الزبدة الفقهيّة - ج ٢

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات ذوي القربى
المطبعة: كيميا
الطبعة: ٤
ISBN: 964-6307-55-8
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٥٥٢

إما مطلقا (١) ، وفعل عليّ عليه‌السلام له بمسجد الكوفة خارج ، (٢) ، أو مخصوص بما فيه جدال وخصومة ، أو بالدائم لا ما يتفق نادرا ، أو بما يكون الجلوس فيه (٣) لأجلها (٤) لا بما إذا كان لأجل العبادة فاتفقت الدعوى ، لما في إنفاذها حينئذ (٥) من المسارعة المأمور بها ، وعلى أحدها (٦) يحمل فعل علي عليه‌السلام ، ولعله بالأخير أنسب (٧) ، إلا أن دكّة القضاء به (٨) لا تخلو من منافرة (٩) للمحامل.

(وتعريف الضّوالّ) (١٠) إنشادا ونشدانا والجمع بين وظيفتي تعريفها في

______________________________________________________

معروفة فيه إلى يومنا هذا ، بل وعن الشيخ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقضي في المسجد الجامع ولو كان مكروها ما فعله ، وعن كشف اللثام (أن في بعض الكتب أنه بلغ أمير المؤمنين عليه‌السلام أن شريحا يقضي في بيته فقال : يا شريح ، اجلس في المسجد فإنه أعدل بين الناس وإنه وهنّ بالقاضي أن يجلس في بيته) ، ولذا مال بعض المتأخرين تبعا للشيخ وسلار والحلي إلى عدم الكراهة بل إلى الاستحباب.

نعم حمل النهي الوارد على القضاء المصاحب للجدل والخصومة كما ذهب إليه الراوندي ، وقضاء النبي والولي مجرد عن ذلك ، أو يحمل النهي على دوام القضاء لا ما يتفق نادرا ، أو يحمل النهي على ما لو كان الجلوس في المسجد من أجل القضاء لا ما يتفق إذا كان الجلوس للعبادة والطاعات وعلى الأخير يحمل فعل النبي والولي.

(١) وإن لم يكن فيه خصومة وجدال.

(٢) لما سيأتي من المحامل.

(٣) في المسجد.

(٤) أي لأجل الأحكام.

(٥) حين جلوسه لأجل العبادة.

(٦) ومعه كيف يمكن القول بأن النهي عن إنفاذ الأحكام مطلق؟.

(٧) لأن قضاءه عليه‌السلام في مسجد الكوفة لم يكن نادرا ومن البعيد تجرد الدعاوى عن الخصومات.

(٨) بمسجد الكوفة.

(٩) لأن الإضافة تعطي أن مكانا خاصا في المسجد كان يجلس فيه عليه‌السلام من أجل القضاء ، والأولى جعل النهي عن القضاء في المساجد مخصوصا بغير المعصومين ، وأما المعصوم فيجوز له بدون كراهة وكم للمعصوم من أحكام ينفرد بها.

(١٠) وهو إنشادها لمرسل علي بن أسباط المتقدم ، وكذا نشدانها وهو طلبها والسؤال عنها ففي مرسل الفقيه : (سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا ينشد ضالة في المسجد ، فقال : قولوا له ، لا رد ـ

١٠١

المجامع وكراهتها في المساجد فعله خارج الباب (وإنشاد الشعر) (١) لنهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ، وأمره بأن يقال للمنشد «فضّ الله فاك» ، وروي نفي البأس عنه ، وهو غير مناف للكراهة (٢).

قال المصنف في الذكرى : ليس ببعيد حمل إباحة إنشاد الشعر على ما يقلّ منه وتكثر منفعته ، كبيت حكمة ، أو شاهد على لغة في كتاب الله تعالى وسنّة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشبهه ، لأنه من المعلوم أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينشد بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك.

______________________________________________________

الله عليك فإنها بنيت لغير ذلك) (١).

نعم ذكر الأصحاب أن تعريف اللقطة إنما في المجامع وقد ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن الضالة أيصلح أن تنشد في المسجد؟ قال : لا بأس) ٢ فالجمع بين النصوص مع رفع الكراهة يقتضي التعريف على أبواب المساجد لا في داخلها.

(١) ففي حديث الناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن ينشد الشعر في المسجد) (٣) ، وخبر جعفر بن إبراهيم عن علي بن الحسين عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا : فضّ الله فاك ، إنما نصبت المساجد للقرآن) (٤).

نعم ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام (سألته عن الشعر أيصلح أن ينشد في المسجد؟ فقال : لا بأس) (٥) ، وصحيح ابن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن إنشاد الشعر في الطواف فقال : ما كان من الشعر لا بأس به فلا بأس به) (٦).

ولذا ذهب البعض لهذين الخبرين بنفي الكراهة إلى إنشاد القليل مما يكثر نفعه كبيت حكمة أو شاهد في مسألة علمية أو ما كان فيه عظة أو مدح للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ومراثي أبي عبد الله عليه‌السلام لأن كل ذلك عبادة أو راجح ولذا كان من سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في الذكرى أنه ينشدّ بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد.

(٢) بل يؤكدها إذ هو نفي للحرمة حينئذ.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب الطواف حديث ١.

١٠٢

وألحق به بعض الأصحاب ما كان منه موعظة ، أو مدحا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، أو مرثية للحسين عليه‌السلام ، ونحو ذلك لأنه عبادة لا تنافي الغرض المقصود من المساجد ، وليس ببعيد. ونهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمول على الغالب من أشعار العرب الخارجة عن هذه الأساليب.

(والكلام فيها بأحاديث الدنيا) (١) للنهي عن ذلك ومنافاته لوضعها فإنها وضعت للعبادة.

(وتكره الصلاة في الحمّام) (٢) وهو البيت المخصوص الذي يغتسل فيه لا

______________________________________________________

(١) للمرسل عن علي عليه‌السلام : (يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد فيقعدون حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا ، لا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة) (١) وللتعليل في خبر جعفر بن إبراهيم المتقدم بأن المساجد قد نصبت للقرآن ، وفي مرسل الفقيه المتقدم بأنها بنيت لغير ذلك.

