الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

اقتسماه (١) بالسوية بعد التحالف فيثبت لمدعيه (٢) الربع. والفرق (٣) أن كل جزء من العين على تقدير الإشاعة يدعي كل منهما تعلق حقه به ولا ترجيح (٤) ، بخلاف المعين إذ لا نزاع في غيره (٥) ، ولم يذكروا في هذا الحكم خلافا ، وإلا فلا يخلو من نظر (٦).

(ولو أقاما بينة فهي للخارج على القول بترجيح بينته (٧) ، وهو مدعي الكل) لأن في يد مدعي النصف النصف فمدعي الكل خارج عنه (وعلى) القول (الآخر) (٨) يقسم (بينهما) نصفين ، كما لو لم يكن بينة ، لما ذكرناه من استقلال يد مدعي النصف عليه فإذا رجحت بينته به أخذه ، ولو أقام أحدهما خاصة بينة حكم بها (٩) ، (ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما (١٠) صار صاحب اليد) فيترتب

______________________________________________________

ـ فيه فهو تحت أيديهما وكلاهما مدع ومدعى عليه به ، ولا بينة لهما ولا لأحدهما فيحلفان يمين المنكر ، وبعد التحالف يتقاسمانه لعدم إمكان إعطائه لأحدهما دون الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح ، فيكون لمدعي الكل نصفه الأول الذي لا تنازع فيه ونصف النصف المتنازع فيه ، ولمدعي النصف نصف النصف الآخر.

(١) أي اقتسما النصف المتنازع المعين.

(٢) أي لمدعي النصف يثبت الربع ولمدعي الكل ثلاثة أرباع.

(٣) بين النصف المشاع والنصف المعين.

(٤) وفيه : إن المرجح موجود وهو كون النصف المتنازع فيه تحت يد مدعي النصف فيقدم قوله مع يمينه بناء على ما قالوه فكيف يقول الشارح بعدم الترجيح.

(٥) أي في النصف الآخر.

(٦) والنظر هو : أن الحكم في صورة التعيين في محله ، فيجب أن يكون الحكم في صورة الإشاعة كذلك ، لأن النصف المشاع تحت أيديهما معا كما كان المعين ، ودعوى أن المشاع تحت يد مدعي النصف فقط ليس في محله فالتحالف وتقسيم المتنازع بينهما هو الجاري في الصورتين.

(٧) أي على القول بترجيح بينة الخارج كما تقدم في المسألة السابقة.

(٨) من تقديم بينة الداخل في المسألة السابقة.

(٩) وظاهره الإطلاق سواء كان صاحب البينة هو مدعي الكل أو مدعي النصف ، مع أنه لو كان صاحبها مدعي النصف لوجب أن لا تقبل منه ، لأنه منكر بحسب ما فرضوه هنا لأن يده على النصف المتنازع فيه ، والمنكر وظيفته اليمين.

(١٠) فإن صدق مدعي الكل فهو المنكر في نصف العين لأن نصفها الأول له بلا منازع فيقدم ـ

١٤١

عليه ما فصّل (١) ، (وللآخر إحلافهما) (٢) ، ولو أقاما بينة (٣) فللمستوعب (٤) النصف ، وتعارضت البينتان في الآخر ، فيحكم للأعدل فالأكثر فالقرعة ويقضي لمن خرج بيمينه (٥) ، فإن امتنع حلف الآخر (٦) فإن نكلا قسم بينهما ، فللمستوعب ثلاثة أرباع وللآخر الربع ، وقيل (٧) : يقسم على ثلاثة ، فلمدعي الكل اثنان ،

______________________________________________________

ـ قوله مع يمينه ، وإن حلف فالكل له.

وإن صدق مدعي النصف فهو المنكر في النصف المتنازع فإن حلف فالنصف المتنازع له ، والنصف الأول لمدعي الكل.

(١) من كلام الشارح عند قول المصنف في المسألة السابقة (ولو خرجا).

(٢) أي وللخصم الآخر إحلاف خصمه والمصدّق ، أما إحلاف خصمه فلأن الخصم منكر ، وأما إحلاف المصدّق فلا يتم إلا إذا ادعى عليه العلم بأن العين له على ما تقدم في المسألة السابقة ، وفائدة هذا الحلف هو الغرم لا القضاء بالعين ، بحيث لو نكل وقضينا بالنكول فيغرّم المصدّق له قيمة ما أقر ، والنصف المقر للمقر له.

(٣) وكان الثالث قد صدقهما أو أنكرهما معا ، أما لو صدق أحدهما دون الآخر فالمصدّق لا تقبل بينته لأنه ذو يد فوظيفته اليمين لا البينة ، فلو أنكرهما وأقاما البينة فلمدعي الكل النصف الذي لا نزاع فيه ، وفي النصف الآخر ترجيح الأعدل ثم الأكثر ومع التساوي فالقرعة ، ومن خرج اسمه حلف وأعطي النصف فإن نكل أحلف الآخر وأخذ ، ولو نكلا قسّم النصف المتنازع عليه نصفين بينهما كما تقدم فيما لو ادعى كلّ منهما عينا وكانت العين خارجة عن أيديهما وأما لو صدقهما فيجب ـ كما في المسألة السابقة ـ مع قيام البينة من كل منهما تنصيف النصف بينهما بحيث يكون لكل منهما ما في يد صاحبه بناء على ترجيح بينة الخارج ، إلا أن كلام الشارح هنا أن الحكم بالترجيح للأعدل ثم الأكثر ثم للقرعة جار سواء صدقهما أو أنكرهما وعلى كل فيكون لمدعي الكل ثلاثة أرباع ولمدعي النصف الربع.

