أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

علي أصغر شكوهي قوچاني

أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

علي أصغر شكوهي قوچاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: زيبا نگار
الطبعة: ٣
ISBN: 978-964-444-949-9
الصفحات: ٣٩٢

ماتت فاطمة عليها‌السلام، قال عليّ عليه‌السلام : هذا الرّكن الثاني.١

والريحان هو نبات طيّب الرائحة، أو كلّ نبات كذلك أطرافه وورقه، وجمعه رياحين، ويُطلَق على الولد والمعيشة والرزق. وقيل : الريحانة طاقة الريحان، وهي نبات سهليّ، أو آذَرْيُون البرّ، أو هو كلّ نبت طيّب الريح من أنواع المشموم، ويقضي أنّ الحسن والحسين عليهما‌السلام هما نباتان أنبتهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وأمّا طِيب ريحهما فإذا أريد عطر بدنهما فهو أيضاً مُسلَّم فيهما وفي أمّهما الزّهراء عليها‌السلام، لأنّ فيهم طعم ثمار الجنّة. ويمكن أن يكون كناية عن شيوع محاسنهما وذيوع فضائلهما وانتشار صيتهما.

قال النّسائيّ : عن عبد الرحمان بن أبي نُعم، قال : كنت عند ابن عمر، فأتاه رجل فسأله عن دم البعوض يكون في ثوبه، أيصلّي به؟ فقال ابن عمر : ممّن أنت؟ قال : من أهل العراق، قال : مَن يعذرني من هذا؟! يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : هما ريحانتي من الدّني.٢

أبو زينب

من ألقابه وكناه : أبو زينب وقرشيّ : وكانوا في عصر الأمويّين ـ ولاسيّما معاوية بن أبي سفيان ـ قد نادوا أنّ مَن روى حديثاً في عليّ عليه‌السلام يقتل في الحال ،

_______________________

١ ـ فضائل الصحابة ح ١٠٦٧، المناقب للخوارزميّ ١٤١؛ تذكرة الخواصّ ٣٢٠؛ نظم درر السمطَين ٩٨؛ تاريخ دمشق ١٤ / ١٧١؛ حلية الأولياء ٢ / ٢٠١؛ مسند أحمد بن حنبل ٢ / ٨٥؛ تيسير المطال ١٣٨.

٢ ـ خصائص النّسائيّ ٢٠٠، ٢٠١، رقم ١٤٥؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٦٥٧، رقم ٣٧٧٠؛ صحيح البخاريّ ٥ / ٣٣، ٨ / ٨، باب ١٨، من كتاب الأدب؛ مسند أحمد بن حنبل ٩ / ٤٨٨؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ٣ / ١٢٧؛ حلية الأولياء ٥ / ٧٠.

٢١

ويُسبى أولاده، ويُنهب ماله.١ وقد منع عبد الملك بن مروان نقل منقبة لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، أو التسمية باسمه بحيث لم يجترئ أحد أن يتجاهر باسمه في النّاس.

وقال عماد الدين الطبريّ : إنّ عالماً ذكر عليّاً على منبر دمشق وأُنْهيَ إلى عبد الملك بن مروان الخبر، فأمر بقطع لسان ذلك العالم، وقال : عجباً! إنّ اسم عليّ بقي في خواطر الخلائق وما نَسُوه!٢

وربّما كان من الرّواة من يتّقي في نقل رواية أو حكاية منقبة عنه ويقول : كان أبو زينب، وقال أبو زينب، أو قال قرشيّ هكذا، فمِثل الحسن البصريّ وغيره كانوا يقولون في رواياتهم عنه : روى لي أبو زينب، وروى قرشيّ.٣

أبو السِّبطَين

من كناه عليه‌السلام، أبو السِّبطَين : روي عن أنس، قال : صعد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فذكر كلاماً ثمّ قال : أين عليّ؟ فضمّ عليّاً إلى صدره، وقبّل بين عينيه، وقل : يا معاشر المسلمين، هذا أخي وابن عمّي ختني، وهذا لحمي ودمي وسرّي. وهذا أبو السِّبطَين الحسن والحسين سيّدَي شباب أهل الجنّة.٤

ينظر : الختن، سيف الله المسلول، كاشف الكروب.

_______________________

١ ـ تبصرة العوامّ ١٩٥، ٢٣١.

٢ ـ أسرار الإمامة ٥٨، وانظر مؤدّاه في : حبيب السير ٢ / ١٣٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ / ٧٣؛ كتاب صفّين ١٠٠، ١٠١؛ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٥١.

٤ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠، ٤٥؛ إحقاق الحقّ ٤ / ٣٦٥؛ الهداية الكبرى ٩٣.

٢٢

أبو شبَّر وشبير

من كناه عليه‌السلام أبوشبَّر وأبو شبير١.

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وإنّي سمّيت ابنيّ الحسن والحسين بما سمّي به هارون ابنيه شَبَّراً وشَبِّيراً٢.

وفي رواية : أنّ جبرئيل عليه‌السلام أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله تعالى أن يسمّيهما باسم ابنيّ هارون عليه‌السلام، وقال : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمِّ ابنيك باسم ابني هارون. وقال : ما كان اسمهما؟ قال : شبر وشبير، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لساني عربيّ، قال : فسمّهما حسناً وحسيناً٣.

عن ابن المغازليّ والخطيب الخوارزميّ بإسنادهما في حديث طويل مشهور بـ «حديث الأعمش والمنصور»، قال : الأعمش : بعث إليّ أبو جعفر المنصور، فقلت للرسول : لما يريدني أبو جعفر؟ قال : لا أعلم، ثمّ تفكّرت في نفسي فقلت : ما دعاني في هذا الوقت لخير، ولكن عسى أن يسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فعليّ أشجع النّاس قلباً، وأعلم النّاس علماً، وأحلم النّاس حلماً، وأقدم الناس سلماً، والحسن والحسين ابناه سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، وسمّاهما الله تعالى في التوراة على لسان موسى عليه‌السلام «شبّر» و «شبير» لكرامتهما على الله عزّ وجلّ٤.

