الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

مقرونا بالنية) المشتملة على قصد الفعل المخصوص ، متقربا بعد تحقق الزوال بغير فصل ، والركن من ذلك أمر كلي (١) وهو جزء من مجموع الوقت بعد النية ولو سائرا ، والواجب الكل ، (وحد عرفة (٢) من بطن عرنة) (٣) بضم العين المهملة ،

______________________________________________________

ـ المدارك (والمسألة محل إشكال ولا ريب أن ما اعتبره الأصحاب أولى وأحوط).

وأما كونه إلى الغروب فلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأفاض بعد غروب الشمس) (١) ، وموثق يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (متى نفيض من عرفات؟ فقال : إذا ذهبت الحمرة من هاهنا ، وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس) (٢).

(١) قال في المدارك (إن الركن من الوقوف مسماه لا جميع الوقوف الواجب للقطع بأن من أخلّ بالوقوف عامدا في أول الوقت أو أفاض قبل الغروب عامدا لا يبطل حجه ، وعلى هذا فيكون الزائد من الوقوف عن المسمى موصوفا بالوجوب لا غير) انتهى ، هذا وقد تقدم أكثر من مرة أن المراد من الركن في الحج هو ما يبطل الحج بالإخلال به عمدا لا سهوا.

(٢) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وحدّ عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز وخلف الجبل موقف) (٣) ، وخبر سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام واتق الأراك ونمرة وهي بطن عرنة وثوية وذي المجاز ، فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه) (٤).

وهذه الحدود الخمسة ترجع إلى أربعة لأن نمرة هي بطن عرنة كما يشهد به خبر سماعة المتقدم وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فاضرب خباك بنمرة وهي بطن عرنة) (٥).

(٣) كهمزة كما في الجواهر وغيره ، وقيل : بضمتين في لغة ، وهي كما عن المطرزي واد بحذاء عرفة ، وعن السمعاني : ظني أنها واد بين عرفات ومنى ، وعن القاسي : أنهما موضع بين العلمين اللذين هما حد عرفة وبين العلمين اللذين هما حد الحرم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ١.

٤٤١

وفتح الراء والنون (وثوية) بفتح المثلثة ، وكسر الواو ، وتشديد الياء المثناة من تحت المفتوحة ، (ونمرة) بفتح النون ، وكسر الميم ، وفتح الراء ، وهي بطن عرنة فكان يستغنى عن التحديد بها (إلى الأراك) بفتح الهمزة (إلى ذي المجاز) (١). وهذه المذكورات حدود لا محدود فلا يصح الوقوف بها (٢).

(ولو أفاض) من عرفة (قبل الغروب عامدا ولم يعد فبدنة (٣) فإن عجز صام ثمانية عشر يوما) سفرا ، أو حضرا (٤) ، متتابعة ، وغير متتابعة في أصح القولين (٥) ، وفي الدروس أوجب فيها (٦) المتابعة هنا (٧) ، وجعلها في الصوم (٨) أحوط ، وهو (٩) أولى. ولو عاد قبل الغروب فالأقوى سقوطها (١٠) وإن

______________________________________________________

(١) وهو سوق كان على فرسخ من عرفة بناحية كبكب كما في الجواهر.

(٢) للأخبار المتقدمة.

(٣) بلا خلاف فيه ، معتد به للأخبار منها : صحيح مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس ، قال : إن كان جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وإن كان متعمدا فعليه بدنة) (١) ، وصحيح ضريس عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس ، قال : عليه بدنة ينحرها يوم النحر ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أحله) (٢) ، وعن الصدوقين عليه شاة ، وقال في المدارك (ولم نقف لهما على مستند).

(٤) لتصريح صحيح ضريس بذلك.

(٥) ذهب الشهيد في الدروس إلى التتابع ، وذهب المحقق الثاني في جامع المقاصد إلى العدم لإطلاق النص ، واستجوده سيد المدارك والشارح.

(٦) في الثمانية عشر يوما.

(٧) في كتاب الحج.

(٨) أي وجعل المتابعة في كتاب الصوم أحوط.

(٩) أي الاحتياط.

(١٠) أي سقوط الكفارة ، كما عن ظاهر الأصحاب لأصالة البراءة ، ولأنه لو لم يقف عند الزوال وأتى قبل الغروب ووقف فلا شي‌ء عليه فكذا هنا ، وحكى العلامة في المنتهى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٣.

٤٤٢

أثم (١) ، ولو كان ناسيا ، أو جاهلا فلا شي‌ء (٢) عليه إن لم يعلم بالحكم قبل الغروب ، وإلّا وجب العود مع الإمكان ، فإن أخل به فهو عامد ، وأما العود بعد الغروب فلا أثر له (٣).

(ويكره الوقوف على الجبل) (٤) ، بل في أسفله بالسفح (٥) ، (وقاعدا) أي الكون بها قاعدا ، (وراكبا) (٦) ، بل واقفا (٧) ، وهو الأصل في إطلاق الوقوف على الكون ، إطلاقا لأفضل أفراده عليه.(والمستحب المبيت بمنى ليلة التاسع إلى الفجر) (٨) احترز

______________________________________________________

ـ عن بعض العامة القول بلزوم الكفارة ومال إليه في كشف اللثام لأن سقوط الكفارة بعد ثبوتها محتاج إلى دليل وهو منتف ، وردّ بأن الدليل الموجب للكفارة في غير العائد ، وأما في العائد فلا دليل يوجب الكفارة.

(١) لأنه مخالف للأمر بالكون من أول الزوال إلى غروب الشمس.

(٢) لثبوت الكفارة على العامد العالم كما في صحيح مسمع المتقدم.

