الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

(ثم بما سنح (١) ،) (ثم سجدتا الشكر (٢) ، ...

______________________________________________________

ـ يمتنع منها شي‌ء من شر الدنيا والآخرة ومن شر الأوجاع كلها) (١).

وقد وردت الأخبار بقراءة آية الكرسي وبقراءة قل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة وبالشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم‌السلام وبسؤال الله الجنة والتعوذ به من النار إلى غير ذلك.

(١) للمصلي.

(٢) اعلم أنه يستحب السجود للشكر عند تجدد النعم وعند دفع النقم وعقيب الفرائض بل مطلق الصلاة ولو كانت نافلة.

بل يستحب السجود للشكر عند تذكر النعمة أو تذكر دفع النقمة إن لم يكن قد سجد لهما سابقا ، بل يستحب السجود شكرا للتوفيق لفعل الخير ولو مثل الصلح بين اثنين ففي خبر جابر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : (إن أبي علي بن الحسين ما ذكر لله (عزوجل) نعمة عليه إلا سجد ، ولا قرأ آية من كتاب الله (عزوجل) فيها سجود إلا سجد ولا دفع الله عنه سوءا يخشاه أو كيد كائد إلا سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ، ولا وفّق لإصلاح بين اثنين إلا سجد وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده ، فسمّي السجاد لذلك) (٢).

وفي خبر أبي الحسين الأسدي : (أن الصادق عليه‌السلام قال : إنما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر الله تعالى ذكره فيها على ما منّ به عليه من أداء فرضه ، وأدنى ما يجزي فيها شكرا لله ثلاث مرات) (٣) وخبر ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (السجدة بعد الفريضة شكرا لله (عزوجل) على ما وفّق له العبد من أداء فريضة ، وأدنى ما يجزي فيها من القول أن يقال : شكرا لله شكرا لله شكرا لله ثلاث مرات ، قلت : فما معنى قوله شكرا لله؟ قال : يقول هذه السجدة مني شكرا لله على ما وفقني له من خدمته وأداء فرضه ، والشكر موجب للزيادة فإن كان في الصلاة تقصير لم يتم بالنوافل تمّ بهذه السجدة) (٤).

وفي خبر مرازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣ و ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٣.

٢٤١

ويعفّر بينهما) (١) جبينيه وخدّيه الأيمن منهما ثم الأيسر مفترشا ذراعيه وصدره

______________________________________________________

ـ صلاتك وترضي بها ربك وتعجب الملائكة منك ، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى فرضي وأتم عهدي ، ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ما ذا له عندي؟ فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك ، ثم يقول الرب تبارك وتعالى : ثم ما ذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك ، فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاية مهمّه ، فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا؟ فلا يبقى شي‌ء من الخير إلا قالته الملائكة فيقول الله تعالى : يا ملائكتي ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا لا علم لنا ، فيقول الله تعالى لأشكرنه كما شكرني وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي) (١).

وهذه النصوص وغيرها وإن جعلت سجدة الشكر عقيب الفريضة فقط ، إلا أنه في خبر المفضل قد ورد سجدة الشكر عقيب النافلة ، والخبر عن الصادق عليه‌السلام : (إذا قام العبد نصف الليل بين يدي ربه فصلى له أربع ركعات في جوف الليل المظلم ثم سجد سجدة الشكر بعد فراغه فقال : ما شاء الله ، ما شاء الله مائة مرة ، ناداه الله جل جلاله من فوق عرشه : عبدي إلى كم تقول ما شاء الله ، أنا ربك وإليّ المشيّة ، وقد شئت قضاء حاجتك فسلني ما شئت) (٢).

ثم إن هذه الأخبار وإن عبرت بسجدة الشكر الدالة على السجود مرة واحدة إلا أنه ورد في بعض الأخبار التعبير بسجدتي الشكر مثل خبر سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن سجدتي الشكر) (٣) الحديث.

ومرسل الكفعمي عن علي عليه‌السلام : (كان يقول إذا سجد سجدتي الشكر : وعظتني فلم أتعظ وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر ، وغمرتني أياديك فما شكرت ، عفوك عفوك يا كريم) (٤). ولعل التعبير بسجدتي الشكر باعتبار التعفير الواقع بينهما والتعبير بالسجدة باعتبار عدم استيفاء الرفع من السجود فلذا يطلق عليه سجدة الشكر.

(١) التعفير هو الوضع على العفر وهو التراب ، والمراد به وضع الخدين على التراب ففي مرسل علي بن يقطين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال : يا رب ولم ذاك؟ قال : فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى إني قلّبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك ، يا موسى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤ و ٦.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤.

٢٤٢

وبطنه (١) ، واضعا جبهته مكانها (٢) حال الصلاة قائلا فيهما (٣) : «الحمد لله شكرا شكرا» مائة مرة ، وفي كل عاشرة شكرا للمجيب (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب ، أو قال على الأرض) (١) ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان موسى بن عمران عليه‌السلام إذا صلّى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض) (٢).

وهذا المعنى للتعفير معقد إجماع المنتهى كما قيل ، ولكن في الذكرى وغيرها ممن تأخر عنها أن التعفير يصدق بوضع الجبينين أو الخدين مخيّرا بينهما لمرسل الشيخ في التهذيب عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام : (علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) (٣). والأولى الجمع بين تعفير الجبينين والخدين جمعا بين النصوص وهذا ما فعله الشارح هنا.

(١) ففي خبر يحيى بن عبد الرحمن : (رأيت أبا الحسن الثالث عليه‌السلام سجد سجدة الشكر فأفرش ذراعيه وألصق جؤجؤه وصدره وبطنه بالأرض ، فسألته عن ذلك فقال : كذا يجب) (٤) ومثله غيره.

(٢) أي مكان الجبهة.

(٣) في سجدتي الشكر.

