الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

(ويستحب رمي) الجمرة (الأولى عن يمينه) أي يمين الرامي ويسارها بالإضافة إلى المستقبل (١) ، (والدعاء) حالة الرمي وقبله بالمأثور ، (والوقوف عندها) بعد الفراغ من الرمي ، مستقبل القبلة ، حامدا مصليا داعيا سائلا القبول ، (وكذلك الثانية) يستحب رميها عن يمينه ويسارها ، واقفا بعده كذلك ، (ولا يقف عند الثالثة) وهي جمرة العقبة مستحبا ، ولو وقف لغرض فلا بأس.

(وإذا بات بمنى ليلتين جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال) (٢) ، لا قبله

______________________________________________________

(١) أما يمين الرامي كما في صحيح إسماعيل بن همّام عن الرضا عليه‌السلام (ترمي الجمار من بطن الوادي وتجعل كل جمرة عن يمينك) (١) ، وأما يسارها بأن يقف على جانب يسارها كما يدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ارم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة ، فابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن السيل وقل كما قلت يوم النحر ، ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة واحمد الله واثن عليه وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم تقدم قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبل منك ثم تقدم أيضا ، ثم افعل ذلك عند الثانية وأصنع كما صنعت بالأولى وتقف وتدعو الله كما دعوت ، ثم تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار فارم ولا تقف عندها) (٢) ، وهي الأصل لكل ما قاله الشارح في أحكام الرمي وسنته هنا.

(٢) وهو النفر الأول لمن اجتنب النساء والصيد في إحرامه على المشهور ، لقوله تعالى (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقىٰ) (٣) ، بناء على كون المراد من الاتقاء في الآية هو اتقاء الصيد والنساء كما في النافع والنهاية والوسيلة والمهذب ، كما هو مقتضى الأخبار منها : خبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الصيد ، يعني في إحرامه ، فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول) (٤) ، وخبر محمد بن المستنير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أتى النساء في إحرامه فليس له أن ينفر في النفر الأول) (٥).

والمراد من اتقاء الصيد حال الإحرام قتله كما في المسالك والمدارك ، وفي كشف اللثام قتله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٢.

(٣) سورة البقرة الآية : ٢٠٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٢ و ١.

٥٢١

إن كان قد اتقى الصيد والنساء) في إحرام الحج قطعا ، وإحرام العمرة أيضا إن كان الحج تمتعا على الأقوى (١). والمراد باتقاء الصيد عدم قتله ، وباتقاء النساء عدم جماعهن ، وفي إلحاق مقدماته وباقي المحرمات المتعلقة بهن كالعقد وجهه. وهل يفرق فيه بين العامد وغيره أوجه (٢) ثالثها الفرق بين الصيد والنساء ، لثبوت

______________________________________________________

ـ وأخذه ، وفي الجواهر أن المنساق منه اصطياده ، ومراد الجميع واحد وهو القتل بالاصطياد ، والمراد من اتقاء النساء جماعهنّ ، وهو الظاهر من الإتيان في خبر محمد بن المستنير ، وأما باقي المحرمات المتعلقة بالقتل والجماع ، كالأكل بالنسبة للأول ، ولمس النساء والتقبيل بالنسبة للثاني ، وكذا العقد والشهادة عليه وجهان ، والأولى عدم الالحاق لعدم صدق الصيد والإتيان الواردين في الخبرين على ما ذكر ، ثم إن العلامة في المختلف حكى عن أبي الصلاح الحلبي قولا بعدم جواز النفر في الأولى للصرورة ، وقال عنه في المدارك (لم نقف على مستنده) ، وعن ابن إدريس أنه يجوز النفر الأول لمن اتقى في إحرامه كل محظور يوجب الكفارة ، ولعل مستنده ـ كما في المدارك ـ خبر سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ومن تأخر فلا إثم عليه ولمن اتقى ، قال عليه‌السلام : (لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في إحرامه) (١) ، وهي ضعيفة بجهالة الراوي مع عدم الجابر فلا تصلح لمعارضة ما تقدم ، وذهب ابن سعيد إلى أنه يجوز النفر لمن اتقى كل ما حرّمه الله عليه أوجب الكفارة أو لا ، لهذا الخبر وقد عرفت ما فيه.

هذا والنفر الأول بعد الزوال ، بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس ، وإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا شي‌ء عليك أيّ ساعة نفرت ورميت ، قبل الزوال أو بعده) (٢).

(١) قال في المدارك : (وقد نص الأصحاب على أن الاتقاء معتبر في إحرام الحج ، وقوّى الشارح اعتباره في عمرة التمتع لارتباطها بالحج ودخولها فيه ، والمسألة قوية الإشكال والله تعالى اعلم بحقيقة الحال).

(٢) قال في المسالك : (وهل يفرّق بين العامد والناسي والجاهل في ذلك نظر ، من العموم ، وعدم وجوب الكفارة على الناسي في غير الصيد وعدم مؤاخذته فيه ، ويمكن الفرق بين الصيد فيثبت الحكم فيه مطلقا بخلاف غيره).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٣.

٥٢٢

الكفارة فيه مطلقا (١) ، دون غيره ، (ولم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى) (٢).

(وإلا) يجتمع الأمران الاتقاء ، وعدم الغروب ، سواء انتفيا ، أم أحدهما (وجب المبيت (٣) ليلة الثالث عشر بمنى) ، ولا فرق مع غروبها عليه بين من تأهب للخروج قبله فغربت عليه قبل أن يخرج ، غيره ، نعم لو خرج منها قبله ثم رجع بعده لغرض كأخذ شي‌ء نسيه لم يجب المبيت (٤) ، وكذا لو عاد لتدارك واجب بها (٥) ، ولو رجع قبل الغروب لذلك فغربت عليه بها ففي وجوب المبيت قولان أجودهما ذلك (٦).(و) حيث وجب مبيت ليلة الثالث عشر وجب (رمي الجمرات) الثلاث (فيه (٧) ، ثم ينفر في الثالث عشر ، ويجوز قبل الزوال (٨) بعد الرمي).

