الزبدة الفقهيّة - ج ٣

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-34-4
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٨

وإن نزل (١) ، (بدون إذن الوالد) وإن علا ، ويحتمل اختصاصه بالأدنى فإن صام أحدهم بدون إذن كره.

(والأولى عدم انعقاده مع النهي) (٢) ، لما روي من أن الضيف يكون جاهلا ، والولد عاقّا ، والزوجة عاصية ، والعبد آبقا وجعله أولى يؤذن بانعقاده ، وفي الدروس استقرب اشتراط إذن الوالد ، والزوج والمولى في صحته (٣) ، والأقوى الكراهة بدون الإذن مطلقا (٤) ، في غير الزوجة والمملوك ، استضعافا لمستند الشرطية (٥) ، ومأخذ التحريم (٦) ، أما فيهما (٧) ، فيشترط الإذن ، فلا ينعقد بدونه ، ولا فرق (٨) بين كون الزوج والمولى حاضرين ، أو غائبين ، ولا بين أن يضعفه عن حق مولاه (٩) ، وعدمه.

(الثالثة عشرة ـ يحرم صوم العيدين (١٠) ...)

______________________________________________________

(١) لإطلاق النص ، ولكن في الجواهر جعله على احتمال.

(٢) وقد عرفت عدم فساده إلا إذا كان عتوقا أو نشوزا أو تفريطا بحق المولى.

(٣) أي صحة الصوم.

(٤) وجد النهي أو لا.

(٥) أي اشتراط صومهم بالإذن.

(٦) وهو قوله عليه‌السلام في خبر هشام بن الحكم المتقدم (وإلا كان الضيف جاهلا ، وكانت المرأة عاصية ، وكان العبد فاسقا عاصيا ، وكان الولد عاقا) والخبر ضعيف السند.

(٧) علّل العلامة في التذكرة عدم جواز صوم المرأة ندبا بدون إذن زوجها بأنه مالك لبضعها وله حق الاستمتاع ، وربما يمنعه الصوم عنه فلم يكن سائغا إلا برضاه ، وفيه : إنه لا يقتضي عدم الانعقاد بل يقتضي جواز إبطال صومها إذا أراد الاستمتاع المنافي للصوم.

وربما يستدل لعدم جواز صوم العبد بإذن مولاه أن العبد ملك لمولاه فلا يجوز له الصوم إلا بإذنه وإلا كان تصرفا منهيا عنه ، وفيه : إنه لا دليل على تسلط المولى على العبادات القلبية التي لا تمنع العبد من خدمة سيده وإطاعة أوامره.

(٨) بدعوى إطلاق النص ، ودعوى أن النص الموجب لاشتراط الإذن منصرف إلى حضور الزوج دون غيابه ليس ببعيدة.

(٩) قد عرفت أنه إذا منعه عن إطاعة أمر مولاه فيحرم إلا بإذن المولى.

(١٠) بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر الزهري عن علي بن الحسين في حديث (وأما الصوم ـ

٢٠١

(مطلقا (١) ، وأيام التشريق) (٢) وهي الثلاثة بعد العيد (لمن كان بمنى) (٣) ناسكا ، أو غير ناسك ، (وقيده بعض الأصحاب) وهو العلامة (رحمه‌الله) (بالناسك) بحج ، أو عمرة والنص مطلق ، فتقييده يحتاج إلى دليل ، ولا يحرم صومها على من ليس بمنى إجماعا وإن أطلق تحريمها في بعض العبارات ، كالمصنف في الدروس فهو مراد من قيد ، وربما لحظ المطلق أن جمعها كاف عن تقييد كونها بمنى ، لأن أقل الجمع ثلاثة ، وأيام التشريق لا تكون ثلاثة إلا بمنى فإنها في غيرها يومان لا غير (٤) ، وهو لطيف.

______________________________________________________

ـ الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام من أيام التشريق ، وصوم يوم الشك أمرنا به ، ونهينا عنه ، أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان ، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس ، فقلت له : جعلت فداك ، فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع به؟ قال : ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان ، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه ، وإن كان من شعبان لم يضره ، فقلت : وكيف يجزي صوم شعبان عن فريضة؟ فقال : لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ، ثم علم بعد ذلك لأجزأ عنه ، لأن الغرض إنما وقع على اليوم بعينه ، وصوم الوصال حرام ، وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام) (١).

(١) سواء كان ناسكا أم لا ، وقيل : إن الإطلاق في قبال الشيخ حيث استثنى من صوم العيدين القاتل في أشهر الحرم فإنه يصوم شهرين منها وإن دخل العيد وأيام التشريق.

(٢) بلا خلاف فيه لخبر الزهري المتقدم ، وخبر قتيبة الأعشى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صوم ستة أيام : العيدين ، وأيام التشريق ، واليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان) (٢) ومثلها غيرها.

(٣) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصيام أيام التشريق فقال : أما بالأمصار فلا بأس ، وأما بمنى فلا) (٣) ومثله غيره ، وخصّ العلامة في القواعد التحريم بمن كان بمنى ناسكا ، والإطلاق حجة عليه.

(٤) إذ لا أضحية بعد اليومين وسيأتي الكلام فيه في كتاب الحج.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ١.