(٣) فلا تسقط الكفارة بعوده بعد الغروب لصدق الإفاضة عليه قبل الغروب.

(٤) لخبر اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه‌السلام (سأله عن الوقوف بعرفات ، فوق الجبل أحبّ أليك أم على الأرض؟ فقال : على الأرض) (١) ، وعن ابن البراج وابن ادريس أنهما حرّما الوقوف فيه إلا لضرورة ، ومعها كالزحام وشبهه يجوز الوقوف بلا خلاف فيه ، لخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإذا كانوا بالموقف وكثروا كيف يصنعون؟

قال عليه‌السلام : يرتفعون إلى الجبل) (٢).

(٥) أي يستحب الوقوف في سفح الجبل ، لموثق اسحاق بن عمار المتقدم ، ولخبر مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عرفات كلها موقف ، وأفضل الموقف سفح الجبل) (٣) ، وسفح الجبل اسفله حيث ينسفح فيه الماء كما في الصحاح للجوهري.

(٦) أي يكره الوقوف بهاتين الحالتين ، قال في المدارك : (لم أقف على رواية تتضمن النهي عن ذلك ، نعم لا ريب أنه خلاف الأولى ، لاستحباب القيام).

(٧) أي يستحب أن يكون في عرفة واقفا ، وعلّل بأنه اقرب إلى الأدب وأنه أحمز ، وقال في الجواهر (لم أجد فيه نصا بالخصوص).

(٨) للأخبار منها : صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ينبغي للإمام أن يصلي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٤ و ٢.

٤٤٣

بالغاية عن توهم سقوط الوظيفة بعد نصف الليل كمبيتها ليالي التشريق ، (ولا يقطع محسّرا) بكسر السين وهو حد منى إلى جهة عرفة (حتى تطلع الشمس (١) ، والإمام يخرج) من مكة (إلى منى قبل الصلاتين) الظهرين يوم التروية ليصليهما بمنى (٢) ، وهذا كالتقييد لما أطلقه سابقا من استحباب إيقاع الإحرام بعد الصلاة المستلزم لتأخر الخروج عنها ، (وكذا ذو العذر) (٣) كالهمّ ، والعليل ، والمرأة ، وخائف الزحام ، ولا يتقيد خروجه بمقدار الإمام كما سلف ، بل له التقدم بيومين وثلاثة.

(والدعاء عند الخروج إليها) أي إلى منى في ابتدائه (٤) ، (و) عند الخروج

______________________________________________________

ـ الظهر من يوم التروية بمنى ويبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس ثم يخرج) (١) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا انتهيت إلى منى فقل :. وذكر دعاء ، وقال : ثم تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر) (٢).

(١) على الأكثر ، لصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس) (٣) ، وعن الشيخ في التهذيب والنهاية والمبسوط والاقتصاد ، وابن البراج في المهذب القول بالتحريم أخذا بظاهر النهي ، لكنه مردود لصحيح هشام الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس ، قال : لا بأس به) (٤).

(٢) قد تقدم الكلام فيه.

(٣) وهو الشيخ الكبير والمريض ومن يخشى الزحام فيجوز له الخروج قبل الصلاتين يوم التروية ، بل يجوز قبل يوم التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، لموثق اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته من الرجل يكون شيخا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال : نعم ، قلت : فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك؟ قال : لا ، قلت : يتعجل بيوم؟ قال : نعم ، قلت : يتعجل بيومين؟ قال : نعم ، قلت بثلاثة؟ قال : نعم ، قلت : أكثر من ذلك؟ قال : لا) (٥) ، ومثله غيره ، وهي محمولة على الاستحباب ، لخبر رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟ قال : نعم إلى غروب الشمس) (٦).

(٤) في تقييد خروج الإمام قبل الصلاتين ليدركهما في منى.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب احكام الحج حديث ٢ و ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب احكام الحج حديث ٤ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ١ و ٢.

٤٤٤

(منها) إلى عرفة (١) ، (وفيها) (٢) بالمأثور ، (والدعاء بعرفة) (٣) بالأدعية المأثورة عن أهل البيت (ع) ، خصوصا دعاء الحسين ، وولده زين العابدين عليهما‌السلام ، (وإكثار)

______________________________________________________

ـ أي ابتداء الخروج لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا توجهت إلى منى فقل : اللهم إياك ارجو ، وإياك ادعوا ، فبلغني أملي واصلح لي عملي) (١).

(١) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا غدوت إلى عرفة فقل وأنت متوجه إليها : اللهم إليك حمدت وإياك اعتمدت ووجهك أردت ، فاسألك أن تبارك لي في رحلتي ، وأن تقضي لي حاجتي ، وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل منّي ، ثم تلبّي وأنت غاد إلى عرفات) (٢).

(٢) أي الدعاء في منى لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا انتهيت إلى منى فقل : اللهم هذه منى ، وهذه مما مننت به علينا من المناسك ، فاسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على انبيائك ، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك) (٣).

(٣) لا إشكال ولا خلاف في استحباب الدعاء في هذا اليوم ، بل في المدارك عن البعض من وجوب صرف زمان الوقوف كله في الذكر والدعاء ، واحسنه دعاء الإمام الحسين عليه‌السلام (٤) ، ودعاء سيد الساجدين عليه‌السلام (٥) ، ودعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي علّمه لعلي عليه‌السلام كما في خبر ابن سنان (٦) ، وقد ورد في خبر أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام (ليس في شي‌ء من الدعاء عشية عرفة شي‌ء مؤكد) (٧) ، وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء ، فإنه يوم دعاء ومسألة) (٨) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (فإذا وقفت بعرفات فاحمد الله وهلّله ومجده وأثن عليه ، وكبّره مائة مرة ، واحمده مائة مرة ، وسبحه مائة مرة ، واقرأ قل هو الله احد مائة مرة ، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت ، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة ، وتعوذ بالله من الشيطان ، فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط احب إليه من أن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب احرام الحج حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب احرام الحج حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٢.