______________________________________________________

(١) أي في الصيد بلا فرق بين العامد والناسي.

(٢) بلا خلاف فيه ، ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت

بمنى ، وليس لك أن تخرج حتى تصبح) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس ، فإن أدركه المساء بات ولم ينفر) (٢) ، ومثلها غيرها.

وعن العلامة في التذكرة أنه لو ارتحل فغربت الشمس قبل تجاوز حدود منى لا يجب عليه المبيت لمشقة الحطّ والرجال ، وفيه : إنه يصدق عليه الغروب بمنى فيجب عليه المبيت ، وتعليله ضعيف إذ لا مشقة فيه ترفع الحكم الشرعي.

(٣) إما للغروب وإما لعدم الاتقاء.

(٤) لعدم صدق الغروب عليه.

(٥) أي عاد بعد الغروب.

(٦) أي وجوب المبيت لصدق الغروب عليه ، ولم يذهب أحد إلى العدم ولذا جعل الشارح المسألة في المسالك على وجهين لا على قولين.

(٧) أي في يومه بلا خلاف فيه ، ويدل عليه خبر الدعائم عن جعفر محمد عليهما‌السلام (يرمي في أيام التشريق الثلاث الجمرات ، كل يوم يبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى) (٣).

(٨) بلا خلاف فيه ، وقد تقدم دليله.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٢ و ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١.

٥٢٣

(ووقته) أي وقت الرمي (من طلوع الشمس إلى غروبها) في المشهور (١) وقيل : أوله الفجر (٢) ، وأفضله عند الزوال (ويرمي المعذور) كالخائف والمريض والمرأة والراعي (ليلا (٣) ، ...)

______________________________________________________

(١) للأخبار ، منها : صحيح منصور بن حازم وأبي بصير جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رمي الحجار من طلوع الشمس إلى غروبها) (١) ، وصحيح صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إرم الحجار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها) (٢)، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنه قال للحكم بن عتيبة : ما حدّ رمي الحجار؟ فقال الحكم : عند زوال الشمس ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام يا حكم أرأيت لو أنهما كانا اثنين فقال أحدهما لصاحبه : احفظ علينا متاعنا حتى أرجع ، أكان يفوته الرمي؟ هو والله ما بين طلوع الشمس إلى غروبها) (٣).

نعم أفضله عند الزوال ، لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إرم في كل يوم عند زوال الشمس) (٤) ، المحمول على الندب جمعا.

ومنه تعرف ضعف ما عن الشيخ في الخلاف وابن زهرة من أنه لا يجوز الرمي إلا بعد الزوال.

(٢) هذا القول مجهول القائل ، بل لا قائل به إذ لم ينقله أحد في كتب نقل الخلاف ، ولم يذكره الشارح في المسالك ، إذ الأقوال في المسألة ثلاثة ، قول المشهور وقول الشيخ في الخلاف وقد تقدما ، وقول الصدوق في الفقيه أن الرمي ما بين طلوع الشمس إلى الزوال.

(٣) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل ويضحي ويفيض بالليل) (٥) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رخّص للعبد والخائف والراعي في الرمي ليلا) (٦)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل من هو؟ قال : الحاطبة والمملوك الذي لا يملك من أمره شيئا ، والخائف والمدين والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الحجار ، فإن قدر على أن يرمي وإلا فارم عنه وهو حاضر) (٧) ، وخبره الآخر ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٦ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٧.

٥٢٤

ويقضي الرمي لو فات) (١) في بعض الأيام (مقدما على الأداء) (٢) في تاليه ، حتى لو فاته رمي يومين قدم الأول على الثاني ، وختم بالأداء ، وفي اعتبار وقت الرمي في القضاء قولان (٣) أجودهما ذلك ، وتجب نية القضاء فيه (٤) والأولى الأداء فيه في وقته (٥) ، والفرق (٦) وقوع ما في ذمته أولا على وجهين (٧) ، دون الثاني.

______________________________________________________

ـ عنه عليه‌السلام (رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء والضعفاء أن يفيضوا من جمع عليل ، وأن يرموا الجمرة بليل) (١).

(١) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : الرجل ينكس في رمي الحجار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى ، قال : يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة وإن كان من الغد) (٢) ، فإيجاب إعادة الرمي لو خالف الترتيب في الغد دال بالأولوية على وجوب الرمي في الغد لو تركه قبلا.

(٢) وأن يكون ما يرميه لأمسه غدوة ، وما يرميه ليومه عند الزوال وهو مقطوع به في كلام الأصحاب ، لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى فعرض له عارض فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس ، قال : يرمي إذا أصبح مرتين ، إحداهما بكرة وهي للأمس ، والأخرى عند زوال الشمس وهي ليومه) (٣).

(٣) علّق الشارح هنا بقوله : (أي في اعتبار وقت الرمي وهو ما بين طلوع الشمس وغروبها من أيام التشريق في القضاء ، أم يكفي فعله في أي وقت شاء كغيره من قضاء العبادات قولان ، واتفق الجميع على أفضلية ما بعد الزوال) والقول الثاني لم أجده في كتب نقل الخلاف مع أنه جعله في المسالك وجها لا قولا ، على أن صحيح ابن سنان ظاهر في كون القضاء ممتدا مع وقت الأداء.

(٤) حتى يتعين.

(٥) أي والأولى نية الأداء في الرمي عند الإتيان به في وقته.

(٦) دفع وهم ، والوهم هو : لما أوجب نية القضاء وجعل نية الأداء على نحو الأولوية ، والدفع واضح ، إذ على الأول في ذمته واجبان القضاء أولا ثم الأداء فيجب التمييز بينهما ، بخلاف الثاني فإنه يقع أداء سواء نواه كذلك أو لا.

(٧) من القضاء والأداء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب رمي جمرة العقبة حديث ٢.

