الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

منه فوق المفصل على المشهور ، ومستند المنع ضعيف جدا والقول بالجواز قويّ متين.

(وتستحب) الصلاة (في) النعل (١) (العربية) (٢) للتأسي (٣) (وترك السواد (٤) عدا العمامة والكساء والخفّ) فلا يكره الصلاة فيها سودا وإن كان البياض أفضل مطلقا (٥) (وترك) الثوب (الرقيق) (٦) الذي لا يحكي البدن وإلا لم

______________________________________________________

وفيه : مع إرساله لعل المنع من ناحية عدم التمكن من وضع الإبهامين على الأرض فيهما ، فالأقوى الجواز.

(١) للأخبار الكثيرة منها : خبر عبد الله بن المغيرة : (إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة) (١) ومثله خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٢).

(٢) النصوص خالية عن هذا القيد إلا أن الأصحاب نزلوا النعل على ذلك ، لأنها هي التي لا تمنع من السجود على الإبهامين ولتعارف لبسها عند إطلاق النصوص ، مع أن سيد المدارك والمجلسي في بحاره عمما الحكم لكل نعل تمسكا بإطلاق الأخبار.

(٣) ففي خبر معاوية بن عمار : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يصلي في نعليه غير مرة ولم أره ينزعهما قط) (٣) ، وخبر علي بن مهزيار : (رأيت أبا جعفر عليه‌السلام صلى حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام وعليه نعلاه لم ينزعهما) (٤) ومثلها غيرها.

(٤) بلا خلاف للأخبار منها : المرسل في الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له أصلي في القلنسوة السوداء ، فقال : لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار) (٥) ، ومرسل الكليني : (وروي لا تصل في ثوب أسود فأما الخف أو الكساء أو العمامة فلا بأس) (٦) ، وفي مرسل ثان : (يكره السواد إلا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء) (٧).

(٥) حتى في الخف والعمامة والكساء ، ففي خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر ، وكفّنوا فيه موتاكم) (٨) وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس من لباسكم شي‌ء أحسن من البياض فالبسوه وكفّنوا فيه موتاكم) (٩).

(٦) لحديث الأربعمائة المروي في الخصال : (عليكم بالصفيق من الثياب ، فإن من رق ثوبه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٧ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤ و ٦.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام الملابس حديث ١ و ٣.

٨١

تصح (١) ، (واشتمال الصمّاء) (٢) والمشهور أنه الالتحاف بالإزار وإدخال طرفيه تحت يده وجمعها على منكب واحد (٣).

(ويكره ترك التّحنّك) (٤) وهو إدارة جزء من العمامة تحت الحنك (مطلقا) للإمام وغيره بقرينة القيد في الرداء (٥) ، ويمكن أن يريد بالإطلاق تركه في أيّ حال كان وإن لم يكن مصليا ، لإطلاق النصوص باستحبابه والتحذير من تركه ، كقول الصادق (عليه‌السلام) : «من تعمّم ولم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلا نفسه» ، حتى ذهب الصدوق إلى عدم جواز تركه في الصلاة.

(وترك الرّداء) (٦) وهو ثوب أو ما يقوم

______________________________________________________

رق دينه ، لا يقومنّ أحدكم بين يدي الرب (جل جلاله) وعليه ثوب يشف) (١).

(١) أي الصلاة لوجوب ستر العورة لونا وحجما كما تقدم.

(٢) بالاتفاق لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إياك والتحاف الصمّاء ، قلت : وما التحاف الصمّاء؟ قال : أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد) (٢) ومرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (التحاف الصمّاء هو أن يدخل الرجل رداءه تحت إبطه ثم يجعل طرفيه على منكب واحد) (٣).

(٣) وهو الأيسر كما عن جماعة من أهل اللغة.

(٤) أما في حال الصلاة فعن الصدوق الحرمة قال في الفقيه : (سمعت مشايخنا يقولون لا تجوز الصلاة في طابقية ولا يجوز للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك) ولم يرد خبر خاص بالصلاة بل أخبار النهي عن عدم التحنك مطلقة ففي مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من تعمم ولم يحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه) (٤) ومثله غيره ، وهي ظاهرة في استحباب التحنّك أو كراهة تركة ولو في غير الصلاة وإليه ذهب الفاضل والبهائي وجماعة ، وأما تخصيص كراهة ترك التحنك في الصلاة فقط كما عن جماعة فليس له دليل ظاهر.

(٥) حيث إن كراهة تركه مخصوصة بالإمام.

(٦) يكره ترك الرداء للإمام الذي يؤم المصلين للأخبار منها : خبر سليمان بن خالد عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

٨٢

مقامه (١) يجعل على المنكبين ثم يردّ ما على الأيسر على الأيمن (٢) (للإمام) (٣). أما غيره من المصلين فيستحب له الرداء (٤) ، ولكن لا يكره تركه بل يكون خلاف الأولى (والنقاب للمرأة (٥) واللثام لهما) (٦) أي للرجل والمرأة ، وإنما يكرهان إذا لم يمنعا شيئا

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء فقال : لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها) (١).

بل لو فقد الرداء فيستحب أن يجعل شيئا على عاتقه مرتديا به ولو حبلا ففي خبر عبد الله بن سنان : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل ليس معه إلا سراويل ، قال : يحلّ التكة منه فيطرحها على عاتقه ويصلي ، قال : وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما) (٢) ، وخبر جميل : (سأل مرازم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا معه حاضر عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به قال : يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يرتدي به) (٣) ، ومرفوع علي بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل يصلي في سراويل ليس معه غيره قال : يجعل التكة على عاتقه) (٤) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أدنى ما يجزيك أن تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف) (٥).

