فضائل بيت المقدّس

الإمام الحافظ ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي

فضائل بيت المقدّس

المؤلف:

الإمام الحافظ ضياء الدين محمّد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي


المحقق: محمّد مطيع الحافظ
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ١٣٦

صلاة قط ، ما نسمع له صوتا ، ثمّ ركع ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط ، لم نسمع له صوتا ، ثم قام ففعل مثل ذلك بالركعة الثانية ، ثم جلس فوافق جلوسه تجلي الشمس ، فسلّم وانصرف وحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله ، وشهد أنّه عبد الله ورسوله ثم قال :

يا أيّها الناس إنّما أنا بشر رسول ، أذكركم الله عزوجل ، إن كنتم تعلمون أنّي قصّرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي عزوجل لما أخبرتموني فقال النّاس : نشهد أنّك قد بلّغت رسالات ربّك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك ثم قال : أمّا بعد فإنّ رجالا يزعمون أنّ كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض ، وإنّهم قد كذبوا ، ولكنّها آيات الله عزوجل يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة ، وإنّي والله لقد رأيت ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم منذ قمت أصلي ، وإنّه والله ما تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا ، آخرهم الأعور الدّجال ممسوح عين اليسرى ، كأنّها عين أبي تحيا ـ شيخ من الأنصار ـ بينه وبين حجرة عائشة رضي‌الله‌عنها حينئذ ، وإن متى يخرج فإنّه سوف يزعم أنّه الله عزوجل ، فمن آمن به وصدّقه واتّبعه فليس ينفعه عمل صالح من عمل سلف (١) ، وإنّه (١) سيظهر على الأرض كلّها غير الحرم وبيت المقدس ، وإنّه يسوق المسلمين إلى بيت المقدس فيحصرون حصرا شديدا ويوزلون (٢) أزلا شديدا ـ قال الأسود : تسع عشرة ظنّي ـ إنّه قد حدّثني أنّ عيسى بن مريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصبح فيهم فيهزمه الله عزوجل وجنوده حتى إنّ أصل الحائط أو جذم (٣) الشجر لينادي : يا مؤمن هذا

__________________

(١) ما بينهما في مجمع الزوائد ومسند الإمام أحمد : (ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من علمه سلف)

(١) ما بينهما في مجمع الزوائد ومسند الإمام أحمد : (ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من علمه سلف)

(٢) الأزل : الضيق والشدة. القاموس المحيط. وفي مجمع الزوائد : فيزلزلوا زلزالا شديدا

(٣) الجذم : بالكسر : الأصل. جمع أجذام وجذوم. القاموس المحيط

٦١

كافر (١) مستتر بي ، تعال فاقتله ، وإن يكن (٢) ذلك كذلك حتى تروا أمورا عظاما يتفاقم شأنها في أنفسكم ، وتساءلون بينكم هل كان نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر لكم منها ذكرا حتى تزول جبال عن مراتبها ، قال : ثم على أثر ذلك القبض ، ثم قبض أصابعه ثم قال مرة أخرى ، وقد حفظت ما قال. فذكر هذا فما قدّم كلمة على منزلتها ولا أخّر أخرى.

رواه الإمام أحمد (٣) في مسنده بطوله بنحوه عن أبي كامل ، عن زهير عن الأسود. وروى أبو داود (٤) والترمذي (٥) وابن ماجه (٦) والنسائي (٧) طرفا منه. وقال الترمذي : حديث حسن صحيح (٨).

٣٦ ـ أخبرنا أبو طاهر المبارك بن أبي المعالي بن أبي القاسم الحريمي (٩) ببغداد ، أن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد أخبرهم قراءة عليه ، أنبا الحسن بن علي ، أنبا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي ، ثنا يزيد ، أنبا ابن عون ، عن مجاهد (١٠) قال :

__________________

(١) اللوحة ٤١ آ

(٢) في مسند الامام أحمد ومجمع الزوائد للهيثمي : «ولن يكون»

(٣) مسند الامام أحمد ١ / ٢٠٩ ، ٥ / ١٦

(٤) سنن أبي داود ٤ / ١١٧ ، ٢٤١

(٥) صحيح الترمذي ٧ / ٢٤

(٦) سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٥٩

(٧) سنن النسائي ٣ / ١٤٠

(٨) قال في مجمع الزوائد ١ / ٣٤١ : رواه الإمام أحمد والبزار ببعضه وقال فيه : (فمن اعتصم بالله فقال : ربي الله حي لا يموت فلا عذاب عليه. ومن قال : أنت ربي فقد فتن) ورجال أحمد رجال الصحيح غير ثعلبة بن عباد وثقه ابن حبان.

