الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

واحد معقّبا ، فلو لم يبق منها أحد كذلك وإن لم يتفرق بالأبدان لم يسقطا عن الثانية ، وكذا يسقطان عن المنفرد بطريق أولى (١) ، ولو كان السابق منفردا لم يسقطا عن الثانية مطلقا (٢).

ويشترط اتحاد الصلاتين (٣) ، أو الوقت والمكان عرفا (٤) ، وفي اشتراط كونه مسجدا وجهان (٥) ، وظاهر الإطلاق (٦) عدم الاشتراط (٧) وهو الذي اختاره المصنّف في الذكرى ، ويظهر من فحوى الأخبار أن الحكمة في ذلك مراعاة جانب الإمام السابق في عدم تصوير الثانية بصورة الجماعة ومزاياها ، ولا يشترط العلم بأذان الأولى وإقامتها ، بل عدم العلم بإهمالها لهما (٨) مع احتمال السقوط عن الثانية مطلقا (٩)

______________________________________________________

(١) وجه الأولوية أن الأذان والإقامة في الجماعة آكد منهما في المنفرد ومع ذلك يسقطان في الجماعة فسقوطهما عن المنفرد أولى فضلا عن الأخبار المصرّحة بذلك كخبر أبي بصير المتقدم.

(٢) منفردا أو جماعة اقتصارا في الرخصة على مورد النص.

(٣) كما عن الشيخ في المبسوط وإطلاق الأخبار يقتضي العدم فلو كانت الجماعة الأولى قد صلت الظهر وأتت الجماعة الثانية تريد صلاة العصر لاندرجوا تحت خبر أبي بصير المتقدم ، نعم في خبر أبي علي ذكر الفجر ولكن لم يكن على نحو الاشتراط حتى يثبت اشتراط اتحاد الصلاتين.

(٤) أما اشتراط الوقت فهو لا يزيد عن اشتراط اتحاد الصلاتين وقد عرفت ما فيه ، وأما اشتراط المكان فواضح اقتصارا في الرخصة على موضع النص وهو وحدة المسجد بين الصلاتين.

(٥) بل قولان وقد تقدم الكلام في ذلك.

(٦) أي إطلاق الأخبار.

(٧) وهو صحيح في اتحاد الصلاتين والوقت وأما في المكان والمسجد فلا بدّ من الاشتراط كما سمعت ، بل الحكمة هي مراعاة جانب الإمام الراتب ولذا ورد في ذيل خبر أبي علي المتقدم عن الجماعة الثانية (يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو. يبدر. بهم إمام) وهذا كاشف عن عدم تصوير الصلاة الثانية بصورة الجماعة لجانب الإمام الراتب.

(٨) أي بإهمال الجماعة الأولى للأذان والإقامة حملا لفعل المسلم على الصحيح بمعنى الكامل ثوابا.

(٩) حتى مع العلم بإهمال الأولى لهما.

١٤١

عملا بإطلاق النص (١) ، ومراعاة الحكمة (٢).

(ويسقط الأذان في عصري عرفة) (٣) لمن كان بها (والجمعة (٤) ، وعشاء) ليلة

______________________________________________________

(١) وفيه أنه ولو وجد فلا بد من حمله على ما لو أذنت الأولى وأقامت لأن غالب النصوص قد صرحت بأذان الأولى وإقامتها.

(٢) المستفادة من خبر أبي علي المتقدم وفيه : إن مراعاة الحكمة فيما لو أتت الأولى بأذان وإقامة كما هو مورد خبر أبي علي ، وفي غير هذا المورد فلا بدّ من التمسك بإطلاق أدلة مشروعية الأذان والإقامة.

(٣) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ، ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة) (١).

ومرسل الفقيه : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين) (٢).

ومقتضى هذه الأخبار أن الأذان يسقط للصلاة الثانية لمن أراد الجمع لا مع التفريق في خصوص عرفة لمن كان بها وكذا في المزدلفة ، فما يظهر من البعض بسقوط الأذان مع التفريق ولمن كان في خارج عرفة ضعيف جدا.

(٤) أي يسقط أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت بين العصر والظهر أو بين العصر والجمعة ويستدل له بخبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة) (٣) بناء على تفسيره بأذان العصر لأنه ثالث بعد أذان الصبح وأذان الظهر ، أو أنه ثالث بعد الأذان والإقامة للظهر لكن عن جماعة أنه الأذان الثاني للظهر ، الذي ابتدعه عثمان وقد رواه في مجمع البيان عن السائب بن زيد ، وعن بعض أنه ابتدعه معاوية.

وعن الشيخ الاستدلال للحكم بصحيح الفضيل وزرارة وجماعة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين) (٤) ، وقد وردت جملة من النصوص على أنه جمع بين الصلاتين بأذان واحد وإقامتين كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

١٤٢

(المزدلفة) (١) وهي المشعر ، والحكمة فيه (٢) مع النصّ (٣) استحباب الجمع بين الصلاتين (٤) ، والأصل في الأذان الإعلام ، فمن حضر الأولى صلى الثانية فكانتا كالصلاة الواحدة (٤) ، وكذا يسقط في الثانية عن كل جامع (٦) ولو جوازا (٧)

______________________________________________________

واحد وإقامتين) (١).

وعليه فتخصيص سقوط أذان عصر يوم الجمعة فقط عند الجمع ليس في محله بل يشمل غيره من الأيام ويشمل غير الظهرين من يوم الجمعة وهذا ما أشكله سيد المدارك وهو في محله. وعن ابن إدريس سقوط أذان العصر يوم الجمعة لمن صلى الجمعة دون الظهر ، وهو كما ترى ، وعن المفيد وابن البراج استحباب أذان العصر يوم الجمعة كسائر الأيام ويمكن حمل كلامهما على عدم الجمع بينهما لأنك قد عرفت أن السقوط لعلة الجمع ، ثم إن لفظ «عصري» الوارد في كلام المصنف إنما هو بالنسبة لعرفة والجمعة كما هو واضح.

(١) لمن كان فيها وقد تقدم الكلام فيه.

(٢) في سقوط الأذان في هذه الموارد الثلاثة.

