فرائد الأصول - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: خاتم الأنبياء
الطبعة: ٩
ISBN: 964-5662-03-6
الصفحات: ٥٠٤

أشدّ منعا (١) ؛ وإلاّ لجاز إهمال المعلوم إجمالا رأسا بالمخالفة القطعيّة ؛ فلا وجه لالتزام حرمة المخالفة القطعيّة. ولقبح عقاب الجاهل المقصّر على ترك (٢) الواجبات الواقعيّة وفعل المحرّمات ، كما هو المشهور.

ودعوى : أنّ مرادهم تكليف الجاهل في حال الجهل برفع الجهل والإتيان بالواقع ، نظير تكليف الجنب بالصلاة حال الجنابة ، لا التكليف (٣) بإتيانه مع وصف الجهل ؛ فلا تنافي بين كون الجهل مانعا وبين (٤) التكليف في حاله ، وإنّما الكلام في تكليف الجاهل مع وصف الجهل ؛ لأنّ المفروض فيما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم.

مدفوعة برجوعها حينئذ إلى ما تقدّم : من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به نظير الجنابة ، وقد تقدّم بطلانها (٥).

وأمّا النقل ، فليس فيه ما يدلّ على العذر ؛ لأنّ أدلّة البراءة غير جارية في المقام ؛ لاستلزام إجرائها جواز المخالفة القطعيّة ، والكلام بعد فرض حرمتها.

دلالة بعض الأخبار على وجوب الاحتياط في المسألة

بل في بعض الأخبار ما يدلّ على وجوب الاحتياط ، مثل : صحيحة عبد الرحمن ـ المتقدّمة (٦) ـ في جزاء الصيد : «إذا أصبتم مثل

__________________

(١) في (ت) ونسخة بدل (ه): «ضعفا».

(٢) في (ر) و (ظ): «بترك».

(٣) في (ظ): «لا تكليفه».

(٤) «بين» من (ظ).

(٥) راجع الصفحة السابقة.

(٦) المتقدّمة في الصفحة ٧٦.

٢٨١

هذا ولم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا» وغيرها (١).

فإن قلت : إنّ تجويز الشارع لترك أحد المحتملين والاكتفاء بالآخر يكشف عن عدم كون العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الإطاعة (٢) ، كما أنّ عدم تجويز الشارع للمخالفة مع العلم التفصيليّ دليل على كون العلم التفصيليّ علّة تامّة لوجوب الإطاعة ، وحينئذ فلا ملازمة بين العلم الإجماليّ ووجوب الإطاعة ، فيحتاج إثبات الوجوب إلى دليل آخر غير العلم الإجماليّ ، وحيث كان مفقودا فأصل البراءة يقتضي عدم وجوب الجمع وقبح العقاب على تركه ؛ لعدم البيان.

نعم ، لمّا كان ترك الكلّ معصية عند العقلاء حكم بحرمتها (٣) ، ولا تدلّ حرمة المخالفة القطعيّة على وجوب الموافقة القطعيّة.

العلم الإجمالي كالتفصيلي علّة تامّة لتنجّز التكليف بالمعلوم

قلت : العلم الإجماليّ كالتفصيليّ علّة تامّة لتنجّز التكليف بالمعلوم ، إلاّ أنّ المعلوم إجمالا يصلح لأن يجعل أحد محتمليه بدلا عنه في الظاهر ، فكلّ مورد حكم الشارع بكفاية أحد المحتملين للواقع ـ إمّا تعيينا كحكمه بالأخذ (٤) بالاحتمال المطابق للحالة السابقة ، وإمّا تخييرا كما في موارد التخيير بين الاحتمالين ـ فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المحتمل ، لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل في الجملة ؛ فإنّ الواقع إذا علم به (٥)

__________________

(١) انظر الوسائل ٥ : ٣٦٥ ، الباب ١١ من أبواب قضاء الصلوات ، الحديث ١ و ٢.

(٢) في (ص) زيادة : «حينئذ».

(٣) في غير (ظ): «بتحريمها».

(٤) «بالأخذ» من (ه).

(٥) في (ر) و (ظ) زيادة : «ولو إجمالا».

٢٨٢

وعلم إرادة المولى بشيء وصدور الخطاب عنه إلى العبيد وإن لم يصل إليهم ، لم يكن بدّ عن موافقته إمّا حقيقة بالاحتياط ، وإمّا حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه ، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك في الشبهة المحصورة (١).

