قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البحر المحيط في التّفسير [ ج ٩ ]

509/582
*

(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) : نزلت في وفد بني تميم الأقرع بن حابس ، والزبرقان بن بدر ، وعمرو بن الأهتم وغيرهم. وفدوا ودخلوا المسجد وقت الظهيرة ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم راقد ، فجعلوا ينادونه بجملتهم : يا محمد ، اخرج إلينا. فاستيقظ فخرج ، فقال له الأقرع بن حابس : يا محمد ، إن مدحي زين وذمي شين ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ويلك! ذلك الله تعالى». فاجتمع الناس في المسجد فقالوا : نحن بني تميم بخطيبنا وشاعرنا ، نشاعرك ونفاخرك ؛ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا». فقال الزبرقان لشاب منهم : فخر واذكر فضل قومك ، فقال : الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء ، فنحن من خير أهل الأرض ، من أكثرهم عددا ومالا وسلاحا ، فمن أنكر علينا فليأت بقول هو أحسن من قولنا ، وفعل هو أحسن من فعلنا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لثابت بن قيس بن شماس ، وكان خطيبه : «قم فأجبه» ، فقال : «الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها وأعظمهم أحلاما فأجابوه ، والحمد لله الذي جعلنا أنصار دينه ووزراء رسوله وعزا لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها منع نفسه وماله ، ومن أباها قتلناه وكان رغمه علينا هينا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات». وقال الزبرقان لشاب : قم فقل أبياتا تذكر فيها فضل قومك ، فقال :

نحن الكرام فلا حي يعادلنا

فينا الرءوس وفينا يقسم الربع

ونطعم النفس عند القحط كلهم

من السديف إذا لم يؤنس الفزع

إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد

إنا كذلك عند الفخر نرتفع

فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فدعا حسان بن ثابت ، فقال له : «أعدلي قولك فأسمعه» ، فأجابه :

إن الذوائب من فهر وإخوتهم

قد شرعوا سنة للناس تتبع

يوصي بها كل من كانت سريرته

تقوى الإله فكل الخير يطلع

ثم قال حسان في أبيات :

نصرنا رسول الله والدين عنوة

على رغم غاب من معد وحاضر

بضرب كأنواع المخاض مشاشة

وطعن كأفواه اللقاح المصادر

وسل أحدا يوم استقلت جموعهم

بضرب لنا مثل الليوث الخوادر