٢٠٢

(وصوم) يوم (الشك) (١) وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال ، أو شهد به من لا يثبت بقوله (بنية الفرض) المعهود وهو رمضان وإن ظهر كونه منه (٢) ، للنهي ، أما لو نواه واجبا عن غيره (٣) كالقضاء والنذر لم يحرم وأجزأ عن رمضان ، وأما بنية النفل فمستحب عندنا وإن لم يصم قبله (٤) ، (ولو صامه بنية النفل أجزأ إن ظهر كونه من رمضان) ، وكذا كل واجب معين فعل بنية الندب ، مع عدم علمه (٥) ، وفاقا للمصنف في الدروس.

(ولو ردد) (٦) نيته يوم الشك ، بل يوم الثلاثين ...

______________________________________________________

(١) على أنه من رمضان بلا خلاف للأخبار وقد تقدم خبر الزهري ، وخبر الأعشى.

(٢) لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال في يوم الشك : من صامه قضاه وإن كان كذلك ، يعني : من صامه على أنه من شهر رمضان بغير رؤية قضاه ، وإن كان يوما من شهر رمضان ، لأن السنة جاءت في صيامه على أنه من شعبان ، ومن خالفها كان عليه القضاء) (١).

(٣) أي غير رمضان لإطلاق النصوص ، إذ صومه على أنه من شعبان كما يمكن أن يكون بنية الندب يمكن أن يكون بنية القضاء فلاحظ موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إنما يصام يوم الشك من شعبان ، ولا يصومه من شهر رمضان ، لأنه قد نهي أن يتفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك ، وإنما ينوي من الليل أنه يصوم من شعبان ، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله عزوجل ، وبما قد وسع على عباده ، ولو لا ذلك لهلك الناس) (٢).

(٤) كما يدل عليه خبر الزهري المتقدم.

(٥) قياسا على فعل شهر رمضان بنية الندب مع عدم علمه بدخول شهر رمضان لعدم خصوصية في هذا المورد.

(٦) بأن صام على أنه إن كان من شهر رمضان كان واجبا ، وإلا كان مندوبا فقد وقع الخلاف على قولين ، الأكثر على عدم الإجزاء لأنه لم ينو أحدهما قطعا مع الترديد ، ولأنه يستفاد من نصوص يوم الشك تعين نيته من شعبان ، فنيته على خلاف ذلك تشريع محرم فلا يتحقق به الامتثال ، وذهب الشيخ في المبسوط والخلاف والعماني وابن حمزة والشهيد إلى الإجزاء لأنه نوى الواقع فوجب أن يجزيه ، ولأنه نوى العبادة وإن ضمّ إليها ما لا يقدح بها لأنه بالترديد ترجع نيته إلى كونه من شعبان إذا انكشف أنه من شعبان ، وإلى شهر

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب وجوب الصوم حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب وجوب الصوم حديث ٤.

٢٠٣

مطلقا (١) ، بين الوجوب إن كان من رمضان ، والندب إن لم يكن (فقولان أقربهما الإجزاء) ، لحصول النية المطابقة للواقع ، وضميمة الآخر غير قادحة ، لأنها غير منافية ، ولأنه لو جزم بالندب أجزأ عن رمضان إجماعا ، فالضميمة (٢) المتردد فيها أدخل في المطلوب ، ووجه العدم اشتراط الجزم في النية حيث يمكن ، وهو هنا كذلك (٣) بنية الندب ، ومنع كون نية الوجوب أدخل على تقدير الجهل ، ومن ثم لم يجز لو جزم بالوجوب فظهر مطابقا.

ويشكل (٤) بأن التردد ليس في النية ، للجزم بها على التقديرين ، وإنما هو في الوجه وهو على تقدير اعتباره أمر آخر ، ولأنه (٥) مجزوم به على كل واحد من التقديرين اللازمين على وجه منع الخلو ، والفرق بين الجزم بالوجوب (٦) ، والترديد فيه النهي عن الأول شرعا المقتضي للفساد بخلاف الثاني (٧).

(ويحرم نذر المعصية) (٨) بجعل الجزاء شكرا على ترك الواجب ، أو فعل المحرم ، وزجرا على العكس ، (وصومه) الذي هو الجزاء لفساد الغاية ، وعدم

______________________________________________________

ـ رمضان لا غير إذا انكشف أنه من شهر رمضان ، فالجزم بالنية موجود والترديد في المنوي.

(١) سواء شك أنه من رمضان أم لا.

(٢) أي وقوع الصوم عن شهر رمضان واجبا.

(٣) أي الجزم ممكن فيما لو نوى الندب.

(٤) أي القول بعدم الاجزاء.

(٥) أي الوجه.

(٦) أي فيما لو صام يوم الشك واجبا على أنه من شهر رمضان.

(٧) والأقوى عدم الإجزاء لأن نصوص يوم الشك قد أوجبت إتيانه على أنه من شعبان ، فالإتيان بغير هذا لا يكون موافقا للمأمور به فلا يتحقق الامتثال.

(٨) بحيث ينذر الصوم إن تمكن من المعصية الفلانية ، ويقصد الشكر على تيسيرها ، لا الزجر عنها ، ولا ريب في عدم انعقاد هذا النذر وتحريم الصوم على هذا الوجه ، لأن الصوم يفتقر إلى القربة ، وهذا مما لا يمكن التقرب به ، ولخبر الزهري المتقدم عن علي بن الحسين عليه‌السلام (وصوم نذر المعصية حرام) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ١.