عدم جواز التمسّك في المسألة بأدلّة البراءة

وممّا ذكرنا يظهر : عدم جواز التمسّك في المقام بأدلّة البراءة ، مثل رواية الحجب (٢) والتوسعة (٣) ونحوهما (٤) ؛ لأنّ العمل بها في كلّ من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة إلى أحدهما المعيّن عند الله المعلوم وجوبه ؛ فإنّ وجوب واحدة من الظهر والجمعة أو من القصر والإتمام ممّا لم يحجب الله علمه عنّا ، فليس موضوعا عنّا ولسنا في سعة منه ، فلا بدّ إمّا من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام ممّا علم وجوب شيء إجمالا ، وإمّا من الحكم بأنّ شمولها للواحد المعيّن المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه (٥) ، دليل علميّ ـ بضميمة حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة ـ على وجوب الإتيان بكلّ من الخصوصيّتين ، فالعلم بوجوب كلّ منهما لنفسه وإن كان محجوبا

__________________

(١) راجع الصفحة ٢١٢ ـ ٢١٣.

(٢) الوسائل ١٨ : ١١٩ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٨.

(٣) عوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ ، الحديث ١٠٩.

(٤) انظر الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ١ ، ٢ و ٣.

(٥) كذا في النسخ.

٢٨٣

عنّا ، إلاّ أنّ العلم بوجوبه من باب المقدّمة ليس محجوبا عنّا ، ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة ، كما لا تنافي بين عدم الوجوب النفسي واقعا وثبوت الوجوب الغيري كذلك.

واعلم : أنّ المحقّق القمّي رحمه‌الله ، بعد ما حكى عن المحقّق الخوانساري الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام (١) ، قال :

كلام المحقّق القمّي في عدم وجوب الاحتياط في المسألة

إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ؛ فإنّ التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعدّدة ـ بإرادة فرد معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ـ مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذي اتّفق أهل العدل على استحالته ، وكلّ ما يدّعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه ؛ إذ غاية ما يسلّم في القصر والإتمام والظهر والجمعة وأمثالها : أنّ الإجماع وقع على أنّ من ترك الأمرين بأن لا يفعل شيئا منهما يستحقّ العقاب ، لا أنّ من ترك أحدهما المعيّن عند الشارع المبهم عندنا بأن ترك فعلهما مجتمعين ، يستحقّ العقاب.

ونظير ذلك : مطلق التكليف بالأحكام الشرعيّة ، سيّما في أمثال زماننا على مذهب أهل الحقّ من التخطئة ، فإنّ التحقيق : أنّ الذي ثبت علينا بالدليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من الأدلّة الظنّية ، لا تحصيل الحكم النفس الأمريّ في كلّ واقعة ؛ ولذا لم نقل بوجوب الاحتياط وترك العمل بالظنّ الاجتهاديّ من أوّل الأمر.

__________________

(١) انظر مشارق الشموس : ٢٨٢.

٢٨٤

نعم ، لو فرض حصول الإجماع أو ورود النصّ على وجوب شيء معيّن عند الله تعالى مردّد عندنا بين امور من دون اشتراطه بالعلم به ـ المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ـ لتمّ ذلك ، ولكن لا يحسن حينئذ قوله ـ يعني المحقّق الخوانساري ـ : فلا يبعد حينئذ القول بوجوب الاحتياط ، بل لا بدّ من القول باليقين والجزم بالوجوب.

ولكن ، من أين هذا الفرض؟ وأنّى يمكن إثباته؟ (١) ، انتهى كلامه ، رفع مقامه.

ظاهر بعض كلمات المحقّق الخوانساري عدم وجوب الاحتياط أيضاً

وما ذكره قدّس الله سرّه قد وافق فيه بعض كلمات ذلك المحقّق ، التي ذكرها في مسألة الاستنجاء بالأحجار ، حيث قال بعد كلام له :

والحاصل : إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شيء معيّن معلوم عندنا أو ثبوت حكم إلى غاية معيّنة معلومة عندنا ، فلا بدّ من الحكم بلزوم تحصيل اليقين أو الظنّ بوجود ذلك الشيء المعلوم حتّى يتحقّق الامتثال.

إلى أن قال :

وكذا إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شيء معيّن في الواقع مردّد في نظرنا بين امور ، ويعلم أنّ ذلك التكليف غير مشروط بشيء من العلم بذلك الشيء مثلا ، أو على ثبوت حكم إلى غاية معيّنة في الواقع مردّدة عندنا بين أشياء ويعلم أيضا عدم اشتراطه بالعلم ، وجب الحكم بوجوب تلك الأشياء المردّد فيها في نظرنا ، وبقاء ذلك الحكم إلى حصول تلك الأشياء ، ولا يكفي الإتيان بواحد منها في سقوط التكليف ،

__________________

(١) القوانين ٢ : ٣٧.

