فضائل بيت المقدّس

الإمام الحافظ ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي

فضائل بيت المقدّس

المؤلف:

الإمام الحافظ ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي


المحقق: محمّد مطيع الحافظ
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ١٣٦

الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام فصليت بهم وكلمتهم ، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض فشربت الأبيض ، فقال لي جبريل : شربت اللبن وتركت الخمر ، لو شربت الخمر لارتدّت أمتك ، ثم ركبته ، فأتيت المسجد الحرام فصليت به الغداة ، فتعلّقت بردائه وقلت : أنشدك الله يابن عمّ أن تحدّث بهذا قريشا فيكذبك من (١) صدّقك ، فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدي فارتفع عن بطنه ، فنظرت إلى عكنة (٢) فوق إزاره وكأنّه طيّ القراطيس وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يختطف بصري فخررت ساجدة ، فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج فقلت لجاريتي نبعة (٣) : ويحك اتبعيه فانظري ماذا يقول؟ وماذا يقال له؟ فلّما رجعت نبعة أخبرتني أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم فيهم : المطعم بن عدي بن نوفل ، وعمرو بن هشام ، والوليد بن المغيرة فقال : إنّي صليت الليلة العشاء في هذا المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام ، فصليت بهم وكلمتهم فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ : صفهم لي : فقال : أمّا عيسى عليه‌السلام ففوق الربعة دون الطويل ، عريض الصدر ، ظاهر الدم ، جعد الشعر تعلوه صهبة ، كأنه عروة بن مسعود الثقفي (٤). وأما موسى عليه‌السلام فضخم آدم طوال ، كأنه من رجال شنوءة (٥) كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان ، مقلص الشفتين ، خارج اللثة عابس. وأما إبراهيم عليه‌السلام فوالله لأشبه الناس بي خلقا وخلقا. فضجّوا وأعظموا ذاك قال : فقال المطعم بن عدي بن نوفل : كلّ أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم ،

__________________

(١) اللوحة ٤٨ ب

(٢) عكنة : العكنة بالضم ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا. القاموس عكن.

(٣) نبعة الحبشية ، جارية أم هانئ بنت أبي طالب ، الإصابة ٤ / ٤٠٢

(٤) عروة بن مسعود : تقدم التعريف به في الحديث ٤٦

(٥) شنوءة : قبيلة من اليمن. التاج (شنأ)

٨١

أنا أشهد أنك كاذب ، نحن نضرب (١) أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا تزعم أنّك أتيته في ليلة ، واللات والعزى لا أصدقك ، وما كان هذا الذي تقول قطّ ، وكان للمطعم بن عدي حوض على زمزم أعطاه إياه عبد المطلب فهدمه فأقسم باللات والعزى لا يسقى منه قطرة أبدا فقال أبو بكر رضي‌الله‌عنه : يا مطعم بئسما قلت لابن أخيك جبهته وكذّبته ، أنا أشهد أنه صادق فقال : يا محمد ، صف لنا بيت المقدس؟ قال : دخلته ليلا وخرجت منه ليلا ، فأتاه جبريل صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصوّره في جناحه ، فجعل يقول : باب منه كذا في موضع كذا ، وباب منه كذا في موضع كذا ، وأبو بكر رضي‌الله‌عنه عنده يقول : صدقت صدقت : قالت نبعة فسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يومئذ : يا أبا بكر ، إنّ الله عزوجل قد سمّاك الصدّيق. قالوا : يا مطعم دعنا نسأله عما هو أعنى لنا من بيت المقدس ، يا محمد ، أخبرنا عن عيرنا؟ فقال : أتيت على عير بني فلان بالرّوحاء قد أضلوا ناقة لهم وانطلقوا في طلبها فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد ، وإذا قدح ماء فشربت منه فسلوهم عن ذلك. فقالوا : هذا والإله آية ، ثم انتهيت إلى عير بني فلان ، فنفرت مني الإبل وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق مخطط ببياض ، لا أدري أكسر البعير أم لا؟ فسلوهم عن ذلك. قالوا : هذا والإله آية. ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل أورق هاهي ذي تطلع عليكم من الثنية فقال الوليد (٢) بن المغيرة : ساحر. فانطلقوا فنظروا فوجدوا كما قال فرموه بالسّحر وقالوا : صدق الوليد بن المغيرة فيما قال. وأنزل الله عزوجل : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قلت : يا أمّ هانئ ، ما الشجرة الملعونة في القرآن؟ قالت : الذين خوفوا فلم

__________________

(١) اللوحة ٤٩ آ

(٢) اللوحة ٤٩ ب

٨٢

يزدهم [التخويف](١) إلا طغيانا (٢) كبيرا (٣).

٥٣ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أبي القاسم التميمي (٤) المؤدب بقراءتي عليه بأصبهان ، قلت له : أخبركم أبو الخير محمد بن رجاء بن إبراهيم بن عمر بن الحسن بن يونس قراءة عليه وأنت تسمع ، أنبا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الذكواني ، أنبا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، ثنا محمد بن محمد بن مالك ، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم :

قال ابن مردويه : وحدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ، ثنا إبراهيم بن الهيثم قالا : ثنا محمد بن كثير الصّنعاني ، ثنا معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت :

أسري بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المسجد الأقصى ، أصبح يحدّث بذلك الناس فارتدّ ناس ممّن آمن به وصدّقه وفتنوا بذلك ، وسعى رجال من المشركين إلى بيت أبي بكر الصديق ، فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ، قال : وقال ذاك؟ قالوا : نعم ، قال : إن كان قال ذاك لقد صدق. قالوا : تصدّقه أنه يذهب إلى الشام في ليلة ثم يرجع قبل أن يصبح؟! قال : إني لأصدّقه بما هو أبعد من ذلك ، أصدّقه بخبر السماء في غدوة أو روحة ، فلذلك سمّي أبو بكر الصديق.

