أمراء الكوفة وحكامها

محمّد علي آل خليفة

أمراء الكوفة وحكامها

المؤلف:

محمّد علي آل خليفة


المحقق: ياسين صلواتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: اسوة
الطبعة: ٠
ISBN: 964-5604-61-3
الصفحات: ٧٧٧

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم بقلم :

سماحة العلامة الحجة المحقق الشيخ باقر شريف القرشي :

إحتلت الكوفة مركزا مهمّا في العالم الإسلامي ، وذلك لما لها من أهمّية بالغة في صنع بعض المفردات السياسية والتي كان من أشدها محنة وأعظمها بلاءا رفع المصاحف في صفين ، فقد فتن به الجيش العراقي بعد ما أشرف على الفتح. ففي تلك اللحظات الحاسمة انهارت حكومة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام رائد العدالة الاجتماعية في دنيا الإسلام ، وسيطر الحكم الأموي بقيادة معاوية بن أبي سفيان ، العدو الأول للفكر الإسلامي ، وقد نجم عن ذلك أن مني المسلمون بالأزمات والخطوب السود ، فقد خرجوا من الدعة والعدل إلى الجور والظلم والاستبداد.

وعلى أي حال ، فقد كانت الكوفة أهم حامية للجيوش الإسلامية وكان عمر بن الخطاب يستمد منها المعونة في كثير من الغزوات والفتوحات كما روى ذلك الطبري ، ونظرا لأهميتها فقد اتخذها أمير المؤمنين عليه‌السلام عاصمة له بعد واقعة الجمل ، وكما كانت الكوفة مركزا عسكريا مهما فقد كانت معهدا لكثير من العلوم خصوصا الفقه الإسلامي ، فقد روى المؤرخون أن تسعمائة شيخ كانوا يلقون الأحاديث

٣

التي سمعوها من الإمام الصادق عليه‌السلام عملاق الفكر الإسلامي علي تلاميذهم ، وكانت محاضراتهم في بهو الجامع الأعظم في الكوفة ، وبالإضافة لذلك فقد كانت معهدا لكثير من العلوم الإسلاميّة ، وفي طليعتها علم النحو فقد حظي باهتمام العلماء ، ولهم أرائهم الخاصّة به.

وعلى أيّ حال فقد انبرى جمع من العلماء لدراسة هذه المدينة في جميع جوانبها العلمية والسياسية والاقتصادية ، إلّا أنهم لم يتحدثوا عن ولاتها. وحكامها الذين بسط بعضهم الجور والاستبداد فيها ، وقد التفت إلى ذلك فضيلة الأستاذ المحامي محمد علي الخليفة وفقه الله تعالى لمراميه فانبرى إلى تأليف هذا الكتاب (أمراء الكوفة وحكامها) وقد تحدّث فيه بوعي عن سيرتهم ومعالم حكمهم بالتفصيل وهو جهد مشكور تفتقر إليه المكتبة العربية والإسلامية ، شكر الله مساعيه وبلغه أمانيه بدعاء أخيه :

باقر شريف القرشي

١٤٢٣ / ٢٨ / ربيع الثاني

مكتبة الإمام الحسن العامة في النجف الأشرف

٤

الاهداء

الى سيّدي ومولاي أمير المؤمنين وسيّد

الوصيين أبي الحسن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أمير الكوفة وسيّدها على مدى الأزمان والدهور.

والى صاحب الأمر (عج)

أقدم هذا المجهود المتواضع راجيا رحمة ربيّ.

المؤلف

٥

شكر وتقدير

أتقدم بجزيل الشكر والامتنان الى كافّة السادة الذين قدّموا لي المساعدة سواء بتهيئة المصادر ، أو بالتوجيه والارشاد ، وأخصّ بالذكر منهم :

فضيلة العلامة الشيخ باقر شريف القرشي ـ مكتبة الامام الحسن عليه‌السلام في النجف الأشرف ، كما وأشكر الأستاذ الدكتور السيد حسن عيسى الحكيم (رئيس جامعة الكوفة) ، لما أبداه من توجيهات قيّمة وملاحظات جديرة بالاهتمام ، وأشكر الأستاذ الأديب السيد أياد صادق القاموسي (صاحب المكتبة العصرية ببغداد). ولن أنسى شكري وتقديري للسيد محمود نصر الله هيكل (رئيس القسم في مكتبة عبد الحميد شومان العامة في عمّان ـ الأردن) ولكافة العاملين في المكتبة المذكورة. وشكري إلى كافة منتسبي مكتبة أمانه عمّان الكبرى ، وشكري أيضا الى كافة منتسبي مكتبة جامعة اليرموك فى أربد ـ الأردن.

