تذكرة الفقهاء - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦

استعماله مطلقاً.

وقال أبو إسحاق من الشافعية : لا يجوز أن يستعمل من موضع يكون بينه وبين النجاسة أقل من قلّتين (١). وغلطه الباقون ، إذ الاعتبار بالمجموع ، ولو كانت مائعة واستحالت ولم تغير لم تنجس.

السادس : لو كان قدر كرّ خاصة ، والنجاسة متميزة ، فاغترف بإناء ، فالمأخوذ وباطن الإناء طاهران ، والباقي وظاهر الاناء نجسان.

ولو حصلت النجاسة فيه انعكس الحال في الماء والإناء ، فإن نقط نجس الباقى إن كان النقط من باطنه ، وإلّا فلا.

السابع : لو نبع الماء من تحته لم يطهره وإن أزال التغيّر ، خلافاً ، للشافعي (٢) ، لأنا نشترط في المطهر وقوعه كرا دفعة.

مسألة ٥ : الماء القليل ينجس بملاقات النجاسة ، ذهب إليه أكثر علمائنا (٣) ، وممن فرق بين القليل والكثير ـ وإن اختلفوا في حدّ الكثرة ـ ابن عمر ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو حنيفة وأصحابه ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، والمزني (٤). لقوله عليه‌السلام : ( إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا ) رواه الجمهور (٥) ، وعن الكاظم عليه

__________________

١ ـ المجموع ١ : ١٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٤.

٢ ـ الاُم ١ : ٥ ، المجموع ١ : ١٣٢.

٣ ـ اُنظر المبسوط للطوسي ١ : ٧ ، المعتبر : ١١ ، المراسم : ٣٦ ، المهذب لابن البراج ١ : ٢١.

٤ ـ الاُم ١ : ٤ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤ ، مختصر المزني : ٩ ، المجموع ١ : ١١٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤٠ ، المحلى ١ : ١٥٠ ، المغني ١ : ٥٣.

٥ ـ سنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ ، سنن الدارقطني ١ : ١٦ / ٧ ، نيل الأوطار ١ : ٣٧.

٢١

السلام : الدجاجة تطأ العذرة ثم تدخل في الماء ، أيتوضأ منه؟ « فقال » : لا (١) ولأنّه لقلته في مظنة الأنفعال فكان كالتغير في الكثير.

وقال ابن أبي عقيل منّا : لا فرق بين القليل والكثير في أنهما لا ينجسان إلّا بالتغيّر (٢) ، وهو مروي عن ابن عباس ، وحذيفة ، وأبي هريرة ، والحسن ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وابن أبي ليلى ، وجابر بن زيد ، وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، وداود ، وابن المنذر (٣) ، لقوله عليه‌السلام : ( الماء طهور لا ينجسه شيء إلّا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ) (٤) ويبطل بتقديم الخاص مع التعارض.

فروع :

الأول : ينجس القليل بما لا يدركه الطرف من الدم ، كرؤوس الإبر ، لما تقدم. وقال الشيخ : لا ينجس (٥) ، لقول الكاظم عليه‌السلام وقد سئل عن رجل امتخط فصار الدم قطعاً ، فأصاب إناء‌ه ، هل يصلح الوضوء منه؟ قال : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس ، وإن كان شيئاً بيّنا فلا يتوضأ منه » (٦) ولا حجة فيه ، إذ إصابة الاناء لا تستلزم إصابة الماء.

وللشافعي قول بعدم التنجيس في الدم وغيره (٧).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٩ ، قرب الاسناد : ٨٤.

٢ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ١٠.

٣ ـ المجموع ١ : ١١٣ ، المغني ١ : ٥٤ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤ ، نيل الأوطار ١ : ٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤.

٤ ـ المهذب للشيرازي ١ : ١٢.

٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٧.

٦ ـ الكافي ٣ : ٧٤ / ١٦ ، التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٣ / ٥٧ ، البحار ١٠ : ٢٥٦.

٧ ـ فتح العزيز ١ : ٢٠٩ ، المجموع ١ : ١٢٦ ، الاشباه والنظائر للسيوطي : ٤٣٢ ، مغني المحتاج ١ : ٢٤.

٢٢

الثاني : لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا إنّ اعتدل الماء ، وإلّا في حق السافل ، فلو نقص الأعلى عن كر انفعل بالملاقاة ، ولو كان أحدهما نجساً فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة مع الممازجة ، لأنّ النجس لو غلب الطاهر نجّسه مع الممازجة فمع التمييز يبقى على حاله.

الثالث : لو استهلك القليل المضاف وبقي الاطلاق جازت الطهارة به أجمع ، وكذا النجس في الكثير.

الرابع : النجس لا يجوز استعماله في طهارة الحدث والخبث مطلقاًً ، ولا في الأكل والشرب ، إلّا مع الضرورة.

