فرائد الأصول - ج ١

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ١

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: خاتم الأنبياء
الطبعة: ٩
ISBN: 964-5662-02-0
الصفحات: ٦٤٨

مقتضى نفي الاحتياط عدم وجوب مراعاة الاحتمالات الموهومة فقط

إلاّ أنّ هنا شيئا ينبغي أن ينبّه عليه ، وهو :

أنّ نفي الاحتياط بالإجماع والعسر لا يثبت إلاّ أنّه لا يجب مراعاة جميع الاحتمالات ـ مظنونها ومشكوكها وموهومها ـ ويندفع العسر بترخيص موافقة الظنون المخالفة للاحتياط كلاّ أو بعضا ، بمعنى عدم وجوب مراعاة الاحتمالات الموهومة ؛ لأنّها الأولى بالإهمال إذا ساغ ـ لدفع الحرج ـ ترك الاحتياط في مقدار ما من المحتملات يندفع به العسر ، ويبقى الاحتياط على حاله في الزائد على هذا المقدار ؛ لما تقرّر في مسألة الاحتياط : من أنّه إذا كان مقتضى الاحتياط هو الإتيان بمحتملات وقام الدليل الشرعيّ على عدم وجوب إتيان بعض المحتملات في الظاهر (١) ، تعيّن مراعاة الاحتياط في باقي المحتملات ولم يسقط وجوب الاحتياط رأسا.

توضيح ما ذكرنا : أنّا نفرض المشتبهات التي علم إجمالا بوجود الواجبات الكثيرة فيها بين مظنونات الوجوب ومشكوكات الوجوب وموهومات الوجوب ، وكان الإتيان بالكلّ عسرا أو قام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في الجميع ، تعيّن ترك الاحتياط وإهماله في موهومات الوجوب ، بمعنى أنّه إذا تعلّق ظنّ بعدم الوجوب لم يجب الإتيان.

وليس هذا معنى حجّيّة الظنّ ؛ لأنّ الفرق بين المعنى المذكور وهو أنّ مظنون عدم الوجوب لا يجب الإتيان به ، وبين حجّيّة الظنّ بمعنى كونه في الشريعة معيارا لامتثال التكاليف الواقعيّة نفيا وإثباتا ـ وبعبارة

__________________

(١) لم ترد «في الظاهر» في (ر) و (م).

٤٢١

اخرى : الفرق بين تبعيض الاحتياط في الموارد المشتبهة وبين جعل الظنّ فيها حجّة ـ هو : أنّ الظنّ إذا كان حجّة في الشرع كان الحكم في الواقعة الخالية عنه الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل في تلك الواقعة من دون التفات إلى العلم الإجماليّ بوجود التكاليف الكثيرة بين المشتبهات ؛ إذ حال الظنّ حينئذ كحال العلم التفصيليّ والظنّ الخاصّ بالوقائع ، فيكون الوقائع بين معلومة الوجوب تفصيلا أو ما هو بمنزلة المعلوم ، وبين مشكوك الوجوب رأسا.

وأمّا إذا لم يكن الظنّ حجّة ـ بل كان غاية الأمر بعد قيام الإجماع ونفي الحرج على عدم لزوم الاحتياط في

جميع الوقائع المشتبهة التي علم إجمالا بوجود التكاليف بينها ، عدم وجوب الاحتياط بالإتيان بما ظنّ عدم وجوبه ؛ لأنّ ملاحظة الاحتياط في موهومات الوجوب خلاف الإجماع وموجب للعسر ـ كان اللازم في الواقعة الخالية عن الظنّ الرجوع إلى ما يقتضيه العلم الإجماليّ المذكور من الاحتياط ؛ لأنّ سقوط الاحتياط في سلسلة الموهومات لا يقتضي سقوطه في المشكوكات ؛ لاندفاع الحرج بذلك.

وحاصل ذلك : أنّ مقتضى القاعدة العقليّة والنقليّة لزوم الامتثال العلميّ التفصيليّ للأحكام والتكاليف المعلومة إجمالا ، ومع تعذّره يتعيّن الامتثال العلميّ الإجماليّ وهو الاحتياط المطلق ، ومع تعذّره لو دار الأمر بين الامتثال الظنّي في الكلّ وبين الامتثال العلميّ الإجماليّ في البعض والظنّي في الباقي ، كان الثاني هو المتعيّن عقلا ونقلا.

ففيما نحن فيه إذا تعذّر الاحتياط الكلّي ، ودار الأمر بين إلغائه بالمرّة والاكتفاء بالإطاعة الظنّيّة ، وبين إعماله في المشكوكات والمظنونات

٤٢٢

وإلغائه في الموهومات ، كان الثاني هو المتعيّن.