(١) عند فقده ولو تكة السراويل أو منديلا أو عمامة كما في الأخبار المتقدمة.

(٢) وكذا العكس إذا لم يرد كيفية خاصة في النصوص إلا كراهة اشتمال الصماء وقد عرفت معناه.

(٣) كما في خبر سليمان بن خالد.

(٤) لبقية الأخبار ، غايته أن الاستحباب عام إلا أن تركه بالنسبة للإمام مكروه لقوله عليه‌السلام في خبر سليمان المتقدم : (لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء) الظاهر في كراهة الترك ، بخلاف بقية المصلين فإن تركهم له من باب ترك الأولى لعدم التعبير لهم بما يدل على كراهة الترك.

(٥) لمضمر سماعة : (سألته عن المرأة تصلي متنقبة قال : إن كشفت عن موضع السجود فلا بأس به وإن أسفرت فهو أفضل) (٦) وهو ظاهر في كون الإسفار مستحبا وليس بظاهر في كراهة النقاب إذ لعله من باب ترك الأولى.

(٦) ففي خبر سماعة المتقدم : (سألته عن الرجل يصلي فيتلو القرآن وهو متلثم فقال : لا بأس ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٦.

٨٣

من واجبات القراءة (فإن منعا القراءة حرما) (١) وفي حكمها (٢) الأذكار الواجبة.

(وتكره) الصلاة (في ثوب المتهم بالنجاسة (٣) ، أو الغصب) (٤) في لباسه (و) في الثوب (ذي التماثيل) (٥) أعمّ من كونها مثال حيوان وغيره (٦) (أو خاتم فيه صورة) (٧) حيوان ، ويمكن أن يريد

______________________________________________________

به وإن كشف عن فيه فهو أفضل) (١) ومثله غيره إلا أن الجميع ظاهر في كون ترك اللثام أفضل ، لا في كراهة اللثام.

(١) أي النقاب واللثام ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة) (٢) ومفهومه مع عدم السماع ففيه بأس.

(٢) أي القراءة.

(٣) ويدل عليه صحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يصلي في إزار المرأة وفي ثوبها ويعتم بخمارها قال : نعم إذا كانت مأمونة) (٣) ومفهومه إن لم تكن مأمونة فلا إلا أنه محمول على الكراهة لقاعدة الطهارة.

(٤) لنفس مناط النجاسة.

(٥) لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه كره أن يصلّي وعليه ثوب فيه تماثيل) (٤) وصحيح إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سأله عن الصلاة في الثوب المعلّم فكره ما فيه من التماثيل) ٥.

(٦) لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(٧) لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك قال : لا تجوز الصلاة فيه) (٦) وهو محمول على الكراهة لخبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه‌السلام : (عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير أيصلّى فيه؟ قال : لا بأس) (٧) ومثله غيره.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١٥.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢٣.

٨٤

بها (١) ما يعمّ المثال (٢) ، وغاير بينهما تفننا ، والأول أوفق للمغايرة (أو قباء مشدود في غير الحرب) (٣) على المشهور ، قال الشيخ : ذكره علي بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أجد به خبرا مسندا.

قال المصنف في الذكرى بعد حكاية قول الشيخ : قلت : قد روى العامة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يصلي أحدكم وهو محزّم» (٤) وهو كناية عن شدّه الوسط ، وظاهر استدراكه لذكر الحديث جعله دليلا على كراهة القباء المشدود ، وهو بعيد (٥). ونقل في البيان عن الشيخ كراهة شدّ الوسط (٦) ، ويمكن الاكتفاء في دليل الكراهة (٧) بمثل هذه الرواية (٨).

(الرابع. المكان) (٩)

الذي يصلّى فيه ، والمراد به

______________________________________________________

ومنه تعرف ضعف ما عن الشيخ في النهاية والمبسوط من الحرمة وتبعه على ذلك جماعة.

(١) بالصورة.

(٢) أي مثال كل شي‌ء حتى لغير ذي الروح.

(٣) على المشهور ، وعن ظاهر المبسوط والمقنعة والوسيلة الحرمة ، وليس هناك مستند للجميع إلا ما قاله الشيخ في التهذيب : «قد ذكر ذلك علي بن الحسين وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أعرف به خبرا مسندا».

(٤) قد نقل أنه لا يوجد في أخبار العامة ذلك بل الموجود : (نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم) (١).

(٥) لكونه لو سلم بحجيته فهو لا يفيد المدعى إذ قد يحزم بغير قباء ، وقد يكون القباء مشدودا من غير حزام للوسط لكونه ضيقا.

(٦) مطلقا وإن لم يكن عليه قباء.

(٧) كراهة شد الوسط.

(٨) فهي وإن كانت عامية لكن تصلح مدركا للكراهة للتسامح في أدلة السنن.

(٩) من شرائط مكان الصلاة أن يكون مباحا ، ومن شرائطه أن يكون طاهرا ، وبالنسبة للشرط الأول فقد عرّفه جماعة بأنه الفراغ الذي يشغله بدن المصلي أو يستقر عليه ولو بوسائط بحيث لو كان مغصوبا لصدق أنه تصرف في المغصوب المنهي عنه ، وعليه فتصح ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٢ ص ٢٤٠.

٨٥

هنا (١) ما يشغله من الحيّز ، أو يعتمد عليه ولو بواسطة ، أو وسائط (٢) (ويجب كونه غير مغصوب) (٣) للمصلّي ولو جاهلا بحكمه

______________________________________________________

الصلاة بالقرب من الحائط المغصوب وتحت الخيمة والسقف المغصوبين لعدم صدق التصرف في المغصوب.