(٢) لمرسل عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين والماء والحمام والقبور ومسان الطريق وقرى النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسبخ والثلج) (٢) ونحوه غيره المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في بيت الحمام قال : إذا كان موضعا نظيفا فلا بأس) (٣) هذا كله على المشهور وذهب أبو الصلاح إلى التحريم وهو ضعيف لخبر الجواز.

ثم إن المراد من الحمام هل ما يعم المسلخ وموطن الاغتسال كما هو المعنى العرفي أو مختص بموضع الاغتسال لملاحظة مبدأ الاشتقاق إذ هو مشتق من الحميم وهو الماء الحارّ الذي يغتسل به فلا تتعدى الكراهة إلى مسلخه وبه جزم العلامة في القواعد وتبعه الشارح في الروض ، وذهب العلامة في النهاية إلى كراهة الصلاة في المسلخ لكونه مأوى الشياطين وموضع كشف العورة ولازدحام الناس فيه ودخولهم وخروجهم الموجب لانشغاله عن الصلاة ، نعم ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن الصلاة في بيت الحمام ، فقال : إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس ، يعني المسلخ) (٤) ولم يثبت هذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

١٠٣

المسلخ وغيره من بيوته وسطحه. نعم تكره في بيت ناره من جهة النار (١) ، لا من حيث الحمام.

(وبيوت الغائط) (٢) للنهي عنه ، ولأن الملائكة لا تدخل بيتا يبال فيه ولو في إناء ، فهذا أولى (و) بيوت (النار) (٣) وهي المعدّة لإضرامها فيها كالأتون والفرن لا

______________________________________________________

التفسير من المعصوم بل يحتمل أن يكون من علي بن جعفر والظاهر أنه من الصدوق راوي الخبر كما ذهب إليه جماعة ، وتفسيره ليس بحجة لأن بيت الحمام ظاهر في موضع الاغتسال بملاحظة مبدأ الاشتقاق أو فيما يعمه والمسلخ عرفا ، فتخصيصه بالمسلخ فقط على خلاف المعنى اللغوي والعرفي وأما سطح الحمام فلا تكره الصلاة عليه لعدم شمول الحمام له مع عدم ورود نص خاص فيه.

(١) وسيأتي دليله.

(٢) على المشهور لخبر محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن جبرئيل أتاني فقال : إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه) (١) وعليه فما أعدّ للبول والغائط يكون أولى بالحكم ويؤيده خبر عبيد بن زرارة وعن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة) (٢) وعن ظاهر المقنعة عدم الجواز وعن النهاية النهي ولعلهما يريدان الكراهة لأن ما تقدم لا يصلح إلا للكراهة.

(٣) ففي خبر علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة قال : لا يصلح له أن يستقبل النار) (٣) ، وخبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يصلي الرجل وفي قبلته نار أو حديد ، قلت : أله أن يصلي وبين يديه مجمرة شبه؟ قال : نعم ، فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته ، وعن الرجل يصلي وبين يديه قنديل معلّق وفيه نار إلا أنه بحياله قال : إذا ارتفع كان أشرّ لا يصلي بحياله) (٤).

والنهي محمول على الكراهة لمرفوع الهمداني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ، إن الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه) (٥) ، وللتوقيع الخارج للأسدي عن صاحب الزمان عليه‌السلام (وأما ما سألت عنه من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢ و ٤.

١٠٤

ما وجد فيه نار مع عدم إعداده لها (١) ، كالمسكن إذا أوقدت فيه وإن كثر (و) بيوت (المجوس) (٢) للخبر ولعدم انفكاكها عن

______________________________________________________

أمر المصلي والنار والصورة والسراج بين يديه وأن الناس قد اختلفوا في ذلك قبلك ، فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران) (١)

وهذه الأخبار ظاهرة في كراهة النار بين يدي المصلي تجاه القبلة وإليه ذهب المشهور مع ذهاب أبي الصلاح إلى التحريم وهو ضعيف ، ولا يوجد نصّ على كراهة الصلاة في بيوت النار أي البيوت المعدّة لإضرام النار كالفرن والأتون وبيت النار في الحمام إلا أن الحكم مشهور بين الأصحاب بل صرح المحقق والشهيد الثانيان بأنه لا فرق بين وجود النار وعدمه حال الصلاة تمسكا بإطلاق اللفظ.

وعن المعتبر وسيد المدارك ونسب إلى ظاهر الأصحاب أن المراد من بيوت النار هي مواضع عبادة النيران وعلله في المدارك بأنها ليست مواضع رحمة فلا تصلح لعبادة الله ، نعم يكفي في إثبات الحكم بالكراهة قولهم لقاعدة التسامح في أدلة السنن.

(١) أي عدم إعداد النار للبيوت.

(٢) ففي خبر الحلبي (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء قال : لا بأس به) (٢) وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الصلاة في بيوت المجوس فقال : رش وصلّ) (٣) ، ومثله خبر أبي بصير عنه عليه‌السلام (٤) ، وهذه الأخبار لا تدل على كراهة الصلاة فيها بل على استحباب الرش عند الصلاة بالإضافة إلى أنه يحتمل أن يكون المراد من بيوت المجوس هي بيوت النار عندهم التي اتخذت مواضع للعبادة ويشهد له خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس فقال : رشّ وصل) (٥) ومثله خبره الآخر (٦) حيث إن عطف بيوت المجوس على البيع والكنائس ظاهر في كونها بيوت عبادة النيران.

نعم ورد في خبر أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا بأس بأن تصلي وفيه يهودي أو نصراني) (٧) فإذا كان وجود المجوسي في بيت سببا في كراهة الصلاة لكان الحكم بالكراهة في بيته من باب أولى ، وفيه : إنه استحسان محض لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

١٠٥

النجاسة (١) ، وتزول الكراهة برشّه (٢).