٢٨٥

وكذا حصول شيء واحد من الأشياء في ارتفاع الحكم المعيّن (١).

إلى أن قال :

وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل ورد نصّ مثلا على أنّ الواجب الشيء الفلانيّ ، ونصّ آخر على أنّ هذا الواجب شيء آخر ، أو ذهب بعض الامّة إلى وجوب شيء ، وبعض آخر إلى وجوب شيء آخر دونه ، وظهر بالنصّ والإجماع في الصورتين أنّ ترك ذينك الشيئين معا سبب لاستحقاق العقاب ، فحينئذ لم يظهر وجوب الإتيان بهما حتّى يتحقّق الامتثال ، بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما ، سواء اشتركا في أمر أو تباينا بالكلّية.

وكذا الكلام في ثبوت الحكم إلى غاية معيّنة (٢) ، انتهى كلامه ، رفع مقامه.

وأنت خبير بما في هذه الكلمات من النظر.

المناقشة في كلمات المحقّق القميّ قدس‌سره

أمّا ما ذكره الفاضل القمّي رحمه‌الله : من حديث التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة ، فلا دخل له في المقام ؛ إذ لا إجمال في الخطاب أصلا ، وإنّما طرأ الاشتباه في المكلّف به من جهة تردّد ذلك الخطاب المبيّن بين أمرين ، وإزالة هذا التردّد العارض من جهة أسباب اختفاء الأحكام غير واجبة على الحكيم تعالى حتّى يقبح تأخيره عن وقت الحاجة ، بل يجب عند هذا الاختفاء الرجوع إلى ما قرّره الشارع كلّية في الوقائع المختفية ، وإلاّ فما يقتضيه العقل من البراءة والاحتياط.

__________________

(١) في (ص) و (ظ) بدل «المعيّن» : «المغيّى».

(٢) مشارق الشموس : ٧٧.

٢٨٦

ونحن ندّعي أنّ العقل حاكم ـ بعد العلم بالوجوب والشكّ في الواجب ، وعدم الدليل من الشارع على الأخذ بأحد الاحتمالين المعيّن أو المخيّر والاكتفاء به من الواقع ـ بوجوب الاحتياط ؛ حذرا من ترك الواجب الواقعي ، وأين ذلك من مسألة التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة؟

مع أنّ التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه إذا تمكّن المكلّف من الإطاعة ولو بالاحتياط.

وأمّا ما ذكره تبعا للمحقّق المذكور : من تسليم وجوب الاحتياط إذا قام الدليل على وجوب شيء معيّن في الواقع غير مشروط بالعلم به ، ففيه :

أنّه إذا كان التكليف بالشيء قابلا لأن يقع مشروطا بالعلم ولأن يقع منجّزا غير مشروط بالعلم بالشيء (١) ، كان ذلك اعترافا بعدم قبح التكليف بالشيء المعيّن المجهول ، فلا يكون العلم شرطا عقليّا ، وأمّا اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول بالنسبة إلى الخطاب الواقعي ، فإنّ الخطاب الواقعي في يوم الجمعة ـ سواء فرض قوله : «صلّ الظهر» ، أم فرض قوله : «صلّ الجمعة» ـ لا يعقل أن يشترط بالعلم بهذا الحكم التفصيلي.

نعم ، بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصحّ أن يرد خطاب مطلق ، كقوله : «اعمل بذلك الخطاب ولو كان عندك مجهولا ، وائت بما فيه ولو كان غير معلوم» ، كما يصحّ أن يرد خطاب مشروط ، وأنّه لا يجب

__________________

(١) في (ظ) بدل «بالشيء» : به.

٢٨٧

عليك ما اختفى عليك من التكليف في يوم الجمعة ، وأنّ وجوب امتثاله عليك مشروط بعلمك به تفصيلا.

ومرجع الأوّل إلى الأمر بالاحتياط ، ومرجع الثاني إلى البراءة عن الكلّ إن أفاد نفي وجوب الواقع رأسا المستلزم لجواز المخالفة القطعيّة ، وإلى (١) نفي ما علم إجمالا بوجوبه. وإن أفاد نفي وجوب القطع بإتيانه وكفاية إتيان بعض ما يحتمله ، فمرجعه إلى جعل البدل للواقع والبراءة عن إتيان الواقع على ما هو عليه.