ودعوى : لزوم الحرج أيضا من الاحتياط في المشكوكات ، خلاف الإنصاف ؛ لقلّة المشكوكات ؛ لأنّ الغالب حصول الظنّ إمّا بالوجوب وإمّا بالعدم.

دعوى الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في المشكوكات أيضا

اللهمّ إلاّ أن يدّعى : قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في المشكوكات أيضا ، وحاصله : دعوى أنّ الشارع لا يريد الامتثال العلميّ الإجماليّ في التكاليف الواقعيّة المشتبهة بين الوقائع ، فيكون حاصل دعوى الإجماع : دعوى انعقاده على أنّه لا يجب شرعا الإطاعة العلميّة الإجماليّة في الوقائع المشتبهة مطلقا ـ لا في الكلّ ولا في البعض ـ وحينئذ يتعيّن (١) الانتقال إلى الإطاعة الظنّيّة.

الإشكال في هذه الدعوى

لكنّ الإنصاف : أنّ دعواه مشكلة جدّا وإن كان تحقّقه مظنونا بالظنّ القويّ ، لكنّه (٢) لا ينفع ما لم ينته إلى حدّ العلم.

فإن قلت : إذا ظنّ بعدم وجوب الاحتياط في المشكوكات فقد ظنّ بأنّ المرجع في كلّ مورد منها إلى ما يقتضيه الأصل الجاري في ذلك المورد ، فيصير الاصول مظنونة الاعتبار في المسائل المشكوكة ، فالمظنون في تلك المسائل عدم وجوب الواقع فيها على المكلّف ، وكفاية الرجوع إلى الاصول ، وسيجيء (٣) : أنّه لا فرق في الظنّ الثابت حجّيّته بدليل الانسداد بين الظنّ المتعلّق بالواقع ، وبين الظنّ المتعلّق بكون شيء

__________________

(١) كذا في (ت) ، وفي غيرها : «تعيّن».

(٢) في (ت) ، (ر) ، (ص) و (ه) : «لكن».

(٣) انظر الصفحة ٤٣٧.

٤٢٣

طريقا إلى الواقع وكون العمل به مجزيا عن الواقع وبدلا عنه ولو تخلّف عن الواقع (١).

قلت : مسألة اعتبار الظنّ بالطريق موقوف على هذه المسألة ، بيان ذلك : أنّه لو قلنا ببطلان لزوم الاحتياط في الشريعة رأسا ـ من جهة اشتباه التكاليف الواقعيّة فيها ، وعدم لزوم الامتثال العلميّ الإجماليّ حتّى في المشكوكات ، وكفاية الامتثال الظنّيّ في جميع تلك الواقعيّات المشتبهة ـ لم يكن فرق بين حصول الظنّ بنفس الواقع وبين حصول الظن بقيام شيء من الامور التعبديّة مقام الواقع في حصول البراءة الظنّية عن الواقع والظنّ بسقوط الواقع في الواقع أو في حكم الشارع وبحسب جعله.

أمّا لو لم يثبت ذلك ، بل كان غاية ما ثبت هو عدم لزوم الاحتياط بإحراز الاحتمالات الموهومة ـ للزوم العسر ـ كان اللازم جواز الفعل (٢) على خلاف الاحتياط في الوقائع المظنون عدم وجوبها أو عدم تحريمها ، وأمّا الوقائع المشكوك وجوبها أو تحريمها فهي باقية على طبق مقتضى الأصل من الاحتياط اللازم المراعاة ، بل الوقائع المظنون

__________________

(١) وردت في (ت) ، و (ر) ، (ص) ، (ه) وهامش (ل) ، بخطّ يغاير خط المتن ، زيادة ، وهي : «قلت : مرجع الإجماع ـ قطعيّا كان أو ظنّيا ـ على الرجوع في المشكوكات إلى الاصول ، هو الإجماع على وجود الحجّة الكافية في المسائل التي انسدّ فيها باب العلم حتّى تكون المسائل الخالية عنها موارد للاصول ، ومرجع هذا إلى دعوى الإجماع على حجّيّة الظنّ بعد الانسداد».

(٢) في هامش (ص) : «العمل» ، وفي (ل) شطب عليها.

٤٢٤

وجوبها أو تحريمها نحكم فيها بلزوم الفعل أو الترك ؛ من جهة كونها من محتملات الواجبات والمحرّمات الواقعيّة.

وحينئذ : فإذا قام ما يظنّ كونه طريقا على عدم وجوب أحد الموارد المشكوك وجوبها ، فلا يقاس بالظنّ القائم على عدم وجوب مورد من الموارد المشتبهة في ترك الاحتياط ، بل اللازم هو العمل بالاحتياط ؛ لأنّه من الموارد المشكوكة ، والظنّ بطريقيّة ما قام عليه لم يخرجه عن كونه مشكوكا.

