : ذلك في الدين ، إذا لم يكن رجلان فرجل وامرأتان ، ورجل واحد ويمين المدعي إذا لم يكن امرأتان ، قضى بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام بعده عندكم) (٤) ، والأخير ظاهر في أن يمين المدعي قائم مقام المرأتين ، وهما قائمتان مقام الشاهد في الدين فقط ، فلا تسمع شهادتهن منضمة إلى الرجال في غيره إلا أن يقال أنه عليه‌السلام قد حصر ذلك في مقام تفسير قوله تعالى : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتٰانِ) (٥) ، والآية واردة في الدين وهذا لا يفيد الحصر ونفي شهادة النساء المنضمة في غيره. هذا وقد اختلف كلام الشيخ في الطلاق ففي الخلاف والنهاية المنع من قبول شهادة النساء والمنضمة إلى الرجال لخبر السكوني وصحيح ابن مسلم المتقدمين ، ومثلها غيرها.

وذهب الشيخ في المبسوط إلى القبول ، ونسبه في المسالك إلى جماعة وقال في الجواهر : (وإن كنا لم نتحقق منهم إلا ما يحكى عن أبي علي أنه قال : لا بأس بشهادتهن مع الرجال في الحدود والأنساب والطلاق) ، ولم اعثر على خبر قد دل على جواز قبول شهادتهن في الطلاق. ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٤٢ و ١٨ و ٨ و ٣٥.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وأما الخلع فكذلك لا يثبت بشهادتهن المنضمة ، وقيل : يثبت إذا ادعاه الرجل لأنه متضمن لدعوى المال ، وهو مبني على كون الدعوى إذا كانت مالا أو المقصود منه المال فتقبل شهادة النساء المنضمة كما سيأتي وهو ضعيف.

وأما الوكالة والوصية إليه والنسب والهلال سواء كان في شهر رمضان أو غيره مما يترتب عليه حلول آجال الديون والإرث ونحوه فالمشهور على العدم لما تقدم ، وعن المبسوط قبول شهادة النساء المنضمة فيها ، وعن أبي علي في كلامه المنقول سابقا في خصوص النسب ، وهما ضعيفان لا مستند لهما.

هذا بالنسبة للمذكور في كلام الماتن ، وأيضا وقع الخلاف في العتق فقيل تسمع شهادتهن المنضمة لأن العتق إثبات المالية للمملوك وفكها عن السيد كما عليه الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد ، وردّ بأن المقصود من العتق إنما هو فك ملك وهو ليس بمال.

وأيضا وقع الخلاف في القصاص فعن الأكثر القبول للأخبار.

منها : صحيح جميل ومحمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال : في القتل وحده ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) (١) ، وهو محمول على ثبوت الدية بشهادتهن لا القود جمعا بينه وبين صحيح ربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في القتل) (٢) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود) (٣) ، وعن الشيخ في الخلاف المنع من القبول لهذين الخبرين الأخيرين وخبر محمد بن الفضيل عن الرضا عليه‌السلام (لا يجوز شهادتهن في الطلاق ولا في الدم) (٤) ، وهذه الأخبار محمولة على عدم جواز شهادتهن منفردات أو بالنسبة للقود لا الدية.

وأيضا وقع الخلاف في النكاح فعن جماعة القبول منهم الصدوقان والاسكافي والعماني والحلبي بل نسب إلى أكثر المتأخرين للأخبار.

منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن شهادة النساء تجوز في النكاح؟ قال نعم) (٥) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن شهادة النساء في النكاح فقال : يجوز إذا كان معهن رجل ، وكان علي عليه‌السلام يقول : لا أجيزها في الطلاق ، ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢٧ و ٢٩ و ٧.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١١.

١٨٧

(ومنها : ما يثبت برجلين ، ورجل وامرأتين ، وشاهد ويمين ، وهو) كل ما كان مالا ، أو الغرض منه المال (١) ، مثل (الديون والأموال) الثابتة من غير أن

______________________________________________________

ـ قلت : تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين ، قال : نعم) (١) ، وخبر أبي بصير (سألته عن شهادة النساء فقال : تجوز شهادة النساء وحدهنّ على ما لا يستطيع الرجال النظر إليه ، وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهن رجل ، ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم غير أنها تجوز شهادتها في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة) (٢).

وعن المفيد والديلمي وابن حمزة والحلي بل نسبه الصيمري إلى المشهور عدم القبول ، لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود ، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه) (٣) ، والترجيح للأول لكثرة العدد.

(١) فيشمل القرض والغصب والبيع والصرف والسلم والصلح والإجارة والمساقاة والرهن والوصية له والجناية التي توجب الدية كالخطإ وشبه العمد وقتل الحر للعبد والأب للولد والمسلم للذمي وقتل الصبي والمجنون ، ويشمل المأمومة والجائفة وكسر العظام وغير ذلك مما يكون متعلق الدعوى مالا أو المقصود منه المال.