(٩) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(١٠) مجاهد بن جبر ، أبو الحجاج ، شيخ القراء والمفسرين ، أخذ التفسير عن ابن عباس ، توفي سنة ١٠٤ ه‍. الأعلام ٥ / ٢٨٧

٦٢

كنّا ست سنين ، علينا جنادة (١) بن أبي أمية فقام فخطبنا فقال : أتينا رجلا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدخلنا عليه فقلنا : حدّثنا ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا تحدّثنا ما سمعت من النّاس فشدّدنا عليه فقال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فينا فقال : أنذركم المسيح وهو ممسوح العين ، قال : أحسبه قال : اليسرى ، يسير معه جبال الخبز وأنهار الماء ، علامته يمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ سلطانه كلّ منهل ، لا يأتي أربعة مساجد : الكعبة ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطور. ومهما كان من ذلك فاعلموا أنّ الله عزوجل ليس بأعور.

قال ابن عون : وأحسبه قد قال ـ يسلّط على رجل فيقتله ثم يحييه ، ولا يسلط على غيره.

كذا رواه (٢) الإمام أحمد ، وقد رواه أيضا عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن الأعمش (٣). وعن عبد الرزاق (٤) ، عن سفيان ، عن منصور ، والأعمش ، كلاهما عن مجاهد (٥) بنحوه (٦).

__________________

(١) جنادة بن أبي أمية مالك الأزدي الزهراني ، صحابي ، من كبار الغزاة في العصر الأموي ، دخل جزيرة رودس فاتحا سنة ٥٣ ، توفي بالشام سنة ٨٠ ه‍ الأعلام ٢ / ١٤٠

(٢) مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٦٤

(٣) مسند الإمام أحمد ٥ / ٤٣٤

(٤) مسند الإمام أحمد ٥ / ٤٣٥

(٥) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٣٤٣ : رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح

(٦) اللوحة ٤١ ب

٦٣

باب مقام المسلمين ببيت المقدس

وقت خروج الدجال وحصاره لهم بها (١)

٣٧ ـ أخبرنا أبو طاهر بركات (٢) بن إبراهيم بن طاهر القرشي (٣) الخشوعي قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق ، قيل له : أخبركم عبد الكريم بن حمزة السلمي قراءة عليه وأنت تسمع ، أنبا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني الحافظ ، أنبا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي قراءة عليه في داره بدمشق ، أنبا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الاطرابلسي إملاء في ربيع الآخر من سنة أربعين وثلاث مئة ، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي بحمص ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، ثنا السّيباني (٤) ، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي ، عن أبي أمامة الباهلي قال :

خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان أكثر خطبته ما يحدثنا عن الدجّال ويحذّرناه فكان من قوله : يا أيّها النّاس ، إنّها لم تكن فتنة على وجه الأرض أعظم من فتنة الدجّال ، إنّ الله عزوجل لم يبعث نبيا إلا حذّر أمته الدجّال ، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج فيكم وأنا فيكم فأنا حجيج كلّ مسلم ، وإن يخرج بعدي فكلّ امرىء حجيج نفسه ، والله خليفتي على كلّ مسلم ، إنّه يخرج من خلّة بين الشام والعراق ، فيعيث يمينا ويعيث شمالا ، يا عباد الله اثبتوا ، فإنّه يبتدئ فيقول : أنا نبيّ ـ ولا نبيّ بعدي ـ ثم يبتدئ فيقول : أنا ربّكم ، ولن تروا ربّكم حتى تموتوا ، وإنّه أعور ، وإنّ ربّكم

__________________

(١) في هامش الأصل : بلغ ابن المحب في المرة الثانية.

(٢) ترجمته في التكملة لوفيات النقلة ١ / ٤١٩ ، سير أعلام النبلاء (المخطوط ١٣ / ٨١)

(٣) هكذا ذكره الضياء المقدسي بالقاف. وقال الحافظ المنذري في التكملة : الفرشي بضم الفاء وسكون الراء المهملة وبعد شين معجمة ، نسبة إلى بيع الفرش. وقال محقق التكملة الدكتور بشار عواد معروف في تعليقه على ما ذكره المنذري : قال الذهبي في تاريخ الإسلام بعد أن أورد قول المنذري وضبطه : الفرشي : قلت : وقد ضبطه بالقاف جماعة من المحدثين كالضياء وابن خليل ، ورأيت جماعة تركوا هذه النسبة للخلف فيها.

(٤) الأنساب ٧ / ٢١٥

٦٤

ليس بأعور ، وإنّه مكتوب بين عينيه : كافر. يقرأه كلّ مؤمن ، فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وإنّ من فتنته أنّ معه جنة ونارا (١) ، فناره جنة وجنته نار ، فمن ابتلي بناره فليقرأ فواتح سورة الكهف ويستغيث بالله عزوجل تكن عليه بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وذكر الحديث (٢) وفيه (٣) :

__________________

(١) في الأصل : (ونار) والتصحيح في سنن ابن ماجه

(٢) اللوحة ٤٢ آ

(٣) تتمة الحديث من سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٥٦ وفيه :

وإنّ من فتنته أن يقول لأعرابي أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول : نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ، اتبعه فإنه ربك ، وإنّ من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار حتى يلقى شقتين ، ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن ثم يزعم أن له ربا غيري ، فيبعثه الله ويقول له الخبيث : من ربك؟ فيقول : ربي الله ، وأنت عدو الله ، أنت الدجال ، والله ما كنت بعد أشدّ بصيرة بك مني اليوم.