الخامس : لا يطهر القليل بالاتمام كرا ، لأنفعاله بالنجاسة ، فكيف يرفعها عن غيره؟

وقال المرتضى في الرسية : يطهر ، لأنّ البلوغ يستهلك النجاسة ، ولا فرق بين وقوعها قبل البلوغ وبعده (١). وهو ممنوع.

وللشافعي قولان (٢).

السادس : لو جمع بين نصفي كر نجس لم يطهر على الاشهر ، لأنّ كلا منهما لا يرفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولى.

وقال بعض علمائنا : يطهر (٣) ، وبه قال الشافعي (٤) ، لقوله عليه

__________________

١ ـ رسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٦١.

٢ ـ المجموع ١ : ١٣٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢٣ ، فتح العزيز ١ : ٢١١ ، مختصر المزني : ٩.

٣ ـ هو ابن البراج في المهذب ١ : ٢٣.

٤ ـ المجموع ١ : ١٣٦ ، فتح العزيز ١ : ٢١١ ، الاُم ١ : ٥.

٢٣

السلام : ( إذا بلغ الماء قلّتين ـ أو كراً على الخلاف ـ لم يحمل خبثاً ) (١) ، ولم يثبت عندنا.

السابع : لو تيقن أحد طرفي الطهارة والنجاسة ، وشك في الآخر ، عمل على المتيقن ، ولو شك في استناد التغيّر إلى النجاسة بنى على الأصل ، والأقرب البناء على الظن فيهما ، للبناء على الأصل والاحتياط.

الثامن : لو أخبره العدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، قال ابن البراج : وكذا العدلان (٢) وليس بجيد ، لوجوب رده مبيعاً (٣) ، ولو تعارضت البينتان فكالمشتبه. ولو أخبره الفاسق بطهارة مائه قبل ، ولو أخبره بنجاسته فإن كان بعد الطهارة لم يلتفت ، وإن كان قبلها فالأقرب القبول.

التاسع : لو شك في وقوع النجاسة قبل الاستعمال فالاصل الصحة ، ولو علم السبق وشك في بلوغ الكرية ينجس ، ولو رأى في الكر نجاسة بنى على الطهارة وإن شك في وقوعها قبل الكرية ، ولو شك في نجاسة الميت فيه فكذلك.

العاشر : الكثير لا ينفعل بالنجاسة ، ولا شيء منه إلّا بالتغير ، وبه قال الشافعي (٤) للحديث (٥).

__________________

١ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٦ / ٧ و ١٥ ، سنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ ، سنن البيهقي ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.

٢ ـ المهذب ١ : ٣٠.

٣ ـ ورد ما بين القوسين في الطبع الحجري : متعيّنا. وهو تصحيف. والمراد كما في هامش نسخة ( ن ) : إذا كان مبيعا وشهد عدلان بنجاسته ردّه المشتري على البائع ، فلو لم يقبل العدلان لم يجب ردّه.

٤ ـ مغني المحتاج ١ : ٢١ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤ ، الوجيز ١ : ٧ ، الاُم ١ : ٤ ، المجموع ١ : ١١٢.

٥ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٤ / ١ ـ ٥ ، سنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ ، نيل الأوطار ١ : ٣٧.

٢٤

وقال أبو حنيفة أنّه ينجس ، ولو كان بحراً لا ينجس جميعه ، بل القدر الذي يتعدى إليه لون النجاسة (١).

مسألة ٦ : الأقوى أن ماءً البئر إنّما ينجس بالتغير بالنجاسة ، لقول الرضا عليه‌السلام : « ماءً البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن ينتن » (٢).

والاشهر عند علمائنا التنجيس (٣) ، لقول الكاظم عليه‌السلام : « يجزيك أن تنزح منها دلاء‌ا فإن ذلك يطهرها » (٤).

وقسموا النجاسة أقساماً :

الأول : ما يوجب نزح الجميع ، وهو موت البعير ، وانصباب الخمر ، لقول الصادق عليه‌السلام : « فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلتنزح » (٥) وأفتى الصدوق بعشرين دلوا في قطرة الخمر ، والجميع في الثور (٦).

وألحق الشيخ المني ، والفقاع ، ودم الحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، وغير المقدّر (٧) ، وألحق أبو الصلاح بول وروث مالا يؤكل لحمه (٨) ، وابن البراج عرق الابل الجلالة والجنب من الحرام (٩).

__________________

١ ـ تفسير القرطبي ١٣ : ٤٢ ، اللباب ١ : ٢٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤٠.

٢ ـ الكافي ٣ : ٥ / ٢ ، التهذيب ١ : ٤٠٩ / ١٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٣ / ٨٧.