(٤) مرسل الشيخ في مصباحه عن علي بن الحسين عليهما‌السلام : (كان يقول في سجدة الشكر مائة مرة الحمد لله شكرا ، وكلما قاله عشر مرات قال : شكرا للمجيب ، ثم يقول : يا ذا المنّ الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصيه غيره عددا ، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا ، يا كريم يا كريم يا كريم ، ثم يدعو ويتضرع ويذكر حاجته) (٥). وهو غير مطابق مع ما ذكره في المتن بالتمام ، وقد ورد ذكر شكرا شكرا مائة مرة كما في خبر سليمان بن حفص المروزي : (كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : قل في سجدة الشكر مائة مرة شكرا شكرا ، وإن شئت عفوا عفوا) (٦).

وورد القول يا رب حتى ينقطع النفس كما في مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (إن العبد إذا سجد فقال : يا رب يا رب حتى ينقطع نفسه قال له الرب تبارك وتعالى : لبيك ما حاجتك) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب المزار من كتاب الحج حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٣.

٢٤٣

ودونه شكرا مائة (١) ، وأقله شكرا ثلاثا (٢) (ويدعو) فيهما (٣) وبعدهما (٤) (بالمرسوم).

______________________________________________________

(١) لخبر المروزي المتقدم.

(٢) لخبر الأسدي المتقدم : (وأدنى ما يجزي فيها شكرا لله ثلاث مرات).

(٣) قد تقدم مرسل الشيخ المتضمن للدعاء في سجدة الشكر ، وتقدم مرسل الكفعمي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أنه كان يقول إذا سجد سجدتي الشكر : وعظمتني فلم أتعظ وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر ، وغمرتني أياديك فما شكرت ، عفوك عفوك يا كريم) وهناك الكثير من الأدعية الواردة عنهم عليهم‌السلام في سجدة الشكر فراجع الباب السادس من أبواب سجدتي الشكر في الوسائل ، والباب الخامس منها في المستدرك.

(٤) أي بعد السجدتين ، ففي الجعفريات عن الصادق عن آبائه عن علي عليهم‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أراد الانصراف من الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثم يقول : اللهم لك الحمد ، لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة ، اللهم أذهب عنا الهمّ والحزن والفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، وقال ؛ ما أحد من أمتي يفعل ذلك إلا أعطاه الله (عزوجل) ما سأل) (١).

فائدة : ذهب المشهور إلى استحباب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلما ذكر ، أو ذكر عنده ، وذهب الصدوق والمقداد في كنز العرفان إلى الوجوب واختاره صاحب الحدائق وجماعة وهو غير بعيد كما في المدارك لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره) (٢) ، ويعضده جملة من الأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ذكرت عنده فنسي أن يصلي عليّ خطأ الله تعالى به طريق الجنة) (٣).

وخبر عبيد الله بن عبد الله عن رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليّ فلم يغفر الله له) (٤).

وخبر الإرشاد عن علي بن الحسين عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البخيل كل البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصلّ عليّ) (٥).

والمرسل في عدة الداعي : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصل عليّ) (٦).

إلا أنه قام الإجماع كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة والخلاف والناصرية على عدم ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الذكر حديث ١ و ٣ و ١٤ و ١٨.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الوجوب مؤيدا بالسيرة خصوصا في المؤذنين وفي الكثير من الأدعية والخطب المحكية عن الأئمة الطاهرين عدم الصلاة عليه مع ذكره فيها ، ثم لا فرق في ذلك بين ذكره باسمه الشريف أو بلقبه أو كنيته لصدق ذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجميع كما عن البعض ، وفي الحدائق جزم بالاسم العلمي وفصل في الألقاب والكنى بين المشتهر تسميته بها وغيره واختار العدم في الثاني مع استظهار كون الضمير الراجع إليه من قبيل الثاني ولا يخفى أنه على خلاف إطلاق صدق الذكر ، ولكن التأمل في النصوص يعطي ولو انصرافا أن المدار على ذكره باسمه العلمي فقط دون بقية الألقاب والكنى فضلا عن الضمائر.

بل إذا كتب اسمه فيستحب أن يكتب الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رواه الجزائري في الأنوار النعمانية (من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب) (١) ، ثم لا تعتبر كيفية خاصة في الصلاة عليه لإطلاق الأخبار ، نعم لا بد من ضمّ الآل إليه ففي خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول : اللهم صل على محمد ، فقال له أبي عليه‌السلام : لا تبترها ، لا تظلمنا حقنا ، قل : اللهم صل على محمد وأهل بيته) (٢) وفي خبر عبد الله الحسن. كذا في الوسائل. بن علي عن أبيه عن جده : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قال : صلى الله على محمد وآله قال الله (جل جلاله) : صلى الله عليك ، فليكثر من ذلك ، ومن قال : صلى على محمد ولم يصل على آله لم يجد ريح الجنة وريحها يوجد من مسير خمسمائة عام) (٣).

وفي خبر عمار بن موسى : (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال رجل : اللهم صل على محمد وأهل بيت محمد ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : يا هذا لقد ضيقت علينا ، أما علمت أن أهل البيت خمس أصحاب الكساء ، فقال الرجل : كيف أقول؟ قال : قل اللهم صل على محمد وآل محمد فسنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه) (٤).

وعن فخر المحققين : «نقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لا تفرقوا بيني وبين آلي بعلى» (٥) بل روى ابن حجر في صواعقه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء؟ فقال : تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون ، بل قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد) (٦).

__________________

(١) الأنوار النعمانية ج ٣ ص ٣٧٣ ، نور أحوال العالم والمتعلم الفائدة الحادية عشرة في الكتابة.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الذكر حديث ٢ و ٦ و ١١.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذكر حديث ١٠.

(٦) الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٤٤ طبع القاهرة سنة ١٣٧٥ هجرية.

٢٤٥

(الفصل الخامس. في التروك)

يمكن أن يريد بها ما يجب تركه ، فيكون الالتفات (١) إلى آخر الفصل مذكورا بالتبع ، وأن يريد (٢) بها ما يطلب تركه أعمّ من كون الطلب مانعا من النقيض (وهي ما سلف) في الشرط السادس (٣) ، (والتأمين) (٤) في جميع أحوال الصلاة ، وإن كان عقيب الحمد ، أو دعاء (إلّا لتقية) فيجوز حينئذ ، ...