وبالنسبة للشرط الثاني فيشترط في المكان أن لا تكون فيه نجاسة متعدية إلى الثوب أو البدن ، وهو بالحقيقة ليس بشرط زائد على شرطية طهارة البدن واللباس في الصلاة ، وكذلك يشترط فيه طهارة محل السجود وإن لم تكن النجاسة متعدية على المشهور لصحيح ابن محبوب : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصّص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه‌السلام إليّ بخطه : إن الماء والنار قد طهراه) (١) حيث أقرّ الإمام عليه‌السلام السائل على اعتقاده باشتراط طهارة محل السجود.

وعن السيد اشتراط طهارة ما يلاقي بدن المصلي وعن أبي الصلاح وجوب طهارة مواضع المساجد السبعة ويشهد لهما صحيح زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلي فيه فقال عليه‌السلام : إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر) (٢) فهو ظاهر باشتراط مكان الصلاة مطلقا إما كل ما يلاقي بدن المصلي أو خصوص المساجد السبعة ، وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أيصلي عليها؟ قال عليه‌السلام : لا) (٣).

ويعارضها صحيح ابن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ، ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفّا؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٤) ولذلك نسب إلى الراوندي وابن حمزة جواز السجود على النجس مع عدم التعدي ، والإنصاف يقتضي الجمع بين الأخبار بحمل أخبار المنع على محل السجود وأخبار الجواز على غيره لصحيح ابن محبوب المتقدم.

(١) أي المراد من المكان هنا بالنسبة للإباحة هو ما يشغله وما يعتمد عليه بحيث لو كان مغصوبا لصدق أنه تصرف في المغصوب المنهي عنه ، والنهي في العبادات مفسد كما قرّر في محله.

(٢) بحيث يصدق مع هذه الوسائط أنه تصرف فيه عرفا.

(٣) لامتناع اجتماع الأمر والنهي بالواحد ذي الوجهين ، فمع تعلق النهي به لأنه مغصوب لا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨١ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

٨٦

الشرعي (١) أو الوضعي (٢) لا بأصله (٣) أو ناسيا له (٤) أو لأصله (٥) على ما يقتضيه إطلاق العبارة وفي الأخيرين (٦) للمصنف (رحمه‌الله) قول آخر بالصحة ، وثالث بها (٧) في خارج الوقت خاصة ، ومثله القول في اللباس (٨).

______________________________________________________

يتعلق به الأمر الصلاتي ، ومع عدم الأمر لا يتحقق التقرب بناء على اشتراط قصد الأمر في القربة ، وأما على كفاية قصد الملاك فكذلك لاستحالة التقرب بما هو معصية.

(١) من أن الغصب حرام وهذا ما ذهب إليه العلامة في جملة من كتبه لأن التكليف لا يتوقف على العلم وإلا لزم الدور كما حرّر في الأصول ، وذهب المحقق الثاني والشهيد الثاني في الروض وسيد المدارك إلى الصحة لامتناع تكليف الغافل بلا فرق بين القاصر والمقصر إذ المقصر معاقب على ترك التعلم وليس على نفس الفعل الغصبي وكلام الفريقين مبني على اشتراط قصد الأمر في القربة ، وقد حرّر في محله كفاية قصد الملاك وعليه فالمقرّبية يمكن تحصيلها من الجاهل مطلقا قاصرا أو مقصرا بل ومن الناسي والغافل وكل معذور في ارتكاب الغصب إلا الجاهل بالحكم الوضعي كما سيأتي.

(٢) من أن النهي الغصبي مبطل للصلاة بلا فرق بين اشتراط قصد الأمر في القربة أو لا لأنه مع علمه بالغصب والحرمة لا تتأتى منه القربة.

(٣) أي جاهل بأصل الغصب فصلاته صحيحة لأنه معذور لحديث الرفع (١).

(٤) أي ناسيا للحكم فصلاته باطلة لاستناده إلى تقصيره في التحفظ كما في الروض ، وفيه : ما تقدم من أنه معاقب على التقصير في التحفظ لا على نفس الفعل فتتأتى منه القربة.

(٥) أي ناسيا لأصل الغصب ، قال الشارح في الروض : «وفي إلحاق ناسي الغصب بالعالم فبعيد مطلقا كما اختاره المصنف. أي العلامة. في القواعد ، أو بالجاهل فلا يعيد مطلقا ، أو الإعادة في الوقت خاصة كما اختاره في المختلف أوجه أحوطها الأول» واستدل للبطلان بأن الناسي مفرّط هذا من جهة. ومن جهة أخرى ذهب الشهيد في الدروس والذكرى إلى الإعادة في الوقت خاصة لأن القضاء بحاجة إلى أمر جديد وهو غير ثابت ، والجميع كما ترى لأن الناسي للغصب تتأتى منه القربة إذا قصد الملاك فصلاته صحيحة.

(٦) وهما النسيان للحكم والنسيان للغصب وهو قوله في البيان.

(٧) أي وللمصنف قول ثالث في هاتين الصورتين وهو قوله في الدروس والذكرى.

(٨) لتحقق التصرف بالمغصوب المنهي عنه فيهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب خلل الصلاة حديث ٢.

