قاعدة لا ضرر ولا ضرار

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١
٢

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله علىٰ محمّد وآله الطاهرين

بين يديك ـ أيها القارئ العزيز ـ مجموعة من محاضرات سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله ، التي ألقاها قبل سنين في مهد العلم والمعرفة جامعة النجف الأشرف ، حول القاعدة الفقهية المعروفة ـ لا ضرر ولا ضرار ـ.

وإننا بعد مراجعتها واستئذان سماحته في طبعها نقدمها لأرباب الفضيلة وأساتذة الحوزة العلمية منهلاً زاخراً بالعطاء الفكري علىٰ صعيد علم الفقه والأصول والحديث والرجال.

نسال الله تعالىٰ أن يوفق الجميع للعلم والعمل الصالحين إنه جواد كريم.

مكتب

سماحة آية الله العظمى

السيد السيستاني دام ظله

ـ قم المقدّسة ـ ٢٠ رجب

١٤١٤ه‍

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علىٰ أشرف الانبياء والمرسلين محمّد وعلىٰ آله الهداة المهديين الغُر الميامين.

وبعد :

هذه بحوث حول قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) حررتها من محاضرات سيدي الاستاذ الوالد مد ظله الوارف.

أسال الله العلي القدير أن ينفعني بها ويوفقني لما يحب ويرضى إنّه حسبنا ونعم الوكيل.

٧
٨

( قاعدة لا ضرر ولا ضرار )

تمهيد :

من القواعد المعروفة بين فقهاء المسلمين قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) وعلىٰ المسلك المشهور في تفسيرها من أن مفادها نفي الحكم الضرري تترتب عليها آثار مهمة في الكثير من الفروع الفقهية ، حتىٰ ادّعى بعض العامة (١) ان الفقه يدور علىٰ خمسة احاديث احدها حديث لا ضرر ولا ضرار.

وقد أصبحت هذه القاعدة مورداً لاهتمام علمائنا لا سيّما في العصر الاخير حيث عُنيَ بها الشيخ الاعظم الانصاري قدس‌سره عناية خاصة ، وتطرّق إلىٰ البحث عنها في رسائله فانتظمت بذلك في سلك علم الأصول ، وأشبع البحث فيها لدى المتأخرين.

وحديثنا عن هذه القاعدة يقع في ضمن فصول ثلاثة :

الفصل الأَول : في تحقيق موارد ذكر حديث لا ضرر ولا ضرار في الروايات وتشخيص متنه.

الفصل الثاني : في تحقيق مفاده.

الفصل الثالث : في أُمور شاع التعرض لها بعنوان تنبيهات القاعدة ، وهي اما مكملة للبحث عنها أو متضمنة لبعض تطبيقاتها.

ويلاحظ انا قد تركنا البحث عن سند اصل الحديث لأنّه لا اشكال في

__________________

(١) نقله السيوطي في تنوير الحوالك ٢ / ٢١٨ عن أبي الفتوح الطائي في الأربعين عن أبي داود وفي أربعينه : ٤٠ وفيه : يدور علىٰ أربعة ...

٩

وروده بطريق معتبر (١) ، عن طريق زرارة كما سيأتي.

كما أنّ اسانيده ومصادره من كتب العامة والخاصة تظهر مما سنذكره في الفصل الاول ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) حكى الشيخ الانصاري عن فخر المحققين ( قدهما ) انّه ادعى تواتر حديث نفي الضرر في باب الرهن من الايضاح ، ويظهرمن الشيخ (ره) قبوله لذلك ، ولكنه غير واضح لأنّه لم يرد هذا الحديث من طرق الخاصة مسنداً إلا عن راويين في الطبقة الأولىٰ وهما زرارة وعقبة ، وفي سائر الطبقات ربما يكون عدد الرواة ثلاثة أو أربعة ، وهذا المقدار لا يكفي في عدّ الحديث مستفيضاً فضلاً عن أن يُعدّ متواتراً ، وربما يظن ان دعوىٰ التواتر تستند إلىٰ الاطلاع علىٰ اخبار اخرى لم تصل الينا لفقد اكثر كتب الحديث في عصرنا ولكنه ضعيف ، ولعل الأَوجه ان يقال : إن نظره (قده) إلىٰ مجموع أخبار الخاصة والعامة فان العامة كما سيأتي في الفصل الاول قد رووا هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ، فيمكن عدّ الحديث متواتراً بلحاظ ذلك وهو محل تأمل أيضاً.