٣ ـ المعتبر : ١٢ ، المقنعة : ٩ ، المهذب لابن البراج ١ : ٢١ ، المبسوط للطوسي ١ : ١١.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٣٧ / ٦٨٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧ / ١٠١.

٥ ـ الكافي ٣ : ٦ / ٧ ، التهذيب ١ : ٢٤٠ / ٦٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩٢.

٦ ـ المقنع : ١١ ، الهداية : ١٤ ، الفقيه ١ : ١٢ ـ ١٣.

٧ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١١ ـ ١٢.

٨ ـ الكافي في الفقه ١ : ١٣٠.

٩ ـ المهذب ١ : ٢١.

٢٥

وإذا تعذر نزح الجميع تراوح عليها أربعة رجال يوماً ، كلّ اثنين دفعة.

الثاني : ما يوجب نزح كرّ ، وهو موت الحمار ، والبغل ، والفرس ، والبقرة.

الثالث : ما ينزح له سبعون دلوا ، وهو موت الانسان لقول الصادق عليه‌السلام : « فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا » (١) ولا فرق بين الصغير والكبير ، والمسلم ، والكافر.

وقال بعض أصحابنا : ينزح للكافر الجميع ، لأنّه لو كان حياًَ لوجب الجميع ، حيث لم يرد فيه نصّ ، والموت لا يزيل النجاسة (٢).

ويضعف بزوال الكفر به.

الرابع : ما ينزح له خمسون دلواً وهو العذرة الذائبة ، والدم الكثير غير الثلاثة ، كذبح الشاة ، وقال المفيد : في الكثير عشر دلاء (٣).

الخامس : ما ينزح له أربعون ، وهو موت الكلب ، والخنزير ، والشاة والثعلب ، والأرنب ، والسنور ، وما في قدر جسمه ، وبول الرجل.

وقال الصدوق : في السنور سبع ، وفي الشاة تسع أو عشر (٤).

السادس : ما ينزح له ثلاثون ، وهو ماءً المطر وفيه خرؤ الكلب ، والبول والعذرة.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٣٥ / ٦٧٨.

٢ ـ هو ابن إدريس في السرائر : ١٠.

٣ ـ المقنعة : ٩.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٢ و ١٥.

٢٦

السابع : ما ينزح له عشر : وهو الدم القليل كذبح الطير ، والعذرة اليابسة.

الثامن : ما ينزح له سبع ، وهو الفأرة إذا تفسخت ، أو انتفخت ، وبول الصبي ، واغتسال الجنب ـ قال الشيخ : ولا يطهر (١) ـ وخروج الكلب حياًَ ، وموت الطير كالحمامة والنعامة.

[ التاسع : ما ينزح له خمس ، وهو ذرق الدجاج ، وقيده الأكثر بالجلال.

العاشر : ما ينزح له ثلاث ، وهو الفأرة إذا لم تتفسخ ولم تنتفخ ، والحية ] (٢).

الحادي عشر : ما ينزح له دلو واحد ، وهو العصفور وما في قدره.

وعندي أن ذلك كله مستحب ، وقد بينت الخلاف والحجاج في منتهى المطلب (٣) على الاستقصاء.

إذا عرفت هذا فعند الشافعي أن ماءً البئر كغيره ينجس إن كان دون القلتين ، وإن كان أزيد فلا ، ثم إنّ تنجس وهو قليل لم يطهر بالنزح ، لأنّ قعر البئر يبقى نجساً ، بل يترك ليزداد أو يساق إليه الماء الكثير.

وإن كان كثيراً نجس بالتغير فيكاثر إلى زوال التغيّر أو يترك حتى يزول التغيّر بطول المكث أو ازدياد الماء.

ولو تفتت الشيء النجس كالفأرة بتمعط شعرها فيه ، فالماء على

__________________

١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٢.

٢ ـ ما بين المعقوفتين لم يرد في نسخة ( م ).

٣ ـ منتهى المطلب ١ : ١٠ ـ ١٢.

٢٧

طهارته ، لعدم التغيّر ، ولا ينتفع به ، لأنّ ما يستقى يوجد فيه شيء من النجاسة ، فينبغي أن يستقى إلى أن يغلب ظن خروج أجزائها (١).

وقال أبو حنيفة : إذا وقعت في البئر نجاسة نزحت فتكون طهارة لها ، فإن ماتت فيها فأرة أو صعوة ، أو سام أبرص نزح منها عشرون دلوا إلى ثلاثين ، وفي موت الحمامة أو الدجاجة أو السنور ما بين أربعين إلى ستين ، وفي الكلب أو الشاة أو الآدمي جميع الماء (٢).

فروع :

الأول : لو تغير الماء نجس إجماعاً ، وطهر بنزح ما يزيله على الأقوى ، لزوال الحكم بزوال علته ، وقال الشيخان : نزح الجميع فإن تعذر نزح حتى يطيب (٣) ، وقال المرتضى ، وابن بابويه : يتراوح الاربعة لانقهاره بالنجاسة فيجب إخراجه (٤).