٢٠٤

التقرب به ، (و) صوم (الصمت) (١) بأن ينوي الصوم ساكتا فإنه محرم في شرعنا ، لا الصوم ساكتا بدون جعله وصفا للصوم بالنية (والوصال) (٢) بأن ينوي صوم يومين فصاعدا ، لا يفصل بينهما بفطر أو صوم يوم إلى وقت متراخ عن الغروب ، ومنه أن يجعل عشاءه سحوره بالنية ، لا إذا أخر الإفطار بغيرها (٣) ، أو تركه ليلا.

(وصوم الواجب سفرا) (٤) على وجه موجب للقصر ، (سوى ما مر) من

______________________________________________________

(١) بلا خلاف لخبر الزهري المتقدم (وصوم الصمت حرام) (١).

(٢) بلا خلاف فيه لخبر الزهري المتقدم (وصوم الوصال حرام) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا صيام في وصال) (٣) ومثلها غيرها ، واختلف في حقيقته فعن الأكثر أن ينوي صوم يوم وليلة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الوصال في الصيام أن يجعل عشاءه سحوره) (٤) وخبر حفص البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الواصل في الصيام يصوم يوما وليلة ، ويفطر في السحر) (٥).

وعن ابن إدريس والشيخ في كتاب الاقتصاد والفاضل أن يصوم يومين مع ليلة بينهما لخبر محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان ، قال : هما الشهران اللذان قال الله تبارك وتعالى : (شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّٰهِ) ، قلت : فلا يفصل بينهما؟ قال : إذا أفطر من الليل فهو فصل ، وإنما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا وصال في صيام ، يعني : لا يصوم الرجل يومين متوالين من غير إفطار ، وقد يستحب للعبد أن لا يدع السحور) (٦) ، وهو ضعيف السند فالعمل على الأول لصحة سنده ، والحرمة إذا أخّر العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم ، أما لو أخّره الصائم بغير نية فإنه لا يحرم.

(٣) أي بغير نية الصوم.

(٤) بلا خلاف فيه ، وقد تقدم الكلام فيه ، ومن جملة النصوص موثق سماعة (سألته عن الصيام في السفر ، قال : لا صيام في السفر ، قد صام ناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسماهم العصاة) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث ٧ و ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الصوم المندوب حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ١.

٢٠٥

المنذور المقيد به (١) ، وثلاثة الهدي ، وبدل البدنة ، وجزاء الصيد على القول. وفهم من تقييده بالواجب جواز المندوب (٢) وهو الذي اختاره في غيره على كراهيّة ، وبه (٣) روايتان يمكن إثبات السنة بهما. وقيل : يحرم لإطلاق النهي في غيرهما (٤) ، ومع ذلك يستثنى ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة المشرفة (٥) ، ...

______________________________________________________

(١) أي بالسفر وقد تقدم الكلام فيه وفي أخويه.

(٢) وقع الخلاف في جواز صوم المندوب في السفر ، فعن الصدوقين وابني البراج وإدريس ، بل عن المفيد نسبته إلى المشهور عدم الجواز لصحيح صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه‌السلام (ليس من البر الصوم في السفر) (١) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا سافر فليفطر ، لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية) (٢).

وعن المحقق والعلامة وجماعة بل قيل عن الأكثر أنه على كراهية جمعا بين ما تقدم وبين ما دل على الجواز ، وهو مرسل ابن سهل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) ، وخبر الحسن بن بسام الجمال ، والنص للثاني (كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فيما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ، ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر ، فقلت له : جعلت فداك ، أمس كان من شعبان وأنت صائم ، واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر؟ فقال : إن ذلك تطوع ولنا أن نفعل ما شئنا ، وهذا فرض وليس لنا أن نفعل إلا ما أمرنا) (٤) ، وهما ضعيفا السند إلا أنهما منجبران بعمل الأصحاب ، وعن ابن البراج الجواز مطلقا من دون كراهية ، وقد عرفت لا بدية حمل أخبار الجواز على الكراهة لورود أخبار النهي.

(٣) أي بالجواز.

(٤) أي في غير هاتين الروايتين.

(٥) بلا خلاف لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام ، صمت أول يوم الأربعاء ، وتصلي ليلة الأربعاء عند اسطوانة أبي لبابة ، وهي اسطوانة التوبة التي كان ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلتك ويومك ، وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك ، وتصوم يوم الجمعة ، وإن استطعت أن لا تتكلم بشي‌ء في هذه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ١٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ٨.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ٤ و ٥.

٢٠٦

قيل : والمشاهد كذلك (١).

(الرابعة عشرة ـ يعزّر من أفطر في شهر رمضان عامدا عالما) (٢) بالتحريم ، (لا إن أفطر لعذر) كسلامة من غرق ، وإنقاذ غريق ، وللتقية قبل الغروب ، وآخر رمضان وأوله ، مع الاقتصار على ما يتأدى به الضرورة ، ولو زاد فكمن لا عذر له ، (فإن عاد) إلى الإفطار ثانيا بالقيدين (٣) (عزر) أيضا (٤) ، (فإن عاد) إليه ثالثا

______________________________________________________

ـ الأيام إلا ما بدّ لك منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ، ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل ، فإن ذلك مما يعدّ فيه الفضل ، ثم احمد الله في يوم الجمعة واثن عليه وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسل حاجتك ، وليكن فيما تقول : اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع ، سألتك أو لم أسألك ، فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبي الرحمة في قضاء حوائجي ، صغيرها وكبيرها ، فإنك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء الله) (١).