١٠

الفصل الأول

وفيه بحثان :

البحث الأَول : في ذكر قضايا ( لا ضرر ) وتحقيقها.

وهي قضايا اشتملت علىٰ ذكر حديث ( لا ضرر ولا ضرار ) تطبيقاً له ـ ولو علىٰ بعض الاقوال والاحتمالات ـ علىٰ مواردها ، ولهذا البحث أهمية كبرى ، لأن ملاحظة هذه الموارد والتعرف علىٰ مبنى تطبيق الحديث عليها يسلط بعض الضوء علىٰ معنىٰ الحديث نفسه ، ويبطل بعض الوجوه التي ذكرت في تفسيره كما سيتضح ذلك إن شاء الله تعالىٰ في الفصل الثاني.

والقضايا التي تضمنت ذكر حديث ( لا ضرر ولا ضرار ) تبلغ ثماني قضايا ، وردت في مجموع كتب الفريقين : منها ثلاث قضايا وردت في كتب الإماميّة ، وواحدة وردت في دعائم الإسلام للقاضي نعمان المصري الاسماعيلي ، واربع قضايا وردت في كتب العامة ، ونحن نبحث عن الجميع مفصلاً.

١ ـ قضية سمرة بن جندب مع رجل من الانصار

وهي أشهر القضايا ، ولا ينبغي الاشكال في ثبوت هذه الجملة ـ أي لا ضرر ولا ضرار ـ في موردها (١) إلا أنّه قد يبالغ فيعدّ ذلك مستفيضاً بل فوق

__________________

(١) لكن قد يستشكل في ثبوتها من وجهين :

الأَول : إنّ قاعدة لا ضرر ولا ضرار لا يمكن تطبيقها علىٰ مورد قضية سمرة ، مما يثير الشكوك في اشتمالها علىٰ جملة ( لا ضرر ولا ضرار ) ، لا سيّما أنها نقلت مجردة عنها أيضاً كما سيأتي ، وهذا الوجه سوف يجيء الكلام في تقريبه ودفعه في الفصل الثالث.

الثاني : إن هذه القضية ـ كما اشرنا ـ قد نقلت علىٰ نحوين مقرونة بهذه الجملة ومجردة عنها فيدور الأمر بين الزيادة والنقيصة ، ولا ترجيح لأَصالة عدم الغفلة في جانب الزيادة على

١١

حدّ الاستفاضة ، بادعاء ان هذه القضية مذكورة في كتب الفريقين بطرق متعددة (١).

ولكن الصحيح : ان قضية سمرة وإن ذكرت في كتب الفريقين بطرق متعددة ، إلا إنها لم تذكر مقرونة بهذه الجملة في جميع طرقها ، بل ذكرت مقرونة بها تارة ومجردة عنها اخرى :

فأمّا النحو الأَول : فلم يرد في شيء من كتب العامة واحاديثهم ، وانما ورد في كتبنا ، وقد انفرد بنقله في الطبقة الأولىٰ من السند زرارة بن أعين ناقلاً

__________________

اصالة عدم الغفلة في جانب النقيصة كما سيأتي تحقيقه في البحث الثاني من هذا الفصل ، فالنتيجة أنه لا يمكن اثبات اشتمال قضية سمرة علىٰ هذه الجملة.

ويرد عليه ( اولاً ) إن الروايات التي نقلت القضية مجردة عن هذه الجملة لم تصح بطريق معتبر ، فلا معارض لمعتبرة ابن بكير المشتملة عليها.