الثاني : لو تغير بما نجاسته عرضيّة ، كالمسك والدبس والنيل لم ينجس ، وكذا الجاري وكثير الواقف ، خلافاً للشيخ (٥) ، لأنّ التغيّر ليس بالنجاسة.

الثالث : الحوالة في الدلو على المعتاد ، لعدم التقدير الشرعي ، ولو اخرج بإناء عظيم ما يخرجه العدد فالأقوى الإجزاء.

الرابع : يجزي النساء والصبيان في التراوح ، لصدق القوم عليهم ، ولا بد من اثنين اثنين ، ولو نهض القويان بعمل الاربعة فالأقرب الاجزاء.

__________________

١ ـ المجموع ١ : ١٤٨.

٢ ـ اللباب ١ : ٢٤ ـ ٢٦ ، الهداية ١ : ٨٦ و ٨٩.

٣ ـ المقنعة : ٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ١١ ، النهاية : ٧.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٣ / ٢٤ ، وحكى قول المرتضى المحقق في المعتبر : ١٨.

٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥.

٢٨

الخامس : لا يفتقر النزح إلى النيّة ، ويجزي المسلم والكافر مع عدم التعدي ، والعاقل والمجنون.

السادس : ما لم يقدر فيه منزوح قيل : يجزي أربعون ، وقيل : الجميع (١). ولو تعدّدت النجاسة فالأقوى التداخل وإن اختلفت.

السابع : لو جفت البئر قبل النزح ثم عاد سقط ، إذ طهارتها بذهاب مائها الحاصل بالجفاف ، ولو سيق الجاري إليها طهرت.

الثامن : لا تنجس جوانب البئر ، ولا يجب غسل الدلو.

التاسع : لو خرج غير المأكول حيّاً لم ينجس الماء.

وقال أبو حنيفة : إنّ خرجت الفأرة وقد هربت من الهرة نجس الماء وإلّا فلا (٢) ، وليس بشيء.

العاشر : لو وجدت النجاسة بعد الاستعمال لم تؤثر وإن احتمل سبقها.

وقال أبو حنيفة : إنّ كانت الجيفة منتفخة أو متفسخة أعاد صلاة ثلاثة أيام وإلّا صلاة يوم وليلة (٣). وليس بشيء.

الحادي عشر : لا ينجس البئر بالبالوعة وإن تقاربتا ما لم تتصل عند الأكثر (٤) أو تتغيّر عندنا ، نعم يستحب التباعد خمسة أذرع إنّ كانت الأرض صلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلّا فسبع ، ولو تغير الماء تغيرا يصلح

__________________

١ ـ قال بالأول ابن حمزة في الوسيلة : ٧٤ ـ ٧٥ ، وقال بالثاني ابن إدريس في السرائر : ١٢ ـ ١٣ ، والمحقق في المعتبر : ١٩ ، وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط ١ : ١٢.

٢ ـ الاشباه والنظائر لابن نجيم : ٣٩٤ ، غمز عيون البصائر ٤ : ١٦٥.

٣ ـ اللباب ١ : ٢٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٥٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٧٨ ، المحلى ١ : ١٤٤.

٤ ـ منهم الشيخ في المبسوط ١ : ٣١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٧ ، والمحقق في المعتبر : ١٩.

٢٩

استناده إليها أحببت الاحتراز عنها.

الثاني عشر : لو زال التغيّر بغير النزح ووقوع الجاري فيها ، فالأقرب وجوب نزح الجميع لا البعض ، وإن زال به التغيّر لو كان.

* * *

٣٠

الفصل الثاني : في المضاف

مسألة ٧ : المضاف ما لا يصدق إطلاق الاسم عليه إلّا بقرينة ، ويمكن سلبه عنه ، كالمعتصر ، والمصعد ، والممزوج مزجاً يسلبه الاطلاق ، وهو طاهر إجماعاً ، ولا يرفع الحدث ، لقوله تعالى : ( فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدا ) (١) وقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الوضوء باللبن : « إنّما هو الماء والصعيد » (٢).

وقول الصدوق بجواز الوضوء بماء الورد (٣) لقول أبي الحسن عليه‌السلام في الرجل يتوضأ بماء الورد ويغتسل به ، قال : « لا بأس » (٤) محمول على اللغوي أو على الممتزج بماء الورد بحيث لا يسلبه الاطلاق ، وإجماع الامامية على ذلك ، وبه قال الشافعي (٥).

وقال أبوبكر الاصم ، وابن أبي ليلى : يجوز الوضوء بالمياه المعتصرة

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٨٨ / ٥٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٥٥ / ٥٣٤.