وأنت خبير : بأنّ جميع موارد الطرق المظنونة التي يراد إثبات اعتبار الظنّ بالطريق فيها إنّما هي من المشكوكات ؛ إذ لو كان نفس المورد مظنونا مع ظنّ الطريق القائم عليه لم يحتج إلى إعمال الظنّ بالطريق ، ولو كان مظنونا بخلاف الطريق التعبّديّ المظنون كونه طريقا ، لتعارض الظنّ الحاصل من الطريق والظنّ الحاصل في المورد على خلاف الطريق ، وسيجيء الكلام في حكمه (١) على تقدير اعتبار الظنّ بالطريق (٢).

فإن قلت : إذا لم يقم في موارد الشكّ ما ظنّ طريقيّته لم يجب الاحتياط في ذلك المورد من جهة كونه أحد محتملات الواجبات و (٣) المحرّمات الواقعيّة ـ وإن حكم بوجوب الاحتياط من جهة اقتضاء

__________________

(١) انظر الصفحة ٥٣٢ ، وما بعدها.

(٢) لم ترد عبارة «قلت : مسألة اعتبار ـ إلى ـ اعتبار الظنّ بالطريق» في (ر) و (ه) ، وشطب عليها في (ل) ، ووردت في هامش (ص).

(٣) كذا في (ل) و (ه) ، وفي (ر) ، (ص) ، (ظ) و (م) : «أو».

٤٢٥

القاعدة في نفس المسألة ، كما لو كان الشكّ فيه في المكلّف به ـ وهذا إجماع من العلماء ؛ حيث لم يحتط أحد منهم في مورد الشكّ من جهة احتمال كونه من الواجبات والمحرّمات الواقعيّة ، وإن احتاط الأخباريّون في الشبهة التحريميّة من جهة مجرّد احتمال التحريم ، فإذا كان عدم وجوب الاحتياط إجماعيّا مع عدم قيام ما يظنّ طريقيّته على عدم الوجوب ، فمع قيامه لا يجب الاحتياط بالأولويّة القطعيّة.

قلت : العلماء إنّما لم يذهبوا إلى الاحتياط في موارد الشكّ ؛ لعدم العلم الإجماليّ لهم بالتكاليف ، بل الوقائع لهم بين معلوم التكليف تفصيلا أو مظنون لهم بالظنّ الخاصّ ، وبين مشكوك التكليف رأسا ، ولا يجب الاحتياط في ذلك عند المجتهدين ، بل عند غيرهم في الشبهة الوجوبيّة.

والحاصل : أنّ موضوع عمل العلماء القائلين بانفتاح باب العلم أو الظنّ الخاصّ مغاير لموضوع عمل القائلين بالانسداد ، وقد نبّهنا على ذلك غير مرّة في بطلان التمسّك على بطلان البراءة والاحتياط بمخالفتهما لعمل العلماء ، فراجع.

والحاصل : أنّ اعتبار الظنّ بالطريق وكونه كالظنّ بالواقع (١) مبنيّ على القطع ببطلان الاحتياط رأسا ، بمعنى أنّ الشارع لم يرد منّا في مقام امتثال الأحكام المشتبهة الامتثال العلميّ الإجماليّ ، حتّى يستنتج من ذلك حكم العقل بكفاية الامتثال الظنّي ؛ لأنّه المتعيّن بعد الامتثال العلميّ بقسميه من التفصيليّ والإجماليّ ، فيلزم من ذلك ما سنختاره : من عدم

__________________

(١) كذا في (ظ) ، وفي (ل) و (م) : «في الواقع».

٤٢٦

الفرق ـ بعد كفاية الامتثال الظنّي ـ بين الظنّ بأداء الواقع والظنّ بمتابعة طريق جعله الشارع مجزيا عن الواقع ، وسيجيء تفصيل ذلك (١) إن شاء الله تعالى (٢).

إشكال آخر في المقام

ويحصل (٣) ممّا ذكر إشكال آخر ـ أيضا ـ من جهة : أنّ نفي الاحتياط بلزوم العسر لا يوجب كون الظنّ حجّة ناهضة لتخصيص العمومات الثابتة بالظنون الخاصّة ومخالفة سائر الظواهر الموجودة فيها (٤).

ودعوى : أنّ باب العلم والظنّ الخاصّ إذا فرض انسداده سقط عمومات الكتاب والسنّة المتواترة وخبر الواحد الثابت حجّيّته بالخصوص عن الاعتبار ؛ للعلم الإجماليّ بمخالفة ظواهر أكثرها لمراد المتكلّم ، فلا يبقى ظاهر منها على حاله حتّى يكون الظنّ الموجود على خلافه من باب المخصّص والمقيّد ، مجازفة ؛ إذ لا علم ولا ظنّ بطروّ مخالفة الظاهر في غير الخطابات التي علم إجمالها بالخصوص ، مثل : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٥) و (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٦) وشبههما. وأمّا كثير من

__________________

(١) انظر الصفحة ٤٣٧.