(٤) البلد الامين ص ٢٥١ ، وبحار الأنوار ج ٩٥ ص ٢٢٧.

(٥) الصحيفة السجادية الدعاء : ٤٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب احرام الحج حديث ١.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب احرام الحج حديث ١.

٤٤٥

الذكر لله تعالى) بها ، (وليذكر إخوانه بالدعاء (١) ، وأقلهم أربعون) (٢).

روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه (٣) قال رأيت عبد الله بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه. ما زال مادّا يده إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض ، فلمّا انصرف الناس قلت : يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال : والله ما دعوت فيه إلا لإخواني ، وذلك لأن أبا الحسن موسى عليه‌السلام أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله ، وكرهت أن أدع مائة ألف ضعف لواحدة لا أدري تستجاب ، أم لا.

وعن عبد الله بن جندب قال : كنت في الموقف فلما أفضت أتيت (٤) إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه وكان مصابا بإحدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم. فقلت له : قد أصبت بإحدى عينيك وأنا والله مشفق على الأخرى (٥) ، فلو قصرت من البكاء قليلا قال : لا والله يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم دعوة (٦) ، قلت : فلمن دعوت قال : دعوت لإخواني لأني سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل الله به ملكا يقول : ولك مثلاه ، فأردت

______________________________________________________

ـ يذهلك في ذلك الموطن) (١).

(١) وسيورد الشارح دليله.

(٢) قال في الجواهر : (وفي الدروس أقلهم اربعون ، وإن لم أجد به هنا نصا ، وعلى كل حال فهو يوم شريف كثير البركة).

(٣) والخبر صحيح السند (٢) ، والغالب قد جعله حسنا لاشتماله على إبراهيم بن هاشم ، وهو لم يمدح ولم يذم في الكتب الرجالية الخمسة ، وفيه : إنه من مشايخ الرواية والإجازة وهذا كاف في توثيقه وعلو مرتبته.

(٤) في الوسائل : (لقيت).

(٥) في الوسائل (على عينك الأخرى).

(٦) في الوسائل (بدعوة).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب احرام الحج ملحق الحديث الأول.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب احرام الحج حديث ١.

٤٤٦

أن أكون أنا أدعو لإخواني ، والملك يدعو لي ، لأني في شك من دعائي لنفسي ، ولست في شك من دعاء الملك لي (١).

(ثم يفيض) أي ينصرف. وأصله الاندفاع بكثرة ، أطلق على الخروج من عرفة لما يتفق فيه من اندفاع الجمع الكثير منه كإفاضة الماء ، وهو متعد ، لا لازم ، أي يفيض نفسه ، (بعد غروب الشمس) (٢) المعلوم بذهاب الحمرة المشرقية بحيث لا يقطع حدود عرفة حتى تغرب (إلى المشعر) (٣) الحرام ، (مقتصدا) متوسطا (في سيره داعيا إذا بلغ الكثيب الأحمر) عن يمين الطريق بقوله :

(اللهم ارحم موقفي ، وزد في عملي ، وسلّم لي ديني ، وتقبل مناسكي (٤) ،)

______________________________________________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٣ ، ومثله خبر ابن أبي عمير قال : (كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس ، فقلت له : تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيه الحوائج إلى الله عزوجل أقبلت على الدعاء لإخوانك ، وتركت نفسك؟ فقال : إني على ثقة من دعوة الملك لي ، وفي شك من الدعاء لنفسي) (١).

(٢) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : موثق يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (متى نفيض من عرفات؟ قال : إذا ذهبت الحمرة من هاهنا ، وأشار بيده إلى المشرق ، وإلى مطلع الشمس) (٢) ، وهذا نص في أن الغروب عند الإفاضة هو الغروب المعتبر في الصلاة.

(٣) فعن القاموس المشعر الحرام وبكسر ميمه المزدلفة ، وعليه بناء اليوم ، ووهم من قال جبلا يقرب من ذلك البناء) ، وعن مصباح المنير (المشعر الحرام جبل آخر بالمزدلفة ، واسمه قزح ، وميمه مفتوح على المشهور ، وبعضهم. يكسرها على التشبيه باسم الآلة).

(٤) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن المشركين كانوا يفيضون من قبل أن تغيب الشمس ، فخالفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأفاض بعد غروب الشمس ، وقال عليه‌السلام : إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك السكينة والوقار ، وأفض بالاستغفار ، فإن الله عزوجل يقول : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل : اللهم ارحم موقفي وزد في عملي ، وسلّم لي ديني ، وتقبل مناسكي. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب احرام الحج حديث ٢.

(٣) سورة البقرة.

٤٤٧

اللّم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف ، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني ثم يقف به) ، أي يكون بالمشعر (ليلا إلى طلوع الشمس (١) ، والواجب الكون) واقفا كان ، أم

______________________________________________________

ـ وإياك والوجيف الذي يصنعه الناس ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا أيها الناس إن الحج ليس بوجيف الخيل ولا ايضاع الإبل ، ولكن اتقوا الله وسيروا سيرا جميلا ، لا توطئوا ضعيفا ، ولا توطئوا مسلما ، واقتصدوا في السير ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقف بناقته حتى كان يصيب رأسها مقدم الترحل ، ويقول : أيها الناس عليكم بالدّعة فسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تتّبع.