______________________________________________________

ـ وقد ورد في خبر معاوية بن عمار : (ذكرت عند أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام بعض الأنبياء فصليت عليه فقال : إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمد وآله ثم عليه ، صلى الله على محمد وآله وعلى جميع الأنبياء) (١).

وقد روى الطريحي في مجمع البحرين في مادة شيع : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلس ليلا يحدث أصحابه في المسجد فقال : يا قوم إذا ذكرتم الأنبياء الأولين فصلوا عليّ ثم صلوا عليهم ، وإذا ذكرتم أبي إبراهيم فصلوا عليه ثم صلوا عليّ) صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.

(١) إشارة ، إلى قول المصنف في آخر الفصل : ويكره الالتفات يمينا وشمالا ، والمعنى فيكون ذكر الالتفات إلى آخر ما ذكره الماتن في هذا الفصل مذكورا بالتبع.

(٢) أي ويمكن أن يريد.

(٣) من ترك الكلام وترك الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة بل ترك السكوت الطويل الماحي أيضا وترك البكاء للدنيا وترك القهقهة ، وترك التكتف والتطبيق للخبر وترك الالتفات إلى الوراء وترك الأكل والشرب.

(٤) قال العلامة في المنتهى : «قال علماؤنا : يحرم قول آمين ، وتبطل به الصلاة ، وقال الشيخ سواء كان ذلك سرا أو جهرا ، في آخر الحمد أو قبلها ، للإمام والمأموم ، وعلى كل حال ، وادعى الشيخان والسيد المرتضى إجماع الإمامية عليه» ويدل عليه الأخبار منها : صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل آمين) (٢).

وخبر محمد الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين ، قال : لا) (٣). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الذكر حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٣.

٢٤٦

بل قد يجب (١) ، (وتبطل الصلاة بفعله لغيرها) (٢) للنهي عنه في الأخبار المقتضي للفساد في العبادة ، ولا تبطل بقوله : «اللهمّ استجب» (٣) وإن كان بمعناه ، وبالغ من أبطل به كما ضعف قول من كرّه التأمين (٤) بناء (٥) ...

______________________________________________________

ـ وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في تعليم الصلاة : (ولا تقولن إذا فرغت من قراءتك : آمين ، فإن شئت قلت : الحمد لله رب العالمين) (١).

وصحيح معاوية بن وهب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقول آمين إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هم اليهود والنصارى) (٢) وترك الجواب عن السؤال مع التعرض لأمر آخر غير مسئول عنه دليل على عدم الجواز وإلا لو كان جائزا لأبداه إذ لا خوف في إبداء الجواز لأنه مذهب العامة ، والنهي في العبادات مفسد ، وذهب جماعة كالإسكافي وأبي الصلاح إلى الكراهة واحتمله المحقق في المعتبر وهو مما لا وجه له بعد ثبوت النهي المفسد ، نعم احتج له في المعتبر بخبر جميل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : ما أحسنها وأخفض الصوت بها) (٣) وقد حمل على التقية كما عن الشيخ لإجماع الطائفة على ترك العمل به.

ثم إن مورد النصوص النهي عنه بعد الفاتحة كما هو المتعارف عند العامة ، وعن جماعة حرمته في جميع أحوال الصلاة وأنه مبطل لأنه من كلام الآدميين ، وفيه : إنه من أسماء الأفعال فهو دعاء مثل استجب فلو وقع عقيب دعاء لكان دعاء للاستجابة.

(١) بلا إشكال فيه لعموم أدلة التقية.

(٢) لغير التقية.

(٣) فعن المحقق والعلامة في التذكرة أنّه مبطل للصلاة لأنه بمعنى آمين المنهي عنه وفيه : إن النهي عن خصوص التأمين وأما غيره فهو دعاء عام ومقتضى حديث الرفع عدم البطلان.

(٤) وهو قول المحقق في المعتبر.

(٥) استدل على الكراهة بأن لفظ آمين هو دعاء باستجابة الدعاء وقد وقع محله لأن الفاتحة مشتملة على الدعاء ولذا جاء أن الفاتحة قد قسمت بين الله وبين عبده فأولها ثناء وآخرها دعاء.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

٢٤٧

على أنه (١) دعاء باستجابة ما يدعو به ، وأن الفاتحة (٢) تشتمل على الدعاء لا لأن (٣) قصد الدعاء بها (٤) يوجب استعمال المشترك في معنييه على تقدير قصد الدعاء بالقرآن ، وعدم فائدة التأمين مع انتفاء الأول (٥) ، وانتفاء القرآن مع انتفاء الثاني (٦) لأن قصد الدعاء (٧) بالمنزّل منه (٨) قرآنا (٩) لا ينافيه (١٠) ، ولا يوجب الاشتراك لاتحاد المعنى (١١) ، ولاشتماله (١٢) على طلب الاستجابة لما يدعو به أعمّ من الحاضر (١٣).

______________________________________________________

ـ وردّ على هذا الاستدلال بأن قراءة الفاتحة مع قصد القرآنية لا تكون دعاء فلا محل لقول آمين وإن قرئت مع قصد الدعاء فتخرج عن القرآنية فلا تكون سورة فتبطل الصلاة ، وإن قصد القرآنية والدعاء معا لزم استعمال المشترك في كلا معنييه.

وفيه : إن قصد القرآنية والدعاء معا لا يلزم ذلك المحذور بل المعنى واحد وهو الدعاء المنزل قرآنا والله سبحانه وتعالى كلف المكلفين بهذه الصيغة في الصلاة. وإنما الذي يوجب البطلان هو النهي المفسد كما عرفت.

(١) أن التأمين.

(٢) فيكون التأمين قد وقع عقيب الدعاء فقد أخذ محله.

(٣) والمعنى أن تضعيف القول بالكراهة ليس لأنه إذا قصد الدعاء بالفاتحة يلزم استعمال المشترك في كلا معنييه.

(٤) بالفاتحة.

(٥) وهو قصد الدعاء.

(٦) وهو عند عدم قصد القرآنية المتحقق بقصد الدعاء.

(٧) رد على من استدل على البطلان بلزوم استعمال المشترك في كلا معنييه لو قصد الدعاء بالفاتحة لتكون محلا للتأمين.

(٨) من القرآن.