٥٢٥

(ولو رحل) من منى (قبله) أي قبل الرمي أداء وقضاء (رجع له) (١) في أيامه ، (فإن تعذر) عليه العود (استناب فيه) (٢) في وقته فإن فات استناب (في القابل) وجوبا إن لم يحضر ، وإلا وجبت المباشرة (٣).(ويستحب النفر في الأخير) (٤) لمن لم يجب عليه ، والعود إلى مكة لطواف الوداع استحبابا مؤكدا (٥) ،

______________________________________________________

(١) أي من نسي رمي الحجار رجع ورمى مع بقاء أيام التشريق التي هي زمان الرمي بلا خلاف فيه ، لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : رجل نسي رمي الحجار حتى أتى مكة ، قال : يرجع فيرمها ، يفصل بين كل رميتين بساعة ، قلت : فاته ذلك وخرج ، قال : ليس عليه شي‌ء) (١) ، وصحيح الآخر عنه عليه‌السلام (ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الحجار حتى نفرت إلى مكة ، قال : فلترجع فلترم الحجار كما كانت ترمي ، والرجل كذلك) (٢).

وهاتان الروايتان تقتضيان وجوب الرجوع والرمي حتى بعد انقضاء أيام التشريق ولكن لا بد من تقييد اطلاقها بأن الرجوع إنما يجب مع بقاء أيام التشريق وإلا فيقضي في العام المقبل ، لخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أغفل رمي الحجار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل ، فإن لم يحج رمى عنه وليّه ، فإن لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه ، فإنه لا يكون رمي الحجار إلا في أيام التشريق) (٣).

(٢) قد مرّ جواز الاستنابة في المريض فجواز الاستنابة هنا أولى وإن لم ترد في خبر إلا أنها لقاعدة الميسور والمعسور.

(٣) كل ذلك لخبر عمر بن يزيد المتقدم.

(٤) وعلّل بأنه أفضل باعتبار اشتماله على الإتيان بمناسك اليوم الثالث.

(٥) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أردت أن تخرج من مكة فتأتي أهلك فودّع البيت وطف اسبوعا) (٤).

وهو ليس بواجب عندنا كافة ، للأخبار منها : خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عمن نسي زيارة البيت حتى رجع إليه أهله فقال : لا يضره إذا كان قد قضى من نسكه) (٥) ، وخبر علي عن أحدهما عليهما‌السلام (في رجل لم يودع البيت ، قال : لا بأس به إذا كانت به علة أو كان ناسيا) (٦) ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أبي

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٢ و ١ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١ و ٢.

٥٢٦

وليس واجبا عندنا ووقته عند إرادة الخروج بحيث لا يمكث بعده إلا مشغولا بأسبابه (١). فلو زاد عنه أعاده ، ولو نسيه حتى خرج استحب العود له (٢) ، وإن بلغ المسافة (٣). من غير إحرام (٤) ، إلا أن يمضي له شهر ، ولا وداع للمجاوز (٥).

ويستحب الغسل لدخولها (٦) ، (والدخول من باب بني شيبة) ، والدعاء كما مر.

______________________________________________________

ـ يقول : لو كان لي طريق إلى منزلي من منى ما دخلت مكة) (١).

ومن الخبر الثاني يفهم شدة الاستحباب ، وعن أحمد والشافعي من العامة وجوبه حتى أوجبا في تركه دما ، وهو قول مردود بما سمعت.

(١) أي بأسباب الخروج ، بحيث يكون وداع البيت آخر شي‌ء يقوم به الناسك كما يدل عليه خبر الحسن بن علي الكوفي قال : (رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام في سنة خمس عشرة ومأتين ودّع البيت بعد ارتفاع الشمس وطاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط ، فلما كان الشوط السابع استلمه واستلم الجمر ومسح بيده ، ثم مسح وجهه بيده ، ثم أتى المقام فصلى خلفه ركعتين ، ثم خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه ، ثم وقف عليه طويلا يدعو ، ثم خرج من باب الحناطين وتوجه ، قال : ورايته في سنة تسع عشرة ومأتين ودّع البيت ليلا يستلم الركن اليماني والجمر الأسود في كل شوط ، فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني وفوق الجمر المستطيل ، وكشف الثوب عن بطنه ثم أتى الجمر فقبّله ومسحه وخرج إلى المقام فصلى خلفه ثم مضى ولم يعد إلى البيت ، وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط وبعضهم ثمانية) (٢).

(٢) تداركا للمستحب.

(٣) مسافة قصر الصلاة.

(٤) أي يعود من غير إحرام لما تقدم وسيأتي أن الإحرام يكفيه شهرا ، قال الشهيد في الدروس : (ولو خرج من مكة بغير وداع استحب له العود مع الإمكان ، سواء بلغ مسافة القصر أو لا ، ولا يحتاج إلى إحرام إذا لم يكن مضى له شهر ، وإلا احتاج ، وأطلق الفاضل أنه يحرم إذا رجع).

(٥) لانتفاء موضوعه.

(٦) أي لدخول مكة وقد تقدم في باب الاغسال المندوبة ، وفي كتاب الحج دليل استحباب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٣.

٥٢٧

(ودخول الكعبة) (١) فقد روي أن دخولها في رحمة الله والخروج منها خروج من الذنوب وعصمة فيما بقي من العمر ، وغفران لما سلف من الذنوب (٢) ، (خصوصا للصرورة) ، وليدخلها بالسكينة والوقار ، آخذا بحلقتي الباب عند الدخول (٣).

(والصلاة بين الاسطوانتين) اللتين تليان الباب (على الرخامة الحمراء) (٤).

______________________________________________________

ـ الغسل لدخولها ، وكذا ما بعده من أحكام.

(١) وهو متأكد في حق الصرورة ، للأخبار منها : صحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بدّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع ، فإذا دخلته فادخله بسكينة ووقار ، ثم ائت كل زاوية من زواياه ثم قل : اللهم إنك قلت : ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك يوم القيامة ، وصل بين العمودين يليان الباب على الرخامة الحمراء ، وإن كثر الناس فاستقبل كل زاوية في مقامك حيث صليت وادع الله وسله) (١) ، وصحيح معاوية بن عمار (رأيت العبد الصالح عليه‌السلام دخل الكعبة فصلى فيها ركعتين على الرخامة الحمراء ، ثم قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني والغربي فرفع يده عليه ولصق به ودعا ، ثم تحول إلى الركن اليماني فلصق به ودعا ، ثم أتى إلى الركن الغربي ثم خرج) (٢).

