الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

(القول في الطواف. ويشترط فيه رفع الحدث) (١) مقتضاه عدم صحته من المستحاضة والمتيمم (٢) ، لعدم إمكان رفعه في حقهما وإن استباحا العبادة بالطهارة. وفي الدروس أن الأصح الاجتزاء بطهارة المستحاضة والمتيمم مع تعذر المائية ، وهو المعتمد ، والحكم مختص بالواجب ، أما المندوب فالأقوى عدم اشتراطه بالطهارة وإن كان أكمل ، وبه صرح المصنف في غير الكتاب.

______________________________________________________

ـ جسده متعمدا) (١).

(١) الأصغر والأكبر ، واشتراط الطهارة منهى في الطواف الواجب بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف بالبيت) (٢) ، وصحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب ، فذكر وهو في الطواف ، قال : يقطع طوافه ، ولا يقيّد بشي‌ء مما طاف ، وسألته عن رجل طاف ثم ذكر أنه على غير وضوء ، قال : يقطع طوافه ولا يعتدّ به) (٣).

وأما في الطواف المندوب فذهب الأكثر على عدم الاشتراط ، للأخبار منها : صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء؟ قال : يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف) (٤) ، وصحيح ابن مسلم (سألت أحدهما عليهما‌السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهر؟ قال : يتوضأ ويعيد طوافه ، وإن كان تطوعا توضأ وصلى ركعتين) (٥) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي) (٦) ، وعن أبي الصلاح والعلامة اشتراط الطهارتين تمسكا بإطلاق بعض الروايات المتضمنة لاعتبار الطهارة في الطواف ، وهو ضعيف مع هذه الأخبار المفصّلة ، نعم لا يمكن أن يكون جنبا لحرمة دخوله المسجد الحرام.

(٢) ظاهر عبارة الشارح أن التيمم البدلي عن الوضوء والغسل لا يبيح الدخول في الطواف الواجب ، لأنه بنية استباحة الصلاة فلا يرفع الحدث ، وقال في الجواهر مستشكلا على شرح العبارة : (وفي اللمعة اعتبار الحدث فيه ـ أي الطواف ـ واستظهر منها في الروضة عدم إجزاء الطهارة الاضطرارية ، ولكن يمكن منعه عليه ، بأنه يريد من رفع الحدث ما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧٨ ـ من أبواب تروك الإحرام حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الطواف حديث ١ و ٤.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الطواف حديث ٧ و ٣ و ٢.

٣٨١

(و) رفع (الخبث) (١) ، وإطلاقه أيضا يقتضي عدم الفرق بين ما يعفى عنه

______________________________________________________

ـ يشمل ذلك ولو حكما) انتهى ، وذلك لأن الأصحاب قد جعلوا التيمم بدل الوضوء أو الغسل بجميع أحكامها كما يقتضيه عموم صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا) (١) ، ولذا كان المعروف من مذهبهم استباحة الطواف بالتيمم كما يستباح بالوضوء والغسل ، نعم ذهب العلامة وولده فخر المحققين إلى أنه لا يباح بالتيمم للجنب دخول المسجدين ولا اللبث في بقية المساجد ، ولازمه أن لا يكون التيمم رافعا للحدث وأن لا يستباح به الطواف ، وقد عرفت ضعفه.

وأما المستحاضة فطهارتها المأمورة بها مجزية لها ورافعة للحدث ، للأخبار منها : مرسل يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المستحاضة تطوف بالبيت وتصلي ولا تدخل الكعبة) (٢).

(١) أي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن سواء كان في الطواف الواجب أو المندوب كما عن الأكثر للأخبار منها : النبوي المشهور (الطواف بالبيت صلاة) (٣) ، فيشترط فيه ما يشترط في الصلاة ولو كانت مندوبة ، ولعموم خبر يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف؟ قل : ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه ، ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتم طوافه) (٤) ، وعن ابن الجنيد وابن حمزة الكراهة في ثوب نجس وإن لم يعف عنه في الصلاة ، لمرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه ، فقال : اجزأه الطواف فيه ، ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر) (٥) ، وإرساله يمنع من الاعتماد وعليه عند عدم الجابر فضلا عن وجود المعارض ، هذا وعلى الاشتراط فهل يعفى في الطواف كما يعفى في الصلاة؟ ذهب جماعة منهم العلامة وابن إدريس إلى عدم العفو ، لعموم خبر يونس المتقدم ، وعن المحقق الثاني والشهيد الثاني في المسالك العفو لعموم تنزيل الطواف منزلة الصلاة كما في النبوي المتقدم.

هذا وقد قال الشارح في المسالك (ولو كانت النجاسة مما يعفى عنها في الصلاة ، ففي العفو عنها قولان ، أجودهما العفو ، وقطع ابن إدريس والعلامة بعدمه ، وهو يتوجه على أصلهما من تحريم إدخال النجاسة في المسجد وإن لم تكن ملوّثة ، فيكون الطواف منهيا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب التيمم حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩١ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

(٣) غوالي اللئالي ج ٢ ص ١٦٧ حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الطواف حديث ٢ و ٣.

٣٨٢

في الصلاة وغيره. وهو يتم على قول من منع من إدخال مطلق النجاسة المسجد ليكون منهيا عن العبادة به (١) ، ومختار المصنف تحريم الملوّثة خاصة فليكن هنا (٢) كذلك ، وظاهر الدروس القطع به. وهو حسن ، بل قيل : بالعفو عن النجاسة هنا مطلقا (٣) ، (والختان في الرجل) (٤) مع إمكانه فلو تعذر وضاق وقته سقط (٥) ، ولا يعتبر في المرأة ، وأما الخنثى (٦) فظاهر العبارة عدم اشتراطه في حقه ، واعتباره قوي ، لعموم النص إلا ما أجمع على خروجه ، وكذا القول في الصبي وإن لم يكن مكلفا (٧) كالطهارة بالنسبة إلى صلاته ، (وستر العورة) (٨) التي

______________________________________________________

ـ عنه وهو يقتضي الفساد ، ومثله الكلام في الصلاة في المسجد كذلك ، وقد صرح العلامة ببطلانها في الخاتم النجس فيه فضلا عن غيره لمكان النهي) وفيه : إن عدم العفو عند ابن إدريس والعلامة لعموم خبر يونس وليس لهذا الأصل المذكور.