قال أبو الحسن الطنافسي : فحدثنا المحاربي ، ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة.

قال : قال أبو سعيد : والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله قال المحاربي : ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع ؛ قال :

وإنّ من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت. وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه ، وأمده خواصر وأدره ضروعا ، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة (أي مجردة من أغمادها) حتى ينزل عند الظّريب الأحمر عند منقطع السّبخة (هي الأرض التي تعلوها الملوحة) فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.

٦٥

فقالت أمّ شريك : يا رسول الله فأين المسلمون؟ قال : ببيت المقدس ، يخرج حتى يحاصرهم ، وإمام المسلمين يومئذ رجل صالح فيقال له : صلّ الصبّح فإذا كبّر ودخل في الصلاة نزل عيسى بن مريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فيرجع يمشي القهقرى ليتقدّم عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيضع يده بين كتفيه ثم يقول : صلّ ، فإنّما أقيمت الصلاة لك فيصلي عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وراءه فيقول : افتحوا الباب فيفتحوه ، ومع الدجّال يومئذ سبعون ألف يهودي ، كلّهم ذو ساج (١) وسيف محلّى ، فإذا نظر إلى عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذاب كما يذوب الرّصاص في النار وكما يذوب الملح في الماء ، ثم يخرج هاربا فيقول عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ لي فيك ضربة لن تفوتني بها ، فيدركه عند باب لدّ (٢) الشّرقي فيقتله فلا يبقى شيء مما خلق الله عزوجل شيئا يتوارى به يهوديّ إلّا أنطق الله ذلك الشيء ، لا شجرة ولا حجر ولا دابة إلا قال : يا عبد الله المسلم ، هنا يهوديّ فاقتله ـ إلا الغرقدة (٣) فإنّها من شجرهم لا تنطق (٤) قال : ويكون عيسى في أمتي حكما عدلا وإمامّا مقسطا فيقتل (٥) الخنزير ويدقّ الصليب ويضع الجزية ، ولا يسعى على شاة ولا بعير ، وترفع الشحناء والبغضاء والتباغض ، وتنزع حمة (٦) كلّ ذي دابّة حتى تلقى الوليدة الأسد فلا يضرّها ، ويكون الذئب في الغنم كأنّه كلبها وتملأ الأرض من الإسلام ويسلب الكفار

__________________

(١) ذو ساج : الساج : هو الطيلسان الأخضر ، وقيل : الطيلسان المقور ينسج كذلك

(٢) اللد : بالضم والتشديد ، قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين. (معجم البلدان)

(٣) الغرقدة : هو ضرب من شجر العضاه.

(٤) وبعده في سنن ابن ماجه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وإن أيامه أربعون سنة ، السنة كنصف السنة ، والسنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وآخر أيامه كالشررة يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي ، فقيل له : يا رسول الله كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال : تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ، ثم صلوا. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فيكون عيسى في أمتي حكما عدلا ...

(٥) أي يحرم أكله

(٦) حمة : بالتخفيف : السم ، ويطلق على إبرة العقرب

٦٦

ملكهم فلا يكون ملك إلا الإسلام وتكون الأرض كفاثور (١) الفضّة تنبت نباتها كما كانت على عهد آدم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يجتمع النفر على القطف فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرّمانة ، ويكون الثّور بكذا وكذا من المال ، ويكون الفرس بالدّريهمات (٢).

رواه أبو داود (٣) ، عن عيسى بن محمد ، عن ضمرة بإسناده نحوه. ورواه ابن ماجه (٤) عن علي بن محمد ، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي أمامة وأسقط من إسناده عمرو بن عبد الله (٥).

باب في السكنى ببيت المقدس وذكر فتحها

٣٨ ـ أخبرنا أبو جعفر محمد (٦) بن أحمد سبط حسين بن عبد الملك بن عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة بقراءتي عليه بأصبهان ، قلت له : أخبرتكم فاطمة بنت عبد الله قراءة

__________________

(١) الفاثور : الخوان ، وقيل : هو طست أو جام من فضة أو ذهب.

(٢) تتمة الحديث في سنن ابن ماجه :

قالوا يا رسول الله ، وما يرخص الفرس؟ قال : لا تركب لحرب أبدا ، قيل له : فما يغلي الثور؟ قال : تحرث الأرض كلها ، وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد ، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ، ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء ، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله. قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال : التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام.