أما الدين فهو مما يثبت بشهادة عدلين لعموم دليل اعتبارها ، ويثبت بشاهد ويمين لما تقدم في كتاب القضاء ، ويثبت بشاهد وامرأتين ، بلا خلاف لقوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتٰانِ) (٤) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين ، قال : نعم) (٥) ومثلها غيرها.

وأما بقية الموارد المذكور ؛ فإثباتها بشاهد ويمين فقد تقدم الخلاف فيه في باب القضاء والأقوى عدم الثبوت.

وأما إثباتها بشاهد وامرأتين فقد يستدل للثبوت بالآية المتقدمة بدعوى إلغاء خصوصية المورد وفيه : لا دليل على الغاء الخصوصية ؛ بل يظهر عدم التعدي من خبر داود الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فقلت : فأني ذكر الله تعالى قوله : فرجل وامرأتان ، فقال : ذلك في الدين إذا لم يكن رجلان فرجل وامرأتان ، ورجل واحد ويمين المدعي إذا لم يكن امرأتان) (٦). ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢ و ٤ و ٤٢.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٣٥.

١٨٨

تدخل في اسم الدين (والجناية الموجبة للدية) كقتل الخطأ والعمد المشتمل على التغرير بالنفس كالهاشمة والمنقّلة ، وما لا قود فيه كقتل الوالد ولده ، والمسلم الكافر ، والحر العبد ، وقد تقدم في باب الشاهد واليمين ، ولم يذكر ثبوت ذلك (١) بامرأتين ، مع اليمين (٢) مع أنه قوّى في الدروس ثبوته بهما ، للرواية (٣) ،

______________________________________________________

ـ واستدل على الثبوت بقياس شهادة المرأتين باليمين ، فكما تثبت هذه الأمور بشاهد ويمين فكذلك بشاهد وامرأتين ، وفيه : أما الملازمة بين شهادة المرأتين واليمين فهي مستفادة من خبر داود بن الحصين المتقدم لكن قد عرفت انحصار الشاهد واليمين بالدين فقط.

والأقوى أن شهادة المرأتين مع الرجل مختصة بموارد قبول الشاهد واليمين المنحصر : في الدين هذا في الحقوق والأموال ، وقبول شهادة النساء منضمات مع الرجل في القتل خاصة بالنسبة للدية لعدم ذهاب حق المسلم هذا في الحدود إلا الزنا واللواط والمساحقة فقد عرفت الحكم فيها ، وتقبل شهادتهن منفردات أو منضمات في ما لا يجوز للرجال النظر إليه وفي النكاح تقبل شهادتهن منضمة إلى الرجال للنصوص الخاصة ، وأما غير ذلك فلا لعدم الدليل عليه أو لأنه معارض بغيره وسيأتي قبول شهادة المرأة الواحدة في ربع الوصية ، وفي الاستهلال ويثبت ربع الميراث.

(١) أي الديون والأموال والجناية الموجبة للدية بل كل ما هو مال أو قصد منه المال.

(٢) قد تقدم البحث فيه في كتاب القضاء ، والأكثر على الثبوت ، لخبر منصور بن حازم (حدثني الثقة عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : إذ شهدت لصاحب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله أن حقه لحق) (٢).

وخالف ابن إدريس فمنع قبول شهادة المرأتين مع اليمين محتجا بعدم الاجماع وعدم تواتر الأخبار وهو مبني على عدم جواز العمل بالخبر الواحد وهو مبنى ضعيف. ثم إن المشهور تعميم قبول شهادة المرأتين مع اليمين في كل مورد يكون متعلق الدعوى هو المال أو قصد به المال وهو مما لا دليل عليه وإنما صحيح الحلبي قد اقتصر على الدين فقط ففي غيره عدم القبول للأصل.

(٣) والمقصود بها خبر منصور بن حازم المتقدم ، بناء على أن لفظ الحق الوارد فيها يشمل ما كان مالا أو ما قصد به المال ، وقد عرفت أنه مختص بالدين فقط.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ٤ و ٣.

١٨٩

ومساواتهما للرجل حالة انضمامهما إليه (١) في ثبوته (٢) بهما من غير يمين (٣).

وبقي من الأحكام أمور تجمع حق الآدمي المالي وغيره (٤) ، كالنكاح والخلع والسرقة ، فيثبت بالشاهد واليمين المال دون غيره (٥) ، واستبعد المصنف ثبوت المهر دون النكاح للتنافي (٦).

(ومنها) ما يثبت (بالرجال والنساء ولو منفردات). وضابطه ما يعسر اطلاع الرجال عليه غالبا (٧) ، (كالولادة والاستهلال) وهو ولادة الولد حيا ليرث ، سمّي

______________________________________________________

(١) إلى الرجل.