(١) بالمسجد.

(٢) أي في الإحرام.

(٣) عفي عنها في الصلاة أو لا.

(٤) فهو شرط في صحة الطواف الواجب والمندوب بلا خلاف إلا من ابن إدريس ، وقال عنه في الجواهر (أنه واضح الضعف) ، ويدل على الحكم أخبار :

منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس أن تطوف المرأة) (١) ، وصحيح حريز وإبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن تطوف المرأة غير مخفوضة ، وأما الرجل فلا يطوفن إلا وهو مختون) (٢).

(٥) لاشتراط التكليف بالتمكن.

(٦) وهو الخنثى المشكل فيجب ختانه لعموم الأخبار ولم يخرج منها إلا المرأة وهو مشكوك الأنوثة.

(٧) لاشتراط الختان في صحة الطواف كما اشترطت الطهارة في صحة الصلاة.

(٨) للنبوي المتقدم (الطواف في البيت صلاة) (٣) ، وستر العورة شرط في الصلاة فيجب في الطواف ، ولخبر ابن عباس المروي في العلل (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث عليا ينادي : لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان) (٤).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١ و ٣.

(٣) غوالي اللئالي ج ٢ ص ١٦٧ حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

٣٨٣

يجب سترها في الصلاة ويختلف بحسب حال الطائف في الذكور والأنوثة.

(وواجبه النية) (١) المشتملة على قصده (٢) في النسك المعين من حج أو عمرة إسلامي ، أو غيره ، تمتع ، أو أحد قسيميه ، والوجه على ما مر (٣) والقربة والمقارنة للحركة في الجزء الأول من الشوط (٤) ، (والبداءة بالحجر الأسود) (٥) بأن يكون أول جزء من بدنه بإزاء أول جزء منه حتى يمر عليه كله ولو ظنا (٦).

والأفضل استقباله حال النية بوجهه للتأسي (٧). ثم يأخذ في الحركة على

______________________________________________________

(١) بلا خلاف ـ كما في الجواهر ـ لكون الطواف من العبادات.

(٢) قد تقدم البحث بأن النية مشتملة على القصد مع القربة.

(٣) قد تقدم أنه لا بد من قصد هذه الخصوصيات عند توقف التعيين عليها وإلا فلا يجب.

(٤) لا بد من المقارنة لأول أفعال الطائف حتى يصح وقوع الطواف عن نية ، وإنما يتم هذا بناء على أن النية اخطارية ، وإما بناء على أنها على نحو الداعي فلا يضر تقدمها لبقائها إلى أول الطواف.

(٥) لا خلاف فيه ، للأخبار منها ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أنه بدأ بالحجر فاستلمه وفاضت عيناه من البكاء) (١). مع ما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (خذوا عني مناسككم) (٢) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود) (٣).

(٦) ذهب إلى ذلك العلامة ومن تبعه ، وقال في الجواهر (لم نعرف شيئا من ذلك لمن سبق العلامة ـ إلى أن قال ـ لا دليل عليه بل ظاهر الأدلة خلافه ـ إلى أن قال ـ بل ظاهر المدارك والرياض وغيرهما عدم اعتبار محل الابتداء فلو ابتدأ مثلا بآخر الحجر كان له الختم بأوله ، ولعله لصدق أنه ابتدأ بالحجر وختم به) وهو جيد.

(٧) لخبر محمد بن مسلم (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : حدثني أبي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجته ، وسعى عليها بين الصفا والمروة) (٤) ، ويدل على الحكم أخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا دنوت من

__________________

(١) المنتهى ج ٢ ص ٦٩٠.

(٢) غوالي اللئالي ج ١ ص ٢١٥ حديث ٧٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨١ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

٣٨٤

اليسار (١) عقيب النية. ولو جعله على يساره ابتداء (٢) جاز (٣) مع عدم التقية ، وإلا فلا (٤) ، والنصوص مصرحة باستحباب الاستقبال ، وكذا جمع من الأصحاب ، (والختم به) (٥) بأن يحاذيه في آخر شوطه ، كما ابتدأ أولا ليكمل الشوط من غير زيادة ولا نقصان.

(وجعل البيت على يساره) (٦) حال الطواف ، فلو استقبله بوجهه ، أو ظهره ،

______________________________________________________

ـ الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واسأل الله أن يتقبل منك ، ثم استلم الحجر وقبله ، فإن لم تستطع أن تقبله فاستلمه بيدك ، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله وتقول : الحمد لله الذي هدانا لهذا ...) (٢) ، وحمل الاستقبال عند الأصحاب على الاستحباب ، للأخبار منها : خبر حماد بن عثمان (إن رجلا أتى أبا عبد الله عليه‌السلام في الطواف فقال : ما تقول في استلام الحجر؟ فقال : استلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : ما أراك استلمته ، قال : أكره أن أوذي ضعيفا أو أتأذى ، فقال : قد زعمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استلمه ، فقال : بلى ، ولكن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأوه عرفوا له حقه ، وأنا فلا يعرفون لي حقي) (٣).

(١) لتكون الكعبة على يساره بلا خلاف في ذلك ، وقال في المدارك (واستدل عليه بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو المستفاد من مجموع اخبار الطواف التي سيأتي بعضها.

(٢) من دون استقبال الحجر.

(٣) لأن الاستقبال مستحب.

(٤) أي ومع التقية فيجب الاستقبال موافقة للعامة.

(٥) بلا خلاف فيه ، لصحيح معاوية بن عمار المتقدم (من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود) (٤) ، ومثله غيره ، ويأتي فيه الخلاف المتقدم من كفاية الختم عرفا أو لا بد من مرور تمام بدنه إلى آخر جزء منه للدقة العقلية.