قال أبو عبد الله : سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول : سمعت عبد الرحمن المحاربي : ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتّاب

(٣) سنن أبي داود ٤ / ١١٧ ، الحديث ٤٣٢٢ الملاحم

(٤) سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٥٩

(٥) اللوحة ٤٢ ب

(٦) انظر فهرس شيوخ المؤلف

٦٧

عليها وأنت تسمع ، أنبا محمد بن عبد الله بن ريذه ، انبا سليمان بن احمد الطبراني ، ثنا أحمد بن المعلى الدمشقي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا محمد بن شعيب ، ثنا عثمان بن عطاء ، أن زياد بن أبي سودة حدثه عن أبي عمران ، عن ذي الأصابع (١) أنه قال :

يا رسول الله إن ابتلينا بالبقاء بعدك فما تأمرنا؟ فقال : عليك ببيت المقدس لعلّ الله أن يرزقك ذرية تغدو إليه وتروح.

رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند (٢) ، عن أبي صالح الحكم بن موسى ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن عثمان بن (٣) عطاء (٤).

٣٩ ـ أخبرنا أبو القاسم هبة (٥) الله بن الحسن بن المظفر ابن السبط قراءة عليه ببغداد ، قيل له : أخبركم أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء قراءة عليه وأنت تسمع قال : أنبا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن النصيبي المقدسي إجازة قال : أنبا محمد بن أحمد بن محمد بن الواسطي المقدسي الخطيب في منزله ببيت المقدس ، ثنا أبو حفص عمر بن الفضل بن المهاجر ، ثنا أبي أبو العباس الفضل بن المهاجر ، ثنا الوليد بن حماد الرملي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن عبد الرحمن قال : سمعت أبي يحدث عن جده شداد بن أوس (٦) قال :

لما دنت وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام شداد بن أوس ثمّ جلس ، ثم قام ثم جلس ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما قلقك يا شداد؟ فقال : يا رسول الله ضاقت بي

__________________

(١) ذو الأصابع الجهني ، ذكره الترمذي في الصحابة ، وذكره موسى بن سهل الرملي فيمن نزل فلسطين من الصحابة. الاصابة ١ / ٤٧٢

(٢) مسند الإمام أحمد ٤ / ٦٧

(٣) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٤ / ٧ : رواه الطبراني في الكبير وعبد الله في زياداته على أبيه ، وفيه عثمان بن عطاء وثقه دحيم وضعفه الناس.

(٤) أورده الواسطي في كتابه فضائل البيت المقدس ص ٢٥ بسند آخر وبألفاظ متقاربة.

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٦) شداد بن أوس الخزرجي ، صحابي نزل بيت المقدس توفي سنة ٥٨ ه‍ الإصابة ٢ / ١٣٨

٦٨

الأرض فقال : ألا إنّ الشام سيفتح إن شاء الله ، وبيت المقدس سيفتح إن شاء الله ، وتكون أنت وولدك من بعدك أئمة بها إن شاء الله.

كذا (١) وجدته في هذه الرواية ولعله سقط بعض إسناده.

٤٠ ـ أخبرنا به محمد بن أحمد يعرف بابن سلفة بأصبهان أن فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم قراءة عليها ، أنبا محمد بن [عبد الله بن] ريذة ، أنبا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن سعيد الرازي ، ثنا محمد بن مسلم بن واره ، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن شداد بن محمد بن شداد قال : سمعت أبي يذكر عن أبيه ، عن جده ، عن شداد بن أوس :

أنّه كان عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يجود بنفسه فقال : مالك يا شداد؟ قال : ضاقت بي الدنيا ، فقال : ليس عليك ، إنّ الشام يفتح ، ويفتح بيت المقدس ، فتكون أنت وولدك أئمة فيه إن شاء الله (٢).

٤١ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني (٣) ، أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية (٤) ، أخبرتهم قراءة عليها ، أنبا محمد بن عبد الله بن ريذة ، أنبا سليمان بن أحمد بن أيوب ، ثنا إبراهيم بن دخيم الدمشقي ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر ، حدثني زيد بن واقد ، عن بسر بن عبيد الله ، حدثني أبو إدريس الخولانّي ، حدثني عوف بن مالك (٥) قال :

أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو في خيمة من أدم (٦) فتوضأ وضوءا مكيثا (٧) فقال :

__________________

(١) من هنا إلى آخر الحديث رقم ٤٠ مستدرك في هامش الأصل ، وجاء بجانبه (كتب بعد قراءة علي البالسي)

(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٤١١ : رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم.

(٣) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٤) اللوحة ٤٣ آ

(٥) عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني ، صحابي ، من الشجعان الرؤساء ، نزل حمص وسكن دمشق توفي سنة ٧٣ ه‍ الأعلام ٥ / ٥٦

(٦) الأدم : هو الجلد

(٧) مكيثا : أي بطيئا متأنيا غير مستعجل. اللسان (مكث)

٦٩

يا عوف ، اعدد ستا بين يدي الساعة. قلت : وما هي يا رسول الله؟ قال : موتي. قال : فوجمت (١) لها. قال : قل : إحدى. قلت : إحدى. والثانية : فتح بيت المقدس. والثالثة : موتان فيكم كقعاص (٢) الغنم. والرابعة : إفاضة المال حتى يعطى الرجل مئة دينار فيظلّ يتسخّطها ، وفتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر (٣) ، ثم يغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية (٤) ، كلّ غاية اثنا عشر ألفا.