٥٤ ـ أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني (٥) بأصبهان ، أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية أخبرتهم قراءة عليها ، أنبا محمد بن عبد الله بن ريذه ، أنبا سليمان بن

__________________

(١) الزيادة من جزء للمؤلف يروي فيه هذا الحديث. (الجزء من المجموع) مخطوطات المكتبة الظاهرية بدمشق المجموع رقم ١٥ الورقة ٦٣

(٢) في هامش الأصل : (بلغ على ابن مسعود قراءة) و (بلغ عبد الله) و (بلغ محمد قراءة وسماعا أوله) و (وبلغ الجزري) و (بلغ أحمد قراءة).

(٣) قال ابن حجر في الإصابة : وأخرجه أبو يعلى .. وهذا أصح من رواية الكلبي ٤ / ٤٠٣

(٤) ترجمته في التكملة لوفيات النقلة ٢ / ٣٣٦ ، وسير أعلام النبلاء (المخطوط) ١٣ / ١٣١

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

٨٣

أحمد الطبراني ، ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي ، ثنا أبي

ح قال الطبراني : وحدثنا عمارة بن وثيمة المصري ، ثنا (١) إسحاق بن إبراهيم بن زبريق ، ثنا عمرو بن الحارث ، ثنا عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، ثنا الوليد بن عبد الرحمن أن جبير بن نفير قال : ثنا شدّاد بن أوس قال :

قلت : يا رسول الله ، كيف أسري بك؟ قال : صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقال اركب فاستصعب علي فرازها (٢) بأذنها ثم حملني عليها فانطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا ذات نخل فقال : انزل ، فنزلت ثم قال : صلّ فصليت ثم ركبنا فقال : تدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت بيثرب ، صليت بطيبة ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا بيضاء ، فقال : انزل ، فنزلت ، ثم قال : صلّ فصليت ثم ركبنا فقال : تدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم. قال : صليت بمدين عند شجرة موسى ، ثم انطلقنا تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصورها قال : انزل ، فنزلت ، ثم قال : صلّ ، فصليت ثم ركبت فقال : تدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم. قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه‌السلام المسيح بن مريم ، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليمان فأتى بي قبلة المسجد فربط دابته ودخل المسجد من باب فيه تميل الشمس فصليت من المسجد حيث شاء الله ، وأخذني من العطش أشدّ ما أخذني فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إليّ بهما جميعا فعدلت بينهما ثم هداني الله عزوجل فأخذت اللبن فشربت حتى قرعت به جبيني ، وبين يدي شيخ متكئ على مثرأة له فقال : أخذ صاحبك الفطرة وإنه لمهدي ، ثم انطلق بي حتى

__________________

(١) اللوحة ٥٠ آ

(٢) رازها : أي اختبرها. لسان العرب (روز)

٨٤

اتينا الوادي (١) الذي في المدينة ، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزّرابي ، فقلنا : يا رسول الله كيف وجدتها؟ فقال : مثل الحمّة السخنة. ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد ضلّوا بعيرا لهم قد جمعه فلان ، فسلّمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر رضي‌الله‌عنه فقال : يا رسول الله ، أين كنت الليلة فقد التمستك في مكانك؟ فقال : أعلمت أني أتيت مسجد بيت المقدس الليلة؟ فقال : يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي ، ففتح لي مرآه كأنّي أنظر إليه لا يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم عنه ، فقال أبو بكر رضي‌الله‌عنه : أشهد أنّك رسول الله. فقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة! فقال إنّ من آية ما أقول لكم أنّي مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان ، فلما كان ذلك اليوم أشرف القوم ينظرون حتى كان قريب من نصف النهار حتى أقبل القوم (٢) يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

٥٥ ـ أخبرنا أبو طاهر المبارك بن أبي المعالي (٤) ببغداد ، أن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد أخبرهم قراءة عليه ، أنبا الحسن بن علي ، أنبا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي ، ثنا بكر بن عيسى أبو بشر الراسبي ، قال : سمعت أبا عوانة ، ثنا عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

ليلة أسري بي وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء من بيت المقدس ،

__________________

(١) اللوحة ٥٠ ب

(٢) في هامش الأصل : (بلغ سليمان) ، وفوق حتى في الأصل : «حين».

(٣) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١ / ٧٤ : رواه البزار والطبراني في الكبير ، وفيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء وثقه يحيي بن معين وضعفه النسائي.

(٤) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

٨٥

فعرض علي عيسى بن مريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود ، وعرض علي موسى عليه‌السلام ، فإذا رجل ضرب (١) من الرجال ، كأنّه من رجال شنوءة ، وعرض عليّ إبراهيم عليه‌السلام ، قال : فإذا أقرب الناس شبها (٢) بصاحبكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

كذا رواه الإمام أحمد (٣) في مسنده (٤).