(٣) وهو النصوص الواردة في سقوط الأذان لعصر عرفة ولعشاء المزدلفة وقد تقدمت ، وأما سقوط أذان عصر الجمعة فلا يوجد عليه نص كما عرفت بل ادعى بعضهم عليه الإجماع ليس إلا.

(٤) في هذه الموارد الثلاثة ، وعليه فيكون سقوط أذان الثانية لمكان الجمع لا لخصوصية البقعة أو لخصوص زمن الجمعة.

(٥) فلذا سقط الأذان في الثانية إذ لا داعي للإعلام بها بعد جمعها مع الأولى.

(٦) وقد تقدم دليله وهو التأسي بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوارد في صحيح ابن سنان المتقدم.

(٧) أي ولو كان الجمع جائزا على نحو الرخصة لأن الأصل في الصلاة التفريق ونصوص الجمع واردة على نحو الرخصة فلا يكون الجمع أفضل ، نعم الجمع في عرفة والمزدلفة ويوم الجمعة مستحب أما في عرفة والمزدلفة للأمر بالجمع في صحيح ابن سنان المتقدم ، وفي صحيح ابن مسلم (لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل) (٢) وفي موثق سماعة (عن الجمع في المغرب والعشاء الآخرة ب (جمع) فقال عليه‌السلام : لا تصلها حتى تنتهي إلى (جمع) وإن مضى من الليل ما مضى) (٣). وأما الأمر بالجمع في يوم الجمعة فلا يوجد في النصوص ما يدل عليه ، نعم ورد أن وقت العصر في يوم الجمعة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام حديث ١ و ٢.

١٤٣

والأذان لصاحبة الوقت (١) ، فإن جمع في وقت الأولى (٢) أذّن لها وأقام ثم أقام

______________________________________________________

كوقت الظهر في غيره ، ففي خبر سفيان بن السمط قال : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة؟ فقال : في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة) (١) ولكن لا يدل على استحباب الجمع بين الصلاتين إذ الجمع بينهما يقتضي عدم تفريقهما بنافلة كما تقدم في المواقيت مع أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقدم العصر ويأتي بها بعد الجمعة فاصلا بينهما ببقية نوافل الجمعة وكان يأتي بالعصر مع الأذان وهذا كاشف عن عدم استحباب الجمع بينهما بحيث لا نافلة بينهما فضلا عن استحباب أذان العصر كما في خبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وربما كان يصلي. أي رسول الله. يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر ، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن ويصلّي ركعتين ثم يقيم فيصلي العصر) (٢).

نعم في المعتبر «ويجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان وإقامتين. كذا قال الثلاثة وأتباعهم. لأن يوم الجمعة تجمع صلواتها وتسقط ما بينهما من النوافل».

وعن النهاية والمنتهى للعلامة : «قال علماؤنا : تجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد وإقامتين لأن يوم الجمعة تجمع بين الصلاتين ويسقط ما بينهما من النوافل فيكتفى فيهما بأذان واحد».

وعليه فلا يوجد إلا الإجماع مع أنه مخالف لنصوص كيفية الإتيان بنوافل الجمعة وقد تقدمت في بحث المواقيت الدالة على وقوع بعض نوافل الجمعة بين الصلاتين وهذا كاشف عن عدم استحباب الجمع بينهما.

(١) فالمناط على أنه إذا جمع في وقت الصلاة الأولى كالجمع بين الظهرين في عرفة فالأذان للأولى وللثانية إقامة فقط ، ولو جمع في وقت الصلاة الثانية كالجمع بين العشاءين في المزدلفة فالأذان للثانية وللأولى إقامة فقط غير أنه يؤذن للثانية ثم يقيم للأولى ثم يقيم للثانية ، وعليه فالأذان لصاحبة الوقت ، لأن الأذان للإعلام وهو مشرّع عند دخول وقت الصلاة فلذا كان دائما لصاحبة الوقت ، هذا على المشهور بينهم.

وعن المحقق والعلامة وجماعة أن الأذان دائما للأولى وهو الظاهر من عبارة المبسوط ويؤيده صحيح ابن سنان المتقدم (السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان ، وكذلك المغرب والعشاء بمزدلفة) (٣).

(٢) أي في وقت فضيلة الأولى ، ولازمه لو جمع بعد خروج وقت الفضيلة للصلاتين أن لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

١٤٤

للثانية ، وإن جمع في وقت الثانية أذّن أولا بنية الثانية ، ثم أقام للأولى ثم للثانية.

وهل سقوطه في هذه المواضع (١) رخصة فيجوز الأذان ، أم عزيمة فلا يشرع ، وجهان (٢) ، من أنه عبادة توقيفية (٣) ، ولا نصّ عليه هنا بخصوصه

______________________________________________________

يكون الأذان لإحداهما.

(١) الثلاثة من الجمعة وعرفة والمزدلفة.

(٢) أما في يوم الجمعة بالنسبة لسقوط أذان العصر فالمحكي عن البيان والروضة هنا وكشف اللثام وغيرها أن السقوط عزيمة وعليه فالأذان للعصر يكون حراما ، وعن المبسوط والعلامة في جملة من كتبه والذكرى وجامع المقاصد وغيرها أن الأذان للعصر مكروه ، وعن الدروس أنه مباح.

وقد عرفت أن العمدة في سقوطه هو الإجماع ، ولو سلم به فهو مجمل لا يدل على أن السقوط للعزيمة أو للرخصة فتبقى أدلة مشروعية الأذان مطلقة وبه يثبت أن سقوطه على نحو الرخصة خصوصا بعد ما سمعت من خبر زريق المتقدم من أذان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعصر يوم الجمعة.

وأما في عرفة والمزدلفة فقد نسب إلى جماعة أن السقوط عزيمة والأذان بدعة ، وعن الشهيد في بعض كتبه والمحقق أنه مكروه وعن الدروس الإباحة ، والوارد هو صحيح ابن سنان المتقدم المصرح بكون السنة إيقاع الصلاة الثانية بلا أذان وهو كاشف عن عدم مشروعية الأذان في هذين الموردين.

