الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

والمعز (١).

(وتجب النية) (٢) قبل الذبح مقارنة له (٣). ولو تعذر الجمع بينها (٤) ، وبين الذكر في أوله (٥) قدمها عليه ، مقتصرا منه (٦) على أقله جمعا بين الحقين (ويتولاها الذابح) (٧) سواء كان هو الحاج أم غيره ، إذ يجوز الاستنابة فيهما (٨) اختيارا ، ويستحب نيتهما (٩) ، ولا يكفي نية المالك وحده.

(ويستحب جعل يده) أي الناسك (معه) (١٠) مع الذابح لو تغايرا (و) يجب

______________________________________________________

ـ تجد فتيسا ، فإن لم تجد فما تيسّر عليك ، وعظّم شعائر الله) (١).

(١) على نحو اللف والنشر المرتبين.

(٢) لأن الذبح من العبادات كغيره من أفعال الحج ، وقد تقدم أنها على نحو الداعي فيكفي فيها القصد مع القربة ولا يجب قصد الخصوصيات إلا إذا توقف تعيين المأمور به على ذلك.

(٣) أي للذبح بناء على أنها اخطارية.

(٤) بين نية الذبح.

(٥) أي لو تعذر ذكر اسم الله في أول الذبح ، ولا يتعذر إلا إذا اشترطنا في النية التلفظ مع أنه غير شرط.

(٦) أي من الذكر على أقله وهو (بسم الله).

(٧) لأنه هو النائب عنه في الذبح ونيته بلا خلاف في ذلك.

(٨) في الذبح ونيته ، ويدل عليه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (سألته عن الضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمّى غير صاحبها ، أتجزي عن صاحب الضحية؟ فقال : نعم ، إنما له ما نوى) (٢) ، وهو ظاهر في جواز الاستنابة في الذبح ونيته ، ومثله غيره من النصوص.

(٩) أي الذابح والمالك ، وهو ناشئ من الاحتياط بدليل أن النية لا تكفي من المالك وحده ، لأنه مع نيابة الحج لا بد من كون نية الذبح على النائب لا على المنوب ، وهذا ما يشعر به صحيح علي بن جعفر المتقدم.

(١٠) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يجعل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

٤٨١

(قسمته (١) ...

______________________________________________________

ـ السكين في يد الصبي ثم يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح) (١) ومثله غيره.

(١) ذهب ابن إدريس وسيد المدارك واستقربه العلامة إلى وجوب الأكل منه والاطعام ، وهذا لا يوجب تقسيمه اثلاثا ، لقوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْهٰا وَأَطْعِمُوا الْبٰائِسَ الْفَقِيرَ) (٢) وقوله تعالى : (فَإِذٰا وَجَبَتْ جُنُوبُهٰا فَكُلُوا مِنْهٰا وَأَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (٣) ، وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا ذبحت أو نحرت فكل واطعم كما قال الله تعالى : (فَكُلُوا مِنْهٰا وَأَطْعِمُوا الْقٰانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) ، فقال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يعتريك ، والسائل الذي يسألك في يديه ، والبائس الفقير) (٤) ، وصحيح صفوان ومعاوية بن عمار قريب منه (٥).

وذهب المشهور إلى تقسيمه اثلاثا ، لموثق شعيب العقرقوفي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام (سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال : بمكة ، قلت : أي شي‌ء أعطي منها؟ قال : كل ثلثا واهد ثلثا ، وتصدق بثلث) (٦) ، وصحيح أبي الصباح الكناني (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لحوم الاضاحي ، قال : كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهم‌السلام يتصدقان بثلث على جيرانهم ، وثلث على السؤّال ، وثلث يمسكانه لأهل البيت) (٧) بناء على إرادة الإهداء من التصدق على الجيران ، فالأولى وإن كانت واردة في هدي القارن ، والثانية في الأضحية المندوبة كما هو ظاهرها ، لكن يشملان هدي التمتع لوحدة التقسيم.

في الهدي الواجب والمندوب ، والشهيدان والمحقق الثاني على أن هذا التقسيم واجب لظاهر الأمر في هذين الخبرين ، والبقية على أنه مستحب لخلو بقية الأدلة عنه مع أنها واردة في بيان المصرف مثل الآيتين والخبر المتقدم.

ثم إن ابن إدريس وجماعة قالوا بوجوب الأكل منه للأمر بالآيتين ، وصحيح معاوية ـ الوارد في كيفية حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين ينحر أن يؤخذ من كل بدنة جذوة من لحمها ثم تطرح في برمة ، ثم تطبخ فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ عليه‌السلام منها وحسيا من مرقها) (٨) ومثلها غيرها.

وعن الأكثر أنه مستحب لأن الأمر في الآيتين وارد في مقام توهم الحظر ، لأنهم في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الذبح حديث ٥.

(٢) سورة الحج الآية : ٢٨.

(٣) سورة الحج الآية : ٣٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ١٤.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح حديث ١٨ و ١٣.

(٨) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح حديث ١١.

٤٨٢

بين الإهداء) إلى مؤمن (١) ، (والصدقة) عليه مع فقره (٢) (والأكل) ولا ترتيب بينها (٣) ، ولا يجب التسوية (٤) ، بل يكفي من الأكل مسماه (٥) ، ويعتبر فيهما (٦) أن

______________________________________________________

ـ الجاهلية كانوا يحرمون ذلك على أنفسهم كما ذكره الزمخشري في الكشاف.

وعلى القول بوجوب التقسيم لو لم يعمل الناسك به ولم يعط أحدا ولم يتصدق على أحد بل ذبحها وأعرض فهل يضمن أو لا ، لا ريب في عدم الضمان بنسبة ثلث الأكل لعدم تعلق حق الغير به ، وأما بالنسبة للباقي فالأقرب الضمان لتعلق حق الغير به.