لكنّ دليل البراءة على الوجه الأوّل ينافي العلم الإجمالي المعتبر بنفس أدلّة البراءة المغيّاة بالعلم ، وعلى الوجه الثاني غير موجود ، فيلزم من هذين الأمرين ـ أعني وجوب مراعاة العلم الإجمالي وعدم وجود دليل على قيام أحد المحتملين مقام المعلوم إجمالا ـ أن يحكم العقل بوجوب الاحتياط ؛ إذ لا ثالث لذينك الأمرين ، فلا حاجة إلى أمر الشارع بالاحتياط ، ووجوب الإتيان بالواقع غير مشروط بالعلم التفصيليّ به ، مضافا إلى ورود الأمر بالاحتياط في كثير من الموارد.

وأمّا ما ذكره : من استلزام ذلك الفرض ـ أعني تنجّز (٢) التكليف بالأمر المردّد من دون اشتراط بالعلم به ـ لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ، ففيه :

أنّ سقوط قصد التعيين إنّما حصل بمجرّد التردّد والإجمال في الواجب ، سواء قلنا فيه بالبراءة أو الاحتياط ، وليس لازما لتنجّز

__________________

(١) شطبت «إلى» في (ت) و (ه).

(٢) في (ر) ، (ص) و (ه): «تنجيز».

٢٨٨

التكليف بالواقع وعدم اشتراطه بالعلم.

إذا سقط قصد التعيين فبأيّهما ينوي الوجوب والقربة؟

فإن قلت : إذا سقط قصد التعيين لعدم التمكّن ، فبأيّهما ينوي الوجوب والقربة؟

قلت : له في ذلك طريقان :

أحدهما : أن ينوي بكلّ منهما الوجوب والقربة ؛ لكونه بحكم العقل مأمورا بالإتيان بكلّ منهما.

وثانيهما : أن ينوي بكلّ منهما حصول الواجب به أو بصاحبه تقرّبا إلى الله ، فيفعل كلا منهما ، فيحصل الواجب الواقعيّ ، وتحصيله لوجوبه والتقرّب به إلى الله تعالى ، فيقصد (١) أنّي اصلّي الظهر لأجل تحقّق الفريضة الواقعيّة به أو بالجمعة التي أفعل بعدها أو فعلت قبلها قربة إلى الله ، وملخّص ذلك : أنّي اصلّي الظهر احتياطا قربة إلى الله.

وهذا الوجه هو الذي ينبغي أن يقصد.

ولا يرد عليه : أنّ المعتبر في العبادة قصد التقرّب والتعبّد بها بالخصوص ، ولا ريب أنّ كلا من الصلاتين عبادة ، فلا معنى لكون الداعي في كلّ منهما التقرّب المردّد بين تحقّقه به أو بصاحبه ؛ لأنّ القصد المذكور إنّما هو معتبر في العبادات الواقعيّة دون المقدميّة.

وأمّا الوجه الأوّل ، فيرد عليه : أنّ المقصود إحراز الوجه الواقعي ، وهو الوجوب الثابت في أحدهما المعيّن ، ولا يلزم من نيّة الوجوب المقدّميّ قصده.

وأيضا : فالقربة غير حاصلة بنفس فعل أحدهما ولو بملاحظة

__________________

(١) في (ت) ، (ظ) و (ه): «فيتصوّر».

٢٨٩

وجوبه الظاهريّ ؛ لأنّ هذا الوجوب مقدميّ ومرجعه إلى وجوب تحصيل العلم بفراغ الذمّة ، ودفع احتمال ترتّب ضرر العقاب بترك بعض منهما ، وهذا الوجوب إرشاديّ لا تقرّب فيه أصلا ، نظير أوامر الإطاعة ؛ فإنّ امتثالها لا يوجب تقرّبا ، وإنّما المقرّب نفس الإطاعة ، والمقرّب هنا ـ أيضا ـ نفس الإطاعة (١) الواقعيّة المردّدة بين الفعلين ، فافهم ؛ فإنّه لا يخلو عن دقّة.