و ( ثانياً ) : إن مورد دوران الامر بين الزيادة والنقيصة هو ما إذا لم تكن الزيادة المحتملة جملة مستقلة بحيث لا يكون حذفها مؤثراً علىٰ معنىٰ الرواية لكنه مؤثر علىٰ عموم المعنىٰ وشموله كما في حذف العلّة وبقاء المعلل نحو لا تأكل الرمان لأنّه حامض. ـ معنىٰ الرواية ـ وإلا فما يتضمن الزيادة حجة علىٰ ثبوتها بلا معارض ، ومقامنا من هذا القبيل فان جملة ( لا ضرر ولا ضرار ) جملة مستقلة وبمثابة العلّة للحكم المذكور في القضية فلا يكون حذفها مؤثراً علىٰ معنىٰ بقية الرواية ، لكنه مؤثر علىٰ عموم المعنىٰ المعلل بها. ومما تقدّم يظهر النظر فيما افاده العلامة شيخ الشريعة قدس سره في رسالة لا ضرر : ٦ : حيث بنى ثبوت الجملة المذكورة في قضية سمرة رغم خلو بعض رواياتها عنها علىٰ قاعدة الترجيح لاصالة عدم الغفلة في جانب الزيادة عند دوران الامر بين الزيادة والنقيصة ، قال قده ( ومن جهة هذه القاعدة المطردة حكم الكلّ بوجود لا ضرر ولا ضرار في قضية سمرة مع أن رواية الفقيه بسنده الذي هو صحيح أو كالصحيح عن الصيقل عن الحذاء خالية عن نقل هذين اللفظين بالمرة كما عرفت.

ووجه النظر فيما أفاده أن ثبوت جملة ـ لا ضرر ـ في المقام ليس من باب ترجيح أصالة عدم الزيادة علىٰ أصالة عدم النقيصة ، فإننا لا نقول بها بل من باب أن ما تضمن الزيادة حجة في نفسه بلا معارض.

(١) رسالة لا ضرر تقريرات المحقق النائيني : ١٩٣.

١٢

ذلك عن أبي جعفر عليه‌السلام ، ونقله عنه اثنان من الرواة هما : عبد الله بن بكير وعبدالله بن مسكان.

و ( رواية ابن بكير ) عن زرارة نقلت بصورتين :

الصورة الأولىٰ : ما نقله الكليني في باب الضرار من كتاب المعيشة عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الانصار ـ وكان منزل الانصاري بباب البستان ـ وكان يمرّ به إلىٰ نخلته ولا يستأذن ، فكلّمه الانصاري أن يستأذن إذا جاء ، فأبىٰ سمرة ، فلمّا تأبّى جاء الانصاري إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه وخبّره الخبر ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخبّره بقول الانصاري وما شكا ، وقال : إن أردت الدخول فاستأذن ، فأبى. فلما أبىٰ ساومه حتىٰ بلغ به من الثمن ما شاء الله فأبىٰ أن يبيع ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لك بها عذق يمد لك في الجنة فأبىٰ أن يقبل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للانصاري اذهب فاقلعها وارم بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار (١).

وهذه الرواية معتبرة سنداً ، وقد اوردها الشيخ في التهذيب (٢) مبتدئاً فيها باسم ( أحمد بن محمّد بن خالد ) ، والظاهر انّه قد أخذها عن الكافي ـ فلا يمكن عدّه مصدراً مستقلاً لها ـ ، وذلك لما اوضحناه في شرح مشيخة التهذيبين من أن دأب الشيخ قدس‌سره علىٰ الابتداء باسم البرقي بعنوان ( أحمد بن أبي عبد الله ) حينما ينقل الرواية عن كتاب البرقي نفسه والابتداء باسمه بعنوان ( أحمد بن محمّد بن خالد ) حينما ينقل الرواية عن الكافي دون

__________________

(١) الكافي ٥ / ٢٩٢.

(٢) التهذبب ٧ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٦٥١.

١٣

كتابه (١).

__________________

(١) توضيحاً لما اشار اليه مد ظله لا بأس بذكر امرين مستفادين مما ذكره دام ظله في شرح مشيخة التهذيبين :

الأَول : انّه ربما يتصور ـ ولعلّه هو التصور السائد ـ إن جميع من يكون للشيخ طرق إليهم في المشيخة إنّما يروى الاحاديث المبدوءة باسمائهم في التهذيبين من كتبهم مباشرة ، ـ ولعل الاصل في هذا التصور هو عبارة الشيخ نفسه في مقدمة المشيخة ـ ولكن هذا غير صحيح ، بل التحقيق انّ رجال المشيخة علىٰ ثلائة اقسام :

الأول : من أخذ الشيخ جميع ما ابتدأ فيه باسمه من كتابه مباشرة ، وهم اكثر رجال المشيخة كمحمد بن الحسن الصفار ، ومحمد بن الحسن الوليد ، وعلي بن الحسن بن فضال وغيرهم.