_______________________

١ ـ الهداية الكبرى ٩٣؛ فضائل لابن شاذان ١٧٥.

٢ ـ المناقب لابن المغازليّ ٣٧٩؛ بغية الطلب ٦ / ٢٥٦٧؛ فضائل الصحابة ١٣٦٦؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٦٥، ١٦٨.

٣ ـ نظم درر السمطين ١٩٤؛ الصواعق المحرقة ١١٥.

٤ ـ المناقب لابن المغازليّ ١٤٣ ـ ١٥٥؛ المناقب للخوارزميّ ٢٨٤ ـ ٢٩٣.

٢٣

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سمّيتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر، سمّي المحسن بن عليّ مشبراً١.

أبو الشهداء الغرباء

ينظر : سيّد الشهداء

أبو العترة الطاهرة

قال أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام : في بعض خطبة : أيّها النّاس، أنا إمام البريّة، ووصيّ خير الخليفة، وأبو العترة الطّاهرة الهادية٢.

ينظر : إمام البريّة.

أبو القاسم

قال سبط ابن الجوزيّ : فأمّا كنيته فأبو الحسن، وأبو الحسين، وأبو القاسم، وأبو تراب، وأبو محمّد٣.

وقال الثعلبيّ بإسناده : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسم. ثمّ رخّص في ذلك لعليّ عليه‌السلام وابنه.٤

وكان يكنّى قبل أن يولد له الحسن عليه‌السلام أبا القاسم. قاله زهير بن معاوية، فلمّا

_______________________

١ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ٣ / ٤٧١ «حرف م».

٢ ـ أمالي الصدوق ٤٨٤؛ ينابيع المودّة ١ / ٢٤١.

٣ ـ تذكرة الخواصّ ٥.

٤ ـ تفسير الثعلبيّ ٣ / ١٧٨.

٢٤

ولد الحسن أكتنىٰ به.١

قال ابن عساكر : عن محمّد بن عليّ بن الحنفيّة قال : لقد رأيت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يوم الجمل يكنّى بأبي القاسم. كذا في هذه الرّواية، ولعلّه كان بالأصل يكنيني بأبي القاسم، فإنّ محمّد بن عليّ، يكنّي بأبي القاسم.٢

وأيضاً عن ابن عساكر قال : قال زهير بن معاوية : كان عليّ يكنى أبا القاسم، وكان رجلاً آدم شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع، وهو إلى القِصَر أقرب.٣

وجاء في أخبار كثيرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسم.٤ ولو كان الأمر كذلك، لقال أنا القاسم، فإنّه إذا كان يقسم فهو القاسم، لا أبو القاسم.

ولذا قال في فيض القدير عند شرح الحديث : وأنا أقسم، المراد، أنّ المال مال الله، والعباد عباد الله، وأنا قاسم بإذن الله، ولم يقل : وأنا أبو القاسم.٥

والسرّ في ذلك أنّ القاسم هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، فهو قسيم الجنّة والنّار، كما ورد ذلك في الأحاديث الكثيرة، والرّسول هو أبو هذه الأمّة، ومنهم عليّ عليه‌السلام، فهو أبو القاسم.

_______________________

١ ـ معارج الوصول ٥٠.

٢ ـ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ١٥.

٣ ـ ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب ١ / ٢٧.

٤ ـ مسند أحمد بن حنبل ٢ / ٤٣٣؛ المستدرك للحاكم ٢ / ٢٠٤؛ المجامع الصغير للسيوطيّ ١ / ٤١٢.

٥ ـ فيض القدير ٣ / ٥١.

٢٥

أبو قَصِم

وقال الخجنديّ : كان عليّ اين أبي طالب عليه‌السلام يكنى : أبا قَصِم.١

والقَصِم : الرجل الّذي يقصم مَن قاومه، وقوله تعالى : (كَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً)٢ أي حطمناها وهشمناها، وذلك عبارة عن الهلاك، ويسمّي الهلاك قاصمة الظَّهر.٣

ويكنّىٰ أبا قضم : ومنه حديث عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : كانت قريش إذا رأته قالت : إحذروا الحُطَم، إحذروا القُضَم، أي الّذي يقضم النّاس فيُهلِكهم.٤

وعن ابن عباس قال : لمّا نكل المسلمون عن مقارعة طلحة العبدريّ، تقدّم إليه أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام فقال طلحة : مَن أنت؟ فحسر عن لثامة فقال : أنا القضم، أنا عليّ بن أبي طالب.

يدعو أنا القضمُ القضاضة والذي

يعمي العدوّ إذا دنا الزحفانِ٥

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم اُحد عَدّ أصحابه سبع مائة رجل، فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشّعب... وكانت راية قريش في غزوة اُحد مع طلحة بن أبي طلحة ويدعى كبش الكتيبة، فبرز ونادى : هل من مبارز، فبرز إليه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال طلحة : من أنت يا غلام؟ قال أنا عليّ بن أبي طالب، قال : قد علمت يا قضم (قصم) أنّه لا يجسر عليَّ أحد غيرك...٦

_______________________

١ ـ تاريخ الخميس ٢ / ٢٧٥؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٠٠؛ مناقب آل أبي طالب ٣/٣٣٠.

٢ ـ الأنبياء / ١١.

٣ ـ المفردات للراغب الإصبهانيّ ٤٠٥.

٤ ـ النّهاية ٤ / ٧٨

٥ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ١٣٣.