رواه البخاري في صحيحه (٥) عن الحميدي ، ورواه أبو داود (٦) السجستاني مختصرا عن مؤمّل بن الفضل. ورواه أبو عبد الله بن ماجه (٧) عن عبد الرحمن يعرف بدحيم ، كلّهم عن الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن العلاء ، عن بسر بن عبيد الله ، وليس في روايتهم ذكر زيد بن واقد. وقد رواه عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن عوف بن مالك بمعناه وفيه :

فيقبلون في ثمانين راية ، تحت كلّ راية اثنا عشر ألفا (٨).

٤٢ ـ أخبرنا أبو طاهر المبارك بن أبي المعالي الحريمي (٩) بقراءتي عليه بالجانب الغربي قلت له : أخبركم هبة الله بن محمد قراءة عليه وأنت تسمع ، أنبا الحسن بن علي ، أنبا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، عن النهاس بن قهم ، حدثني شداد أبو عمار ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) وجم : عبس وأطرق لشدة الحزن. القاموس المحيط. أي أسكته الهم وغلبته الكآبة.

(٢) القعص : الموت. ومات قعصا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه. القاموس المحيط

(٣) بنو الأصفر : هم الروم

(٤) الغاية : الراية. القاموس المحيط

(٥) صحيح البخاري : ٤ / ٦٨ باب ما يحذر من الغدر

(٦) سنن أبي داود : ٤ / ١١٠ الحديث ٤٢٩٣

(٧) سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٤٢

(٨) ورواه الواسطي في فضائل البيت المقدس صفحة ٥٢ ، ٥٣ بسند آخر ، وألفاظ متقاربة.

(٩) انظر فهرس شيوخ المؤلف

٧٠

ستّ من أشراط السّاعة : موتي ، وفتح بيت المقدس ، وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم ، وفتنة يدخل حربها بيت كلّ مسلم ، وأن يعطى الرجل ألف دينار فيتسخّطها ، وأن يغدر الروم فيسيرون (١) في ثمانين بندا (٢) ، تحت كلّ بند اثنا عشر ألفا.

كذا رواه الإمام أحمد (٣) بن حنبل (٤) في مسنده (٥).

باب في ذكر عمران بيت المقدس

٤٣ ـ أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني (٦) بقراءتي عليه بأصبهان ، قلت له : أخبرتكم فاطمة بنت عبد الله وأنت تسمع ، أنبا محمد بن عبد الله ، أنبا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن جعفر الرازي ، ثنا علي بن الجعد.

قال سليمان بن أحمد : وحدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي ، ثنا غسان بن الربيع ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية ، وفتح القسطنطينية خروج الدجّال.

رواه الإمام أحمد (٧) في مسنده ، عن أبي النضر ، وزيد بن الحباب ، عن عبد الرحمن بن ثوبان بنحوه. ورواه أبو داود (٨) في سننه عن عباس العنبري ، وأبي النضر

__________________

(١) اللوحة ٤٥ ب

(٢) البند : العلم الكبير. القاموس المحيط

(٣) مسند الإمام أحمد ٥ / ٢٢٨

(٤) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٣٢٣ : رواه أحمد والطبراني وفيه النهاس بن قهم وهو ضعيف

(٥) في هامش الأصل : (بلغت قراءة بالجامع) وبعدها (بلغ عبد الرحمن قراءة). وبعدها (بلغ محمد بن سليمان ، في الثاني)

(٦) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٧) مسند الإمام أحمد ٥ / ٢٣٢

(٨) سنن أبي داود ٤ / ١١٠ ، الحديث رقم ٤٢٩٤

٧١

هاشم بن القاسم (١)(٢).

باب ذكر أن المهدي ينزل بيت المقدس

٤٤ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر بن أبي الفتح الأصبهاني (٣) بها ، أن أبا علي الحسن بن أحمد بن الحداد أخبرهم وهو حاصر ، أنبا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا أحمد هو ابن عبد الرحمن الحراني ، ثنا أبو جعفر هو النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن أبي الواصل ، عن أبي الصديق الناجي ، عن الحسن بن يزيد السعدي أحد بني بهدلة ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

يخرج رجل من أمتي يقول بسنّتي ، ينزل الله له القطر من السماء ، ويخرج له الأرض من بركتها ، تمتلئ الأرض منه قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يعمل على هذه الأمّة سبع سنين وينزل بيت المقدس.

قال الطبراني : روى هذا الحديث جماعة عن أبي الصديق ، ولم يدخل أحد ممن رواه بينه وبين أبي سعيد الخدري أحد إلا أبو الواصل (٤).

ذكر أن الطائفة التي على الحق

تكون ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس

قد تقدم هذا في (٥) الجزء (٦) الأول (٧).