(٢) وهو خبر ابن القداح عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (سألته عن دخول الكعبة فقال : الدخول فيها دخول في رحمة الله ، والخروج منها خروج من الذنوب ، معصوم فيما بقي من عمره ، مغفور له من سلف من ذنوبه) (٣).

(٣) لخبر يونس (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إذا دخلت الكعبة كيف أصنع؟ قال : خذ بحلقتي الباب إذا دخلت ، ثم امض حتى تأتي العمودين فصل على الرخامة الحمراء) (٤).

(٤) لخبر يونس وصحيح الأعرج وصحيح معاوية بن عمار المتقدمة ، وفي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها ولا تدخلها بحذاء ، وتقول إذا دخلت : اللهم إنك قلت ومن دخله كان آمنا ، فآمني من عذاب النار ، ثم تصلي ركعتين بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ، تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة وفي الثانية عدد آياتها من القرآن ، وتصلي في زواياه وتقول : اللهم

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٦ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١ ، وأورده أيضا في الباب ـ ١٦ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢.

٥٢٨

ويستحب أن يقرأ في أولى الركعتين الحمد وحم السجدة (١) ، وفي الثانية بعدد آيها وهي ثلاث أو أربع وخمسون.

(و) الصلاة (في زواياها) الأربع ، في كل زاوية ركعتين (٢) ، تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، (واستلامها) أي الزوايا ، (والدعاء) (٣) ، والقيام بين ركني الغربي (٤)

______________________________________________________

ـ من تهيأ أو تعبأ أو اعدّ أو استعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله ، فإليك يا سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك ، فلا تخيّب اليوم رجائي ، يا من لا يخيب عليه سائل ، ولا ينقصه نائل ، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدّمته ، ولا شفاعة مخلوق رجوته ، ولكني أتيتك مقرا بالظلم ـ بالذنوب ـ والإساءة على نفسي ، فإنه لا حجة لي ولا عذر ، فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآله وتعطيني مسألتي وتقيلني عثرتي وتقلبني برغبتي ولا تردني مجبوها ممنوعا ولا خائبا ، يا عظيم يا عظيم يا عظيم ، أرجوك للعظيم ، اسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم ، لا إله إلا أنت.

قال : ولا تدخلها بحذاء ولا تبزق فيها ولا تمتخط فيها ، ولم يدخلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا يوم فتح مكة) (١).

(١) وهي سورة (فصلت) ، وهي ثلاث أو أربع وخمسون آية بناء على أن (حم) آية مستقلة أو جزء من الآية التي بعدها.

(٢) لصحيح معاوية المتقدم (وتصلي في زواياه) ، وخبر الحسين بن العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ذكرت الصلاة في الكعبة ، قال : بين العمودين تقوم على البلاطة الحمراء ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى عليها ثم أقبل على أركان البيت وكبّر إلى ركن منه) (٢) ، وخبر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه‌السلام (دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكعبة فصلى في زواياها الأربع ، وصلى في كل زاوية ركعتين) (٣).

(٣) كما في صحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بدّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع ، فإذا دخلته فأدخله بسكينة ووقار ، ثم ائت كل زاوية من زواياه ثم قل : اللهم إنك قلت : ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك يوم القيامة) (٤).

(٤) لصحيح معاوية بن عمار (رأيت العبد الصالح عليه‌السلام دخل الكعبة فصلى ركعتين على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٣ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٦.

٥٢٩

ثم الركنين الآخرين ، ثم يعود إلى الرخامة الحمراء فيقف عليها ، ويرفع رأسه إلى السماء ، ويطيل الدعاء ، ويبالغ في الخشوع ، وحضور القلب.

(والدعاء عند الحطيم) (١) سمي به ، لازدحام الناس عنده للدعاء واستلام الحجر ، فيحطم بعضهم بعضا (٢) ، ...

______________________________________________________

الرخامة الحمراء ، ثم قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني والغربي فرفع يده عليه ولصق به ودعا ، ثم تحول إلى الركن اليماني فلصق به ودعا ، ثم أتى الركن الغربي ثم خرج) (١).

وهو لم يذكر إتيان الركنين الأخيرين كما ذكره الشارح متبعا فيه الشهيد في الدروس حيث قال : (والصلاة في الزوايا الأربع ، كل زاوية ركعتين ، تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والقيام بين الركن الغربي واليماني رافعا يديه ملصقا به ، والدعاء ثم كذلك في الركن اليماني ، ثم الغربي ثم الركنين الأخيرين ، ثم يعود إلى الرخامة الحمراء فيقف عليها ويرفع رأسه إلى السماء ويطيل الدعاء وليبالغ في الخضوع والخشوع وحضور القلب في دعائه) ، بل إتيان الركنين الأخيرين ثم الوقوف على الرخامة الحمراء فيما بعد مع رفع الرأس والدعاء مما لم اعثر عليه في خبر.

(١) لمرسلة الصدوق في الفقيه (فإذا أردت وداع البيت فطف به اسبوعا ، وصل ركعتين حيث أحببت من الحرم ، وائت الحطيم والحطيم ما بين الكعبة والحجر الأسود فتعلق باستار الكعبة وأنت قائم فاحمد الله واثن عليه ، وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قل : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، حملته على دوابك وسيّرته في بلادك واقدمته المسجد الحرام ، اللهم وقد كان في أملي ورجائي أن تغفر لي ، فإن كنت يا رب قد فعلت ذلك فازدد عني رضى ، وقرّبني إليك زلفى ، وإن لم تكن فعلت يا رب ذلك فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى داري عن بيتك ، غير راغب عنه ، ولا مستبدل به ، هذا أوان انصرافي إن كنت قد أذنت لي ، اللهم فاحفظني من بين يديّ ومن خلفي ومن تحتي ومن فوقي ، وعن يميني وعن شمالي حتى تقدمني أهلي صالحا فإذا اقدمتني أهلي فلا تتخل منّي ، واكفني مئونة عيالي ومئونة خلقك) (٢).