(١) الأخبار المتقدمة مطلقة لكن الأولى تقييد الهدية إلى المؤمن ، قال في الجواهر : (لا ريب في عدم اعتبار الفقر في ثلث الاهداء ، بل إن لم يكن الاجماع لا يعتبر فيه الايمان خصوصا مع الندرة في تلك الأمكنة والأزمنة ، فيلزم إما سقوط وجوب الهدي أو التكليف بالمحال ، وليس هو كالزكاة التي يمكن فيها الانتظار ، على أنه قد ورد ما يدل عدم كراهة إعطاء المشرك ، وعلى جواز إعطاء الحرورية ، وأن لكل كبد حراء أجر ، ولكن مع ذلك لا ريب في أن الأحوط مراعاته مع الإمكان ، كما أن الأولى منع المعلوم نصبه ، بل يعطى المستضعف أو مجهول الحال).

(٢) أي على المؤمن الفقير ، أما فقره فلظاهر الآيتين ، وأما إيمانه فلا دليل عليه والأولى اعتباره كما سمعت في الإهداء.

(٣) بين الإهداء والصدقة والأكل.

(٤) أي تسوية التقسيم ، قال في الجواهر : (وأما القسمة أثلاثا فلم أر قولا بوجوبها ، وفي دعائم الإسلام (١) عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ينبغي لمن أهدى هديا تطوعا أو ضحى أن يأكل من هديه وأضحيته ثم يتصدق ، وليس في ذلك توقيت ، يأكل ما أحب ويطعم ويهدي ويتصدق ، قال الله عزوجل وقرأ الآيتين) انتهى.

فالقول بالوجوب سابقا بالنسبة إلى أصل الصرف في الثلاثة ، ونفي القول بالوجوب هنا بالنسبة إلى التقسيم الثلاثي بالسوية لهدي التمتع بحيث يأكل تمام الثلث ويتصدق بتمام الثلث ويهدي تمام الثلث ، نعم ذهب الشارح في المسالك والروضة هنا إلى وجوب التصدق بتمام الثلث ووجوب الهدية بتمام الثلث ، فنفيه لوجوب التسوية من ناحية عدم وجوب أكل تمام الثلث فقط ، وهو قول لم أجده لغيره.

(٥) إذ إرادة أكل الناسك لتمام الثلث متعذر غالبا ، فلا يعقل إرادته من الأمر به.

(٦) في الإهداء والصدقة.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح حديث ٧.

٤٨٣

لا ينقص كل منهما عن ثلثه. وتجب النية لكل منها (١) مقارنة للتناول (٢) ، أو التسليم (٣) إلى المستحق ، أو وكيله ، لو أخل بالصدقة ضمن الثلث ، وكذا الإهداء (٤) إلا أن يجعله (٥) صدقة ، وبالأكل (٦) يأثم خاصة.

(ويستحب نحر الإبل قائمة (٧) قد ربطت يداها) مجتمعتين (٨) (بين الخف والركبة) ليمنع من الاضطراب ، أو تعقل يدها اليسرى (٩) من الخف إلى الركبة ويوقفها على اليمنى ، وكلاهما مروي ، (وطعنها من) الجانب (الأيمن) (١٠) بأن يقف الذابح على ذلك الجانب ، ويطعنها في موضع النحر ، فإنه متحد (١١).(والدعاء)

______________________________________________________

(١) من الأكل والصدقة والهدية ، لأن الذبح وما يلحق به من الأمور العبادية ، أما الذبح فنعم ، وأما ما يلحق به فلا دليل عليه.

(٢) بالنسبة للأكل.

(٣) بالنسبة للهدية والصدقة.

(٤) بناء على وجوب التقسيم أثلاثا.

(٥) أي إلا أن يجعل الإهداء صدقة فلا ضمان بناء على كون التصدق.

(٦) أي لو أخلّ بالأكل فلا يضمن لعدم تعلق حق الغير به ، ولكن يأثم خاصة بناء على وجوب الأكل.

(٧) للأخبار ، منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا صَوٰافَّ) ، قال : ذلك حين تصف للنحر يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة ، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض) (١) ، وخبر أبي خديجة (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ، ثم يقوم به من جانب يدها اليمنى ويقول : بسم الله والله اكبر ، اللهم هذا منك ولك ، اللهم تقبل منّي ، ثم يطعن في لبّتها ثم يخرج السكين بيده ، فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده) (٢) ، وخبر أبي الصباح الكناني (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كيف تنحر البدنة؟ فقال : تنحر وهي قائمة من قبل اليمين) (٣) ، أي يقف من ينحرها من جانب الأيمن ويطعنها في موضع النحر.

(٨) لصحيح ابن سنان.

(٩) لخبر أبي خديجة.

(١٠) كما في خبر الكناني.

(١١) أي وقوفه من جانبها الأيمن لا يوجب توهما من نحرها في ذلك الجانب ، بل يجب

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٣ و ٢.

٤٨٤

عنده) بالمأثور (١).

(ولو عجز عن السمين فالأقرب إجزاء المهزول ، وكذا الناقص) (٢) لو عجز عن التام ، للأمر بالإتيان بالمستطاع (٣) المقتضي امتثاله للإجزاء ولحسنه معاوية بن عمار «إن لم تجد فما تيسّر لك» وقيل : ينتقل إلى الصوم لأن المأمور به هو الكامل فإذا تعذر انتقل إلى بدله وهو الصوم.

(ولو وجد الثمن دونه) (٤) ...

______________________________________________________

ـ نحرها في موضع النحر وهو ثغرة النحر بين الترقوتين ، وهو متحد مهما كان موضع الذي ينحرها.

(١) إما لما في خبر أبي خديجة ، وإما لما في صحيح صفوان وابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا اشتريت هديك فاستقبل القبلة وانحره أو اذبحه ، وقل : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلٰاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيٰايَ وَمَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ ، لٰا شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ) وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك ، بسم الله والله اكبر ، اللهم تقبل مني ، ثم أمرّ السكين ولا تنخعها حتى تموت) (١) ، وقد رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمار.

(٢) أي إذا لم يجد الناسك إلا فاقد الشرائط ، فهل يجزي وبه قطع الشهيدان لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اشتر فحلا سمينا للمتعة ، فإن لم تجد فموجوءا ، فإن لم تجد فمن فحولة المعز ، فإن لم تجد فنعجة ، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي) (٢) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (فاجعله كبشا سمينا فحلا ، فإن لم تجد كبشا فحلا فموجأ من الضأن ، فإن لم تجد فتيسا ، فإن لم تجد فما تيسّر عليك ، وعظم شعائر الله) (٣).