(والمعطن) (٣) بكسر الطاء واحد المعاطن ، وهي مبارك الإبل عند الماء للشرب (ومجرى الماء) (٤) وهو المكان المعدّ لجريانه وإن لم يكن فيه ماء (والسّبخة) (٥) بفتح الباء واحد السباخ ، وهي الشي‌ء الذي يعلو الأرض كالملح ،

______________________________________________________

نقول به وظاهر الخبر أن وجود المجوسي في مطلق البيوت هو السبب في الكراهة وعليه فترتفع فيما لو وقعت الصلاة في بيته المجرد عن المجوسي.

(١) وهذا تعليل يشمل النصراني واليهودي فلم خصّ بالمجوسي فقط؟

(٢) وقد عرفت أن الرش لا لرفع الكراهة بل هو مستحب عند الصلاة.

(٣) لخبر المعلّى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في معاطن الإبل فكرهه ، ثم قال : إن خفت على متاعك شيئا فرش بقليل ماء وصل) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا تصلّ في أعطان الإبل إلا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه) (٢) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن الصلاة في معاطن الإبل أتصلح؟ قال : لا تصلح إلا أن تخاف على متاعك ضيعة فاكنس ثم انضح بالماء ثم صلّ) (٣) والمعاطن هي مباركها مطلقا التي تأوي إليها وهذا ما قاله العلامة في المنتهى ونسب إلى الفقهاء كما في الروض ، وعن السرائر أن أهل الشرع لم يخصوا ذلك بمبرك دون مبرك ، نعم عن مشهور أهل اللغة أن المعاطن هي مباركها عند الشرب ليشرب علا بعد نهل وهذا ما صرح به الشهيد الثاني.

ومما يؤيد مطلق المبارك الإطلاق في موثق سماعة (سألته عن الصلاة في أعطان الإبل وفي مرابض البقر والغنم فقال : إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا بأس بالصلاة فيها) (٤).

(٤) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عشرة مواضع لا يصلي فيها : الطين والماء. إلى أن قال. ومجرى الماء والسبخ والثلج) (٥) وهو المكان المعدّ لجريانه فيه وإن لم يكن ماء تمسكا بإطلاق اللفظ بعد عطفه على الماء في الخبر.

(٥) وهي الأرض المالحة التي يعلوها الملح وتكره الصلاة مع إمكان السجود عليها لا على الملح الموجود وعلى ظاهرها ومستند الحكم مرسل عبد الله بن الفضل المتقدم ومثله غيره.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥ و ٢ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ مكان المصلي حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.

١٠٦

أو بكسرها وهي الأرض ذات السباخ (وقرى النمل) (١) جمع قرية ، وهي مجتمع ترابها حول جحرتها (و) في نفس (الثلج (٢) اختيارا) مع تمكن الأعضاء (٣) ، أما بدونه (٤) فلا مع الاختيار.

(وبين المقابر) (٥) وإليها ولو قبرا (٦)

______________________________________________________

(١) وهي مجتمع ترابها ومستند الحكم مرسل عبد الله بن الفضل : (عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين والماء والحمام والقبور ومسانّ الطريق وقرى النمل) الخبر.

(٢) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم وغيره.

(٣) من الأرض بما فيها الجبهة.

(٤) أي بدون التمكن.

(٥) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم (عشرة مواضع لا يصلّى فيها : الطين والماء والحمام والقبور) ، ولحديث المناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والأرحية والأودية ومرابط الإبل وعلى ظهر الكعبة) (١) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة) (٢)

وهي محمولة على الكراهة كما عليه المشهور جمعا بينها وبين صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال : لا بأس به) (٣) ، ومثله صحيح علي بن يقطين (٤) ، وصحيح ابن خلّاد عن الرضا عليه‌السلام : (لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة) (٥).

وترتفع الكراهة إذا كان بينه وبين القبور عشرة أذرع من كل جانب لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يصلي بين القبور قال : لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه ، وعشرة أذرع من خلفه ، وعشرة أذرع عن يمينه ، وعشرة أذرع عن يساره ، ثم يصلي إن شاء) (٦) ، وعن المفيد المنع من الصلاة بدون الحائل أو البعد ، وعن أبي الصلاح الحرمة وتردد في البطلان لأخبار المنع وهما ضعيفان لأخبار الجواز.

وفي الروض «وألحق الأصحاب بالقبور القبر والقبرين وفي دلالة الأخبار على ذلك نظر».

(٦) بأن يكون في قبلته للنهي في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الصلاة بين القبور ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٤.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٤ و ٣ و ٥.

١٠٧

(إلا بحائل (١) ولو عنزة (٢)) بالتحريك ، وهي العصا في أسفلها حديدة مركوزة أو معترضة (أو بعد عشرة أذرع) ولو كانت القبور خلفه ، أو مع أحد جانبيه فلا كراهة (٣).

(وفي الطريق) (٤) سواء كانت مشغولة بالمارة ، أم فارغة إن لم يعطّلها وإلا حرم (٥) (و) في (بيت فيه مجوسيّ) (٦) وإن لم يكن البيت له (وإلى نار مضرمة) (٧)

______________________________________________________

قال : بين خللها ولا تتخذ شيئا منها قبلة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن ذلك ، وقال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا) (١).

(١) فقد ورد استحباب جعل شي‌ء بين يدي المصلي حائلا ففي خبر محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه‌السلام (في الرجل يصلي قال : يكون بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه بخط) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان طول رحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذراعا فإذا كان صلّى وضعه بين يديه يستتر به ممن يمرّ بين يديه) (٣) ومثلها غيرها ، وكلها غير ظاهرة في رفع الكراهة بالصلاة نحو القبر إذا وضع حائلا ولذا قال في الجواهر : «فلم نقف على نص في المقام في الحائل أصلا».

(٢) لخبر إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنزة في أسفلها عكاز يتوكأ عليها ويخرجها في العيدين يصلي إليها) (٤).

(٣) لأن صلاته ليست بين القبور حتى يشترط الحائل أو البعد المذكور لترتفع الكراهة ، نعم إذا كانت في قبلته فهي كوجود قبر واحد فيها فيشترط الحائل أو البعد حتى ترتفع الكراهة.