(١) ألحق المفيد في المقنعة المشاهد بحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال فيها : (لا يجوز لأحد أن يصوم في السفر تطوعا ولا فرضا إلا صوم ثلاثة أيام لدم المتعة. إلى أن قال. وصوم ثلاثة أيام للحاجة ، اربعاء وخميس وجمعة متواليات عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو في مشهد من مشاهد الأئمة عليهم‌السلام) (٢) ، ولعله بناء على تسوية الحكم بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين).

(٢) إذا كان غير مستحل ، وأما إذا كان مستحلا يقتل لإنكاره الضروري ، فهو مرتد ، لصحيح بريد عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر في شهر رمضان ثلاثة أيام ، قال : يسأل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال لا ، فإن على الإمام أن يقتله ، وإن قال نعم ، فإن عليه أن ينهكه ضربا) (٣).

(٣) أي عامدا عالما بالتحريم.

(٤) لخبر سماعة (سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان ، وقد أفطر ثلاث مرات ، وقد رفع إلى الإمام ثلاث مرات ، قال : يقتل في الثالثة) (٤) والرفع إلى الامام معناه التعزير بشهادة صحيح بريد المتقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ١.

(٢) المقنعة ص ٥٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ٢.

٢٠٧

(بهما (١) قتل) (٢) ، ونسب في الدروس قتله في الثالثة إلى مقطوعة سماعة ، وقيل : يقتل في الرابعة ، وهو أحوط ، وإنما يقتل فيهما مع تخلل التعزير مرتين (٣) ، أو ثلاثا ، لا بدونه.

(ولو كان مستحلا) للإفطار أي معتقدا كونه حلالا ، ويتحقق بالإقرار به (قتل) بأول مرة (٤) (إن كان ولد على الفطرة) الإسلامية بأن انعقد حال إسلام أحد أبويه ، (واستتيب إن كان عن غيرها) (٥) فإن تاب وإلا قتل ، هذا إذا كان ذكرا ، أما الأنثى فلا تقتل مطلقا (٦) بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة إلى أن تتوب ، أو تموت ، وإنما يكفر مستحل الإفطار بمجمع على إفساده الصوم بين المسلمين بحيث صار ضروريا كالجماع والأكل ، والشرب المعتادين ، أما غيره (٧) فلا على الأشهر ، وفيه (٨) لو ادعى الشبهة الممكنة في حقه ...

______________________________________________________

(١) أي بالقيدين.

(٢) لخبر سماعة المتقدم ، وقيل : يقتل في الرابعة لمرسل الشيخ عنهم عليهم‌السلام (إن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة) (١) إلا أنه معارض بصحيح صفوان عن يونس عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام (قال : أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة) (٢).

(٣) كما نصت عليه رواية سماعة المتقدمة ، فغيره خارج عن هذا المورد.

(٤) كما في صحيح بريد المتقدم.

(٥) أي غير الفطرة الإسلامية وهو المسمى بالمرتد الملي في قبال الأول المسمى بالمرتد الفطري ، وسيأتي بحثه في كتاب الارث وكتاب الحدود.

(٦) وإن ولدت على الفطرة.

(٧) أي غير المجمع على إفساده فلا يكفر إذ قد يكون اعتمد على دليل جوّز له الإفطار ما دامت المسألة غير ضرورية ، وخالف في ذلك أبو الصلاح الحلبي ، وألحق أن كفر المنكر متحقق إذا أنكر شيئا ثبت لديه صدوره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سواء كان ضروريا أو لا ، بحيث يكون إنكاره موجبا لتكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الموجب لجحود النبوة ، ولذا كان إنكار الضروري موجبا للكفر.

(٨) أي في الضروري المجمع عليه.

__________________

(١) المبسوط ج ١ ص ١٢٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمات الحدود وحديث ١.

٢٠٨

قبل منه (١) ، ومن هنا يعلم أن إطلاقه (٢) الحكم ليس بجيد.

(الخامسة عشرة ـ البلوغ الذي يجب معه العبادة الاحتلام) (٣) وهو خروج المني من قبله مطلقا (٤) في الذكر والأنثى (٥) ومن فرجيه في الخنثى (٦) ...

______________________________________________________

(١) لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

(٢) اي إطلاق المصنف بقوله (ولو كان مستحلا قتل) من غير تقييد بما ذكر.

(٣) بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (انقطاع يتم اليتيم الاحتلام) (١) وخبر الأعمش عن ابن ظبيان قال (أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها ، فقال علي عليه‌السلام : أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتّى يستيقظ) (٢).

(٤) أي في النوم أو اليقظة ، بجماع أو غيره ، للقطع بإرادة خصوص المني سواء كان في النوم أو اليقظة ، وإلا لو كان للمنام مدخلية لما تحقق البلوغ في الرجال ما لم يتحقق الاحتلام وإن نكحوا وأولدوا وهو واضح البطلان ، واشترط خروجه من موضعه المعتاد مع إطلاق الأدلة لوجوب حمل كلام الشارح على ما هو المعهود والمتعارف ، فلو خرج من جرح ونحوه لم يعتد به ، وعن بعضهم منهم صاحب الجواهر مطلق خروج المني تمسكا بإطلاق النص.

(٥) لأصالة الاشتراك في الأحكام ، ولإطلاق (لا يتم بعد احتلام) كما في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في خبر حماد بن عمرو وأنس بن محمد (٣) ، ولما روته العامة (من أن أم سلمة سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ، فقال : إذا رأت ذلك فلتغتسل) (٤).