(٦) قد تقدم دليله ، ولازمه لو طاف وقد استقبل البيت أو استدبره أو جعله على يمينه ولو في خطوة منه فتجب الإعادة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الطواف حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الطواف حديث ٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

٣٨٥

أو جعله على يمينه ولو في خطوة منه بطل ، (والطواف بينه وبين المقام) (١) حيث هو الآن ، مراعيا لتلك النسبة من جميع الجهات ، فلو خرج عنها ولو قليلا بطل ، وتحتسب المسافة من جهة الحجر من خارجه وإن جعلناه خارجا من البيت. والظاهر أن المراد بالمقام نفس الصخرة (٢) ، لا ما عليه من البناء ، ترجيحا للاستعمال الشرعي على العرفي لو ثبت.

(وإدخال الحجر) في الطواف (٣) ...

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : خبر محمد بن مسلم (سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج منه لم يكن طائفا بالبيت ، قال : كان الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطوفون بالبيت والمقام ، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت ، فكان الحد موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف ، والحد قبل اليوم واليوم واحد ، قدر ما بين المقام وبين نواحي البيت كلها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت ، بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حد ولا طواف له) (١) ، وعن ابن الجنيد جواز الطواف خلف المقام عند الضرورة ، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الطواف خلف المقام ، قال : ما أحب ذلك وما أرى به بأسا ، فلا تفعل إلا أن لا تجد منه بدا) (٢) ، وعن الصدوق الافتاء به عند الاختيار أيضا ، وهو موهون بإعراض المشهور عنه.

ثم هل المسافة بين المقام والبيت يجب أن تراعى من جميع الجهات ، نسبه في المدارك إلى قطع الأصحاب ، نعم من جهة حجر اسماعيل فتحسب المسافة من خارجه لوجوب إدخاله في البيت عند الطواف وإن لم نقل إنه جزء من البيت ، كما عليه جماعة ، وعن الشارح في المسالك وغيره إن المسافة. من البيت حتى من جهة حجر اسماعيل ، وإن لم يجز سلوكه في الطواف ، لظاهر خبر ابن مسلم المتقدم وهو الأقوى.

(٢) قال سيد المدارك : (واعلم أن المقام حقيقة هو العمود من الصخر الذي كان إبراهيم عليه‌السلام يصعد عليه عند بنائه البيت ، وعليه اليوم بناء ، ويطلق على جميعه مع ما في داخله المقام عرفا) ، وإذا دار حمل اللفظ على الشرعي أو العرفي فيقدم الشرعي لأن الألفاظ تحمل على مراد المتكلم وهو الشارح هنا.

(٣) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رجل طاف بالبيت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

٣٨٦

للتأسي (١) ، والأمر به ، لا لكونه من البيت (٢) بل قد روي أنه ليس منه ، أو أن بعضه منه وأما الخروج عن شي‌ء آخر خارج الحجر فلا يعتبر إجماعا (٣) ، (وخروجه بجميع بدنه عن البيت) (٤) ...

______________________________________________________

ـ فاختصر شوطا واحدا في الحجر ، كيف يصنع؟ قال : يعيد الطواف الواحد) (١) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود) (٢).

(١) قد صرح بذلك جماعة من الفقهاء منهم سيد المدارك.

(٢) ففي الدروس المشهور كونه من البيت ، وعن التذكرة والمنتهى أن جميعه منه ، وروت العامة عن عائشة نذرت أن أصلي ركعتين في البيت ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صل في الحجر ، فإن ستة أذرع منه من البيت) (٣) ، وذكر العلامة في التذكرة (أن البيت كان لاصقا بالأرض ، وله بابان شرقي وغربي ، فهدمه السيل قبل مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعشر سنين ، وأعادت قريش عمارته على الهيئة التي هو عليها اليوم ، وقصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته ، فتركوا من جانب الحجر بعض البيت ، وخلفوا الركنين الشاميين عن قواعد إبراهيم ، وضيّقوا عرض الجدار من الركن الأسود إلى الشامي الذي يليه ، فبقي من الأساس شبه الدكان مرتفعا ، وهو الذي يسمى الشاذروان) انتهى كلامه.

غير أن نصوص أهل البيت عليه‌السلام على خلاف ذلك ، ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الحجر ، أمن البيت هو أو فيه شي‌ء من البيت؟ قال : لا ، ولا قلامة ظفر ، ولكن إسماعيل دفن أمه فيه ، فكره أن يوطأ فحجّر عليه حجرا ، وفيه قبور الأنبياء) (٤) ومثله غيره.

(٣) قال في المسالك (وعلى كل حال فالإجماع واقع من المسلمين على أنه ليس خارج الحجر شي‌ء آخر يجب الخروج عنه ، فيجوز الطواف خلفه ملاصقا بحائطه من جميع الجهات ، وإنما نبهنا على ذلك لأنه قد اشتهر بين العامة هناك اجتناب محل لا أصل له في الدين).

(٤) فلا يجوز المشي على أساس البيت وهو القدر الباقي من أساس الحائط بعد عمارته أخيرا ويسمى الشاذروان لأنه من الكعبة فلا يصدق الطواف بالبيت لو مشى على أساس ، وكذا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الطواف حديث ١ و ٣.

(٣) الترمذي ج ٢ ص ١٨١ حديث ٨٧٧ ، وسنن البيهقي ج ٥ ص ٨٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

٣٨٧

فلو أدخل يده في بابه حالته (١) ، أو مشى على شاذروانه ولو خطوة ، أو مسّ حائطه من جهته (٢) ماشيا بطل فلو أراد مسه وقف حالته (٣) ، لئلا يقطع جزء من الطواف غير خارج عنه (٤).