قال معاوية بن عمار : وسمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اللهم اعتقني من النار ، يكررها حتى أفاض الناس ، قلت : ألا تفيض قد أفاض الناس؟ قال : إني أخاف الزحام وأخاف أن أشرك في عنت انسان) (١) ، والكثيب هو التل من الرمل ، والوجيف هو الاضطراب وضرب من سير الخيل والإبل ، وإيضاع الابل حملها على العدو السريع ، وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال : إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل : اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف ، وارزقنيه من قابل ابدا ما أبقيتني ، واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي ، بأفضل ما ينقلب به اليوم احد من وفدك وحجاج بيتك الحرام ، واجعلني اليوم من اكرم وفدك عليك ، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة ، وبارك لي فيما ارجع إليه من أهل أو مال ، أو قليل أو كثير ، وبارك لهم فيّ) (٢) ، نعم قال في الدروس (فإذا بلغ الكثيب الأحمر موقفي وزد في علمي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي ، وتضيف إليه : اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف ، وارزقنيه أبدا من ابقيتني) ، وهو ظاهر في أن هذه الزيارة مأخوذة من غير صحيح معاوية ، وقد عرفت مأخذه ، ولم يذكر المصنف تمام الدعاء.

(١) فهنا مسألتان ، الأولى : مسألة المبيت بالمشعر الحرام ، الثانية : الوقوف الواجب من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، أما الأولى فعن الأكثر وجوب المبيت للتأسي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولصحيح معاوية بن عمار عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة) (٣) ، والحياض حدّ من حدود المزدلفة كما سيأتي.

وعن التذكرة ليس بواجب ، للأصل ، ولصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

٤٤٨

نائما ، أم غيرهما من الأحوال (١) (بالنية) (٢) عند وصوله (٣). والأولى تجديدها بعد طلوع الفجر لتغاير الواجبين ، فإن الواجب الركني منه اختيارا المسمى (٤) فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس والباقي واجب لا غير كالوقوف بعرفة.

(ويستحب إحياء تلك الليلة) (٥) بالعبادة ، (والدعاء ، والذكر والقراءة) فمن

______________________________________________________

ـ (في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس قال : لا بأس به ، والتقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الحجار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى قال : لا بأس) (١) ، وحمل الخبر على صورة الاضطرار وذوي الاعذار كما سيأتي. وأما الثانية : فلا خلاف فيها ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر ، فقف إن شئت قريبا من الفجر وإن شئت حيث تبيت فإذا وقفت فاحمد الله عزوجل ـ إلى أن قال ـ ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الابل مواضع اخفافها) (٢) ، وصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس) (٣) ، ووادي محسر آخر المزدلفة بالنسبة إلى منى.

(١) لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(٢) لكل من المبيت والوقوف بين الطلوعين لكونهما عباديين ، نعم في المدارك : (فلو نوى المكلف الكون بها إلى طلوع الشمس اجتزأ بذلك عن تجديد النية بعد الفجر ، أما لو نوى المبيت خاصة وجب التجديد) ، وعن التذكرة عدم وجوب نية المبيت بناء على مختاره من عدم وجوب المبيت وقد تقدم ضعفه.

(٣) بحيث ينوي الكون بالمزدلفة إلى طلوع الشمس ولذا حكم بأولوية تجديدها عند طلوع الفجر ، وإلا فلو نوى المبيت فقط لوجبت النية عند طلوع الفجر للوقوف.

(٤) لأن من أفاض قبل طلوع الشمس لا يبطل حجه ، وخالف ابن ادريس وجعل الوقوف بتمامه ما بين الطلوعين هو الركن ، وقال العلامة في المنتهى عنه (لا نعرف له موافقا).

(٥) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة ، وتقول : اللهم هذه جمع ، اللهم إني اسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير ، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي ، وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت اوليائك في منزلي هذا ، وأن تقيني جوامع الشر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

٤٤٩

أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (١) ، (ووطء الصرورة المشعر برجله) (٢) ، ولو في نعل ، أو ببعيره (٣). قال المصنف في الدروس : والظاهر أنه (٤) المسجد

______________________________________________________

ـ وإن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل ، فإنه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين ، لهم دوّي كدويّ النحل ، يقول الله جلّ ثناؤه : أنا ربكم وانتم عبادي أديتم حقي ، وحقّ عليّ أن استجيب لكم ، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ، ويغفر لمن أراد أن يغفر له) (١).

(١) في خبر ابن كردوس عن أبيه (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحيى ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) (٢).

(٢) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وأنزل بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر ، ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله) (٣) ، ومرسل ابان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام وأن يدخل البيت) (٤) ، وخبر سليمان بن مهران عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام (قلت له : كيف صار للصرورة يستحب له دخول الكعبة ـ إلى أن قال ـ قلت : كيف صار وطي المشعر عليه واجبا؟ فقال : ليستوجب بذلك وطي بحبوحة الجنة) (٥) ، والوجوب فيه محمول على تأكد الاستحباب جمعا بين الأخبار.

والوطي متحقق مع النعل وبدونه.

(٣) قاله أيضا في المسالك ، وكذا في التحرير والجامع ، وقال صاحب الجواهر : (لم نجد في شي‌ء من نصوصنا الاكتفاء بذلك) ، نعم في الفقيه للصدوق الذي متنه روايات عن أهل البيت عليهم‌السلام قال : (ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو يطأه ببعيره ، ويستحب للصرورة أن يدخل البيت) (٦).

(٤) أي المشعر ، اختلف الأصحاب في تفسير المشعر ، فقال الشيخ في المبسوط أنه جبل هناك يسمى القزح ، وعن ابن الجنيد : بما قرب من المنارة ، وفي الدروس أنه المسجد الموجود الآن ، والذي نص عليه أهل اللغة كالقاموس المحيط ولسان العرب أنه هو المزدلفة ، وهو

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٣.