توهّم أنّ الجمع بين المحتملين مستلزم لإتيان غير الواجب على جهة العبادة ، ودفعه

وممّا ذكرنا يندفع توهّم : أنّ الجمع بين المحتملين مستلزم لإتيان غير الواجب على جهة العبادة ؛ لأنّ قصد القربة المعتبر (٢) في الواجب الواقعيّ لازم المراعاة في كلا المحتملين ـ ليقطع بإحرازه في الواجب الواقعيّ ـ ومن المعلوم أنّ الإتيان بكلّ من المحتملين بوصف أنّها عبادة مقرّبة ، يوجب التشريع بالنسبة إلى ما عدا الواجب الواقعيّ فيكون محرّما ، فالاحتياط غير ممكن في العبادات ، وإنّما يمكن في غيرها ؛ من جهة أنّ الإتيان بالمحتملين لا يعتبر فيهما قصد التعيين والتقرّب ؛ لعدم اعتباره في الواجب الواقعي المردّد ، فيأتي بكلّ منهما لاحتمال وجوبه.

الدفاع التوهّم

ووجه اندفاع هذا التوهّم ، مضافا إلى أنّ غاية ما يلزم من ذلك عدم التمكّن من تمام الاحتياط في العبادات حتّى (٣) من حيث مراعاة قصد التقرّب المعتبر في الواجب الواقعي ـ من جهة استلزامه للتشريع المحرّم ـ ، فيدور الأمر بين الاقتصار على أحد المحتملين ، وبين الإتيان

__________________

(١) «والمقرّب هنا أيضا نفس الإطاعة» من (ص) و (ر).

(٢) في (ت) ، (ص) و (ظ): «المعتبرة».

(٣) لم ترد «حتّى» في (ظ).

٢٩٠

بهما مهملا لقصد التقرّب في الكلّ فرارا عن التشريع ، ولا شكّ أنّ الثاني أولى ؛ لوجوب الموافقة القطعيّة بقدر الإمكان ، فإذا لم يمكن الموافقة بمراعاة جميع ما يعتبر في الواقعيّ في كلّ من المحتملين ، اكتفي بتحقّق ذات الواجب في ضمنهما :

أنّ اعتبار قصد التقرّب والتعبّد في العبادة الواجبة واقعا لا يقتضي قصده (١) في كلّ منهما ؛ كيف وهو غير ممكن! وإنّما يقتضي وجوب (٢) قصد التقرّب والتعبّد في الواجب (٣) المردّد بينهما بأن يقصد في كلّ منهما : أنّي أفعله ليتحقّق به أو بصاحبه التعبّد بإتيان الواجب الواقعيّ.

وهذا الكلام بعينه جار في قصد الوجه المعتبر في الواجب ؛ فإنّه لا يعتبر قصد ذلك الوجه خاصّة في خصوص كلّ منهما ، بأن يقصد أنّي اصلّي الظهر لوجوبه ، ثمّ يقصد أنّي اصلّي الجمعة لوجوبها ، بل يقصد : أنّي اصلّي الظهر ؛ لوجوب الأمر الواقعيّ المردّد بينه وبين الجمعة التي اصلّيها بعد ذلك أو صلّيتها قبل ذلك.

معنى نيّة الفعل

والحاصل : أنّ نيّة الفعل هو قصده على الصفة التي هو عليها التي باعتبارها صار واجبا ، فلا بدّ من ملاحظة ذلك في كلّ من المحتملين ، وإذا لاحظنا ذلك فيه وجدنا الصفة التي هو عليها ـ الموجبة للحكم

__________________

(١) كذا في (ت) ، (ص) و (ر) ، وفي (ظ) ، (ه) ونسخة بدل (ت): «لا يقضي بقصده».

(٢) كذا في (ت) ، وفي (ظ) ، (ه) ونسخة بدل (ت): «يقضي بوجوب» ، وفي (ر) و (ص): «يقتضي لوجوب».

(٣) في (ت) زيادة : «الواقعي».

٢٩١

بوجوبه ـ هو احتمال تحقّق الواجب المتعبّد به والمتقرّب به إلى الله تعالى في ضمنه ، فيقصد هذا المعنى ، والزائد على هذا المعنى غير موجود فيه ، فلا معنى لقصد التقرّب في كلّ منهما بخصوصه ، حتّى يرد : أنّ التقرّب والتعبّد بما لم يتعبّد به الشارع تشريع محرّم.

نعم ، هذا الإيراد متوجّه على ظاهر من اعتبر في كلّ من المحتملين قصد التقرّب والتعبّد به بالخصوص. لكنّه مبنيّ ـ أيضا ـ على لزوم ذلك من الأمر الظاهريّ بإتيان كلّ منهما ، فيكون كلّ منهما عبادة واجبة في (١) مرحلة الظاهر ، كما إذا شكّ في الوقت أنّه صلّى الظهر أم لا ، فإنّه يجب عليه فعلها ، فينوي الوجوب والقربة وإن احتمل كونها فى الواقع لغوا غير مشروع ، فلا يرد عليه إيراد التشريع ؛ إذ؟؟؟ إنّما يلزم لو قصد بكلّ منهما أنّه الواجب واقعا المتعبّد به في؟؟؟ الأمر.