وأما سقوط الأذان للثانية عند جمعها مع الأولى في مطلق الجمع فنصوص الجمع الدالة على الإتيان بصلاتين بأذان واحد وإقامتين لا تدل على عدم مشروعية الأذان للصلاة الثانية ، فالأقوى مشروعيته لعموم أدلة مشروعية الأذان.

(٣) شروع في دليل كون السقوط عزيمة وحاصله : أن الأذان عبادة توقيفية فيجب ورود النص على مشروعيته في كل مورد والنص مفقود هنا.

إن قلت : يكفي في مشروعيته عموم أدلة تشريعه.

قلت : إن هذا العموم مخصص بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما صلى بأذان واحد وإقامتين.

وفيه : أن فعل النبي من أذان واحد وإقامتين إنما هو في غير هذه المواضع الثلاثة التي هي محل البحث ، وإنما في الحضر من غير علة حتى يخفف عن أمته ، فالأولى الاستدلال في كل مورد على حدة وقد تقدم التحقيق في ذلك.

١٤٥

والعموم مخصّص بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه جمع بين الظهرين والعشاءين لغير مانع بأذان وإقامتين ، وكذا في تلك المواضع (١) والظاهر أنه (٢) لمكان الجمع (٣) لا لخصوصية البقعة (٤) ، ومن أنه (٥) ذكر الله تعالى فلا وجه لسقوط أصلا (٦) ، بل تخفيفا ورخصة ويشكل بمنع كونه بجميع فصوله ذكرا (٧) ، وبأن الكلام (٨) في خصوصية العبادة لا في مطلق الذكر ، وقد صرح جماعة من الأصحاب منهم العلامة بتحريمه في الثلاثة الأول (٩) ، وأطلق الباقون سقوطه (١٠) مع مطلق الجمع (١١).

______________________________________________________

(١) أي المواضع الثلاثة المتقدمة ففي مرسل الفقيه المتقدم (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين) (١) ، وقد عرفت عدم ورود نص بجمع النبي للظهرين بأذان وإقامتين بل سمعت أنه صلى الظهرين بأذانين كما في خبر زريق المتقدم.

(٢) أي أن جمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأذان واحد وإقامتين.

(٣) قد عرفت أن الجمع هو عدم التنفل بين الفريضتين بحيث يأتي بالثانية عقيب الأولى كما تقدم ذلك في بحث المواقيت ، وقد تقدم ذكر النصوص الدالة على جمع النبي بأذان واحد وإقامتين كما في خبر صحيح الفضيل وزرارة المتقدم (٢). وعليه فيستفاد من الجميع أن من أراد عدم التفريق بين الصلاتين يسقط أذان الثانية في حقه وهذا مورد رابع لسقوط الأذان كان على الشارح بيانه بعد ما أشار إليه هنا.

(٤) وهي عرفة أو المزدلفة.

(٥) أي الأذان وهو دليل على كون السقوط رخصة.

(٦) لأن ذكر الله حسن على كل حال.

(٧) فالحيعلات الثلاثة ليست ذكرا لله تعالى ، ولذا لا يجوز حكايتها في الصلاة بل تبدل بالحوقلة كما نص عليه الشيخ وغيره كما في الروض.

(٨) رد ثان وحاصله أن البحث في الأذان بما هو عبادة موظّفة ومشرّعة قبل الصلاة لا بما هو ذكر لله تعالى.

(٩) وهي عصرا عرفة والجمعة وعشاء المزدلفة.

(١٠) سقوط الأذان من دون توضيح أنه رخصة أو عزيمة.

(١١) سواء كان الجمع في الموارد الثلاثة أو غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

١٤٦

واختلف كلام المصنف (رحمه‌الله) ففي الذكرى توقّف في كراهته في الثلاثة استنادا إلى عدم وقوفه فيه على نصّ ، ولا فتوى ، ثم حكم بنفي الكراهة وجزم بانتفاء التحريم فيها وببقاء الاستحباب في الجمع بغيرها (١) مؤوّلا الساقط بأنه أذان الإعلام ، وأن الباقي أذان الذكر والإعظام (٢) ، وفي الدروس قريب من ذلك ، فإنه قال : ربّما قيل بكراهته في الثلاثة ، وبالغ من قال بالتحريم ، وفي البيان : الأقرب أن الأذان في الثلاثة حرام مع اعتقاد شرعيته ، وتوقّف في غيرها (٣) ، والظاهر التحريم فيما لا إجماع على استحبابه منها (٤) ، لما ذكرناه (٥).

______________________________________________________

(١) بغير الموارد الثلاثة.

(٢) اعلم أن الأذان على قسمين : أذان إعلام وأذان صلاة ، والذي يدل على الأول جملة كثيرة من النصوص منها :

صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة) (١).

وخبر سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام (من أذن سبع سنين احتسابا جاء يوم القيامة ولا ذنب له) (٢).

وخبر سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام (من أذن عشر سنين محتسبا يغفر الله مد بصره وصوته في السماء ، ويصدّقه كل رطب ويابس سمعه ، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم ، وله من كل من يصلي بصوته حسنة) (٣).

والجميع ظاهر في استحباب الأذان بما هو في نفسه لإعلام الناس دخول الوقت.

والذي يدل على الثاني أخبار كثيرة منها : خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا صلاة إلا بأذان وإقامة) (٤) فما عن البعض من إنكار أذان الإعلام أو إنكار أذان الصلاة ليس في محله.

(٣) غير الثلاثة.

(٤) من هذه المذكورات.

(٥) من أنه توقيفي فلا يشرّع إلا بدليل خاص.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٣ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

١٤٧

وأما تقسيم الأذان إلى القسمين (١) فأضعف (٢) لأنه عبادة خاصة أصلها الإعلام (٣) ، وبعضها (٤) ذكر ، وبعضها غير ذكر وتأدّي وظيفته بإيقاعه سرا ينافي اعتبار أصله (٥) ، والحيعلات تنافي ذكريته ، بل هو قسم ثالث ، وسنة متّبعة ، ولم يوقعها الشارع في هذه المواضع فيكون بدعة (٦) نعم قد يقال : إن مطلق البدعة ليس بمحرّم (٧) ، بل ربما قسّمها بعضهم إلى الأحكام الخمسة ،

______________________________________________________

(١) من إعلام وصلاة كما عن الشهيد في الذكرى.