الثاني : من اخذ الشيخ جميع ما ابتدأ فيه باسمه من كتابه مع الواسطة ، وهو بعض مشايخ الكليني ومشايخ مشايخه كالحسين بن محمّد الاشعري ، وسهل بن زياد ، فهؤلاء إنما ينقل الشيخ رواياتهم بواسطة الكافي.

الثالث : من أخذ الشيخ بعض ما ابتدأ فيه باسمه من كتابه مباشرة وبعضه الآخر من كتابه مع الواسطة ، وهم جماعة منهم خمسة ذكرهم الشيخ تارة مستقلاً بصيغة ( وما ذكرته عن فلان ... ) ، وأُخرى تبعاً في ذيل ذكر اسانيده إلىٰ آخرين بصيغة ( ومن جملة ما ذكرته عن فلان ... ) وهؤلاء هم الحسن بن محبوب ، والحسين بن سعيد ، واحمد بن محمّد بن عيسى ، والفضل بن شاذان ، واحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، فإن هؤلاء وإن نقل الشيخ من كتبهم بلا واسطة ولكن نقل عنها أيضاً بتوسط غيرهم ممّن ذكرهم بعد ايراد اسانيده اليهم ، فالبرقي ـ مثلاً ـ قد ذكره الشيخ مرتين : تارة بعد ذكر اسانيده إلىٰ الكليني بقوله ( ومن جملة ما ذكرته عن احمد بن محمّد بن خالد ما رويته بهذه الاسانيد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن عدة من اصحابنا ، عن احمد بن محمّد بن خالد ... ) وذكره مرة أُخرى مستقلاً بقوله ( وأمّا ما ذكرته عن احمد بن أبي عبد الله البرقي فقد اخبرني ... ) فهذا يقتضي أنه (قده) قد اعتمد في نقل روايات البرقي علىٰ كتابه تارة ـ واليه ينتهي سنده الاخير ـ وعلىٰ الكافي تارة اخرى ـ واليه ينتهي سنده الاول ـ.

وعلى هذا فلا يمكن لنا بمجرد ابتداء الشيخ باسم البرقي واضرابه استكشاف ان الحديث مأخوذ من كتبهم مباشرة.

الثاني : انّ في القسم الثالث حيث ينقل الشيخ روايات الشخص من كتبه علىٰ نحوين : مباشرة تارة ومع الواسطة أُخرى ، هل يمكن تمييز احد النحوين عن الآخر أم لا ؟ ذكر مد ظله إن ذلك ممكن في بعض هؤلاء ومنهم البرقي فإنّه متى ابتدأ به بعنوان ( احمد بن محمّد بن

١٤

الصورة الثانية : ما نقله الصدوق في الفقيه (١) قال : روىٰ ابن بكير عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط رجل من الأنصار ، وكان منزل الانصاري فيه الطريق إلىٰ الحائط فكان يأتيه فيدخل عليه ولا يستأذن ، فقال : إنك تجيء وتدخل ونحن في حال نكره أن ترانا عليه ، فإذا جئت فاستأذن حتىٰ نتحرّز ثم نـأذن لك وتدخل قال لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا استأذن ، فأتىٰ الانصاري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه وأخبره فبعث إلىٰ سمرة فجاء فقال استأذن عليه فأبىٰ وقال له مثل ما قال الانصاري ، فعرض عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشتري منه بالثمن فأبىٰ عليه وجعل يزيده فيأبىٰ أن يبيع ، فلما رأىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له : لك عذق في الجنّة فأبىٰ أن يقبل ذلك فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الانصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه وقال : لا ضرر ولا ضرار.