وعن الصدوق والشيخ في النهاية والمبسوط وابن حمزة وابن البراج ، والحلي من كون الخروج علامة للرجل لأن الاحتلام بخروج الماء الدافق نادر في النساء ، وإليه ذهب الشافعي ، ولكن ندرته فيهن لا يخرجه عن كونه علامة عند خروجه.

(٦) ضرورة حصول سبب البلوغ في الفرجين سواء كان رجلا أم امرأة ، وإنما الخلاف فيما لو أمنى من أحدهما ، فعن الأكثر أنه لا يحكم ببلوغه لجواز كون ذلك الفرج زائدا فلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الحجر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ٩.

(٤) سنن البيهقي ج ١ ص ١٢٧.

٢٠٩

(أو الانبات) (١) للشعر الخشن على العانة مطلقا (٢) ، (أو البلوغ) أي إكمال (خمس عشرة سنة) (٣) هلالية (٤) (في الذكر) والخنثى (٥) ، (و) إكمال (تسع في الأنثى) على

______________________________________________________

ـ يكون معتادا ، وعن البعض أنه دليل البلوغ وإن احتمل كونه زائدا ، لأنه لا يشترط في المني خروجه من الموضع المعتاد.

(١) بلا خلاف فيه بيننا للأخبار منها : خبر يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه‌السلام (يا أبا خالد إن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك ، وبلغ خمس عشرة سنة ، أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته) (١) ، واعتبار الخشونة مع عدم التقييد به في النص لمعلومية عدم اعتبار الزغب والشعر الضعيف الذي قد يوجد في الصغر.

ومنه تعرف ضعف ما عن أبي حنيفة من عدم الاعتداد بالإنبات مطلقا لأنه كغيره من الشعر في الرأس والبدن.

والنص ظاهر بل صريح على نحو يشمل المسلم والكافر ، وعن الشافعي أنه علامة للمشرك فقط ، لأنه لا طريق إلى معرفة بلوغهم سوى ذلك ، لأنه لا يمكن الرجوع إليهم في الإخبار بالسن والاحتلام بخلاف المسلم.

(٢) للمسلم أو للمشرك ، ويمكن أن يراد بالإطلاق في الذكر والأنثى والخنثى.

(٣) في الذكر ، على المشهور للأخبار منها : خبر حمزة بن حمران عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام (سأله متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة ، ويقام عليه ويؤخذ بها؟ قال : إذا خرج عنه اليتم وأدرك ، قلت : فلذلك حدّ يعرف به؟ فقال : إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة ، أو أشعر أو أنبت قبل ذلك ، أقيمت عليه الحدود التامة ، وأخذ بها وأخذت له ، قلت : فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة وتأخذ بها ويؤخذ لها؟ قال : إن الجارية ليست مثل الغلام ، إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ، ودفع إليها مالها ، وجاز أمرها في الشراء والبيع ، وأقيمت عليها الحدود وأخذ لها وبها ، قال : والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ، ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة ، أو يحتلم أو يشعر ، أو ينبت قبل ذلك) (٢).

وخالف ابن الجنيد فقال : بأربع عشرة سنة ، هذا والمراد ببلوغ خمس عشرة سنة إكمالها فلا يكفي الشروع فيها ، وما قيل إنه يكتفى بالشروع ضعيف.

(٤) لأن المعتبر من السنين القمرية دون الشمسية ، لأن ذلك هو المعهود من شرعنا.

(٥) لا نص فيها بالخصوص ، ولكن أصالة عدم التكليف والبلوغ يقتضي استصحاب الحال ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب عقد النكاح حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ٢.

٢١٠

المشهور (١) ، (وقال) الشيخ (في المبسوط وتبعه ابن حمزة : بلوغها) أي المرأة (بعشر (٢) ، وقال ابن إدريس : الإجماع) واقع (على التسع) ، ولا يعتد بخلافها لشذوذه (٣) والعلم بنسبهما (٤) ، وتقدمه عليهما وتأخره عنهما (٥) ، وأما الحيض والحمل للمرأة فدليلان على سبقه (٦) ، وفي إلحاق اخضرار الشارب ، وإنبات اللحية بالعانة قول قوي (٧) ، ...

______________________________________________________

ـ السابق وهو عدم البلوغ إلى أن يعلم المزيل وهو بلوغ خمس عشرة سنة ما لم يحصل قبله أمر آخر.

(١) للأخبار ، منها خبر حمزة بن حمران المتقدم.

(٢) كما عن الشيخ في كتاب صوم المبسوط ، وابن حمزة في خمس الوسيلة لرواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا توطأ الجارية لأقل من عشر سنين) (١) وهي لا تقاوم أخبار التسع.

(٣) أي شذوذ الخلاف.

(٤) بناء على أن العلم بنسب المخالف لا يضر بحجية الإجماع للقطع بعدم كونه هو الإمام المعصوم عليه‌السلام الذي هو مناط حجية الإجماع.

(٥) أي لتقدم الإجماع عليهما وتأخره عنهما.

(٦) أي سبق البلوغ ، بلا خلاف فيه ، أما الحيض للأخبار منها : خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثلاث يتزوجن على كل حال ، وذكر من جملتها التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قلت : ومتى يكون كذلك؟ قال : ما لم تبلغ تسع سنين ، فإنها لا تحيض ومثلها لا تحيض) (٢) ولازمه أنها تحيض إذا بلغت تسع سنين وعليه فيكون الحيض كاشفا عن بلوغها التسع.