(٢) والمراد بأنه أضعف من ضعف كونه رخصة ، وقد عرفت ما في هذا الكلام.

(٣) محصل كلامه أن الأذان شرّع أولا للإعلام ثم استعمل في غيره عند كل صلاة ولو سرا وعليه فلا يكون الأصل معتبرا في كل أذان وأنه أذان إعلامي ، وأيضا لا يمكن القول بكون الأذان ذكريا لأن الحيعلات تنافي ذلك فلذا ذهب إلى أنه قسم ثالث بعد ما خرج عن أصله ، فالقول بالأذان في هذه الموارد الثلاثة وغيرها مع عدم الدليل على مشروعيته يكون بدعة والبدعة حرام ، ومما تقدم تعرف ضعف هذا الكلام أيضا فلا نعيد.

(٤) أي العبادة الأذانية.

(٥) من الإعلام فلا يمكن القول بأن كل أذان هو إعلامي.

(٦) والبدعة محرمة لأخبار منها : صحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة. إلى أن قال. ألا وإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار) (١).

(٧) بناء على أن البدعة هي كل أمر حادث لم يكن في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبناء عليه قسمت البدعة إلى الأحكام الخمسة.

فالبدعة الواجبة : كتعلم النحو وحفظ إعراب القرآن والحديث وتدوين أصول الفقه مما له دخل في الاستنباط.

والبدعة المستحبة : كإحداث المدارس وكل إحسان لم يكن في العصر الأول.

والبدعة المحرمة : كمذاهب القدرية والجبرية والمرجئة.

والبدعة المكروهة : كتزيين المساجد وتزويق المصاحف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

١٤٨

ومع ذلك لا يثبت الجواز (١).

(ويستحب رفع الصوت بهما للرجل) (٢) بل لمطلق الذّكر ، أما الأنثى فتسرّ بهما كما تقدم (٣) ، وكذا الخنثى (٤) ، (والترتيل فيه) (٥) ببيان حروفه وإطالة وقوفه

______________________________________________________

والبدعة المباحة : كتهيئة مآكل ومشارب وملابس ومساكن لم تكن معروفة.

هذا ولكن البدعة هي خصوص الحادث بعد عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعنوان أنها عبادة قد أمر بها كما يرشد إليه خبر الفضلاء المتقدم حيث صرح بكون الجماعة في نافلة بعنوان العبادة أنها بدعة. هكذا قيل ، والأولى جعل البدعة هي إدخال ما ليس من الدين فيه سواء كان في العبادات أو المعاملات لإسقاط خصوصية مورد النص.

(١) فإذا كانت البدعة بالمعنى الأعم من الحرام وغيره فهذا ليس بدليل على كون الأذان حينئذ جائزا بعد كونه بدعة بالمعنى الأعم إذ يحتمل أن يكون له واحد من الأحكام التكليفية الباقية غير الجواز ، هذا وبقي مورد يسقط فيه الأذان والإقامة وهو مشهور الحكم بين الأصحاب فكان على المصنف ذكره أو على الشارح استدراكه لأن اللمعة بنيت على ذكر المسائل المشهورة بين الأصحاب ، وهو ما لو سمع الشخص أذان غيره وإقامته فإنه يسقط عنه على نحو الرخصة ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر أبي مريم الأنصاري (صلى بنا أبو جعفر عليه‌السلام في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة. إلى أن قال. فقال عليه‌السلام : وإني مررت بجعفر عليه‌السلام وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك) (١).

وخبر عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه‌السلام (كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال : قوموا فقمنا فصلينا بغير أذان ولا إقامة ، قال : ويجزيكم أذان جاركم) (٢).

(٢) في الأذان والإقامة إلا أن في الإقامة أخفض منه في الأذان لصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الأذان فقال : اجهر به وارفع به صوتك ، وإذا أقمت فدون ذلك) (٣) ، وصحيح عبد الرحمن (إذا أذنت فلا تخفين صوتك فإن الله تعالى يأجرك مدّ صوتك فيه) (٤).

(٣) تقدم عند قوله : «ويستحبان للنساء سرا».

(٤) احتياطا لاحتمال كونها أنثى.

(٥) أي في الأذان لخبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان ترتيل والإقامة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٥.

١٤٩

من غير استعجال ، (والحدر) هو الإسراع (فيها) (١) بتقصير الوقوف (٢) على كل فصل ، لا تركه (٣) لكراهة إعرابهما حتى لو ترك الوقف أصلا فالتسكين أولى (٤) من الإعراب ، فإنه لغة عربية ، والإعراب مرغوب عنه شرعا (٥) ، ولو أعرب حينئذ (٦) ترك الأفضل ولم تبطل ، أما اللحن (٧) ففي بطلانهما (٨) به وجهان (٩).

______________________________________________________

حدر) (١) وقد فسره الشارح بشيئين : ببيان حروفه وإطالة وقوفه ، أما الأول فيدل عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء والإقامة حدر) (٢) والإفصاح بهما في لفظ الجلالة الواقع في آخر التهليل وفي لفظ الصلاة في (حيّ على الصلاة).

وأما الثاني فيدل عليه أن الحدر هو الإسراع ومقتضى المقابلة بين الإقامة التي هي حدر وبين الأذان أن يكون الثاني في الأذان.

(١) في الإقامة.

(٢) إذ يستحب الوقف عند كل فصل منهما لخبر خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان والإقامة مجزومان) (٣) وقال ابن بابويه «وفي حديث آخر موقوفان» (٤)

(٣) أي ترك الوقف لأنه مكروه بناء على ما تقدم من الأمر به.

(٤) التسكين غير الوقف لأن التسكين هو تسكين أواخر الكلم بخلاف الوقف فإنه تسكين عند السكوت ، وهو أولى من الإعراب لأنه أقرب للجزم والوقف المأمور بهما في الأخبار من الإعراب.