__________________

خالد ) فالحديث مأخوذ من الكافي ، ومتى ابتدأ به بعنوان احمد بن أبي عبد الله فالحديث مأخوذ من كتبه مباشرة ، وهذا مضافاً إلىٰ أنه مقتضىٰ ظاهر عبارة المشيخة حيث فرق بين القسمين في التعبير كما تقدّم فهو مقرون ببعض الشواهد الخارجية منها إنّ الملاحظ أن كل رواية في التهذيبين ابتدأ فيها الشيخ بعنوان احمد بن محمّد بن خالد موجود في الكافي ـ كما تحققته بالتتبع ـ لاحظ ج ٣ ح ٩١٠ وج ٦ ح ٣٥٢ ، ٣٥٨ ، ٣٦٦ ، ٣٦٩ ، ٣٧٢ ، ٦٠٨ ، ٦٩٧ ، ٨٥٠ ، ٨٨٦ ، ١١٥٨. وج ٧ ح ٢٨ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٤٤ ، ٥ ٤ ، ٥٦ ، ٦٥١ ، ٧٠٩. وج ٩ ح ٣٨٣ ، ٤١٣ ، ٤١٥ ، ٤٦٥ ، ٤٦٧ ، ٤٧٠. وج ١٠ ح ٦٧ ، ١١٥ ، ٢٠٨ ، ٢٦٢ ، ٤٥٢ ، ٨٠٣ ، ٨٠٥ ، ٨٧٢ ، ٩٠١ ، ٩٠٣ ، ٩٣١ ، ٩٣٧ ، وليس كذلك ما ابتدء فيه بعنوان احمد بن أبي عبد الله فانه قد يوجد في الكافي وقد لا يوجد فيه كما في ج ١ ح ١٠٥٦ ، ١١٤٤. وج ٢ ح ٤١٥. وج ٣ ح ٢٩٥ ، ٤٨٦ ، ٧١١. وج ٦ ح ٢٥٨ ، ٣٢٩ ، ٨٧٨ ، ١٠٦٠.

وبهذا يتجلى صحة ما ذكرناه من انّه كلما ابتدأ الشيخ بعنوان ( أحمد بن محمّد بن خالد ) فإنه يكون قد اخذ الحديث من كتاب الكافي فلا يمكن عدّه مصدراً مستقلاً في مقابله.

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ١٤٧ ، ٦٨٤.

١٥

ويلاحظ أن هذه الصورة أكثر تفصيلاً من الصورة الأُولىٰ لاشتمالها علىٰ بعض الخصوصيات التي لم تذكر في تلك ، وكيف كان فهذه الرواية معتبرة أيضاً ـ لصحة طريق الصدوق إلىٰ عبد الله بن بكير في المشيخة ـ بل يمكن عدّها أقوىٰ سنداً من رواية الكليني لأن في سند الكليني محمّد بن خالد البرقي وقد قال النجاشي ( إنّه ضعيف في الحديث وإن كان المعتمد وثاقته ) (١).

نعم يلاحظ أن مصدر الصدوق في نقل هذه الرواية غير معلوم عندنا وما قيل من انّه يبتدئ باسم من أخذ الحديث من كتابه أمرٌ لا قرينة عليه ، بل القرائن الواضحة تدل علىٰ خلافه كما ذكرناها في شرح مشيخة الفقيه.

هذا عن رواية ابن بكير عن زرارة.

وأمّا ( رواية ابن مسكان ) عنه فقد أوردها الكليني (٢) أيضاً في باب الضرار من كتاب المعيشة عن علي بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الله بن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن سمرة بن جندب كان له عذق ، وكان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الانصار فكان يجيء ويدخل إلىٰ عذقه بغير إذن من الانصاري. فقال له الانصاري : يا سمرة لا تزال تفاجئنا علىٰ حال لا نحب ان تفاجئنا عليها ، فاذا دخلت فاستأذن. فقال : لا استأذن في طريقي وهو طريقي إلىٰ عذقي ، قال فشكا الانصاري إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاه فقال له إن فلاناً قد شكاك وزعم انك تمر عليه وعلىٰ أهله بغير إذنه ، فاستأذن عليه إذا أردت

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٥ / رقم ٨٩٨.

(٢) الكافي ٥ : ٢٩٤ / ٨.