(٢) كما في خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الحطيم ، فقال : ما بين الحجر الأسود بين الباب ، وسألته : لم سمي الحطيم؟ فقال : لأن الناسي يحطم بعضهم بعضا هناك) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٦.

٥٣٠

أو لانحطام الذنوب عنده (١) ، فهو فعيل بمعنى فاعل ، أو لتوبة الله فيه على آدم (٢) ، فانحطمت ذنوبه ، (وهو أشرف البقاع) على وجه الأرض على ما ورد في الخبر عن زين العابدين وولده الباقر (عليه الصلاة والسلام) (٣) ، (وهو ما بين الباب والحجر) الأسود ، ويلي الحطيم في الفضل عند المقام (٤) ، ثم الحجر ، ثم ما دنا من البيت.

(واستلام الأركان) (٥) ...

______________________________________________________

(١) كذا ذكره الشهيد في الدروس والمحقق الثاني في جامعه ، ولم أجد له أثرا في الأخبار ، ولعل هذا التفسير مأخوذ معناه اللغوي.

(٢) لمرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (إن تهيأ لك أن تصلي صلاتك كلها الفرائض وغيرها عند الحطيم فافعل ، فإنه أفضل بقعة على وجه الأرض ، والحطيم ما بين باب البيت والحجر الأسود ، وهو الموضع الذي تاب الله فيه على آدم ، وبعده الصلاة في الحجر أفضل ، وبعد الحجر ما بين الركن العراقي وباب البيت ، وهو الذي كان فيه المقام ، وبعده خلف المقام حيث هو الساعة وما أقرب من البيت فهو أفضل) (١).

(٣) لم أجد خبرا عنهما ، راجع الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أحكام المساجد.

(٤) أي الصلاة عند المقام تلي الفضل للصلاة في الحطيم لما في خبر الحسن بن الجهم قال (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن أفضل موضع في المسجد يصلى فيه ، قال : الحطيم ما بين الحجر وباب البيت ، قلت : والذي يلي ذلك في الفضل؟ فذكر أنه عند مقام إبراهيم ، قلت : ثم الذي يليه في الفضل؟ قال : في الحجر ، قلت : ثم الذي يلي ذلك؟ قال : كل ما دنا من البيت) (٢) ، ولكن في مرسل الصدوق السابق جعل الصلاة في الحجر أفضل من الصلاة عند المقام.

(٥) ففي الجواهر والمدارك جعل الدليل هو صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أردت أن تخرج من مكة فتأتي أهلك ، فودّع البيت وطف بالبيت اسبوعا وإن استطعت أن تستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط فافعل وإلا فافتتح به واختم به ، فإن لم تستطع ذلك فموسّع عليك ، ثم تأتي المستجار فتصنع عنده كما صنعت يوم قدمت مكة وتخيّر لنفسك من الدعاء ، ثم ائت الحجر الأسود ، ثم الصق بطنك بالبيت تضع يدك على الحجر والأخرى مما يلي الباب واحمد الله وأثن عليه وصل على ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

٥٣١

كلّها ، (والمستجار ، وإتيان زمزم والشرب منها) (١) ، والامتلاء (٢) ، فقد قال النبي (ص): ماء زمزم لما شرب له (٣) ، فينبغي شربه للمهمات الدينية ، والدنيوية. فقد فعله جماعة من الأعاظم لمطالب مهمة فنالوها ، وأهمها طلب رضى الله والقرب منه ، والزلفى لديه. ويستحب مع ذلك حمله ، وإهداؤه (٤).

(والخروج من باب الحنّاطين) (٥) سمّي بذلك لبيع الحنطة عنده ، أو الحنوط ،

______________________________________________________

ـ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قل ـ وعلّمه دعاء إلى أن قال ـ ثم ائت زمزم فاشرب من مائها ثم اخرج وقل : آئبون تائبون عابدون لربنا ، حامدون إلى ربنا ، راغبون إلى الله ، راجعون إن شاء الله) (١).

(١) لصحيح معاوية بن عمار المتقدم ولخبر أبي إسماعيل (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هو ذا أخرج ـ جعلت فداك ـ فمن أين أودّع البيت؟ قال : تأتي المستجار بين الحجر والباب فتودعه من ثمّ ، ثم تخرج فتشرب من زمزم ، ثم تمضي ، فقلت : أصب على رأسي؟ فقال : لا تقرب الصب) (٢).

(٢) قال في الدروس (رابعها الشرب من زمزم والإكثار منه ، والتضلع منه ، ـ أي الامتلاء فقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ماء زمزم لما شرب له ، وقد روى حماد أن جماعة من العلماء شربوا منه لمطالب مهمة ما بين تحصيل علم وطلب حاجة وشفاء من علة وغير ذلك فنالوها ، والأهم طلب المغفرة من الله تعالى ، فليسم ولينو بشربه طلب المغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار وغير ذلك).

(٣) هو من طرق العامة (٣) ، نعم أرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام (ماء زمزم شفاء لما شرب له) (٤).

(٤) لخبر عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستهدي من ماء زمزم وهو بالمدينة) (٥).

(٥) لخبر الحسن بن علي الكوفي (رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام في سنة خمس عشرة ومائتين ودّع البيت ـ إلى أن قال ـ فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه ثم وقف عليه طويلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٥.

(٣) سنن البيهقي ج ٥ ص ١٤٨ ، ونيل الأوطار ج ٥ ص ٩٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

٥٣٢

وهو باب بني جمع بإزاء الركن الشامي ، داخل في المسجد كغيره ، ويخرج من الباب المسامت له مارا من عند الأساطين إليه على الاستقامة ليظفر به.

(والصدقة بتمر يشتريه بدرهم) (١) شرعي ، ويجعلها قبضة قبضة بالمعجمة وعلّل في الأخبار بكونه كفارة لما لعله دخل عليه في حجه من حكّ أو قملة سقطت ، أو نحو ذلك. ثم إن استمر الاشتباه فهي صدقة مطلقة وإن ظهر له موجب يتأدى بالصدقة فالأقوى (٢) إجزاؤها ، لظاهر التعليل كما في نظائره (٣) ، ولا يقدح اختلاف الوجه لابتنائه على الظاهر ، مع أنا لا نعتبره (٤).