(٢) أي ثبوت المشهود به.

(٣) والحاصل أن المرأتين والشاهد مما تقبل شهادتهما فكذا المرأتين واليمين ، لأن اليمين بمنزلة الشاهد على ما تقدم من قبول الشاهد واليمين في مقام تعذر شهادة العدلين.

(٤) وهو حق الله.

(٥) وهو ثبوت العلقة الزوجية في النكاح والبينونة في الخلع والحد في السرقة.

(٦) لأنهما متلازمان ، ومما تقدم تعرف ضعف ثبوت ما ذكر بالشاهد واليمين وكذا بالمرأتين والشاهد.

(٧) كالولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة ، بلا خلاف فيه لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما لا يجوز للرجال النظر إليه) ، وتجوز شهادة القابلة وحدها في النفوس) (١) وخبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة النساء في العذرة وكل عيب لا يراه الرجل) (٢) ، وخبر السكوني المتقدم (شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود ، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه) (٣) ، وصحيح العلاء عن أحدهما عليهما‌السلام (لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، وسألته هل تجوز شهادتهن وحدهن؟ قال : نعم في العذرة والنفساء) (٤) ومثله صحيح محمد بن مسلم (٥) ، وخبر داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أجيز شهادة النساء في الغلام صاح أو لم يصح ، وفي كل شي‌ء لا ينظر إليه الرجال تجوز شهادة النساء فيه) (٦) ، والأخبار كثيرة.

ثم على المشهور أن ثبوت المشهور به متحقق سواء انفردن أو ضم إليهن الرجال ، أما مع ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١٠ و ٩ و ٤٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١٨ و ١٩ و ١٢.

١٩٠

ذلك استهلالا ، للصوت الحاصل عند ولادته ممن حضر عادة ، كتصويت من رأى الهلال ، فاشتق منه ، (وعيوب النساء الباطنة) كالقرن والرتق ، دون الظاهرة كالجذام والبرص والعمى ، فإنه من القسم الثاني (١) ، (والرضاع) على الأقوى ، (والوصية له (٢) أي بالمال ، احتراز عن الوصية إليه (٣) ، وهذا الفرد (٤) خارج من

______________________________________________________

ـ الانفراد فلما سمعت وأما مع الانضمام لأن الرجال هم الأصل في الشهادة ولم يخالف إلا القاضي من أنه لا يجوز أن يكون معهن أحد من الرجال وهو ضعيف.

نعم وقع الخلاف في الرضاع فقد ذهب المفيد وسلار وابن حمزة والعلامة في القواعد إلى قبول شهادة النساء منفردات فيه لقوله عليه‌السلام (ما لا يجوز الرجال النظر إليه) كما في صحيح ابن سنان المتقدم وقوله عليه‌السلام (ما لا يستطيع الرجال النظر إليه) كما في خبر السكوني المتقدم.

وعن الأكثر العدم لإمكان اطلاع الرجال عليه فلا يندرج تحت ضابطة هذا القسم ، بل عن المبسوط (فأما في الرضاع فقد روى أصحابنا أنه لا يقبل شهادتهن). وهو بالإضافة إلى أنه مرسل وغير موجود في الأصول المعتبرة لم يعمل به الشيخ نفسه في المبسوط في كتاب الشهادات على ما قيل.

(١) أي يثبت برجلين خاصة.

(٢) لا خلاف في ثبوت ربع الوصية بشهادة المرأة الواحدة ، والنصف بشهادة اثنتين ، وثلاثة أرباع بشهادة ثلاث نساء ، وتمام الموصى به بشهادة أربع للأخبار.

منها : صحيح ربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل ، فقال : يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (أنه قضى في وصية لم يشهدها إلا امرأة ، فأجاز شهادة المرأة في ربع الوصية) (٢) ، وصحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصية لم يشهدها إلا امرأة أن تجوز شهادة المرأة في ربع الوصية إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها) (٣).

(٣) فإنها وصية عهدية بخلاف السابق فإنها وصية تمليكية ، والوصية العهدية لا تثبت إلا بشهادة رجلين كما هو الأصل في كل مورد.

(٤) وهو الوصية التمليكية.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١ و ٤ و ٣.

١٩١

الضابط (١) ، ولو أفرده قسما كما صنع في الدروس كان حسنا ، ليرتب عليه باقي

______________________________________________________

(١) وهو ما يعسر اطلاع الرجال عليه ، وكذا وقع الاتفاق على قبول شهادة المرأة الواحدة في ربع الميراث إذا شهدت باستهلاله للأخبار.