__________________

(١) ورواه الواسطي في فضائل البيت المقدس صفحة ٥٤ بإسناد آخر وألفاظ مقاربة

(٢) في هامش الأصل : (بلغ إسماعيل قراءة).

(٣) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٤) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٣١٧ : قلت : رواه الترمذي وابن ماجه باختصار رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم.

(٥) اللوحة ٤٦ آ

(٦) يقصد بالجزء الأول من كتابه الذي هو فضائل الشام والذي يؤلف كتابنا هذا جزأه الثاني انظر المقدمة

(٧) لعله يشير إلى الحديث النبوي :

٧٢

باب في الإسراء بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيت المقدس

٤٥ ـ أخبرنا أبو علي ضياء بن أبي القاسم بن أبي علي النّصري (١) بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : أخبركم أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قراءة عليه وأنت تسمع ، ثنا أبو محمد الحسن بن محمد الجوهري إملاء ، أنبا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قراءة عليه وأنا أسمع ، ثنا بشر بن موسى الأسدي ، ثنا هوذة (٢) بن خليفة ، ثنا عوف ، عن زرارة بن أوفى قال : قال ابن عباس رضي‌الله‌عنهما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة فظعت (٣) بأمري وعرفت أنّ الناس مكذّبي ، قال : فقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معتزلا حزينا فمرّ به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل كان من شيء؟ قال : نعم. قال : وما هو؟ قال : إني أسري بي الليلة ، قال : إلى أين؟ قال : إلى بيت المقدس ، قال : ثمّ أصبحت بين ظهرانينا؟ قال : نعم. قال : فلم يره أنّه يكذبّه مخافة أن يجحد

__________________

عن أبي صالح الخولاني ، عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة».

وروى الواسطي في فضائل البيت المقدس ص ٦٢

عن أبي أمامة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ... حتى يأتيهم أمر الله عزوجل وهم كذلك. قالوا : يا رسول الله ، وأين هم؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس

(١) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٨ / ٢٤٦

(٣) في مجمع الزوائد ١ / ٦٤ : (فضعت) وفي هامشه : [في زوائد البزار : (ففظعت) هكذا وجدته فيها بخطه ، وأورده في النهاية بالظاء فقال فيه : فظعت بأمري أي اشتد عليّ وهبته] انتهى. ففي إيراد المصنف له بالضاد في المجمع نظر ، ولكنه أورده في زوائد البزار بالظاء بخطه ، ولم أر هذه اللفظة في زوائد الكبير والصغير والوسط. كما في هامش الأصل.

قلت : وفي مسند الإمام أحمد : (فظعت) كما ورد عند المؤلف

٧٣

الحديث إن دعا قومه وقال له : أتحدّث قومك ما حدّثتني إن دعوتهم إليك؟ قال : نعم. قال : هيا يا معشر بني كعب ، قال : قال : فتنقّضت المجالس فجاؤوا حتى جلسوا إليهما فقال : حدّث قومك ما حدثتني. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّي أسري بي الليلة ، قالوا : إلى أين؟ قال : إلى بيت المقدس. قالوا : ثمّ أصبحت بين ظهرانينا؟ قال : نعم. قال : فمن بين مصفق ، ومن بين واضع يده على رأسه مستضحكا لما زعم ، فقالوا : أتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فذهبت أنعت لهم ، فما زلت أنعت وأنعت حتى التبس عليّ النّعت. قال : فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتّى وضع دون دار عقيل أو دار عقال ، قال : فنعتّه وأنا أنظر إليه فقال القوم أمّا النعت فقد ـ والله ـ أصاب.

(رواه الإمام أحمد (١) ، عن محمد بن جعفر (٢) ، وروح عن عوف (٣)).

٤٦ ـ أخبرنا الإمام أبو بكر القاسم (٤) بن عبد الله بن عمر بن الصفار بنيسابور ، أن وجيه بن طاهر الشحامي أخبرهم قراءة عليه ، أنبا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الأزهري قراءة عليه ، أنبا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن المخلدي ، أنبا أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا علي بن مسلم الطوسي ، ثنا أبو داود ، ثنا ابن أبي سلمة ، أخبرني عبد الله بن الفضل ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي إلى بيت المقدس يسألوني عن أشياء من بيت المقدس ، فكربت كربا ما كربت مثله قطّ ، فرفعه الله لي أنظر إليها ، فما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به ، ورأيتني في جماعة من الأنبياء ،

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ٤ / ٣٠٩

(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد : ١ / ٦٥ : رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح

(٣) ما بين قوسين ألحق في الهامش

(٤) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٤٣ ، والتكملة لوفيات النقلة ٣ / ٦٦

٧٤

فرأيت موسى قائما يصلي ، رجل جعد كأنّه من رجال شنوءة. ورأيت عيسى قائما يصلي أشبه النّاس به شبها عروة بن مسعود الثّقفي (١) ، ورأيت إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائما يصلي أشبه النّاس بصاحبكم ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وحانت الصلاة فأممتهم ، فلمّا فرغت من صلاتي ، قيل : يا محمد ، هذا مالك صاحب النّار فسلّم عليه ، فالتفتّ لأسلم عليه فبدأني بالسّلام.