(٩) حال من الضمير في (المنزل منه).

(١٠) لا ينافي كونه قرآنا لأن قصد الدعاء لا يخرجه عن القرآنية.

(١١) إذ يبقى المعنى واحدا كما عرفت.

(١٢) أي ولاشتمال التأمين.

(١٣) أي أعم من الدعاء الذي سبق في الفاتحة ولما يدعو به فيما بعد وعليه فيجوز الإتيان بالتأمين عقيب الفاتحة باعتبار ما سيدعو به فيما بعد لا باعتبار قصد الدعاء بالفاتحة ليلزم المحذور السابق.

٢٤٨

وإنما الوجه (١) النهي ، ولا تبطل بتركه (٢) في موضع التقية لأنه خارج عنها. والإبطال في الفعل (٣) مع كونه كذلك لاشتماله على الكلام المنهي عنه.

(وكذا ترك الواجب عمدا) (٤) ركنا كان أم غيره ، وفي إطلاق الترك على ترك الترك (٥). الذي هو (٦) فعل الضد. وهو الواجب نوع من التجوز (٧) (أو) ترك (أحد الأركان الخمسة ولو سهوا (٨) ، وهي النية والقيام والتحريمة والركوع)

______________________________________________________

(١) في تضعيف القول بالكراهة هو النهي الوارد عن التأمين ، والنهي في العبادات مفسد.

(٢) أي لا تبطل الصلاة بترك التأمين في موضع التقية الموجبة له ، كما نصّ على ذلك جماعة منهم صاحب الجواهر وغيره لعدم كون التأمين من الكيفية اللازمة في صحة الصلاة عند العامة. فمخالفة النهي لا توجب النهي عن العبادة في حال التقية حتى تبطل الصلاة.

(٣) دفع لما قد يتوهم من أن التأمين لو كان خارجا عن الكيفية اللازمة في صحة الصلاة عند العامة فلم حكم ببطلان الصلاة به عند عدم التقية؟ والدفع أن البطلان ناشئ من كون التأمين من كلام الآدميين المنهي عنه فيكون مبطلا.

(٤) بلا خلاف فيه لفوات الكل بفوات جزئه وانعدام المشروط بعدم شرطه ، وحديث لا تعاد قاصر عن شمول العامد غير المعذور.

(٥) لأن قول الماتن : وكذا ترك الواجب معطوف على التأمين فيندرج في التروك الذي هو عنوان هذا الفصل.

(٦) وهو راجع إلى ترك الترك.

(٧) لأن الترك يكون في الفعل لا في الترك. هذا وكذا الزيادة العمدية للواجب ركنا أو غيره مبطل للصلاة لصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من زاد في صلاته فعليه الإعادة) (١) ، وصحيح زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها ، واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا) (٢) وإن زاد في الوسائل : (أنه زاد في صلاته المكتوبة ركعة) إلا أن هذه الزيادة غير موجودة في الكافي ، نعم هي موجودة في رواية زرارة المروية في باب السهو في الركوع ، لا في رواية زرارة وبكير المروية في باب من سها في الأربع والخمس فراجع. ثم إن الماتن والشارح لم يتعرضا لهذا الفرع لأن البحث عندهما في التروك لا في الأفعال.

(٨) أما الترك العمدي فهو موجب لبطلان الصلاة لفوات الكل بفوات جزئه ، وأما الترك ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢ و ١.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ السهوي ففي ترك النية لأنها ركن بإجماع العلماء كما عن المنتهى والتذكرة ، وبالإجماع كما عن الوسيلة والتحرير ، ولم يقل أحد بأنها ليست بركن كما عن التنقيح ، وعن التذكرة والنهاية والذكرى وقواعد الشهيد والتنقيح وفوائد الشرائع الإجماع على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا ، وبذلك يخرج عن عموم حديث لا تعاد الصلاة.

وفي ترك التكبيرة سهوا بالإجماع كما عن الذكرى وجامع المقاصد والمدارك والتذكرة والمنتهى والمعتبر بالإضافة إلى الأخبار منها : صحيح زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال عليه‌السلام : يعيد) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة ، قال عليه‌السلام : يعيد الصلاة ولا صلاة بغير افتتاح) (٢).

وأما ترك القيام الركني ، وقد عرفت أنه ركن حال التكبير وكذا المتصل بالركوع كما تقدم الكلام مفصلا في بحث القيام ، وعرفت أن ركنيته عرضية ، ثم تركه في هاتين الحالتين موجب لبطلان الصلاة ولو سهوا أما في حال التكبير فيدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حين افتتح الصلاة وهو قاعد ، فعليه أن يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم ولا يعتدّ بافتتاحه وهو قاعد) (٣).

وأما في المتصل بالركوع فتركه نسيانا يوجب ترك الركوع الركني لأنه لا ركوع إلا عن قيام وترك الركوع الركني موجب للبطلان ولو سهوا كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما ترك الركوع ولو سهوا فهو موجب للبطلان إن لم يمكن تداركه على المشهور شهرة عظيمة للصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم ، قال عليه‌السلام : يستقبل) (٤) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة) (٥) ، وخبر أبي بصير الآخر : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل نسي أن يركع قال عليه‌السلام : عليه الإعادة) (٦) ومثلها غيرها ويكفينا حديث لا تعاد وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور والوقت ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الركوع حديث ١ و ٣ و ٤.

٢٥٠

(والسجدتان معا) ، أما إحداهما (١) فليست ركنا على المشهور ، مع أن الركن بهما

______________________________________________________

ـ والقبلة والركوع والسجود ، ثم قال عليه‌السلام : القراءة سنة والتشهد سنة والتكبير سنة ولا تنقض السنة الفريضة) (١).

وهناك أقوال أخر في المسألة فعن ابن بابويه وابن الجنيد التفصيل بين الركعة الأولى فتبطل دون غيرها من الركعات فلو نسي الركوع في البقية ولم يتذكر إلا بعد السجود فيحذف السجدتين ويجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة ، وليس له مستند إلا الفقه الرضوي حيث ورد فيه : (وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الأولى فأعد صلاتك لأنه إذا لم تصح لك الركعة الأولى لم تصح صلاتك) (٢) إلى آخره ، وهو لا يقاوم ما تقدم من الأخبار.