(٤) أي مدعي الكل.

(٥) فيما لو أنكرهما فقط ، أما لو صدقهما أو صدق أحدهما فله حكمه وقد تقدم.

(٦) فإن امتنع مدعي النصف وحلف مدعي الكل فالكل له ، وإن امتنع مدعي الكل وحلف مدعي النصف فالنصف المتنازع له والنصف الآخر لمدعي الكل.

(٧) قال الشارح في المسالك : (وذهب ابن الجنيد إلى اقتسامهما ـ المتداعيين ـ ما يتنازعان فيه على طريق العول ، فيجعل هنا لمدعي الكل الثلثان ، ولمدعي النصف الثلث ، لأن المنازعة وقعت في أجزاء غير معينة ولا مشار إليها ، بل كل واحد من أجزائها لا يخلو من دعوى

١٤٢

ولمدعي النصف واحد ، لأن المنازعة وقعت في أجزاء غير معينة فيقسم على طريق العول على حسب سهامها وهي ثلاثة كضرب الديان مع قصور مال المفلس ، وكل موضع حكمنا بتكافؤ البينات ، أو ترجيحها بأحد الأسباب إنما هو مع إطلاقها (١) أو اتحاد التاريخ.

(ولو كان تاريخ إحدى البينتين أقدم قدمت) (٢) لثبوت الملك بها سابقا فيستصحب. هذا إذا شهدتا بالملك المطلق ، أو المسبب ، أو بالتفريق. أما لو

______________________________________________________

ـ كل منهما ، باعتبار الإشاعة ، فلا يتم ما ذكروه من خلوص النصف لمدعي الكل من غير منازع ، بل كل جزء يدعي مدعي النصف نصفه ، ويدعى مدعي الكل كله ، ونسبة إحدى الدعويين إلى الأخرى بالثلث ، فتقسم العين أثلاثا ، واحدا لمدعي النصف واثنتين لمدعي الكل ، فيكون كضرب الدّيان في مال المفلس والميت ، وفي المختلف وافق ابن الجنيد على ذلك مع زيادة المدعيين على اثنين ، إلا أن ابن الجنيد فرض الحكم على تقدير كون العين بيديهما ، والعلة تقتضي التسوية بين الداخلتين والخارجتين حيث تقتسمان ، وفي القواعد جعل قول ابن الجنيد احتمالا على تقدير خروجهما ، كما هو محتمل على تقدير الدخول ، والأصح المشهور ، والجواب عن حجة العول أن مدعي الكل يسلم له نصف مشاع بغير نزاع ، وهو كاف في المطلوب ، وإن كان النزاع واقعا في كل جزء باعتبار التعيين). انتهى.

(١) من دون تاريخ.

(٢) كما عن الشيخ وابني إدريس وحمزة ، ونسبه في المسالك إلى المشهور ، وعلّل بأن الأقدام يثبت الملك في وقت لا تعارضه البينة اللاحقة فيه ، وإنما يتساقطان في محل التعارض دون السابق الذي لا معارض له في وقته المختص به ، والأصل في الثابت دوامه ، ويشهد له صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن علي عليه‌السلام أنه كان إذا اختصم الخصمان في جارية فزعم أحدهما أنه اشتراها ، وزعم الآخر أنه أنتجها ، وكانا إذا أقاما البينة جميعا ، قضى بها للذي أنتجت عنده) (١).

ويحتمل تقديم المتأخرة لأنها لو شهدت بأنه اشتراها من الأول لقدمت على المتقدمة قطعا لأنها لما صرحت بالشراء كانت حاكمة على الأولى لأنها اطلعت على ما لم تطلع عليه الأخرى. وهذا كله فيما إذا كانت العين خارجة عن أيديهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٥.

١٤٣

شهدت إحداهما باليد والأخرى بالملك (١) ، فإن كان المتقدّم هو اليد رجح الملك لقوته وتحققه الآن ، وإن انعكس ففي ترجيح أيهما قولان للشيخ ، وتوقف المصنف في الدروس مقتصرا على نقلهما.

(القول في القسمة (٢)

(وهي تمييز أحد النصيبين) فصاعدا (عن الآخر ، وليست بيعا) عندنا (وإن كان فيها رد (٣) ، لأنها لا تفتقر إلى صيغة ، ويدخلها الإجبار ...

______________________________________________________

(١) لا ريب في أن الشهادة بالملك أولى من الشهادة باليد ، لأن اليد تحتمل الملك وتحتمل غيره من العارية والإجارة بخلاف الملك فإنه صريح في المطلوب هذا مع اتحاد تاريخهما أو كانت شهادة الملك متأخرة وأما لو كانت شهادة الملك متقدمة فللشيخ قولان ، ففي المبسوط يقدم المتأخر وإن كانت شهادة اليد ، لأن اليد كما تحتمل العارية والإجارة من أنواع التصرف التي لا تستند على الملك فكذلك شهادة الملك المتقدمة تحتمل أنه قد باعها بعد ثبوت ملكه إلى غيره فالترجيح بالحالي لأن ظاهره الملك ، وفي الخلاف رجح السابق لأنه منفرد بالزمن السابق من دون معارض فيستصحب وهو الذي اختاره المحقق.