______________________________________________________

ـ يدعو ثم خرج من باب الحناطين وتوجه) (١).

وعن ابن إدريس أنه باب بني جمح وهي قبيلة من قبائل قريش ، وعن القواعد والدروس أنه بإزاء الركن الشامي على التقريب ، سمّي بذلك لبيع الحنطة عنده أو الحنوط ، وعن الكركي : لم أجد أحدا يعرف موضع هذا الباب فإن المسجد قد زيد فيه فينبغي أن يتحرى الخارج موازاة الركن الشامي ثم يخرج.

(١) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يستحب للرجل والمرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به ، لما كان منهما في إحرامهما ، ولما كان في حرم الله عزوجل) (٢) ، وصحيح معاوية بن عمار وحفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه وأراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به ، فيكون كفارة لما لعله دخل عليه في حجّه من حكّ أو قمّلة سقطت أو نحو ذلك) (٣)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أردت أن تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به قبضة قبضة ، فيكون لكل ما كان حصل في إحرامك ، وما كان منك في مكة) (٤).

(٢) قال في الجواهر : (بل جزم الشهيدان وغيرهما بأنه لو تصدق بذلك ثم ظهر له موجب يتأدى بالصدقة أجزأ لظاهر هذه النصوص).

(٣) كصوم يوم الشك على أنه ندب من شعبان فيجزي عن الواجب لو كان الواقع هو من شهر رمضان.

(٤) أي لا يقدح نية الاستحباب في المأتى به لابتنائه على الظاهر مع أنه نية الوجه لا تجب.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العود إلى منى حديث ٣.

٥٣٣

(والعزم على العود) (١) إلى الحج ، فإنه من أعظم الطاعات ، وروي أنه من المنسئات في العمر ، كما أن العزم على تركه مقرّب للأجل والعذاب ، ويستحب أن يضم إلى العزم سؤال الله تعالى ذلك (٢) عند الانصراف.

(ويستحب الإكثار من الصلاة بمسجد الخيف) (٣) لمن كان بمنى فقد روي

______________________________________________________

(١) لأنه من أعظم الطاعات المعلوم كون العزم عليه من قضايا الإيمان ـ كما في الجواهر ـ ولما ورد في أخبار الدعاء بأن لا يجعله آخر العهد به ، وللأخبار منها : خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من خرج من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره) (١) ، ويكره ترك العزم على ذلك ، لمرسلة الحسين بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه) (٢)، وفي خبر أبي حذيفة (كنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام ونزلنا الطريق ، فقال : ترون هذا الجبل ثافلا ، إن يزيد بن معاوية لما رجع من حجه مرتحلا إلى الشام انشأ يقول :

إذا تركنا ثافلا يمينا

فلن نعود بعده سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

فأماته الله قبل أجله) (٣).

(٢) أي العود لما تقدم من الأخبار.

(٣) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (صل في مسجد الخيف وهو مسجد منى ، وكان مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عهده عند المنارة التي هي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك ، قال : فتحرّ ذلك فإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه قد صلى فيه الف نبيّ ، وإنما سمى الخيف لأنه مرتفع عن الوادي ، وما ارتفع عن الوادي سمّى خيفا) (٤) ، وهو يدل على استحباب إيقاع الواجبة فيه ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبيّ) (٥)، وخبر أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام (من صلّى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبّح الله فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة ، ومن هلّل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة ، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب وجوب الحج حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢.

٥٣٤

أنه من صلّى به مائة ركعة عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبّح الله فيه مائة تسبيحة كتب له أجر عتق رقبة ، ومن هلّل الله فيه مائة عدلت إحياء نسمة ، ومن حمد الله فيه مائة عدلت خراج العراقين ينفق في سبيل الله ، وإنما سمّي خيفا ، لأنه مرتفع عن الوادي ، وكل ما ارتفع عنه سمّي خيفا.

(وخصوصا عند المنارة) التي في وسطه ، (وفوقها إلى القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا) ، وكذا عن يمينها ويسارها وخلفها ، روى تحديده بذلك معاوية بن عمار عن الصادق (ع) ، وإن ذلك مسجد رسول الله (ص) ، وأنه صلّى فيه ألف نبي ، والمصنف اقتصر على الجهة الواحدة (١) ، وفي الدروس أضاف يمينها ويسارها كذلك (٢) ، ولا وجه للتخصيص (٣). ومما يختص به من الصلوات صلاة ست ركعات في أصل الصومعة.

(ويحرم إخراج من التجأ إلى الحرم بعد الجناية) (٤) بما يوجب حدا ، أو

______________________________________________________

ـ يتصدق به في سبيل الله عزوجل) (١) وخبر أبي بصير عن عبد الله عليه‌السلام (صل ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة) (٢).

(١) وهي الجهة القبلية من المنارة.

(٢) أي بنحو ثلاثين ذراعا.

(٣) من الجهة القبلية أو منها ومن يسارها ويمينها فقط ، لأن الجهة الخلفية مذكورة في صحيح معاوية بن عمار المتقدم.

(٤) من أحدث جناية ثم التجأ إلى الحرم لا يخرج منه ، بل يضيّق عليه في المطعم والمشرب وغيرهما حتى يخرج ، وإن أحدثها في الحرم أقيم عليه الحد فيه بلا خلاف في ذلك ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قتل رجلا في الحلّ ثم دخل الحرم ، فقال : لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد ، قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : يقام عليه الحد في الحرم صاغرا إنه لم ير للحرم حرمة ، وقد قال الله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) ، فقال : هذا في الحرم ، وقال : (فَلٰا عُدْوٰانَ إِلّٰا عَلَى الظّٰالِمِينَ) (٣).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

٥٣٥

تعزيرا ، أو قصاصا ، وكذا لا يقام عليه فيه.(نعم يضيّق عليه في المطعم والمشرب) بأن لا يزاد منهما على ما يسدّ الرمق ببيع ، ولا غيره ، ولا يمكّن من ماله زيادة على ذلك ، (حتى يخرج) فيستوفى منه.(فلو جنى في الحرم قوبل) بمقتضى جنايته (فيه) ، لانتهاكه حرمة الحرم ، فلا حرمة له ، والحق بعضهم به (١) مسجد النبي ـ ومشاهد الأئمة عليهم‌السلام ، وهو ضعيف المستند.