(وإكمال السبع) (٥) من الحجر إليه شوط (٦) ، (وعدم الزيادة عليها (٧) فيبطل)

______________________________________________________

ـ لا يجوز المشي على حائط حجر اسماعيل لوجوب إدخاله في الطواف ، بلا خلاف في ذلك أبدا ، نعم وقع الخلاف فيمن مسّ الجدار بيده في موازاة الشاذروان ، فقيل بعدم الجواز كما عن التذكرة لأن من مسّ على هذا الوجه يكون بعض بدنه في البيت فلا يصدق الطواف بتمام بدنه بالبيت ، وقيل بالجواز كما عن القواعد ، لصدق الطواف بالبيت عرفا لخروج معظم بدنه عنه ، وكذا يأتي الخلاف فيمن أدخل يده في باب الكعبة حال طوافه ، نعم من مسّ جدار البيت من غير الشاذروان فلا إشكال في الجواز ولا خلاف لصدق طوافه بجميع بدنه خارج البيت.

(١) حالة الطواف.

(٢) أي مسّ حائط البيت من جهة الشاذروان.

(٣) أي حالة الطواف.

(٤) أي لئلا يتحقق منه جزء من الطواف وهو غير خارج بتمام بدنه عن البيت.

(٥) بلا خلاف فيه ، للأخبار المستفيضة بل المتواترة منها : خبر حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام (يا علي ، إن عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن ، وأجراها الله عزوجل في الإسلام ، حرّم نساء الاباء على الأبناء ـ إلى أن قال ـ ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسنّ لهم عبد المطلب سبعة أشواط ، فأجرى الله عزوجل ذلك في الإسلام) (١).

(٦) بلا خلاف ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار المتقدمة (من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود) (٢).

(٧) أي على السبع ، والبطلان هو المعروف من مذهب الأصحاب ، للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط ، قال : يعيده حتى يستتمه) (٣) ، وخبر عبد الله بن محمد عن أبي الحسن عليه‌السلام (الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها ، فعليك الإعادة وكذلك السعي) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الطواف حديث ١ و ١١.

٣٨٨

أن تعمّده) ولو خطوة ، ولو زاد سهوا فإن لم يكمل الشوط الثامن تعين القطع (١) ، فإن زاد فكالمتعمد (٢) وإن بلغه تخير بين القطع واكمل أسبوعين (٣) ، فيكون الثني مستحبا ، ويقدم صلاة الفريضة على السعي ويؤخر صلاة النافلة (٤).

______________________________________________________

(١) من زاد على السبع ناسيا وذكر قبل إتمام الشوط الثامن تعين القطع عليه ولا شي‌ء عليه ، لخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال : إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه ، وقد أجزأ عنه ، وإن لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطا وليصل أربع ركعات) (١).

(٢) أي بعد التذكر ووجوب القطع فلو زاد فهو كمتعمد الزيادة من أول الشوط ، بل عنوان المتعمد للزيادة منطبق عليه فيشمله حكمه من البطلان.

(٣) كما عن الفاضل والشهيدين ، لأن الطواف الثاني وقع مندوبا فيستحب إكماله ويجوز قطعه ويدل على أن الثاني قد وقع مستحبا خبر علي بن حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل وأنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط ، فقال : نافلة أو فريضة؟ ، فقال : فريضة ، فقال عليه‌السلام يضيف إليها ستة ، فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ، ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف بينهما فإذا فرغ صلى ركعتين اخراوين ، فكان طواف نافلة وطواف فريضة) (٢).

وعن الصدوق وابن الجنيد وابن سعيد وجوب الإكمال لأن الطواف الثاني هو الفريضة ، لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن عليا عليه‌السلام طاف طواف الفريضة ثمانية ، فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستا ، ثم صلى ركعتين خلف المقام ، ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فلما فرغ من السعي بينهما ، رجع فصلّى الركعتين للذي ترك في المقام الأول (٣) ، وهو مردود لأنه متضمن لوقوع السهو من الإمام المعصوم عليه‌السلام ، وهو كما ترى.

نعم هناك جملة من الأخبار أمرت باكمال الاسبوعين من دون تفصيل أن الذي وقع أولا هو الواجب أولا ، كصحيح أبي أيوب (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف فريضة؟ قال : فليضم إليها ستا ثم يصلي أربع ركعات) (٤) ، لكنها محمولة على استحباب الإكمال جمعا بينها وبين خبر علي بن حمزة المتقدم.

(٤) كما هو صريح الأخبار المتقدمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الطواف حديث ١٥ و ٧ و ١٣.

٣٨٩

(والركعتان خلف المقام) (١) حيث هو الآن (٢) ، أو إلى أحد جانبيه ، وإنما

______________________________________________________

(١) أما وجوب الركعتين عقيب الطواف فقد نسبه العلامة ـ كما عن المنتهى ـ إلى أهل العلم ، للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه‌السلام فصل ركعتين) (١) ، ونقل الشيخ في الخلاف عن بعض أصحابنا استحباب الصلاة بعد الطواف الواجب ، وهو ضعيف ، وأما كونهما خلف المقام فللأخبار ، منها : مرسل جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام يصلي الرجل ركعتي طواف الفريضة خلف المقام) (٢) ، ومرسل صفوان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس لأحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا خلف المقام لقول الله عزوجل : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، فإن صليتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة) (٣).

وأما الصلاة إلى أحد جانبيه فقال سيد المدارك : (فلم أقف على رواية تدل عليه بهذا العنوان ، نعم ورد في عدة أخبار الصلاة عند المقام ، وفيها ما هو صحيح السند ، وفي حسنة الحسين بن عثمان قال : رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد) (٤) انتهى ، وعن الشيخ في الخلاف أنه يستحب فعلهما خلف المقام فلو فعلهما في غيره من المسجد أجزأ ، ونقل عن أبي الصلاح أنه جعل محلهما المسجد الحرام مطلقا ، ووافقه ابنا بابويه في ركعتي طواف النساء خاصة ، وهذه الأقوال مدفوعة بالأخبار المتقدمة ، ثم إن هذا في الطواف الواجب ، وأما المستحب فيجوز فعل صلاته حيث شاء من المسجد ، لاختصاص الروايات السابقة المتضمنة للصلاة خلف المقام بطواف الفريضة ، ولخبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (لا ينبغي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ، فأما التطوع فحيث شئت من المسجد) (٥).