(٢) قال الشارح في المسالك : (إنما ذكر أحكام القسمة في كتاب القضاء ، لأن القضاء لا يستغني عن القسام للحاجة إلى قسمة المشتركات ، بل القسام كالحاكم فحسن الكلام في القسمة في هذا الكتاب ـ أي كتاب القضاء ـ ، كما فعله جماعة من الفقهاء ، ومن أفردها كتابا برأسها نظرا إلى استقلالها بالأحكام كغيرها من كتب الفقه). انتهى.

هذا ولا ريب في مشروعية القسمة قال تعالى : (وَإِذٰا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) (١) وقال تعالى : (نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمٰاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) (٢) ، وقد ورد أن عبد الله بن يحيى كان قساما لأمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

هذا والقسمة هي تمييز الحق لكل شريك عن حق غيره ، وهي ليست بيعا وإن اشتملت على رد ، لأنها لا تفتقر إلى صيغة ، ويدخلها الإجبار ولا بد من تساوي الحصص فيها والبيع ليس فيه شي‌ء من ذلك ، بلا خلاف في ذلك ، وخالف بعض العامة.

(٣) عند زيادة حصة أحد الشريكين.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٨.

(٢) سورة القمر ، الآية : ٢٨.

(٣) المبسوط ج ٨ ص ١٣٣.

١٤٤

ويلزمها (١) ويتقدّر أحد النصيبين بقدر الآخر ، والبيع ليس فيه شي‌ء من ذلك ، واختلاف اللوازم يدل على اختلاف الملزومات ، واشتراك كل (٢) جزء يفرض قبلها (٣) بينهما ، واختصاص كل واحد بجزء معين ، وإزالة ملك الآخر عنه (٤) بعدها (٥) بعوض مقدّر بالتراضي ليس حد البيع حتى يدل عليه. وتظهر الفائدة (٦) في عدم ثبوت الشفعة للشريك بها وعدم بطلانها بالتفرق قبل القبض فيما يعتبر فيه التقابض في البيع ، وعدم خيار المجلس وغير ذلك (٧).

(ويجبر الشريك) على القسمة (لو التمس شريكه) القسمة ، (ولا ضرر ولا رد (٨).

______________________________________________________

(١) أي ويلزمها الحاكم على بعض الفرقاء كما سيأتي.

(٢) شروع في رد دليل من خالف من العامة بأنها بيع واستدل المخالف بأن كل جزء مشترك بين الشريكين فتخصيص كل واحد بجزء معين وإزالة ملك الآخر عنه بعوض مقدر وهو ملكه في الجزء الآخر على جهة التراضي يقتضي البيع لأن ذلك حده ، وفيه : إن حد البيع هو مبادلة عين بمال كما سيأتي وهو أجنبي عمّا تقدم.

(٣) قبل القسمة.

(٤) عن هذا الجزء المعين الذي خص به الأول.

(٥) بعد القسمة.

(٦) بين القولين من أنها بيع أو لا.

(٧) من أحكام البيع.

(٨) العين المشتركة إما أن لا يعظم الضرر في قسمتها أو يعظم ، وعلى الأول إما أن تكون مثلية وهي المتساوية الأجزاء في القيمة والصفات كالحبوب والادهان وإما قيمية لكنها متشابهة الأجزاء كالدار المتفقة الأبنية والأرض المتشابهة الأجزاء بحيث يمكن قسمتها على عدد الشركاء من غير رد ولا ضرر ، أو تتوقف القسمة على الرد ، وعلى الثاني فالضرر إما على الجميع أو على البعض ، فالأقسام خمسة ثلاثة على الأول واثنان على الثاني.

فالأول : ما لو كانت القسمة متساوية الأجزاء في القيمة والصفات فيجبر الشريك على القسمة لو امتنع عند التماس شريكه القسمة بلا خلاف فيه ، لوجوب إيصال الحق إلى مستحقه مع عدم الضرر والضرار ، ولأن الإنسان له ولاية الانتفاع بماله ، ولا ريب أن الانفراد أكمل نفعا فيجب على شريكه الاستجابة إلى القسمة ما دام لا ضرر فيها.

والثاني : ما لو كانت القسمة في القيمي ولا ردّ ولا ضرر فكذلك كالأول.

والثالث : ما لو كانت العين قيمية والقسمة تقتضي الرد من أحد الشريكين على الآخر ، ـ

١٤٥

والمراد بالضرر (١) نقص قيمة الشقص بها (٢) عنه (٣) منضما نقصا فاحشا على ما اختاره المصنف في الدروس ، وقيل : مطلق نقص القيمة ، وقيل : عدم الانتفاع به منفردا ، وقيل : عدمه (٤) على الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة ، والأجود الأول.

(ولو تضمنت ردا) أي دفع عوض خارج عن المال المشترك من أحد الجانبين (لم يجبر) الممتنع منهما ، لاستلزامه المعاوضة على جزء من مقابله صوري (٥) ، أو معنوي وهو (٦) غير لازم ، (وكذا) لا يجبر الممتنع (لو كان فيها ضرر ، كالجواهر والعضائد)

______________________________________________________

ـ فلا يجبر الشريك على القسمة لو التمسها شريكه ، لأن فيها معاوضة على أجزاء لأحدهما بمال خارجي وهو غير لازم القبول.