وشكري وتقديري الى كافّة اخواني وأخصّ بالذكر منهم الأخ الجليل عبد الفتاح عبد علي الشهيب.

المؤلف

٦

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي

قال أبو العلاء المعري مفتخرا (١) :

وإنّي وان كنت الأخير زمانه

لآت بما لم تستطعه الأوائل

و" أنا" أقول معترفا

وما أنا الّا سالك عقد لؤلؤ

بنور مداد أسرجته المناهل

أنظّم لآلئ قد ورثنا فريدها

كلجّة بحر غاص فيها الأوائل

هذا وإنّ جلّ ما كتبته ما هو إلّا نقطة من ذاك الخضم الزاخر ، وصفحة من تلك الألوف الّتي كتبها الكرام الأولون ، غير أنّني جئت به بإطار جديد ، فذكرت من محاسن ومساوئ كلّ أمير من أمراء الكوفة ، من

__________________

(١) إشراف طه حسين وجماعته ـ آثار أبي العلاء المعري ص ١. ديوان أبي العلاء المعري ـ شرح ديوان سقط الزند. ص ١٩٣.

٧

كرم وشجاعة ، ومجون وخلاعة ، وشعر وأدب ، ودهاء وحكمة ، ليجد القارئ فيه لذّة ومتعة ، وتلك هي غايتي.

وقد تناولت البحث عن (أمراء الكوفة) حسب تسلسلهم الرئاسي في ثلاثة عصور هي :

١ ـ عصر الخلفاء الراشدين.

٢ ـ العصر الأموي.

٣ ـ العصر العبّاسي.

كما أنّي تطرقت إلى ذكر الأمراء الّذين جاءوا عن طريق الثورة ، وكذلك ذكرت الأمراء الّذين عينوا من قبل عبد الله بن الزبير. (١)

الكوفة : معناها الرملة الحمراء ، وقيل سميت بالكوفة لاستدارة بناءها ، لأنّه يقال : تكوّف القوم إذا اجتمعوا واستداروا ، وقيل لمّا أراد سعد بن أبي وقّاص أن يبني الكوفة قال : (تكوّفوا في هذا الموضع) أي اجتمعوا فيه.

وقيل : كان اسمها قديما كوفان. (٢)

وقال جحدر اللص وهو في سجن الحجّاج بن يوسف الثقفي (٣) :

يا ربّ أبغض بيت أنت خالقه

بيت بكوفان منه استعجلت سعر

وقال أبو نؤاس لمّا ذهب الى الكوفة واستطاب بها (٤) :

ذهبت بها كوفان مذهبها

وعرجت عن أربابها صبري

__________________

(١) عبد الله بن الزبير : هو عبد الله بن الزبير بن العوام ، وكنيته : أبو خبيب ، وأمه : أسماء بنت أبي بكر ، بويع له بالخلافة في مكّة سنة (٦٤) للهجرة ثمّ بايعه أهل العراق ، كما بايعه أهل الشام ما عدا أهل طبرية (في الأردن). قتله الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة (٧٢) للهجرة ، وقيل سنة (٧٣) بعد أن ضرب الكعبة بالمنجنيق. وفيات الأعيان ـ أبن خلكان ج ٣ / ٧١.

(٢) ابن منظور ... لسان العرب ج ٣ / ٣١٤.

(٣) البكري ـ معجم ما استعجم. ج ٣ / ١١٤١.

(٤) ياقوت الحموي ـ معجم البلدان. ج ٤ / ٤٩٠.

٨

ما ذاك إلّا أنّني رجل

لا أستحق صداقة البصري

والكوفة : بضم الكاف وسكون الواو ، فاء وهاء ، وهي مدينة اسلامية ، بنيت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب ، واقعة في الاقليم الثالث من الأقاليم السبعة ، (١) وتقع على خط طول (٦٨) درجة و (٣٠) دقيقة ، وعلى خط العرض (٣١) درجة و (٥٠) دقيقة.