(٦) من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٢٨١.

٤٥٠

الموجود الآن ، (الصعود على قزح) (١) بضم القاف وفتح الزاي المعجمة. قال الشيخ [رحمه‌الله] : هو المشعر الحرام ، وهو جبل هناك يستحب الصعود عليه ، (وذكر الله عليه) ، وجمع أعم منه (٢).

(مسائل :)

(كل من الموقفين ركن) (٣) وهو مسمى الوقوف في كل منهما (يبطل الحج)

______________________________________________________

ـ الذي دلت عليه صحيح معاوية بن عمار قال (حد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ، وإنما سميت المزدلفة لأنهم ازدلفوا إليها من عرفات) (١) ، ولكن في صحيح الحلبي المتقدم (وأنزل ببطن الوادي عن يمين الطريف قريبا من المشعر) (٢) ، ما يدل على أن المشعر أخص من المزدلفة ، وهو الأقرب لما سيأتي.

(١) كزفر جبل في المزدلفة قاله في القاموس ، واستحباب الصعود عليه وذكر الله عليه هو قول للشيخ في المبسوط ، وقال في المدارك (لم نقف له على مستند بخصوصه من طريق الأصحاب ، نعم روى العامة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أردف الفضل بن عباس ووقف على قزح ، وقال : إن هذا قزح ، وهو الموقف ، وجمع كلها موقف) (٣) ، وهذا دال على أن المشعر هو قزح وهو جبل في المزدلفة.

(٢) بناء على تفسير الشيخ وهو المختار ، وسميت المزدلفة بجمع كما في خبر إسماعيل بن جابر وغيره وعن أبي عبد الله عليه‌السلام (سميت جمع لأن آدم جمع فيها بين الصلاتين المغرب والعشاء) (٤) بأذان واحد وإقامتين) (٥) ، وسميت بالمزدلفة لما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث إبراهيم عليه‌السلام (إن جبرئيل انتهى به إلى الموقف فأقام به حتى غربت الشمس ، ثم أفاض به ، فقال : يا إبراهيم : ازدلف إلى المشعر الحرام ، فسميت مزدلفة) (٦) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (إنما سميت مزدلفة لأنهم ازدلفوا إليها من عرفات) (٧).

(٣) قد عرفت أن المراد بالركن في الحج هو ما يبطل الحج بتركه عمدا لا سهوا ، وقد تقدم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٣) سنن أبي داود ج ٢ ص ١٩٣ حديث ١٩٣٥ ، وسنن الترمذي ج ٢ ص ١٨٥ حديث ٨٨٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٧ و ٦.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٤ و ٥.

٤٥١

بتركه عمدا ، ولا يبطل) بتركه (سهوا) (١) كما هو حكم أركان الحج أجمع.(نعم لو سها عنهما) معا (بطل) ، وهذا الحكم مختص بالوقوفين وفواتهما أو أحدهما لعذر كالفوات سهوا (٢).

(ولكل) من الموقفين (اختياري ، واضطراري ، فاختياري عرفة ما بين الزوال والغروب ، واختياري المشعر ما بين طلوع الفجر ، وطلوع الشمس (٣) واضطراري عرفة ليلة النحر) من الغروب إلى الفجر (٤) (واضطراري المشعر) من طلوع شمسه

______________________________________________________

ـ الدليل على أن الركن في الموقفين هو المسمى ، وعليه فترك مسمى الوقوف في عرفة لا يتحقق إلا بترك الوقوف من الزوال إلى الغروب يوم التاسع وهو موجب لفوات الحج لو كان عمدا بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : النبوي المشهور (الحج عرفة) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الموقف ، ارتفعوا عن بطن عرفة وقال : أصحاب الأراك لا حج لهم) (٢) ، وإذا انتفى الحج مع الوقوف على حدود عرفة فمع عدم الوقوف من باب أولى.

وأما ركنية المشعر الحرام فلا خلاف فيه ، للأخبار منها : خبر عبيد الله وعمران ابني علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج) (٣) ، ومفهوم صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أدرك جمعا فقد أدرك الحج) (٤).

(١) بشرط أن يدرك الموقف الآخر ، وهذا من مختصات الوقوفين من بقية أركان الحج ، فلو تركهما معا عمدا أو سهوا بطل الحج بلا خلاف فيه ، للأخبار التي سيأتي التعرض لبعضها.

(٢) فترك الوقوفين مطلقا موجب لفوات الحج مهما كان سبب الترك.

(٣) قد تقدم الكلام في اختياري عرفة واختياري المشعر.

(٤) بمعنى لو وقف في عرفة آنا ما إلى فجر يوم العيد فقد أدرك اضطراري عرفة ، بلا خلاف في ذلك ، للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات ، فقال عليه‌السلام : إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ـ

__________________

(١) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠٠٣ حديث ٣٠١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة حديث ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

٤٥٢

(إلى زواله) (١).