واختار الشيخ في المبسوط التفصيل بين الركعتين الأوليين وثالثة المغرب وبين الأخيرتين من الرباعية فاختار البطلان في الأول ، والصحة في الثاني بإسقاط السجدتين وإتمام الصلاة بعد تدارك الركوع ، وليس له مستند أصلا كما اعترف به غير واحد. نعم جمع بين الأخبار بذلك بحمل أخبار البطلان على الشق الأول وبحمل أخبار الصحة التي سيأتي التعرض لها على الشق الثاني وهو جمع تبرعي لا شاهد له.

ونسب للشيخ في المبسوط إلى بعض أصحابنا الحكم بالصحة مطلقا مع إسقاط الزائد وتدارك الركوع ويشهد له صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع قال عليه‌السلام : فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه) (٣) وهو لا يصلح لمعارضة ما سبق وقد دل على البطلان لأنه أكثر وأوضح وأوثق وأحوط والعمل به أشهر.

ثم إن ترك السجدتين سهوا موجب للبطلان إن لم يمكن التدارك وقيل إنه مما لا خلاف فيه لحديث لا تعاد.

(١) أي إحدى السجدتين ، فلو نسي سجدة حتى ركع فلا تبطل صلاته وعليه قضاء السجدة فيما بعد على المشهور لأن الركن هو مجموع السجدتين ويشهد له صحيح ابن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أنه لم يسجد ، قال عليه‌السلام : فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنها قضاء) (١) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه سأله عن رجل نسي سجدة ، فذكرها بعد ما قام وركع قال : يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلّم ، فإذا سلّم سجد مثل ما فاته) (٢) ومثلها صحيح أبي بصير (٣) وخبر علي بن جعفر (٤).

وعن العماني والكليني بطلان الصلاة بنسيان السجدة ولم يمكن تداركها لخبر المعلّى بن خنيس : (سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال عليه‌السلام : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء) (٥).

وفيه : إن الخبر ضعيف في نفسه لأنه مرسل هذا فضلا عن أن المعلّى قد قتل في حياة الإمام الصادق عليه‌السلام فكيف يروي عن الكاظم عليه‌السلام بالإضافة إلى أنه لا يقاوم النصوص المتقدمة لأنها أكثر وأصح سندا.

وقال الشارح في الروض : «وربما نقل عن ابن أبي عقيل أن الإخلال بالواحدة مبطل وإن كان سهوا لصدق الإخلال بالركن إذ الماهية المركبة تفوت بفوات جزء منها وقد تقرر أن الركن مجموع السجدتين ولرواية المعلّى بن خنيس الدالة على ذلك» وأما الرواية فقد عرفت ما فيها وأما الدليل الأول فقد رده الشهيد في الذكرى بقوله : «والجواب أن انتفاء الماهية هنا غير مؤثر مطلقا وإلا لكان الإخلال بعضو من أعضاء السجود مبطلا ولم يقل به أحد ، بل المؤثر هو انتفاؤها بالكلية ، ولعل الركن مسمّى السجود ولا يتحقق الإخلال به إلا بترك السجدتين معا».

ورد الشارح في الروض على جواب الشهيد بقوله : «وفيه نظر لأن الركن إذا كان هو المجموع لزم منه البطلان بفوات الواحدة لاستلزامه الإخلال به ، فاللازم إما عدم ركنيّة المجموع أو بطلان الصلاة بكل ما يكون إخلالا به ، وما ادّعاه من لزوم البطلان بالإخلال بعضو من أعضاء السجود غير ظاهر ، لأن وضع ما عدا الجبهة لا دخل له في السجود كالذكر والطمأنينة ، بل هي واجبات له خارجة عن حقيقته ، وإنما حقيقته وضع ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ١ و ٢ و ٤ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ٥.

٢٥٢

يكون مركبا ، وهو يستدعي فواته بفواتها (١).

واعتذار المصنف في الذكرى بأن الركن مسمى السجود (٢) ولا يتحقق الإخلال به إلا بتركهما معا خروج عن المتنازع فيه (٣) لموافقته (٤) على كونهما معا هو الركن وهو يستلزم الفوات بإحداهما ، فكيف يدّعي (٥) أنه مسمّاه ، ومع ذلك (٦) يستلزم بطلانها (٧) بزيادة واحدة لتحقق المسمّى (٨) ، ولا قائل به ، وبأن انتفاء الماهية (٩) هنا (١٠) غير مؤثر مطلقا (١١) ، وإلا لكان الإخلال بعضو من أعضاء

______________________________________________________

ـ الجبهة على الأرض وما في حكمها.

وأما الجواب الثاني ففيه خروج عن السؤال من رأس ، لأنه وارد على جعل المجموع معا ركنا كما قد اشتهر بين الأصحاب ، مع أن التزام ما ذكر يستلزم بطلان الصلاة بزيادة السجدة الواحدة لتحقق المسمّى ولم يقل به أحد ، فإن ابن أبي عقيل إنما حكم ببطلان الصلاة بنسيان الواحدة لا بزيادتها على ما نقله عنه المجيب ، وبالجملة فالحكم بذلك مناف للحكم بعدم البطلان بفوات الواحدة إن تمّ أن الركن مطلقا يبطل الصلاة بزيادته ونقصانه مطلقا» انتهى ، وقد أشار الشارح إلى ذلك فيما كتبه في الروضة وإن كان ما كتبه هنا لا يخلو من إجمال لا يمكن فهمه إلا بما قدمناه.

(١) أي فوات الركن بفوات السجدة ويكون الحق مع ابن أبي عقيل.

(٢) وهو الجواب الثاني للشهيد في الذكرى.

(٣) لأن كلام ابن أبي عقيل مبني على كون الركن هو مجموع السجدتين لا مسمى السجود.

(٤) أي لموافقة الشهيد في الذكرى على كون السجدتين معا هو الركن.

(٥) أي فكيف يدعي الشهيد في الذكرى بعد اعتراف أن الركن هو مجموع السجدتين بأن الركن هو مسمى السجود.