أو لا يجزي بل يجب الانتقال إلى بدله وهو الصوم وهذا ما ذهب إليه المحقق الثاني في جامع المقاصد لأن فاقد الشرائط لما لم يكن مجزيا كان وجوده كعدمه ، وإطلاق الخبرين حجة عليه.

(٣) للنبوي (إذا امرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٤).

(٤) دون الهدي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الذبح حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٤) غوالي اللئالي ج ٤ ص ٥٨ حديث ٢٠٦.

٤٨٥

مطلقا (١) (خلّفه (٢) عند من يشتريه ويهديه) عنه من الثقات إن لم يقم بمكة (طول ذي الحجة) فإن تعذر فيه (٣) فمن القابل فيه ، ويسقط هنا الأكل (٤) فيصرف الثلثين في وجههما (٥) ، ويتخير في الثلث الآخر بين الأمرين ، مع احتمال قيام النائب مقامه فيه ولم يتعرضوا لهذا الحكم.

(ولو عجز) عن تحصيل الثقة ، أو (عن الثمن) في محله (٦) ولو بالاستدانة على ما في بلده ، والاكتساب اللائق بحاله وبيع ما عدا المستثنيات في الدين

______________________________________________________

(١) لا تاما ولا ناقصا ، ولا سمينا ولا مهزولا.

(٢) أي الثمن.

(٣) أي في شهر ذي الحجة على الأكثر ، لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه ، وهو يجزي عنه ، فإذا مضى ذو الحجة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجة) (١) ، وخبر النضر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه ، وهو موسر حسن الحال ، وهو يضعف عن الصيام مما ينبغي له أن يصنع؟ قال عليه‌السلام : يرفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله ، وليذبح عنه في ذي الحجة ، فقلت : فإنه دفعه إلى من يذبح عنه فلم يصيب في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك ، قال : لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة وإن أخّره إلى قابل) (٢).

وعن ابن إدريس بناء على أصله من منع العمل بالخبر الواحد فلم يعمل بهذين الخبرين وأوجب عليه الصوم لأن الله تعالى نقلنا إلى الصوم ـ كما سيأتي ـ عند فقدان الهدي ، فالنقل إلى الثمن محتاج إلى دليل وما تقدم من الأخبار مردود لأنها أخبار آحاد ، وضعفه ظاهر.

واشتراط الأكثر أن يخلّف الثمن عند ثقة مع خلو النصوص عنه باعتبار عدم القطع بالبراءة إلا بذلك.

(٤) لغيبة الناسك وبعده.

(٥) في الأكل إذا قلنا بالوجوب وبوجوب التقسيم أثلاثا.

(٦) محل الهدي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الذبح حديث ٢.

٤٨٦

صام) بدله عشرة أيام (١) (ثلاثة أيام في الحج متوالية) (٢) إلا ما استثني (٣) (بعد التلبس بالحج) (٤) ...

______________________________________________________

(١) فإذا فقد الهدي وثمنه صام عشرة أيام ، ثلاثة في الحج متواليات ، والسبعة بعد الوصول إلى أهله ، بلا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ) (١).

(٢) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة) (٢) ، وخبر الواسطي المروي في قرب الإسناد عن أبي الحسن عليه‌السلام (فليصم بمكة ثلاثة أيام متتابعات) (٣).

(٣) أي لو صام يوم التروية ويوم عرفة فلا يصوم العيد وأيام التشريق ويصوم الثالث بعدها على المشهور ، لخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فيمن صام يوم التروية ويوم عرفة ، قال عليه‌السلام : يجزيه أن يصوم يوما آخر) (٤) ، وخبر يحيى الأزرق عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا وليس له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة ، قال : يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق) (٥).

(٤) وهو حكم متضمن بجواز تقديم صوم هذه الأيام من أول ذي الحجة ، وهو حكم جزم به في القواعد والنافع ، لموثق زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (من لم يجد هديا وأحبّ أن يقدّم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس) (٦) ، واعتبر هذا رخصة ، وقد ذكرها كلّ من ابن سعيد والقاضي والشيخ في النهاية والتهذيب والمبسوط وابن البراج في المهذب وابن إدريس في سرائره ، وإن جعل تركها أولى أو أحوط ، قال ابن إدريس في السرائر (وقد رويت رخصة في تقديم صوم الثلاثة الأيام من أول العشر والأحوط الأول ، ثم قال بعد ذلك : إلا أن الأصحاب أجمعوا على أنه لا يجوز الصيام إلا يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، وقبل ذلك لا يجوز) ، فهو كالدال على أن الأصحاب اعرضوا عن دليل الرخصة ، ثم على العمل بها لا بدّ أن يكون الصوم من أول الشهر بعد التلبس بالمتعة بلا خلاف ، لأنه لا يجوز تقديمه على سببه ، إذا الهدي هو بعد الإحرام فكيف يجوز بدله ـ

__________________

(١) سورة البقرة الآية : ١٩٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الذبح حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح حديث ٢.

٤٨٧

ولو من أول ذي الحجة ، ويستحب السابع وتالياه (١) ، وآخر وقتها آخر ذي الحجة (٢) (وسبعة إذا رجع إلى أهله) (٣) ...

______________________________________________________

ـ قبله ، نعم وقع الخلاف في زمن التلبس فهل هو بعد إحرام العمرة كما صرح به غير واحد ـ كما في الجواهر ـ لأن العمرة المتمتع بها صارت جزءا من حج التمتع فالدخول بها دخول بالحج ، ويشهد لذلك أن الأمر بصوم هذه الأيام قبل يوم التروية ـ كما سيأتي ـ وهو كاشف عن أنه قد تلبس بعمرة التمتع لأن المستحب هو جعل إحرام الحج يوم التروية ، وما ذهب إليه الشهيد والمحقق في النافع والشارح من كونه بعد التلبس بالحج فهو اجتهاد في مقابلة هذه الأدلة.