٨٧

واحترزنا بكون المصلي هو الغاصب عما لو كان غيره ، فإنّ الصلاة فيه بإذن المالك صحيحة في المشهور (١) ، كلّ ذلك مع الاختيار ، أما مع الاضطرار كالمحبوس فيه فلا منع (٢) (خاليا من نجاسة متعدّية) إلى المصلي (٣) أو محموله (٤) الذي يشترط طهارته (٥) على وجه يمنع من الصلاة ، فلو لم تتعدّ أو تعدّت على

______________________________________________________

(١) قال في الروض : «ولا فرق في فساد الصلاة في المغصوب بين الغاصب وغيره حتى الصحارى المغصوبة خلافا للسيد المرتضى هنا فإنه جوّز الصلاة فيها لغير الغاصب استصحابا لما كانت عليه قبل الغصب» وتبعه الكراجكي على ذلك ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز صلاة غير الغاصب في المغصوب ولو أذن له ، لعدم جواز الصلاة في المغصوب ، ولكن المحقق فهم من عبارته أن الإذن للغاصب لا للمالك ومن الواضح عدم جواز الصلاة في المغصوب مع إذن الغاصب ، وحمل الشهيد كلام الشيخ على أن الإذن للمالك ولا تصح الصلاة في المغصوب حينئذ لأن إذن المالك لا يفيد الإباحة بعد كونه ممنوعا من التصرف.

والأصح في حمل كلام الشيخ في المبسوط ما فهمه ابن إدريس من أن المراد من الإذن هو الإذن المستند إلى شاهد الحال لا إلى تصريح المالك وعليه فغير الغاصب لا يجوز له الصلاة في المغصوب وإن كان شاهد الحال بإذن المالك ما زال باقيا ويكون كلامه ردا على السيد المرتضى.

(٢) بالاتفاق لحديث الرفع (١).

(٣) قد تقدم الكلام فيه.

(٤) أي محمول المصلي ، فقد ذهب جماعة إلى العفو في الصلاة عن المحمول المتنجس لاختصاص دليل الطهارة في اللباس ، وذهب الأكثر إلى عدم العفو لعموم ما دل على المنع عن الصلاة في النجس وهو شامل للمحمول كخبر خيران الخادم : (كتبت إلى الرجل عليه‌السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صل فيه فإن الله تعالى إنما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصل فيه ، فكتب عليه‌السلام : لا تصل فيه فإنه رجس) (٢) ولا عموم فيه لأنّه ظاهر في الثوب الملبوس.

(٥) احترازا عما لا تتم الصلاة فيه ، كالجورب والتكة فهو من لباس المصلي ولا تشترط ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب خلل الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤.

٨٨

وجه يعفى عنه كقليل الدم أو إلى ما لا يتم الصلاة فيه لم يضر (١) (طاهر المسجد) (٢) بفتح الجيم ، وهو القدر المعتبر منه في السجود مطلقا (٣).

(والأفضل المسجد) (٤) لغير المرأة ،

______________________________________________________

طهارته بالاتفاق للأخبار منها : خبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (كل ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشي‌ء مثل القلنسوة والتكة والجورب) (١) ومرسل ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ما كان على الإنسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس أن يصلي فيه وإن كان فيه قذر ، مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك) (٢) ولهذا الخبر اشترط بعضهم في المحمول المعفو عنه أن لا يكون مما تتم الصلاة فيه.

(١) لعدم الفرق بين العفو ابتداء وفي الأثناء ، ونقل الشارح في المسالك عن البعض دعوى الإجماع على عدم العفو في الأثناء وقال عنه : «وهو غير واضح والإجماع ممنوع».

(٢) تقدم الكلام فيه في أول بحث المكان.

(٣) سواء كانت النجاسة متعدية أم غير متعدية.

(٤) يستحب إيقاع المكتوبة للرجال في المسجد بلا خلاف فيه للأخبار الكثيرة منها النبوي المشهور : (لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده) (٣) ومرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني لأكره الصلاة في مساجدهم فقال : لا تكره.

إلى أن قال. فأد فيها الفريضة والنافلة واقض ما فاتك) (٤) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا) (٥) ويتأكد ذلك في جيران المسجد ففي خبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها فأوحى الله إليها وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، ولا أظهرن لهم في الناس عدالة ، ولا نالتهم رحمتي ، ولا جاوروني في جنتي) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب النجاسات حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٨.

٨٩

أو مطلقا (١) بناء على إطلاق المسجد على بيتها بالنسبة إليها كما ينبه عليه (وتتفاوت) المساجد (في الفضيلة) بحسب تفاوتها في ذاتها أو عوارضها ككثير الجماعة :

(فالمسجد الحرام بمائة ألف صلاة) (٢) ومنه الكعبة (٣) وزوائده الحادثة (٤) ،

______________________________________________________

هذا كله للرجل وأما المرأة ففي خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار) (١) ، وخبر يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (خير مساجد نسائكم البيوت) (٢).

(١) للرجل والمرأة.

(٢) ففي خبر الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام : (قال الباقر عليه‌السلام : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره من المساجد) (٣) ، ومرسل الصدوق : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام ، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي) (٤).

(٣) بالنسبة للنوافل ، أما الفريضة فيكره إيقاعها في الكعبة لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (لا تصل المكتوبة في الكعبة) (٥) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تصل المكتوبة في جوف الكعبة) (٦) المحمولان على الكراهة لموثق يونس بن يعقوب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أفأصلي فيها؟ قال عليه‌السلام : صل) (٧) ومنه تعرف ضعف المنع كما عن الشيخ في الخلاف والتهذيب والنهاية وابن البراج في مهذبه ، نعم تجوز الصلاة المكتوبة على سطحها اختيارا كما عليه الأكثر إلا من القاضي حيث جوّز ذلك اضطرارا لحديث المناهي : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة على ظهر الكعبة) (٨) وهو أولى بالاتباع وإن كان ضعيف السند لعمل الأصحاب ببقية فقراته.