(٢) لم ترد عبارة «قلت : مسألة اعتبار ـ إلى ـ تعالى» في (ت) ، ولم ترد عبارة «والحاصل أن اعتبار ـ إلى ـ تعالى» في (ر) و (ه) ، ووردت في هامش (ص) وكتب عليها : «زائد».

(٣) في (ت) و (ه) : «وتحصّل».

(٤) في (ل) زيادة : «وسيجيء بيان ذلك عند التعرّض لحال نتيجة المقدّمات إن شاء الله تعالى».

(٥) المزّمّل : ٢٠.

(٦) آل عمران : ٩٧.

٤٢٧

العمومات التي لا نعلم (١) بإجمال كلّ منها ، فلا نعلم ولا نظنّ (٢) بثبوت المجمل بينها لأجل طروّ التخصيص في بعضها. وسيجيء بيان ذلك عند التعرّض لحال نتيجة المقدّمات إن شاء الله.

هذا كلّه حال الاحتياط في جميع الوقائع.

بطلان الرجوع في كلّ واقعة إلى ما يقتضيه الأصل

وأمّا الرجوع في كلّ واقعة إلى ما يقتضيه الأصل في تلك الواقعة من غير التفات إلى العلم الإجماليّ بوجود الواجبات والمحرّمات بين الوقائع ، بأن يلاحظ نفس الواقعة : فإن كان فيها حكم سابق يحتمل بقاؤه استصحب ، كالماء المتغيّر بعد زوال التغيير ، وإلاّ : فإن كان الشكّ في أصل التكليف ـ كشرب التتن ـ اجري البراءة ، وإن كان الشكّ في تعيين المكلّف به ـ مثل القصر والإتمام ـ : فإن أمكن الاحتياط وجب ، وإلاّ تخيّر ، كما إذا كان الشكّ في تعيين التكليف الإلزاميّ ، كما إذا دار الأمر بين الوجوب والتحريم.

ويردّ هذا الوجه : أنّ العلم الإجماليّ بوجود الواجبات والمحرّمات يمنع عن إجراء البراءة والاستصحاب المطابق لها (٣) المخالف للاحتياط ، بل وكذا العلم الإجماليّ بوجود غير الواجبات والمحرّمات في الاستصحابات المطابقة للاحتياط يمنع عن العمل بالاستصحابات من حيث إنّها استصحابات (٤) ، وإن كان لا يمنع عن العمل بها من حيث الاحتياط ،

__________________

(١) في (ت) ، (ر) و (ل) : «لا يعلم».

(٢) في غير (ظ) ، (م) و (ه) : «فلا يعلم ولا يظنّ».

(٣) لم ترد «المطابق لها» في (ت) ، (ر) ، (ص) و (ه).

(٤) في (ص) زيادة : «فتأمّل».

٤٢٨

لكنّ الاحتياط في جميع ذلك يوجب العسر.

وبالجملة : فالعمل بالاصول النافية للتكليف في مواردها مستلزم للمخالفة القطعيّة الكثيرة ، وبالاصول المثبتة للتكليف من الاحتياط والاستصحاب مستلزم للحرج ؛ وهذا لكثرة المشتبهات في المقامين ، كما لا يخفى على المتأمّل.

بطلان الرجوع إلى فتوى العالم وتقليده

وأمّا رجوع هذا الجاهل الذي انسدّ عليه باب العلم في المسائل المشتبهة إلى فتوى العالم بها وتقليده فيها ، فهو باطل ؛ لوجهين :

أحدهما : الإجماع القطعيّ.

والثاني : أنّ الجاهل الذي وظيفته الرجوع إلى العالم هو الجاهل العاجز عن الفحص ، وأمّا الجاهل الذي بذل الجهد وشاهد مستند العالم وغلّطه في استناده إليه واعتقاده عنه ، فلا دليل على حجّيّة فتواه بالنسبة إليه ، وليست فتواه من الطرق المقرّرة لهذا الجاهل ؛ فإنّ من يخطّئ القائل بحجّيّة خبر الواحد في فهم دلالة آية النبأ عليها كيف يجوز له متابعته؟ وأيّ مزيّة له عليه حتّى يجب رجوعه إليه ولا يجب العكس؟

وهذا هو الوجه فيما أجمع عليه العلماء : من أنّ المجتهد إذا لم يجد دليلا في المسألة على التكليف كان حكمه الرجوع إلى البراءة ، لا إلى من يعتقد وجود الدليل على التكليف.