وقيل سمّيت كوفة لاستدراتها ، آخذا من قول العرب : رأيت كوفانا إذا رأوا رملة مستديرة ، وقيل لاجتماع الناس من قولهم : (تكوّف الرمل إذا ركب بعضه بعضا). (٢)

كوفة الجند :

سماها عبدة بن الطيّب بكوفة الجند حيث قال (٣) :

إنّ الّتي وضعت بيتا مهاجرة

بكوفة الجند ودّها غول

هذا هو مبدأ تكوين مدينة الكوفة ، فبعد انتصار المسلمين على الفرس في (معركة القادسيّة) أخذ سعد بن أبي وقّاص يتعقّب الجيوش الفارسيّة المنهزمة حتّى وصل الى (المدائن) وبعد أن تمّ تحرير العراق نهائيا من السيطرة الفارسيّة ، استقرّ سعد في المدائن.

ولمّا علم الخليفة عمر بسوء حالة الجيش في المدائن ، وتغيّر ألوانهم ، كتب الى سعد بن أبي وقّاص قائلا : (إنّ العرب لا يوافقها إلّا ما وافق إبلها

__________________

(١) الأقاليم السبعة : وهي أقسام الأرض حسب تقسيم العلماء الجغرافيين القدماء. مقدمة ابن خلدون. ج ١ / ٤٥.

(٢) القلقشندي ـ صبح الأعشى. ج ٤ / ٣٣٤.

(٣) البكري ـ معجم ما استعجم. ج ٤ / ١١٤٢ وياقوت الحموي ـ معجم البلدان. ج ٤ / ٤٩١.

٩

من البلدان ، فانزل منزلا بريّا ، بحريّا ، ليس بينى وبينكم بحر ولا جسر) (١).

فأوعز سعد الى بعض من أصحابه للبحث عن مكان آخر يكون مقرّا لجيشه على أن تراعى فيه المواصفات الّتي ذكرها عمر ، فتمّ اختيار الكوفة (٢) ، عندها أمر سعد جيشه أن يعسكروا فيها ، وينصبوا الخيام والمضارب ، وكان أبو الهيجاء الأسدي قد سبقهم الى الكوفة فخطّطها وخطّط المسجد الأعظم (٣). وبنى قصرا لسعد بجانبه ، وجعل فيه (بيت المال) وكان هذا القصر منزلا خاصا للخلفاء والملوك والأمراء الّذين جاءوا بعد سعد بن أبي وقّاص ، حيث تعقد فيه مؤامراتهم ، كما أنّهم اتخذوه حصنا لهم اذا ما ألجأتهم الظروف ، أو اعترتهم الكوارث ، كان ذلك سنة (١٧) للهجرة.

وبقي ذلك القصر الى زمن عبد الملك بن مروان ، حيث أمر بهدمه تشاؤما منه ، (٤) وذلك عند دخوله الى الكوفة سنة (٧١) للهجرة ، بعد مقتل مصعب ابن الزبير.

كوفة القبائل :

وبعد أن تمّ تخطيط الجامع (حيث اعتبر مركز للمدينة الجديدة) التفّ

__________________

(١) تاريخ الطبري. ج ٤ / ٤١ وتاريخ ابن خياط. ج ١ / ١٢٩.

(٢) وقيل إنّ الّذي أرشدهم إلى هذا المكان هو ابن نفيلة الغساني (أو العساني) ـ ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٩٠ والبلاذري ـ فتوح البلدان ، ص ٢٧٠.

(٣) البلاذري ـ فتوح البلدان ص ٢٧١ وتاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٢٩.

(٤) عن أبي مسلم النخعي أنّه قال : رأيت رأس الحسين عليه‌السلام جيء به فوضع في دار الإمارة بالكوفة بين يدي عبيد الله بن زياد ، ثمّ رأيت رأس عبيد الله بن زياد قد جيء به فوضع في ذلك الموضع بين يدي المختار ، ثمّ رأيت رأس المختار قد جيء به ووضع بين يدي مصعب بن الزبير ، ثمّ رأيت رأس مصعب بن الزبير قد جيء به فوضع في ذلك الموضع بين يدي عبد الملك بن مروان. وعند ما سمع عبد الملك بذلك أمر بهدم الطاق. المسعودي ـ المروج. ج ٣ / ١٠٩.