والرابع : فيما لو كان الضرر على كل الشركاء فلا يجبر الممتنع لقاعدة لا ضرر ولا ضرار.

والخامس : فيما لو كان الضرر على البعض ، فإن كان البعض هو الممتنع فلا يجبر لقاعدة نفي الضرر المتقدمة ، وإن كان الضرر على الملتمس للقسمة وشريكه الآخر لا ضرر عليه فيجبر لارتفاع المانع من القسمة بعد أن رضي الملتمس بالنقصان والضرر.

(١) قد اختلف في معنى الضرر المانع من القسمة ، فقيل ـ كما عن الشيخ في الخلاف ـ : إنه عدم الانتفاع بالنصيب بعد القسمة ، وبطلان المنفعة هو مناط الضرر ، وهو منفي لقاعدة لا ضرر ولا ضرار.

وقيل كما عن الشيخ في المبسوط ـ : إنه نقصان القيمة وإن بقيت المنفعة نظرا إلى أن فوات المالية موجب للضرر.

وقيل : عدم الانتفاع به منفردا فيما كان ينتفع به مع الشركة ، وإن لم تنقص قيمته ولم تبطل منفعته من غير هذا الوجه.

وقيل : هو نقصان القيمة نقصانا فاحشا بحيث يحصل به الضرر عرفا وهو خيرة الشهيد في الدروس ، ولو قيل : بأنه مطلق نقصان العين أو القيمة أو الارتفاع مما يوجب معه صدق الضرر عرفا لكان أولى من دون تخصيصه في نقصان المنفعة أو القيمة فقط.

(٢) بالقسمة.

(٣) عن الشقص.

(٤) أي عدم الانتفاع.

(٥) وهما وصفان للجزء ، فالصوري عند اقتضاء القسمة لزيادة أحد النصيبين من حيث الكمية ، والمعنوي عند اقتضاء القسمة لزيادة أحد النصيبين من حيث الكيفية.

(٦) أي الرد ، وهو غير واجب على الشريك لو التمس شريكه القسمة.

١٤٦

(الضيقة والسيف). والضرر في هذه المذكورات يمكن اعتباره بجميع المعاني (١) عدا الثالث في السيف (٢) فإنه ينتفع بقسمته غالبا في غيره (٣) مع نقض فاحش (فلو طلب) أحدهما (المهاياة) (٤) وهي قسمة المنفعة بالأجزاء ، أو بالزمان (جاز ولم يجب) إجابته ، سواء كان مما يصح قسمته إجبارا أم لا ، وعلى تقدير الإجابة لا يلزم الوفاء بها ، بل يجوز لكل منهما فسخها ، فلو استوفى أحدهما ففسخ الآخر ، أو هو كان عليه أجرة حصة الشريك (٥).

(وإذا عدّلت السهام) بالأجزاء إن كانت في متساويها كيلا ، أو وزنا ، أو ذرعا ، أو عدّا بعدد الأنصباء ، أو بالقيمة (٦) إن اختلفت ، كالأرض والحيوان و (اتفقا على اختصاص كل واحد بسهم لزم) من غير قرعة لصدق القسمة مع التراضي الموجبة لتميز الحق ، ولا فرق بين قسمة الرد وغيرها ، (وإلا) يتفقا على الاختصاص (أقرع (٧) بأن يكتب (٨) أسماء الشركاء ، أو السهام كل في رقعة

______________________________________________________

(١) المذكورة في تفسير الضرر.

(٢) فالثالث عدم الانتفاع به منفردا وهو غير جار في السيف بعد قسمته ، لأنه بعد القسمة ينتفع في أبعاضه في غير الحرب وأما بقية معاني الضرر فتجري فيه ، وفيه أن أبعاض الجواهر ينتفع بها بعد قسمتها ولو في الأدوية وغيرها فلا يتصور بطلان منفعتها حتى يجري فيها التفسير الثالث للضرر.

(٣) أي غير الحرب ، والحرب هو مجال الانتفاع به قبل قسمته.

(٤) لا تجب إجابته ، لأنه ليس طلب قسمة العين ، بل طلب قسمة المنفعة ، ووصوله إلى حقه من المنفعة ليس منحصرا بالمهاياة حتى تجب إجابته فيها.

(٥) لتفويت منفعته في حصته لما كانت تحت يد الثاني بتمامها وقت المهاياة.

(٦) أي عدلت السهام بالقيمة عند تفاوت الأجزاء.

(٧) لأن القرعة لكل أمر مشكل وهذا منها.

(٨) الواجب هو القرعة لتعيين كل قسم لصاحبه من الشركاء ، وأما كيفية القرعة فلا يجب الالتزام بكونها على نحو مخصوص ، قال صاحب الجواهر : (والظاهر عدم وجوب خصوص كتابة الرقاع وعدم الصون في ساتر ، بل وعدم وجوب كون المأمور مكلفا ، بل وغير ذلك من القيود المزبورة ، إذ المراد حصول التعيين من غير اختيارهما أو وكيلهما ، بل يفوضان أمره ـ أي أمر التعيين ـ إلى الله ، ويفعلان ما يفيده) انتهى.