والحاصل : أنّ اعتقاد مجتهد ليس حجّة على مجتهد آخر خال عن ذلك (١) الاعتقاد ، وأدلّة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم يراد بها العالم

__________________

(١) لم ترد «ذلك» في (ر) و (م).

٤٢٩

الذي يختفي منشأ علمه على ذلك الجاهل (١) ، لا مجرّد المعتقد (٢) بالحكم ، ولا فرق بين المجتهدين المعتقدين المختلفين في الاعتقاد ، وبين المجتهدين اللذين أحدهما اعتقد الحكم عن دلالة ، والآخر اعتقد فساد تلك الدلالة فلم يحصل له اعتقاد.

وهذا شيء مطّرد في باب مطلق رجوع الجاهل إلى العالم ، شاهدا كان أو مفتيا أو (٣) غيرهما.

__________________

(١) وردت في (ر) بدل «العالم الذي ـ إلى ـ ذلك الجاهل» : «غير ذلك».

(٢) في (ر) زيادة : «ولو كان أعلم».

(٣) في (ر) ، (ص) و (م) : «أم».

٤٣٠

المقدّمة الرابعة تعيّن العمل بمطلق الظنّ

المقدّمة الرابعة :

ئي أنّه إذا وجب التعرّض لامتثال الأحكام المشتبهة ولم يجز إهمالها بالمرّة كما هو مقتضى المقدّمة الثانية (١) ، وثبت عدم وجوب كون الامتثال على وجه الاحتياط وعدم جواز الرجوع فيه إلى الاصول الشرعيّة ، كما هو مقتضى المقدّمة الثالثة ، تعيّن بحكم العقل (٢) التعرّض لامتثالها على وجه الظنّ بالواقع فيها ؛ إذ ليس بعد الامتثال العلميّ والظنّي بالظنّ الخاصّ المعتبر في الشريعة امتثال مقدّم على الامتثال الظنّي.

توضيح ذلك : أنّه إذا وجب عقلا أو شرعا التعرّض لامتثال الحكم الشرعيّ ، فله مراتب أربع :

__________________

(١) كذا في (ر) ، (ظ) ، (ل) و (م) ، وفي (ت) و (ه) جاءت العبارة كما يلي : «المقدّمة الرابعة : في أنّه إذا وجب التعرّض لامتثال الواقع في مسألة واحدة أو في مسائل ، ولم يمكن الرجوع فيها إلى الاصول ، ولم يجب أو لم يجز الاحتياط ، تعيّن العمل فيها بمطلق الظنّ. ولعلّه لذلك يجب العمل بالظنّ في الضرر والعدالة وأمثالهما.

إذا تمهّدت هذه المقدّمات ، فنقول : إذا ثبت وجوب التعرّض فيما نحن فيه للامتثال حيث انسدّ فيه باب العلم والظنّ الخاصّ كما مرّ في المقدّمة الاولى».

ومن المحتمل : أن يكون الصادر من قلمه الشريف أوّلا ما أثبتناه ثمّ شطب عليه وأثبت ما في (ت) و (ه) ، كما أشار إلى ذلك المحقّق الحاج ميرزا موسى التبريزي قدس‌سره في هامش أوثق الوسائل.

(٢) في (ت) و (ه) زيادة : «المستقلّ» ، وفي (ص) بدل (العقل) «المقدمة الرابعة».

٤٣١

مراتب امتثال الحكم الشرعي

الاولى : الامتثال العلمي التفصيلي ، وهو أن يأتي بما يعلم تفصيلا أنّه هو المكلّف به.

وفي معناه ما إذا ثبت كونه هو المكلّف به بالطريق الشرعيّ وإن لم يفد العلم ولا الظنّ ، كالاصول الجارية في مواردها ، وفتوى المجتهد بالنسبة إلى الجاهل العاجز عن الاجتهاد.

الثانية : الامتثال العلميّ الإجماليّ ، وهو يحصل بالاحتياط.

الثالثة : الامتثال الظنّي ، وهو أن يأتي بما يظنّ أنّه المكلّف به.

الرابعة : الامتثال الاحتماليّ ، كالتعبّد بأحد طرفي المسألة من الوجوب والتحريم ، أو التعبّد ببعض محتملات المكلّف به عند عدم وجوب الاحتياط أو عدم إمكانه.

ترتّب هذه المراتب

وهذه المراتب مترتّبة لا يجوز بحكم العقل العدول عن سابقتها إلى لاحقتها (١) إلاّ مع تعذّرها ، على إشكال في الأوّلين تقدّم (٢) في أوّل الكتاب (٣) ، وحينئذ فإذا تعذّرت المرتبة الاولى ولم يجب الثانية تعيّنت الثالثة ، ولا يجوز الاكتفاء بالرابعة.