٦ ـ تفسير فرات ١٠٠ ـ ١١٥، بحار الأنوار ٢٠ / ٤٩.

٢٦

أبو محمّد

من كناه عليه‌السلام : أبو محمّد١. قال عليّ عليه‌السلام : دخلت على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده سفرجلة فرمى بها إليّ وقال : دونك يا أبا محمّد، فإنّها تجمّ الفؤاد.٢

أبو ولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

ينظر : الخليفة.

أبو هذه الأمّة

روي بطرق متعدّدة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا وعليّ أبَوا هذا الأمّة.٣

قال الحسن بن عليّ عليهما‌السلام : من عرف حقّ أبَوَيه الأفضلَين محمّد وعليّ وأطاعهما حقّ طاعته قيل له : تبَجَّح في أيّ الجنان شئت.

وقال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : من رعى حقّ أبَوَيه الأفضلين محمّد وعليّ لم يضرّه ما أضاع من حقّ أبَوَي نفسه وسائر عباد الله، فإنّهما يُرضيانهم بسعيهما.٤

عن جابر بن عبد الله، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حقّ عليّ بن أبي طالب على هذه الأمّة كحقّ الوالد على ولده.٥

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عليّ، أنت أخي وأنا أخوك، وأنا المصطفى

_______________________

١ ـ المناقب للخوارزميّ ٣٨.

٢ ـ المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٢٦؛ تدكرة الخواصّ ٥.

٣ ـ كمال الدين ١٥١، ١٥٢؛ أمالي الصّدوق ٣٩٠.

٤ ـ وردت هذه الأحاديث جميعها في تفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام ٣٣٠، ٣٣١.

٥ ـ المناقب للخوارزميّ ٣١٠؛ ميزان الاعتدال ٣ / ٣١٣؛ فردوس الأخبار ٢ / ١٣٢، رقم ٢٦٧٤؛ فرائد السمطين ١ / ٢٩٧؛ تاريخ البغداد ١٠ / ١٩٨؛ المناقب لابن المغازليّ ٤٧؛ لسان الميزان ٤ / ٣٩٩.

٢٧

للنبوّة، وأنت المجتبى للإمامة، أنا وأنت أبوا هذه الأمّة، وأنت وصيّي ووارثي وأبو ولدي. أتباعك أتباعي، وأولياؤك أوليائي، وأعداؤك أعدائي، وأنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في المقام المحمود، وصاحب لوائي في الآخرة كما أنت صاحب لوائي في الدنيا، ولقد سعد من تولّاك، وشقي من عاداك، وإنّ الملائكة لتقرّب إلى الله بمحبّتك وولايتك، وإنّ أهل مودّتك في أهل السّماء أكثر من أهل الأرض ...١

أبو اليتامي والمساكين

لمّا كان الأب في الغالب يرعى أولاده ويتعاهدهم، وهو الكافل لهم، ويهتمّ بما يصيبهم وما يصيرون إليه، ويريد لهم التوفيق والنّجاح في أعمالهم، ويوفّر وسائل معايشهم ويحامي عنهم، ولا يرضى لهم الدنيئة، فقد سمّى العُرف كلّ من يتعاهد شيئاً ويهتم بشأنه «أباً»، فكان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أباً للأيتام والمساكين وكفيلاً لهم.

قال عليه‌السلام في خطبته : أنا الهادي، وأنا المهتدي، وأنا أبو اليتامي والمساكين، وأنا ملجأ كلّ ضعيف، ومأمن كلّ خائف، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنّة، وأنا حبل الله المتين، وأنا العروة الوثقى وكلمة التقوى، وأنا عين الله وباب الله ولسان الله الصادق ...٢

ينظر : حبل الله المتين.

_______________________

١ ـ أمالي الصدوق ٢٧٢ رقم ١٣؛ أمالي الطوسيّ، المجلس ١٢ رقم ١٣.

٢ ـ غاية المرام ٣٤٢، باب ٤٢، رقم ٣؛ ينابيع المودّة ٣ / ٤٠١.

٢٨

أحد البحرين١

عن الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ بإسناده، قال في قوله عزّ وجلّ : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) قال : عليّ وفاطمة عليهما‌السلام، (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ) قال : محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) قال : الحسن والحسين عليهما‌السلام.٢

أحسنهم خُلقاً

من صفاته عليه‌السلام : أحسنهم خُلقاً.

ولا شبهة أنّ حسن الخلق من الخلال الزاكية والمحاسن العالية، وهي الخطّة المحبِّبة صاحبَها إلى الأنام، والخلّة الحميدة عن الخاصّ والعامّ.

عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا أنبّؤكم بأمرَين خفيفة مؤنتهما، عظيم أجرهما، لم يُلقَ الله بمثلهما : الصمت، وحسن الخلق.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أقربكم منّي غداً وأوجبكم عليّ شفاعة، أحسنكم خلقاً، وأدّاكم للأمانة، وأقربكم من النّاس.

والمراد بحسن الخلق الأفعال الجميلة الّتي يعتادها القائل ممّا يستحسن عقلاً وشرعاً، ولهذا سئلت عائشة عن خُلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، فقالت : كان خُلقه القرآن (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)٣.

وقد جمع الله تعالى له في هذه الكلمات اليسيرة آداب الدنيا وآداب الدّين ،

_______________________

١ ـ مجموعة نفيسة ١٩٥.

٢ ـ المناقب لابن المغازليّ ٣٣٩؛ الفصول المهمّة ٢٨؛ الدّرّ المنثور ٦ / ١٤٢؛ تذكرة الخواصّ ٢٤٥؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣١٨؛ تفسير فرات الكوفيّ ٤٦.

٣ ـ الأعراف / ١٩٩.