(٤) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم (عشرة مواضع لا يصلى فيها : منها مسان الطرق) (٥) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في السفر فقال : لا تصلّ على الجادة واعتزل على جانبيها) (٦) ، وخبر الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (كل طريق يوطأ فلا تصلّ عليه) ٧ بلا فرق بين الجادة العظمى أو غيرها مما يندرج تحت الطريق لخبر ابن الجهم ، والنهي محمول على الكراهة لعموم مسجدية الأرض وهذا ما عليه المشهور وعن ظاهر الفقيه والمقنعة المنع من الصلاة.

(٥) فلو تعطلت المارة بصلاته فسدت الصلاة للنهي عنها بتضرر السالك.

(٦) قد تقدم الكلام فيه في بحث بيوت المجوس.

(٧) قد تقدم البحث فيه في بيوت النار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٣ و ٢ و ٧.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٤ و ٥ و ٦.

١٠٨

أي موقدة ولو سراجا أو قنديلا ، وفي الرواية (١) كراهة الصلاة إلى المجمرة من غير اعتبار الإضرام (٢) ، وهو كذلك ، وبه عبّر المصنف في غير الكتاب ، (أو) إلى (تصاوير) (٣) ولو في الوسادة ، وتزول الكراهة بسترها بثوب ونحوه.

(أو مصحف (٤) ، أو باب مفتوحين) (٥) سواء في ذلك القارئ وغيره ، نعم يشترط الإبصار. وألحق به التوجه إلى كل شاغل من نقش وكتابة ، ولا بأس به ، (أو وجه إنسان) (٦) في المشهور فيه وفي الباب المفتوح ولا نصّ عليهما ظاهرا ،

______________________________________________________

(١) وهي خبر عمار وصحيح علي بن جعفر المتقدمين في بحث بيوت النار.

(٢) وهو سطوع النار وارتفاع لهبها.

(٣) لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أصلي والتماثيل قدامي وأنا أنظر إليها قال : لا ، اطرح عليها ثوبا ، ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك ، وإن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا وصل) (١) ومثله وغيره.

(٤) فتكره الصلاة وبين يدي المصلي مصحف مفتوح لخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته. قال : لا) (٢) جمعا بينه وبين خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه وهو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال : ذاك نقص في الصلاة وليس يقطعها) (٣) ومنه تعرف ضعف الحرمة عن أبي الصلاح وإن تردد في البطلان ، ثم عن الفاضل والشهيدين التعدية إلى كل منقوش لاشتراك الجميع في العلة ، ثم لا فرق في المصلي بين القارئ وغيره للإطلاق. نعم يشترط عدم المانع من الإبصار كالعمى والظلمة.

(٥) وعن المهذب البارع نسبته إلى الأكثر وعن مجمع البرهان نسبته إلى الأصحاب ، وقد اعترف أكثر من واحد بعدم الدليل عليه ونقل عن المحقق أنه نسب الحكم إلى الحلبي وقال : وهو أحد الأعيان فلا بأس باتباعه ، ويكفي فتواه في مستند الحكم لقاعدة التسامح.

(٦) ذكره جماعة من الأصحاب كما في الروض ، بل قيل إنه المشهور ، ولا دليل عليه ، نعم نسبه المحقق في المعتبر إلى الحلبي وقال : «لا بأس باتباع فتواه لأنه أحد الأعيان» ، وعلّل كما في الروض بحصول التشاغل به ، وبأن فيه تشبيها بالساجد لذلك الشخص ، والتعليل لا يصلح مستندا للحكم الشرعي لأنه استحسان محض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢.

١٠٩

وقد يعلّل بحصول التشاغل به.

(أو حائط ينزّ من بالوعة) (١) يبال فيها (٢) ، ولو نزّ بالغائط فأولى (٣) ، وفي إلحاق غيره من النجاسات وجه (٤). (وفي مرابض الدواب) (٥) جمع مربض ، وهو مأواها ومقرّها ولو عند الشرب (إلا) مرابض (الغنم) (٦) فلا بأس بها للرواية معللا بأنها سكينة وبركة (٧) (ولا بأس بالبيعة)

______________________________________________________

(١) لمرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال : إن كان نزّه من البالوعة فلا تصلّ فيه ، وإن كان نزه من غير ذلك فلا بأس) (١) بعد إسقاط خصوصية المسجدية.

(٢) كما هو مورد النص.

(٣) لأن الغائط أفحش لشدة رائحته ، ولخبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة فقال : تنح عنها ما استطعت) (٢) والتنحي بمقدار الاستطاعة لأنه قد شرع في الصلاة والخبر ظاهر في كراهة الصلاة إلى حائط ينزّ من بالوعة غائطا وعليه فلا داعي للتمسك بأولوية الغائط على البول بالنسبة للخبر المتقدم.

(٤) استشكل فيه العلامة في النهاية وتردد في التذكرة وكذا التردد في المسالك ، وفي الذكرى الجزم بالكراهة إذا كانت النجاسة ظاهرة وأطلق في المقنعة وفي التلخيص نسبه إلى المشهور ، كلّ ذلك لإسقاط خصوصية البول والغائط في الخبرين المتقدمين.

(٥) وهي الخيل والبغال والحمير لمضمرة سماعة (لا تصلّ في مرابط الخيل والبغال والحمير) (٣) بلا فرق بين الوحشية والأنسية منها ولا بين حضورها وغيابها.

(٦) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الصلاة في مرابض الغنم فقال : صلّ فيها) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم) (٥).

(٧) ففي الروض (لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة) وهذا الخبر مروي من طرق العامة لعدم وجوده في كتبنا فضلا عن أن أخبارنا خالية عن هذا التعليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ١.

١١٠

(والكنيسة (١) مع عدم النجاسة). نعم يستحبّ رشّ موضع صلاته منها وتركه حتى يجف (٢).

وهل يشترط في جواز دخولها إذن أربابها؟ احتمله المصنف في الذكرى تبعا لغرض الواقف ، وعملا بالقرينة ، وفيه قوة ، ووجه العدم إطلاق الأخبار بالإذن في الصلاة بها (٣).