(٥) للأمر بالوقف في أواخر الفصل ، وعليه فالأعراب المرغوب عنه هو في أواخر الفصل لا مطلقا.

(٦) أي حين كون الإعراب مرغوبا عنه ، لعدم النهي الصريح عن الإعراب إذ ورد الأمر بالجزم مع عدم النهي عن غيره.

(٧) اعلم أن التسكين ليس بلحن لأنه لغة عربية.

(٨) الأذان والإقامة.

(٩) من حيث إن الأذان المنقول غير ملحون فيبطل الملحون وبه قال العلامة في بعض كتبه ، وذهب المشهور إلى العدم لصدق الأذان مع اللحن ، وفصل الشارح في الروض أن عدم الإبطال بشرط عدم الإخلال بالمعنى فلو نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه وصف فتكون الجملة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٤ و ٥.

١٥٠

ويتّجه البطلان لو غيّر المعنى كنصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعدم تمامية الجملة به بفوات المشهود به لغة وإن قصده ، إذ لا يكفي قصد العبادة اللفظية عن لفظها (و) المؤذّن (الراتب يقف على مرتفع) (١) ليكون أبلغ في رفع الصوت (٢) ، وإبلاغه المصلّين ، وغيره يقتصر عنه (٣) مراعاة لجانبه حتى يكره سبقه به ما لم يفرط بالتأخّر (واستقبال القبلة) (٤) في جميع الفصول خصوصا الإقامة (٥) ، ويكره الالتفات ببعض

______________________________________________________

خالية عن الخبر فيبطل الأذان أو الإقامة ، وكذا لو مدّ لفظة أكبر بحيث صار على صيغة إكبار جمع كبر وهو الطبل.

إن قلت : مع نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا لحن بحسب العربية لأنه وصف.

قلت : من اللحن ما غيّر المعنى المقصود لأن قصده الشهادة له بالرسالة وهذا لم يتحقق ، وقصده من اللفظ ذلك لا ينفعه إذ لا بد من التلفظ بالشهادة له بالرسالة.

(١) لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان طول حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قامة ، فكان عليه‌السلام يقول لبلال إذا أذن : يا بلال اعل فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان) (١) ، بل والمنصوب للأذان يستحب أن يكون عدلا لمرسل الفقيه عن علي عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يؤمكم أقرأكم ويؤذن لكم خياركم) (٢).

(٢) فيكون النفع به أتم.

(٣) إما بالوقوف في أسفل من مكانه وإما أن يكون صوته أخفض.

(٤) في الأذان والإقامة لخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام (يستقبل المؤذن القبلة في الأذان والإقامة فإذا قال : حي على الصلاة حي على الفلاح ، حوّل وجهه يمينا وشمالا) (٣).

وخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة ، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة) (٤). وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة) (٥). ومن المعلوم اشتراط الاستقبال في الصلاة ، ولذا ذهب المفيد والسيد وجماعة إلى القول بوجوبه هنا وهو ضعيف لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن رجل يفتتح الأذان والإقامة وهو على غير القبلة ثم يستقبل القبلة ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (٦).

(٥) لما قاله الصدوق في المقنع : «ولا بأس أن تؤذن وأنت على غير وضوء مستقبل القبلة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٧ و ٣.

(٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٧٥ طبع دار المعارف بمصر.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٢ و ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

١٥١

فصوله يمينا وشمالا (١) وإن كان على المنارة عندنا.

(والفصل بينهما بركعتين) (٢) ولو من الراتبة (٣) ، (أو سجدة (٤) ، أو جلسة (٥)) والنصّ ورد بالجلوس (٦) ، ويمكن دخول السجدة فيه فإنها جلوس وزيادة

______________________________________________________

ومستدبرها. إلى أن قال. ولكن إذا أقمت فعلى وضوء ، مستقبل القبلة» (١) ولما تقدم من أن المقيم هو في الصلاة.

(١) خلافا للعامة حيث استحبوا التلوي بالعنق في الحيعلات إذا كان على المنارة ويؤيده ذيل خبر الدعائم المتقدم ، ولكنه محمول على التقية.

(٢) لصحيح سليمان بن جعفر الجعفري (سمعته يقول : أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين) (٢).

(٣) لخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ومن السنة أن يتنفل بركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الظهر والعصر) (٣). وخبر رجاء بن أبي الضحاك (كان الرضا عليه‌السلام إذا زالت الشمس جدّد وضوءه وقام فصلى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر. إلى أن قال. فإذا رفع رأسه قام فصلّى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلّم أقام وصلى العصر) (٤).

(٤) لخبر بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول لأصحابه : من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده : سجدت لك خاضعا خاشعا ذليلا ، يقول الله تعالى : ملائكتي وعزتي وجلالي لأجعلن محبته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين) (٥).

(٥) لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو بتسبيح) (٦) ، وخبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بدّ من قعود بين الأذان والإقامة) (٧) ، ومرسل ابن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (بين كل أذانين قعدة إلا المغرب فإن بينهما نفسا) (٨).

(٦) وكذا بالسجدة كما تقدم.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ١٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٤.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٤ و ٤ و ١ و ٧.

١٥٢

مع اشتمالها على مزية زائدة ، (أو خطوة) (١) ولم يجد بها المصنّف في الذكرى حديثا ، لكنها مشهورة (٢) ، (أو سكتة) (٣) وهي مرويّة في المغرب خاصة ، ونسبها في الذكرى إلى كلام الأصحاب مع السجدة والخطوة ، وقد ورد النصّ في الفصل بتسبيحة (٤) ، فلو ذكرها كان حسنا.

(ويختص المغرب بالأخيرتين) الخطوة والسكتة (٥) ، أما السكتة فمرويّة فيه ، وأما الخطوة فكما تقدم ، وروي (٦) فيه الجلسة ، وأنه إذا فعلها كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله فكان ذكرها أولى.

(ويكره الكلام في خلالهما) (٧) خصوصا الإقامة ،

______________________________________________________

(١) ليس لها دليل إلا ما في الفقه الرضوي (وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل فإن فيه فضلا كثيرا ، وإنما ذلك على الإمام وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ثم يقول : بالله أستفتح ، وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أستنجح وأتوجه ، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) (١).