(١) يستحب أن تكون قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن متمتع لم يجد هديا ، قال : يصوم ثلاثة أيام في الحج ، يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة) (١) ، وصحيح رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المتمتع لا يجد هديا ، قال : يصوم قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، قلت : فإن قدم يوم التروية؟ قال : يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق ، قلت : وما الحصبة؟ قال : يوم نفره ، قلت : يصوم وهو مسافر؟ قال : نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا ، إنا أهل بيت نقول ذلك لقوله الله عزوجل : (فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ) ، يقول في ذي الحجة) (٢).

(٢) بلا خلاف فيه ، لإطلاق قوله تعالى : (فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ) (٣) ، وشهر ذي الحجة من أشهر الحج ، وفي خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه‌السلام في حديث (إن الله قال : (فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ) ، قال : كان جعفر عليه‌السلام يقول : ذو الحجة كله من أشهر الحج) (٤) ، ومما يدل على الحكم أيضا صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من لم يجد ثمن الهدي فأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك) (٥) ، وفي التذكرة : قول لبعض العامة بخروج وقتها بمضي يوم عرفة ولا ريب في ضعفه.

(٣) بلا خلاف فيه ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَسَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ) (٦) ، ويتحقق ذلك الرجوع ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح حديث ٤ و ١.

(٣) سورة البقرة الآية : ١٩٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب الذبح حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح حديث ١٣.

(٦) سورة البقرة الآية : ١٩٦.

٤٨٨

حقيقة ، أو حكما (١) كما لم يرجع فينتظر مدة لو ذهب لوصل إلى أهله عادة ، أو مضيّ شهر. ويفهم من تقييد الثلاثة بالموالاة دون السبعة عدم اعتبارها فيها (٢) ،

______________________________________________________

ـ بالعود إلى الوطن ويدل عليه أخبار ، منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله) (١) ، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل تمتع ولم يجد هديا ، قال : يصوم ثلاثة أيام بمكة وسبعة إذا رجع إلى أهله) (١) ، فإن لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله) (٢) ، وعن بعض العامة أنه يصوم السبعة إذا فرغ من أفعال الحج ، وعن البعض الآخر أنه يصوم إذا خرج من مكة سائرا في الطريق ، وهما مدفوعان بما سمعت.

(١) أي إذا لم يرجع إلى أهله فينتظر قدر وصوله إلى أهله أو يصوم السبعة بعد شهر ، وفي الذخيرة لا أعلم فيه مخالفا ، ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فإن فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة أيام بمكة ، وإن لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله ، وإن كان له مقام بمكة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله ، أو شهرا ثم صام بعده) (٣).

(٢) أي عدم اعتبار الموالاة في السبعة على المشهور ، لخبر إسحاق بن عمار (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني قدمت الكوفة ولم أصم السبعة الأيام حتى نزعت في حاجة إلى بغداد ، قال : صمها ببغداد ، قلت : أفرّقها؟ قال : نعم) (٤) ، وهو مشتمل على محمد بن أسلم وهو غال فاسد الحديث كما في رجال النجاشي.

وعن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح أنهما أوجبا الموالاة في السبعة كالثلاثة ، وقواه في المختلف لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة ، أيصومها متوالية أو يفرّق بينها؟ قال : يصوم الثلاثة الأيام لا يفرّق بينها ، والسبعة لا يفرق بينها) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب الذبح حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب الذبح حديث ٧.

(٣) الوسائل اورد صوره في الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الذبح حديث ٤ ، وأورد ذيله في الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب الذبح حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب الذبح حديث ٢.

٤٨٩

وهو أجود القولين ، وقد تقدم (١).

(ويتخير مولى) المملوك (المأذون له) في الحج (بين الإهداء عنه ، وبين أمره بالصوم) (٢) ، لأنه عاجز عنه (٣) ففرضه الصوم (٤) لكن لو تبرع المولى بالإخراج أجزأ ، كما يجزي عن غيره (٥) لو تبرع عليه (٦) متبرع ، والنص ورد بهذا التخيير.

وهو دليل على أنه (٧) لا يملك شيئا ، وإلا اتجه وجوب الهدي مع قدرته عليه ، والحجر عليه (٨) غير مانع منه كالسفيه.

(ولا يجزئ) الهدي (الواحد إلا عن واحد ، ولو عند الضرورة) (٩) على

______________________________________________________

(١) في المسألة الثامنة من كتاب الصوم.

(٢) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح جميل (سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع ، قال : فمره فليصم وإن شئت فاذبح عنه) (١) ، وصحيح سعد بن أبي خلف (سألت أبا الحسن عليه‌السلام قلت : أمرت مملوكى أن يتمتع ، فقال : إن شئت فاذبح عنه وإن شئت فمره فليصم) (٢).

(٣) أي لأن العبد المأذون بالحج عاجز عن الهدي.

(٤) وحكمه هنا حكم الحر ولا ينصّف عليه الصوم.

(٥) عن غير العبد ممن وجب عليه الهدي ولم يجد.

(٦) أي على ذلك الغير.

(٧) أي أن العبد.

(٨) دفع وهم ، والوهم هو أن العبد محجور عليه حتى لو قلنا بملكيته ، ودفعه : أن الحجر غير مانع منه لأن المال مال العبد حسب الفرض والأمر من قبل الله ، وحق الله مقدم على حق المولى.

(٩) كما هو المشهور ، لصحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النفر تجزيهم البقرة ، قال : أما في الهدي فلا ، وأما في الأضحى فنعم) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (لا تجوز البدنة والبقرة إلا عن واحد بمنى) (٤) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تجزي البقرة أو البدنة في الأمصار عن سبعة ، ولا تجزي بمنى إلا عن واحد) (٥).

وعن الشيخ في النهاية والمبسوط وموضع من الخلاف أنه يجزي عند الضرورة عن خمسة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الذبح حديث ٣ و ١ و ٤.

٤٩٠

أصح الأقوال. وقيل : يجزئ عن سبعة وعن سبعين أولي خوان واحد. وقيل : مطلقا وبه روايات محمولة على المندوب جمعا كهدي القران قبل تعينه ، والأضحية فإنه يطلق عليها الهدي أما الواجب ولو بالشروع في الحج المندوب فلا يجزئ إلا عن واحد ، فينتقل مع العجز ولو بتعذره إلى الصوم.