(٤) أي الزوائد الحادثة بعد عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأخبار منها : خبر جميل بن دراج : (قال له الطيّار وأنا حاضر : هذا الذي زيد هو من المسجد؟ فقال : نعم ، إنهم لم يبلغوا بعد ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القبلة حديث ٦.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب القبلة حديث ١.

٩٠

وإن كان غيرهما أفضل (١) ، فإن القدر المشترك بينها فضله بذلك العدد ، وإن اختص الأفضل (٢) بأمر آخر لا تقدير فيه ، كما يختصّ بعض المسجد المشتركة في وصف بفضيلة زائدة عما اشترك فيه مع غيره (والنبويّ) بالمدينة (بعشرة آلاف) (٣) صلاة ، وحكم زيادته الحادثة كما مر (وكلّ من مسجد الكوفة والأقصى) سمّي به (٤) بالإضافة إلى بعده عن المسجد الحرام (بألف) صلاة (٥) (و) المسجد (الجامع)

______________________________________________________

مسجد إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام) (١) وهذا صريح في أن الزائد في عصر أبي عبد الله عليه‌السلام من جملة المسجد ، بل في خبر الحسن بن النعمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عما زادوا في المسجد الحرام فقال : إن إبراهيم وإسماعيل حدّا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة) (٢) وعليه فالخارج عنهما لا يكون من المسجد.

(١) وهو ما كان في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا الكعبة ، إلا أن ظاهر النصوص أن الفضل مشترك بين الجميع بلا تفاوت.

(٢) وهو ما كان في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) ففي خبر هارون بن خارجة : (الصلاة في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعدل عشرة آلاف صلاة) (٣) ، ومثله خبر أبي الصامت (٤) ، إلا أنه قد ورد في جملة من الأخبار وهي أكثر عددا أن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة ففي خبر جميل بن دراج : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم تعدل الصلاة فيه؟ فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام) (٥).

(٤) أي بالأقصى.

(٥) ففي خبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله في فضل مسجد الكوفة : (وإن الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة وإن النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة) (٦).

وفي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة ، وصلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة ، وصلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة) (٧) ومنه يعرف حكم ما سيأتي من فضل بقية المساجد في المتن.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢ و ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

٩١

في البلد للجمعة ، أو الجماعة وإن تعدّد (بمائة ، و) مسجد (القبيلة) كالمحلة في البلد (بخمس وعشرين ، و) مسجد (السوق باثنتي عشرة).

(ومسجد المرأة بيتها) (١) بمعنى أن صلاتها فيه أفضل من خروجها إلى المسجد (٢) ، أو بمعنى كون صلاتها فيه كالمسجد في الفضيلة (٣) ، فلا تفتقر إلى طلبها (٤) بالخروج ، وهل هو كمسجد مطلق (٥) ، أو كما (٦) تريد الخروج إليه (٧) فيختلف (٨) بحسبه (٩)؟ الظاهر الثاني (١٠).

(ويستحبّ اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا) (١١) فمن بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ، وزيد في بعض الأخبار كمفحص قطاة (١٢) وهو كمقعد الموضع

______________________________________________________

(١) قد تقدم دليله.

(٢) فلا فضل في الصلاة في بيتها إلا إذا أرادت الخروج إلى المسجد ومع ذلك أوقعت الصلاة في البيت وتركت الخروج.

(٣) وإن لم ترد الخروج.

(٤) أي طلب الفضيلة.

(٥) كما هو الاحتمال الثاني المتقدم.

(٦) هكذا في كل النسخ والأولى : «أو كلما».

(٧) إلى المسجد فيكون بيتها أفضل.

(٨) الفضل.

(٩) بحسب الخروج وعدمه.

(١٠) وهو أن الفضل في البيت إذا أرادت الخروج إلى المسجد وقد آثرت عدمه للتستر والصيانة.

(١١) ففي صحيح أبي عبيدة الحذاء : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة. قال أبو عبيدة : فمرّ بي أبو عبد الله عليه‌السلام في طريق مكة وقد سويّت بأحجار مسجدا فقلت له : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك ، قال : نعم) (١) ، وفي خبر الصدوق في عقاب الأعمال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه ، أو قال : بكل ذراع منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ودرّ وياقوت وزمرد وزبرجد ولؤلؤ) (٢).

(١٢) ففي خبر هاشم الحلال : (دخلت أنا وأبو الصباح على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال له أبو ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٤.

٩٢

الذي تكشفه القطاة وتليّنه بجؤجؤها لتبيض فيه ، والتشبيه به مبالغة في الصغر ، بناء على الاكتفاء برسمه حيث يمكن الانتفاع به في أقلّ مراتبه وإن لم يعمل له حائط ونحوه.

قال أبو عبيدة الحذاء راوي الحديث (١) : مرّ بي أبو عبد الله عليه‌السلام في طريق مكة وقد سوّيت بأحجار مسجدا. فقلت : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك. فقال : نعم.

ويستحبّ اتخاذها (مكشوفة) (٢) ولو بعضها للاحتياج إلى السقف في أكثر

______________________________________________________

الصباح : ما تقول في هذه المساجد التي بنتها الحاج في طريق مكة؟ فقال : بخ بخ ، تيك أفضل المساجد ، من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) (١).

(١) أي الحديث الأول.