(ويكره تقدم المرأة على الرجل ، أو محاذاتها له) (٤) في حالة صلاتهما من دون

______________________________________________________

(١) لصحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ قال : نعم) (١) ، وخبر حكم بن الحكم (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وسئل عن الصلاة في البيع والكنائس. فقال : صلّ فيها قد رأيتها ما أنظفها) (٢). نعم ورد في خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الصلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس؟ فقال : رشّ وصل) (٣).

(٢) نبّه عليه في المبسوط مع أن الخبر مطلق.

(٣) وأن حالها كحال المساجد فلا يتوقف على إذن الواقف أو الناظر.

(٤) نسب إلى المشهور المنع للأخبار منها : لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن المرأة تصلي عند الرجل فقال عليه‌السلام : لا تصلي المرأة بحيال الرجل إلا أن يكون قدامها ولو بصدره) (٤) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي قال : إن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه) (٥) ، وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي والمرأة بحذاه عن يمينه أو عن يساره فقال عليه‌السلام : لا بأس به إذا كانت لا تصلي) (٦) ، وعن السيد والحلي وأكثر المتأخرين الكراهة جمعا بين ما تقدم وخبر جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصلي والمرأة تصلي بحذاه قال عليه‌السلام : لا بأس) (٧) ، وصحيح ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.

١١١

حائل (١) ، أو بعد عشرة أذرع (٢) (على) القول (الأصح) والقول الآخر التحريم ، وبطلان صلاتهما (٣) مطلقا (٤) ، أو مع الاقتران ، وإلا المتأخرة عن تكبيرة الإحرام. ولا فرق بين المحرم والأجنبية ، والمقتدية ، والمنفردة ، والصلاة الواجبة ، والمندوبة (٥).

(ويزول) المنع كراهة وتحريما (بالحائل) المانع من نظر (٦) أحدهما الآخر ولو

______________________________________________________

الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنما سميت مكة بكة لأنه يبتك فيها الرجال والنساء ، والمرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك ، وإنما يكره في سائر البلدان) (١).

(١) أما مع الحائل فلا بأس بالاتفاق لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في المرأة تصلي عند الرجل قال عليه‌السلام : إذا كان بينهما حاجز فلا بأس) (٢) ، وخبر محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي ذلك إلا أن يكون بينهما ستر ، فإن كان بينهما ستر أجزأه) (٣) ومثلها غيرها.

(٢) ومع البعد المذكور فيزول النهي بالاتفاق لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن الرجل يصلي ضحى وأمامه امرأة تصلي بينهما عشرة أذرع ، قال عليه‌السلام : لا بأس ليمض في صلاته) (٤).

(٣) عطف على التحريم.

(٤) سواء ابتدءا معا أم لا وقال في الروض «وكذلك أطلق كثير من الأصحاب» للنهي عن الاجتماع في الموقف المذكور والنهي في العبادات مفسد ، وعن جماعة الجزم ببطلان المتأخر صلاة ، وأما الذي شرع أولا بصلاته فصلاته صحيحة وموثق عمار المتقدم يشعر بصحة صلاة المتقدم حيث قال السائل : (يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي) والجواب وجود البأس في صلاته إن لم تكن تصلي خلفه وهذا هو مفهوم كلام الإمام عليه‌السلام ، وحصر البأس في صلاته المتأخرة وقتا دليل على عدم بطلان صلاة المرأة المتقدمة بحسب الوقت كما تقدمت بحسب المكان.

(٥) لإطلاق النصوص المتقدمة.

(٦) حيث عبّر عنه بالستر كما تقدم في الخبر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

١١٢

ظلمة وفقد بصر في قول (١) ، لا تغميض الصحيح عينيه في الأصح (٢) (أو بعد عشرة أذرع) بين موقفهما (ولو حاذى سجودها قدمه فلا منع) (٣) والمروي (٤) في الجواز كونها تصلّي خلفه ، وظاهره تأخّرها في جميع الأحوال عنه ، بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه ، وبه عبّر بعض الأصحاب ، وهو أجود.

(ويراعى في مسجد الجبهة) بفتح الجيم ، وهو القدر المعتبر منه في السجود ، لا محلّ جميع الجبهة (أن يكون من الأرض (٥) ، أو نباتها غير المأكول والملبوس)

______________________________________________________

(١) وهو اختيار العلامة في التحرير وإطلاق النصوص يدفعه.

(٢) لم يذهب إليه أحد بحسب التتبع ، نعم استشكل في ذلك العلامة في التحرير.

(٣) كما عن جماعة منهم المفيد في المقنعة والمحقق في الشرائع وهو ظاهر المنتهى ، غير أن النصوص قد اشترطت أن يكون الرجل قدامها ولو بصدره كما في صحيح زرارة المتقدم (إلا أن يكون قدّامها ولو بصدره) (١) ، ومنه تعرف ضعف القول الأول وأيضا ما ذهب إليه البعض من تأخر المرأة عن الرجل بحيث لا يحاذي جزءا منه كما استجوده الشارح.

(٤) وهو خبر عمار المتقدم (إن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه) (٢) ومن القيد الأخير تعرف ضعف ما استجوده الشارح أيضا.

(٥) بالاتفاق للأخبار منها : صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز؟ قال عليه‌السلام : السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس ، ، فقال له : جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال عليه‌السلام : لأن السجود خضوع لله (عزوجل) فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله (عزوجل) فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها) (٣) وخبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا القطن والكتان) (٤) وخبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام (لا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا المأكول والقطن والكتان) (٥). ومنها تعرف حكم السجود على ما أنبتته الأرض من غير المأكول والملبوس.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ١ و ٦ و ٣.

١١٣

(عادة) (١) بالفعل ، أو بالقوّة القريبة منه بحيث يكون من جنسه ، فلا يقدح في المنع توقّف المأكول على طحن وخبز وطبخ ، والملبوس على غزل ونسج وغيرها (٢) ، ولو خرج عنه بعد أن كان منه كقشر اللوز ارتفع المنع لخروجه عن الجنسية (٣) ولو اعتيد أحدهما (٤) في بعض البلاد دون بعض ، فالأقوى عموم التحريم (٥). نعم لا يقدح النادر كأكل المخمصة والعقاقير المتّخذة للدواء من نبات لا يغلب أكله.