(٢) لصحيح إبراهيم بن أبي محمود (قلت للرضا عليه‌السلام : أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة ، أو حيث كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : حيث هو الساعة) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الطواف حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧٥ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

٣٩٠

أطلق فعلهما خلفه تبعا لبعض الأخبار. وقد اختلفت عبارته في ذلك فاعتبر هنا خلفه ، وأضاف إليه أحد جانبيه في الألفية ، وفي الدروس فعلهما في المقام ، ولو منعه زحام ، أو غيره صلى خلفه ، أو إلى أحد جانبيه ، والأوسط (١) أوسط ، ويعتبر في نيتهما قصد الصلاة للطواف المعين متقربا (٢) ، والأولى إضافة الأداء ، ويجوز فعل صلاة الطواف المندوب حيث شاء من المسجد (٣) ، والمقام أفضل (٤).

(وتواصل أربعة أشواط (٥) ...)

______________________________________________________

(١) أي ما اختاره في الألفية ، وقد عرفت تعين الصلاة خلفه فقط ، نعم لو منعه الزحام أو غيره فيجوز التباعد عنه ، تحكيما لأدلة الاضطرار.

(٢) يشترط في النية القصد مع القربة ، وأما باقي الخصوصيات فتجب إذا توقف التعيين عليها.

(٣) قد تقدم الكلام فيه.

(٤) لإطلاق أدلة اعتباره.

(٥) اعلم أن الموالاة واجبة في طواف الفريضة ، لعموم النبوي (الطواف في البيت صلاة) (١) ، ولازمه أن قطع الطواف عمدا على نحو يضر بالموالاة العرفية غير جائز ومبطل ، وعن الحدائق المناقشة في وجوبها في طواف الفريضة لما ستسمعه من النصوص الواردة في الحدث والمرض أثناء الطواف وأنه يبني على ما تقدم من طوافه بعد زوال العذر ، ولكنها محمولة عند المشهور على حال الاضطرار فقط.

وأما الموالاة في طواف النافلة فلا خلاف في عدم وجوبها ـ كما في الجواهر ـ لعدم وجوب إكمال الصلاة المندوبة. وأما إذا قطع طواف الفريضة لعذر فإن كان بعد إكماله الأربع ـ وهو المعبّر عنه بتجاوز النصف ـ فيبني على ما تقدم ، وإلا استأنف على المشهور بينهم ، والعذر يشمل دخول البيت والسعي في حاجة أخيه المؤمن ، والمرض والحدث ، وللإتيان بصلاة واجبة أو مندوبة قد دخل وقتها.

ولكن في دخول البيت لم يرد نص في هذا التفصيل ، بل كل أخباره قد صرحت باستئناف الطواف ، ومنها : صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في من كان يطوف بالبيت فعرض له دخول الكعبة فدخلها ، قال : يستقبل طوافه) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت ـ

__________________

(١) غوالي اللئالي ج ٢ ص ١٦٧ حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

٣٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ خلوة فدخله ، قال يقضي طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه) (١) ، وقد حملت هذه الأخبار عند المشهور على ما لو لم يتجاوز النصف ، أو على كون دخول البيت ليس عذرا كما في الجواهر.

وأما السعي في حاجة المؤمن فقد اختلفت فيه الأخبار ، ففي بعضها التصريح بعدم البناء ، كصحيح أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة ، فقال : إن كان طواف نافلة بنى عليه ، وإن كان طواف فريضة لم يبن عليه) (٢) ، وفي بعضها التصريح بالبناء ، كخبر أبان بن تغلب الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال له وهما في الطواف : رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجة ، فقال : يا أبان اقطع طوافك ، وانطلق من في حاجته فاقضها له ، فقلت : إني لم أتم طوافي ، قال : احص ما طفت وانطلق معه في حاجته ، فقلت : وإن كان طواف فريضة ، قال : نعم وإن كان طواف فريضة) (٣) ، وصحيح صفوان الحجال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل يأتي أخاه وهو في الطواف فقال : يخرج معه في حاجته ثم يرجع فيبني على طوافه) (٤) ، والمشهور حملوا الطائفة الأولى على عدم تجاوز النصف ، والثانية على التجاوز.

وأما المرض فقد ورد فيه خبر إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام عن رجلا طاف بالبيت بعض طوافه طواف الفريضة ، ثم اعتلّ علة لا يقدر معها على تمام طوافه ، قال : إذا طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط وقد تمّ طوافه ، وإن كان طاف ثلاثة أشواط وكان لا يقدر على التمام فإن هذا مما غلب الله عليه ، ولا بأس أن يؤخره يوما أو يومين ، فإن كان العافية وقدر على الطواف طاف اسبوعا ، فإن طالت علته أمر من يطوف عنه اسبوعا ويصلي عنه وقد خرج من إحرامه) (٥) ، وخبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليه‌السلام (من حدث به أمر قطع به طوافه من رعاف أو وجع أو حدث أو ما أشبه ذلك ثم عاد إلى طوافه ، فإن كان الذي تقدم له النصف أو أكثر من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الطواف حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الطواف حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الطواف حديث ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

٣٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ النصف بنى على ما تقدم ، وإن كان أقل من النصف وكان طواف الفريضة ألقى ما مضى وابتدأ بالطواف) (١).