(٢) ويدل عليه خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى مسجده بالسميط ثم إن المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال : نعم ، فزيد فيه وبناه بالسعيدة ، ثم إن المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال : نعم فأمر به فزيد فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر ، ثم اشتد عليهم الحرّ فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلّل فقال : نعم ، فأمر به فأقيمت فيه سواري من جذوع النخل ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر ، فعاشوا حتى أصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم ، فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فطيّن ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، عريش كعريش موسى عليه‌السلام ، فلم يزل كذلك حتى قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) والسميط لبنة لبنة والسعيدة لبنة ونصف والذكر والأنثى لبنتان مختلفتان.

وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المساجد المظلّلة أتكره الصلاة فيها؟ فقال : نعم ، ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك) (٣) ، وفي مرسل الفقيه : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسّرها ويأمر بها فتجعل عريشا كعريش موسى) (٤).

وهذه الأخبار تفيد كراهة سقف المساجد بالطين ، وأما سقفها بالعريش عند الحاجة إليها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٦.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢ و ٤.

٩٣

البلاد لدفع الحر والبرد.

(والميضاة (١) وهي المطهرة للحدث والخبث على بابها) (٢) لا في وسطها على تقدير سبق إعدادها على المسجدية وإلا (٣) حرم في الخبثية مطلقا (٤) والحدثية إن أضرت بها (٥).

(والمنارة مع حائطها) (٦) لا في وسطها مع تقدمها على المسجدية كذلك (٧) وإلا حرم ، ويمكن شمول كونها مع الحائط استحباب أن لا تعلو عليه (٨) ، فإنها إذا فارقته بالعلوّ فقد خرجت عن المعية وهو مكروه (٩).

(وتقديم الداخل) إليها (يمينه والخارج) منها (يساره) (١٠) عكس

______________________________________________________

فلا بأس من أجل دفع الحر والبرد ، وأما كراهة تظليل المساجد في صحيح الحلبي فتحمل إما على كون المساجد مسقوفة بالطين وإما على تظليلها بتمامها أو على تظليل خاص وإلا فالتظليل أمرّ لا بدّ منه لدفع الحر والبرد ولو في بعض أجزاء المسجد.

(١) وهي إناء كبير يتوضأ منه.

(٢) لخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : (واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم) (١) ، ثم إن الأصحاب أرادوا من الميضاة هو موضع الخلاء والوضوء.

(٣) فإن كان الوسط مسجدا.

(٤) سواء أضرت بالمسجدية أم لا.

(٥) أي أضرت بالمسجدية كاستلزام دخول الجنب إلى المسجد.

(٦) بل في النهاية لا يجوز في وسط المساجد وحمله جماعة على ما لو تقدمت المسجدية على بنائها فيلزم إشغال مكان أساسها بغير الصلاة.

(٧) كالميضاة.

(٨) لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام : (أن عليا عليه‌السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها ثم قال : لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد) (٢).

(٩) قال الشارح في الروض : «وفي قوله عليه‌السلام في الحديث إلا مع سطح المسجد تقوية لما فسرنا به المعيّة من عدم مجاوزتها الحائط ، إذ لو تمت المعية مع المصاحبة ابتداء وإن علت لم يتم الغرض من قوله عليه‌السلام ناهيا عن التعلية إلا مع سطح المسجد».

(١٠) لخبر يونس عنهم عليهم‌السلام : (الفضل في دخول المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى إذا

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٢.

٩٤

الخلاء (١) تشريفا لليمنى فيهما (٢) (وتعاهد نعله) (٣) وما يصحبه (٤) من عصا وشبهه ، وهو استعلام حاله عند باب المسجد احتياطا للطهارة ، والتعهد أفصح من التعاهد لأنه (٥) يكون بين اثنين والمصنف تبع الرواية (٦).

(والدعاء فيهما) أي الدخول والخروج بالمنقول (٧) وغيره (وصلاة التحية (٨))

______________________________________________________

دخلت ، وباليسرى إذا خرجت) (١).

(١) ادعى عليه الإجماع في الغنية وهو العمدة.

(٢) ففي المساجد فتقدم وفي الخلاء فتؤخر.

(٣) بأن يستعلم حاله قبل الدخول إلى المسجد استظهارا للطهارة ، ففي خبر عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم) (٢) ومرسل الطبرسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (قال : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد) (٣).

(٤) لوحدة المناط بينه وبين النعال استظهارا في عدم تنجس المساجد.

(٥) أي لأن التعاهد.

(٦) حيث عبّر فيها بالتعاهد ، وفي الصحاح أن التعهد أفصح.

(٧) ففي خبر عبد الله بن الحسن عن أمه عن جدته فاطمة : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا دخل المسجد صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، فإذا خرج من الباب صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك) (٤) ، وموثق سماعة : (إذا دخلت المسجد فقل : بسم الله والسلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، وإذا خرجت فقل مثل ذلك) (٥) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا دخلت المسجد فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٦) وتغاير مضمون الأخبار دليل على مطلق الدعاء وإن كان المأثور أفضل.

(٨) لخبر أبي ذر : (دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في المسجد جالس فقال لي : يا أبا ذر إن للمسجد تحية ، قلت : وما تحيته؟ قال : ركعتان تركعهما فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.

٩٥

(قبل جلوسه) وأقلّها ركعتان (١) وتتكرر بتكرر الدخول ولو عن قرب وتتأدى بسنة غيرها وفريضة وإن لم ينوها معها (٢) ، لأن المقصود بالتحية أن لا تنتهك حرمة المسجد بالجلوس بغير صلاة ، وقد حصل ، وإن كان الأفضل عدم التداخل.

وتكره إذا دخل والإمام في مكتوبة ، أو الصلاة تقام ، أو قرب إقامتها بحيث لا يفرغ منها قبله (٣) فإن لم يكن متطهّرا ، أو كان له عذر مانع عنها (٤) فليذكر الله تعالى (٥).