(٢) وقد تقدم خبر الرضوي بها.

(٣) أي فصل بالسكوت ويدل عليه مرسل ابن فرقد المتقدم وأنها في المغرب خاصة.

(٤) كما في موثق عمار المتقدم.

(٥) فعلى مبنى الشارح والمصنف فالخطوة لا نص فيها ، وفي خبر الرضوي مطلق شامل لغير المغرب ، نعم تختص للمنفرد فقط. وأما السكتة فقد تقدم مرسل ابن فرقد الذي خصّها بالمغرب.

(٦) في المغرب وهو خبر إسحاق الجريري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من جلس فيما بين أذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله) (٢) وخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من السنة الجلسة بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب ، وصلاة العشاء ليس بين الأذان والإقامة سبحة) (٣) بل من الأخير يستحب الجلسة في صلاة الصبح أيضا بين أذانها وإقامتها.

(٧) أما في الأذان لموثق سماعة (سألته عن المؤذن أيتكلم وهو يؤذن؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس حين يفرغ من أذانه) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ١٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان ولا إقامة ، حديث ٦ و ٤ و ١٢.

١٥٣

ولا يعيده به (١) ، ما لم يخرج به (٢) عن الموالاة (٣) ويعيدها به (٤) مطلقا (٥) على ما أفتى به المصنّف وغيره. والنصّ ورد بإعادتها بالكلام بعدها (٦)

(ويستحبّ الطهارة) (٧)

______________________________________________________

وأما في الإقامة لخبر عمرو بن أبي نصر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، قلت : في الإقامة؟ قال عليه‌السلام : لا) (١) وخبر أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك) (٢) وهما محمولان على الكراهة جمعا بينهما وبين خبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة وبعد ما يقيم إن شاء) (٣) وصحيح محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في أذانه أو في إقامته؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس) (٤).

ولكن الكراهة في الإقامة أشدّ لخبر عمرو بن أبي نصر ، وكذلك تشتد الكراهة بعد قول المؤذن : قد قامت الصلاة لخبر ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في الإقامة؟ قال عليه‌السلام : نعم فإذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة ، فقد حرم الكلام على أهل المسجد إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام ، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان) (٥) والحرمة محمولة على الكراهة الشديدة لخبر الحسن بن شهاب المتقدم. نعم ترتفع الكراهة لو تكلم ولو بعد الانتهاء من الإقامة فيما لو كان الكلام له دخل في صلاة الجماعة كما في الخبر المتقدم.

(١) أي لا يعيد الأذان بالكلام لو صدر في أثنائه.

(٢) بالكلام في أثناء الأذان.

(٣) وإلا فيعيد لخروج الأذان عن كيفيته المشروعة.

(٤) أي ويعيد الإقامة بالكلام لصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تتكلم إذا أقمت الصلاة ، فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة) (٦).

(٥) سواء خرجت الإقامة عن الموالاة بالكلام أو لا.

(٦) أي فيما لو كان الكلام بين الإقامة والصلاة ، ومراده من النص هو صحيح ابن مسلم المتقدم وهو غير ظاهر فيما قاله الشارح بل يشمل الكلام في أثناء الإقامة.

(٧) أما في الأذان لخبر الدعائم (لا بأس أن يؤذن الرجل على غير طهر ، ويكون على طهر أفضل) (٧).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ٦ و ٤ و ١٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ٧ و ٣.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

١٥٤

حالتهما وفي الإقامة آكد ، وليست (١) شرطا فيهما عندنا (٢) من الحدثين (٣) ، نعم لو أوقعه (٤) في المسجد بالأكبر لغى (٥) ، للنهي المفسد للعبادة (٦)

______________________________________________________

وأما في الإقامة فلما دل على أن من أقام الصلاة فهو في صلاة مثل خبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة) (١) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء ولا يقيم إلا وهو على وضوء) (٢).

وعن المشهور جعل الطهارة شرطا في كمال الإقامة وهو مما لا دليل عليه بل ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (قلت : فإن أقام هو على غير وضوء أيصلي بإقامته؟

قال : لا) (٣) ، ولكن ذهب الشارح في الروض إلى أن الأذان والإقامة ذكر وليس من شرطه الطهارة ولا يزيد على قراءة القرآن ولعله لهذا اعتبروا الطهارة شرطا للكمال.

(١) أي الطهارة.

(٢) إشارة لخلاف السيد في المصباح والعلامة في المنتهى حيث اشترطا الطهارة في الإقامة وهو الأقوى لما تقدم من الخبر وإشارة إلى خلاف إسحاق بن راهويه من العامة حيث اشترط الطهارة في الأذان وهو مردود للأخبار المتقدمة.

(٣) الأصغر والأكبر.

(٤) أي الأذان وخصّه بالأذان لأن المجنب لا يجوز له الدخول في الصلاة إلا متطهرا فلا بد أن يكون متطهرا منه حال الإقامة بخلاف الأذان فقط إذ لعله منصوب للأذان في البلد فقد يقدم على الأذان وهو مجنب وإن لم يكن مريدا للصلاة عقيبه.

(٥) أي لا يجوز الاعتداد به من جهة سماعه لا من ناحية دخول الوقت ، بل من ناحية سقوط أذان من سمعه.

(٦) وفيه منع إذا النهي للّبث في المسجد وهو جنب وهو لا يتوجه إلى الأذان للمغايرة بينهما بخلاف النهي عن الغصب وقد صلى في المكان المغصوب فالنهي عن الكون الذي هو جزء الصلاة ولذا ذهب الشيخ في الخلاف وغيره إلى الإجزاء لو أذن جنبا في المسجد ، ولم يخالف إلا العلامة والشهيد الثاني فقط.

إن قلت : إن النهي عن أحدهما مستلزم للآخر لأن الأذان موجب للبث ويستلزمه وإذا حرم الملزوم حرم لازمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ٨.