منها : صحيح عمر بن يزيد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض ثم مات ، قال : على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام) (١) وخبر سماعة (القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة) (٢) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهل وصاح في الميراث ، ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فإن كانت امرأتين؟ قال : تجوز شهادتها في النصف من الميراث) (٣) ، ومرسل الفقيه بعد أن أورد صحيح عمر بن يزيد قال (وفي رواية أخرى : إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث ، وإن كنّ ثلاثة نسوة جازت شهادتهن في ثلاث أرباع الميراث ، وإن كن أربعا جازت شهادتهن في الميراث كله) (٤) ، ولا تقبل شهادة الواحدة ، في غير هذين الموردين على المشهور نعم عن الكافي والغنية والاصباح ثبوت ربع الدية بشهادتها أيضا ، لصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة) (٥) ، وخبر عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن امرأة شهدت على رجل أنه دفع صبيا في بئر فمات قال : على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة) (٦) ، والأكثر على العدم. والخبران حجة عليهم مع أن الأول صحيح السند فدعوى أنهما ضعيفا السند فيرجع إلى الأصل من عدم قبول شهادتها في الربع ليس في محله. ومقتضى الأخبار أن شهادة أربع نسوة بمقدار شهادة رجلين ، وأن شهادتهن من دون يمين ولو كانت واحدة ، وهذه وإن وردت في الاستهلال بالنسبة للميراث لكن يستفاد والحكم منها بالنسبة للوصية لو شهدت اثنتان أو ثلاث أو أربع نسوة بعد كون أخبار الوصية قد اقتصرت على شهادة المرأة الواحدة.

ثم هل يتعدى عن مورد النصوص وهو شهادة المرأة منفردة عن الرجل إلى شهادة الرجل المنفرد فيثبت بشهادته النصف من الوصية والميراث باعتبار كونه في قبال المرأتين ، أو يكون الرجل كالمرأة في ثبوت الربع فقط من غير يمين ، أو تسقط شهادته أصلا باعتبار ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٦ و ٢٣ و ٤٥ و ٤٨ و ٢٦ و ٣٣.

١٩٢

أحكامه ، فإنه (١) يختص بثبوت جميع الوصية برجلين ، وبأربع نسوة ، وثبوت ربعها بكل واحدة ، فبالواحدة الربع ، وبالاثنتين النصف ، وبالثلاث ثلاث الأرباع ، من غير يمين ، وباليمين مع المرأتين (٢) ومع الرجل (٣) ، وفي ثبوت النصف (٤) بالرجل (٥) ، أو الربع (٦) من غير يمين (٧) ، أو سقوط شهادته أصلا أوجه ، من مساواته للاثنتين (٨) وعدم (٩) النص وأنه (١٠) لا يقصر عن المرأة ، والأوسط (١١) أوسط ، وأشكل منه الخنثى ، وإلحاقه بالمرأة قوي (١٢) ، وليس للمرأة تضعيف المال ليصير ما أوصى به ربع ما شهدت به (١٣) للكذب ، لكن لو فعلت استباح الموصى

______________________________________________________

ـ عدم النص إلا في المرأة أوجه ثلاثة فالأول باعتبار كون الرجل في قبال المرأتين في بقية الموارد ، وفيه : إنه قياس لا نقول به ، إذ كان الرجل في قبال المرأتين مع ضم رجل آخر أو يمين وهنا لا ضميمة.

والثاني باعتبار أنه لا يقصر عن المرأة وفيه : إنه استحسان محض.

والثالث باعتبار عدم النص وهو الأقوى.

(١) فإن هذا الفرد.

(٢) بناء على قبول قول المرأتين مع اليمين في كل ما هو مال أو قصد منه المال ، وقد عرفت ضعفه.

(٣) أي واليمين مع الشاهد ، وهو أيضا مبني على كونه جاريا في كل دعوى كان متعلقها المال أو قصد منها المال ، وقد عرفت أنه مختص بالدين فقط.

(٤) أي نصف الوصية.

(٥) باعتبار كونه في قبال المرأتين في بقية الموارد.

(٦) إذ لا يقصر على المرأة.

(٧) كما هي كذلك على ما قد صرحت به الأخبار المتقدمة.

(٨) دليل الوجه الأول.

(٩) دليل الوجه الثالث.

(١٠) دليل الوجه الثاني.

(١١) باعتبار الدعوى بأنه يثبت الربع من غير يمين.

(١٢) للشك في ذكوريته.

(١٣) أي تزيد في المشهود به ليكون ربع ما شهدت به يساوي تمام ما أوصي له ، وهو محرم لحرمة الكذب ولمرسل يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحد حقه ويحلف عليه ، إذ ليس عليه شي‌ء وليس لصاحب الحق على حقه بينة ، ـ

١٩٣

له الجميع مع علمه بالوصية لا بدونه (١) ، وكذا القول فيما (٢) [لا] يثبت بشهادته (٣) الجميع.