(ولا يجوز السجود على المعادن) (٦) لخروجها عن اسم الأرض بالاستحالة ومثلها الرّماد (٧) وإن كان منها (٨) وأما الخزف (٩) فيبنى على خروجه بالاستحالة

______________________________________________________

(١) لأنه الظاهر من صحيح هشام المتقدم (فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس) وعليه فلا بأس بالسجود على ما يؤكل في حالات نادرة كالمرض وعند المخمصة مع أنه غير مأكول بحسب عادتهم.

(٢) قال الشارح في الروض : «فلو توقف الأكل على طبخ ونحوه واللبس على غزل ونسج وخياطة وغيرها لم يؤثر في كونه مأكولا وملبوسا فالمعتبر حينئذ نوع المأكول والملبوس فلا فرق حينئذ بين القطن قبل غزله وبعده ولو اعتبر الفعل لزم جواز السجود على الثوب غير المخيط أو المفصل على وجه لا يصلح للبس عادة وغير ذلك مما هو معلوم البطلان» انتهى ولذا نهي عن السجود على القطن والكتان مطلقا.

(٣) أي جنس الأكل ولو بالقوة بل صار خشبا وهو من غير المأكول عادة.

(٤) اللبس أو الأكل لبعض الأصناف.

(٥) للتمسك بإطلاق ما أكل ولبس في صحيح هشام المتقدم.

(٦) لخروج المعادن عن اسم الأرض واسم ما أنبتته ، نعم لو فرض أن بعض المعادن مما يصدق عليه اسم الأرض فيجوز السجود عليه.

(٧) أي ومثل المعادن الرماد ، لأنه خرج عن اسم النبات بالاستحالة كخروج المعادن ومثله الفحم أيضا.

(٨) أي وإن كان الرماد من الأرض كما لو احترق حجر ما فاستحال رمادا.

(٩) ففي المدارك نسبة الجواز إلى قطع الأصحاب وعن الروض عدم العلم بالمخالف ، وذلك لصدق الأرض عليه وعدم خروجه بالطبخ عن الأرض وإن خرج عن اسم التراب ، ولذا منع البعض من التيمم به لحصر التيمم عنده بالتراب ولم يمنع من السجود عليه لأن دائرة السجود أوسع من دائرة التيمم ولذا جاز السجود على القرطاس ، وقد تقدم الكلام في بحث التيمم فراجع.

١١٤

عنها (١) ، فمن حكم بطهره لزمه القول بالمنع من السجود عليه ، للاتفاق على المنع مما خرج عنها بالاستحالة وتعليل من حكم بطهره بها (٢) ، لكن لمّا كان القول بالاستحالة بذلك ضعيفا كان جواز السجود عليه قويا.

(ويجوز) السجود (على القرطاس) (٣) في الجملة إجماعا للنص الصحيح الدال

______________________________________________________

نعم ذهب الشيخ إلى أن الخزف لو كان نجسا قبل الاستحالة فيطهر بها عند ما يصير خزفا ، وألزم بأنه إذا كانت الاستحالة مطهرة له لوجب أن يخرج بها عن اسم الأرض ، وعليه فلا يجوز حينئذ السجود عليه ، وقال الشارح في الروض «لكن لما كان القول بذلك ضعيفا لضعف حجته لم يتجه القول بعدم جواز السجود عليه» نعم الأحوط عدم السجود عليه للشك في الاستحالة ، وما تقدم في الخزف يأتي في الآجر بالتمام.

(١) عن الأرض.

(٢) بالاستحالة والمراد أن من حكم بالطهارة ، علّل بالاستحالة ، ومع تحققها فيخرج الخزف عن الأرض فلا يجوز السجود عليه.

(٣) بالاتفاق ويدل عليه أخبار كثيرة منها : صحيح ابن مهزيار (سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه‌السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : يجوز) (١) وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة) (٢) وهو ظاهر في جواز السجود على القرطاس المجرد.

وذهب الأكثر لإطلاق النصوص إلى عدم الفرق في القراطيس بين ما كانت متخذة مما يصح السجود عليها أو لا كالمتخذ من القطن والكتان بل والصوف والحرير ، وسواء كانت فيها نورة من دون صبغ أو كانت مصبوغة وسواء كان مكتوبا عليها أو لا ، وعن نهاية الأحكام واللمعة والبيان وحاشية النافع التقييد بالمتخذ من النبات ، وعن حاشية الإرشاد والجعفرية وإرشادها والعزية التقييد بما إذا كان من جنس ما يسجد عليه.

والأخير متعين جمعا بين أخبار القراطيس والأخبار المتقدمة بحصر السجود على الأرض ونباتها غير المأكول والملبوس ، ودعوى أن أخبار القراطيس مطلقة ليس في محلها إذ صحيح داود بن فرقد المتقدم إنما هو بصدد السؤال عن مانعية الكتابة عن السجود على القراطيس وكذلك صحيح جميل المتقدم ، وأما خبر صفوان الجمال الباقي من أخبار الباب ولم نذكره سابقا فهو (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام في المحمل يسجد على القرطاس وأكثر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ٣.

١١٥

عليه ، وبه (١) خرج عن أصله المقتضي لعدم جواز السجود عليه ، لأنه مركّب من جزءين لا يصح السجود عليهما ، وهما النورة وما مازجها من القطن ، والكتّان ، وغيرهما (٢) ، فلا مجال للتوقف فيه في الجملة والمصنف هنا خصّه بالقرطاس (المتّخذ من النبات) كالقطن والكتّان والقنّب ، فلو اتخذ من الحرير لم يصح السجود عليه ، وهذا إنما يبنى على القول باشتراط كون هذه الأشياء مما لا يلبس بالفعل حتى يكون المتّخذ منها غير ممنوع ، أو كونه غير مغزول أصلا إن جوّزناه فيما دون المغزول ، وكلاهما لا يقول به المصنف (٣) وأما إخراج الحرير فظاهر على هذا لأنه لا يصح السجود عليه بحال.