(الفصل السادس : في كفارات الإحرام)

اللاحقة بفعل شي‌ء من محرماته (وفيه بحثان) :

(الأول ـ في كفارة الصيد (٢). ففي النعامة بدنة) (٣) وهي من الإبل الأنثى

______________________________________________________

ـ وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : ومن دخله كان آمنا ، قال : إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فرّ إلى الحرم لم يسغ لأحد أن يأخذه في الحرم ، ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدّ في الحرم لأنه لم ير للحرم حرمة) (١).

(١) قال في المدارك (ونقل الشارح عن بعض علمائنا أنه ألحق به مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاهد الأئمة عليهم‌السلام محتجا بإطلاق اسم الحرم عليها في بعض الأخبار ، وهو ضعيف لكنه مناسب للتعظيم).

(٢) فهو على قسمين تارة فيه كفارة وأخرى لا كفارة فيه ، وعلى الأول فتارة لكفارته بدل على الخصوص وأخرى ما لا بدل له على الخصوص ، فابتدأ فيما لكفارته بدل على الخصوص ، وهو كل ما له مثل من النعم ، والأصل في اعتبار المماثلة قوله تعالى : (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (٢) والمتبادر من المماثلة ـ كما في المدارك ـ ما كان بحسب الصورة ، وهو يتحقق في مثل النعامة فإنها تشابه البدنة ، وبقرة الوحش فإنها تشابه البقرة الأصلية ، والظبي يشابه الشاة ، وهذا لا يتم في البيض مع أنهم عدوّه من ذوات الأمثال وسيأتي الكلام فيه.

(٣) بلا خلاف فيه ، لصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : المحرم يقتل نعامة ، قال : عليه بدنة من الإبل) ، وصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢.

(٢) سورة المائدة الآية : ٩٥.

٥٣٦

التي كمل سنها خمس سنين ، سواء في ذلك كبير النعامة وصغيرها ، ذكرها وأنثاها ، والأولى المماثلة بينهما في ذلك (ثم الفضّ) (١) أي فض ثمن البدنة لو

______________________________________________________

ـ قول الله عزوجل : (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، قال عليه‌السلام : في النعامة بدنة) (١) ، ومثلها غيرها.

والبدنة : هي الناقة على ما نصّ عليه الجوهري في الصحاح ، وعن أبي عبيدة الناقة من الإبل بمنزلة المرأة والجمل بمنزلة الرجل ، ومقتضاه عدم إجزاء الذكر ، وعن الشيخ وجماعة الاجزاء لصدق اسم البدنة على الذكر والأنثى كما نص عليه جماعة من أهل اللغة كالفيروزآبادي في القاموس وابن منظور في لسان العرب ، ولخبر أبي الصباح الكناني (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل في الصيد : من قتل منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ، قال : في الظبي شاة وفي حمار الوحش بقرة ، وفي النعامة جزور) (٢).

وأما كونها ما كمل لها خمس سنين فقال في الجواهر : (لما كانت البدنة اسما لما يهدي اعتبر فيها السن المعتبر في الهدي ، نعم مقتضى إطلاق النص والفتوى اجزاؤها معه ـ أي مع الصيد ـ وافقت النعامة في الصغر والكبر وغيرهما أم لا خلافا للمحكي عن التذكرة فاعتبر المماثلة بين الصيد وفدائه ، ففي الصغير من الإبل ما في سنه ، وفي الكبير كذلك ، وفي الذكر ذكر وفي الانثى انثى ، ولم نقف له على دليل سوى دعوى كونه المراد من المماثلة في الآية ، وهو كالاجتهاد في مقابلة النص المقتضي كون مسمى البدنة مثلا مماثلا للنعامة على كل حال).

(١) أي مع العجز عن البدنة يقوّمها ويفضّ الثمن على البر ، فيتصدق به على كل مسكين مدان ، ولا يلزم الزيادة على ستين مسكينا ، نسب إلى الأكثر ، للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في محرم قتل نعامة ، قال : عليه بدنة ، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا ، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام ستين مسكينا لم يزد على طعام ستين ، وإن كانت قيمة البدنة أقل من طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة) (٣) ، وصحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاؤه من النعم بدراهم ، ثم قوّمت الدراهم طعاما ، لكل مسكين نصف صاع ، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٧.

٥٣٧

تعذرت (على البرّ وإطعام ستين) مسكينا ، (والفاضل) من قيمتها عن ذلك (له ، ولا يلزمه الإتمام لو أعوز) ، ولو فضل منه ما لا يبلغ مدا ، أو مدين (١) دفعه إلى مسكين آخر وإن قل (٢).

(ثم صيام ستين يوما) (٣) إن لم يقدر على الفض ، لعدمه ، أو فقره. وظاهره

______________________________________________________

ـ نصف صاع يوما) (١) ونصف الصاع مدان ، ويكون الصيام ستين يوما لوجوب التصدق على ستين مسكينا كما سيأتي.

وعن ابن بابويه وابن أبي عقيل الاكتفاء بالمد لكل مسكين ، ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل ، فإن لم يجد ما يشتري به بدنة وأراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا ، فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما ، مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام) (٢)، ومثله غيره ، مع حمل الأخبار المتقدمة على الاستحباب ، لأن الأخبار إما مطلقة وهو الغالب ، وإما ما يدل على المدين وهو صحيح أبي عبيدة المتقدم وخبر الزهري الآتي وإما ما يدل على المد وهو صحيح معاوية المتقدم وخبر أبي بصير (٣) ، وخبر ابن سنان (٤) وعن أبي الصلاح أنه بعد العجز عن البدنة التصدق بالقيمة ، فإن عجز فضّها على البرّ ، وقال في المدارك (لم نقف له على مستند) ، هذا وفي المدارك (إنه ليس في الروايات تعميم لإطعام البرّ ـ أي الحنطة ـ ومن ثمّ اكتفى الشارح وغيره بمطلق الطعام وهو غير بعيد ، إلا أن الاقتصار على إطعام البر أولى ، لأنه المتبادر من الطعام) ، ويشهد للبرّ خبر سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عليه‌السلام في حديث (أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قلت : لا أدري ، قال : يقوّم الصيد قيمة عدل ، ثم يفضّ تلك القيمة على البر ، ثم يكال ذلك البر أصواعا ، فيصوم لكل نصف صاع يوما) (٥).