______________________________________________________

ـ ليلته فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات ، وإن قدم وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام ، فإن الله أعذر لعبده ، فقد تم حجه إذا ادرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس ، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج ، فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل) (١) ، وهو صريح في أنه إذا لم يدرك الموقفين فقد فات حجه هذا من جهة ومن جهة أخرى فهو ظاهر في أن الوقوف الاضطراري لعرفة واجب وأنه ممتد بامتداد الليل ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فإذا شيخ كبير فقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟ فقال له : إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدركجمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ، وإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تم حجه) (٢) ، وخبر إدريس بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أدرك الناس بجمع وخشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها ، فقال : إن ظن أنه يدرك الناس جمعا فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس وقد ثم حجه) (٣) ، وهذه الأخبار كما تدل على اضطراري عرفة تدل على أن حجه صحيح وتام إذا أدرك اختياري المشعر واضطراري عرفة وتدل على تمام حجة إذا أدرك اختياري المشعر فقط ثم إن هذه الأخبار وإن لم تصرح بحكم الناسي لكن قوله عليه‌السلام في صحيح الحلبي المتقدم (فإن الله أعذر لعبده) يشمله لأن النسيان من أقوى الأعذار ، ثم إنه لا يجب الاستيعاب في اضطراري عرفة بل يكفي مطلق الكون لظاهر الأخبار المتقدمة بلا خلاف في ذلك.

(١) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في رجل أفاض من عرفات إلى منى؟ قال : فليرجع فيأتي جمعا فيقف بها وإن كان الناس قد أفاضوا من جمع) (٤) ، وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أدرك الموقف بجمع يوم النحر قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج) (٥) ، وموثق يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رجل أفاض من عرفات فمرّ بالمشعر فلم يقف حتى انتهى إلى منى ورمى الجمرة ولم يعلم حتى ارتفع النهار ، قال : يرجع إلى المشعر فيقف به ، ثم يرجع فيرمي جمرة العقبة) (٦) ، بناء على أن المرور بالمشعر ليس مجزيا لأنه ليس بنية ، وإلا فلو تحققت

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢ و ٤ و ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢ و ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٩.

٤٥٣

وله (١) اضطراري آخر أقوى منه ، لأنه مشوب بالاختياري ، وهو اضطراري

______________________________________________________

ـ النية فلا يجب الوقوف بمعنى الانتصاب مع عدم الحركة ، وهي ظاهرة في أجزاء اضطراري المشعر مع اختياري عرفة.

وحكى ابن إدريس عن السيد أن وقت الاضطراري في المشعر هو جميع يوم العيد إلى الغروب ، وقال العلامة في المختلف (وهذا النقل غير سديد ، وكيف يخالف السيد جميع علمائنا فإنهم نصوا على أن الوقت الاضطراري للمشعر إلى زوال الشمس من يوم النحر).

(١) أي للمشعر ، فيجوز للمرأة ومن يخاف على نفسه أن يقف في المشعر ليلة النحر ثم يفيض منه إلى منى قبل طلوع الفجر ولا شي‌ء عليه بلا خلاف في ذلك ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار ـ الوارد في كيفية حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى إذا انتهى إلى المزدلفة وهو المشعر الحرام فصلى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثم أقام فصلى فيها الفجر ، وعجّل ضعفاء بني هاشم بالليل ، وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بأن تقدم النساء إذا زال الليل ، فيقفن عند المشعر ساعة ، ثم ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة ، ثم يصبرن ساعة ، ثم يقصرنّ وينطلقن إلى مكة) (٢) ،

وصحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (جعلت فداك ، معنا نساء فأفيض بهنّ بليل؟ قال : نعم ، تريد أن تصنع كما صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قلت : نعم ، قال : أفضى بهنّ بليل ولا تفض بهنّ حتى تقف بهنّ بجمع ، ثم أفض بهنّ حتى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة ، فإن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن أو يقصرن من أظفارهن ثم يمضين إلى مكة في وجوههن ، ويطفن بالبيت ، ويسعين بين الصفا والمروة ، ثم يرجعن إلى البيت فيطفن اسبوعا ، ثم يرجعن إلى منى وقد فرغن من حجهن) (٣) ، وصحيح جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام (لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا) (٤) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل ، وأن يرموا الجمار بليل) (٥) ، وفي خبره الاخر عنه عليه‌السلام (رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء والضعفاء ...) (٦) الحديث ، والأخبار كثيرة ، وهي ظاهرة في تحقق الوقوف بالمسمى وإن استحب الوقوف ساعة لصحيح أبي بصير.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٧.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢ و ١ و ٣ و ٦.

٤٥٤

عرفة ليلة النحر. ووجه شوبه اجتزاء المرأة به اختيارا والمضطر والمتعمد مطلقا (١) مع جبره بشاة (٢) والاضطراري المحض ليس كذلك (٣) ، والواجب من الوقوف الاختياري الكل (٤) ، ومن الاضطراري الكلي (٥) كالركن من الاختياري.

وأقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري ثمانية (٦) ، أربعة

______________________________________________________

(١) سواء كان مضطرا أو لا.

(٢) أي لو وقف عرفة اختيارا ، ثم وقف في المشعر ليلا وقوفا اضطراريا ثم أفاض قبل طلوع الفجر فلا يبطل حجه ولكن يجبره بشاة على المشهور شهرة عظيمة ، لخبر مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل وقف مع الناس بجمع ، ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : إن كان جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة) (١) ، وقد رواها الصدوق بطريق صحيح.

وعن ابن إدريس بطلان الحج ردا للخبر بناء على أصله من عدم العمل بالخبر الواحد ، ثم إن المضطر والمرأة لا شاة عليهم للجبران لعدم الإثم ، والجبران إنما هو للإثم.

(٣) أي ومن اضطر للوقوف في المشعر ليلا ثم أفاض قبل طلوع الفجر كالمرأة ومن يخاف على نفسه ليس عليه شاة.

(٤) أي ما بين الزوال إلى الغروب في عرفة ، وبين الطلوعين في المشعر الحرام.

(٥) أي كلي الوقوف وهو المسمى وقد تقدم دليله.