١٤٧

وتصان ويؤمر من لم يطّلع على الصورة بإخراج إحداهما (١) على اسم أحد المتقاسمين ، أو أحد السهام. هذا إذا اتفقت السهام قدرا (٢) ، ولو اختلفت (٣) قسّم على أقل السهام وجعل لها (٤) أول (٥) يعينه المتقاسمون وإلا الحاكم ، وتكتب أسماؤهم لا أسماء السهام حذرا من التفريق ، فمن خرج اسمه أولا أخذ من الأول وأكمل نصيبه منها (٦) على الترتيب ، ثم يخرج الثاني إن كانوا أكثر من اثنين وهكذا ، ثم إن اشتملت القسمة على رد اعتبر رضاهما بعدها (٧) وإلا فلا.

(ولو ظهر غلط) (٨) في القسمة ببينة ، أو باطلاع المتقاسمين (بطلت ، ولو ادعاه) أي الغلط (أحدهما ولا بينة حلف الآخر) لأصالة الصحة ، فإن حلف (تمت) القسمة ، (وإن نكل) عن اليمين (حلف المدعي) إن لم يقضّ بالنكول (ونقضت. ولو ظهر) في المقسوم (استحقاق بعض (٩) معين بالسوية) لا يخلّ

______________________________________________________

(١) أي إحدى الرقعتين فيما لو كانت القرعة على أحد الأسماء أو أحد السهام.

(٢) فيما لو كان سهم كل شريك بقدر سهم الآخر.

(٣) كما لو كانت الأرض بين ثلاثة ، ولأحدهم النصف وللثاني الثلث وللثالث السدس ، فتقسم الأرض أسداسا ، وترقّم بحيث يجعل السدس الأول ثم الثاني ثم الثالث إلى الآخر ، وتكون القرعة على الأسماء فمن خرج اسمه أولا أعطي حصته بمعنى يعطى السدس الأول فإن كان بمقدار حصته فهو وإلا فأعطي السدس الثاني والثالث وهكذا ، وعليه فلو خرجت القرعة باسم صاحب السدس أعطي السدس الأول فقط ، وإن خرجت باسم صاحب الثلث أعطي السدس الأول والثاني ، وإن خرجت باسم صاحب النصف أعطي السدس الأول والثاني والثالث ، ثم بعد إعطاء الأول حصته يبقى من الشركاء اثنان ، فيقرع بينهما فمن خرج اسمه أعطي حصته بالبيان السابق.

(٤) للسهام.

(٥) أي ترقيم فترتب أولا وثانيا وثالثا وهكذا.

(٦) من السهام.

(٧) أي بعد القسمة.

(٨) فإن ادعى أحد الشريكين الغلط في التقسيم لا تسمع دعواه إلا بالبينة لأصالة الصحة في فعل المقسّم إلا أن يظهر المزيل ، وإذ لا بينة له فإن وافقه شريكه على الغلط بطلت القسمة للعلم الحاصل لهما بعد وصول الحق إلى أحدهما فلا يجوز للآخر حينئذ التصرف ، وإن لم يوافقه فله اليمين عليه إن ادعى عليه العلم بالغلط.

(٩) لو اقتسما ثم ظهر أن البعض مستحق للغير ، فإن كان معينا مع أحدهما بطلت القسمة ـ

١٤٨

إخراجه بالتعديل (فلا نقض) ، لأن فائدة القسمة باقية ، وهو إفراد كل حق على حدة ، (وإلا) يكن متساويا في السهام بالنسبة (نقضت) القسمة لأن ما يبقى لكل واحد لا يكون بقدر حقه ، بل يحتاج أحدهما إلى الرجوع على الآخر ، وتعود الإشاعة ، (وكذا لو كان) المستحق (مشاعا) ، لأن القسمة حينئذ لم تقع برضا جميع الشركاء.

______________________________________________________

ـ بلا خلاف ولا إشكال لبقاء الشركة في النصيب الآخر مع عدم تعديله ، ولو كان المستحق المعيّن عندهما بالسوية لم تبطل بلا خلاف فيه لأن فائدة القسمة باقية وهي إفراز كل واحد من الحقين ، ولو كان المستحق لا بالسوية فيهما بطلت القسمة لتحقق الشركة كما هو واضح ، ولو كان المستحق مشاعا معهما فللشيخ قولان :

أحدهما : لا تبطل فيما زاد عن المستحق.

والثاني : البطلان لأن مقصود القسمة التمييز ولا تميز هنا فلا يزال الآخر شريكا فيما زاد عن المستحق فلا بد من رضاه الموجب للقسمة من جديد.

١٤٩
١٥٠

كتاب الشهادات

١٥١
١٥٢

كتاب الشهادات

(وفصوله أربعة) :

(وشرطه البلوغ (١) إلا في) الشهادة على (الجراح) ما لم يبلغ

______________________________________________________

(١) أما غير المميز فلا خلاف فيه ، وأما المميز ، فقيل : تقبل شهادته مطلقا إذا بلغ عشر سنين في القتل والجرح وغيرهما ، وقال في الجواهر : (بل اعترف غير واحد بعدم معرفة القائل به ، وإن نسب إلى الشيخ في النهاية ولكنه وهم) ، نعم يدل على هذا القول أخبار.