١٦

أن تدخل ، فقال : يا رسول الله استأذن في طريقي إلىٰ عذقي ؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلّ عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا فقال لا ، قال : فلك اثنان ، قال لا أُريد ، فلم يزل يزيده حتىٰ بلغ عشرة أعذاق فقال لا ، قال فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبىٰ ، فقال خلّ عنه ولك مكانه عذق في الجنة ، قال لا أُريد ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار علىٰ مؤمن ، قال ثم أمر بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقُلِعَت ، ثم رمىٰ بها إليه وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انطلق فاغرسها حيث شئت.

وهذه الرواية ضعيفة بالارسال ، ولا سيّما ان مرسلها هو محمّد بن خالد البرقي الذي طعن عليه بالرواية عن الضعفاء كثيراً كما ذكر ذلك ابن الغضائري (١) ، وربما يناقش في سندها أيضاً بعدم ثبوت وثاقة ( علي بن محمّد بن بندار ) ولكنه في غير محله ، لأنّه ـ كما احتمل ذلك الوحيد البهبهاني (قده) (٢) ـ هو علي بن محمّد بن أبي القاسم الذي وثقه النجاشي (٣) ، فإن بندار لقب أبي القاسم جده كما صرح بذلك النجاشي في ترجمة محمّد بن أبي القاسم (٤).

هذا كل ما ورد في نقل قضية سمرة مقرونة بجملة ( لا ضرر ولا ضرار ).

وأمّا النحو الثاني : في نقل قضية سمرة مجردة عن جملة ( لا ضرر ولا ضرار ) فقد ورد في جملة من كتبنا وكتب العامة.

أمّا في ( كتبنا ) فقد ورد في الفقيه (٥) قال : روى الحسن الصيقل عن

__________________

(١) مجمع الرجال ٥ / ٢٠٥.

(٢) تنقيح المقال ٢ / ٣٠٣.

(٣) رجال النجاشي : ٢٦٨ / ٧٠٠.

(٤) رجال النجاشي : ٣٥٣ / ٩٤٧.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٩ / ٢٠٨.

١٧

أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان فكان إذا جاء إلىٰ نخلته نظر إلىٰ شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال فذهب الرجل إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكاه ، فقال : يا رسول الله إن سمرة يدخل عليَّ بغير إذني ، فلو أرسلت اليه فأمرته أن يستأذن حتىٰ تاخذ أهلي حذرها منه ، فأرسل اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعاه فقال : يا سمرة استأذن انت إذا دخلت ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسرُّك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك ؟ قال : لا ، قال لك ثلاثة قال : لا ، قال : ما أراك يا سمرة إلا مضاراً ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه.

وسند الصدوق في المشيخة إلىٰ الحسن الصيقل هو : محمّد بن موسى المتوكل ، عن علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن ابي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن زياد الصيقل.

ويمكن أن يناقش في اعتبار هذه الرواية تارة من جهة الحسن الصيقل وأُخرى من جهة سند الصدوق اليه.

أمّا الجهة الأولىٰ : فلأن الحسن الصيقل لم يوثق وان استظهر المحدث النوري وثاقته من وجهين ذكرهما في خاتمة المستدرك (١) وفصَّلهما العلامة شيخ الشريعة (قده) في رسالته (٢) وهما :

١ ـ رواية خمسة من أصحاب الاجماع عنه وهم : عبد الله بن مسكان وحماد بن عثمان وابان بن عثمان من الستة الوسطى ، ويونس بن عبد الرحمن

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٣ / ٥٨٨.

(٢) رسالة لا ضرر ولا ضرار : ٥٥ ـ ٥٦.

١٨

وفضالة بن أيوب من الستة الأخيرة علىٰ تردد في عدّ فضالة منهم (١).

ويرد عليه إن استكشاف وثاقة الراوي من رواية هؤلاء عنه يبتني علىٰ احد أمرين :

الاول : ان يفسّر ما قاله الكشي في حق هؤلاء من الاجماع علىٰ تصحيح ما يصح عنهم بصحة ما رووه من الروايات ، ليكون ذلك في قوة توثيق رواتها ، ولكن هذا التفسير غير صحيح فإن المقصود بما ذكره ـ كما اوضحناه في محله ـ هو الاجماع علىٰ صحة نقل هؤلاء والثقة بهم في ذلك لا صحة الحديث الذي رووه ، مضافاً إلىٰ ان تصحيح أحاديثهم أعمّ من الحكم بوثاقة رواتها كما لا يخفى.