(ومنها) : ما يثبت (بالنساء منضمات) إلى الرجال (خاصة) أو إلى اليمين على ما تقدم (وهو الديون والأموال) وهذا القسم داخل في الثالث (٤) ، قيل : وإنما أفرد ليعلم احتياج النساء إلى الرجال (٥) فيه صريحا ، وليس بصحيح (٦) ، لأن الانضمام يصدق مع اليمين ، وفي الأول (٧) تصريح بانضمامهن إلى الرجل صريحا ، فلو عكس (٨) المعتذر كان أولى ، ولقد كان إبداله (٩) ببعض ما أشرنا إليه من

______________________________________________________

ـ يجوز له إحياء حقه بشهادة الزور إذا خشي ذهاب حقه ، قال : لا يجوز ذلك لعلة التدليس) (١). وفي كشف اللثام الحل وإن حرم التزوير لمرسل عثمان بن عيسى عن عبد الله عليه‌السلام (تكون للرجل من اخواني عندي الشهادة ، ليس كلها تجيزها القضاة عندنا ، قال : إذا علمت أنها حق فصحّها بكل وجه حتى يصح له حقه) (٢) ، وفيه : إنه لا دلالة على موردنا بل هو ناظر إلى كيفية عرض الشهادة لا إلى الكذب في المشهود به.

(١) أي بدون العلم.

(٢) أي في كل مورد.

(٣) أي بشهادة الشاهد وذلك في المرأتين والثلاث ، فإنه يثبت النصف وثلاثة أرباع.

(٤) وهو ما كان متعلق الدعوى مالا أو قصد منه المال.

(٥) ولو رجل واحد ، ليعلم عدم قبول شهادتهن فيه منفردات.

(٦) لأن عبارة المصنف هنا غير ظاهرة في ذلك إذ قال المصنف (ومنها بالنساء منضمات خاصة) وهذا كما يصدق مع الانضمام إلى الرجال يصدق مع الانضمام إلى اليمين ، وفيه : إنه على كل حال لا تقبل شهادتهن منفردات في الديون والأموال.

(٧) أي في كلامه الأول عند ثبوت الدعوى في الأموال والديون قد صرح الماتن بانضمام النساء إلى الرجل صريحا حيث

قال : (ومنها ما يثبت برجلين ورجل وامرأتين وشاهد ويمين وهو الديون والأموال) ، وأما هنا فليس بصريح بالانضمام إلى الرجل.

(٨) بأن قال ليعلم عدم احتياج النساء إلى الرجال إذ يكفي انضمامهن إلى اليمين كان أولى ، وعل كل فمراد الماتن أنه لا يكفي شهادتهن منفردات ولا داعي لهذا الشرح من الشارح.

(٩) أي إبدال هذا القسم وهو ما يثبت بالنساء ومنضمات خاصة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٣.

١٩٤

الأقسام سابقا التي أدرجها (١) ، وإدراجه (٢) هو أولى كما فعل في الدروس.

(الفصل الثالث

في الشهادة على الشهادة (٣).(ومحلها حقوق الناس كافة (٤) بل ضابطه كل ما لم يكن عقوبة لله تعالى مختصة به إجماعا ، أو مشتركة على الخلاف (سواء كانت)

______________________________________________________

(١) وهو الوصية حيث أدرجها في ضابطة ما يعسر الاطلاع عليه مع أنها قسم برأسه.

(٢) أي إدراج هذا القسم الخامس تحت الثالث السابق ، والمعنى : فلو استبدل هذا القسم الخامس بالوصية المدرجة عنده في القسم الرابع لأن الوصية قسم برأسه ، مع إدراج القسم الخامس في الثالث كان أولى.

(٣) بلا خلاف للأخبار.

منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد ، قال : نعم ، ولو كان خلف سارية يجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها هو لعلّة تمنعه عن أن يحضره ويقيمها ، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته) (١).

(٤) بل محلها كل مورد للإطلاق في دليل اعتبارها ، ما عدا الحدود ، لخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (أنه كان لا يجيز شهادة على شهادة في حد) (٢) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : (لا تجوز شهادة على شهادة في حد) (٣).

ومقتضى إطلاقها عدم الفرق فيما لو كان الحد محضا لله كحد الزنا واللواط أو مشتركا بينه تعالى وبين الآدمي كحد السرقة والقذف وهذا ما عليه المشهور ، وعن المبسوط وابن حمزة وفخر المحققين والشهيد في النكت والشارح في المسالك القبول في الحد المشترك تغليبا لحق الآدمي مع استصفاف هذين الخبرين ، وفيه : إنهما منجبران بعمل الأصحاب.