منها : خبر أبي أيوب الخزاز (سألت إسماعيل بن جعفر متى تجوز شهادة الغلام؟ فقال : إذا بلغ عشر سنين ، قلت : ويجوز أمره ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين ، وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة ، فإذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته) (١) وخبر عبيد بن زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شهادة الصبي والمملوك؟ فقال : على قدرها يوم أشهد ، تجوز في الأمر الدون ولا تجوز في الأمر الكبير) (٢) وخبر طلحة بن زيد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم‌السلام (شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهلهم) (٣) ، ولكنها مهجورة عند الأصحاب على أن الأولى غير منقولة عن المعصوم عليه‌السلام والثانية مشتملة على ما لم يقل به أحد من الأصحاب من عدم قبول شهادة المملوك في الأمر الكبير ، والثالثة يمكن حملها على القتل ولا تأبى ذلك ، فلذا لا تصلح لمعارضة الطائفة الدالة على عدم جواز شهادة الصبي.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الصبي يشهد على الشهادة ، فقال : ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الشهادات حديث ٣ و ٥ و ٦.

١٥٣

النفس (١) ، وقيل : مطلقا (٢) (بشرط بلوغ العشر) سنين (وأن يجتمعوا على مباح ، وأن لا ينفرقوا) بعد الفعل المشهود به إلى أن يؤدوا الشهادة. والمراد حينئذ أن شرط البلوغ ينتفي ويبقى ما عداه من الشرائط التي من جملتها العدد ، وهو اثنان

______________________________________________________

ـ إن عقله حين يدرك أنه حق جازت شهادته) (١) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن شهادة الصبيان إذا اشهدوهم وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها) (٢) ومثلها غيرها.

نعم اختلفوا في قبول شهادة الصبي في الجرح والقتل ، ففي صحيح جميل (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : تجوز شهادة الصبيان؟ قال : نعم في القتل يؤخذ بأول كلامه ولا يؤخذ بالثاني منه) (٣) وصحيح محمد بن حمران (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شهادة الصبي؟ فقال : لا ، إلا في القتل يؤخذ بأول كلامه ولا يؤخذ بالثاني) (٤) والخبران قد ذكرا القتل فيدخل الجراح بطريق أولى ولذا ذكر الأكثر أن شهادة الصبي تقبل في القتل والجراح ، وعن الشيخ في الخلاف والمحقق في النافع الاقتصار على الجراح فقط ، وعن التحرير والدورس اشتراط أن لا يبلغ الجراح النفس ، وفيه : إن الخبرين الواردين متضمنان للقتل فعلى القول بالتعدي إلى الجراح لا داعي لهذا الاشتراط وإن بلغ الجراح النفس ، ثم إن من اقتصر على الجراح قد اقتصر بدعوى أن التهجم على الدماء بخبر الواحد خطر ، إذ لو قبلت شهادة الصبيان في القتل كما هو مقتضى الخبرين لوجب قتل القاتل قصاصا وهو تهجم على الدم بخبر الواحد ، فالأولى الاقتصار في قبول شهادة الصبيان على الجراح فقط ، وفيه : إن ردّ الخبرين بداعي الاحتياط يقتضي عدم قبول الشهادة في الجراح ، كما أن القبول في الجراح اعتمادا على هذين الخبرين يقتضي القبول في القتل.

ثم إن الخبرين قد اشترطا الأخذ بأول كلامهم دون الثاني إلا أن الأصحاب منهم المحقق زاد اشتراط بلوغ الصبي منهم العشر وأن لا يتفرقوا قبل أداء الشهادة ويمكن أن يكون ذلك مستفادا من خبر أبي أيوب الخزاز وخبر طلحة بن زيد السابقين بعد حملهما على القتل الذي هو مورد قبول شهادة الصبي ، واشترطوا في قبول شهادتهم أن يكون اجتماعهم على مباح وهو شرط لا دليل عليه كما في المسالك.

(١) كما هو مختاره في الدروس.

(٢) كما عن الأكثر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢.

١٥٤

في ذلك (١) والذكورية ، ومطابقة الشهادة للدعوى ، وبعض الشهود لبعض ، وغيرها ، ولكن روي هنا الأخذ بأول قولهم لو اختلف ، والتهجم على الدماء في غير محل الوفاق ليس بجيد (٢).

وأما العدالة فالظاهر أنها غير متحققة (٣) لعدم التكليف الموجب للقيام بوظيفتها من جهة التقوى ، والمروءة غير كافية ، واعتبار صورة الأفعال (٤) والتروك لا دليل عليه ، وفي اشتراط اجتماعهم على المباح تنبيه عليه (٥).

(والعقل) (٦) فلا تقبل شهادة المجنون حالة جنونه ، فلو دار جنونه قبلت شهادته مفيقا بعد العلم باستكمال فطنته في التحمل والأداء (٧) ، وفي حكمه الأبله والمغفل (٨) ...

______________________________________________________

(١) أي في الشهادة على الجراح.

(٢) فالأخذ بشهادة الصبيان من دون احراز هذه الشرائط وإن لم يقم الدليل على بعضها ليس بجيد.

(٣) في شهادة الصبيان المقبولة في القتل والجرح لعدم الدليل على اشتراطها.

(٤) أي أن الحكم بعدالتهم بمجرد صورة الأفعال في الواجبات وصورة التروك في المحرمات مما لا دليل عليه أيضا.

(٥) أي على عدم تحقق العدالة فيهم كما هو ظاهر عبارة المصنف.

(٦) فلا تقبل شهادة المجنون الاطباقي بالاتفاق ، ولا الادواري حال جنونه لقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (١) والعدالة مشروطة بالتكليف ، ولا تكليف في حق المجنون ، وقال تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ) (٢) والمجنون غير مرضي.

(٧) فتقبل شهادته لانتفاء المانع.