رواه مسلم (٢) ، عن زهير بن حرب ، عن حجين بن المثنى ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، إلا أنّ فيه :

فرفعه الله لي أنظر إليه (٣)

٤٧ ـ أخبرنا أبو مسلم المؤيد (٤) بن عبد الرحيم بن الإخوة بقراءتي عليه بأصبهان ، قلت له : أخبركم زاهر بن طاهر الشحامي قراءة عليه ، أنبا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي ، أنبا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي ، أنبا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

لمّا كذّبني قريش قمت في الحجر ، فجلا الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه.

صحيح أخرجه البخاري (٥) عن ابن بكير. ورواه مسلم (٦) عن قتيبة كلاهما عن الليث. وعندهما : لمّا كذّبتني. والله أعلم.

__________________

(١) عروة بن مسعود بن معتب الثقفي ، صحابي مشهور ، كان كبيرا في قومه استشهد سنة ٩ للهجرة. الأعلام ٤ / ٢٢٧

(٢) صحيح مسلم ١ / الحديث ١٧٢ ، كتاب الإيمان باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال

(٣) اللوحة ٤٦ ب

(٤) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٥) صحيح البخاري ٤ / ٢٤٧ باب حديث الإسراء

(٦) صحيح مسلم ١ / الحديث ١٧٠ كتاب الإيمان باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال.

٧٥

٤٨ ـ أخبرنا أبو المجد زاهر (١) بن أحمد بن حامد الثقفي بأصبهان ، أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم قراءة عليه ، أنبا إبراهيم بن منصور سبط بحرويه ، أنبا محمد بن إبراهيم بن المقرئ ، ثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، ثنا شيبان ، ثنا حماد ، حدثنا ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

أتيت بالبراق وهو دابّة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس ، قال : فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثمّ دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت.

رواه مسلم في صحيحه (٢) أطول (٣) من هذا عن شيبان بن فرّوخ (٤).

٤٩ ـ أخبرنا الإمام أبو بكر القاسم بن عبد الله بن عمر بن الصفار (٥) بنيسابور أن أبا بكر وجيه بن طاهر الشحامي أخبرهم قراءة عليه ، أنبا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الأزهري ، أنبا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي ، أنبا أبو العباس السراج ، ثنا محمد بن رافع ، ثنا عبد الرزاق ، أنبا معمر ، عن قتادة ، عن أنس :

أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجا ملجما ليركبه فاستصعب عليه ، فقال له جبريل : ما يحملك على هذا؟! فو الله ما ركبك أحد قطّ أكرم على الله منه ، فارفضّ عرقا.

رواه الإمام أحمد (٦) ، ومحمد بن يحيي النيسابوري ، وعبد بن حميد وغيرهم عن

__________________

(١) انظر فهرس شيوخ المؤلف

(٢) صحيح مسلم ١ / الحديث ١٦٢ باب الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السموات وفرض الصلوات.

(٣) سيورد المؤلف ذلك في الحديث رقم ٥١

(٤) في هامش الأصل (من هنا سمع الحريري) ثم (بلغ إسماعيل).

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٦) مسند الإمام أحمد ٣ / ١٦٤

٧٦

عبد الرزاق ، وأخرجه الترمذي (١) عن إسحاق بن منصور ، عن عبد الرزاق. قال : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق.

قلت : لعله أراد عن معمر ، فقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

٥٠ ـ أخبرنا زاهر بن أحمد الثقفي (٢) بأصبهان ، أن الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم قراءة عليه ، أنبا إبراهيم بن منصور ، أنبا محمد بن إبراهيم ، أنبا أبو يعلى الموصلي ، ثنا عبد الرحمن بن المتوكل المقري ، ثنا يحيي بن واضح ، ثنا الزبير بن جنادة ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

ليلة أسري بي انتهيت إلى بيت المقدس ، فخرق جبريل صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصخرة بأصبعه وشدّ بها البراق.

رواه الترمذي (٣) ، عن يعقوب بن إبراهيم ، عن أبي ثميلة يعني يحيي بن واضح (٤).

٥١ ـ أخبرنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي (٥) أن الحسين بن عبد الملك الخلال أخبرهم قراءة عليه ، أنبا إبراهيم بن منصور

وأنا زاهر بقراءتي عليه أن إسماعيل بن الإخشيد أخبرهم كتابة ، أنبا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قالا : أنبا محمد بن إبراهيم ، أنبا أحمد بن علي الموصلي ، ثنا هدبة بن خالد ، ثنا حماد بن سلمة ، أنبا ثابت ، عن أنس بن مالك :

أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتي بالبراق ، وهو دابّة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره حتى منتهى طرفه. قال : فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثم دخلت المسجد فصليت

__________________

(١) سنن الترمذي ٨ / ٢٨٧ الحديث ٣١٣٠

(٢) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٣) سنن الترمذي ٨ / ٢٨٧ الحديث ٢١٣١