باب المكان الذي صلى فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مسجد بيت المقدس

٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أبي القاسم بن أبي شكر التميمي (٥) بأصبهان أن أبا الخير محمد بن رجاء بن إبراهيم بن عمر بن الحسن بن يونس أخبرهم قراءة عليه ، أنبا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الذكواني ، أنبا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ ، ثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن عمرو ... ، ثنا الحسن بن سهل ، ثنا أبو أسامة ، عن عيسى بن سنان الشامي ، عن المغيرة ، عن أبيه قال :

صليت مع عمر في كنيسة يقال لها : كنيسة مريم في وادي جهنّم قال : ثم دخلنا المسجد فقال عمر : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ، ثم دخلت إلى الصخرة إلى بيت المقدس ، فإذا أنا بملك قائم معه آنية ثلاث : فقال يا محمد ، وأشار بالآنية. قال : فتناولت العسل فشربت منه قليلا ، ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت ، فإذا هو لبن ، قال : اشرب من الآخر ، فإذا هو خمر ، قلت : قد رويت. قال : أما إنّك لو شربت من هذا لم

__________________

(١) ضرب : هو الخفيف اللحم الممشوق المستدق. النهاية في غريب الحديث (ضرب).

(٢) اللوحة ٥١ أ.

(٣) مسند الإمام أحمد ٢ / ٥٢٨

(٤) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١ / ٦٦ : رواه أحمد وفيه عمر بن أبي سلمة وثقة أحمد ويحيي وابن حبان ، وضعفه علي بن المديني وغيره.

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف

٨٦

تجتمع أمّتك على الفطرة أبدا. ثم انطلق بي إلى السماء ففرضت عليّ الصلاة ، ثم رجعت إلى خديجة وما تحولت عن جنبها الآخر.

٥٧ ـ أنبا المبارك بن أبي المعالي الحريمي (١) ببغداد ، أن هبة الله بن محمد أخبرهم قراءة عليه ، أنبا الحسن بن علي ، أنبا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا أسود بن عامر ، ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي سنان ، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب :

أنّ عمر بن الخطاب كان بالجابية فذكر فتح بيت المقدس.

قال : قال أبو سلمة ، فحدثني أبو سنان ، عن عبيد بن آدم قال :

سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب : أين ترى أن أصلي؟ فقال : إن أخذت عنّي صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلّها بين يديك. فقال عمر : ضاهيت (٢) اليهودية ، لا ولكن أصلي حيث صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتقدّم إلى القبلة فصلّى.

كذا أخرجه الإمام أحمد (٣) في مسنده (٤).

باب في فضل الإحرام من بيت المقدس

٥٨ ـ أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني (٥) بأصبهان ، أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية أخبرتهم قراءة عليها ، أنبا محمد بن عبد الله بن ريذه ، أنبا سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا أبو بكر بن صدقة ، ثنا محمد بن يحيي القطعيّ ، ثنا عبد الأعلى ، عن

__________________

(١) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٢) ضاهيت : شابهتها وعارضتها. النهاية في غريب الحديث (ضها).

(٣) مسند الإمام أحمد ١ / ٣٨

(٤) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٤ / ٦ : رواه أحمد وفيه عيسى بن سنان القسملي وثقة ابن حبان وغيره ، وضعفه أحمد وغيره ، وبقية رجاله ثقات.

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

٨٧

محمد بن إسحاق ، حدثني سليمان بن سحيم ، عن يحيي بن أبي سفيان ، عن أم حكيم بنت أبي أمية ، عن أم سلمة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

من أهلّ بعمرة من بيت المقدس غفر له.

رواه الإمام أحمد (١) ، عن يعقوب ، عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق بإسناده وزاد في آخره :

فركبت أم حكيم (٢) عن ذلك الحديث إلى بيت المقدس حتى أهلّت منه بعمرة (٣).

٥٩ ـ أخبرنا زاهر بن أحمد بن محمود الثقفي (٤) ، أن الحسين بن عبد الملك بن الحسين أخبرهم قراءة عليه ، أنبا إبراهيم بن منصور ، أنبا محمد بن إبراهيم ، أنبا أبو يعلى الموصلي ، ثنا هارون الحمال ، ثنا ابن أبي فديك ، أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنّس ، حدثني يحيي بن أبي سفيان بن سعيد الأخنسي ، عن جدته حكيمة ، عن أم سلمة أنها سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

من أهلّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، أو وجبت له الجنة. شكّ عبد الله أيتها قال.

رواه أبو داود (٥) ، عن أحمد بن صالح ، عن ابن أبي فديك (٦) بمثله (٧).

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ٦ / ٢٩٩

(٢) في مسند الإمام أحمد : «عند».

(٣) أورده الواسطي في فضائل البيت المقدس ص ٥٩ بإسناد آخر ، والحديث بألفاظ متقاربة.

(٤) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٥) سنن أبي داود ٢ / ١٤٤ (المناسك باب في المواقيت).

(٦) أورد المؤلف هذا الحديث بسند آخر عن شيخه عمر بن محمد المؤدب في كتابه المخطوط في المكتبة الظاهرية (مجموع ١٥ ورقة ٦٢ ب) الجزء من المجموع.