وتحية المسجد الحرام الطواف ، كما أن تحية الحرم الإحرام ومنى الرمي (٦).

(ويحرم زخرفتها) (٧) وهو نقشها بالزّخرف ، وهو الذهب ، أو مطلق النقش

______________________________________________________

أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال : خير موضوع فمن شاء أقلّ ومن شاء أكثر) (١).

(١) وهو ظاهر الخبر المتقدم.

(٢) أي وإن لم ينو صلاة التحية مع سنة غيرها.

(٣) أي من صلاة التحية قبل قيام الصلاة حتى يدرك الجماعة من أولها ، وهذه الكراهة لما ورد من الحث على فضل الجماعة ، والإتيان بصلاة التحية في هذه الصور تفويت لفضل الجماعة ولو لبعضه فتكره هذا ما دام أن المنهي هو الجلوس في المسجد قبل الركعتين ، وهما يتحققان ولو بالفريضة كما تقدم.

(٤) عن صلاة التحية.

(٥) لأنه حسن على كل حال.

(٦) سيأتي دليل كل منه في بابه إن شاء الله تعالى.

(٧) أي تزيين المساجد بالذهب على المشهور ، وعلّل بالإسراف وبأنه بدعة حيث لم يعهد في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومرسل الراوندي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا تزخرفوا مساجدكم كما زخرفت اليهود والنصارى بيعهم) (٢) ، ونوقش الأول بأنه مع قصد تعظيم الشعائر نمنع اندراجه تحت الإسراف المنهي عنه كما هو المصنوع في المشاهد الشريفة ، ونوقش الثاني بأنه ليس كل ما لم يقع في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون محرما في العصور المتأخرة ، ونوقش الثالث بضعف السند وبأن الزخرف مختلف فيه بين خصوص الذهب أو مطلق التزيين. هذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

٩٦

كما اختاره المصنف في الذكرى ، وفي الدروس أطلق الحكم بكراهة الزّخرفة والتصوير ، ثم جعل تحريمهما قولا. وفي البيان حرّم النقش والزخرفة والتصوير بما فيه روح ، وظاهر الزخرفة هنا النقش بالذهب (١) ، فيصير أقوال المصنف بحسب كتبه (٢) وهو غريب منه (٣).

(و) كذا يحرم (نقشها بالصور) ذوات الأرواح دون غيرها ، وهو (٤) لازم من تحريم النقش (٥) مطلقا (٦) لا من غيره (٧) ، وهو قرينة أخرى على إرادة الزخرفة

______________________________________________________

واختلف الأصحاب فبعضهم ذهب إلى حرمة التزيين بالذهب وبعضهم إلى حرمة مطلق تزيينه ولو بغير الذهب وعن جماعة كراهة التزيين بالذهب وبغيره مع أنه قد ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن المسجد ينقش في قبلته بجصّ أو أصباغ قال : لا بأس به) (١) وهو ظاهر في الجواز ، ثم بعضهم حرم نقش المساجد بالصور من ذوات الأرواح وغيرها كالمحقق في الشرائع ولا دليل له عدا ما تقدم في الزخرفة ، نعم يكره ذلك لخبر عمرو بن جميع (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال : أكره ذلك ولكن لا يضركم اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك) (٢).

وذهب البعض إلى أن تصوير ذوات الأرواح محرم فلا بد من حرمة ذلك في المساجد من باب أولى وهو متين.

(١) كما هو معنى الزخرف في جملة من كتب اللغة.

(٢) فكتبه أربعة وأقواله أربعة ، ففي الذكرى حرّم النقش بالذهب وبغيره وتصوير ذوات الأرواح وغيرهم ، وفي البيان حرّم النقش بالذهب وبغيره وتصوير ذي الروح فقط ، وفي اللمعة حرّم النقش بالذهب فقط وتصوير ذوات الأرواح وغيرهم ، وفي الدروس كراهة النقش بالذهب وبغيره وكراهة تصوير ذوات الأرواح وغيرهم.

(٣) لقلة الاختلاف في آرائه بين كتبه فكيف بهذا الاختلاف.

(٤) أي تحريم النقش بالصور.

(٥) إذا فسرنا الزخرفة به.

(٦) بالذهب كان أم بغيره.

(٧) أي لا من غير تحريم النقش مطلقا ، والغير هو تحريم النقش بالذهب فقط كما هو المعنى الأول للزخرفة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ١.

٩٧

بالمعنى الأول خاصة (١) ، وهذا هو الأجود.

ولا ريب في تحريم تصوير ذي الروح في غير المساجد ففيها أولى (٢) أما تصوير غيره فلا.

(وتنجيسها) (٣) وتنجيس آلاتها (٤) كفرشها لا مطلق إدخال النجاسة إليها في الأقوى (٥)

(وإخراج الحصى منها) (٦) إن كانت فرشا أو جزءا منها (٧) ، أما لو كانت

______________________________________________________

(١) إذ بناء على أن الزخرفة هو الذهب فيكون الحكم بتحريم نقش الصور تأسيسيا ، ولو كانت الزخرفة بمعنى النقش مطلقا لكان الحكم المذكور تأكيديا والتأسيس أولى من التأكيد وهو القرينة الثانية بعد كلام جملة من أهل اللغة على أن الزخرفة هي النقش بالذهب فقط.

(٢) لأنها معدّة للعبادة وأمّا حرمة تصوير ذي الروح فسيأتي دليله في أول كتاب المتاجر.

(٣) للنبوي (جنبوا مساجدكم النجاسة) (١).

(٤) لأنها جزء من المسجد.