وأما الحدث فقد ورد في مرسل جميل عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : يخرج ويتوضأ ، فإن كان قد جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع ، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته ، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله) (٣) ، وخبر أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت ، قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت ، فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله) (٤) ومثلها غيرها ، ولهذه الأخبار الواردة في الحدث والمرض استفاد المشهور قاعدة تجاوز النصف لعدم خصوصية الحدث والمرض في عموم التعليل ، وقيدوا بهذه القاعدة جميع النصوص السابقة الواردة في دخول البيت وقضاء حاجة المؤمن وغيرها مما سيأتي ، وخالف في ذلك سيد المدارك وخص التجاوز بالنصف في هذه الأخبار بمواردها ، مع عدم العمل بها بل المتجه الاستئناف لضعف سند غالبها ومعارضة بها كما تقدم ، والأقوى ما عليه المشهور ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالجمع بين مرسل جميل وبين خبر إسحاق بن عمار المتقدمين يفيد أن تجاوز النصف هو إكمال الأربع لا مطلق المجاوزة فقول سيد المدارك من عدم وقوفه على نص يفيد ذلك ليس في محله ، ومن جهة ثالثة فهذه الأخبار ظاهرة في عدم اعتبار الموالاة في الطواف الواجب كما ذهب إليه صاحب الحدائق ، وحملها المشهور على صورة الاضطرار لأن عموم تنزيل الطواف منزلة الصلاة يقتضي اعتبار الموالاة مطلقا ، لكن لا بد من رفع اليد عن ذلك في صورة الاضطرار لهذه الأخبار فتبقى صورة الاختيار تحت ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨٥ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨٥ ـ من أبواب الطواف حديث ٢.

٣٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ذلك العموم وأما الطواف المندوب فلا يشترط فيه الموالاة مطلقا كما تقدم ، ولكن إذا قطع الطواف المندوب لعذر جاز له البناء مطلقا وإن لم يكمل النصف ، لمرسل ابن أبي عمير عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة فقال : لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف ، وإذا أراد وأن يستريح في طوافه ويقعد فلا بأس ، فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف) (١) كما في رواية الفقيه ، وأما في رواية الشيخ في التهذيب (وإن كان نافلة بنى على الشوط والشوطين ، وإن كان في طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن ولا في حاجة نفسه) ، وصحيح أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة قال : إن كان طواف نافلة بنى عليه ، وإن كان طواف فريضة لم يبن) (٢) ، وإذا قطعه لا للعذر فلا بد من تحكيم قاعدة تجاوز النصف ، وهذا ما ذهب إليه الشارح هنا ، أو أنه يجوز مطلقا كما عن الشهيد في الدروس ، لإطلاق هذه الأخبار ، وفيه : إنها ظاهرة في صورة الاضطرار فقط فلا تشمل الاختيار وأما إذا كان العذر دخول الصلاة فإن كانت فريضة فيبنى على وقع من طوافه للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل كان في طواف النساء فأقيمت الصلاة ، قال : يصلي معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع) (٣) ، وحسنة هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال في رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة ، قال يقطع الطواف ويصلي الفريضة ثم يعود فيتمّ ما بقي عليه من طوافه) (٤) ، والمشهور على التقييد بمجاوزة النصف جمعا بينها وبين عموم التعليل المستفاد من النصوص السابقة ، وعن النافع جواز قطع الطواف والبناء بعد الصلاة وإن لم يبلغ النصف للإطلاق وهو ضعيف.

هذا ويجوز قطع الطواف وإن لم يتضيق وقت الفريضة لظاهر الأخبار ، وقد خالف مالك إلا مع خوف فوات الصلاة وهو مردود بما سمعت.

ثم الحق الشيخ في المبسوط والمحقق في النافع والعلامة في المنتهى والتذكرة والتحرير صلاة الوتر إذا خاف فوت وقتها ، للأخبار منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الطواف حديث ٨ و ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الطواف حديث ٢ و ١.

٣٩٤

فلو قطع) الطواف (لدونها (١) بطل) مطلقا (٢) (وإن كان لضرورة ، أو دخول البيت ، أو صلاة فريضة ضاق وقتها) وبعد الأربعة يباح القطع لضرورة ، وصلاة فريضة (٣) ونافلة يخاف فوتها ، وقضاء حاجة مؤمن ، لا مطلقا. وحيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه ليكمل منعه بعد العود ، حذرا من الزيادة أو النقصان ، ولو شك أخذ بالاحتياط. هذا في طواف الفريضة. أما النافلة فيبنى فيها لعذر

______________________________________________________

ـ بعضه ، فطلع الفجر فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ، ثم يرجع فيتمّ طوافه ، أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر ، وإن أسفر بعض الإسفار ، قال : ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد) (١) ، وهو أيضا مشروط بتجاوز النصف عند المشهور ، وقد زاد العلامة في المنتهى والتذكرة صلاة الجنازة بشرط تجاوز النصف ، وهو لا بأس به.

هذا كله في قطع الطواف ، وأما النقصان فإن كان عمدا ولو شوطا أو أقل أو فيجب عليه إتمامه إذا كان باقيا في المطاف ولم يفعل المنافي ، لأنه المتيقن من البراءة ، ولأنه كالصلاة المعلوم اعتبار ذلك فيها ، وأما إذا انصرف عن المطاف أو حصل المنافي من حدث ونحوه فعليه الاستئناف وإذا كان النقصان سهوا وقد انصرف عن المطاف أو حصل المنافي من الحدث وغيره ، فإن جاوز النصف رجع فأتم ، وإن كان دون ذلك استأنف على المشهور ، لتحكيم قاعدة تجاوز النصف المستفادة من نصوص المرض والحدث سابقا ، واستشكل سيد المدارك في ذلك ، نعم حكم بالصحة فيما إذا كان المنسي شوطا واحدا فيكمله مع الإمكان وإلا استناب لخبر الحسن بن عطية (سأله سليمان بن خالد وأنا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وكيف طاف ستة أشواط؟ قال : استقبل الحجر وقال : الله اكبر ، وعقد واحدا ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يطوف شوطا ، فقال سليمان : فإنه فاته ذلك حتى أتى أهله ، قال : يأمر من يطوف عنه) (٢) وفيه : عدم التصريح ببطلان طوافه فيما لو تجاوز النصف ، فلا يعارض عموم التعليل المتقدم ما دام النسيان ـ كالمرض والحدث ـ في كونه عذرا.

(١) أي لدون أربعة أشواط.

(٢) حتى لو كان لضرورة.