وأما الحمل لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل ابتاع جارية ولم تطمث قال : إن كانت صغيرة لا يتخوف. عليها الحبل فليس له عليها عدة وليطأها إن شاء ، وإن كانت بلغت ولم تطمث فإن عليها العدة) (٣) ومثله غيره.

(٧) قوى الشارح الإلحاق هنا مع أنه حكم بالعدم في المسالك ، وعن الشيخ في المبسوط جعل إنبات اللحية كاشفا عن البلوغ ، وعن التذكرة نفي البأس بناء على أن العادة قاضية ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب مقدمات النكاح حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العدد حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

٢١١

ويعلم السن بالبينة (١) والشياع (٢) ، لا بدعواه (٣) والإنبات بهما (٤) ، وبالاختبار ، فإنه (٥) جائز مع الاضطرار إن جعلنا محله من العورة (٦) ، أو بدونه (٧) على المشهور والاحتلام بهما (٨) ، وبقوله (٩) ، وفي قبول قول الأبوين (١٠) ، أو الأب في السن وجه.

______________________________________________________

ـ بتأخر ذلك عن البلوغ ، ولا بأس به لدلالة خبر حمزة بن حمران المتقدم عليه.

(١) لأنها حجة شرعية.

(٢) المفيد للعلم وحجته ذاتية.

(٣) لأن كلامه لا نفوذ له لأنه صبي ، ويشترط في نفوذه أن يكون بالغا.

(٤) أي ويعلم الإنبات بالبينة والشياع العلمي.

(٥) أي الاختيار.

(٦) كما عن أبي الصلاح الحلبي أنها من السرة إلى الركبة.

(٧) أي بدون الاضطرار على المشهور من أنها خصوص الآلة والبيضتان ، والفرج ، والدبر.

(٨) أي ويثبت الاحتلام بالبينة والشياع.

(٩) لأنه لا يعرف إلا من قبله بخلاف الإنبات والسن ، لإمكان الاختبار.

(١٠) لأنهما غير بينة شرعية إذا البينة رجلان أو رجل وامرأتان ، ووجه الأخذ بقولهما لئلا يلزم العسر والحرج ، لأن الغالب كونهما مطلعين وغيرهما غير مطلع ، وقد ضعّف بأن قولهما ليس بحائز على شرائط البينة ، وكذا قول الأب فقط.

٢١٢

كتاب الاعتكاف

٢١٣
٢١٤

كتاب الاعتكاف

(ويلحق بذلك الاعتكاف) ، وإنما جعله من لواحقه (١) لاشتراطه به (٢) واستحبابه مؤكّدا في شهر رمضان ، وقلة مباحثه (٣) في هذه المختصر عما يليق بالكتاب المفرد ، (وهو مستحب) (٤) استحبابا مؤكدا (خصوصا في العشر الأواخر)

______________________________________________________

(١) أي وإنما جعل المصنف الاعتكاف من لواحق الصوم.

(٢) أي لاشتراط الاعتكاف بالصوم.

(٣) أي ولكونه قليل المباحث لا يليق جعله كتابا مستقلا في هذا الكتاب ، لأن اللمعة بنيت على الاختصار.

(٤) فيدل على مشروعيته قوله تعالى : (وَلٰا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ) (١) ، وقوله تعالى : (أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَالْعٰاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢) ، ويدل على استحبابه أخبار منها : خبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شهر رمضان في العشر الأوّل ، ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ، ثم اعتكف في الثالثة في العشر الأواخر ، ثم لم يزل نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعتكف في العشر الأواخر) (٣) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها ، فأجرى الله على يديه قضاها ، كتب الله عزوجل له حجة وعمرة ، واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهما) (٤).

__________________

(١) سورة البقرة الآية : ١٨٧.

(٢) سورة البقرة الآية : ١٢٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاعتكاف حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ١.

٢١٥

(من شهر رمضان) (١) ، تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد كان يواظب عليه فيها (٢) ، تضرب له قبة بالمسجد من شعر ، ويطوى فراشه ، وفاته عام بدر بسببها (٣) فقضاها في القابل ، فكان (ص) يقول : إن اعتكافها يعدل حجتين وعمرتين.

(ويشترط) في صحته (الصوم) (٤) وإن لم يكن لأجله (٥) (فلا يصح إلا من مكلف (٦) يصح منه الصوم (٧) ، في زمان يصح صومه) (٨) ، واشتراط التكليف فيه

______________________________________________________

(١) لأخبار منها : خبر أبي العباس المتقدم ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضربت له قبة من شعر ، وشمّر المئزر وطوى فراشه) (١) ، ومرسل الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كانت بدر في شهر رمضان ، ولم يعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين ، عشرا لعامه ، وعشرا قضاء لما فاته) (٢) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اعتكاف عشر في شهر رمضان تعدل حجتين وعمرتين) (٣).

(٢) في العشر الأواخر.

(٣) أي بسبب واقعة بدر.

(٤) بلا خلاف للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا اعتكاف إلا بصوم) (٤) ، وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد جامع) (٥) ، وخبر الزهري عن علي بن الحسين عليه‌السلام (وصوم الاعتكاف واجب) (٦).