٢٩

ذلك من عجائب الكتاب المبين.١

وأخلاق أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام وحلمه من أخلاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، وأخلاق عليّ عليه‌السلام ليس فيها نهاية ولا بداية، ولكن لا نترك الإشارة إلى بعضها لكثرة الحلم وسعة الصدر، وتواضع النفس والعفو عن المسيء، ورحمة الفقراء، وإعانة الضعفاء، وتحمّل المشاقّ، وجمع المكارم، والزهد في الدّنيا مع إقبالها عليه وصدوده عنها مع توجّهها إليه، وله النصيب الأكبر من السماحة، والحظّ الأوفر من الشجاعة، وكان بين النّاس كأحدهم، وقد بلغ في ذلك إلى الغاية القصوى حتّى نُسِبَ من غزارة حسن خلقه إلى الدُّعابة، وكان مع هذه الغاية في حسن الخُلق ولين الجانب يخصّ بذلك ذا الدّين واللّين، وأمّا من لم يكن كذلك فكان يوليه غلظة وفظاظة للتأديب، حتّى روي عنه عليه‌السلام أنّه قال في هذه المعني :

ألينُ لمَن لانَ لي جنبُه

وأنزو على كلّ صعبٍ شديدِ

كذا الماسُ يعمل فيه الرصاص

على أنّه عاملٌ في الحديدِ

وقد قال عليه‌السلام : حُسن الخُلق من الإيمان.٢

روى أنّ عليّاً عليه‌السلام دعا غلاماً له مراراً فلم يُجبه، فخرج فوجده على باب البيت فقال : «ما حملك على ترك إجابتي؟»، قال : كَسِلتُ عن إجابتك وأمِنتُ عقوبتك، فقال : «الحمد الله الّذي جعلني ممّن تأمنه خلقه، امض فأنت حرٌّ لوجه الله»، وأنشد أشجع :

ولستُ بخائفٍ لأبي حسينٍ

ومَن خافَ الإلٰه فلن يُخافا

وهو عليه‌السلام بِشره دائم، وثغره باسم، غيث لمن رغب، وغياث لمن رهب، مآل

_______________________

١ ـ محاسن الأزهار ٤٧٥.

٢ ـ مطالب السؤول ١٢٠؛ شرح المواقف ٨ / ٣٧١.

٣٠

الآمال وثمال الأرامل، يتعطّف على رعيّته، ويتصرّف على مشيّته.١

أخو الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله٢

قال أحمد بن محمّد العاصميّ : أمّا الأسماء الّتي كان المرتضى عليه‌السلام فيها سمِيّ المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهي الصّاحب، وعبد الله، والأخ، وسيّد العرب، والحبيب.٣

وقال زين الدّين عليّ بن يوسف بن جبير : ومعلوم أنّ الأخوّة في النّسب لا توجب فضلاً، لأنّ الكافر قد يكون أخا المؤمن، لكنّ الأخوّة في المماثلة والمشابهة هي الموجبة للفضل والشّرف، وموصوفيّة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بهذه النعوت الجليلة وصفٌ ثبوتيّ لا سلبيّ يختصّ به دون غيره. وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : « أنت أخي في الدّنيا والآخرة » يريد أنّه مُناظِره ومُشابهه ومُشاكله في جميع المنازل، إلّا النبوّة خاصّة، والعرب تقول للشيء : «إنّه أخو الشيء» إذا أشبه وماثله وقارنه.

أمّا الأخوة ففيها مراتب كثيرة :

منها : أنه مُماثِله في النّفس، بنصّ القرآن المجيد في آية المباهلة (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ...).٤

واتّفق الفريقان لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله معه إلى المباهلة الحسن والحسين، فكانا أبناءه، ودعا فاطمة فكانت نساءه، ودعا عليّ بن أبي طالب، فكان نفسه صلوات الله عليهم أجمعين. وإذا كان لم يَدْعُ إلّا هؤلاء ،

_______________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٣٠، ١٣٣.

٢ ـ المناقب للخوارزميّ ٤٠؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٣.

٣ ـ العسل المصفّى في تهذيب زين الفتى ٢ / ٣٦٥؛ إعلام الورى بأعلام الهدى ١٦٠.

٤ ـ آل عمران / ٦١.

٣١

فيكون عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كنفس الرّسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، بمحكم الكتاب وعزيز الخطاب.١

ومنها : أنّه مُضاهيه في الولاية بقوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (٢). نقلت الأمّة أنّ هذه الآية، نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.٣

_______________________

١ ـ تفسير الثعلبيّ ٣ / ٨٤، ٨٥؛ تفسير السمرقنديّ المسمّى بحر العلوم ١ / ٢٧٤؛ تفسير الكشّاف ١ / ٣٦٨؛ أسباب النزول للواحديّ ٦٧؛ تفسير ابن كثير ١ / ٣٧٠؛ تفسير الدرّ المنثور ٢١٩ ـ ٢٢١؛ مصابيح السنّة ٢ / ٤٥٤؛ مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٨٥، ٣ / ٢٥٩؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٥٠؛ الفصول المهمّة ١٢٦؛ مطالب السؤول ٤٨ ـ ٥٠؛ الصواعق المحرقة ١٤٥؛ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٨٦، ٣٣١؛ ذخائر العقبى ٢٥؛ أنساب الأشراف ٢ / ٣٥٣؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٣٠١، رقم ٣٨٠٨؛ صحيح مسلم ٢ / ٤٤٨، رقم ٢٤٠٤، باب ٣٢؛ النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام ٤٩ ـ ٥٥؛ الأغاني ١٠ / ١٣٦؛ شرف النّبيّ ٢٦١، باب ٢٧؛ شواهد التنزيل ١ / ١٥٥ ـ ١٦٧؛ تاريخ بغداد ١٢ / ٣٢، رقم ٦٤٠٠؛ تذكرة الخواصّ ١٤؛ تفسير الحبريّ ٢٤٧؛ تأويل ما نزل من القرآن الكريم لابن الجحام ٨٧ _ ٩٢؛ تفسير كنز الدقائق ٢ / ١١٢؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام، ١ / ٢٠٧؛ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام لابن عقدة الكوفيّ ١٨٥؛ تنبيه الغافلين ٢١؛ دلائل الصدق ٢ / ١٣٠؛ ولحديث المباهلة مصادر أخرىٰ من طرق الخاصّة والعامّة، لم أذكرها خوف الإطالة.