(٧) اللوحة ٥١ ب

٨٨

باب ذكر من أحرم من بيت المقدس من الصحابة

٦٠ ـ أخبرنا أبو النجح إسماعيل بن محمد بن محمد بن الحسين الحنفي (١) بقراءتي عليه ببغداد قلت له أخبركم أبو السعود المبارك بن خيرون بن عبد الملك بن خيرون قراءة عليه ، أنبا أبو الفضل أحمد بن خيرون ، أنبا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، أنبا أبو محمد دعلج بن أحمد بن دعلج ، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصايغ المكي ، ثنا سعيد بن منصور ، حدثنا أبو معشر ، عن نافع ، عن ابن عمر :

أنّه أحرم عام الحكمين من بيت المقدس (٢)

٦١ ـ أخبرنا أخي الإمام أبو العباس أحمد (٣) بن عبد الواحد بن أحمد بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، أنبا الحسين بن علي بن أحمد بن البسري ، أنبا عبد الله بن يحيي بن عبد الجبار السكري ، أنبا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر :

أنّه أحرم بالعمرة في بيت المقدس.

٦٢ ـ أنبا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري (٤) ، أن (٥) يحيى بن المشرف بن علي بن الخضر التمار أخبرهم قراءة عليه ، أنبا أحمد بن سعيد بن أحمد المقرئ ، أن علي بن الحسين بن بندار بن عبد الله بن بندار قاضي ... بمصر ، أنبا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ... الأسدي ، ثنا الحسين هو ابن الحسن ... ، ثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ... قال :

__________________

(١) ترجمته في التكملة لوفيات النقلة ٢ / ٢١٢ ، الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١١٥

(٢) أورد المؤلف هذا الحديث في كتابه (الجزء من المجموع) المخطوط في المكتبة الظاهرية مجموع ١٥ ، الورقة ٦٠.

(٣) ترجمته في التكملة لوفيات النقلة ٣ / ١٧٧ ، سير أعلام النبلاء (المخطوط ١٣ / ١٨٣).

(٤) ترجمته في شذرات الذهب ٤ / ٣٣٨

(٥) في هامش الأصل : (هذا الحديث كتب بعد قراءة البالسي).

٨٩

أخبرني محمود (١) بن الربيع أنّه زعم أنه عقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعقل ... من دلو كانت في دارهم. قال سمعت عتبة (٢) بن مالك فذكر ... وذكر ... قال محمود :

فأهلّ من إيليا بحج أو عمرة (٣).

ذكر من سكن بيت المقدس من الصحابة رضي‌الله‌عنهم

٦٣ ـ أخبرنا هبة الله بن الحسن بن المظفر بن السبط (٤) ببغداد ، أن محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء أخبرهم قراءة عليه ، أنبا عبد العزيز بن أحمد بن النصيبي إجازة ، أنبا محمد بن أحمد بن محمد الخطيب (٥) ، ثنا عيسى بن عبيد الله الوراق ، أخبرني علي بن جعفر الرازي ، ثنا عبد الله بن محمد بن سلم ، ثنا موسى بن سهل النيسابوري الرملي (٦) قال :

أسامي أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذين كانوا بأرض فلسطين ممن سكنها ،

__________________

(١) محمود بن الربيع بن سراقة الأنصاري الخزرجي ، توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن خمس سنين. قال أبو مسهر وآخرون مات محمود بن الربيع سنة ٩٩ ه

(٢) الاصابة ٣ / ٣٦٦.

(٣) قال ابن حجر في الاصابة ٣ / ٣٦٦ : قال البغوي ... وروى أنه عقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مج مجّة في دلو من دارهم. أخرجه البخاري من طرق عن الزهري ، عن محمود ، وهو عند مسلم في أثناء حديث.

وفي صحيح البخاري : كتاب العلم ص ٢٧ عن الزهري ، عن محمود بن الربيع قال : عقلت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو.

(٤) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٥) هو محمد بن أحمد الواسطي مؤلف فضائل البيت المقدس ، وقد ورد الخبر فيه في ص ٦٥

(٦) موسى بن سهل النيسابوري الرملي ، نسائي الأصل ، روى عنه أبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وقال : صدوق ثقة. قال عمرو بن دحيم : مات بالرملة سنة ٢٠٢. تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٤٧

٩٠

منهم من أعقب ومنهم من لم يعقب (١) :

الذين كانوا ببيت المقدس : عبادة بن الصامت (٢) ، وشداد بن أوس (٣) ، وأبو (٤) أبي بن أم حرام ، واسمه شمعون حليف بحضرموت وأبو ريحانة (٥) وسلامة (٦) بن قيصر وفيروز (٧) الديلمي ، وذو (٨) الأصابع وأبو محمد

__________________

(١) هكذا ورد النص في الأصل ، وكذا عند الواسطي في فضائل بيت المقدس ، وبعد الاعتماد على كتب تراجم الصحابة وكتاب فضائل القدس لابن الجوزي أرى أن يكون النص كالتالي : الذين كانوا ببيت المقدس : عبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبو أبي بن أم حرام واسمه عبد الله بن عمرو ، وشمعون حليف لحضرموت أبو ريحانة ، وسلامة بن قيصر ، وفيروز الديلمي ، وذو الأصابع ، وأبو محمد البخاري.