(٨) الأبله من البله بمعنى الغفلة فالعطف تفسيري ، ولا تقبل شهادته لعدم تفطنه لمزايا الأمور وتفاصيلها ، ويدخل عليه الغلط والتزوير من حيث لا يشعر ، ويدل عليه مرسل الإمام العسكري عليه‌السلام في تفسيره عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ) (٣) قال : (ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه فيما ـ

__________________

(١) الطلاق ، الآية : ٢.

(٢ و ٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.

١٥٥

الذي لا يتفطن لمزايا الأمور ، (والإسلام) (١) فلا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ، (ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح) لاتصافه بالفسق والظلم المانعين من قبول الشهادة ، خلافا للشيخ رحمها لله حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة ، وللصدوق (٢) حيث قبل شهادتهم على مثلهم وإن خالفهم في الملة كاليهود على النصارى.

ولا تقبل شهادة غير الذمي إجماعا ، ولا شهادته على المسلم إجماعا.

______________________________________________________

ـ يشهد به ، وتحصيله وتمييزه ، فما كل صالح مميّزا ولا محصلا ، ولا كل محصل مميّز صالح) (١).

(١) فتقبل شهادة المسلم على المسلم وغيره ، ولا تقبل شهادة الكافر ذميا أو حربيا على المسلم بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل ، ولا تجوز شهادة أهل الذمة ـ الملل ـ على المسلمين) (٢).

وهل تقبل شهادة الذمي على الذمي ، فعن الشيخ في المبسوط القبول إذا كان الشاهد والمشهود له من ملة واحدة لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن شهادة أهل الملة فقال : لا تجوز إلا على أهل ملتهم) (٣).

وعن ابن الجنيد القبول وإن اختلفا في الملة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم؟ قال : نعم ، إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم ، أنه لا يصلح ذهاب حق أحد) (٤).

وعن المشهور عدم القبول مطلقا للأخبار الكثيرة المشترطة لإسلام الشاهدين وعدالتهما ، وسيمرّ عليك بعضها ، وفيه : إنها واردة فيما لو كان المشهود عليه مسلما كما هو مورد غالبها.

ثم إذا كان الشاهد حربيا فلا تقبل شهادته على غيره ولو من أهل ملته بلا خلاف فيه ، ويمكن القول إنه إذا كانت شهادته على حربي مثله تصح تمسكا بالتعليل لصحيح الحلبي المتقدم ، بل وإن كان المشهود عليه ذميا للاطلاق في موثق سماعة للمتقدم.

(٢) وفي الجواهر جعل ابن الجنيد هو صاحب هذا القول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

١٥٦

(إلا في الوصية (١) عند عدم) عدول (المسلمين) فتقبل شهادة الذمي بها ، ويمكن أن يريد اشتراط فقد المسلمين مطلقا (٢) بناء على تقديم المستورين (٣) والفاسقين اللّذين لا يستند فسقهما إلى الكذب وهو قول العلامة في التذكرة ، ويضعف باستلزامه (٤) التعميم (٥) في غير محل الوفاق وفي اشتراط السفر

______________________________________________________

(١) تقبل شهادة الذمي في الوصية عند عدم العدول من المسلمين بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ ، أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ، تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ ، فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً ، وَلَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبىٰ ، وَلٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١) ، وللأخبار.

منها : صحيح أحمد بن عمر قال : (سألته عن قول الله عزوجل : ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ، قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فإن لم يجد من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : سنّوا بهم سنة أهل الكتاب ، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما ، فرجلان من أهل الكتاب) (٢) وخبر حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ، فقال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فقال : إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما) (٣).

(٢) وإن كانوا فسقة لأن العلامة في التذكرة قدم عليهم فساق المسلمين إذا كان فسقهم بغير الكذب والخيانة وهو ضعيف لعدم قبول شهادة الفساق من المسلمين ، وقياسهم على أهل الذمة كما ورد بهم النص لا نقول به.

(٣) بناء على أن العدالة هي ظاهر الإسلام فتقبل شهادتهم وتقدم على شهادة أهل الذمة ، وأما بناء على أن العدالة هي ملكة نفسانية راسخة فيحتمل تقديم عدول الذمة للآية ، ويحتمل تقديم المستور وبه قطع العلامة في التذكرة وجعله الشارح في المسالك أولى.

(٤) أي استلزام قبول قول الفاسقين والمستورين.

(٥) أي قبول شهادتهم في الوصية عند عدم عدول المسلمين مع أن محل الوفاق هو قبول شهادة الذمي عند عدم عدول المسلمين لا قبول شهادة الفاسق والمستور.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١٠٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوصايا حديث ٧.

١٥٧

قولان (١) : أظهرهما العدم ، وكذا الخلاف في إحلافهما بعد العصر (٢) فأوجبه العلامة عملا بظاهر الآية (٣). والأشهر العدم فإن قلنا به فليكن بصورة الآية بأن يقولا بعد الحلف بالله : (لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبىٰ وَلٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (٤).

(والإيمان) (٥) وهو هنا ...

______________________________________________________

(١) ذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد وأبو الصلاح إلى اشتراط السفر لاشتراطه في الآية المتقدمة وفي بعض النصوص كخبر حمزة بن حمران وصحيح أحمد بن محمد المتقدمين ، والأشهر على عدم الاشتراط لورود الشرط مورد الغالب ، ويؤيده أن في بعض الأخبار عدم الاشتراط مثل خبر ضريس الكناني عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن شهادة أهل الملل هل تجوز على رجل مسلم من غير أهل ملتهم؟ فقال : لا إلا أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم ، وإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية ، لأنه لا يصلح ذهاب حق امرئ مسلم ولا تبطل وصيته) (١).