٢ ـ المائدة / ٥٥.

٣ ـ تفسير الثعلبيّ ٤ / ٨٠، ٨١؛ تفسير الطبريّ ٤ / ٢٨٨؛ تفسير القرطبيّ ٦ / ١٤٤؛ التفسير الكبير للرازيّ ١٢ / ٢٦؛ شواهد التنزيل ١ / ٢٠٩ ـ ٢٤٥؛ النور المشتعل ٦١ ـ ٨٥؛ تفسير ابن كثير ٢ / ٧١؛ تفسير الدّرّ المنثور ٣ / ٩٨، ٩٩؛ أسباب النزول للواحديّ ١٣٣؛ المعيار والموازنة ٢٢٨؛ نظم درر السمطين ٨٦؛ المناقب للخوارزميّ ٢٦٤؛ المناقب لابن المغازليّ ٣١١ ـ ٣١٤؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٢٦٧، ٢٧٧؛ شرح المواقف ٨ / ٣٦٠؛ فرائد السمطين ١ / ١٨٨؛ شرح المقاصد ٥ / ٢٧٠؛ الرياض النّضرة ٢ / ١٧٨، ٢٠٨؛ كفاية الطالب ١٩٩، ٢٠٠؛ الفصول المهمّة ١٢٤؛ تذكرة الخواصّ ١٥ ؛

٣٢

ومنها : أنّه عليه‌السلام نظيره صلى‌الله‌عليه‌وآله في العصمة، بدليل آية التطهير، قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا). أجمع المفسّرون من الفريقين وأئمّة الحديث في الصّحاح والمسانيد أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام.١

ومنها : أنّه عليه‌السلام مُشاركه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأداء والتبليغ، بدليل الوحي من الله جلّت أسماؤه إلى الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم إعطاء سورة براءة لغيره، فهبط جبرئيل عليه‌السلام وقال لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك. ٢

_______________________

تفسير الحبريّ ٢٥٨؛ تنبيه الغافلين ٥٧، ٥٨؛ كشف الغمّة ١ / ٤٢٧؛ منهج الشيعة ٤٨؛ خصائص الوحي المبين ١٥ ـ ٢٨؛ مناقب الطاهرين ١ / ٣٦٣؛ أسرار الإمامة ١١٩ / ٢٨١؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٧٢؛ الطرائف ٧٩؛ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٥ ـ ١٣؛ تأويل ما نزل من القرآن الكريم لابن الجحام ٩٧؛ تفسير مجمع البيان ٣ / ٣٢٥؛ الأصول من الكافي ١ / ٢٨٨، ٣٥٤.

١ ـ الذرّيّة الطّاهرة للدّولابيّ ١٥٠، رقم ١٩٢؛ تفسير الثعلبيّ ٨ / ٣٥ ـ ٤٤؛ التفسير الكبير للرازيّ ٢٧ / ١٦٦، ٢٥ / ٢٠٩ مورد آية المودّة؛ مشكل الآثار للطحاويّ ١ / ٢٢٧ ـ ٢٣١، رقم ٨٧٥؛ تفسير الدّرّ المنثور ٦ / ٦٠٣ ـ ٦٠٧، وفي ذلك أحاديث بمختلف الألفاظ والطرق والأسانيد؛ خصائص النسائيّ ٣٢ ـ ٣٥، رقم ١١؛ أسباب النزول للواحديّ ٢٣٩؛ التفسير الوسيط للواحديّ ٣ / ٤٧٠؛ تفسير أحكام القرآن لابن العربيّ ٣ / ٤٥٤؛ الفتوحات المكّيّة ١ / ١٩٦؛ صحيح مسلم ٤ / ١٨٧١، رقم ٣٢؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٦٣٨، رقم ٣٧٢٤؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٠٨، ١٥٠؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ١ / ١٤٦، رقم ٣٢٨؛ شواهد التنزيل ٢ / ١٨ ـ ١٤٠؛ مصابيح السنّة ٢ / ٤٥٤؛ تفسير الطبريّ ٢٢ / ٧؛ ذخائر العقبى ٢١؛ شرف النّبيّ ٤٣٥؛ تهذيب التهذيب ٤ / ٣٧٢؛ تهذيب الكمال ١٢، ٥٧٨ ـ ٥٨٢، ٢٥ / ٢٦٤ ـ ٢٥٢؛ كتاب الولاية لابن عقدة الكوفيّ ١٠١؛ أسرار الإمامة ٢٤١؛ تفسير القمّيّ ٢ / ٦٧؛ تأويل ما نزل من القرآن الكريم لابن الجحام ٢٤٨ ـ ٢٣٦؛ الأصول من الكافي ١ / ٢٢٦؛ الأمالي للصدوق ٣٨١؛ بحار الأنوار ٣٥ / ٢٠٧ ـ ٢٣٦.