(٣) عند دخول وقتها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

٣٩٥

مطلقا (١) ، ويستأنف قبل بلوغ الأربعة ، لا له مطلقا (٢) ، وفي الدروس أطلق البناء فيها مطلقا (٣)

(ولو ذكر) نقصان الطواف (في أثناء السعي ترتبت صحته وبطلانه على الطواف) ، فإن كان نقصان الطواف قبل إكمال أربع استأنفهما ، وإن كان بعده بنى عليهما (٤) وإن لم يتجاوز نصف السعي (٥) ، فإنه تابع للطواف في البناء والاستئناف (٦) ، (ولو شك في العدد) أي عدد الأشواط (بعده) أي بعد فراغه منه (لم يلتفت) (٧) مطلقا (٨) ، (وفي الأثناء يبطل إن شك في النقيصة) (٩) كأن شك بين

______________________________________________________

(١) سواء كان قبل إكمال الأربعة أو بعدها.

(٢) أي لا لعذر مطلقا سواء كان العذر شرعيا أو عرفيا.

(٣) أي في النافلة سواء أكمل الأربعة أو لا ، وسواء كان لعذر أو لا.

(٤) أي على الطواف والسعي ، لموثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة ، فبينما هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت ، قال : يرجع إلى البيت فيتم طوافه ، ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي) (١) وظاهره الاطلاق سواء تجاوز نصف الطواف أو لا ، وإليه ذهب الشيخ في التهذيب والمحقق في النافع والعلامة في المنتهى والتذكرة والتحرير.

وعن الشيخ في المبسوط والحلي في السرائر وابن سعيد في الجامع أنه لا بد من كونه قد تجاوز نصف الطواف تحكيما لقاعدة تجاوز النصف السابقة مع هذه الرواية.

(٥) كما هو الاطلاق في الرواية المتقدمة.

(٦) أي ببني على السعي إن بنى على الطواف ، ويستأنف السعي حيث يستأنف الطواف.

(٧) بلا خلاف فيه ، لقاعدة الفراغ ، ففي خبر بكير بن أعين (قلت له : الرجل يشك بعد ما يتوضأ؟ قال : هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) (٢) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو) (٣) ، وهو مطلق يشمل الطواف.

(٨) سواء كان الشك في الزيادة أو النقيصة.

(٩) فعليه الاستئناف على المشهور ، للأخبار منها : خبر ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

٣٩٦

كونه تاما ، أو ناقصا ، أو في عدد الأشواط مع تحققه عدم الإكمال ، (ويبني على الأقل إن شك في الزيادة على السبع) إذا تحقق إكمالها (١) ، إن كان على

______________________________________________________

ـ رجل طاف بالبيت فلم يدر أستة طاف أم سبعة طواف الفريضة ، قال : فليعد طوافه) (١) ، وصحيح صفوان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة؟ قال : فليعد طوافه) (٢) ، وخبر حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في رجل طاف فأوهم قال طفت أربعة أو طفت ثلاثة ، فقال عليه‌السلام : أي الطوافين طواف نافلة أم طواف فريضة؟ ثم قال عليه‌السلام : إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف ، وإن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة وهو في شك من الرابع أنه طاف فليبن على الثلاثة فإنه يجوز له) (٣) ، وعن المفيد وعلي بن بابويه والحلبي وابن الجنيد وسيد المدارك أنه يبني على الأقل لأصلي البراءة وعدم الزيادة ، لصحيح رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة ، قال : يبني على يقينه) (٤) ، واليقين هنا الأقل ، وصحيح منصور بن حازم المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة ، قال : فليعد طوافه ، قلت : ففاته ، قال : ما أرى عليه شيئا ، والإعادة أحبّ إليّ وأفضل) (٥) ، ومثله غيره ولو كان الشك موجبا للإعادة لأوجبها عليه ، فلذا لا بد من حمل صدره بالإعادة على الاستحباب كما عن سيد المدارك ، ولكن هذه الطائفة لا تقاوم تلك الدالة على الاستئناف لكثرة الثانية وصراحة الأمر بالاستئناف فيها ، وعمل المشهور بها.

(١) أي إذا شك في الزيادة على السبع مع تحقق السبع فيقطع ولا شي‌ء عليه بلا خلاف فيه لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية؟ فقال : أما السبعة فقد استيقن ، وإنما وقع وهمه على الثامن فليصل الركعتين) (٦) ، هذا إذا ذكر قبل أن يبلغ الركن فإن بلغه أكمله اسبوعين لخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال : إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه ، وإن لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطا وليصل أربع ركعات) (٧) ، وهو منجبر بعمل الأصحاب فلا يضر جهالة أبي كهمس ، نعم هو ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الطواف حديث ١ و ٨ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الطواف حديث ٥ و ٨.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الطواف حديث ٣.

٣٩٧

الركن (١) ولو كان قبله بطل (٢) أيضا مطلقا (٣) كالنقصان ، لتردده بين محذورين : الإكمال المحتمل للزيادة عمدا. والقطع المحتمل للنقيصة ، وإنما اقتصر عليه (٤) بدون القيد لرجوعه (٥) إلى الشك في النقصان ، (وأما نفل الطواف فيبني) فيه (على الأقل (٦) مطلقا) سواء شك في الزيادة ، أم النقصان ، وسواء بلغ الركن ، أم لا. هذا هو الأفضل ، ولو بنى على الأكثر حيث لا يستلزم الزيادة جاز أيضا كالصلاة (٧).

______________________________________________________

ـ معارض بخبر عبد الله بن سنان ـ الذي حكم العلامة في المنتهى بصحته ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثم ليصل ركعتين) (١) ، ولكنه محمول على ما لو أتم الشوط الثامن جمعا بينه وبين ما تقدم.

(١) أي الركن الذي فيه الحجر الأسود.

(٢) أي إذا تعلق شكه بالزيادة قبل بلوغ الركن بطل كالنقصان ، لعدم تحقق السبع منه فيدور الأمر بين محذورين : الإكمال المحتمل للزيادة العمدية ، والقطع المحتمل لكون المقطوع هو السابع وهذا ما يوجب نقصان الطواف عن الواجب فلا بدّ من استئناف الطواف.