(ولو مات) من وجب عليه الهدي قبل إخراجه (أخرج) عنه (من صلب المال) (١) أي من أصله وإن لم يوص به ، كغيره من الحقوق المالية الواجبة ، (ولو مات) فاقده (قبل الصوم صام الولي) (٢) ، وقد تقدم بيانه في الصوم (عنه العشرة)

______________________________________________________

ـ وعن سبعة وعن سبعين ، وعن المفيد أنه تجزي البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت واحد ، وعن سلّار تجزي البقرة عن خمسة وأطلق ، ودليلهم أخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام تجزى البقرة عن خمسة. بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد) (١) ، وصحيح حمران (عزت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة بمائة دينار ، فسئل أبو جعفر عليه‌السلام عن ذلك ، فقال : اشتركوا فيها ، قلت : كم؟ قال ما خفّ فهو أفضل ، فقلت : عن كم يجزي؟ فقال : عن سبعين) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (البدنة والبقرة يضحي بها تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد ومن غيرهم) (٣) ، وظاهرها الضرورة ، وحملها على الأضحية المندوبة كما عليه المشهور تحكيما لأدلة وجوب الانتقال إلى البدل عند تعذر الهدي.

(١) لأنه من جملة الحقوق المالية كالدين ، فلا بد من إخراجه من أصل المال.

(٢) ذهب ابن إدريس وأكثر المتأخرين ـ كما في المدارك ـ إلى وجوب قضاء الجميع لعموم ما دل على وجوب قضاء ما فات الميت من الصيام ، ولصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليّه) (٤).

وذهب الشيخ وجماعة إلى وجوب صوم الثلاثة دون السبعة ، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سأله عن رجل تمتع بالعمرة ولم يكن له هدي ، فصام ثلاثة أيام ، أعلى وليّه أن يقض عنه؟ قال : ما أرى عليه قضاء) (٥) ، وقال في المنتهى (وهذه الرواية لا حجة فيها ، لاحتمال أن يكون موته قبل أن يتمكن من الصيام ، ومع هذا الاحتمال لا تبقى فيها دلالة على المطلوب) وقد استحسنه في المدارك ، وعن الصدوق أن قضاء الثلاثة ـ

__________________

(١) (١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الذبح حديث ٥ و ١١ و ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٢.

٤٩١

على قول) لعموم الأدلة بوجوب قضائه ما فاته من الصوم.

(ويقوى مراعاة تمكنه منها) في الوجوب. فلو لم يتمكن لم يجب كغيره (١) من الصوم الواجب. ويتحقق التمكن في الثلاثة بإمكان فعلها في الحج ، وفي السبعة بوصوله إلى أهله ، أو مضي المدة المشترطة إن أقام بغيره (٢) ومضي مدة يمكنه فيها الصوم ، ولو تمكن من البعض قضاه خاصة. والقول الآخر وجوب قضاء الثلاثة خاصة ، وهو ضعيف.

(ومحل الذبح) لهدي التمتع (والحلق منى (٣) وحدّها من العقبة) وهي خارجة عنها (إلى وادي محسّر) (٤) ، ويظهر من جعله حدا خروجه عنها أيضا والظاهر من

______________________________________________________

ـ على سبيل الاستحباب ، وهو ضعيف كما في المدارك.

(١) أي كغير هذا الصوم.

(٢) أي بغير بلده.

(٣) فمنى محل الذبح لهدي التمتع بلا خلاف فيه ، لخبر إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قدم بهديه مكة في العشر فقال : إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى ، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكة إن شاء ، وإن كان قد أشعره وقلده فلا ينحره إلا بمنى يوم الأضحى) (١) ، وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره ، قال : إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه) (٢) ، ومثلها غيرها وهي محل الحلق أو التقصير أيضا بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى قال : يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا) (٣) ، وخبر أبي بصير (سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى ، قال : فليرجع إلى منى حتى يحلق شعره بها أو يقصر) (٤).

(٤) بلا خلاف فيه ، لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وحد منى العقبة إلى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبح حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الحلق والتقصير حديث ١ و ٤.

٤٩٢

كثير أنه منها (١).

(ويجب ذبح هدى القران متى ساقه وعقد به إحرامه) (٢) بأن أشعره ، أو

______________________________________________________

ـ وادي محسّر) (١) ، وهو ظاهر في كون الوادي المذكور من حدود عرفة لا أنه محدود ، وهو المستفاد عن صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجاوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس (٢) ومن الواضح عدم جواز الخروج عن المشعر الحرام قبل الطلوع وهو كاشف عن أن الراوي المذكور جزء من المشعر.

(١) أي أن الوادي من منى ، كما في خبر سماعة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إذا أكثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال : يرتفعون إلى وادي محسّر) (٣) وهو دال على أنه منها.

(٢) قال الشارح في المسالك : (اعلم أن هدي القران لا يخرج عن ملك مالكه بشرائه وإعداده وسوقه لأجل ذلك قبل عقد الاحرام به اجماعا ، وأما إذا عقد إحرامه به بأن أشعره أو قلّده تعيّن عليه ذبحه أو نحره ، ولم يجز له إبداله على ما يظهر من جماعة من الأصحاب ، ويدل عليه أيضا صحيحة الحلبي عن الإمام الصادق عليه‌السلام (إن كان أشعرها نحرها) ، ولهذا يجب ذبحه لو ضلّ فأقام غيره ثم وجده قبل ذبح الأخير ، والظاهر أنه مع ذلك لا يخرج عن ملكه ، وإن تعين الذبح لأصالة بقاء الملك ، ووجوب الذبح أو النحر لا ينافيه ، وتظهر الفائدة في جواز ركوبه وشرب لبنه ، وإنما يمتنع إبداله وإتلافه ويجب حفظه حتى يفعل به ما يجب سياقه وإن نسبه إلى جماعة ، وظاهره أن مجرد الاشعار يقتضي وجوب نحر الهدي وعدم جواز التصرف فيه بما ينافي ذلك وإن لم ينضم إليه السياق وبه قطع الشهيدان في الدروس والمسالك ، وهو المنقول عن الشيخ في النهاية وابن إدريس ، ولكن عن المحقق والعلامة في جملة من كتبه أنه لا يجب نحره ما لم ينضم السياق إلى إشعاره أو تقليده.