٢ ـ شواهد التنزيل ١ / ٣٠٣ ـ ٣١٩؛ النور المشتعل ٩٤ ـ ٩٧؛ خصائص النسائيّ ١٠٨، رقم

٣٣

ومنها أنّه عليه‌السلام نظيره صلى‌الله‌عليه‌وآله في النّسب الطاهر الكريم، عن جابر، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعليّ من شجرة واحدة، والنّاس من أشجار شتّى.١

وقال الفقيه ابن المغازليّ الشّافعي بإسناده عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعرفات، وعليّ عليه‌السلام تِجاهه، فأومأ إلَيَّ وإلى عليّ، فأقبلنا نحوه وهو يقول : أُدنُ مِنّي يا عليّ فدنا منه، فقال : ضَعْ خَمْسَك في خَمْسِي، فجعل كَفَّه في كِفّه، فقال : يا عليّ، خُلقتُ أنا وأنت من شجرة، أنا أصلُها وأنت فرعُها، والحسن والحسين أغصانُها، فَمن تعلّق بغُصنٍ منها أدخله الله الجنّة. يا عليّ، لو أنّ أمّتي صاموا حتّى يكونوا كالحَنايا، وصلّوا حتّى يكنوا كالأوتار، وأبغضوك لأكبّهُمُ الله في النّار.٢

ومنها أنّه نظيره في الموالاة، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن كنتُ مولاه فعليّ مولاه.٣

ومنها : فتح بابه في المسجد كفتح باب الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سُدُّوا هذه الأبواب إلّا باب عليّ. وقال : ما أنا سددتُ أبوابكم وفتحت باب

_______________________

٧٥؛ الجامع الصحيح ٥ / ٢٧٥، رقم ٣٠٩١؛ صحيح البخاريّ ٥ / ٢٠٢، ٦ / ٨١؛ مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٥١؛ مصابيح السنّة ٢ / ٤٥٠؛ مشكاة المصابيح ٢ / ٥٠٤؛ الرياض النضرة ٢ / ١٣١ ـ ١٣٣؛ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٨٩؛ أنساب الأشراف ٢ / ١٠٧؛ معارج النبوّة، الركن الرابع ٢٤٨؛ تفسير الطبريّ ١٠ / ٤٦، ٤٧؛ سنن البيهقي ٩ / ٢٠٦؛ تذكرة الخواصّ ٣٧؛ مطالب السؤول ٨٦؛ المناقب للخوارزميّ ١٦٤، ١٦٥؛ تفسير الحبريّ ٢٦٨، ٢٦٩؛ تنبيه الغافلين ٨١؛ الطرائف ٣٨؛ منهاج الكرامة ٤٩؛ أسرار الإمامة ١٨٤؛ العمدة لابن البطريق ١٦٠ ـ ١٦٦؛ مناقب أهل البيت للشروانيّ ١١٠.

١ ـ فردوس الأخبار للديلميّ ١ / ٧٧، رقم ١١٢، ٥ / ٤٩؛ المناقب للخوارزميّ ١٤٣؛ المناقب لابن المغازليّ ٤٠٠، كنز العمّال ١١ / ٦٠٨، رقم ٣٢٩٤٣؛ مجمع الزوائد ٩ / ١٢٠.

٢ ـ المناقب لابن المغازليّ ٩٠، ٢٩٧.

٣ ـ هو الحديث الصحيح المتواتر المشهور المعروف بحديث الولاية، وحديث الغدير.

٣٤

عليّ، ولكنّ الله تعالى سدّ أبوابكم وفتح باب عليّ.١

ومنها : أنّه نظيره في النّور قبل خلق آدم بأربعة آلاف عام، وكان التسبيح والتقديس يصدر منهما لله عزّوجلّ. عن زاذان عن سلمان، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كنت أنا وعليّ بن أبي طالب نوراً بين يَدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلمّا خلق آدم قسم ذلك النّور جزءين، فجزء أنا، وجزء عليّ. وفي رواية : خلقت أنا وعليّ من نور واحد.٢

ومنها : أنّه نظيره في استحقاق الإمامة، لأنّه يستحقّها على طريق استحقاق النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوّة سواء، بدليل قوله تعالى لإبراهيم عليه‌السلام : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي) (٣) إلى غير ذلك من الأمور الّتي شابهه وناظره فيها.

فانظر إلى مرتبة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، أمر الله تعالى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمؤاخاة بين أصحابه، فلم يجد فيهم غير عليّ عليه‌السلام يصلح لأخوّته، لأنّه نظيره في النّسب، ولآية التطهير المصرّحة بعصمته، ولآية : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ) المبيّنة لإمامته، ولكونه نفسه في قوله تعالىٰ : (نَدْعُ ...)، يوم المباهلة، وتأديته التبليغ في سورة براءة، ولاستطراق مسجده جُنُباً وفتح بابه إلى المسجد دون أبواب الناس.

_______________________

١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٤٨، ١٤٩؛ خصائص النّسائيّ ٦٨ ـ ٧٥، رقم ٣٨؛ المناقب للخوارزميّ ٣٢٠، ٣٢٧؛ المناقب لابن مغازليّ ٢٥٤ ـ ٢٦٢؛ مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٢٩، ٣٦٩؛ ذكر أخبار إصبهان ١ / ٢٩١؛ مطالب السؤول ٨٣، ٨٤؛ تذكرة للخواصّ ٤١؛ تاريخ البغداد ٧ / ٢٠٥؛ فرائد السمطين ١ / ٢٠٨؛ نظم درر السمطين ١٠٨؛ سنن البيهقيّ ٧ / ٦٥؛ ذخائر العقبى ٦٧؛ تاريخ دمشق ٢٣ / ١٠٥ ـ ١٠٩؛ نهج الإيمان ٤٣٥ ـ ٤٤٧؛ الطرائف ٦٠ ـ ٦٣؛ العمدة لابن البطريق ١٧٥ ـ ١٨٥.