٣ ـ الهداية : ١٣ ، الفقيه ١ : ٦ ، أمالي الصدوق : ٥١٤.

٤ ـ الاستبصار ١ : ١٤ / ٢٧ ، التهذيب ١ : ٢١٨ / ٦٢٧ ، الكافي ٣ : ٧٣ / ١٢.

٥ ـ المجموع ١ : ٩٣ ، الاُم ١ : ٧.

٣١

لأنّه يسمى ماء‌اً (١). وهو غلط.

وقال أبو حنيفة : يجوز الوضوء بنبيذ التمر إذا طبخ واشتد عند عدم الماء في السفر ، لرواية ابن مسعود أنّه كان مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الجن (٢) فأراد أن يصلّي صلاة الفجر فقال : ( أمعك وضوء؟ ) فقال : لا معي إداوة فيها نبيذ. فقال : ( تمرة طيبة وماء طهور ) (٣) (٤) وتوضأ به. وهو خطأ.

قال ابن المنذر : راويه أبو زيد ، وهو مجهول (٥). وأنكر جماعة صحبة ابن مسعود ليلة الجن (٦) ، ولو سلم فهو محمول على بقاء الاطلاق ، لأنّهم شكوا ملوحة الماء فأمرهم عليه‌السلام بنبذ تمر قليل في الشن (٧).

والحق المنع ، وأنه نجس ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وأبو عبيد ، وداود (٨) ، لقوله تعلى : ( فلم تجدوا ماءً فتيمموا ) (٩).

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٩٣ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٩ ، المغني ١ : ٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤١.

٢ ـ اُنظر : دلائل النبوة ـ للبيهقي ـ ٢ : ٢٢٧ و ٢٣٠ ، وفتح الباري ٧ : ١٣٥ ـ ١٣٦.

٣ ـ مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ٢٥ ـ ٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٣٥ / ٣٨٤ ، سنن الترمذي ١ : ١٤٧ / ٨٨ ، سنن ابي داود ١ : ٢١ / ٨٤ ، سنن البيهقي ١ : ٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٧٨ / ١٦.

٤ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨٨ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥ ، الجامع الصغير : ٧٤ ، المجموع ١ : ٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٥١ ، المغني ١ : ٣٨ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٨ ، المحلى ١ : ٢٠٣.

٥ ـ المغني ١ : ٣٩.

٦ ـ صحيح مسلم ١ : ٣٣٢ / ٤٥٠ ، المجموع ١ : ٩٤ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦.

٧ ـ اُنظر الكافي ٦ : ٤١٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٠ / ٦٢٩ ، الاستبصار ١ : ١٦ / ٢٩.

٨ ـ المجموع ١ : ٩٣ ، المغني ١ : ٣٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥٢ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٥٢ ، المحلى ١ : ٢٠٣ ، سنن الترمذي ١ : ١٤٨.

٩ ـ المائدة : ٦.

٣٢

مسألة ٨ : ولا يجوز إزالة الخبث به عند أكثر علمائنا (١) ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وزفر ، ومحمد بن الحسن (٢) لقصوره عن رفع الوهمية فعن رفع الحقيقية أولى ، ولأنّها طهارة تراد لاجل الصلاة فلا تحصل بالمائعات ، كطهارة الحدث ، ولأنّ الأمر ورد بالغسل بالماء فلا يصح بغيره.

وقال السيد المرتضى : يجوز (٣) ، وبه قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف (٤) لأنّه طاهر مائع بيقين ، فيزيل النجاسة كالماء.

ويبطل بأن الماء يحصل به الوضوء ، بخلاف المائعات.

مسألة ٩ : ينجس كلّه ـ قل أو كثر ـ بكلّ نجاسة لاقته ـ قلّت أو كثرت ـ غيرت أحد أوصافه أو لا ، قاله علماؤنا أجمع ، وكذا المائع غير الماء ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن فأرة وقعت في سمن ، فقال : ( إن كان مائعاً فلا تقربوه ) (٥) ولأنّها لا تدفع نجاسة غيرها فكذا عنها لقصور قوتها.

وقال أحمد في إحدى الروايتين : إنّه كالمطلق سواء كان مضافاً أو مائعاً ، كالسمن الكثير لأنّه كثير فلا ينجس كالماء (٦) والفرق ظاهر.

وطريق تطهيره إلقاء كرّ عليه إن لم يسلبه الاطلاق ، فإن سلبه فكر آخر ، وهكذا ، ولو لم يسلبه لكن غير أحد أوصافه فالأقوى الطهارة ، خلافاً

__________________

١ ـ منهم الشيخ في النهاية : ٣ ، والمبسوط ١ : ٥ والجمل والعقود : ١٦٩ ، والخلاف ١ : ٥٩ المسألة ٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٧٦ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٣١ ، والمحقق في المعتبر : ٢٠.

٢ ـ المجموع ١ : ٩٥ ، المغني ١ : ٣٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥٧.