(٣) سواء كان الشك بين السابع والثامن ، أو بين السابع والثامن والتاسع وهكذا.

(٤) أي اقتصر المصنف على الشك في الزيادة على السبع مع عدم ذكر أنه على الركن.

(٥) أي رجوع الشك في الزيادة على السبع قبل الركن إلى النقصان كما عرفت.

(٦) بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : موثق حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (وإن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة ، وهو في شك من الرابع أنه طاف ، فليبن على الثلاثة فإنه يجوز له) (٢) ، وخبر أحمد بن عمر المرهبي عن أبي الحسن عليه‌السلام (إن كان في فريضة أعاد كلما شك فيه وإن كان نافلة بنى على ما هو أقل) (٣) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : ـ جعلت فداك ـ شك في طواف نافلة قال : يبني على الأقل) (٤).

(٧) قال في المدارك (وذكر الشارح (قدس‌سره) أنه يجوز للشاك هنا البناء على الأكثر حيث لا يستلزم الزيادة كالصلاة وهو غير واضح) ولكن يدل لمراد الشارح مرسل الصدوق في الفقيه والمقنع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة ، قال : طواف نافلة أو فريضة؟ قيل : أجبني فيهما جميعا ، قال إن كان طواف نافلة فابن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الطواف حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الطواف حديث ٧ و ٤ و ١٢.

(٥) الوسائل الباب – ٣٣ – من أبواب الطواف حديث ٦.

٣٩٨

(وسننه ـ الغسل) (١) قبل دخول مكة (من بئر ميمون) بالأبطح ، (أو) بئر (فخ) على فرسخ من مكة بطريق المدينة ، (أو غيرهما (٢) ، ومضغ الإذخر) (٣) بكسر الهمزة والخاء المعجمة ، (ودخول مكة من أعلاها) (٤) من عقبة المدنيين للتأسي ، سواء في ذلك المدني وغيره (٥) ...

______________________________________________________

ـ على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف) (٥) ، نعم قال في الجواهر (إلا أن ذلك كله كما ترى لا يجترى به على الخروج عما هو كالمتفق عليه نصا وفتوى من ظهور تعين البناء على الأقل الذي هو أحوط مع ذلك أيضا ، والله العالم) انتهى.

(١) فالغسل لدخول مكة ، لصحيح الحلبي (أمرنا أبو عبد الله عليه‌السلام أن نغتسل من فتح قبل أن ندخل مكة) (١) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا انتهيت إلى الحرم إنشاء الله فاغتسل حين تدخله ، وإن تقدمت فاغتسل من بئر ميمون ، أو من فخ ، أو من منزلك من مكة) (٢).

(٢) كما في صحيح ذريح المحاربي (سألته عن الغسل في الحرم قبل دخول مكة أو بعد دخوله؟ قال : لا يضرك أيّ ذلك فعلت ، وإنما اغتسلت بمكة فلا بأس ، وإن اغتسلت في بيتك حين تنزل مكة فلا بأس) (٣).

(٣) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه) (٤) ، وقال الكليني : (سألت بعض أصحابنا عن هذا فقال : يستحب ذلك ليطيب به الفم لتقبيل الحجر).

(٤) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في كيفية حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين ، وخرج من أسفل مكة من ذي طوى) (٥) ، وموثق يونس بن يعقوب (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : من أين أدخل مكة ، وقد جئت من المدينة؟ قال : ادخل من أعلى مكة ، وإذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكة) (٦).

(٥) جزم بذلك الشارح في المسالك وفي الروضة هنا ، ولكن الأخبار مختصة بالمدني ، وفي التذكرة خصّه بمن يجي‌ء من المدينة أو الشام ، وأما الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا من تلك الثنية ، واستحسنه في المدارك وهو كذلك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١ و ٢.

٣٩٩

(حافيا) (١) ونعله بيده (بسكينة) وهو الاعتدال في الحركة (ووقار) وهو الطمأنينة في النفس ، وإحضار البال والخشوع.

(والدخول من باب بني شيبة) (٢) ليطأ هبل وهو الآن في داخل المسجد بسبب توسعته ، بإزاء باب السّلام (٣) عند الأساطين (بعد الدعاء بالمأثور) عند الباب (٤)

______________________________________________________

ـ هذا وقال الشهيد في الدروس (ويستحب عندنا دخوله من ثنية كداء ـ بالفتح والمد ـ ، وهي التي ينحدر منها إلى الحجون بمقبرة مكة ، ويخرج من ثنية كدى ـ بالضم والقصر منونا ـ وهي بأسفل مكة).

(١) للأخبار ، منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة والوقار والخشوع ، وقال : ومن دخله بخشوع غفر الله له إنشاء الله ، قلت : ما الخشوع؟ قال : السكينة لا تدخل بتكبر) (١) ، وخبر عجلان بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا انتهيت إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل واخلع نعليك وامش حافيا ، وعليك السكينة والوقار) (٢) ، هذا وقيل : إن السكينة والوقار واحد ، وقيل : الأول الخضوع الصوري والآخر الخضوع المعنوي.

(٢) لخبر سليمان بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث المأزمين : (إنه موضع عبد فيه الأصنام ، ومنه أخذ الحجر الذي نحت منه هبل ، الذي رمى به علي عليه‌السلام من ظهر الكعبة لما علا ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأمر به فدفن عند باب بني شيبة ، فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنّة لأجل ذلك) (٣).

(٣) قال في المدارك (وهذا الباب ـ أي باب بين شيبة ـ غير معروف الآن لتوسعة المسجد ، لكن قيل : إنه بإزاء باب الإسلام ، فينبغي الدخول منه على الاستقامة إلى أن يتجاوز الأساطين ليتحقق المرور به بناء على هذا القول).

(٤) فيقف بالباب ويسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدعو بالمأثور لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل : السّلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله ، والسّلام على أنبياء الله ورسله ، والسّلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والسّلام على إبراهيم خليل الرحمن ، والحمد لله رب العالمين) (٤) ، وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (تقول وأنت على باب المسجد :

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ١.

٤٠٠