(٥) ذهب الأكثر إلى جواز إدخال النجاسة غير المتعدية لجواز دخول المجروح والمسلوس والمستحاضة مع أمن التلويث ، وعن ظاهر كتب العلامة الإطلاق سواء كانت النجاسة متعدية أم لا وهو ضعيف إذ لا دليل عليه.

(٦) وإن فعل أعاده إليها لخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (إذا أخرج أحدكم الحصاة من مسجد فليردّها مكانها أو في المسجد آخر فإنها تسبح) (٢) ، ولخبر زيد الشحام (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخرج من المسجد حصاة قال : فردها أو اطرحها في مسجد) (٣).

وبما أن التعليل بالتسبيح يشعر بكراهة الإخراج وكذا ردها إلى مسجد آخر دليل على عدم دخولها في وقفية المسجد لذا ذهب جماعة منهم المحقق في المعتبر والعلامة في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس والبيان إلى كراهة الإخراج واستحباب ردها.

وعن الشهيد الثاني في الروض والروضة هنا تخصيص الحرمة بالحصى التي هي جزء من فرش المسجد إلا إذا كانت الحصى قمامة فيستحب إخراجها.

(٧) من الفرش.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.

٩٨

قمامة استحب إخراجها ومثلها التراب (١) ، ومتى أخرجت على وجه التحريم (فتعاد) وجوبا إليها أو إلى غيرها من المساجد ، حيث يجوز نقل آلاتها إليه وما لها (٢) لغناء الأول ، أو أولوية الثاني (٣).

(ويكره تعليتها) (٤) بل تبنى وسطا عرفا (والبصاق فيها) (٥) والتنخم (٦) ونحوه وكفارته دفنه. (ورفع الصوت) (٧) المتجاوز للمعتاد ، ولو في قراءة القرآن.

______________________________________________________

(١) أي ومثل الحصى حرمة إن كان فرشا واستحبابا إن كان قمامة.

(٢) عطف على (آلاتها).

(٣) مع أن النص والفتوى على عدم هذا التقييد وهذا كاشف عن عدم كون الحصى داخلة في وقفية المسجدية حتى يجب إرجاعها. نعم يستحب للنص المتقدم.

(٤) لما في ذلك من الاطلاع على عورات الجيران وقد روي أن حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قامة (١).

(٥) لخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (أن عليا قال : البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه) (٢) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ردّ ريقه تعظيما لحقّ المسجد جعل الله ريقه صحة في بدنه وعوفي من بلوى في جسده) (٣) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (من ردّ ريقه تعظيما لحق المسجد جعل الله ذلك قوة في بدنه وكتب له بها حسنة وحطّ عنه بها سيئة ، وقال : لا تمرّ بداء في جوفه إلا أبرأته) (٤).

(٦) لحديث المناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن التنخع في المساجد) (٥) والتنخع هو التنخم ، ومرفوع ابن العسل (إنما جعل الحصى في المسجد للنخامة) (٦).

(٧) لمرسل ابن أسباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام (جنّبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والأحكام والضالة والحدود ورفع الصوت) (٧) ، وخبر أبي ذر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (يا أبا ذر من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة ، فقلت : كيف يعمر مساجد الله؟ قال : لا ترفع فيها الأصوات ولا يخاض فيها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١٠.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٦ و ٧.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

٩٩

(وقتل القمّل) (١) فيدفن (٢) لو فعل (وبري النبل (٣) و) هو داخل في (عمل الصنائع) (٤) وخصّه لتخصيصه في الخبر فتتأكد كراهته (وتمكين المجانين والصبيان) (٥) منها مع عدم الوثوق بطهارتهم ، أو كونهم غير مميّزين ، أما الصبيّ المميّز الموثوق بطهارته المحافظ على أداء الصلوات فلا يكره تمكينه ، بل ينبغي تمرينه كما يمرنّ على الصلاة.

(وإنفاذ الأحكام) (٦)

______________________________________________________

بالباطل ولا يشترى فيها ولا يباع واترك اللغو ما دمت فيها ، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلا نفسك) (١) ، ومرفوع محمد بن أحمد (رفع الصوت في المساجد يكره) (٢)

(١) اعترف بعضهم بعدم الوقوف على نص دال عليه وقال الشارح في الروض (أسنده في الذكرى إلى الجماعة لأن فيه استقذارا تكرهه النفس)

(٢) لما تقدم من دفن البصاق والنخامة ولما روي في صحيح ابن مسلم (كان أبو جعفر عليه‌السلام إذا وجد قملة في المسجد دفنها في الحصى) (٣)

(٣) لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن سلّ السيف في المسجد وعن بري النبل في المسجد ، قال : إنما بني لغير ذلك) (٤)

(٤) للتعليل الوارد في خبر محمد بن مسلم المتقدم بأن المسجد قد بني لغير ذلك وهذا كله إذا لم يستلزم حفر شي‌ء من المسجد أو وضع آلات توجب تعطيل المسجد وإلا حرم.

(٥) لمرسل ابن أسباط المتقدم.

(٦) لمرسل ابن أسباط المتقدم ، والمراد بالإنفاذ هو الحكم الصادر لقطع الخصومات لا مطلق بيان الأحكام الشرعية للتعليم ونحوه فلم يحتمله أحد من الأصحاب وخص بالقضاء لما فيه من التشاجر ورفع الأصوات والتكاذب وارتكاب الباطل ونحو ذلك مما لا ينبغي وقوعه في المساجد.

لكن يشكل ذلك من أن القضاء من الطاعات والمساجد محل الطاعات والعبادات ، ومن معروفية صدور القضاء عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حتى أن دكة القضاء ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

١٠٠