الثاني : ان بناء اجلاء الاصحاب وأعاظمهم ـ كهؤلاء ـ علىٰ عدم الرواية عن الضعفاء ، ولكن هذا أيضاً لم يثبت كقاعدة كلية ، نعم ثبت علىٰ المختار في حق ثلاثة منهم وهم محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى ومحمد بن أبي نصر البزنطي.

٢ ـ رواية جعفر بن بشير عنه (٢) ، وقد قال النجاشي في ترجمته ( روى عن الثقات ورووا عنه ) (٣) وهو يقتضي وثاقة من يروي عنهم.

ويرد عليه انه لا وجه لاستظهار الحصر من العبارة المذكورة لان اثبات روايته عن الثقات لا ينفي روايته عن غيرهم.

( لا يقال ) إن الامر وإن كان كذلك إلا أن هذه العبارة لما كانت مسوقة في مقام المدح فلا محيص من ارادة الحصر منها ، لان أصل رواية الشخص عن الثقات ورواية الثقات عنه امر لا يستوجب المدح ولا تميز لجعفربن بشير

__________________

(١) لاحظ رجال الكشي : ٥٥٦ / رقم ١٠٥٠.

(٢) رسالة لا ضرر ولا ضرار : ٥٦.

(٣) رجال النجاشي : ١١٩ / ٣٠٤.

١٩

عن غيره في ذلك ، بل هو ثابت في حق كثير من الرواة حتىٰ الضعفاء منهم.

( فإنّه يقال ) المقصود بالعبارة المذكورة اكثاره الرواية عن الثقات وإكثار الثقات الرواية عنه ، ولا شك ان هذا أمر ممدوح وصفة عالية في الشخص في مقابل ما يذكر في شأن بعض الرواة كمحمد بن خالد البرقي من انّه يروي عن الضعفاء والمجاهيل ، فإنه يعد نوعاً من القدح والذم في حقه.

وبالجملة لا يستفاد من العبارة المذكورة انحصار رواية جعفر بن بشير بما يرويه عن الثقات مضافاً إلىٰ أن هذه الاستفادة لا تخلومن غرابة في ناحية الرواة عنه فإنا لم نجد أحداً مهما بلغ من الجلالة والعظمة لا يروي عنه إلاّ الثقات حتىٰ أن الائمة المعصومين عليهم‌السلام كثيراً ما روى عنهم الوضّاعون والكذّابون.

ويشهد لما ذكرناه ما قاله الشيخ في التهذيب فإنه بعد أن أورد روايتين لجعفر بن بشير ، الأولىٰ : عمن رواه عن أبي عبد الله والثانية عن عبد الله بن سنان أو غيره عنه عليه‌السلام (١). قال بصدد النقاش في الخبر المحكي بهما ( أول ما فيه أنّه خبر مرسل منقطع الاسناد لأن جعفر بن بشير في الرواية الأولىٰ قال عمن رواه ، وهذا مجهول يجب اطراحه ، وفي الرواية الثانية قال عن عبد الله بن سنان أو غيره ، فأورده وهو شاك فيه وما يجري هذا المجرى لا يجب العمل به ). فيلاحظ انه قدس‌سره لم يبأ في إسقاط الرواية بالارسال بكون المرسل هو جعفر بن بشير ، وهذا لا وجه له لو كان جميع مشايخه ومن يروي عنهم من الثقات فتأمل (٢).

__________________

(١) التهذيب ١ / ١٩٦ / ٥٦٧ و ٥٦٨.

(٢) وجهه أن الاستشهاد بكلام الشيخ قدس‌سره مدفوع نقضاً وحلاً ( أما النقض ) فإن الشيخ قد ناقش في موضع من التهذيبين في بعض مراسيل ابن أبي عمير وردها بالارسال ( التهذيب ج ٨ ح ٩٣٢ ) مع أننا نرى حجية مراسيله اعتماداً علىٰ كلام الشيخ نفسه في العدة من انّه لا يروى

٢٠