١٠

حوله الجند الفاتحين من القبائل العربية وهي : (جديلة وقضاعة وهمدان (١) وبجيلة وغسان وخشعم وكندة وحضرموت والأزد وحمير ومذحج وتميم ورباب وبنو أسد ومحارب وتغلب وأياد وبنو عبد قيس). وأخذت كل قبيلة من هذه القبائل تنزل في جانب منه ، فأصبحت الكوفة كوفة القبائل ، وحيث قسمت أرباعها المعروفة ، كلّ ربع الى جانب من الجامع تختصّ به عدّة قبائل ، وكانت أحسنها مكانا هي تلك الّتي نزلت في الجانب الشرقي منه ، وهي (قبائل اليمن) وذلك لقربه من نهر الفرات. (٢)

وبمرور الزمن ، تقدّمت الكوفة ، وتطوّرت من مضارب وخيم وصرائف بنيت من (القصب والبردى) الى دور بنيت (باللبن) (٣) وأبوابها بالطابوق فقط ، ثمّ الى دور وقصور شيّدت بالآجر والطابوق. (٤)

كوفة العلم والأدب :

أصبحت الكوفة (مركزا للعلم والأدب) نتيجة لمركزها السياسي ، حيث أن الامام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نقل مركز الخلافة الاسلامية من المدينة المنورة الى الكوفة ، وذلك بعد عودته من حرب (الجمل) في البصرة سنة (٣٦) للهجرة. (٥)

__________________

(١) همدان : هي قبيلة يمانية ، كان لها في حرب صفّين موقف مشرف تجاه الإمام علي عليه‌السلام فقال الإمام :

لهمدان أخلاق ودين يزينهم

وبأس إذا لاقوا وحسن كلام

فلو كنت بوابا على باب جنة

لقلت لهمدان : أدخلوا بسلام

المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٨٥ وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٣٣٩.

(٢) البلاذرى ـ فتوح البلدان ص ٣٧١.

(٣) اللبن : الطابوق الغير المفخور ، أي هو من الطين على شكل طابوقة.

(٤) ماسينيون ـ خطط الكوفة ، ص ٣٨.

(٥) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٧٢ وماسينيون ـ خطط الكوفة. ص ٣٨ والشيخ راضي آل ياسين ـ صلح الحسن ص ٦٤.

١١

وهاجر الى الكوفة (إذ هي عاصمة البلاد) كبار المسلمين من مختلف الآفاق ، وسكنتها القبائل العربية من اليمن والحجاز ، والجاليات الأجنبية الفارسيّة (من المدائن وايران) فعمرت فيها الأسواق التجارية ، وزهت فيها الدراسات العلمية ، والأبحاث الأدبية والفقهية (١) ولم تنازعها في ذلك كافّة البلاد الاسلامية الأخرى ، ما عدا (البصرة) حيث نازعتها الى حدّ ما لتلك المنزلة ، فبدأ التحزّب بين المدينتين العملاقتين ، وأدّى ذلك التحزّب الى الخلافات في الآراء العلمية والفقهية والأدبية ، وكثرت الأدلّة والحجج بين الطرفين ، واختلفت في التعليم ، وفي قراءة وإعراب كثير من آيات القرآن الكريم ، وأصبح الناس يسمعون : قال الكوفيون وقال البصريون (٢).

فكانت الكوفة كما قلنا (كوفة العلم والأدب) أو جامعة الثقافة الاسلامية ، وهذا ما زاد في قيمتها التأريخية بآثارها العلمية والأدبية ، وبما أنجبت من علماء وأدباء وشعراءهم مفاخر التاريخ الاسلامي في أهمّ أدوار نهضتها الثقافية.

__________________

(١) الشيخ راضى آل ياسين ـ صلح الحسن ص ٦٥.

(٢) لم يكن القرآن الكريم منقطّا عند نزوله ، ولم تكن عليه علامات الإعراب (الرفع ، والنصب ، والجر والجزم) مكتوبة إلّا بعد أن أوعز الإمام عليّ عليه‌السلام إلى أبي الأسود الدؤلي للقيام بهذه المهمة (وذلك بعد أن أخذ الناس يلحنون في كلامهم) وعلى سبيل المثال نوضح للقارئ الكريم أوجه الاختلاف بين القراء الكوفيين والبصريين وغيرهم في قراءاتهم. قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام : آية (٥٥) (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ). فقرأ أهل الكوفة : (وليستبين) بالياء ، و (سبيل) بالرفع. وقرأ أهل المدينة (وليستبين) بالياء و (سبيل) بالنصب. وقرأ زيد عن يعقوب : (وليستبين) بالياء و (سبيل) بالنصب. وقرأ الباقون : (ولتستبين) بالتاء و (سبيل) بالرفع. وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) سورة المائدة ـ آية (٥٧). فقرأ أهل البصرة والكسائي (والكفار) بالجر وقرأ الباقون (الكفار) بالفتح. الطبرسي ـ مجمع البيان في تفسير القرآن. ج ٣ / ٢٢١.