(٢) عبادة بن الصامت : كان أحد النقباء بالعقبة ، شهد بدرا والمشاهد كلها بعد بدر ، توفي سنة ٣٤ ه‍ بالرملة. ومنهم من قال : مات ببيت المقدس الإصابة ٢ / ٢٦٠

(٣) شداد بن أوس الخزرجي ، ابن أخي حسان بن ثابت ، من الذين أوتوا العلم والحلم. توفي سنة ٥٨ ه‍. قال أبو نعيم : توفي بفلسطين أيام معاوية. وقال ابن حبان : دفن ببيت المقدس الإصابة ٢ / ١٣٨

(٤) أبو أبي : هو ابن امرأة عبادة بن الصامت ، هو عبد الله بن عمرو بن قيس الأنصاري ، وأمه أم حرام ، وذكر ابن حبان أن اسمه شمعون. قال يحيى بن منده : هو آخر من مات من الصحابة بفلسطين. الإصابة ٤ / ٣

(٥) أبو ريحانة : شمعون : بمعجمتين ، ويقال : بمهملتين وبمعجمة وعين مهملة ، مشهور بكنيته. قال ابن حبان : قيل : اسمه عبد الله بن النضر ، وشمعون أصح. وهو حليف حضرموت سكن بيت المقدس. الإصابة ٢ / ١٥٣.

(٦) سلامة بن قيصر ، ويقال : سلمة ، ذكره ابن حبان في الصحابة ، وقال : سكن مصر وحديثه عند أهلها. مات ببيت المقدس وقبره بها الإصابة ٢ / ٥٨

(٧) فيروز الديلمي ، يماني كناني ، وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه أحاديث ، ثم رجع إلى اليمن فأعان على قتل الأسود العنسي ، قال ابن حبان : سكن مصر ، ومات ببيت المقدس الإصابة ٣ / ٢٠٤.

(٨) ذو الأصابع الجهني : ذكره الترمذي في الصحابة ، وأورد عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في زيادات المسند حديثا له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وذكره موسى بن سهل الرملي (راوي الخبر) فيمن نزل فلسطين من الصحابة. الإصابة ١ / ٤٧٢

٩١

النجاري (١).

هؤلاء من أهل بيت المقدس ماتوا بها.

والذين أعقب منهم :

عبادة بن الصامت ، وشداد بن أوس ، وسلامة بن قيصر ، وفيروز الديلمي.

هؤلاء أعقبوا ، وأولادهم ببيت المقدس وقبورهم بها.

والذين لم يعقبوا أبو ريحانة وذو الأصابع وأبو محمد النجاري (٢).

__________________

(١) أبو محمد النجاري : قال في الإصابة ٣ / ٣٨٩ : مسعود بن أوس بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري ـ ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة والواقدي فيمن شهد بدرا ـ ذكره البغوي مختصرا ... وقال أبو عمر : هو أبو محمد الذي زعم أن الوتر واجب فكذبه عبادة ... وقال أيضا في الإصابة ٤ / ١٧٩ : أبو محمد الأنصاري ، ذكره مالك في الموطأ ... أن رجلا كان بالشام يكنى أبا محمد كانت له صحبة. وذكره ابن الجوزي في فضائل القدس ص ١٣٠ فيمن كان ببيت المقدس : من الصحابة فقال : أبو محمد النجاري. وقال ابن الحنبلي في الأنس الجليل ١ / ٢٦٦ : أبو محمد النجاري بالجيم ، الأنصاري البدري ، قال صاحب مثير الغرام : أظنه مسعود بن أويس ... بن مالك النجاري. قيل توفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وقيل : شهد صفين مع علي رضي‌الله‌عنه.

(٢) في الأصل كلمة «النجاري» غير واضحة وفي هامش الأصل : «وفي الأصل : النجاري» ، وذكر في الأنس الجليل ١ / ٢٦٦ نقلا عن الخطيب البغدادي فقال :

«قال الحافظ أبو بكر الخطيب فيمن ذكر أنه كان ببيت المقدس من الصحابة والتابعين ، ومات به عبادة بن الصامت وشداد بن أوس ، وأبو أبي بن أم حرام ، وأبو ريحانة ، وسلامة بن قيصر ، وفيروز الديلمي ، وذو الأصابع وأبو محمد النجاري. هؤلاء من أهل بيت المقدس ماتوا به ، وأعقب منهم عبادة بن الصامت وشداد وسلامة وفيروز وهؤلاء الذين أعقبوا وأولادهم ببيت المقدس وقبورهم به. ولم يعقب أبو ريحانة ولا ذو الأصابع ولا أبو محمد النجاري والله أعلم ا ه»

وفي كتاب الزيارات للهروي ص ٢٨ :

«وخلف السور من الشرق قبر شداد بن أوس الخزرجي وذي الأصابع التميمي ، وقيل : قبر شداد بفلسطين والله أعلم»

٩٢

باب فضل مؤذني بيت المقدس

٦٤ ـ أخبرنا أبو المجد زاهر (١) بن أحمد بن حامد الثقفي بأصبهان ، أن زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم قراءة عليه ، ثنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ الطبري إملاء ، أنبا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة ، أنبا أبو حامد أحمد بن حمدون بن عمارة بن رستم الحافظ ، ثنا أبو جعفر أحمد بن سعيد الدارمي وحماد بن الحسن أبو عبيد الله الوراق قالا : ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا عبد الله بن ذكوان ، ثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر قال :

سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أيّ الناس يدخل الجنة يعني أولا؟ قال : الأنبياء ، ثم الشهداء ، ثم مؤذنو الكعبة ، ثم مؤذنو بيت المقدس ، ثم مؤذنو مسجدي هذا ، ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم (٢).