ويدل على الأول ـ كما أشار إليه الشارح في كلامه المنقول سابقا ـ صحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يشتري البدنة ثم تضل قبل أن يشعرها أو يقلدها فلا يجدها حتى يأتى منى فينحر ويجد هديه ، قال عليه‌السلام : إن لم يكن قد أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها) (٤) ، ولا دليل على الثاني.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

٤٩٣

قلّده ، وهذا هو سياقه شرعا (١) ، فالعطف تفسيري وإن كان ظاهر العبارة تغايرهما ولا يخرج عن ملك سائقه بذلك (٢) ، وإن تعين ذبحه فله ركوبه ، وشرب لبنه (٣) ما لم يضرّ به ، أو بولده ، وليس له إبداله بعد سياقه المتحقق (٤) بأحد الأمرين.

(ولو هلك) قبل ذبحه ، أو نحره بغير تفريط (لم يجب) إقامة (بدله) (٥) ، ولو

______________________________________________________

(١) أي اشعاره أو تقليده هو السياق شرعا ، ولكن هو على خلاف قول المحقق والعلامة من أنه إذا اشعره أو قلّده فله إبداله والتصرف فيه ، نعم إذا ساقه فيتعين نحره ، قال المحقق في الشرائع (لا يخرج هدي القران عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه وإن اشعره أو قلّده ، ولكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان لإحرام الحج ، وإن كان للعمرة فبفناء الكعبة بالحزورة) انتهى.

(٢) أي بسوقه.

(٣) للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لَكُمْ فِيهٰا مَنٰافِعُ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى) قال عليه‌السلام : (إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنّف عليها ، وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها) (١) ، وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يركب هديه إن احتاج إليه ، فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يركبها غير مجهد ولا متعب) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن البدنة تنتج أيحلبها؟ قال : احلبها حلبا غير مضرّ بالولد ، ثم انحرهما جميعا ، قلت : يشرب من لبنها؟ قال : نعم ويسقي إن شاء) (٣).

(٤) قد عرفت مغايرته لهما ، نعم ليس له ابداله بعد اشعاره أو تقليده وإن لم يسقه ، لصحيح الحلبي المتقدم.

(٥) بلا خلاف فيه ، لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثم يعطب ، قال : إن كان تطوعا فليس عليه غيره ، وإن كان جزاء أو نذرا فعليه بدله) (٤) ، وهو ظاهر في هدي القارن للحج ولم كان حجه واجبا لأن الهدي حينئذ تطوعا ، نعم إذا كان كفارة أو نذرا فيضمن ، ومثله صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ المنحر ، أيجزي عن صاحبه؟ فقال : إن كان تطوعا فلينحر وليأكل منه ، وقد أجزأ عنه بلغ المنحر أو لم يبلغ ، وليس عليه فداء ، وإن كان مضمونا فليس عليه أن يأكل منه بلغ المنحر أو لم يبلغ ، وعليه مكانه) (٥).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الذبح حديث ٥ و ٣ و ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الذبح حديث ٣.

٤٩٤

فرّط فيه ضمنه ، (ولو عجز) عن الوصول إلى محله الذي يجب ذبحه فيه (ذبحه) (١) ، أو نحره وصرفه في وجوهه (٢) في موضع عجزه ، (ولو لم يوجد) فيه مستحق (أعلمه علامة الصدقة) بأن يغمس نعله في دمه ، ويضرب بها صفحة سنامه أو يكتب رقعة ويضعها عنده يؤذن بأنه هدي ، ويجوز التعويل عليها (٣) هنا في الحكم بالتذكية ، وإباحة الأكل ، للنص. وتسقط النية (٤) المقارنة لتناول المستحق. ولا تجب الإقامة عنده (٥) ...

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أي رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلها ، أو عرض لها موت أو هلاك ، فلينحرها إن قدر على ذلك ، ثم ليلطخ نعلها التي قلدت به بدم ، حتى يعلم من مرّ بها أنها قد ذكيت ، فيأكل من لحمها إن أراد ، وإن كان الهدي الذي انكسر وهلك مضمونا ، فإن عليه أن يبتاع مكان الذي انكسر أو هلك ، والمضمون هو الشي‌ء الواجب عليك في نذر أو غيره ، وإن لم يكن مضمونا وإنما هو شي‌ء تطوع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلا من يشاء أن يتطوع) (١) ، ومرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل من ساق هديا تطوعا فعطب هديه فلا شي‌ء عليه ، ينحره ويأخذ تقليد النعل فيغمسها في الدم فيضرب به صفحة سنامه ولا بدل له ، وما كان من جزاء الصيد أو نذر فعطب نعل مثل ذلك وعليه البدل) (٢).

(٢) إن أمكن وكان مستحقه موجودا ، لوجوب الصرف عند الشارح كما تقدم في هدي التمتع ، وإذا لم يوجد المستحق فإما يعلمه بلطخ سنامه بالدم وهذا ما دلت عليه الأخبار المتقدمة أو يكتب رقعة ويضعها عنده ، كما في صحيح حفص بن البختري (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ولا يعلم أنه هدي ، قال : ينحره ويكتب كتابا أنه هدي يضعه عليه ليعلم من مرّ به أنه صدقة) (٣) ، ومثله خبر عمر بن حفص الكلبي (٤).

(٣) قال سيد المدارك : (ويستفاد من هذه الروايات جواز التعويل على هذه القرائن في الحكم بالتذكية وجواز الأكل منه ، ولا يجب الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق).

(٤) لأنه يتعذر العلم بوقت تناوله وإنما تجب النية من دون المقارنة لقاعدة الميسور ، بناء على أنها إخطارية.

(٥) عند المذبوح.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الذبح حديث ٤ و ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٦.

٤٩٥

إلى أن يوجد (١) وإن أمكنت.