١٢

ومن الصحابة الّذين هاجروا الى الكوفة ونزلوا فيها (١) :

عمّار بن ياسر ، عبد الله بن مسعود ، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، خباب ابن الأرث ، سهل بن حنيف ، حذيفة بن اليمان ، أبو مسعود الأنصارى ، سلمان الفارسي وقرضة بن كعب وغيرهم كثير.

ومن التابعين : طارق بن شهاب ، سويد بن غفلة ، مسروق بن الأجدع ، زيد بن صوحان ، كميل بن زياد ، عبد الرحمن بن معقل ، حصين ابن قبيصة وغيرهم كثير.

النحاة الكوفيون :

فقد اشتهر منهم : أبو الأسود الدؤلي وأبو جعفر الرواسي وعليّ بن حمزة وأبو زكريا (الفرّاء) وقتيبة بن مهران ومسلمة بن عاصم ونفطويه والحسن ابن داود وعيسى بن مروان ويعقوب بن اسحاق وغيرهم كثير (٢).

وقال القاضي الخليل بن أحمد بن محمّد ذاكرا مدرسة الكوفة النحوية وفضلها عليه (٣) :

واجعل درسي من قراءة عاصم

وحمزة بالتحقيق درسا مؤكّدا

واجعل في النحو الكسائي قدوة

ومن بعده الفراء ما عشت سرمدا

وإن عدت للحجّ المبارك مرّة

جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا

فهذا اعتقادي وهو ديني ومذهبي

فمن شاء فليبرز ويلقى موحّدا

ويلقى لسانا مثل سيف مهند

يسلّ إذا لاقى الحسام المهندا

__________________

(١) ومن أراد الاطلاع على كافّة الصحابة والتابعين الّذين نزلوا الكوفة مراجعه الطبقات الكبرى ج ٦ لابن سعد من صفحة ١٢ وما بعدها.

(٢) البراقي ـ تاريخ الكوفة ص ٤٢٨ ـ ٤٣٢.

(٣) معن صالح مهدي ـ الكوفة في العصر العبّاسي. ص ١٠٣.

١٣

اللغويون الكوفيون :

هم الّذين اهتموا بجمع اللغة وآدابها ، وأكثرهم حفظا ورواية هم : أبو عمر ابن العلاء التميمي ، وحماد بن هرمز (أبو ليلى) والمفضل بن محمّد الضبي ، وأبو يوسف يعقوب بن اسحاق السكّيت ، وخالد بن كلثوم الكلبي ، وعبّاس ابن حازم اللخياني ، وأبو عبيد القاسم بن سلام الخزاعي ، وخشّاب الكوفي ، وأحمد بن يوسف الثعلبي ، والحسن بن داود ، وداود بن الهيثم ، وعليّ بن حمزة الكسائي وغيرهم (١).

شعراء الكوفة :

ازدهر الشعر بالكوفة ، وخاصّة في العصر الأموي ، وأخذ الشعراء والأدباء يزدحمون في مسجد الكوفة وفي غيره من المساجد والمحافل للمفاخرة والمناظرة ، فأصبحت الكوفة كسوق عكاظ (٢).

ومن جمله الشعراء الّذين عرفوا بالكوفة هم : المنازل بن الأحنف ، ومرداس بن حذام ، وعمر بن يزيد بن هلال النخعى ، وحمّاد الراوية ، وعتاب بن قيس الطائي ، ومالك بن أسماء ، ومعن بن زائدة الشيباني ، وأبو العتاهية ، والطرماح بن حكيم الطائي ، ودعبل بن عليّ الخزاعي ، والكميت ابن زيد ، وأبو دلامة الأسدي ، وسليمان بن صرد الخزاعي وأبو الطيب المتنبيّ وغيرهم كثير (٣).

__________________

(١) البراقي ـ تاريخ الكوفة ص ٤٣٤ ـ ٤٤٠.

(٢) سوق عكاظ : كانت العرب تقيمه في الجاهلية في صحراء ما بين نخله والطائف للمفاخرة في الشعر والأدب والفضيلة ، ويتبادلون فيه ما يحتاجونه في ذلك الوقت من لوازم وحاجيات.

(٣) البراقي ـ تاريخ الكوفة ص ٤٤٣ ـ ٤٥٦.