(١) للخلاف المتقدم في أن المعطى للمسكين مد أو مدان.

(٢) أي وإن فضل من العوز ما لا يبلغ مدا أو مدين فيجب دفعه إلى مسكين تمسكا بإطلاق الدفع إلى المساكين كما في صحيح محمد بن مسلم وزرارة المتقدم.

(٣) أي إن عجز عن الغضّ لعدم البرّ والطعام أو لفقره فيصوم ستين يوما على المشهور ، للأخبار منها : صحيح أبي عبيدة المتقدم ، وخبر الزهري المتقدم ، ومرسل ابن بكير عن أبي

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١ و ١١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٣ و ١٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب بقية الصوم حديث ١.

٥٣٨

عدم الفرق (١) بين بلوغ القيمة على تقدير إمكان الفض الستين وعدمه وفي الدروس نسب ذلك إلى قول مشعرا بتمريضه. والأقوى جواز الاقتصار على صيام قدر ما وسعت من الإطعام ، ولو زاد ما لا يبلغ القدر (٢) صام عنه يوما كاملا.

(ثم صيام ثمانية عشر (٣) يوما) لو عجز عن صوم الستين وما في معناها (٤)

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام (بثمن قيمة الهدي طعاما ، ثم يصوم لكل مدّ يوما ، فإذا زادت الامداد على شهرين فليس عليه أكثر منه) (١) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عدل الهدي ما بلغ يتصدق به ، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما) (٢).

وذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل إلى الاكتفاء بصوم ثمانية عشر يوما مع العجز عن الاطعام مطلقا ، لصحيح معاوية بن عمار المتقدم (فعليه أن يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا ، فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما ، مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام) (٣)، وصحيح ابن مسكان عن أبي بصير وهو ليث المرادي كما استظهره في المدارك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش ، قال : عليه بدنة ، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : يطعم ستين مسكينا ، قلت : فإن لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما) (٤)، ولا بدّ من حملها على ما لو تعذر عليه صوم الستين جمعا بين الأخبار.

(١) أي يجب صيام الستين سواء بلغت القيمة إطعام ستين مسكينا أو أقل أو أكثر على تقدير إمكان الفض ، وقال عنه الشارح في المسالك بأنه لا شاهد له ، بل يجب صوم ما تسع القيمة على المساكين كما يقتضيه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن قوله : أو عدل ذلك صياما ، قال عليه‌السلام : عدل الهدي ما بلغ يتصدق به ، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ ، لكل طعام مسكين يوما) (٥).

(٢) أي لو بقي ما لا يبلغ المد أو المدين فهل عليه صوم يوم كامل ، ففي المنتهى أنه كذلك لا نعلم فيه خلافا لأن صيام اليوم لا يتبعض والسقوط غير ممكن لشغل الذمة فيجب صوم يوم كامل ، واحتمل كما في المسالك والمدارك بأن صوم اليوم إنما يجب بدلا عن المد أو المدين وهنا غير متحقق ، والأقوى الأول وهو أحوط.

(٣) يعلم مما تقدم.

(٤) من فضّ قيمتها على المساكين.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ٥ و ١٠ و ١٣ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٠.

٥٣٩

وإن (١) قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر (٢) ، نعم لو عجز عن صومها (٣) وجب المقدور (٤) والفرق (٥) ورود النص بوجوب الثمانية عشر لمن عجز عن الستين الشامل لمن قدر على الأزيد قلا يجب. وأما المقدور من الثمانية عشر فيدخل في عموم فأتوا منه ما استطعتم (٦) ، لعدم المعارض ، ولو شرع في صوم الستين قادرا عليها فتجدد عجزه بعد تجاوز الثمانية عشر اقتصر على ما فعل (٧) وإن كان شهرا ، مع احتمال وجوب تسعة حينئذ (٨) لأنها بدل عن الشهر المعجوز عنه (٩).

(والمدفوع إلى المسكين) على تقدير الفض (نصف صاع) مدّان في المشهور (١٠) ، وقيل : مد. وفيه قوة ، (وفي بقرة الوحش وحماره بقرة) (١١) مسنة

______________________________________________________

(١) وصلية.

(٢) لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(٣) أي صوم الثمانية عشر يوما.

(٤) لقاعدة الميسور والمعسور.

(٥) بين العجز عن الستين فينتقل إلى الثمانية عشر يوما وإن كان يقدر على الأزيد ، وبين العجز عن الثمانية عشر يوما فيصوم بحسب القدرة.

(٦) فهو حديث نبوي (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (١).

(٧) لسقوط التكليف عند عدم القدرة.

(٨) أي حين عجزه عن الشهر الثاني.

(٩) قال في الجواهر (لأن المعجوز شهر وبدله تسعة وإن قدر على الأكثر كما يؤمى إليه ما تسمعه في البقرة).

(١٠) قد تقدم الكلام فيه.

(١١) على المشهور ، للأخبار منها : صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : فجزاء مثل ما قتل من النعم ، قال عليه‌السلام : في النعامة بدنة وفي الحمار الوحشي بقرة وفي الظبي شاة وفي البقر بقرة) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : فإن أصاب بقرة أو حمار الوحش ما عليه؟ قال : عليه بقرة) (٣).

__________________

(١) غوالي اللئالي ج ٤ ص ٥٨ حديث ٢٠٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كفارات الصيد حديث ١٠.

٥٤٠