(ويجوز بيعه لو انكسر) (٢) كسرا يمنع وصوله ، (والصدقة بثمنه) ووجوب ذبحه في محله (٣) مشروط بإمكانه (٤) ، وقد تعذر (٥) فيسقط (٦) والفارق بين عجزه وكسره في وجوب ذبحه وبيعه (٧) النص (٨).

(ولو ضل فذبحه الواجد) عن صاحبه في محله (٩) (أجزأ) عنه (١٠)

______________________________________________________

(١) أي يوجد المستحق.

(٢) استدل عليه بصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي؟ قال : لا يبيعه ، فإن باعه تصدق بثمنه ويهدي هديا آخر) (١) ، وصحيح الحلبي (سألته عن الهدي الواجب إذا اصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدي آخر؟ قال : يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدي هديا آخر) (٢) ، ولهذين الخبرين ذهب الشيخ والفاضلان أنه لو كسر جاز بيعه والأفضل أن يتصدق بثمنه أو يقيم بدله.

وأشكل عليهم سيد المدارك بأن هذين الخبرين واردان في الهدي الواجب فيجب التصدق بثمنه وإقامة بدله ، وأما الهدي المتبرع به وهو هدي القارن وهو محل بحثنا فغير مشمول لهما بل قال : (وأما الهدي المتبرع به فلم أقف في جواز بيعه وأفضلية التصدق بثمنه أو إقامة بدله على رواية تدل عليه ، والأصح تعين ذبحه مع العجز عن الوصول وتعليمه بما يدل على أنه هدي ، سواء كان عجزه بواسطة الكسر أو غيره ، وما ادعاه الشارح ـ أي الشهيد الثاني في المسالك ـ من ورود النص بالفرق بين العجز والكسر غير جيد).

(٣) أي في منى.

(٤) أي بإمكان الذبح في منى.

(٥) بسبب الكسر.

(٦) أي يسقط الذبح.

(٧) ذبحه بالنسبة للعجز ، وبيعه بالنسبة للكسر.

(٨) وقد تقدم ، وقد عرفت عدم شموله للهدي التبرع وأن الحق هو عدم الفرق بين الكسر والعجز في ذبحه في محله مع محله مع تعليمه بأنه هدي.

(٩) أي في محل الذبح.

(١٠) أي عن صاحبه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبح حديث ٢ و ١.

٤٩٦

للنص (١). أما لو ذبحه في غيره (٢) ، أو عن غيره (٣) ، أو لا بنيته (٤) لم يجز ، (ولا يجزي ذبح هدي التمتع) من غير صاحبه لو ضل ، (لعدم التعيين) للذبح ، إذ يجوز لصاحبه إبداله قبل الذبح ، بخلاف هدي القران فإنه يتعين ذبحه بالإشعار ، أو التقليد ، وهذا هو المشهور (٥).

______________________________________________________

(١) لصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره فقال : إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ منه ، وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه) (١) ، وصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرّفه يوم النحر والثاني والثالث ، ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث) (٢) ، وهذه الأخبار تدل على أنه لا بد من النية عن صاحب الهدي وأن يكون الذبح في منى ، وبإطلاق هذه الأخبار لا يشترط أن يكون الضلال بتفريط أو غيره ، ولا فرق بين كون الهدي واجبا على نحو الكفارة أو النذر ، أو مندوبا كهدي القارن.

(٢) غير محل الذبح.

(٣) أي عن غير صاحب الهدي فبالإضافة إلى ما تقدم ، يدل عليه خصوص مرسل جميل عن احدهما عليهما‌السلام (في رجل اشترى هديا فنحره فمرّ بها رجل فعرفه ، فقال : هذه بدنتي ضلّت منيّ بالأمس ، وشهد له رجلان بذلك ، فقال : له لحمها ولا يجزي عن واحد منهما ، ثم قال : ولذلك جرت السنة باشعارها وتقليدها إذا عرفت) (٣).

(٤) أي لا بنية الهدي.

(٥) وفي الجواهر أنه لم نجده قولا لغير المحقق في كتابيه الشرائع والنافع ، والدليل عليه ما ذكره الشارح ، وقيل : إنه يجزي عنه إذا ذبح عن صاحبه كما اختاره الشيخ في النهاية وجماعة ، لصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره قال : إذا كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما عليهما‌السلام (إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرّفه يوم النحر والثاني والثالث ، ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث) (٥) ، وهما مطلقان يشملان هدي التمتع وهدي القارن ، وفيه : إنهما ظاهران في هدي القارن ولا أقل من الشك في ذلك فلا يحرز الاطلاق المدعى.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبح حديث ٢ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الذبح حديث ٢ و ١.

٤٩٧

والأقوى وهو الذي اختاره في الدروس الإجزاء ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه. وحينئذ فيسقط الأكل منه ، ويصرف في الجهتين الأخريين (١) ، ويستحب لواجده تعريفه (٢) قبل الذبح وبعده ما دام وقت الذبح باقيا ، ليدفع عن صاحبه غرامة الإبدال.

(ومحله) أي محل ذبح هدي القران (مكة إن قرنه) بإحرام (العمرة ، ومنى إن قرنه بالحج) (٣) ويجب فيه ما يجب في هدي التمتع على الأقوى (٤). وقيل : الواجب ذبحه خاصة إن لم يكن منذور الصدقة (٥) ، وجزم به المصنف في

______________________________________________________

(١) بناء على وجوب تقسيمه أثلاثا كما تقدم.

(٢) بل قيل بوجوب التعريف كما هو ظاهر النهاية للشيخ ، وفي الدروس أنه مستحب ، وعلله الشارح في المسالك (ولعل عدم الوجوب لإجزائه عن مالكه فلا يحصل بترك التعريف ضرر عليه ، ويشكل بوجوب ذبح عوضه عليه ما لم يعلم بذبحه ، ويمكن أن يقال : بعدم الوجوب قبل الذبح ، لكن يجب بعده ليعلم المالك فيترك الذبح ثانيا اخذا بالجهتين) وكلها اعتبارات لم ترد في رواية ، نعم تقدم صحيح ابن مسلم المتضمن للأمر بالتعريف يوم النحر ويومين بعده ثم يذبحه عشية الثالث ، وظاهر الأمر الوجوب.