١٤

قال أبو عيينة في (قينة) أحبها بالكوفة (١) :

لعمرى لقد أعطيت بالكوفة المنى

وفوق المنى بالغانيات النواعم

ونادمت أخت الشمس حسنا فوافقت

هواي ومثلي مثلها فلينادم

وأنشدتها شعري بدنيا فعربدت

وقالت : ملول عهده غير دائم

فقلت لها يا ظبية الكوفة اغفري

فقد تبت مما قلت توبة نادم

فقالت : قد استوجبت منّا عقوبة

ولكن سنرعى فيك روح ابن حاتم

الخطّ الكوفي :

عند ما انتقل مركز الخلافة الاسلامية الى الكوفة (كما ذكرت سابقا) انتقلت معه الخطوط المعروفة آنذاك (بالمدنيّة والمكيّة) الى الكوفة والبصرة ، ثمّ لم تلبث تلك الخطوط طويلا حتّى عرفت بالعراق (بالخطّ الحجازي) (٢).

وفي الكوفة اهتمّ المعنيّون بالخطّ ، فتمكّنوا من ابتكار نوع جديد من الخطّ يختلف عن بقية الخطوط في هندسة أشكاله وصوره عرف (بالخطّ الكوفي) ومن الكوفة انتشر ذلك الخطّ في أرجاء العالم الاسلامي ، فكتبت به

__________________

(١) أبو عيينة : وهو اسماعيل بن عمّار بن عيينة بن الطفيل الأسدي ، شاعر من مخضرمي الدولتين الأمويّة والعباسيّة ، سكن الكوفة ، وكان كثير التردد على دار ابن رامين لسماع القيان عنده ، ويتغزل فيهن ـ الزركلي ـ الأعلام. ج ١ / ٣١٧.

(٢) محمود شكر الجبوري ـ الخطّ العربي والزخرفة الإسلامية. ص ٤٧.

١٥

المصاحف الشريفة ، وزينت به جدران المباني والمساجد ، ونقش على النقود وعلى شواهد القبور.

ما قيل في الكوفة :

١ ـ قال الامام عليّ عليه‌السلام وكان في مسجد الكوفة : (يا أهل الكوفة ، لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحدا ، ففضل مصلّاكم ، وهو بيت آدم ونوح ، وبيت ادريس ، ومصلّى ابراهيم الخليل ، ومصلّى أخى (الخضر) ومصلاي ، وإنّ مسجدكم هذا هو أحد المساجد (١) الأربعة الّتي اختارها الله عزوجل لأهلها ، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم يشفع لأهله ، ولمن صلّى فيه ، فلا ترد شفاعته ، ولا تذهب الأيّام حتّى ينصب الحجر الأسود فيه (٢) ، وليأتين عليه زمان يكون مصلّى (المهدى) من ولدى ، ومصلّى كلّ مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن الّا كان به ، أو حنّ قلبه إليه ، فلا تهجرنّ ، وتقربوا الى الله عزوجل بالصلاة فيه ، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ، ولو حبوا على الثلج).

٢ ـ وقال الامام عليّ عليه‌السلام أيضا (٣) : (كأنّى بك يا كوفة ، تمدين مدّ الأديم

__________________

(١) المساجد الأربعة : هي المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف والمسجد الأقصى في فلسطين ومسجد الكوفة.

(٢) الحجر الأسود : ذهب أبو طاهر القرمطي وأصحابه إلى مكّة سنة (٣١٧) للهجرة فنهبوا أموال الحجّاج ، وقلع (الحجر الأسود) ونقله إلى هجر في البحرين ، وقد دفع لهم (بجكم التركي) خمسين ألف دينار لقاء إعادته إلى الكعبة ، فرفضوا وقالوا : (أخذناه بأمر ونعيده بأمر). وفي سنة (٣٣٩) للهجرة جاء القرامطة إلى الكوفة ومعهم (الحجر الأسود) فنصبوه في المسجد حتّى رآه الناس ، ثمّ ذهبوا إلى مكّة ، ونصبوه في مكانه ، ثمّ قالوا (أخذناه بأمر ، وعدناه بأمر). ابن الأثير ـ الكامل ج ٨ / ٢٠٧ و٤٨٦ والبراقي ـ تاريخ الكوفة ص ٨٣.

(٣) محمّد عبدة ـ شرح نهج البلاغة. ج ١ / ٩٧.

١٦

العكاظي ، تعركين بالتوازن وتركبين بالزلازل ، وإنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوءا إلّا ابتلاه الله بشاغل ، أو رماه بقاتل).

٣ ـ وقال الخليفة عمر بن الخطاب : (أعيانى أهل الكوفة ...) إن استعملت عليهم لينا ، استضعفوه ، وإن وليتهم القوي ، شكوه ، ولوددت أنّي وجدت قويّا ، أمينا ، مسلما ، استعملته عليهم) (١).