ثم إن دليل اعتبار الشهادة على الشهادة يشمل الزكاة والأوقاف والجهات العامة والهلال ، وعن العلامة في التذكرة عدم القبول في الهلال لأصالة البراءة مع اختصاص قبول الشهادة على الشهادة بالأموال وحقوق الآدمي فقط ، وفيه : أما الأصل فمنقطع للأخبار على أن التمسك بأصل البراءة في مثله محل منع ، وأما اختصاص مورد الشهادة على الشهادة بما ذكر فلا دليل عليه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢.

١٩٥

الحقوق (عقوبة كالقصاص ، أو غير عقوبة) مع كونه حقا غير مالي (كالطلاق والنسب والعتق ، أو مالا كالقرض ، وعقود المعاوضات ، وعيوب النساء) هذا وما بعده من أفراد الحقوق التي ليست مالا رتّبها مشوشة (والولادة ، والاستهلال ، والوكالة والوصية بقسميها) وهما الوصية إليه وله.

(ولا يثبت في حق الله تعالى محضا كالزنا (١) واللواط والسحق ، أو مشتركا كالسرقة والقذف ، على خلاف) ، منشأه مراعاة الحقين ولم يرجح هنا شيئا ، وكذا في الدروس ، والوقوف على موضع اليقين (٢) أولى ، وهو اختيار الأكثر. فيبقى ضابط محل الشهادة على الشهادة ما ليس بحدّ.

(ولو اشتمل الحق على الأمرين (٣) كالزنا (٤) (يثبت) بالشهادة على الشهادة (حق الناس خاصة ، فيثبت بالشهادة) على الشهادة (على إقراره بالزنا نشر الحرمة) لأنها من حقوق الآدميين (لا الحد) لأنه عقوبة لله تعالى ، وإنما افتقر إلى إضافة الشهادة على الشهادة (٥) ليصير من أمثلة المبحث. أما لو شهد على إقراره بالزنا شاهدان فالحكم كذلك على خلاف (٦) ، لكنه (٧) من أحكام القسم

______________________________________________________

(١) أي كحد الزنا.

(٢) وهو غير الحد سواء كان مختصا أو مشتركا.

(٣) المراد بالحق هو سبب الحد ، والمراد بالأمرين حق الله وحق الناس.

(٤) أي نفس الزنا حيث مشتمل على الحد ومشتمل على نشر الحرمة بالنسبة إلى ابن الزاني أو أبيه ، أما الحد فقد عرفت عدم ثبوته بالشهادة على الشهادة ، أما بقية أحكامه فتثبت لإطلاق دليل اعتبار الشهادة على الشهادة ومثله السرقة ، والتفكيك بين المتلازمين في ظاهر الشريعة ليس بعزيز.

(٥) حيث أضاف الشارح لفظ (على الشهادة) لقول الماتن.

(٦) فذهب العلامة وولده في المختلف وشرح القواعد إلى عدم ثبوت الزنا بالشهادة على الاقرار مرة ، لأن أصل الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهود فالاقرار به متوقف على أربعة شهود.

وذهب الشيخ وابن إدريس إلى الثبوت بهما كسائر الأقارير لإطلاق دليل اعتبار البينة ، وعلى الأول لا يثبت شي‌ء وعلى الثاني يثبت الحد لو أقرّ ثلاث مرات مع هذا الاقرار المشهود به.

(٧) أي لكن الزنا المقرّ به والذي ثبت بشهادة عدلين على اقراره.

١٩٦

السابق (١). ومثله (٢) ما لو شهد على إقراره بإتيان البهيمة شاهدان يثبت بالشهادة عليهما (٣) تحريم البهيمة وبيعها ، دون الحد ، (ويجب أن يشهد على كل واحد عدلان (٤) لتثبت شهادته بهما.

(ولو شهدا (٥) ...

______________________________________________________

(١) وهو ما لو كان حدا مختصا لله تعالى ، وعليه فلو قامت الشهادة على الشهادة باقراره بالزنا فلا يثبت الحد وتثبت بقية الأحكام.

(٢) أي ومثل الزنا المقرّ به والثابت بشهادة اثنين.

(٣) على شاهدي الاقرار.

(٤) لخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (أنه كان لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا شهادة رجلين على رجل) (١) ومثله خبر غياث بن إبراهيم (٢) ، ولمرسل الصدوق عن الإمام الصادق عليه‌السلام (إذا شهد رجل على شهادة رجل ، فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة ، وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبتت شهادة رجل واحد) (٣).