__________________

وفي كتاب «أجدادنا في ثرى المقدس» ص ١٣٣ :

«في مقبرة باب الرحمة التي تقع خلف سور الحرم الشرقي ، وهي مقبرة قديمة منذ الفتح العمري للقدس ، وفيها قبور عدد من الصحابة منهم : شداد بن أوس وعبادة بن الصامت ويقع قبراهما على بعد أمتار قليلة جنوب باب الرحمة ، ومنهم كذلك ذو الأصابع التميمي اليمني ويقال : الخزاعي والجهني»

وفي الكتاب أيضا ص ٣٣ : «ضريح أبو ريحانة واسمه شمعون القرظي ، في حارة السعدية في طريق معروف يدعى عقبة الشيخ ريحان ، هناك مسجد صغير هو مسجد الشيخ ريحان ، وفي هذا المسجد ضريح الصحابي الجليل أبو ريحانة رضي‌الله‌عنه»

وفي الكتاب أيضا ص ٢١٩ :

«أما الذين دفنوا ببيت المقدس في أماكن مجهولة : فيروز الديلمي ، واثلة بن الأسقع ، مسعود بن أوس (أبو محمد النجاري) ، سلامة بن قيصر الحضرمي ، أبو أبي بن أم حرام»

(١) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٢) اللوحة ٥٢ أ

٩٣

ذكر حديث مخشن بن مخاشن بن معاوية النميري رحمه‌الله

٦٥ ـ أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الخرقي (١) في كتابه أن أباه أخبره قراءة عليه ، أنبا أبو الوليد الحسن بن محمد البلخي ، أنبا أبو الحسين أحمد بن علي بن محمد الدولابي ، أنبا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن أحمد بن ذكوان ، أنبا أبو يعقوب إسحاق بن عمار بن جش بن محمد بن جش المصيصي ، أنبا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن مهدي قال : وحدثني الصقعب بن زهير ، عن عمرو بن شعيب فذكر شيئا من أمر فتوح الشام قال :

ثم إنّ أبا عبيدة انتظر أهل إيلياء فأبوا أن يأتوه ، فأقبل إليهم حتى نزل بهم فحاصرهم حصارا شديدا وضيّق عليهم من كلّ جانب ، فخرجوا إليه ذات يوم فقاتلوا المسلمين ساعة قال : فشدّ المسلمون عليهم من كلّ جانب ففرّوا حتى دخلوا حصنهم ، وكان الذي تولّى قتالهم يومئذ خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان ، كلّ واحد منهما في جانب ، وكان في المسلمين رجل من بني نمير يقال له : مخشن بن مخاشن بن معاوية ، وكان شجاعا ، وكان الناس يذكرون منه صلاحا ففقده أصحابه أياما ، فكانوا يسألون عنه ولا يخبرون عنه بشيء حتى أيسوا منه وظنّوا أنه قد اغتيل فهلك ، فبينا هم جلوس إذ طلع عليهم ومعه ورقتان لم ينظر النّاس إلى مثل تلك الورقتين قط ، لا أعرض عرضا ولا أطول طولا ، ولا أحسن حسنا ومنظرا ، ولا أطيب ريحا فقال له أصحابه : أين كنت؟ قال : وقعت في جبّ ، فمضيت أمشي حتى انتهيت إلى جنة معروشة ، فيها من كلّ شيء ، فلم تر عيني مثل ما فيها في مكان قط ، ولا أظنّ أنّ الله خلق [مثل] ما رأيت ، فلبثت هذه الأيام كلّها في نعيم ليس مثله ، وفي منظر ليس مثله ، وفي ريح لم يجد أحد من الناس ريحا قط أطيب منها ، فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت حتى أخذ بيدي

__________________

(١) انظر ترجمته في شذرات الذهب ٤ / ٢٦٦

٩٤

فأخرجني منها إليكم ، وقد كنت أخذت هاتين الورقتين من شجرة كنت تحتها ، فبقيتا في يدي فأقبل الناس يأخذونهما فيشمونهما فيجدون فيها ريحا لم يجدوا لشيء قطّ مثله ، قال : فأهل الشام يزعمون أنّه كان أدخل الجنة ، وأنّ تلك الورقتين منها ويقولون : قد كانت الخلفاء رفعت تلك الورقتين في الخزانة.

وقد روي أن اسم الرجل شريك بن خماشة (١) النميري (٢). والله أعلم.

٦٦ ـ أخبرنا أبو القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطّاف الهمداني (٣) بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : أخبركم أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء إجازة ،

__________________

(١) هكذا في الأصل : والصواب خباشة كما في الإكمال ٣ / ١٩٢ وقال : وأما خباشة بباء معجمة عوض الميم فهو شريك بن خباشة.