٤ ـ وقال صعصعة بن صوحان العبدي : (الكوفة : قبلة الاسلام وذروة الكلام ، ومصان ذوي الأرحام ، إلّا أنّ بها أجلافا تمنع ذوى الأمر والطاعة ، وتخرجهم عن الجماعة ، وتلك أخلاق ذوي الهيئة والقناعة) (٢).

٥ ـ وقال ابن القرية يصف الكوفة أمام الحجّاج (٣) : (الكوفة ارتفعت عن حرّ البحر ، وسفلت عن برد الشام ، وطاب ليلها ، وكثر خيرها).

٦ ـ وقارن الحجّاج بينها وبين البصرة أمام عبد الملك بن مروان فقال (... أمّا البصرة ، فعجوز شمطاء ، دخراء ، بخراء ، أتيت من كلّ حلي وزينة ، وأمّا الكوفة ، فشابّة حسناء ، جميلة ، لا حلي لها ولا زينة). (٤)

٧ ـ وقال ابن حوشب : (مدينة الكوفة ، قريبة من البصرة في الكبر ، هواءها أصح وماؤها أعذب ، وهي على الفرات ، وبناؤها كبناء البصرة ، وهي خطط لقبائل العرب ، إلّا أنّها خراب بخلاف البصرة ، لأنّ ضياع الكوفة قديمة جدا وضياع البصرة أحياء موات في الاسلام) (٥).

__________________

(١) خالد محمّد خالد ـ بين يدى عمر. ص ٦٩.

(٢) راضى آل ياسين ـ صلح الحسن ص ٦٤.

(٣) ابن العماد ـ شذرات الذهب. ج ١ / ٣٤٥.

(٤) المسعودى ـ مروج الذهب. ج ٣ / ١٥١ وعبّاس كاظم مراد ـ المزارات المعروفة بالكوفة. ص ٧.

(٥) البراقي ـ تاريخ الكوفة ص ١١٤.

١٧

٨ ـ والكوفة كما ذكرها الرحّالة ابن جبير (١) : (هي مدينة كبيرة ، عتيقة البناء ، قد استولى الخراب على أكثرها ، فالغامر منها أكثر من العامر ، ومن أسباب خرابها قبيلة خفاجة المجاورة لها ، فهي لا تزال تضرّ بها ، وكفاك تعاقب الليالي والأيّام).

٩ ـ والكوفة كما وصفها الرحّالة ابن بطوطة (٢) : (والكوفة : هي احدى أمّهات المدن العراقيّة ، مثوى الصحابة والتابعين ومنزل العلماء والصالحين وحضرة عليّ بن أبى طالب أمير المؤمنين ، الّا أنّ الخراب قد استولى عليها ، وفسادها من عرب خفاجة المجاورين لها ، فإنّهم يقطعون طريقها ، ولا سور عليها ، وبناؤها بالآجر ، وأسواقها حسان ، وأكثر ما يباع فيها التمر والسمك ، وجامعها الأعظم ، كبير وشريف ... الخ).

(عمال الكوفة) أو (ولاة الكوفة) أو (أمراء الكوفة) كما أسميتهم :

هذه التسميات أو هذه المصطلحات ، أطلقت على الحكّام الّذين حكموا الكوفة وغيرها عبر العصور السالفة.

ولعلّ أقدم هذه التسميات هي (العامل) (٣) والّتي أخذت عن الروم ،

__________________

(١) رحلة ابن جبير ص ١٦٨ ، وقد وصل ابن جبير إلى الكوفة في يوم الجمعة في الثامن والعشرين من شهر محرم الحرام سنة (٥٨٠) للهجرة.

(٢) رحلة ابن بطوطة ص ٢٣١.

(٣) ذكر الأستاذ مجدلاوي ص ٢١١ ـ الإدارة الإسلامية في عهد عمر بأن لقب العامل أخذ من القرآن الكريم لقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ...) الخ وأنا لا أوافقه على ذلك فإنّ لقب (العامل) معروف سابقا عند الرومان ، وقبل نزول القرآن.

١٨

فمنذ سنة (٥٣٦) (١) للميلاد أصبح رئيس أو (شيخ القبيلة) أو (عامل) يسمى) heralyhP (وهذا اللقب العادي الذى يعرف به صاحب السلطة في ولاية بلاد العرب (٢). وكانت سلطة (العامل) آنذاك مقيّدة بسلطة الحكّام المدنيين والحربيين المعيّنين من قبل السلطة المركزية ، وكان من عادة الروم عند تعيينهم (العامل) أن تكون عليه مسحة من التمدّن ، وذلك لغرض حراسة حدودهم من إخوانهم سكان الصحراء (٣).