(٥) أي لو شهد عدلان على شخص بأنه شهد على أمر ، ثم نفس العدلان شهدا على شخص آخر بأنه شهد على نفس الأمر ، لتحققت الشهادة على الشهادة ، ولأن شهادة الشاهد الأصلي قد ثبتت بشهادة عدلين وهو المعتبر في الإثبات خلافا للمحكي عن الشافعي في أحد قوليه فاعتبر المغايرة في شهود كل فرع فيعتبر شهود أربعة على الشاهدين ، ومبنى الخلاف على أن الشهادة على الشهادة هل لإثبات الشهادة أو للنيابة عنها ، فعلى الأول الذي هو مذهب الأصحاب يكفي شهادة اثنين على شهادة الأصل وإن لم تتغاير شهود الفرع ، وعلى الثاني فلا بد من أربعة في شهود الفرع ليكون كل اثنين منهم بحكم الواحد من شهود الأصل.

والحق ما عليه الأصحاب من أن الشهادة على الشهادة إنما هي لإثبات شهادة الأصل ولذا لا يشترط تغاير شهود الفرع.

بل وكذا لو شهد شاهد أصل وهو مع آخر على شهادة أصل آخر ، إذ كونه شاهد أصل لا ينافي كونه مع ذلك الغير شاهد فرع ، وكذا لو شهد اثنان على جماعة كفى شهادة الاثنين على كل واحد منهم ، فلو كان شهود الأصل أربعة كشهود أربعة رجال عدول في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢ و ٤ و ٥.

١٩٧

(على الشاهدين فما زاد) كالأربعة (١) في الزنا والنسوة (٢) (جاز) ، لحصول الغرض وهو ثبوت شهادة كل واحد (٣) بعدلين ، بل يجوز أن يكون الأصل فرعا لآخر (٤) فيثبت (٥) بشهادته مع آخر وفيما يقبل فيه شهادة النساء يجوز على كل امرأة أربع كالرجال (٦) وقيل لا يكون النساء فرعا ، لأن شهادة الفرع تثبت شهادة الأصل (٧) لا ما شهد به ، (ويشترط) في قبول شهادة الفرع (تعذر) (٨) حضور (شاهد الأصل)

______________________________________________________

ـ الزنا ، وشهود أربع نساء فيما تقبل شهادتهن فيه منفردات كفى شهادة اثنين على الجميع ، وعلى القول المخالف فيعتبر شهود أربعة على الشاهدين ويعتبر ثمانية شهود على الأربع من شهود الأصل ويعتبر ستة من شهود الفرع على الرجل والمرأتين من شهود الأصل.

(١) أي أربعة رجال.

(٢) أي أربع نساء فيما تقبل شهادتهن فيه منفردات.

(٣) من شهود الأصل.

(٤) أي لأصل آخر.

(٥) أي يثبت أحد الأصلين بشهادة الأصل الآخر مع شهادة آخر عليه.

(٦) كالرجال لأن البينة في النساء وأربع نسوة والبينة في الرجال شاهدان عدلان وعليه قد وقع بينهم الخلاف في جواز شهادة النساء فرعا في موضع تجوز شهادتهن فيه أصلا على قولين :

الأول : الجواز ، ذهب إليه الشيخ في الخلاف محتجا بالاجماع والأخبار ، وابن الجنيد والعلامة في المختلف وقال الأخير : (إن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل ، فإذا شهد رجلان على رجل جاز أن تشهد أربع نسوة على ذلك الرجل قضية للتساوي) ، ولازمه جواز أن تشهد أربع نسوة على امرأة أو على أربع نساء فيما لو انفردت بها في مورد تقبل شهادتهن فيه منفردات.

الثاني : المنع ذهب إليه الشيخ في موضع من المبسوط وابن إدريس والعلامة في غير المختلف والمحقق في (الشرائع) وتردد في النافع وكذا العلامة في الارشاد ، ووجه المنع أن مورد قبول شهادة النساء هو الديون والأموال فيما لو شاركهن رجل ، وفيما يعسر على الرجال الاطلاع عليه فيما لو انفردن بالشهادة ، وشهادة الأصل هنا ليست مالا وليست مما يعسر الاطلاع عليه وهو الأقوى.

(٧) وهي ليست مالا ولا مما يعسر اطلاع الرجال عليه.

(٨) فلا تقبل شهادة الفرع إلا عند تعذر حضور الأصل على المشهور شهرة عظيمة ، والمخالف إما والد الصدوق كما عن جماعة وإما ابن الجنيد كما عن الدروس ، وقد قوّى عدم ـ

١٩٨

(بموت ، أو مرض ، أو سفر) ، وشبهه ، (وضابطه المشقة في حضوره) وإن لم يبلغ حد التعذر.

واعلم أنه لا يشترط تعديل الفرع للأصل (١) ، وإنما ذلك فرض الحاكم ، نعم يعتبر تعيينه (٢) ، فلا تكفي أشهدنا عدلان ، ثم إن أشهداهما (٣) قالا : أشهدنا

______________________________________________________

ـ الاشتراط كاشف اللثام وجماعة من المتأخرين للأصل ، وفيه : إنه منقطع بخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد ، قال : نعم ، ولو كان خلف سارية يجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها هو لعلّة تمنعه عن أن يحضره ويقيمها ، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته) (١).