(٢) قال في جمرة أنساب العرب ٢٧٩ : شريك بن خباشة ، هو من بني عمرو بن عامر بن عبد الله بن الحارث بن نمير ، الذي يقال إنه دخل في جب بالشام يقال له : القلب ، فبلغ إلى الجنة ، وأتى منها بورقة خضراء من شجرة تين ، تواري الرجل كله ويجمعها المرء في كفه ، فصار شعار بني نمير من ذلك الوقت يا خضراء ، وكان شعار بني عامر : يا جعد الوبر. وفي الإصابة ٣ / ١٦٦ : قال ابن الكلبي : هو من بني عمرو بن نمير ، له إدراك وله قصة مع عمر رواها ابن حبان في الثقات من طريق إبراهيم بن أبي عبلة ، عن شريك بن خباشة النميري أنه ذهب يستسقي من جب سليمان ببيت المقدس فانقطع دلوه فنزل ليخرجه ، فبينما هو في طلبه إذا هو بشجرة فتناول منها ورقة فأخرجها معه ، فإذا هي ليست من شجرة الدنيا ، فأتى بها عمر ، فقال : أشهد أن هذا هو الحق سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يدخله من هذه الأمة رجل من أهل الجنة. فجعل الورقة بين دفتي المصحف. وهكذا رواه الطبراني في مسند الشاميين في هذا الوجه ، وأخرجه ابن الكلبي من وجه آخر عن امرأة شريك بن خباشة. قالت خرجنا مع عمر أيام خرج إلى الشام. فذكر القصة مطولة ، ولم يذكر المرفوع وفيه : أن عمر أرسل إلى كعب فقال : هل تجد في الكتاب أن رجلا من هذه الأمة يدخل الجنة؟ قال : نعم ، وإن كان في القوم نبأتك به ، قال : فهو في القوم فتأملهم فقال : هو هذا. فجعل شعار بني نمير خضرة ، بهذه الورقة إلى اليوم ، وأبوه خباشة بضم المعجمة وتخفيف الموحدة وبعد الألف شين معجمة وقيل مهملة.

(٣) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

٩٥

أن أبا محمد (١) عبد العزيز بن أحمد بن عمر النصيبي المقدسي أخبرهم إذنا ، أنبا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الواسطي المقدسي الخطيب (٢) في منزله ببيت المقدس ، ثنا عمر هو ابن الفضل بن المهاجر الربعي ، ثنا أبي ، ثنا الوليد هو ابن حماد ، ثنا محمد بن النعمان ، ثنا سليمان بن عبد الرحمن ، ثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني أبو بكر بن أبي مريم قال : أخبرني عطية بن قيس :

أنّ شريك بن خماشة النميري أتى جبا في بيت المقدس يستسقي لأصحابه ، إذ خرّ منه الدّلو فنزل في طلبه ، إذ تبدّى له شخص فقال : انطلق معي ، فأخذ بيده في الجبّ ، ثم أدخله الجنّة ، فأخذ شريك ورقات ، ثم ردّه إلى موضعه فخرج فأتى أصحابه فأخبرهم ، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه فقال كعب : إنّ رجلا من هذه الأمّة سيدخل الجنّة وهو حيّ بينكم ، قال : انظروا إلى الورقات ، فإن تغيرن فلسن من ورق الجنّة ، وإن لم يتغيرن فهنّ من ورق الجنة. قال عطية : فلم تكن الورقات يتغيرن (٢).

قال الوليد : حدثني أبو النجم إمام أهل سلميّة (٣) ومؤذنهم في سنة أربعين ومئة إلى أن مات في سنة خمسين ومئة ، قال : وحدثني غير واحد من أهل سلميّة من قبائل العرب أنّهم أدركوا شريك بن خماشة يسكن سلميّة ، قال : فكنا نأتيه فنسأله فيخبرنا بدخوله الجنة وما رأى فيها وعن أخذه الورقات منها ، وأنّه لم يبق معه إلا ورقة ادّخرها لنفسه قالوا : فكنا نسأله يريناها ، فيدعو بمصحفه فيخرجها من بين ورق مصحفه خضراء تزف (٤) فيأخذها فيقبلها ثم يضعها على عينيه ، ثم يردّها فيضعها بين الورق ، فلمّا احتضر أوصى أن تجعل بين كفنه

__________________

(١) ٥٢ ب.

(٢) أورد الواسطي هذا الخبر في كتابه فضائل البيت المقدس ص ٩٣

(٢) أورد الواسطي هذا الخبر في كتابه فضائل البيت المقدس ص ٩٣

(٣) سلمية : من أعمال حماة ، وضبطها ياقوت : سلمية ، وقال : أهل الشام يقولون : سلميّة.

(٤) في فضائل البيت المقدس للواسطي : «ترف».

٩٦

وصدره. قالوا : فكان آخر عهدنا بها أن وضعها على صدره ، ثم وضع عليها أكفانه (١).

__________________

(١) زاد بعدها في فضائل البيت المقدس للواسطي ص ٩٣ :

قال الوليد بن مسلم : قلت لأبي النجم : هل وصفوها لك؟ قال : نعم. شبهوها بورق الدراقن بمنزلة الكف محددة الرأس.