وهذا الشرط (٤) على تقدير جواز السجود على هذه الأشياء (٥) ليس بواضح

______________________________________________________

ذلك يومئ إيماء) (١) وهو مجمل من ناحية جنس القراطيس فلا إطلاق له.

وعليه فمع الجهل بجنس القراطيس أو مع العلم بكونها مصنوعة مما لا يصح السجود عليه كما هو المتعارف في عصرنا فلا يصح السجود عليها لعدم إحراز شرط الصحة في ما يسجد عليه ، نعم إذا كان القرطاس مأخوذا من جنس ما يسجد عليه فالكتابة عليه لا تضر بالسجود كما في خبر جميل المتقدم بشرط أن لا تستوعب الكتابة جميع أجزاء القرطاس بحيث يقع مسمى السجود على أجزاء القرطاس الخالية عن الكتابة ، لأن الكتابة بالمداد أو بغيره تشكل جرما حائلا بين الجبهة والقرطاس ، نعم إذا لم يبق للكتابة إلا اللون فقط فلا منع ولذا جاز التيمم باليد المخضوبة.

(١) وبالنص.

(٢) كالحرير ، وفيه : إن الغالب وإن كان كذلك أعني المأخوذ من القطن والكتان إلا أن المعمول من القنب كان متعارفا وهو غير مأكول أو ملبوس فيقتصر عليه كما عرفت جمعا بين أخبار القراطيس وأخبار المنع عن المأكول والملبوس من نبات الأرض.

(٣) أو يقال إنّ القطن والكتان قد خرجا عن الملبوس بالفعل والقوة عند ممازجة النورة لهما فلذا جاز السجود عليهما ، وأما القنب فهو مما يتخذ منه الحبال فهو من غير الملبوس والمأكول ولذا قصرنا جواز السجود على القرطاس المأخوذ منه فقط.

(٤) أي المتخذ من النبات.

(٥) وهي القطن والكتان قبل الغزل أو هي من غير الملبوس فعلا عند ممازجة النورة لهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ١.

١١٦

لأنه تقييد لمطلق النص أو تخصيص لعامّه من غير فائدة (١) ، لأن ذلك (٢) لا يزيله (٣) عن حكم مخالفة الأصل (٤) ، فإن أجزاء النورة المنبثّة فيه بحيث لا يتميّز من جوهر الخليط جزء يتم عليه السجود كافية (٥) في المنع (٦) ، فلا يفيده (٧) ما يخالطها (٨) من الأجزاء التي يصح السجود عليها منفردة.

وفي الذكرى جوّز السجود عليه إن اتّخذ من القنّب (٩) ، واستظهر المنع من المتّخذ من الحرير ، وبنى المتّخذ من القطن والكتان على جواز السجود عليهما ، ويشكل تجويزه القنّب على أصله (١٠) ، لحكمه فيها (١١) بكونه ملبوسا في بعض

______________________________________________________

(١) بناء على أن أخبار الجواز قد نصت على القرطاسية ، وهي مطلقة فيخرج بها عن نصوص التقييد بالأرض ونباتها غير المأكول والملبوس ، وقد عرفت أن أخبار القرطاسية لا تنص على إخراج القرطاس بما هو قرطاس لأنها إما مجملة وإما السؤال فيها بلحاظ الكتابة عليها فلا بد من تقييدها حينئذ بأخبار حصر السجود على الأرض ونباتها غير المأكول والملبوس.

(٢) أي اشتراط كونه متخذا من النبات.

(٣) أي يزيل القرطاس.

(٤) وهو منع السجود إلا على الأرض ونباتها ، وهو ليس منهما.

(٥) خبر لقوله (فإن أجزاء النورة).

(٦) وفيه : ما قاله في كشف اللثام : «إن المعروف أن النورة تجعل أولا في مادة القرطاس ثم يغسل حتى لا يبقى فيها شي‌ء منها» ولذا قال في مفتاح الكرامة «والجواب الصحيح أنّ النورة ليست جزءا منه أصلا ، وإنما توضع مع القنب أولا كما هو الغالب ثم يغسل حتى لا يبقى فيه شي‌ء منها أصلا ، ولهذا لم يتأمل فيه من هذه الجهة أحد من الأصحاب ممن تقدم على الشهيد ، وإني لأعجب منه ومن المحقق الثاني والشهيد الثاني وسبطه كيف يتأملون في ذلك ويقولون إن الحكم خارج عن الأصل ، والصانعون له من المسلمين والنصارى قريبون منهم أو بين أظهرهم ولا يسألونهم عن ذلك» انتهى.

(٧) أي للقرطاس ، وقد عرفت أنه يفيده.

(٨) أي يخالط النورة.

(٩) وهو المتعين كما عرفت.

(١٠) أصل المصنف.

(١١) أي لحكم المصنف في الذكرى بكون القنب ملبوسا في بعض البلاد.

١١٧

البلاد ، وأن ذلك (١) يوجب عموم التحريم (٢) ، وقال فيها أيضا : في النفس من القرطاس شي‌ء ، من حيث اشتماله على النورة (٣) المستحيلة من اسم الأرض بالإحراق ، قال : إلا أن نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول : جمود النورة يردّ إليها (٤) اسم الأرض.

وهذا الإيراد (٥) متّجه لو لا خروج القرطاس بالنص الصحيح وعمل الأصحاب ، وما دفع به (٦) الإشكال غير واضح (٧) ، فإن أغلبية المسوّغ (٨) لا يكفي مع امتزاجه بغيره (٩) وانبثاث أجزائهما بحيث لا يتميّز ، وكون جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض في غاية الضعف ، وعلى قوله (١٠) (رحمه‌الله) لو شكّ في جنس المتخذ منه. كما هو الأغلب. لم يصح السجود عليه ، للشك في حصول شرط الصحة. وبهذا ينسدّ باب السجود عليه غالبا ، وهو غير مسموع في مقابل النصّ وعمل الأصحاب (١١).

______________________________________________________

(١) أي إذا كان متعارفا في بعض البلاد لبسه فيحرم السجود عليه مطلقا.