٣ ـ الناصريات : ٢١٩ المسألة ٢٢.

٤ ـ المجموع ١ : ٩٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٣ ، المغني ١ : ٣٨.

٥ ـ سنن ابي داود ٣ : ٣٦٤ / ٣٨٤٢ ، مسند أحمد ٢ : ٢٦٥.

٦ ـ المغني ١ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦١.

٣٣

للشيخ (١).

مسألة ١٠ : أقسام المستعمل ثلاثة :

الأول : المستعمل في الوضوء ، وهو طاهر مطهر عندنا إجماعاً ـ وعليه نصّ علي عليه‌السلام ، وبه قال الحسن البصري ، والنخعي ، وعطاء ، والزهري ، ومكحول ، وأبو ثور ، وداود وأهل الظاهر ، ومالك في إحدى الروايتين ، والشافعي في أحد القولين (٢) ـ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح رأسه بفضل ما كان في يده (٣) ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « الماء كله طاهر حتى يعلم أنّه قذر » (٤).

وقال أحمد ، والأوزاعي ، ومحمد : إنّه طاهر غير مطهر (٥) وهو القول الثاني للشافعي ، والرواية الاُخرى عن مالك ، والمشهور عن أبي حنيفة (٦) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يستعمل الرجل فضل وضوء المرأة (٧) ، ولم يرد به ما أبقت في الاناء ، بل ما استعملته.

ونمنع النهي ، ونحمله على الباقي لغير المأمونة.

__________________

١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥.

٢ ـ المجموع ١ : ١٥٣ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧ ، المغني ١ : ٤٧ ، المحلى ١ : ١٨٤ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٤٩ ، غرائب القران ٦ : ٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣.

٣ ـ سنن الدارقطني ١ : ٨٧ / ٢.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢١٥ / ٦١٩ ، الكافي ٣ : ١ / ٣.

٥ ـ التفسير الكبير ١١ : ١٧٠ ، المغني ١ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣ ، غرائب القرآن ٦ : ٧٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ١٥١.

٦ ـ المحلى ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣ ، المغني ١ : ٤٧ ، غرائب القرآن ٦ : ٧٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ١٥١ ، اللباب ١ : ٢٣.

٧ ـ سنن البيهقي ١ : ١٩١ ، مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ٣٤.

٣٤

وقال أبو يوسف : إنّه نجس ، وهو رواية عن أبي حنيفة (١) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ولا يغتسل فيه من جنابة ) (٢) فاقتضى أن الغُسل فيه كالبول فيه فينجسه. وهو خطأ ، فإن الاقتران في اللفظ لا يقتضي الاقتران في الحكم ، وأن النهي عن البول لا للتنجيس ، وكذا عن الاغتسال فيه ، بل لافساده بإظهار أجزاء الحمأة (٣) فيه.

الثاني : المستعمل في الغُسل الواجب مع خلو البدن من النجاسة ، وهو طاهر مطهر على الأقوى ، وبه قال المرتضى (٤) لقوله تعالى : ( فلم تجدوا ماءً فتيمموا ) (٥) وللاستصحاب.

وقال الشيخان : إنّه طاهر غير مطهر (٦) لقول الصادق عليه‌السلام : « الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل الرجل به من الجنابة ، لا يجوز أن يتوضأ به » (٧) ويحمل على نجاسة المحل ، وخلاف الجمهور كما تقدم.

فروع :

الأول : لو كان المحل نجساً نجس الماء.

الثاني : لو بلغ المستعمل كرّاً ، قال الشيخ في المبسوط : زال المنع (٨).

__________________

١ ـ بداية المجتهد ١ : ٢٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٠ ، شرح فتح القدير ١ : ٧٧ ، المجموع ١ : ١٥١ ، المحلى ١ : ١٨٥ ، غرائب القرآن ٦ : ٧٩.

٢ ـ سنن أبي داود ١ : ١٨ / ٧٠ ، كنز العمال ٩ : ٣٥٥ / ٢٦٤٢٢.

٣ ـ الحمأة : الطين الأسود المتغير المجتمع أسفل البئر مجمع البحرين ١ : ١٠٧ ، الصحاح ١ : ٤٥ « حمأ ».

٤ ـ جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٢.

٥ ـ النساء : ٤٣.

٦ ـ المقنعة : ٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ٥.

٧ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠ ، الاستبصار ١ : ٢٧ / ٧١.

٨ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١١.

٣٥

وتردد في الخلاف (١) وللشافعية قولان (٢).

الثالث : يجوز إزالة النجاسة به ـ خلافاً للشافعي في أحد القولين ـ (٣) لقوله عليه‌السلام : ( ثم اغسليه بالماء ) (٤) وهو يصدق عليه.