(٥) أي وإن لم يكن الصوم لأجل الاعتكاف ، حتى لو كان لصيام شهر رمضان ، إذ غاية ما يشترط وقوعه مع صوم بلا خلاف فيه ، ولما ورد من عمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اعتكافه في شهر رمضان.

(٦) بناء على تمرينية عبادة الصبي ، وقد عرفت أنها شرعية.

(٧) فلا يصح من الحائض والنفساء بلا خلاف ، وأما المسافر فعن الشيخ وابن إدريس استحباب الاعتكاف في السفر ، لأنه عبادة مطلوبة لا يشترط فيها الحضر ، وعن الأكثر العدم لأن الحضر شرط في شرطه ، أعني في صومه.

(٨) فلا يصح في العيدين بلا خلاف ، لأن الصوم شرط فيه وهو محرم في العيدين ، والشرط في الشرط شرط في المشروط.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ١ و ٣ و ٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ٦ و ٣ و ٢.

٢١٦

مبني على أن عبادة الصبي تمرينا ليست صحيحة ، ولا شرعية وقد تقدم (١) ما يدل على صحة صومه (٢) ، وفي الدروس صرح بشرعيته ، فليكن الاعتكاف كذلك ، أما فعله من المميز تمرينا فلا شبهة في صحته كغيره (وأقله ثلاثة أيام) (٣) بينها ليلتان (٤) ، فمحل نيته (٥) قبل طلوع الفجر. وقيل : يعتبر الليالي فيكون قبل الغروب ، أو بعده (٦) على ما تقدم (٧) ، (والمسجد الجامع) (٨) وهو ما يجتمع فيه أهل البلد وإن لم يكن أعظم ، لا نحو مسجد القبيلة.

______________________________________________________

(١) في أول كتاب الصوم.

(٢) وإن كان تمرينيا.

(٣) بلا خلاف للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام) (١) وموثق عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام) (٢).

(٤) فليلة اليوم الأول وليلة اليوم الرابع خارجتان ، لأن المراد من اليوم لغة وعرفا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وخالف الفاضل وثاني الشهيدين في المسالك لدخول ليلة اليوم الثاني والثالث ، وفيه إن دخولهما في اليومين الأخيرين لا لكون مسمى اليوم كذلك بل لظهور النص في استمرار حكم الاعتكاف.

وفائدة النزاع هذا : أن على الأول تكون النية عند طلوع فجر اليوم الأول متقدمة عليه أو مقارنة له ، وعلى الثاني عند غروب الشمس من اليوم السابق.

(٥) قام الإجماع على كون الاعتكاف عبادة ، وكل عبادة يشترط فيها النية ، والنية لا بد أن يقع الفعل عنها فلذا لا بد أن تقارنه أو تتقدم عليه.

(٦) أي بعد الغروب.

(٧) في نية الصوم.

(٨) وقع الاتفاق على أن الاعتكاف لا يقع إلا في مسجد ، وإنما اختلفوا في تعيينه ، فعن الشيخ والمرتضى والحلي والحلبي ، وهم الأكثر كما في الدروس تخصيصه بأحد المساجد الأربعة : مسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة ، لصحيح عمر بن يزيد (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ قال : لا يعتكف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل جماعة ، ولا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ٢ و ٥.

٢١٧

(والحصر في الأربعة) الحرمين وجامع الكوفة والبصرة ، أو المدائن بدله ، (أو الخمسة) المذكورة ، بناء على اشتراط صلاة نبي ، أو إمام فيه (ضعيف) ، لعدم ما يدل على الحصر ، وإن ذهب إليه الأكثر ،

(والإقامة بمعتكفه (١) ، فيبطل) الاعتكاف

______________________________________________________

ـ بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة) (١) ، ولمرسل المفيد في المقنعة (روي أنه لا يكون الاعتكاف إلا في مسجد جمع فيه نبي أو وصي نبي ، قال : وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام جمع فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومسجد المدينة جمع فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمع فيهما أمير المؤمنين عليه‌السلام) (٢).

وعن والد الصدوق إبدال مسجد البصرة بمسجد المدائن ، وعن الصدوق ضمه إلى الأربعة ، لأن الإمام الحسن عليه‌السلام قد جمع فيه (٣) ، والمتجه حينئذ ضمه إلى الأربعة كما عن الصدوق لا إبداله ، ولكن هذه الأخبار معارضة بالأكثر عددا التي تجوز الاعتكاف في كل مسجد جامع والترجيح لها ، وبها قال المفيد والمحقق في المعتبر والشهيدان وسيد المدارك وكثير من المتأخرين ، ومنها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد جامع) (٤) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو مسجد الكوفة ، أو مسجد جماعة ، وتصوم ما دمت معتكفا) (٥) ، وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يصلح العكوف في غيرها ـ يعني غير مكة ـ إلا أن يكون في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو في مسجد من مساجد الجماعة) (٦) ، وخبر يحيى بن العلاء الرازي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون اعتكاف إلا في مسجد جماعة (٧).

هذا ويمكن الجمع بكون المواطن الأربعة أو الخمسة أظهر المصاديق أو أفضلها.

(١) أي استدامة اللبث في المسجد ، بلا خلاف فيه ، لأخبار منها : خبر داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلا لحاجة لا بدّ منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، والمرأة مثل ذلك) (٨) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا إلى الجمعة ، أو جنازة ، أو غائط) (٩) ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ٨ و ١٢.

(٣) كما في مرآة العقول ج ٣ ص ٢٤٦.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ١ و ٧ و ٣ و ٦.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ١ و ٦.