(٣) بلا خلاف فيه ، جمعا بين موثق شعيب العقرقوفي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : شقت في العمرة بدنة فأين انحرها؟ قال : بمكة) (١) ، وبين خبر عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا ذبح إلا بمنى) (٢) ، ويستحب أن يكون في مكة بالحزورة على وزن قسورة لما ورد في صحيح ابن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من ساق هديا في عمرة فلينحره قبل أن يحلق ، ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه في المنحر ، وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة) (٣) ، والحزورة تل خارج المسجد بين الصفا والمروة كما ذكره في المدارك.

(٤) لموثق شعيب العقرقوفي (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : شقت في العمرة بدنة فأين انحرها؟ قال : بمكة ، قلت : فأي شي‌ء اعطي منها؟ قال : كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق بثلث) (٤) ، وحمل على الاستحباب بالعدم ذكر الأمور الثلاثة في أكثر الأخبار بل وفي الآية ، نعم الأكل يكفي مسماه لتعذر أكل تمام الثلث.

(٥) لأنه لا يجوز الأكل من المنذور بل هو للمساكين لخبر أبي بصير (سألته عن رجل أهدى ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الذبح حديث ٣ و ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الذبح حديث ٤ و ٣.

٤٩٨

الدروس ، ثم جعل الأول (١) قريبا ، وعبارته هنا تشعر بالثاني ، لأنه جعل الواجب الذبح وأطلق.

(ويجزي الهدي الواجب عن الأضحية) (٢) بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء

______________________________________________________

ـ هديا فانكسر ، قال : إن كان مضمونا ـ والمضمون ما كان في يمين يعني نذرا أو جزاء ـ فعليه فداؤه ، قلت : يأكل منه؟ قال : لا ، إنما هو للمساكين) (١).

(١) وهو صرفه في الوجوه الثلاثة.

(٢) الاضحية مستحبة استحبابا مؤكدا وهي واجبة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة فهي من خواصه للنبوي المروي عند العامة (الاضحى عليّ فريضة وعليكم سنة) (٢).

وعن ابن الجنيد وجوبها ، لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير وهي سنة) (٣) ، وهو محمول على شدة الاستحباب لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الاضحى ، أواجب هو على من وجد لنفسه وعياله؟ فقال : أما لنفسه فلا يدعه ، وأما لعياله إن شاء تركه) (٤) ، وخبر العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن رجلا سأله عن الاضحى ، فقال : هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد ، فقال له السائل : فما ترى في العيال ، فقال : إن شئت فعلت ، وإن شئت لم تفعل ، فأما أنت فلا تدعه) (٥).

وأما اجزاء الهدي عن الاضحية فلصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (يجزيه في الاضحية هديه) وفي نسخة (يجزيك من الاضحية هديك) (٦) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يجزي الهدي عن الاضحية) (٧) ، وقال في الجواهر : (ربما كان في لفظ الاجزاء إشعار أو ظهور فيما ذكره غير واحد من أن الجمع بينهما أفضل ، مضافا إلى ما قيل من أن فيه فعل المعروف ونفع المساكين) انتهى.

نعم عن جماعة اجزاء مطلق الهدي عنها كما هو الظاهر من الأخبار ، وعن العلامة في القواعد والشهيد في الدروس والمحقق في الشرائع تقييد الهدي بالواجب ، وعن النافع والتلخيص والتبصرة بهدي التمتع للانصراف وهو ممنوع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح حديث ١٦.

(٢) كنز العمال ج ٣ ص ١٧ حديث ٣٦.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب الذبح حديث ٣ و ١ و ٥ و ٢.

(٧) الفقيه ج ٢ ص ٢٩٧ حديث ١٤٧٢.

٤٩٩

المفتوحة فيهما. وهي ما يذبح يوم عيد الأضحى تبرعا وهي مستحبة استحبابا مؤكدا ، بل قيل : بوجوبها على القادر ، وروي استحباب الاقتراض لها وأنه دين مقضي (١) ، فإن وجب على المكلف هدي أجزأ عنها (والجمع) بينهما (أفضل) وشرائطها وسننها كالهدي.

(ويستحب التضحية بما يشتريه) (٢) وما في حكمه (٣) ، (ويكره بما يربيه) للنهي عنه ، ولأنه يورث القسوة ، (وأيامها) أي أيام الأضحية (بمنى أربعة أولها النحر ، وبالأمصار) وإن كان بمكة (ثلاثة) (٤) أولها النحر كذلك. وأول وقتها من يوم النحر طلوع الشمس ومضي قدر صلاة العيد والخطبتين بعده (٥) ، ولو فاتت لم

______________________________________________________

(١) أرسل الصدوق في الفقيه (جاءت أم سلمة رضي‌الله‌عنها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله يحضر الأضحى ، وليس عندي ثمن الاضحية ، فأستقرض وأضحّي؟ قال : استقرضي فإنه دين مقضي) (١) ، ورواه في العلل بسند عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام.

(٢) لخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (قلت : جعلت فداك كان عندي كبش سمين لأضحي به ، فلما أخذته واضجعته نظر إليّ فرحمته ورققت له ، ثم إني ذبحته ، فقال لي : ما كنت لأحب لك أن تفعل ، لا تر بين شيئا من هذا ثم تذبحه) (٢) ، ومرسل الصدوق عنه عليه‌السلام (لا يضحي إلا بما يشتري في العشر) (٣).

(٣) كالهبة.

(٤) هذا قول علمائنا أجمع كما في المنتهى ، للأخبار منها : صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال : أربعة أيام ، وسألته عن الاضحى في غير منى فقال : ثلاثة) (٤) ، وموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الاضحى بمنى؟ فقال : أربعة أيام ، وعن الاضحى في سائر البلدان ، فقال : ثلاثة أيام) (٥) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (الاضحى ثلاثة أيام ، وأفضلها أولها) (٦) ، وهو محمول على أنه في سائر البلدان.

(٥) بعد طلوع الشمس ، لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : متى نذبح؟ قال : إذا انصرف الإمام ، قلت : فإذا كنت في ارض ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة فقال : إذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب الذبح حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الذبح حديث ١ و ٢ و ٤.

٥٠٠