الرابع : المستعمل في الاغسال المندوبة طاهر مطهر ، وكذا في غسل الثوب الطاهر إجماعاً منّا ، وهو أحد قولي الشافعي (٥) لأنّه لم يرفع به حدثا ، والآخر : المنع (٦) ، لأنّه مستعمل.

الثالث : المستعمل في إزالة النجاسات إنّ تغير بالنجاسة نجس إجماعاً ، وإن لم يتغير فكذالك على الأقوى ، عدا ماءً الاستنجاء ، سواء كان من الغسلة الاُولى أو الثانية ، وسواء أزال النجاسة عن المحل أو لا ، وهو أحد قولي الشيخ (٧) وبه قال أبو حنيفة ، وبعض الشافعية (٨) ، لأنّه ماءً قليل لاقى نجاسة.

والثاني للشيخ : أنّه نجس في الاُولى ، طاهر في الثانية (٩) ، وبه قال

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ١٧٣ مسألة ١٢٧.

٢ ـ مغني المحتاج ١ : ٢١ ، الوجيز ١ : ٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥ ، فتح العزيز ١ : ١١١ ـ ١١٢ ، المجموع ١ : ١٥٧.

٣ ـ المجموع ١ : ١٥٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥ ، الوجيز ١ : ٥ ، فتح العزيز ١ : ١١١.

٤ ـ سنن الدارمي ١ : ٢٤٠ ، سنن ابي داود ١ : ١٠٠ / ٣٦٣ ، سنن النسائي ١ : ١٥٥ ، موارد الظمآن : ٨٢ / ٢٣٥.

٥ ـ مغني المحتاج ١ : ٢٠ ، المجموع ١ : ١٥٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٦ ، السراج الوهاج : ٨.

٦ ـ مغني المحتاج ١ : ٢٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٦ ، السراج الوهاج : ٨.

٧ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١١.

٨ ـ المجموع ١ : ١٥٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٦٦.

٩ ـ الخلاف ١ : ١٧٩ ـ ١٨٠ مسألة ١٣٥.

٣٦

الشافعي (١) لأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بإلقاء الذنوب (٢) على بول الأعرابي (٣) وهو مع التسليم غير دال.

فروع :

الأول : ماءً الاستنجاء طاهر ، لقول الصادق عليه‌السلام ، وقد سئل عن الرجل يقع ثوبه في الماء الذي استنجى به أينجس ثوبه؟ : « لا »(٤) وللمشقة ، ولا فرق بين القُبل والدبر ، ولو تغير بالنجاسة أو لاقته نجاسة من خارج نجس قطعاً.

الثاني : قال في الخلاف : لا يغسل ما أصابه ماءً يغسل به إناء الولوغ ، من الاُولى أو الثانية (٥) وتردد في المبسوط في نجاسة الثانية (٦) والحق النجاسة.

الثالث : فرق المرتضى بين ورود الماء على النجاسة ، وورودها عليه ، فحكم بطهارة الأول دون الثاني (٧) ، ويحتمل نجاسة الجميع.

الرابع : لو أورد الثوب النجس على ماءً قليل نجس الماء ، ولم يطهرالثوب ، ولو ارتمس الجنب في ماءً قليل طهر ، وصار الماء مستعملاً.

__________________

١ ـ المجموع ١ : ١٥٩.

٢ ـ الذنوب : الدلو المملؤ ماءً. الصحاح ١ : ١٢٩ « ذنب ».

٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٦ / ٢٨٤ ، صحيح البخاري ١ : ٦٥ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٣ / ٣٨٧ ، الموطأ ١ : ٦٤ / ١١١ ، سنن الترمذي ١ : ٢٧٦ / ١٤٧ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٩ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧٦ / ٥٢٨ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٨٧ / ٢٢٨.

٥ ـ الخلاف ١ : ١٨١ مسألة ١٣٧.

٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٣٦.

٧ ـ الناصريات : ٢١٥ المسألة ٣.

٣٧

الخامس : غسالة الحمام لا يجوز استعمالها ، لعدم انفكاكها من النجاسة إلّا أن يعلم خلوّها منها.

السادس : لا بأس للرجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة وإن خلت به ، ويكره إذا لم تكن مأمونة ، وكذا فضلة وضوء الرجل لمثله وللمرأة ، وهو قول أكثر العلماء (١) لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله اغتسل من جفنة فضل ماؤها من اغتسال ميمونة من جنابة ، فقالت : إني قد اغتسلت منه ، فقال : ( الماء ليس عليه جنابة ) (٢).

وقال أحمد : لا يجوز أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خلت به (٣) لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة (٤). وحكي عنه الكراهة ، وبه قال الحسن ، وابن المسيب (٥).

والنهي يحتمل التنزيه مع التهمة أو النسخ ، لأنّ ميمونة قالت : إني قد اغتسلت منه. وهو يشعر بتقدم النهي عنه.