فاندفع بذلك : ما زعمه بعض (٤) من تصدّى لردّ دليل الانسداد : بأنّه لا يلزم من إبطال الرجوع إلى البراءة ووجوب العمل بالاحتياط

__________________

(١) في (ص) ، (ظ) ، (ل) و (م) : «سابقه إلى لاحقه».

(٢) راجع الصفحات ٧١ ـ ٧٢.

(٣) لم ترد عبارة «على إشكال ـ إلى ـ الكتاب» في (ظ) ، (ل) و (م) ، نعم وردت في هامش (ل).

(٤) هو الفاضل النراقي في عوائد الأيّام : ٣٧٧ ـ ٣٧٩.

٤٣٢

وجوب العمل بالظنّ ؛ لجواز أن يكون المرجع شيئا آخر لا نعلمه ، مثل القرعة والتقليد أو غيرهما ممّا لا نعلمه ، فعلى المستدلّ سدّ باب هذه الاحتمالات ، والمانع يكفيه الاحتمال.

توضيح الاندفاع ـ بعد الاغماض عن الإجماع على عدم الرجوع إلى القرعة وما بعدها (١) ـ : أنّ مجرّد احتمال كون شيء غير الظنّ طريقا شرعيّا لا يوجب العدول عن الظنّ إليه ؛ لأنّ الأخذ بمقابل المظنون قبيح في مقام امتثال الواقع وإن قام عليه ما يحتمل أن يكون طريقا شرعيّا ؛ إذ مجرّد الاحتمال لا يجدي في طرح الطرف المظنون ؛ فإنّ العدول عن الظنّ إلى الوهم والشكّ قبيح.

الامتثال الظنّي بعد تعذّر العلمي لا يحتاج إلى جعل جاعل

والحاصل : أنّه كما لا يحتاج الامتثال العلميّ إلى جعل جاعل ، فكذلك الامتثال الظنّي بعد تعذّر الامتثال العلميّ وفرض عدم سقوط الامتثال.

واندفع بما ذكرنا أيضا : ما ربما يتوهّم ، من التنافي بين التزام بقاء التكليف في الوقائع المجهولة الحكم وعدم ارتفاعه بالجهل وبين التزام العمل بالظنّ ؛ نظرا إلى أنّ التكليف بالواقع لو فرض بقاؤه فلا يجدي غير الاحتياط وإحراز الواقع في امتثاله (٢).

توضيح الاندفاع : أنّ المراد من بقاء التكليف بالواقع نظير التزام بقاء التكليف فيما تردّد الأمر بين محذورين من حيث الحكم أو من حيث الموضوع بحيث لا يمكن الاحتياط ، فإنّ الحكم بالتخيير لا ينافي

__________________

(١) لم ترد عبارة «بعد الاغماض ـ إلى ـ وما بعدها» في (ظ) ، (ل) و (م).

(٢) في (ت) و (ه) : «في إحراز الواقع وامتثاله».

٤٣٣

التزام بقاء التكليف فيقال : إنّ الأخذ بأحدهما لا يجدي في امتثال الواقع ؛ لأنّ المراد ببقاء التكليف عدم السقوط رأسا بحيث لا يعاقب عند ترك المحتملات كلا ، بل العقل يستقلّ باستحقاق العقاب عند الترك رأسا ، نظير جميع الوقائع المشتبهة.

فما نحن فيه (١) نظير اشتباه الواجب بين (٢) الظهر والجمعة في يوم الجمعة بحيث يقطع بالعقاب بتركهما معا ، مع عدم إمكان الاحتياط أو كونه عسرا قد نصّ الشارع على نفيه ، مع وجود الظنّ بأحدهما (٣) ، فإنّه يدور الأمر بين العمل بالظنّ والتخيير والعمل بالموهوم ، فإنّ إيجاب العمل بكلّ من الثلاثة وإن لم يحرز به الواقع ، إلاّ أنّ العمل بالظنّ أقرب إلى الواقع من العمل بالموهوم والتخيير ، فيجب عقلا ، فافهم.

الأخذ بالمرجوح وطرح الراجح قبيح مطلقا

ولا فرق في قبح طرح الطرف الراجح والأخذ بالمرجوح بين أن يقوم على المرجوح ما يحتمل أن يكون طريقا معتبرا شرعا ، وبين أن لا يقوم ؛ لأنّ العدول عن الظنّ إلى الوهم قبيح ولو باحتمال كون الطرف الموهوم واجب الأخذ شرعا ؛ حيث قام عليه ما يحتمل كونه طريقا.

نعم ، لو قام على الطرف الموهوم ما يظنّ كونه طريقا معتبرا شرعيّا ، ودار الأمر بين تحصيل الظنّ بالواقع وبين تحصيل الظنّ بالطريق المعتبر الشرعيّ ، ففيه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) كذا في (ص) ، وفي غيرها : «فيما نحن فيه».