(٢) وفيه : إن القنب إذا لم يمازجه النورة فنعم وأما القنب الممزوج بالنورة على المعنى المتقدم فلا يصلح لبسه ولو في بعض البلاد ولذا جاز السجود عليه لأنه قد خرج عن الملبوس فعلا أو قوة ، أو أن يقال إنّ لبسه في بعض البلاد على نحو النادر وهذا لا يوجب عموم التحريم إذ الذي يوجب هو القليل في قبال الكثير لا النادر في قبال الغالب الشائع.

(٣) وقد عرفت عدم اشتماله فلا داعي لبقاء شي‌ء في النفس.

(٤) إلى النورة.

(٥) من اشتماله على النورة.

(٦) من أنّ الغالب جوهر القرطاس.

(٧) المراد.

(٨) وهو القنب بناء على حصر القرطاس به في كلامه في الذكرى.

(٩) وهو النورة التي لا يجوز السجود عليها فكيف جوّز السجود على جوهر القرطاس بالإضافة إلى أن جوهره ممزوج بالنورة بحيث صارت جزءا منه.

(١٠) من حصر جواز السجود على القرطاس المتخذ من القنب فقط.

(١١) وفيه إنه ليس ردا للنص ولا لعمل الأصحاب ، لأن جواز السجود على القرطاس إنما هو بعد تحقق موضوعه ومعرفته بالنسبة للمكلف فلو انسدّ هذا الباب في تشخيص الموضوع فلا يكون ردا للحكم كما هو واضح.

١١٨

(ويكره) السجود (على المكتوب) منه مع ملاقاة الجبهة لما يقع عليه اسم السجود خاليا من الكتابة ، وبعضهم لم يعتبر ذلك ، بناء على كون المداد عرضا لا يحول بين الجبهة وجوهر القرطاس ، وضعفه ظاهر.

(الخامس. طهارة البدن من الحدث والخبث)

(وقد سبق) بيان حكمهما مفصلا (١).

(السادس (٢). ترك الكلام) (٣)

في أثناء الصلاة ،

______________________________________________________

ثم لا داعي لتشديد الشارح على الماتن فيما قاله في الذكرى من حصر الجواز بالقرطاس المتخذ بالقنب بعد ما قال الشارح نفسه في الروض «فالاقتصار فيما خرج عن الأصل على موضع الاتفاق وهو كونه متخذا من غير الملبوس طريق اليقين وسبيل البراءة» وبعد ما قال في المسالك «وقصر الجواز على ما اتخذ من غير الملبوس هو الأحوط وقوفا في الرخصة على موضع اليقين».

(١) أما طهارة البدن من الحدث فقد تقدم البحث في الوضوء والغسل والتيمم وهي توجب رفع الحدث عن البدن ، وأما طهارة البدن من الخبث فقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في أحكام النجاسات عند قول المصنف والشارح : «وهذه النجاسات العشر يجب إزالتها لأجل الصلاة عن الثوب والبدن».

(٢) والبحث فيه عن قواطع الصلاة.

(٣) تعمد الكلام مبطل للصلاة بالاتفاق للأخبار منها : موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصيبه الرعاف قال : إن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته) (٢) وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام فيمن يأخذه الرعاف قال : (وإن تكلم فليعد صلاته) (٣) ثم لا فرق في الكلام المبطل بين وجود مخاطب أو لا للإطلاق ، وكذا لا فرق بين كونه مضطرا أو مختارا لأن حديث الرفع يرفع المؤاخذة ولا يصلح لإثبات صحة الصلاة ، نعم إذا تكلم سهوا فلا تبطل صلاته بلا خلاف للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الرجل يسهو في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٦ و ٧.

١١٩

وهو (١) على ما اختاره المصنف والجماعة. ما تركّب من

______________________________________________________

الركعتين ويتكلم فقال عليه‌السلام : يتمّ ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شي‌ء عليه) (١) وصحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم فقال عليه‌السلام : يتم صلاته ثم يسجد سجدتين) (٢).

نعم يستثنى من الكلام ذكر الله والدعاء المباح والقرآن فإنه غير مبطل بلا خلاف ويدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما أن يقولا سبحان الله؟ قال عليه‌السلام : نعم ، ويوميان إلى ما يريدان) (٣) وصحيح ابن مهزيار عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه ، قال عليه‌السلام : نعم) (٤) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كلما ذكرت الله (عزوجل) به والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة) (٥) وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ذكر السورة من الكتاب يدعو بها في الصلاة مثل قل هو الله أحد ، قال : إذا كنت تدعو بها فلا بأس) (٦) وظاهر الأخير اشتراط قصد الدعاء بالقرآن.

(١) أي الكلام ، اعلم أنه قد وقع الاتفاق بينهم على أن الكلام المبطل هو ما كان بحرفين فصاعدا سواء كانا موضوعين لمعنى أو مهملين بلا خلاف فيه كما عن الذخيرة وادعى عليه الإجماع في الحدائق وهو المنقول عن شمس العلوم وشرح الكافية لنجم الأئمة.

وألحقوا بالكلام المبطل شيئين الأول : ما كان من حرف واحد مفهم لمعنى مثل (ق) من الوقاية ، وفي الحدائق نسبته إلى ظاهر الأصحاب لصدق الكلام عليه لغة وعرفا ، بل هو كلام عند أهل العربية لتضمنه الإسناد المفيد لأن المحذوف منه كالمذكور ، وإن تردد في القواعد ، وعن التذكرة والنهاية والدروس عدم البطلان لكونه لا يخرج عن الحرف الواحد والمبطل ما اشتمل على حرفين فصاعدا.

الثاني : الحرف الذي بعده مدة ناشئة من إشباع حركته ضما أو كسرا أو فتحا ، فإن هذه المدة حرف يلحقها بالواو أو الألف أو الياء فيصير المجموع حرفين وبهما تبطل الصلاة.

وأشكل عليهم الشارح هنا بعد ما استعرض ذلك عنهم بإشكالات ثلاثة :

الأول : تقييد الكلام المبطل بما اشتمل على حرفين فصاعدا ولو كانا مهملين مما لا دليل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

١٢٠