ولكنّك عرفت : أنّ مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا؟؟؟ (٢) ، وأنّ الأمر المقدّميّ ـ خصوصا الموجود في المقدّمة العلميّة التي لا يكون الأمر بها إلاّ إرشاديّا ـ لا يوجب موافقته التقرّب ، ولا يصير منشأ لصيرورة الشيء من العبادات إذا لم يكن في نفسه منها (٣).

وقد تقدّم في مسألة «التسامح في أدلّة السنن» ما يوضح؟؟؟ حال الأمر بالاحتياط (٤). كما أنّه قد استوفينا في بحث «مقدّمة الواجب» حال

__________________

(١) كذا في غير (ه) ، وفيها : «بإتيان كلّ منهما عبادة ، فيكون كلّ منهما واجبة في».

(٢) راجع الصفحة السابقة.

(٣) في (ت) و (ه) بدل «منها» : «عبادة».

(٤) راجع الصفحة ١٥٢ ـ ١٥٣.

٢٩٢

الأمر المقدّمي (١) ، وعدم صيرورة المقدّمة بسببه عبادة ، وذكرنا ورود الإشكال من هذه الجهة على كون التيمّم من العبادات على تقدير عدم القول برجحانه في نفسه كالوضوء ؛ فإنّه لا منشأ حينئذ لكونه منها إلاّ الأمر المقدّميّ به من الشارع.

هل يمكن إثبات الوجوب الشرعي المصحّح لنيّة الوجه والقربة؟

فإن قلت : يمكن إثبات الوجوب الشرعيّ المصحّح لنيّة الوجه والقربة في المحتملين ؛ لأنّ الأوّل منهما واجب بالإجماع ولو فرارا عن المخالفة القطعيّة ، والثاني واجب بحكم الاستصحاب المثبت للوجوب الشرعيّ الظاهريّ ؛ فإنّ مقتضى الاستصحاب بقاء الاشتغال وعدم الإتيان بالواجب الواقعيّ وبقاء وجوبه.

قلت : أمّا المحتمل المأتيّ به أوّلا فليس واجبا في الشرع لخصوص كونه ظهرا أو جمعة ، وإنّما وجب لاحتمال تحقّق الواجب به الموجب للفرار عن المخالفة ، أو للقطع بالموافقة إذا اتي معه بالمحتمل الآخر ، وعلى أيّ تقدير فمرجعه إلى الأمر بإحراز الواقع ولو احتمالا.

وأمّا المحتمل الثاني فهو أيضا ليس إلاّ بحكم العقل من باب المقدّمة. وما ذكر من الاستصحاب ، فيه ـ بعد منع جريان الاستصحاب في هذا المقام ؛ من جهة حكم العقل من أوّل الأمر بوجوب الجميع و (٢) بعد الإتيان بأحدهما يكون حكم العقل باقيا قطعا ؛ وإلاّ لم يكن حاكما بوجوب الجميع وهو خلاف الفرض ـ :

أنّ مقتضى الاستصحاب وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتّى

__________________

(١) انظر مطارح الأنظار : ٧١.

(٢) في (ت) و (ر) بدل «و» : «إذ».

٢٩٣

يحصل اليقين بارتفاعه ، أمّا وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه فلا يدلّ عليه الاستصحاب ، وإنّما يدلّ عليه العقل المستقلّ بوجوب القطع بتفريغ الذمّة عند اشتغالها ، وهذا معنى الاحتياط ، فمرجع الأمر إليه.

وأمّا استصحاب وجوب ما وجب سابقا في الواقع أو استصحاب عدم الإتيان بالواجب الواقعيّ ، فشيء منهما لا يثبت وجوب المحتمل الثاني حتّى يكون وجوبه شرعيّا إلاّ على تقدير القول بالاصول المثبتة ، وهي منفيّة كما قرّر في محلّه (١).

ومن هنا ظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين استصحاب عدم فعل الظهر وبقاء وجوبه على من شكّ في فعله ؛ فإنّ الاستصحاب بنفسه مقتض هناك لوجوب الإتيان بالظهر الواجب في الشرع على الوجه الموظّف ، من قصد الوجوب والقربة وغيرهما.