(٦) لأنه إما أن يدرك احد الموقفين أو كليهما ، وعلى التقديرين إما أن يدرك الاختياري منهما وإما الاضطراري ، وإما بالتفريق ، فالصور ثمانية :

الأولى : أن يدرك اختياري عرفة واختياري المشعر ، وهو الأصل في الحج والإجزاء محتم بلا خلاف.

الثانية : أن يدرك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر ، فالاجزاء بلا خلاف ، وقد تقدم الدليل عليه في بحث اضطراري المشعر فراجع.

الثالثة : أن يدرك اضطراري عرفة مع اختياري المشعر ، فالاجزاء بلا خلاف ، وقد تقدم الدليل عليه في بحث اضطراري عرفة فراجع.

الرابعة : أن يدرك اضطراري عرفة مع اضطراري المشعر ، فالأكثر بل المشهور على الإجزاء ، لصحيح الحسن العطار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر ، فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ، ووجدهم قد أفاضوا فليقف ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

٤٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ قليلا بالمشعر الحرام ، وليلحق الناس بمنى ، ولا شي‌ء عليه) (١).

وعن الشيخ في النهاية والمبسوط والمحقق في النافع فوات الحج ، لخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (وإن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له) (٢) ، وصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة ، وعليه الحج من قابل) (٣) ، وخبر إسحاق بن عبد الله عن أبي الحسن عليه‌السلام (فإذا طلعت الشمس فليس له حج) (٤) ، وهي محمولة على من لم يدرك عرفة مطلقا على أنها معارضة بجملة من الأخبار ، منها : صحيح عبد الله بن المغيرة في حديث (فدخل إسحاق بن عمار على أبي الحسن عليه‌السلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج) (٥) ، وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أدرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج) (٦) ، ومثله غيره ، فلا بد من حمل الطائفة الأولى على ما سمعت رفعا للتناقض.

الخامسة : أن يدرك اختياري عرفة فقط ، فالاجزاء على المشهور ، وقال الشارح في المسالك : (لا خلاف في الاجتزاء بأحد الموقفين الاختياريين) ، واستشكل صاحب المدارك في ذلك لعدم الدليل فيمن فاته المشعر بقسميه ، ونقل عن العلامة عدم الاجزاء فيمن فاته المشعر بقسميه في جملة من كتبه.

والحق الاجزاء للنبوي المشهور (الحج عرفة) (٧) ، وصحيح عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : (الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) ، فقال عليه‌السلام : الحج الأكبر الموقف بعرفة ورمي الجمار) (٨) ، وصحيح محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبث بها حتى أتى منى ، قال : ألم ير الناس؟ ألم ينكر منى حين دخلها؟ قلت : فإنه جهل ذلك ، قال : يرجع ، قلت : إن ذلك قد فاته ، قال : لا بأس به) (٩) ، وخبر حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أفاض مع الناس ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوقوف بالشعر حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٣ و ١ و ٥.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٦ و ٨.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٣.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب إحرام الحج حديث ٩.

(٩) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٦.

٤٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ من عرفات فلم يلبث معهم بجمع ، ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة) (١).

السادسة : أدرك اختياري المشعر فقط مع فوات عرفة بقسميها ، لا خلاف في الاجزاء لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل أدرك الامام وهو بجمع ، فقال : إنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ، وإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها وليقم بجمع فقد تم حجه) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال : إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ، ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتى عرفات ، وإن قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى أعذر لعبده فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس ، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة ، وعليه الحج من قابل) (٣) ، وخبر إدريس بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أدرك الناس بجمع وخشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها ، فقال : إن ظن أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات ، فإن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس فقد تم حجه) (٤) ، وصحيح معاوية بن عمار الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فإذا شيخ كبير فقال : يا رسول الله ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع ، فقال له : إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها ، وإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تم حجه) (٥).

السابعة : إدراك اضطراري المشعر فقط ، فالاجزاء كما عن الصدوقين والسيد وابن الجنيد والحلبيين وثاني الشهيدين وسيد المدارك ، لإطلاق صحيح ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أدرك الموقف بجمع يوم النحر قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج) (٦) ، وصحيح محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن المغيرة (جاءنا رجل بمنى فقال : إني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا ـ إلى أن قال ـ فدخل إسحاق بن عمار على أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٣ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر ملحق حديث التاسع.

٤٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الحسن عليه‌السلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج) (١) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أدركت الزوال فقد أدركت الموقف) (٢) وهو مطلق يشمل ما لو فاته عرفة بقسميها.

هذا وذكر الشارح صحيحة عبد الله بن مسكان عن أبي الحسن عليه‌السلام كما في الروضة هنا ، وفي المسالك جعلها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي الحسن عليه‌السلام (إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج) ، وقال سيد المدارك لم نقف على هذه الرواية في شي‌ء من الأصول ، ولا نقلها احد غيرهما ـ أي غير الشارح وغير فخر المحققين في شرح القواعد ـ فيما اعلم ، والظاهر أنها رواية عبد الله بن المغيرة فوقع السهو في ذكر الأب) وقد تقدمت رواية عبد الله بن المغيرة.

هذا وذهب الأكثر إلى عدم الاجزاء ، لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن مفرد الحج فاته الموقفان جميعا فقال : له إلى طلوع الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة ، وعليه الحج من قابل) (٣) ، وصحيح الحلبي المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات ، فقال : إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ، ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتى عرفات ، وإن قدم وفاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام ، فإن الله أعذر لعبده فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس ، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل) (٤) ، وهو كالصريح في ادراك اختياري المشعر إذا فاتته عرفة بقسميها ، وإلا فلا حج له وإن أدرك اضطراري المشعر ، فلا بدّ من حمل الطائفة الأولى على من أدرك اضطراري المشعر فقد تم حجه إذا أدرك اختياري عرفة.