(٦) أي ومع كون الركن هو مسمى السجود فيلزم بطلان الصلاة بزيادة الركعة لتحقق المسمى حينئذ وهذا ما لم يقل به أحد.

(٧) أي بطلان الصلاة بزيادة ركعة واحدة.

(٨) أي مسمى السجود وهو الركن بحسب الفرض.

(٩) الجواب الأول للشهيد في الذكرى عن استدلال ابن أبي عقيل ، وهذا الجواب مبني على كون الركن هو مجموع السجدتين.

(١٠) أي في الأحكام الشرعية لأن ماهياتها مخترعة من قبل الشارع فقد ينتفي الجزء ولا ينتفي الكل إذا حكم الشارع بثبوته لأن تقررها بيد الشارع وضعا ورفعا.

(١١) لا كلا ولا بعضا.

٢٥٣

السجود مبطلا بل المؤثر انتفاؤها رأسا (١) ، فيه ما مرّ (٢). والفرق بين الأعضاء غير الجبهة وبينها (٣) بأنها (٤) واجبات خارجة عن حقيقته (٥) كالذكر والطمأنينة دونها (٦).

ولم يذكر المصنف حكم زيادة الركن مع كون المشهور أن زيادته على حد نقيصته (٧) ، ...

______________________________________________________

(١) أي انتفاء الماهية من رأسها بأن لم يتحقق شي‌ء من السجود في مجموع الركعتين.

(٢) أي ما مرّ في أول البحث من أن الركن إذا كان مجموع السجدتين فهو منتف بفوات جزئه الذي هو السجدة الواحدة.

(٣) وبين الجبهة.

(٤) أي بأن الأعضاء غير الجبهة.

(٥) عن حقيقة السجود كما تقدم في مبحث السجود.

(٦) دون الجبهة فإن السجود متقوم بوضعها على الأرض لغة وعرفا كما تقدم بحثه هناك.

(٧) فتبطل الصلاة بزيادة الركن عمدا أو سهوا ، أما عمدا فلما تقدم من أن مطلق الزيادة العمدية للواجب تبطل الصلاة وقد بسطنا القول فيه عند شرح قوله : «نوع من التجوز فراجع».

وأما الزيادة السهوية للركن فللإجماع بناء على أن الركن هو ما يوجب الإخلال به إبطال الصلاة زيادة ونقيصة عمدا وسهوا ، وعن المهذب البارع نسبته إلى الفقهاء ، ويؤيده ما في الحدائق من نفي الخلاف عن أن زيادة تكبيرة الإحرام سهوا توجب بطلان الصلاة ، وما في مجمع البرهان من الإجماع على قدح زيادة الركوع والسجدتين ، وفي المدارك من أنه لا يعلم فيه مخالفا ، وعن الرياض نفي الخلاف فيه.

ولكن عن الروض وجامع المقاصد تفسير الركن بما يبطل الصلاة بتركه عمدا أو سهوا من دون دخل للزيادة في معناه وحكي تفسيره بذلك عن الشيخ في المبسوط وجمع ممن تأخر عنه.

هذا ولفظ الركن لم يرد في خبر أو أثر وإنما هو مصطلح في ألسنة الفقهاء فإن تم الإجماع على كونه شاملا للزيادة السهوية فهو وإلا فالمرجع بقية النصوص الواردة في أبوابها.

فبالنسبة للنية فلا يكاد يتصور زيادتها بناء على أنها الداعي إذ هو واحد مستمر من أول الصلاة إلى آخرها ، نعم بناء على أنها إخطارية فيمكن زيادتها ولكن زيادتها لا تضر لأن الاستدامة الفعلية أقوى من الحكمية وقد اكتفوا بالحكمية حذرا من الحرج والعسر فلو

٢٥٤

تنبيها على فساد الكلية (١) في طرف الزيادة ، لتخلفه (٢) في مواضع كثيرة لا تبطل بزيادته (٣) سهوا ، كالنية فإن زيادتها مؤكدة (٤) لنيابة الاستدامة الحكمية عنها (٥) تخفيفا فإذا حصلت (٦) كان أولى (٧) ، وهي مع التكبير فيما لو تبين للمحتاط الحاجة إليه (٨) أو سلّم على نقص ، وشرع في صلاة أخرى ...

______________________________________________________

ـ فرض الإتيان بالفعلية من دون حرج فهو المطلوب. وأما القيام فقد عرفت أنه ركن حال التكبير والمتصل بالركوع فلا يعقل زيادته إلا بزيادة التكبير وزيادة الركوع فهو ركن عرضي كما تقدم.

وأما تكبيرة الإحرام فزيادتها السهوية موجبة للبطلان للإجماع وفي الحدائق نفي الخلاف فيه ، وأما الزيادة السهوية للركوع أو السجدتين فلا دليل على بطلانه للصلاة إلا الإجماع المدعى في كلمات غير واحد ليس إلا.

وأما التمسك بحديث لا تعاد على أن زيادة الركوع والسجود موجب للإعادة ليس في محله لأن سياقه ناظر إلى النقيصة لا إلى الزيادة فافهم.

(١) أي عدم ذكر المصنف لزيادة الركن إنما هو تنبيه على أن الكلية الشائعة بين الفقهاء أن الركن يبطل الصلاة بزيادته ولو سهوا فاسدة.

(٢) أي لتخلف الحكم ببطلان الصلاة بزيادة الركن سهوا.

(٣) أي لا تبطل الصلاة بزيادة الركن.

(٤) أي مؤكدة لبقاء النية استدامة وهذا مبني على كونها إخطارية.

(٥) أي عن النية الفعلية للحرج والعسر كما عرفت.

(٦) أي النية الفعلية بالزيادة المدعاة.

(٧) أي كان الحاصل أولى من الاستدامة الحكمية.