١٥٥

(والحكاية لغير المؤذّن) (١) إذا سمع كما يقول المؤذّن وإن كان (٢) في الصلاة ، إلا الحيعلات فيها (٣) فيبدلها بالحوقلة ، ولو حكاها بطلت (٤) ، لأنها (٥) ليست ذكرا ، وكذا يجوز إبدالها في غيرها (٦) ، ووقت حكاية الفصل بعد فراغ المؤذّن

______________________________________________________

قلت : قد يكون اللبث معصية لأنه عازم على ذلك سواء أذن أو لا ، وقد يكون الأذان حال خروجه من المسجد إذا أجنب فيه وهو نائم وعليه فلا ملازمة بينهما.

(١) يستحب حكاية الأذان عند سماعه بالاتفاق للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سمع المؤذن يؤذن قال مثل ما يقوله في كل شي‌ء) (١).

وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (لا تدعن ذكر الله (عزوجل) على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله (عزوجل) وقل كما يقول المؤذن) (٢).

وظاهر الأخبار عدم الفرق بين أذان الإعلام وأذان الصلاة في جماعة أو منفردا ، وأن تكون الحكاية من غير فصل معتد به.

وظاهرها عدم الفرق بين كون الحاكي في الصلاة أو لا ، بل في قوله عليه‌السلام (لا تدعن ذكر الله (عزوجل) على كل حال) شامل للصلاة على نحو العموم لا الإطلاق ، فما عن المبسوط والخلاف والتذكرة ونهاية الأحكام وغيرهم من نفي استحباب الحكاية في الصلاة لأنّ الإقبال في الصلاة أهم ليس في محله مع أن الحكاية لا تنافي الإقبال الصلاتي ، نعم نص جماعة على وجوب تبديل الحيعلات بالحولقة وإلا بطلت الصلاة لأن الحيعلات من كلام الآدميين المبطل وليست من ذكر الله الجائز في الصلاة على كل حال.

ثم إن الظاهر عدم الفرق في استحباب الحكاية سواء كان المؤذن رجلا أو امرأة وإن كان سماعها على نحو المحرم ، وعن جماعة تخصيص الحكاية بالأذان المشروع للانصراف وهو لا يخلو عن قوة ، وكذا لا تستحب حكاية الأذان المكروه للانصراف كأذان عصري عرفة والجمعة وعشاء المزدلفة وأذان غير المميز ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى اختصاص استحباب الحكاية بالأذان دون الإقامة.

(٢) أي السماع.

(٣) في الصلاة.

(٤) أي الصلاة.

(٥) أي الحيعلات.

(٦) غير الصلاة لخبر الدعائم عن علي بن الحسين عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا سمع ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٢.

١٥٦

منه (١) أو معه. وليقطع الكلام إذا سمعه غير الحكاية وإن كان قرآنا (٢) ، ولو دخل المسجد أخّر التحية إلى الفراغ منه (٣).

(ثم يجب القيام) حالة النية ، والتكبير ، والقراءة (٤) ، وإنما قدّمه على النية

______________________________________________________

المؤذن قال كما يقول ، فإذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح حي على خير العمل ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله) (١).

(١) من الفصل.

لتحقق المعية في كليهما لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ما أقول إذا سمعت الأذان؟

قال : اذكر الله مع كل ذاكر) (٢).

(٢) لإطلاق نصوص الحكاية.

(٣) من الأذان جمعا بين الوظيفتين.

(٤) وكذا القيام المتصل بالركوع والقيام بعد الركوع ، هذا واعلم أن جملة من الأصحاب أطلقوا القول بركنية القيام ، وادعي عليه الإجماع كما في المعتبر والمنتهى وكشف اللثام ، بل عن العلامة أنه ركن كيف اتفق ، وكونه ركنا موجب لبطلان الصلاة به زيادة ونقصانا عمدا أو سهوا كما هو معنى الركن عند الفقهاء.

وقد استدلوا على ذلك بالإجماع المدعى وبما دل على وجوب القيام في الصلاة مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وقم منتصبا ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له) (٣) وخبر الهروي عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا ، فإن لم يستطع جالسا فليصلّ مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يومئ إيماء) (٤).

وعن غير واحد الاستشكال بركنية القيام مطلقا لأن من ترك القيام بعد الركوع ناسيا فصلاته صحيحة كما سيأتي مع أنه لو كان ركنا مطلقا لوجب الحكم بالبطلان ولذا عدل الشهيد في بعض فوائده وتبعه جماعة منهم ابن فهد في مهذبه والشهيد الثاني في غاية المرام وروضة إلى أن القيام تابع لما يقع فيه فالقيام إلى النية شرط ، والقيام فيها كحالها مردد بين الركنية والشرطية ، والقيام في التكبير ركن كالتكبير ، والقيام في القراءة واجب ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٨.

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

غير ركني كالقراءة ، والقيام المتصل بالركوع ركن لأن الركوع لا يكون إلا عن قيام ، والقيام بعد الركوع واجب غير ركني وعليه فالركنية المدعاة للقيام حال التكبير وقبل الركوع هي ركنية عرضية ، وعن الوحيد في حاشية المدارك أنه مراد الفقهاء.

نعم جعل صاحب الجواهر أن القيام بمجموعه في الركعة هو الركن نظير ركنية السجود فلا يتحقق نقصه إلا بفقد الركعة للقيام ولازمه ما لو كبّر جالسا ثم قرأ كذلك وقام راكعا وكان ترك القيام سهوا ونسيانا إلا أنه قام بعد الركوع لم يتحقق منه ترك القيام المفسد للصلاة وهو كما ترى هذا كله من ناحية ركنية القيام ، وأما القيام حال النية فهو مبني على كون النية إخطارية وقد عرفت أنها على نحو الداعي وتتحقق عند التكبير.

وأما القيام عند تكبيرة الإحرام فهو متفق عليه ويشهد له جملة من النصوص منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام نفسي حتى افتتح الصلاة وهو قاعد فعليه أن يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم ولا يعتدّ بافتتاحه وهو قاعد) (١). وهو كما يدل على وجوبه حال التكبير يدل على ركنيته حاله أيضا.