(٢) كذا في (ر) و (ص) ، وفي غيرهما : «من».

(٣) في (ظ) ، (ل) و (م) : «بإحداهما».

٤٣٤

والحاصل : أنّه بعد ما ثبت ـ بحكم المقدّمة الثانية ـ وجوب التعرّض لامتثال المجهولات بنحو من الأنحاء وحرمة إهمالها وفرضها كالمعدوم ، وثبت ـ بحكم المقدّمة الثالثة ـ عدم وجوب امتثال المجهولات بالاحتياط ، وعدم جواز الرجوع في امتثالها إلى الاصول الجارية في نفس تلك المسائل ، ولا إلى فتوى من يدّعي انفتاح باب العلم بها : تعيّن وجوب تحصيل الظنّ بالواقع فيها وموافقته ، ولا يجوز قبل تحصيل الظنّ الاكتفاء بالأخذ بأحد طرفي المسألة ، ولا بعد تحصيل الظنّ الأخذ بالطرف الموهوم ؛ لقبح الاكتفاء في مقام الامتثال بالشكّ والوهم مع التمكّن من الظنّ ، كما يقبح الاكتفاء بالظنّ مع التمكّن من العلم ، ولا يجوز أيضا الاعتناء بما يحتمل أن يكون طريقا معتبرا مع عدم إفادته للظنّ (١) ؛ لعدم خروجه عن الامتثال الشكّي أو الوهمي.

هذا خلاصة الكلام في مقدّمات دليل الانسداد المنتجة لوجوب العمل بالظنّ في الجملة.

__________________

(١) في (ت) ، (ل) و (ه) : «الظنّ».

٤٣٥
٤٣٦

وينبغي التنبيه على امور :

الأوّل :

أنّك قد عرفت أنّ قضيّة المقدّمات المذكورة وجوب الامتثال الظنّي للأحكام المجهولة ، فاعلم :

عدم الفرق في الامتثال الظنّي بين الظنّ بالحكم الواقعي أو الظاهري

أنّه لا فرق في الامتثال الظنّي بين تحصيل الظنّ بالحكم الفرعي الواقعي ـ كأن يحصل من شهرة القدماء الظنّ بنجاسة العصير العنبي ـ وبين تحصيل الظنّ بالحكم الفرعيّ الظاهريّ ، كأن يحصل من أمارة الظنّ بحجّيّة أمر لا يفيد الظنّ كالقرعة مثلا ، فإذا ظنّ حجّيّة القرعة حصل الامتثال الظنّي في مورد القرعة وإن لم يحصل ظنّ بالحكم الواقعيّ ، إلاّ أنّه حصل ظنّ ببراءة ذمّة المكلّف في الواقعة الخاصّة ، وليس الواقع بما هو واقع مقصودا للمكلّف إلاّ من حيث كون تحقّقه مبرءا للذمّة.

فكما أنّه لا فرق في مقام التمكّن من العلم بين تحصيل العلم بنفس الواقع وبين تحصيل العلم بموافقة طريق علم كون سلوكه مبرءا للذمّة في نظر الشارع ، فكذا لا فرق عند تعذّر العلم بين الظنّ بتحقّق الواقع وبين الظنّ ببراءة الذمّة في نظر الشارع.

المخالف للتعميم فريقان

وقد خالف في هذا التعميم فريقان :

٤٣٧

أحدهما : من يرى (١) أنّ مقدّمات دليل الانسداد لا تثبت إلاّ اعتبار الظنّ وحجّيّته في كون الشيء طريقا شرعيّا مبرءا للذمّة في نظر الشارع ، ولا يثبت اعتباره في نفس الحكم الفرعيّ ؛ زعما منهم عدم نهوض المقدّمات المذكورة لإثبات حجّيّة الظنّ في نفس الأحكام الفرعيّة ، إمّا مطلقا أو بعد العلم الإجماليّ بنصب الشارع طرقا للأحكام الفرعيّة.

الثاني : مقابل هذا ، وهو من يرى (٢) أنّ المقدّمات المذكورة لا تثبت إلاّ اعتبار الظنّ في نفس الأحكام الفرعيّة ، وأمّا الظنّ بكون شيء طريقا مبرءا للذمّة فهو ظنّ في المسألة الاصوليّة لم يثبت اعتباره فيها من دليل الانسداد ؛ لجريانها في المسائل الفرعيّة دون الاصوليّة.