(٨) أي الحاجة إلى الاحتياط وذلك فيما لو شك بين الثلاث والأربع فأتى بصلاة الاحتياط ثم بعد الفراغ علم أن صلاته ناقصة فيكون الاحتياط مكملا لها وتجزيه ، ويغتفر ما زيد من الأركان من النية وتكبيرة الإحرام لخبر عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فقم فصل ما ظننت أنك نقصت فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي‌ء ، وإن ذكرت أنك نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (١) سواء كانت صلاة الاحتياط عن جلوس أو قيام وخالف في الموجز فحكم بالإعادة إذا كانت صلاة الاحتياط عن جلوس وقد تبين أن الركعة التي فاتته عن قيام ، وفي كشف الالتباس : لم أجد له موافقا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

٢٥٥

قبل فعل المنافي مطلقا (١) والقيام إن جعلناه مطلقا ركنا كما أطلقه (٢) ، والركوع فيما لو سبق به المأموم إمامه سهوا ثم عاد إلى المتابعة (٣) ، والسجود فيما لو زاد

______________________________________________________

(١) مثال آخر للزيادة السهوية للركن من دون أن تبطل الصلاة ، كما لو صلى الظهر ركعتين ثم سلم وشرع في فريضة أخرى ولم يأت بالمنافي بينهما ثم تذكر نقصان الأولى ، فيعدل بما صلّاه للثانية إلى الأولى إن أمكن اكتمال الأولى بما آتاه للثانية ولا تضر زيادة النية وتكبيرة الإحرام لما رواه في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عليه‌السلام : (أنه كتب إليه يسأله عن رجل صلى الظهر ودخل في العصر ، فلما صلّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع؟ فأجاب عليه‌السلام : إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين ، وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر ، وصلى العصر بعد ذلك) (١).

وفيه : إنه مرسل ومهجور بين الأصحاب فلا يعتمد عليه فلا يصح جعل هذا المورد من موارد الزيادة السهوية للركن غير المضرة.

(٢) أي كما أطلقه المصنف في قوله السابق : «أو ترك أحد الأركان الخمسة ولو سهوا وهي النية والقيام والتحريمة والركوع والسجدتان معا».

وتتحقق زيادته السهوية غير المبطلة كما لو قام إلى الثالثة ثم تذكر أنه نسي التشهد فيرجع ويتشهد ثم يقوم ، ولكن قد عرفت أن القيام الركني هو المقارن للتكبير والمتصل بالركوع وعليه فهو قيام خاص فلا استثناء من الكلية السابقة وليس هذا من موارد الزيادة السهوية للركن غير المبطلة.

(٣) على المشهور لصحيح ابن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يركع مع الإمام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال عليه‌السلام يعيد ركوعه معه) (٢) ومثلها رواية سهل الأشعري (٣).

وكذا في السجود فيجب العود للمتابعة لصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى مع إمام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجود ، قال عليه‌السلام : فليسجد) (٤) وخبر ابن فضال عن أبي الحسن عليه‌السلام : (قلت له : أسجد مع الإمام فأرفع رأسي قبله أعيد؟ قال : أعد واسجد) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٢ و ١ و ٥.

٢٥٦

واحدة (١) إن جعلنا الركن مسمّاه (٢) ، وزيادة جملة الأركان غير النية ، والتحريمة فيما إذا زاد ركعة آخر الصلاة وقد جلس بقدر واجب التشهد (٣) ، أو أتمّ المسافر

______________________________________________________

ـ نعم لو أتم ولم يرجع فتصح صلاته. وعن العلامة في التذكرة والنهاية وسيد المدارك استحباب الإعادة جمعا بين ما تقدم وخبر غياث بن إبراهيم : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، أيعود يركع إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه معه؟ قال : لا) (١).

(١) سهوا.

(٢) مسمى السجود ، وقد عرفت أن الركن هو مجموع السجدتين للإجماع ، وعليه فليس هذا المورد من موارد الزيادة السهوية للركن غير المبطلة.

(٣) ذهب الشيخ في التهذيب والعلامة في القواعد والمختلف وموضع من القواعد والمنتهى والمحقق في المعتبر والشهيد في الألفية والثاني في الروض والمسالك بل نسبه في المسالك إلى المتأخرين إلى صحة صلاته إذا زاد ركعة وقد جلس في آخر صلاته بمقدار التشهد الواجب لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل صلى خمسا فقال عليه‌السلام : إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته) (٢) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل استيقن. بعد ما صلى الظهر. أنه صلى خمسا ، قال عليه‌السلام : وكيف استيقن؟ قلت : علم ، قال عليه‌السلام : إن كان علم أنه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فتكونان ركعتين نافلة ولا شي‌ء عليه) (٣) ومثلها غيرها.

وذهب المشهور خصوصا القدماء إلى أن زيادة الركعة مبطلة للصلاة لموثق زيد الشحام : (سألته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات ، قال عليه‌السلام : إن استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد) (٤) وصحيح زرارة. المروي في الكافي في باب السهو في الركوع. عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا استيقن أنه زاد في الصلاة المكتوبة ركعة فليستقبل صلاته استقبالا) (٥) ، وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل صلى فذكر أنه زاد سجدة ، قال عليه‌السلام : لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

٢٥٧

ناسيا إلى أن خرج الوقت (١).

واعلم أن الحكم بركنية النية هو أحد الأقوال فيها ، وإن كان التحقيق يقتضي كونها بالشرط أشبه (٢).

وأما القيام فهو ركن في الجملة (٣) إجماعا على ما نقله العلامة (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ ركعة) (١) ومثلها غيرها.

والترجيح لهذه الطائفة بعد إعراض القدماء عن الطائفة الأولى وموافقتها لبعض العامة حيث حكي عن الثوري وأبي حنيفة ما يوافق مضمونها.

(١) فلا يعيد وإن زاد في صلاته لأنها مغفورة على المشهور لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات ، قال عليه‌السلام : إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه) (٢) بعد حمل السؤال على الظهرين بقرينة أربع ركعات ، وحمل اليوم على النهار ، ويؤيده صحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة ، قال عليه‌السلام : إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا) (٣) بعد حمله على النسيان.

وعن الصدوق ووالده والشيخ في المبسوط وجوب الإعادة مطلقا لصحيح الحلبي : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر ، قال عليه‌السلام : أعد) (٣).

(٢) ظاهره أن القول بشرطية النية يتنافى مع القول بركنيتها ، وكأن القول بالركنية منحصر عند القائلين بالجزئية.