كما أنّ سلطة عمّال الروم كانت تتعدّى حدود ولايتهم ، فنرى أنّ الامبراطور (يوستينيان) قد رقّى الحارث بن جبلة (٤) الى رتبة ملك ، وولّاه سلطة على قبائل عربية أخرى ، وكان غرضه من ذلك أن يكون خصما في وجه المنذر (٥). وكان (العمّال الصغار) الّذين تحت أمرة (العامل الأكبر) يرجعون إليه في زمن الحرب ، كما ويرجعون إليه في زمن السلم ، وقد تحدث أو (تحصل) منازعات وحروب فيما بين (العمّال أنفسهم) ، ففى أواسط القرن السادس للميلاد ، نشبت الحرب بين الحارث بن جبلة وبين (الأسود) (٦) وهما عاملين من عمال الروم في سوريا (٧).

أما الأمير : فهو زعيم الجيش أو الناحيه (الجهه) ونحو ذلك ممّن يوليه

__________________

(١) سنة ٥٣٥ للميلاد أي ٤٤ سنة قبل الهجرة.

(٢) بلاد العرب : هي بلاد حوران والبلقاء.

(٣) المستشرق الألماني نولدكه ـ أمراء غسان ص ٩.

(٤) الحارث بن جبلة الغساني هو أول أمراء آل جفنه ، وآل جفنه استولوا على الحكم في سوريا بعد انتصارهم على (الضجاعمة) من قبائل (سليح) الّذين يرجعون إلى سلالة (زوكوموس) الّذي عاش في أواخر القرن الرابع الميلادي وكان هذا عاملا لدى الروم في سوريا. (نولدكه ـ أمراء غسان ص ١١).

(٥) المنذر : وهو أحد ملوك المناذرة في (الحيرة) الخاضع للنفوذ الفارسي آنذاك ، وقد حدثت معركة بينه وبين الحارث بن جبلة سنة (٥٥٤) للميلاد ، انتهت بمقتل المنذر.

(٦) الأسود : أحد أمراء كندة.

(٧) نولدكه ـ أمراء غسان ص ١٧.

١٩

الامام (١) ، وأصله في اللغة (ذو الأمر) وهو فعيل بمعنى فاعل ، فيكون أمير بمعنى آمر ، سميّ بذلك لامتثال قومه أمره ، فيقال : أمّر فلان إذا صار أميرا ، والمصدر / الأمرة ، والإمارة بالكسر ، والتأمير : (توليه الأمور وهي وظيفة قديمة) (٢).

وعند ظهور الاسلام ، كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو رئيس الدولة ، وكانت بيده جميع السلطات : (التشريعية والقضائية والتنفيذية). فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يؤمّ المسلمين في الصلاة ، ويقود الجيوش في الغزوات ، ويفصل في المنازعات.

ثمّ اتّسع التنظيم في حياة الرسول الأكرم" صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم" فأخذ ينيب عنه بعض (العمّال) والأمراء في بعض المدن ، والقبائل الكبيرة في كلّ من الحجاز واليمن ، وكانت وظيفة هؤلاء العمّال تنحصر في : (١) الامامة في الصلاة. (٢) جمع الصدقات. (٣) زكاة الأموال.

ولم تكن لهؤلاء العمّال أية صفة سياسية ، كما كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يختار من عمّاله ممن اشتهر وعرف بالصلاح والتّقوى والعلم والتفقّه بالدين (٣).

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحثّ أولي الأمر أن يولّوا على أعمال المسلمين ، أصلح وأكفأ من يجدونه لذلك العمل ، حتّى قيل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قال : (من ولي أمر المسلمين شيئا ، فولي رجلا ، وهو يجد من هو أصلح منه ، فقد خان الله ورسوله والمسلمين) (٤).

وهذا أبو ذرّ الغفاري الصحابي الجليل ، قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ألا تستعملني يا رسول الله؟). فضرب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده الكريمة على منكب

__________________

(١) القلقشندى ـ صبح الأعشى ج ٥ / ٤٤٩.

(٢) نفس المصدر أعلاه.

(٣) مجدلاوي ـ الادارة الاسلامية في عهد عمر. ص ١٤٩.

(٤) رواه الحاكم في صحيحه

٢٠