٢ ـ فردوس الأخبار ٢/٣٠٥، رقم ٢٧٧٦؛ المناقب للخوارزميّ ١٤٥؛ المناقب لابن المغازليّ ٨٨؛ كفاية الطالب ٢٨٠ ـ ٢٨٤؛ تذكرة الخواصّ ٤٦؛ الرياض النّضرة ٢/١٦٤؛ ميزان الاعتدال ١/٢٣٥.

٣ ـ البقرة /١٢٤.

٣٥

وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه والمهاجرين، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : هذا أخي ووارث علمي. ولمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة آخى بين المهاجرين. قال ابن عبد البرّ : كانت المؤاخاة مرّتين، الأولىٰ قبل الهجرة، والثانية بعد الهجرة.١

وقال الخطيب الخوارزميّ : أخبرني سيّد الحفّاظ شيرويه بن شهردار الديلميّ هذا فيما كتب إليّ من همدان. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيتُ على باب الجنّة مكتوباً : لا إلٰه إلّا الله، محمّد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام.٢

وقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ عليّ بن أبي طالب أخي، ووصيّي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.٣

وعن ابن عقدة الكوفيّ بإسناده، عن عبد الله بن شريك عن أبيه، قال : صعد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام، المنبرَ يوم الجمعة، فقال : أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب، ما زلتُ مظلوماً منذ قُبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؛ أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين : طلحة والزبير، والقاسطين : معاوية وأهل الشام، والمارقين : وهم أهل النهروان، ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم.٤

عن محدوج بن زيد الذهليّ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا آخى بين المسلمين، أخذ

_______________________

١ ـ وفاء الوفا للسمهوديّ ١ / ٢٦٧، ٢٦٨.

٢ ـ المقتل للخوارزميّ ١ / ٦٩؛ فردوس الأخبار ٢ / ٣٨١ رقم ٣٠١٨، ٤ / ٤١٠؛ الرياض النضرة ٢ / ١٢٥.

٣ ـ تاريخ الطبريّ ٢ / ٦٣؛ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٣٨، ٤٦؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٢١١.

٤ ـ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ٨٥؛ الرياض النضرة ٢ / ١٢٤، ١٢٥.

٣٦

بيد عليّ، فقال : يا عليّ، أنت أخي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ...١ الحديث.

وعن أبي سعيد الخدريّ، قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول الله تعالى : (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)٢ قال : ذاك أخي عليّ بن أبي طالب.٣

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، إنّك أخي في الدّنيا والآخرة، وأعطاني أنّ بيتي مقابل بيتك في الجنّة، وأعطاني أنّك وليّ المؤمنين بعدي.٤

وعن ابن عمر، قال : آخي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه، فجاء عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام تدمع عيناه،  قال : يا رسول الله، آخيتَ بين أصحابك، ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد. قال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن أكون أخاك؟ قال : بلى يا رسول الله، فقال : أنت أخي في الدّنيا والآخرة.٥

وعن عبّاد بن عبد الله قال : سمعت عليّاً عليه‌السلام يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصّدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب مُفترٍ، صلّيتُ قبل النّاس بسبع سنين.٦

قال الموفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نُوديتُ من بِطنان العرش : يا محمّد، نِعم الأبُ أبوك إبراهيم الخليل، ونِعم

_______________________

١ ـ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٤٢.

٢ ـ الرعد / ٤٣.

٣ ـ التدوين في أخبار قزوين ٢ / ١٢٦؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٤.

٤ ـ الصواعق المحرقة ١٢٢؛ الفصول المهمّة ٣٨؛ مطالب السؤول ٧٨؛ مجمع الزوائد ٩٤ / ١٤٣ تاريخ دمشق الكبير ٢٣ / ٣٩؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٦٣٦ رقم ٣٧٢٠.

٥ ـ تفسير الثعلبيّ ٥ / ٨٥؛ مطالب السؤول ٧٨؛ نظم درر السمطين ٩٥؛ ذخائر العقبى ٦٠.

٦ ـ تذكرة الخواصّ ١٠٨.

٣٧

الأخُ أخوك عليّ بن أبي طالب.١

وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مكتوب على با الجنّة : محمّد رسول الله، عليّ أخو رسول الله، قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي سنة.٢

ينظر : أميرالمؤمنين، الحبيب، أرأف المؤمنين، الرفيق، سيف الله، الصاحب.

الأذان ٣

قال الحاكم عبيد الله بن عبد الله الحسكانيّ الحنفيّ النيسابوريّ : قال حكيم ابن جبير، عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام قال : إنّ لعليّ عليه‌السلام اسماً في كتاب الله عزّ وجلّ لا يعلمه النّاس. قلت : وما هو؟ قال : (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، عليّ واللهِ هو الأذان يوم الحجّ الأكبر.

وقال أيضاً : قال عبد الأعلى التغلبيّ : عن محمّد بن الحنفيّة، عن عليّ عليه‌السلام قال : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ٤، فأنا ذلك المؤذّن.٥

وعن ابن عبّاس قال : إنّ لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في كتاب الله أسماء لايعرفها الناس، منها قوله تعالى : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ)، يقول : ألا لعنة الله على

_______________________

١ ـ المناقب للخوارزميّ ٢٩٤؛ تاريخ بغداد ٤ : ٣٣٩؛ ترجمة الإمام عليّ عليه‌السلام لابن عساكر ١ : ١٣٢.

٢ ـ المقتل للخوارزميّ ٧٨؛ موضح أوهام الجمع والتفريق ١ / ٤٤١.

٣ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٣.

٤ ـ شواهد التنزيل ١ / ٢٦٧، والآية في سورة الأعراف / ٤٤.