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف لو أتى ببعض التكبير منحنيا صحت صلاته فقال : «بأن الأصحاب حكموا بصحة هذا التكبير وانعقاد الصلاة به ولم يفصّلوا بين أن يكبر قائما أو يأتي به منحنيا ، فمن ادعى البطلان احتاج إلى دليل» وفيه أنه مخالف لصحيح زرارة المتقدم (من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له).

وأما القيام حال القراءة فهو واجب بالاتفاق لصحيح زرارة المتقدم وغيره ، غايته تركه نسيانا لا يوجب الإعادة لحديث لا تعاد الصلاة إلا من خمس (٢).

وأما القيام الذي قبل الركوع فهو واجب بالاتفاق وللأخبار الكثيرة الذي سيأتي بعضها في مبحث القراءة إلا أنه ركن لكون حقيقة الركوع متوقفة على كونه عن قيام فلو كان جالسا ثم نهض متقوسا إلى حد الركوع فلا يقال له : قد ركع.

وأما القيام بعد الركوع فهو واجب بالاتفاق أيضا للأخبار التي سيأتي بعضها في مبحث الركوع لكن تركه نسيانا لا يوجب الفساد لحديث لا تعاد الصلاة.

ثم إن الذي قسّم القيام وجعل كل قسم له حكم ما يدخل فيه أطلق بأن القيام في القنوت مستحب لأن القنوت مستحب ، واستشكل عليهم المحقق الثاني بأنه متصل بقيام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

١٥٨

والتكبير مع أنه لا يجب قبلهما ، لكونه شرطا فيهما والشرط مقدّم على المشروط ، وقد أخّره المصنف عنهما في الذكرى ، والدروس ، نظرا إلى ذلك (١) ، وليتمحّض جزءا من الصلاة (٢) ، وفي الألفية أخّره عن القراءة ليجعله واجبا في الثلاثة ، ولكلّ وجه (مستقلا به) (٣) غير مستند إلى شي‌ء بحيث لو أزيل السناد سقط (مع)

______________________________________________________

القراءة فهو قيام واحد ولا يكون الواحد واجبا ومندوبا ، وردّ عليه الشارح في الروض بأنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب.

وفيه : أنه لا يجوز بعد القراءة أن يجلس ويقنت ثم يقوم ويركع فإنه من الزيادة في الصلاة ، نعم يجوز ترك القيام في القنوت بترك القنوت ، ولعله هذا هو مرادهم من استحباب القيام وعليه فلا إشكال وكذا الكلام في القيام حال تكبير الركوع.

(١) أي إلى الشرطية بحيث لا يجب قبلهما فلذا أخّره عنهما.

(٢) بالنسبة للقيام حال القراءة فلا يجب إلا بعد النية والتكبيرة فيكونان شرطا في وجوبه وحينئذ يتمحض جزءا من الصلاة ، إذا القيام حال القراءة غير واجب قبلهما بل يجوز تركه لو لم يكمل التكبير.

(٣) يجب في القيام الاستقلال من غير معاونة بمعنى أن لا يكون مستندا إلى شي‌ء بحيث لو أزيل السناد سقط ، لدخوله في مفهوم القيام ولصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا تستند إلى جدار وأنت تصلي إلا أن تكون مريضا) (١) وخبر ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصا أو حائط ، فقال عليه‌السلام : لا) (٢).

وعن أبي الصلاح الحلبي وسيد المدارك والمجلسي في بحاره والنراقي في المستند والبحراني في حدائقه جواز الاستناد لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي؟ أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يصلي متوكئا على عصا أو على حائط فقال عليه‌السلام : لا بأس بالتوكؤ على عصا والاتكاء على الحائط) (٤).

وهي إما محمولة على صورة المرض جمعا بين النصوص أو على التقية لموافقتها للعامة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القيام حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٢٠.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القيام حديث ١ و ٤.

١٥٩

(المكنة (١) ، فإن عجز) عن الاستقلال في الجميع (ففي البعض) (٢).

ويستند فيما يعجز عنه ، (فإن عجز) عن الاستقلال أصلا (اعتمد) على شي‌ء مقدّما على القعود فيجب تحصيل ما يعتمد عليه ولو بأجرة (٣) مع الإمكان (٤) ، (فإن عجز) عنه (٥) ولو بالاعتماد ، أو قدر عليه (٦) ولكن عجز عن تحصيله (٧) (قعد) مستقلا كما مرّ (٨) ، فإن عجز اعتمد (فإن عجز اضطجع) على جانبه

______________________________________________________

(١) فلو كان مريضا فيجوز الاعتماد لصحيح ابن سنان المتقدم.

(٢) لقاعدة الميسور والمعسور.

(٣) كأن يستأجر الآدمي لوجوب القيام عليه.

(٤) على الأجرة.

(٥) عن القيام.

(٦) أي قدر على القيام معتمدا على الغير.

(٧) أي تحصيل ما يعتمد عليه.

(٨) في القيام بحيث لا يستند إلى شي‌ء حال الجلوس ، اعلم أن القيام الاضطراري بجميع أقسامه من كونه معتمدا أو منحنيا أو مع الميل إلى أحد الجانبين أو مع عدم الاستقرار أو مع التفريج الفاحش بين الرجلين مقدّم على الجلوس لصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها على القيام ، يصلي فيها وهو جالس يومئ أو يسجد؟ قال عليه‌السلام : يقوم وإن حنى ظهره) (١). وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (وأما الفريضة فيحتسب كل ركعة بركعة وهو جالس إذا كان لا يستطيع القيام) (٢) ومع إمكان القيام بأي حال منه فهو مقدم على الجلوس.

وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما حدّ المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال عليه‌السلام : إن الرجل ليوعك ويحرج ولكنه أعلم بنفسه إذا قوي فليقم) (٣).

ومثله غيره من النصوص الدالة على وجوب القيام عند القدرة عليه والجلوس مع العجز ويشترط في الجلوس ما اشترط في القيام من الانتصاب والاستقلال لأن الجلوس بدل وكل ما وجب في القيام وجب في بدله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القيام حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القيام حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القيام حديث ٣.

١٦٠