ويتحقق التعذر بالموت والمرض والغيبة التي يشق معها الحضور من دون تقدير لها ، وعن بعض العامة تقدير مسافة القصر ، ومنهم من اعتبر تعذر الرجوع إلى منزله ليبيت فيه ، وقد عرفت الضابطة من خبر محمد بن مسلم وهي (لعلّة تمنعه).

(١) ليس على شهود الفرع أن يشهدوا على صدق شهود الأصل ، ولا أن يعدلوهم بل لهم إطلاق الشهادة على شهادتهم عند الحاكم ثم الحاكم يبحث عن عدالة الأصل خلافا لبعض العامة كما في المسالك ، وخلافا للمفيد كما في الجواهر حيث نقل عنه أنه لا يجوز لأحد أن يشهد على شهادة غيره إلا أن يكون عدلا عنده مرضيا ، وليس لهما مستند.

(٢) أي تعيين شاهد الأصل ، فيشترط في الفروع تسمية شهود الأصل وتعريفهم كما هو واضح.

(٣) بأن قال شاهد الأصل لشاهدي الفرع : اشهدا على شهادتي أني اشهد على فلان بن فلان ، أو اشهدتكما على شهادتي أني أشهد ... ، وهو المسمى بالاسترعاء وهو التماس شاهد الأصل رعاية شهادته والشهادة بها.

وادنى منه ما لو سمع شاهدا الفرع شاهد الأصل يدلي بشهادته عند الحاكم فإنه يجوز لشاهدي الفرع تحمل شهادته ، وعن ابن الجنيد ، منع شهادة الفرع هنا لعدم الاسترعاء من شاهد الأصل ، وهو ليس في محله إذ الأخبار خالية عن كيفية التحمل فيرجع فيها إلى العرف ، والعرف حاكم بصدق الشهادة على الشهادة لو شهد شاهدا الفرع على الأصل بما سمعاه منه عند ادلائه بالشهادة لدى الحاكم.

وادنى منه ما لو سمع شاهدا الفرع قول الأصل عند غير الحاكم بأن قال : أشهد على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

١٩٩

فلان أنه يشهد بكذا ، وإن سمعاهما يشهدان جازت شهادتهما ، عليهما ، وإن لم تكن شهادة الأصل عند حاكم على الأقوى ، لأن العدل لا يتسامح بذلك بشرط ذكر الأصل للسبب ، وإلا فلا (١) ، لاعتياد التسامح عند غير الحاكم به (٢) ، وإنما تجوز شهادة الفرع مرة واحدة (ولا تقبل الشهادة الثالثة) على شاهد الفرع (فصاعدا) (٣).

(الفصل الرابع

في الرجوع) (٤) عن الشهادة (إذا رجعا) أي الشاهدان فيما يعتبر فيه

______________________________________________________

ـ فلان بن فلان لفلان بن فلان بكذا ، أو يذكر السبب مثل أن يقول : من ثمن عقار أو ثوب ، ويجوز لشاهدي الفرع الشهادة على الأصل بما سمعاه منه كما عن الشيخ في المبسوط وجماعة لصدق الشهادة على الشهادة.

وعن المحقق والفاضل التردد في ذلك لاحتمال أن يكون قد صدر من الأصل وعد لا شهادة عند ذكر السبب ، ومع عدمه فلا يجوز الشهادة على الأصل إذ العادة التسامح في أمثاله في غير مجلس الحاكم ، ووافقهم الشارح في الأخير. وفيه : إن العدالة تمنع المسامحة إلى هذه الغاية.

(١) وإن لم يذكر السبب بأن قال الأصل : اشهد أنه لفلان بن فلان على فلان بن فلان كذا وكذا.

(٢) وفيه : إنه شهادة منه عرفا فيصح الشهادة عليها ، ولا يشترط في صدق الشهادة عرفا قيامها عند الحاكم.

(٣) بلا خلاف فيه لخبر عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (أشهد على شهادتك من ينصحك ، قالوا : كيف؟ ويزيد وينقص ، قال : لا ، ولكن من يحفظها عليك ، ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة) (١).

(٤) لو شهدا عند الحاكم ثم ماتا ، أو أحدهما أو جنا أو أغمي عليهما أو أحدهما حكم الحاكم بشهادتها بلا خلاف فيه لإطلاق دليل اعتبار الشهادة ، وكذلك لو شهدا ثم زكيا بعد عروض هذه الأمور عليهما من الموت ونحوه إذ التزكية اللاحقة كاشفة عن صحة شهادتهما السابقة التي هي مستند الحكم. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٦.

٢٠٠