أدلّة القائلين باعتبار الظنّ في المسائل الاصوليّة دون الفرعيّة

أما الطائفة الاولى ، فقد ذكروا لذلك وجهين :

أحدهما ـ وهو الذي اقتصر عليه بعضهم (٣) ـ ما لفظه :

١ ـ ما ذكره صاحب الفصول

«إنّا كما نقطع بأنّا مكلّفون في زماننا هذا تكليفا فعليّا بأحكام فرعيّة كثيرة ، لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ولا بطريق معيّن يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذّره ، كذلك نقطع بأنّ الشارع

__________________

(١) منهم : الشيخ محمد تقي في هداية المسترشدين وأخوه صاحب الفصول ، كما سيأتي.

(٢) منهم : شريف العلماء ، انظر تقريرات درسه في ضوابط الاصول : ٢٦٦ ، وكذا السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

(٣) وهو صاحب الفصول.

٤٣٨

قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة ، وكلّفنا تكليفا فعليّا بالرجوع إليها في معرفتها.

ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد ، وهو القطع بأنّا مكلّفون تكليفا فعليّا بالعمل بمؤدّى طرق مخصوصة ، وحيث إنّه لا سبيل غالبا إلى تعيينها بالقطع ولا بطريق يقطع عن السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذّره ، فلا ريب أنّ الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنّما هو الرجوع في تعيين تلك الطرق (١) إلى الظنّ الفعليّ الذي لا دليل على عدم حجّيّته ؛ لأنّه أقرب إلى العلم وإلى إصابة الواقع ممّا عداه» (٢).

المناقشة فيما أفاده صاحب الفصول

وفيه : أوّلا : إمكان منع نصب الشارع طرقا خاصّة للأحكام الواقعيّة (٣) ؛ كيف؟ وإلاّ لكان وضوح تلك الطرق كالشمس في رابعة النهار ؛ لتوفّر الدواعي بين المسلمين على ضبطها ؛ لاحتياج كلّ مكلّف إلى معرفتها أكثر من حاجته إلى مسألة صلواته الخمس.

واحتمال اختفائها مع ذلك ؛ لعروض دواعي الاختفاء ـ إذ ليس الحاجة إلى معرفة الطريق أكثر من الحاجة إلى معرفة المرجع بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مدفوع ؛ بالفرق بينهما ، كما لا يخفى.

وكيف كان : فيكفي في ردّ الاستدلال ، احتمال عدم نصب الطريق الخاصّ للأحكام وإرجاع امتثالها إلى ما يحكم به العقلاء وجرى عليه

__________________

(١) في (ل) ، (ظ) و (م) بدل «تلك الطرق» : «ذلك».

(٢) الفصول : ٢٧٧.

(٣) في (ر) وهامش (ص) زيادة : «وافية بها».

٤٣٩

ديدنهم في امتثال أحكام الملوك والموالي مع العلم بعدم نصب الطريق الخاصّ (١) : من الرجوع إلى العلم الحاصل من تواتر النقل عن صاحب الحكم أو باجتماع جماعة من أصحابه على عمل خاصّ ، أو الرجوع إلى الظنّ الاطمئنانيّ الذي يسكن إليه النفس ويطلق عليه العلم عرفا ولو تسامحا في إلقاء احتمال الخلاف ، وهو الذي يحتمل حمل كلام السيّد (٢) عليه ، حيث ادّعى انفتاح باب العلم.

هذا حال المجتهد ، وأمّا المقلّد : فلا كلام في نصب الطريق الخاصّ له وهي فتوى مجتهده ، مع احتمال عدم النصب في حقّه أيضا ، فيكون رجوعه إلى المجتهد من باب الرجوع إلى أهل الخبرة المركوز في أذهان جميع العقلاء ، ويكون بعض ما ورد من الشارع في هذا الباب تقريرا لهم ، لا تأسيسا.

وبالجملة : فمن المحتمل قريبا إحالة الشارع للعباد في طريق امتثال الأحكام إلى ما هو المتعارف بينهم في امتثال أحكامهم العرفيّة : من الرجوع إلى العلم أو الظنّ (٣) الاطمئنانيّ ، فإذا فقدا (٤) تعيّن الرجوع أيضا بحكم العقلاء إلى الظنّ الغير الاطمئنانيّ ، كما أنّه لو فقد ـ والعياذ بالله ـ تعيّن الامتثال بأخذ أحد طرفي الاحتمال (٥) ؛ فرارا عن المخالفة القطعيّة

__________________

(١) في (ر) و (ص) زيادة : «للأحكام».

(٢) تقدّم كلامه في الصفحة ٣٣١.

(٣) في (ظ) و (م) : «والظنّ».

(٤) في (ت) ، (ر) ، (ل) و (ه) : «فقد».

(٥) كذا في (ر) ونسخة بدل (ص) ، وفي غيرهما بدل «الاحتمال» : «الامتثال».

٤٤٠