ثمّ إنّ بقيّة (٢) الكلام في ما يتعلّق بفروع هذه المسألة تأتي في الشبهة الموضوعيّة (٣) إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) انظر مبحث الاستصحاب ٣ : ٢٣٣.

(٢) «بقيّة» من (ظ).

(٣) انظر الصفحة ٢٩٩.

٢٩٤

المسألة الثانية

ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغيره (١) من جهة إجمال النصّ

اشتباه الواجب بغيره من جهة إجمال النصّ

بأنّ يتعلّق التكليف الوجوبيّ بأمر مجمل ، كقوله : «ائتني بعين» ، وقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(٢) ، بناء على تردّد الصلاة الوسطى بين صلاة الجمعة كما في بعض الروايات (٣) ، وغيرها كما في بعض آخر (٤).

مختار المصنّف في المسألة

والظاهر : أنّ الخلاف هنا بعينه الخلاف في المسألة الاولى ، والمختار فيها هو المختار هناك ، بل هنا أولى ؛ لأنّ الخطاب هنا تفصيلا متوجّه إلى المكلّفين ، فتأمّل.

وخروج الجاهل لا دليل عليه ؛ لعدم قبح تكليف الجاهل بالمراد من المأمور به إذا كان قادرا على استعلامه من دليل منفصل ، فمجرّد

__________________

(١) في (ص): «بغير الحرام».

(٢) البقرة : ٢٣٨.

(٣) الوسائل ٣ : ١٥ ، الباب ٥ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٤.

(٤) انظر الوسائل ٣ : ١٤ ، الباب ٥ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ١ ـ ٦ ، والباب ٢ منها ، الحديث الأوّل.

٢٩٥

الجهل لا يقبّح توجيه (١) الخطاب.

ودعوى : قبح توجيهه إلى العاجز عن استعلامه تفصيلا القادر على الاحتياط فيه بإتيان المحتملات ، أيضا ممنوعة ؛ لعدم القبح فيه أصلا.

وما تقدّم من البعض ـ من منع التكليف بالمجمل ؛ لاتّفاق العدليّة على استحالة تأخير البيان ـ قد عرفت منع قبحه أوّلا ، وكون الكلام فيما عرض له الإجمال ثانيا (٢).

المخالف في المسألة

كلام المحقّق الخوانساري في المسألة

ثمّ إنّ المخالف في المسألة ممّن عثرنا عليه ، هو الفاضل القمّي قدس‌سره (٣) والمحقّق الخوانساري (٤) في ظاهر بعض كلماته ، لكنّه قدس‌سره وافق المختار في ظاهر بعضها الآخر ، قال في مسألة التوضّؤ بالماء المشتبه بالنجس ـ بعد كلام له في منع التكليف في العبادات إلاّ بما ثبت من أجزائها وشرائطها ـ ما لفظه :

نعم ، لو حصل يقين بالتكليف بأمر ولم يظهر معنى ذلك الأمر ، بل يكون متردّدا بين امور ، فلا يبعد القول بوجوب تلك الامور جميعا حتّى يحصل اليقين بالبراءة (٥) ، انتهى.

عدم الظهور الكلام المذكور في موافقة المختار

ولكنّ التأمّل في كلامه يعطي عدم ظهور كلامه في الموافقة ؛ لأنّ

__________________

(١) في (ر) و (ص): «توجّه».

(٢) راجع الصفحة ٢٨٤ ـ ٢٨٨.

(٣) انظر القوانين ٢ : ٣٧.

(٤) انظر مشارق الشموس : ٧٧.

(٥) مشارق الشموس : ٢٨٢.

٢٩٦

الخطاب المجمل الواصل إلينا لا يكون مجملا للمخاطبين ، فتكليف المخاطبين بما هو مبيّن ، وأمّا نحن معاشر الغائبين فلم يثبت اليقين بل ولا الظنّ بتكليفنا بذلك الخطاب ، فمن كلّف به لا إجمال فيه عنده ، ومن عرض له الإجمال لا دليل على تكليفه بالواقع المردّد ؛ لأنّ اشتراك غير المخاطبين معهم فيما لم يتمكّنوا من العلم به عين الدعوى.

فالتحقيق : أنّ هنا مسألتين :

إحداهما : أنّه (١) إذا خوطب شخص بمجمل هل يجب عليه الاحتياط أو لا؟

الثانية : أنّه إذا علم تكليف الحاضرين بأمر معلوم لهم تفصيلا ، وفهموه من خطاب هو مجمل بالنسبة إلينا معاشر الغائبين ، فهل يجب علينا تحصيل القطع بالاحتياط بإتيان ذلك الأمر أم لا؟ والمحقّق (٢) حكم بوجوب الاحتياط في الأوّل دون الثاني.