الثامنة : إدراك اضطراري عرفة فقط ، فلا خلاف في عدم الإجزاء ، للأخبار ، منها : إطلاق خبر عبيد الله وعمران ابني علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج) (٥) ، ومثله غيره وقد تقدم بعضه وعليه لا خلاف في عدم الإجزاء في ـ

__________________

(١) (١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٦ و ١٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

٤٥٨

مفردة ، وهي كل واحد من الاختياريين (١) ، والاضطراريين (٢) ، وأربعة مركبة وهي الاختياريان (٣) والاضطراريان (٤) ، واختياري عرفة مع اضطراري المشعر وعكسه.

(وكل أقسامه يجزي) في الجملة لا مطلقا (٥) ، فإن العامد يبطل حجه بفوات كل واحد من الاختياريين (إلا الاضطراري الواحد) فإنه لا يجزئ مطلقا (٦) على المشهور ، والأقوى إجزاء اضطراري المشعر وحده لصحيحة عبد الله بن مسكان (٧) عن الكاظم عليه‌السلام. أما اضطرارية السابق (٨) فمجزئ مطلقا (٩) كما عرفت ، ولم يستثنه هنا ، لأنه جعله من قسم الاختياري ، حيث خصّ الاضطراري بما بعد طلوع الشمس ، ونبه على حكمه أيضا بقوله : (ولو أفاض قبل الفجر عامدا فشاة) (١٠) ، وناسيا لا شي‌ء عليه. وفي إلحاق الجاهل بالعامد كما في نظائره ، أو الناسي قولان (١١) ، ...

______________________________________________________

ـ اضطراري عرفة ، وأما في الاضطراريين واضطراري المشعر ما تقدم من الخلاف ، والباقي مجز بلا خلاف إلا في اختياري عرفة فالخلاف غير معتدّ به.

(١) أي أدرك اختياري عرفة أو اختياري المشعر.

(٢) أي أدرك اضطراري عرفة أو اضطراري المشعر.

(٣) أي أدرك اختياري عرفة واختياري المشعر وهو الأصل في الحج.

(٤) أي أدرك اضطراري عرفة مع اضطراري المشعر.

(٥) وإن كان عمدا.

(٦) سواء كان اضطراري المشعر أو اضطراري عرفة.

(٧) جعلها صحيحة عبد الله بن سنان في المسالك ، وقد عرفت أنها صحيحة عبد الله بن المغيرة.

(٨) أي اضطراري المشعر الذي يسبق طلوع الفجر كالمرأة والضعيف ومن يخاف الزحام ومن يخاف على نفسه.

(٩) سواء كان عمدا أو لا بالنسبة للمرأة ومن يخاف على نفسه.

(١٠) تقدم الكلام في ذلك.

(١١) قال في الجواهر (وهل الجهل عذر ، وربما كان هو مقتضى إطلاق خبر مسمع السابق فيكون المقابل له العالم العامد الذي يجب عليه الجبر بشاة كما هو ظاهر الأصحاب).

بل في خبر مسمع المتقدم (إن كان جاهلا فلا شي‌ء عليه) (١) ، ثم لم ينسب الخلاف إلى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١.

٤٥٩

وكذا في ترك أحد الوقوفين (١).

(ويجوز) الإفاضة قبل الفجر (للمرأة والخائف) (٢) ، بل كل مضطر كالراعي والمريض ، (والصبي مطلقا) (٣) ، ورفيق المرأة (٤) (من غير جبر) (٥) ، ولا يخفى أن ذلك مع نية الوقوف ليلا كما نبّه عليه بإيجابه النية له (٦) عند وصوله

(وحدّ المشعر (٧) ما بين الحياض والمأزمين) بالهمز الساكن ، ثم كسر الزاي المعجمة وهو

______________________________________________________

ـ أحد فالأولى أن يقول (أو الناسي وجهان) كما في المدارك وغيره.

(١) الاختياري ، فهل الجاهل يلحق بالعامد أو بالناسي ، ولكن ظاهر الكثير من الأخبار المتقدمة إلحاق الجاهل بالناسي ، بل في صحيح الحلبي المتقدم (فإن الله اعذر لعبده) (١) ، وهو يشمل النسيان لأنه من أقوى الاعذار ، وقد تقدم الكلام فيه فراجع.

(٢) وهذا قد تقدم الكلام فيه.

(٣) لعذر أو غير عذر لإطلاق خبر أبي بصير (٢) وقد تقدم ذكره.

(٤) كما في صحيح سعيد الأعرج (٣) وقد تقدم ذكره.

(٥) بشاة لأن حجهم تام.

(٦) أي للوقوف في المشعر ، حيث قال المصنف (ثم يقف به ليلا إلى طلوع الشمس ، والواجب الكون بالنية).

(٧) التحديد المذكور لا خلاف فيه بينهم ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (حد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر) (٤) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنه قال للحكم بن عتيبة : ما حد المزدلفة؟ فسكت ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسّر) (٥).

والمأزمان تثنية مأزم بالهمزة الساكتة وكسر الزاي ، كل طريق ضيق بين جبيلين ، والمأزمان هنا مضيق بين جمع وعرفة وهو اسم الموضوع مخصوص بين جبلين ، والمأزمان هنا وإن كان بلفظ التثنية ، ووادي محسّر اسم فاعل من التحسير أي الإيقاع في الحسرة أو الاعياء ، سمي به لما قيل إن أبرهة أوقع أصحابه في الحسرة والإعياء لما جهدوا أن يتوجه إلى الكعبة فلم يفعل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ٣ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ١ و ٢.

٤٦٠