٩٧

السماعات

أ ـ سماعات على المؤلف

سماع على اللوحة ـ ٥٣ أ ـ وهو بخط المؤلف ومن لفظه

سمع جميع هذا الجزء من لفظي ابن أخي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد ، والإمام سيف الدين أبو العباس أحمد بن عيسى بن الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة ، وعلي بن أحمد بن علي الحجاوي ، ومحمد بن نعمة بن نجم المرداوي ، والشيخ أحمد بن محمد بن عثمان المرداوي ، وأحمد بن علي بن خضر النصيبي ، و... بن جميل بن محمود ومحمد بن أحمد بن رشيد المجادليان ، وعلي بن جراح بن عثمان ، وشاور بن علي بن عبد الله الحجاوي ، والشيخ سليمان بن محمود بن عزاز الواسطي ، ومسلم بن مالك بن مرزوع. وسمع من البلاغ من ذكر عمران بيت المقدس إلى آخره ، وذكر فضل الصخرة أيضا الفقيه أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقدمي وحضور عبد المولى بن خضر الحارس وموسى بن عبد الله بن أدهم المرداوي ونصر الله بن ناصر بن ناصر الخلخلي وآخرون. في يوم الجمعة من العشر الآخر من ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاثين وست مئة. وكتب محمد بن عبد الواحد. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

سماع على اللوحة ـ ٥٣ أ

سمع جميع هذا الجزء على مؤلفه الشيخ الإمام العالم الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي أثابه الله بقراءة الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد البغدادي : الشيخ الزاهد يوسف بن محمد بن عباد ، ومحمد بن الشيخ الصالح الزاهد إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلبكي ، ومحمد بن

٩٨

حسين بن عبد الله المقدسي ، وأبو محمد بن عتيق بن خضر الدمشقي ، وشاملك بن سريج بن علي الدمشقي ، ومحمد بن عبدان بن إبراهيم الحمصي ، وطغربل بن عبد الله عتيق صاحب سنجار ، وعبد ... بن إسماعيل بن عدي الكندي ، ومحمد بن عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد البغدادي وهذا خطه. وصح ذلك وثبت في الثامن من ربيع الأول من سنة ثلاث وثلاثين وست مئة بدار حديث الشيخ المسمع بسفح قاسيون. والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد.

سماع على اللوحة ـ ٥٣ أ

قرأت جميع هذا الجزء على الشيخ الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي ، فسمعه الفقيه أبو العباس أحمد بن عمر بن رشيد الصواف ، وأبو الخير يحيى بن عسكر بن عبد الرحيم النصيبي ، ومحمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي الكرم الحمصي ، وحظيلا بن عبد الله عتيق ابن أسامة ، وحمدان بن مسعود بن حمدان السكري ، ومحمد بن إلياس بن أبي الفتح الآمدي. وكتب علي بن محمد بن علي البالسي ، وسمع من موضع اسمه إلى آخره أحمد بن محمد بن عيسى الجزري. وسمع من السكنى ببيت المقدس وذكر فتحها عيسى بن عبد الله عتيق بن أبي الكرم الحمصي.

وصح في يوم السبت تاسع من ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وست مئة بمدرسة الشيخ بسفح جبل قاسيون وصح وثبت.

سماع على اللوحة ـ ٥٣ أ

قرأت جميع هذا الجزء على مؤلفه الشيخ الصالح الإمام العالم الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي أثابه الله الجنة برحمته ، وسمع من البلاغ بخطي إلى آخر الجزء الفقيه أبو محمد عبد ... بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي ، وعلي بن الحسن بن داود الجزري. كتبه أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي يوم السبت في العشر الأول من رجب سنة ثلاث وثلاثين وست مئة والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

٩٩

سماع على اللوحة ـ ٣٣ ب ـ وبخط المؤلف

سمع علي جميع هذا الجزء بقراءة الفقيه شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة : ابناه أحمد ومحمد في خامس سنة ، وابن أخي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد ، وعبد الرحيم بن علي بن أحمد ، وحضر أخوه أحمد ، وعبد الله وسلمان ابنا حمزة بن أحمد بن عمر ، ويوسف بن عبد الله بن عثمان ، وإبراهيم وعلي وعيسى بنو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار ، وأحمد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر ، وحضر أخوه محمد ، ومحمد وعبد الرحمن حضر ... محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر وابن عمهما محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن أبي بكر ، وأحمد بن عبد الله بن عبد الملك ، ويوسف بن أحمد بن عبد الملك ، وعبد الله وإبراهيم ابنا أحمد بن أبي بكر ، وأحمد و... ولدا عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأحمد بن عبد الرحمن بن عمر بن عوض ، وأحمد بن علي بن أبي عبد الله ... الدمشقي ، وإسماعيل وإبراهيم ابنا أحمد بن جميل بن حمد ، وعبد الله بن محمد بن عبد الله الغيدقي ، وعلي بن جراح بن عثمان ، وأحمد بن مظفر النجار ، وأحمد بن فضل بن حسن الغسولي ، ومساعد بن سعد الله بن تلاج المحجي ، ومحمد بن عثمان الخياط ، وسامة بن كوكب ، وهلال بن زامل بن بتل ، وسلطان بن مهلهل بن عمر ... وعلي بن محمد بن عبد الحافظ الجيتي.

وذلك يوم الأحد في العشر الأول من شعبان سنة ثلاث وثلاثين وست مئة وكتب محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي. والحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم.

سماع على اللوحة ـ ٥٢ ب

سمع جميعه بقراءتي وقراءة الفقيه أبي عبد الله محمد بن عمر بن عبد الملك الدينوري على الشيخ الإمام الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي بارك الله في عمره وذلك في شهر جمادى الأول من سنة ست وثلاثين وست مئة. كتبه محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسي. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

١٠٠