مع أنه قد عرفت سابقا الاتفاق على ركنيتها وإن اختلفوا في أنها جزء أو شرط فقد صرح الشارح في الروض بقوله : «ولكن اختلف في كونها شرطا لها أو جزءا منها مع الاتفاق على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا» مع العلم أن النقيصة العمدية والسهوية المبطلة للصلاة هي مفهوم الركن كما تقدم ، وعن التنقيح : «لم يقل أحد بأنها ليست بركن».

(٣) باعتبار أن الركن هو المقارن لتكبيرة الإحرام والمتصل بالركوع ، وقد تقدم أنه ركن عرضي وأشبعنا الكلام في بحث القيام فراجع.

(٤) قد تقدم في بحث القيام أن العلامة ادعى الإجماع على ركنيته كيفما اتفق ولذا ناقشه الشارح هنا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٢) (٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ١ و ٦.

٢٥٨

ولولاه (١) لأمكن القدح في ركنيته ، لأن زيادته ونقصانه لا يبطلان إلا مع اقترانه بالركوع (٢) ، ومعه (٣) يستغنى عن القيام ، لأن الركوع كاف في البطلان. وحينئذ فالركن منه (٤) ، إما ما اتصل بالركوع ويكون إسناد الإبطال إليه (٥) بسبب كونه أحد المعرّفين له (٦) ، أو يجعل ركنا كيف اتفق (٧) ، وفي موضع لا تبطل (٨) بزيادته (٩) ونقصانه (١٠) يكون مستثنى كغيره (١١) ، وعلى الأول (١٢) ليس مجموع القيام المتصل بالركوع ركنا (١٣) ، بل الأمر الكلّي منه (١٤) ، ومن ثمّ لو نسي القراءة ، أو أبعاضها لم تبطل الصلاة ، أو يجعل الركن منه ما اشتمل على ركن كالتحريمة (١٥) ، ...

______________________________________________________

(١) أي ولو لا الإجماع.

(٢) وكذا مع مقارنته للتكبير.

(٣) ومع الركوع الزائد.

(٤) أي من الركوع ولذا قلنا سابقا إن ركنية القيام المتصل بالركوع عرضية.

(٥) إلى القيام الزائد.

(٦) للبطلان وهذا دفع لما قد يتوهم من أن الركن هو الركوع فلا فائدة في إطلاق الركنية على القيام ودفعه أنه لا ضير في استناد الإبطال إلى زيادة الركوع وإلى زيادة القيام لأن كل واحد منهما معرّف ودال على البطلان لأن العلل والأسباب الشرعية معرفات للأحكام وليست عللا عقلية.

(٧) كما هو رأي العلامة في المنتهى.

(٨) أي الصلاة.

(٩) كما لو نسي التشهد وتذكر في قيام الثالثة فإنه يهدم القيام ويتشهد.

(١٠) كما لو قرأ جالسا ناسيا للقيام بعد تحقق التكبيرة عن قيام وتذكر بعد القراءة فوقف وركع عن قيام.

(١١) من الأركان التي استثنيت زيادتها ونقيصتها السهوية ، وقد تقدم قبل قليل موارد من الزيادة السهوية للركن غير المبطلة فليكن هذا منها.

(١٢) من كون الركن هو القيام المتصل بالركوع.

(١٣) فيشمل القيام المصاحب للقراءة.

(١٤) وهو الجزء الأخير المتصل بالركوع لما تقدم من أن القيام قبل الركوع مأخوذ في مفهوم الركوع.

(١٥) وهو الحق وقد تقدم.

٢٥٩

ويجعل (١) من قبيل المعرّفات السابقة (٢).

وأما التحريمة فهي التكبير المنوي به الدخول في الصلاة ، فمرجع ركنيتها إلى القصد لأنها ذكر لا تبطل بمجرده (٣).

وأما الركوع فلا إشكال في ركنيته (٤) ، ويتحقق بالانحناء إلى حدّه ، وما زاد عليه من الطمأنينة ، والذكر ، والرفع منه واجبات زائدة عليه (٥) ، ويتفرّع عليه بطلانها بزيادته (٦) كذلك وإن لم يصحبه غيره وفيه بحث (٧).

وأما السجود ففي تحقق ركنيته ما عرفته (٨) ، (وكذا الحدث) المبطل للطهارة من جملة التروك التي يجب اجتنابها ، ولا فرق في بطلان الصلاة به بين وقوعه عمدا وسهوا على أشهر القولين (٩).

______________________________________________________

(١) أي القيام المقارن للتحريمة.

(٢) فيصح إسناد البطلان إليه عند عدمه كما يصح إسناد البطلان إلى التحريمة عند عدمها.

(٣) بمجرد الذكر إذ يجوز مطلق الذكر في الصلاة ولذا جاز التوجه بست تكبيرات أخرى ، وقد تقدم البحث في ركنية تكبيرة الإحرام ، وتقدم البحث في تعيين تكبيرة الإحرام من بين التكبيرات السبع.

(٤) وقد تقدم في ثنايا هذا الفصل الدليل على أن زيادته ونقصانه عمدا وسهوا مبطل للصلاة وهذا هو معنى الركن.

(٥) كما تقدم بحثه في أول بحث الركوع.

(٦) أي بطلان الصلاة بزيادة الركوع بما هو انحناء إلى حد الركوع وإن لم يصحبه غيره من بقية الواجبات المصاحبة للركوع.

(٧) حيث ذهب الشيخ في الخلاف إلى أن الطمأنينة في الركوع ركن ، وردّ عليه الشهيد في الذكرى بأن الأصل ينفي ذلك ويصدق مسمى الركوع بالانحناء مع أن الركن هو الركوع ، وبأن الطمأنينة قد وجبت للذكر وهو غير ركن.

(٨) في أثناء هذا الفصل من كون الركن هو مجموع السجدتين أو مسمى السجود.

(٩) ولم يخالف إلا الشيخ المفيد في المتيمم لو أحدث في الصلاة ناسيا ووجد الماء تطهر وبنى على ما مضى من صلاته من دون استدبار ، وتبعه عليه الشيخ في النهاية واحتمله في التهذيب والاستبصار لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب ماء ، قال عليه‌السلام : يخرج ويتوضأ ـ

٢٦٠