٢١٨

(بخروجه) (١) منه وإن قصر الوقت (إلا لضرورة) كتحصيل مأكول ، ومشروب ، وفعل الأول (٢) في غير لمن عليه (٣) فيه غضاضة ، وقضاء حاجة ، واغتسال واجب (٤) لا يمكن فعله فيه ، ونحو ذلك مما لا بد منه ، ولا يمكن فعله في المسجد ، ولا يتقدّر معها بقدر إلا بزوالها نعم لو خرج عن كونه معتكفا (٥) بطل مطلقا ، وكذا لو خرج ناسيا فطال ، وإلا رجع حيث ذكر (٦) ، فإن أخر بطل.

(أو طاعة كعيادة مريض) مطلقا (٧) ، ويلبث عنده بحسب العادة لا أزيد ، (أو شهادة) تحملا وإقامة (٨) ، إن لم يمكن بدون الخروج ، سواء تعينت عليه ، أم

______________________________________________________

ـ وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بدّ منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، ولا يخرج في شي‌ء إلا لجنازة ، أو يعود مريضا ، ولا يجلس حتى يرجع ، قال : واعتكاف المرأة مثل ذلك) (١) ، والحاجة هي الضرورة الشرعية أو العقلية أو العادية.

(١) ضرورة أن اللبث شرط في الاعتكاف ، ومع عدمه ينعدم المشروط ، والمنافي هو خروج جميع بدنه لا بعضه لما روته العامة عن عائشة أنها قالت (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يدني إليّ رأسه لا رجله) (٢) ، وذهب الشارح في المسالك إلى أنه يتحقق بخروج البعض وهو غير واضح المستند.

(٢) أي الأكل.

(٣) أي لمن كان على الأكل في المسجد غضاضة.

(٤) قيّد بالواجب لأنه الذي يتعدى إلى المسجد منه النجاسة ، بخلاف الغسل المستحب.

(٥) لأن الماحي لصورة الاعتكاف يبطله ، وإن كان لحاجة ضرورية أو غيرها ، وسواء كان لنسيان أو لغيره.

(٦) ما خرج للنسيان غير ضائر لحديث الرفع (٣).

(٧) سواء كان مؤمنا أم لا ، ومهما كان مرضه ، وقد تقدم التصريح به في الأخبار.

(٨) أما التحمل أي ترى بعينك الشي‌ء الذي ظلم به أخوك ، والإقامة هي تأديتها عند الحاكم ، وهي وإن لم يرد بها نص بخصوصه إلا أنها مندرجة تحت عنوان الحاجة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ٢.

(٢) صحيح البخاري ج ٣ ص ٦٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١.

٢١٩

لا ، (أو تشييع مؤمن) (١) وهو توديعه ، إذا أراد سفرا إلى ما يعتاد عرفا ، وقيده بالمؤمن تبعا للنص (٢) ، بخلاف المريض

لإطلاقه (٣) ، (ثم لا يجلس لو خرج (٤) ، ولا يمشي تحت الظل (٥) اختيارا) قيد فيهما (٦) ، أو في الأخير ، لأن الاضطرار فيه أظهر ، بأن لا يجد طريقا إلى مطلبه إلا تحت ظل.

ولو وجد طريقين (٧) إحداهما لا ظل فيها سلكها وإن بعدت ، ولو وجد

______________________________________________________

(١) فلم يرد نص فيه بخصوصه لكنه مندرج تحت عنوان الحاجة ، وهذا ما اعترف به صاحب الجواهر وسيد المدارك وغيرهما.

(٢) قد عرفت عدم ورود خبر يدل على خروج المعتكف لتشييع المؤمن ، وإنما المراد بالنص هو ما ورد في استحباب تشييع المؤمن كما في مرسل الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يخرج يشيّع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة ، فقال : إن كان في شهر رمضان فليفطر ، قلت : فأيهما أفضل يصوم أو يشيّعه؟ قال : يشيعه ، إن الله قد وضع عنه الصوم إذا شيعه) (١) وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الرجل يشيّع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان ، قال : يفطر ويقصّر فإن ذلك حق عليه) (٢).

(٣) أي لاطلاق النص كما في صحيح الحلبي المتقدم.

(٤) أما الجلوس تحت الظلال فممنوع بلا خلاف فيه ، وقد تقدم صحيح الحلبي (ولا يجلس حتى يرجع) (٣) وخبر داود بن سرحان (ثم لا يجلس حتى يرجع) (٤) ، أيضا قد ورد في خبر داود الآخر (لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لا بدّ منها ، ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك) (٥) ، وحمل الأولين على الأخير يوجب تقييد الجلوس بما تحت الظلال كما عن الشيخين والفاضلين والمرتضى وسلار وأبي الصلاح وابن إدريس ، وعن بعضهم أنه لا يجب التقييد إلا إذا قلنا بمفهوم اللقب ، وهو ضعيف فلذا أطلقوا حكم منع الجلوس من غير تقييد بما تحت الظلال.

(٥) كما عن جماعة منهم الشيخ للإجماع المدعى في الانتصار ، ودليلهم غير ظاهر.

(٦) أي في الجلوس والمشي.

(٧) قدّم الذي لا ظل فيه على الذي فيه ظل بناء على أن الأول منهي عنه ، وإن أوجب سلوك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب من يصح منه الصوم حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٤.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الاعتكاف حديث ٢ و ١ و ٣.

٢٢٠