(٢) فأوجبه العلامة والكركي في صورة الريبة للآية ولخبر يحيى بن محمد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) الآية ، قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ـ إلى أن قال ـ وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يوجد مسلمان أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد العصر فيقسمان بالله ، لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله ، إنا إذا لمن الآثمين ، قال : وذلك إذا ارتاب ولي الميت في شهادتهما) (٢) وعن الأكثر خلاف ذلك لخلو أكثر الأخبار عنه على وجه يعلم منه عدم اعتباره ، والأولى الحلف بعد العصر لكون غالب الأخبار لم تتعرض للحلف لعدم ورودها في مقام بيانه.

(٣) المائدة آية : ١٠٦.

(٤) المائدة آية : ١٠٦.

(٥) وهو الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام ، فلا تقبل شهادة غير المؤمن وإن اتصف بالإسلام ، لاتصافه بالفسق والظلم المانعين من قبول شهادته بلا خلاف فيه ـ كما في الجواهر ، لأنه غير مرضي ، وقد تقدم قوله تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ) (٣) وتقدم الخبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه فيما ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوصايا حديث ١ و ٦.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.

١٥٨

الولاء فلا تقبل شهادة غير الإمامي مطلقا (١) مقلدا كان أم مستدلا.(والعدالة) (٢)

______________________________________________________

ـ يشهد به) (١).

وهذا يتم فيما لو كان المشهود عليه مؤمنا ، وأما إذا كان من أهل الخلاف فالأقوى قبول شهادة غير المؤمن عليه لانصراف الأدلة المتقدمة عنه ، ولما قيل : إن سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام في قضاياه إنما كانت على ذلك ، ولعله لقاعدة الإلزام الواردة في حقهم.

(١) وإن كان معدودا من فرق الشيعة.

(٢) اشتراطها في الشاهد مما لا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ) (٢) والفاسق غير مرضي الدين ، ولقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (٣) وهي نص في المطلوب ، وللأخبار.

منها : صحيح ابن أبي يعفور (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد وللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها

النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والغدار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا بجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس) (٤) الخبر ، وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا) (٥) ، وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال : لا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه) (٦).

ثم إن الكلام في العدالة تارة في حقيقتها وما تثبت بها ، وهذا قد تقدم في بحث عدالة إمام الجماعة من كتاب الصلاة ، وأخرى ما بها تزول ، وهي تزول بالكبيرة مطلقا مع الاصرار وعدمه لصحيح ابن أبي يعفور المتقدم ، وتزول بالصغيرة مع الاصرار لخبر محمد بن أبي عمير (سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام ـ إلى أن قال ـ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كبير مع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢.

(٣) سورة الطلاق ، الآية : ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

١٥٩

وهي هيئة نفسانية (١) راسخة تبعث على ملازمة التقوى والمروّة (وتزول بالكبيرة) مطلقا (٢) ، وهي (٣) ما توعّد عليها بخصوصها في كتاب ، أو سنة ، وهي (٤) إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبعين وسبعة.

______________________________________________________

ـ الاستغفار ولا صغير مع الاصرار) (١) ، وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار) (٢).

وعن جماعة أنها تذهب بترك المروة وهو مما لا دليل عليه.

(١) قد عرفت ما فيه من الضعف في كتاب الصلاة.

(٢) مع الاصرار وعدمه.

(٣) أي الكبيرة فقيل : إنها المعصية الموجبة للحد ، وقيل : إنها التي عليها الوعيد في الكتاب والسنة ، وقيل إنها التي توعد الله عليها النار في الكتاب أو السنة وهو الصحيح ويدل عليه صحيح ابن أبي يعفور المتقدم (ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار) (٣) ، وتقدم ما له النفع في كتاب الصلاة.

(٤) أي الكبائر وهو بحث في عددها ، وهو مبني على انقسام الذنوب إلى الصغائر والكبائر ، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ) (٤) ، وهذا ما ذهب إليه المحقق وأكثر المتأخرين ، وعن جماعة منهم المفيد وابن البراج وأبو الصلاح وابن إدريس والطبرسي بل نسبه في التفسير إلى أصحابنا مطلقا أن جميع الذنوب كبائر وذلك لاشتراك الجميع في مخالفة أمر الله تعالى ، وجعلوا الوصف بالكبر والصغر إضافيا فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر ، والجميع كبيرة بالنسبة لمخالفة أمر الله تعالى ، وكبيرة بالنسبة لنفسها ، والصحيح أن الجميع كبيرة بالنسبة لمخالفة أمر الله ، ولكن بعضها كبيرة بالنسبة لنفسها وبالنسبة لغيرها كما هو ظاهر الآية المتقدمة. ثم إنه على تقسيم الذنوب فالكبائر مختلف في عددها فعن بعضهم أنها سبع وعن آخر أنها عشر ، وثالث : اثنتا عشر ، ورابع : عشرون ، وقال في الدروس : إنها إلى السبعين أقرب ، وفي الروض : إنها إلى السبعمائة أقرب. وأيضا تقدم ما له نفع في كتاب الصلاة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٤) سورة النساء ، الآية : ٣٥.

١٦٠