(٤) اللوحة ٤٧ آ

(٥) انظر فهرس شيوخ المؤلف

٧٧

ركعتين ، ثم خرجت ، فأتاني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن ، فأخذت اللّبن فقال لي جبريل : اخترت الفطرة (١) ، قال : ثم عرج بنا إلى السّماء الدّنيا ، فاستفتح جبريل فقيل : من أنت؟ فقال : جبريل. فقيل : من معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بآدم فرحّب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ؛ فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ؛ فقيل : من معك؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ، فرحّبا ودعوا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك؟ قال : محمد ؛ قيل : وقد أرسل إليه قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحّب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل (٢) فقيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد أرسل إليه (٣)؟ قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس فرحّب ودعا لي بخير قال : يقول الله عزوجل : (ورفعناه مكانا عليا) (٤) ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ؛ فقيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : أو قد أرسل إليه؟ قال : قد أرسل إليه. ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون فرحّب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ؛ قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : وقد (٥) أرسل إليه؟ قال : قد أرسل

__________________

(١) الفطرة : فسرها العلماء هنا بالإسلام والاستقامة.

(٢) في صحيح مسلم : (فاستفتح جبريل عليه‌السلام ، قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ ...)

(٣) في صحيح مسلم بعدها : (قال : قد بعث إليه ...)

(٤) سورة مريم الآية : ٥٧

(٥) اللوحة ٤٧ ب

٧٨

إليه ، ففتح لنا فإذا أبا بموسى عليه‌السلام (١) ، فرحّب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل : فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : قد أرسل إليه ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإذا هو مسند ظهره إلى البيت المعمور ، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى (٢) ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال (٣) فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت ، فما أحد من خلق الله يحسن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى إلي ما أوحى وفرضت عليّ في كلّ يوم خمسون صلاة. قال : فنزلت إلى موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ما فرض على أمتك؟ قلت : خمسون صلاة في كلّ يوم وليلة ، قال : أمتك لا تطيق ذاك فارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف. قال : فرجعت إلى ربّي قلت : أي ربّ خفّف عن أمتي ، فحطّ عني خمسا. فرجعت إلى موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ما فعلت؟ قال قلت : حطّ عني خمسا. قال : إنّ أمتك لا تطيق ذاك ، ارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف ، فلم أزل أرجع فيما بين ربي وبين موسى. قال : يا محمد هي خمس صلوات في كلّ يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة. ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت عشرا. ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب شيء ، وإن عملها كتبت سيئة واحدة. فرجعت إلى موسى فأخبرته قال : ارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف ؛ قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت.

__________________

(١) في هامش الأصل : (من هنا سقط من نسخة الخلال ، وهو في رواية الإخشيد) وانظر في ذلك سند هذا الحديث.

(٢) قال ابن عباس والمفسرون : سميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) القلال : جمع قلة ، وهي جرّة كبيرة تسع قربتين أو أكثر.

٧٩

رواه مسلم (١) في صحيحه بطوله عن شيبان بن فرّوخ ، عن حمادّ بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس (٢) بمعناه (٣).

٥٢ ـ أخبرنا أبو المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم بن سليمان بن البانياسي (٤) قراءة عليه ونحن نسمع سنة سبع وسبعين وخمس مئة بدمشق ، قيل له : أخبركم أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين السلمي الموازيني قراءة عليه سنة ثلاثة عشرة وخمس مئة قال : أنبا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قراءة عليه وهو يسمع سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة قال : قرئ على القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس الميانجي سنة أربع وسبعين وثلاث مئة وأنا حاضر أسمع قيل له : أخبركم أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي قراءة عليه ، ثنا محمد بن إسماعيل الوساوسي (٥) ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن يحيى بن أبي عمرو السّيباني ، عن أبي صالح مولى أم هانئ عن أمّ هانئ قالت :

دخل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغلس ، وأنا على فراشي فقال : شعرت أنّي نمت الليلة في المسجد الحرام فأتاني جبريل عليه‌السلام فذهب بي إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فركبته ، فكان يضع حافره مدّ بصره ، إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه وجبريل عليه‌السلام لا يفوتني حتى انتهينا إلى بيت المقدس فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها فنشر لي رهط من

__________________

(١) صحيح مسلم ١ / الحديث ١٦٢٢ صفحة ١٤٥ باب الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.

(٢) في هامش الأصل : بلغ مقابلة.

(٣) اللوحة ٤٨ آ

(٤) انظر فهرس شيوخ المؤلف.

(٥) في هامش الأصل : (الوساوسي ضعفه الدارقطني ا ه) وانظر في ذلك ميزان الاعتدال ٣ / ٤٨١ وقال الذهبي فيه : «قلت : له حديث في الإسراء سقته في الترجمة النبوية» قلت ورد قسم منه في تاريخ الإسلام للذهبي ١ / ١٤٣

٨٠