__________________

١ ـ الاُم ١ : ٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥١ ، المغني ١ : ٢٤٧ ، عمدة القارئ ٣ : ٨٥ ، المجموع ٢ : ١٩١.

٢ ـ سنن الدارقطني ١ : ٥٢ / ٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٣٢ / ٣٧٠ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٧ ، سنن الترمذي ١ : ٩٤ / ٦٥ ، المصنف لابن أبي شيء بة ١ : ٣٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٨ / ٦٨.

٣ ـ نيل الأوطار ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ٢٤٧ ، مسائل أحمد : ٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠ ، المجموع ٢ : ١٩١ ، الإنصاف ١ : ٤٨.

٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٢١ / ٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٣٢ / ٣٧٣ ، سنن النسائي ١ : ١٧٩ ، مسند أحمد ٥ : ٦٦.

٥ ـ الشرح الكبير ١ : ٥١ ، سنن الترمذي ١ : ٩٢ / ٦٣ ، المجموع ٢ : ١٩١.

٣٨

الفصل الثالث : في الاسئار

مسألة ١١ : الاسئار كلها طاهرة إلّا سؤر نجس العين ، وهو الكلب والخنزير والكافر على الأشهر ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الحياض تنوبها السباع والدواب فقال : ( لها ما حملت في بطونها ، وما بقي فهو لنا شراب وطهور ) (١) ولم يفرق بين القليل والكثير.

وسأل البقباق الصادق عليه‌السلام عن فضل الشاة والبقرة والابل ، والحمار والبغل والوحش ، والهرة والسباع ، قال : فلم أترك شيئاً إلّا سألته عنه فقال : « لا بأس » حتى انتهيت إلى الكلب فقال : « رجس نجس لا تتوضأ بفضله ، وصبّ ذلك الماء » (٢) وقوله تعالى : ( أو لحم خنزير فانه رجس ) (٣) والرجاسة : النجاسة ، وقوله تعالى : ( إنّما المشركون نجس ) (٤).

وحكم الشيخ في المبسوط بنجاسة ما لا يؤكل لحمه من الإنسية عدا

__________________

١ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٧٣ / ٥١٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣١ / ١٢ ، نيل الأوطار ١ : ٤٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠.

٣ ـ الأنعام : ١٤٥.

٤ ـ التوبة : ٢٨.

٣٩

ما لا يمكن التحرز عنه ، كالفأرة والحيّة والهرة (١) ، لأنّ الصادق عليه‌السلام قال : « كلّ ما يؤكل لحمه فلا بأس بسؤره » (٢) وهو يدل من حيث المفهوم على منع الوضوء والشرب مما لا يؤكل لحمه ، والسند ودلالة المفهوم ضعيفان.

مسألة ١٢ : قسم أبو حنيفة الاسئار أربعة : ضرب نجس وهو سؤر الكلب والخنزير والسباع كلها ، وضرب مكروه ، وهو حشرات الأرض وجوارح الطير والهر ، وضرب مشكوك فيه ، وهو سؤر الحمار والبغل ، وضرب طاهر غير مكروه ، وهو كلّ مأكول اللحم (٣) ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن المياه تكون بأرض الفلاة وما ينوبها من السباع والدواب ، فقال : ( إذا كان الماء قلّتين لم ينجسه شيء ) (٤) ولا حجة فيه لدخول الكلب والخنزير في السباع والدواب.

وقال الشافعي : سؤر الحيوان كله طاهر إلّا الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما ، وبه قال عمرو بن العاص ، وأبو هريرة (٥) ولم يحكم بنجاسة المشرك (٦) لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله توضأ من مزادة (٧) مشركة (٨).

__________________

١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٠.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٠ / ١٨ ، التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الاستبصار ١ : ٢٥ / ٦٤ ، الكافي ٣ : ٩ / ٥.

٣ ـ اللباب ١ : ٢٨ ـ ٢٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٣ ـ ٢٤ ، المجموع ١ : ١٧٣.

٤ ـ سنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧٢ / ٥١٧ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٦ ـ ١٨٧ ، سنن الدارقطني ١ : ١٤ / ١ ، مستدرك الحاكم ١ : ١٣٢.

٥ ـ المحلى ١ : ١٣٤ ، الاُم ١ : ٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٣ ، فتح العزيز ١ : ١٦٠ ـ ١٦١ ، الوجيز ١ : ٦ ، المجموع ١ : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨.

٦ ـ الاُم ١ : ٨ حيث حكم بجواز الوضوء من فضل ماءً النصراني.

٧ ـ المزادة : الراوية ، سميت بذلك لأنّه يزاد فيها جلد آخر من غيرها ولهذا انها اكبر من القربة مجمع البحرين ٣ : ٥٩ « زيد ».

٨ ـ سبل السلام ١ : ٤٦.

٤٠