٥ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٣.

٣٨

الّذين كذّبوا بولايتي واستخفّوا بحقّي.١

ورواه السيوطيّ في تفسيره : قول الله عزّ وجلّ : (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) ، الأذان عليّ عليه‌السلام.٢

عن الحارث بن المغيرة بن النصر، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)، فقال : اسمٌ نَحَله الله تعالى عليّاً صلوات الله عليه من السّماء، ولأنّه هو الّذي أدّى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله براءة وقد كان بعث بها مع أبي بكر أوّلاً، فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام، فقال : يا محمّد، إنّ الله يقول لك : إنّه لا يبلّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك.٣ فبعث

_______________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ / ٢٦٧، ٢٦٨؛ كشف الغمّة ١ / ٣٢١.

٢ ـ تفسير الدرّ المنثور ٤ / ١٢٦.

٣ ـ معاني الأخبار ٥٩، ٢٩٨؛ تفسير الثعلبيّ ٥ / ٨، ٢٧؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن مردويه ٢٥١ ـ ٢٥٤؛ كنوز الحقائق ٢ / ١٦؛ نور الأبصار ١٦٠؛ غرائب القرآن ١٠ / ٣٩؛ التفسير الكبير ١٤ / ٢١٨؛ تفسير الكشّاف ٢ / ٢٤٣؛ تفسير البغويّ ٢ / ٢٦٧؛ زاد المسير في علماء التفسير ٣ / ٣٩١؛ التذكار في أفضل الأذكار للقرطبيّ ٢٩؛ سنن الترمذيّ ٥ / ٣٠٠؛ تفسير الطبريّ ١٠ / ٤٦؛ خصائص النّسائيّ ١٠٦؛ رقم ٧٣ ـ ٧٧؛ تفسير الدرّ المنثور ٤ / ١٢٢؛ سنن الدارميّ ٢ / ٦٦؛ سنن البيهقيّ ٥ / ١١١؛ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤؛ الصواعق المحرقة ١٢٢؛ الفصول المهمّة ٤٠؛ تهذيب الكمال ٥ / ٥٤، ٣٥٠؛ الفتوحات المكّيّة ٤ / ٧٨؛ مطالب السؤول ٨٤؛ المناقب لابن المغازليّ ١١٦؛ التدوين في أخبار قزوين ٢ / ٢٦٦، ٣ / ٤٦٥؛ فردوس الأخبار ١ / ٩٨؛ معارج النبوّة، الركن الرابع ٢٤٧؛ فرائد السمطين ١ / ٦١؛ البداية والنّهاية ٥ / ٤٤، ٧ / ٣٩٤؛ ذكر أخبار إصبهان ١ / ٢٥٣؛ الرياض النضرة ٢ / ١٢٢؛ كفاية الطالب ٢٥٥، باب ٦٢؛ مختصر تاريخ دمشق ١٨ / ٦؛ شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد ١٢ / ٤٦، الخطبة ٢٢٣؛ الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٩، رقم ٦٦٤٥؛ تفسير روح المعاني ١٠ / ٤٤، ٤٥، السنن الكبرى ٥ / ١٢٨، رقم ٨٤٦٠؛ فتح القدير ٢ / ٣٣٤؛ مشكاة المصابيح ٣ / ٣٥٦؛ تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٨؛ تذكرة الخواصّ ٣٦؛ تذكرة الحفّاظ ٢ / ٤٥٥، رقم ٤٦٢؛ المعجم

٣٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك عليّاً عليه‌السلام، فلحق أبا بكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكّة، فسمّاه الله تعالى أذاناً من الله، إنّه اسم نحله الله تعالى من السّماء لعليّ عليه‌السلام.١

أسد الله

أسد الله الكرّار، أسد الله الغالب الكرّار، وأسد رسوله٢.

قال العاصميّ : فإنّه عليه‌السلام سُمّي بأسد الله، حدّث أنس عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مكتوب تحت العرش قبل أن خلق الله الخلق بخمس مائة عام : محمّد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أسد الله، والحسن والحسين عليهما‌السلام سيّدا شباب أهل الجنّة.٣

فهو عليه‌السلام أسد الله، يعني كان له جرأة الأسد وشجاعته، وما أعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الراية إلّا فتح الله تعالى على يده، وكان إذا قاتل يقاتل جبرئيلُ عن يمينه وميكائيل عن يساره، وهو عليه‌السلام سيف الله، فإنّه أهلك الله تعالى به أعداءه، فكان واسطةً وسبباً لإفناء أعداء الله في أرضه، كما أنّ السّيف آلة للمحارب في إهلاك

_______________________

الكبير ٤ / ١٦، رقم ٣٥١١؛ نزل الأبرار ٣٨؛ تاريخ الطبريّ ٣ / ١٢٣، حوادث سنة ٩؛ الكامل في التاريخ ١ / ٦٤٤؛ تفسير البيضاويّ ١ / ٣٩٤؛ تفسير النسفيّ ٢ / ١١٥؛ كنز العمّال ١١ / ٦٠٣، رقم ٣٢٩١٣؛ المجامع الصغير ٢ / ١٧٧، رقم ٥٥٩٥؛ مسند أحمد بن حنبل ٥ / ١٧٠، رقم ١٧٠٥١ و ١٧١، رقم ١٧٠٥٦ ـ ١٧٠٥٨؛ ينابيع المودّة ١ / ٥٢، باب ٧.

١ ـ معاني الأخبار ٢٩٨.

٢ ـ نظم درر السمطين ٧٧؛ وسيلة الخادم إلى المخدوم لابن روزبهان ١٠٦؛ تذكرة الخواصّ ٤.

٣ ـ العسل المصفّى ٢ / ٣٨٩.

٤٠