فظهر من ذلك : أنّ مسألة إجمال النصّ إنّما يغاير المسألة السابقة ـ أعني عدم النصّ ـ فيما فرض خطاب مجمل متوجّه إلى المكلّف ؛ إمّا لكونه حاضرا عند صدور الخطاب ، وإمّا للقول باشتراك الغائبين مع الحاضرين في الخطاب.

أمّا إذا كان الخطاب للحاضرين وعرض له الإجمال بالنسبة إلى الغائبين ، فالمسألة من قبيل عدم النصّ لا إجمال النصّ ، إلاّ أنّك عرفت أنّ المختار فيهما وجوب الاحتياط ، فافهم.

__________________

(١) «أنّه» من (ت).

(٢) أي المحقّق الخوانساري.

٢٩٧

المسألة الثالثة

ما إذا اشتبه الواجب بغيره لتكافؤ النصّين

كما في بعض مسائل القصر والإتمام.

والمشهور (١) فيه : التخيير ؛ لأخبار التخيير (٢) السليمة عن المعارض حتّى ما دلّ على الأخذ بما فيه الاحتياط ؛ لأنّ المفروض عدم موافقة شيء منهما للاحتياط.

إلاّ أن يستظهر من تلك الأدلّة : مطلوبيّة الاحتياط عند تصادم الأدلّة. لكن قد عرفت فيما تقدّم : أنّ أخبار الاحتياط لا تقاوم سندا ودلالة لأخبار التخيير.

__________________

(١) كذا في (ظ) ، وفي غيرها : «فالمشهور».

(٢) انظر الوسائل ١٨ : ٨٧ ـ ٨٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١ و ٤٤.

٢٩٨

المسألة الرابعة

ما إذا اشتبه الواجب بغيره من جهة اشتباه الموضوع

كما في صورة اشتباه الفائتة أو القبلة أو الماء المطلق.

الأقوى وجوب الاحتياط

والأقوى هنا ـ أيضا ـ : وجوب الاحتياط كما في الشبهة المحصورة ؛ لعين ما مرّ فيها (١) : من تعلّق الخطاب بالفائتة واقعا مثلا وإن لم يعلم تفصيلا ، ومقتضاه ترتّب العقاب على تركها ولو مع الجهل ، وقضيّة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل وجوب المقدّمة العلميّة والاحتياط بفعل جميع المحتملات.

المخالف في المسألة هو المحقّق القمّي

وقد خالف في ذلك الفاضل القمّي رحمه‌الله ، فمنع وجوب الزائد على واحدة من المحتملات ؛ مستندا ـ في ظاهر كلامه ـ إلى ما زعمه جامعا لجميع صور الشكّ في المكلّف به : من قبح التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة (٢).

وأنت خبير : بأنّ الاشتباه في الموضوع ليس من التكليف بالمجمل في شيء ؛ لأنّ المكلّف به مفهوم معيّن طرأ الاشتباه في مصداقه لبعض

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٠٠.

(٢) انظر القوانين ٢ : ٣٧.

٢٩٩

العوارض الخارجيّة كالنسيان ونحوه ، والخطاب الصادر لقضاء الفائتة عامّ في المعلومة تفصيلا (١) والمجهولة ، ولا مخصّص له بالمعلومة لا من العقل ولا من النقل ، فيجب قضاؤها ، ويعاقب على تركها مع الجهل كما يعاقب مع العلم.

المؤيّد لما ذكرنا

ويؤيّد ما ذكرنا : ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات (٢) على من فاتته فريضة ؛ معلّلا ذلك ببراءة الذمّة على كلّ تقدير (٣) ؛ فإنّ ظاهر التعليل يفيد عموم مراعاة ذلك في كلّ مقام اشتبه عليه الواجب ؛ ولذا تعدّى المشهور عن مورد النصّ ـ وهو تردّد الفائتة بين رباعيّة وثلاثيّة وثنائيّة ـ إلى الفريضة الفائتة من المسافر المردّدة بين ثنائيّة وثلاثيّة ، فاكتفوا فيها بصلاتين (٤).

__________________

(١) لم ترد «تفصيلا» في (ظ).

(٢) في (ص): «صلاة».

(٣) انظر الوسائل ٥ : ٣٦٥ ، الباب ١١ من أبواب قضاء الصلوات ، الحديث ٢.

(٤) انظر مفتاح الكرامة ٣ : ٤٠٥.

٣٠٠